المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متن القواعد المثلى


أم أبي التراب
01-18-2013, 05:04 PM
دورة شرح متن القواعد المثلى

لتحميل الكتاب الإلكتروني

القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
لمؤلفه : الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
رحمه الله
هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/index/alkawaadalmothla.exe)
ونسخ الكتاب
هنا (http://katarat1.com/forum/showthread.php?p=5476#post5476)
نسخة المتن والشرح
هنا (http://www.gulfup.com/?UptLnR)

وهذا رابط تصفح الكتاب ( المتن)

هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/cat_index_290.shtml)

أم أبي التراب
01-18-2013, 06:37 PM
تقديم
لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد أطلعت على المؤلف القيم الذي كتبه صاحب الفضيلة العلامة أخونا الشيخ محمد بن صالح العثيمين، في الأسماء والصفات وسماه: "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى". وسمعته من أوله إلى آخره، فألفيته كتاباً جليلاً، قد اشتمل على بيان عقيدة السلف الصالح في أسماء الله وصفاته، كما اشتمل على قواعد عظيمة, وفوائد جمة في باب الأسماء والصفات، وأوضح معنى المعية الواردة في كتاب الله - عز وجل - الخاصة والعامة عند أهل السنة والجماعة، وأنها حق على حقيقتها، لا تقتضي امتزاجاً واختلاطاً بالمخلوقين، بل هو - سبحانه - فوق عرشه كما أخبر عن نفسه، وكما يليق بجلاله - سبحانه - وإنما تقتضي علمه واطلاعه وإحاطته بهم، وسماعه لأقوالهم وحركاتهم، وبصره بأحوالهم وضمائرهم، وحفظه وكلاءته لرسله وأوليائه المؤمنين، ونصره لهم، وتوفيقه لهم إلى غير ذلك مما تقتضيه المعية العامة والخاصة من المعاني الجليلة، والحقائق الثابتة لله - سبحانه - كما اشتمل على إنكار قول أهل التعطيل، والتشبيه، والتمثيل، وأهل الحلول والاتحاد، فجزاه الله خيراً، وضاعف مثوبته، وزادنا وإياه علماً وهدىً وتوفيقاً، ونفع بكتابه القراء وسائر المسلمين، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
قاله ممليه الفقير إلى الله تعالى، عبد العزيز بن عبد الله بن باز سامحه الله- غفر الله له -، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العاملإدارات البحوث العلمية والإفتاء
والدعوة والإرشاد



*المقدمة


الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً.
وبعد:
فإن الإيمان بأسماء الله وصفاته أحد أركان الإيمان بالله تعالى، وهي الإيمان بوجود الله تعالى، والإيمان بربو بيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته.
وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
فمنزلته في الدين عالية، وأهميته عظيمة، ولا يمكن أحداً أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته، ليعبده على بصيرة، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (الأعراف: 180). وهذا يشمل دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
فدعاء المسألة: أن تقدم بين يدي مطلوبك من أسماء الله تعالى ما يكون مناسباً مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ودعاء العبادة: أن تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء، فتقوم بالتوبة إليه؛ لأنه التواب، وتذكره بلسانك لأنه السميع، وتتعبد له بجوارحك لأنه البصير، وتخشاه في السر لأنه اللطيف الخبير، وهكذا.
ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل أو التعصب تارة أخرى، أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد، راجياً من الله تعالى أن يجعل عملي خالصاً لوجهه، موافقاً لمرضاته، نافعاً لعباده.
وسميته: "القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى".

أم أبي التراب
01-21-2013, 02:57 AM
قواعد في أسماء الله تعالى

القاعدة الأولى: أسماء الله تعالى كلها حسنى:

أي بالغة في الحسن غايته، قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(1). وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا احتمالاً ولا تقديراً.
* مثال ذلك: "الحي" اسم من أسماء الله تعالى، متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال. الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم، والقدرة، والسمع، والبصر وغيرها.
* ومثال آخر: "العليم" اسم من أسماء الله متضمن للعلم الكامل، الذي لم يسبق بجهل، ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)(2). العلم الواسع المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله، أو أفعال خلقه، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(3). (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(4)، (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)(5).
* ومثال ثالث: "الرحمن" اسم من أسماء الله تعالى متضمن للرحمة الكاملة، التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لله أرحم بعباده من هذه بولدها"(6) يعني أم صبي وجدته في السبي فأخذته وألصقته ببطنها وأرضعته، ومتضمن أيضاً للرحمة الواسعة التي قال الله عنها: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(7)، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً)(8).
والحسن في أسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده، ويكون باعتبار جمعه إلى غيره، فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمال فوق كمال.
مثال ذلك: "العزيز الحكيم". فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً. فيكون كل منهما دالاً على الكمال الخاص الذي يقتضيه، وهو العزة في العزيز، والحكم والحكمة في الحكيم، والجمع بينهما دال على كمال آخر وهو أن عزته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وجَوْراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين، فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيء التصرف. وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.

______________
(1) سورة الأعراف، الآية: 180.
(2) سورة طه، الآية: 52.
(3) سورة الأنعام، الآية 59.
(4) سورة هود، الآية: 6.
(5) سورة التغابن، الآية: 4.
(6) رواه البخاري، كتاب الأدب (5999)، ومسلم، كتاب التوبة (2754).
(7) سورة الأعراف، الآية: 156.
(8) سورة غافر، الآية: 7.
♥♥♥

أم أبي التراب
01-21-2013, 02:59 AM
القاعدة الثانية:
أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

أعلام باعتبار دلالتها على الذات1، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة2 لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف، لدلالة القرآن عليه. كما في قوله تعالى: (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(9). وقوله: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَة)(10). فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن له علم، ولا سميع إلا لمن له سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر، وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.
وبهذا عُلم ضلال من سَلَبوا أسماء الله تعالى معانيها من أهل التعطيل وقالوا: إن الله تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا.. وعللوا ذلك بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدد القدماء3. وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع(11) والعقل على بطلانها.
أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة، مع أنه الواحد الأحد. فقال تعالى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ* إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ* وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ* ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ* فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)(12). وقال تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى* الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى* وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى)(13). ففي هذه الآيات الكريمة أوصاف كثيرة لموصوف واحد، ولم يلزم من ثبوتها تعدد القدماء3.
وأما العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة4 من الموصوف، حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات من اتصف بها، فهي قائمة به، وكل موجود فلابد له من تعدد صفاته، ففيه صفة الوجود، وكونه واجب الوجود5، أو ممكن الوجود6، وكونه عيناً قائماً بنفسه أو وصفاً في غيره.
وبهذا أيضاً علم أن: "الدهر" ليس من أسماء الله تعالى؛ لأنه اسم جامد لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولأنه اسم للوقت والزمن، قال الله تعالى عن منكري البعث: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ)(14) يريدون مرور الليالي والأيام.
فأما قوله صلى الله عليه وسلم: "قال الله - عز وجل -: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"(15). فلا يدل على أن الدهر من أسماء الله تعالى؛ وذلك أن الذين يسبون الدهر إنما يريدون الزمان الذي هو محل الحوادث، لا يريدون الله تعالى، فيكون معنى قوله: "وأنا الدهر" ما فسره بقوله: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِب (بكسر اللام) هو المقلَب (بفتحها) وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مراداً به الله تعالى.
_____________
(9) سورة يونس، الآية: 107.
(10) سورة الكهف، الآية: 58.
(11) السمع هو القرآن والسنة، وسيمر بك هذا التعبير كثيراً فانتبه له.
(12) سورة البروج، الآيات: 12 - 16.
(13) سورة الأعلى (1- 5).
(14) سورة الجاثية، الآية: 24.
(15) رواه البخاري، كتاب التفسير (4826)، ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب (2246).

♥♥♥
حاشية غير موجودة بكتاب الشيخ العثيمين
1 على الذات : أي على ذات الله
2 متباينة: أي مختلفة عن بعضها
3 - تعدد القدماء : أي تعدد الذات ولعياذ بالله
4 - بائنة : منفصلة
5 - واجب الوجود : أي لم يسبقة عدم ولا يلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق الله جل في علاه ، فهو سبحانه الأول والآخر
6 - ممكن الوجود : أي يسبقة عدم ويلحقه زوال وهذا لايكون إلا في حق المخلوق الفاني الضعيف

أم أبي التراب
01-21-2013, 03:02 AM
القاعدة الثالثة:
أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد،
تضمنت ثلاثة أمور:

أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها. ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة، استدلوا على ذلك بقوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(16)؛ لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم، ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.
* مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)(17).
وإن دلت على وصف غير متعد ،تضمنت أمرين:

أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
* مثال ذلك:"الحي" يتضمن إثبات الحي اسماً لله - عزوجل - وإثبات الحياة صفة له.
♥♥♥

أم أبي التراب
01-21-2013, 03:03 AM
القاعدة الرابعة:

دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.

* مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.

ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(18) ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة.
واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً.
وأما اللازم من قول أحدٍ سوى قول الله ورسوله، فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به، مثل أن يقول من ينفي الصفات الفعلية لمن يثبتها: يلزم من إثباتك الصفات الفعلية لله - عز وجل - أن يكون من أفعاله ما هو حادث. فيقول المثبت: نعم، وأنا ألتزم بذلك فإن الله تعالى لم يزل ولا يزال فعالاً لما يريد ولا نفاد لأقواله وأفعاله كما قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)(19). وقال: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(20). وحدوث آحاد فعله تعالى لا يستلزم نقصاً في حقه.
الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع اللازم بينه وبين قوله، مثل أن يقول النافي للصفات لمن يثبتها: يلزم من إثباتك أن يكون الله تعالى مشابهاً للخلق في صفاته. فيقول المثبت: لا يلزم ذلك، لأن صفات الخالق مضافة إليه لم تذكر مطلقة حتى يمكن ما ألزمت به، وعلى هذا فتكون مختصة به لائقة به، كما أنك أيها النافي للصفات تثبت لله تعالى ذاتاً وتمنع أن يكون مشابهاً للخلق في ذاته، فأي فرق بين الذات والصفات؟!.
وحكم اللازم في هاتين الحالتين ظاهر.
الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتاً عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال ألا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لزومه وبطلانه أن يرجع عن قوله؛ لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم. ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول.
فإن قيل: إذا كان هذا اللازم لازماً من قوله، لزم أن يكون قولاً له، لأن ذلك هو الأصل، لاسيما مع قرب التلازم.
قلنا: هذا مدفوع بأن الإنسان بشر، وله حالات نفسية وخارجية توجب الذهول عن اللازم، فقد يغفل، أو يسهو، أو ينغلق فكره، أو يقول القول في مضايق المناظرات من غير تفكير في لوازمه، ونحو ذلك.
♥♥♥

أم أبي التراب
02-05-2013, 12:03 PM
القاعدة الخامسة: أسماء الله تعالى توقيفية، لا مجال للعقل فيها:
وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(21) . وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(22). ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه، جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك والاقتصار على ما جاء به النص.

أم أبي التراب
02-12-2013, 05:40 AM
المجلس السادس
2 ربيع الآخر 1434 هـ
القاعدة السادسة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين:
لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك".1 الحديث رواه أحمد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح
وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.

فأما قولـه صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها(24) دخل الجنة"(25)، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة: "إن أسماء الله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة" أو نحو ذلك.

إذن فمعنى الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله: "من أحصاها دخل الجنة" جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في "الفتاوى" ص 383 جـ6 من "مجموع ابن قاسم": تعيينها ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل المعرفة بحديثه، وقال قبل ذلك ص 379: إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسراً في بعض طرق حديثه. أهـ.
وقال ابن حجر في "فتح الباري" ص215 جـ11 ط السلفية:
ليست العلة عند الشيخين (البخاري ومسلم)، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج. أهـ.
ولما لم يصح تعيينها عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلف السلف فيه، وروي عنهم في ذلك أنواع. وقد جمعت تسعة وتسعين اسماً مما ظهر لي من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

فمن كتاب الله تعالى:

الله الأحد الأعلى الأكرم الإله الأول
والآخر والظاهر والباطن البارئ البر البصير
التواب الجبار الحافظ الحسيب الحفيظ الحفي
الحق المبين الحكيم الحليم الحميد الحي
القيوم الخبير الخالق الخلاق الرؤوف الرحمن
الرحيم الرزاق الرقيب السلام السميع الشاكر
الشكور الشهيد الصمد العالم العزيز العظيم
العفو العليم العلي الغفار الغفور الغني
الفتاح القادر القاهر القدوس القدير القريب
القوي القهار الكبير الكريم اللطيف المؤمن
المتعالي المتكبر المتين المجيب المجيد المحيط
المصور المقتدر المقيت الملك المليك المولى
المهيمن النصير الواحد الوارث الواسع الودود
الوكيل الولي الوهاب

ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الجميل -الجواد -الحكم- الحيي- الرب- الرفيق- السبوح-السيد- الشافي- الطيب- القابض-الباسط-المقدم-المؤخر- المحسن- المعطي- المنان-الوتر-.
هذا ما اخترناه بالتتبع، واحد وثمانون اسماً في كتاب الله تعالى وثمانية عشر اسماً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان عندنا تردد في إدخال (الحفي)؛ لأنه إنما ورد مقيداً في قوله تعالى عن إبراهيم: (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً) وما اخترناه فهو حسب علمنا وفهمنا وفوق كل ذي علم عليم حتى يصل ذلك إلى عالم الغيب والشهادة ومن هو بكل شيء عليم.

**************
1
3 - ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال : ( اللهم إني عبدك ، وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ) . إلا أذهب الله عز وجل همه ، وأبدله مكان حزنه فرحا . قالوا : يا رسول الله ! ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات ؟ قال : أجل ! ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1822- خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A3%D8%B3%D8%A3%D9%84%D9%83+%D8%A8 %D9%83%D9%84+%D8%A7%D8%B3%D9%85+%D9%87%D9%88+%D9%8 4%D9%83+%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%AA+%D8%A8%D9%87+%D9% 86%D9%81%D8%B3%D9%83&phrase=on&xclude=&t=*&d[1]=1&m[]=1420&s[]=0)

أم خالد
02-14-2013, 06:27 AM
المعلمه الغاليه الضيع التى تكتبيها مهمه جداً
او قد قررت ان شاء الله ان أقراء منه من وقت الى الاخر بعون اله
و نسائل الله الثبات

أم أبي التراب
02-19-2013, 12:41 PM
المجلس السابع
9ربيع الآخر 1434 هـ

القاعدة السابعة


الإلحاد في أسماء الله تعالى هو الميل بها عما يجب فيها. وهو أنواع:
الأول: أن ينكر شيئاً منها أو مما دلت عليه من الصفات والأحكام، كما فعل أهل التعطيل من الجهمية وغيرهم. وإنما كان ذلك إلحاداً لوجوب الإيمان بها وبما دلت عليه من الأحكام والصفات اللائقة بالله، فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها.
الثاني: أن يجعلها دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين كما فعل أهل التشبيه، وذلك لأن التشبيه معنى باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه، فجعلها دالة عليه ميل بها عما يجب فيها.
الثالث: أن يسمى الله تعالى بما لم يسم به نفسه، كتسمية النصارى له: (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وذلك لأن أسماء الله تعالى توقيفية، فتسمية الله تعالى بما لم يسم به نفسه ميل بها عما يجب فيها، كما أن هذه الأسماء التي سموه بها نفسها باطلة ينزه الله تعالى عنها.
الرابع: أن يشتق من أسمائه أسماء للأصنام، كما فعل المشركون في اشتقاق العزى من العزيز، واشتقاق اللات من الإله، على أحد القولين، فسموا بها أصنامهم؛ وذلك لأن أسماء الله تعالى مختصة به، لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) سورة الأعراف، الآية: 180.. وقوله: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)سورة طه، الآية: 8.. وقوله: (لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض)سورة الحشر، الآية: 24. فكما اختص بالعبادة وبالألوهية الحق، وبأنه يسبح له ما في السموات والأرض فهو مختص بالأسماء الحسنى، فتسمية غيره بها على الوجه الذي يختص بالله - عز وجل - ميل بها عما يجب فيها.
والإلحاد بجميع أنواعه محرم؛ لأن الله تعالى هدد الملحدين بقوله: (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سورة الأعراف، الآية: 180..
ومنه ما يكون شركاً أو كفراً حسبما تقتضيه الأدلة الشرعية.

أم أبي التراب
02-26-2013, 03:21 AM
المجلس الثامن
16 ربيع الثاني 1434 هـ

قواعد في صفات الله تعالى

القاعدة الأولى:

صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه *- وهذا نظير القاعدة الأولى من قواعد الأسماء وهي : أسماء الله تعالى كلها حسنى -*، كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والرحمة، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، وغير ذلك.*- وتطبيق القاعدة أنك كلما تقرأ صفة دل عليها كتاب الله أو دلت عليها السنة الصحيحة فاثبتها على وجه الكمال الذي لانقص فيه بوجه من الوجوه ،لأن صفات الله مضافة إليه سبحانه ، والصفة إذا أضيفت للكامل فهي كاملة ، وإذا أضيفت للمخلوق الناقص فهي ناقصة ، فالحياة مثلا إذا أضيفت لله فهي صفة كاملة لانقص فيها بوجه من الوجوه ، فهي الحياة الكاملة التي لم يسبقها عدم ،ولا يلحقها زوال ، خلاف حياة المخلوق الناقص ، فحياته تسبقها عدم وتلحقها زوال. وهذه القاعدة كما هي مفيدة في تقرير الحق فهي مفيدة في رد الباطل . فإذا قال قائل إثبات صفات الله تستلزم كذا وكذا من النقائص ، يُرد عليه بهذه القاعدة ، صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وما تقوله من هذه اللوازم يلزم في وصف المخلوق ولا يلزم في وصف الخالق ، لأن صفات الله تعالى كلها صفات كمال، لا نقص فيها بوجه من الوجوه. إذن فالقاعدة تفيد في باب تقرير الحق وفهمه ،وتفيد في باب رد الباطل ونقضه -*
وقد دل على هذا السمع، والعقل، والفطرة.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(50). والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى.
*- فمن ادعى في شيئ من صفات الله النقص، فهو مخالف لقول الله " وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى" . فهو سبحانه منزه عن أي صفة نقص يدعيها أصحاب الباطل ويصفونه عز وجل بها قال تعالى منزهًا نفسه : "سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" - ومما يدل على أن صفات الله عز وجل كاملة لانقص فيها بوجه من الوجوه ، ثبوت الأسماء الحسنى لله ، والأسماء الحسنى هي الأسماء الدالة على صفات الكمال- *
وأما العقل: فوجهه أن كل موجود حقيقة، فلابد أن تكون له صفة. إما صفة كمال، وإما صفة نقص. والثاني باطل بالنسبة إلى الرب الكامل المستحق للعبادة؛ ولهذا أظهر الله تعالى بطلان ألوهية الأصنام باتصافها بالنقص والعجز. فقال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)(51). وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)(52). وقال عن إبراهيم وهو يحتج على أبيه: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً)(53)، وعلى قومه: (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(54).
ثم إنه قد ثبت بالحس والمشاهدة أن للمخلوق صفات كمال، وهي من الله تعالى، فمعطي الكمال أولى به.

