المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقدمة كتاب مختصر مناهج القاصدين


أم حذيفة
01-07-2012, 04:56 AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا
أشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله ثم
أما بعد

نبدأ بإذن الله تبارك وتعالى
من مقدمة الكتاب من مقدمة الإمام ابن قدامه -رحمه الله-
وكذلك المقدمة التى ذكرهاعن الإمام ابن الجوزى -رحمه الله-

بداية : فى أى كتاب يقتنيه الإنسان لابد أن يقرأ المقدمة والفهرس أولا
حتى وإن كان لن يقرأ الكتاب فى الوقت الراهن
وذلك لأن:
(1) المقدمة فيها منهج الكاتب، وفكره ،وماذا يريد أن يوضح ،وماذا يريد أن يكتب ،ولماذا وضع الكتاب ،وغيرذلك من الأمور .
(2)أيضا بعض العلماء فى كتبهم قد يضع مصطلحات خاصة فى هذا الكتاب فلابد لمن يقرأ الكتاب أن يعرف هذه المصطلحات ،فقد تكون هذه المصطلحات أحيانا خاصة بهذا الكتاب فقط ،فيضع الكاتب لنفسه فى كتاب معين من كتبه مصطلح معين ،فالقارىء إن لم يقرأ المقدمة وانتقل مباشرة للكتاب فيجد مصطلحات معينة قد تكون عند العلماء بخلاف ما هى عليه فى الكتاب ،فيتصور تصورات معينة ، هذه التصورات تكون خاطئة ،يعنى مثلا كتاب الإمام النووى- رحمه الله- كتاب المجموع ،الإمام النووىله فيه مصطلحات خاصة به فمثلا:
الإمام النووى حينما يقول فى كتاب المجموع) وأجمعوا)لا يقصد به إجماع العلماء وإنما يقصد به إجماع علماء الشافعية.
الذى لا يفهم هذا من كلام الإمام النووى- رحمه الله - حينما يقرأ كلمة أجمعوا فيظن أن هذا إجماع العلماء ،وبالتالى فإذا رأى من يخالف يقول خالف الإجماع وفى الحقيقة أن الخطأ منه هولأنه لم يتعرف على مصطلح الإمام فى هذا الكتاب ،فهذه بعض فوائد قراءة المقدمة ،فلابد من قراءة المقدمة بداية.

ثانيا:أهمية قراءة الفهرس:

فالفهرس يعطى تفصيلا كاملا للكتاب ،كل الموضوعات الموجودة بالكتاب على نوع من التفصيل موجودة بفهرس الكتاب ،فالإنسان إذا أراد موضوع معين أو كان يبحث عن شىء معين فيعلم أنه فى هذا الكتاب من خلال الفهرس .

فلابد من قراءة المقدمة والفهرس بداية ،بل أحيانا بعض مقدمات الكتب قد تكون فى غاية الأهمية ليس لما ذكرنا فقط وإنما المقدمة أحيانا قد تكون كتابا فى ذاته ،فعلى سبيل المثال:
الإمام ابن حجر -رحمه الله -حينما شرح البخارى فى كتابه الماتع الرائع فتح البارى جعل مجلدا كاملا مقدمة وهو ما سمى( بهدى السارى)هذه المقدمة فى مجلد كاملفيها من الفوائد الكثير والكثير .

وهذه المقدمة على سبيل المثال من فوائدها :
أنه جمع أحاديث الإمام البخارى التى تكلم عنها بعض أهل العلم وأزال كل لبس وغموض حول هذه الأحاديث فصارت المقدمة لهدى السارى مجلدا بأكمله .

أيضا على سبيل المثال:
كتاب الآيات البينات فى عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات للشيخ الألوسى-رحمه الله-

الشيخ الألبانى -رحمه الله- أضاف مقدمة رائعة لهذا الكتاب لاتقل أهمية عن الكتاب نفسه بل لا نكون متجاوزين إذا قلنا أن المقدمة فعلا كتاب وفى غاية الروعة والإبداع من الشيخ الألبانى -رحمه الله -.

فقد تكون المقدمات كتاب فى ذاته ،وتغنى الإنسان أحيانا عن كثيرا من الكتب أو الرسائل.
فلذلك لابد أن يبدأ الإنسان فى أى كتاب يقرأه أو يقتنيه أن يبدأ بالمقدمة ،ثم يثنى هذا بالفهرس وهذا فى حالة أنه لن يقرأ الكتاب فى الوقت الحالى أو سيقرأه فيبدأ بهذا وهذا ثم بعد ذلك ينتقل إلى الكتاب ،فيبدأ من أوله إلى آخره .

