المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دورة تفسير سورة الكهف


أم أبي التراب
08-21-2013, 02:22 AM
المجلس الأول
14 شوال 1434هـ
تفسيرسورة الكهف

سورة الكهف
قراءة ، تفاسير، تلاوة ، ترجمة معاني

هنا (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)


* القرآن وفضل التمسك به*

• القرآن الكريم: هو كلام الله المُنَزَّل على رسوله محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - المتعبَّدُ بتلاوته،المكتوبُ في المصاحف، المَحفوظ في الصُّدور.


هذا القرآن هو الكتاب المبين، الذي ï´؟ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ï´¾ [فصلت: 42]، وهو المعجزة الخَالدة الباقية المستمرَّة على تعاقب الأزمان والدُّهور، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.

وهو حَبْلُ اللهِ المتينُ، والصِّراط المستقيم، والنُّور الهادي إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم، فيه نبَأُ ما قبلكم، وحُكْم ما بينكم، وخبَرُ ما بعدَكم، هو الفَصْل ليس بالهزل، مَن ترَكه مِن جبَّار قصَمَه الله، ومن ابتغى الهُدى في غيره أضلَّه الله، من قال به صدَق، ومَن حكَم به عدَل، ومن دَعا إليه فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم.



* - أَبشِروا أليس تشهدون أن لا إله إلا اللهُ ، و أني رسولُ اللهِ ؟ قالوا : بلى : قال : إنَّ هذا القرآنَ سببٌ طرفُه بيدِ اللهِ ، و طرفُه بأيديكم ، فتمسَّكوا به ؛ فإنكم لن تضِلُّوا ولن تهلِكوا بعده أبدًا"
الراوي: أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 38 خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=+%D8%A3%D9%84%D9%8A%D8%B3+%D8%AA%D9%8 E%D8%B4%D9%92%D9%87%D8%AF%D9%88%D9%86+%D8%A3%D9%86 %D9%92+%D9%84%D8%A7+%D8%A5%D9%84%D9%87+%D8%A5%D9%8 4%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87++&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=1420)

*" لاَ حسدَ إلاَّ في اثنتينِ رجلٌ آتاهُ اللَّهُ مالاً فَهوَ ينفقُ منْهُ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ ورجلٌ آتاهُ اللَّهُ القرآنَ فَهوَ يقومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترمذي (http://www.dorar.net/book/977&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1936 خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=+%D9%84%D8%A7+%D8%AD%D8%B3%D8%AF+%D8% A5%D9%84%D8%A7+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D8%AB%D9%86%D8% AA%D9%8A%D9%86&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=1420)

*عـن جابـر ـ رضي الله عنه ـ عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " القـرآنُ شـافعُُ مشـفَّع ، وماحِـلُُ مصـدَّق ، مَـنْ جعلـه أمامَـه قـاده إلـى الجنـة ، ومـن جعلـه خلـف ظهـره سـاقه إلـى النـار " .
رواه ابن حبان ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ
الألباني ـ رحمه الله ـ ج : 2 / ص : 164 / حديث رقم : 1423 .


ماحِـل ----> أي : سـاع ..... وقيـل : خصـم مجـادل .

*عـن أنـس ـ رضي الله عنه ـ قــال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن لله أهليـن مـن النـاس " قالـوا : مـن هـم يـا رســول الله قـال : " أهـل القــرآن هـم أهـل الله وخاصتـه " .
رواه النسائي وابن ماجه والحاكم ـ صحيح ـ صحيح الترغيب والترهيب تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ
ج : 2 / ص : 168 / حديث رقم : 1432 .

* عـن بُريـدة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : " مـن قـرأ القــرآنَ وتعلَّمـه وعمـلَ بـه ، أُلبـسَ والـداه يـومَ القيامـة تاجـاً مـن نـورٍ ، ضـوؤه مثـلُ ضـوءِ الشـمسِ ، ويُكسـى والـداه حُلّتــان لا تقــوم لهمـا الدنيـا ، فيقـولان : بـمَ كُسـينا هـذا ؟ فيقـال : بأخـذِ وَلَدِكُمَـا القـرآن " .
رواه الحاكم ـ حسن لغيره ـ صحيح الترغيب ج : 2 / ص : 169 / حديث رقم : 1434 .


عـن أبـي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال : " مـا اجتمـع قـومُُ فـي بيـتِِ مـن بيـوت الله يتلـون كتـاب الله ، ويتدارسـونه بينهـم ؛ إلا نزلـت عليهـم السـكينةُ ، وغشـيتهم الرحمـةُ ، وحفتهـم الملائكـة ، وذكرهـم الله فيمـن عنـده " .
رواه مسلم ـ أبو داود ـ صحيح الترغيب والترهيب ج : 2 / ص : 161 / حديث رقم : 1417

روي عـن جابــر ـ رضي الله عنه ـ قــال : قـال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إن مـن أحسـن النـاس صوتـاََ بالقــرآن ؛ الـذي إذا سـمعتموه يقــرأ حسـبتموه يخشـَى
الله " .
رواه ابن ماجه ـ صحيح لغيره ـ صحيح الترغيب ج : 2 /
ص : 177 / حديث رقم : 1450

عـن النـواس بـن سِـمعان ـ رضي الله عنه ـ قـال : سـمعتُ النبَّــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" يؤتَـى بالقـرآنِ يـومَ القيامـةِ وأهلِـهِ الذيـن كانـوا يعملـون به فـي الدنيـا ، تَقدُمْـه سـورة " البقـرة " و" آل عمـران " ، ـ وضـرب لهمـا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ثلاثـة أمثـال ما نسِـيتُهن بعـد ـ قـال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : كأنهمـا غمامتـان أو ظُلَّتـا سـوداوان ، بينهمـا شِــرْق ، أو كأنهمـا فِرقـانِِ مـن طيـرِِ صـوافَّ ، تحاجَّـان عـن صاحبهمـا " .
رواه مسلم ـ صحيح الترغيب ج : 2 / ص : 184 / حديث رقم : 1465 .

شِـرق ---> أي بينهمـا فـرق يضـىء .


اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، اللهم اجعله شفيعاً لنا ، وشاهداً لنا لا شاهداً علينا ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ،ونسأل الله العافية في الدنيا والآخرة

أم أبي التراب
08-21-2013, 04:34 AM
التلاوة

معناها اللغوي: التلاوة في أصل معناها اللغوي هي: المتابعة، ومن ذلك قوله - تعالى -: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (http://kuw.fm/quran/t-91-1-1.html)"1"وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (http://kuw.fm/quran/t-91-1-2.html)"2" سورة الشمس ( تَلَاهَ (http://kuw.fm/quran/t-91-1-2.html)ا أي: إذا تبعها).

هنا (http://quran.ketaballah.net/vb/showthread.php?t=480)

وفي الاصطلاح:

أي تلاوته وقراءته على الوجه الذي أقرأه جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأصحابه للتابعين والتابعون لأتباعهم حتى وصل إلينا كاملا غير منقوص
هنا (http://quran.ketaballah.net/vb/showthread.php?t=480)

أنواع التلاوة

التـلاوة الحُكميـة : هـي العمـل بأوامـر القـرآن الكريـم وأحكامـه


التـلاوة اللفظيـة : هـي قـراءة ألفـاظ القـرآن الكريـم مـع مراعـاة أحكـام التجويـد


قال الشيخ العثيمين في تفسير هذه الآية:

قالَ الله تَعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَـابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَـارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن
فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } [فاطر: 29، 30].

تِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين:
تلاوةٌ حكميَّةٌ وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ
بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه.

والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه.

مجالس شهر رمضان (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17686.shtml) للعثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17686.shtml)

أحوالها من حيث الأداء


كلام الله تعالى يقرأ على ثلاثة أحوال (الترتيل ـ الحدرـ التدوير)

1ـ الترتيل في اللغة هو: مصدر رتل الكلام إذا أتبع بعضه بعضا بتمهل فيه فأحسن تأليفه .

وفي الاصطلاح: هو قراءة القرآن على مكث وتفهم من غير سرعة .

2ـ الحدر في اللغة هو: الإسراع فهو مصدر حدر يحدر إذا أسرع .

وفي الاصطلاح هو: إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها مع مراعاة أحكام التجويد .

3ـ التدوير هو: التوسط بين الترتيل و الحدر,
والترتيل هو أفضل الأحوال لنزول القرآن الكريم بذلك قال تعالى:وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" الفرقان 32
وهو المختار عند أهل الأداء .

4ـ هناك حالة رابعة تسمى التحقيق وهو في اللغة: مصدر من حقق إذا أتى بالحق وجانب الباطل .

وفي الاصطلاح هو قراءة القرآن مع إعطاء كل حرف حقه من غير زيادة فيه ولا نقصان .
وهذه الحالة أكثر اطمئنانا من الترتيل ويقرأ بها في مقام التعليم .

التبيان في تجويد القرآن ص 29
هنا (http://quran.ketaballah.net/vb/showthread.php?t=480)

*ليسَ منَّا من لم يتغنَّ بالقُرآنِ*

*"ليسَ منَّا من لم يتغنَّ بالقُرآنِ"
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح أبي داود (http://www.dorar.net/book/13559&ajax=1) -
الصفحة أو الرقم: 1469-خلاصة حكم المحدث: صحيح

*"ليس منَّا مَن لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ قال : فقلتُ لابنِ أبِي مُلَيْكَةَ : يا أبا محمدٍ ! أرأيتَ إنْ لم يكنْ حسنَ الصوتِ ؟ قال : يُحَسِّنُه ما استطاعَ" .
الراوي: عبدالله بن أبي مليكة المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) -
الصفحة أو الرقم: 1451- خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D9%84%D9%8A%D8%B3+%D9%85%D9%86%D8%A7 +%D9%85%D9%86+%D9%84%D9%85+%D9%8A%D8%AA%D8%BA%D9%8 6+%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=1420&s[]=0)


جاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن، يعني تحسين الصوت به، وليس معناه أن يأتي به كالغناء، وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة،

والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب، لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع، وحتى تطمئن وحتى تستفيد، ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة والسلام وقال: "لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود"، فلما جاء أبو موسى أخبره النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قال أبو موسى: لو علمت يا رسول الله أنك تستمع إلي لحبرته لك تحبيراً.


- أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وعائِشةَ رَضِي اللَّهُ عَنهُما مرَّا بأبي موسى وَهوَ يقرأُ في بيتِه ، فقاما يستمعانِ لقراءتِه ، فلمَّا أصبحَ أتى أبو موسى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فذَكر له ، فقالَ : أما إنِّي يا رسولَ اللَّهِ لو علِمتُ لَحبَّرتُه لَك تحبيرًا
الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:ابن حجر العسقلاني (http://www.dorar.net/mhd/852) - المصدر: نتائج الأفكار (http://www.dorar.net/book/13523&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3/212
خلاصة حكم المحدث: حسن من هذا الوجه، وخالد بن نافع مختلف فيه وله شاهد
هنا (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D9%84%D8%AD%D8%A8%D8%B1%D8%AA%D9%87+ %D9%84%D9%83+%D8%AA%D8%AD%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A7&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)

قال البخاري في صحيحه


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ،قال: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ،قال: حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ ،عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ "يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ "

فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ - لقد أوتيت مزمارا من مزامير (http://www.da3wh.com/vb/showthread.php?t=11324) آل داود - بَاب حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ - حديث رقم : 4761

هنا (http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=237&Words=%D9%84%D9%82%D8%AF+%D8%A3%D9%88%D8%AA%D9%8A% D8%AA+%D9%85%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7&Type=phrase&Level=exact&ID=443809&Return=http%3a%2f%2fhadith.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2fLoader.aspx%3fpageid%3d236%26Words%3d% D9%84%D9%82%D8%AF%2b%D8%A3%D9%88%D8%AA%D9%8A%D8%AA %2b%D9%85%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%26Level%3d exact%26Type%3dphrase%26SectionID%3d2%26Page%3d0)

قال العلماء : المراد بالمزمار هنا الصوت الحسن ، وأصل الزمر الغناء ، وآل داود هو داود نفسه وأل فلان ، قد يطلق على نفسه ، وكان داود صلى الله عليه وسلم حسن الصوت جدا . قاله النووي .

وقال القرطبي : قال العلماء : المزمار والمزمور : الصوت الحسن ، وبه سُمِّيت آلة الزمر مزمارا ، وقد استحسن كثير من فقهاء الأمصار القراءة بالتزيين والترجيع . اهـ .

وهذا يعني أن داود عليه الصلاة والسلام كان حَسَن الصّوت ، ولذا قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)
قال ابن كثير : والصواب أن المعنى في قوله تعالى (أَوِّبِي مَعَهُ)
أي رَجِّعِي مُسَبِّحَة معه . اهـ .

وقال : كانت الطير تُسَبِّح بِتَسْبِيحِه ، وتُرَجِّع بترجيعه إذا مرّ به الطير وهو سابح في الهواء فسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب بل يقف في الهواء ويُسَبِّح معه ، وتجيبه الجبال الشامخات تُرَجِّع معه وتُسَبِّح تبعاً له . اهـ .

وقال في قوله تعالى : (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) :

وذلك لِطِيب صوته بتلاوة كتابه الزبور ، وكان إذا تَرَنّم به تقف الطير في الهواء فتجاوبه وتردّ عليه الجبال تأويبا ، ولهذا لما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي موسى الأشعري وهو يتلو القرآن من الليل وكان له صوت طيب جدا ، فوقف واستمع لقراءته ، وقال : لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود . قال : يا رسول الله لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا . وقال أبو عثمان النهدي : ما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمار مثل صوت أبي موسى رضي الله عنه . ومع هذا قال عليه الصلاة والسلام : لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود . اهـ .

وقد استدلّ بعض ضعاف العِلم بقوله صلى الله عليه وسلم : " لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود " على جواز الغناء ، وهذا لا شك أنه خطأ من وجوه :

الأول : الخطأ في فهم المقصود من المزامير ، وأنه تغنّي داود عليه الصلاة والسلام وترنّمه بالزبور ، وهو تلاوته له دون آلة .

الثاني : أن قوله عليه الصلاة والسلام : " لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود " من باب التشبيه ، ولا يلزم التشابُه من كل وجه في حال تمثيل شيء بشيء آخر .
فالنبي صلى الله عليه وسلم شبّـه بعض أنواع الوحي بـ " صلصلة الجرس " وهو عليه الصلاة والسلام قد نهى عن الْجَرَس بقوله : لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس . رواه مسلم .
كما أنه عليه الصلاة والسلام سَمّى الْجَرس مزمار الشيطان ، أي صوته ، فقال عليه الصلاة والسلام : الجرس مزامير الشيطان . رواه مسلم .
فهذا من باب التشبيه ، والْجَرَس منهيّ عنه ، فلا يلزم التماثل أو التشابُه بين الْمُشبَّه والْمُشبَّه به .

الثالث : أن قائل هذا القول لم يُسبق إليه .

والله تعالى أعلم .

هنا (http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?s=&threadid=32844)
وقفة
والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب، لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع، وحتى تطمئن وحتى تستفيد
عـن أبـي مالـك الأشــعري ـ رضي الله عنه ـ قــال : قــال رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" الطُّهـورُ شَـطْرُ الإيمـانِ ، والحمـدُ للهِ تمـلأُ الميـزانَ ، وسـبحانَ اللهِ والحمـدُ للـهِ تمـلآنِ ( أو تمـلأُ )
مـا بيـن السـمواتِ والأرضِ ، والصـلاة نـور ، والصدقـة برهـان ، والصبـر ضيـاء ، والقـرآن حجـة لـك أو عليـك ، كـلُّ النـاسِ يغـدو فبائِـع نفسَـهُ فمعتقهـا أو موبقهـا "

الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث:مسلم (http://www.dorar.net/mhd/261) - المصدر: صحيح مسلم (http://www.dorar.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 223
خلاصة حكم المحدث: صحيح


الدرر (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%91%D9%8F%D9%87% D9%80%D9%88%D8%B1%D9%8F+%D8%B4%D9%8E%D9%80%D8%B7%D 9%92%D8%B1%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D9 %80%D8%A7%D9%86%D9%90&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)



* عـن عابـس الغفـاري ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " بـادروا بالأعمـال خصـالاََ سـتاََ : ..... ، ونَشْـوََا يتخـذونَ القـرآنَ مزاميـرَ ، يُقَدَّمّـون الرجـلَ ليـس بأفقَهِهِـم ولا أعلمِهِـم ، مـا يقدمونَـهُ إلا لِيغنيَهُـم " .
رواه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة ( 979 ) .

النَّشْـوَانُ ---> السـكران فـي أول أمـره .
المعجـم الوجيـز / ص : 617 .


* حدثنـا ابـن خيثمـة عـن الأعمـش ، عـن سـالم بن أبـي الجعـد عـن ابـن لبيـد ؛ قـال : " ذكــر رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ شـيئاََ ..... قـال : " وذاك عنـد أوان ذهـاب العلـم " قالـوا : يـا رسـول الله وكيـف يذهـب العلـمُ ، ونحـن نقـرأ القـرآن ونُقرِئـه أبناءَنـا ويقرئُـه أبناؤُنــا أبناءَهـم ..... قــال ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " ثكلَتْــكَ أمُّـكَ ابـن أم لبيــد ، أَوَ لَيـس هـذه اليهــود والنصـارى يقـرؤن التـوراةَ والإنجيـلَ ، لا ينتفعـوا منهـا بشـىءِِ ؟ ! " .
حديث صحيح ـ أخرجه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رسـالة " كتـاب العلـم " : تأليـف الحافظ أبي خيثمة زهير بن حرب

النسائي ـ حققه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 25 .

أم أبي التراب
09-04-2013, 04:15 AM
المجلس الثالث
27 شوال 1434هـ

تعريف التفسير
أولاً : التفسير في اللغة:
قيل هي من " الفَسْرُ " بمعنى البيان والكشف ، وفسر الشيء يفسِره بالكسر و يفسره بالضم فسرا و فسره وفسَّرَه أبانه ووضحه ، وفسر القول إذا كشف المراد عن اللفظ المشكل
لسان العرب لابن منظور مادة ( فسر ) ، ج5/555 ، مختار الصحاح ج 1/ 211، وتهذيب اللغة للأزهري ج 12/407 .

وقد اشتهرت لفظة التفسير مقرونة بالقرآن الكريم ، حتى أصبحت هذه اللفظة إذا أطلقت فقيل التفسير أريد به العلم الموضح لمعاني القرآن الكريم ،....
المفردات للراغب ص 382
في الاصطلاح : تعددت أقوال العلماء في تعريف التفسير اصطلاحاً بين مختصر في تعريفه على توضيح المعاني ، ومعرفة مراد الله تعالى من خلال كلامه ، وبين متوسع في التعريف حتى أدخل ضوابطه ، ومهمة المفسر كذلك ،
وعرفه ابن عاشور بقوله : التفسير في الاصطلاح :
" هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن
وما يستفاد منها باختصار أو توسع "
التحرير والتنوير ج 1 / 3 .

هنا
(http://uqu.edu.sa/page/ar/143144)


- أنواع التفسير :
التفسير له نوعان: التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي :
أ- التفسير بالمأثور(الرواية): و هو التفسير بالأثر أي الذي يعتمد فيه المفسر على ما صح من الآثار الواردة في الآية فيذكرها، ولا يجتهد في بيان معنى من غير دليل. و هو الذي يعتمد التالي:
1- تفسير القرآن بالقرآن.
2- تفسير القرآن بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3- تفسير القرآن بما نقل عن الصحابة و التابعين.
وهو الأصل في التفسير ، ومراعاته علامة الصواب، وقاعدة لضبط التجديد في فهم القرآن.و يجب الأخذ به، ولا يجوز العدول عنه إذا صح.
مع ملاحظة أن تفسير الصحابة و التابعين إذا لم يكن من باب الرواية عن النبي صلى الله عليه و سلم أي مما مجاله الرأي و الاجتهاد ولم يكن فيه إجماع منهم فهو غير ملزم ,و قد يكون اختلافهم اختلاف تنوع كما ورد في تفسير (الصراط المستقيم) بـ: الإسلام و القرآن و السنة و سنة الراشدين, وقد يكون اختلاف تضاد مثل تفسير (الهمزة و اللمزة) فقد بحثت في أكثر من ثلاثين تفسيراً فلم أخرج بطائل إذ الآراء الواردة عن السلف كثيرة و متضاربة و أخيراً ترجح لدي رأي المفسر النسفي و هو مروي عن مقاتل- بعد الرجوع إلى نفس لفظة (اللمز) في مواطن أخرى من القرآن: في سورة التوبة(و منهم من يلمزك في الصدقات)و (الذين يلمزون المطوعين ..) و في سورة الحجرات(و لا تلمزوا أنفسكم) و ما ورد في أسباب نزولها في الصحيح- أن الهُمزة: المغتاب, و اللُمزة: الذي يعيب الناس في وجوههم أو حضورهم.
و من أمثلته: 1- تفسير ابن أبي حاتم (ت:287 هـ), 2- الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت: 911 هـ )
ب- التفسير بالرأي(الدراية) : و هو على التحقيق قسمان: محمود و مذموم
1 -المذموم: أن يفسِّر المفسِّرُ بمجرد الرأي من غير أهلية و لا يرجع إلى التفسير بالمأثور و لذا فهو درجات أقلها جرماً أن يكون متمكناً من اللغة العربية و علومها (أي عنده بعض الأهلية) فيتجرأ على التفسير دون الرجوع إلى المأثور و شر منه من يقتحم حمى التفسير و ليس لديه أدنى مؤهل و شر منه من يفعل ذلك اتباعاً أو نصرة لباطل كما تفعل بعض الفرق الضالة... و هذا القسم هو المقصود بالآثار الواردة في ذم التفسير بالرأي و منها: عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار " أخرجه الترمذي و قال:حديث حسن و صححه الشيخ أحمد شاكر... و ما ورد عن السلف في التهيب من التفسير القصد منه الخوف من القول على الله بغير علم أو خشية الخطأ مثل قول الصديق رضي الله عنه:" أي أرض تقلني و أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم!!!" و قال مسروق: "اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله" مثل :*تفسير الكشاف فيما يتعلق منه بآراء الزمخشري الإعتزالية و* مثل تفاسير بعض الشيعة كتفسير الطبرسي(مجمع البيان) فقد ورد فيه في تفسير قوله تعالى:"إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"(البقرة/67) (أن البقرة :هي عائشة).قاتلهم الله..
2 -المحمود: أن يكون المفسِّرُ مؤهلا و يكون التفسير بالمأثور بين يديه ثم يعمل رأيه و يجتهد في الترجيح و الاستنباط و هذا هو التفسير الذي يجب اعتماده فهو يجمع بين اعتماد الأصل(المأثور) العاصم من الزلل وإعمال (الرأي) بالانفتاح على العصر و علومه ... الأمر الذي يضمن استمرار تفاعل القرآن مع الواقع و مواكبته للعصر كما قال تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (فصلت 53) و في رأيي أن هذا القسم هو الغالب على كتب التفسير مثل: *(تفسير القرآن العظيم )لابن كثير , و*تفسير الطبري *و تفسير القرطبي ,و* تفسير فتح القدير للشوكاني, و*تفسير روح المعاني للألوسي.
هنا (http://majles.alukah.net/t98304/)

أم أبي التراب
09-04-2013, 04:22 AM
المجلس الرابع
5 ذو القعدة 1434هـ
فضائل سورة الكهف


2 - بينما رجلٌ يقرأُ سورةَ الكَهفِ إذ رأى دابَّتَه تركضُ فنظرَ فإذا مثلُ الغمامةِ أوِ السَّحابةِ فأتى رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فذَكرَ ذلِك لَه فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تلكَ السَّكينةُ نزلت معَ القرآنِ أو نزلت علَى القرآنِ
الراوي: البراء بن عازب المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترمذي (http://www.dorar.net/book/977&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2885-خلاصة حكم المحدث: صحيح

4 - عن أبي سعيدٍ قال :" من قرأ سورةَ الكهفِ ليلةَ الجمعةِ ، أضاء له من النورِ ما بينه وبين البيتِ العتيقِ"
الراوي: [قيس بن عباد] المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 736
8 - من قرأ سورةَ ( الكهفِ ) كانت له نورًا إلى يومِ القيامةِ ، من مقامِه إلى مكةَ ، ومن قرأ عشرَ آياتٍ من آخرِها ثم خرج الدجالُ لم يضرُّه ، ومن توضأ فقال : سبحانك اللهمَّ و بحمدك ، أشهدُ أن لا إله إلا أنت ، أستغفرُك وأتوبُ إليك ، كُتِبَ له في رِقٍّ ، ثم جُعِلَ في طابعٍ ، فلم يُكسَرْ إلى يومِ القيامةِ
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 225-خلاصة حكم المحدث: صحيح
10 - من قرأ سورةَ الكهفِ يومَ الجمعةِ أضاء له النُّورُ ما بينَه و بين البيتِ العتيقِ
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6471-خلاصة حكم المحدث: صحيح .
14 - من حفظ عشرَ آياتٍ من أوَّلِ سورةِ الكهفِ عُصِم من فتنةِ الدَّجَّالِ
الراوي: أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4323-خلاصة حكم المحدث: صحيح
هنا (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D9%81&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=1420&s[]=0)

- قالت قريشٌ لليهودِ : أعطونا شيئًا نسألُ عنه هذا الرجلَ ، فقالوا : سلُوهُ عن الروحِ ، فسألوه ؟ فنزلت : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [ الإسراء : 85 ] ، فقالوا : لم نُؤْتَ من العِلمِ نحن إلا قليلًا ، وقد أُوتينا التوراةَ ، ومن يُؤْتَ التوراةَ فقد أوتيَ خيرًا كثيرًا ؟ ! فنزلت : قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي الآيةُ [ الكهف : 109 ]
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الموارد (http://www.dorar.net/book/13557&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1465-خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح .هنا
(http://www.dorar.net/enc/hadith&skeys=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D9%81&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B1%5D=1&m%5B%5D=1420&s%5B%5D=0&page=1) التعريف بالسورة :
1) مكية .عدا الآية 38 ، ومن الآية 86 إلى 151 فمدنية
2) من المئين .
3) عدد آياتها .110 آية .
4) ترتيبها الثامنة عشرة .
5) نزلت بعد سورة " الغاشية " .
6) تبدأ باسلوب الثناء ، بدأت بالحمد لله ، تحدثت السورة عن قصة ذي القرنين وسيدنا موسى والرجل الصالح .
7) الجزء " 16 " ، الحزب " 30،31 " ، الربع " 1 ، 2" .

سورة الكهف من المئين
معنى الطوال والمثاني والمفصَّل والمِئِين "أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِالسَّبعَ الطّوالَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ
المئِينَ ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ"
الراوي:واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1059خلاصة حكم المحدث: صحيح
فهذا الحديث يبيِّن أن هذه الأقسام ليست مستحدثة، وأن تأليف القرآن مأخوذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم[2].
فأما السبع، فهي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة؛ لأنهم كانوا يعدون الأنفال وبراءة سورة واحدة.
وأما المِئُون، فهي السور التي يقترب عدد آياتها من المائة أو تزيد.
وأما المثاني، فهي ما ولى المِئِين، وقد تسمَّى سور القرآن كلها مثاني؛ ومنه قوله -تعالى-" كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ"الزمر: 23"وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي" الحجر: 87.
وإنما سمي القرآن كله مثاني؛ لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، ويقال إن المثاني في قوله - تعالى -" وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ".

وأما المفصل، فهو لفظ يطلق على السور بَدْءًا من "سورة ق" إلى آخر المصحف.
وقيل: إن أوله سورة الحجرات، وسمي بالمفصل لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة، وقيل لقلة المنسوخ منه؛ ولهذا يسمى المحكم أيضًا، كما روى البخاري عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال: "إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم"[3] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftn3)، والمفصل ثلاثة أقسام: طوال، وأوساط، وقصار.
فطواله من أول الحجرات إلى سورة البروج.
وأوساطه من سورة الطارق إلى سورة البينة.
وقصاره من سورة إذا زلزلت إلى آخر القرآن[4] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftn4).
وهناك ما يسمى بالحواميم، وهي السور التي تبدأ بـ " حم "، والله أعلم.
__________
[1] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftnref1)حديث حسن: رواه الطبراني في الكبير (8003) (8/258)، (186) (22/75)، (187) (22/76)، وفي مسند الشاميين (2734) (4/62،63)، وأحمد (17023) (4/107)، والطيالسي في مسنده (1012) (1/136).
[2] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftnref2)انظر أسرار ترتيب القرآن للسيوطي (1/72).
[3] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftnref3)صحيح البخاري (4748) (4/1922).
[4] (http://www.alukah.net/sharia/0/54441/#_ftnref4)انظر البرهان للزركشي (1/244)، مناهل العرفان للزرقاني (1/243،244).

أم أبي التراب
09-11-2013, 03:22 PM
المجلس الخامس
12 ذو القعدة 1434هـ


"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ۜ ".
الآية 1 من سورة الكهف (http://www.islamcountry.com/quranSura.php?curPage=18&name=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87%D9%81&type=Meccan&id=2141) (وهي السورة رقم 18 في ترتيب المصحف) .
والآية تقع في الصفحة 293 (http://www.islamcountry.com/quranPages.php?curPage=293&id=2141) والجزء 15 (http://www.islamcountry.com/quranJuz.php?curPage=15&id=2141) والربع الأول (http://www.islamcountry.com/quranQuarter.php?curPage=117&hezb=30&quarter2=%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%B9+%D8%A7%D9% 84%D8%A3%D9%88%D9%84&id=2141) من الحزب 30 (http://www.islamcountry.com/quranHezb.php?curPage=30&id=2141) .
التفسير المجمل
الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له. وحقيق بكتاب موصوف. بما ذكر، أن يحمد الله نفسه على إنزاله، وأن يتمدح إلى عباده به.

تفسير السعدي (http://www.e-quran.com/saady/saady-s18.html)
ومن تفسير العثيمين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
سورة الكهف مكيَّة واستثنى بعض المفسرين بعض الآيات: أولها (1 ـ 8)، وآية رقم (28) ومن (107 ـ 110) على أنها مدنية، ولكن هذا الاستثناء يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل أن السُّور المكيَّة مكيَّةٌ كلها وأن المدنيَّة مدنيَّةٌ كُلُّها، فإذا رأيت استثناءً فلا بد من دليل.
والمَكِّي ما نزل قبل الهجرة والمدنِيُّ ما نزَل بعد الهجرة حتى وإن نزل بغير المدينة مثل قوله تعالى: {{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}} [المائدة: 3] فقد نزلت بعرفة عام حجة الوداع.
* * *
{{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا *قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَناً *مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا *}}.
قوله تعالى:{ } هو وصفُ المحمود بالكمال محبة وتعظيماً، وبقولنا محبةً وتعظيماً خرج المدح؛ لأن المدح لا يستلزم المحبة والتعظيم، بل قد يَمدح الإنسان شخصاً لا يساوي فلساً ولكن لرجاء منفعة أو دفع مضرة، أما الحمد فإنه وصف بالكمال مع المحبة والتعظيم.
{ {لِلَّهِ}} هذا اسمٌ عَلَمٌ على الله مُختَصٌّ به لا يوصف به غيره، وهو عَلَمٌ على الذات المقدَّسة تبارك وتعالى.
{ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} } جملة: { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ} } هل هي خَبَرٌ، أراد الله سبحانه وتعالى أن يُخبر عباده بأنه محمود، أو هي إنشاءٌ وتوجيهٌ على أنَّنا نحمدُ الله على هذا، أو الجميع؟
الجواب: الجميع، فهو خبرٌ من الله عن نفسه، وهو إرشادٌ لنا أن نَحمدَ الله عزّ وجل على ذلك.
هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

الْحَمْدُ لِلَّهِ

( الحمـــدُ ) : هـو الثنـاء
وصـف المحمـود بالوصـف الجميـل مـع محبتـه وتعظيمـه . [ فهـو الثنـاء علـى الله بصفـات الكمـال ، وبأفعالـه الدائـرة بيـن الفضـل والعـدل ، فلـه الحمـد الكامـل بجميـع الوجـوه ] . تفسير السعدي .
* وهـو سـبحانه يحمـد حمـدًا مطلقًـا ، أي حمـد اسـتحقاق ، لأنـه يسـتحق الحمـد لذاتـه . ( ال ) فـي " الحمـد " : للاسـتغراق ، أي اسـتغراق جميـع أنـواع المحامـد .
ـ الفـرق بيـن الحمـد والشـكر : الحمـد متعلـق بالنعمـة والمصيبـة ، أمـا الشـكر فعلـى النعمـة فقـط . لـذا كـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يحمـد الله علـى كـل حـال .
* فعـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا رأى مـا يُحـب قـال : " الحمـد لله الـذي بنعمتـه تتـمُّ الصالحـات " ، وإذا رأى مـا يكـره قـال : " الحمـد لله علـى كـل حـال " . سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 34 ) ـ كتاب : الدعاء /( 55 ) ـ باب : فضل الحامدين / حديث رقم : 3803 / ص : 627 / حسن .


ـ الفــرق بيـن الحمـد والمـدح : الحمـد والمـدح كلاهمـا فيـه ذِكـر للمحمـود فـي صفـة الكمـال ، أما الفـرق فهـو أن الإخبـار عـن محاسـن الغيـر إمـا أن يكـون إخبـارًا مجـردًا مـن حـب وإرادة فهـذا مـدح ، وإن كـان مقرونًـا بهمـا فهـو حمـد .
( الحمـــدُ ) : هـو الثنـاء

الثناء من أجّل أنواع الدعاء

الحمد لله رب العالمين والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن سار على سبيلهم واتبع هديهم إلى يوم الدين يقوم الناس لرب العالمين وبعد :-

إن الثناء على الله هو مما يحبه الله من عبده لأن العبد ضعيف وفقير إلى ربه فهو بحاجة إلى التقرب من ربه سبحانه وتعالى ومن اجل ذلك على العبد أن يعظم الله بالثناء والمدح فليس أحد أحب للمدح من الله كما جاء في الحديث الصحيح (( ليس هناك أحب للمدح من الله عزَّوجل )) أو كما جاء في الحديث,فما أعظم أن يكون لسانك رطب ولهاج بذكر الله والثناء عليه انظر مثلاً لحديث دعاء الكرب هكذا يبوب له العلماء في الكتب مع أنك أذا قرأته ستجده مجرد ثناء ليس فيه دعاء لأن الثناء هو لب الدعاء وقد سئل سفيان ابن عيينة عن هذا الحديث دعاء الكرب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ((لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات الأرض ورب العرش الكريم)) خ- م وفي رواية مسلم (( كان يدعو بهن ويقولهن عند الكرب))
وفي رواية (( أذا حزبه أمر )) فأجاب سفيان أن رجلاً أراد أن يدخل على أحد الأغنياء فما استطاع وكان عند هذا الرجل الغني بستان عظيم محاط بجدار عظيم وكان هناك جدول ماء يمر تحت الجدار ويدخل إلى البستان فأخذ الرجل خشبة وكتب عليه أبيات عظيمة وجميلة ووضعها على الجدول وسار بها الماء وكان الرجل الغني جالساً ينظر الى الجدول فرأى الخشبة فامسك بها وقراء تلك الأبيات الخلابة التي أيقظت فيه كوامن الكرم والجود أبيات جميلة جداً ـ ذكروا أنها لابن ابي الصلت)
قال فيها :
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ........ حياؤك إن شيمتك الحياءُ
أذا أثنى عليك المرءُ يوماً.......... كفاه من تعرضك الثناءُ
معناه هل أذكر ما أريد أم يكفيني الحياء المرسوم على وجهك لكن مجرد الثناء عليك والمدح لك يكفي لتفهم أني محتاج فلا داعي أن اذكر حوايجي فقط مدحي لك كفيل أن يستثير فيك الرغبة للعطاء. ............
.........
قصة سعد بن أبي وقاص وفيه
دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الترمذي (http://www.dorar.net/book/977&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3505
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9+%D8%B0%D9%8A +%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%86+%D8%A5%D8%B0&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)


فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له
وهو عام في الرجل والمرأة لان النساء شقائق الرجال إلا فيما خصهن الدليل وذكر الرجل هنا تغليباً فقط فهذا ثناء من يونس ابن متى عليه الصلاة والسلام لله ومع ذلك جعله رسول الله ثناء فإن أعظم الدعاء الثناء
مقتبس بتصرف
السمحي (من أهل البادية) (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=227131)

الدُّعَاءَ هُوَ ذِكْرٌ لِلْمَدْعُوِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَضَمِّنٌ لِلطَّلَبِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِأَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ فَهُوَ ذِكْرٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا أَنَّ الذِّكْرَ سُمِّيَ دُعَاءً لِتَضَمُّنِهِ لِلطَّلَبِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ»
- أفضلُ الذكرِ : لا إلَه إلَّا اللهُ ، و أفضلُ الدعاءِ : الحمدُ للهِ

الراوي: جابر بن عبدالله المحدث:الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420) - المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1104 خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية (http://www.dorar.net/enc/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%81%D9%92%D8%B6%D9%8E% D9%84%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%91%D9%8F%D8%B9%D 9%8E%D8%A7%D8%A1%D9%90+%D8%A7%D9%84%D9%92%D8%AD%D9 %8E%D9%85%D9%92%D8%AF%D9%8F+%D9%84%D9%90%D9%84%D9% 91%D9%8E%D9%87%D9%90&phrase=on&xclude=&fillopts=on&t=*&d[1]=1&m[]=0&s[]=0)
فَسَمَّى الْحَمْدَ لِلَّهِ دُعَاءً وَهُوَ ثَنَاءٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَضَمِّنٌ الْحُبَّ وَالثَّنَاءَ وَالْحُبُّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الطَّلَبِ؛ فَالْحَامِدُ طَالِبٌ لِلْمَحْبُوبِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُسَمَّى دَاعِيًا مِنْ السَّائِلِ الطَّالِبِ؛ فَنَفْسُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ مُتَضَمِّنٌ لِأَعْظَمِ الطَّلَبِ فَهُوَ دُعَاءٌ حَقِيقَةً بَلْ أَحَقُّ أَنْ يُسَمَّى دُعَاءً مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّلَبِ الَّذِي هُوَ دُونَهُ.

كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم (http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%8A%20%D9%81%D9%8 A%20%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1%20%D8%A7%D9%84% D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1 %D9%8A%D9%85/i543&n7434&p1)


أنـواع الدعــاء




1 ـ دعـاء المسـألة : وهـو الطلـب .
2 ـ دعـاء الثنـاء : وهـو الذكـر ، والثنـاء علـى الله .
3 ـ دعـاء العبـادة : وهـو شـامل لجميـع القربـات الظاهـرة والباطنـة .

الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه .
تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد ./ ص : 12 / بتصرف .





أولاً : دعـاء المسـألة :


وهـو طلـب الداعـي ما يجلـب النفـع ، وما يكشـف الضـر ، و يكـون بلسـان المقـال .
وهـذا النـوع علـى ثلاثـة أضـرب :
أ ـ سـؤال الله ودعـاؤه : كمـن يقـول : اللهـم ارحمنـي ..... واغفـر لـي ، فهـذا مـن العبـادة لله .
ب ـ سـؤال غيـر الله فيمـا لا يقـدر عليـه المسـؤول : كـأن يطلـب مـن ميـت أو غائـب أن يطعمـه ،أو ينصـره ، أو يغيثـه ، أو أن يشـفي مرضـه ، فهـذا شـرك .
ج ـ سـؤال غيـر الله فيمـا يقـدر عليـه المسـؤول :
كـأن يطلـب مـن حـيٍّ قـادرٍ حاضـرٍ أن يطعمَـهُ ، أو يعينـه ..... فهـذا جائـز ، ـ ما لـم يكـن فـي هـذا المطلـوب معصيـةٌ لله ـ.
الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه .
تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد . / ص : 12 / بتصرف .


ثانيًـا : دعـاء الثنـاء :


وهـو الذكـر والثنـاء ويكـون بلسـان المقـال .
كقولـك : " ربنـا لـك الحمـد " ـ إذا قلتـه فقـد دعوتـه بقولـك ربنـا ، ثـم أتيـت بالثنـاء والتوحيـد .
ومثلـه دعـاء أهـل الجنـة : قـال تعالـى :
{ دَعْوَاهُـمْ فِيهَـا سُـبْحَانَكَ اللَّهُـمَّ وَتَحِيَّتُهُـمْ فِيهَـا سَـلاَمٌ وَآخِـرُ دَعْوَاهُـمْ أَنِ الْحَمْـدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ } . سورة يونس / آية : 10 .
أخبـر ـ تعالـى ـ أنهـم يبتدئـون دعاءهـم بتعظيـم الله وتنزيهـه ، ويختمـون بشـكره والثنـاء عليـه ، فجعـل تنزيهـه دعـاءً ، وتحميـده دعـاءً .

الدعـاء المسـتجاب : أوقاتـه ـ أحوالـه ـ أشـخاصه ـ أماكنـه ـ شـروطه ـ مسـتحباته ـ أسـباب رده ـ مكروهاتـه .
تأليـف : عمـاد حسـن أبـو العينيـن
/ ص : 21 / بتصرف .
وقـد وردت نصـوص نبويـة كثيــرة تـدل علـى أن الداعـي عليـه أن يثنـي علـى ربـه قبـل السـؤال والدعـاء ، وإذا كـان مـدح المخلــوق قبـل سـؤاله ـ بذكـر القليـل مـن أوصـاف كمالـه ـ يعـدُّ سـببًا للإجابـة ، وتحقيـق المطلـوب ؛ فإن مـدح الخالـق قبـل سـؤاله ، بذكـر أسـمائه وصفاتـه وأفعالـه يعـد أسـاسًا متينـًا فـي دعـاء المسـألة مـن بـاب أولـى .

أسماء الله الحسنى ... / ص : 19 ، 20 / بتصرف .

وقـد أطلـق السـلف ـ رحمهـم الله ـ اسـم :
" دعـاء الكـرب " علـى الذكـرالثابـت عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي حديـث ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يدعـو عنـد الكـرب :

" لا إله إلا الله العظيـم الحليـم ، لا إلـه إلا الله ربُّ السـموات والأرض وربُّ العـرشِ العظيـم " .
رواه البخاري / الفتح / ج : 11 / باب : الدعاء عند الكرب / حديث رقم : 6345 / ص : 149 .

ويلاحـظ أن دعـاء الكـرب هـذا مجـرد ذكـر وتوحيـد وثنـاء ، وليـس فيـه أي مسـألة لتفريــج الكـرب ولكـن هـذا كـافٍ لتفريـج الكـرب .
فالتوحيـد سـبيل النجـاة ، هـذه سـنة الله فـي عبـاده ، فمـا دُفعـت شـدائد الدنيـا بمثـل التوحيـد ، ولذلـك كـان دعـاء الكـرب بالتوحيـد ، ودعـوةُ ذي النـون (1) التـي مـا دعـا بهـا مكـروب إلا فـرج الله كربـه بالتوحيـد .

فوائد الفوائد / ص : 45 .

( 1 ) دعـوة ذي النـون : " لا إله إلا أنـت سـبحانك إنـي كنـت مـن الظالميـن " .

ثالثًـا : دعـاء العبـادة :

ويكـون بلسـان الحـال .
وهـو طلـب الثـواب بالأعمـال الصالحـة ، فهـو دعـاء سـلوكي ، ومظهــر أخلاقـي ، وحـال إيمانـي يبـدو فيـه المسـلم موحـدًا لله فـي كـل اسـم مـن الأسـماء الحسـنى ، بحيـث تنطـق أفعالـه أنـه لا معبـود بحـق سـواه .
فقـد يكـون العبـد الموحـد فـي ذروة غنـاه مبتلـى بالمـال ، فيظهـر بمظهـر الفقـر والتواضـع لعلمـه أن الله هـو الغنــي المتوحـد فـي غنـاه ، وأن المــال مـال الله وهـو مسـتخلف عليـه مخـول فيـه ، مبتلـى بـه فـي هـذه الحيـاة ، فتجـده يليـن لإخوانـه ولا يُعْـرَف بينهـم بالغنـى مـن شـدة توحيـده وإيمانـه . ولـو كـان الموحـد شـريفًا حسـيبًا عليًّـا نسـيبًا بـدت عليـه بدعـاء العبـادة مظاهـر الـذل والافتقــار ، وخضـع بجنانـه وبنيانـه وكيانـه إلـى الحسـيب الجبــار القهـار المتعــال ، لعلمـه أن المتوحـد فـي الحسـب والكبريـاء ومـا تضمنتـه هـذه الأسـماء ، هـو الله .

أسماء الله الحسنى ... / ص : 16 / بتصرف .

ودعـاء العبـادة أن تتعـرض في عبادتـك لما تقتضيـه الأسـماء الحسـنى ، فمقتضـى الرحيــم الرحمـة ، فتعمـل الصالـح الـذي يكـون جالبـًا لرحمـة الله ، وتقـوم بالتوبـة لأنـه هـو التـواب ، وتخشـاه فـي السِّـر لأنـه اللطيـف الخبيـر .

الدعـاء ـ مفهومـه ـ أحكامـه ـ أخطـاء تقـع فيـه .
تأليـف: محمـد بـن إبراهيـم الحَمَـد . ص : 12 / بتصرف .

أم أبي التراب
09-25-2013, 03:44 PM
المجلس السادس
19 ذو القعدة 1434هـ

ومن تفسير الشيخ العثيمين رحمه الله
{ {عَبْدِهِ} } يعني مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم، وَصَفَهُ تعالى بالعبودية؛ لأنه أعبَدُ البَشَر لله عزّ وجل. وقد وصَفَه تعالى بالعبودية في حالات ثلاث:
1 ـ حالِ إنزال القرآن عليه كما في هذه الآية.
2 ـ في حالِ الدفاعِ عنهُ صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *}} [البقرة: 23] .
3 ـ وفي حالِ الإسراءِ به، قال تعالى: {{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *}} [الإسراء: 1] ، يعني في أشرف مقاماتِ النبي صلّى الله عليه وسلّم وَصفهُ الله سبحانه وتعالى بأنه عبدٌ، ونِعمَ الوصفُ أن يكون الإنسانُ عبداً لله، حتى قال العاشق في معشوقته:
لا تدعُني إلاَّ بيا عَبدَها***فإنه أشرف أسمائي

{ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} } أي: القرآن، سُمِّي كتاباً؛ لأنه يُكتب، أو لأنهُ جامع، لأن الكَتْب بمعنى الجَمْع، ولهذا يقالُ: الكتيبةُ يعني المجموعةُ من الخيل، والقرآن صالح لهذا وهذا فهو مكتوبٌ وهو أيضاً جامع.
هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

قوله: * قَيِّماً * أي: القرآن، وقالوا: قيِّم يعني مستقيم، كأنها تأكيد لقوله:* وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا *[الكهف: 1] لأن الاستقامة والعِوَج قد لا يُدرك بالعين المجردة وتحتاج إلى ميزان دقيق يكشف لك مدى العِوَج أو الاستقامة، وهذه الظاهرة تراها في الطرق المستوية المرصوفة، والتي تراها للوَهْلة الأولى مستقيمة تماماً ومستوية، فإذا ما نزل المطر فضح هذا الاستواء وأظهر ما فيه من عيوب؛ لذلك أكّد الاستقامة بقوله: * قَيِّماً * [الكهف: 2]
ومن معاني القَيِّم: المهيمن على ما دونه، كما تقول: فلان قَيِّم على فلان أي: مُهيمن عليه وقائم على أمره. فالقرآن ـ إذن ـ لاعِوَج فيه، وهو أيضاً مُهيمن على الكتب السابقة وله الوصاية عليها كما قال تعالى:* وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ *[المائدة: 48]
ومنه قوله تعالى:* فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقِيِّمِ *[الروم: 43] أي: المهيمن على الأديان السابقة.
ثم يقول تعالى: * لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ * [الكهف: 2]
وهذه هي العِلّة في الإنزال.
والإنذار: التخويف بشَرٍّ قادم، والمنْذَر هنا هم الكفار؛ لأنه لا يُنذَر بالعذاب الشديد إلا الكفار، لكن سياق الآية لم يذكرها ليترك مجالاً للملَكَة العربية وللذّهْن أنْ يعملَ، وأنْ يستقبلَ القرآن بفكر مُتفتح وعقل يستنبط، وليس بالضرورة أن يعطينا القرآنُ كلّ شيء هكذا على طرف الثُّمام أي قريباً سهل التناول.
ثم ضَخّم العذاب بأنه شديد، ليس ذلك وفقط بل * مِن لَّدُنهُ * ، والعذاب يتناسب مع المعذِّب وقوته، فإنْ كان العذاب من الله فلا طاقة لأحدٍ به، ولا مهربَ لأحد منه.
ثم يقول تعالى: * وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ * [الكهف: 2] والبشارة تكون بالخير المنتظر في المستقبل، وتلاحظ أنه في البشارة ذكر المبشَّر * الْمُؤْمِنِينَ * ولم يسكت عنهم كما سكت عن الكفار في الإنذار، فهذا من رحمة الله بنا حتى في الأسلوب، والبشارة هنا بالأجر الحسن؛ لأنه أجر من الكريم المتفضّل سبحانه؛ لذلك قال الحق سبحانه بعدها: * مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً *.

أي: باقين فيه بقاءً أبدياً، وكان لا بُدّ أنْ يوصَف أجر الله الحسن بأنه دائم، وأنهم ماكثون فيه أبداً؛ لأن هناك فرقاً بين أجر الناس للناس في الدنيا، وأجر المنعِم سبحانه في الآخرة، لقد أَلِفَ الناس الأجر على أنه جُعِل على عمل، فعلى قَدْر ما تعمل يكون أجرك، فإنْ لم تعمل فلا أجرَ لك.
أما أَجْر الله لعباده في الآخرة فهو أجر عظيم دائم، فإنْ ظلمك الناس في تقدير أجرك في الدنيا، فالله تعالى عادل لا يظلم يعطيك بسخاء؛ لأنه المنصِف المتفضّل، وإنِ انقطع الأجر في الدنيا فإنه دائم في الآخرة؛ لأنك مهما أخذتَ من نعيم الدنيا فهو نعيم زائل، إما أنْ تتركه، وإما أنْ يتركك.
ثم يقول الحق سبحانه: * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً *.

والإنذار هنا غير الإنذار الأول، لقد كرّر الإنذار ليكون خاصاً بقمة المعاصي، إنذار للذين قالوا اتخذ الله ولداً، أما الإنذار الأول فهو لمطلق الكفر والمعصية، وأما الثاني فهو لإعادة الخاص مع العام، كأن لهؤلاء الذين نسبوا لله الولد عذاباً يناسب ما وقعوا فيه من جرأة على الحق سبحانه وتعالى.
وقد أوضح القرآن فظاعة هذه المعصية في قوله:* وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَـانُ وَلَداً * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـانِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـانِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً *[مريم: 88-92]
إنها قمة المعاصي أنْ نخوضَ في ذات الله تعالى بمقولة تتفطر لها السماء، وتنشق لها الأرض، وتنهدّ لهوْلِها الجبال.

قال ابن كثير :

وَقَوْله " تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقّ الْأَرْض وَتَخِرّ الْجِبَال هَدًّا " أَيْ يَكَاد يَكُون ذَلِكَ عِنْد سَمَاعهنَّ هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ فَجَرَة بَنِي آدَم إِعْظَامًا لِلرَّبِّ وَإِجْلَالًا لِأَنَّهُنَّ مَخْلُوقَات وَمُؤَسَّسَات عَلَى تَوْحِيده وَأَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَأَنَّهُ لَا شَرِيك لَهُ وَلَا نَظِير لَهُ وَلَا وَلَد لَهُ وَلَا صَاحِبَة لَهُ وَلَا كُفْء لَهُ بَلْ هُوَ الْأَحَد الصَّمَد
هنا (http://www.ansarsunna.com/quran/t-19-1-90.html)

ثم يقول الحق سبحانه: * مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ..

أم أبي التراب
10-02-2013, 05:22 AM
المجلس السابع

26 ذو القعدة 1434هـ

"مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا "الكهف:5
"مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ..."أي بالولد
فإذا انتفى العلم ما بقي إلاَّ الجهل.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
وكان قوله: "ما لهم به من علم"شاملا لهم جميعًا من آباء وأبناء لكنهم لما كانوا يحيلون العلم به إلى آبائهم قائلين إن هذه ملة آبائنا وهم أعلم منا وليس لنا إلا أن نتبعهم ونقتدي بهم فرق تعالى بينهم وبين آبائهم فنفى العلم عنهم أولًا وعن آبائهم الذين كانوا يركنون إليهم ثانيًا ليكون إبطالا لقولهم ولحجتهم جميعًا.
ليس لهم به علم؛ لأنه أصلاً غير موجود، ولا يتعلق العلم إلا بشيء موجود، العلم لا يتعلق إلا بشيء موجود، فلما نفى الله العلم عنهم كان هذا من باب اللزوم، ونفي الوجود، وإنما المسألة عندهم مسألة تقليد، يتبع آخرهم أولهم ويقلد آخرهم أولهم على غير بينة ولا برهان.قال سبحانه" كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ "الكهف:5. ليس المقصودبـ كَلِمَة هنا كلمة واحدة أو مفردة، وإنما المقصود جنس الكلام،
"وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا " من اليهود والنصارى، والمشركين، الذين قالوا هذه المقالة الشنيعة، فإنهم لم يقولوها عن علم ولا يقين، لا علم منهم، ولا علم من آبائهم الذين قلدوهم واتبعوهم، بل إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ " أي: عظمت شناعتها واشتدت عقوبتها، وأي شناعة أعظم من وصفه بالاتخاذ للولد الذي يقتضي نقصه، ومشاركة غيره له في خصائص الربوبية والإلهية، والكذب عليه؟" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " ولهذا قال هنا" إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " أي: كذبًا محضًا ما فيه من الصدق شيء، وتأمل كيف أبطل هذا القول بالتدريج، والانتقال من شيء إلى أبطل منه، فأخبر أولا: أنه " مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ " والقول على الله بلا علم، لا شك في منعه وبطلانه، ثم أخبر ثانيا، أنه قول قبيح شنيع فقال: " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ " ثم ذكر ثالثًا مرتبته من القبح، وهو: الكذب المنافي للصدق.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على هداية الخلق، ساعيًا في ذلك أعظم السعي، فكان صلى الله عليه وسلم يفرح ويسر بهداية المهتدين، ويحزن ويأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلى الله عليه وسلم عليهم، ورحمة بهم، أرشده الله أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الآية الأخرى"لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "الشعراء3 وقال"...فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ "فاطر8..وهنا قال { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ } أي: مهلكها، غمًّا وأسفًا عليهم، وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرًا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غمًّا وأسفًا عليهم، ليس فيه فائدة لك. وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" القصص56 . وموسى عليه السلام يقول"قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ "المائدة25، فمن عداهم من باب أولى وأحرى، قال تعالى: "فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ "الغاشية21"لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ "الغاشية22
{ 7-8 } { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا }
يخبر تعالى: أنه جعل جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، ومشارب، ومساكن طيبة، وأشجار، وأنهار، وزروع، وثمار، ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة، وأصوات شجية، وصور مليحة، وذهب وفضة، وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارا. { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } أي: أخلصه وأصوبه، ومع ذلك سيجعل الله جميع هذه المذكورات، فانية مضمحلة، وزائلة منقضية.
وستعود الأرض صعيدا جرزا قد ذهبت لذاتها، وانقطعت أنهارها، واندرست أثارها، وزال نعيمها، هذه حقيقة الدنيا، قد جلاها الله لنا كأنها رأي عين، وحذرنا من الاغترار بها، ورغبنا في دار يدوم نعيمها، ويسعد مقيمها، كل ذلك رحمة بنا، فاغتر بزخرف الدنيا وزينتها، من نظر إلى ظاهر الدنيا، دون باطنها، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم، وتمتعوا بها تمتع السوائم، لا ينظرون في حق ربهم، ولا يهتمون لمعرفته، بل همهم تناول الشهوات، من أي وجه حصلت، وعلى أي حالة اتفقت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، وفوات لذاته، لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات.
وأما من نظر إلى باطن الدنيا، وعلم المقصود منها ومنه، فإنه يتناول منها، ما يستعين به على ما خلق له، وانتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محل حبور، وشقة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند الله، وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيم، وسرور وتكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغتر إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين عمل البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين، وما أبعد الفرق بين الطائفتين"

أم أبي التراب
10-09-2013, 03:59 PM
مجلس 8
4 ذو الحجة 1434 هـ


{{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *}}.
يَقُول تَعَالَى مُسَلِّيًا لِرَسُولِهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ فِي حُزْنه عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِتَرْكِهِمْ الْإِيمَان وَبُعْدهمْ عَنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات " وَقَالَ "وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ وَقَالَ " لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " بَاخِع أَيْ مُهْلِك نَفْسك بِحُزْنِك عَلَيْهِمْ وَلِهَذَا قَالَ
" فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث " يَعْنِي الْقُرْآن أَسَفًا يَقُول لَا تُهْلِك نَفْسك أَسَفًا قَالَ قَتَادَة : قَاتِل نَفْسك غَضَبًا وَحُزْنًا عَلَيْهِمْ وَقَالَ مُجَاهِد جَزَعًا وَالْمَعْنَى مُتَقَارِب أَيْ لَا تَأْسَف عَلَيْهِمْ بَلْ أبْلَغَكُمْ رِسَالَة اللَّه فَمَنْ اِهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارًا فَانِيَة مُزَيَّنَة بِزِينَةٍ زَائِلَة وَإِنَّمَا جَعَلَهَا دَار اِخْتِبَار لَا دَار قَرَار .
تفسير ابن كثير (http://kuw.fm/quran/t-18-1-6.html)
{{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *}}.
قوله تعالى: { {فَلَعَلَّكَ} } الخِطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم { {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} } مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك، فسلاَّه الله عزّ وجل وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
{ {عَلَى آثَارِهِمْ} } أي باتباع آثارهم، لعلَّهم يرجعون بعد عدم إجابتهم وإعراضهم.
{ {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ} } أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
{ {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا *} } مفعول من أجله، العامل فيه: { {بَاخِعٌ} } المعنى أنه لعلك باخع نفسك من الأسف إذا لم يؤمنوا بهذا مع أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، ومهمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم البلاغ. قال تعالى:

{{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ}} [الرعد: 40] ، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين: 1 ـ نوع يحزن لأنه لم يُقبل.
2 ـ ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.
والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه، والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عزّ وجل، ولهذا قال تعالى: {{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ}} [النحل: 125] .
لكن إذا قال الإنسان أنا أحزن؛ لأنه لم يُقبل قولي؛ لأنه الحق ولذلك لو تبين لي الحق على خلاف قولي أخذت به فهل يكون محموداً أو يكونُ غير محمود؟
الجواب: يكون محموداً لكنه ليس كالآخرَ الذي ليس له همٌّ إلاَّ قَبول الحق سَواء جاء من قِبَله أو جاء من قبل غيره.
* * *

أم أبي التراب
10-23-2013, 06:02 AM
المجلس العاشر
25 ذو الحجة 1434 هـ
{{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا *}}.

( وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ ) أي مصيرون ( مَا عَلَيْهَا ) مما كان زينة لها أو (مَا عَلَيْهَا ) مما هو أعم من الزينة وغيره ( صَعِيدًا ) تراباً ( جُرُزًا) أي لا نبات فيه ، وهذا إشارة إلى التزهيد في الدنيا والرغبة عنها وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عن ما تضمنته أيدي المترفين من زينتها ، إذ مآل ذلك كله إلى الفناء والحاق .
تفسير: البحر المحيط (https://www.mosshaf.com/main#tafseer)

والخلاصة أن { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } [ الرحمن : 27 ]

أم أبي التراب
11-06-2013, 04:20 PM
المجلس الحادي العاشر
2 شهر الله المحرم 1435 هـ

.ومن تفسير العثيمين:
قوله تعالى: { {صَعِيدًا} } هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى {صَعِيدًا جُرُزًا} أي خالياً، كما قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا *} [طه: 105] ، أي نسفاً عظيماً ولهذا جاء مُنَكَّراً: أي نسفاً عظيماً، قال تعالى: ﴿ فَيَذَرُ‌هَا قَاعًا صَفْصَفًا﴾ ﴿١٠٦ (http://tanzil.net/#20:106)﴾ ﴿ لَّا تَرَ‌ىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾ ﴿١٠٧ (http://tanzil.net/#20:107)﴾ طه (http://tanzil.net/#20:106)

( فَيَذَرُ‌هَا ) أي : فيدع أماكن الجبال من الأرض ، ( قَاعًا صَفْصَفًا ) أي : أرضا ملساء مستوية لا نبات فيها ، و " القاع " : ما انبسط من الأرض ، و " الصفصف " : الأملس . [ ص: 295 ] ﴿ لَّا تَرَ‌ىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾قال مجاهد : انخفاضا وارتفاعا .
وقال الحسن : " العوج " : ما انخفض من الأرض ، و " الأمت " : ما نشز من الروابي ، أي : لا ترى واديا ولا رابية .

تفسير البغوي (http://library.islamweb.net/Newlibrary/display_book.php?idfrom=1105&idto=1105&bk_no=51&ID=1108)

وبلحظة: كن فيكون! إذاً هذه الأرض يا أخي لا يَتعلَّق قلبك بها فهي زائلة، هي ستصير كأن لم تكن كما قال عزّ وجل: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 24] .
وتأمل الجملة الآن: { {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ} } فيها مُؤكِّدان، «إنَّ» و«اللام»، ثم إنها جاءت بالجملة الاسمية الدالة على القدرة المستمرة، إذا قامت القيامة أين القصور؟ لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى { {جُرُزًا} } خالية من زينتها التي كانت عليها.
تفسيرابن عثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml) * * *


وذلك أن أجرك قد وجب على الله، وهؤلاء لو علم الله فيهم خيرا لهداهم، ولكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غما وأسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك. وفي هذه الآية ونحوها عبرة، فإن المأمور بدعاء الخلق إلى الله، عليه التبليغ والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، وسد طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على الله في ذلك، فإن اهتدوا فبها ونعمت، وإلا فلا يحزن ولا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله الذي كلف به وتوجه إليه، وما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له: {إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }سورة ‏القصص (https://www.mosshaf.com/main) - الجزء 20 - الآية 56 * أنواع الهداية *

وموسى عليه السلام يقول: ﴿ قَالَ رَ‌بِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُ‌قْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾
﴿المائدة: ٢٥﴾
فمن عداهم من باب أولى وأحرى،

ها هي ذي نهاية المطاف . . نكوصًا عن الأرض المقدسة , وهو معهم على أبوابها . ونكولا عن ميثاق الله وهو مرتبط معهم بالميثاق . . فماذا يصنع ? وبمن يستجير ?
﴿ قَالَ رَ‌بِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُ‌قْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾. .
دعوة فيها الألم . وفيها الالتجاء . وفيها الاستسلام . وفيها - بعد ذلك - المفاصلة والحسم والتصميم !
وإنه ليعلم أن ربه يعلم أنه لا يملك إلا نفسه وأخاه . . ولكن موسى في ضعف الإنسان المخذول . وفي إيمان النبي الكليم . وفي عزم المؤمن المستقيم , لا يجد متوجَهًا إلا لله . يشكو له بثه ونجواه , ويطلب إليه الفرقة الفاصلة بينه وبين القوم الفاسقين . فما يربطه بهم شيء بعد النكول عن ميثاق الله الوثيق . . ما يربطه بهم نسب . وما يربطه بهم تاريخ . وما يربطه بهم جهد سابق . إنما تربطه بهم هذه الدعوة إلى الله , وهذا الميثاق مع الله .
وقد فصلوه . فانبت ما بينه وبينهم إلى الأعماق . وما عاد يربطه بهم رباط . . إنه مستقيم على عهد الله وهم فاسقون . . إنه مستمسك بميثاق الله وهم ناكصون . .
هذا هو أدب النبي . . وهذه هي خطة المؤمن . وهذه هي الآصرة التي يجتمع عليها أو يتفرق المؤمنون . . لا جنس . لا نسب . لا قوم . لا لغة . لا تاريخ . لا وشيجة من كل وشائج الأرض ; إذا انقطعت وشيجة العقيدة ; وإذا اختلف المنهج والطريق . .
قال تعالى:
﴿ فَذَكِّرْ‌ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ‌﴾ ﴿الغاشية: ٢١﴾
﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ‌﴾ ﴿الغاشية: ٢٢﴾

* أنواع الهداية *

يُقَالُ هَدَاهُ هُدًى وَهَدْيًا وَهِدَايَةً وَهِدْيَةً بِكَسْرِهِمَا أَرْشَدَهُ فَهَدَى وَاهْتَدَى . وَهَدَاهُ اللَّهُ الطَّرِيقَ دَلَّهُ . وَالْهُدَى بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الرَّشَادُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعُ الْفَوَائِدِ : الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ :

أَحَدُهَا : الْهِدَايَةُ الْعَامَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْخَلْقِ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } أَيْ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ صُورَتَهُ الَّتِي لَا يَشْتَبِهُ فِيهَا بِغَيْرِهِ ، وَأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ شَكْلَهُ وَهَيْئَتَهُ ، وَأَعْطَى كُلَّ مَوْجُودٌ خَلْقَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ ثُمَّ هُدَاهُ لِمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ .

قَالَ وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ تَعُمُّ الْحَيَوَانَ الْمُتَحَرِّكَ بِإِرَادَتِهِ إلَى جَلْبِ مَا يَنْفَعُهُ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُ .

قَالَ وَلِلْجَمَادِ أَيْضًا هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ ، كَمَا أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ هِدَايَةً تَلِيقُ بِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا وَصُوَرُهَا ، وَكَذَلِكَ لِكُلِّ عُضْوٍ هِدَايَةٌ تَلِيقُ بِهِ ، فَهُدَى الرِّجْلَيْنِ لِلْمَشْيِ ، وَاللِّسَانِ لِلْكَلَامِ ، وَالْعَيْنِ لِكَشْفِ الْمَرْئِيَّاتِ ، وَهَلُمَّ جَرًّا .

وَكَذَلِكَ هَدَى الزَّوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ إلَى الِازْدِوَاجِ وَالتَّنَاسُلِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ ، وَالْوَلَدِ إلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ عِنْدَ وَضْعِهِ ، وَمَرَاتِبُ هِدَايَتِهِ سُبْحَانَهُ لَا يُحْصِيهَا إلَّا هُوَ .

الثَّانِي : هِدَايَةُ الْبَيَانِ وَالدَّلَالَةِ وَالتَّعْرِيفِ لِنَجْدَيْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَطَرِيقَيْ النَّجَاةِ وَالْهَلَاكِ .

وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْهُدَى التَّامَّ فَإِنَّهَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ لَا مُوجِبٌ ، وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْهُدَى مَعَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } [ ص: 30 ] أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ وَأَرْشَدْنَاهُمْ وَدَلَلْنَاهُمْ فَلَمْ يَهْتَدُوا .

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } .

الثَّالِثُ : هِدَايَةُ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِلِاهْتِدَاءِ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى { يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } وَفِي قَوْله تَعَالَى {إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ } وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ يَهْدِي اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ } وَفِي قَوْله تَعَالَى { إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } فَنَفَى عَنْهُ هَذِهِ الْهِدَايَةَ وَأَثْبَتَ لَهُ هِدَايَةَ الدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ فِي قَوْلِهِ { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } .

( الرَّابِعُ ) : غَايَةُ هَذِهِ الْهِدَايَةِ وَهِيَ الْهِدَايَةُ إلَى الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ إذَا سِيقَ أَهْلُهُمَا إلَيْهِمَا . قَالَ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } وَقَالَ فِي حَقِّ أَهْلِ النَّارِ { اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } .
هنا (http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=10&idto=10&bk_no=44&ID=11)

تعقيب
من نظر إلى باطن الدنيا، وعلم المقصود منها ومنه، فإنه يتناول منها، ما يستعين به على ما خلق له، وانتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محل حبور، وشقة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربه، وتنفيذ أوامره، وإحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند الله، وهو حقيق منه بكل كرامة ونعيم، وسرور وتكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغتر إلى ظاهرها، وعمل لآخرته، حين عمل البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين، وما أبعد الفرق بين الطائفتين"
و ( إنّا لجاعلون ) أي مصيرون ( ما عليها ) مما كان زينة لها أو ( ما عليها ) مما هو أعم من الزينة وغيره ( صعيداً ) تراباً ( جرزاً ) الأنبات فيه ، وهذا إشارة إلى التزهيد في الدنيا والرغبة عنها وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عن ما تضمنته أيدي المترفين من زينتها ، إذ مآل ذلك كله إلى الفناء والحاق .

أم أبي التراب
11-13-2013, 04:33 AM
المجلس الثاني عشر
9 شهر الله المحرم 1435 هـ

http://olamaa-yemen.net/upload/userfiles/images/2012/5-2012/%D8%A3%D9%85%20%D8%AD%D8%B3%D8%A8%D8%AA%202.jpg
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)
قوله تعالى: { {أَمْ حَسِبْتَ} } «أم» هنا منقطعة، فهي بمعنى «بل»،
و{ {حَسِبْتَ} } بمعنى ظننتَ، هنا أتى بـ«أم» المنقطعة التي تتضمن الاستفهام من أجل شد النَّفس إلى الاستماع إلى القصة لأنها حقيقة عَجب، هذه القصة عجب.
{ {الْكَهْفِ} } الغار في الجبل.
{ {وَالرَّقِيمِ} } بمعنى المرقوم: أي المكتوب لأنه كتب في حجر على هذا الكهف قصتُهم من أولها إلى آخرها.
{ {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا *} } أي أصحاب الكهف والرقيم.
{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } من آيات الله الكونية.
{ {مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} } أي محل تعجُّب واستغراب لأن هؤلاء سبعةٌ معهم كلب كرهوا ما عليه أهل بلدهم من الشرك فخرجوا متَّجهين إلى الله يريدون أن ينجوا بأنفسهم مما كان عليه أهل بلدهم، فلجأوا إلى هذا الغار، وكان من حسن حظهم أن هذا الغار له باب لا يتَّجه للمشرق ولا للمغرب، سبحان الله! توفيق؛ لأنه لو اتجه إلى المشرق لأكلتهم الشمس عند الشروق، ولو اتجه إلى المغرب لأكلتهم عند الغروب. كما قال تعالى: {{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ}} [الكهف: 17] وسيأتينا إن شاء الله تعالى.
تفسير الشيخ ابن عثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

عجائب قدرة الله لا تنتهي، فليست هذه بأعجب الآيات، وليست بأعجب من خلق السموات والأرض، وتسخير الشمس والقمر، وخلق الإنسان، وخلق آدم من تراب، وخلق عيسى، ولهذا قالت الملائكة
لامرأة إبراهيم عليه السلام (سارة) بعد أن تعجبت من ولادتها مع كبر سن زوجها، وكونها عقيما لا تنجب: {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ} [هود:73]. فلا شيء مستحيل في إرادة الله تعالى،

{وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [البقرة:117].
هنا (http://olamaa-yemen.net/main/articles.aspx?article_no=12618)
ومن تفسير السعدي
وهذا الاستفهام بمعنى النفي, والنهي.
أي: لا تظن أن قصة أصحاب الكهف, وما جرى لهم, غريبة على آيات الله, وبديعة في حكمته, وأنه لا نظير لها, ولا مجانس لها.
بل لله تعالى من الآيات العجيبة الغريبة, ما هو كثير, من جنس آياته في أصحاب الكهف, وأعظم منها.
فلم يزل الله يرى عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم, ما يتبين به الحق من الباطل والهدى من الضلال.
وليس المراد بهذا النفي أن تكون قصة أصحاب الكهف من العجائب, بل هي من آيات الله العجيبة.
وإنما المراد, أن جنسها كثير جدا, فالوقوف معها وحدها, في مقام العجب والاستغراب, نقص في العلم والعقل.
بل وظيفة المؤمن, التفكر بجميع آيات الله, التي دعا الله العباد إلى التفكير فيها, فإنها مفتاح الإيمان, وطريق العلم والإيقان.
وإضافتهم إلى الكهف, الذي هو الغار في الجبل الرقيم, أي: الكتاب الذي قد رقمت فيه أسماؤهم وقصتهم, لملازمتهم له دهرا طويلا.

هنا (http://kuw.fm/quran/t-18-5-9.html)
بدعة ‏:
‏ هي كل محدث جديد على غير مثال سابق ‏
المعجم: مصطلحات فقهية


بدعة :
سبحان الذى أبدعك وأنشأك على غير مثال ، واسمك يوحي بالحداثة والتجدد
المعجم: معاني الاسماء

أم أبي التراب
11-13-2013, 06:31 AM
{{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *}}.
{ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ} } من هنا بدأت القصة، وعلى هذا يكون { {إِذْ أَوَى} } متعلق بمحذوف تقديره: «اذكر إذ أوى الفتية» وكان كفار قريش قد سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قصتهم وهو عليه الصلاة والسلام لم يقرأ الكتب، قال تعالى عنه: {} [العنكبوت: 48] . فوعدهم فأنجز الله له الوعد.
و{ {الْفِتْيَةُ} } جمع فتى، وهو الشاب الكامل القوة والعزيمة.
{ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} } أي لجأوا إليه من قومهم فارين منهم خوفاً أن يصيبهم ما أصاب قومهم من الشرك والكفر بالبعث، فقالوا: { {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } لجأوا إلى الله.
{ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } أعطنا.
{ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } أي من عندك.
{ {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} } أي رحمة ترحمنا بها، وهذا كقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ حين قال أبو بكر لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم: عَلِّمْنِي دُعاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي قَالَ: قُلِ «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»[1].
{ {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا *} }،
اجعل لنا، وتهيئة الشيء أن يُعد ليكون صالحاً للعمل به.
{ {مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} } الرشد: ضد الغَيّ، أي اجعل شأننا موافقاً للصواب.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)


[1].علِّمْني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال : ( قُلْ : اللهم إني ظلَمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يَغفِرُ الذُّنوبَ إلا أنتَ، فاغفِرْ لي مَغفِرَةً من عِندِك، وارحَمْني، إنك أنت الغَفورُ الرحيمُ ) . الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6326-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85+%D8%A5 %D9%86%D9%8A+%D8%B8%D9%84%D9%85%D8%AA+%D9%86%D9%81 %D8%B3%D9%8A+%D8%B8%D9%84%D9%85%D8%A7+%D9%83%D8%AB %D9%8A%D8%B1%D8%A7&st=a&xclude=)

" وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرنَا رَشَدًا " أَيْ وَقَدِّرْ لَنَا مِنْ أَمْرنَا رَشَدًا هَذَا أَيْ اِجْعَلْ عَاقِبَتنَا رُشْدًا
كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يدعو : "اللَّهمَّ أحسِن عاقبتَنا في الأمورِ كُلِّها وأجِرنا مِنَ خزيِ الدُّنيا وعذابِ الآخرةِ" الراوي: بسر بن أبي أرطأة المحدث: أحمد شاكر (http://www.dorar.net/hadith/mhd/1377?ajax=1) - المصدر: عمدة التفسير (http://www.dorar.net/book/13422?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1/162
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%91%D9%8E%D9%87% D9%8F%D9%85%D9%91%D9%8E+%D8%A3%D9%8E%D8%AD%D9%92%D 8%B3%D9%90%D9%86%D9%92+%D8%B9%D9%8E%D8%A7%D9%82%D9 %90%D8%A8%D9%8E%D8%AA%D9%86%D9%8E%D8%A7&st=p&xclude=&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

" إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ " أي: الشباب.
" إِلَى الْكَهْفِ " يريدون بذلك, التحصن والتحرز, من فتنة قومهم لهم.
" فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً " أي تثبتنا بها وتحفظنا من الشر وتوفقنا للخير " وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا " أي: يسر لنا كل سبب موصل إلى الرشد, وأصلح لنا أمر ديننا ودنيانا.
فجمعوا بين السعي والفرار من الفتنة, إلى محل يمكن الاستخفاء فيه, وبين تضرعهم وسؤالهم لله تيسير أمورهم, وعدم اتكالهم على أنفسهم, وعلى الخلق.
فلذلك استجاب الله دعاءهم, وقيض لهم, ما لم يكن في حسابهم
قال: " فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ " أي أنمناهم " سِنِينَ عَدَدًا " وهي: ثلثمائة سنة, وتسع سنين, وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف, وحفظ لهم من قومهم.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-10.html)

{{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا *}}.
قوله تعالى: { {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} } أي أنمناهم نومة عميقة. والنوم نوعان:
1 ـ خفيف: وهذا لا يمنع السماع ولهذا إذا نمت فأول ما يأتيك النوم تسمع مَن حولك.
2 ـ عميق: إذا نمت النوم العميق لا تسمع مَن حولك.
ولهذا قال: { {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} } أي بحيث لا يسمعون.
{ {فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} } أي معدودة، وسيأتي بيانها في قوله تعالى: {{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا *}} [الكهف: 25] .
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
11-20-2013, 04:31 PM
المجلس الثالث عشر
16 شهر الله المحرم 1435 هـ

ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا " الكهف 12.
قوله تعالى"ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ" وذلك بإيقاظهم من النوم. وسمى الله الاستيقاظ من النوم بعثاً لأن النوم وفاةٌ، قال تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يَتَوفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "الأنعام: 60 . وقال تعالى"اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "الزمر: 42. فالنوم وفاة.
وقوله"بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ"، قد يقع فيه إشكال؟ هو: هل الله عزّ وجل لا يعلم قبل ذلك؟
الجواب: لا، واعلم أن هذه العبارة يراد بها شيئان:
1 ـ علم رؤية وظهور ومشاهدة، أي لنرى، ومعلوم أن علم ما سيكون ليس كعلم ما كان؛ لأن علم الله عزّ وجل بالشيء قبل وقوعه علمٌ بأنه سيقع، ولكن بعد وقوعه علمٌ بأنه وقع.
2 ـ أن العلم الذي يترتب عليه الجزاء هو المراد، أي لنعلم علماً يترتب عليه الجزاء وذلك كقوله تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ"محمد: 31 . قبل أن يبتلينا قد علم من هو المطيع ومن هو العاصي، ولكن هذا لا يترتب عليه لا الجزاء ولا الثواب، فصار المعنى لنعلم علم ظهور ومشاهدة وليس علم الظهور والمشاهدة كعلم ما سيكون، والثاني علماً يترتب عليه الجزاء.
أما تحقق وقوع المعلوم بالنسبة لله فلا فرق بين ما علم أنه يقع وما علم أنه وقع، كلٌّ سواء، وأما بالنسبة لنا صحيح أنَّا نعلم ما سيقع في خبر الصادق لكن ليس علمنا بذلك كعلمنا به إذا شاهدناه بأعيننا، ولذلك جاء في الحديث الصحيح: «ليس الخبر كالمعاينة»4.
"أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا" قوله"الْحِزْبَيْنِ" يعني الطائفتين.
وقوله: "أَحْصَى" يعني أبلغ إحصاءً، وليست فعلاً ماضيًا بل اسم تفضيل فصار المعنى: أي الحزبين أضبط لما لبثوا أمدًا، أي: المدة التي لبثوها؛ لأنهم تنازعوا أمرهم فقالوا"لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ"الكهف: 19 . وقال آخرون"رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ"الكهف: 19 . ثم الناس من بعدهم اختلفوا كم لبثوا.
* * ** * *

" ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ " أي: من نومهم " لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا " أي: لنعلم أيهم أحصى لمقدار مدتهم, كما قال تعالى: " وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ " الآية, وفي العلم بمقدار لبثهم, ضبط للحساب, ومعرفة لكمال قدرة الله تعالى, وحكمته, ورحمته.
فلو استمروا على نومهم, لم يحصل الاطلاع على شيء من ذلك, من قصتهم.
"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً ".13 نِعمَ القائل صدقًا وعلمًا وبيانًا وإيضاحًا؛ لأن كلام الله تبارك وتعالى متضمن للعلم والصدق والفصاحة والإرادة، أربعة أشياء. كلامه عزّ وجل عن علم وكلامه أيضًا عن صدق، وكلامه في غاية الفصاحة وإرادته في هذا الكلام خير إرادة، يريد بما يتكلم به أن يهدي عباده.
"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً " قصُّ الله عزّ وجل أكمل القصص وأحسن القصص؛ لأنه صادر عن:
1 ـ علم.
2 ـ عن صدق.
3 ـ صادر بأفصح عبارة وأبينها وأوضحها ولا كلامَ أوضح من كلام الله إلاَّ من أضل الله قلبه، وقال: هذا أساطير الأولين.
4 ـ وبأحسن إرادة لم يرد الله تعالى بما يقص علينا أن نضل ولا بما حكم علينا أن نجور، بل أراد أن نهتدي ونقوم بالعدل.
وقوله:"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً " إذا قال قائل أليس الله واحدًا؟
فالجواب: نعم واحد لا شك، لكن لا شك أنه جلَّ وعلا أعظم العظماء، والأسلوب العربي إذا أسند الواحدُ إلى نفسه صيغة الجمع فهو يعني أنه عظيم، ومعلوم أنه لا أحد أعظم من الله تعالى؛ ولهذا تجد الملوك أو الرؤساء إذا أرادوا أن يُصدروا المراسم يقولون: «نحن فلان بن فلان نأمر بكذا وكذا». إذاً كل ضمائر الجمع المنسوبة إلى الله تعالى المراد بها التعظيم.
"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ" أي نقرأه عليك ونحدثك به "نَبَأَهُمْ" أي خبرهم "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ" أي بالصدق المطابق للواقع.
"إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ" فتية شباب ولكن عندهم قوة العزيمة وقوة البدن وقوة الإيمان.
"نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً " زادهم الله عزّ وجل هدى لأن الله تعالى يزيد الذين يهتدون هدى، وكلما ازددت عملاً بعلمك زادك الله هدى أي زادك الله علمًا.
* * *

هذا شروع في تفصيل قصتهم, وأن الله يقصها على نبيه بالحق والصدق, الذي ما فيه شك ولا شبهة بوجه من الوجوه.
" إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ " وهذا من جموع القلة, يدل ذلك على أنهم دون العشرة.
" آمَنُوا " بالله وحده لا شريك له من دون قومهم.
فشكر الله لهم إيمانهم, فزادهم هدى.
أي: بسبب أصل اهتدائهم إلى الإيمان, زاد الله من الهدى, الذي هو العلم النافع, والعمل الصالح, كما قال تعالى: " وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّّا "مريم76 " .
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-13.html)

أم أبي التراب
11-27-2013, 07:43 AM
مجلس رقم 14
23من شهر الله المحرم 1435



﴿ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾
الآية 14 سورة الكهف سورة مكية 19 تسع عشرة كلمة 78 ثماني و سبعون حرف تفسه
"وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ" أي ثبتناها وقويناها وجعلنا لها رِباطاً، لأن جميع قومهم على ضدهم، ومخالفة القوم تحتاج إلى تثبيت لا سيما أنهم شباب والشاب ربما يؤثر فيه أبوه ويقول له «اكفر»، ولكن الله ربط على قلوبهم فثبتهم، اللهم ثبتنا يا رب.
"إِذْ قَامُوا" يعني في قومهم معلنين بالتوحيد متبرئين مما كان عليه هؤلاء الأقوام. "وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا " وليس رب فلان وفلان بل هو رب السموات والأرض فهو سبحانه وتعالى مالك وخالق ومدبِّر السموات والأرض. لأن الرَّب الذي هو اسم من أسماء الله معناه الخالق المالك المدبر ولم يبالوا بأحد فهم كسحرة فرعون"قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا "طه: 72 . والدنيا كلها قاضية منتهية طالت بك أم قصرت، ولا بد لكل إنسان من أحد أمرين: إما الهَرَم وإما الموت، ونهاية الهرم الموت أيضًا؛ ولهذا يقول الشاعر:
لا طِيب للعيش ما دامت مُنغَّصةً***لذَّاتُه بادِّكار الموت والهرم

الإنسان كلما تذكر أنه سيموت طالت حياته أم قصرت فإنه لا يطيب العيش له، ولكن من نعمة الله عزّ وجل أن الناس ينسَون هذا الأمر، ولكنَّ هؤلاء الناسين منهم من ينسى هذا الأمر باشتغاله بطاعة الله، ومنهم من ينساه بانشغاله بالدنيا.
"وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا " السمواتِ السبعِ والأرضُ كذلك سبعٌ كما جاءت بذلك النصوص، ولا حاجة لذكرها؛ لأنها معلومة والحمد لله.
" لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا " لَنْ نَدْعُوَا دعاء مسألة ولا دعاء عبادة إلهًا سواه، فأقروا بالربوبيَّة وأقرُّوا بالألوهية، الربوبية قالوا"وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا " والألوهية قالوا"وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا " أي سواه.
"لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا" الجملة هذه مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: «اللام» و«قد» و«القسم الذي دلَّت عليه اللام».
وقوله"لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا" أي لو دعونا إلهاً سواه "لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا" أي: قولاً مائلاً وموغلاً بالكفر، وصدقوا، لو أنهم دعوا غير الله إلهاً لقالوا هذا القول المائل الموغل بالكفر والعياذ بالله.
" وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ " أي صبرناهم وثبتناهم, وجعلنا قلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة, وهذا من لطفه تعالى بهم وبره, أن وفقهم للإيمان والهدى, والصبر والثبات, والطمأنينة.
" إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " أي: الذي خلقنا ورزقنا, ودبرنا وربانا, هو خالق السماوات والأرض, المنفرد بخلق هذه المخلوقات العظيمة, لا تلك الأوثان والأصنام, التي لا تخلق ولا ترزق, ولا تملك نفعا ولا ضرا, ولا موتا ولا حياة ولا نشورا, فاستدلوا بتوحيد الربوبية, على توحيد الإلهية, ولهذا قالوا: " لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا " أي: من سائر المخلوقات " لَقَدْ قُلْنَا إِذًا " أي: إن دعونا معه آلهة, بعد ما علمنا أنه الرب, الإله الذي لا تجوز, ولا تنبغي العبادة, إلا له " شَطَطًا " أي: ميلًا عظيمًا عن الحق, وطريقًا بعيدة عن الصواب.
فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية, وتوحيد الإلهية, والتزام ذلك, وبيان أنه الحق, وما سواه باطل.
وهذا دليل على كمال معرفتهم بربهم, وزيادة الهدى من الله لهم.
الصبر خلق إسلامي يحتاجه المسلم في كل وقت وفي كل حال يقول النبي صلى الله عليه وسلم
﴿أنَّ ناسًا منَ الأنصارِ سَألوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأعطاهم ثمَّ سَألوهُ فأعطاهم حتَّى إذا نفِدَ ما عندَهُ قالَ: ما يَكونُ عِندي من خيرٍ فلن أدَّخرَهُ عنكُم ومن يستَعفِفْ يعفَّهُ اللَّهُ ومن يستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ ومن يتَصبَّر يُصبِّرهُ اللَّهُ وما أعطى اللَّهُ أحدًا من عطاءٍ أوسعَ منَ الصَّبرِ﴾ الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1644-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%86%D9%92+ %D9%8A%D9%8E%D8%AA%D9%8E%D8%B5%D9%8E%D8%A8%D9%91%D 9%8E%D8%B1%D9%92+%D9%8A%D9%8F%D8%B5%D9%8E%D8%A8%D9 %91%D9%90%D8%B1%D9%92%D9%87%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D9% 84%D9%91%D9%8E%D9%87%D9%8F&st=w&xclude=&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

أم أبي التراب
11-27-2013, 07:45 AM
مجلس رقم 15
1صفر 1435

﴿ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ اقتباس:

الصبر خلق إسلامي يحتاجه المسلم في كل وقت وفي كل حال يقول النبي صلى الله عليه وسلم

﴿أنَّ ناسًا منَ الأنصارِ سَألوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأعطاهم ثمَّ سَألوهُ فأعطاهم حتَّى إذا نفِدَ ما عندَهُ قالَ: ما يَكونُ عِندي من خيرٍ فلن أدَّخرَهُ عنكُم ومن يستَعفِفْ يعفَّهُ اللَّهُ ومن يستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ ومن يتَصبَّر يُصبِّرهُ اللَّهُ وما أعطى اللَّهُ أحدًا من عطاءٍ أوسعَ منَ الصَّبرِ﴾ الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1644-خلاصة حكم المحدث:صحيح

قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُواوَصَابِرُوا﴾آل عمران:200.

الشرح

الصبر في اللغة: الحبس .
والمراد به في الشرع: حبس النفس على أمور ثلاثة:
الأول: على طاعة الله.
الثاني: عن محارم الله.
الثالث: على أقدار الله المؤلمة.هذه أنواع الصبر التي ذكرها أهل العلم.
الأمر الأول: أن يصبر الإنسان على طاعة الله لأن الطاعة ثقيلة على النفس، وتصعب على الإنسان، وكذلك ربما تكون ثقيلة على البدن بحيث يكون مع الإنسان شيء من العجز والتعب، وكذلك أيضا يكون فيها مشقة من الناحية المالية؛ كمسألة الزكاة ومسألة الحج، فالطاعات فيها شيء من المشقة على النفس والبدن، فتحتاج إلى صبر، وإلى معاناة قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾آل عمران:200 .
الأمر الثاني: الصبر عن محارم الله بحيث يكف الإنسان نفسه عما حرم الله عليه، لأن النفس الأمارة بالسوء تدعو إلى السوء، فيُصَبِّر الإنسان نفسه,مثل الكذب، والغش في المعاملات، وأكل المال بالباطل بالربا أو غيره، والزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وما أشبه ذلك من المعاصي الكثيرة.
فيحبس الإنسان نفسه عنها حتى لا يفعلها، وهذا يحتاج أيضاً إلى معاناة، ويحتاج إلى كف النفس والهوى.
أما الأمر الثالث: فهو الصبر على أقدار الله المؤلمة؛ لأن أقدار الله- عز وجل- على الإنسان ملائمة ومؤلمة.
الملاءمة: تحتاج إلى الشكر، والشكر من الطاعات؛ فالصبر عليه من النوع الأول.
ومؤلمة: بحيث لا تلائم الإنسان تكون مؤلمة؛ فيُبتلى الإنسان في بدنه،ويُبتلى في ماله بفقده. ويُبتلى في أهله، ويُبتلى في مجتمعه ، وأنواع البلايا كثيرة تحتاج إلى صبر ومعاناة فيُصَبِّرُ الإنسان نفسه عما يحرُمُ عليه من إظهار الجزع باللسان، أو بالقلب، أو بالجوارح لأن الإنسان عند حلول المصيبة له أربع حالات:
الحالة الأولى: أن يتسخَّط.
والحالة الثانية: أن يصبر.
والحالة الثالثة: أن يرضى.
والحالة الرابعة: أن يشكر.
هذه أربع حالات تكون للإنسان عندما يصاب بالمصيبة.
أما الحال الأولى: أن يتسخط إما بقلبه، أو بلسانه، أو بجوارحه.
التسخط بالقلب: أن يكون في قلبه- والعياذ بالله- شيء على ربه من السخط والشرَه على الله- والعياذ بالله- وما أشبهه. ويشعر وكأن الله قد ظلمه بهذه المصيبة.
وأما السخط باللسان: فأن يدعو بالويل والثبور، يا ويلاه ويا ثبوراه، وأن يسب الدهر فيؤذي الله- عز وجل- وما أشبه ذلك.
وأما التسخط بالجوارح: مثل أن يلطِمَ خده، أو يصفَع رأسه، أو ينتف شعره، أو يشقَّ ثوبه وما أشبه هذا.
هذا حال السخط، حال الهلِعِينَ الذين حُرموا الثواب، ولم ينجوا من المصيبة، بل الذين اكتسبوا الإثم فصار عندهم مصيبتان، مصيبة في الدين بالسخط، ومصيبة في الدنيا بما أتاهم مما يؤلمهم.
أما الحال الثانية: فالصبر على المصيبة بأن يحبس نفسه، هو يكره المصيبة ، ولا يحبها، ولا يحب أن وقعت ، لكن يُصَبِّرُ نفسه؛ لا يتحدث باللسان بما يُسخط الله، ولا يفعل بجوارحه ما يُغضب الله، ولا يكون في قلبه شيء على الله أبدا، فهو صابر لكنه كاره لها.
والحال الثالثة: الرضا؛ بأن يكون الإنسان منشرحا صدره بهذه المصيبة، ويرضى بها رضاء تاماً وكأنه لم يصب بها.
والحالة الرابعة: الشكر؛ فيشكر الله عليها، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يكرهُ قال: "الحمد لله على كل حال"101.
فيشكر الله من أجل أن الله يرتب له من الثواب على هذه المصيبة أكثر مما أصابه.
ولهذا يذكر عن بعض العابدات أنها أُصيبت في أصبعها، فحمدت الله على ذلك، فقالوا لها: كيف تحمدين الله والأصبع قد أصابه ما أصابه، قالت: إن حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها. والله الموفق.
ثم ساق المؤلف- رحمه الله تعالى- الآيات التي فيها الحثُّ على الصبر والثناء على فاعليه، فقال: وقول الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ آل عمران:200، فأمر الله المؤمنين بمقتضى إيمانهم، وبشرف إيمانهم بهذه الأوامر الأربعة: ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾آل عمران:200.
فالصبر عن المعصية، والمصابرة على الطاعة، والمرابطة كثرة الخير وتتابع الخير، والتقوى تعم ذلك كله.﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
فاصبروا عن محارم الله: لا تفعلوها ، تجنبوها ولا تقربوها.
ومن المعلوم أن الصبر عن المعصية لا يكون إلا حيث دعت إليه النفس، أما الإنسان الذي لم تطرأ على باله المعصية فلا يقال إنه صبر عنها، ولكن إذا دعتك نفسك إلى المعصية فاصبر، واحبس النفس.
وأما المصابرة فهي على الطاعة؛ لأن الطاعة فيها أمران:
الأمر الأول: فعل يتكلف به الإنسان ويُلزمُ نفسه به.
والأمر الثاني: ثقلٌ على النفس، لأن فعل الطاعة كترك المعصية ثقيل على النفوس الأمارة بالسوء.
فلهذا كان الصبر على الطاعة أفضل من الصبر عن المعصية؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَصَابِرُوا﴾ كأن أحدًا يُصابرك كما يصابر الإنسان عدوه في القتال والجهاد.
وأما المرابطة فهي كثرة الخير والاستمرار عليه، ولهذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

﴿ألا أخبرُكُم بما يَمحو اللَّهُ بِهِ الخطايا ، ويرفعُ بِهِ الدَّرجاتِ : إسباغُ الوضوءِ علَى المَكارِهِ ، وَكَثرةُ الخُطا إلى المساجِدِ ، وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ﴾ الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 143
خلاصة حكم المحدث:صحيح-الدرر السنية

﴿ فذلكم الرباط﴾ لأن فيه استمرار في الطاعة وكثرة لفعلها.
وأما التقوى فإنها تشمل ذلك كله، لأن التقوى اتخاذ ما يقي من عقاب الله، وهذا يكون بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
وعلى هذا فعطفها على ما سَبَقَ من باب عطف العام على الخاص، ثم بيَّن الله- سبحانه وتعالى- أن القيام بهذه الأوامر الأربعة سبب للفلاح فقال : ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
والفلاح كلمة جامعة تدور على شيئين: على حصول المطلوب، وعلى النجاة من المرهوب. فمن اتقى الله- عز وجل- حصل له مطلوبه ونجا من مرهوبه.
وأما الآية الثانية فقال- رحمه الله- وقوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾البقرة:155 ، هذه الآية فيها قَسَم من الله- عز وجل - أن يختبر العباد بهذه الأمور.هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18012.shtml)

أم أبي التراب
12-11-2013, 04:05 PM
مجلس رقم 16
8صفر 1435

﴿هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾(15) الكهف (http://kuw.fm/quran/t-18-5-15.html)

قوله تعالى"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً" يشيرون إلى وجهة نظرهم في انعزالهم عن قومهم، قالوا"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا" أي صيَّروا آلهة من دون الله، عبدوها من دون الله.
"لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ" يعني هلاَّ "يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ" أي على هذه الآلهة، أي: على كونها آلهة
وكونهم يعبدونها. فالمطلوب منهم شيئان:
1 ـ أن يثبتوا أن هذه آلهة.
2 ـ أن يثبتوا أن عبادتَهم لها حق، وكلا الأمرين مستحيل.
"بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ" السلطان كلُّ ما للإنسان به سُلطة، قد يكون المراد به الدليل مثل قوله تعالى"إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا"يونس: 68 ، وقد يكون المراد به القوة والغلبة مثل قوله تعالى عن الشيطان"إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ *"النحل: 100. وقد يكون الحجة والبرهان كمافي قوله تعالى:
"بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ" أي بحجة ظاهرة يكون لهم بها سُلطة؛ ولهذا قالوا"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا *" الفاء للتفريع، مَن: استفهام بمعنى النفي، أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبًا، واعلم أن الاستفهام إذا ضُمِّن معنى النفي صار فيه زيادة فائدة، وهي أنه يكون مُشْرَباً معنى التحدي لأن النفي المجرد لا يدل على التحدي، لو قلت: «ما قام زيد»، ما فيه تحدي، لكن لو قلت: « فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا» فهذا تحدي، كأنك تقول: أخبرني أو أوجد لي أحدًا أظلم ممن افترى على الله كذبًا.
فقوله"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا *" أي من أشد ظلماً ممن افترى على الله كذبًا في نسبة الشريك إليه وغير ذلك، كل من افترى على الله كذباً فلا أحد أظلم منه، أنت لو كذبت على شخص لكان هذا ظلماً، وعلى شخص أعلى منه لكان هذا ظلماً أعلى من الأول، فإذا افتريت كذبًا على اللهِ صار لا ظلم فوق هذا، ولهذا قال تعالى"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا *" ، فإن قال قائل: «نجد أن الله تعالى يقول"هَؤُلاَءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا *" ويقول"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ"البقرة: 114 . وأظلم تدل على اسم التفضيل، فكيف الجمع؟». نقول: إن الجمع هو أنها اسم تفضيل في نفس المعنى الذي وردت به، فمثلاً"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" أي لا أحد أظلم منعًا ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وفي الكذب، أي الكذب أظلم؟ الكذب على الله، فتكون الأظلمية هنا بالنسبة للمعنى الذي سيقت فيه، ليست أظلمية مطلقة لأنها لو كانت أظلمية مُطلَقاً لكان فيه نوع من التناقض، لكن لو قال قائل: «ألا يمكن أن تقول إنها اشتركت في الأظلمية؟ يعني هذا أظلم شيء وهذه أظلم شيء»؟.
فالجواب: لا يمكن، لأنه لا يمكن أن تقرن بين من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، وبين من افترى على الله كذباً، فإن الثاني أعظم، فلا يمكن أن يشتركا في الأظلمية، وحينئذٍ يتعين المعنى الأول، أن تكون الأظلمية بالنسبة للمعنى الذي سيقت فيه.
لما ذكروا ما من الله به عليهم من الإيمان والهدى والتقوى, التفتوا إلى ما كان عليه قومهم, من اتخاذ الآلهة من دون الله, فمقتوهم, وبينوا أنهم ليسوا على يقين من أمرهم, بل في غاية الجهل والضلال فقالوا: " لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ " أي: بحجة وبرهان, على ما هم عليه من الباطل, ولا يستطيعون سبيلا إلى ذلك, وإنما ذلك, افتراء منهم على الله, وكذب عليه.
وهذا أعظم الظلم, ولهذا قال: " فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا "
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-15.html)
15" هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا "
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى" هَؤُلَاءِ قَوْمنَا اِتَّخَذُوا مِنْ دُونه آلِهَة لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّن " يَقُول عَزَّ ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ الْفِتْيَة مِنْ أَصْحَاب الْكَهْف : هَؤُلَاءِ قَوْمنَا اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونه " لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّن " يَقُول : هَلَّا يَأْتُونَ عَلَى عِبَادَتهمْ إِيَّاهَا بِحُجَّةٍ بَيِّنَة . وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف اُجْتُزِئَ بِمَا ظَهَرَ عَمَّا حُذِفَ , وَذَلِكَ فِي قَوْله " لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّن "فَالْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِمْ مِنْ ذِكْر الْآلِهَة , وَالْآلِهَة لَا يُؤْتَى عَلَيْهَا بِسُلْطَانٍ , وَلَا يُسْأَل السُّلْطَان عَلَيْهَا , وَإِنَّمَا يُسْأَل عَابِدُوهَا السُّلْطَان عَلَى عِبَادَتِهُمُوهَا , فَمَعْلُوم إِذْ كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ , أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَى عِبَادَتِهُمُوهَا , وَاتِّخاذِهُموهَا آلِهَة مِنْ دُون اللَّه بِسُلْطَانٍ بَيِّن . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي مَعْنَى السُّلْطَان , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17281 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله " لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّن " يَقُول : بِعُذْرٍ بَيِّن .
15" هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا " وَعَنَى بِقَوْلِهِ عَزَّ ذِكْره" فَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا " وَمَنْ أَشَدّ اِعْتِدَاء وَإِشْرَاكًا بِاَللَّهِ , مِمَّنْ اِخْتَلَقَ , فَتَخَرَّصَ عَلَى اللَّه كَذِبًا , وَأَشْرَكَ مَعَ اللَّه فِي سُلْطَانه شَرِيكًا يَعْبُدهُ دُونه , وَيَتَّخِذهُ إِلَهًا .
تفسير ابن كثير (http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1)

أم أبي التراب
12-11-2013, 04:36 PM
22صفر 1435


مجلس رقم 17


"وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا *" الكهف : 16.
وحين فارقتم قومكم بدينكم، وتركتم ما يعبدون من الآلهة إلا عبادة الله، فالجؤوا إلى الكهف في الجبل لعبادة ربكم وحده، يَبْسطْ لكم ربكم من رحمته ما يستركم به في الدارين، ويسهل لكم من أمركم ما تنتفعون به في حياتكم من أسباب العيش.
التفسير الميسر (http://quran.v22v.net/tafseer-2156-18.html)
فهذا حديث الفتية بعضهم إلى بعض: ما دُمْنا اعتزلنا أهل الكفر، ونأينا عن طريقهم، وسلكنا مسلكَ الإيمان بالله الذي يسَّره الله لنا، فهيا بنا إلى الكهف نلجأ إليه ونحتمي فيه فراراً بديننا، ومخافة أن يفتننا القوم عن ديننا.
ويلفتنا هنا إلى فرار هؤلاء الفتية ليس إلى بلد آخر فيه مُتّسع للحياة، بل إلى كهف ضيق في جبل في صحراء، وليس به مُقوّم من مُقوّمات الحياة؛ لذلك ينبهنا سبحانه: إياك أن تقول: إن الكهف ضيق، وكيف يعيشون فيه؟ لأنهم مهاجرون إلى الله لاجئون إليه مُتوكّلون عليه.
لذلك قال بعدها: * يَنْشُرْ لَكُمْ * الكهف: 16. فالضيق يقابلُه البَسْط والسّعة، لقد قالوا هذه الكلمة وهم واثقون في رحمة الله معتقدون أن الذي هاجروا إليه لن يُسلمهم ولن يخذلهم، وسوف يُوسِّع عليهم برحمته هذا الضيق، وقد وَسَّعه الله عليهم فعلاً حين أنامهم، أَلاَ ترى النائم يربع في الدنيا هنا وهناك ولا تحدُّه حدود؟
ومن هذه السعة ما حدث في قصة نبي الله موسى ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ حينما تبعه فرعون بجنود حتى قال أتباعه:* إِنَّا لَمُدْرَكُونَ.. *الشعراء: 61، فقد ضاق عليهم الخناق حيث البحر من أمامهم، والعدو من خلفهم، ولا مهربَ لهم فيما يرون من واقع الأمر. فماذا قال موسى لقومه في هذا الموقف؟ قال بملء فيه قوْلَة الواثق من نصر الله:* كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ *الشعراء: 62.
فجاءه التأييد من ربه في التوِّ واللحظة، وفُرّج عنه وعن أصحابه ما يُلاَقون من ضيق المخرج، فأوحى الله إليه:
* اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ *الشعراء: 63.
كذلك هنا: * يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ.. * الكهف: 16.
ثم يقول تعالى: * وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً * الكهف: 16. والمراد بالمرفق جمع مرافق، وهي مُقوّمات الحياة التي لا يستغني عنها الإنسان، فلما أنامهم الله أغناهم عن مرافق الحياة، لأنهم إنْ ظلوا في حال اليقظة فلا بُدَّ أنْ يحتاجوا إلى هذه المرافق.
منقول


المَرْفِقُ - مَرْفِقُ:
المَرْفِقُ : ما يُرتفَق به وينتفع ويستعان ، ومنه مرافق المدينة : وهي ما ينتفع به السكان عامة كأَجهزة النقل والشرب والإضاءة .
و المَرْفِقُ ما يُرْتَفَقُ عليه ويُتَّكأُ .
و المَرْفِقُ مَوْصِلُ الذراع في العضد . والجمع : مَرافِق .
المعجم: المعجم الوسيط (http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D9%85%D8%B1%D9%81%D9%82%D8%A7)

قوله تعالى"وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ".
هذا من قول الفتية، يعني: قال بعضهم لبعض: ما دمتم اعتزلتم قومكم وما يعبدون إلاَّ الله.
وقوله"وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ" يحتمل أن تكون استثناء من قوله"وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ"وعلى هذا يكون هؤلاء القوم يعبدون الله ويعبدون غيره، والفتية اعتزلوهم وما يعبدون إلاَّ الله، ويحتمل أن تكون «إلاَّ» منقطعة فيكون المعنى أن هؤلاء القوم لا يعبدون الله. ويكون المعنى: «وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون مطلقًا» "وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ"أي لكنِ الله لم تعتزلوه ولكنكم آمنتم به، ويحتمل أن تكون استثناء متصلاً على سبيل الاحتياط، يعني: أن هؤلاء الفتية قالوا"وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ" يخشون أن يكون أحد من أقوامهم يعبد الله. و «ال» في الكهف تحتمل أن تكون للعهد، وكأنه كهف ألفوا أن يأووا، إليه أو أن المراد بها الكمال، أي إلى الكهف الكامل الذي يمنعكم من قومكم، أما الأول فيحتاج إلى دليل أن هؤلاء الفتية كانوا يذهبون إلى كهف معين يأوون فيه، وأما الثاني فوجهه أنه إنما يطلبون كهفاً يمنعهم ويحميهم فتكون «ال» لبيان الكمال، أي إلى كهف يمنعكم ويحميكم من عدوكم.
"وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا *" يعني أنكم إذا فعلتم ذلك فإن الله سييسر لكم الأمر؛ لأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه1، وهنا سؤال في قوله"فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ" الفاء، يتبادر للذهن أنها في جواب الشرط، والمعروف أن «إذ» ليست للشرط وإنما الذي للشرط هو «إذا» أو «إذ» إذا اقترنت بـ«ما»، فإذا لم تقترن بـ«ما» فليست للشرط؟
والجواب عن ذلك أن يقال: إما أنها ضُمِّنت معنى الشرط فجاءت الفاء في جوابها "فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ" أو أن «الفاء» للتفريع وليست واقعة في جواب الشرط، والمعنى: فحينئذ "وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" فأووا إلى الكهف.
"وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا *" :أي يهيّئ لكم من شأنكم "مِرْفَقًا" أي مكاناً ترتفقون به.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

1-«إنَّكَ لن تدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللَّهِ، جَلَّ وعَزَّ، إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منهُ ». الراوي: رجل من أهل البادية المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1523-خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%8B+%D9%85% D9%86%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2)
أي: قال بعضهم لبعض, إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم وأديانكم, فلم يبق إلا النجاء من شرهم والتسبب بالأسباب المفضية لذلك لأنه لا سبيل لهم إلى قتالهم, ولا إلى بقائهم بين أظهرهم,
وهم على غير دينهم.تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-16.html)

{16} وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى " وَإِذْ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه " يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل بَعْض الْفِتْيَة لِبَعْضٍ : وَإِذَا اِعْتَزَلْتُمْ أَيّهَا الْفِتْيَة قَوْمكُمْ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُون اللَّه آلِهَة { وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه } يَقُول : وَإِذَا اِعْتَزَلْتُمْ قَوْمكُمْ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مِنْ الْآلِهَة سِوَى اللَّه , ف " مَا " إِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي مَوْضِع نَصْب عَطْفًا لَهَا عَلَى الْهَاء , وَالْمِيم الَّتِي فِي قَوْله "وَإِذْ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ " وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17282 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله "وَإِذْ اِعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّه " وَهِيَ فِي مُصْحَف عَبْد اللَّه : " وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه " هَذَا تَفْسِيرهَا .
{16} « وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا»
وَأَمَّا قَوْله" فَأْوُوا إِلَى الْكَهْف" فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ : فَصِيرُوا إِلَى غَار الْجَبَل الَّذِي يُسَمَّى بنجلوس , " يَنْشُر لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ رَحْمَته" يَقُول : يَبْسُط لَكُمْ رَبّكُمْ مِنْ رَحْمَته بِتَيْسِيرِهِ لَكُمْ الْمَخْرَج مِنْ الْأَمْر الَّذِي قَدْ رَمَيْتُمْ بِهِ مِنْ الْكَافِر دقينوس وَطَلَبه إِيَّاكُمْ لِعَرْضِكُمْ عَلَى الْفِتْنَة . وَقَوْله " فَأْوُوا إِلَى الْكَهْف " جَوَاب لَإِذْ , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَإِذْ اِعْتَزَلْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم قَوْمكُمْ , فَأَوَوْا إِلَى الْكَهْف ; كَمَا يُقَال : إِذْ أَذْنَبْت فَاسْتَغْفِرْ اللَّه وَتُبْ إِلَيْهِ .
{16} وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا
وَقَوْله " وَيُهَيِّئ لَكُمْ مِنْ أَمْركُمْ مِرْفَقًا " يَقُول : وَيُيَسِّر لَكُمْ مِنْ أَمْركُمْ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ الْغَمّ وَالْكَرْب خَوْفًا مِنْكُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ وَدِينكُمْ مِرْفَقًا , وَيَعْنِي بِالْمِرْفَقِ : مَا تَرْتَفِقُونَ بِهِ مِنْ شَيْء . وَفِي الْمِرْفَق مِنْ الْيَد وَغَيْر الْيَد لُغَتَانِ : كَسْر الْمِيم وَفَتْح الْفَاء , وَفَتْح الْمِيم وَكَسْر الْفَاء . وَكَانَ الْكِسَائِيّ يُنْكِر فِي مِرْفَق الْإِنْسَان الَّذِي فِي الْيَد إِلَّا فَتْح الْفَاء وَكَسْر الْمِيم . وَكَانَ الْفَرَّاء يَحْكِي فِيهِمَا , أَعْنِي فِي مِرْفَق الْأَمْر وَالْيَد اللُّغَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا , وَكَانَ يَنْشُد فِي ذَلِكَ قَوْل الشَّاعِر : بِتّ أُجَافِي مِرْفَقًا عَنْ مِرْفَقِي وَيَقُول : كَسْر الْمِيم فِيهِ أَجْوَد . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْبَصْرَة يَقُول فِي قَوْله " مِنْ أَمْركُمْ مِرْفَقًا " شَيْئًا تَرْتَفِقُونَ بِهِ مِثْل الْمُقَطَّع , وَمَرْفِقًا جَعَلَهُ اِسْمًا كَالْمَسْجِدِ , وَيَكُون لُغَة , يَقُولُونَ : رَفَقَ يَرْفُق مَرْفِقًا , وَإِنْ شِئْت مَرْفِقًا تُرِيد رِفْقًا وَلَمْ يُقْرَأ . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ . فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة " وَيُهَيِّئ لَكُمْ مِنْ أَمْركُمْ مَرْفِقًا " بِفَتْحِ الْمِيم وَكَسْر الْفَاء , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق فِي الْمِصْرَيْنِ " مِرْفَقًا" بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْفَاء . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِد , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا قُرَّاء مِنْ أَهْل الْقُرْآن , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . غَيْر أَنَّ الْأَمْر وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الَّذِي أَخْتَار فِي قِرَاءَة ذَلِكَ " وَيُهَيِّئ لَكُمْ مِنْ أَمْركُمْ مِرْفَقًا " بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْفَاء , لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح اللُّغَتَيْنِ وَأَشْهَرهمَا فِي الْعَرَب , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلّ مَا اُرْتُفِقَ بِهِ مِنْ شَيْء .تفسير ابن كثير (http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1)

أم أبي التراب
12-11-2013, 04:40 PM
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا *»
قوله تعالى"وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ" في قوله"تَزَاوَرُ" قراءتان "تَزَّاور" بتشديد الزاي وأصلها تَتَزاور، و"تزَاور" بتخفيف الزاي، والمراد بذلك أنها تميل"عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ"تصور كيف يكون الكهف الآن إذا كانت تزاور عنه ذات اليمين؟ يكون وجه الكهف إلى الشمال. ولهذا قال بعضهم: إن وجه الكهف إلى «بنات نعش» النجوم المعروفة في السماء، يعرفها أهل البر.
"وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ" تكون على شمال الغار.
وقوله"تَقْرِضُهُمْ" قيل: المعنى تتركهم وقيل: تصيب منهم، وهو الأقرب أنها تصيب منهم، وفائدة هذه الإصابة أن تمنع أجسامَهم من التغيُّر لأن الشمس كما يقول الناس: إنها صحة وفائدة للأجسام.
"وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ" الضمير يعود على هؤلاء الفتية، هذه الفجوة يعني الشيء الداخل، يعني ليسوا على باب الكهف مباشرة، بل في مكان داخل، لأن ذلك أحفظ لهم.
وفي قوله تعالى"إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ"."وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ" دليل على أن الشمس هي التي تتحرك وهي التي بتحركها يكون الطلوع والغروب خلافاً لما يقوله الناس اليوم من أن الذي يدور هو الأرض، وأما الشمس فهي ثابتة، فنحن لدينا شيء من كلام الله، الواجب علينا أن نجريه على ظاهره وألا نتزحزح عن هذا الظاهر إلاَّ بدليل بَيِّن، فإذا ثبت لدينا بالدليل القاطع أن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض فحينئذ يجب أن نؤول الآيات إلى المعنى المطابق للواقع، فنقول: إذا طلعت في رأي العين وإذا غربت في رأي العين، تزاور في رأي العين، تقرض في رأي العين، أما قبل أن يتبين لنا بالدليل القاطع أن الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور وبدورانها يختلف الليل والنهار فإننا لا نقبل هذا أبداً، علينا أن نقول: إنَّ الشمس هي التي بدورانها يكون الليل والنهار، لأن الله أضاف الأفعال إليها والنبي صلّى الله عليه وسلّم حينما غربت الشمس قال لأبي ذر: «أتدري أين تذهب؟»5 فأسند الذَّهاب إليها، ونحن نعلم علم اليقين أن الله تعالى أعلم بخلقه ولا نقبل حدْساً ولا ظناً، ولكن لو تيقنا يقيناً أن الشمس ثابتة في مكانها وأن الأرض تدور حولها، ويكون الليل والنهار، فحينئذ تأويل الآيات واجب حتى لا يخالف القرآن الشيء المقطوع به.
قال تعالى"وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا *»
الضمير يعود على حال هؤلاء الفتية:
1 ـ خروجهم من قومهم.
2 ـ إيواؤهم لهذا الغار.
3 ـ تيسير الله عزّ وجل لهم غارًا مناسبًا.
لا شك أن هذا من آيات الله الدالة على حكمته ورحمته عزّ وجل، هل نعتبر أن هذا كرامة؟
الجواب: نعم نعتبره كرامة ولا شك.
"مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا" "مَنْ يَهْدِ" «من» شرطية والدليل على أنها شرطية حذف الياء مِن يهدي، والجواب: «فهو المهتدِ» و«المهتد» أصلها «المهتدي» بالياء لكن حذفت الياء تخفيفاً كما حذفت في قوله تعالى"الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ"الرعد: 9 .
"مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا" أي يُقدِّر أن يكون ضالاً.
"فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا" أي من يتولاه ويرشده إلى الصواب، وفي هذا الخبر من الله تنبيه إلى أننا لا نسألُ الهداية إلاَّ من الله، وأننا لا نجزع إذا رأينا من هو ضال لأن الإضلال بيد الله، فنحن نؤمن بالقدر ولا نَسخطُ الإضلال الواقع من الله لكن يجب علينا أن نُرشد هؤلاء الضالين، فهنا شرع وقدَر، القدر يجب عليك أن ترضى به على كل حال، والمقدور فيه تفصيل. والمشروع يجب أن ترضى به على كل حال، فنحن نرضى أن الله جعل الناس على قسمين مهتد وضال، ولكن يجب علينا مع ذلك أن نسعى في هداية الخلق.تفسير العثيمين .
(http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
12-25-2013, 06:18 AM
{17} ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾أي: حفظهم الله من الشمس فيسر لهم غارا إذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا، وعند غروبها تميل عنه شمالا فلا ينالهم حرها فتفسد أبدانهم بها، ( وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ) أي: من الكهف أي: مكان متسع، وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم، ويزول عنهم الوخم والتأذي بالمكان الضيق، خصوصا مع طول المكث، وذلك من آيات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم، وإجابة دعائهم وهدايتهم حتى في هذه الأمور، ولهذا قال: ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ) أي: لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله، فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين، ( وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ) أي: لا تجد من يتولاه ويدبره، على ما فيه صلاحه، ولا يرشده إلى الخير والفلاح، لأن الله قد حكم عليه بالضلال، ولا راد لحكمه.