وأما الفطرة: فلأن النفوس السليمة مجبولة مفطورة على محبة الله وتعظيمه وعبادته، وهل تحب وتعظم وتعبد إلا من علمت أنه متصف بصفات الكمال اللائقة بربوبيته وألوهيته؟
وإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهي ممتنعة في حق الله تعالى كالموت والجهل، والنسيان، والعجز،والعمى،والصمم ونحوها؛لقوله تعالى:(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(55). وقوله عن موسى: (فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)(56). وقوله: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ)(57). وقوله: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(58).وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الدجال:"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"(59). وقال: " أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ، ولا غائباً"(60).
وقد عاقب الله تعالى الواصفين له بالنقص، كما في قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(61). وقوله: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)(62).
ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، فقال سبحانه: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(63). وقال تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)(64).
وإذا كانت الصفة كمالاً في حال، ونقصاً في حال، لم تكن جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً، ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالاً، وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً ،وذلك كالمكر، والكيد، والخداع، ونحوها. فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها؛ لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصاً في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها،كقوله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(65). وقوله: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً)(66). وقوله: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)(67).وقوله:(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)(68). وقوله: (قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(69).
ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(70). فقال: (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ )، ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان، وهي صفة ذم مطلقاً.
وبهذا عرف أن قول بعض العوام: "خان الله من يخون" منكر فاحش، يجب النهي عنه.
___________
ما بين العلامتين إضافة *- ...-*

(50) سورة النحل، الآية: 60.
(51) سورة الأحقاف، الآية: 5.
(52) سورة النحل، الآيتان: 20، 21.
(53) سورة مريم، الآية: 42.
(54) سورة الأنبياء، الآيتان: 66، 67.
(55) سورة الفرقان، الآية: 58.
(56) سورة طه، الآية: 52.
(57) سورة فاطر، الآية: 44.
(58) سورة الزخرف، الآية: 80.
(59) رواه البخاري، كتاب الفتن (7131)، ومسلم، كتاب الفتن (2933).
(60) رواه البخاري، كتاب المغازي (4202)، ومسلم، كتاب الذكر (2704).
(61) سورة المائدة، الآية: 64.
(62) سورة آل عمران، الآية: 181.
(63) سورة الصافات، الآيات: 180 - 182.
(64) سورة المؤمنون، الآية: 91.
(65) سورة الأنفال، الآية: 30.
(66) سورة الطارق، الآيتان: 15، 16.
(67) سورة الأعراف، الآيتان: 182، 183.
(68) سورة النساء، الآية: 142.
(69) سورة البقرة، الآيتان: 14، 15.
(70) سورة الأنفال، الآية: 71.

هنا (http://zadakra.eb2a.com/showthread.php?90-%D4%D1%CD-%C7%E1%DE%E6%C7%DA%CF-%C7%E1%E3%CB%E1%EC-%DD%ED-%D5%DD%C7%CA-%C7%E1%E1%E5-%E6%C3%D3%E3%C7%C6%E5-%C7%E1%CD%D3%E4%EC&p=191#post191)

أم أبي التراب
03-05-2013, 03:06 AM
المجلس التاسع
23 ربيع الثاني 1434 هـ
القاعدة الثانية من قواعد الصفات

باب الصفات أوسع من باب الأسماء
وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة 1كما سبق في القاعدة الثانية من قواعد الأسماء، ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها، قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(71).
ومن أمثلة ذلك: أن من صفات الله تعالى المجيء، والإتيان، والأخذ والإمساك، والبطش، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى: (وَجَاءَ رَبُّك)(72). وقال: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ)(73). وقال: (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ)(74). وقال: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)(75). وقال: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)(76). وقال: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(77). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"(78).
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد، ولا نسميه بها، فلا نقول إن من أسمائه الجائي، والآتي، والآخذ، والممسك، والباطش، والمريد، والنازل، ونحو ذلك، وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به.
______________
(71) سورة لقمان، الآية: 27.
(72) سورة الفجر، الآية: 22.
(73) سورة البقرة، الآية: 210.
(74) سورة آل عمران، الآية: 11.
(75) سورة الحج، الآية: 65.
(76) سورة البروج، الآية: 12.
(77) سورة البقرة، الآية: 185.
(78) رواه البخاري، كتاب التهجد (1145)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين (758).

أم أبي التراب
03-05-2013, 01:09 PM
إضافات خارج تسلسل كتاب القواعد المثلى
فالقاعدة الثانية من قواعد الأسماء
أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

أعلام باعتبار دلالتها على الذات1، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني، وهي بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله - عز وجل - وبالاعتبار الثاني متباينة2 لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص فـ "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم". كلها أسماء لمسمى واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.

أم أبي التراب
03-12-2013, 02:40 AM
المجلس العاشر
30 ربيع الثاني 1434 هـ
القاعدة الثالثة من صفات الله تعالى
صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين: ثبوتية، وسلبية:
فالثبوتية: ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، كالحياة والعلم، والقدرة، والاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والوجه، واليدين، ونحو ذلك.
فيجب إثباتها لله تعالى حقيقة على الوجه اللائق به بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً)(79).
فالإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته. والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله. وكون محمد صلى الله عليه وسلم ؛رسوله ؛يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به عن مُرْسِلِه، وهو الله - عز وجل.
وأما العقل: فلأن الله تعالى أخبر بها عن نفسه، وهو أعلم بها من غيره، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتي حين يكون الخبر صادراً ممن يجوز عليه الجهل، أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح بما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله - عز وجل - فوجب قبول خبره على ما أخبر به.
وهكذا نقول فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه وأصدقهم خبراً وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بياناً، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه.

__________
(79) سورة النساء، الآية: 136.

أم أبي التراب
03-12-2013, 03:30 AM
المجلس الحادي عشر
7 جمادى الأول 1434 هـ
تابع القاعدة الثالثة من صفات الله تعالى
والصفات السلبية: ما نفاها الله - سبحانه - عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب.
فيجب نفيها عن الله تعالى - لما سبق - مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل، وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال، إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال، وذلك لأن النفي عدم، والعدم ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون كمالاً، ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية المحل له، فلا يكون كمالاً كما لو قلت: الجدار لا يظلم. وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً، كما في قول الشاعر:
قبيلة لا يغدرون بذمة * ولا يظلمون الناس حبة خردل1
وقول الآخر:
لكن قومي وإن كانوا ذوي حَسَبٍ
ليسوا من الشر في شيء وإنْ هانا

* مثال ذلك: قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوت)(80).
فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته.
* مثال آخر: قوله تعالى:(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(81).نفي الظلم عنه يتضمن كمال عدله.
* مثال ثالث: قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ)(82). فنفي العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته. ولهذا قال بعده: (إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً). لأن العجز سببه إما الجهل بأسباب الإيجاد، وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء في السموات ولا في الأرض.
وبهذا المثال علمنا أن الصفة السلبية قد تتضمن أكثر من كمال.
__________

(80) سورة الفرقان، الآية: 58.
(81) سورة الكهف، الآية: 49.
(82) سورة فاطر، الآية: 44.
♥ . ♥ . ♥ . ♥ . ♥ . ♥ . ♥

أم أبي التراب
03-19-2013, 06:40 AM
فوائد خارج كتاب الشيخ العثيمين
من القاعدة الثالثة من قواعد الصفات

الأولى: أن الله موصوف بالنفي والإثبات عند أهل السنة، وأن غالب الإثبات في الكتاب والسنة أو على طريقة السلف إثبات مفصل، وغالب النفي الغالب أنه نفي مجمل، فمن ذلك الإثبات المفصل لأسماء الله في القرآن: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [الحشر:22] اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] ومن الإثبات المفصل في الصفات قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة:119] يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54].
.
إلى غير ذلك.
فالإثبات المفصل والنفي المجمل هو الغالب على الطريقة القرآنية النبوية طريقة أهل السنة والجماعة، ولكن يقع في القرآن إثبات مجمل ونفي مفصل، ومثاله في الأسماء قوله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الأعراف:180] وفي الصفات وقوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى [النحل:60]أي: الوصف الأكمل.
ومثال النفي المفصل في القرآن قوله تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49] وقوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255] لكن ينبه إلى أن ما يقع من النفي المفصل فإنه يتضمن ثبوت كمال الضد؛ لأن النفي المحض -أي: الذي لا يتضمن أمراً ثبوتياً- ليس بشيء، فلا يكون كمالاً، بل يكون في جمهور الموارد نقصاً ينزه الله تعالى عنه؛ ولهذا كل نفي مفصل في القرآن فإنه يتضمن ثبوت كمال الضد، فقوله: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49] أي: لكمال عدله، وقوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255] أي: لكمال حياته وقيوميته.
.وهلم جرا.
هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=299610)
* فالواجب أن ندور مع السنة حيث دارت- نفيًا وإثباتًا- ولا نتجاوز كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ،فنصف الله بالإثبات كما أثبت هو عز وجل لنفسه ، وكما أثبت ذلك له رسوله صلى الله عليه وسلم
وأيضًا نصفه بالنفي ،نفي النقائص عنه ،ونفي مماثلة أحد من خلقه في شيء من صفاته ، فكما أننا نثبت له ما أثبته لنفسه ؛فإننا ننفي عنه ما نفاه عن نفسه
وهذا معنى قول أهل العلم : صفات الله تنقسم لثبوتية وسلبية،أي صفات إثبات وصفات نفي.
*الصفات الثبوتية تنقسم إلى: صفات ثبوتية فعلية وصفات ثبوتية ذاتية
صفة ذاتية : كالحياة والعلم والقدرة، واليد ، والوجه
صفة فعلية: كالاستواء والنزول
ثم بعد أن بين لنا الشيخ الصفات وأنواعها بين الواجب علينا تجاهها ، فالثبوتية يجب علينا : إثباتها كما أثبتها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
لما ذكر الشيخ الواجب ، ذكر الدليل على هذا الواجب
الدليل السمعي والدليل العقلي
السمعي: قوله تعالى :" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ...." سورة النساء، الآية: 136
أخذ الشيخ العثيمين من هذه الآية ثلاثة أوجه للدلالة على وجوب إثبات صفات الله عز وجل كما أثبتها لنفسه
الوجه الأول :: قوله تعالى :" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ.."

فالإيمان بالله يتضمن: الإيمان بصفاته.
الوجه الثاني:
في قوله تعالى " آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ.."
أل للعهد والمقصود الكتاب المعهود المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ألا وهو القرآن الكريم
والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله، على الوجه اللائق بكمال الله عز وجل. وكون محمد صلى الله عليه وسلم رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر به عن مرسِلِه، وهو الله - عز وجل.
ومن لم يؤمن بصفات الله التي دل عليها القرآن ما آمن بالقرآن
الأمر بالشيء لمن هو فاعل له ؛أمر بالاستزادة فيه
إذن قوله تعالى:" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ.."
________

1- لايظلمون لضعفهم وعدم قدرتهم على ظلم أحد

صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والنسيان، والعجز،والجهل، والتعب.
1" وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرً‌ا" هنا (http://tanzil.net/#search/quran/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8 A%20%D9%84%D8%A7%20%D9%8A%D9%85%D9%88%D8%AA)

فنفي الموت عنه يتضمن كمال حياته.

نفي النوم
اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ " البقرة 255 هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/Search/hits.asp?start=1&AndOr=Anding&Seq=Sequential&SType=ExactMode&Adv=0&wordtxtsrch=%D3%E4%C9+%E6%E1%C7+%E4%E6%E3&l=arb)
نفي الظلم
قوله تعالى:(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) سورة الكهف، الآية: 49..نفي الظلم عنه يتضمن كمال عدله.
*نفي العجز والجهل
في قوله تعالى: " أَوَلَمْ يَسِيرُ‌وا فِي الْأَرْ‌ضِ فَيَنظُرُ‌وا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْ‌ضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرً‌ا"سورة فاطر،.
. فنفي العجز عنه يتضمن كمال علمه وقدرته. ولهذا قال بعده: (إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً). لأن العجز سببه إما الجهل بأسباب الإيجاد،وإما قصور القدرة عنه فلكمال علم الله تعالى وقدرته لم يكن ليعجزه شيء في السموات ولا في الأرض.
وقال مصنِّف الطحاوية: نفي الجهل لا يعني إثبات العلم ولكن إثبات العلم يعني نفي الجهل، هنا (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&ContentID=4460)
*نفي النسيان
" وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ‌ رَ‌بِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَ‌بُّكَ نَسِيًّا" هنا (http://tanzil.net/#19:64)
*نفي التعب "اللغوب"
. وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ" هنا (http://tanzil.net/#50:38)

أم أبي التراب
03-26-2013, 12:45 PM
المجلس الثاني عشر
14 جمادى الأولى 1434 هـ
تابع قواعد في صفات الله عز وجل

القاعدة الرابعة

الصفات الثبوتية صفات مدح وكمال، فكلما كثرت وتنوعت دلالتها ظهر من كمال الموصوف بها ما هو أكثر.
ولهذا كانت الصفات الثبوتية التي أخبر الله بها عن نفسه أكثر بكثير من الصفات السلبية، كما هو معلوم.
أما الصفات السلبية فلم تذكر غالباً إلا في الأحوال التالية:
الأولى: بيان عموم كماله كما في قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(83)، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(84).
الثانية: نفي ما ادعاه في حقه الكاذبون، كما في قوله: (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً* وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)(85).
الثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين، كما في قوله: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ)(86). وقوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)(87).

-----------

(83) سورة الشورى، الآية: 11.
(84) سورة الإخلاص، الآية: 4.
(85) سورة مريم، الآيتان: 91، 92.
(86) سورة الأنبياء، الآية: 16.
(87) سورة ق، الآية: 38.

1 - أخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيدي فقال " خلق اللهُ ، عزَّ وجلَّ ، التُّربةَ يومَ السبتِ . وخلق فيها الجبالَ يومَ الأحدِ . وخلق الشجرَ يومَ الإثنَينِ . وخلق المكروه يومَ الثلاثاءِ . وخلق النورَ يوم َالأربعاءِ . وبثَّ فيها الدوابَّ يومَ الخميسِ . وخلق آدمَ ، عليه السلامُ ، بعد العصرِ من يومِ الجمعةِ . في آخرِ الخلقِ . في آخرِ ساعةٍ من ساعاتِ الجمعةِ . فيما بين العصرِ إلى الليل " .
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2789- خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D8%A9+ %D9%8A%D9%88%D9%85+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%AA&phrase=on&xclude=&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)

قال تعالى
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ "
ق آية 38
هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/Search/hits.asp?start=1&AndOr=Anding&Seq=Sequential&SType=ExactMode&Adv=0&wordtxtsrch=%D3%CA%C9+%C3%ED%C7%E3+%E6%E3%C7&l=arb)

أم أبي التراب
04-02-2013, 04:52 AM
المجلس الثالث عشر
21جمادى الأولى 1434 هـ
تابع قواعد في صفات الله عز وجل

القاعدة الخامسة:

الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين: ذاتية وفعلية:
فالذاتية: هي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والعزة، والحكمة، والعلو، والعظمة، ومنها الصفات الخبرية، كالوجه، واليدين، والعينين.
والفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته، إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها، كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا.
وقد تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين، كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية؛ لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً. وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية؛ لأن الكلام يتعلق بمشيئته، يتكلم متى شاء بما شاء كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(88). وكل صفة تعلقت بمشيئته تعالى فإنها تابعة لحكمته. وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نعجزعن إدراكها لكننا نعلم علم اليقين أنه - سبحانـه - لا يشاء شيئاً إلا وهو موافق للحكمة ، كما يشير إليه قوله تعالى : (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشـَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)(89).
****************

__________

(88) سورة يس، الآية: 82.
(89) سورة الإنسان، الآية: 30.

أم أبي التراب
04-08-2013, 03:40 AM
المجلس الرابع عشر
28جمادى الأولى 1434 هـ
تابع قواعد في صفات الله عز وجل
القاعدة السادسة:

يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين: أحدهما: التمثيل. والثاني: التكييف.
فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين، وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.

قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر في شرحه لكتاب القواعد المثلى:
أي يلزم من يثبت الصفات لله تبارك وتعالى أن يحذر من هذين الأمرين: التكييف والتمثيل ولم يذكر هنا التعطيل لأن المعطل لم يثبت وإنما نفى .


فذكر هنا الحذر من التمثيل والتكييف ، لأنهما يتعلقان بمن أثبت الصفات، بينما فيما يتعلق بالصفات عموماً ،المحاذير التي تجتنب فيها أربعة:
التعطيل والتحريف والتكييف والتمثيل ا.هـ

*فنثبت ما أثبته الله سبحانه لنفسه أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه و سلم من الأسماء و الصفات الواردة في الكتاب و السنة من غير تحريف ألفاظها أو معانيها, و لا تعطيلها بنفيها أو نفي بعضها عن الله عز وجل, و لا تكييفها بتحديد كنهها و إثبات كيفية معينة لها, و لا تشبيهها بصفات المخلوقين. فيجب على المسلم أن لا يقع في التشبيه, أو التحريف و التغيير و التبديل, أو التعطيل, أو التكييف. هنا (http://www.iid-alraid.de/arabisch/islamicbasics/index/index2.htm)

واعتقـاد أن هـذه الأسـماء والصفـات علـى الحقيقـة لا علـى المجـاز ، وأن لهـا معـانٍ حقيقيـة تليـق بجـلال الله وعظمتـه
أي : نثبـت لله مـا أثبتـه لنفسـه مـن أسـماء وصفـات- على الحقيقة -، ونؤمـن بمعناهـا ، وأن لهـا كيـف . لكـنْ نفـوض هـذا الكيـف لله لأنه سبحانه ليس كمثله شيء
لقولـه تعالـى : { ... لَيْـسَ كَمِثْلِـهِ شَـيْءٌ وَهُـوَ السَّـمِيعُ البَصِيـرُ } سورة الشورى / آية : 11.
فقـد أثبـت سـبحانه صفتـي السـمع والبصـر ، ونفـى المِثليـة .