أم حذيفة
01-07-2012, 04:59 AM
***القراءة الصحيحة للكتاب***

الأمر الأول:الأفضل للإنسان إذا قرأ كتابا أن يقرأه من أوله لآخره لماذا؟

لأن هناك عيب خطير عند بعض الناس فى قراءة الكتب يجب الحذر منه :

وهو أنه يمسك الكتاب ويفتح على أى صفحة ثم يبدأ فى القراءة على ما تقع عليه عيناه، وهذا أمر فى غاية الخطورة،بل أحيانا يفسد الإنسان بسبب هذا ويفهم مفاهيم خاطئة فمثلا :

(1)بعض العلماء فى كتابه قد يرد على بعض أهل البدع فنجد أن هذا الإنسان حينما فتح الكتاب فتح على البدعة ،فالشيخ يذكر البدعة ويرد عليها ،فقرأ البدعة ،فأساء الظن بالشيخ واتهمه بأنه يدعوا إلى البدعة وغير ذلك، وهذا حدث كثيرا.

(2)أو أحيانا تكون المواضيع متصلة ببعضها ،فلابد أن يقرأ الإنسان الموضوع من أوله ،فهو يفتح على ما تأتى عليه عيناه ،يبدأ فى القراءة ،فيكون الفهم الخاطىء أحيانا كثيرا .

ولذلك مهم فى قراءة الكتب أن الإنسان يبدأ الكتاب من أوله لآخره إلا الكتب التى ذات مواضيع منفصلة فعلى سبيل المثال:

كتابنا هذا الذى نحن بصدده، فيه أجزاء مواضيع منفصلة، وأجزاء أخرى متصلة فمثلا لو أراد الإنسان أن يقرأ فى ربع المنجيات ،فلا يشترط أن يبدأ الكتاب فيأخذه صفحة صفحة إنما قد يأتى على ربع المهلكات أو ربع المنجيات أو ربع العبادات فيقرأه فقط لماذا؟
لأن هذا الجزء منفصل عن بقية الأجزاء .

فهذا الأمر(وهو أنه يمسك الإنسان الكتاب ويفتح على أى صفحة ثم يبدأ فى القراءة على ما تقع عليه عيناه) أردنا التنبيه عليه لأنه يقع من الناس أخطاء كثيرة بسبب ذلك ،وأخطاء كثيرة فى الفهم بسبب ذلك الأمر .


الأمر الثانى :أن يقرأ الكتاب كأنه لن يعود إليه مرة أخرى:

أى : أن يقرأه وهو فى غاية التركيز،كأن هذا الكتاب سيأخذ منه ولن يعود إليه مرة أخرى،فهو يحتاج أن يكون هذا الكتاب فى ذهنه ،فى قلبه ،فلابد أن يقرأه بغاية الدقة والتركيز والفهم.

الأمر الثالث :هناك كثير من الكتب تحتاج للقراءة مرة واثنين
كما سيأتى إن شاء الله الكلام فى مقدمةالكتاب التى بعد ذلك.

فالإنسان كلما قرأكتابا خاصة من الكتب القيمة فإنه يخرج بفوائد لم يخرج بها بالقراءة الأولى بل هناك كتب كلما قرأتها خرجت بفوائد جديدة.

أم حذيفة
01-07-2012, 05:01 AM
**** مقدمة الكتاب ****

بداية بدأ الإمام -رحمه الله - المقدمة ،فبعد ما بدأ بالبسملة ،كانت أول كلمات المقدمة:
قال :(( الشيخ الإمام العالم الزاهد العابد الأوحد العلامة نجم الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد العلامة عز الدين أبى عبد الله محمد بن الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد العلامة شيخ الإسلام مفتى الأنام سيد العلماء والحكام شمس الدين أبى محمد عبد الرحمن بن الشيخ الإمام العارف الزاهد العالم الورع شيخ الإسلام أبى عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى رضى الله عنهم )).
هذه الفقرة من المقدمة فيها فوائد جمه :

الأول:
((من الذى مدح الشيخ هذا المدح ؟))

((هل هو الذى مدح نفسه بهذا الكلام بداية ؟))

.... لا....