تفسير السعدي (http://www.e-quran.com/saady/saady-s18.html)
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره { وَتَرَى الشَّمْس } يَا مُحَمَّد { إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { تَزَاوَرُ } : تَعْدِل وَتَمِيل , مِنْ الزِّوَر : وَهُوَ الْعِوَج وَالْمَيْل ; يُقَال مِنْهُ : فِي هَذِهِ الْأَرْض زَوَر : إِذَا كَانَ فِيهَا اِعْوِجَاج , وَفِي فُلَان عَنْ فُلَان اِزْوِرَار , إِذَا كَانَ فِيهِ عَنْهُ إِعْرَاض ; وَمِنْهُ قَوْل بِشْر بْن أَبِي خَازِم : يَؤُمّ بِهَا الْحُدَاة مِيَاه نَخْل وَفِيهَا عَنْ أَبَانِينِ اِزْوِرَار يَعْنِي : إِعْرَاضًا وَصَدًّا . وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْبَصْرَة : " تَزَّاوَرُ " بِتَشْدِيدِ الزَّاي , بِمَعْنَى : تَتَزَاوَر بِتَاءَيْنِ , ثُمَّ أُدْغِمَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الزَّاي , كَمَا قِيلَ : تَظَّاهَرُونَ عَلَيْهِمْ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : { تَزَاوَرُ } بِتَخْفِيفِ التَّاء وَالزَّاي , كَأَنَّهُ عَنَى بِهِ تَفَاعُل مِنْ الزَّوَر . وَرُوِيَ عَنْ بَعْضهمْ : " تَزْوَرّ " بِتَخْفِيفِ التَّاء وَتَسْكِين الزَّاي وَتَشْدِيد الرَّاء مِثْل تَحْمَرّ , وَبَعْضهمْ : " تَزْوَارّ " مِثْل تَحْمَارّ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي قِرَاءَة ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ , أَعْنِي { تَزَاوَرُ } بِتَخْفِيفِ الزَّاي , و { تَزَّاوَرُ } بِتَشْدِيدِهَا مَعْرُوفَتَانِ , مُسْتَفِيضَة الْقِرَاءَة بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب . وَأَمَّا الْقِرَاءَتَانِ الْأُخْرَيَانِ فَإِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ لَا أَرَى الْقِرَاءَة بِهِمَا , وَإِنْ كَانَ لَهُمَا فِي الْعَرَبِيَّة وَجْه مَفْهُوم , لِشُذُوذِهِمَا عَمَّا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } قَالَ : تَمِيل . 17284 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : حدثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : حد ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول : تَمِيل عَنْهُمْ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : حدثني أَبِي , قَالَ : حدثني عَمِّي , قَالَ : حد ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَمِيل عَنْ كَهْفهمْ يَمِينًا وَشِمَالًا . 17285 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } يَقُول : تَمِيل ذَات الْيَمِين , تَدَعهُمْ ذَات الْيَمِين . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين } قَالَ : تَمِيل عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين . 17286 - حُدِّثْت عَنْ يَزِيد بْن هَارُون , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ يَعْلَى بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَوْ أَنَّ الشَّمْس تَطْلُع عَلَيْهِمْ لَأَحْرَقَتْهُمْ , وَلَوْ أَنَّهُمْ لَا يُقَلَّبُونَ لَأَكَلَتْهُمْ الْأَرْض , قَالَ : وَذَلِكَ قَوْله : { وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ ذَات الْيَمِين وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : { تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفهمْ } تَمِيل .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْس تَتْرُكهُمْ مِنْ ذَات شِمَالهمْ . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَتَرَى الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ تَعْدِل عَنْ كَهْفهمْ , فَتَطْلُع عَلَيْهِ مِنْ ذَات الْيَمِين , لِئَلَّا تُصِيب الْفِتْيَة , لِأَنَّهَا لَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ قُبَالهمْ لَأَحْرَقَتْهُمْ وَثِيَابهمْ , أَوْ أَشْحَبَتْهُمْ . وَإِذَا غَرَبَتْ تَتْرُكهُمْ بِذَاتِ الشِّمَال , فَلَا تُصِيبهُمْ ; يُقَال مِنْهُ : قَرَضْت مَوْضِع كَذَا : إِذَا قَطَعْته فَجَاوَزْته . وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُول بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ أَهْل الْبَصْرَة . وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْمُحَاذَاة , وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ الْعَرَب قَرَضْته قُبُلًا وَدُبُرًا , وَحَذَوْته ذَات الْيَمِين وَالشِّمَال , وَقُبُلًا وَدُبُرًا : أَيْ كُنْت بِحِذَائِهِ ; قَالُوا : وَالْقَرْض وَالْحَذْو بِمَعْنًى وَاحِد . وَأَصْل الْقَرْض : الْقَطْع , يُقَال مِنْهُ : قَرَضْت الثَّوْب : إِذَا قَطَعْته ; وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمِقْرَاضِ : مِقْرَاض , لِأَنَّهُ يَقْطَع ; وَمِنْهُ قَرَضَ الْفَأْر الثَّوْب ; وَمِنْهُ قَوْل ذِي الرِّمَّة : إِلَى ظُعْن يَقْرِضْنَ أَجْوَاز مُشْرِف شِمَالًا وَعَنْ أَيْمَانهنَّ الْفَوَارِس يُعْنَى بِقَوْلِهِ : يَقْرِضْنَ : يَقْطَعْنَ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17287 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثني أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَذَرهُمْ . 17288 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ } تَتْرُكهُمْ ذَات الشِّمَال . 17289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { تَقْرِضُهُمْ } قَالَ : تَتْرُكهُمْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 17290 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } يَقُول : تَدَعهُمْ ذَات الشِّمَال . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { تَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال } قَالَ : تَدَعهُمْ ذَات الشِّمَال . * - حَدَّثَنَا اِبْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن أَبِي الْوَضَّاح عَنْ سَالِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ } قَالَ : تَتْرُكهُمْ .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } يَقُول : وَالْفِتْيَة الَّذِينَ أَوَوْا إِلَيْهِ فِي مُتَّسَع مِنْهُ يُجْمَع : فَجَوَات , وَفِجَاء مَمْدُودًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذَكَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17291 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } يَقُول : فِي فَضَاء مِنْ الْكَهْف , قَالَ اللَّه : { ذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه } . 17292 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : الْمَكَان الدَّاخِل . 17293 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { وَهُمْ فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : الْمَكَان الذَّاهِب . * - حَدَّثَنِي اِبْن سِنَان , قَالَ : ثنا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم أَبُو سَعِيد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ سَالِم الْأَفْطَس , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر { فِي فَجْوَة مِنْهُ } قَالَ : فِي مَكَان دَاخِل .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله : { ذَلِكَ مِنْ آيَات اللَّه } يَقُول عَزَّ ذِكْره : فَعَلْنَا هَذَا الَّذِي فَعَلْنَا بِهَؤُلَاءِ الْفِتْيَة الَّذِينَ قَصَصْنَا عَلَيْكُمْ أَمْرهمْ مِنْ تَصْيِيرِنَاهُمْ , إِذْ أَرَدْنَا أَنْ نَضْرِب عَلَى آذَانهمْ بِحَيْثُ تَزَاوَرُ الشَّمْس عَنْ مَضَاجِعهمْ ذَات الْيَمِين إِذَا هِيَ طَلَعَتْ , وَتَقْرِضُهُمْ ذَات الشِّمَال إِذَا هِيَ غَرَبَتْ , مَعَ كَوْنهمْ فِي الْمُتَّسَع مِنْ الْمَكَان , بِحَيْثُ لَا تُحْرِقهُمْ الشَّمْس فَتُشْحِبُهُمْ , وَلَا تَبْلَى عَلَى طُول رَقْدَتهمْ ثِيَابهمْ , فَتَعْفَنُ عَلَى أَجْسَادهمْ , مِنْ حُجَج اللَّه وَأَدِلَّته عَلَى خَلْقه , وَالْأَدِلَّة الَّتِي يُسْتَدَلّ بِهَا أُولُو الْأَلْبَاب عَلَى عَظِيم قُدْرَته وَسُلْطَانه , وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزهُ شَيْء أَرَادَهُ .
{17} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا وَقَوْله { مَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَد } يَقُول عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ يُوَفِّقهُ اللَّه لِلِاهْتِدَاءِ بِآيَاتِهِ وَحُجَجه إِلَى الْحَقّ الَّتِي جَعَلَهَا أَدِلَّة عَلَيْهِ , فَهُوَ الْمُهْتَدِي . يَقُول : فَهُوَ الَّذِي قَدْ أَصَابَ سَبِيل الْحَقّ . { وَمَنْ يُضْلِلْ } يَقُول : وَمَنْ أَضَلَّهُ اللَّه عَنْ آيَاته وَأَدِلَّته , فَلَمْ يُوَفِّقهُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا عَلَى سَبِيل الرَّشَاد { فَلَنْ تَجِد لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } يَقُول : فَلَنْ تَجِد لَهُ يَا مُحَمَّد خَلِيلًا وَحَلِيفًا يُرْشِدهُ لِإِصَابَتِهَا , لِأَنَّ التَّوْفِيق وَالْخِذْلَان بِيَدِ اللَّه , يُوَفِّق مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده , وَيَخْذُل مَنْ أَرَادَ ; يَقُول : فَلَا يَحْزُنك إِدْبَار مَنْ أَدْبَرَ عَنْك مِنْ قَوْمك وَتَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ , فَإِنِّي لَوْ شِئْت هَدَيْتهمْ فَآمَنُوا , وَبِيَدِي الْهِدَايَة وَالضَّلَال .
تفسير ابن كثير (http://quran.al-islam.com/Page.aspx?pageid=221&BookID=13&Page=1)

أم أبي التراب
01-01-2014, 06:09 AM
مجلس رقم 18
29صفر 1435



«وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً»18

« وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ » أي: تحسبهم أيها الناظر إليهم [ كأنهم ] أيقاظ، والحال أنهم نيام، قال المفسرون: وذلك لأن أعينهم منفتحة، لئلا تفسد، فالناظر إليهم يحسبهم أيقاظا، وهم رقود، « وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ » * وهذا أيضا من حفظه لأبدانهم، لأن الأرض من طبيعتها، أكل الأجسام المتصلة بها، فكان من قدر الله، أن قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا بقدر ما لا تفسد الأرض أجسامهم، والله تعالى قادر على حفظهم من الأرض، من غير تقليب، ولكنه تعالى حكيم، أراد أن تجري سنته في الكون، ويربط الأسباب بمسبباتها.
« وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ » أي: الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته، فكان باسطا ذراعيه بالوصيد، أي: الباب، أو فنائه، هذا حفظهم من الأرض.
وأما حفظهم من الآدميين، فأخبر أنه حماهم بالرعب، الذي نشره الله عليهم، فلو اطلع عليهم أحد، لامتلأ قلبه رعبا، وولى منهم فرارا، وهذا الذي أوجب أن يبقوا كل هذه المدة الطويلة، وهم لم يعثر عليهم أحد، مع قربهم من المدينة جدا، والدليل على قربهم، أنهم لما استيقظوا، أرسلوا أحدهم، يشتري لهم طعاما من المدينة، وبقوا في انتظاره، فدل ذلك على شدة قربهم منها.
تفسير السعدي (http://www.e-quran.com/saady/saady-s18.html)
*
ومعلوم أن الإنسان إذا قُدِّر له أنْ ينام فترة طويلة على سرير المرض يُصَاب بمرض آخر يُسمُّونه قرحة الفراش، نتيجة لنومه المستمر على جانب واحد ـ عافانا الله وإياكم ـ


*أيها الرائي: إذا رأيتهم «أَيْقَاظًا» لأنه ليس عليهم علامة النوم، فالنائم يكون مسترخياً، وهؤلاء كأنهم أيقاظ، ولذلك يُفرِّق الإنسان بين رجل نائم ورجل مضطجع لمَّا يراه، حتى لو أن المضطجع أراد أن يتناوم ويخدع صاحبه لعرف أنه ليس بنائم. «وَهُمْ رُقُودٌ» جمع راقد.
«وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ» يعني مرة يكونوا على اليمين ومرة على الشمال، ولم يذكر الله الظهر ولا البطن، لأن النوم على اليمين وعلى الشمال هو الأكمل.
«وَنُقَلِّبُهُمْ» فيه دليل على أن فعل النائم لا ينسب إليه، ووجه الدلالة أن الله أضاف تقلبهم إليه، فلو أنّ النائم قال في نومه: «امرأتي طالق» أو «في ذمتي لفلان ألف ريال» لم يثبت لأنه لا قصد له ولا إرادة له؛ لا في القول؛ ولا في الفعل، والحكمة من تقليبهم ذات اليمين وذات الشمال: بعض العلماء قال لئلاَّ تأكل الأرض الجانب الذي يكون ملاصقاً لها، ولكن الصحيح أن الحكمة ليست هذه، الحكمة من أجل توازن الدم في الجسد لأن الدم يسير في الجسد، فإذا كان في جانب واحد أوشك أن ينحَرِم منه الجانب الأعلى، ولكن الله بحكمته جعلهم يتقلبون.
قوله تعالى: «وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ» يعني كأنه، والله أعلم، لم ينم.
«بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ» أي جالس على بطنه وقد مدَّ ذراعيه.
«بِالْوَصِيدِ» وهو فتحة الكهف أو فِناء الكهف يعني: إما أن يكون على الفتحة، وإما أن يكون إلى جنب الكهف في فِنائه ليحرسهم، وفي هذا دليل على جواز اتخاذ الكلب للحراسة، حراسة الآدميين، أما حراسة الماشية فقد جاءت به السنّة، وحراسة الحرث جاءت به السنة كذلك. حراسة الآدمي من باب أولى لأنه إذا جاز اتخاذ الكلب لحراسة الماشية والحرث أو للصيد الذي هو كمال فاتخاذه لحراسة البيت من باب أولى.
قال الله تعالى: «لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا» أي لو اطَّلعت أيها الرائي عليهم لولَّيت منهم فراراً، رهبة ينْزِلها الله عزّ وجل في قلب من يراهم، حتى لا يحاول أحد أن يدنو منهم، ولهذا قال: «لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا» مع أنهم لم يلحقوه، لكنه خائف منهم.
«وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا» ملئت: لم يُملأ قلبُه فقط، بل كلُّه، وهذا يدل على شدة الخوف الذي يحصل لمن رآهم.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

«وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا»
ذَكَرَ بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّهُمْ لَمَّا ضَرَبَ اللَّه عَلَى آذَانهمْ بِالنَّوْمِ لَمْ تَنْطَبِق أَعْيُنهمْ لِئَلَّا يُسْرِع إِلَيْهَا الْبِلَى فَإِذَا بَقِيَتْ ظَاهِرَة لِلْهَوَاءِ كَانَ أَبْقَى لَهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى « وَتَحْسَبهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُود » وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ الذِّئْب أَنَّهُ يَنَام فَيُطْبِق عَيْنًا وَيَفْتَح عَيْنًا ثُمَّ يَفْتَح هَذِهِ وَيُطْبِق هَذِهِ وَهُوَ رَاقِد كَمَا قَالَ الشَّاعِر : يَنَام بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي ... بِأُخْرَى الرَّزَايَا فَهُوَ يَقْظَان نَائِم وَقَوْله تَعَالَى « وَنُقَلِّبُهُمْ ذَات الْيَمِين وَذَات الشِّمَال » قَالَ بَعْض السَّلَف : يُقْلَبُونَ فِي الْعَام مَرَّتَيْنِ قَالَ اِبْن عَبَّاس : لَوْ لَمْ يُقْلَبُوا لَأَكَلَتْهُمْ الْأَرْض وَقَوْله « وَكَلْبهمْ بَاسِط ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ » قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد ابْن جُبَيْر وَقَتَادَة؛ الْوَصِيد: الْفِنَاء ؛وَقَالَ اِبْن عَبَّاس بِالْبَابِ وَقِيلَ بِالصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَاب وَالصَّحِيح أَنَّهُ بِالْفِنَاءِ وَهُوَ الْبَاب وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى « إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَة » أَيْ مُطْبَقَة مُغْلَقَة وَيُقَال وَصِيد وَأَصِيد رَبْض كَلْبهمْ عَلَى الْبَاب كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَة الْكِلَاب قَالَ اِبْن جُرَيْج : يَحْرُس عَلَيْهِمْ الْبَاب وَهَذَا مِنْ سَجِيَّته وَطَبِيعَته حَيْثُ يَرْبِض بِبَابِهِمْ كَأَنَّهُ يَحْرُسهُمْ وَكَانَ جُلُوسه خَارِج الْبَاب لِأَنَّ الْمَلَائِكَة لَا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ كَلْب كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيح وَلَا صُورَة ....كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيث الْحَسَن . وَشَمِلَتْ كَلْبهمْ فَأَصَابَهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ النَّوْم عَلَى تِلْكَ الْحَال وَهَذَا فَائِدَة صُحْبَة الْأَخْيَار فَإِنَّهُ صَارَ لِهَذَا الْكَلْب ذِكْر وَخَبَر وَشَأْن وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ كَانَ كَلْب صَيْد لِأَحَدِهِمْ وَهُوَ الْأَشْبَه وَقِيلَ كَلْب طَبَّاخ الْمَلِك وَقَدْ كَانَ وَافَقَهُمْ عَلَى الدِّين وَصَحِبَهُ كَلْبه فَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ اِبْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة هَمَّام بْن الْوَلِيد الدِّمَشْقِيّ : حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن عُمَر الْغَسَّانِيّ حَدَّثَنَا عَبَّاد الْمِنْقَرِيّ سَمِعْت الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَقُول : كَانَ اِسْم كَبْش إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جَرِير وَاسْم هُدْهُد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عنفز وَاسْم كَلْب أَصْحَاب الْكَهْف قِطْمِير وَاسْم عِجْل بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِي عَبَدُوهُ بهموت .
وَهَبَطَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام بِالْهِنْدِ وَحَوَّاء بِجُدَّة وَإِبْلِيس بدست بيسان وَالْحَيَّة بِأَصْفَهَان وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ أَنَّهُ سَمَّاهُ حمران وَاخْتَلَفُوا فِي لَوْنه عَلَى أَقْوَال لَا حَاصِل لَهَا وَلَا طَائِل تَحْتهَا وَلَا دَلِيل عَلَيْهَا وَلَا حَاجَة إِلَيْهَا بَلْ هِيَ مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ فَإِنَّ مُسْتَنَدهَا رَجْم بِالْغَيْبِ وَقَوْله تَعَالَى « لَوْ اِطَّلَعْت عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْت مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْت مِنْهُمْ رُعْبًا » أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى أَلْقَى عَلَيْهِمْ الْمَهَابَة بِحَيْثُ لَا يَقَع نَظَر أَحَد عَلَيْهِمْ إِلَّا هَابَهُمْ لِمَا أُلْبِسُوا مِنْ الْمَهَابَة وَالذُّعْر لِئَلَّا يَدْنُو مِنْهُمْ أَحَد وَلَا تَمَسّهُمْ يَد لَامِس حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب أَجَله وَتَنْقَضِي رَقْدَتهمْ الَّتِي شَاءَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهُمْ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة وَالْحُجَّة الْبَالِغَة وَالرَّحْمَة الْوَاسِعَة .
تفسير ابن كثير (http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D8%A8%D9%86_ %D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%87% D9%81#.D9.88.D9.8E.D8.AA.D9.8E.D8.AD.D9.92.D8.B3.D 9.8E.D8.A8.D9.8F.D9.87.D9.8F.D9.85.D9.92_.D8.A3.D9 .8E.D9.8A.D9.92.D9.82.D9.8E.D8.A7.D8.B8.D9.8B.D8.A 7_.D9.88.D9.8E.D9.87.D9.8F.D9.85.D9.92_.D8.B1.D9.8 F.D9.82.D9.8F.D9.88.D8.AF.D9.8C_.D9.88.D9.8E.D9.86 .D9.8F.D9.82.D9.8E.D9.84.D9.90.D9.91.D8.A8.D9.8F.D 9.87.D9.8F.D9.85.D9.92_.D8.B0.D9.8E.D8.A7.D8.AA.D9 .8E_.D8.A7.D9.84.D9.92.D9.8A.D9.8E.D9.85.D9.90.D9. 8A.D9.86.D9.90_.D9.88.D9.8E.D8.B0.D9.8E.D8.A7.D8.A A.D9.8E_.D8.A7.D9.84.D8.B4.D9.90.D9.91.D9.85.D9.8E .D8.A7.D9.84.D9.90_.D9.88.D9.8E.D9.83.D9.8E.D9.84. D9.92.D8.A8.D9.8F.D9.87.D9.8F.D9.85.D9.92_.D8.A8.D 9.8E.D8.A7.D8.B3.D9.90.D8.B7.D9.8C_.D8.B0.D9.90.D8 .B1.D9.8E.D8.A7.D8.B9.D9.8E.D9.8A.D9.92.D9.87.D9.9 0_.D8.A8.D9.90.D8.A7.D9.84.D9.92.D9.88.D9.8E.D8.B5 .D9.90.D9.8A.D8.AF.D9.90_.D9.84.D9.8E.D9.88.D9.90_ .D8.A7.D8.B7.D9.8E.D9.91.D9.84.D9.8E.D8.B9.D9.92.D 8.AA.D9.8E_.D8.B9.D9.8E.D9.84.D9.8E.D9.8A.D9.92.D9 .87.D9.90.D9.85.D9.92_.D9.84.D9.8E.D9.88.D9.8E.D9. 84.D9.8E.D9.91.D9.8A.D9.92.D8.AA.D9.8E_.D9.85.D9.9 0.D9.86.D9.92.D9.87.D9.8F.D9.85.D9.92_.D9.81.D9.90 .D8.B1.D9.8E.D8.A7.D8.B1.D9.8B.D8.A7_.D9.88.D9.8E. D9.84.D9.8E.D9.85.D9.8F.D9.84.D9.90.D8.A6.D9.92.D8 .AA.D9.8E_.D9.85.D9.90.D9.86.D9.92.D9.87.D9.8F.D9. 85.D9.92_.D8.B1.D9.8F.D8.B9.D9.92.D8.A8.D9.8B.D8.A 7_.2818.29)

أم أبي التراب
01-01-2014, 07:28 AM
مجلس رقم 19
7ربيع أول 1435


وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ( 19 ) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ( 20 ) .
يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ ) أي: من نومهم الطويل (لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ) أي: ليتباحثوا للوقوف على الحقيقة من مدة لبثهم.
( قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) وهذا مبني على ظن القائل، وكأنهم وقع عندهم اشتباه. في طول مدتهم، فلهذا ( قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ ) فردوا العلم إلى المحيط علمه بكل شيء، جملة وتفصيلا ولعل الله تعالى - بعد ذلك- أطلعهم على مدة لبثهم، لأنه بعثهم ليتساءلوا بينهم، وأخبر أنهم تساءلوا، وتكلموا بمبلغ ما عندهم، وصار آخر أمرهم، الاشتباه، فلا بد أن يكون قد أخبرهم يقينا، علمنا ذلك من حكمته في بعثهم، وأنه لا يفعل ذلك عبثا. ومن رحمته بمن طلب علم الحقيقة في الأمور المطلوب علمها، وسعى لذلك ما أمكنه، فإن الله يوضح له ذلك، وبما ذكر فيما بعده من قوله. وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا فلولا أنه حصل العلم بحالهم، لم يكونوا دليلا على ما ذكر، ثم إنهم لما تساءلوا بينهم، وجرى منهم ما أخبر الله به، أرسلوا أحدهم بورقهم، أي: بالدراهم، التي كانت معهم، ليشتري لهم طعاما يأكلونه، من المدينة التي خرجوا منها، وأمروه أن يتخير من الطعام أزكاه، أي: أطيبه وألذه، وأن يتلطف في ذهابه وشرائه وإيابه، وأن يختفي في ذلك، ويخفي حال إخوانه، ولا يشعرن بهم أحدا. وذكروا المحذور من اطلاع غيرهم عليهم، وظهورهم عليهم، أنهم بين أمرين، إما الرجم بالحجارة، فيقتلونهم أشنع قتلة، لحنقهم عليهم وعلى دينهم، وإما أن يفتنوهم عن دينهم، ويردوهم في ملتم، وفي هذه الحال، لا يفلحون أبدا، بل يخسرون في دينهم ودنياهم وأخراهم، وقد دلت هاتان الآيتان، على عدة فوائد.
منها: الحث على العلم، وعلى المباحثة فيه، لكون الله بعثهم لأجل ذلك.
ومنها: الأدب فيمن اشتبه عليه العلم، أن يرده إلى عالمه، وأن يقف عند حده.
ومنها: صحة الوكالة في البيع والشراء، وصحة الشركة في ذلك.
ومنها: جواز أكل الطيبات، والمطاعم اللذيذة، إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه لقوله ( فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ) وخصوصا إذا كان الإنسان لا يلائمه إلا ذلك ولعل هذا عمدة كثير من المفسرين، القائلين بأن هؤلاء أولاد ملوك لكونهم أمروه بأزكى الأطعمة، التي جرت عادة الأغنياء الكبار بتناولها.
ومنها: الحث على التحرز، والاستخفاء، والبعد عن مواقع الفتن في الدين، واستعمال الكتمان في ذلك على الإنسان وعلى إخوانه في الدين.
ومنها: شدة رغبة هؤلاء الفتية في الدين، وفرارهم من كل فتنة، في دينهم وتركهم أوطانهم ؛في الله.
ومنها: ذكر ما اشتمل عليه الشر من المضار والمفاسد، الداعية لبغضه، وتركه، وأن هذه الطريقة، هي طريقة المؤمنين المتقدمين، والمتأخرين لقولهم: " وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا"
تفسير السعدي (http://www.e-quran.com/saady/saady-s18.html)

"وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا "*". قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ" أي كما فعلنا بهم من هذه العناية من تيسير الكهف لهم، وإنامتهم هذه المدة الطويلة، بعثهم الله، أي مثل هذا الفعل بعثناهم، فعلنا بهم فعلاً آخـر، { {لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ} } كما جرت به العادة أن الناس إذا ناموا يتساءلون إذا قاموا، من الناس من يقول: ماذا رأيت في منامك ومن الناس من يقول: لعلَّ نومك لذيذ أو ما أشبه ذلك "بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا" ليس المعنى أنهم بعثوا للتساؤل ولكن بعثوا فتساءلوا. فاللام جاءت للعاقبة لا للتعليل، كما في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} [القصص: 8] ، اللام ليست للتعليل أبداً، ولا يمكن أن تكون للتعليل لأن آل فرعون لم يلتقطوه ليكون لهم عدواً وحزناً، ولكنهم التقطوه فكان لهم عدواً وحزناً.
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ} كما جرت العادة، أي كم مدة لبثتم؟ { {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} } { {لَبِثْنَا يَوْمًا} } أي كاملاً.
{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} أي بعض اليوم، ذلك لأنهم دخلوا في أول النهار وبُعثوا من النوم في آخر النهار، فقالوا: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} إن كان هذا هو اليوم الثاني أو { {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} } إن كان هذا هو اليوم الأول، وهذا مما يدل على عمق نومهم.
{ {قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} } أي قال بعضهم لبعض، وكأن هؤلاء القائلين قد شعروا بأن النومة طويلة ولكن لا يستطيعون أن يُحدِّدوا، أمَّا الأولون فحددوا بناءً على الظاهر، وأما الآخرون فلم يحددوا بناء على الواقع، لأن الإنسان يفرق بين النوم اليسير والنوم الكثير، ثم قال بعضهم لبعض:
{ {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} } الوَرِق: هو الفضة كما جاء في الحديث: «وفي الرِّقةِ رُبْع العُشْرِ»[هنا (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%B1 %D9%91%D9%90%D9%82%D8%A9%D9%90+%D8%B1%D9%8F%D8%A8% D9%92%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%8F%D8%B4%D9%92%D 8%B1%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)] الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1454
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
.- «وفي الرقة ربع العشر». و (الرقة): الذهب والفضة. هنا (http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86%20%D9%81%D9%8 A%20%D9%85%D8%B0%D9%87%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%A5% D9%85%D8%A7%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%81 %D8%B9%D9%8A/%28%D9%81%D8%B1%D8%B9:%20%D8%B2%D9%83%D8%A7%D8%A9% 20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8 %B1%D8%A8%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B4%D8%B1%2 9/i431&d527843&c&p1)- كان معهم دراهم من الفضة.
{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} تضمن هذا:
أولاً: جواز التوكيل في الشراء، والتوكيل في الشراء جائز، وفي البيع جائز أيضاً، فإن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وكَّل أحد أصحابه أن يشتري له أضحية وأعطاه ديناراً، وقال: اشتر أضحية، فاشترى شاتين بالدينار ثم باع إحداهما بدينار فرجع بشاة ودينار، فدعا له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يبارك الله له في بيعه، فكان لواشترى تراباً لربح فيه.صحيح البخاري هنا (http://library.islamweb.net/Newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=6619)
وقد أخذ العلماء من هذا الحديث أنه يجوز تصرف الفضولي، أي يجوز للإنسان أن يتصرف بمال غيره إذا علم أن غيره يرضى بذلك، فهؤلاء وكلوا أحدهم أن يذهب إلى المدينة ويأتي برزق.
ثانياً: في هذا أيضاً دليل أنه لا بأس على الإنسان أن يطلب أطيب الطعام لقولهم: { {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} }.
ثالثاً: فيه دليل أيضاً على ضعف قول الفقهاء: إنه لا يصح الوصف بالأفعل، أي لا يجوز أن أصف المبيع بأنه أطيب كل شيء، فلا تقول: «أبيع عليك برَّاً أفضل ما يكون» لأنه ما من طَيِّب إلاَّ وفوقه أطيب منه، ولكن يقال: هذا يرجع إلى العرف، فأطيب: يعني في ذلك الوقت وفي ذلك المكان، وهل من السنّة ما يشهد لطلب الأزكى من الطعام؟ نعم، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقرَّ الصحابة الذين باعوا التمر الرديء بتمر جيد ليطعم النبي صلّى الله عليه وسلّم منه، ولم ينههم عن هذا، وما قال: هذا تَرَفُّه، اتركوا طلب الأطيب، فالإنسان قد فتح الله له في أن يختار الأطيب من الطعام أو الشراب أو المساكن أو الثياب أو المراكب، ما دام الله قد أعطاه القدرة على ذلك فلا يُلام.
{ {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} } يعني يشتري ويأتي به، فجمعوا بالتوكيل بين الشراء والإحضار.
{ {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} } أي يتعامل بخفية لئلاَّ يُشْعَر بهم فيؤذَون، وهذا يعني أنهم ظنوا أنهم لم يلبثوا إلاَّ قليلاً. ثم علَّلوا هذا؛ أي الأمر بالتلطف والنهي عن الإشعار بقولهم:
{{إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا *}}.
أي أنهم لا بد أنهم يقتلونكم أو يردونكم على أعقابكم بعد إيمانكم { {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} } أي إذا عدتم في ملَّتهم أبداً، وفي هذا دليل على أخذ الحذر من الأعداء بكل وسيلة إلاَّ الوسائل المحرمة؛ فإنها محرمة لا يجوز أن يقع الإنسان فيها.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19)

قوله: { بَعَثْنَاهُمْ } أي: أيقظناهم من نومهم؛ لأن نومهم الطويل الذي استغرق ثلاثمائة سنة وتِسْعاً أشبه الموت، فقال { بَعَثْنَاهُمْ } ، والبعْثُ هنا لقضية خاصة بهم، وهي أنْ يسأل بعضهم بعضاً عن مُدّة لُبْثهم في الكهف، وقد انقسموا في سؤالهم هذا إلى فريقين الفريق الأول: { قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ.. } [الكهف: 19]
فَردَّ الفريق الآخر بما تقضيه طبيعة الإنسان في النوم العادي فقال: { قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ.. } [الكهف: 19] فالإنسان لا يستطيع تقدير مدّة نومه بالضبط، لكن المعتاد في النوم أن يكون كذلك يوماً أو بعض يوم.
وقد أخذ العلماء من هذا القول أنهم حين تساءلوا هذا السؤال لم يجدوا في ذواتهم شيئاً يدلُّ على مرور زمن طويل، حيث وجدوا أنفسهم على الحال التي ناموا عليها، فلم يتغير مثلاً حالهم من الشباب إلى الشيخوخة، ولم يتغير شعرهم مثلاً إلى البياض؛ لذلك قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم، ولو وجدوا أنفسهم شيباً لقدَّروا الزمن المناسب لهذا الشيب.
وهذه وقفة المشدوه حين يُسْأل عن زمن لا يدري مُدته، إنه طويل عند الله إنما قصير عنده، وهذا كقوله تعالى في سورة البقرة:{ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىا طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَىا حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِلنَّاسِ.. }[البقرة: 259]
لقد حكم على مُدّة لُبْثه بيوم أو بعض يوم؛ لأنه وجد نفسه على الحال التي عهدها لم يتغير منه شيء، فكيف يتأتّى الصدق من الحق سبحانه في قوله (مائة عام) والصدق في قول العُزَيْر بيوم أو بعض يوم؟
لا شكَّ أننا أمام آية من آيات الخالق سبحانه، ومعجزة من معجزاته لا يقدر عليها إلا المالك للزمان والمكان، القابض للزمان ليوم أو بعض يوم، الباسط له إلى مائة عام.
لذلك أظهر الخالق سبحانه في هذه المعجزة الدليل على صدق القولين: ففي طعام العُزَير الذي ظلَّ على حاله طازجاً لم يتغير دليل على يوم أو بعض يوم، وفي حماره الذي رآه عظاماً بالية دليل على المائة عام، فسبحان الذي يجمع الشيء وضده في آن واحد.
ثم يقول تعالى حكاية عنهم: { قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ.. } [الكهف: 19] وهو قَوْل الجماعة الذين أرادوا إنهاء الخلاف في هذه المسألة، فقالوا لإخوانهم: دعونا من هذه القضية التي لا تفيد، واتركوا أمرها لله تعالى. ودائماً يأمرنا الحق سبحانه بأنْ ننقلَ الجدل من شيء لا ننتهي فيه إلى شيء، ونُحوله للأمر المثمر النافع؛ لذلك قالوا: { فَابْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـاذِهِ إِلَىا الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىا طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } [الكهف: 19]
والوَرِق يعني العملة من الفضة، فأرادوا أنْ يرسلوا أحدهم بما معهم من النقود ليشتري لهم من المدينة طعاماً؛ لأنهم بمجرد أن استيقظوا انتهت حالتهم الاستثنائية، وعادوا إلى طبيعتهم؛ لذلك طلبوا الطعام، لكن نلحظ هنا أن الجوع لم يحملهم على طلب مطلق الطعام، بل تراهم حريصين على تزكية طعامهم واختيار أَطيبه وأَطْهره، وأبعده عن الحرام.

وكذلك لم يَفُتْهم أنْ يكونوا على حذر من قومهم، فَمْن سيذهب منهم إلى هذه المهمة عليه أن يدخل المدينة خِلْسة، وأن يتلطف في الأمر حتى لا يشعر به أحد من القوم، ذلك لأنهم استيقظوا على الحالة التي ناموا عليها، وما زالوا على حَذَر من قومهم يظنون أنهم يتتبعونهم ويبحثون عنهم، ويسعَوْن للقضاء عليهم.
ثم يقول الحق سبحانه: " إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ... ".
منقول

أم أبي التراب
01-15-2014, 03:23 PM
مجلس رقم 20
14ربيع أول 1435
"وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا" (21)

يخبر تعالى, أنه أطلع الناس على حال أهل الكهف.
وذلك - والله أعلم - بعدما استيقظوا, وبعثوا أحدهم, يشتري لهم طعاما, وأمروه بالاستخفاء والإخفاء.
فأراد الله أمرا, فيه صلاح للناس, وزيادة أجر لهم, وهو أن الناس رأوا منهم آية من آيات الله, المشاهدة بالعيان, على أن وعد الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا بعد, بعدما كانوا يتنازعون بينهم أمرهم.
فمن مثبت للوعد والجزاء, ومن ناف لذلك.
فجعل قصتهم, زيادة بصيرة ويقين للمؤمنين, وحجة على الجاحدين, وصار لهم أجر هذه القضية.
وشهر الله أمرهم, ورفع قدرهم حتى عظمهم الذين اطلعوا عليهم.
" فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا " الله أعلم بحالهم ومآلهم.
وقال من غلب على أمرهم - وهم الذين لهم الأمر: " لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا " أي: نعبد الله تعالى فيه, ونتذكر به أحوالهم, وما جرى لهم.
وهذة الحالة محظورة, نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم, وذم فاعليها ولا يدل ذكرها هنا, على عدم ذمها, فإن السياق في شأن أهل الكهف والثناء عليهم, وأن هؤلاء وصل بهم الحال إلى أن قالوا: ابنوا عليهم مسجدا بعد خوف أهل الكهف الشديد من قومهم, وحذرهم من الاطلاع عليهم, فوصلت الحال إلى ما ترى.
وفي هذه القصة, دليل على أن من فر بدينه من الفتن, سلمه الله منها.
وأن من حرص على العافية, عافاه الله.
ومن أوى إلى الله, آواه الله, وجعله هداية لغيره.
ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته, كان آخر أمره وعاقبته, العز العظيم, من حيث لا يحتسب " وما عند الله خير للأبرار " .
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-21.html)
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} يعني مثل بعثهم من نومهم، فإن الله أعثر عليهم يعني أطلع عليهم قومهم.
{لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أطلع الله عليهم قومهم {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} إما أن المعنى بقيام الساعة الذي كان ينكره هؤلاء أو لأن الله تعالى يُنجي المؤمنين من الكفار، لأن هؤلاء السبعة نجوا من أمة عظيمة تقاتلهم وتنهاهم عن التوحيد.
{وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا} . {وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا} أي قيام الساعة. {وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا} أي لا شك، واقعة لا محالة.
{إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ} متعلقة بأعثرنا، أعثرنا عليهم حتى تنازعوا أمرهم بينهم، تنازعوا فيما بينهم ماذا نفعل بهم؟ أنتركهم أم ماذا نصنع بهم؟
{فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً} يعني ابنوا عليهم بنياناً حتى يكون أثراً من الآثار وحماية لهم.
{رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} يعني توقفوا في أمرهم كيف يَبقَونَ ثلاث مائة سنة وتسع سنين لا يأكلون ولا يشربون ولا يتغيرون أيضاً.
{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} وهم أمراؤهم {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} بدل من أن نبني بنياناً نحوطهم به ونسترهم به ولا يكون لهم أثر {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} أي لنجعلن عليهم مسجداً نتخذه مصلى، والظاهر أنهم فعلوا لأن القائل هم الأمراء الذين لهم الغلبة.
هذا الفعل، اتخاذ المساجد على القبور، من وسائل الشرك وقد جاءت شريعتنا بمحاربته حتى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال وهو في سياق الموت: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يُحذِّر ما صنعوا».
*عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال في مرضهِ الذي مات فيه : لعن اللهُ اليهودَ والنصارى، اتخذوا قبورَ أنبيائهمْ مسجدًا . قالت : ولولا ذلك لأبرَزوا قبَرهُ، غير أني أخشى أن يُتخذَ مسجدًا . الراوي: عائشة أم المؤمنين - المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1330- خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF% 20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89 %20%D8%A7%D8%AA%D8%AE%D8%B0%D9%88%D8%A7%20%D9%82%D 8%A8%D9%88%D8%B1)


ثم قال عزّ وجل مبيناً اختلاف الناس في عددهم:
* * *
{{سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا *}}.
سيقولون ثلاثة، أربعة، خمسة، كيف يمكن أن يكون قولان لغائب واحد؟ هذا يخرج على وجهين:
الوجه الأول: أن المعنى سيقول بعضهم ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقول البعض الآخر: خمسة سادسهم كلبهم، ويقول البعض الثالث: سبعة وثامنهم كلبهم.
والوجه الثاني: أن المعنى أنهم سيترددون؛ مرة يقولون: ثلاثة، ومرة يقولون: خمسة، ومرة يقولون: سبعة. وكلاهما محتمل ولا يتنافيان، فتَجدُهم أحياناً يقولون كذا، وأحياناً يقولون كذا؛ حسب ما يكون في أذهانهم.
قال الله تعالى: { {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} } قاله في الذين قالوا: { {ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} } و{ {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} }، كلا القولين قال الله تعالى إنهم قالوه: { {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} } أي راجمين بالغيب، وليس عندهم يقين.
{ {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} } ولم يقل: رجماً بالغيب، بل سكت سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن عددهم سبعة وثامنهم كلبهم، لأن الله عندما أبطل القولين الأولين، وسكت عن الثالث صار الثالث صواباً،
نظيره قول الله تبارك وتعالى في المشركين إذا فعلوا فاحشة: {{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا}} هذا واحد، {{وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}} هذا اثنان، قال الله تعالى: {{قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}} [الأعراف: 28] ، فأبطل قولهم: {{وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}} وسكت عن الأول؛ فدل على أن الأول: {{وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا}} صحيح، وهنا لما قال: { {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} } في القولين الأولين، وسكت عن الثالث دل على أنهم سبعة وثامنهم كلبهم.
-وقال غير الشيخ العثيمين : مما يدُّل على أنه الأقرب
للصواب - انتهى.
{ {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} } يعني إذا حصل نزاع فقل للناس: { {رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} } وهل أعلمنا الله بعدتهم؟
الجواب: نعم؛ أعلمنا بأنهم سبعة وثامنهم كلبهم، يعني فإذا كان الله أعلم بعدتهم فالواجب أن نرجع إلى ما أعلمنا الله به، ونقول جازمين بأن عدتهم سبعة وثامنهم كلبهم.
{ {مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ} } أي ما يعلمهم قبل إعلام الله أنهم سبعة وثامنهم كلبهم إلاَّ قليل.
{ {فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ} } أي في شأنهم، في زمانهم، في مكانهم، في مآلهم.
{ {فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا} } أي لا يصل إلى القلب لأنه إذا وصل الجدال إلى القلب اشتد المجادل، وغضب وانتفخت أوداجه وتأثر، لكن لما لم يكن للجدال فيهم كبير فائدة قال الله تعالى: { {فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا} } يعني إلاَّ مراءً على اللسان لا يصل إلى القلب، ويؤخذ من هذا أن ما لا فائدة للجدال فيه لا ينبغي للإنسان أن يتعب قلبه في الجدال به، وهذا يقع كثيراً؛ أحياناً يحتمي بعض الناس إذا جودل في شيء لا فائدة فيه، فنقول: «يا أخي لا تتعب، اجعل جدالك ظاهراً على اللسان فقط لا يصل إلى القلب فتحتمي وتغضب»، وهذا يدل على أن ما لا خير فيه فلا ينبغي التعمق فيه، وهذا كثير، وأكثر ما يوجد في علم الكلام، فإن علماء الكلام الذين خاضوا في التوحيد وفي العقيدة يأتون بأشياء لا فائدة منها، مثل قولهم: «تسلسل الحوادث في الأزل وفي المستقبل» وما شابه ذلك من الكلام الفارغ الذي لا داعيَ له، وهم يكتبون الصفحات في تحرير هذه المسألة نفياً أو إثباتاً مع أنه لا طائل تحتها، فالشيء الذي ليس فيه فائدة لا تتعب نفسك فيه، وإذا رأيت من صاحبك المجادلة فقل له: «تأمل الموضوع» وسدَّ الباب.
{ {وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} } أي ولا تستفت في أهل الكهف { {وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} } أي من الناس سواءٌ من أهل الكتاب أم من غيرهم أحداً عن حالهم وزمانهم ومكانهم، وفيه إشارة إلى أن الإنسان لا ينبغي أن يستفتي من ليس أهلاً للإفتاء، حتى وإن زعم أن عنده علماً فلا تَسْتَفْتِهِ إذا لم يكن أهلاً.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

ثم يأتي القول الفَصْل في هذه المسألة: { قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ.. } [الكهف: 22] فلم يُبيّن لنا الحق سبحانه عددهم الحقيقي، وأمرنا أن نترك هذا لعلمه سبحانه، ولا نبحث في أمر لا طائل منه، ولا فائدة من ورائه، فالمهم أنْ يثبت أَصْل القصة وهو: الفتية الأشدّاء في دينهم والذين فَرُّوا به وضَحَّوْا في سبيله حتى لا يفتنهم أهل الكفر والطغيان، وقد لجأوا إلى الكهف ففعل الله بهم ما فعل، وجعلهم آيةً وعبرةً ومثَلاً وقدْوة.
أما فرعيات القصة فهي أمور ثانوية لا تُقدّم ولا تُؤخّر؛ لذلك قال تعالى بعدها: { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً.. } [الكهف: 22] أي: لا تجادل في أمرهم.
ثم يأتي فضول الناس ليسألوا عن زمن القصة ومكانها، وعن أشخاصها وعددهم وأسمائهم، حتى كلبهم تكلموا في اسمه. وهذه كلُّها أمور ثانوية لا تنفع في القصة ولا تضرُّ، ويجب هنا أن نعلم أن القَصَص القرآني حين يبهم أبطاله يبهمهم لحكمة، فلو تأملتَ إبهام الأشخاص في قصة أهل الكهف لوجدته عَيْن البيان لأصل القصة؛ لأن القرآن لو أخبرنا مثلاً عن مكان هؤلاء الفتية لقال البعض: إن هذا الحدث من الفتية خاص بهذا المكان؛ لأنه كان فيه قدر من حرية الرأي.
ولو حدد زمانهم لَقال البعض: لقد حدث ما حدث منهم؛ لأن زمانهم كان من الممكن أن يتأتّى فيه مثل هذا العمل، ولو حدد الأشخاص وعيَّنهم لقالوا: هؤلاء أشخاص لا يتكررون مرة أخرى.
لذلك أبهمهم الله لتتحقّق الفائدة المرجوّة من القصة، أبهمهم زماناً، أبهمهم مكاناً، وأبهمهم عدداً، وأبهمهم أشخاصاً ليشيع خبرهم بهذا الوصف في الدنيا كلها لا يرتبط بزمان ولا مكان ولا أشخاص، فحمل راية الحق، والقيام به أمر واجب وشائع في الزمان والمكان والأشخاص، وهذا هو عَيْن البيان للقصة، وهذا هو المغزى من هذه القصة.
وانظر إلى قوله تبارك وتعالى: { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ.. } [غافر: 28]
هكذا { رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ } دون أن يذكر عنه شيئاً، فالمهم أن الرجولة في الإيمان، أيّاً كان هذا المؤمن في أيّ زمان، وفي أيّ مكان، وبأيّ اسم، وبأيّ صفة.
كذلك في قوله تعالى:{ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ.. }[التحريم: 10] ولم يذكر عنهما شيئاً، ولم يُشخِّصهما؛ لأن التشخيص هنا لا يفيد، فالمهم والمراد من الآية بيانُ أن الهداية بيد الله وحده، وأن النبي المرسَل من الله لم يستطع هداية زوجته وأقرب الناس إليه، وأن للمرأة حريةً عَقَيدة مُطْلقة.

وكذلك في قوله:{ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ.. }[التحريم: 11] ولم يذكر لنا مَنْ هي، ولم يُشخِّصها؛ لأن تعيُّنها لا يُقدِّم ولا يُؤخِّر، المهم أن نعلم أن فرعونَ الذي ادَّعى الألوهية وبكل جبروته وسلطانه لم يستطع أنْ يحمل امرأته على الإيمان به.
إذن: العقيدة والإيمان أمر شخصيّ قلبي، لا يُجبر عليه الإنسان، وها هي امرأة فرعون تؤمن بالله وتقول:{ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }[التحريم: 11]
أما في قصة مريم، فيقول تعالى:{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ.. }[التحريم: 12] فشخَّصها باسمها، بل واسم أبيها، لماذا؟ قالوا: لأن الحدث الذي ستتعرَّض له حَدَثٌ فريد وشيء خاصٌّ بها لن يتكرر في غيرها؛ لذلك عيَّنها الله وعرَّفها، أما الأمر العام الذي يتكرر، فمن الحكمة أنْ يظلَّ مُبْهماً غير مرتبط بشخص أو زمان أو مكان، كما في قصة أهل الكهف، فقد أبهمها الله سبحانه لتكون مثالاً وقُدْوة لكل مؤمن في كل زمان ومكان.
منقول

أم أبي التراب
01-22-2014, 06:17 AM
مجلس رقم 21
21 ربيع أول 1435
و
مجلس رقم 22
5 ربيع ثاني 1435

"وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا" *23"إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا" *24.(24) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)


"وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا"إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ...
هذا النهي كغيره, وإن كان لسبب خاص وموجها للرسول صلى الله عليه وسلم فإن الخطاب عام للمكلفين.
فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة " إني فاعل ذلك " من دون أن يقرنه بمشيئة الله, وذلك لما فيه من المحذور, وهو: الكلام على الغيوب المستقبلة, التي لا يدري, هل يفعلها أم لا؟ وهل تكون أم لا؟ وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا.
وذلك محذور محظور1, لأن المشيئة كلها لله "وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ التكوير (http://www.alawfa.com/Go.aspx?cn=81) (29)" ولما في ذكر مشيئة الله, من تيسير الأمر وتسهيله, وحصول البركة فيه, والاستعانة من العبد لربه, ولما كان العبد بشرا, لا بد أن يسهو عن ذكر المشيئة, أمره الله أن يستثنى بعد ذلك, إذا ذكر, ليحصل المطلوب, وينفع المحذور.
ويؤخذ من عموم قوله " وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ " الأمر بذكر الله عند النسيان, فإنه يزيله, ويذكر العبد ما سها عنه.
وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله, أن يذكر ربه, ولا يكونن من الغافلين.
ولما كان العبد مفتقرا إلى الله في توفيقه للإصابة, وعدم الخطأ, في أقواله وأفعاله, أمره الله أن يقول: " عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا " .
فأمره أن يدعو الله ويرجوه, ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد.
وحري بعبد, تكون هذه حاله, ثم يبذل جهده, ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد, أن يوفق لذلك, وأن يأتيه المعونة من ربه, وأن يسدده في جميع أموره.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-23.html)
المحْذور


المحْذور - محْذور :
المحْذور : ما يُتّقَى ويُحْتَرَز منه .
وفي التنزيل العزيز : الإسراء آية 57 "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا " .
المعجم: المعجم الوسيط (http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D9%85%D8%AD%D8%B0%D9%88%D8%B1)


محظور1
مَحْظور :
جمع مَحظورات :
1 - اسم مفعول من حظَرَ .
2 - محرَّم ممنوع
• الضَّرورات تبيح المحظورات : الحاجات الملحّة تجيز ما لا يجوز في حدود الضرورة الشرعيّة
المعجم: اللغة العربية المعاصر (http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D9%85%D8%AD%D8%B8%D9%88%D8%B1)



وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا *إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا *}}. قوله تعالى: { {وَلاَ تَقُولَنَّ} } الخطاب هنا للرسول صلّى الله عليه وسلّم كالخطاب الذي قبله { } أي في شيء { {إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} } ذكروا[1)] أن قريشاً أرسلت إلى اليهود في المدينة وقالوا: إن رجلاً بعث فينا يقول: إنه نبي، فقالوا: اسألوه عن ثلاثة أشياء:
1 ـ عن فتية خرجوا من مدينتهم ولجأوا إلى غار، ما شأنهم.
2 ـ وعن رجل مَلَكَ مشارق الأرض ومغاربها.
3 ـ وعن الروح، ثلاثة أشياء؛ فسألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم عن أصحاب الكهف، فقال: «أخبركم غداً»، فتوقف الوحي نحو خمسة عشر يوماً، لم ينْزل عليه الوحي، والنبي صلّى الله عليه وسلّم لا يدري عن قصص السابقين كما قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48] . ولكن الله اختبره، فأمسك الوحي خمسة عشر يوماً، كما ابتلى سليمان عليه الصلاة والسلام لما قال: «لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله»، فقال له الملك: «قل إن شاء الله». فلم يقل وطاف على تسعين امرأة يجامعهن، وما الذي حصل؟ أتت واحدة منهن بشق إنسان**
"قالَ سُلَيْمانُ بنُ داود: لأطوفنَّ اللَّيلةَ على تسعينَ امرأةً، كلُّهنَّ يأتي بفارسٍ يجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، فقالَ لَهُ صاحبُهُ : إن شاءَ اللَّهُ ، فلم يقُلْ : إن شاءَ اللَّهُ ، فطافَ عليهنَّ جميعًا، فلم تحمِل منهنَّ إلَّا امرأةٌ واحدةٌ جاءت بشقِّ رجلٍ، وأيمُ الَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ، لو قال: إن شاءَ اللَّهُ ، لجاهدوا في سبيلِ اللَّهِ فِرسانًا أجمعينَ" الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 3840-خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AC%D9%8E%D8%A7%D8%A1%D9%8E%D8%AA% D9%92+%D8%A8%D9%90%D8%B4%D9%90%D9%82%D9%91%D9%90+% D8%B1%D9%8E%D8%AC%D9%8F%D9%84%D9%8D&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

، حتى يُري الله عباده أن الأمر أمره وأن الإنسان مهما بلغ في المرتبة عند الله تعالى والوجاهة؛ فإنه لا مفر له من أمر الله.
مكث الوحي خمسة عشر يوماً، ومن المعلوم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سيلحقه الغم والهم لئلاَّ يتخذ هؤلاء القوم مِن تأخرِ إخباره بذلك وسيلةً إلى تكذيبه، والحقيقة أن هذا ليس وسيلة للتكذيب، يعني قد يقولون وعدَنا محمد بأن يخبرنا غداً ولم يفعل فأين الوحي الذي يدّعي أنه ينْزِل عليه؟ ولكن نقول: إنَّ تأخر الوحي وتأخر إخبار النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك يدل على صدقه، لأنه لو كان كاذباً لصنع قصة فيما بين ليلة وضحاها، وقال: هذه قصتهم، فتأخر الوحي والنبي صلّى الله عليه وسلّم لم يخبرهم يدل على كمال صدقه عليه الصلاة والسلام.
{ } إلاَّ قولاً مقروناً بمشيئة الله، فقرْنُ ذلك بمشيئة الله يستفيد منه الإنسان فائدتين عظيمتين:
إحداهما: أن الله ييسر الأمر له حيث فوضه إليه جلَّ وعلا.
والثانية: إن لم يفعل لم يحنث.
فيستفاد من قوله: { {إِنِّي فَاعِلٌ} } أنه لو قال: سأفعل هذا على سبيل الخبر لا على سبيل الجزم بوقوع الفعل، فإن ذلك لا يلزمه أن يأتي بالمشيئة، يعني لو قال لك صاحبك: «هل تمر عليَّ غداً؟» فقلت: «نعم» ولم تقل: إن شاء الله فلا بأس لأن هذا خبر عما في نفسكَ، وما كان في نفسك فقد شاءه الله فلا داعي لتعليقه بالمشيئة، أما إن أردت أنه سيقع ولا بد فقل: إن شاء الله، وجه ذلك أن الأول خبر عمَّا في قلبك، والذي في قلبك حاضر الآن، وأما أنك ستفعل في المستقبل فهذا خبر عن شيء لم يكن ولا تدري هل يكون أو لا يكون، انتبهوا لهذا الفرق؛ إذا قال الإنسان: سأسافر غداً، فإن كان يخبر عمَّا في قلبه فلا يحتاج أن يقول: إن شاء الله، لماذا؟ لأنه خبر عن شيء واقع، أما إذا كان يريد بقوله: سأسافر، أنني سأنشئ السفر وأسافر فعلاً، فهنا لا بد أن يقول: إن شاء الله، ولهذا كانت الآية الكريمة: { {إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} } ولم تكن إني سأفعل، بل قال: { {إِنِّي فَاعِلٌ} }، فلا تقل لشيء مستقبل إني فاعله إلاَّ أن يكون مقروناً بمشيئة الله.
{ {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ} } يعني اذكر أمر ربِّك بأن تقول: «إن شاء الله» إذا نسيت أن تقولها، لأن الإنسان قد ينسى وإذا نسي فقد قال الله تعالى: {{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}} [البقرة: 286] وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»."**
"إنَّهُ ليسَ في النَّومِ تفريطٌ ، إنَّما التَّفريطُ في اليقَظةِ ، فإذا نسيَ أحدُكم صلاةً ، أو نامَ عنْها ، فليُصلِّها إذا ذَكرَها" الراوي: أبو قتادة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 177
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B5%D9%84%D9%91% D9%90%D9%87%D8%A7+%D8%A5%D8%B0%D8%A7+%D8%B0%D9%8E% D9%83%D8%B1%D9%8E%D9%87%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)


فالمشيئة إذا نسيها الإنسان فإنه يقولها إذا ذكرها، ولكن هل تنفعه، بمعنى أنه لو حنِث في يمينه فهل تسقط عنه الكفارة إذا كان قالها متأخراً؟ من العلماء من قال: إنها تنفعه حتى لو لم يذكر الله إلاَّ بعد يوم أو يومين أو سنة أو سنتين، لأن الله أطلق: { {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ} }، ومن العلماء من قال: لا تنفعه إلاَّ إذا ذكر في زمن قريب بحيث ينبني الاستثناء على المستثنى منه، وهذا الذي عليه جمهور العلماء، فمثلاً إذا قلت: والله لأفعلن هذا ونسيت أن تقول: إن شاء الله، ثم ذكرت بعد عشرة أيام فقلت: إن شاء الله، ثم لم تفعل بناء على أن من قال: إن شاء الله لم يحنَث، فمن العلماء من قال: ينفعه لأن الله تعالى قال: { {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيْتَ} }، ومنهم من قال: لا ينفعه لأن الكلام لم ينبنِ بعضه على بعض، إذاً ما الفائدة من أمر الله أن نذكره إذا نسينا؟ قال: الفائدة هو ارتفاع الإثم، لأن الله قال: { } فإذا نسيت، فقلها إذا ذكرت، لكن هل تنفعك فلا تحنث أم يرتفع عنك الإثم دون حكم اليمين؟ الظاهر: الثاني؛ أن يرتفع الإثم، وأما الحنْث فإنه يحنَث لو خالف لأن الاستثناء بالنسبة للحِنْث لا ينبغي إلاَّ أن يكون متصلاً، ثم الاتصال هل يقال: إن الاتصال معناه أن يكون الكلام متواصلاً بعضه مع بعض أو أن الاتصال ما دام بالمجلس؟
الجواب: فيه خلاف، بعضهم يقول: ما دام في المجلس فهو متصل، وإذا قام عن المجلس فقد انقطع، قالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا» ** " البَيِّعانِ بالخِيارِ ما لم يتفرَّقَا ، أو قال : حتى يتفرَّقَا ، فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بيعِهما ، وإن كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بركةُ بيعِهما"

الراوي: حكيم بن حزام المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2079
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D9%91%D9%90% D8%B9%D8%A7%D9%86%20%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%8A %D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%A7%20%D9%84%D9%85%20%D9%8 A%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A7) فجعل التفرق فاصلاً، ومنهم من قال: العبرة باتصال الكلام بعضه مع بعض، والظاهر والله أعلم أنه إذا كان في مجلسه، ولم يذكر كلاماً يقطع ما بين الكلاميْن، فإنه ينفعه الاستثناء؛ فلا يحنث.
ـ[1] ورد هذا في السير في رواية لمحمد بن إسحاق، انظر: «السيرة النبوية» (1/25 ـ 266) لابن هشام، وانظر تفسير ابن كثير (3/99)، والقرطبي (10/346 وما بعدها) في سبب نزول السورة.