ولنعلم علم اليقين أنه لا يجوز التفكير في ذات الله سبحانه وتعالى هنا (http://zadakra.eb2a.com/showthread.php?65-%C7%E1%E3%CC%E1%D3-%C7%E1%CB%C7%E4%ED-%DA%D4%D1) ملتقى زاد الآخرة
فائدة:
كل ممثل مكيف ،وليس كل مكيف ممثلاً

كل ممثل مكيف ، لم؟ لأن الممثل حين قال يد الله كيدي،
سمع الله كسمعي،بصر الله كبصري،تعالى الله عما يقولون،
هو في الوقت نفسه كيَّفَ ،لأنه جعل كيفية صفة الله؛ ككيفية صفة المخلوق
لذلك كل ممثل مكيف،فالممثل مكيف في جميع أحواله

وليس كل مكيف ممثلاً، لم؟ لأن المكيف في بعض أحواله
يأتي بكيفية يقدرها في ذهنه لاعن قياس بالمخلوق

الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر


**********
♥إضافات خارج كتاب الشيخ العثيمين المشاركة التالية هنا ♥ (http://katarat1.com/forum/showpost.php?p=5940&postcount=20)
الكتاب- الشيخ العثيمين-:
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(90). وقوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)(91).
♥شرح خارج كتاب الشيخ العثيمين من شرح الشيخ عبد المحسن عباد البدر
قوله تعالى:
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)

وهذا أيضًا من نفي المثل،فالله جل وعلا لامثل له، وكيف يجعل من لايخلق مثيلاً للخالق؟ وشأن الخالق الكمال والعظمة ،وشأن المخلوق النقص والضعف ،فكيف يمثل الكامل بالناقص،أوأيضًا العكس ،فكيف يمثل الناقص بالكامل ،هذا من أبطل الباطل.
ولهذا عباد القبور الذين يُغْلُون في من يعبدونهم ويدعونهم من دون الله تبارك وتعالى ، يلحقون بهم من الصفات ما لايليق إلا بالله تبارك وتعالى ، فهذا تمثيل للمخلوق بالخالق، وهذا تشبيه - تمثيل- باطل فهو تمثيل للمخلوق بالخالق ،بأن يعطي المخلوق شيئًا نت صفات الخالق سبحانه وتعالى ، فيمدح المخلوق بما لايليق إلا بالله سبحانه وتعالى ،فقد قرأت منظومة في مدح النبي صلى
الله عليه وسلم ،صُدِّرت المنظومة بقول ناظمها
هو الأول والآخر محمد ... هو الظاهر والباطن محمد
يمدح النبي عليه وسلم ،فهذا تمثيل للمخلوق بالخالق
ومثلها أيضًا قول الشاعر يمدح النبي صلى الله عليه وسلم ويثني عليه
ياأكرم الخلق مالي من ألوذ به....سواك عند حدوث العمم
وإن من جودك الدنيا وضرتها .... وإن من علومك علم اللوح والقلم
هذا فيه تمثيل للمخلوق بالخالق في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات


في الألوهية ....في قوله :مالي من ألوذ به
في الربوبية ...في قوله :وإن من جودك الدنيا وضرتها
في الأسماء والصفات ...في قوله :وإن من علومك علم اللوح والقلم
ونستأنس بهذه الفتوى
السؤال


لقد سمعتُ الكثير عن " البردة " أشياء عديدة البعض يقول : إنها جيدة ، ومفيدة ، والبعض الآخر يرى أنها شرك ؛ لأن بعض أبياتها يمتدح النبي صلى الله عليه وسلم بصفات الله . أتساءل : هل في نظركم أنها فعلا شرك فأجتنبها ؟
الفتوى
الحمد لله
أولاً :
قصيدة " البردة " تعدُّ من أشهر القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم إن لم نقل : أشهرها ، وقد نظمها " البوصيري " : وهو : محمد بن سعيد بن حمّاد الصنهاجي ، ولد سنة 608ه‍ـ ، وتوفي سنة 696 هـ ‍.
وقد قيل في سببها : أن " البوصيري " أصيب بمرضٍ عُضالٍ ، لم ينفع معه العلاج ، وأنه كان يُكثر مِن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى رآه في المنام ذاتَ ليلةٍ ، وغطَّاه ببردته الشريفة ، وأنه لمَّا قام " البوصيري " مِن نومه : قام ، وليس به مرضٌ ، فأنشأ قصيدته ، والله أعلم بحقيقة ذلك .
ثانياً:
القصيدة المذكورة قد اشتملت على كفرٍ صريح، وقد تتابع العلماء من أهل السنَّة والجماعة على نقضها ، ونقدها ، وتبيين عوارُها ، وكشف زيغِها ومخالفتِها لاعتقادِ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ .
ومن أبرز الأبيات التي انتُقدت في تلك القصيدة : قوله :
1. يا أكرمَ الخلْقِ مالي مَن ألوذُ به ***** سواك عند حدوثِ الحادثِ العَمم
2. إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي ***** عفواً وإلا فقل يا زلة القدم
3. فإن مِن جودك الدنيا وضَرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
4. دع ما ادعته النصارى في نبيهم ***** واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
5. لو ناسبت قدره آياته عظما ***** أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
6. فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم

ثالثاً :
ومن كلام أهل العلم في نقض تلك الأبيات ونقدها :
1. قال الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب – رحمه الله - : " وأما المـُلْـك : فيأتي الكلام عليه ؛ وذلك أن قوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) ، وفي القراءة الأخرى ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) : فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله تعالى ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) الانفطار/ 17 – 19 .
فمن عرف تفسير هذه الآية ، وعرف تخصيص المُلك بذلك اليوم ، مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره : عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها ، وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها ، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها ، فأين هذا المعنى ، والإيمان ، بما صرح به القرآن ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً ) : من قول صاحب البردة :
ولن يضيق رسولَ الله جاهك بي ***** إذا الكريم تحلي باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ***** محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ***** فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ، ومن فتن بها من العباد ، وممن يدعى أنه من العلماء ، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن : هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله : ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله ) ، وقوله : ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً ) ؟! لا والله ، لا والله ، لا والله ، إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق ، وأن فرعون صادق ، وأن محمَّداً صادق على الحق ، وأن أبا جهل صادق على الحق ، لا والله ما استويا ، ولن يتلاقيا ، حتى تشيب مفارق الغربان .
فمن عرف هذه المسألة ، وعرف البردة ، ومن فتن بها : عرف غربة الإسلام " انتهى .
" تفسير سورة الفاتحة " من " مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب " (5/13) .

2 . قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمه الله - : " من عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف إلى عبد الخالق الحفظي .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد بلغنا من نحو سنتين : اشتغالكم ببردة " البوصيري " ، وفيها من الشرك الأكبر ما لا يخفى ، من ذلك قوله : " يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك " إلى آخر الأبيات ، التي فيها طلب ثواب الدار الآخرة من النبي صلى الله عليه وسلم وحده ...
وكونه صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء لا يلزم أن يختص دونهم بأمر نهى الله عنه عباده عموماً ، وخصوصاً ، بل هو مأمور أن ينهى عنه ، ويتبرأ منه ، كما تبرأ منه المسيح بن مريم في الآيات في آخر سورة المائدة ، وكما تبرأت منه الملائكة في الآيات التي في سورة سبأ .
وأما اللياذ : فهو كالعياذ ، سواء ، فالعياذ لدفع الشر ، واللياذ لجلب الخير ، وحكى الإمام أحمد وغيره الإجماع على أنه لا يجوز العياذ إلا بالله ، وأسمائه ، وصفاته ، وأما العياذ بغيره : فشرك ، ولا فرق .
وأما قوله : " فإن من جودك الدنيا وضرتها " : فمناقض لما اختص به تعالى يوم القيامة من الملك في قوله : ( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ، وفي قوله تعالى في سورة الفاتحة : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) ، وفي قوله تعالى : ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) ، وغير ذلك من الآيات لهذا المعنى ، وقال غير ذلك في منظومته مما يستبشع من الشرك " انتهى .
"رسائل وفتاوى الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد عبد الوهاب" (1/82) .

3. ذكر الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ – رحمه الله – بعض الأبيات السابقة ، ثم قال: " فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك .
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذٌ إذا حلَّت به الحوادث ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له ، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو .
الثاني : أنه دعاه ، وناداه بالتضرع ، وإظهار الفاقة ، والاضطرار إليه ، وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله ، وذلك هو الشرك في الإلهية .
الثالث : سؤاله منه أن يشفع له في قوله :
ولن يضيق رسول الله ... البيت
وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه ، وهو الجاه ، والشفاعة عند الله ، وذلك هو الشرك ، وأيضاً : فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله ، فلا معنى لطلبها من غيره ؛ فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداء .
الرابع : قوله : فإن لي ذمة ... إلى آخره :
كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة ، لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك .
تناقض عظيم ، وشرك ظاهر ، فإنه طلب أولاً أن لا يضيق به جاهه ، ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلاً وإحساناً ، وإلا فيا هلاكه .
فيقال : كيف طلبت منه أولاً الشفاعة ، ثم طلبت منه أن يتفضل عليك ، فإن كنت تقول : إن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله : فكيف تدعو النبي صلى الله عليه وسلم ، وترجوه ، وتسأله الشفاعة ؟ فهلا سألتها من له الشفاعة جميعاً ، الذي له ملك السموات والأرض ، الذي لا تكون الشفاعة إلا من بعد إذنه ، فهذا يبطل عليك طلب الشفاعة من غير الله .
وإن قلت : ما أريد إلا جاهه ، وشفاعته ، بإذن الله .
قيل : فكيف سألته أن يتفضل عليك ويأخذ بيدك في يوم الدين ، فهذا مضاد لقوله تعالى : ( وما أدراك ما يوم الدين . ثم ما أدرك ما يوم الدين . يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً . والأمر يومئذ لله ) ، فكيف يجتمع في قلب عبد الإيمان بهذا وهذا ؟! .
وإن قلت : سألته أن يأخذ بيدي ، ويتفضل عليَّ بجاهه وشفاعته .
قيل : عاد الأمر إلى طلب الشفاعة من غير الله ، وذلك هو محض الشرك .
الخامس : في هذه الأبيات من التبري من الخالق - تعالى وتقدس - والاعتماد على المخلوق في حوادث الدنيا والآخرة ما لا يخفى على مؤمن ، فأين هذا من قوله تعالى : ( إياك نبعد وإياك نستعين ) الفاتحة ، وقوله تعالى : ( فإن تولوا فقـل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلـت وهـو رب العـرش العظيم ) ، وقوله : ( وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً ) ، وقوله تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً . قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً . إلا بلاغاً من الله ورسالاته ) .
فإن قيل : هو لم يسأله أن يتفضل عليه ، وإنما أخبر أنه إن لم يدخل في عموم شفاعته فيا هلاكه .
قيل : المراد بذلك سؤاله ، وطلب الفضل منه ، كما دعاه أول مرة وأخبر أنه لا ملاذ له سواه ، ثم صرح بسؤال الفضل والإحسان بصيغة الشرط والدعاء ، والسؤال كما يكون بصيغة الطلب يكون بصيغة الشرط ، كما قال نوح عليه السلام : ( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) " انتهى .
" تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد " (1/187-189) .

4. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
قرأتُ حديثاً فما مدى صحته ، وهو : ( من كان اسمه محمَّداً فلا تضربه ولا تشتمه ) ؟ .
فأجاب : " هذا الحديث مكذوب ، وموضوع على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وليس لذلك أصل في السنة المطهرة ، وهكذا قول من قال : " مَن سمَّى محمَّداً فإنه له ذمة من محمد ، ويوشك أن يدخله بذلك الجنة " ! وهكذا من قال : " من كان اسمه محمَّداً فإن بيته يكون لهم كذا وكذا " ، فكل هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة ، فالاعتبار باتباع محمد ، وليس باسمه صلى الله عليه وسلم ، فكم ممَّن سمي محمداً وهو خبيث ؛ لأنه لم يتبع محمَّداً ، ولم ينقَد لشريعته ، فالأسماء لا تطهر الناس ، وإنما تطهرهم أعمالهم الصالحة وتقواهم لله جل وعلا ، فمن تسمى بأحمد ، أو بمحمد ، أو بأبي القاسم ، وهو كافر ، أو فاسق : لم ينفعه ذلك ، بل الواجب على العبد أن يتقي الله ويعمل بطاعة الله ، ويلتزم بشريعة الله التي بعث بها نبيه محمداً ، فهذا هو الذي ينفعه ، وهو طريق النجاة والسلامة ، أما مجرد الأسماء من دون عمل بالشرع المطهر : فلا يتعلق به نجاة ، ولا عقاب .
ولقد أخطأ البوصيري في " بردته " حيث قال :
فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمَّداً وهو أوفى الخلق بالذمم
وأخطأ خطأ أكبر من ذلك بقوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ***** سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ***** فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ***** ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل هذا المسكين لياذه في الآخرة بالرسول صلى الله عليه وسلم دون الله عز وجل ، وذكر أنه هالك إن لم يأخذ بيده ، ونسي الله سبحانه الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع ، وهو الذي ينجي أولياءه ، وأهل طاعته ، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم هو مالك الدنيا والآخرة ، وأنها بعض جوده ، وجعله يعلم الغيب ، وأن من علومه علم ما في اللوح والقلم ، وهذا كفر صريح ، وغلو ليس فوقه غلو ، نسأل الله العافية والسلامة .
فإن كان مات على ذلك ، ولم يتب : فقد مات على أقبح الكفر ، والضلال ، فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا الغلو ، وألا يغتر بـ " البردة " ، وصاحبها ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 370 ، 371 ) .
وأقوال العلماء أكثر من هذا ، ويوجد من الأبيات ما فيه مجال للنقد ، لكننا اخترنا بعضاً من `ذلك ، وهو كافٍ في بيان المقصود ، وهو التحذير من هذه القصيدة ، وأنها احتوت على غلو ظاهر ، وكفر وزندقة .
وللمزيد في نقد هذه القصيدة : ينظر كتاب " العقيدة السلفية في مسيرتها التاريخية " للشيخ عبد الرحمن المغراوي "القسم الخامس" ( ص 139 – 154 ) ، ومقال " قوادح عقدية في بردة البوصيري " للشيخ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف ، هنا :
http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm (http://www.saaid.net/arabic/ar20.htm)

والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب (http://islamqa.info/ar/ref/115502)

فتوى رقم : 115502


__________
(90) سورة الشورى، الآية: 11.
(91) سورة النحل، الآية: 17.

أم أبي التراب
04-08-2013, 04:22 AM
المجلس الخامس عشر
6 جمادى الثاني 1434 هـ
ك:

أما السمع: فمنه قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(90). وقوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ)وقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)!♥(92). وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(93).
ش

شرح:إضافات خارج كتاب الشيخ العثيمين:

قوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)!♥
"رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"
سورة مريم /آية 65 هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/Search/hits.asp?start=1&AndOr=Anding&Seq=Sequential&SType=ExactMode&Adv=0&wordtxtsrch=%E5%F3%E1%FA+%CA%F3%DA%FA%E1%F3%E3%F5+ %E1%F3%E5%F5+%D3%F3%E3%F6%ED%F8%F0%C7&l=arb)
من تفسيرالسعدي:
( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) أي: هل تعلم لله مساميا ومشابها ومماثلا من المخلوقين. وهذا استفهام بمعنى النفي، المعلوم بالعقل. أي: لا تعلم له مساميا ولا مشابها، لأنه الرب، وغيره مربوب، الخالق، وغيره مخلوق، الغني من جميع الوجوه، وغيره فقير بالذات من كل وجه، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية، وأن عبادته حق، وعبادة ما سواه باطل، فلهذا أمر بعبادته وحده، والاصطبار لها، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى.
هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/tafseer/Tafseer.asp?l=arb&t=Saady&nSora=19&nAya=65#19_65)
من تفسير ابن كثير
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هل تعلم للرب مثلا أو شبها.
وكذلك قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن جريج وغيرهم.
وقال عكرمة، عن ابن عباس: ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى، وتقدس اسمه
هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/tafseer/Tafseer.asp?l=arb&t=katheer&nSora=19&nAya=65#19_65)
من تفسير البغوي
(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) قال ابن عباس رضي الله عنهما: مثلا

وقال الكلبي: هل تعلم أحدا يسمي "الله" غيره
هنا (http://www.qurancomplex.com/Quran/tafseer/Tafseer.asp?l=arb&t=baghawi&nSora=19&nAya=65#19_65)
ا.هـ ♥
ك

وأما العقل فمن وجوه:
الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبياناً في الذات، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات؛ لأن صفة كل موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرة، فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى وأقوى.
الثاني: أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابهاً في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله، وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟! فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً.
الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية، فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم، فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة.
والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل التسوية في كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات،لكن التعبير بنفي التمثيل أولى لموافقة القرآن:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(94).
وأما التكييف: فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(95). وقوله: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(96). ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له،أو بالخبر الصادق عنه،وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله - عز وجل - فوجب بطلان تكييفها.
وأيضاً فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟
إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجل من ذلك.
وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.
وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان، أو تقديراً باللسان، أو تحريراً بالبنان.
ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(97) كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" وروى عن شيخه ربيعة أيضاً: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول". وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه.
فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(98)
__________

(92) سورة مريم، الآية: 65.
(93) سورة الإخلاص، الآية: 4.
(94) سورة الشورى، الآية: 11.
(95) سورة طه، الآية: 110.
(96) سورة الإسراء، الآية: 36.
(97) سورة طه، الآية: 5.
(98) سورة فصلت، الآية: 36

****************
فائدة وتنبيه
ك: ترمز لكتاب الشيخ العثيمين "القواعد المثلى"
ش: ترمز لشرح من خارج كتاب الشيخ العثيمين "القواعد المثلى"

أم أبي التراب
04-23-2013, 02:33 AM
المجلس السادس عشر
13 جمادى الثاني 1434 هـ

تابع قواعد الصفات
تابع القاعدة السادسة
شرح الشيخ العثيمين هذه القاعدة مهمة. الشيء لاتعرف كيفية صفاته إلا بعد:1-العلم بكيفية ذاته.أو2 -العلم بنظيره المساوٍ له. أو 3- بإخبارالصادق عنه.
وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله.
فمثلا إذا قلت أن لله سمعا ًتستطيع أن تُكيف هذا السمع؟ لأ لأنك لاتستطيع أن تعرف كيفية ذات الله فكذلك سمعه. هل للهِ نظيرٌ حتى تعرف سمع الله بمعرفة سمع نظيره؟ لأ.هل أخبرنا الرسول-صلى الله عليه وسلم-بذلك؟ لأ. "استوى على العرش" هل يُمكن أن نعرف كيفية إستوائه؟ لأ لأننا لم نعرف كيفية ذات الله فكذلك استوائه؟. هل له نظيرٌاستوى على شيءٍ مثل العرش نعرفه به؟ لأ. هل أخبرنا الله-عزوجل-أنه استوى على العرش على كيفية كذا وكذا؟ لأ. ولهذا قال بعض العلماء:إذا قال لك الجهمي إن الله استوى على العرش كيف استوى؟فقل له:إنَّ اللهَ أخبرنا أنه استوى على العرش ولم يخبرنا كيف استوى.
و قال آخر:إذا قال لك كيف استوى؟ فقل له:كيف هوَ بذاته؟ فسيقول:لاأعرف كيفية ذاته.فقل له:إذن لانعرف كيفية صفاته لأن الكلامَ في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات.
[المتن]

وأيضاً فإننا نقولُ:أيُّ كيفية تُقدرها لذاتِ الله تعالى؟ إن أيَّ كيفيةٍ تُقدرها في ذهنك فالله أعظمُ وأجلُّ من ذلك وأيَّ كيفيةٍ تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها لأنه لاعلم لك بذلك.
شرح الشيخ العثيمين

صحيح هذا إيرادٌ مُفحمٌ.نقول: 1-أيُّ كيفية تُقدرها لصفاتِ الله؟ مثلا أي كيفية تُقدرها لاستواء الله على العرش؟ أيُّ شيءٍ تُقدره فالله أعظمُ وأجلُّ.مايُمكن يفرض ذهنٌ استواءً كاملاً على أكمل مايكون من الاستواء إلا والله أعظم من ذلك. وكذلك نقول في صفة الوجه وصفة اليد وما أشبهها. 2-أيُّ كيفية تُحددها في صفات الله فأنتَ كاذبٌ قطعاً لأنه ليس عندك علمٌ بهذا إطلاقاً فإن الله ماأخبرنا عن كيفية فأيُّ كيفية نقدرها نكون بذلك كاذبين. "صفة ُالكلام"مانقدر نعرف كيف يتكلم؟ نعرف أنه-سبحانه وتعالى تكلم بكذا ونعرف المُتَكلَّمَ به ولكن كيف تكلم الله؟ اللهُ أعلمُ.كيف صوته بالكلام؟ اللهُ أعلمُ ما نستطيع لأ..هذا المتكلمٌ به.المتكلمٌ به الآن حرفٌ يُكتب ويُسمع بحروفٍ متتاليةٍ لكن كيف كان يتكلم؟مانعرف. الآن مثلا الطيور تنطق والإنسانُ ينطق هل النُطق سواءٌ؟ ماهو سواءٌ."عُلِمنا منطق الطير"ماكل أحدٍ يعرف منطق الطيربل إنك أنت العربي تتكلم والعجمي يتكلم هل كيفية أدائك للحروف ككيفية أدائه للحروف؟ أبداً. وأعني بالعُجم هنا مَنْ ليس بعربي وأما العُجم معروفون فعُجم فارس الآن حروفهم حروف عربية لكن تختلف في الترتيب.

