المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وسطية الإسلام


أم أبي التراب
09-30-2012, 02:44 AM
الوسطية

عقيدة أهل السنة والجماعة – والتي هي عقيدة الإسلام الصحيحة – وسط بين عقائد فرق الضلال المنتسبة إلى دين الإسلام، فهي في كل باب من أبواب العقيدة وسط بين فريقين آراؤهما متضادة، أحدهما غلا في هذا الباب والآخر قصر فيه، أحدهما أفرط والثاني فرط، فهي حق بين باطلين: فأهل السنة وسط أي عدول خيار – بين طرفين منحرفين، في جميع أمورهم.
وسأذكر خمسة أصول عقدية كان أهل السنة والجماعة وسطا فيها بين فرق الأمة:
♥الأصل الأول: باب العبادات:

توسط أهل السنة في هذا الباب بين الرافضة والصوفية وبين الدروز والنصيريين.
فالرافضة والصوفية يعبدون الله بما لم يشرعه من الأذكار والتوسلات، وإقامة الأعياد والاحتفالات البدعية، والبناء على القبور والصلاة عندها والطواف بها والذبح عندها، وكثير منهم يعبد أصحاب القبور بالذبح لهم أو دعائهم أن يشفعوا له عند الله أو يجلبوا له مرغوبا أو يدفعوا عنه مرهوبا.
والدروز والنصيريون – الذين يسمون العلويون – تركوا عبادة الله بالكلية فلا يصلون ولا يصومون ولا يزكون ولا يحجون.. الخ.
أما أهل السنة والجماعة فيعبدون الله بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يتركوا ما أوجب الله عليهم من العبادات، ولم يبتدعوا عبادات من تلقاء أنفسهم، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). متفق عليه http://www.dorar.net/misc/tip.gif .

وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) http://www.dorar.net/misc/tip.gif ، وقوله عليه الصلاة والسلام في خطبته: ((أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)). رواه مسلم http://www.dorar.net/misc/tip.gif .

♥الأصل الثاني: باب أسماء الله وصفاته:

توسط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين المعطلة، وبين الممثلة.
فالمعطلة :منهم من ينكر الأسماء والصفات، كالجهمية.
ومنهم من ينكر الصفات كالمعتزلة.
ومنهم من ينكر أكثر الصفات، ويؤولها كالأشاعرة، اعتمادا منهم على عقولهم القاصرة، وتقديما لها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيعرضون النصوص الشرعية على عقولهم فما قبلته قبلوه، وما لم تقبله ردوه أو أولوه، واعتبروا ذلك تنزيها، فجعلوا النصوص محكوما عليها، لا حاكمة على غيرها، فيجعلون العقل وحده أصل علمهم، ويجعلون القرآن والسنة تابعين له، والمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية، المستغنية بنفسها عن النصوص الشرعية.
ولذلك حكموا بوجوب أشياء، وامتناع أشياء أخرى في حق الله تعالى، لحجج عقلية بزعمهم، اعتقدوها حقا، وهي باطلة، وعارضوا بها نصوص القرآن وسنة المعصوم صلى الله عليه وسلم، حتى قال قائلهم:


وكل نص أوهم التشبيها http://www.dorar.net/misc/tip.gif

أوله أو فوض ورم تنزيها http://www.dorar.net/misc/tip.gif
والممثلة يضربون لله الأمثال، ويدعون أن صفات الله تعالى تماثل صفات المخلوقين، كقول بعضهم: (يد الله كيدي) و(سمع الله كسمعي) تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

فهدى الله أهل السنة والجماعة للقول الوسط في هذا الباب، والذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فآمنوا بجميع أسماء الله وصفاته الثابتة في النصوص الشرعية، فيصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به أعرف الخلق به رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تأويل ومن غير تمثيل ولا تكييف، ويؤمنون بأنها صفات حقيقية، تليق بجلال الله تعالى، ولا تماثل صفات المخلوقين، عملا بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: 11].