فائدة
حكم الصلاة على النبي عند النسيان
إذا نسيتم شيئًا فصلُّوا عليَّ تذكروه إنَّ شاء اللهُ تعالَى الراوي: أنس بن مالك المحدث: السخاوي - المصدر: القول البديع - الصفحة أو الرقم: 326-خلاصة حكم المحدث: إسناده ضعيف
أثناء التحدث ننسى بعض الكلمات فنقول: "اللهم صلِّ على محمد" لكي نتذكر فما حكم ذلك؟ وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم من مواضع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند النسيان, وروي في ذلك حديث, ولكنه ضعيف جدًّا.
وراجع الفتوى رقم: 45290 (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=45290).والله أعلم. إسلام ويب (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=194405)

أم أبي التراب
01-29-2014, 03:16 PM
مجلس رقم 23
12 ربيع ثاني 1435

{وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} «عسى» بمعنى الرجاء إذا وقعت من المخلوق، فإن كانت من الخالق فهي للوقوع، فقول الله تبارك وتعالى: {{ إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا }} [النساء: 98 ـ 99] ، نقول: عسى هنا واقعة، وقال الله عزّ وجل: {{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ *}} [التوبة: 18] . أما من الإنسان فهي للرجاء، كقوله: { {وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي} } هذه للرجاء.
{ {أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي} } أي يدلني إلى الطريق، ولهذا قال: {لأَِقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} أي هداية وتوفيقاً، وقد فعل الله، فهداه في شأن أصحاب الكهف للرشد.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)


يَسبِق إلى أفهام كثيرٍ من النَّاس أن الله - سبحانه وتعالى - اختَصَّ عبادَه بالهداية،
وحرَم آخَرين حقًّا من حُقوقِهم، ولو أراد الله أن يهدِيَهم لهداهم، بل يحتَجُّون بالقدر لما يصدر عنهم من كفر أو معصية أو تقصير، زاعِمين أن مَشِيئة الله نافذة وغالبة، بل يحتَجُّون على تَواكُلهم وتَقصِيرهم عن الواجب وتغيير ما بأنفسهم بآيات من القرآن الكريم يقطعونها من سياقها ولا يفهمون معناها؛ من ذلك قول الله - تعالى - : ï´؟مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا"[الكهف: 17]،"وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا" [السجدة: 13]، وهذا مصدر خطأ كبير في فَهْمِ مسألة سبْق القضاء بالهداية والضَّلاَل، والقرآن يُوضِّح لنا ما في هذه القضيَّة من لبس حين نَعرِف أنَّ الهداية الوارِدَة في القرآن الكريم على أنواع.


وهذه المسألة - مسألة الهُدَى والضَّلال - هي قلب أبواب القدر ومسائله، فإن أفضل ما يقدره الله للعبد هو الهُدَى؛ فهو من أعظم النِّعَم، وأعظم ما يبتَلِيه به ويقدره عليه هو الضَّلال، وقد اتَّفقَتْ رسل الله جميعًا وكذلك كتبه المنزلة على أن الله يُضِلُّ مَن يشاء ويهدي مَن يشاء، فالهدى والإضلال بيده لا بيد العبد، أمَّا طلب الهداية والسعي إليها من طلب العبد وكسبه.لذلك كان من الضروري ذكر مَراتِب الهداية كما وردَتْ في القرآن الكريم، وتتلخَّص في أربع مَراتِب،
هي:1- الهداية العامَّة.2 - هداية الدلالة والبيان، والإرشاد والتعليم.3 - هداية التوفيق والمعونة.
4 - الهداية إلى الجنَّة والنَّار يوم القيامة.
المرتبة الأولى: الهداية العامَّة:وهي هداية عامَّة لجميع الكائنات، فالله قد هَدَى كلَّ نفس إلى ما يُصلِح شأنها ومعاشها، وفطَرَها على جلب النافع، ودفع الضارِّ عنها، وهذه أعمُّ مَراتِب الهداية.والله - عزَّ وجلَّ - يقول:"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى" [الأعلى: 1 - 3]، وفيها ذَكَرَ الله أربعة أمور عامَّة وهي: الخلق، والتسوِيَة، والتقدير، والهداية، وجعَلَ التسوِيَة من تَمام الخلق، والهداية من تَمام التقدير، وبذلك تَكُون التسوِيَة والهداية كمالَيْن للخلق والتقدير؛ "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" [السجدة: 7].فالخلق والتسوِيَة يشمَل الإنسان وغيره؛"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" [البقرة: 29]، "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا" [الشمس: 7]، ومن أمثلة ومعاني الهداية العامَّة الخاصَّة بالتسوِيَة والتقدير للمخلوقات عامَّة: الإنسان والحيوان، والطير والدوابُّ، فإن الله قد خَلَقَ الذكر والأنثى، فهَدَى الذكر للأُنثَى كيف يأتِيها، واختِلاف ذُكران الحيوان لإناثه مُختَلِف لاختِلاف الصور والخلق والهيئات، فلولا أنه - سبحانه - جعَلَ كلَّ ذكر على معرفة كيف يأتي أنثى جِنسِه لما اهتَدَى لذلك، أو هَداه لِمَعاشِه ومَرعَاه، وكذلك تقديره - سبحانه - للجَنِين في الرَّحِم ثم هَداه للخُروج.
وأنواع الهداية كثيرةٌ لا يُحصِيها إلا الله؛ مثل: هداية النحل إلى سلوك السُّبُل التي فيها مَراعِيها على تبايُنِها واختلافها، ثم عودها إلى بيوتها من الشجر والجبال وما يعرش بنو آدم؛ "وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ" [النحل: 68]، وكذلك هدايته - سبحانه - للنملة كيف تخرج من بيتها وتطلُب قُوتَها من هنا وهناك، وكيف خاطبَتْ أصحابها، وأمرَتْهم بأن يدخلوا مساكنهم؛ "قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ" [النمل: 18].وهذه الحقيقة الكُبرَى ماثِلَة في كلِّ شيء في هذا الوجود يشهَد لها كلُّ شيء في الوجود من الكبير إلى الصغير، كلُّ شيء مُسَوى في صنعته، كامل في خلقته، مُعَدٌّ لأداء وظيفته، مُقَدَّر له غايته ووجوده، وهو مُيَسَّر لتَحقِيق هذه الغايَة من أيسر طريق، وجميع الأشياء مُجتَمِعة كاملة التناسُق مُيَسَّرة لكي تُؤَدِّي في تجمُّعها دورها الجماعي مثلما هي مُيَسَّرة فُرادَى لكي تُؤَدِّي دورها الفردي، وهذا واضح في الكون المشهود في الذرَّة المفردة والمجموعة الشمسية، كذلك بين الخلية الواحدة وأعطى الكائنات الحيَّة درجات من التنظيمات والتركيبات تدلُّ على الكمال الخلقي والتدبير والتقدير.هذه الحقيقة العميقة الشاملة لكلِّ ما في الوجود يُدرِكها الإنسان ببَصَرِه وبَصِيرته، وبعلمه وملاحظته وتجربته، ويستَطِيع البشر من خِلال العالَم المشهود أن يَتَعرَّف على تسوِيَة الله وهدايته من خلال عالَم النبات والحشرات والطيور والحيوان:"مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ" [الملك: 3]، لكن إن وُجِدَ شيءٌ من التفاوُت وعدم التسوِيَة كالصَّمَم والعَمَى، والخرس والبكم، فهذا يَرجِع إلى عدم إرادة الخالق لهذه التسوِيَة؛ لأن التسوِيَة أمر وجودي مخلوق يَرتَبِط بمشيئة الله وإرادته مُتَعلِّق بالتأثير والإبداع.ومن هذه الآية يَتَّخِذ بعض المعتزلة كالقاضي عبد الجبار (ت: 415هـ) دليلاً على أن الله لم يخلق الباطل لأنه مُتفاوِت، وكذلك لم يخلق الكفر والظلم؛ لأن هذا يَتَنافَى مع حُسْنِ الصنعة والإتقان، والله - تعالى - يقول: "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" [النمل: 88].وللإجابة عن هذا الفَهْمِ يتلخَّص في الآتي:1 - أنَّ القاضي عبدالجبار قد اقتَطَع الآية من سِياقها، وأخذ جزءًا منها ليستدلَّ بها على مذهبه، وغفل عن بقية الآية.2- أنَّ الآيات التي استدلَّ بها من الواضِح أنها نزلَتْ في غير أفعال العِباد، وأنَّ المقصود نفي التفاوُت عن خلق السموات السبع؛ "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا" [الملك: 3]، وأن الآية الأخرى - آية النمل - إنما تتحدَّث عن إتقان الجبال لا خلق الأفعال.3 - أنَّ القاضي قد ترك آيات كثيرة صريحة ومُحكَمة تدلُّ على خِلاف مذهبه؛ مثل قوله:"وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" [الصافات: 96]،"اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ" [الزمر: 62].ومن أثر هذه الهداية الفطرية أنها قادَتْ كلَّ كائن إلى الاعتِراف برَبِّه وذكره؛ قال - تعالى - :"تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" [الإسراء: 44].وهذا النوع من الهداية - العامَّة الفطريَّة - مُقتَرِنة بالخلق في الدلالة على الربِّ - تبارَك وتعالى - وأسمائه وصفاته وتوحيده؛"قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى" [طه: 50]، وهذا نظير قوله: "قَدَّرَ فَهَدَى"، وهذا الخلق وهذه الهداية من آيات الربوبية والوحدانية، ومن المُلاحَظ أنَّ الجمع بين الخلق والهداية العامَّة قد جاء في القرآن كثيرًا."اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"[العلق: 1 - 5]، "الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" [الرحمن: 1 - 4]، "أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ" [البلد: 8 - 11]،"أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" [النمل: 63].فالخلق إعطاء الوجود العيني الخارجي، والهُدَى إعطاء الوجود العلمي الذهني، فهذا خلَقَه وهذا هَدَاه وعلّمه، وكلها عامَّة فيما خلَقَه الله.المرتبة الثانية: هداية الدلالة والبيان والإرشاد:وهذا النوع هو وظيفة الرسل والكتب المنزلة من السماء، وهو خاصٌّ بالمكلَّفين، وهذه الهداية هي التي أثبَتَها لرسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم – بقوله:"وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [الشورى: 52]، كما أنَّ هذا النوع من الهداية أخصُّ من التي قبلها، فهي مصدر التكليف ومَناطُه، وبها تقوم حُجَّة الله على عِباده؛ فإن الله - تعالى - لا يُدخِل أحدًا النار إلا بعد إرسال الرسل الذين يُبيِّنون للناس طريق الغيِّ من الرشاد: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" [الإسراء: 15]، "أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ" [الزمر: 57]، "رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" [النساء: 165]، يقول ابن كثير: "أي: إنه - تعالى - أنزَلَ كتبه وأرسَلَ رسله بالبشارة والنذارة، وبيَّن ما يحبُّه ويَرضاه ممَّا يكرهه ويأباه؛ لئلاَّ يبقى لمُعتَذِر عذر؛ "وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَىï" [طه: 134].وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((... لا أحد أحب إليه العذر من الله؛ من أجل ذلك بعَثَ النبيِّين مُبَشِّرين ومُنذِرين)).والله - تعالى - لم يمنع أحدًا هذه الهداية، ولم يَحُلْ بين أحدٍ من خلقه وبين هذه الهداية، بل خلَّى بينهم وبينها، ومَنَحَهم من الوَسائل والأدوات التي تُساعِدهم على تقبُّلها والاستِفادة بها؛ كالعقل والفطرة، وأقام لهم بذلك أسباب الهداية ظاهرة وباطنة، ومَن حرَمَه من خلقه بعضًا من هذه الأدوات والوسائل؛ كزوال العقل أو الصِّغَر أو المرض - فقد حطَّ عنه من التكاليف بحسب ما حرَمَه من ذلك؛ قال - تعالى - : "لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ" [النور: 61]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((رُفِع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستَيقِظ، وعن الصبي حتى يَبلُغ، وعن المجنون حتى يفيق))،

"رُفِعَ القلَمُ عن ثَلاثٍ ، عنِ النَّائمِ حتَّى يستَيقظَ ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يَكْبرَ ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقلَ أو يُفيقَ" الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح النسائي (http://dorar.net/book/13561?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3432
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B1%D9%8F%D9%81%D9%90%D8%B9+%D8%A7 %D9%84%D9%82%D9%84%D9%85+%D8%B9%D9%86+%D8%AB%D9%84 %D8%A7%D8%AB&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

كما اتَّفق رِجال الأصول على أنه: "إذا أخَذَ ما وهب انقَطَع ما وجب".وهذه الهداية لا تستَلزِم حُصُول التوفيق واتِّباع الحقِّ من العِباد؛ بدليل أنَّ بعض الناس آمَن بدعوة الرسل وبعضهم كفر بها، ولكنَّها سبب في حصول الاهتِداء، والسبب هنا قد اكتَمَل بإرسال الرسل ووصول دعوة وبلاغ الرسل إلى أُمَمِهم، فلا نقص إذًا في السبب، إنما النقص يرجع إلى العبد الذي لم يَقبَل ولم يَنتَفِع بما جاءَتْ به الرسل بسب فساد الفطرة وطغيان المادة؛ قال - تعالى - :"وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [فصلت: 17]، "هديناهم"؛ أي: بَيَنَّا لهم ودعوناهم، فاستحبُّوا العَمَى على الهدى؛ أي: بصَّرناهم وبيَّنَّا ووضَّحنا لهم الحقَّ على لسان نبيِّهم صالح، فخالَفُوه وكذَّبُوه وعَقَروا ناقة الله - تعالى - التي هي برهان على صدق نبيِّهم، فعدم الاهتِدَاء واقِعٌ بسبب القُصُور الحادِث في المحلِّ القابِل للأثر وهو الإنسان، وليس في قُصُور السبب، فكانت النتيجة أنْ أضلَّهم الله عقوبة على ترْك الاهتِداء وعدم الاستِجابة لما جاءَتْ به الرسل.وهذا شأن الله في كلِّ نعمة أنعَمَ بها على عباده إذا كفروا؛ فإنه يسلبها منهم بعد أن كانَتْ حظًّا لهم: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [الأنفال: 53]، والقرآن الكريم قد قصَّ علينا ما كان من الأُمَم التي أرسل الله إليها رسلاً فلم تستَفِد بهَديِهم؛ فقال يصف حالهم في نار جهنم": كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ" [الملك: 8 - 9]، فالذي حدث من الله هو الهداية، وكان من العبد التكذيب والضلال، رغم أنه كان في مَقدُورِه أن يَتَّبِع الرسول ويُؤمِن بما جاء به، وليس ذلك شيئًا خارجًا عن قدرته أو فوق طاقته، ففي مثل هذه الحالة فإن الله يُخلِّي بين العبد ونفسه، والنفس بطبعها أمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فإذا وُكِل الإنسان إلى نفسه قادَتْه إلى الهلاك، وهو بذلك يكون قد قُطِع عنه تَوفِيقُه، ولم يُرِد الله أن يُعِينَه على نفسه ليُقبِل العبد بقلبه إلى الله، وهو - سبحانه - إذا فعَل ذلك بأحدٍ من خلقه فليس ظالمًا؛ لأنه لم يسلبه حقًّا له، ولم يمنعه من الدلالة أو البيان، وهذا في مَقدُور العبد فعله، ولكنَّه حرَمَه التوفيق والسداد عدلاً منه في خلقه.المرتبة الثالثة: هداية التوفيق والإلهام والمعونة:وهذه المرتبة أخصُّ من التي قبلها، فهي هداية خاصَّة تأتي بعد هداية البيان؛ تحقيقًا لقوله - تعالى - : "وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى" [مريم: 76]، فلا تكون لملك مُقرَّب ولا نبي مُرسَل، إنما هي خاصَّة بالله وحدَه، فلا يقدر عليها إلا هو، ولا يُعطِيها إلا لِمَن حقَّق شروطها واستَوفَى أسبابها."قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" [المائدة: 15 - 16].وهذا النوع من الهداية هو الذي نَفَاه الله عن نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - : "إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [القصص: 56]، "إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ" [النحل: 37].وهذا النوع من الهداية يستَلزِم أمرَيْن:أحدهما: فعل الربِّ - تعالى - وهو الهدى بخلق الداعية إلى الفعل والمشيئة له.الثاني: فعل العبد، وهو الاهتِداء وهو نتيجة للفعل الأول "الهدى"؛ قال - تعالى - : "قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللهِ" [آل عمران: 73]، "مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا" [الكهف: 17]، ولا سبيل إلى وجود الأثر الذي هو الاهتِداء من العبد إلا بعد وجود المؤثِّر الذي هو الهداية من الله، فإذا لم يحصل فعل الله لم يحصل فعل العبد، وهذا النَّوْعُ من الهداية لا يقدر عليه أحدٌ إلا الله - سبحانه - قال أهل الجنة: "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله".كما أنَّ هذا النوع من الهداية هو الذي نَفَاه القرآن عن الظالمين والفاسقين والكاذبين والمسرف المرتاب، وكلُّ آية في القرآن وردَتْ في نفي الهُدَى فيجب حملها على هذا النوع؛ لأن هذا فضله يختصُّ به مَن يشاء من عباده، ولا حرج في ذلك.المرتبة الرابعة: مرتبة الهداية إلى الجنة والنار يوم القيامة:وهذه المرتبة - وهي آخِر مَراتِب الهداية - وهي الهداية يوم القيامة إلى طريق الجنة، وهو الصراط المُوصِل إليها، فمَن هُدِي في هذه الدار الدنيا إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه، هُدِي يوم القيامة إلى الصراط المستقيم، المُوصِل إلى جنَّته ودار ثوابه، وعلى قدر ثُبُوت قدم العبد وسَيْرِه على هذا الصراط الذي نصَبَه الله لعباده في هذه الدار الدنيا، يكون ثُبُوت قدمه وسيره على الصراط المنصوب على متْن جهنم؛ قال - تعالى - :"احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ"[الصافات: 22 - 23]، "وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ" [محمد: 4- 6]، فهذه هداية بعد قتلهم؛ "سَيَهْدِيهِمْ"؛ أي: إلى الجنة، وذلك يفسِّره قوله: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" [يونس: 9]، "وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ"؛ أي: أمرَهم وحالَهم ويَعصِمهم أيَّام حياتهم في الدنيا، "وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ"؛ أي: عرَّفهم بها وهداهم إليها.هذا، والله الموفِّق والهادي إلى سَواء السبيل، وآخِر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
هنا (http://www.alukah.net/sharia/0/21793/#ixzz2t82TzNu4)
هنا (http://almudawana.eb2a.com/showthread.php?43-%E3%D1%C7%CA%C8-%C7%E1%E5%CF%C7%ED%C9-%DD%ED-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3&p=109#post109)
هنا (http://almudawana.eb2a.com/showthread.php?43-%E3%D1%C7%CA%C8-%C7%E1%E5%CF%C7%ED%C9-%DD%ED-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3&p=109#post109)

أم أبي التراب
02-12-2014, 05:48 PM
مجلس رقم 24
19 ربيع ثاني 1435

"وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا" (25) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)
لما نهاه الله عن استفتاء أهل الكتاب*, في شأن أهل الكهف - لعدم علمهم بذلك, وكان الله, عالم الغيب والشهادة, العالم بكل شيء - أخبره الله بمدة لبثهم, وأن علم ذلك, عنده وحده, فإنه من غيب السماوات والأرض, وغيبها مختص به.
فما أخبر به عنها على ألسنة رسله, فهو الحق اليقين, الذي لا شك فيه.
وما لا يطلع رسله عليه, فإن أحدا من الخلق, لا يعلمه.

تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-25.html)
*"فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ
أَحَدًا "(22) (الكهف (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)
" فَلَا تُمَارِ " تجادل وتحاج فيهم " إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا " أي: مبنيا على العلم واليقين, ويكون أيضا فيه فائدة.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-22.html)

{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا *}.
قوله تعالى: { لَبِثُواْ } يعني أصحاب الكهف {فِي كَهْفِهِمْ} الذي اختاروه لأنفسهم وناموا فيه.
{ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} تكتب اصطلاحاً ثلاثمائة مربوطة: ثلاث مربوطة بمائة، وتكتب مائة بالألف، لكن هذه الألف لا يُنطَق بها، وبعضهم يكتب ثلاث وحدها ومئة وحدها، وهذه قاعدة صحيحة.
وقوله: {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} بالتنوين و {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} تمييز مبين لثلاث مائة لأنه لولا كلمة سنين لكنا لا ندري هل ثلاث مائة يوم أو ثلاث مائة أسبوع أو ثلاث مائة سنة؟، فلما قال: {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ} بيَّن ذلك.
{وَازْدَادُوا تِسْعًا} ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين، قد يقول قائل: «لماذا لم يقل ثلاث مائة وتسع سنين؟».
فالجواب: هذا بمعنى هذا، لكن القرآن العظيم أبلغ كتاب، فمن أجل تناسب رؤوس الآيات قال: {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} ، وليس كما قال بعضهم بأن السنين الثلاثمائة بالشمسية وازدادوا تسعاً بالقمرية، فإنه لا يمكن أن نشهد على الله بأنه أراد هذا، من الذي يشهد على الله أنه أراد هذا المعنى؟ حتى لو وافق أن ثلاث مائة سنين شمسية هي ثلاث مائة وتسع سنين بالقمرية فلا يمكن أن نشهد على الله بهذا، لأن الحساب عند الله تعالى واحد، وما هي العلامات التي يكون بها الحساب عند الله؟
الجواب: هي الأهلَّة، ولهذا نقول: إن القول بأن «ثلاث مائة سنين» شمسية، «وازدادوا تسعاً» قمرية قول ضعيف.
أولاً: لا يمكن أن نشهد على الله أنه أراد هذا.
ثانياً: أن عدة الشهور والسنوات عند الله بالأهلة، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [البقرة: 189] وقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)


ومن حكمة الخالق سبحانه أن ترتبط التوقيتات في الإسلام بالأهلة، ولك أن تتصور لو ارتبط الحج مثلاً بشهر واحد من التوقيت الشمسي في طقس واحد لا يتغير، فإنْ جاء الحج في الشتاء يظل هكذا في كل عام، وكم في هذا من مشقة على مَنْ لا يناسبهم الحج في فصل الشتاء. والأمر كذلك في الصيام.
أما في التوقيت القمري فإن هذه العبادات تدور بمدار العام، فتأتي هذه العبادات مرة في الصيف، ومرة في الخريف، ومرة في الشتاء، ومرة في الربيع، فيؤدي كل إنسان هذه العبادة في الوقت الذي يناسبه؛ لذلك قالوا: يا زمن وفيك كل الزمن.

والمتأمل في ارتباط شعائر الإسلام بالدورة الفلكية يجد كثيراً من الآيات والعجائب، فلو تتبعتَ مثلاً الأذان للصلاة في ظل هذه الدورة لوجدت أن كلمة " الله أكبر " نداء دائم لا ينقطع في ليل أو نهار من مُلْك الله تعالى، وفي الوقت الذي تنادي فيه " الله أكبر " يُنادي آخر " أشهد ألا إله إلا الله

" وينادي آخر " أشهد أن محمداً رسول الله " وهكذا دواليك في منظومة لا تتوقف.
وكذلك في الصلاة، ففي الوقت الذي تصلي أنت الظهر، هناك آخرون يُصلّون العصر، وآخرون يُصلُّون المغرب، وآخرون يُصلّون العشاء، فلا يخلو كَوْنُ الله في لحظة من اللحظات من قائم أو راكع أو ساجد. إذن: فلفظ الأذان وأفعال الصلاة شائعة في كُلِّ أوقات الزمن، وبكُلّ ألوان العبادة.

أم أبي التراب
02-19-2014, 04:59 AM
مجلس رقم 25
4 جمادى الأولى 1435


"قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا *}}الكهف 26.

وقوله: " أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ " تعجب من كل سمعه وبصره, وإحاطتهما بالمسموعات والمبصرات, بعدما أخبر بإحاطة علمه بالمعلومات.
ثم أخبر عن انفراده بالولاية العامة والخاصة, فهو الولي الذي يتولى تدبير جميع الكون, الولي لعباده المؤمنين, يخرجهم من الظلمات إلى النور وييسرهم لليسرى, ويجنبهم العسرى, ولهذا قال: " مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ " .
أي: هو الذي تولى أصحاب الكهف, بلطفه وكرمه, ولم يكلهم إلى أحد من الخلق.
" وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا " وهذا يشمل الحكم الكوني القدري, والحكم الشرعي الديني, فإنه الحاكم في خلقه, قضاء وقدرا, وخلقا وتدبيرا والحاكم فيهم, بأمره ونهيه, وثوابه وعقابه.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-25.html)

قوله تعالى: { {قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} أي قل يا محمد: {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} ، وهذه الجملة تمسك بها من يقول: إنَّ قوله: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ} [الكهف: 25] هي من قول الذين يتحدثون عن مكث أهل الكهف بالكهف وهم اليهود الذين يَدَّعون أن التوراة تدل على هذا، وعلى هذا القول يكون قوله: {{وَلَبِثُوا}} مفعولاً لقول محذوف والتقدير: «وقالوا: لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً»، ثم قال: {قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} ولكن هذا القول وإن قال به بعض المفسرين
فالصواب خلافه وأن قوله: {وَلَبِثُوا} من قول الله، ويكون قوله: { {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} } من باب التوكيد أي: توكيد الجملة أنهم لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً، والمعنى: { {قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} } وقد أعلَمَنا أنهم لبثوا { {ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} } وما دام الله أعلم بما لبثوا فلا قول لأحد بعده.
قال الله عزّ وجل: { {قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا *} } أي له ما غاب في السموات والأرض، أو له علم غيب السموات والأرض، وكلا المعنيين حق، والسموات جمع سماء وهي سبع كما هو معروف، والأرض هي أيضاً سبع أرَضين[(15)]، فلا يعلم الغيب ـ علم غيب السموات والأرض ـ إلاَّ الله، فلهذا من ادعى علم الغيب فهو كافر، والمراد بالغيب المستقبل، أما الموجود أو الماضي فمن ادعى علمهما فليس بكافر؛ لأن هذا الشيء قد حصل وعلمه من علمه من الناس، لكن غيب المستقبل لا يكون إلاَّ لله وحده، ولهذا من أتى كاهناً يخبره عن المستقبل وصدَّقه فهو كافر بالله عزّ وجل؛ لأنه مكذب لقوله تعالى: { قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65] ، أما ما كان واقعاً؛ فإنه من المعلوم أنه غيب بالنسبة لقوم وشهادة بالنسبة لآخرين.
{أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} هذا يسميه النحويون فعل تعَجُّب.
{أَبْصِرْ بِهِ} بمعنى ما أبصره.
{وَأَسْمِعْ} بمعنى ما أسمعه، وهو أعلى ما يكون من الوصف، والله تبارك وتعالى يبصر كل شيء، يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في ظلمة الليل، ويبصر ما لا تدركه أعين الناس مما هو أخفى وأدق، وكذلك في السمع، يسمع كل شيء، يعلم السر وأخفى من السر ويعلم الجهر {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى *} [طه: 7] . تقول عائشة رضي الله عنها في قصة المجادلة التي ظاهر منها زوجها، وجاءت تشتكي إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكانت عائشة في الحجرة، والحجرة صغيرة كما هو معروف، وكان الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يحاور المرأة وعائشة يخفى عليها بعض الحديث، والله عزّ وجل يقول: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *}} [المجادلة: 1] . تقول عائشة رضي الله عنها «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، إني لفي الحجرة وإنه ليخفى عليَّ بعض حديثها»،
"الحمدُ للَّهِ الَّذي وسِعَ سمعُهُ الأصواتَ ، لقد جاءَت خَولةُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، تشكو زوجَها ، فَكانَ يَخفَى عليَّ كلامُها فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : " قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا الآيةَ" الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح النسائي (http://dorar.net/book/13561?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3460
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D9% 84%D9%84%D9%87%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%88 %D8%B3%D8%B9%20%D8%B3%D9%85%D8%B9%D9%87)

والله عزّ وجل فوق كل شيء، ومع ذلك سمع قولها ومحاورتها للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وفيه الإيمان بأن الله تعالى ذو بصر نافذ لا يغيب عنه شيء وذو سمع ثاقب لا يخفى عليه شيء ، والإيمان بذلك يقتضي للإنسان ألا يُري ربَّه ما يكرهه ولا يُسمعه ما يكرهه؛ لأنك إن عملت أي عمل رآه وإن قلت أي قول سمعه، وهذا يوجب أن تخشى الله عزّ وجل وألا تفعل فعلاً يكرهه ولا تقول قولاً يكرهه الله عزّ وجل، لكن الإيمان ضعيف، فتجد الإنسان عندما يريد أن يقول أو أن يفعل؛ لا يخطر بباله أن الله يسمعه أو يراه إلاَّ إذا نُبِّه، والغفلة كثيرة، فيجب علينا جميعاً أن ننتبه لهذه القضية العظيمة.
{ {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } قوله: { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } هل الضمير يعود على أصحاب الكهف أو على من هم في السموات والأرض؟
الجواب: الثاني هو المتعين، يعني ليس لأحد ولي من دون الله، حتى الكفار وليهم الله عزّ وجل وحتى المؤمنون وليهم الله عزّ وجل قال الله تعالى: {{ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ }} [الأنعام: 61 ـ 62] . والله ولي كُلِّ أحد، وهذه هي الولاية العامة ، أليس الله تعالى يرزق الكافرين وينمي أجسامهم وييسر لهم ما في السموات والأرض، وسخر الشمس والقمر والنجوم والأمطار؟! هذه ولاية، ويتولى المؤمنين أيضاً بذلك؛ لكن هذه ولاية عامة.
أما الولاية الخاصة، فهي للمؤمنين. قال تعالى: {{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النَّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}} [البقرة: 257] ، والولاية الخاصة تستلزم عناية خاصة، أن الله يسدد العبد فيفتح له أبواب العلم النافع والعمل الصالح، ولهذا قال: {{يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}}. يخرجهم بالعلم، فيعلمهم أولاً ويخرجهم ثانياً بالتوفيق.
إعراب الجملة هذه: { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } نافية، و { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } خبر مقدم، و { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } مبتدأ مؤخر دخل على هذه الكلمة حرف الجر الزائد لأنك لو حذفت { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } وقلت: «ما لهم من دونه وليٌّ» لاستقام الكلام، لكن جاءت { {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} } من أجل التوكيد والتنصيص على العموم، يعني: لا يمكن أن يوجد لأهل السموات والأرض ولي سوى الله.
قوله: { {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} } هذه كقوله تعالى: {{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ}} [الأنعام: 57] ، وقال: {{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}} [الشورى: 10] ، والحكم كوني وشرعي، فالخلق والتدبير حكم كوني، والحكم بين الناس بالأوامر والنواهي حكم شرعي، وقوله: { {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} } يشمل النوعين. فلا أحد يشرك الله في حكمه لا الكوني ولا الشرعي، وفيه دليل على وجوب الرجوع إلى حكم الله الشرعي، وأنه ليس لنا أن نُشَرِّع في دين الله ما ليس منه، لا في العبادات ولا في المعاملات، وأما من قال: إن لنا أن نُشَرِّع في المعاملات ما يناسب الوقت، فهذا قول باطل: لأنه على قولهم لنا أن نجوز الربا ولنا أن نجوز الميسر وأن نجوز كل ما فيه الكسب ولو كان باطلا، فالشرع صالح في كل زمان ومكان ولن يُصلحَ آخر هذه الأمة إلاَّ ما أصلح أولها [(17)]، الحكم الكوني لا أحد يُشرك الله فيه ولا أحد يدعي هذا، هل يستطيع أحد أن يُنَزِّل الغيث؟! وهل يستطيع أحد أن يُمسك السموات والأرض أن تزولا؟! ولكن الحكم الشرعي هو محل اختلاف البشر ودعوى بعضهم أن لهم أن يشرعوا للناس ما يرون أنه مناسب.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
03-05-2014, 04:22 PM
"مَنْ أَتَى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يَقولُ فقدْ كفرَ بما أُنزِلَ علَى محمَّدٍ"
الراوي: أبو هريرة - المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: النصيحة (http://dorar.net/book/126?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 164-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%A3%D8%AA%D9%89+%D9%8 3%D8%A7%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%8B&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

"من أخذ من الأرضِ شيئًا بغيرِ حقِّه ، خُسِفَ به يومَ القيامةِ إلى سبعِ أرضين"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2454-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B3%D8%A8%D8%B9%D9%8F+%D8%A3%D8%B1 %D8%B6%D9%8A%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

حديثٌ إِنَّ زينبَ بنتَ جحشٍ كانتْ تفخرُ على أزواجِ النبيِّ تقولُ : زوَّجَكُنَّ أهاليكُنَّ ، وزوَّجَنِي اللهُ من فوقِ سبعِ سماواتٍ . وفي لفظٍ : كانتْ تقولُ : إِنَّ اللهَ أنكَحَني في السماءِ
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: مختصر العلو (http://dorar.net/book/3696?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6-خلاصة حكم المحدث: صحيح

"نزلَت هذهِ الآيةُ في زينبَ بنتِ جحشٍ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا قالَ فَكانت تفخَرُ علَى أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ تقولُ زوجُكُنَّ أهْلوكُنَّ وزوَّجَنيَ اللَّهُ من فوقِ سبعِ سماواتٍ"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترمذي (http://dorar.net/book/977?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3213-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B3%D8%A8%D8%B9%D9%8F+%D8%B3%D9%85 %D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

الحمدُ للَّهِ الَّذي وسِعَ سمعُهُ الأصواتَ ، لقد جاءتِ المُجادِلةُ إلَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، وأَنا في ناحيةِ البَيتِ ، تَشكُو زوجَها ، وما أسمَعُ ما تَقولُ ، فأُنزِلَ اللَّهُ : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا
الراوي:عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح ابن ماجه (http://dorar.net/book/13560?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 156 -خلاصة حكم المحدث: صحيح

الحمدُ للَّهِ الَّذي وسِعَ سمعُهُ الأصواتَ ، لقد جاءَت خَولةُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، تشكو زوجَها ، فَكانَ يَخفَى عليَّ كلامُها فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا الآيةَ
الراوي: - عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح النسائي (http://dorar.net/book/13561?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3460-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D9%84 %D9%84%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A+%D9%88%D8%B3 %D8%B9+%D8%B3%D9%85%D8%B9%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%A3 %D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

=1&m[]=1420&s[]=0"] ("http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D9%84 %D9%84%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A+%D9%88%D8%B3 %D8%B9+%D8%B3%D9%85%D8%B9%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%A3 %D8%B5%D9%88%D8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[)

أم أبي التراب
03-12-2014, 05:03 AM
الولي


.أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) (الشورى) (http://kuw.fm/quran/sora-42.html)

"وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ج وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) (الشورى) (http://kuw.fm/quran/sora-42.html)

وَهُوَ الْوَلِيّ الْحَمِيد " أَيْ هُوَ الْمُتَصَرِّف لِخَلْقِهِ بِمَا يَنْفَعهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ وَهُوَ الْمَحْمُود الْعَاقِبَة فِي جَمِيع مَا يُقَدِّرهُ وَيَفْعَلهُ.
تفسير ابن كثير (http://kuw.fm/quran/t-42-1-28.html)
*"ألا أُحدِّثُكم إلا ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ حدَّثنا به ويأمُرنا أن نقولَ اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من العجزِ والكسلِ والجبنِ والبخلِ والهَرَمِ وعذابِ القبرِ اللَّهمَّ آتِ نفسي تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها أنت وَلِيُّها ومولاها ، اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من نفسٍ لا تشبعُ ، ومن قلبٍ لا يخشعُ ، ومن علمٍ لا ينفعُ ، ودعوةٍ لا تُستجابُ" الراوي: زيد بن أرقم المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح النسائي (http://dorar.net/book/13561?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5553
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85%D9%91% D9%8E%20%D8%A5%D9%86%D9%8A%20%D8%A3%D9%8E%D8%B9%D9 %8F%D9%88%D8%B0%D9%8F%20%D8%A8%D9%90%D9%83%D9%8E%2 0%D9%85%D9%90%D9%86%D9%8E%20%D8%A7%D9%84%D9%92%D8% B9%D9%8E%D8%AC%D9%92%D8%B2%D9%90)

"لَقِينا المشركين يومئذٍ ، وأجلَسَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم جيشًا مِن الرماةِ ، وأمَّرَ عليهم عبدُ الله ، وقال : لا تَبرَحوا ، إن رأيتمونا ظهرَنا عليهم فلا تَبرَحوا ، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تُعينونا . فلما لَقِيناهم هربوا حتى رأيتُ النساءَ يَشتَدِدْنَ في الجبلِ ، رفعْنَ عن سُوقِهنَّ ، قد بدَتْ خلاخلُهنَّ ، فأخذوا يقولون : الغنيمةَ الغنيمةَ .فقال عبدُ اللهِ : عَهِدَ إلىَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم -أن لا تَبرَحوا . فأبوا ، فلما أبَوْا صُرِفَتْ وجوهُم ، فأُصِيبَ سبعون قتيلًا ، وأَشَرَفَ أبو سفيانَ، فقال : أفي القومِ محمدٌ ؟ فقال : لا تجيبوه . فقال : أفي القومِ ابنُ أبي قُحافَةَ ؟ قال : لا تجيبوه . فقال : أفي القوم ابنُ الخطابِ ؟ فقال إن هؤلاء قتلوا ، فلو كانوا أحياءَ لأجابوا ، فلم يَملِكْ عمرُ نفسَه ، فقال : كذبتُ يا عدوَّ اللهِ ، أبقى اللهُ عليك ما يُخْزِيك . قال أبو سفيإن : اعْلُ هُبَلُ ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أجيبوه . قالوا : ما نقولُ ؟ قال : قولوا : اللهُ أعلى وأجلُّ . قال أبو سفيانَ: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم . قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أجيبوه . قالوا : ما نقولُ ؟ قال : قولوا : اللهُ مولانا ولا مولى لكم . قال أبو سفيان : يومٌ بيومِ بدرٍ ، والحربُ سِجَالٌ ، وتجدون مُثْلَةً ، لم آمرْ بها ولم تَسؤْني ". الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4043
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والمولى سبحانه هو من يركن إليه الموحدون ويعتمد عليه المؤمنون في الشدة والرخاء والسراء والضراء ولذلك خص الولاية هنا بالمؤمنين، قال تعالى: } ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ { [محمد:11]، وقال تعالى: } وَإِنْ تَوَلوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ { [الأنفال:40]، وقال: } قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ الله لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ { [التوبة:51]، والله جعل ولايته للموحدين مشروطة بالاستجابة لأمره، والعمل في طاعته وقربه، والسعي إلى مرضاته وحبه، فمن حديث أَبِي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ التِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.
اسم الله المولى يدل على ذات الله وعلى صفة الولاية الخاصة بدلالة المطابقة، وعلى أحدهما بالتضمن، فالولاية التي دل عليها اسمه المولى تكون لبعض خلقه دون بعض كما قال تعالى: }} الله وَلِيُّ الذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ { [البقرة:257]واسم الله المولى يدل باللزوم على الحياة والقيومية والسمع والبصر والعلم والقدرة والعدل والحكمة والعزة والرحمة والسيادة والأحدية والغنى والصمدية، وغير ذلك من أوصاف الكمال،
هنا (http://www.alrekab.com/index.php/vb/showthread.php/0,t=3049/t,3049/)
فالولي في اللغة ضد العدو، ومعناه في أَسماء الله تعالى: الناصِرُ، وقيل: المُتَوَلِّي لأُمور العالم والخلائق القائمُ بها، الذي ينصر أولياءه ويليهم بإحسانه وفضله، جاء في شرح أسماء الله الحسنى: وولاية الله لعباده تعني قربه منهم، فهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وهي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير وتصريف الأمور والمقادير.. أما الولاية الخاصة: فهي ولايته للمؤمنين وقربه منهم، وهي ولاية حفظ ومحبة ونصرة.. قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {سورة يونس، الآية: 63} وقد ورد اسم الولي ـ مطلقا غير معرف ب أل ـ في كثير من نصوص الوحي من القرآن والسنة، وورد بالتعريف ـ ب أل ـ في القرآن الكريم مرتين فقط في سورة الشورى، وهما قول لله تعالى: فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير{ سورة الشورى الآية:9} وقوله تعالى: وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد {سورة الشورى الآية: 28}.

هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=185683)

أم أبي التراب
03-19-2014, 05:33 AM
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)

ولما أخبر أنه تعالى, له غيب السماوات والأرض, فليس لمخلوق إليها طريق, إلا عن الطريق التي يخبِـر بها عباده, ولماكان هذا القرآن, قد اشتمل على كثير من الغيوب, أمر تعالى بالإقبال عليه فقال: " واتل " إلى قوله " ملتحد " .
التلاوة, هي الاتباع أي: اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفهمها, وتصديق أخباره, وامتثال أوامره ونواهيه, فإنه الكتاب الجليل, الذي لا مبدل لكلماته, أي: لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها, وبلوغها من الحسن, فوق كل غاية "وَتَمَّت، كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ " .سورة الأنعام رقم الآية 115 (http://www.ketaballah.net/searchquran.html)
فلكمالها, استحال عليها التغيير والتبديل.
فلو كانت ناقصة, لعرض لها ذلك, أو شيء منه.
وفي هذا, تعظيم للقرآن, في ضمنه, الترغيب على الإقبال عليه.
" وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا " أي: لن تجد من دون ربك, ملجأ تلجأ إليه, ولا معاذا تعوذ به.
فإذا تعين أنه وحده, الملجأ في كل الأمور, تعين أن يكون هو المألوه المرغوب إليه, في السراء والضراء, المفتقر إليه في جميع الأحوال, المسئول في جميع المطالب.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-27.html)

قوله تعالى: { {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} } هذا كالنتيجة لقوله: { {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} } يعني إذا كان لا يشرك في حكمه أحداً فاتْلُ: { {وَاتْلُ} }.
فقوله: { {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} } يشمل التلاوة اللفظية والتلاوة العملية، أمّا التلاوة اللفظية فظاهر، تقول: «فلان تلا علي سورة الفاتحة»، والتلاوة الحكمية العملية أن تعمل بالقرآن، فإذا عملت به فقد تلوتَه أي تَبعتَه، ولهذا نقول في قوله تعالى: {{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ}} [فاطر: 29] ، يشمل التلاوة اللفظية والحكمية، والخطاب في قوله: { {وَاتْلُ} } للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولكن اعلم أن الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما دلَّ الدليل على أنه خاص به، فهو خاص به.
الثاني: ما دلَّ الدليل أنه للعموم، فهو للعموم.
الثالث: ما يحتمل الأمرين، فقيل: إنه عام، وقيل: إنه خاص، وتتبعه الأمة لا بمقتضى هذا الخطاب، ولكن بمقتضى أنه أسوتها وقدوتها.
فمثال الأول الذي دلَّ الدليل على أنه خاص به، قوله تبارك وتعالى: {{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ *}} [الشرح: 1] فهذا لا شك أنه خاص به، وكذلك قوله تعالى: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } [الضحى: 6] ، فهو خاص به صلّى الله عليه وسلّم.
ومثال الثاني الذي دلَّ الدليل على أنه عام، قوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصَوا الْعِدَّةَ}} [الطلاق: 1] ، فقوله: {{طَلَّقْتُمُ}} للجماعة؛ وهم الأمة، لكن الله سبحانه وتعالى نادى زعيمها ورسولها لأنهم تابعون له فقال: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ}}، إذاً الخطاب يشمل النبي صلّى الله عليه وسلّم وجميع الأمة، ومثال ما يحتمل الأمرين هذه الآية: { {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} }، لكن قد يقول قائل: إن هذه الآية فيها قرينة قد تدل على أنه خاص به كما سنذكره إن شاء الله، ولكن الأمثلة على هذا كثيرة، والصواب أن الخطاب للأمة ولكن وُجِّه لزعيمها وأسوتها؛ لأن الخطابات إنما توجه للرؤساء والمتبوعين.
وقوله: { {مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} } هو القرآن، وفي إضافة الرب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام دليل على أن ما أوحاه الله إلى رسوله من تمام عنايته به.
وقوله: { {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} } يعني لا أحد يستطيع أن يبدل كلماته، لا الكونية ولا الشرعية، أما الكونية فواضح، لا أحد يستطيع أن يُبَدِّلها، فإذا قال الله تعالى: {{كُنْ}} في أمر كوني فلا يستطيع أحد أن يبدله، أما الشرعية فلا أحد يستطيع شرعاً أن يبدلها. والنفي هنا ليس نفياً للوجود، ولكن النفي هنا للإمكان الشرعي، فلا أحد يستطيع شرعاً أن يبدل كلمات الله الشرعية، فالواجب على الجميع أن يستسلموا لله، فلو قال قائل: وجدنا من يبدل كلام الله! فإن الله أشار إلى هذا في قوله في الأعراب، قال تعالى: {{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ}} [الفتح: 15] . قلنا: هذا تبديل شرعي، والتبديل الشرعي قد يقع من البشر فيحرفون الكلام عن مواضعه، ويفسرون كلام الله بما لا يريده الله، ومن ذلك جميع المعطِّلة لصفات الله عزّ وجل، أو لبعضها ممن بدلوا كلام الله.
{ {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} } يعني لن تجد أيها النبي من دون الله عزّ وجل ملتحداً، أي أحداً تميل إليه أو تلجأ إليه لأن الالتحاد من اللحد وهو الميل، يعني لو أرادك أحد بسوء ما وجدت أحداً يمنعك دون الله عزّ وجل، إذاً عندما يصيب الإنسان شيء يتضرر به أو يخاف منه، يلتجئ إلى من؟ إلى الله، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {{ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا }} [الجن: 21، 22] .
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

التلاوة: هي الاتباع، أي: اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفهمها، وتصديق أخباره، وامتثال أوامره ونواهيه، فإنه الكتاب الجليل، الذي لا مبدل لكلماته، أي: لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها، وبلوغها من الحسن فوق كل غاية {وَتَمَّت، كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ " .سورة الأنعام رقم الآية 115 (http://www.ketaballah.net/searchquran.html) } فلتمامها، استحال عليها التغيير والتبديل، فلو كانت ناقصة، لعرض لها ذلك أو شيء منه، وفي هذا تعظيم للقرآن، في ضمنه الترغيب على الإقبال عليه.
{ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } أي: لن تجد من دون ربك، ملجأ تلجأ إليه، ولا معاذا تعوذ به، فإذا تعين أنه وحده الملجأ في كل الأمور، تعين أن يكون هو المألوه المرغوب إليه، في السراء والضراء، المفتقر إليه في جميع الأحوال، المسئول في جميع المطالب
هنا (http://www.imadislam.com/tafsir/018_01.htm)

أم أبي التراب
03-26-2014, 01:46 AM
{{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا *}}.28 الكهف
يأمر تعالى نبيه محمدا, صلى الله عليه وسلم, وغيره أسوته, في الأوامر والنواهي أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين " الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ " أي: أول النهار وآخره يريدون بذلك وجه الله.
فوصفهم بالعبادة والإخلاص فيها.
ففيها الأمر, بصحبة الأخيار, ومجاهدة النفس على صحبتهم, ومخالطتهم وإن كانوا فقراء فإن في صحبتهم من الفوائد, ما لا يحصى.
" وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " أي: لا تجاوزهم بصرك, وترفع عنهم نظرك.
" تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا " فإن هذا ضار غير نافع, وقاطع عن المصالح الدينية.
فإن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا, فتصير الأفكار والهواجس فيها وتزول من القلب, الرغبة في الآخرة, فإن زينة الدنيا, تروق للناظر, وتسحر القلب, فيغفل القلب عن ذكر الله, ويقبل على اللذات والشهوات فيضيع وقته, وينفرط أمره, فيخسر الخسارة الأبدية, والندامة السرمدية ولهذا قال: " وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا " غفل عن الله, فعاقبه بأن أغفله عن ذكره.
" وَاتَّبَعَ هَوَاهُ " أي: صار تبعا لهواه, حيث ما اشتهت نفسه فعله, وسعى في إدراكه, ولو كان فيه هلاكه وخسرانه, فهو قد اتخذ إلهه هواه كما قال تعالى: " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم " الآية.
" وَكَانَ أَمْرُهُ " أي: مصالح دينه ودنياه " فُرُطًا " أي: ضائعة معطلة.
فهذا قد نهى الله عن طاعته, لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به, ولأنه لا يدعو إلا لما هو متصف به.
ودلت الآية, على أن الذي ينبغي أن يطاع, ويكون إماما للناس, من امتلأ قلبه بمحبة الله, وفاض ذلك على لسانه, فلهج بذكر الله, واتبع مراضي ربه, فقدمها على هواه, فحفظ بذلك ما حظ من وقته, وصلحت أحواله, واستقامت أفعاله, ودعا الناس إلى ما من الله به عليه.
فحقيق بذلك, أن يتبع ويجعل إماما.
والصبر, المذكور في هذه الآية, هو الصبر على طاعة الله, الذي هو أعلى أنواع الصبر, وبتمامه يتم باقي الأقسام.
وفي الآية, استحباب الذكر والدعاء والعبادة طرفي النهار, لأن الله مدحهم بفعله.
وكل فعل مدح الله فاعله, دل ذلك على أن الله يحبه, وإذا كان يحبه فإنه يأمر به, ويرغب فيه.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-28.html)
قوله تعالى: { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ } أي احبسها مع هؤلاء الذين يدعون الله دعاء مسألة ودعاء عبادة، اجلس إليهم وقوِّ عزائمهم.
وقوله: { بِالْغَدَاةِ } أي أول النهار.
وقوله: { {وَالْعَشِيِّ} } آخر النهار.
قوله: { {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} } مخلصين لله عزّ وجل يريدون وجهه ولا يريدون شيئاً من الدنيا، يعني أنهم يفعلون ذلك لله وحده لا لأحدٍ سواه.
وفي الآية إثبات الوجه لله تعالى ، وقد أجمع علماء أهل السنة على ثبوت الوجه لله تعالى بدلالة الكتاب والسنة على ذلك، قال الله تعالى: {{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ *}} [الرحمن: 27] . وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أعوذ بوجهك» ، وأجمع سلف الأمة وأئمتُها على ثبوت الوجه لله عزّ وجل.
* لما نزلت هذه الآيةُ : {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} . قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أعوذُ بوجهِكَ ) . فقال : {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أعوذُ بوجهِكَ ) . قال : { أو يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا } . فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هذا أيْسَرُ ) .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 7406- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D8%B9%D9%88%D8%B0%20%D8%A8%D9% 88%D8%AC%D9%87%D9%83)
"قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ"


الأنعام (http://www.quranologie.com/?qq=%20%D9%82%D9%84%20%D9%87%D9%88%20%D8%A7%D9%84% D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%B1%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8 %A3%D9%86)65