[المتن]
وحينئذٍ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان أو تقيراً باللسان أو تحريراً بالبنان.ولهذا لما سُئل مالك-رحمه الله تعالى-عن قوله تعالى"الرحمنُ على العرشِ استوى" كيف استوى؟أطرق-رحمه الله-برأسه حتى علاهُ الرُحَضاءُ"العرق"ثم قال:الاستواء غيرُ مجهولٍ والكيفُ غيرُ معقولٍ والإيمانُ به واجبٌ والسؤال عنه بدعة. ورُويَ عن شيخه ربيعة أيضاً:الاستواءُ غيرُ مجهول والكيفُ غيرُ معقول.



وقد مشى أهلُ العلم بعدهما على هذا الميزان.إذا كان الكيف غير معقول ولم يَرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان الشرعي والعقلي فوجب الكف عنه. فالحذرالحذر من التكييف أو محاولته فإنكَ إن فعلت وقعتَ في مفاوز لاتستطيعُ الخلاصَ منها وإن ألقاهُ الشيطانُ في قلبك فاعلم أنه من نزغاته فالجأ إلى ربكَ فإنه معاذك وافعل ماأمركَ به فإنه طبيبك.قال اللهُ تعالى "وإما ينزغنك من الشيطانٍ نزغٌ فاستعذ باللهٍ".
شرح الشيخ العثيمين
هذا الكلام من مالكٍ-رحمه الله-وعن شيخه ربيعة ميزانٌ لجميع الصفات.فإذا قال قائلٌ مثلاً:إن اللهَ-سبحانه وتعالى-ينزل إلى السماء الدنيا كيف ينزل؟ ماذا نقول النزولُ غيرُ مجهول والكيفُ غيرُمعقول والإيمانُ به واجبٌ والسؤالُ عنهُ بدعة.ٌوتأمل قوله:"الكيفُ غيرُ معقولٍ"فإنه يدل على إثبات كيفية لكنها غير معقولة وليس كما قال بعضهم:إنه يدل على أنه نفيُ الكيفية كلها لأن نفي الكيفية كلها نفيٌ للوجود إذ ما مِن موجودٌ إلا وله كيفية وعلى هذا يكون معنى كلام مالكٍ وغيرهِ من السلف في نفي الكيف المراد به نفي التكييف لا أصل الكيفية فإن هذا موجودٌ.

أم أبي التراب
04-30-2013, 04:22 AM
المجلس السابع عشر
20 جمادى الثاني 1434 هـ

تابع قواعد الصفات
القاعدة السابعة:

صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها.
فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث" "انظر القاعدة الخامسة في الأسماء).

ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
الأول:التصريح بالصفة كالعزة، والقوة، والرحمة، والبطش، والوجه، واليدين ونحوها.
الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن للمغفرة، والسميع متضمن للسمع، ونحو ذلك (انظر القاعدة الثالثة في الأسماء).
الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة، والانتقام من المجرمين، الدال عليها - على الترتيب - قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(99) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا". الحديث(100). وقول الله تعالى: (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً)(101). وقوله: (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)(102).

_____________
(99) سورة طه، الآية: 5.
(100) سبق تخريجه.
(101) سورة الفجر، الآية: 22.
(102) سورة السجدة، الآية: 22.
*****************

شرح الشيخ العثيمين

لماذا أحلنا على هذه القاعدة في الأسماء؟لأجل أن نعرف الأدلة على أن الصفات توقيفية.المقصود من هذه الاحالة بيان أدلة كون الصفات توقيفية لأن الصفات كالأسماء توقيفية.وقد سبق أن استددلنا في القرآن أو في دلالات السمع ودلالات العقل على أنها توقيفية لايجوز أن نُثبت لله إلا ماأثبته لنفسه منها
المتن:
ولدلالة الكتاب والسُنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجهٍ: 1-التصريح بالصفة:- كالعزة والقوة والرحمة والبطش والوجه واليدين ونحوها.
الشرح:-

كالعزة"فإنَّ العِزة َللهِ جميعاً". القوة"إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوة".الرحمة"وربُكُ الغفورُ ذو الرحمةِ".البطش"إنَّ بطشَ ربِكَ لشديدٌ".الوجه"ويبقى وجهُ ربِكَ ذو الجلالِ والإكرام".اليدين"بل يداهُ مَبْسُوطتان".ونحو ذلك.
[المتن]
2-[تضمن الاسم لها]مثل الغفور متضمنٌ للمغفرة والسميعُ مُتضمِنٌ للسمع ونحو ذلك. (أنظرالقاعدة الثالثة في الأسماء).
الشرح:-

إيش فيها؟إن دلت على وصفٍ متعدٍ تضمنت ثلاثة أمور. يعني معناه إننا أحلناه على ذلك ليُعْرف ماذا يتضمن الاسم من الصفات.
[المتن]


3-[التصريح بفعل أو وصفٍ دالٍ عليها] كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا والمجئ للفصل بين العباد يوم القيامة والانتقام من المجرمين.الدال عليها على الترتيب قوله تعالى: "الرحمنُ على العرشِ استوى".

الشرح:-

إذن من صفات الله الاستواء على العرش إيش الدليل؟ الدليل الفعل"ثم استوى على العرش"فنأخذ من استوى الاستواء.
[المتن]
وقولُ النبي-صلى الله عليه وسلم-:"وينزل ربُنا إلى السماءِ الدنيا"الحديث.

الشرح:-
لو قال قائلٌ أنتَ قلتَ:إنَّ من صفات الله النزولَ إلى السماء الدنيا فأتني بنصٍ بهذا اللفظ"النزول إلى السماء الدنيا" إيش تقول؟ أقول:مافيه بهذا اللفظ لكن فيه فعل يدل على هذاالمعنى وهو"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" [المتن]
وقول الله تعالى:"وجاء ربُكَ والمَلكُ صفاً صفاً".
الشرح:-

المجئ من صفات الله أين الدليل؟ هل في القرآن أو السُنة"المجئ"بهذا اللفظ؟ لأ فيه الفعل بهذا اللفظ "وجاء ربُكَ" وهو دالٌ على المجئ.
[المتن]
وقوله تعالى:"إنَّ من المجرمين مُنتَقِمون".
الشرح:-


هذا الوصف لو قلت من صفات الله الانتقام من المجرمين قال لي:هات لي كلمة الانتقام ؟ماهي موجودة دلَّ عليها قوله:"مُنتقمون"فإن هذا وصفٌ دالٌ على الصفة التي تضمنها. إذن طرق إثبات الصفة لله ثلاثة: 1-التصريح بالصفة وهذا واضح كالقوة والعزة والرحمة والمغفرة كما قال:"إن ربَكَ لذو مغفرةٍ للناسِ على ظلمهم". 2- أنَّ ماتضمنه الاسم من الصفات كالغفور متضمنٌ للمغفرة والسميعُ متضمنٌ للسمع والبصيرُ متضمنٌ للبصر وهكذا. 3- التصريح بفعل أو وصفٍ دالٍ عليها مثل الاستواء. لو قال قائلٌ:أنت تقول:إن من صفات الله الاستواء على العرش.قلتُ نعم.قال:أين في الكتاب والسنة الاستواء على العرش؟أقول:ماموجود لكن موجود"ثم استوى على العرش"والفعلُ مشتقٌ من المصدر الذي هو الاستواء.وكذلك نقول في النزول والمجئ.الإتيان صفة من صفات الله ولا لأ؟ الإتيان موجود كصفة من صفات الله"وأتى أمرُ ربِكَ". الإتيان صفة من صفات الله دلَّ عليها الفعل

أم أبي التراب
05-13-2013, 03:41 AM
المجلس الثامن عشر
18رجب 1434 هـ
الفصل الثالث

قواعد في أدلة الأسماء والصفات

* القاعدة الأولى: الأدلة التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته، هي: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما.
وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب أو السنة وجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه، مع إثبات كمال ضده، وما لم يرد إثباته ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه.
وأما معناه فيفصل فيه، فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول. وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده.
فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمن، أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها (وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(103).
ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها.
ومنه :الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي. فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
ومنه :الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها(104).
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسِنَة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك.

ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ (الجهة) فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟

قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
ودليل هذه القاعدة السمع والعقل.
فأما السمع فمنه قوله تعالى:(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(105)، وقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(106)، وقوله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(107)، وقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(108)، وقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(109)، وقوله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)(110).
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(111). ومن المعلوم أن كثيراً من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
وأما العقل: فنقول: إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة.

___________
(103) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(104) علق فضيلة الشيخ المؤلف هنا بقوله: أدلة هذه مذكورة في مواضعها من كتب العقائد.
(105) سورة الأنعام، الآية: 155.
(106) سورة الأعراف، الآية: 158.
(107) سورة الحشر، الآية: 7.
(108) سورة النساء، الآية: 80.
(109) سورة النساء، الآية: 59.
(110) سورة المائدة، الآية: 49.

أم أبي التراب
05-14-2013, 02:23 AM
شرح الشيخ العثيمين



هذه قاعدة مهمة.يعني لايمكن أن تُؤخذ أسماءُ اللهِ وصفاتهِ إلا من الكتاب والسُنة.وهل تُؤخذ من إجماع السلف؟ نقول:لايمكن أن يوجد إجماعٌ من السلف إلا مبنياً على الكتاب والسُنة أبداً. وحينئذٍ فالمرجع هو الكتاب والسُنة لأن الأسماء والصفات العلمُ بهما من باب العلم بالخبر ماهي أحكامٌ يدخل فيها القياس حتى نقول ربما يكون إجماعٌ عن قياس ولكنها أمورٌ تُدرك بالخبر وحينئذٍ لايوجد إجماع إلا مستندِاً إلى خبر من كتاب الله وسُنةرسولهِ -صلى الله عليه وسلم-.فالمرجعُ إذن في إثبات أسماء الله وصفاته إلى الكتاب والسُنة لكن أحياناً لانطلع على دليل الكتاب والسُنة ولكننا نطلع على الإجماع فنقول:إن الإجماع هنا لابد أن يكون مستنداً إلى الكتاب والسُنة.

*المتن


وعلى هذا فماورد اثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب والسُنة وجب إثباته وما ورد نفيه فيهما وجبَ نفيه مع اثبات كمال ضده.ومالم يرد نفيه ولاإثباته فيهما وجب التوقف في لفظه فلايُثبت ولايُنفى لعدم ورود الإثبات والنفي فيه.وأمامعناه فيُفصَّلُ فيه.فإن أرِيدَ به حقٌ يُليقُ بالله تعالى فهو مقبولٌ وإن أريد به معنىً لايليقُ بالله-عزوجل- وجب رده
*شرح الشيخ العثيمين

القاعدة مفهومة. مادمنا نعتمد في الإثبات والنفي على الكتاب والسُنة فما وردإثباته وجب إثباته وماورد نفيه وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.فالظلم وردَ نفيه فيُنفى عن الله الظلم مع إثبات كمال العدل. والبصر ورد إثباته فيجب علينا إثباته. هناك أشياء تنازع فيها المتاخرون لأنها مما أحدِث من علم الكلام. تنازع المُتأخرون فيها فمنهم من أثبتها ومنهم من نفاها والصواب أن نتوقف في اللفظ ونستفصل في المعنى فاللفظ لانثبته ولاننفيه والمعنى نستفصل هذا إن لم يكن ذلك الاسم دالا على نقصٍ فيجب علينا نفيه بكل حال. أما إذا كان محتملا فإننا نتوقف في لفظه ونستفصل عن معناه.
*المتن

فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمن، أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها (وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(103).
ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها.
ومنه :الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي. فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
ومنه :الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها(104).
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسِنَة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك.

ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ (الجهة) فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟

قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتاً ولا نفياً، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضاً؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
*شرح الشيخ العثيمين

الآن نقول مما ورد فيه النزاع"الجهة".
نقول:هل اللهُ في جهة؟ نقول الجهات إما عُلوأو سُفل. والعُلو إما أن يُحيط بالله أولايُحيط به.فإن أردت بالجهة جهة السُفل فهذا باطلٌ بلاشكٍ لأنه مُخالفٌ لما ثبتَ من عُلوه الدال على كماله.وإن أردتَ أنه في جهةٍ تُحيط ُبه جهةٍ عُليا لكن تُحيط ُبه فهذا باطلٌ لأن اللهَ تعالى لا يُحيط ُبه شيءٌ من مخلوقاته.وإن أردت جهة عُلوٍ لا تُحيط ُبه بل هي عدمٌ مافوقه شيءٌ ولاعن يمينه ولاعن شماله شيءٌ.كل شيءٍ كل ُمافوق عدم.يعني مافي شيءٌ من المخلوقات فهذا جهة عُلو لاتُحيط ُبه فهذا حقٌ لأن الله-سبحانه وتعالى-فوق كل شيء.إذن هذه جهة علو لكن بدون إحاطة يعني بدون أن يُحيط َبه شيءٌ من المخلوقات وهذا حقٌ .فإذن الله تعالى في جهة عُلو ولاتُحيط ُبه.
والدليل على ذلك- أي على علو الله بذاته -في كتاب الله وسُنة رسوله وإجماع الصحابة والعقلوالفطرة.

*المتن

ودليل هذه القاعدة السمع والعقل.
فأما السمع فمنه قوله تعالى:(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(105)، وقوله: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(106)، وقوله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(107)، وقوله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(108)، وقوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(109)، وقوله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)(110).
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والرد إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسه في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(111). ومن المعلوم أن كثيراً من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
*شرح الشيخ العثيمين
هذا كله يدل على أن ماجاء في السُنة من ذلك فهو كما جاء في القرآن سواءً بسواء.

*المتن
وأما العقل: فنقول: إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، فوجب الرجوع فيه إلى ما جاء في الكتاب والسنة.
*شرح الشيخ العثيمين
الآن لوقال قائلٌ:إنَّ اللهَ في جهة وقال آخرٌ:إن اللهَ ليس في جهةٍ إيش نقول؟ نقول:أما بالنسبة للفظ لانثبت ولاننفي لكن بالنسبة للمعنى نستفصل لماذ؟ لأن الذين نفوا الجهة ادعو أن أهل السُنة يُثبتون أن الله في جهةٍ تُحيط ُبه فصاروا يتوصلون بنفي الجهة إلى نفي العُلو ولهذا نحتاج أن نستفصل.طيب لو قال قائلٌ:إن اللهَ ليس بجسم وقال آخر بل للهِ جسمٌ لأنه استوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا ويأتي للفصل بين عباده ويقبضُ الصدقاتِ ويُربيها بكفه وما أشبه ذلك.فهذا يقول جسم والثاني يقول غير جسم نستفصل لأن الذين نفوا الجسم ادعوا أن إثبات أي صفة يستلزم التجسيم وقالواأجساما مُتماثلة فقالوا:إن الله لم يستو على العرش لأنك لو قلتَ استوى على العرش معناه صار جسماً..لاينزل لأنك لو قلتَ ينزل صار جسماً . ولايأتي للفصل بين العباد لأنه لو كان كذلك لكان جسماً وليس له يدٌ حقيقية وإلا لكان جسماً إلى آخره فنفوا الصفات بهذه الحجة. نقول لهم:أين في الكتاب أوالسُنةِ نفي الجسم؟ لو أن أحداً أثبته وقال:نعم أنا أقول له جسم هات لي دليلاً يدل على أن الله ليس بجسم؟ يستطيع يأتي بدليل؟ مايستطيع لكن إذا قال لي هات دليل على أن اللهَ جسمٌ أنا ماعندي دليل.إذن لاتثبت أنَّ اللهَ جسمٌ ولاتنفي أن اللهَ جسمٌ ولكن نستفصل عن المعنى وأثبت المعنى الحق وأنفِ المعنى الباطل أما اللفظ فدعه لاتقل الله ليس بجسم ولاتقول الله جسم.اترك هذا اللفظ هذا ماتكلم به الكتاب ولا السُنة ولا الصحابة. فنقول:ماتُريد بمعنى الجسم؟ إن قال:أريدُ بمعنى الجسم الشيء المركب من أعضاء وأبعاض وماأشبه ذلك.هذا ممتنع على الله ونقول نفيك الجسم بهذا المعنى صحيحٌ وإن أراد بنفي الجسم قال:أنا أنفي وأريد بالجسم الشيء القائم بنفسه المُتصف بالصفات اللائقة به قلنا:هذا ليس بصحيح يعني نفيك إياه ليس بصحيح بل هو بهذا المعنى جسم يعني أنه ذاتٌ قائمٌ بنفسه مُتصفٌ بالصفات التي تليقُ به يستوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا وماأشبه ذلك. إذن لفظ الجسم إثبات على سبيل الإطلاق خطأ ونفيه على سبيل الإطلاق خطأ والواجب التفصيل هذا في المعنى أما في اللفظ فأنا لاأقول:إن اللهّ جسمٌ ولاأقول : إن اللهَ ليس بجسم.ولهذا السفاريني-رحمه الله-صار عليه انقادٌ في قوله: وليس ربنا بجوهر ولاجسم ولاعرضٍ تعالى ذوالعُلو هذا خطأ ولهذا أبدله شيخنا عبد الرحمن السعدي في قوله: ليسَ الإلهُ مُشبِهاً عبيدَه في الوصفِ مع أسمائه العديدة وهذا بالحقيقةِ صحيحٌ لكن وليس ربنا بجوهر إيش يدريك؟ ولاجسم إيش يدريك؟ ولاعرض إيش يدريك؟ لاتنف اسكُت كما سكتَ اللهُ ورسوله.مافي القرآن جسم ولاليس بجسم ولاعند الصحابة.لكن هذه المسائل ولَّدها المتكلمون المُحْدَثون ليتوصلوا بها إلى معنىً باطلٍ لكن يوهمون العامة ومن ليس عندهم علمٌ راسخٌ بأن الذي قالوه هو الحق وأن هذا هوغاية ُالتنزيه لله-عزوجل-فينفون الصفات بمثل هذه الطرق.
الخلاصة:-هذه القاعدة مهمة.أيُّ إنسان يُجادلك في نفي شيءٍ أوإثبات عن الله تقول له:هات الدليل وإلا فاسكت لا تثبت ولاتنف والمعني الحق ثابتة لله تعالى والمعني الباطلة منفية عن الله.

أم أبي التراب
06-03-2013, 03:26 AM
المجلس التاسع عشر
25رجب 1434 هـ
تابع الفصل الثالث

قواعد في أدلة الأسماء والصفات
القاعدة الثانية: الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف لاسيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها.
ودليل ذلك: السمع، والعقل.
أما السمع: فقوله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(112).
وقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(113).
وقوله: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(114).
وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره
باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
وقد ذم الله تعالى اليهود على تحريفهم، وبين أنهم
بتحريفهم من أبعد الناس عن الإيمان. فقال:
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ
كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(115).
وقال تعالى:( مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا)(116). الآية.
وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من
غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على
ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
__________

(112) سورة الشعراء، الآيات: 193 - 195.
(113) سورة يوسف، الآية: 2.
(114) سورة الزخرف، الآية: 3.
(115) سورة البقرة، الآية: 75.
(116) سورة النساء، الآية: 46.