فأهل السنة يعتمدون على النصوص الشرعية، ويقدمونها على العقول البشرية، ويجعلون العقل البشري وسيلة لفهم النصوص الشرعية، وشرطا في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال، وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلا بذلك، فهم قد توسطوا في أمر العقل أيضا، فلم يقدموه على النصوص كما فعل أهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، ولم يهملوه ويذموه كما يفعل كثير من المتصوفة، الذين يعيبون العقل، ويقرون من الأمور ما يكذب به صريح العقل، ويصدقون بأمور يعلم العقل الصريح بطلانها ممن لم يعلم صدقه http://www.dorar.net/misc/tip.gif .
♥الأصل الثالث: باب القضاء والقدر:
توسط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين القدرية والجبرية.
فالقدرية نفوا القدر، فقالوا: إن أفعال العباد وطاعاتهم ومعاصيهم لم تدخل تحت قضاء الله وقدره، فالله تعالى على زعمهم لم يخلق أفعال العباد ولا شاءها منهم، بل العباد مستقلون بأفعالهم، فالعبد على زعمهم هو الخالق لفعله، وهو المريد له إرادة مستقلة، فأثبتوا خالقا مع الله سبحانه، وهذا إشراك في الربوبية، ففيهم شبه من المجوس الذين قالوا بأن للكون خالقين، فهم (مجوس هذه الأمة).
والجبرية غلوا في إثبات القدر، فقالوا: إن العبد مجبور على فعله، فهو كالريشة في الهواء لا فعل له ولا قدرة ولا مشيئة.
فهدى الله أهل السنة والجماعة للقول الحق والوسط في هذا الباب، فأثبتوا أن العباد فاعلون حقيقة، وأن أفعالهم تنسب إليهم على جهة الحقيقة، وأن فعل العبد واقع بتقدير الله ومشيئته وخلقه، فالله تعالى خالق العباد وخالق أفعالهم، كما قال سبحانه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [ الصافات: 96]. كما أن للعباد مشيئة تحت مشيئة الله، كما قال تعالى: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [ التكوير: 29].
ومع ذلك فقد أمر الله العباد بطاعته، وطاعة رسله، ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين، ولا يرضى عن الفاسقين، وقد أقام الله الحجة على العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فمن أطاع عن بينة واختيار، لا يستحق العقاب وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ [ فصلت: 46].
فأهل السنة يؤمنون بمراتب القضاء والقدر الأربع الثابتة في الكتاب والسنة، وهي:

1- علم الله المحيط بكل شيء، وأنه تعالى عالم بما كان وما سيكون، وبما سيعمله الخلق قبل أن يخلقهم.
2- كتابة الله تعالى لكل ما هو كائن في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
3- مشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن كل ما يقع في هذا الوجود قد أراده الله قبل وقوعه.
4- أن الله خالق كل شيء، فهو خالق كل عامل وعمله، وكل متحرك وحركته، وكل ساكن وسكونه http://www.dorar.net/misc/tip.gif .
وقد نظم بعضهم هذه المراتب بقوله:


علم كتابة مولانا مشيئته

كذاك خلق وإيجاد وتكوين

الأصل الرابع: باب الوعد والوعيد:
توسط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين الوعيدية وبين المرجئة.
فالوعيدية يغلبون نصوص الوعيد على نصوص الوعد، ومنهم الخوارج الذين يرون أن فاعل الكبيرة من المسلمين كالزاني وشارب الخمر كافر مخلد في النار.
والمرجئة غلبوا نصوص الرجاء على نصوص الوعيد، فقالوا: إن الإيمان هو التصديق القلبي، وأن الأعمال ليست من الإيمان، فلا يضر مع الإيمان معصية، فالعاصي كالزاني وشارب الخمر لا يستحق دخول النار، وإيمانه كإيمان أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما -.
أما أهل السنة والجماعة فيرون أن المسلم إذا ارتكب معصية من الكبائر لا يخرج من الإسلام، بل هو مسلم ناقص الإيمان، ما دام لم يرتكب شيئا من المكفرات، فهو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وهو في الآخرة تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه حتى يطهره من ذنوبه ثم يدخله الجنة، ولا يخلد في النار إلا من كفر بالله تعالى أو أشرك به.
فالإيمان عند أهل السنة: قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية http://www.dorar.net/misc/tip.gif .
الأصل الخامس: باب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
توسط أهل السنة والجماعة في هذا الباب بين الشيعة وبين الخوارج.
فالشيعة – ومنهم الرافضة – غلوا في حق آل البيت كعلي بن أبي طالب وأولاده – رضي الله عنهم – فادعوا أن عليا – رضي الله عنه – معصوم، وأنه يعلم الغيب، وأنه أفضل من أبي بكر وعمر، ومن غلاتهم من يدعي إلوهيته.
والخوارج جفوا في حق علي رضي الله عنه فكفروه، وكفروا معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – وكفروا كل من لم يكن على طريقتهم.
كما أن الروافض جفوا في حق أكثر الصحابة، فسبوهم، وقالوا: إنهم كفار، وأنهم ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أبو بكر وعمر عند بعضهم كانا كافرين، ولا يستثنون من الصحابة إلا آل البيت ونفرا قليلا، قالوا: إنهم من أولياء آل البيت، كما أنهم يشتمون أمهات المؤمنين، وأفاضل الصحابة، وعلى رأسهم أبو بكر وعمر علانية، لكنهم قد يترضون عنهم ويظهرون موالاتهم لهم تقربا إلى أهل السنة ومخادعة لهم، لأن من عقائدهم عقيدة التقية، فيظهرون لأهل السنة خلاف ما يبطنون http://www.dorar.net/misc/tip.gif .
أما أهل السنة والجماعة فيحبون جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويترضون عنهم، ويرون أنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، وأن الله اختارهم لصحبة نبيه، ويمسكون عما حصل بينهم من التنازع، ويرون أنهم مجتهدون مأجورون، للمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر واحد على اجتهاده، ويرون أن أفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين-، ويحبون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ويرون أن لهم حقين، حق الإسلام، وحق القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيوالونهم، ويترضون عنهم



هنا (http://www.dorar.net/enc/aqadia/102)

الأخت المسلمة
10-11-2012, 07:55 PM
جزاكم الله خيرا معلمتى و نفع بكم
اللهم ءامين