ولكن هل يكون هذا الوجه مماثلاً لأوجه المخلوقين؟
الجواب: لا يمكن أن يكون وجه الله مماثلاً لأوجه المخلوقين لقوله تعالى: {{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}} [الشورى: 11] . وقوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } [مريم: 65] ، أي شبيهاً ونظيراً، وقال الله تبارك وتعالى: {{فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}} [البقرة: 22] .
وهكذا كل ما وصف الله به نَفْسَهُ فالواجب علينا أن نجريه على ظاهره، ولكن بدون تمثيل، فإن قال قائل: إذا أثبتّ لله وجهاً لزم من ذلك التمثيل، ونحمل قوله: {{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}} [الشورى: 11] ، يعني إلاَّ في ما أثبته كالوجه واليدين؟
فالجواب: أن هذا مكابرة؛ لأننا نعلم حساً وعقلاً أن كل مضاف إلى شيء فإنه يناسب ذلك الشيء، أليس للإنسان وجه، وللجَمَلِ وجه، وللحصان وجه وللفيل وجه؟ بلى، وهل هذه الأوجه متماثلة؟ لا؛ أبداً! بل تناسب ما أضيفت إليه، بل إن الوقت والزمن له وجه، كما في قوله تعالى: {{آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ}} [آل عمران: 72] ، فأثبت أن للزمن وجهاً، فهل يمكن لأحد أن يقول: إن وجه النهار مثل وجه الإنسان؟.
الجواب: لا يمكن، إذاً ما أضافه الله لنفسه من الوجه لا يمكن أن يكون مماثلاً لأوجه المخلوقين؛ لأن كل صفة تناسب الموصوف . فإن قال قائل: إنه قد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنَّ الله تعالى خلق آدم على صورته» [(19)]، فما الجواب؟
فالجواب: من أحد وجهين:
الوجه الأول: إما أن يقال: لا يلزم من كونه على صورته أن يكون مماثلاً له، والدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبر بأن أوَّل زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر [(20)]، ونحن نعلم أنه ليس هناك مماثلة بين هؤلاء والقمر، لكن على صورة القمر من حيث العموم إضاءةً وابتهاجاً ونوراً. الوجه الثاني: أن يقال: «على صورته» أي على الصورة التي اختارها الله عزّ وجل، فإضافة صورة الآدمي إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم كما في قوله تعالى: {{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}} [البقرة: 114] ، ومن المعلوم أن الله ليس يصلي في المساجد، لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم وعلى أنها إنما بنيت لطاعة الله، وكقول صالح عليه السلام لقومه: {{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}} [الشمس: 13] ، ومن المعلوم أن هذه الناقة ليست لله كما تكون للآدمي يركبها؛ لكن أضيفت إلى الله على سبيل التشريف والتعظيم، فيكون «خلق آدم على صورته» أو «على صورة الرحمن»[(21)] ، يعني على الصورة التي اختارها من بين سائر المخلوقات، قال الله تعالى في سورة الانفطار: {{ يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ }} [الانفطار: 6، 7] ، أي الذي جعلك جعلا كهذا وهذا يشمل اعتدال القامة واعتدال الخلقة، ففهمنا الآن والحمد لله أن الله تعالى له وجه حقيقي وأنه لا يشبه أوجه المخلوقين . وقوله: { {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} } إشارة للإخلاص، فعليك أخي المسلم بالإخلاص حتى تنتفع بالعمل.
وقوله: { {وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } يعني لا تتجاوز عيناك عن هؤلاء السادة الكرام تريد زينة الحياة الدنيا، بل اجعل نظرك إليهم دائماً وصحبتك لهم دائماً، وفي قوله: {{تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } إشارة إلى أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم لو فارقهم لمصلحة دينية لم يدخل هذا في النهي.
قال تعالى: { {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} } يعني عن ذكره إيَّانا أو عن الذكر الذي أنزلناه، فعلى الأول يكون المراد الإنسان الذي يذكر الله بلسانه دون قلبه، وعلى الثاني يكون المراد الرجل الذي أغفل الله قلبه عن القرآن، فلم يرفع به رأساً ولم ير في مخالفته بأساً.
قوله تعالى: { {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} } أي ما تهواه نفسه.
{ {وَكَانَ أَمْرُهُ} } أي شأنه { {فُرُطًا} } أي منفرطاً عليه، ضائعاً، تمضي الأيام والليالي ولا ينتفع بشيء، وفي هذه الآية إشارة إلى أهمية حضور القلب عند ذكر الله، وأن الإنسان الذي يذكر الله بلسانه لا بقلبه تنْزَع البركة من أعماله وأوقاته حتى يكون أمره فُرطا عليه ، تجده يبقى الساعات الطويلة ولم يحصل شيئاً، ولكن لو كان أمره مع الله لحصلت له البركة في جميع أعماله.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
03-26-2014, 04:55 AM
قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ الزخرف:67.
"المرءُ على دينِ خليلِهِ فلينظر أحدُكم من يخالِلْ"
الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: الإيمان لابن تيمية - الصفحة أو الرقم: 60-خلاصة حكم المحدث: حسن-الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A1+%D8%B9 %D9%84%D9%89+%D8%AF%D9%8A%D9%86+%D8%AE%D9%84%D9%8A %D9%84%D9%87+%D9%81%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%B8%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
على دين خليله:أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته
فلينظر :فليتأمّل وليتدبّر
من يخالل:من المخالة وهي المصادقة والإخاء فمَن رضي دينه وخُلُقه صادقه ومَن لا ،تجنّبه

سبعةٌ يظلُّهم اللهُ يومَ القيامةِ في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه : إمامٌ عادلٌ ، وشابٌ نشأَ في عبادةِ اللهِ ، ورجلٌ ذكر اللهَ في خلاءٍ ففاضت عيناه ، ورجلٌ قلبُه معلقٌ في المسجدِ ، ورجلان تحابا في اللهِ ، ورجلٌ دعته امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ إلى نفسِها فقال : إني أخافُ اللهَ ، ورجلٌ تصدق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شمالُه ما صنعتْ يمينُه الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6806-خلاصة حكم المحدث: صحيح.الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D9%81 %D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

ما مِنْ مسلِمَينِ يلتقيانِ فيُسَلِّمُ أحدُهما على صاحِبِهِ ، ويأخُذُ بيدِهِ ، لا يأخذُ بيدِهِ إلَّا للهِ ، فلا يفْتَرِقانِ حتى يُغْفَرَ لهما الراوي: البراء بن عازب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5778-خلاصة حكم المحدث: حسنالدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8A%D8%B3%D9%84%D9%85+%D8%A3 %D8%AD%D8%AF%D9%87%D9%85%D8%A7+%D8%B9%D9%84%D9%89+ %D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

لماذا نركز على هذا المفهوم؟ لأن الالتقاءات التي تحدث اليوم بين الناس -أيها الإخوة- ليست لله، ولا في الله، وإنما هي من أجل عرضٍ من الدنيا زائل.
الآن الناس يتلاقون فيسلم الواحد على الثاني، ويأخذ بيده ويصافحه، لكن إذا نظرت في الحقيقة لماذا يصاحبه؟ ولماذا يسلم عليه؟ ولماذا يأخذ بيده؟ تجد الغرض من وراء هذا كله مصلحة دنيوية، الآن الناس يلتقون لكن اللقاءات على الماديات الفانية:
"وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ"الرحمن 27
"ما تحابا الرجلان إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه" الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 423-خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D9%83%D8%A7%D9%8 6+%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84%D9%87%D9%85%D8%A7+&st=p&xclude=&fillopts=on&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

معناه المحب في ازدياد، وكلما أحببت أخاك أكثر كلما ازددت فضلاً عند الله، فمعنى ذلك: أن الأفراد في المجتمع المسلم متلاصقون في غاية التلاصق، ويحب بعضهم بعضاً حباً جماً، هكذا يريد الله من المسلمين، ولذلك المجتمع الإسلامي مجتمع متماسك لا يمكن أن تتخلله الشائعات ولا الأشياء المغرضة ولا وشايات الأعداء ومخططاتهم؛ لأنه إذا كان الأفراد في تلاحم، فمن أين ينفذ الشر؟ وكيف ينفذ؟.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحاً الأجر العظيم للمحبة في الله والأخوة في الله وبعض بنودها، يقول عليه الصلاة والسلام عن الله عز وجل في حديث قدسي

"المتحابُّونَ في اللهِ في ظلِّ العرشِ يومَ لا ظلَّ إلا ظِلُّهُ ، يغبِطُهُمْ بمكانِهم النبيونَ والشهداءُ . ثم قال : فخرجتُ فأتيتُ عبادةَ بنَ الصامتِ فحدَّثتُه بحديثِ معاذٍ ، فقال عبادةُ بنُ الصامتِ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقول ، عن ربِّهِ تبارك وتعالى : حقَّتْ محبَّتي على المتزاورينَ فيَّ ، وحقَّتْ محبَّتي على المتحابِّين فيَّ ، وحقَّتْ محبَّتِي على المتناصحينَ فيَّ ، وحقَّتْ محبَّتي على المتباذِلينَ فيَّ ، و هم على منابرَ من نورٍ ؛ يغبِطُهم النبيونَ والصديقونَ بمكانهم". الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 2129-خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AD%D9%82%D8%AA+%D9%85%D8%AD%D8%A8 %D8%AA%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم موضحاً الأجر العظيم للمحبة في الله والأخوة في الله وبعض بنودها، يقول عليه الصلاة والسلام عن الله عز وجل في حديث قدسي
"المُتَحابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ العرشِ يومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ ، يَغْبِطُهُمْ بِمَكَانِهِمْ النبيُّونَ والشُّهَدَاءُ . قال : ولَقِيتُ عُبادَةَ بنَ الصَّامِتِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ معاذٍ ، فقال : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ يقولُ عن رَبِّهِ تباركَ وتعالى : حقَّتْ مَحَبَّتِي على المُتَحابِّينَ فِيَّ ، وحقَّتْ مَحَبَّتِي على المُتَناصِحينَ فِيَّ ، وحقَّتْ مَحَبَّتِي على المتباذلِينَ فِيَّ ، وهُمْ على مَنابِرَ من نُورٍ ، يَغْبِطُهُمْ النبيُّونَ والشهداءُ والصِّدِّيقُونَ الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3019
خلاصة حكم المحدث: صحيحالدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D8%B9%D9%84%D9%89+%D9%85%D9%86%D8%A 7%D8%A8%D8%B1+%D9%85%D9%86+%D9%86%D9%88%D8%B1+%D9% 8A%D8%BA%D8%A8%D8%B7%D9%87%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%8 6%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

عن سعد بن أبي وقَّاصٍ قال: كُنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ستَّةَ نَفَرٍ، فقال المشركون: اطردْ هؤلاء؛ لا يجترؤون علينا، قال: وكنتُ أنا وابن مسعود، ورجلٌ من هذيل، وبلال، ورَجُلان نسيتُ اسْمَيْهما، فوقع في نَفْس رسول الله ما شاء الله أن يقع، فحدَّث نَفْسَهُ فأنزل الله - عزَّ وجلَّ "وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ"الأنعام: 521.
يأمر الله تعالى نبيَّهُ محمدًا - صلَّى الله عليه وسلم - والأمر عامٌّ له ولأمَّته بلزوم الصالحين، ومصابرة النفس على مصاحبتهم، والبقاء معهم، خصوصًا الفقراء منهم والضعفاء؛ فالآية نزلت فيهم، والمكث معهم أبعد عن مظاهر الدنيا وفتنتها، ثمَّ ذَكَرَ أهمَّ صفاتهم، وهي شغل أوقاتهم بالعبادة بحسب الأحوال، لا يريدون بذلك رياءً ولا سمعةً، ولا ليقال: فلانٌ قارئٌ أو عابدٌ، أو عَرَضًا من الدنيا زائلٌ، إنما يريدون بذلك وجهَ الله - تعالى - وطلبَ مرضاته، ثم نهاه - تعالى - عن مصاحبة أهل الدنيا؛ فقال: "وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"؛ أي: لا تَتَطلَّعْ إلى مصاحبة غيرهم من أهل الشَّرف والغِنى؛ لما يَحْصُل بذلك من اشتغال القلب بزينة الدنيا عن أمر الآخِرة.
قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي - رحمه الله -: "فإن ذلك يوجِب تعلُّق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخِرة، فإنَّ زينة الدنيا تروق للناظر، وتسحر القلب، فيغفل عن ذِكْر الله، ويُقبِل على اللذَّات والشَّهوات، فيضيع وقته، وينفرط أمره، فيخسر الخسارة الأبديَّة، والندامة السَّرْمَدِيَّة". اهـ2.
ثم نهاه نهيًا آخر؛ فقال"وَلا تُطِع مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا"، فنهاه عن طاعة الغافلين عن ذِكْر الله، المتَّبعين أهواءهم، الذين أضاعوا دِينَهم، فطاعة مَنْ هذه صفته هي الخسارة الحقيقية في الدنيا والآخرة.
وفي هذه الآية الكريمة فوائد كثيرة:
الأولى: الحثُّ على الصبر:
والمراد بالصبر: هو الصبر على طاعة الله، الذي هو أعلى أنواع الصبر، وقد ذكر الله الصبرَ في أكثر من تسعين موضعًا من كتابه؛ لأهميته ومكانته العظيمة؛ بل إنه في الآية الواحدة يتكَرَّرُ الأمر بالصبر؛ كما في قوله تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"آل عمران: 200.
والثانية: استحباب ذِكْر الله، والدعاء طَرَفَي النهار:
قال الشيخ ابن سعدي - رحمه الله "لأن الله مَدَحَهم بفِعْلِه، وكلُّ فعلٍ مَدَحَ الله فاعِلَهُ دَلَّ على أنَّ الله يحبُّه، وإذا كان يحبُّه؛ فإنه يأمر به ويُرَغِّبُ فيه"3. اهـ.

قال تعالى"وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ"ق: 39، وعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال"لأَنْ أَقْعُدَ مع قومٍ يذكرون الله من صلاة الغَدَاة حتى تطلع الشمس - أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربعةً من وَلَد إسماعيل، ولأن أجلس مع قومٍ يذكرون الله من صلاة العصر حتى تغرب الشمس - أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربعةً"4.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال"لأَنْ أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر - أحبُّ إليَّ ممَّا طَلَعَت عليه الشمس"5.

الثالثة:الحثُّ على مجالَسة الصالحين الأخيار:
حتى لو كانوا فقراء أو ضعفاء؛ فإن في مجالستهم خيرًا كثيرًا؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال"لا تصاحِب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامكَ إلا تقيٌّ"6.
قال أبو سليمان الخطَّابي: "وإنَّما حذَّر من صُحبة مَنْ ليس بتقيٍّ، وزَجَر عن مخالَطته ومؤاكلته؛ لأنَّ المُطاعَمَة تُوقِعُ الأُلْفَةَ والمودَّة في القلوب". اهـ7.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال"الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدُكم مَنْ يُخَالِل"8.
قال الشاعر:
عَنِ المَرْءِ لا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ فَكُلُّ قَرِينٍ بالمُقَارِنِ يَقْتَدِي

الرابعة: الزُّهد في الدنيا، والرَّغبة في الآخِرة:
كما قال تعالى"وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى"طه: 131، وكما قال تعالى"وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ* وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ"الزخرف: 33 - 35.
الخامسة: الحثُّ على الإخلاص لله تعالى:
فقد ذكر الله في الآية الأخرى عن عباده الصالحين أنهم يريدون بهذا العمل وجه الله، لا رياءً ولا سمعة؛ كما قال تعالى"إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا"الإنسان:9.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
-------
1 صحيح مسلم 4/1878- برقم 2413.
2 تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص425.
3 تفسير ابن سعدي ص425.
4 سنن أبي داود 3/324- برقم 3667.
5 صحيح مسلم 4/2072- برقم 2695.
6 سنن أبي داود 4/259- برقم 4833.
7 شرح السنة للبغوي 13/69.
8 سنن أبي داود 4/259، برقم 4832.
الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/5285/)

أم أبي التراب
03-31-2014, 03:30 AM
" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " الكهف:28
وفيه درس عظيم : أن الإنسان بحاجة إلى التذكير وإن كان قوياً فالمصباح مع المصباح أكثر إنارة للطريق والمصباح الواحد قد تضعف إنارته في أي لحظة ولو كان قوياً .والحذر الحذر فقد يغتر الإنسان ويشعر بأنه لا حاجة إلى التذكير أو يغفل عن ذلك فيحتاج إلى التنبيه مهما بلغ .فذلك من الزاد والتزود في السير إلى الله والدار الآخرة .وفيه تربية للنفس على الافتقار والضعف والتواضع .
*
"يُرِيدُونَ وَجْهَهُ "أي مخلصين له في أقوالهم وأفعالهم .
أهل الفضل والعقول الراجحة والقلوب النيرة بنور الله وهديه ، وهذه صفات قوة وتكون سبباً في القوة .والإخلاص من أعظم أسباب القوة وبه تكون الفتوحات والبركات .

والذكر يعطي الإنسان قوة في إيمانه وبدنه وتحمله المتاعب والمصائب ويعينه على طاعة الله ويحفظه من المعاصي والشرور وقد ذكر ابن القيم رحمه الله مائة فائدة للذكر في وابله الصيب .

وفي الآية درس عظيم وهو الوصية بملازمة أهل الإخلاص وحسن السريرة والطوية ، فبملازمتهم يكون الفلاح والنجاح والتربية والتزكية والسير على خطاهم والاقتفاء بآثارهم...ونيل بركة صلاحهم والتأثر بهم .ولذا كان لزامًا على الإنسان أن يبحث في هذه الدنيا على من يعينه على أمر دينه من صديق صالح وزوجة صالحة والفتاة كذلك تبحث عن زوج صالح يعينها على أمر دينها.

وهذا فيه درس عملي وتطبيقي بالمباشرة في الملازمة لأهل الذكر والإخلاص لأن ذلك أبلغ في التأثير من الدروس النظرية . فالحذر كل الحذر من التعالي واحتقار الآخرين فقد يستفيد الإنسان ممن هو دونه منصبًا وجاهًا وعلمًا ونسباً وشرفًا ، فالمسألة أعظم من كل ذلك وهي تحقيق الإخلاص والعبودية لله والافتقار إليه وملازمة ذكره ..

وفيه درس آخر وهو : تحذير من العزلة ولاسيما من يخشى عليه من العزلة والانفراد فلم يأمر الله نبيه بترك أهل الدنيا والانعزال عموماً بل أمر بمجالسة و مخالطة أهل الصلاح والذكر .
وفيه درس : وهو أن الإنسان قد يتأثر سلبًا فتدخله الشهوة والشبهة بمجالسة من هو دونه علمًا وإيمانًا وسلوكًا وتربية وسنًا وولاية وهذا أمر مشاهد وواقع بين الأخ وأخيه والصديق وصديقه والزوجة وزوجها .فالحذر الحذر .

أم أبي التراب
04-02-2014, 04:18 AM
إن كثيرًا من الناس حينما يأتي الحديث عن التحذير من مجالسة أصدقاء السوء والهوى يظن أن ذلك الحديث هو موجه للمراهقين وحدثاء السن والعقول والصغار من بنين وبنات وهو مفهوم خاطئ ...ولذا اغتر كثير من الناس بنفسه فتأثر وانزلق في كثير من المخاطر وتأثر وتلوث بالشهوات والشبهات التي تقذف في القلوب بسبب مجالسة أهل الأهواء والشبه خطافة والقلوب ضعيفة .
"وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"الأنعام 103 (http://www.quranologie.com/)

قال ابن سعدي "الخوض هو التكلم بما يخالف الحق، من تحسين المقالات الباطلة، والدعوة إليها، ومدح أهلها، والإعراض عن الحق، والقدح فيه وفي أهله " ولاشك أن الشريعة لها مغزى عظيم في النهي عن المجالسة من تشرب الباطل وتلبيس الحق والتشكيك فيه وقذف الشبه والشبه تخطف بالقلوب ومناصرة أهل الباطل وظنهم أنهم على الحق بمجالستهم ..
من جاور الشر لايأمن عواقبه --- كيف الحياة مع الحيات في سفط
ياساميًا : إياك إياك أن تمنح قلبك وعقلك ليضرب ويقتل بمعاول الهدم .
ثم يأتي التحذير"وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ " لا تنصرف وتتجاوزهم -أي أهل الذكر- لأهل الدنيا والبهرجة والصور وأشرافها وأغنيائها "تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" لأجل زينة الدنيا .
أخي المتدبر : اعلم علم يقين لاشك فيه ولا ارتياب بل حق يقين وعين يقين أن العبرة بما عليه أهل الذكر لا أهل الدنيا ..والنفس حينما تقبل على أهل الدنيا تضعف وتتعلق بالدنيا وتشرئب النفوس لها وترتفع الأعناق وتمتد الأيدي إليها ويعلق التفكير بها ثم يضعف في سيره .والتحذير كل التحذير ممن تغره نفسه فيظن أن لن يفتن بالدنيا وأهل الدنيا .. وكم من مفتون وقع في الفتنة وهو لا يشعر فاغتر وضعف وفتن فأصيبت مقاتله عياذاً بالله .
وتجد قومًا ...ما إن يفكروا في الطريق إلى الثراء أو انتظار مرتبة عالية أو رئاسية أو الحصول على وظيفة مرموقة فيبدأ التفكير الشيطاني أو شياطين الإنس يأزونه أزًا ويقنعونه بأن ذلك لن تصل إليه إلا إذا بدأت تتنازل عن كثير من أمور دينك وأن في ذلك مصلحة عظمى للدين والبلد ..فيبدأ يغير من سلوكياته التي تصنفه للرآئي بأنه مستقيم ومن أهل الصلاح حتى يكون له قبول لدى أهل الدنيا وفي مجالسهم وحينئذ يبدأ مسلسل التنازلات والانهزامية وإذا بدأ فكيف يقف ؟؟ ولا تعجب حينئذ حين المناقشة والمجادلة في إيجاد التبريرات وقوتها وإلباسها بلباس المصالح والمفاسد وغير ذلك .
فهل يوجد عند الإنسان أعظم وأغلى وأعز من دينه ؟ لكي يبيعه في أقرب سوق لبيع المبادئ وعند أدنى هزة لأجل لعاعة ومتاع دنيا عياذًا بالله .بل المصيبة أن يوجد مزاد وتصويت لبيع المبادئ .في زمن المنهزمين والضعفاء والجبناء
تراه يشفق من تضييع درهمه وليس يشفق من دين يضيعه هنا (http://www.ahldawa.com/showthread.php?p=3005)
أسئلة للتدبر

لماذا قال تعالى : واصبر ولم يقل وصبر بالشدة على الباء ؟
ولماذا قابل الصبر مع الذين يدعون ربهم بمعصية من أغفلنا قلبه.. فقال ولا تطع من أغفلنا قلبه ؟
وهل يدل ذلك على أنك تحتاج في صبرك إلى غيرك حتى قال تعالى : اصبر نفسك مع... ؟
وهل يدل على أن تمام الطاعة لله تعالى صبرك مع الذين يدعون ربهم ؟ ووضوح المعصية في طاعة من أغفلنا... ؟
ثم لماذا لما وصف الذين يدعون ربهم لم يستعمل واو العطف فقال : يدعون... يريدون... ولم يقل : يدعون... ويريدون... ؟ فلما تكلم عن من أغفلنا قلبه.. قال.. أغفلنا... واتبع... وكان ؟
ولماذا قال تعالى : أغفلنا قلبه ولم يقل : غفل قلبه... ؟
ولماذا قال تعالى : واتبع هواه، ولم يقل : وأتبعناه هواه كما قال أغفلنا قلبه ؟
ولماذا قال تعالى واصبر نفسك.. ولم يقل اصبر قلبك ؟
ثم لماذا ذكر العينين فقال ولا تعد عيناك عنهم ؟

يغفر الله لي ولكم
ملتقى أهل التفسير
هنا (http://vb.tafsir.net/tafsir31436/#.UzizlaJQNt0)

الأخوة في الله .. حقوق وواجبات (http://moltkamoltka.blogspot.com/2014/03/blog-post_26.html)

أم أبي التراب
05-07-2014, 03:07 PM
الأخوة في الله .. حقوق وواجبات


• أولاً: مفهوم الأخوة الإيمانية

1- الأخوة الإيمانية امتداد لمحبة الله وتوحيده:

ثبتت رابطة الاخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ذكره {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10)، فمفهوم الأخوة الإسلامية هي امتداد لمحبة الله تعالى وتوحيده، فالمحبة والموالاة للمؤمنين هي لازم لمحبة الله وموالاته، فمن أحب الله وولاه لابدّ أن يحب من يحبه الله سبحانه وتعالى ومن يقرب من الرسل والصديقين والمؤمنين. يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} (التوبة: 71).

2- الأخوة الإيمانية أخوة في طريق تعمير الأرض وتحرير الإنسان:
مما يميز الأخوة الإيمانية كذلك أنها لقاء بين الموحدين على مهام عظيمة، وأعمال كبيرة، تسمو بالمسلم إلى المهمة الأصيلة في تعمير الأرض بالخير، ونشر العدل في الأرض.
وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الكرام من مهاجرين وأنصار في رباط أخوة إيمانية، أبدعت نواة لدولة حضارية عمّرت الأرض بمنهج الله تعالى.

3- الأخوة الإيمانية أخوة فوق كل العصبيات الأرضية كمثل الجسد الواحد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم ، مَثلُ الجسدِ . إذا اشتكَى منه عضوٌ ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى»
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2586
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%8E%D8%AB%D9%8E%D9%84%D9%8F% 20%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92%D9%85 %D9%90%D9%86%D9%90%D9%8A%D9%86%D9%8E%20%D9%81%D9%9 0%D9%8A%20%D8%AA%D9%8E%D9%88%D9%8E%D8%A7%D8%AF%D9% 90%D9%91%D9%87%D9%90%D9%85%D9%92)
فهي فوق أخوة النسب، وهي فوق أخوة القبيلة، وهي فوق أخوة الوطن…فوق كل الأخوات الأرضية… تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية.

• ثانياً: فضل التآخي بالله والتحابب فيه:

1- الأخوة في الله نعمة الله وفضله:
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (آل عمران: 103).
فجعل المولى عز وجل الأخوة منحة إلهية، ونفحة ربانية يهبها الله للمخلصين الصادقين، يمحى بها الأحقاد الجاهلية ويزيل بها العداوة والبغضاء فتتوحد القلوب، وتتآلف النفوس على المنهج الواحد، والعقيدة والواحدة.

2- الأخوة في الله طريق لمحبة الله تعالى:
تحصيل محبة الله تعالى غاية قلوب الموحدين، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الإخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم
1 -« أنَّ رجلًا زارَ أخًا لَهُ في قريةٍ أخرى ، فأرصدَ اللَّهُ لَهُ ، على مَدرجَتِهِ ، ملَكًا فلمَّا أتى عليهِ ، قالَ : أينَ تريدُ ؟ قالَ : أريدُ أخًا لي في هذِهِ القريةِ ، قالَ : هل لَكَ عليهِ من نعمةٍ تربُّها ؟ قالَ : لا ، غيرَ أنِّي أحببتُهُ في اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، قالَ : فإنِّي رسولُ اللَّهِ إليكَ ، بأنَّ اللَّهَ قد أحبَّكَ كما أحببتَهُ فيهِ»
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2567-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%86%D9%8E%D9%91+%D8%B1 %D9%8E%D8%AC%D9%8F%D9%84%D9%8B%D8%A7+%D8%B2%D9%8E% D8%A7%D8%B1%D9%8E+%D8%A3%D9%8E%D8%AE%D9%8B%D8%A7+% D9%84%D9%8E%D9%87%D9%8F+%D9%81%D9%90%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)


3- المتآخون في الله في ظل الله تعالى:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- « إنَّ اللَّهَ يقولُ يومَ القيامةِ : أينَ المُتحابُّونَ بجلالي ، اليومَ أظلُّهم في ظلِّي . يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلِّي» الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2566-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9%8E+ %D8%A7%D9%84%D9%92%D9%85%D9%8F%D8%AA%D9%8E%D8%AD%D 9%8E%D8%A7%D8%A8%D9%8F%D9%91%D9%88%D9%86%D9%8E+%D8 %A8%D9%90%D8%AC%D9%8E%D9%84%D9%8E%D8%A7%D9%84%D9%9 0%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%8A%D9%8E%D9%88%D9%92 %D9%85%D9%8E&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

4- منازل المتآخين في الله غبطة الأنبياء والشهداء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ قَالَ هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» (رواه أبو داود).
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح أبي داود (http://dorar.net/book/13559?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3527
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%84%D9%8E%D8%A7+%D8%A5 %D9%90%D9%86%D9%8E%D9%91+%D8%A3%D9%8E%D9%88%D9%92% D9%84%D9%90%D9%8A%D9%8E%D8%A7%D8%A1%D9%8E+%D8%A7%D 9%84%D9%84%D9%8E%D9%91%D9%87%D9%90+%D9%84%D9%8E%D8 %A7+%D8%AE%D9%8E%D9%88%D9%92%D9%81%D9%8C&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

5- الأخوة في الله طريق لحلاوة الإيمان واستكمال عراه:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ وَأَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَنْكَحَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ» (رواه الترمذي).
ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» (متفق عليه).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (متفق عليه).

• ثالثاً: حقوق وواجبات الأخوة الإيمانية

الأخوة الإيمانية واجب ديني فعلى كل موحد صادق أن يراجع نفسه ويرى علاقته بأخوته ومدى تطابقها مع تعليمات الشريعة السمحة.
1- محبته في الله وموالاته، والمداومة على ذلك ما دام الأخ على عقد الإيمان:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» (رواه مسلم).
وقد أرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يخبروا بعضهم بهذه المحبة، روى أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره قال: «مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ جَالِسٌ فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا فِي اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرْتَهُ بِذَلِكَ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَأَخْبِرْهُ تَثْبُتْ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا فَقَامَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ أَنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ أَوْ قَالَ أُحِبُّكَ لِلَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي فِيهِ» (رواه أبو داود).

2- المواساة وحسن الصحبة والعشرة:
أ – وجوب العَود بالفضل
فينزل المسلم أخاه المسلم منزلة الصاحب لديه، فيقوم بحاجته من فضل ماله إذا احتاج، ولا ينتظر سؤاله فإن ألجأه إلى السؤال فهو دليل على تقصيره في حق أخيه، وإذا انحط المسلم عن هذه المرتبة فهو مقصر مذنب يحتاج إلى فحص نفسه، وتهذيبها والتوبة إلى الله تعالى.
ب – طيب الكلام والمبسم والبشاشة في وجه الأخوة ورد السلام والفرح باللقاء:
طيب الكلام وحسنه بين الأخوة، مدعاة لجلب المحبة ودوامها أن يدعو أخاه بأحسن أسمائه، وأحبها على قلبه يـقـــول المـصـطــفى صلى الله عليه وسلم: «ثلاث يصفــين لك ود أخــيك تسلم عليه إذا لقيته وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه» (رواه الحاكم).
فال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» (رواه مسلم).
قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (رواه مسلم).
ج – خفض الجناح ولين الجانب والتواضع وحسن الخلق و إقالة العثرات والتزاور في الله والتهنئة وتفقد الحال:
قال صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (رواه مسلم).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» (رواه الترمذي).
د- السعي بالشفاعة الحسنة:
قال الله تعالى {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا} (النساء: 85).

4- التعاون والتآزر فيما بين الأخوان على البر والعمل الصالح:
فالمؤمنون بنيان واحد، يشد بعضه بعضاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» (رواه البخاري).

5- نصرة الأخوان المظلومين وصيانة الدماء والأعراض والأموال وإغاثة الملهوف وفكّ العاني:
قال الله تعالى: { وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ } (الأنفال: 72).

6- واجبات اجتماعية:
أوجب الإسلام واجبات عديدة لإدامة صلة الأخوة الإيمانية، بين الموحدين، ولزيادة المحبة فيما بينهم وهذه جملة من الواجبات المستحبات أشير إليها بشكل موجز:
أ- قبول الهدية واستحباب الإثابة عليها
ب- إجابة الدعوى
ج- ستر المسلم لأخيه المسلم
د- تشميت العطاس
هـ- إحسان الظن وسلامة الصدر

7- الدعاء للإخوان بكل خير في حياتهم و شهود الجنازة والدعاء بالمغفرة والرضوان بعد مماتهم:
فقد ورد في الحديث الصحيح «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ» (رواه مسلم).
قال صلى الله عليه وسلم «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ».

• رابعاً: محاذير في طريق الأخوة

1- الغيبة:
وهي أن يذكر الإنسان أخاه في غيبته بما يكره، روى مسلم عن أبي هريرة ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».

2- النميمة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» (رواه مسلم).

3- التجسس:
قال تعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا} (الحجرات: 12).
قال الطبري: وَقَوْله: {وَلا تَجَسَّسُوا} يَقُول: وَلَا يَتَتَبَّع بَعْضكُمْ عَوْرَة بَعْض, وَلَا يَبْحَث عَنْ سَرَائِره, لَا عَلَى مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ سَرَائِره.
قال ابن كثير في تفسير الآية: {وَلا تَجَسَّسُوا} أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ، وَمِنْهُ الْجَاسُوس.

4- السخرية:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْتَقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» (رواه الترمذي).

5- اللمز الغمز:
قال ابن كثير في قوله تعالى { وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ }: أي لا تلمزوا الناس، والهماز واللماز من الرجال مذموم ملعون كما قال الله { وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } (الهمزة:1)، فالهمز بالفعل، واللمز بالقول.

6- الغضب والحسد يحرقان الأخوة:
الغضب شعلة محرقة من النار، تحرق الأخوة الإيمانية، وتنزع بالإنسان لسلوك الشيطان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم موصياً الرجل الذي طلب الوصية: «لا تغضب، فرددها مرارا، قال: لا تغضب» (رواه البخاري).
والحسد من شر معاصي القلوب، ومعاصي القلوب أشد إثماً من كثير من معاصي الجوارح، نظراً إلى آثارها الخطيرة على السلوك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ» (رواه مسلم).

7- العداوة والحقد:
لقد نهى الشرع الحنيف عن البغضاء، والحقد، في نصوص كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» (رواه البخاري).

8- الكبر الغرور:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ» (رواه مسلم).

9- آفات أخرى مع التقصير في تأدية واجبات الأخوة:
وهناك آفات كثيرة تؤثر في الأخوة الإسلامية وتضعفها، مثل: الهجر، والجفاء والغلظة، والفضول، والغيرة، والغدر، والطمع، وسوء الظن، والشك والريبة، والشماتة، والبيع على البيع، والخطبة على الخطبة،…وغيرها كثير من الأمور التي نبه عليها الشرع في نصوص عديدة وليس هنا مكان بسطها، وأردت التنويه لبعض الأمور التي تسيء للأخوة في الله، وكذلك فإن التقصير في تأدية واجبات الأخوة الإيمانية التي سبق ذكر طرف منها، له أثر كبير في تمزيق الأخوة الإيمانية وأضعافها.

نسأل الله أن يجنب الأخوة هذه الآفات، ويحققهم بتحقيق أوامر الله تعالى وواجبات الشرع الحنيف تجاه الأخوة في الله.. وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.


سلسلة العلامتين ابن باز والألباني (http://www.3llamteen.com/2013/01/28/s145/)

أم أبي التراب
05-21-2014, 02:44 PM
"وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً "(29) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/t-18-5-29.html)

هذه الآية على سبيل التهديد ، وليست على سبيل الاختيار .
قال ابن جرير في تفسير هاتين الآيتين :
يقول تعالى ذِكْرُه لِنَبِيِّه محمد صلى الله عليه وسلم : وقل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا ، واتبعوا أهواءهم : الحقّ أيها الناس مِن عند ربكم ، وإليه التوفيق والحذلان ، وبِيَدِه الهدى والضلال ، يهدي من يشاء منكم للرشاد ، فيؤمن ، ويُضِلّ من يشاء عن الهدى ، فيكفر . ليس إلي من ذلك شيء ، ولست بِطَارِد - لِهَواكم - مَن كان للحقّ مُتَّبِعًا، وبالله وبما أنزل علي مؤمنا، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا ، فإنكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربكم على كفركم به نارا أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم به وعَمِلتم بطاعته، فإن لكم ما وَصف الله لأهل طاعته .

وقال البغوي : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) هذا على طريق التهديد والوعيد .

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) : هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال : (إِنَّا أَعْتَدْنَا ) أي : أرْصَدْنا (لِلظَّالِمِينَ) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) أي : سُورها

هنا (http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=75549#gsc.tab=0)
أي: قل للناس يا محمد: هو الحق من ربكم.
أي: قد تبين الهدى من الضلال, والرشد من الغي, وصفات أهل السعادة, وصفات أهل الشقاوة, وذلك بما بينه الله على لسان رسوله.
فإذا بان واتضح, ولم يبق فيه شبهة.
" فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " أي: لم يبق إلا سلوك أحد الطريقين, بحسب توفيق العبد, وعدم توفيقه.
وقد أعطاه الله مشيئة, بها يقدر على الإيمان والكفر, والخير والشر فمن آمن, فقد وفق للصواب, ومن كفر, فقد قامت عليه الحُجة, وليس بمكرَه على الإيمان كما قال تعالى " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" . البقرة 256 (http://www.quranologie.com/?qq=%20%D9%82%D9%84%20%D9%87%D9%88%20%D8%A7%D9%84% D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%B1%20%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D8 %A3%D9%86)
ثم ذكر تعالى مآل الفريقين فقال: " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ " بالكفر والفسوق والعصيان " نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا " أي: سورها المحيط بها.
فليس لهم منفذ, ولا طريق, ولا مخلص منها, تصلاهم النار الحامية.
" وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا " أن يطلبوا الشراب, ليطفئ ما نزل بهم من العطش الشديد.
" يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ " أي: كالرصاص المذاب, أو كعكر الزيت, من شدة حرارته.
" يَشْوِي الْوُجُوهَ " أي: فكيف بالأمعاء والبطون, كما قال تعالى " يصهر به ما في بطونهم والجلود

"يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ"الحج 20-21

" بِئْسَ الشَّرَابُ " الذي يراد ليطفئ العطش, ويدفع بعض العذاب, فيكون زيادة في عذابهم, وشدة عقابهم.
" وَسَاءَتْ " النار " مُرْتَفَقًا " وهذا ذم لحالة النار, أنها ساءت المحل, الذي يرتفق به.
فإنها ليست فيها ارتفاق, وإنما فيها العذاب العظيم الشاق الذي لا يفتر عنهم ساعة, وهم فيه مبلسون قد أيسوا من كل خير, ونسيهم الرحيم في العذاب, كما نسوه.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-29.html)

{{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا *إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً *}}.
قوله تعالى: { {وَقُلِ} } الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم. أي قلها معلنا { {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} } لا من غيره، فلا تطلبوا الحق من طريق غير طريق الله عزّ وجل، لأن الحق من عند الله.
{ {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} } والأمر في قوله: { {فَلْيَكْفُرْ} } للتهديد وليس للإباحة بل هو للتهديد كما يهدد الإنسان غيره فيقول: «إن كنت صادقاً فافعل كذا»، ويدل عليه قوله تعالى بعده: { {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} }، يعني من كفر فله النار قد أعدت، وقوله: { {الظَّالِمِينَ} } المراد به الكافرون، والدليل على هذا قوله: { {فَلْيَكْفُرْ} }، فإن قال قائل: «هل الكفر يسمى ظلماً؟».
فالجواب: نعم، كما قال الله تعالى: {{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}} [البقرة: 254] ، ولا أحد أظلم ممن كفر بالله أو جعل معه شريكاً، وهو الذي خلقه وأمده وأعده.
قوله: { {أَحَاطَ بِهِمْ} } أي بأهل النار { {سُرَادِقُهَا} } أي ما حولها، يعني أن النار قد أحاطت بهم فلا يمكن أن يفروا عنها يميناً ولا شمالاً.
وقوله: { {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} } يعني أن أهل النار إذا عَطشوا عَطشاً شديداً وذلك بأكل الزَّقوم أو بغير ذلك أغيثوا بهذا الماء { {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} } يكون كعَكَر الزيت يعني تَفَلَهُ الخاثر في أسفله أو ما أشبه ذلك مما هو منظر كريه، ولا تقبله النفوس كما قال تعالى: { مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 16، 17] ، أي كالصديد يتجرعه ولا يكاد يُسيغه.
{ {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} }، إذا قَرُبَ منها شَواها وتساقطت والعياذ بالله من شدة فيح هذا الماء، وإذا وصل إلى أمعائهم قطعها كما قال جلَّ وعلا: {{وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}} [محمد: 15] ، وما أعظم الوجع والألم فيمن تقطع أمعاؤه من الداخل، لكن مع ذلك تقطع وتعاد كالجلود {{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}} [النساء: 56] ، الله أكبر، سبحان القادر على كل شيء، وبلحظة يكون هذا الشيء متتابعاً، كلما نَضَجت بُدِّلوا، وكلما تقطَّعت الأمعاء فإنها توصل بسرعة.
قوله: { {بِئْسَ الشَّرَابُ} } هذا قدح وذم لهذا الشراب، و«بِئْسَ » فعل ماضٍ لإنشاء الذم.
قوله: { {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} } أي وقبح مرتفقها والارتفاق بها. والمرتفق ما يرتفق به الإنسان، قد يكون حسناً وقد يكون سيئاً، ففي الجنة {{وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}} [الكهف: 31] ، وفي النار {{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}} [الكهف: 29] .
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
05-28-2014, 04:16 PM
{{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً *}}.الكهف 30
هذا من أسلوب القرآن، فإن الله عزّ وجل إذا ذكر أهل النار ذكر أهل الجنة، وهذا من معنى قوله: {{مَثَانِيَ}} [الزمر: 23] أي تثنى فيه المعاني والأحوال والأوصاف ليكون الإنسان جامعاً بين الخوف والرجاء في سيره إلى ربه.
قوله تعالى: { {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} } قد سبق الكلام في معنى هذه الآية، قال تعالى: { {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} } ولم يقل «إنَّا لا نضيع أجرهم»، ولكن قال تعالى: { {أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}} وذلك لبيان العلة في ثواب هؤلاء وهو أنهم أحسنوا العمل، و {{هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ *}} [الرحمن: 60] ، هذا من الوجه المعنوي، ومن الوجه اللفظي أن تكون رؤوس الآية متوافقة ومتطابقة، لأنه لو قال: «إنَّا لا نضيع أجرهم» لاختلفت رؤوس الآيات.
وبماذا يكون الإحسان في العمل؟ يكون بأمرين:
1 ـ الإخلاص لله عزّ وجل 2 ـ المتابعة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا يخفى ما في الآية الكريمة من الحث على إحسان العمل.
* * *

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
05-28-2014, 04:18 PM
أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا *}} الكهف 31
"جَنَّاتُ عَدْنٍ " أي :
جنات إقامة واستقرار


جنن أصل الجن: ستر الشيء عن الحاسة يقال: جنة الليل وأجنة وجن عليه، فجنه: ستره، وأجنه جعل له ما يجنه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجن عليه كذا: ستر عليه، قال عز وجل: "فلما جن عليه الليل رأى كوكبا" [الأنعام/76]، والجنان: القلب**، لكونه مستورا عن الحاسة، والمجن والمجنة: الترس الذي يجن صاحبه. قال عز وجل: "اتخذوا أيمانهم جنة" [المجادلة/16]، وفي الحديث: (الصوم جُنَّة) (الحديث يروى: (الصيام جنة) وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر: تنوير الحوالك 1/287؛ وفتح الباري 4/87؛ ومسلم رقم (1151) ؛ وانظر: شرح السنة للبغوى 6/225).
هنا (http://www.almaany.com/quran/18/31/%D8%AC%D9%8E%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%AA%D9%8F/#.U_C0l6Mmti0)

** فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة؛ كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم، هو: (تصديق بالْجَنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) هنا (http://www.dorar.net/enc/aqadia/3162) 31

سُندس : رقيق الدّيباج (الحرير)
31

إستبرق : غليظ الدّيباج
31


الأرائك: السرر، واحدها أريكة، وهي كلّ ما يتكأ عليه و قيل هو السرير المنجد المزين الفاخر، و الفراش

وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا
وحَسُنتِ الجنة منزلا ومكانًا لهم
مُرْتَفَقًا: مجلساً، أو متكأ، أو مقراً ،و أصل الارتفاق: الجلوس و الاتكاء على المرفق.


*تفسير السعدي
أي: أولئك الموصوفون بالإيمان والعمل الصالح, لهم الجنات العاليات التي قد كثرت أشجارها, فأجنت من فيها, وكثرت أنهارها, فصارت تجري من تحت تلك الأشجار الأنيقة, والمنازل الرفيعة.
وحليتهم فيها, الذهب, ولباسهم فيها الحرير الأخضر من السندس, وهو الغليظ من الديباج, والإستبرق, وهو: ما رق منه.
متكئين فيها على الأرائك وهي: السرر المزينة, المجمَّلة بالثياب الفاخرة فإنها لا تسمى أريكة, حتى تكون كذلك.
وفي اتكائهم على الأرائك, ما يدل على كمال الراحة, وزوال النصب والتعب, وكون الخدم يسعون عليهم بما يشتهون, وتمام ذلك, الخلود الدائم والإقامة الأبدية.
فهذه الدار الجليلة " نِعْمَ الثَّوَابُ " للعاملين " وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا " يرتفقون بها, ويتمتعون بما فيها, مما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين, من الحبرة والسرور, والفرح الدائم, واللذات المتواترة, والنعم المتوافرة.
وأي مرتفق, أحسن من دار, أدنى أهلها, يسير في ملكه ونعيمه, وقصوره وبساتينه, ألفى سنة ولا يرى فوق ما هو فيه من النعيم.
قد أعطى جميع أمانيه ومطالبه, وزيد من المطالب, ما قصرت عنه الأماني.
ومع ذلك, فنعيهم على الدوام, متزايد في أوصافه وحسنه.
فنسأل الله الكريم, أن لا يحرمنا خير ما عنده, من الإحسان, بشر ما عندنا من التقصير والعصيان.
ودلت الآية الكريمة وما أشبهها, على أن الحلية, عامة للذكور والإناث, كما ورد في الأخبار الصحيحة لأنه أطلقها في قوله " يُحَلَّوْنَ " وكذلك الحرير ونحوه.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-31.html)
تفسير الشيخ العثيمين
قوله تعالى: { {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} } المشار إليه الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
{ {جَنَّاتُ} } جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله لأوليائه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
{ {عَدْنٍ} } بمعنى الإقامة، أي جنات إقامة لا يبغون عنها حِوَلا أي تحولا عنها، ومن تمام النعيم أن كل واحد منهم لا يرى أن أحداً أنعم منه، ومن تمام الشقاء لأهل النار أن كل واحد منهم لا يرى أحداً أشد منه عذاباً، ولكن هؤلاء، أهل الجنة، لا يرون أن أحداً أنعم منهم لأنهم لو رأوْا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنهم أقل.
{ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} }. الأنهار جمع نهر وهي أربعة أنواع ذكرها الله تعالى في سورة محمد، قال الله تعالى: {{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصْفّىً}} [محمد: 15] ، وهنا قال: { {مِنْ تَحْتِهِمُ} }، وفي آية أخرى قال: «تحتهم» وفي ثالثة {{مِنْ تَحْتِهَا}}، وفي رابعة: {{تَحْتِهَا}} والمعنى واحد، لأنهم إذا كانت الأنهار تجري تحت أشجارها وقصورها فهي تجري تحت سكانها.
قوله تعالى: { {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} }.
{ {يُحَلَّوْنَ فِيهَا} } أي الجنات.
{ {مِنْ أَسَاوِرَ} }، قال بعضهم: إن { {مِنْ} } هنا زائدة لقول الله تعالى: {{وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ}} [الإنسان: 21] ، فـ { {مِنْ} } زائدة. ولكن هذا القول ضعيف، لأن { {مِنْ} } لا تزاد في الإثبات كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية:
وزيد في نفي وشبهِهِ فَجَرّ***نكرة كما لباغٍ من مفر

وعلى هذا فإما أن تكون للتبعيض: أي يحلون فيها بعض أساور، أي يحلى كل واحد منهم شيئاً من هذه الأساور وحينئذٍ لا يكون إشكال، وإما أن تكون «للبيان» أي بيان ما يحلون، وهو أساور وليس قلائد أو خُروصا مثلاً، وأما قوله: { {مِنْ ذَهَبٍ} } فهي بيانية، أي لبيان الأساور أنها من ذهب، ولكن لا تحسبوا أن الذهب الذي في الجنة كالذهب الذي في الدنيا، فإنه يختلف اختلافاً عظيماً، قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»[(22)] ، ولو كان كذهب الدنيا لكان العين رأته.
قوله تعالى: { {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} }، السندس: ما رَقَّ من الديباج والإستبرق ما غلظ منه.
وقوله: { {خُضْرًا} } خصَّها باللون الأخضر لأنه أشد ما يكون راحة للعين ففيه جمال وفيه راحة للعين.
قال تعالى: { {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ} }.
قوله: { {مُتَّكِئِينَ} } حال من قوله تبارك وتعالى: { {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} } أي حال كونهم متكئين فيها، والاتكاء يدل على راحة النفس وعلى الطمأنينة.
قوله: { {عَلَى الأَرَائِكِ} } جمع أريكة، والأريكة نوع من المرتفق الذي يرتفق فيه، وقيل: إن الأريكة سرير في الخيمة الصغيرة المغطاة بالثياب الجميلة تشبه ما يسمونه بالكوخ.
قال الله تعالى: { {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} } هذا مدح لهذه الجنة وما فيها من نعيم، ففيها الثناء على هذه الجنة بأمرين: بأنها { {نِعْمَ الثَّوَابُ} } وأنها { {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} }. قال الله تعالى: {{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً *}} [الفرقان: 24].
* * *
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
08-17-2014, 12:09 PM
"وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا" الكهف 32
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا 32كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا33 وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا 34وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا 35وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا36 قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا37 لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا 38وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا 39فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا40 أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا 41وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا42 وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا 43 هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌعُقْبًا44
جنّتين
بُستانين
32

حففناهُما
أحطناهما وأطفناهما بنخل
33

أتت أُكُلها
أخرجت ثمرها كاملاً، الذي يُؤكل
33

لم تظلم منه
لم تنقص من أُكُلها
33

فجّرنا خِلالهما
شقـَقـْنا وأجْرَينا وسَطهما(نهرًا)
34

ثمرٌ
أموالٌ كثيرة مُثمّرة من الذهب والفضة، وقيل جمع ثمار
34

أعزّ نفرا
أقوى أعوانا أو عشيرة
35

تبيد
تهلك وتفنى وتخرب
36

مُنقلبا
مرْجعا وعاقِبةً
38

لكنّا هو الله ربّي
لكنْ أنا أقول: هو الله ربّي
40

حُسبانا
عذابا كالصّواعق والآفات
40

فتُصبح صعيدا زلقا
رمْلا هائلا أو أرضا جُرُزا لا نبات فيها يُزلق عليها لِملاسَتِها
41

غورا
غائرا ذاهبا في الأرض
42

أحيط بثمره
أُهلكت أمواله مع جنّــتـيْه
42

يُقلّب كفّيه
كِماية عن النّدم والتّحسّر
42

خاوية على عُرُوشها
ساقطة على سُقوفها التي سَقطت
44

الولاية لله
النّصرة له تعالى وحده
44

خيرٌ عقبا
عاقبة لأوليائه

تفسير السعدي:

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: اضرب للناس مثل هذين الرجلين الشاكر لنعمة الله, والكافر لها, وما صدر من كل منهما, من الأقوال والأفعال, وما حصل بسبب ذلك, من العقاب العاجل, والآجل, والثواب ليعتبروا بحالهما, ويتعظوا بما حصل عليهما, وليس معرفة أعيان الرجلين, وفي أي زمان أو مكان هما, فيه فائدة أو نتيجة.
فالنتيجة تحصل من قصتهما فقط, والتعرض لما سوى ذلك, من التكلف.
فأحد هذين الرجلين الكافر لنعمة الله الجليلة, جعل الله له جنتين أي: بستانين حسنين, من أعناب.
" وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ " أي: في هاتين الجنتين من كل الثمرات, وخصوصا أشرف الأشجار, العنب, والنخل.
فالعنب, وسطها, والنخل, قد حف بذلك, ودار به, فحصل فيه من حسن المنظر وبهائه, وبروز الشجر والنخل للشمس والرياح, التي تكمل لها الثمار, وتنضج وتتجوهر.
ومع ذلك, جعل بين تلك الأشجار زرعا.
فلم يبق عليهما إلا أن يقال: كيف ثمار هاتين الجنتين؟ وهل لهما ماء يكفيهما؟ فأخبر تعالى أن كلا من الجنتين آتت أكلها أي: ثمرها وزرعها ضعفين أي: متضاعفا وأنها لم " تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا " أي: لم تنقص من أكلها أدنى شيء.
ومع ذلك, فالأنهار في جوانبها سارحة, كثيرة غزيرة.
" وَكَانَ لَهُ " أي لذلك الرجل " ثَمَرٌ " أي عظيم كما يفيده التنكير أي: قد استكملت جنتاه ثمارهما, وارجحنت أشجارهما, ولم تعرض لهما آفة أو نقص.
فهذا غاية منتهى زينة الدنيا في الحرث, ولهذا اغتر هذا الرجل, وتبجح وافتخر, ونسي آخرته.
هنا (http://kuw.fm/quran/t-18-5-32.html)
تفسير العثيمين :
{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا *}}. قوله تعالى: { {وَاضْرِبْ} } يعني اجعل وصيِّر.
{ {لَهُمْ} } أي للكفار: قريش وغيرهم.
{ {مَثَلاً} } مفعول اضرب، وبَيَّن المثل بقوله: { {رَجُلَيْنِ} } وعلى هذا يكون «رجلين» عطف بيان وتفصيل للمثل.
قوله: { {جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} } أغلب ما في الجنتين العنب، وأطراف الجنتين النخيل وما بينهما زرع، ففيهما الفاكهة والغذاء من الحب وثمر النخل.
* * *
قال الله تعالى:
{{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا *}}.
{} قوله تعالى: { {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} } ولم يقل آتتا أُكُلَهَا؟ لأنه يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى في كلتا، وقد اجتمع ذلك في قول الشاعر:
كلاهما حين جدَّ الجري بينهما***قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

يشير إلى فرسين تسابقا فيقول: كلاهما، أي كلا الفرسين، «حين جد الجري بينهما» أي المسابقة، «قد أقلعا» أي توقفا عن المجاراة، و«رابي» أي منتفخ، فقد قال: «قد أقلعا» ولم يقل: «قد أقلع»، وقال: «رابي» ولم يقل: «رابيان»، ففي البيت مراعاة المعنى ومراعاة اللفظ، وهنا آتت أُكُلَها مراعاة اللفظ.
قوله: { {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} } أي ولم تنقص.
قوله تعالى: { {وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا} } كان خلال الجنتين نهر من الماء يجري بقوة، فكان في الجنتين كلُّ مقومات الحياة: أعناب، ونخيل، وزرع، ثم بينهما هذا النهر المطَّرِد.
* * *
قال الله تعالى:
{{وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا *}}.
قوله تعالى: { {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} } أي أن أحد الرجلين كان له ثمر، كأن له ثمر زائد على الجنتين أو ثمر كثير من الجنتين.
وقوله: { {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} } وهما يتجاذبان الكلام.
قوله: { {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} } افتخر عليه بشيئين:
1 ـ بكثرة المال 2 ـ العشيرة والقبيلة. فافتخر عليه بالغنى والحسب، يقول ذلك افتخاراً وليس تحدثاً بنعمة الله بدليل العقوبة التي حصلت عليه.
* * *
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }.
قوله تعالى: { {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ} } ذكرت بلفظ الإفراد مع أنه قال: { {جَعَلْنَا لأَِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ} } فإما أن يقال: إن المراد بالمفرد الجنس، وإما أن يراد إحدى الجنتين، وتكون العظمى هي التي دخلها.
{ {وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} } هذه جملة حالية يعني الحال أنه ظالم لنفسه، وبماذا ظلم نفسه؟ ظلم نفسه بالكفر كما سيتبين.
قال: { {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} } يعني ما أظن أن تفنى وتزول أبداً، أعجب بها وبما فيها من قوة وحسنِ المنظر، وغير ذلك حتى نسي أن الدنيا لا تبقى لأحد، ثم أضاف إلى ذلك قوله:
{ {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} } فأنكر البعث، لأنه إذا كانت جنَّتُه لا تبيد فهو يقول: لا بعث وإنما هو متاع الحياة الدنيا.
{ {وَلَئِنْ رُدِدْتُّ إِلَى رَبِّي} } يعني على فرض أن تقوم الساعة وأرد إلى الله.
{ {لأََجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} } أي مرجعاً، فكأنه يقول بما أن الله أنعم علي بالدنيا، فلا بد أن ينعم علي بالآخرة، وهذا قياس فاسد؛ لأنه لا يلزم من التنعيم في الدنيا أن ينعم الإنسان في الآخرة، ولا من كون الإنسان لا يُنَعَّم في الدنيا ألا يُنَعَّم في الآخرة، لا تلازم بين هذا وهذا، بل إن الكفار يُنعمون في الدنيا وتُعجل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولكنهم في الآخرة يُعذَّبون. وهذا كقوله تبارك وتعالى في سورة فُصِّلت: { } [فصلت: 49، 50] هذا مثلُ هذا.


وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ"فصلت 50


* * *
{{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً *}}.
قوله تعالى: { {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} } أي يناقشه في الكلام.
{ {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} } ذكره بأصله.
والهمزة في قوله: { {أَكَفَرْتَ} } للإنكار.
أما قوله: { {خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ} } فلأن آدم عليه السلام أبا البشر خُلق من تراب.
وأما { {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} } فلأن بني آدم خُلِقوا من نطفة، والمعنى: أنَّ الذي { {خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} } قادر على البعث الذي أنت تُنكره.
وقوله: { {خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} } أي عدَّلك وصيَّرك رجلاً، وهذا الاستفهام للإنكار بلا شك، ثم هل يمكن أن نجعله للتعجب أيضاً؟
الجواب: يمكن أن يكون للإنكار وللتعجب أيضاً يعني: كيف تكفر { {بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} }! ويستفاد من هذا أن منكر البعث كافر ولا شك في هذا كما قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [التغابن: 7]
* * *
{{لَكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا *}}.
قوله تعالى: { {لَكِنَّ} } أصلها «لكن أنا» وحذفت الهمزة تخفيفاً وأدغمت النون الساكنة الأولى بالنون الثانية المفتوحة فصارت لكنَّا، وتكتب بالألف خطّاً وأما التلاوة ففيها قراءتان إحداهما بالألف وصلاً ووقفاً، والثانية بالالف وقفاً وبحذفها وصلاً.
{ {لَكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا *} } أي هو الله ربي مثل قوله تعالى: {{هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}} [الإخلاص: 1] وعلى هذا فتكون { {هُوَ} } ضمير الشأن، يعني الشأن أن الله تعالى ربي.
و{ {وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} } وهذا كقول ابن آدم لأخيه قابيل: {{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}} [المائدة: 27] ، يعني أنت كفرت ولكني أنا أعتز بإيماني وأؤمن بالله.
* * *
{{وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا *}}.
قوله تعالى: { {وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا *} } يعني هلاَّ { {إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} } أي حين دخولك إيَّاها { {قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} } حتى تجعل الأمر مفوضاً إلى الله عزّ وجل.
وقوله: { {مَا شَاءَ اللَّهُ} } فيها وجهان:
1 ـ أنَّ { {مَا} } اسم موصول خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هذا ما شاء الله».
2 ـ أنَّ { {مَا} } شرطية و{ {شَاءَ اللَّهُ} } فعل الشرط وجوابه محذوف والتقدير «ما شاء الله كان».
وقوله: { {لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} } أي لا قوة لأحد على شيء إلاَّ بالله وهذا يعني تفويض القوة لله عزّ وجل، يعني فهو الذي له القوة مطلقاً، القوة جميعاً، فهذه الجنة ما صارت بقوتك أنت ولا بمشيئتك أنت ولكن بمشيئة الله وقوته، وينبغي للإنسان إذا أعجبه شيء من ماله أن يقول: «ما شاء الله لا قوة إلاَّ بالله» حتى يفوض الأمر إلى الله عزّ وجل لا إلى حوله وقوته، وقد جاء في الأثر أن من قال ذلك في شيء يعجبه من ماله فإنه لن يرى فيه مكروهاً[(23)].
قوله تعالى: { {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا} }.
{ {إِنْ} } شرطية وفعل الشرط ترى والنون للوقاية والياء محذوفة للتخفيف والأصل «ترني».
{ {أَنَا} } ضمير فصل لا محلَّ له من الإعراب.
{ {أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا} } أي إن احتقرتني لكوني أقل منك مالا وأقل منك ولدا ولست مثلك في عزَّة النفر.
* * *
{{فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا *}}.
قوله تعالى: { {فَعَسَى رَبِّي} } هذه الجملة هي جواب الشرط. وهل هي للترجي أم للتوقع؟
الجواب: فيها احتمالان:
الأول: أنها للترجي وأن هذا دعا أن يؤتيه الله خيراً من جنته وأن ينْزل عليها حسباناً من السماء؛ لأنه احتقره واستذله فدعا عليه بمثل ما فعل به من الظلم، ولا حرج على الإنسان أن يَدعوَ على ظالمه بمثل ما ظلمه، ويحتمل أنه دعا عليه من أجل أن يعرف هذا المفتخر ربه ويدعَ الإعجاب بالمال وهذا من مصلحته. فكأنه دعا أن يؤتيه الله ما يستأثر به عليه، وأن يتلف هذه الجنة حتى يعرف هذا الذي افتخر بجنته وعزة نفره أن الأمر أمر الله عزّ وجل، فكأنه دعا عليه بما يضره لمصلحة هي أعظم. فكون الإنسان يعرف نفسه ويرجع إلى ربه خير له من أن يفخر بماله ويعتز به، هذا إذا جعلنا عسى للترجي.
الثاني: أن تكون عسى للتوقع، والمعنى أنك إن كنت ترى هذا فإنه يُتَوقع أن الله تعالى يُزيل عني ما عبتني به ويزيل عنك ما تفتخر به، وأياً كان فالأمر وقع إما استجابة لدعائه وإما تحقيقاً لتوقعه.
{ {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} }. والمراد بالحسبان هنا ما يدمرها من صواعق أو غيرها.
وقوله: { {يُؤْتِيَنِ خَيْرًا} } خصَّ السماء لأن ما جاء من الأرض قد يدافع، يعني لو نفرض أنه جاءت أمطار وسيول جارفة أو نيران محرقة تسعى وتحرق ما أمامها، يمكن أن تُدافع، لكن ما نزل من السماء يصعب دفعه أو يتعذر.
{ {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا} } أي تصبح لا نبات فيها.
{ {زَلَقًا} } يعني قد غمرتها المياه.
* * *
{{أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا *}}.
قوله تعالى: { {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} } فلا يوجد فيها ماء.
و{ {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} } بمعنى غائر فهو مصدر بمعنى اسم الفاعل، فدعا دعوة يكون فيها زوال هذه الجنة إمَّا بماء يغرقها حتى تصبح { {صَعِيدًا زَلَقًا} }، وإما بغور لا سُقيا معه لقوله: { {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا *} } وكلا الأمرين تدمير وخراب. فالفيضانات تدمر المحصول، وغور الماء حتى لا يستطيع أن يطلبه لبعده في قاع الأرض أيضاً يدمر المحصول، فماذا كان بعد هذا الدعاء أو هذا التوقع؟
* * *
{{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا *}}.
قوله تعالى: { {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} } أي بثمر صاحب الجنتين فهلكت الجنتان.
{ {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} } من الندم، وذلك أن الإنسان إذا ندم يقلب كفيه على ما قد حصل.
{ {عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} } وهذا يدل على أنه أنفق فيها شيئاً كثيراً.
{ {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} } أي هامدة على عروشها. و{{عُرُوشِهَا}} جمع عرش أو عريش وهو ما يوضع لتمدد عليه أغصان الأعناب وغيرها.
{ {وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} } ولكن الندم بعد فوات الأوان لا ينفع، إنما ينتفع من سمع القصة، أما من وقعت عليه فلا ينفعه الندم لأنه قد فات الأوان.
* * *
{{وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا *}}
فالذي كان يفتخر به ويقول: { {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} } لم تمنعه فِئَتُهُ من عقوبة الله ولم ينتصر هو بنفسه لأنه والعياذ بالله كفر وحاور المؤمن فعوقب بهذه العقوبة.
* * *
{{هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا *}}.
قوله تعالى: { {هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ} } فيها قراءتان:
1 ـ الوِلاية 2 ـ الوَلايَة.
فالوَلاية: بمعنى النُّصرة، كما قال تعالى: {{مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}} [الأنفال: 72] .
والوِلاية: بمعنى الملك والسلطة، فيوم القيامة لا نصرة ولا ملك إلاَّ { {لِلَّهِ الْحَقِّ} }، وإذا كان ليس هناك انتصار ولا سلطان إلا لله فإن جميع من دونه لا يفيد صاحبه شيئاً.
{ {هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} }، { {هُوَ} } الضمير يعود على الله، { {خَيْرٌ ثَوَابًا} } من غيره، إذا أثاب عن العمل فهو { {خَيْرٌ ثَوَابًا} } لأن غير الله إن أثاب فإنه يثيب على العمل بمثله، وإن زاد فإنه يزيد شيئاً يسيراً أما الله فإنه يثيب العمل بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
كذلك هو { {وَخَيْرٌ عُقْبًا} } جلَّ وعلا، لأن من كان عاقبته نصر الله عزّ وجل وتَوَلِّيَهُ فلا شك أن هذا خير من كل ما سواه. جميع العواقب التي تكون للإنسان على يد البشر تزول لكن العاقبة التي عند الله عزّ وجل لا تزول.
إنَّ هذا المثل الذي ضربه الله في هذه الآيات هل هو مثل حقيقي أو تقديري؟ يعني هل هذا الشيء واقع أو أنه شيء مُقدَّر؟
الجواب: من العلماء من قال إنه مثل تقديري كقوله تبارك وتعالى: {{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *}} [النحل: 76] ، وكقوله: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } [الزمر: 29] ، وما شابه ذلك، فيكون هذا مثلاً تقديرياً وليس واقعياً. ولكن السياق وما فيه من المحاورة والأخذ والرد يدل على أنه مثل حقيقي واقع، فهما رجلان أحدهما أنعم الله عليه والثاني لم يكن مثله.
ثم ضرب الله تعالى مثلاً آخر فقال:
{{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا *}}.
قوله تعالى: { {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} } وهو المطر { {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} } يعني أن الرِّياض صارت مختلطة بأنواع النبات المتنوع بأزهاره وأوراقه وأشجاره كما يشاهد في وقت الربيع كيف تكون الأرض، سبحان الله، كأنه وَشْيٌ من أحسن الوشْيات، إذا اختلط من كل نوع ومن كل جنس.
{ {فَأَصْبَحَ} } يعني هذا النبات المختلف المتنوع.
{ {هَشِيمًا} } هامداً.
{ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا *} } أي تحمله، فهذا هو { {مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} }. الآن الدنيا تزدهر للإنسان وتزهو له وإذا بها تخمد بموته أو فَقدها، لا بد من هذا، إما أن يموت الإنسان أو أن يفقد الدنيا . هذا مثل موافق تماماً، وقد ضرب الله تعالى هذا النوع من الأمثال في عدة سور من القرآن الكريم حتى لا نغتر بالدنيا ولا نتمسك بها، والعجب أننا مغترون بها ومتمسكون بها مع أن أكدارها وهمومها وغمومها أكثر بكثير من صفوها وراحتها . والشاعر الذي قال:
فيوم علينا ويوم لنا***ويوم نُساءُ ويومٌ نُسَرْ

لا يريد، كما يظهر لنا، المعادلة، لكن معناه أنه ما من سرور إلاَّ ومعه مساءة، وما من مساءة إلاَّ ومعها سرور، لكن صفوها أقل بكثير من أكدارها، حتى المنعمون بها ليسوا مطمئنين بها كما قال الشاعر الآخر:
لا طِيبَ للعيش ما دامت مُنغَّصَةً***لذَّاتُه بادِّكار الموت والهرمِ

قال تعالى: { {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} } ما وجد فهو قادر على إعدامه، وما عُدِم فهو قادر على إيجاده، وليس بين الإيجاد والعدم إلاَّ كلمة {{كُنْ} }، قال الله تعالى: {{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}} [يس: 82] . وفي قوله: { {مُقْتَدِرًا} } مبالغة في القدرة، ثم قال الله عزّ وجل مقارناً بين ما يبقى وما لا يبقى:
{{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً *}}.

أم أبي التراب
08-24-2014, 01:46 PM
قصة صاحب الجنتين سورة الكهف تقوم على القصص، واستوعبت قصصها معظم آياتها، وقصَّ الله علينا في هذه السورة أربع قصص: قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنَّتَيْن، وقصة موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام، ثم قصة ذي القرنين، ونقف في هذه اللحظة مع مجمل قصة صاحب الجنتين، كما عرضتها الآيات: 32-44 من السورة
ونسارع إلى القول: لا توجد أحاديث صحيحة مرفوعة إلى النبي تضيف لنا معلومات جديدة على ما ذكره القرآن عن القصة، ولهذا سنبقى مع الآيات الكريمة، نقول بما قالت به، ونسكت عن ما سكتت الآيات عنه، ولا نذكر إسرائيليات أو روايات غير صحيحة في عرض هذه القصة، وغيرها من القصص القرآني.
تخبرنا آيات القصة عن وجود رجلين في الماضي، كان بينهما صلة وصحبة، أحدهما مؤمن، والآخر كافر، وقد أَبهمت الآيات اسمَيّ الرجُلَيْن، كما أبهمت تحديد زمانهما ومكانهما وقومهما، فلا نعرف مَن هما، ولا أين عاشا، ولا في أيِّ زمان وُجِدا.
ابتلى الله الرجُلَ المؤمن بضيق ذات اليد، وقلة الرزق والمال والمتاع، لكنه أنعم عليه بأعظم نعمة، وهي نعمة الإيمان واليقين والرضا بقدر الله وابتغاء ما عند الله، وهي نِعَمٌ تفوق المال والمتاع الزائل.
أما صاحبه الكافر فقد ابتلاه الله بأن بَسَط له الرزق، ووسَّع عليه في الدنيا، وآتاه الكثير من المال والمتاع، ليبلوه هل يشكر أم يكفر؟ وهل يطغى أم يتواضع؟
جعل الله لذلك الكافر جنَّتَيْن، والمراد بالجنّة هو البستان أو المزرعة، أي إنه كان يملك مزرعتين.
ووصفت الآيات المزرعتين بقوله: {جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِن أعنابٍ وحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وجَعَلْنَا بينهما زَرْعًا*كِلتا الجنَّتَيْن آتتْ أُكُلَهَا ولم تَظْلِم منه شَيئًا وفَجَّرْنَا خلالهما نَهَرًا*وكان لهُ ثَمَرٌ} [الكهف:32-34].
كانتا مزرعتين من أعناب، وكانتا مُسوَّرَتَيْن بأسرابِ النخل من جميع الجهات، وكان صاحبهما يزرع الزرع بين الأعناب، وقد فجَّرَ الله له نهرًا، فكان يجري بين الجنَّتَيْن -المزرعتين-، وكان صاحبهما يجني ثمارَهما، ثمار الأعناب، وثمار النخل، وثمار الزرع.
وتُقدم لنا الآيات إشارة لطيفة إلى تنسيق الحدائق والمزارع والبساتين، فكانت المزرعتان مِن أعناب، مزروعة فيهما بتناسق، وكان النخل سورًا محيطًا بهما، وكان الزرع والخضار والبقول يزرع بين أسراب الأعناب، وكان النهر بينهما وقنواته تجري وسطهما، فماذا تريد تنسيقًا هندسيًّا أبدع من هذا التنسيق الزراعي فيهما؟
أُعجِبَ الرجلُ الكافر بجنَّتيه، وافتخرَ بمزرعتَيْه، واعتزَّ بهما، ودخلهما وهو ظالمٌ لنفسِه، كافرٌ بربِّه، متكبرٌ على الآخرين، وقال: إنهما مزرعتان دائمتان أبَدِيَّتان لن تبيدا أبدًا، وأنا أغنى الناس وأسعدهم بهما، وهما كل شيء، وليس هناك بعث ولا آخرة ولا جنة غير هاتين الجنتين.
ولاحظ صاحبه المؤمن الفقير الصابر غرورَه وبطرَه، فذكّره بالله، ودعاه إلى الإيمان بالله وشكره، والاعتماد عليه وليس على مزرعتيه، ودعاه إلى أن يقول: {مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} [الكهف:39]، وحذَّره مِن عاصفة أو صاعقة تأتي عليهما وتحرقهما.
ولكن الكافرَ المغرور أسكرته نشوة التملُّك، فرفض كلام وتحذير وتوجيه صاحبه المؤمن، وزاد اعتزازه بمزرعتيه واعتماده عليهما، وحصل ما حذَّره منه صاحبه المؤمن، فأرسل الله على مزرعتيه صاعقة، فأحرقتهما!! أحرقت العنب والنخل والزرع، وقضت على الشجر والزرع والثمر، ولم يبقَ مِن المزرعتين شيء، كل هذا جرى في ساعة من ساعات الليل.
ولكن الكافرَ المغرور أسكرته نشوة التملُّك، فرفض كلام وتحذير وتوجيه صاحبه المؤمن، وزاد اعتزازه بمزرعتيه واعتماده عليهما، وحصل ما حذَّره منه صاحبه المؤمن، فأرسل الله على مزرعتيه صاعقة، فأحرقتهما!! أحرقت العنب والنخل والزرع، وقضت على الشجر والزرع والثمر، ولم يبقَ مِن المزرعتين شيء، كل هذا جرى في ساعة من ساعات الليل.
وفي الصباح ذهب المغرور إلى جنتيه كعادته، فإذا بهما فانيتان بائدتان، فأسقط في يديه، وشعر بالندم وأيقن بالخسارة، التي أتت على كل ما يملك، وتمنى لو استجاب لنصح صاحبه المؤمن، ولكن متى؟ بعد فوات الأوان!
وعلّق القرآن على هذه القصة، فقال في الآية الأخيرة: {هُنَالِكَ الْوَلاَيَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف:44].
تُرى كم تتكرر قصة صاحب الجنتين في أيامنا هذه، في مجالاتها وصورها المختلفة؟!!
الكاتب: د. صلاح الخالدي.
هنا (http://www.al-eman.com/%D9%82%D8%B7%D9%88%D9%81%20%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A 7%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8%20%D 8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%AA%D9%8A%D9%86/i16163&p34)
وهنا (http://www.itihad.org/node/814)

أم أبي التراب
08-24-2014, 01:54 PM
قصة صاحب الجنتين في30/ 6/1429هـ
الحمد لله الذي أنزل آيات بينات، وفصلها سورًا وآيات، وصلى الله وسلم على نبي الْمَكْرُمَاتِ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم حتى الممات. أمّا بعد: أيّها النَّاس! اتقوا ربكم واشكروه، واعملوا بالقرآن وتدبروه، فقد جعله سدًّا منيعًا لمواجهة فتن الشبهات والشهوات، كتاب الله للأرواح روح به تحيا النفوس وتستريح
عباد الله! ما زلنا مع قصصِ القرآنِ التي تحكي عن المالِ، وعن إنفاقِه وكيفيةِ تحصيلِه، ومتى يكونُ المالُ نعمةً، ومتى يكونُ نقمةً.. ونعيشُ اليومَ معَ قصةٍ منْ أروعِ قَصصِ القرآنِ، قصةٍ روتْ فصولَها، وجسدتْ وقائعَها، وصورتْ مشاهدَها سورةُ الكهفِ التي نقرأُها كلَّ جمعةٍ، وفي هذا إشارةٌ إلى أهميةِ ما وردَ في هذه السورةِ، وشديدِ حاجتِنَا إلى ما تضمنتْهُ، فقصتُنَا اليومَ قصةُ رجلينِ: أحدُهما مؤمنٌ بربِّهِ، ومتمسِّكٌ بمبادِئِهِ، والآخرُ كافرٌ بربِّهِ، وجاحدٌ نعمَ اللهِ عليهِ، قصةٌ تُجسدُ واقعاً معاشاً في كلِّ عصرٍ ومصرٍ، مسلمٌ وكافرٌ، حقٌ وباطلٌ، قيمٌ راسخةٌ، وأخرى باطلةٌ، قيمٌ سماويةٌ علويةٌ تصمدُ وتبقى، لا تنالُ العواصفُ والرياحُ منها عِوَجًا أبَدًا، لأنَّ أصلَهَا ثابتٌ وفرعَهَا في السماءِ، والأخرى رغباتٌ شخصانيةٌ أرضيةٌ، تزولُ وتفنى، وقدْ تصلُ للشهوانيةِ والحيوانيةِ {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}، قصةٌ ما أحوجَنَا إليها في زمنٍ غرتِ الكثيرَ الدنيا وزينتُها وبهجتُها! قصةٌ تغرسُ في نفوسِنَا رسالةً طالما تغافلنا عنها، وما زالتْ تؤكدُ تلكَ الرسالةُ حقيقةَ الدنيا ونعيمَهَا، وأنَّ علينا الحذرَ منَ الركونِ إليهَا، والاغترارِ بِهَا، قصةٌ تحثُّنَا على أنْ نجعلَ رضا اللهِ والتوكلَ عليهِ في كلِّ حالٍ نُصبَ أعيُنِنَا، ولتكنْ ثقتُنَا بما في يدِ اللهِ أوثقَ منهُ بما في أيدِينَا، قصةٌ تقولُ: إنَّ منْ قدَّم شيئاً على طاعةِ اللهِ والإنفاقِ في سبيلِهِ وُكِلَ إليهِ وعُذِّبَ بِهِ، ورُبَّمَا سُلِبَ منهُ معاملةً لهُ بنقيضِ قصدِهِ‏. قصةٌ ترسمُ نموذجينِ واضحينِ للنفسِ المغترةِ بزينةِ الحياةِ، والنفسِ المعتزةِ باللهِ. فصاحبُ الجنتينِ يُمَثِّلُ نموذجًا للرجلِ الثريِّ، أذهلتهُ الثروةُ، وأبطرتهُ النعمةُ، وحَسِبَ بلسانِ الحالِ والمقامِ أنها خالدةٌ باقيةٌ لا تفنى، فنَسِيَ مالكَ النعمةِ وواهبَ المنةِ الذي بيدهِ أقدارُ الناسِ والحياةِ. وأما صاحبُهُ المؤمنُ فنموذجٌ للرجلِ المعتزِّ بإيمانِهِ، الذاكرِ لربِّهِ، الشاكرِ على نعمِهِ، يرى النعمةَ دليلاً على المنعمِ. موجبةً لحمدِهِ وذكرِهِ وشكرِهِ، لا لجحودِهِ ونسيانِهِ وكفرِهِ. وسببُ القصةِ - على ما ذكره بعضُ المفسرينَ - أنَّ كفارَ قريشٍ افتخروا بأموالِهِم وأنصارِهِم على فقراءِ المسلمينَ، وأنهم أكثرُ مالاً، وأعزُّ نفرًا، وأكبرُ عددًا..! وجاءَ الردُّ الربانِيُّ والبيانُ الإلهيُّ مبينًا أنَّ ذلكَ مما لا يوجبُ الافتخارَ والاعتزازَ؛ لكونِ المالِ ظلاًّ زائلاً، ومتاعًا فانيًا، أليسَ الفقيرُ قد يصيرُ غنيًا، والغنيُّ قد يصيرُ فقيرًا، إذًا فعلام الاعتداد بقيمة لا ثبات لها ولا قرار؟ ولا وفاء لها ولا بقاء؟! وأما القيمة الحقيقية الثابتة التي يجب أن يُعتد بها ويُسعى لتحصيلها، وأن يوزن بها الناس، وتحصل بها المفاخرة فهي تقوى وطاعته، وهي حاصلة لفقراء المؤمنين ،فَلِمَ التكبر إذًا يا من تدعي السيادة؟! فليس الفقر عيبًا في الإسلام، بل ((كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ)) ورب فقير خير عند الله من مِلْءِ الْأَرْضِ ممن أعماهم الغنى والجاه، فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: ((مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)) فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ e، ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ e:((مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)) فَقَالَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: ((هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا)). قال تعالى مبينًا هذه الحقيقة الغائبة عن أذهان جبابرة قريش ومن شابههم ممن اضطربت عندهم موازين القيم:{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا}فأمر الله نبيه أن يبين لقريش قصة الرجلين بالمثل؛ لكون الأمثال تجلي المعاني وتقربها، أي مثِّل –يا محمد- حال الكافرين والمؤمنين، بحال رجلين كانا أخوين في بني إسرائيل أحدهما كافر اسمه براطوس، والآخر مؤمن اسمه يهوذا، وقيل لم يكونا أخوين، وإنما كانا رجلين شريكين مصطحبين، فرزقهما الله المال ثم افترقا وتقاسما المال، وأخذ كل واحد من الرجلين نصيبه من المال، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله، ابتغاء وجهه ومرضاته‏.‏ وأما الكافر فإنه اتخذ له بساتين وهما الجنتان المذكورتان في الآية،{جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ، وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ، وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا*كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا، وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا، وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا*وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} فيها كل ما لذ وطاب، أشجار وأنهار، وأعناب تحفها النخيل، جنة غناء، ومنظر بهيج، وفي يوم اشتدت حاجة المؤمن فقال: لو أتيت صاحبي لعله ينالني منه معروف! فجلس على طريقه حتى مر به في حشمه، فقام إليه، فنظر إليه الآخر، فعرفه، فقال: فلان؟ قال: نعم، فقال: ما شأنك؟ قال: أصابتني حاجة بعدك، فأتيتك لتصيبني بخير، فقال: ما فعل مالك وقد اقتسمنا مالاً واحداً، وأخذت شطره؟ فقص عليه قصته، فقال: وإنك لمن المصدقين بهذا؟ اذهب فلا أعطيك شيئًا، ثم أظهر الافتخار على صاحبه بماله وجاهه فقال‏:‏{‏أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً‏}‏أي‏:‏ ها أنا لم أنفق ومع ذلك ها أنا أوسع جنانًا، وأهنأ عيشاً وبحبوحة، فماذا أغنى عنك إنفاقك المال؟ لقد ذهب ما كنت تملكه، انظر لملكي وبساتيني‏ فأخذ بيد المؤمن يطوف به فيها، ويريه أثمارها، {‏وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ‏}‏ظالم لنفسه بتكبره وإعجابه بماله قائلاً:{مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} لن تنقطع وتضمحل وتفنى وتهلك، فَرَاقَهُ حُسنُهَا وغَرَّتهُ زَهْرَتُهَا فتوهم أنها لا تفنى أبدا بل ظن أنها ستبقى له ما دام حيّاً، غرته نشوة المال، فقال {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً‏} عُجْبٌ وغرور، نسي أن بساتينَ كثيرة زالت وبادت وأصابها عوادي الزمن، فدوام الحال من المحال؟ ثم أوغل الرجل في الطغيان عندما قال:‏{‏وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً‏}‏ حتى تَدَّعِي يا صاحبي أن الله سيخلف عليك مالك! وهكذا لمعان المال يعمي ويُصم {كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى*أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}وهاهو يزداد صلفاً وغروراً فيقول‏:‏{‏وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَبًا}‏أي‏:‏ ثم هب أن هناك آخرة ومعاداً كما تقول، فإني سأحصل على خير من هذا كله، وهكذا المفتون بالمال يرى أنه مُكَرَّمٌ مُعَزَّزٌ دائماً، إنه طبع الإنسان بدون الإيمان كما قال تعالى:{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى}تماماً كما ظن صاحب الجنتين عندما اغتر بدنياه واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها إلا لحبه له وحظوته عنده‏.‏ هكذا يظن بعض ذوي الجاه والثراء، بأن القيم التي يعاملهم بها أهلُ الدنيا اليوم تظل محفوظة لهم حتى في الملأ الأعلى! كما قال تعالى‏:‏{‏أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ*نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ‏}‏‏[‏المؤمنون‏:‏ 25‏]‏‏. ‏روى الطبري في تفسيره عن ابن عباس، أن رجالاً من أصحاب رسول اللهeكانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدَين، فأتوه يتقاضونه، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبًا وحريرًا، ومن كلّ الثمرات؟ قالوا: بلى، قال: فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأُوتينّ مالا وولدا، ولأُوتينّ مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القرءان، فقال:{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا* أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا*كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا*وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}. عباد الله! وعندما سمعه صاحبه المؤمن يقول ذلك قال له‏:‏{‏وَهُوَ يُحَاوِرُهُ‏}‏أي‏:‏ يجادله بالتي هي أحسن لعل وعسى:‏{‏أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً‏}‏أي‏:‏ أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم صورك أطوارًا حتى صرت رجلاً سوياً، سميعاً بصيراً؟! كيف تنكر المعاد والله القادر على البدء من غير مثال سابق قادرٌ على الإعادة من باب أولى،{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}. إنها حجة ساطعة ودليل واضح دامغ لا يملك أمامَهُ المنصفُ إلا التسليمَ والخضوعَ{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ*الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ} وهكذا اعتز الرجل المؤمن بدينه وقيمه الثابتة، وليس بالمال الزائل فهو ممن لم يغيره المال فقد كان المال بيده فآثر ما عند الله، وفي هذا درس للمفتونين والمبهورين والمنهزمين نفسيًّا أمام الماديات الزائلة، وما أكثرَهم في زماننا!{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} لقد اعتز وفاخر بما هو أبقى وأعلى،{‏لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي‏}فأنا أقول بخلاف ما قلت، وأعتقد خلاف معتقدك‏،‏ فأنا موحد مؤمن أقول:‏{‏هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً‏}هكذا يستشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال، وأن ما عند الله خير وهو يطمع في فضل الله، لا كَمَنْ يطمع بالثراء والمكاثرة، ولأجلها لا مانع أن يداهن ويجامل على حساب دينه، غَيَّرَهُ المالُ وأضعفَ إيمانَهُ، يصلي ويرابي، يصلي ويرشي، يصلي ويسرق الأراضي، يصلي ويأكل المال العام، يصلي ويأكل أموال الناس بالباطل، انفصام في الشخصية، وتحايل وازدواجية، كل هذا من أجل التكاثر في المال، تكاثرٌ على حساب الدين والإيمان، لم تهزهم سورة يسمعونها بل و يقرأونها كثيراً: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ*كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ*كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ*لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ*ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ*ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} إي وربي لتسألن عن النعيم الذي أنتم فيه، فهل أعددتم للسؤال جواباً؟
احذرْ من الدنيا مغبتها ... كم صالحٍ عبثتْ به ففسدْ
ما بينَ فرحتها وترحتها ... إلا كما قـامَ امرؤٌ وقعدْ
ولهذا أرشد الرجل المؤمن صاحبه فقد كان الأولى بك والأبقى لمالك، والأرضى لربك، أن تقول:‏{‏وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ‏}‏ بدل أن تعرضها للهلاك بسبب كفرك وجحود نعمة ربك، ولهذا قال بعض السلف: ((مَن أَعجَبَهُ شيءٌ مِن حالِه أو مالِه أو ولدِه، فليقل:{مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ}))، فلا أقدرَ على حفظِ مالي أو دفعِ شيءٍ عنه إلا بإذنِ اللهِ، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي موسى أن رسول الله e قال له: ((ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله))، وواصل المؤمن محاورته لصاحبه بقوله: أما أنا وسخريَّتُك بي‏{‏فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ‏}أي‏:في الدنيا والآخرة، ثم قال المؤمن لصاحبه محذرًا من مغبة الطغيان والجحود، بأن الله قادر على جنتك بأن{..يُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا}‏قال ابن كثير:"الظاهر أنه المطر المزعج الباهر الذي يقتلع زروعها وأشجارها‏{‏فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً‏}‏وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه، ‏{‏أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً‏ ‏فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً‏}ولما لم يسمع له فعلاً حصل ما توقعه المؤمن، كما قال تعالى‏:‏{‏وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ‏}‏ أي‏:‏ جاءه أمر أحاط بجميع حواصله، وخرب جنته ودمرها‏،فندمَ كلَّ الندامةِ، واشتدَّ لذلكَ أسفُه{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} يُصفّقُ كَفَّيهِ مُتَأَسِّفًا مُتَلَهِّفَاً عَلَى كثرةِ نفقاتِه الدنيويةِ عَلَيهَا، حيثُ اضْمَحَلَّتْ وَتَلاشَتْ، فَلَم يَبقَ لَهَا عِوَضٌ، وَنَدِمَ أَيضَاً عَلَى شركِه وشَرِّهِ، ولكنْ وَقَعَ بِهِ مَا كَانَ خَوَّفَهُ بِهِ المُؤمنُ مِن إِرسَالِ الحُسبَانِ عَلَى جنتِه، التي اغترَّ بِهَا وَأَلْهَتْهُ عَنِ اللهِ U فَقَالَ نَادِمَاً مُتَحَسِّرَاً:{يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا}‏ندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله، ولكن هل ينفع الندم إذا حان القدر ونفذ الأمر الحتمي:
حسبي بعلمي إن نفع ... ما الذل إلا في الطمع
من راقب الله نـزع ... عن سوء ما كان صنع
ما طار طـير وارتفع ... إلا كما طــار وق
ولا يستبعدُ من رحمةِ اللهِ ولطفِهِ، أنَّ صاحبَ هذهِ الجنةِ، التي أُحِيطَ بِهَا،
رزقَهُ اللهُ الإنابةَ إليهِ، وراجَعَ رُشدَهُ، وذَهَبَ تَمَرُّدُهُ وطُغيَانُهُ، بِدليلِ أَنَّهُ أظهرَ الندمَ على شِركِهِ بِرَبِّهِ، وأنَّ اللهَ أذهبَ عنهُ مَا يُطغِيهِ، وعَاقَبَهُ فِي الدُّنيَا، وإذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خَيرَاً عَجَّلَ لَهُ العقوبةَ فِي الدُّنيَا. وفضلُ اللهِ لا تحيطُ بِه الأوهامُ والعقولُ، ولا يُنكرُهُ إلا ظَالِمٌ جَهُولٌ.أما جنته فأصبحت{..خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، ‏أي‏:‏ خربت بالكلية فلا عودة لها، فكان الجزاء ضد ما كان يظن حيث كان يقول‏:‏{‏مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً‏}، ثم قال الله عنه:{وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا} أي: لما نزلَ العذابُ بجنتِهِ، ذَهَبَ عَنهُ مَا كَانَ يفتخرُ بِهِ مِن قَولِهِ لِصَاحِبِهِ:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا}فأين النفرُ؟ أين العشيرة؟ أين الأصجاب؟ لِم لمْ يَدفَعُوا عَنهُ مِنَ العذابِ شيئاً، وَلَمْ يَمنَعُوهُ عنه، وَمَا كَان بِنَفسِهِ مُنتَصِرَاً، وكيفَ ينتصرُ لنفسِه؟ ولَو اجتَمَعَ أهلُ السماءِ والأرضِ على أن يمنعوه عنه ما منعوه؟ سبحان الله! ما أهون الخلق على الله إذا هم أشركوا به ولم يوحدوه، فأصبح ثمر جنته كلُّه مدمراً، كأنما أخذ من كل جانب فلم يسلم منه شيء. أصبحت جنته خاوية على عروشها مهشمة محطمة، أصبح صاحبها يقلب كفيه أسفًا وحزنًا على ماله الضائع وجهده الذاهب.
ثم يختم القرآن القصة بالتذكير أنه إذا تدخلت قدرة الله في إيقاف ظلم ظالم، أو تلقين درس لجاحد تتعطل كل قوة وتتوقف كل طاقة كأنها ليس بشيء، فقوة الله وحده ومشيئته وحدها هي التي تنفذ، فلا قوة إلا قوته، ولا نصر إلا نصره{‏وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً*هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا‏}‏الولاية لله القاهر القادر، فمن الرازق؟ من المعطي؟ من المانع؟ من المعز؟ من المذل؟ من الرافع؟ من الخافض؟{‏الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ‏} اللهُ! هو الذي يعطي وهو الذي يمنع، وهو الذي يُوَسِّعُ الرِّزقَ وهو الذي يَقْدِرُه،
توكلت في رزقي على الله خالقي وأيقنت أن الله لا شـك رازقي
وما يـك من رزقي فليس يفوتني ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتـي بـه الله الـكريم بفضله ولو لم يـكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الـرحمن رزق الخلائق
فاللهم اعصمنا من فتنة المال ومن الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن، واجعلنا من أوليائك يا رب العالمين، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من القصص والآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
وبعد: أيها المسلمون: إن من أعظم وأهم أبواب الاعتبار: تدبر القرآن: وفي هذه القصةِ العظيمةِ، التحذيرُ من فتنةِ المالِ، والاعتبارُ بحالِ الذي أنعمَ اللهُ عليهِ نعماً دنيويةً، فألهتْهُ عن آخرتِه وأطغتْهُ، وعَصَى اللهَ فِيهَا، وأنَّ مآلَهَا الانقطاعُ والاضمحلالُ، وأَنَّهُ وإِن تَمَتَّعَ بِهَا قَلِيلاً فإنَّهُ يُحرَمُهَا طَوِيلاً.{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، اللهم فقهنا بالدين وارزقنا تدبر القرآن والعمل به يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، وكن عوناً لهم يا رب العلمين، وانتقم لهم من الظالمين، اللهم انصر جندك وكتابك وسنة نبيك، وأعل كلمة الحق، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية. اللهم أصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم ألف بين قلوبهم وقلوب رعيتهم، اللهم اشف مرضانا وجميع مرضى المسلمين، وارفع عنهم البلاء برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صل وسلم على النبي الأمين، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين .
هنا (http://www.islamsky.net/speechesDetail.php?id=23)

أم أبي التراب
08-24-2014, 01:56 PM
وقفة


لِمَ التكبر إذًا يا من تدعي السيادة؟! فليس الفقر عيبًا في الإسلام
"كم من أشعثَ أغبرَ ذي طِمرينِ لا يؤبَه لَه لو أقسمَ على اللَّهِ لأبرَّهُ منهمُ البَراءُ بنُ مالِكٍ"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترمذي (http://dorar.net/book/977?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3854 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B0%D9%90%D9%8A+%D8%B7%D9%90%D9%85 %D9%92%D8%B1%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: ذي طمرين بكسر فسكون، أي صاحب ثوبين خلقين، لا يُوْبَهُ به بضم الياء وسكون واو، وقد يهمز، وفتح موحدة وبهاء، أي لا يُبالَى به، ولا يُلتفت إليه. انتهى.هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=45629)

ورب فقير خير عند الله من مِلْءِ الْأَرْضِ ممن أعماهم الغنى والجاه
"مرَّ رجلٌ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لرجلٍ عِندَه جالسٌ : ( ما رأيُك في هذا ) . فقال : ( رجلٌ من أشرافِ الناسِ، هذا واللهِ حرِيٌّ إن خطَب أن يُنكَحَ، وإن شفَع أن يُشَفَّعَ، قال : فسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثم مرَّ رجلٌ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما رأيُك في هذا ) . فقال : يا رسولَ اللهِ، هذا رجلٌ من فُقَراءِ المسلمينَ، هذا حَرِيٌّ إن خطَب أن لا يُنكَحَ، وإن شفَع أن لا يُشَفَّعَ، وإن قال أن لا يُسمَعَ لقولِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( هذا خيرٌ من مِلءِ الأرضِ مثلِ هذا ) .
الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6447
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AD%D9%8E%D8%B1%D9%90%D9%8A%D9%91% D9%8C+%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%92+%D8%AE%D9%8E%D8%B7% D9%8E%D8%A8%D9%8E+%D8%A3%D9%8E%D9%86%D9%92+%D9%8A% D9%8F%D9%86%D9%92%D9%83%D9%8E%D8%AD%D9%8E&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

قال تعالى مبينًا هذه الحقيقة الغائبة عن أذهان جبابرة قريش ومن شابههم ممن اضطربت عندهم موازين القيم:{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا}فأمر الله نبيه أن يبين لقريش قصة الرجلين بالمثل؛ لكون الأمثال تجلي المعاني وتقربها

*فوائد من قصة صاحب الجنتين*
قال تعالى: "وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً" [الكهف: 32-33].
1ـ الاعتبار والاتعاظ بحال من أنعم الله عليه نعما دنيوية، فألهته عن آخرته وأطغته وعصى الله فيها. السعدي
2ـ ليس في معرفة أعيان الرجلين وزمانهما ومكانهما فائدة أو نتيجة، والتعرض لذلك من التكلف، وإنما الفائدة تحصل من قصتهما فقط. السعدي
3ـ أن بساتين الدنيا يتنعم بها من يدخلها ويرى خضرتها، وتفرح ناظرها، لما فيها من النعيم واللذة، وفي جنتي هذا الرجل أفضل الأشجار وهي النخيل والأعناب. ابن جبرين
"وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً" [الكهف:34].
1ـ اغترار هذا الرجل وافتخاره بكثرة ماله وعشيرته وقبيلته، أي بالغنى والحسب، يقوله افتخارا لا تحدثا بنعمة الله عليه بدليل العقوبة التي حصلت له. ابن عثيمين
2ـ أن المال والولد لا ينفعان إن لم يعينا على طاعة الله (
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىظ° إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَظ°ئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ .).سبأ 37 السعدي
3ـ ينبغي للعبد إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده أن يضيف النعمة إلى مسديها؛ ليكون شاكرا لله متسببا لبقاء نعمته عليه. السعدي
4ـ الافتخار الذي لم يُعترف بفضل الله فيه ولم يشكر الله عليه يحبط الأعمال. ابن عثيمين
5ـ أن الله ينعم على عباده ليبتليهم؛ هل يشكرون أم يكفرون؟!. ابن جبرين
"وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً" [الكهف:35-36].
1ـ اطمئنان الرجل إلى الدنيا ورضاه بها وإعجابه بجنتيه حتى نسي أن الدنيا لا تبقى لأحد. ابن عثيمين
2ـ إنكاره للبعث. ابن عثيمين
3ـ قياسه الفاسد حيث ظن أن الله لما أنعم عليه في الدنيا فلابد أن ينعم عليه في الآخرة! , ولا تلازم بين هذا وذاك، بل إن الكفار ينعّمون في الدنيا وتُعجَّل لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ولكنهم في الآخرة يُعذَّبون!. ابن عثيمين

فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ{54} أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ{55} نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ{56}
المؤمنون
"وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ{178}" آل عمران 178
4ـ تمرده وعناده؛ لقوله ( وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي ...) قاله على وجه التهكم والاستهزاء!. السعدي
5ـ الغالب أن الله يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسِّعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة من نصيب. السعدي
6ـ حقارة هذه الدنيا من أولها إلى آخرها، فالله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب!. ابن جبرين

- عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ قالَ إنَّ اللَّهَ قسمَ بينَكم أخلاقَكم كما قسَّمَ بينَكم أرزاقَكم وإنَّ اللَّهَ تعالى يعطي المالَ من أحبَّ ومن لا يحبُّ ولا يعطي الإيمانَ إلَّا من يحبُّ. فمن ضنَّ بالمالِ أن ينفقَهُ وخافَ العدوَّ أن يجاهدَهُ وهاب اللَّيلَ أن يُكابدَهُ فليُكثر من قولِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وسبحانَ اللَّهُ والحمدُ للَّهِ واللَّهُ أَكبرُ.
الراوي: - المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الأدب المفرد (http://dorar.net/book/2463?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 209- خلاصة حكم المحدث: صحيح موقوفاً في حكم المرفوع
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%82%D8%B3%D9%85+%D8%A8%D9%8A%D9%8 6%D9%83%D9%85+%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%83 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
- عن عبدِ اللَّهِ بنَ مسعودٍ قالَ إنَّ اللَّهَ قسَّمَ بينَكم أخلاقَكم كما قسَّمَ بينَكم أرزاقَكُم وإنَّ اللَّهَ يؤتي المالَ من يحبُّ ومن لا يحبُّ ولا يؤتي الإيمانَ إلَّا من أحبَّ فإذا أحبَّ اللَّهُ عبدًا أعطاهُ الإيمانَ فمن ضنَّ بالمالِ أن ينفقَهُ وَهابَ العدوَّ أن يجاهدَهُ واللَّيلَ أن يُكابدَهُ ; فليُكثر من قولِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكبرُ والحمدُ للَّهِ وسبحانَ اللَّهِ الراوي: [مرة بن شراحيل الهمداني] المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترغيب (http://dorar.net/book/531?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1571 - خلاصة حكم المحدث: صحيح

الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%82%D8%B3%D9%85+%D8%A8%D9%8A%D9%8 6%D9%83%D9%85+%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%83 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

7ـ نسيان الرجل قدرة ربه الذي أعطاه ومكّنه، بأن يسلبه ما آتاه!. ابن جبرين
"قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً" [الكهف:37-38].
1ـ نصح صاحبه المؤمن له وتذكيره بنعم الله عليه، وكيف خلقه ونقله من طور إلى طور، ويسر له الأسباب، فكيف يليق بك أن تكفر بالله؟!. السعدي
2ـ أن منكر البعث كافر. ابن عثيمين
3ـ اعتزاز المؤمن بإيمانه بالله واعترافه به وبفضله عليه، وإقراره بربوبية ربه، والتزام طاعته وعدم الإشراك به. السعدي
4ـ أن في تذكر الإنسان مبدأ أمره وخلقه موعظة عظيمة وذكرى. ابن جبرين
5ـ في قول المؤمن (هُوَ اللَّهُ رَبِّي) دليل على أن صاحب الجنتين قد أشرك. ابن جبرين
"وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً" [الكهف:39].
1ـ أن نعمة الله على الإنسان بالإيمان والإسلام ولو مع قلة المال والولد هي النعمة الحقيقية، وما عداها معرض للزوال والعقوبة. السعدي
2ـ ينبغي للإنسان إذا أعجبه شيء أن يقول (مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) حتى يفوض الأمر إلى الله لا إلى حوله وقوته. ابن عثيمين
3ـ من اعترف بفضل الله عليه، فإنه يبارك الله له فيما أعطاه، وأما من أشِر وبطر، فلا يبارك الله له فيما آتاه ولا ينتفع به. ابن جبرين
4ـ أن ما عند الله خير وأبقى، وما يُرجى من خيره وإحسانه أفضل من جميع الدنيا التي يتنافس فيها المتنافسون. السعدي
"فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً" [الكهف:40-41].
1ـ الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها بما عند الله من الخير. السعدي
2ـ الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصا إن فضّل نفسه بسبب ماله على المؤمنين وفخر عليهم. السعدي
3ـ أن دعاء المؤمن على جنتيّ الكافر كان غضبا لله؛ لكونها غرته وأطغته، لعله ينيب ويراجع رشده ويبصر في أمره. السعدي
4ـ لا حرج على الإنسان أن يدعو على ظالمه بمثل ما ظلمه. ابن عثيمين
5ـ في قوله: (حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاءِ) خص السماء لأن ما جاء من الأرض قد يدافع، لكن ما نزل من السماء يصعب دفعه ويتعذر!. ابن عثيمين
6ـ قوله: (خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) أي أفضل منها وهي جنة الآخرة، وجنة الدنيا هي الفرح بفضل الله والالتذاذ بطاعته، والاغتباط بالأعمال الصالحة، والأنس بذكر الله وشكره، فهذا خير من متاع الدنيا متاع الغرور. ابن جبرين
"وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً" [الكهف:42-43].
1ـ استجابة الله لدعاء من دعاه. السعدي
2ـ كان مآل الجنتين الانقطاع والاضمحلال، وكأنه لم يتمتع بها!. السعدي
3ـ الندم بعد فوات الأوان لا ينفع، إنما ينتفع من سمع القصة واعتبر بها. ابن عثيمين
4ـ أن ما افتخر به لم يدفع عنه من العذاب شيئا. السعدي
5ـ لا يستبعد من رحمة الله ولطفه أن صاحب الجنتين تحسنت حاله، ورزقه الله الإنابة إليه، بدليل ندمه على شركه بربه. السعدي
6ـ أن سبب عقوبته لأنه أشرك بالله، ونسب نعمة الله إلى غيره، وفضل الله إلى نفسه وقوته وحيلته، وتناسى عطاء الله له. ابن جبرين
"هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً" [الكهف:44].
1ـ أن ولاية الله وعدمها إنما تتضح نتيجتها إذا انجلى الغبار وحقَّ الجزاء، ووجد العاملون أجرهم. السعدي
2ـ من كان مؤمنا بالله تقيا كان له وليا وأكرمه بأنواع الكرامات، ودفع عنه الشرور والمَثُلات، ومن لم يؤمن بربه ويتولاه خسر دينه ودنياه!. السعدي
4ـ أن في يوم القيامة لا نُصرة ولا مُلك إلا لله الحق جل جلاله، وأن جميع من دونه لا يفيد صاحبه شيئا. ابن عثيمين
5ـ أن من خذله الله فليس له ولي، ولا ناصر ينصره من عذاب الله، ومن أمِن بأس الله فإنه ضال مضِل. ابن جبرين

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ غ— وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ .البقرة 107
هنا بتصرف يسير (http://www.almoslim.net/node/92011)

أم أبي التراب
09-07-2014, 01:52 AM
{{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا *}}.الكهف 45
تفسير السعدي:
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أصلا, ولمن قام بوراثته بعده تبعا: اضرب للناس مثل الحياة الدنيا, ليتصوروها حق التصور, ويعرفوا ظاهرها وباطنها, فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية, ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار.
وأن مثل هذه الحياة الدنيا, كمثل المطر, ينزل على الأرض, فيختلط نباتها, أو تنبت من كل زوج بهيج.
فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين, وتفرح المتفرجين, وتأخذ بعيون الغافلين.
إذ أصبحت هشيما, تذروه الرياح, فذهب ذلك النبات الناضر, والزهر الزاهر, والمنظر البهي.
فأصبحت الأرض غبراء ترابا, قد انحرف عنها النظر, وصدف عنها البصر, وأوحشت القلب.
كذلك هذه الدنيا, بينما صاحبها, قد أعجب بشبابه, وفاق فيها على أقرانه وأترابه, وحصل درهمها ودينارها, واقتطف من لذته أزهارها, وخاض في الشهوات في جميع أوقاته, وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه, إذ أصابه الموت أو التلف لماله.
فذهب عنه سروره, وزالت لذته وحبوره, واستوحش قلبه من الآلام وفارق شبابه وقوته, وماله, وانفرد بصالح, أو سيئ أعماله.
هنالك يعض الظالم على يديه*, حين يعلم حقيقة ما هو عليه, ويتمنى العود إلى الدنيا, لا ليستكمل الشهوات, بل ليستدرك ما فرط منه من الغفلات, بالتوبة والأعمال الصالحات.
فالعاقل الجازم الموفق, يعرض على نفسه هذه الحالة, ويقول لنفسه: " قدري أنك قد مت, ولا بد أن تموتي, فأي الحالتين تختارين؟ الاغترار بزخرف هذه الدار, والتمتع بها كتمتع الأنعام السارحة أم العمل, لدار أكلها دائم وظلها ظليل, وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
فبهذا يعرف توفيق العبد من خذلانه, وربحه من خسرانه.
ولهذا أخبر تعالى, أن المال والبنين, زينة الحياة الدنيا, أي: ليس وراء ذلك شيء.
وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره, الباقيات الصالحات.
وهذا يشمل جميع الطاعات, الواجبة, والمستحبة, من حقوق الله, وحقوق عباده, من صلاة, وزكاة, وصدقة, وحج, وعمرة, وتسبيح, وتحميد, وتهليل, وقراءة, وطلب علم نافع, وأمر بمعروف, ونهي عن منكر, وصلة رحم, وبر والدين, وقيام بحق الزوجات, والمماليك, والبهائم, وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق, كل هذا من الباقيات الصالحات, فهذه خير عند الله ثوابا, وخير أملا.
فثوابها يبقى, ويتضاعف على الآباد, ويؤمل أجرها وبرها ونفعها, عند الحاجة.
فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون, ويستبق إليها العاملون, ويجد في تحصيلها المجتهدون.
وتأمل, كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان.
نوع من زينتها, يتمتع به قليلا, ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه, بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون.
ونوع يبقى لصاحبه على الدوام, وهي الباقيات الصالحات.
" وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا "
يخبر تعالى عن حال يوم القيامة, وما فيه من الأهوال المقلقة, والشدائد المزعجة فقال: " وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ " أي: يزيلها عن أماكنها, يجعلها كثيبا, ثم يجعلها كالعهن المنفوش ثم تضمحل وتتلاشى, وتكون هباء منبثا, وتبرز الأرض, فتصير قاعا صفصفا, لا عوج فيه ولا أمتا.
ويحشر الله جميع الخلق, على تلك الأرض, فلا يغادر منهم أحدا.
بل يجمع الأولين والآخرين, من بطون الفلوات, وفغور البحار, ويجمعهم بعدما تفرقوا, ويعيدهم, بعد ما تمزقوا, خلقا جديدا.
فيعرضون عليه صفا, ليستعرضهم, وينظر في أعمالهم, ويحكم فيهم, بحكمه العدل, الذي لا جور فيه ولا ظلم, ويقول لهم: " لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة " أي, بلا مال, ولا أهل, ولا عشيرة, ما معهم إلا الأعمال, التي عملوها, والمكاسب في الخير والشر, التي كسبوها كما قال تعالى: " وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ " .
وقال هنا, مخاطبا للمنكرين للبعث, وقد شاهدوه عيانا: " بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا " أي: أنكرتم الجزاء على الأعمال, ووعد الله, ووعيده فها, قد رأيتموه وذقتموه.
فحينئذ تحضر كتب الأعمال التي كتبها الملائكة الأبرار.
فتطير لها القلوب, وتعظم من وقعها, الكروب, وتكاد لها الصم الصلاب تذوب, ويشفق منها المجرمون.
فإذا رأوها مسطرة عليهم أعمالهم, محصى عليهم أقوالهم وأفعالهم, قالوا: " يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا " أي: لا يترك خطيئة, صغيرة ولا كبيرة, إلا وهي مكتوبة فيه, محفوظة لم ينس منها عمل سر ولا علانية, ولا ليل ولا نهار.
" وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا " لا يقدرون على إنكاره " وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا " .
فحينئذ يجازون بها, ويقررون بها, ويخزون, ويحق عليهم العذاب, " ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد " بل هم غير خارجين عن عدله وفضله.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-45.html)

تفسير العثيمين:
قوله تعالى: { {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} } وهو المطر { {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ} } يعني أن الرِّياض صارت مختلطة بأنواع النبات المتنوع بأزهاره وأوراقه وأشجاره كما يشاهد في وقت الربيع كيف تكون الأرض، سبحان الله، كأنه وَشْيٌ من أحسن الوشْيات، إذا اختلط من كل نوع ومن كل جنس.
{ {فَأَصْبَحَ} } يعني هذا النبات المختلف المتنوع.
{ {هَشِيمًا} } هامداً.
{ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا *} } أي تحمله، فهذا هو { {مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} }. الآن الدنيا تزدهر للإنسان وتزهو له وإذا بها تخمد بموته أو فَقدها، لا بد من هذا، إما أن يموت الإنسان أو أن يفقد الدنيا . هذا مثل موافق تماماً، وقد ضرب الله تعالى هذا النوع من الأمثال في عدة سور من القرآن الكريم حتى لا نغتر بالدنيا ولا نتمسك بها، والعجب أننا مغترون بها ومتمسكون بها مع أن أكدارها وهمومها وغمومها أكثر بكثير من صفوها وراحتها . والشاعر الذي قال:
فيوم علينا ويوم لنا***ويوم نُساءُ ويومٌ نُسَرْ

لا يريد، كما يظهر لنا، المعادلة، لكن معناه أنه ما من سرور إلاَّ ومعه مساءة، وما من مساءة إلاَّ ومعها سرور، لكن صفوها أقل بكثير من أكدارها، حتى المنعمون بها ليسوا مطمئنين بها كما قال الشاعر الآخر:
لا طِيبَ للعيش ما دامت مُنغَّصَةً***لذَّاتُه بادِّكار الموت والهرمِ

قال تعالى: { {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} } ما وجد فهو قادر على إعدامه، وما عُدِم فهو قادر على إيجاده، وليس بين الإيجاد والعدم إلاَّ كلمة {{كُنْ} }، قال الله تعالى: {{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}} [يس: 82] . وفي قوله: { {مُقْتَدِرًا} } مبالغة في القدرة، ثم قال الله عزّ وجل مقارناً بين ما يبقى وما لا يبقى:
{{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً *}}.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
*
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا .الآية 27 من سورة الفرقان (http://www.islamcountry.com/quranSura.php?curPage=25&name=%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%86&type=Meccan&id=2882)

أم أبي التراب
09-07-2014, 02:03 AM
ثم قال الله عزّ وجل مقارناً بين ما يبقى وما لا يبقى:
{{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً *}}.الكهف 46
تفسير العثيمين:
قوله تعالى: { {الْمَالُ} } من أي نوع سواء كان من العروض أو النقود أو الآدميين أو البهائم.
{ {وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } ولا ينفع الإنسان في الآخرة إلاَّ ما قدَّم منها، وذكر البنين دون البنات لأنه جرت العادة أنهم لا يفتخرون إلاَّ بالبنين، والبنات في الجاهلية مهينات بأعظم المهانة كما قال الله عزّ وجل: {{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ *}} [النحل: 58] ، أي صار وجهه مسوداً وقلبه ممتلئاً غيظاً { يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } يعني يختبئ منهم {{مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} }، ثم يُقَدِّرُ في نفسه {{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}} [النحل: 59] . بقي قسم ثالث وهو أن يُمسِكَهُ على عِزٍّ وهذا عندهم غير ممكن، ليس عندهم إلاَّ أحد أمرين:
1 ـ إما أن يمسكه على هون.
2 ـ يَدُسه في التراب، أي يدفنه فيه وهذا هو الوأد، قال الله تعالى: {{أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} }.
وقوله تعالى: { {زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } أي أن الإنسان يتجمل به يعني يتجمل أنَّ عنده أولاداً، قدر نفسك أنك صاحب قِرى يعني أنك مضياف وعندك شباب، عشرة، يستقبلون الضيوف، تجد أن هذا في غاية ما يكون من السرور، هذه من الزينة، كذلك قدر نفسك أنك تسير على فرس وحولك هؤلاء الشباب يَحُفُّونك من اليمين ومن الشمال ومن الخلف ومن الأمام، تجد شيئاً عظيماً من الزينة، ولكن هناك شيء خير من ذلك.
قال تعالى: { {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً} }.
{ {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} } هي الأعمال الصالحات من أقوال وأفعال ومنها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنها الصدقات والصيام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، هذه الباقيات الصالحات.
{ {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا} } أي أجراً ومثوبة.
{ {وَخَيْرٌ أَمَلاً} } أي خير ما يُؤمِّله الإنسان لأن هذه الباقيات الصالحات هي كما وصفها الله بباقيات ، أما الدنيا فهي فانية وزائلة.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
09-14-2014, 12:27 PM
المال والبنون زينة الحياة الدنيا
وَإِنَّمَا كَانَ الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا لِأَنَّ فِي الْمَال جَمَالًا وَنَفْعًا , وَفِي الْبَنِينَ قُوَّة وَدَفْعًا , فَصَارَا زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا , لَكِنَّ مَعَهُ قَرِينَة الصِّفَة لِلْمَالِ وَالْبَنِينَ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة هَذِهِ الْحَيَاة الْمُحْتَقَرَة فَلَا تُتْبِعُوهَا نُفُوسَكُمْ
تفسير القرطبي (http://kuw.fm/quran/t-18-4-46.html)
المال والبنون زينة الحياة الدنيا وليس جوهرها
إن مسألة: المال والبنون زينة الحياة الدنيا، لهي مسألة مهمة ودقيقة من حيث درجات استيعاب مدلولها، والوعي به كما يجب أن يكون؛ حيث إن الله - عز وجل - أخبرنا أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وليس الحياةَ الدنيا أو جوهرها المطلق، بل إن الإنسان يجب أن يوجه اهتمامه إلى ما بعد الزينة، وهو الباقيات الصالحات، التي هي خير ثوابًا وخير أملًا.