أم أبي التراب
06-03-2013, 03:45 AM
شرح الشيخ العثيمين


فنحنُ نُسلم بهذه النصوص ونُجريها على ظاهرها مع اعتقاد أن ظاهرها لايُرادُ به الباطل يعني لو قال قائلٌ:إن ظاهر قوله تعالى:"بل يداهُ مبسوطتان" أن تكون له يدان تُماثلان أيدي المخلوق.هل هذا هو الظاهر؟ أسألكم جَردوا أنفسكم من كل شيءٍ"بل يداهُ مبسوطتان" هل تفهمون أن هاتين اليدين تُماثلان أيدي المخلوقين؟ ها. لأ ما نفهم هذا.إذن ليس هو ظاهر اللفظ بل نفهم يداهُ اللائقتان به.كما لو قلتُ للهر يدان والهر البِس هل أحد من الناس يقولإن ظاهر هذا اللفظ أن يدي الهِر كيدي الإنسان؟ لأمادام أضفته إلى الهِرمعناها تليق بالهر. للذرة يدان هل تليق أن أحدا يفهم من هذا الكلام أن يدي الذرة كيدي الجمل والفيل؟ ها..لأ أبداً مادام أضيف للذرة عارف أنها يد كيد الذرة. إذن ظاهر النصوص في أسماء الله وصفاته ظاهرها المعنى اللائق بالله ولهذا يجب علينا إجراؤها على ظاهرها لاعلى سبيل التمثيل بل على المعنى اللائق بالله-سبحانه وتعالى-لأن هذه صفاتٌ أضيفت إلى موصوفها فيقتضي أن تكون لائقة ًبه. أنا أقول أمسكتُ الكأسَ يدَهُ بيدي هل تفهم أن يدَ الكأسِ كيدي؟ ها إيش يد الكأس؟ العروة هذه يد الكأس لكن يدي غير يد الكأس شوف يده بيدي كلمتان في جملة واحدة ومع ذلك كلٌ يفهم من اليد المُضافة إلى الكأس غير مايفهم من اليد المُضافة إلى الذي أمسك. فإذن يدُ اللهِ-عزوجل-التي نطق بها القرآن والسُنة ليس ظاهرها أنها كأيدي المخلوقين أبداً بل إن ظاهرها يدٌ تليقُ به-سبحانه وتعالى-.وحينئذٍ نقطعُ دابرَ هؤلاءِ المحرِّفين الذين يدَّعون أن ظواهرالكتاب والسُنة يُفضي إلى هو التمثيل ويتوصلون بهذا الاعتقاد الباطل إلى نفي ماجاء في الكتاب والسُنة.
. [المتن] ودليلُ ذلك السمع والعقل. أما السمع:فقوله تعالى:"نزل به الروحُ الأمينُ على قلبكَ لتكونَ من المُنذِرين بلسانٍ عربيٍ مُبين" وقوله:"إنا أنزلناهُ قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" وقوله:"إناجعلناهُ قرآناً عربياً لعلكم تعقلون". وهذا يدل على وجوب فهمهِ على مايقتضيه ظاهره بالسان العربي إلاأن يمنع منه دليلٌ شرعيٌ. الشرح:- يقول:"بلسانٍ عربيٍّ مبين" إذن ما الواجب إذا جاءنا شيءٌ في الكتاب والسُنة ما الواجب ؟ أن نُجريه على مايقتضيه هذا اللفظ باللسان العربي لأنه نزل باللسان العربي.كذلك يقول:"إناأنزلناهُ قرآناعربياًلعلكم تعقلون" "إنا جعلناهُ قرآنا عربيا لعلكم تعقلون آياتان الأولى في يوسف والثانية في الزخرف."لعلكم تعقلون"هذاللتعليل أي لأجل أن تعقلوا معانيه لأنه نزل بلغتكم فهذا يلزم أن نُجريه على مايقتضيه اللسان العربي ولهذا قال:وهذا يدل على وجوب فهمه على مايقتضيه ظاهره باللسان العربي إلاأن يمنع منه دليلٌ شرعي واللهُ أعلم.
[المتن] ولقد ذمَّ اللهُ تعالى اليهود على تحريفهم وبيَّنَ أنهم بتحريفِهم من أبعد الناس عن الإيمان فقال:"أفتطمعون أن يُؤمنوا لكم وقد كان فريقٌ منهم يسمعون كلامَ اللهِ ثمَ يُحرفونه من بعدِ ماعقلوه وهم يعلمون".وقال تعالى: "من الذين هادوا يُحرفون الكَلِم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا".
وأما العقل:فلأن المُتكلمَ بهذه النصوص أعلمُ بمرادهِ من غيرهِ وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة. الشرح:- واضح الآن أن الواجب في نصوص القرآن والسُنة إجراؤها على ظاهرها هذا الواجب دون تحريفٍ. دليلُ ذلك السمع والعقل. السمع استدللنا بعدة آيات وبيَّنا في الآية الأخيرة أن التحريف من صُنع اليهود وأن مَنْ حرَّف من هذه الأمة نصوصَ الكتاب والسُنة سواءً العملية أو العلمية كان فيه شبهٌ من اليهود. أما العقل:فنقول:إنَّ المتكلمَ بهذه النصوص وهو الله ورسوله أعلمُ الناس بمراده ولا لأ؟ كما أن كلَ متكلمٍ أعلمُ الناسِ بمراده .كلُ متكلمٍ سواء الله أو رسوله أو غيرهما فإنه أعلمُ الناسِ بمراده أي بمراد ماتكلم به. والله-عزوجل-خاطب النبى بماذا؟ باللسان العربي المبين كما قال تعالى:"نزلَ به الروحُ الأمينُ على قلبكَ لتكونَ من المُنذرين بلسانٍ عربيٍ مبين".إذا كان كذلك فإنه يجب قبوله على ظاهره لأننا لو لم نقل بقبوله على ظاهره لكان أنا

أم أبي التراب
06-10-2013, 03:05 AM
المجلس العشرون
2 شعبان 1434 هـ
تابع الفصل الثالث

قواعد في أدلة الأسماء والصفات

القاعدة الثالثة: ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي معلومة. وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.

وقد دل على ذلك: السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)(117). وقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكـُمْ تَعْقِلُونَ)(118).وقـوله -جـل ذكره- (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(119).

والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه، ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.

وكون القرآن عربياً ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.

وأما العقل: فلأن من المحال أن ينزل الله تعالى كتاباً أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة مجهول المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء؛ لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن كتابه: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(120).


هذه دلالة السمع والعقل على علمنا بمعاني نصوص الصفات.
وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية،فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.
وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف. والسلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً وتفصيلاً أحياناً، وتفويضهم الكيفية إلى علم الله - عز وجل.


قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه المعروف بـ "العقل والنقل" ص116 جـ1 المطبوع على هامش (منهاج السنة):

"وأما التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه، فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله - إلى أن قال ص118 -: وحينئذٍ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه. بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه، قال: ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبياناً للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله ومع هذا فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته... لا يعلم أحد معناه فلا يعقل ولا يتدبر، ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى هذا التقدير فيقول كل ملحد ومبتدع الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة، ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يستدل به، فيبقى هذا الكلام سداً لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء، وفتحاً لباب من يعارضهم ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون فضلاً عن أن يبينوا مرادهم، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. أهـ. كلام الشيخ وهو كلام سديد من ذي رأي رشيد، وما عليه مزيد - رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجمعنا به في جنات النعيم.
______________

(117) سورة ص، الآية: 29.
(118) سورة الزخرف، الآية: 3.
(119) سورة النحل، الآية: 44.
(120) سورة هود، الآية: 1.

أم أبي التراب
06-10-2013, 03:20 AM
شرح الشيخ العثيمين


"كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ "
وإذا كان نُزل لتدبر الآيات فمعلوم أن مالا يُمكن الوصول إلى معناه لافائدة من تدبره لأن المقصود بالتدبر الوصول إلى المعنى ولهذا قال:"وَلِيَتَذَكَّرَ"ولاتذكر إلابعد معرفة المعنى.أيضاًيقول:"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكـُمْ تَعْقِلُونَ" تعقلون إيش؟ لفظه ولامعناه؟ معناه وكذلك لفظه بالنسبة للسان العربي، لو فرض أنه لايعقل معناه لم يكن فرقٌ بين أن يكون باللسان العربي أواللسان الأعجمي.أيضا يقولُ تعالى:"وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" والرسول-صلى الله عليه وسلم-بيَّنَ القرآن لفظه ومعناه.فإذا قال قائلٌ:إذن يلزمكم على هذا أن يكون للرسول-صلى الله عليه وسلم- تفسيرٌ في القرآن؟ تفسيرٌ كاملٌ مُجلدات للقرآن؟ فالجواب: أن القرآن بلسانٍ عربي والذين نزل القرآن بلغتهم لا يحتاجون إلى تفسير إلا في أمورغامضة فسرها الرسول-عليه الصلاة والسلام-. كقوله:"للذين أحْسَنوا الحُسْنى وزيادة ٌ"قال الزيادة:هي النظرُ إلى وجه الله.وكقوله:"ألا إنَّ القوة الرمي"في تفسير"وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ "(الأنفال60 (http://www.qurancomplex.com/Quran/Search/hits.asp?start=1&AndOr=Anding&Seq=Sequential&SType=ExactMode&Adv=0&wordtxtsrch=%E3%C7+%C7%D3%CA%D8%DA%CA%E3+%E3%E4+%D E%E6%C9&l=arb))

وما أشبه ذلك لكن الباقي أمره واضح عند الصحابة ما يحتاج إلى تفسير.فالرسول-صلى الله عليه وسلم-بيَّنَ لفظ القرآن ومعناه ولم يترك منه شيئاً وحينئذٍ نقول:نصوص الصفات معلومة أم غير معلومة؟ نقول معلومة باعتبار المعنى أما باعتبار الكيفية فهي مجهولة لنا.

أم أبي التراب
06-18-2013, 04:15 AM
مجلس رقم 21
10 شعبان 1434هـ
[المتن]

وأما العقل: فلأن من المُحال أن يُنزِّلَ اللهُ تعالى كتاباً يتَكلم رسوله-صلى الله عليه وسلم-بكلام يُقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هِداية للخلق ًللناس ويبقى في أعظم الأمور وأشدها ضرورة ًمجهول المعنى بمنزلة الحروف الهجائية التي
لايُفهم منها شيءٌ لأن ذلك من السَّفهِ الذي تأباهُ حِكمة ُاللهِ تعالى.وقد قال اللهُ تعالى عن كتابه:"كِتابٌ أحْْكِمَت آياته
ثُمَ فُصِّلت من لدنَّ حكيمٌ خبيرٌ".
الشرح:-


نقول:اللهُ تعالى أنزل كتاباً والنبي-صلى الله عليه وسلم تكلم بكلام ما الغرضُ من هذا الكتاب وهذا الكلام؟ هداية الخلق لمصالح دينهم ودنياهم فهل من المعقول أن يكون هذا الكلام الذي يُقصد به هِداية ُالخلق لا يُعرف معناه؟بل هو بمنزلة الحروف الهجائية؟!! الجواب:لأ ليس من المعقول أبداً لأن لفظاً لايُعْلم معناه لايُمكن أن يكون هِداية ًولذلك لو جاء واحدٌ أعجمي يبربر يتكلم كلاماً كثيراًطويلاً هل نعرف معناه؟ هل استفدنا من كلامه؟ مااستفدنا من كلامه.إذا قلنا:إن الكتاب والسُنة لايُعرف معناهما فيما يتعلق بالصفات فمعنى هذا أننا كابرنا المعقول كما أنكرنا المنقول. فالمنقول:كما رأيتم كله فيه دليلٌ على أن القرآن بيانٌ. وكابرنا المعقول:لأنه ليس من المعقول أن ينزل هذا الكتاب ويتكلم هذا النبي بالكلام الذي يُرادُ به الهِداية ولكن المُخاطَبون لايعرفون المعنى.إذاً لم يستفيدوا من هذا اللفظ شيئاً.فالضرورة العقلية تستلزم أن يكون القرآنُ معلومَ المعنى وكذلك السُنة هذا أمرٌ ضروريٌ عقليٌ لانحيد عنه.
[المتن]

هذه دِلالة السمع والعقل الكتاب على علمنا بمعاني نصوص الصفات.وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات وبهذا عُلم بُطلان مذهب المُفَوِّضة الذين يُفوضون علم معني نصوص الصفات ويدَّعون أن هذا مذهب السلف والسلف بريئون من هذا المذهب وقد تواترت الأقوال عن السلف بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً وتفصيلاً أحياناً وتفويضهم الكيفية إلى علم الله-عزوجل-.

الشرح:-


انتبه الآن عندنا مذهب يُسميه بعضُ الناس مذهب أهل السُنة أو مذهب السلف وهو التفويض ولذلك بعضهم يقول:أهلُ السُنةِ ينقسمون إلى قسمين:مفوِّضة ومُؤَوِلة ثم لايذكرون المذهب الحقيقي لأهل السُنة.المُفوِّضة معناه عندهم الذين يقرأون النصوص ويُفوضون أمرهاإلى الله يقول"استوى على العرش"إيش معنى استوى؟ يقول اللهُ أعلم.هؤلاء أهل التفويض.أهل التأويل إيش يقولون؟إذا سألتهم ما معنى استوى على العرش؟قالوا:استولى.هؤلاء الجماعة الجاهلون بذهب السلف يقولون:إن مذهب السلف هوالتفويض وهذا مشهورٌ حتى عند علماء أكابر مايفهمون مذهب السلف تماماً يقولون مذهب السلف التفويض إقرأ وفوض الأمر إلى الله.عندهم البيت المشهور في عقائدهم: وكُلُ نصٍ أوْهَمَ التشبيهَ أوِّله أو فوِّض ورُم تنزيها وعندهم جميعاً نصوص الصفات كلها توهم التشبيه فهم يقولون:كلُ نص أوهم التشبيه أوِّله شوف قدم التأويل أو فوِّض ورُمْ تنزيها هذه قاعدة باطلة لأنه مافي النصوص شيءٌ يوهم التشبيه أبداً بل كلها تدل على أن الصفات لائقة بالله-عزوجل-.

المهم انتبهوا لهذه المسألة يغلط فيها من أكابرالعلماء يقول مذهب أهل السنة ينقسم إلى قسمين تفويض وتأويل.التفويض هومذهب السلف والتأويل مذهب الخلف طيب نسألهم ماهو التفويض؟قال:إنكَ تفوض النص ماتقول شيئاً أبداً في معناه
ومعلوم أن هذا من أبطل الأقوال.
أن اللهَ يُنزل علينا كتاباً ويقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-سُنة ًونقول في أعظم ما تَردُ من أجله وهو الصفات إنه لايُفهم معناه؛هذا من أكبر القدح في القرآن والسُنة واهل السُنة والجماعة بريئون من هذا المذهب ويُنكرونه لأنهم يُثبتون المعاني,يُثبتون النصوص ومعانيها اللائقة بالله-عزوجل-.لو قال لك قائلٌ:هل أهل السُنة والسلف ينفون التفويض مطلقاٌ؟ نفصل,التفويض في الكيفية يُثبتونه والتفويض في المعنى يُنكرونه. التفويض يقول"بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً وتفصيلا أحياناً وتفويضهم الكيفية إلى علم الله-عزوجل-فيقول استوى لكن كيف استوى؟ مانقول.
[المتن]
قال شيخ ابن تيمية في كتابه المعروف"بالعقل والنقل " (ص/116-ج/1)المطبوع على هامش"منهاج أهل السُنة". الشرح:-


هذا الكتاب أثنى عليه ابن القيم ثناءًا عظيماً حتى قال فيه:(وله كتاب العقل والنقل الذي مافي الوجود له نظيرٌ ثان)يعني مما ألف الناس في إبطال مذهب أهل الإلحاد والفلاسفة ماله نظيرلكن لايقرأه إلا إنسانٌ مُتبحرٌ في العلم أما رجلٌ صغيرٌ يروح يقرأ هذا الكتاب فإنه سوف يغرق لأنه لايسبح في البحر إلا عوام تيجي للصغير مايعرف يسبح في البِركة اللي مترين ويروح يسبح في البحر يغرق لكن اللي عنده فهم يرى في هذا الكتاب العجب العجاب-رحمه الله-من تأليفه وهو مطبوع مستقل الآن وسُمي َباسم آخر هو"درء تعارض العقل والنقل"يعني دفع,يعني العقل والنقل لايتعارضان حتى انه-رحمه الله-ذكر فيه قاعدة عجيبة قال:"كلُ إنسان ادعى أن النصوص تدل على قول باطل فأنا مستعد أن أجعل دليلهُ دليلاً عليه"(ا.هـ)

أم أبي التراب
06-24-2013, 05:05 AM
مجلس رقم 22
23 شعبان 1434هـ
* توقف لبعد رمضان *
20 شوال 1434هـ
تابع الفصل الثالث
قواعد في أدلة الأسماء والصفات

القاعدة الرابعة: ظاهر النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب السياق وما يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق. وتركيب الكلام يفيد معنى على وجه
ومعنى آخر على وجه.

