المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعفف


الريحان
12-14-2011, 01:18 PM
التَعَفُّفْ



قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم: " ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق ، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ".
الراوي:أبو الدرداء -المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:5726
خلاصة حكم المحدث:صحيح – موقع الدرر السنية

فينبغي على كل مسلم التحلي بالأخلاق الكريمة, فبحسن الخلق ربما يكون سبباً في دخول شخص ما في الإسلام و بحسن الخلق يثقل ميزان العبد و يجزيه الله خير الجزاء، فهو ينفع نفسه و دينه و يرى ثمرة ما يعمل في الدنيا و الآخرة. من هذه الأخلاق الكريمة التعفف.

التعريف:

لغة:
عَفَّ – عِفَّة, و عفافا: كف عما لا يحل و لا يجمل من قول أو فعل.
فهو عَفٌ، و عَفِيفٌ. (ج) أعِفَّة، و أعِفَّاء. و يقال: هم أعفة الفقر: إذا افتقروا لا يسألون. و هي عَفَّة و عفيفة.
المعجم الوجيز- ص:425

اصطلاحا:
هو خلق كريم ينبغي أن يتحلى به كل مسلم سواء كان غنيا أو فقيرا, فالتعفف نوعان: تعفف الجوارح و اللسان و الفرج عن فعل أو قول الحرام و تعفف عن سؤال الناس المال بلا ضرورة. فهو ضبط النفس و كفها عن فعل ما لا ينبغي، و ربما نجد التعفف في أبحاث أخرى تحت مسمى القناعة أو الرضا أو حسن التوكل على الله تعالى أو الصبر أو الكفاف.

فضل التعفف

• الفقير المتعفف يصبح كالغني بسبب تعففه عن السؤال.
قال تعالى:{ لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } البقرة 273
http://www.holyquran.net/cgi-bin/prepare.pl?ch=2

• ليس هناك عطاء أوسع من الصبر و من ثم التعفف و الغنى، و من طلب العفة عن السؤال يرزقه الله العفة.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: "مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ"
فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الزَّكَاة - باب الإستعفاف عن المسألة – رقم1469


عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ".
فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الزَّكَاة –باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى...- رقم 1427


• و هذا موقف لعبد الرحمن بن عوف عند رفضه لعرض سعد و رغبته في الكسب من عمل يده.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ, وَ كَانَ سَعْدٌ ذَا غِنَىً، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاِسمُكَ مَاليِ نِصْفَيْنِ وَ أُزَوِّجُكَ، قاَلَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطَاً وَسَمْنَاً، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ فَمَكَثْنَا يَسِيرَاً، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ له النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْيَمْ", قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ: "مَا سُقْتَ إليهَا؟" قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ, قَالَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ".
فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب البيوعِ – باب ما جاء في قول الله تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ...} رقم 2049
موقع الإسلام(مع بعض التعديلات)


• من عنده القدرة على العمل فليعمل و لو بعمل بسيط فهو خير ممن يسأل الناس.
عن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لأَنْ يحتَطِبَ أَحَدُكُم حُزمَةً على ظَهرِه ، خَيْرٌ من أَنْ يَسأَل أَحَداً ، فَيُعُطيَه أَو يمنَعَهُ » متفقٌ عليه
رياض الصالحين -شرح النووي- 59باب الحثَّ على الأكل من عمل يده والتعفف به من السؤال والتعرُّض للإعطاء.


• بالعمل و الاستغناء عن سؤال الناس يتحقق العز للمؤمن.
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزي به وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس.
رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن- حسن لغيره – صحيح الترغيب و الترهيب-رقم 824- إصدار موقع الألباني

• الغني ليس هو من عنده كثرة عرض و إنما هو الذي يتعفف عن سؤال الناس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي- صحيح- صحيح الترغيب و الترهيب- رقم825- إصدار موقع الألباني


الأسباب المعينة على التعفف أو القناعة:

وهذه القناعة يمكن الحصول عليها بأسباب، فمنها:
قوّة الإيمان، والثقة بالله، والرضا بقسم الله، واليقين الجازم بما عند الله، فكلما قويَ إيمان العبد بالله، وقويت ثقته به، فإنه يكون قانعاً بما أعطاه الله، فإنه يعلم أن هذا قسم الله، فيرضى ويطمئن بذلك، فيكون الإيمان قوياً.
ومن أسباب القناعة أيضاً أن يعلم العبد أن رزقه المقدّرُ له مقدَّرٌ ومكتوبٌ في أم الكتاب قبل أن يخلق الله الخليقة بخمسين ألف سنة، ثم يُعاد كتابته عندما يبلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر، يأتيه الملَك فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أم سعيد، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: " إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله"، إذن فالأمر بيد الله، والتقدير بيد الله.
حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 1630- و في نفس الكتاب ذكر أنه في: المشكاة5312- الترغيب 3/8- الصحيحة952