إنما هذا من كلام النساخ الذين كتبوا الكتاب ،فى الزمن السابق لم يكن هناك مطابع وإنما كانت تنسخ الكتب بالأيدى، فهذا من كلام الناسخ أو من كلام تلاميذ الشيخ. وفى هذا بيانإلى:
((( التوقير والتبجيل لأهل العلم ولأهل الفضل))))
وهذا من الدين ومن الإسلام ،أن يعطى الإنسان كل ذى حق حقه ،وأن يجعل الإنسان لأهل العلم ولأهل الفضل حظا من التكريم والتوقير والإكرام وهذا الأمر يجب علينا أن نتعلمه ،أن يكون عندنا تقدير وتوقير لأهل العلم ولأهل الفضل حتى وإن أخطأوا ،فإن أخطأوا لا نقبل خطأهم ونرد الخطأ طالما خالفوا الكتاب والسنة وهم لا يقصدون طبعا تعمد المخالفة،وإنما لكل عالم زلة أو ربما زلات ،لكن مع هذه الزلات نحن نرد القول الذى لا يوافق الكتاب والسنة ،ولكن يبقى توقير العالم وإجلاله وإنزاله منزلته حتى وإن أخطأ وهذا أمر هام ،لأنه فى هذه الأيام تجد هجوم على أهل العلم وأهل الفضل كبير جدا لخطأ أخطأه أو فتوى أخطأ فيها وغير ذلك .
طالما أن هذا الإنسان ثبت علمه وأنه لا يقصد مخالفة الكتاب والسنة وأن ديدنه وعادته إنما هو التمسك بكتاب الله وسنة النبى صلى الله عليه وسلم ،طالما أنه يجتهد أن تكون فتواه موافقة للكتاب والسنة فهذا إن أخطأ وهو مشهود له بالعلم والخوف من الله عزوجل فيما يظهر لنا فإننا نرد خطأه إن أخطأ لكن يبقى احترامه وتبجيله وتوقيره ،فهذا أمر فى غاية الأهمية أن ننتبه له ،فلا يجب على الإنسان أن يتهجم أو يسىء للعلماء أى ما كان وضعه هو ،فإنه كما قيل:<< لحوم العلماء مسمومة ،وعادة الله فى هتك أستار منتقصيهم معلومة >>
فاليحذر الإنسان من ذلك أشد الحذر،فالعلماء ورثة الأنبياء .

أم حذيفة
01-07-2012, 05:06 AM
الأمر الثانى:
(((أن أهل العلم دوما لا يتحدثون عن أنفسهم ولا يمدحون أنفسهم أبدا )))

حينما نطلع على قول أحد الأئمة فى بداية كتابه فتجد ه يقول:أفقرالخلق إلى الله ،أحوج الناس إلى الله عزوجل ،فتجد هذه مقولتهم ،بل تجد البعض قد يقول:أحقر الناس،فهو لا يزكى نفسه أبدا، لأن هذا قول الله عزو جل :
( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)- [النجم/32] .
ومر بنا فى الدرس السابق -فى المقدمة –
قول الإمام الجوزى –رحمه الله –حينما كان يخطب فى الناس، وهم يبكون من شدة موعظته وتأثرهم بموعظته ،فكان يقول فى نفسه:*** ويلك ياابن الجوزى إن نجا هؤلاء وهلكت*** فهو على الرغم من بكاء الناس واجتماعهم حوله وتأثرهم بما يقول لكنه ما زكى نفسهوما ظن فى نفسه الخير،لأن الأصل فى معاملة النفس إنما هو هضم حظها،وإنما هو إساءة الظن بها،فالعبد كلما أحسن الظن بنفسه وزكى نفسه كلما كان على شفا الهلاك .

الأمر الثالث :
نجد هذا التسلسل لهذه الأسرة المباركة ** أسرة ابن قدامة المقدسى ** تسلسل للعلماء ،الجد والأب والإبن والحفيد كلهم علماء ، بل كلهم أعلام .
وإن كان أشهرهم على الإطلاق** الإمام أحمد بن قدامة** وهو صاحب كتاب مختصر منهاج القاصدين الذى نتكلم فيه ،وكذلك فهو صاحب كتاب المغنى وهذا أشهر كتبه وأفضلها وأحد الموسوعات الفقهية العظيمة الكبيرة فى الإسلام، بل أن كتاب المغنى يقول عنه العلماء وعن ابن قدامة: أغنى بالمغنى .
جزء من
المحاضرة الثانية من دورة شرح كتاب مختصر منهاج القاصدين
للشيخ / محمد سرحان

منقول

هند
01-07-2012, 05:32 AM
جزاكِ الله خيراً أم حذيفة الغالية

أم حذيفة
01-07-2012, 08:04 PM
غاليتي هند جزاك الله خيرا