فلفظ (القرية)، مثلاً يراد به القوم تارة، ومساكن القوم تارة أخرى.
فمن الأول قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً )(121).
ومن الثاني قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم: (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَة)(122).
وتقول: صنعت هذا بيدي، فلا تكون اليد كاليد في قوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ)(123)؛ لأن اليد في المثال أضيفت إلى المخلوق فتكون مناسبة له، وفي الآية أضيفت إلى الخالق فتكون لائقة به، فلا أحد سليم الفطرة صريح العقل يعتقد أن يد الخالق كيد المخلوق أو بالعكس.
ونقول: ما عندك إلا زيد*، وما زيد إلا عندك**، فتفيد الجملة الثانية معنى غير ما تفيده الأولى مع اتحاد الكلمات، لكن اختلف التركيب فغير المعنى به.
إذا تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني.
*وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
-القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقاً يليق بالله - عز وجل - وأبقوا دلالتها على ذلك، وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
وقد أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن الكريم والسنة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" اهـ.
وقال القاضي أبو يعلى في كتاب "إبطال التأويل": "لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله، لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يعتقد التشبيه فيها، لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة" اهـ. نقل ذلك عن ابن عبد البر والقاضي شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص87-89 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن القاسم.
وهذا هو المذهب الصحيح، والطريق القويم الحكيم، وذلك لوجهين:
الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف.
الثاني: أن يقال: إن الحق إما أن يكون فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم، والثاني باطل لأنه يلزم منه أن يكون السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان تكلموا بالباطل تصريحاً أو ظاهراً، ولم يتكلموا مرة واحدة لا تصريحاً ولا ظاهراً بالحق الذي يجب اعتقاده. وهذا يستلزم أن يكونوا إما جاهلين بالحق وإما عالمين به لكن كتموه، وكلاهما باطل، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، فتعين أن يكون الحق فيما قاله السلف دون غيرهم.
-القسم الثاني: من جعلوا الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً لا يليق بالله وهو: التشبيه، وأبقوا دلالتها على ذلك. وهؤلاء هم المشبهة ومذهبهم باطل محرم من عدة أوجه:
الأول: أنه جناية على النصوص وتعطيل لها عن المراد بها، فكيف يكون المراد بها التشبيه وقد قال الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(124)
الثاني: أن العقل دل على مباينة الخالق للمخلوق في الذات والصفات، فكيف يحكم بدلالة النصوص على التشابه بينهما؟
الثالث: أن هذا المفهوم الذي فهمه المشبه من النصوص مخالف لما فهمه السلف منها فيكون باطلاً.
فإن قال المشبه: أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله فجوابه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الذي خاطبنا بذلك هو الذي قال عن نفسه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ). ونهى عباده أن يضربوا له الأمثال، أو يجعلوا له أنداداً فقال: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(125) وقال: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(126). وكلامه - تعالى - كله حق يصدق بعضه بعضاً، ولا يتناقض.
ثانيها: أن يقال له: ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه الذوات؟
فسيقول: بلى! فيقال له: فلتعقل له صفات لا تشبه الصفات، فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض!.
ثالثها: أن يقال: ألست تشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية؟ فسيقول: بلى! فيقال له: إذا عقلت التباين بين المخلوقات في هذا، فلماذا لا تعقله بين الخالق والمخلوق، مع أن التباين بين الخالق والمخلوق أظهر وأعظم، بل التماثل مستحيل بين الخالق والمخلوق كما سبق في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.
-القسم الثالث: من جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلاً، لا يليق بالله وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله، وهم أهل التعطيل سواء كان تعطيلهم عاماً في الأسماء والصفات، أم خاصاً فيهما، أو في أحدهما، فهؤلاء صرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معاني عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطراباً كثيراً، وسموا ذلك تأويلاً، وهو في الحقيقة تحريف.
ومذهبهم باطل من وجوه:
أحدها: أنه جناية على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.
الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن ظاهره، والله - تعالى - خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي، والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأفصح لسان البشر؛ فوجب حمل كلام الله ورسوله على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي؛ غير أنه يجب أن يصان عن التكييف والتمثيل في حق الله - عز وجل.
الثالث: أن صرف كلام الله ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم وهو محرم ؛ لقوله - تعالى - : (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(127). ولقوله - سبحانه -: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(128).
فالصارف لكلام الله - تعالى - ورسوله عن ظاهره إلى معنى يخالفه قد قفا ما ليس له به علم. وقال على الله ما لا يعلم من وجهين:
الأول: أنه زعم أنه ليس المراد بكلام الله - تعالى - ورسوله كذا، مع أنه ظاهر الكلام.
الثاني: أنه زعم أن المراد به كذا لمعنى آخر لا يدل عليه ظاهر الكلام.
وإذا كان من المعلوم أن تعيين أحد المعنيين المتساويين في الاحتمال قول بلا علم؛ فما ظنك بتعيين المعنى المرجوح المخالف لظاهر الكلام؟!
مثال ذلك: قوله - تعالى - لإبليس (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي)(129). فإذا صرف الكلام عن ظاهره، وقال: لم يرد باليدين اليدين الحقيقيتين وإنما أراد كذا وكذا. قلنا له: ما دليلك على ما نفيت؟! وما دليلك على ما أثبت؟! فإن أتى بدليل - وأنى له ذلك - وإلا كان قائلاً على الله بلا علم في نفيه وإثباته.
الوجه الرابع: في إبطال مذهب أهل التعطيل: أن صرف نصوص الصفات عن ظاهرها مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، فيكون باطلاً، لأن الحق بلا ريب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسلف الأمة وأئمتها.
الوجه الخامس: أن يقال للمعطل:
هل أنت أعلم بالله من نفسه؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر الله به عن نفسه صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم كلاماً أفصح وأبين من كلام الله - تعالى؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل تظن أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعمي الحق على الخلق في هذه النصوص ليستخرجوه بعقولهم؟ فسيقول: لا.
هذا ما يقال له باعتبار ما جاء في القرآن.
أما باعتبار ما جاء في السنة فيقال له:
هل أنت أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول: لا.
ثم يقال له: هل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحق صدق وحق؟ فسيقول: نعم.
ثم يقال له: هل تعلم أن أحداً من الناس أفصح كلاماً، وأبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسيقول لا ثم يقال له هل تعلم أن أحداً من الناس أنصح لعباد الله من رسول الله ؟ فسيقول : لا
فيقال له: إذا كنت تقر بذلك فلماذا لا يكون عندك الإقدام والشجاعة في إثبات ما أثبته الله - تعالى - لنفسه، وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم على حقيقته وظاهره اللائق بالله؟ وكيف يكون عندك الإقدام والشجاعة في نفي حقيقته تلك، وصرفه إلى معنى يخالف ظاهره بغير علم؟
وماذا يضيرك إذا أثبت لله - تعالى - ما أثبته لنفسه في كتابه، أو سنة نبيه على الوجه اللائق به، فأخذت بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً ونفياً؟
أليس هذا أسلم لك وأقوم لجوابك إذا سئلت يوم القيامة: (مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)(130).
أوليس صرفك لهذه النصوص عن ظاهرها، وتعيين معنى آخر مخاطرة منك؟! فلعل المراد يكون - على تقدير جواز صرفها - غير ما صرفتها إليه.
الوجه السادس في إبطال مذهب أهل التعطيل: أنه يلزم عليه لوازم باطلة؛ وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم.
فمن هذه اللوازم:
أولاً: أن أهل التعطيل لم يصرفوا نصوص الصفات عن ظاهرها إلا حيث اعتقدوا أنه مستلزم أو موهم لتشبيه الله - تعالى - بخلقه، وتشبيه الله - تعالى - بخلقه كفر؛ لأنه تكذيب لقوله - تعالى-: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(131). قال نعيم بن حماد الخزاعي أحد مشايخ البخاري - رحمهما الله -: من شبه الله بخلقه فقد كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيهاً. أهـ.
ومن المعلوم أن من أبطل الباطل أن يجعل ظاهر كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم تشبيهاً وكفراً أو موهماً لذلك.
ثانياً: أن كتاب الله - تعالى - الذي أنزله تبياناً لكل شيء، وهدى للناس، وشفاءً لما في الصدور، ونوراً مبيناً، وفرقاناً بين الحق والباطل لم يبين الله - تعالى - فيه ما يجب على العباد اعتقاده في أسمائه وصفاته، وإنما جعل ذلك موكلاً إلى عقولهم، يثبتون لله ما يشاءون، وينكرون ما لا يريدون. وهذا ظاهر البطلان.
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها، كانوا قاصرين أو مقصرين في معرفة وتبيين ما يجب لله تعالى من الصفات أو يمتنع عليه أو يجوز؛ إذ لم يرد عنهم حرف واحد فيما ذهب إليه أهل التعطيل في صفات الله - تعالى - وسموه تأويلاً.
وحينئذ إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وسلف الأمة وأئمتها قاصرين لجهلهم بذلك وعجزهم عن معرفته، أو مقصرين لعدم بيانهم للأمة، وكلا الأمرين باطل!!
رابعاً: أن كلام الله ورسوله ليس مرجعاً للناس فيما يعتقدونه في ربهم وإلاههم الذي معرفتهم به من أهم ما جاءت به الشرائع بل هو زبدة الرسالات، وإنما المرجع تلك العقول المضطربة المتناقضة وما خالفها، فسبيله التكذيب إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً، أو التحريف الذي يسمونه تأويلاً، إن لم يتمكنوا من تكذيبه.
خامساً: أنه يلزم منه جواز نفي ما أثبته الله ورسوله، فيقال في قوله - تعالى -: (وَجَاءَ رَبُّكَ)(132).إنه لا يجيء،وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"(133) إنه لا ينزل لأن إسناد المجيء والنزول إلى الله مجاز عندهم، وأظهر علامات المجاز عند القائلين به صحة نفيه، ونفي ما أثبته الله ورسوله من أبطل الباطل، ولا يمكن الانفكاك عنه بتأويله إلى أمره؛ لأنه ليس في السياق ما يدل عليه.
ثم إن من أهل التعطيل من طرد قاعدته في جميع الصفات، أو تعدى إلى الأسماء - أيضاً - ومنهم من تناقض فأثبت بعض الصفات دون بعض، كالأشعرية والماتريدية: أثبتوا ما أثبتوه بحجة أن العقل يدل عليه، ونفوا ما نفوه بحجة أن العقل ينفيه أو لا يدل عليه.
فنقول لهم: نفيكم لما نفيتموه بحجة أن العقل لا يدل عليه يمكن إثباته بالطريق العقلي الذي أثبتم به ما أثبتموه كما هو ثابت بالدليل السمعي.
مثال ذلك: أنهم أثبتوا صفة الإرادة، ونفوا صفة الرحمة.
أثبتوا صفة الإرادة لدلالة السمع والعقل عليها.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)(134).
وأما العقل: فإن اختلاف المخلوقات وتخصيص بعضها بما يختص به من ذات أو وصف دليل على الإرادة.
ونفوا الرحمة؛ لأنها تستلزم لين الراحم ورقته للمرحوم، وهذا محال في حق الله تعالى.
وأولوا الأدلة السمعية المثبتة للرحمة إلى الفعل أو إرادة الفعل ففسروا الرحيم بالمنعم أو مريد الإنعام.
فنقول لهم: الرحمة ثابتة لله تعالى بالأدلة السمعية، وأدلة ثبوتها أكثر عدداً وتنوعاً من أدلة الإرادة. فقد وردت بالاسم مثل: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)(135). والصفة مثل: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ)(136). والفعل مثل: (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ)(137).
ويمكن إثباتها بالعقل فإن النعم التي تترى على العباد من كل وجه، والنقم التي تدفع عنهم في كل حين دالة على ثبوت الرحمة لله - عز وجل - ودلالتها على ذلك أبين وأجلى من دلالة التخصيص على الإرادة، لظهور ذلك للخاصة والعامة، بخلاف دلالة التخصيص على الإرادة، فإنه لا يظهر إلا لأفراد من الناس.
وأما نفيها بحجة أنها تستلزم اللين والرقة؛ فجوابه: أن هذه الحجة لو كانت مستقيمة لأمكن نفي الإرادة بمثلها فيقال: الإرادة ميل المريد إلى ما يرجو به حصول منفعة أو دفع مضرة، وهذا يستلزم الحاجة، والله تعالى منزه عن ذلك.
فإن أجيب: بأن هذه إرادة المخلوق أمكن الجواب بمثله في الرحمة بأن الرحمة المستلزمة للنقص هي رحمة المخلوق.
وبهذا تبين بطلان مذهب أهل التعطيل سواء كانت تعطيلاً عاماً أو خاصاً.
وبه علم أن طريق الأشاعرة والماتريدية في أسماء وصفاته وما احتجوا به لذلك لا تندفع به شبه المعتزلة والجهمية وذلك من وجهين:
أحدهما: أنه طريق مبتدع لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا سلف الأمة وأئمتها، والبدعة لا تدفع بالبدعة وإنما تدفع بالسنة.
الثاني: أن المعتزلة والجهمية يمكنهم أن يحتجوا لما نفوه على الأشاعرة والماتريدية بمثل ما احتج به الأشاعرة والماتريدية لما نفوه على أهل السنة، فيقولون: لقد أبحتم لأنفسكم نفي ما نفيتم من الصفات بما زعمتموه دليلاً عقلياً وأولتم دليله السمعي، فلماذا تحرمون علينا نفي ما نفيناه بما نراه دليلاً عقلياً، ونأول دليله السمعي، فلنا عقول كما أن لكم عقولاً، فإن كانت عقولنا خاطئة فكيف كانت عقولكم صائبة، وإن كانت عقولكم صائبة فكيف كانت عقولنا خاطئة، وليس لكم حجة في الإنكار علينا سوى مجرد التحكم وإتباع الهوى.
وهذه حجة دامغة وإلزام صحيح من الجهمية والمعتزلة للأشعرية والماتريدية، ولا مدفع لذلك ولا محيص عنه إلا بالرجوع لمذهب السلف الذين يطردون هذا الباب، ويثبتون لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتاً لا تمثيل فيه ولا تكييف، وتنزيهاً لا تعطيل فيه ولا تحريف، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
(تنبيه) علم مما سبق أن كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل.
أما تعطيل المعطل فظاهر، وأما تمثيله فلأنه إنما عطل لاعتقاده أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه فمثل أولاً، وعطل ثانياً، كما أنه بتعطيله مثله بالناقص.
وأما تمثيل الممثل فظاهر، وأما تعطيله فمن ثلاثة أوجه:
الأول: أنه عطل نفس النص الذي أثبت به الصفة، حيث جعله دالاً على التمثيل مع أنه لا دلالة فيه عليه وإنما يدل على صفة تليق بالله عز وجل.
الثاني: أنه عطل كل نص يدل على نفي مماثلة الله لخلقه.
الثالث: أنه عطل الله تعالى عن كماله الواجب حيث مثله بالمخلوق الناقص.
------------
(121) سورة الإسراء، الآية: 58.
(122) سورة العنكبوت، الآية: 31.
(123) سورة ص، الآية: 75.
(124) سورة الشورى، الآية: 11.
(125) سورة النحل، الآية: 74.
(126) سورة البقرة، الآية: 22.
(127) سورة الأعراف، الآية: 33.
(128) سورة الإسراء، الآية: 36.
(129) سورة ص، الآية: 75.
(130) سورة القصص، الآية: 65.
(131) سورة الشورى، الآية: 11.
(132) سورة الفجر، الآية: 22.
(133) سبق تخريجه.
(134) سورة البقرة، الآية: 253.
(135) سورة الفاتحة، الآية: 3.
(136) سورة الكهف، الآية: 58.
(137) سورة العنكبوت، الآية: 21.

ما عندك إلا زيد*،
أي ليس عندك أحد إلا زيد
وما زيد إلا عندك**
يعني ما ينفي أن غير زيد عندك ، ولكن ينفي أن يكون زيد في مكان آخر

أم أبي التراب
09-02-2013, 08:42 PM
مجلس 23
26 شوال 1434هـ
الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها

[المتن]
اعلم أن بعضَ أهلِ التأويلِ أوردَ على أهلِ السُنةِ شبهة في نصوصٍ من الكتاب والسُنة في الصفات.ادعوا أن أهلَ السُنةِ صرفوها عن ظاهرها ليُلزم أهل السُنة بالموافقةِ على التأويل أو المُداهنةِ فيه وقال:كيف تُنكرون علينا تأويلَ ماأوَّلناه مع ارتكابهم لمثله فيما أوَّلتموه؟

ونحن نجيب - بعون الله - عن هذه الشبهة بجوابين مجمل، ومفصل.
أما المجمل فيتلخص في شيئين:
أحدهما: أن لا نسلم أن تفسير السلف لها صرف عن ظاهرها، فإن ظاهر الكلام ما يتبادر منه من المعنى، وهو يختلف بحسب السياق، وما يضاف إليه الكلام، فإن الكلمات يختلف معناها بحسب تركيب الكلام، والكلام مركب من كلمات وجمل، يظهر معناها ويتعين بضم بعضها إلى بعض.
ثانيهما: أننا لو سلمنا أن تفسيرهم صرف لها عن ظاهرها، فإن لهم في ذلك دليلاً من الكتاب والسنة، إما متصلاً وإما منفصلاً، وليس لمجرد شبهات يزعمها الصارف براهين وقطعيات يتوصل بها إلى نفي ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما المفصل فعلى كل نص أدعى أن السلف صرفوه عن ظاهره.
ولنمثل بالأمثلة التالية فنبدأ بما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية أنه قال: إن أحمد لم يتأول إلا في ثلاثة أشياء: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض". و "قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن". و "إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن". نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيميه ص398 جـ5 من مجموع الفتاوى. وقال: هذه الحكاية كذب على أحمد.
المثال الأول: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض".
والجواب عنه: أنه حديث باطل، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح. وقال ابن العربي: حديث باطل فلا يلتفت إليه، وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت أهـ. وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه.
لكن قال شيخ الإسلام ابن تيميه: والمشهور - يعني في هذا الأثر - إنما هو عن ابن عباس قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله، فكأنما صافح الله وقبل يمينه". ومن تدبر اللفظ المنقول تبين له أنه لا إشكال فيه، فإنه قال: "يمين الله في الأرض" ولم يطلق فيقول: يمين الله. وحُكم اللفظ المقيد يخالف حكم المطلق، ثم قال: "فمن صافحه وقبَّله فكأنما صافح الله وقبل يمينه" وهذا صريح في أن المصافِح لم يصافح يمين الله أصلاً، ولكن شبه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبين أن الحجر ليس من صفات الله تعالى كما هو معلوم لكل عاقل. أهـ. ص398جـ6 مجموع الفتاوى.

أم أبي التراب
09-09-2013, 04:51 AM
مجلس 24
3 ذو القعدة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها
المثال الثاني: "قلوب العباد بين إصبعين(1) من أصابع الرحمن".
والجواب: أن هذا الحديث صحيح رواه مسلم2 في الباب الثاني من كتاب القدر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك"(139).
وقد أخذ السلف أهل السنة بظاهر الحديث وقالوا: إن لله تعالى أصابع حقيقة نثبتها له كما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من كون قلوب بني آدم بين إصبعين منها أن تكون مماسة لها حتى يقال: إن الحديث موهم للحلول فيجب صرفه عن ظاهره. فهذا السحاب مسخر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء ولا الأرض. ويقال: بدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما، فقلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن حقيقة ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول.
_________
(1) علق فضيلة الشيخ المؤلف هنا بقوله: كان هذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه؛ لأنه إذا كان معلوماً أن الله تعالى معنا مع علوه لم يبق إلا أن يكون مقتضى هذه المعية أنه تعالى عالم بنا مطلع شهيد مهيمن لا أنه معنا بذاته في الأرض.
2- " إنَّ قلوبَ بَني آدمَ كلَّها بينَ إصبَعينِ من أصابعِ الرَّحمنِ كقَلبِ واحِدٍ . يصرِفُهُ حيثُ يشاءُ ، ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : اللَّهمَّ مُصرِّفَ القلوبِ صرِّف قلوبَنا على طاعتِكَ" الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث:مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2654- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D9%82%D9%84%D9%88%D8%A8+%D8%A8%D9%86 %D9%8A+%D8%A2%D8%AF%D9%85&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=261&s[]=0)

أم أبي التراب
09-09-2013, 08:47 PM
مجلس 25
10 ذو القعدة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها

*المثال الثالث: "إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن".
والجواب: أن هذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند(140) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إن الإيمان يمان، والحكمة يمانية، وأجد نفس ربكم من قبل اليمن". 1قال في مجمع الزوائد "رجاله رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة". قلت: وكذا قال في التقريب عن شبيب ثقة من الثالثة، وقد روى البخاري نحوه في التاريخ الكبير.
وهذا الحديث على ظاهره والنفس فيه اسم مصدر نفس ينفس تنفسياً، مثل فرج يفرج تفريجاً وفرجاً، هكذا قال أهل اللغة كما في النهاية والقاموس ومقاييس اللغة. قال في مقاييس اللغة: النفس كل شيء يفرج به عن مكروب. فيكون معنى الحديث: أن تنفيس الله - تعالى - عن المؤمنين يكون من أهل اليمن.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه: "وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفس الرحمن عن المؤمنين الكربات". أهـ. ص398جـ6 مجموع فتاوى شيخ الإسلام لابن قاسم.
________________
1
إنِّي لأجدُ نفَسَ الرَّحمنِ من قِبَلِ اليمنِ .
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الضعيفة (http://www.dorar.net/book/556&ajax=1) -
الصفحة أو الرقم: 1097-خلاصة حكم المحدث: ضعيف
[ ثم تراجع الشيخ وصححه ، انظر : " الصحيحة " رقم : 3367 ]

الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A 7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)

فإن الحديث الأول ضعفه الألباني أولا في السلسلة الضعيفة


ثم رجع عن ذلك وأورده في الصحيحة رقم: 3367،


بلفظ: إني أجد نفس الرحمن من هنا ـ يشير إلى اليمن.


اهـ.

هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=178785)

إني أجد نفس الرحمن من هنا - يشير إلى اليمن

السلسلة الصحيحة / ج:7 / حديث رقم : 3367 / التحقيق : صحيح

أم أبي التراب
09-16-2013, 08:17 PM
1 - أتاكم أهلُ اليمنِ ، هم أرقُّ أفئدةً وألينُ قلوبًا ، الإيمانُ يَمانٌ والحكمةُ يمانيةٌ ، والفخرُ والخُيَلاءُ في أصحابِ الإبلِ ، والسَّكينةُ والوقارُ في أهلِ الغنمِ
الراوي: أبو هريرة المحدث:البخاري (http://www.dorar.net/mhd/256) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4388
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

2 - أتاكم أهل اليمن . هم ألين قلوبا وأرق أفئدة . الإيمان يمان والحكمة يمانية . رأس الكفر قبل المشرق . وفي رواية : ولم يذكر " رأس الكفر قبل المشرق "
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 52
خلاصة حكم المحدث: صحيح

7 - أتاكم أَهْلُ اليمنِ هم أضعَفُ قلوبًا وأرقُّ أفئدةً الإيمانُ يمانٍ والحِكْمةُ يمانيةٌ
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترمذي (http://www.dorar.net/book/977&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3935
خلاصة حكم المحدث: صحيح



الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7 %D9%86+%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8C+%D9%88%D8%A7 %D9%84%D8%AD%D9%90%D9%83%D9%85%D8%A9+%D9%8F%D9%8A% D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9+&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)




شرح حديث : ( الإيمان يمان والحكمة يمانية)


الحمد لله
أولا :
روى البخاري (4388) ومسلم (52) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ ) وفي رواية لمسلم (52) ِ: ( جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً ، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ )
وقال البخاري رحمه الله : " سُمِّيَتْ الْيَمَنَ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّأْمَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ " والمقصود بأهل اليمن في هذا الحديث أهل الإيمان والصلاح والتقوى من أهل اليمن ؛ ومن قال إنما عنى بذلك أهل مكة والمدينة ، أو عنى بذلك أهل البيت ، فقوله مخالف لظاهر الحديث ، كما يدل عليه قوله ( أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ ) ، ( جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ ) والواجب الأخذ بالظاهر ، ولا يجوز العدول عنه إلا ببينة ظاهرة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِهِ : فَقِيلَ مَعْنَاهُ نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة لِأَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْهَا , وَمَكَّة يَمَانِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدِينَة ، وَقِيلَ : الْمُرَاد نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة وَالْمَدِينَة وَهُمَا يَمَانِيَّتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّامِ ، بِنَاء عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَة صَدَرَتْ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بِتَبُوك , وَيُؤَيِّده قَوْله فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم " وَالْإِيمَان فِي أَهْل الْحِجَاز " , وَقِيلَ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْأَنْصَار لِأَنَّ أَصْلهمْ مِنْ الْيَمَن ، وَنُسِبَ الْإِيمَان إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْأَصْل فِي نَصْر الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَى جَمِيع ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَة فِي " غَرِيب الْحَدِيث " لَهُ .
وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الصَّلَاح بِأَنَّهُ لَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ الْمُرَاد تَفْضِيل أَهْل الْيَمَن عَلَى غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمَشْرِق , وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ إِذْعَانهمْ إِلَى الْإِيمَان مِنْ غَيْر كَبِير مَشَقَّة عَلَى الْمُسْلِمِينَ , بِخِلَافِ أَهْل الْمَشْرِق وَغَيْرهمْ , وَمَنْ اِتَّصَفَ بِشَيْءٍ وَقَوِيَ قِيَامه بِهِ نُسِبَ إِلَيْهِ ، إِشْعَارًا بِكَمَالِ حَاله فِيهِ , وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ نَفْي الْإِيمَان عَنْ غَيْرهمْ , وَفِي أَلْفَاظه أَيْضًا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَقْوَامًا بِأَعْيَانِهِمْ فَأَشَارَ إِلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ لَا إِلَى بَلَد مُعَيَّن , لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُقه فِي الصَّحِيح " أَتَاكُمْ أَهْل الْيَمَن , هُمْ أَلْيَن قُلُوبًا وَأَرَقّ أَفْئِدَة الْإِيمَان يَمَان وَالْحِكْمَة يَمَانِيَة , وَرَأْس الْكُفْر قِبَل الْمَشْرِق " وَلَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره وَحَمْل أَهْل الْيَمَن عَلَى حَقِيقَته .
ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ الْمَوْجُود مِنْهُمْ حِينَئِذٍ لَا كُلّ أَهْل الْيَمَن فِي كُلّ زَمَان , فَإِنَّ اللَّفْظ لَا يَقْتَضِيه .
قَالَ : وَالْمُرَاد بِالْفِقْهِ الْفَهْم فِي الدِّين , وَالْمُرَاد بِالْحِكْمَةِ الْعِلْم الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ " .
انتهى من " فتح الباري " (6/532) .
وقال النووي رحمه الله :
" الْحِكْمَة عِبَارَة عَنْ الْعِلْم الْمُتَّصِف بِالْأَحْكَامِ , الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , الْمَصْحُوب بِنَفَاذِ الْبَصِيرَة وَتَهْذِيب النَّفْس , وَتَحْقِيق الْحَقّ , وَالْعَمَل بِهِ , وَالصَّدّ عَنْ اِتِّبَاع الْهَوَى وَالْبَاطِل . وَالْحَكِيمُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن دُرَيْدٍ : كُلُّ كَلِمَة وَعَظَتْك , وَزَجَرَتْك , أَوْ دَعَتْك إِلَى مَكْرُمَة , أَوْ نَهَتْك عَنْ قَبِيح , فَهِيَ حِكْمَة وَحُكْم " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (2/33) .
رابعا :
ما يذكر من نسبة هذا الكلام :( أنا من اليمن ) أو ( وأنا يمان ) للنبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له فيما نعلم ، ولم نطلع عليه في كتب أهل الحديث ، وإنما الثابت ما رواه البخاري (2486) ومسلم (2500) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ) .
قال الحافظ :
" أَيْ هُمْ مُتَّصِلُونَ بِي , وَتُسَمَّى " مِنْ " هَذِهِ الِاتِّصَالِيَّةِ كَقَوْلِهِ : " لَسْت مِنْ دَد " , وَقِيلَ : الْمُرَادُ فَعَلُوا فِعْلِي فِي هَذِهِ الْمُوَاسَاةِ . وَقَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَة فِي اِتِّحَادِ طَرِيقِهِمَا وَاتِّفَاقهمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى .
خامسا :
اليمن يشمل جنوب الجزيرة العربية .
قال ياقوت الحموي رحمه الله :
" قال الأصمعي: اليمن وما اشتمل عليه حدودها بين عمان إلى نجران ، ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن إلى الشحر حتى يجتاز عمان ، فينقطع من بينونة ، وبينونة بين عمان والبحرين ، وليست بينونة من اليمن .
وقيل: حد اليمن من وراء تثليث وما سامتها إلى صنعاء وما قاربها إلى حضرموت والشحر وعمان إلى عدن أبين وما يلي ذلك من التهائم والنجود واليمن تجمع ذلك كله " انتهى من
"معجم البلدان" (5 /447) .
وقال الزبير بن بكار رحمه الله : " حضرموت آخر اليمن " انتهى من "الفتح" (6/171) .
فهذا يدل على أن حدود اليمين تشمل جنوب الجزيرة العربية كله .
وقد روى البخاري (4311) ومسلم (2901) عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَنْ تَكُونَ أَوْ لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ : طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالدَّجَّالُ وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَالدُّخَانُ وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ الْيَمَنِ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ ) .
فهذا يدل على أن ( عدن ) من اليمن .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب (http://islamqa.info/ar/ref/175077)
****************
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:


فالحديث المشار إليه في السؤال حديث صحيح


رواه الشيخان، فقوله عليه الصلاة والسلام



(وأرق أفئدة...) أي ألينها وأسرعها لقبول الحق



واستجابة للداعي لأنهم أجابوا إلى الإسلام بدون محاربة للين قلوبهم، وقوله (ألين قلوباً) وفي رواية (أضعف قلوباً) أي أعطفها وأشفقها، وقوله (الإيمان يمان) أي الإيمان يماني، فنسب الإيمان إلى أصل اليمن إشعاراً بكمال إيمانهم، قال النووي: ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان. قوله (الحكمة يمانية) نسب الحكمة إليهم كما نسب الإيمان، قال ابن حجر: والمراد بها هنا العلم المشتمل على المعرفة بالله.
وقوله (الفخر والخيلاء في أصحاب الإبل) الفخر هو الافتخار وعد المآثر، والخيلاء هو الكبر، قال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب. (والسكينة والوقار في أهل الغنم) لأنهم غالباً دون أهل الإبل في التوسعة والكثرة وهما سبب الفخر والخيلاء، وقيل: أراد بأهل الغنم أهل اليمن لأن غالب مواشيهم الغنم؛ بخلاف ربيعة ومضر فإنهم أصحاب الإبل.
والله أعلم.


إسلام ويب (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=70821)

أم أبي التراب
09-23-2013, 08:15 PM
مجلس 26
17 ذو القعدة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها
المثال الرابع: قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)
سورة البقرة، الآية: 29.
والجواب: أن لأهل السنة في تفسيرها قولين:

أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء، وهو الذي رجحه ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف: "وأولى المعاني بقول الله - جل ثناؤه -: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُن). علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سموات". أهـ. وذكره البغوي في تفسيره: قول ابن عباس وأكثر مفسري السلف. وذلك تمسكاً بظاهر لفظ (اسْتَوَى). وتفويضاً لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله - عز وجل.
القول الثاني: إن الاستواء هنا بمعنى القصد التام؛ وإلى هذا القول ذهب ابن كثير في تفسير سورة البقرة، والبغوي في تفسير سورة فصلت. قال ابن كثير: "أي قصد إلى السماء، والاستواء هاهنا ضمن معنى القصد والإقبال، لأنه عدي بإلى". وقال البغوي: "أي عمد إلى خلق السماء".
وهذا القول ليس صرفاً للكلام عن ظاهره، وذلك لأن الفعل (اسْتَوَى) اقترن بحرف يدل على الغاية والانتهاء. فانتقل إلى معنى يناسب الحرف المقترن به، ألا ترى إلى قوله - تعالى - (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً)سورة الإنسان، الآية: 6.
حيث كان معناها يروى بها عباد الله لأن الفعل (يَشْرَبُ) اقترن بالباء فانتقل إلى معنى يناسبها وهو يروى، فالفعل يضمن معنى يناسب معنى الحرف المتعلق به ليلتئم الكلام.
___________

أم أبي التراب
09-30-2013, 08:21 PM
مجلس 27
24 ذو القعدة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها


المثال الخامس، والسادس: قوله - تعالى - في سورة الحديد (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم)(143). وقوله في سورة المجادلة: (وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا)(144).
شرح الشيخ العثيمين:
يقول الله تعالى:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَايَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ".
الآية 4 من سورة الحديد (http://www.islamcountry.com/quranSura.php?curPage=57&name=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF&type=Medinan&id=5079) (وهي السورة رقم 57 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 538 (http://www.islamcountry.com/quranPages.php?curPage=538&id=5079) والجزء 27 (http://www.islamcountry.com/quranJuz.php?curPage=27&id=5079) والربع الثالث (http://www.islamcountry.com/quranQuarter.php?curPage=215&hezb=54&quarter2=%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%B9+%D8%A7%D9% 84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB&id=5079) من الحزب 54 (http://www.islamcountry.com/quranHezb.php?curPage=54&id=5079) .

فقال أهلُ التأويل:إن ظاهر الآية أنَّ اللهَ معنا بذاته وأنتم تقولون:إنَّ اللهَ معنا بعلمه فأخرجتم الآية عن ظاهرها وأوَّلتموها وهذا حُجة ٌعليكم لنا في تأويلنا لأنكم قلتم إنه معنا بعلمه لأن معنا بذاته لايمكن نكم ان يكون معنا بذاته حالاً في الأرض وفي كل مكان نقعُ فيه.كذلك في قوله في سورة المجادلة" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ".
الآية 7 من سورة المجادلة (http://www.islamcountry.com/quranSura.php?curPage=58&name=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D8%AF%D9%84%D8 %A9&type=Medinan&id=5111) (وهي السورة رقم 58 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 543 (http://www.islamcountry.com/quranPages.php?curPage=543&id=5111) والجزء 28 (http://www.islamcountry.com/quranJuz.php?curPage=28&id=5111) والربع الأول (http://www.islamcountry.com/quranQuarter.php?curPage=217&hezb=55&quarter2=%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%B9+%D8%A7%D9% 84%D8%A3%D9%88%D9%84&id=5111) من الحزب 55 (http://www.islamcountry.com/quranHezb.php?curPage=55&id=5111)

قالوا:فقوله"إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا"ظاهره أنه معهم في أمكنتهم وأنتم ياأهل السُنة تقولون أنه معهم بعلمه وليس بذاته فأخرجتم الآية عن ظاهرها.فكيف تُخرجون ماشِئتم من النصوص عن ظاهرها ثم تُنكرون علينا ما أخرجناهُ من النصوص عن ظاهره؟وهل هذا إلاصيدٌ منكم.فإما أن توافقونا على ما أوَّلناه وإما أن تسكتوا عنا على الأقل. طيب إذن وجه كون ذلك مما لبَّسَ به أهلُ التعطيل أنهم يقولون إن ظاهرَ الآيتين أنه معنا بذاته في نفس المكان وأنتم أخرجتموهما عن هذا الظاهر إلى أنه معنا بعلمه وأن الذي معنا علمُهُ لانَفْسُهُ فهذا إخراجٌ للآية عن ظاهرها واضح الآن؟
المتن:
والجواب: أن الكلام في هاتين الآيتين حق على حقيقته وظاهره. ولكن ما حقيقته وظاهره؟
الشرح
نقول لهم:نحنُ لم نُخْرجْ الآيتين عن ظاهرهما ولا أخرجناهما عن حقيقتهما ونقول إن الله-سبحانه وتعالى-معنا على مايقتضيه ظاهرُاللفظِ ولكن نختلف معكم في ظاهراللفظ.فأنتم تقولون:إن ظاهره أنه مع خلقه معية ً تقتضي أنه مختلط ٌبهم وحالٌ في أمكنتهم.هذه دعوى مَنْ؟ دعوى أهلِ التعطيل يقولون إن ظاهر الآيتين أنَّ اللهَ-سبحانه وتعالى-معنا مختلط ٌبنا حالٌ في أمكنتنا كما تقول فلان مع فلان أين يكون فلان؟ في نفس المكان.إذن فظاهر الآيتين الكريمتين أنَّ اللهَ معنا في نفس المكان.يقولون هذا هوالظاهر.نحنُ نقولُ لهم:ليس هذاهو الظاهرليس هذا هو ظاهرُ الآيتين أبداً.ولهذا نقول
المتن:
هل يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله - تعالى - مع خلقه معية تقتضي أن يكون مختلطاً بهم، أو حالاً في أمكنتهم؟
أو يقال: إن ظاهره وحقيقته أن الله - تعالى - مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم: علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وتدبيراً، وسلطاناً، وغير ذلك من معاني ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه؟
الشرح

أيُّ القولينِ يُقال في الآية؟الثاني قطعاً لأن الله-سبحانه وتعالى-في نفس الآية في سورة الحديد:"هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ..." وأين العرش؟ في العلو فوق كل المخلوقات"يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَايَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"(لوقلنا معنا في مكاننا لكان الآية ُيُناقض آخرها أولها لأن أولها يقول"ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ.."وآخرها يقول "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ"فلوقلنا إنه معنا بذاته في الأرض تناقضت الآية وصار آخرها مُناقضاً لأولها. لكننا نقول الآية تدلُ على أن اللهَ معنا وإن كان في السماء مستوياً على العرش ولامانع من أن يكون معنا وهو مستوٍ على العرش لأن معية الله-سبحانه وتعالى-ليست كمعية المخلوق للمخلوق بل هي معية ٌتليقُ بجلاله-سبحانه وتعالى -لاتشبه أو لاتُماثل معية المخلوق للمخلوق.كما أن علمَه ليس كعلم المخلوق وقدرَتَه ليست كقدرةِ المخلوق فكذلك معيته ليست كمعيةِ المخلوق فجائز أن يكون معنا حقيقة هو نفسه وهوفي السماء ولامانع من ذلك لأن اللهَ مُحيط ٌبكل شيءٍولايُمكن أبداً أن تصفَ اللهَ تعالى أو تظن أن صفات الله كصفات المخلوق.ألم تعلم أن الله يقول لكلِ مُصلٍ إذا قال"الحمدُ للهِ ربِ العالمين"قال:حمدني عبدي وإذا قال"الرحمن الرحيم"قال:أثنى علي عبدي وإذا قال "مالكِ يوم الدين"قال:مجدني عبدي وإذا قال"إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعين"قال:هذا بيني وبين عبدي نصفين..إلى آخر الحديث.كم مِن مُصلٍ في العالم يقول هذه الكلمة وصاحبه يقولها في نفس اللحظة؟ نعم كثير ولنفرض أننا في الحرم المكي كم يُقدر الذين في الحرم ؟يصلون خمسة عشرة الف س في الحج أو العمرة؟المهم إذا امتلأ الحرم والأرواق اللي فيه يمكن تبلغ خمسة عشرة ألف كلهم يقولون"الحمدُ للهِ ربِ العالمين"وكلهم يُقالُ لهم:حمدني عبدي.هل يمكن أن يُتصور أن يقع هذا من مخلوق؟لو كان كل واحد يتكلم كل اللي يُخاطبونا؟يقدر يكلم اللي يُخاطبونا كلهم في لحظة واحدة؟ مايقدر.فصفات الله-سبحانه وتعالى-لايمكن أن تُقاس بصفات المخلوقين أبداً.فإذا قلنا:إن اللهَ معنا هونفسه وهوفي السماء فلامانع بل هذا هو الواجب وذلك لدلالة الكتاب والسُنة عليه.هذه المعية ماتقتضي أن يكون معنا مُختلطاً فينا أو حالاً في أمكنتنا كما يقوله حلولية الجهمية. حلولية الجهمية أخطئوا في فهم الآية حيث ظنوا أنه معنا مختلطاً بنا حتى أنهم يقولون:إنه مختلط ٌفي الإنسان وفي .... وحالٌّ في أمكنتنا وهذا ولاشكٌ إنه كفرٌ
على كل حال نقول ليس معنى الآية كما زعم هؤلاء أنه مختلط ٌبالخلق وأنه حالٌ بأمكنتهم بل إنه-سبحانه وتعالى-معهم معية حقيقية تقتضي الإحاطة بهم علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وغير ذلك. فعلى هذا هل نحنُ أخرجنا الآية عن ظاهرها؟ أبداً لم نُخرج الآية عن ظاهرها ولم نتأوَّلها حتى لو قال قائلٌ:إنَّ من السلف من فَسَرَ المعية َ بالعلم وقال"وهومعهم"أي وهوعالمٌ بهم.وهذا ولاشك إخراجٌ لها عن ظاهرها لأن هناك فرقٌ بين قوله: "وهو معهم"وبين قوله:"وهوعالمٌ بهم"فرق كبير لأن المعية أشملُ دلالة من العلم فهي تقتضي العلم والسمع والبصروالقدرة والسلطان والتدبير والتصرف إلى مالانهاية َله من معاني الربوبية والعلمُ معنىً خاصٌ.
نقول:إذا كان بعضُ السلف فسرها بهذا فقد فسرها ببعض لوازمها.والتفسير باللازم أوبعض اللازم لايمنع من التفسير بدلالة المطابقة لأن أنواع الدلالات كم؟ثلاثة: مطابقة وتضمن والتزام.فهب أنهم فسروها بالعلم فإن ذلك لايقتضي أن يكون إخراجاً لها عن ظاهرها لأن العلم من بعض لوازمها والتفسيرُ باللازم تفسيرٌ بمدلول اللفظ لأن مدلول اللفظ إما أن يكون داخلاً في دلالة التضمن أودلالة المطابقة أودلالة الالتزام.ثم إنهم هم يُخاطبون قوماً يقولون إن اللهَ معنا بذاته مختلطاً بنا وحالاً في أمكنتنا فيريدون أن يُبيِّنوا للناس أن هذا المعنى باطلٌ.وقدأشارإلى ذلك عبدالله ابن المبارك-رحمه الله-حيثُ قال:لانقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض.فبيَّنَ أن المرادَ بذلك نفيُ ماادعوه من كونه معنا في نفس المكان فإن هذا باطلٌ ولايمكن أن يُقره عقلٌ فضلاً عن شرع.فصار احتجاج هؤلاء المعطلة علينا أو أهل التأويل بما فسره بعضُ السلف من"العلم" احتجاجٌ أيضاً باطلٌ حتى لو فسرناها بالعلم وجهُ ذلك أن العلمَ بعضُ اللوازم والتفسيرُ باللازم تفسيرٌ صحيحٌ ولكنه لاينفي التفسير بدلالة المطابقة.وقد صرحَ شيخُ الإسلام ابن تيمية كما سيأتي أظن هنا في العقيدة الواسطية:أنَّ اللهَ-سبحانه وتعالى-معنا حقٌ على حقيقته وأنه لايحتاجُ إلى تحريفٍ ولكن يُصان عن الظنون الكاذبة