ثم لينظرْ أيضاً حكمة الله في تفاوت الخلق في أرزاقهم، وأعمالهم ومراتبهم، كل ذلك لعمارة الكون، إذ لو تساوى الناس في أمرٍ واحد لما أطاع بعضهم بعضاً، ولا ما خدم بعضهم بعضاً، (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [الزخرف:32].
ثم ليعلم أن الرزق لا يخضع لمقاييس العباد ومنطلق تقديراتهم، لا شك أن للأسباب أثراً من قوة التحرك، وحُسن البصيرة والرأي، ولكن مع هذا كلِّه فالرزق ليس موكولاً لهذا، فكم من متحركٍ ومتسببٍ بذل جهده فلم يحقق شيئاً، وكم ..المال، فالأمر بيد الله، والأسباب مطلوبة، لكنها ليس المعوّل عليها دائماً وأبداً.
http://www.mufti.af.org.sa/node/2000
خطبة للشيخ عبد العزيز آل الشيخ بتصرف يسير في التخريج و تحقيق متن الحديث


ثمرات التعفف أو القناعة:

أيها المسلم، إن لهذه القناعة بقسم الله وقدره ثمرات عظيمة، فمن ثمراتها:
امتلاء القلب بالإيمان، لأن من قنع بما قدر الله له ورضيَ بذلك فإنه دليل على الإيمان الصادق، الإيمان بقسم الله والرضا بذلك.
.........................
ومن ثمرات القناعة شكر الله على النعمة، فإن من قنَعَ بالشيء شكر الله عليه، ومن تسخطه وتقالَّه لم يشكر الله عليه، فالمسلم إذا قنِع بما أعطاه الله شكر الله على نعمته، وأما المتسخط فيرى القليل لا شيء، فيُنزع عنه الشكر وذلك بلاءٌ عظيم.
ومن ثمرات القناعة البشرى بالفلاح والخير، في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "قد أفلح من أسلم، ورُزِقَ كفافاً، وقنَّعه الله بما آتاه".
صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - باب فِي الْكَفَافِ وَالْقَنَاعَةِ – رقم 1054 – موقع الإسلام مع تعديل الرقم

ومن ثمراتها السلامة من أمراض القلوب الفتَّاكة، كالحسد، والكبر، والإعجاب بالنفس، فإنه إذا ما قنِعَ بما أعطاه الله لتكبرٍ في نفسه، يرى أنه أحق من غيره، وأولى من غيره، فيتكبر على الآخرين، ويحسدهم، ويسعى في زوال نِعم الله عنهم لما في قلبه من المرض وعدم القناعة، فالحسد والكبر، ثم الاغتياب والنميمة، ورمي الإنسان بالبهتان، كلها من أجل الطمع الذي ملأ قلبه، إذ لو قنِع برزق الله وقسمه لما احتاج إلى هذه الأمور السيئة.
ومن ثمرات القناعة أنها سببٌ لغنى النفس، فالغنى الحقيقي هو غنى القلب، "ليس الغنى بكثرة العَرَض، وإنما الغنى غنى النفس".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي- صحيح- صحيح الترغيب و الترهيب- رقم825- إصدار موقع الألباني


ومن ثمراتها أن القناعة عزٌ للمؤمن، فعزّه في قناعته بما قسمه الله، ورضاه بذلك، مع الأخذ بالأسباب النافعة، لكنه على يقين أنَّ الله حكيمٌ عليم فيما قضى وقدَّر.
http://www.mufti.af.org.sa/node/2000
خطبة للشيخ عبد العزيز آل الشيخ بتصرف يسير في تخريج الأحاديث و تحقيق المتن


فالمسلم عزيز لا يذل نفسه لأحد بالسؤال أو يذل نفسه أمام الشهوات المحرمة, فهو عزيز بالله, غني بالله, يستمد قوته و كفايته من الله عز و جل و هذا لا يمنع أن يسأل الناس عند الضرورة. فالله العليم يعلم ما يدور في باطننا و ما نبديه في ظاهرنا و يعلم حاجتنا دون التلفظ بها فما أغناه من إله و ما أفقرنا من عبيد له، نحتاج إليه في كل وقت بل في كل حركة و سكنة. فبالطمع و حب الدنيا و الانشغال بتحصيلها يتحقق الشعور بالفقر الدائم, أما بالتعفف و الانشغال بأمور الآخرة يشعر القلب بالغنى التام بالله سبحانه و تعالى فيتحقق الفوز بخير الدنيا و الآخرة. قال النبي صلى الله عليه و على آله و سلم: "...من كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره ، و جعل فقره بين عينيه ، و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، و من كانت الآخرة نيته جمع الله أمره ، و جعل غناه في قلبه ، و أتته الدنيا و هي راغمة".
الراوي:زيد بن ثابت -المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم:90
خلاصة حكم المحدث:صحيح- موقع الدرر السنية

أم أبي التراب
12-14-2011, 09:20 PM
حبيبتي الريحان

جزاك الله خيرًا

جهد ملحوظ بارك الله فيك وموضوع هام

توبة
12-15-2011, 04:06 AM
حبيبتي
http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/whn57626.gifالـــريحــان http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/whn57626.gif
جـــزاكِ الله خيــراً
وبــارك الله فيكِ ونفع بـــك
اللهم آمــــين

الريحان
12-15-2011, 08:20 PM
جزانا و إياكن و فيكن بارك الله

معلمتنا أم أبي التراب و توبة

و نفع الله بنا جميعا

هند
12-18-2011, 12:12 PM
جزاكِ الله خيراً
حبيبتي الريحان

أم حذيفة
01-07-2012, 02:03 AM
جزاكِ الله خيراً
حبيبتي الريحان