أم أبي التراب
10-07-2013, 08:42 PM
مجلس 28
2 ذو الحجة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها


تابع: المثال الخامس، والسادس:
قال: المتن:
ولا ريب أن القول الأول لا يقتضيه السياق، ولا يدل عليه بوجه من الوجوه، وذلك لأن المعية هنا أضيفت إلى الله - عز وجل - وهو أعظم واجل من أن يحيط به شيء من مخلوقاته! ولأن المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان، وإنما تدل على مطلق مصاحبة، ثم تفسر في كل موضع بحسبه.
وتفسير معية الله - تعالى - لخلقه بما يقتضي الحلول والاختلاط باطل من وجوه:
الأول: أنه مخالف لإجماع السلف، فما فسرها أحد منهم بذلك؛ بل كانوا مجمعين على إنكاره.
الثاني: أنه مناف لعلو الله - تعالى - الثابت بالكتاب، والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف، وما كان منافياً لما ثبت بدليل كان باطلاً بما ثبت به ذلك المنافي، وعلى هذا فيكون تفسير معية الله لخلقه بالحلو والاختلاط باطلاً بالكتاب والسنة، والعقل، والفطرة، وإجماع السلف!!
الثالث: أنه مستلزم للوازم باطلة لا تليق بالله - سبحانه وتعالى.
ولا يمكن لمن عرف الله - تعالى - وقدره حق قدره، وعرف مدلول المعية في اللغة العربية التي نزل بها القرآن أن يقول: إن حقيقة معية الله لخلقه تقتضي أن يكون مختلطاً بهم أو حالاً في أمكنتهم، فضلاً عن أن تستلزم ذلك، ولا يقول ذلك إلا جاهل باللغة، جاهل بعظمة الرب - جل وعلا.
فإذا تبين بطلان هذا القول تعين أن يكون الحق هو القول الثاني، وهو أن الله - تعالى - مع خلقه معية تقتضي أن يكون محيطاً بهم، علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وتدبيراً وسلطاناً، وغير ذلك مما تقتضيه ربوبيته مع علوه على عرشه فوق جميع خلقه.
وهذا هو ظاهر الآيتين بلا ريب، لأنهما حق، ولا يكون ظاهر الحق إلا حقاً، ولا يمكن أن يكون الباطل ظاهر القرآن أبداً.

أم أبي التراب
10-21-2013, 06:12 AM
مجلس 29
16 ذو الحجة 1434هـ
و
مجلس 30
23 ذو الحجة 1434هـ

تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها


تابع: المثال الخامس، والسادس:

وهذا هو ظاهر الآيتين بلا ريب، لأنهما حق، ولا يكون ظاهر الحق إلا حقاً، ولا يمكن أن يكون الباطل ظاهر القرآن أبداً.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص103 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن قاسم: "ثم هذه المعية تختلف أحكامها بحسب الموارد، فلما قال: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) إلى قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)(145). دل ظاهر الخطاب على أن حكم هذه المعية ومقتضاها أنه مطلع عليكم، شهيد عليكم، ومهيمن عالم بكم، هذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه(146). وهذا ظاهر الخطاب وحقيقته. وكذلك في قوله: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ). إلى قوله: (هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا )(147). الآية.
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه في الغار: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ معنا)(148). كان هذا - أيضاً - حقاً على ظاهره، ودلت الحال على أن حكم هذه المعية هنا معية الإطلاع والنصر والتأييد.
ثم قال: فلفظ المعية قد استعمل في الكتاب والسنة في مواضع، يقتضي في كل موضع أموراً لا يقتضيها في الموضع الآخر. فإما أن تختلف دلالتها بحسب المواضع، أو تدل على قدر مشترك بين جميع مواردها، وإن امتاز كل موضع بخاصية، فعلى التقديرين ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب - عز وجل - مختلطة بالخلق حتى يقال قد صرفت عن ظاهرها. أهـ.
ويدل على أنه ليس مقتضاها أن تكون ذات الرب - عز وجل - مختلطة بالخلق أن الله - تعالى - ذكرها في آية المجادلة بين ذكر عموم علمه في أول الآية وآخرها فقال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(149).
فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده، وأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم لا أنه - سبحانه - مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض.
أما في آية الحديد فقد ذكرها الله - تعالى - مسبوقة بذكر استوائه على عرشه وعموم علمه متلوة ببيان أنه بصير بما يعمل العباد فقال: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(150).
فيكون ظاهر الآية أن مقتضى هذه المعية علمه بعباده وبصره بأعمالهم مع علوه عليهم واستوائه على عرشه؛ لا أنه - سبحانه - مختلط بهم ولا أنه معهم في الأرض وإلا لكان آخر الآية مناقضاً لأولها الدال على علوه واستوائه على عرشه.
فإذا تبين ذلك علمنا أن مقتضى كونه - تعالى - مع عباده أنه يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبر شئونهم، فيحيي ويميت، ويغني ويفقر، ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء إلى غير ذلك مما تقتضيه ربوبيته وكمال سلطانه لا يحجبه عن خلقه شيء، ومن كان هذا شأنه فهو مع خلقه حقيقة، ولو كان فوقهم على عرشه حقيقة(151).
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في "العقيدة الواسطية" ص142 جـ3 من مجموع الفتاوى لابن قاسم في فصل الكلام على المعية قال: "وكل هذا الكلام الذي ذكره الله - سبحانه - من أنه فوق العرش وأنه معنا حق على حقيقته لا يحتاج إلى تحريف ولكن يصان عن الظنون الكاذبة". أهـ.
وقال في "الفتوى الحموية" ص102، 103 جـ5 من المجموع المذكور: وجماع الأمر في ذلك أن الكتاب والسنة يحصل منها كمال الهدى والنور لمن تدبر كتاب الله وسنة نبيه، وقصد اتباع الحق، وأعرض عن تحريف الكلم عن مواضعه والإلحاد في أسماء الله وآياته.
ولا يحسب الحاسب أن شيئاً من ذلك يناقض بعضه بعضاً البته مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ). وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه"(152) ونحو ذلك فإن هذا غلط.
وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة، كما جمع الله بينهما في قوله - سبحانه وتعالى -: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(153).
فأخبر أنه فوق العرش، يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: "والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه"(154). أهـ.
_________

(145) سورة الحديد، الآية: 4.
(146) علق فضيلة الشيخ المؤلف هنا بقوله: كان هذا معنى قول السلف: إنه معهم بعلمه؛ لأنه إذا كان معلوماً أن الله تعالى معنا مع علوه لم يبق إلا أن يكون مقتضى هذه المعية أنه تعالى عالم بنا مطلع شهيد مهيمن لا أنه معنا بذاته في الأرض.
(147) سورة المجادلة، الآية: 7.
(148) سورة التوبة، الآية: 40.
(149) سورة المجادلة، الآية: 7.
(150) سورة الحديد، الآية: 4.
(151) وقد سبق أن المعية في اللغة العربية لا تستلزم الاختلاط أو المصاحبة في المكان.
(152) رواه البخاري، كتاب الصلاة (406)، ومسلم، كتاب المساجد (547).
(153) سورة الحديد، الآية: 4.
(154) رواه أحمد (1/206)، وأبو داود، كتاب السنة (4723)، وابن ماجة، المقدمة (193).

أم أبي التراب
11-04-2013, 05:35 AM
مجلس 31
30 ذو الحجة 1434هـ
تابع الفصل الرابع : شبهات والجواب عنها

تابع: المثال الخامس، والسادس:
واعلم أن تفسير المعية بظاهرها على الحقيقة اللائقة بالله - تعالى - لا يناقض ما ثبت من علو الله تعالى بذاته على عرشه وذلك من وجوه ثلاثة:
الأول: أن الله - تعالى - جمع بينهما لنفسه في كتابه المبين المنزه عن التناقض، وما جمع الله بينهما في كتابه فلا تناقض بينهما.
وكل شيء في القرآن تظن فيه التناقض فيما يبدو لك فتدبره حتى يتبين لك، قوله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(155). فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)(156). وكل الأمر إلى منزله الذي يعلمه، واعلم أن القصور في علمك أو في فهمك، وأن القرآن لا تناقض فيه.
وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام في قوله فيما سبق: "كما جمع الله بينهما".
وكذلك ابن القيم كما في "مختصر الصواعق" لابن الموصلي ص410 ط الإمام في سياق كلامه على المثال التاسع مما قيل إنه مجاز قال: "وقد أخبر الله أنه مع خلقه مع كونه مستوياً على عرشه، وقرن بين الأمرين كما قال تعالى: - وذكر آية سورة الحديد - ثم قال: فأخبر أنه خلق السموات والأرض، وأنه استوى على عرشه وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه كما في حديث الأوعال: "والله فوق العرش يرى ما أنتم عليه" فعلوه لا يناقض معيته، ومعيته لا تبطل علوه بل كلاهما حق". أهـ.
الوجه الثاني: أن حقيقة معنى المعية لا يناقض العلو، فالاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا. ولا يعد ذلك تناقضاً ولا يفهم منه أحد أن القمر نزل في الأرض، فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق، ففي حق الخالق المحيط بكل شيء مع علوه سبحانه من باب أولى، وذلك لأن حقيقة المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان.
وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيميه في "الفتوى الحموية" ص103 المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم حيث قال: "وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى، فإنه يقال: مازلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك، وإن كان فوق رأسك، فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة". أهـ.
وصدق - رحمه الله تعالى - فإن من كان عالماً بك مطلعاً عليك، مهيمناً عليك، يسمع ما تقول، ويرى ما تفعل، ويدبر جميع أمورك، فهو معك حقيقة، وإن كان فوق عرشه حقيقة؛ لأن المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان.
الوجه الثالث: أنه لو فرض امتناع اجتماع المعية والعلو في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ذلك ممتنعاً في حق الخالق الذي جمع لنفسه بينهما؛ لأن الله تعالى لا يماثله شي من مخلوقاته كما قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(157).
وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيميه في "العقيدة الواسطية" ص143 جـ3 من مجموع الفتاوى حيث قال: "وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه - سبحانه - ليس كمثله شيء في جميع نعوته وهو عليّ في دنوه قريب في علوه". أهـ.
(تتمة) انقسم الناس في معية الله تعالى لخلقه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يقولون: إن معية الله تعالى لخلقه مقتضاها العلم والإحاطة في المعية العامة، ومع النصر والتأييد في المعية الخاصة، مع ثبوت علوه بذاته واستوائه على عرشه.
وهؤلاء هم السلف ومذهبهم هو الحق كما سبق تقريره.
القسم الثاني: يقولون: إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع نفي علوه واستوائه على عرشه.
وهؤلاء هم الحلولية من قدماء الجهمية وغيرهم، ومذهبهم باطل منكر، أجمع السلف على بطلانه وإنكاره كما سبق.
القسم الثالث: يقولون: إن معية الله لخلقه مقتضاها أن يكون معهم في الأرض مع ثبوت علوه فوق عرشه. ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيميه ص229 جـ5 من مجموع الفتاوى.
وقد زعم هؤلاء أنهم أخذوا بظاهر النصوص في المعية والعلو. وكذبوا في ذلك فضلوا، فإن نصوص المعية لا تقتضي ما أدعوه من الحلول؛ لأنه باطل ولا يمكن أن يكون ظاهر كلام الله ورسوله باطلاً.
* (تنبيه) اعلم أن تفسير السلف لمعية الله تعالى لخلقه بأنه معهم بعلمه لا يقتضي الاقتصار على العلم بل المعية تقتضي أيضاً إحاطته بهم سمعاً وبصراً وقدرة وتدبيراً ونحو ذلك من معاني ربوبيته.
*(تنبيه آخر) أشرت فيما سبق إلى أن علو الله تعالى ثابت بالكتاب، والسنة، والعقل، والفطرة، والإجماع. أما الكتاب فقد تنوعت دلالته على ذلك:
فتارة بلفظ العلو، والفوقية، والاستواء على العرش، وكونه في السماء كقوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(158)، (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)(159)، (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)(160)، (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْض)(161).
وتارة بلفظ صعود الأشياء وعروجها ورفعها إليه،كقوله:(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب)(162)، (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)(163)، (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)(164).
وتارة بلفظ نزول الأشياء منه ونحوه ذلك، كقوله تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّك)(165)، (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْض)(166).
وأما السنة فقد دلت عليه بأنواعها القولية، والفعلية، والإقرارية، في أحاديث كثيرة، تبلغ حد التواتر، وعلى جوه متنوعة، كقوله صلى الله عليه وسلم في سجوده: "سبحان ربي الأعلى"(167). وقوله: "إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي"(168). وقوله: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء"(169). وثبت عنه أنه رفع يديه وهو على المنبر يوم الجمعة يقول: "اللهم أغثنا"(170). وأنه رفع يده على السماء وهو يخطب الناس يوم عرفة حين قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال: "اللهم اشهد"(171). وأنه قال للجارية: "أين الله؟" قالت: في السماء. فأقرها وقال لسيدها: "أعتقها فإنها مؤمنة"(172).
وأما العقل: فقد دل على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص. والعلو صفة كمال والسفل نقص، فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده.
وأما الفطرة: فقد دلت على علو الله تعالى دلالة ضرورية فطرية فما من داع أو خائف فزع إلى ربه تعالى إلا وجد في قلبه ضرورة الاتجاه نحو العلو لا يلتفت عن ذلك يمنه ولا يسرة.
واسأل المصلين، يقول الواحد منهم في سجوده: "سبحان ربي الأعلى" أين تتجه قلوبهم حينذاك؟
وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون والأئمة على أن الله تعالى فوق سمواته مستوٍ على عرشه؛ وكلامهم مشهور في ذلك نصاً وظاهراً، قال الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله - تعالى ذكره - فوق عرشه، ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات". وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد من أهل العلم، ومحال أن يقع في مثل ذلك خلاف وقد تطابقت عليه هذه الأدلة العظيمة التي لا يخالفها إلا مكابر طمس على قلبه واجتالته الشياطين عن فطرته. نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
فعلو الله تعالى بذاته وصفاته من أبين الأشياء وأظهرها دليلاً وأحق الأشياء وأثبتها واقعاً.
(تنبيه ثالث) اعلم أيها القارئ الكريم، أنه صدر مني كتابة لبعض الطلبة تتضمن ما قلته في بعض المجالس في معية الله تعالى لخلقه ذكرت فيها: أن عقيدتنا أن لله تعالى معية حقيقة ذاتية تليق به، وتقتضي إحاطته بكل شيء علماً وقدرة، وسمعاً وبصراً، وسلطاناً وتدبيراً، وأنه سبحانه منزه أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم، بل هو العلي بذاته وصفاته، وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها، وأنه مستو على عرشه كما يليق بجلاله وأن ذلك لا ينافي معيته؛ لأنه تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(173).
وأردت بقولي: "ذاتية" توكيد حقيقة معيته تبارك وتعالى.
وما أردت أنه مع خلقه سبحانه في الأرض، كيف وقد قلت في نفس هذه الكتابة كما ترى: إنه سبحانه منزه أن يكون مختلطاً بالخلق أو حالاً في أمكنتهم، وأنه العلي بذاته وصفاته، وأن علوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها، وقلت فيها أيضاً ما نصه بالحرف الواحد:
"ونرى أن من زعم أن الله بذاته في كل مكان فهو كافر أو ضال إن اعتقده، وكاذب إن نسبه إلى غيره من سلف الأمة أو أئمتها". ا.هـ.
ولا يمكن لعاقل عرف الله وقدره حق قدره أن يقول: إن الله مع خلقه في الأرض، وما زلت ولا أزال أنكر هذا القول في كل مجلس من مجالسي جرى فيه ذكره. وأسأل الله تعالى أن يثبتني وإخواني المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
هذا وقد كتبت بعد ذلك مقالاً نشر في مجلة (الدعوة)(174) التي تصدر في الرياض نشر يوم الاثنين الرابع من شهر محرم سنة 1404هـ أربع وأربعمائة وألف برقم 911 قررت فيه ما قرره شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله تعالى - من أن معية الله تعالى لخلقه حق على حقيقتها، وأن ذلك لا يقتضي الحلول والاختلاط بالخلق فضلاً عن أن يستلزمه، ورأيت من الواجب استبعاد كلمة "ذاتية". وبينت أوجه الجمع بين علو الله تعالى وحقيقة المعية.
واعلم أن كل كلمة تستلزم كون الله تعالى في الأرض أو اختلاطه بمخلوقاته، أو نفي علوه، أو نفي استوائه على عرشه، أو غير ذلك مما لا يليق به تعالى فإنها كلمة باطلة، يجب إنكارها على قائلها كائناً من كان وبأي لفظ كانت.
وكل كلام يوهم - ولو عند بعض الناس - ما لا يليق بالله تعالى فإن الواجب تجنبه لئلا يظن بالله تعالى ظن السوء، لكن ما أثبته الله تعالى لنفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فالواجب إثباته وبيان بطلان وهم من توهم فيه ما لا يليق بالله - عز وجل.
_________

(155) سورة النساء، الآية: 82.
(156) سورة آل عمران، الآية: 7.
(157) سورة الشورى، الآية: 11.
(158) سورة البقرة، الآية: 255.
(159) سورة الأنعام، الآية: 18.
(160) سورة طه، الآية: 5.
(161) سورة الملك، الآية: 16.
(162) سورة فاطر، الآية: 10.
(163) سورة المعارج، الآية: 4.
(164) سورة آل عمران، الآية: 55.
(165) سورة النحل، الآية: 102.
(166) سورة السجدة، الآية: 5.
(167) "صحيح مسلم"، كتاب صلاة المسافرين (772).
(168) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق (3194)، ومسلم، كتاب التوبة (2751).
(169) رواه البخاري، كتاب المغازي (4351)، ومسلم، كتاب الزكاة (1064).
(170) رواه البخاري، كتاب الاستسقاء (1013)، ومسلم، كتاب صلاة الاستسقاء (897).
(171) رواه أبو داود، كتاب المناسك (1905).
(172) رواه مسلم، كتاب المساجد (537).
(173) سورة الشورى، الآية: 11.
(174) انظر نص المقال ص349