هذا المعنى الواضح والصريح على الإنسان أن يتناوله من هذه الزاوية؛ أي: زاوية المعنى والمقصد الكامل والتام، حيث إن البعض يتعامل معه كالآتي: المال والبنون زينة الحياة الدنيا؛ أي: أساسها وبهجتها، ومرادها وعمادها؛ ولذلك فهو الأصل فيها، والضروري لخوضها، والمحرك فيها؛ ولذلك وجب الحرص على هذين العنصرين؛ أي: المال والبنين، بل وأصبح يضاهي درجات التقديس والقدسية.

والحال أن هذا الأمر يتطلب منا أن نضعه في إطاره الصحيح والعقلاني والمنطقي، فالمال والبنون زينة الحياة، وليس الحياة، فزينة الشيء ليست كنه الشيء وجوهره، ولكنها جزء منه، وقد يمنح لذلك الشيء بهجة وحركة وجمالًا ومتعة وانشغالًا وزهوًا، ولكن في النهاية ليس هو كنه الشيء وجوهره.

من هذه الزاوية لا بد أن يتعامل الإنسان الواعي العاقل مع ثنائية المال والبنين، فهو زينة الحياة الدنيا، وزينة الشيء جزء منه، قد تبهت وتسطع، وقد تأفل، ولكن أصل الشيء باقٍ، فجوهر الحياة الدنيا ليس المال والبنين؛ حيث إن ذلك لا يتعدى جزء الزينة منها، أما المتبقي إذًا فهو الصالح من الأعمال التي يبتغي بها الإنسان الحق والهداية إلى الطريق الصحيح والسليم، الذي يخرج الإنسان من ظلمات الجهل والجهالة إلى النور والعلم والمعرفة؛ فتطمئن نفسه وتسلم، وتبتعد عن الظنون والهواجس والمعاناة، فذلك شغل الإنسان في حياته الدنيا، وذلك محرك عمله فيها.

تلك إذًا ضرورة ملحة، على الإنسان أن يضع كل شيء في مكانه، فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا، وليس جوهرها.

رابط الموضوع: هنا (http://www.alukah.net/sharia/0/73847/#ixzz3DHh5VLjL)

أم أبي التراب
09-14-2014, 12:50 PM
الباقيات الصالحات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
تعددت أقوال العلماء في الباقيات الصالحات فقد نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف أنها الصلوات الخمس. ونقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح أنها سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر. ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الباقيات الصالحات: كل عمل صالحٍ من قولٍ أو فعلٍ يبقى للآخرة. وقال هو الصحيح إن شاء الله

هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=3933)

خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النارِ ؛ قولوا : سبحانَ اللهِ ، و الحمدُ للهِ ، ولَا إلهَ إلَّا اللهِ ، واللهُ أكبرُ ، فإِنَّهنَّ يأتينَ يومَ القيامةِ مُقَدِّمَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ وَمُجَنِّبَاتٍ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ. الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الجامع (http://dorar.net/book/3741?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3214 -خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%82%D9%8A% D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D 8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)
خُذوا جُنَّتكم . قالوا : يا رسولَ اللهِ ! [ أمِن ] عدوٍّ [ قد ] حضر ؟ قال : لا ، ولكن جُنَّتُكم من النَّارِ ؛ قولوا : ( سبحان اللهِ ، والحمدُ لله ، ولا إله إلا اللهُ ، واللهُ أكبرُ ) ؛ فإنهن يأتين يومَ القيامةِ مجنِّباتٌ ومُعقِّباتٌ ، وهنَّ الباقياتُ الصالحاتُ . الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترغيب (http://dorar.net/book/531?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1567- خلاصة حكم المحدث:حسن

الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%82%D9%8A% D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D 8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

مَن تَوضَّأَ وُضوئي هذا ، ثمَّ قامَ يُصلِّي صَلاةَ الظُّهرِ ، غُفِرَ لهُ ما كان بَينَها و بينَ الصُّبحِ ، ثمَّ صلَّى العَصرَ غُفِرَله ما كان بَينَها و بينَ الظُّهرِ ، ثمَّ صلَّى المغرِبَ غُفِرَ لهُ ما كان بَينَها و بينَ العَصرِ ، ثمَّ صلَّى العِشاءَ غُفِرَله ماكان بَينَها و بينَ المغرِبِ ، ثمَّ لعلَّه يَبِيتُ يَتمرَّغُ ليلَتَه ، ثمَّ إن قامَ فَتَوضَّأَ فَصلَّى الصُّبحَ غُفِرَ لهُ ما بَينَها و بينَ صلاةِ العِشاءِ ، و هُنَّ (الْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) قالوا : هذهِ الحسَناتُ ، فما الباقياتُ الصَّالحاتُ يا عُثمانُ ؟ قال : هيَ : لا إلهَ إلَّا اللهُ ، و سُبحانَ اللهِ ، و اللهُ أكبرُ ، و لا حَولَ و لا قُوَّةَ إلَّا باللهِ الراوي: عثمان بن عفان المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترغيب (http://dorar.net/book/531?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 366-خلاصة حكم المحدث:حسن لغيره
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%82%D9%8A% D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D 8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره, الباقيات الصالحات.
وهذا يشمل جميع الطاعات, الواجبة, والمستحبة, من حقوق الله, وحقوق عباده, من صلاة, وزكاة, وصدقة, وحج, وعمرة, وتسبيح, وتحميد, وتهليل, وقراءة, وطلب علم نافع, وأمر بمعروف, ونهي عن منكر, وصلة رحم, وبر والدين, وقيام بحق الزوجات, والمماليك, والبهائم, وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق, كل هذا من الباقيات الصالحات, فهذه خير عند الله ثوابا, وخير أملا.
فثوابها يبقى, ويتضاعف على الآباد, ويؤمل أجرها وبرها ونفعها, عند الحاجة.
فهذه التي ينبغي أن يتنافس بها المتنافسون, ويستبق إليها العاملون, ويجد في تحصيلها المجتهدون.

وتأمل, كيف لما ضرب الله مثل الدنيا وحالها واضمحلالها ذكر أن الذي فيها نوعان.
نوع من زينتها, يتمتع به قليلا, ثم يزول بلا فائدة تعود لصاحبه, بل ربما لحقته مضرته وهو المال والبنون.
ونوع يبقى لصاحبه على الدوام, وهي الباقيات الصالحات.

تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-45.html)
-------------

نظرة تأملية
"وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا*".الكهف 45
اضرب للناس مثل الحياة الدنيا, ليتصوروها حق التصور, ويعرفوا ظاهرها وباطنها, فيقيسوا بينها وبين الدار الباقية, ويؤثروا أيهما أولى بالإيثار.
وأن مثل هذه الحياة الدنيا, كمثل المطر, ينزل على الأرض, فيختلط نباتها, أو تنبت من كل زوج بهيج.
فبينا زهرتها وزخرفها تسر الناظرين, وتفرح المتفرجين, وتأخذ بعيون الغافلين.
إذ أصبحت هشيما, تذروه الرياح, فذهب ذلك النبات الناضر, والزهر الزاهر, والمنظر البهي.
فأصبحت الأرض غبراء ترابا, قد انحرف عنها النظر, وصدف عنها البصر, وأوحشت القلب.
كذلك هذه الدنيا, بينما صاحبها, قد أعجب بشبابه, وفاق فيها على أقرانه وأترابه, وحصل درهمها ودينارها, واقتطف من لذته أزهارها, وخاض في الشهوات في جميع أوقاته, وظن أنه لا يزال فيها سائر أيامه, إذ أصابه الموت أو التلف لماله.
وفارق شبابه وقوته, وماله, وانفرد بصالح, أو سيئ أعماله.
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىظ° يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا .الآية 27 من سورة الفرقان (http://www.islamcountry.com/quranSura.php?curPage=25&name=%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%86&type=Meccan&id=2882)


"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا"


ولهذا أخبر تعالى, أن المال والبنين, زينة الحياة الدنيا, أي: ليس وراء ذلك شيء. المال والبنون زينة الحياة الدنيا وليس جوهرها
وأن الذي يبقى للإنسان وينفعه ويسره, الباقيات الصالحات.
وهذا يشمل جميع الطاعات, الواجبة
"خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا" أي أجراً ومثوبة.
"وَخَيْرٌ أَمَلاً" أي خير ما يُؤمِّله الإنسان لأن هذه الباقيات الصالحات هي كما وصفها الله بباقيات ، أما الدنيا فهي فانية وزائلة

.
ثم أخذ يذكرنا بيوم القيامة وأهوالها


" وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا" الكهف 47

أم أبي التراب
09-14-2014, 02:34 PM
" وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا " الكهف 47
يخبر تعالى عن حال يوم القيامة, وما فيه من الأهوال المقلقة, والشدائد المزعجة فقال: " وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ " أي: يزيلها عن أماكنها, يجعلها كثيبا- رمل1-, ثم يجعلها كالعهن المنفوش ثم تضمحل وتتلاشى, وتكون هباء منبثا, وتبرز الأرض, فتصير قاعا صفصفا, لا عوج فيه ولا أمتا2.
ويحشر الله جميع الخلق, على تلك الأرض, فلا يغادر منهم أحدا.
بل يجمع الأولين والآخرين, من بطون الفلوات-الصحاري-, وفغور البحار, ويجمعهم بعدما تفرقوا, ويعيدهم, بعد ما تمزقوا, خلقا جديدا.
فيعرضون عليه صفا, ليستعرضهم, وينظر في أعمالهم, ويحكم فيهم, بحكمه العدل, الذي لا جور فيه ولا ظلم, ويقول لهم: " لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة "

{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِداً }الكهف48
أي, بلا مال, ولا أهل, ولا عشيرة, ما معهم إلا الأعمال, التي عملوها, والمكاسب في الخير والشر, التي كسبوها كما قال تعالى: " وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ " .
الأنعام 94
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-45.html)
1( وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=50&ID=5033&idfrom=4960&idto=4967&bookid=50&startno=4#docu) ) يَقُولُ : وَكَانَتِ الْجِبَالُ رَمْلًا سَائِلًا مُتَنَاثِرًا .
تفسير الطبري (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=50&ID=5033&idfrom=4960&idto=4967&bookid=50&startno=4)

2-( فَيَذَرُهَا ) أَيْ : فَيَدَعُ أَمَاكِنَ الْجِبَالِ مِنَ الْأَرْضِ ، ( قَاعًا صَفْصَفًا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1105&idto=1105&bk_no=51&ID=1108#docu) ) أَيْ : أَرْضًا مَلْسَاءَ مُسْتَوِيَةً لَا نَبَاتَ فِيهَا ، وَ " الْقَاعُ " : مَا انْبَسَطَ مِنَ الْأَرْضِ ، وَ " الصَّفْصَفُ " : الْأَمْلَسُ . [ ص: 295 ] ( لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1105&idto=1105&bk_no=51&ID=1108#docu) ) قَالَ مُجَاهِدٌ : انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا .
تفسير البغوي (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1105&idto=1105&bk_no=51&ID=1108)

{{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا *}}.الكهف 47
قوله تعالى: { {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} } أي اذكر لهم { {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} } وعلى هذا فإن { {يَوْمَ} } ظرف عامِلُهُ محذوف والتقدير اذكر { {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا *} } أي: اذكر للناس هذه الحال، وهذا المشهد العظيم { {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} } وقد بين الله عزّ وجل في آية أخرى أنه يسيرها فتكون سراباً {{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا *}} [النبأ: 20] ، وتكون كالعهن المنفوش: {{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ *}} [القارعة: 5] ، وذلك بأن الله تعالى يدُك الأرض وتصبح الجبال كثيباً مهيلاً {{يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلاً *}} [المزمل: 14] ثم تتطاير في الجو، هذا معنى تُسَيَّرُ. ومن الآيات الدالة على هذا المعنى قول الله تبارك وتعالى في سورة النمل: {{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}} [النمل: 88] . بعض الناس قال إنَّ هذه الآية تعني دوران الأرض، فإنك ترى الجبال فتظنها ثابتة ولكنها تسير، وهذا غلط وقول على الله تعالى بلا علم لأن سياق الآية يأبى ذلك كما قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ{87} وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ{88} مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ{89} } [النمل: 87 ـ 89] . فالآية واضحة أنها يوم القيامة، وأما زعم هذا الرجل القائل بذلك بأن يوم القيامة تكون الأمور حقائق وهنا يقول: {{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا}} [النمل: 88] فلا حسبان في الآخرة، فهذا غلط أيضاً لأنه إذا كان الله أثبت هذا فيجب أن نؤمن به ولا نحرفه بعقولنا، ثم إن الله عزّ وجل يقول: {{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ }} [الحج: 1، 2] . فإذا قلنا إن زلزلة الساعة هي قيامها، فقد بيَّن الله أن الناس يراهم الرائي فيظنهم سكارى وما هم بسكارى، وعلى كل حال فإن الواجب علينا جميعاً أن نجري الآيات على ظاهرها وأن نعرف السياق لأنه يعين المعنى ، فكم من جملة في سياق يكون لها معنى ولو كانت في غير هذا السياق، لكان لها معنى آخر، ولكنها في هذا السياق يكون لها المعنى المناسب لهذا السياق.
وقوله تعالى: { {وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً} } أي: ظاهرة لأنها تكون قاعاً وصفصفاً، وهي الآن ليست بارزة لأنها مكورة، وأكثرها غير بارز، ثم إن البارز لنا أيضاً كثير منه مختفٍ بالجبال، فيوم القيامة لا جبال ولا أرض كروية بل تمد الأرض مدَّ الأديم، قال الله عزّ وجل: {{ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ }} [الانشقاق: 1 ـ 3] ، فقوله: {{وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ *}} [الانشقاق: 3] يدل على أن الأرض الآن غير ممدودة.
وقوله: { {وَحَشَرْنَاهُمْ} } أي الناس، بل إن الوحوش تحشر كما قال الله عزّ وجل: {{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *}} [التكوير: 5] . بل جميع الدواب أيضاً كما قال تعالى في سورة الأنعام: {{وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ *}} [الأنعام: 38] . فكلٌّ شيء يحشر، ولهذا يقول الله عزّ وجل هنا: { {وَحَشَرْنَاهُمْ} } أي: الناس، وفي الآية الأخرى {{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *} } وفي الأخيرة جميع الدواب.
وقوله: { {فَلَمْ نُغَادِرْ} } أي نترك، { {مِنْهُمْ أَحَدًا} } كل الناس يحشرون، إن مات في البر حشر، في البحر حشر، في أي مكان، لا بد أن يحشر يوم القيامة ويجمع.
* * *
{{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا *}}.الكهف 48
قوله تعالى: { {وَعُرِضُوا} } أي: عرض الناس { {عَلَى رَبِّكَ} } أي: على الله سبحانه وتعالى.
{ {صَفًّا} } أي: حال كونهم صفاً بمعنى صفوفاً، فيحاسبهم الله عزّ وجل، أما المؤمن فإنه يخلو به وحده ويقرره بذنوبه ويقول له عملت كذا وعملت كذا، فيقر فيقول له أكرم الأكرمين: «إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم»
- قال رجلٌ لابنِ عمرَ : كيف سمعتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول في النَّجوى ؟ قال : سمعتُه يقول " يُدني المؤمنُ يومَ القيامةِ من ربِّه عزَّ وجلَّ . حتى يضع عليه كنَفَه . فيُقرِّره بذنوبه . فيقول : هل تعرف ؟ فيقول : أي ربِّ ! أعرف . قال : فإني قد سترتُها عليك في الدنيا ، وإني أغفرها لك اليومَ . فيُعطى صحيفةَ حسناتِه . وأما الكفارُ والمنافقون فيُنادى بهم على رؤوسِ الخلائقِ : هؤلاء الذي كذَبوا على الله ِ" . الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2768-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%AA%D9%87%D8%A7+ %D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

يغفر الله عزّ وجل له يوم القيامة، ولا يعاقبه عليها وفي الدنيا يسترها، فكم من ذنوب لنا اقترفناها في الخفاء؟ كثيرة، سواء كانت عملية في الجوارح الظاهرة أو عملية من عمل القلوب، فسوء الظن موجود، الحسد موجود، إرادة السوء للمسلم موجودة، وهو مستور عليه. وأعمال أخرى من أعمال الجوارح ولكن الله يسترها على العبد. إننا نؤمِّل إن شاء الله أن الذي سترها علينا في الدنيا، أن يغفرها لنا في الآخرة.
ثم قال تعالى: { {لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} } أي يقال لهم ذلك. وهذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: اللام وقد والقسم المقدر، يعني والله لقد جئتمونا { {كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} } ليس معكم مال ولا ثياب ولا غير ذلك، بل ما فقد منهم يرد إليهم، كما جاء في الحديث الصحيح أنهم يحشرون يوم القيامة «حفاة، عراة، غرْلا»[(25)] و «غُرْلا» جمع أغرل وهو الذي لم يختن، إذاً سوف يعرضون على الله صفا ويقال: { {لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} }، ويقال أيضاً:
{ {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} }، هذا إضراب انتقال، فهم يوبخون { {لَقَدْ جِئْتُمُونَا} } فلا مفر لكم { {كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} } فلا مال لكم ولا أهل، ويوبخون أيضاً على إنكارهم البعث فيقال: { {بَلْ زَعَمْتُمْ} } في الدنيا { {أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} }، وهذا الزعم تبين بطلانه، فهو باطل.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
09-27-2014, 05:14 AM
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)

قوله تعالى: { {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} } أي وزِّع بين الناس، فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله.
{ {فَتَرَى} } أيها الإنسان { {الْمُجْرِمِينَ} } أي: الكافرين { {مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} } أي: خائفين مما كتب فيه لأنهم يعلمون ما قدموه لأنفسهم، وهذا يشبه قول الله تعالى عن اليهود الذين قالوا: {{لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً}} [البقرة: 80] ، فتُحُدوا وقيل لهم: {{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الْدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *}} [البقرة: 94] ، قال الله: {{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}} يعني يعرفون أنهم إذا ماتوا عُذِّبوا، ومن كان يعلم أنه إذا مات عُذب فلن يتمنى الموت أبداً، فهؤلاء مشفقون مما في كتاب الله، يعني يعلمون أنه مُحتوٍ على الفضائح والسيئات العظيمة.
ويقولون إذا علموا: { {ياوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} }.
{ يا } حرف نداء { ويلتنا } وهي الهلاك ولكن كيف تنادى؟
الجواب: إما أن «يا» للتنبيه فقط لأن النداء يتضمن الدعاء والتنبيه، وإما أن نقول إنهم جعلوا ويلتهم بمنْزلة العاقل الذي يوجه إليه النداء، ويكون التقدير «يا ويلتنا احضري»! لكن المعنى الأول أقرب لأنه لا يحتاج إلى تقدير، ولأنه أبلغ.
{ {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} } أي شيء لهذا الكتاب؟
{ {لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا} } يعني أثبتها عدداً، كأنهم يتضجرون من هذا، ولكن هذا لا ينفعهم.
{ {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا} } أي وجدوا ثواب ما عملوا.
{ {حَاضِرًا} } لم يغب منه شيء وعبَّر الله تعالى بالعمل عن الثواب لأنه مثلُه بلا زيادة.
ثم قال الله تعالى: { {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} } وذلك لكمال عدله سبحانه وتعالى فلا يزيد على مسيء سيئة واحدة، ولا يَنقص من محسن حسنة واحدة، قال تعالى: {{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْمًا وَلاَ هَضْمًا *}} [طه: 112] . وهذه الآية { {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} } من الصفات المنفية عن الله، وأكثر الوارد في الصفات الصفات المثبتة كالحياة والعلم والقدرة. وأما ذكر الصفات المنفية فقليل بالنسبة للصفات المثبتة، ولا يتم الإيمان بالصفات المنفية إلاَّ بأمرين:
الأول نفي الصفة المنفية.
والثاني إثبات كمال ضدها.
فالنفي الذي لم يتضمن كمالاً لا يمكن أن يكون في صفات الله . بل لا بد في كل نفي نفاه الله عن نفسه أن يكون متضمناً لإثبات كمال الضد، والنفي إن لم يتضمن كمالاً فقد يكون لعدم قابليته، أي قابلية الموصوف له، وإذا لم يتضمن كمالاً فقد يكون لعجز الموصوف، وإذا كان نفياً محضاً فهو عدمٌ لا كمال فيه، والله تعالى له الصفات الكاملة كما قال تعالى: {{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى}} [النحل: 60] أي الوصف الأكمل.
قلنا إذا لم يتضمن النفي كمالاً فقد يكون لعدم قابليته، كيف ذلك؟ ألسنا نقول إن الجدار لا يظلِم؟ بلى، هل هذا كمال للجدار؟ لا، لماذا؟ لأن الجدار لا يقبل أن يوصف بالظلم، ولا يوصف بالعدل، فليس نفي الظلم عن الجدار كمالاً، وقد يكون النفي إذا لم يتضمن كمالاً نقصاً لعجز الموصوف به عنه، لو أنك وصفت شخصاً بأنه لا يظلم بكونه لا يجازي السيئة بمثلها لأنه رجل ضعيف لا يقدر على الانتصار لنفسه لم يكن هذا مدحاً له.
فالخلاصة أن كل وصفٍ وصف الله به نفسه وهو نفي، فإنه يجب أن نعتقد مع انتفائه ثبوتَ كمال ضده، قال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الأحقاف: 33] ، فعلى هذه القاعدة نفى الله «العي» وهو العجز؛ لثبوت كمال ضد العجز وهو القدرة، إذاً نؤمن أن الله عزّ وجل له قدرة لا يلحقها عجز، وقال تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ } [ق: 38] ، أي من تعب وإعياء وذلك لكمال قدرته جلَّ وعلا.
قلنا: إن الله لا يظلم أحداً وذلك لكمال عدله، لكن الجهمية قالوا: «لا يظلم» لعدم إمكان الظلم في حقه، وليس لأنه قادر على أن يظلم ولكنه لا يظلم، قالوا لأن الخلق كلَّهم خلق الله، ملك لله، فإذا كانوا ملكاً لله فإنه إذا عذَّب محسناً فقد عذب ملكه، وليس ذلك ظلماً لأنه يفعل في ملكه ما يشاء، ولكن قولهم هذا باطل، لأنه إذا كان الله عزّ وجل قد وعد المحسنين بالثواب والمسيئين بالعذاب، ثم أحسن المحسن فعذبه وأساء المسيء فأثابه فأقل ما يقال فيه: إنه وحاشاه سبحانه وتعالى أخلف وعده. هذا أقل ما يقال، وهذا ولا شك مناف للعدل وللصدق، فنقول لهم: إنَّ الله عزّ وجل قال في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي»[(26)]، وهذا يدل على أنه قادر عليه، لكن حرَّمه على نفسه لكمال عدله جلَّ وعلا، إذاً نحن نقول لا يظلم الله أحداً لكمال عدله لا لأن الظلم غير ممكن في حقه، كما قالت الجهمية.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
09-28-2014, 03:02 AM
{{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً *}}.50
يخبر تعالى, عن عداوة إبليس لآدم وذريته, وأن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم, إكراما وتعظيما, وامتثالا لأمر الله.
فامتثلوا ذلك " إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ " وقال: " أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا " وقال: " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ " .
فتبين بهذا, عداوته لله ولأبيكم, فكيف تتخذونه وذريته أي: الشياطين " أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا " .
أي: بئس ما اختاروا لأنفسهم من ولاية الشيطان, الذي لا يأمرهم إلا بالفحشاء والمنكر عن ولاية الرحمن, الذي كل السعادة والفلاح والسرور في ولايته.
وفي هذه الآية, الحث على اتخاذ الشيطان عدوا, والإغراء بذلك, وذكر السبب الموجب لذلك, وأنه لا يفعل ذلك إلا ظالم وأي ظلم أعظم من ظلم من اتخذ عدوه الحقيقي.
وليا, وترك الولي الحميد؟!!.
قال تعالى: " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ " .
وقال تعالى: " إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " .
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-50.html)
قوله تعالى: { {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ} } «إذ» هذه تأتي كثيراً في القرآن، والمُعرِبون يقولون: إنها مفعول لفعل محذوف، والتقدير: اذكرْ إذْ يعني اذكر هذا للأمة حتى تعتبر به ويتبين به فضيلة بني آدم عند الله.
وقوله: { {لِلْمَلاَئِكَةِ} } هم عالم غيبي خلقهم الله من نور. كما أعلمنا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الله خلقهم من نور.

- خُلِقَت الملائكةُ من نورٍ . وخُلِقَ الجانُّ من مارجٍ من نارٍ . وخُلِقَ آدمُ مما وُصِف لكم
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2996-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%85%D9%86+%D9%86%D9%88%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

وأعلمنا الله تعالى في القرآن أنه خلق الجنَّ من نار، وأنه خلق البشر من طين، إذاً المخلوقات التي نعلمها هي، الملائكة من نور، والجن من نار، والإنسان من طين، فالملائكة إذاً عالم غيبي والإيمان بهم أحد أركان الإيمان، والملائكة على خلاف الشياطين كما يتبين من الآية، وهم أقدر من الشياطين وأطهر من الشياطين، ولهم من النفوذ ما ليس للشياطين، فالشياطين لا يمكن أن يَلِجُوا إلى السماء، بل من حاول أُتبع بالشهاب المحرق، والملائكة يصعدون فيها، فهم يصعدون بأرواح بني آدم إلى أن تصل إلى الله، وهم أيضاً قد ملؤوا السموات، فيجب علينا أن نؤمن بالملائكة إيماناً لا شك فيه، وأنهم عالم غيبي، لكن قد يكونون من العالم المحسوس بقدرة الله، كما كان جبريل عليه السلام، فقد رآه النبي صلّى الله عليه وسلّم مرتين له ستمائة جناح قد سدَّ الأفق وهو واحد وهذا يدل على عظمة خِلقته، وعظمة خِلقة جبريل تدل على عظمة الخالق جلَّ وعلا، أحياناً يأتي جبريل الذي هذا وصفه وهذا خلقه على صورة إنسان، ولكن ليس تقلبه هكذا بقدرته هو، ولكن بقدرة خالقه جلَّ وعلا، والله أعطاه القدرة على التقلب والتكيف بقدرة الله جلَّ وعلا.
وقوله تعالى: { {اسْجُدُوا لآِدَمَ} } قال بعضهم: سجود تحية، وليس سجوداً على الجبهة، قالوا ذلك فراراً من كونه سجوداً على الجبهة، لأن السجود على الجبهة لا يصح إلا لله، ولكن الذي يجب علينا أن نأخذ الكلام على ظاهره ونقول: الأصل أنه سجود على الجبهة. وإذا كان امتثالاً لأمر الله لم يكن شركاً كما أن قتل النفس بغير حق من كبائر الذنوب، وإذا وقع امتثالاً لأمر الله كان طاعة من الطاعات، فإن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام أُمر بذبح ابنه فامتثل أمر الله وشرع في تنفيذ الذبح، ولا يخفى ما في ذبح الابن من قطيعة الرحم، لكن لما كان هذا امتثالاً لأمر الله عزّ وجل صار طاعة، ولما تحقق مراد الله تعالى من الابتلاء نسخ الأمر ورفع الحرج، إذاً فالسجود لآدم لولا أمر الله لكان شركاً، لكن لما كان بأمر الله كان طاعة لله.
وآدم: هو أبو البشر خلقه الله عزّ وجل من طين وخلقه بيده، قالَ الله تعالى مخاطباً إبليس حين استكبَر عن طاعةِ أمرِ الله بالسجودِ لآدمَ بعد أن خلقَهُ تعالى بيده: {{قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}}. وَقَدْ جاء في الصحيحين وغيرهما كما في حديث محاجة آدم لموسى عليهما السلام قول موسى: «أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ...» رواه مسلم: كتاب القدر، باب: حجاج آدم وموسى عليهم السلام، (2652)، (15) وغيره. وفي حديث الشفاعة: «يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده...»
رواه البخاري: كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عزّ وجل: {{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}}، (3340). ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، (194)، (327) وغيرهما.
قال أهل العلم لم يخلق الله شيئاً بيده إلا آدم وجنة عدن، فإنه خلقها بيده وكتب التوراة بيده جل وعلا، جاء في حديث محاجة آدم لموسى عليه السلام أن آدم قال لموسى: «أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ الله بِكَلاَمِهِ، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ...». وفي رواية «كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ...» أخرجه مسلم: كتاب: القدر، باب: حجاج آدم وموسى عليهما السلام، (2652)، (13).
فهذه ثلاثة أشياء كلها كانت بيد الله، أما غيرُ آدم فيخلق بالكلمة (كن) فيكون، وهو نبي، وليس برسول؛ لأن أول رسول أرسل إلى البشرية هو نوح عليه الصلاة والسلام، أرسله الله لما اختلف الناس: {{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}} [البقرة: 213] ، أي كان الناس أمة واحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. فكان أول رسول نوحٌ عليه الصلاة والسلامكما في حديث الشفاعة الطويل، وفيه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح أنت أولُ الرُّسل إلى أهل الأرض».
متفق عليه واللفظ للبخاري: كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عزّ وجل: {{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}}، (3340). مسلم: كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة منها. (194)، (327).
وآدم نبي مُكلَّمأخرجهُ الإمام أحمد في «المسند» (5/178)، وأبو داود الطيالسي (1/65)،وابن حبان في «صحيحه» (رقم 361) من حديث أبي ذَر قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الأَنْبِيَاءِ كَانَ أَوَّل؟ قَالَ: آدَمُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله وَنَبِيٌّ كَان؟ قَال: نَعَمْ نَبِيٌّ مُكَلّمٌ. وصححه الألباني في «المشكاة».
. فإذا قال قائل كيف يكون نبياً ولا يكون رسولاً؟
الجواب: يكون نبياً ولا يكون رسولاً؛ لأنه لم يكن هناك داع إلى الرسالة، فالناس كانوا على ملة واحدة والبشر لم ينتشروا بعد كثيراً ولم يفتتنوا في الدنيا كثيراً، نفر قليل، فكانوا يستنون بأبيهم ويعملون عمله، ولما انتشرت الأمة وكثرت واختلفوا أرسل الله الرسل.
{ {فَسَجَدُوا} } امتثالاً لأمر الله { {إِلاَّ إِبْلِيسَ} } لم يسجد. وإبليس هو الشيطان ولم يسجد، بَيَّنَ الله سبب ذلك في قوله: { {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} } فالجملة استئنافية لبيان حال إبليس أنه كان من الجن أي: من هذا الصنف وإلا فهو أبوهم.
{ {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} } أي: خرج عن طاعة الله تعالى في أمره، وأصل الفسوق الخروج، ومنه قولهم فسقت التمرة إذا انفرجت وانفتحت.
فإذا قال قائل: إن ظاهر القرآن أن إبليس كان من الملائكة؟
فالجواب: لا، ليس ظاهر القرآن؛ لأنه قال: { {إِلاَّ إِبْلِيسَ} } ثم ذكر أنه { {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} }، نعم القرآن يدل على أن الأمر توجه إلى إبليس كما قد توجه إلى الملائكة، ولكن لماذا؟ قال العلماء إنه كان ـ أي: إبليس ـ يأتي إلى الملائكة ويجتمع إليهم فوجه الخطاب إلى هذا المجتمع من الملائكة الذين خُلقوا من النور ومن الشيطان الذي خُلق من النار، فرجع الملائكة إلى أصلهم والشيطان إلى أصله، وهو الاستكبار والإباء والمجادلة بالباطل لأنه أبى واستكبر وجادل، ماذا قال لله؟ {{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}} [الأعراف: 12] ، فكيف تأمرني أن أسجد لواحد أنا خير منه؟ ثم علل بعلة هي عليه قال: {{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}} [الأعراف: 12] . وهذا عليه فإن المخلوق من الطين أحسن من المخلوق من النار، المخلوق من النار، خلق من نار محرقة ملتهبة فيها علامة الطيش تجد اللهب فيها يروح يميناً وشمالاً، ما لها قاعدة مستقرة، ولقد ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه «إغاثة اللهفان» فروقاً كثيرة بين الطين وبين النار، ثم على فرض أنه خلق من النار وكان خيراً من آدم أليس الأجدر به أن يمتثل أمر الخالق؟ بلى، لكنه أبى واستكبر.
قال الله عزّ وجل لما بين حال الشيطان:
{ }.
{ {أَفَتَتَّخِذُونَهُ} } الخطاب يعود لمن اتخذ إبليس وذريته أولياء من دون الله فعبدوا الشيطان وتركوا عبادة الرحمن، قال الله تعالى: {{ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ }} [يس: 60، 61] .
قوله: { وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ } } أي: من ولدوا منه، سُئل بعض السلف ـ سأله ناس من المتعمقين ـ فقالوا هل للشيطان زوجة؟ قال إني لم أحضر العقد، وهذا السؤال لا داعي له، نحن نؤمن بأن له ذرية أما من زوجة أو من غير زوجة ما ندري، أليس الله قد خلق حواء من آدم؟ بلى، فيجوز أن الله خلق ذرية إبليس منه كما خلق حواء من آدم.
وهذه المسائل ـ مسائل الغيب ـ لا ينبغي للإنسان أن يورد عليها شيئاً يزيد على ما جاء في النص؛ لأن هذه الأمور فوق مستوانا، نحن نؤمن بأن لإبليس ذرية ولكن هل يلزمنا أن نؤمن بأن له زوجة؟
الجواب: لا يلزمنا.
{ {أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي} } أي تتولونهم وتأخذون بأمرهم من دون الله { {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} } هذا محط الإنكار، يعني كيف تتخذون هؤلاء أولياء وهم لكم أعداء؟ هذا من السفه ونقص العقل ونقص التصرف أن يتخذ الإنسان عدوه وليا.
{ {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} } أي بئس هذا البدل بدلاً لهم، وما هو البدل الخير؟
الجواب: أن يتخذوا الله ولياً لا الشيطان.
وقوله: { {لِلظَّالِمِينَ} } يمكن أن نقول إنها بمعنى الكافرين لأنهم هم الذين اتخذوا الشيطان وذريته أولياء على وجه الإطلاق، ويمكن أن نقول إنها تعم الكافرين ومن كان ظُلمهم دون ظلم الكفر، فإن لهم من ولاية الشيطان بقدر ما أعرضوا به عن ولاية الرحمن.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

وهو الوليُّ الذي يتولى عباده بإحسانه وفضله، الحميد في ولايته وتدبيره.
الحميد لغويا هو المستحق للحمد والثناء ، والله تعالى هو الحميد ،بحمده نفسه أزلا ، وبحمده عباده له أبدا
فله الحمد لذاته، وله الحمد لصفاته، وله الحمد لأفعاله، لأنها دائرة بين أفعال الفضل والإحسان، وبين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليها كمال الحمد، وله الحمد على خلقه
هنا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF)


*مداخل الشيطان وخطواته* (http://moltkamoltka.blogspot.com/2014/10/blog-post_12.html)

أم أبي التراب
10-12-2014, 04:16 PM
{{مَا أَشْهَدْتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا *}}.الكهف 51
يقول تعالى: ما أشهدت الشياطين وهؤلاء المضلين, خلق السماوات والأرض, ولا خلق أنفسهم.
أي: ما أحضرتهم ذلك, ولا شاورتهم عليه, فكيف يكونون خالقين لشيء من ذلك؟! بل المنفرد بالخلق والتدبير, والحكمة والتقدير, هو الله, خالق الأشياء كلها, المتصرف فيها بحكمته.
فكيف يجعل له شركاء من الشياطين, يوالون ويطاعون, كما يطاع الله, وهم لم يخلقوا ولم يشهدوا خلقا, ولم يعاونوا الله تعالى؟!.
ولهذا قال: " وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا " أي: معاونين, مظاهرين لله على شأن من الشئون.
أي: ما ينبغي, ولا يليق بالله, أن يجعل لهم قسطا من التدبير, لأنهم ساعون في إضلال الخلق والعداوة لربهم, فاللائق, أن يقصيهم ولا يدنيهم.
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-51.html)

{{مَا أَشْهَدْتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا *}}.الكهف 51
قوله تعالى: { مَا أَشْهَدْتُهُمْ } يعني أن هؤلاء الذين اتخذهم الناس أولياء من دون الله ليس لهم حق الكون وبالتدبير، فالله ـ عزّ وجل ـ ما أشهدهم خلق السموات والأرض؛ لأن السموات والأرض مخلوقتان قبل الشياطين.
{ {وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} } يعني ما أشهدت بعضَهم خلق بعض. فكيف تتخذونهم أولياء وهم لا شاركوا في الخلق ولا خلقوا شيئاً بل ولا شاهدوه، وفي هذه الجملة دليل على أن كل من تكلم في شيء من أمر السموات والأرض، بدون دليل شرعي أو حسي 1فإنه لا يُقبل قوله، فلو قال: إن السموات تكونت من كذا والأرضُ تكونت من كذا وبعضهم يقول: الأرض قطعة من الشمس وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا دليل على صحته.
فإننا نقول له: إن الله ما أشهدك خلق السموات والأرض، ولن نقبل منك أيَّ شيء من هذا، إلاَّ إذا وجدنا دليلاً حسياً لا مناص لنا منه، حينئذٍ نأخذ به؛ لأن القرآن لا يعارض الأشياء المحسوسة.
{ {وَمَا كُنْتُ} } الضمير في { {كُنْتُ} } يعود إلى الله.
{ {مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} } أي: أنصاراً ينصرون ديني، لماذا؟ لأن المضل يصرف الناس عن الدين، فكيف يتخذ الله المضلين عضدا، وهو إشارة إلى أنه لا ينبغي لك أيها الإنسان أن تتخذ المضلين عضدا تنتصر بهم، لأنهم لن ينفعوك بل سيضرونك، إذاً لا تعتمد على السفهاء ولا تعتمد على أهل الأهواء المنحرفة؛ لأنه لا يمكن أن ينفعوك بل هم يضرونك، فإذا كان الله عزّ وجل لم يتخذ المضلين عضدا فنحن كذلك لا يليق بنا أن نتخذ المضلين عضدا؛ لأنهم لا خير فيهم، وفي هذا النهي عن بطانة السوء وعن مرافقة أهل السوء، وأن يحذر الإنسان من جلساء السوء.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
**********************
حاشية
1-
أ- الدليل العقلي:
التخصيص بالدليل العقلي ينقسم إلى قسمين، لأنه إما أن يكون التخصيص به ضرورة وإما أن يكون نظرا.
1. ما يدرك تخصيصه بالعقل ضرورة،
2. ما يدرك تخصيصه بالعقل نظرا، وذلك كقوله تعالى :
" ولله على الناس حج البيت " .فان مقتضى هذه الآية انه يجب الحج على كل إنسان، إلا أن العقل أدرك نظراً إخراج الصغير والغافل، لما قام من الدليل العقلي النظري على استحالة تكليفهما.

‌ب- الدليل الحسي:
والمراد به المشاهدة، وذلك كقوله تعالى في وصف بلقيس : " وأوتيت من كل شيء " فإننا ندرك بالمشاهدة أنها لم تؤت شيئاً من الملائكة والشمس والقمر، ولا من مخترعات العصر ومكتشفاته، كالمذياع، والرائي، والهاتف وغير ذلك .
وكقوله تعالى في الريح المرسلة على عاد:
" تدمر كل شيء " فإننا ندرك بالمشاهدة أنها لم تدمر السماء .

‌ج- الدليل السمعي:
والمراد به ما كان متوقفاً على السمع، من الكتاب والسنة وغيرهما، فيخص به العموم من الكتاب والسنة.

هنا (http://www.almostaneer.com/Pages/BookDetails.aspx?ID=242)

أم أبي التراب
10-26-2014, 03:21 PM
"وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا" (52) (الكهف) (http://kuw.fm/quran/sora-18.html)
ولما ذكر حال من أشرك به في الدنيا, وأبطل هذا الشرك غاية الإبطال, وحكم بجهل صاحبه وسفهه, أخبر عن حالهم مع شركائهم يوم القيامة, وأن الله يقول لهم: " نَادُوا شُرَكَائِيَ " بزعمكم أي: على موجب زعمكم الفاسد.
وإلا, فالحقيقة, ليس لله شريك في الأرض ولا في السماء, أي: نادوهم, لينفعوكم, ويخلصوكم من الشدائد.
" فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ " لأن الحكم والملك يومئذ لله, لا أحد يملك مثقال ذرة من النفع لنفسه, ولا لغيره.
" وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ " أي: بين المشركين وشركائهم " مَوْبِقًا " أي, مهلكا, يفرق بينهم وبينهم, ويبعد بعضهم من بعض, ويتبين حينئذ, عداوة الشركاء لشركائهم, وكفرهم بهم, وتبريهم منهم, كما قال تعالى " وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ "
تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-52.html)

{{وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا *}}.
قوله تعالى: { {وَيَوْمَ يَقُولُ} } أي اذكر يوم يقول: { {نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ} } فينادونهم ولا يستجيبون لهم، وهذا يكون يوم القيامة، يقال لهم: أين شركائي الذين كنتم تزعمون؟ نادوا شركائي الذين زعمتم أنهم أولياء شفعاء.
{ {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} } فهذه الأصنام لا تنفع أهلها بل تُلقى هي وعابدوها في النار، قال الله عزّ وجل: {{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ *}} [الأنبياء: 98] .
{ {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} } الموبق هو مكان الهلاك، يعني أننا جعلنا بينهم حائلاً مهلكاً حيث لا يمكن أن يذهبوا إلى شركائهم، ولا أن يأتي شركاؤهم إليهم، أرأيت لو كان بينك وبين صاحبك خندق من نار هل يمكن أن تذهب إليه لتنصره، أو أن يأتي إليك لينصرك؟
الجواب: لا يمكن، هؤلاء يجعل الله بينهم يوم القيامة
{ {مَوْبِقًا} }.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
حاشية


وهذا من سماجتهم وتبجُّحهم وسوء أدبهم مع الحق سبحانه، فكان عليهم أنْ يخجلوا من الله، ويعودوا إلى الحق، ويعترفوا بما كذَّبوه، لكنهم تمادَوْا { فَدَعَوْهُمْ.. } [الكهف: 52] ويجوز أن من الشركاء أناساً دون التكليف، وأناساً فوق التكليف، فمثلاً منهم مَنْ قالوا: عيسى. ومنهم مَنْ قالوا: العزير، وهذا باطل، وهل استجابوا لهم؟

ومنهم مَنِ اتخذوا آلهة أخرى، كالشمس والقمر والأصنام وغيرها، ومنهم مَنْ عبد ناساً مثلهم وأطاعوهم، وهؤلاء كانوا موجودين معهم، ويصح أنهم دَعَوْهم ونادوهم: تعالوا، جادلوا عنّا، وأخرجونا مما نحن فيه، لقد عبدناكم وكنا طَوْعَ أمركم، كما قال تعالى عنهم:
{ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ.. }
[الزمر: 3]

أم أبي التراب
11-02-2014, 05:07 AM
"وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا" *الكهف 53

أي: لما كان يوم القيامة وحصل من الحساب ما حصل, وتميز كل فريق من الخلق بأعمالهم, وحقت كلمة العذاب على المجرمين, فرأوا جهنم قبل دخولها, فانزعجوا, واشتد قلقهم, لظنهم أنهم مواقعوها, وهذا الظن قال المفسرون: إنه بمعنى اليقين, فأيقنوا أنهم داخلوها " وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا " أي: معدلا يعدلون إليه, ولا شافع لهم من دون إذنه.
وفي هذا من التخويف والترهيب, ما ترعد له الأفئدة والقلوب.

تفسير السعدي (http://kuw.fm/quran/t-18-5-53.html)
{{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا *}}.الكهف 53
قوله تعالى: { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ} المجرمون يعني الكافرين، كما قال عزّ وجل: {{إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}} [السجدة: 22] .
{ {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} } { {فَظَنُّوا} } أي أيقنوا: { {أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} } والظن يأتي بمعنى اليقين كما في قوله تعالى: {{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ}} [البقرة: 46] ، أي: يوقنون أنهم ملاقو الله، وإلاَّ فالظن الذي هو ترجيح أحد الأمرين المشكوك فيهما لا يكفي في الإيمان.
{ {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} } يعني لم يجدوا مكانا ينصرفون عنها إليه، وهذه الجملة معطوفة على (رأى) وليست داخلة تحت قوله ظنوا، لأنه لو كان داخلاً في الظن لقال «ولن»، يعني أنهم لما رأوْها وظنوا أنهم مواقعوها لم يجدوا عنها مصرفاً أي مكاناً ينصرفون إليه لينجوا به منها.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
* * *
* تعريف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا وَحكمهما* :
وقبل أن نخوض في البحث يجدر بنا أن نعرف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا .
فالظن لغةً: يستعمل في معنى الشك: وهو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .

ويستعمل بمعنى اليقين . قال ابنُ منظور : الظن شك ويقين ، إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو يقين تدبر http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وقال الزبيدي : الظن هو التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم . ونقل عن المناوي أنه قال: الظن الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل في اليقين والشك http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وهذا المعنى الأخير الذي قاله الزبيدي والمناوي هو لذي استقر عليه اصطلاح الأصوليين .
قال الآمدي : الظن ترجيح أحد الاحتمالين الممكنين على الآخر في النفس من غير قطع http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وقال عبد العزيز البخاري : الظن ما كان جانب الثبوت فيه راجحًا ، ويسمى غالب الرأي http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif . وقال القرطبي : الظن الشرعي هو تغليب أحد الجانبين ، أو هو بمعنى اليقين http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وقال أبو يعلى الفراء : الظن تجويز أمرين أحدهما أقوى من الآخر http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .

(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 292)
أما اليقين فلغةً: العلم ، وإزاحة الشك ، وتحقيق الأمر . واصطلاحًا: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاده أنه لا يمكن إلا كذا ، مطابقًا للواقع غير ممكن الزوال http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
فالثابت باليقين لا شك في حجيته ، ولا خلاف . وأما ما كان ثبوته مظنونًا فأيضًا مقبول وحجة بإجماع علماء أهل السنة في الأحكام والعقائد .
قال ابن عبد البر :
أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع .
وقال: وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويجعلها شرعًا ، ودينًا في معتقده . على ذلك جماعة أهل السنة . http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وقال أبو يعلى الفراء : الظن طريق للحكم إذا كان عن أمارة مقتضية للظن ، ولهذا يجب العمل بخبر الواحد إذا كان ثقة ، ويجب العمل بشهادة الشاهدين http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وقال الحافظ بدر الدين العيني : وإجراء الحكم بناءً على غالب الظن واجب ، وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول لشهادة العدول ، وتحري القبلة ، وتقويم المستهلكات ، وأرش الجنايات التي لم ترد مقاديرها بتوقيف من قبل الشرع . فهذا ونظائره قد تعبدنا فيه بغالب الظن http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .

(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 293)
وقال فخر الدين الرازي : العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
وهو المختار عند مَن بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم ، وكافة علماء أهل السنة رضوان اللّه عليهم أجمعين http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/margntip.gif .
هنا (http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=2&View=Page&PageNo=1&PageID=2700)


*أقسام سوء الظن وحكم كل قسم منها*

الحكم على سوء الظن يشمل قسمين: سوء ظن الذي يؤاخذ به صاحبه، وسوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه.
القسم الأول: سوء الظن الذي يؤاخذ به صاحبه:
وضابط هذا النوع: هو كل ظن ليس عليه دليل صحيح معتبر شرعًا، استقر في النفس، وصدقه صاحبه، واستمر عليه، وتكلم به، وسعى في التحقق منه http://www.dorar.net/images/tip.gif .
وهو أنواع ولكل نوع حكم خاص وهو كالتالي:
1- سوء الظن المحرم: ويشمل سوء الظن بالله تعالى، وسوء الظن بالمؤمنين.
فسوء الظن بالله تعالى من أعظم الذنوب: قال ابن القيم: (أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به) http://www.dorar.net/images/tip.gif . وقال الماوردي: (سوء الظن هو عدم الثقة بمن هو لها أهل، فإن كان بالخالق كان شكًّا يؤول إلى ضلال) http://www.dorar.net/images/tip.gif .
أما سوء الظن بالمؤمنين: ويشمل سوء الظن بالأنبياء وهو كفر، قال النووي: (ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع) http://www.dorar.net/images/tip.gif ، وسوء الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين، وقد عدَّ الهيثمي سوء الظنِّ بالمسلم الذي ظاهره العدالة من الكبائر http://www.dorar.net/images/tip.gif .
2- سوء الظن الجائز: http://www.dorar.net/images/tip.gif ويشمل: سوء الظن بمن اشتهر بين الناس بمخالطة الريب، والمجاهرة بالمعاصي، وسوء الظن بالكافر، قال ابن عثيمين: (يحرم سوء الظن بمسلم، أما الكافر فلا يحرم سوء الظن فيه؛ لأنه أهل لذلك، وأما من عرف بالفسوق والفجور، فلا حرج أن نسيء الظن به؛ لأنه أهل لذلك، ومع هذا لا ينبغي للإنسان أن يتتبع عورات الناس، ويبحث عنها؛ لأنَّه قد يكون متجسسًا بهذا العمل) http://www.dorar.net/images/tip.gif .
3- سوء الظنِّ المستحب: وهو ما كان بين الإنسان وعدوه، قال أبو حاتم البستي في سوء الظن المستحب (كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا، يخاف على نفسه، مكره، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره؛ لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه) http://www.dorar.net/images/tip.gif .
4- سوء الظن الواجب: وهو ما احتيج لتحقيق مصلحة شرعية، كجرح الشهود ورواة الحديث

هنا (http://www.dorar.net/enc/akhlaq/2283)

أم أبي التراب
11-02-2014, 04:10 PM
"وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً " ..الكهف 54

هذه الجملة عطف عَلَى الْجُمَلِ السَّابِقَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ فِيهَا أَمْثَالٌ .
*أولها: فتنة الدين.
أن شخصاً يُفتن في دينه.سواء بالإيذاء فيبتعد عن دينه.
أو يخاف أن يعبد الله فيضطهد......
يمثلها قصة أهل الكهف.
"أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا ..."
وهذه تتحدث عن أصحاب الكهف ، وكيف أنهم آثروا رضوان الله عز وجل على الدنيا العريضة ، وكيف أن الله حفظهم ، وتولاهم ، وأكرمهم في الدنيا والآخرة ، وكيف أن مبدأ الهدى؛ أن يختاره الإنسان ، وعندئذٍ تأتيه الزيادات من الله عز وجل . " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى "
*الثانية: فتنة المال.
قصةصاحب الجنتين "وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً" المال والجاه.
قَوْلِهِ "وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ .... "
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{37} لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{38} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{39} فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{40} أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{41} وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43}
فهذه قصة الشرك ، شرك الأسباب ، وهو أنَّ الإنسان إذا نجح في حياته الدنيا ، نجح في تجارته ، أو صناعته ، أو زراعته ، أو مشاريعه ، أو درجاته العلمية ، أو أي نجاح كان ، فقد يعزو هذا النجاح إلى قدراته الذاتية ، وإمكاناته ، وذكائه ، فيستحق عندها التأديب من الله عز وجل ، وهو يستحقُ التأديب والتربية ، لأنه مؤمن يعترف بالله خالِقاً ومُربيّاً ، والدليل قوله تعالى :" وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي "
لكنه قال" : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي "
(سورة القصص : 78)
" أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً "
فجزاء الاعتداد بالذات التأديب .
فأصبحت "خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا"
*ثالثها:قَوْلِهِ "وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرا"المعنى شبه الدنيا بنبات حسن؛ فيبس فتكسر ففرقته الرياح ،
وَلَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ لَهُمْ مَقْنَعٌ ، وَمَا لَهُمْ مِنْهُ مَدْفَعٌ عَادَ إِلَى التَّنْوِيهِ بِهَدْيِ الْقُرْآنِ عَوْدًا نَاظِرًا إِلَى قَوْلِهِ" وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ" وَقَوْلِهِ "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" ، فَأَشَارَ لَهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَمْثَالَ الَّتِي قَرَعَتْ أَسْمَاعَهُمْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ هَدْيِ الْقُرْآنِ الَّذِي تَبَرَّمُوا مِنْهُ ،

" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً "
منقول بتصرف

{{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً *}}..الكهف 54
قوله تعالى: { {صَرَّفْنَا} } يعني نوعنا، تصريف الشيء يعني تنويعه كما قال تعالى: {{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ}} [البقرة: 164] ، أي تنويعها من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، إذاً { {صَرَّفْنَا} } أي نوعنا في هذا القرآن من كل مثل، وهكذا الواقع. فكلام الله صدق، أمثال القرآن تجدها متنوعة فتارة لإثبات البعث، وتارة لإثبات وحدانية الله، وتارة لبيان حال الدنيا، وتارة لبيان حال الآخرة، وتارة تكون مطولة، وتارة مختصرة، فهي أنواع. كل نوع في مكانه من البلاغة والفصاحة.
{ {مِنْ كُلِّ مَثَلٍ} } أي من كل جنس وصنف، فهذا مثل لكذا وهذا مثل لكذا، لماذا؟
الجواب: من أجل أن يتذكر الناس ويتعظوا ويعقلوها. ولكن يوجد من الناس من لا يتعظ بهذه المثل، بل على العكس، ولهذا قال: { {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} }، قوله: { {وَكَانَ الإِنْسَانُ} }، بعض المفسرين يقول: { {الإِنْسَانُ} } يعني الكافر، ولكن في هذا نظر؛ لأنه لا دليل على تخصيصه بالكافر، بل نقول { {الإِنْسَانُ} } من حيث الإنسانية.
{ {أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} } يعني أكثر ما عنده، ولكن من حيث الإيمان فالمؤمن لا يكون مجادلاً، بل يكون مستسلماً للحق ولا يجادل فيه، ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ما أوتي قوم الجدل إلاَّ ضلوا» وتدبر حال الصحابة رضي الله عنهم تجد أنهم مستسلمون غاية الاستسلام لما جاءت به الشريعة، ولا يجادلون ولا يقولون لم؟ ولما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم» هل قال الصحابة «لِمَ»؟ بل قالوا سمعنا وأطعنا، ما جادلوا، وكذلك في بقية الأوامر، لكن الإنسان من حيث هو إنسان أكثر شيء عنده الجدل. إذاً إذا مر بك مثل هذا في القرآن الكريم { {الإِنْسَانُ} } فلا تحمله على الكافر إلا إذا كان السياق يُعَيِّنُ ذلك، فإذا كان السياق يراد به ذلك، صار هذا عاماً يراد به الخاص، لكن إذا لم يكن في السياق ما يعين ذلك فاجعله للعموم، اجعله إنساناً بوصف الإنسانية، والإنسانية إذا غلب عليها الإيمان اضمحل مقتضاها المخالف للفطرة.
قوله: { {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} } هذا وقع في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب وزوجته فاطمة رضي الله عنهما حين جاء إليهما ذات ليلة ووجدهما نائمين فقال: «ألا تصليان»، قال علي رضي الله عنه: «إنَّ أنفُسَنا بيد الله ولو شاء لأيقظنا»، فانصرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو يضرب على فخذه ويقول: { {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} } ولا شك أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعلم أن أنفسهما بيد الله، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الفريضة: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»، فعذر الناسي والنائم وهو يعلم عليه الصلاة والسلام ذلك ولكنه يريد أن يَحُثَّهُما، وأراد علي رضي الله عنه أن يدفع اللوم عنه وعن زوجه فاطمة رضي الله عنها.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

التصريف معناه تحويل الشيء إلى أشياء متعددة، كما يصرّف الله الرياح مثلاً، فلا تأتي من ناحية واحدة، بل تأتي مرة من هنا، ومرة من هناك، كذلك صَرّف الله الأمثال. أي: أتى بأحوال متعددة وصُور شتى منها.

وما دام أن الحق سبحانه صرّف في هذا القرآن من كل مثَل، فلا عُذْر لمن لم يفهم، فالقرآن قد جاء على وجوه شتّى ليُعلم الناس على اختلاف أفهامهم ومواهبهم؛ لذلك ترى الأمي يسمعه فيأخذ منه على قدر فَهْمه، والنصف مثقف يسمعه فيأخذ منه على قدر ثقافته، والعالم الكبير يأخذ منه على قدر علمه ويجد فيه بُغْيته، بل وأكثر من ذلك، فالمتخصص في أيِّ علم من العلوم يجد في كتاب الله أدقّ التفاصيل؛ لأن الحق سبحانه بيَّن فيه كل شيء.
منقول
( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ( 54 ) ) .

يَقُولُ تَعَالَى : وَلَقَدْ بَيَّنَّا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ ، وَوَضَّحْنَا لَهُمُ الْأُمُورَ ، وَفَصَّلْنَاهَا ، كَيْلَا يَضِلُّوا عَنِ الْحَقِّ ، وَيَخْرُجُوا عَنْ طَرِيقِ الْهُدَى . وَمَعَ هَذَا الْبَيَانِ وَهَذَا الْفُرْقَانِ ، الْإِنْسَانُ كَثِيرُ الْمُجَادَلَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُعَارَضَةِ لِلْحَقِّ بِالْبَاطِلِ ، إِلَّا مَنْ هَدَى اللَّهُ وَبَصَّرَهُ لِطَرِيقِ النَّجَاةِ .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (http://library.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=12251) : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً ، فَقَالَ : " أَلَا تُصَلِّيَانِ ؟ " فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا . فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ [ وَيَقُولُ ] ( وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ .

يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى بِعَلِيٍّ أَنْ يَحْمَدَ إِيقَاظَ رَسُولِ اللَّهِ إِيَّاهُ لِيَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ ، وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَى تَكَرُّرِ ذَلِكَ ، وَأَنْ يُسَرَّ بِمَا فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ مَلَامٍ ، وَلَا يَسْتَدِلُّ بِمَا يُحَبِّذُ اسْتِمْرَارَ نَوْمِهِ ، فَذَلِكَ مَحَلُّ تَعَجُّبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
-" ما ضَلَّ قومٌ بعدَ هُدًى كانوا عليهِ إلَّا أوتوا الجدَلَ ثمَّ تلا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ هذهِ الآيةَ :" مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ".
الراوي: أبو أمامة الباهلي- المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الترمذي (http://dorar.net/book/977?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3253- خلاصة حكم المحدث:حسن
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D8%A3%D9%88%D8%AA %D9%88%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84&st=p&xclude=&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وَالْجَدَلُ : الْمُنَازَعَةُ بِمُعَاوَضَةِ الْقَوْلِ ، أَيْ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُحَاوِلُ بِهِ إِبْطَالَ مَا فِي كَلَامِ الْمُخَاطَبِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ عَزْمٍ عَلَيْهِ : بِالْحُجَّةِ أَوْ بِالْإِقْنَاعِ أَوْ بِالْبَاطِلِ ، قَالَ تَعَالَى وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَقَالَ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ، وَقَالَ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ، وَقَالَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ .

[ ص: 349 ]وَالْمُرَادُ هَنَا مُطْلَقُ الْجَدَلِ ، وَبِخَاصَّةٍ مَا كَانَ مِنْهُ بِبَاطِلٍ ، أَيْ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ فِي طَبْعِهِ الْحِرْصُ عَلَى إِقْنَاعِ الْمُخَالِفِ بِأَحَقِّيَّةِ مُعْتَقَدِهِ أَوْ عَمَلِهِ ، وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي إِرَادَةَ الْجَدَلِ الْبَاطِلِ .
تفسير ابن كثير (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1077&idto=1077&bk_no=49&ID=1097)


تصريف: ( اسم )
الجمع : تصريفات و تصاريفُ
مصدر صرَّفَ
تصريف البضاعة : ( التجارة ) ترويج المبيعات بعرضها عرضًا جذّابًا ، والإعلان عنها في مكان البيع
تصريف الأفعال : ( النحو والصرف ) اشتقاق صيغ الأفعال بعضها من بعض ، وإسناد الأفعال إلى الضمائر
تصريف الكلمات : ( النحو والصرف ) أصل الكلمة وطرق الاشتقاق منها
صرَّف الأشياءَ : نقلها ، بدَّلها ، وجَّهها { وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
صرَّف البضائعَ : تصرَّف فيها بالبيع ،
صرَّف الأمرَ : بيَّنه وفصَّله { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْءَانِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ }
صرَّف الأمرَ : قسَّمه { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا }
صرَّف العُملةَ : صرَفها ، حوَّلها وبدَّلها بمثلها
صرَّف المياهَ : جعلها تجري في قنوات أو أنابيب معيَّنة
صرَّف الألفاظَ : ( النحو والصرف ) اشتقَّ بعضَها من بعض
صَرَّفَ أَعْمَالَهُ : دَبَّرَهَا ، ادارها هنا
(http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&lang_name=%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A&word=%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%81)

وَجُمْلَةُ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا تَذْيِيلٌ ، وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِكَلَامٍ مَحْذُوفٍ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ ، وَالتَّقْدِيرُ : فَجَادَلُوا فِيهِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ جَدَلًا ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ اسْمٌ لِنَوْعِ بَنِي آدَمَ ، وَحَرْفُ ( أَلْ ) فِيهِ لِتَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ أَوْسَعُ عُمُومًا مِنْ لَفْظِ النَّاسِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ جَادَلُوا ، وَالْجِدَالُ : خُلُقٌ ; مِنْهُ ذَمِيمٌ يَصُدُّ عَنْهُ تَأْدِيبُ الْإِسْلَامِ ، وَيَبْقَى فِي خُلُقِ الْمُشْرِكِينَ ، وَمِنْهُ مَحْمُودٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ، فَأَشَارَ بِالثَّنَاءِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِلَى أَنَّ جِدَالَهُ مَحْمُودٌ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا وَلَا الْمُرَادُ بِالْجَدَلِ الْجَدَلَ بِالْبَاطِلِ ; لِأَنَّ هَذَا سَيَجِيءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ الْآيَةَ ، فَقَوْلُهُ هُنَا وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ .
وَالْجَدَلُ : الْمُنَازَعَةُ بِمُعَاوَضَةِ الْقَوْلِ ، أَيْ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُحَاوِلُ بِهِ إِبْطَالَ مَا فِي كَلَامِ الْمُخَاطَبِ مِنْ رَأْيٍ أَوْ عَزْمٍ عَلَيْهِ : بِالْحُجَّةِ أَوْ بِالْإِقْنَاعِ أَوْ بِالْبَاطِلِ ، قَالَ تَعَالَى وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَقَالَ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ، وَقَالَ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ، وَقَالَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ .

[ ص: 349 ] وَالْمُرَادُ هَنَا مُطْلَقُ الْجَدَلِ ، وَبِخَاصَّةٍ مَا كَانَ مِنْهُ بِبَاطِلٍ ، أَيْ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ فِي طَبْعِهِ الْحِرْصُ عَلَى إِقْنَاعِ الْمُخَالِفِ بِأَحَقِّيَّةِ مُعْتَقَدِهِ أَوْ عَمَلِهِ ، وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي إِرَادَةَ الْجَدَلِ الْبَاطِلِ .
تفسير القرآن التحرير والتنوير (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1906&idto=1906&bk_no=61&ID=1925)

أم أبي التراب
11-30-2014, 02:41 AM
«وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً» الكهف55
قوله تعالى: « وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا » يعني ما منع الناس عن الإيمان والاستغفار نقص البيان، فقد ذكر الله أنه ضرب للناس في هذا القرآن من كل مثل، وكان الواجب على الإنسان إذا ضربت له الأمثال أن يؤمن. لكنه ما منعهم من الإيمان نقصٌ في البيان، فالأمر والحمد لله بيِّنٌ واضحٌ أتى بها النبي صلّى الله عليه وسلّم بيضاء نقية لكنه العناد.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك...»
رواه أحمد (رقم 17141) وابن ماجه في «المقدمة»، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، (42). وابن أبي عاصم في «السنة» (1/27) وصححه الألباني.

- وعظنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم موعظةً ذَرَفتْ منها العيونُ ووجلت منها القلوبُ, فقلنا يا رسولَ اللهِ إن هذه لموعظةُ مودَّعٍ فماذا تعهد إلينا؟ قال «قد تركتكم على البيضاءِ ليلُها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالكٌ من يعشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتُم من سنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين المهديِّين, عَضُّوا عليها بالنواجذِ وعليكم بالطاعةِ وإن عبدًا حبشيًا ,فإنما المؤمنُ كالجملِ الأنِفِ حيثما قِيدَ انقادَ».
الراوي: العرباض بن سارية المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح ابن ماجه (http://dorar.net/book/13560?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 41 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
هنا (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D8%B1%D9%83%D8%AA%D9%83%D9%85+ %D8%B9%D9%84%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%B6% D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
ولهذا قال جلَّ وعلا:«إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً » أي ما ينتظرون إلاَّ أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلاً.
وقوله: «وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ» يعني يطلبون مغفرته، فالمؤمن كثير الاستغفار لربه، والكافر إذا آمن لا بد أن يستغفر الله بما وقع فيه من الذنوب، فإذا آمن واستغفر زال عنه ما كان من الذنوب. قال تعالى: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ» [الأنفال: 38] .
وقوله: « أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً » يعني مقابلة ومعاينة ومباشرة، وما هي سنة الأولين؟
الجواب: هي أخذهم بالعذاب العام، لكن لم يأخذ الله هذه الأمة بعذاب شامل لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا ربه ألا يهلك أمَّته بسنة بعامة فأجاب الله دعاءه.
- « إنَّ اللهَ زَوى لي الأرضَ . أو قالَ : إن ربِّي زوى لي الأرضَ ، فرأيْتُ مشارقَها ومغاربَها ، وإن مُلكَ أمتي سيبلغُ ما زُوِىَ لي منها ، وأعطيْتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ ، وإنِّي سألْتُ ربِّي لأمتي : أن لا يهلكَها بسَنةٍ بعامةٍ ، ولا يسلطَ عليْهِم عدوًّا من سِوى أنفسِهم ، فيستبيحَ بيضَتَهم ، وإن ربِّي قال لي : يا محمدُ ! إنِّي إذا قضيْتُ قضاءً فإنَّهُ لا يردُّ ، ولا أهلكُهم بسنةٍ بعامةٍ ، ولا أسلطُ عليْهِم عدوًا من سوى أنفسِهم فيستبيحَ بيضتَهم ، لو اجتمعَ عليْهِم من بينِ أقطارِها – أو قال بأقطارِها – حتى يكونَ بعضُهم يهلكُ بعضًا ، وحتى يكونَ بعضُهم يسْبي بعضًا . وإنَّما أخافُ على أُمتي ! الأئمةَ المُضلينَ ، وإذا وُضِعَ السيفُ في أمتي لم يُرفعْ عنها إلى يومِ القيامةِ ، ولا تقومُ الساعةُ حتى تَلحقَ قبائلُ من أُمتي بالمشركينَ ، وحتى تعبدَ قبائلُ من أمتي الأوثانِ ، وإنَّهُ سيكونُ في أمتي كذابونَ ثلاثونَ ، كلُّهم يزعمُ أنَّهُ نبيٌّ ، وأنا خاتمُ النبيِّينَ لا نبيَّ بعدي ، ولا تزالُ طائفةٌ من أمتي على الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهم من خالفَهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ»
الراوي: ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم -المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح أبي داود (http://dorar.net/book/13559?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4252- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%B3%D9%86%D8%A9+%D8%A8%D8%B9 %D8%A7%D9%85%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

*ومن تفسير ابن كثير
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ تَمَرُّدِ الْكَفَرَةِ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ وَحَدِيثِهِ ، وَتَكْذِيبِهِمْ بِالْحَقِّ الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ مَعَ مَا يُشَاهِدُونَ مِنَ الْآيَاتِ [ وَالْآثَارِ ] وَالدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَاتِ ، وَأَنَّهُ مَا مَنَعَهُمْ مِنَ اتِّبَاعِ ذَلِكَ إِلَّا طَلَبُهُمْ أَنْ يُشَاهِدُوا الْعَذَابَ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ عَيَانًا ، كَمَا قَالَ أُولَئِكَ لِنَبِيِّهِمْ : « فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ » « الشُّعَرَاءِ : 187 » ، وَآخَرُونَ قَالُوا : « ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» « الْعَنْكَبُوتِ : 29 » ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ : « اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ » « الْأَنْفَالِ : 32 » ،« وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ » « الْحِجْرِ : 6 ، 7 » إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ [ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ ] .

تفسير ابن كثير (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1078&idto=1078&bk_no=49&ID=1098)
ما الذي منعهم أن يؤمنوا بعد أن أنزل عليهم القرآن، وصرّفنا فيه من الآيات والأمثال، بعد أن جاءهم مطابقاً لكل الأحوال؟
وفي آية أخرى، أوضح الحق سبحانه سبب إعراضهم عن الإيمان، فقال تعالى:{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـاذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى ا أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً * وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىا تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى ا فِي السَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ }[الإسراء: 89-93] فكُلُّ هذه التعنّتات وهذا العناد هو الذي حال بينهم وبين الإيمان بالله، والحق سبحانه وتعالى حينما يأتي بآية طلبها القوم، ثم لم يؤمنوا بها يُهلكهم؛ لذلك قال بعدها: { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ.. } [الكهف: 55] فهذه هي الآية التي تنتظرهم: أن تأتيهم سُنَّة الله في إهلاك مَنْ كذَّب الرسل.

أم أبي التراب
12-07-2014, 03:39 AM
«وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا » 56
قوله تعالى: «وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» هذه وظيفة الرسل ما نرسل المرسلين من أولهم نوح عليه السلام إلى آخرهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم، إلاَّ لهذين الأمرين: مبشرين ومنذرين، يعني ولم نرسلهم من أجل أن يجبروا الناس على الإيمان بل هم مبشرون ومنذرون، يبشرون المؤمنين وينذرون الكافرين.
«مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» منصوبة على الحال من المرسلين، يعني إلاَّ حال كونهم مبشرين ومنذرين.
«وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» المجادلة هي المخاصمة وسميت المخاصمة مجادلة؛ لأن كل واحد يَجْدُلُ حجته للآخر والجَدْل هو فتل الحبل حتى يشتد ويقوى، هذا أصل المجادلة، إذاً يجادل أي يخاصم، والمخاصمة بالباطل باطلة، مثال ذلك في الرسل يقولون: «أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا» [التغابن: 6] ، «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْزَلَ مَلاَئِكَةً» [المؤمنون: 24] ، ويجادلون في البعث فيقولون: «مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ» [يس: 78] ، ويجادلون في الآلهة يقولون: إذا كان المشركون وما يعبدون من دون الله حصب جهنم، فعيسى عليه السلام من حصب جهنم، وغير ذلك من المجادلة، وقد أبطل الله مجادلتهم بعيسى عليه السلام قال الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى» [الأنبياء: 101] ، ومنهم عيسى عليه السلام «أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ» [الأنبياء: 101] ويستفاد من الآية أن كل إنسان يجادل من أجل أن يدحض الحق فإن له نصيباً من هذه الآية، يعني أن فيه نصيباً من الكفر والعياذ بالله لأن الكافرين هم الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق، فإذا قال قائل: «الشبهات التي يوردها من يوردها من الناس، كيف يقال إنها باطل وهي شبهة؟».
فالجواب: إذا كان غرضهم منها أن يُدحضوا الحق، مثل الذين ينكرون حقيقة استواء الله على العرش ويقولون: إنه لو استوى على العرش لكان «جسماً»، فهؤلاء جادلوا بالباطل من أجل أن يدحضوا الحق الذي أثبته الله لنفسه، وأما مسألة أن الله «جسم» أو غير «جسم» فهذه شيء آخر، المهم أنهم أتوا بهذه الكلمة من أجل إدحاض الحق، ونحن لا ننكر عليهم مسألة أنه «جسم أو غير جسم»، ننكر أنهم أنكروا حقيقة الاستواء، وأما مسألة أنه «جسم أو غير جسم» فهذا مبحث آخر، وهو أننا لا نثبت اللفظ «جسم» ولا ننكره، أما المعنى فنقول: إن الله تعالى حق قائم بذاته موصوف بصفاته يفعل ما يشاء، يستوي على عرشه، وينزل إلى السماء الدنيا، وينْزِل ليفصل بين العباد، ويعجب ويفرح ويضحك، المهم أنه كلما رأيت شخصاً يجادل يريد أن يدحض الحق، فله نصيب من هذه الآية.
«وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا» «وَاتَّخَذُوا» أي صيروا. «وَاتَّخَذُوا» يعني القرآن.
«وَمَا أُنْذِرُوا» أي ما أنذروا به من العذاب اتخذوها «هُزُوًا» مثال ذلك أن الكفار استهزؤوا لما أخبر الله عزّ وجل عن شجرة الزقوم «إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ *» [الصافات: 64] ، يعني في قعره، فصاروا يضحكون كيف تخرج في أصل الجحيم، وهي شجرة أبعد ما يكون عن النار، النار حارة جافة والشجرة رطبة، فجعلوا يستهزئون ويقولون: هذا من هذيان محمد صلّى الله عليه وسلّم، فاتخذوا ما أنذروا به هزواً والله عزّ وجل قال: «فَإِنَّهُمْ لآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ *» [الصافات: 66]« فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ » [الواقعة: 54، 55] ، يملؤون بطونهم من هذه الزَّقوم ملئاً تاماً ثم تحترق من العطش، فماذا يسقون؟ يسقون ماءً حاراً «فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ» أي على ما في بطونهم «مِنَ الْحَمِيمِ»، ومع ذلك يشربون شرباً ليس عادياً بالنسبة إلى البشر، ولكنه شرب الإبل الهيم، العطاش، هذه الشجرة التي يهزؤون بها هي التي يملؤون بها بطونهم في جهنم.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
عباد الله كونوا مبشرين ومنذرين

فضل الدعوة، فكل من له أدنى إلمام بالعلم، يعرف أن الدعوة شأنها عظيم، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والرسل عليهم الصلاة والسلام هم الأئمة في هذا الشأن، وهم الأئمة في الدعوة، وهي وظيفتهم؛ لأن الله جل وعلا بعثهم دعاة للحق، وهداة للخلق عليهم الصلاة والسلام، فكفى الدعوة شرفاً، وكفاها منزلةً عظيمةً أن تكون وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة. قال الله تعالى في كتابه المبين: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ واجتنبوا الطاغوت[1]،فبين سبحانه وتعالى أن الرسل جميعاً بعثوا بهذا الأمر العظيم الدعوة إلى عبادة الله وحده، واجتناب الطاغوت. والمعنى أنهم بعثوا لدعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة، وتخصيصه بها، دون كل ما سواه، وتحرير الناس من عبادة الطاغوت، إلى عبادة الله وحده.
وقال عز وجل: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ[2]،فبين سبحانه وتعالى أن الرسل بعثوا مبشرين ومنذرين، مبشرين من أطاعهم بالنصر والتأييد والجنة والكرامة، ومنذرين من عصاهم بالخيبة والندامة والنار.
وفي بعثتهم إقامة الحجة، وقطع المعذرة، حتى لا يقول قائل ما جاءنا من بشير ولا نذير فالله سبحانه وتعالى بعث الرسل إقامة للحجة، وقطعاً للمعذرة، وهداية للخلق، وبياناً للحق، وإرشاداً للعباد إلى أسباب النجاة، وتحذيراً لهم من أسباب الهلاك عليهم الصلاة والسلام، فهم خير الناس وأصلح الناس، وأنفع الناس للناس، وقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا[3]،فأخبر سبحانه أنه بعث هذا الرسول الكريم محمداً عليه الصلاة والسلام شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله، فعلم بذلك أن وظيفة الدعوة إلى الله هي تبليغ الناس الحق، وإرشادهم إليه، وتحذيرهم مما يخالفه ويضاده. وهكذا أتباعهم إلى يوم القيامة. مهمتهم الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له، وتحذيرهم من أسباب الهلاك، كما قال عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[4]،فأمر الله نبيه أن يبلغ الناس أن سبيله التي هو عليها الدعوة إلى الله عز وجل، وهكذا أتباعه هم على ذلك. والمعنى: قل يا محمد، أو قل يا أيها الرسول للناس: هذه سبيلي أنا ومن اتبعني. فعلم بذلك أن الرسل وأتباعهم هم أهل الدعوة، وهم أهل البصائر، فمن دعا على غير بصيرة فليس من أتباعهم، ومن أهمل الدعوة فليس من أتباعهم، وإنما أتباعهم على الحقيقة هم الدعاة إلى الله على بصيرة، يعني أتباعهم الكُمّل الصادقين الذين دعوا إلى الله على بصيرة، ولم يقصروا في ذلك، وعملوا بما يدعون إليه، وكل ما حصل من تقصير في الدعوة، أو في البصيرة كان نقصاً في الإتباع، ونقصاً في الإيمان وضعفاً فيه، فالواجب على الداعية إلى الله عز وجل، أن يكون ذا بصيرة، أي ذا علم، فالدعوة على جهل لا تجوز أبداً، لأن الداعية إلى الله على جهلٍ يضر ولا ينفع، ويخرب ولا يعمر، ويضل ولا يهدي، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى التأسي بالرسل بالصبر والعلم والنشاط في الدعوة: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[5]،فالدعوة إلى الله عز وجل هي سبيل الرسل وطريقهم عليهم الصلاة والسلام، وفي ذلك غاية الشرف والفضل للدعاة أتباع الرسل، المقتدين بهم، السائرين على منهاجهم عليهم الصلاة والسلام، ومن شرط ذلك أن يكون الداعية على بصيرة وعلم وبينة، بما يدعو إليه، ومما يحذر منه حتى لا يضر الناس، وحتى لا يدعو إلى ضلالة وهو لا يدري، أو يدعو إلى باطل وترك حق وهو لا يدري، حتى يكون على بينة ليعرف ما يدعو إليه، وما يدعو إلى تركه.
________________
[1] سورة النحل الآية 36.

[2] سورة النساء الآية 165.

[3] سورة الأحزاب الآيتان 45 ، 46.

[4] سورة يوسف الآية 108.

[5] سورة يوسف الآية 108.

ابن باز (http://www.binbaz.org.sa/mat/8557)

أم أبي التراب
12-14-2014, 05:58 AM
«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًاً» 57

قوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ } أي ذكره الواعظ بآيات ربه الكونية، كأخذه الأمم المكذبين، أو الشرعية كالقرآن. { {فَأَعْرَضَ عَنْهَا} }، ولم يقبلها، أي لا
أ حد أظلم منه، فإن قيل: ما الجمع بين هذه الآية، وبين الآية التي في أول السورة وهي قوله تعالى: {{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}} ونحوها؟
فالجواب: بأحد وجهين:
الأول: أن الأفضلية باعتبار ما شاركه في أصل المعنى، فقوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ } يعني من أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها من الذين يُذَكَّرون فيُعرِضون، قد يذكر الإنسان فيعرض، لكن أشد ما يكون أن يذكر بآيات الله ثم يعرض عنها، وفي افتراء الكذب قد يفتري الإنسان الكذب على فلان وفلان، وأعظم ما يكون الافتراء عليه هو الله عزّ وجل، وأنت إذا أخذت بهذه القاعدة سلمت من إشكال كبير.
الثاني: وقيل: إن «أظلم» و«أظلم» يشتركان في الأظلمية ويتساويان فيها بالنسبة لغيرهما، وفيه نظر لأنه لا يمكن أن نقول: إنّ من ذكر بآيات ربه فأعرض عنها أنه يساوي من افترى على الله كذباً، أو من منع مساجد الله أن يُذْكر فيها اسمه يساوي من كذب على الله، ونحو ذلك.
قوله: { بِآيَاتِ رَبِّهِ } الكونية والشرعية؛ الكونية أن يقال له: إن كسوف الشمس والقمر يخوف الله بهما عباده فيعرض عنها ويقول: أبداً خسوف القمر طبيعي، وكسوف الشمس طبيعي، ولا إنذار ولا نذير، وهذا إعراض، أما الآيات الشرعية فكثير من يذكر بآيات الله ويعرض عنها.
{ {وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} } يعني نسي ما قدمت يداه من الكفر والمعاصي والاستكبار وغير ذلك مما يمنعه عن قبول الحق، لأن الإنسان والعياذ بالله كلما أوغل في المعاصي، ازداد بعداً عن الإقبال على الحق كما قال الله عزّ وجل: {{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}} [الصف: 5] ، ولذلك يجب أن يُعلم أن من أشد عقوبات الذنوب أن يعاقب الإنسان بمرض القلب والعياذ بالله، فالإنسان إذا عوقب بهلاك حبيب أو فقد محبوب من المال، فهذه عقوبة لا شك، لكن إذا عوقب بانسلاخ القلب فهذه العقوبة أشد ما يكون. يقول ابن القيم رحمه الله:
والله ما خوفي الذنوب فإنها***لعلى طريق العفو والغفران

وإنما أخشى انسلاخ القلب من***تحكيم هذا الوحي والقرآن

هذا هو الذي يخشاه الإنسان العاقل، أما المصائب الأخرى فهي كفارات وربما تزيد العبد إيماناً.
{ {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} } أي صيرنا.
{ {عَلَى قُلُوبِهِمْ} } أي قلوب من { ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا }، وأعيد ضمير الجمع على مفرد باعتبار المعنى؛ لأن «مَن» سواء كان اسماً موصولاً أو شرطية يجوز في عود الضمير إليها أن يعود على لفظها فيكون مفرداً أو يعود على معناها فيكون مجموعاً أو مثنى حسب السياق، فإذا قلت: «يعجبني من قام» فهنا عاد على اللفظ، وإذا قلت: «يعجبني من قاما» فهنا يعود على المعنى، وكذلك لو قلت: «يعجبني من قاموا» وقد يراعى اللفظ مرة والمعنى مرة أخرى وتعود الضمائر لمراعاة الأمرين في سياق واحد، قال تعالى: {{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا}} فهنا روعي اللفظ، وفي قوله: {{يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}} روعي اللفظ أيضاً، وقوله: {{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}} روعي فيها المعنى، وفي قوله: {{قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}} روعي اللفظ، كل هذا جاء في سياق واحد: {{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا}} [الطلاق: 11] ، فروعي اللفظ أولاً ثم المعنى ثانياً ثم اللفظ ثالثاً.
{ {أَكِنَّةً} } أي: أغطية تمنعهم من { {أَنْ يَفْقَهُوهُ} } أن يفقهوا القرآن فلا يفهمونه، وفي هذا الحث على فقه القرآن، وأنه ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن ويتعلم معناه، كما كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل.
{ {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} } أي صمماً. تأمل، والعياذ بالله، القلوب عليها غِطاء فلا تفقه، والآذان عليها صمم فلا تسمع، فلا يسمعون الحق ولا يفهمونه.
{ {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} } يعني لو أرشدتهم يا محمد إلى الهدى.
{ {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا} } أي ما دامت قلوبهم في أكنة، وفي آذانهم وقرٌ لن يهتدوا، فمن أين يأتي الهدى، والآذان لا تسمع الحق والقلوب لا تنقاد للحق والعياذ بالله؟! فإن قال قائل: هل في هذا تيئيس للرسول صلّى الله عليه وسلّم من أنه وإن دعا لا يقبل منه أو فيه تسلية له؟
فالجواب: في هذا تسلية له، وأنهم إذا لم يقبلوا الحق فلا عليك منهم { {فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} }.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
12-21-2014, 02:58 PM
«وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً *» الكهف 58
قوله تعالى: «وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ» هذا فيه تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم من وجه آخر، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يمكن أن يقول: لماذا لم يعاجلوا بالعقوبة، كيف يكذبونني وأنا رسول الله ولم يعاقبهم؟! ولكن بَيَّن الله له أنه هو {الْغَفُورُ} أي الذي يستر الذنوب ويتجاوز عنها.
{ {ذُو الرَّحْمَةِ} } أي صاحب الرحمة الذي يلطف بالمذنب. ولهذا قال: { {لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} } يعني لو أراد الله أن يؤاخذ الناس بما كسبوا لعجل لهم العذاب، وقد بين الله عزّ وجل هذا العذاب في آيات أخرى فقال: {{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَآبَّةٍ}} [فاطر: 45] ، أي لأهلكهم في الحال، ولكن {{يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً}} [فاطر: 45] .
{ {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً} } «بل» هذه للإضراب الإبطالي، يعني بل لن يسلموا من العذاب إذا أُخر عنهم، لهم موعد { {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً} }، أي مكاناً يؤولون إليه، وهذا يوم القيامة، ويحتمل أن يكون ما يحصل للكفار من القتل على أيدي المؤمنين كما قال عزّ وجل: {{ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}} [التوبة: 14، 15] ، إذاً يحتمل أن يكون المراد ما سيكون عليهم من القتل، والأخذ في الدنيا، أو ما سيكون عليهم يوم القيامة الذي لا مفر منه.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
ما الفرق بين التوبة والاستغفار ؟.
الحمد لله التوبة : تتضمن أمراً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، فالندم على الماضي والإقلاع عن الذنب في الحاضر والعزم على عدم العودة في المستقبل .
والاستغفار : طلب المغفرة ، وأصله : ستر العبد فلا ينفضح ، ووقايته من شر الذنب فلا يًعاقب عليه ، فمغفرة الله لعبده تتضمن أمرين : ستره فلا يفضحه ، ووقايته أثر معصيته فلا يؤاخذ عليها ، وبهذا يعلم أن بين الاستغفار والتوبة فرقاً ، فقد يستغفر العبد ولم يتب كما هو حال كثير من الناس ، لكن التوبة تتضمن الاستغفار .
هنا (http://islamqa.info/ar/2509)
فمن رحمة الله بالكفار أنه لم يعاجلهم بعذاب يستأصلهم، بل أمهلهم وتركهم؛ لأن لهم موعداً لن يهربوا منه، ولن يُفلِتوا، ولن يكون لهم مَلْجأ يحميهم منه، ولا شكَّ أن في إمهالهم في الدنيا حكمة لله بالغة، ولعل الله يُخرِج من ظهور هؤلاء مَنْ يؤمن به، ومَنْ يحمل راية الدين ويدافع عنه، وقد حدث هذا كثيراً في تاريخ الإسلام، فمِنْ ظَهْر أبي جهل جاء عكرمة، وأمهل الله خالد بن الوليد، فكان أعظمَ قائد في الإسلام.

* * *

أم أبي التراب
12-28-2014, 03:56 AM
«وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا *» الكهف 59

قوله تعالى: { {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ} } أي: قرى الأمم السابقين، قد يقول قائل هنا إشكال: فإن القرى جماد، والجماد لا يعود عليه الضمير بصيغة الجمع، يعني أنك لا تقول مثلاً: «هذه البيوت عمرناهم» ولكن تقول: «هذه البيوت عمرناها»، فلماذا قال: «أهلكناهم»؟
فالجواب: قال هذا؛ لأن الذي يهلك هم أهل القرى، وفي هذا دليل واضح على أن القرى قد يراد بها أهلها، وقد يراد بها البناء المجتمع، فالقرية أو القرى تارة يراد بها أهلها وتارة يراد بها المساكن المجتمعة، قال تعالى: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: 59] ، فالمراد بالقرى هنا أهلها، وقال تعالى: {{إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}} [العنكبوت: 31] والمراد بالقرية هنا المساكن المجتمعة.
{ {لَمَّا ظَلَمُوا} } المراد بالظلم هنا الكفر، أي: حين كفروا. { {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} } يعني جعلنا لإهلاكهم موعداً، والله يفعل ما يشاء، إن شاء عجَّل العقوبة وإن شاء أخر، لكن إذا جاء الموعد لا يتأخر: ولهذا قال نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: {{يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *}} [نوح: 4] ، فهو أجل معين عند الله في الوقت الذي تقتضيه حكمته.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

تلك: أداة إشارة لمؤنث هي القرى،

لكن الإشارة لا تكون إلا لشيء معلوم موجود مُحَسٍّ، كما جاء في قوله تعالى:{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يامُوسَى ا }[طه: 17]
فأين هذه القُرَى؟ وهل كان لها وجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
نعم، كان لهذه القرى آثار وأطلال تدل عليها ويراها النبي صلى الله عليه وسلم ويراها الناس في رحلاتهم إلى الشام وغيرها مثل: قُرَى ثمود قوم صالح، وقرى قوم لوط، وقد قال تعالى عنها:{ وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِالَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }[الصافات: 137-138]
إذن: فتلك إشارة إلى موجود مُحَسٍّ دَالٍّ بما تبقّى منه على ما حاق بهذه القرى من عذاب الله، وما حلَّ بها من بَأْسِه الذي لا يُرَدُّ عن القوم الظالمين.

{‏وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ‏} ‏ وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله، لوط بالنبوة والرسالة، ودعوته إلى اللّه قومه، ونهيهم عن الشرك، وفعل الفاحشة‏.‏
فلما لم ينتهوا، نجاه اللّه وأهله أجمعين، فسروا ليلا فنجوا‏.‏
‏{‏إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ‏}‏ أي‏:‏ الباقين المعذبين، وهي زوجة لوط لم تكن على دينه‏.‏
‏{‏ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ‏}‏ بأن قلبنا عليهم ديارهم ‏{‏فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ‏}‏ حتى همدوا وخمدوا‏.‏
‏{‏وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم‏}‏ أي‏:‏ على ديار قوم لوط ‏{‏مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ‏}‏ أي‏:‏ في هذه الأوقات، يكثر ترددكم إليها ومروركم بها، فلم تقبل الشك والمرية ‏{‏أَفَلَا تَعْقِلُونَ‏}‏ الآيات والعبر، وتنزجرون عما يوجب الهلاك‏؟‏
منقول

أم أبي التراب
12-28-2014, 03:52 PM
هلاك الأقوام


آية جامعة:
"فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " [العنكبوت: 40].

مقدمات الهلاك:
إبلاغ، إقناع، تحذير، عناد وتكذيب المهلكين، شكوى ودعاء الرسول، علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك، العاقبة للمتقين.

هلاك قوم نوح:
وسيلة الهلاك: الغرق بالطوفان:
إبلاغ:
" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ " [هود: 25].

" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ " [المؤمنون: 23].

" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ " [الشعراء: 106].

" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ " [العنكبوت: 14].

" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ" [الشعراء: 106].

إقناع:
" لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " [الأعراف: 59].

" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ " [يونس: 71].

" إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [نوح: 1].

عناد وتكذيب المهلكين:
" قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " [هود: 32].

" كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ " [الشعراء: 105].

" قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ " [الشعراء: 116].

" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ " [ص: 12].

ï´؟ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ï´¾ [غافر: 5].

" مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ " [غافر: 31].

" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ " [ق: 12].

" وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " [الذاريات: 46].

" وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى " [النجم: 52].

" كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ" [القمر: 9].

شكوى ودعاء الرسول:
" قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا " [نوح: 21].

" وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " [نوح: 26].

علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك:
" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " [هود: 36].

" قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ" [هود: 48].

" وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ " [الأنبياء: 76].

" وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا" [الفرقان: 37].

" وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ " [الصافات: 75].

العاقبة للمتقين:
" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ"[يوسف: 109].

هلاك قوم لوط:
وسيلة الهلاك:
حاصب مرسل، مطر السوء، انقلاب الموضع، إمطار حجارة من سجيل، إمطار حجارة من سجيل منضود، حجارة من طين، الصيحة.

إقناع:
" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ " [الأعراف: 80].

"وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ " [هود: 89].

" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ " [الشعراء: 161].
" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ " [النمل: 54].

" وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ " [العنكبوت: 28].

تحذير:
" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ" [الشعراء: 161].

عناد وتكذيب:
" كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ " [الشعراء: 160].

" قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ " [الشعراء: 167].

" كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ " [القمر: 33].

شكوى ودعاء الرسول:
" وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " [هود: 77].

" فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" [النمل: 56].


" وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " [العنكبوت: 33].

علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك:
" قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ " [هود: 81].

وسيلة الهلاك:
" إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ" [القمر: 34].

" وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ " [الأعراف: 84].

" فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ " [هود: 82].

" فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ " [الحجر: 74].

" وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا " [الفرقان: 40].

" وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِين" [الشعراء: 173].

" وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ " [النمل: 58].

" لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ" [الذاريات: 33].

" فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ " [الحجر: 73].

" وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ " [الحجر: 66].

العاقبة للمتقين:
" إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ" [الحجر: 59].

" وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" [الأنبياء: 71].

" وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ " [الأنبياء: 74].

" قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " [العنكبوت: 32].

" وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ "[الحجر: 66].

هلاك قوم هود:
وسيلة الهلاك: صاعقة، الريح العقيم، ريح صرصر عاتية، ريح صرصر في أيام نحسات، ريح صرصر في يوم نحس مستمر، ريح فيها عذاب أليم، الصيحة، القارعة.

إبلاغ:
" وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ"[الأعراف: 65].

" وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ" [هود: 50].

" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ " [الشعراء: 124].

" وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ " [الأحقاف: 21].

" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ " [الشعراء: 124].

إقناع:
" أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [الأعراف: 69].

" وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ " [هود: 89].

تحذير:
عناد وتكذيب:
" قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ " [هود: 53].

" وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ " [هود: 59].

" كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ " [الشعراء: 123].

" فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ" [فصلت: 15].

" كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ " [القمر: 18].

شكوى ودعاء الرسول:
علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك:
وسيلة الهلاك:
" فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ " [فصلت: 13].

" وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ " [الذاريات: 41].

" كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ " [الحاقة: 4].
" وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ" [الحاقة: 6].

" فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ" [فصلت: 16].

" فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ " [الأحقاف: 24].

" إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ" [القمر: 19].

"وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ " [الحاقة: 6].

"فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " [المؤمنون: 41].

العاقبة للمتقين والهلاك للظالمين:
" وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ " [هود: 58].

" وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ " [هود: 60].

" وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى " [النجم: 50].

" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ " [الفجر: 6].

هلاك قوم ثمود:
وسيلة الهلاك:
صاعقة العذاب الهون، القارعة، الطاغية، الدمدمة والتسوية، الصيحة والرجفة والجثوم في الدار.

" وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِي " [هود: 67].

" فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ " [الأعراف: 78].

إبلاغ:
" وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [الأعراف: 73].

" وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ" [هود: 61].

ï" إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ " [الشعراء: 142].

"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" [العنكبوت: 36].

إقناع:
" قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ " [الشعراء: 155].

تحذير:
"وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ" [الذاريات: 43].

" وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ " [هود: 64].

" فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا" [الشمس: 13].

عناد وتكذيب:
ï´؟ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ ï´¾ [هود: 68].

ï´؟ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ï´¾ [الإسراء: 59].

ï´؟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ï´¾ [الشعراء: 141].

ï´؟ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ï´¾ [النمل: 45].

ï´؟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ï´¾ [القمر: 23].

ï´؟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا ï´¾ [الشمس: 11].

ï´؟ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ï´¾ [الأعراف: 77].

ï´؟ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ï´¾ [الإسراء: 59].

ï´؟ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ ï´¾ [الشعراء: 157].

ï´؟ فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ï´¾ [القمر: 29].

شكوى ودعاء الرسول:
علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك:
ï´؟ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ï´¾ [القمر: 27].

ï´؟ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ï´¾ [هود: 65].

وسيلة الهلاك:
ï´؟ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ï´¾ [فصلت: 13].

ï´؟ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ï´¾ [فصلت: 17].

ï´؟ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ï´¾ [الحاقة: 4].

ï´؟ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ï´¾ [الحاقة: 5].

ï´؟ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ï´¾ [الشمس: 14].

ï´؟ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [هود: 67].

ï´؟ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [الأعراف: 78].

العاقبة للمتقين والهلاك للظالمين:
ï´؟ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ï´¾ [النجم: 51].

ï´؟ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ï´¾ [الشمس: 14].

هلاك قوم شعيب:
أسباب الهلاك:
الرجفة، الجثوم في الديار، الرجفة والجثوم في الدار، الصيحة والجثوم في الديار، يوم الظلة.

إبلاغ:
ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [الأعراف: 85].

ï´؟ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ï´¾ [الشعراء: 177].

إقناع وتحذير:
ï´؟ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ï´¾ [هود: 84].

عناد وتكذيب:
ï´؟ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ï´¾ [الأعراف: 88].

ï´؟ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ï´¾ [الأعراف: 90].

ï´؟ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ï´¾ [هود: 87].

ï´؟ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ï´¾ [هود: 91].

شكوى ودعاء الرسول:
وسيلة الهلاك:
ï´؟ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [الأعراف: 78].

ï´؟ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [العنكبوت: 37].

ï´؟ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [هود: 94].

ï´؟ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ï´¾ [الشعراء: 189].

العاقبة للمتقين:
ï´؟ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ï´¾ [هود: 94].

ï´؟ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ ï´¾ [الأعراف: 92].

هلاك قوم فرعون:
• إبلاغ.
• إقناع.
• تحذير.
• عناد وتكذيب.
• شكوى ودعاء الرسول.
• علم الرسول بحتمية النجاة والهلاك.
• وسيلة الهلاك.
• العاقبة للمتقين.


رابط الموضوع: هنا (http://www.alukah.net/culture/0/64602/#ixzz3NCTzLVw5)

أم أبي التراب
01-03-2015, 04:52 AM
«وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا *».الكهف 60

قال البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ :حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ خَضِرٌ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ لَا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ فَجُعِلَ لَهُ الْحُوتُ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ فَكَانَ يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ فَقَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ"
صحيح البخاري / كتاب أحاديث الأنبياء/بَاب حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام/ حديث رقم : 3219هنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3226&idto=3231&bk_no=0&ID=2056)
قال البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفًا الْبَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ [ ص: 57 ] إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ* وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا فَانْسَلَّ الْحُوتُ مِنْ الْمِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنْ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ أَوْ قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ فَسَلَّمَ مُوسَى فَقَالَ الْخَضِرُ وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ فَقَالَ أَنَا مُوسَى فَقَالَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ قَالَ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا فَعُرِفَ الْخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ الْخَضِرُ يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْرِ فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا فَكَانَتْ الْأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا فَانْطَلَقَا فَإِذَا غُلَامٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ بِرَأْسِهِ مِنْ أَعْلَاهُ [ ص: 58 ] فَاقْتَلَعَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَقَالَ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَهَذَا أَوْكَدُ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا"
صحيح البخاري / كتاب بدء الوحي/ بَاب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ/ حديث رقم : 122 / هنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=0&ID=3&idfrom=71&idto=727&bookid=0&startno=52)

المُسَجًّى : المغطى
تَسَجَّى : تغطى
يَنْقَضَّ : يسقط
المِكْتَلٍ : القفة الكبيرة
نَوْلٍ : العطاء والأجر
*يُوشَعَ بْنِ نُونٍ* :
هو يوشع بن نون بن أفرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وقد ذكره الله تعالى في القرآن بدون ذكر اسمه في قصة موسى والخضر، قال تعالى:وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ [الكهف:60].
وقد جاء تعيينه في صحيح البخاري من رواية أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوشع بن نون. قال ابن كثير: وقد اتفق أهل الكتاب على نبوته عليه السلام.
وقد ذكر المؤرخون أن الله تعالى فتح على يديه بيت المقدس، وقد خصه الله بكرامة لم ينلها غيره، وهي حبس الشمس له، روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس.*
قال ابن كثير في البداية والنهاية: ولما استقرت يد بني إسرائيل على القدس استمروا فيه وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة، فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة. هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=19655)
انظر هنا للمزيد (http://ar.islamway.net/fatwa/24881/%D8%AD%D8%A8%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3-%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B4%D8%B9-%D8%A8%D9%86-%D9%86%D9%88%D9%86)
غزا نبي من الأنبياءِ فقال لقومهِ : لا يتبعنِي رجلٌ ملكَ بضعَ امرأةٍ ، وهو يريدُ أن يبني بِها ، ولمّا يبنِ . ولا آخرَ قد بنَى بُنيانا ، ولما يرفَع سقفها . ولا آخر قد اشترَى غنمًا أو خلفاتٍ ، وهو منتظرٌ ولادِها . قال : فغزَا . فأدنَى للقريةِ حينَ صلاةِ العصرِ . أو قريبا من ذلكَ . فقال للشمسِ : أنتِ مأمورةٌ وأنا مأمورٌ . اللهم ! احبسْها علىّ شيئا . فحبستْ عليهِ حتى فتحَ اللهُ عليهِ . قال : فجمعُوا ما غنمِوا . فأقبلتِ النارُ لتأكلهُ . فأبتْ أن تطعمهُ . فقال : فيكُم غلولٌ . فليبايعنِي من كل قبيلةٍ رجلٌ . فبايعوهُ . فلصقتْ يدُ رجلٍ بيدهِ . فقال : فيكُم الغلولُ . فلتبايعنِي قبيلتكَ . فبايعتهُ . قال : فلصقتْ بيدِ رجلينِ أو ثلاثةٍ . فقال : فيكُم الغلولُ . أنتُم غللتُم . قال : فأخرجوا له مثلَ رأسِ بقرةٍ من ذهبٍ . قال : فوضعُوهُ في المالِ وهو بالصعيدِ . فأقبلتِ النارُ فأكلتهُ . فلم تُحلّ الغنائمُ لأحدٍ من قبلنا . ذلكَ بأن اللهَ تباركَ وتعالى رأى ضعفَنا وعجزَنا ، فطَيّبها لنا الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم (http://dorar.net/hadith/mhd/261?ajax=1) - المصدر: صحيح مسلم (http://dorar.net/book/3088?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1747
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%BA%D8%B2%D8%A7+%D9%86%D8%A8%D9%8A +%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D9%8A %D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

- أن الشمسَ لم تُحبَس لبشرٍ إلا ليوشعَ بنِ نونٍ لياليَ سار إلى بيتِ المقدسِ. الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 255/6 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85 %D8%B3+%D9%84%D9%85+%D8%AA%D8%AD%D8%A8%D8%B3+%D9%8 4%D8%A8%D8%B4%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

فكأن هذه القصة لقاء عظيم رائع ، بين قطب عظيم من أقطاب الشريعة ، وقطب عظيم آخر من أقطاب الحقيقة ، فنحن مع سيدنا موسى مع قطب من أقطاب الشريعة ، ونحن مع سيدنا الخضر قطب من أقطاب الحقيقة .
والشريعة والحقيقة التقتا ، ومن خلال هذا اللقاء العظيم تتضح بعض الحقائق المهمة التي نحن جميعاً في أمس الحاجة إليها ، ومن لقاء قطبي الشريعة بالحقيقة تتضح بعض أسرار القضاء والقدر ، ومنها نعرف معنى قوله تعالى" : وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ "
(سورة البقرة : 216)
كأن ملخص هذه القصة تلك الآية" : وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ "
(سورة البقرة : 216)
يجب أن تضبط أفعال العباد بالشريعة ، لكن أفعال الله عز وجل تفسر بالحقيقة .
ويجب أن تكون أفعال العباد وفق الحلال ، والمباح ، والمندوب ، والأمر ، ويجب أن تبتعد عن المكروه ، والمحرم ، هناك شريعة دقيقة جداً ، فيها حكم كل شيء ، كل حركة ، وكل سكنة ، وكل تصرف ، وأية علاقة تضبطها الشريعة ، لكن أفعال الله عز وجل علم التصرفات الإلهية ، وسر القضاء والقدر ، فعلم الحقيقة يكشف لنا جانباً منه .
" وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً "
سأسير حقباً طويلة ، سنوات وسنوات ، إلى أن ألتقي بهذا العبد الصالح
انظروا أيها الإخوة ، كم هو ثمين هذا العلم في نظر هذا النبي العظيم ، أحدنا يصرف نفسه عن حضور مجالس العلم لسبب تافه جداً ، يقول : عندي موسم ، أو زارني ضيف ، فهو لسبب تافه يصرف نفسه عن حضور مجالس العلم التي هي مجالس الذكر .
"ما اجتمعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ تعالى يتلونَ كتابَ اللَّهِ ويتدارسونَه بينَهم إلَّا نزلت عليهمُ السَّكينةُ وغشيتهمُ الرَّحمةُ وحفَّتهمُ الملائِكةُ وذَكرَهمُ اللَّهُ فيمن عندَه" الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1455-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A7+%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85 %D8%B9+%D9%82%D9%88%D9%85+%D9%81%D9%8A+%D8%A8%D9%8 A%D8%AA+%D9%85%D9%86+%D8%A8%D9%8A%D9%88%D8%AA+%D8% A7%D9%84%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

- " ما اجتمع قومٌ ، ثم تفرَّقوا عن غيرِ ذكرِ اللهِ ، وصلاةٍ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ إلا قاموا عن أَنْتَنِ من جِيفةٍ"
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5506- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%B9%D9%86+%D8%A3%D9%86%D8%AA%D9%86 +%D9%85%D9%86+%D8%AC%D9%8A%D9%81%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

هنا (http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=2301&id=97&sid=101&ssid=277&sssid=278) بتصرف
تفسير الشيخ العثيمين:
قوله تعالى: "وَإِذْ " مفعول لفعل محذوف والتقدير «اذكر إذ قال»، يعني واذكر إذ قال موسى لفتاه؛ أي: غلامه يوشع بن نون، وكان موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ابن عمران قام يخطب يوماً في بني إسرائيل فقام أحدهم وقال: هل على وجه الأرض أعلم منك؟ قال موسى: «لا»، وذلك بناء على ظنه أنه لا أحد أعلم منه، فعتب الله عليه في ذلك، لماذا لم يكل العلم إلى الله، فقال الله ـ عزّ وجل ـ إنَّ لي عبداً أعلم منك وإنَّه في مجمع البحرين، وذكر له علامة وهي أن تفقد الحوت، فاصطحب حوتاً معه في مِكْتَل[ المكتل: شبه الزِّنبيل الذي يحمل فيه التمر أو العنب، يسع خمسة عشر صاعاً (انظر مختار الصحاح، 328، ولسان العرب، ج11 كتل).] وسار هو وفتاه يوشع بن نون، جاء ذلك في البخاري[متفق عليه. البخاري: كتاب: العلم، باب: ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم أن يكل العلم إلى الله، (122). مسلم: كتاب الفضائل، باب: من فضائل الخضر عليه السلام، (2380)، (170).]، لينظر من هذا الذي هو أعلم منه ثم ليتعلم منه أيضاً، كان الحوت في المكتل، فلما استيقظا مع السرعة لم يفتشا في المكتل، وخرج الحوت بأمر الله من المكتل ودخل في البحر.
{ {لاَ أَبْرَحُ} } أي لا أزال، والخبر محذوف والتقدير «لا أزال أسير».
{ {مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} } قيل: إنه مكان الله أعلم به، لكن موسى يعلم، وقيل: إنه ملتقى البحر الأحمر مع البحر الأبيض، وكان فيما سبق بينهما أرض، حتى فتحت القناة وهذا ليس ببعيد، وسبب ذلك أن الله أوحى إليه أن عبداً في مجمع البحرين أعلم منك.
{ {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} }، أو هنا للتنويع، يعني إما أن أبلغ مجمع البحرين أو أمضي في السير حقباً أي: دهوراً طويلة، وقيل: { {أَوْ} } بمعنى «إلاَّ» أي حتى أبلغ مجمع البحرين إلاَّ أن { {أَمْضِيَ حُقُبًا} } أي: دهوراً طويلة قبل أن أبلغه، لكن الوجه الأول أسد، فتهيئَا لذلك وسارا، وسبب قوله هذا أن الله تعالى أوحى إلى موسى أن عبداً لنا هو أعلم منك عند مجمع البحرين، فسار موسى إليه طلباً للعلم.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml) * * *

أم أبي التراب
01-11-2015, 02:15 AM
{{فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا *}}.61
قوله تعالى: { {فَلَمَّا بَلَغَا} } أي: موسى وفتاه.
{ {مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} } أي: بين البحرين.
{ {نَسِيَا حُوتَهُمَا} } أضاف الفعل إليهما مع أن الناسي هو الفتى وليس موسى، ولكن القوم إذا كانوا في شأن واحد وفي عمل واحد، نسب فعل الواحد منهم أو القائل منهم إلى الجميع، ولهذا يخاطب الله ـ عزّ وجل ـ بني إسرائيل في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيقول: } [البقرة: 50: 55]هنا (http://www.holyquran.net/cgi-bin/prepare.pl?ch=2) من آية 47-، مع أنهم ما قالوا هذا؛ لكن قاله أجدادهم.
{ {نَسِيَا حُوتَهُمَا} } نسيان ذهول وليس نسيان ترك*، وهذا من حكمة الله ـ عزّ وجل ـ، أن الله أنساهما ذلك لحكمة، وهذا الحوت قد جعله الله ـ سبحانه وتعالى ـ علامة لموسى، أنك متى فقدت الحوت فثَم الخضر، وهذا الحوت كان في مِكْتَل وكانا يقتاتان منه، ولما وصلا إلى مكان ما ناما فيه عند صخرة، فلما استيقظا وإذا الحوت ليس موجوداً، لكنه أي: الفتى لم يتفقد المكتل ونسي شأنه وأمره، هذا الحوت ـ سبحان الله ـ خرج من المكتل، ودخل في البحر وجعل يسير في البحر، والبحر ينحاز عنه.
{ {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} } أي اتخذ الحوت طريقه في البحر.
{ }{سَرَبًا} أي مثل السرب، والسرب هو السرداب يعني أنه يشق الماء ولا يتلاءم الماء، وهذا من آيات الله، وإلا فقد جرت العادة أن الحوت إذا انغمر في البحر يتلاءم البحر عليه، لكن هذا الحوت من آيات الله، أولاً: أنه قد مات، وأنهما يقتاتان منه، ثم صار حياً ودخل البحر ثانياً: أنه صار طريقه على هذا الوجه، وهذا من آيات الله تبارك وتعالى.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
~ * * * ~
*نسيان ذهول وليس نسيان ترك*
نسيان ترك: الترك عن علم وعمد
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهََ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }التوبة67
قَوْلُهُ:"نَسُوا اللَّهَ" أي:"تَرَكُوا طَاعَةَ اللَّهِ".فَنَسِيَهُمْ ،أي فتركهم الله من توفيقه وهدايته ورحمته.
وتركه سبحانه للشىء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته
فمعناه أنهم تركوا أمره حتى صار بمنزلة المنسي، فجازاهم بأن صيرهم بمنزلة المنسي من ثوابه ورحمته هنا (http://vb.tafsir.net/tafsir9743/)
نسيان ذهول هو:
الذهول عن شىء معلوم
مثل قوله تعالى (....رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا...)البقرة286
(رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا) بالعقاب (إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) تركنا الصواب لا عن عمد . تفسير الجلالين
ومثل قوله تعالى {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }طه115
(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ) ووصيناه أن لا يأكل من الشجرة (مِن قَبْلُ) أي قبل أكله منها (فَنَسِيَ) ترك عهدنا (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) حزما وصبرا عما منعناه عنه
تفسير الجلالين
ومثاله
صلى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فزادَ أو نَقَصَ ( قال إبراهيمُ : والوهمُ مني ) فقيل : يا رسولَ اللهِ ، أزيدُ في الصلاةِ شيءٌ ؟ فقال : إنما أنا بَشَرٌ مثلُكم . أنسى كما تنسَوْن . فإذا نَسِىَ أحُدكم فليسجدْ سجدتين وهو جالسٌ ، ثم تحوَّلَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فسجَدَ سجدتين
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 572 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%86%D9%85%D8%A7+%D8%A7%D9%86 %D8%A7+%D8%A8%D8%B4%D8%B1+%D9%85%D8%AB%D9%84%D9%83 %D9%85+%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وهذا المعنى من النسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعى والعقلى
وهذا المعنى من النسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي والعقلي
فمن السمعي:
قوله تعالى {قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى }طه52
قال موسى لفرعون: عِلْمُ تلك القرون فيما فَعَلَت من ذلك عند ربي في اللوح المحفوظ, ولا عِلْمَ لي به, لا يضل ربي في أفعاله وأحكامه, ولا ينسى شيئًا ممَّا علمه منها.
التفسير الميسر
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم :" - يؤتى بالعبدِ يومَ القيامةِ فيقولُ اللَّهُ لَهُ ألَم أجعل لَكَ سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا وسخَّرتُ لَكَ الأنعامَ والحرثَ وترَكتُكَ ترأسُ وتربعُ فَكنتَ تظنُّ أنَّكَ ملاقي يومَكَ هذا فيقولُ لا فيقولُ لَهُ اليومَ أنساكَ كما نسيتَني"
الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2428
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%85%D8%A7+%D9%86%D8%B3%D9%8A %D8%AA%D9%86%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

وأما الدليل العقلي
فإن النسيان نقص والله تعالى منزه عن النقص موصوف بالكمال كما قال تعالى "وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }النحل60
وعلى هذا فلايجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال
مقتبس من كلام الشيخ العثيمين
هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=124854)

* * *

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
01-18-2015, 09:06 AM
{{فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا *}}.62
قوله تعالى: { {فَلَمَّا جَاوَزَا} } الفاعل موسى وفتاه { {جَاوَزَا} } يعني تعديا ذلك المكان، قال موسى لفتاه: { {آتِنَا غَدَاءَنَا} } وكان ذلك؛ لأن الغداء هو الطعام الذي يؤكل في الغداة.
{ {لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} } أي تعباً.
وقوله: { {مِنْ سَفَرِنَا هَذَا} } ليس المراد من حين ابتداء السفر ولكن من حين ما فارقا الصخرة، ولذلك طلب الغداء، قال أهل العلم وهذا من آيات الله عزّ وجل فقد سارا قبل ذلك مسافة طويلة ولم يتعبا، ولما جاوزا المكان الذي فيه الخضر، تعبا سريعاً من أجل ألا يتماديا في البعد عن المكان.

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

~ * * * ~



{{قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا *}}.63
قوله تعالى: { {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا *} } أي: قال الفتى لموسى: { {أَرَأَيْتَ} } أي ما حصل حين لجأنا إلى الصخرة، والمراد بالاستفهام التعجب أو تعجيب موسى.
{ {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} } يعني نسيت أن أتفقده أو أسعى في شأنه أو أذكره لك، وإلا فالحوت معروف كان في المكتل.
{ {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} } قوله: { {أَنْ أَذْكُرَهُ} } هذه بدل من الهاء في «أنسانيه»، يعني ما أنساني ذكره إلا الشيطان.
{ {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا} }، أي اتخذ الفتى أو موسى سبيل الحوت في البحر.
{ {عَجَبًا} } يعني محل عجب، وهو محل عجب، ماء سيال يمر به هذا الحوت، ويكون طريقه سرباً، فكان هذا الطريق للحوت سرباً، ولموسى وفتاه عجباً، ولنا أيضاً عجب؛ لأن الماء عادة يتلاءم على ما يمر به لكن هذا الحوت ـ بإذن الله ـ لم يتلاءم الماء عليه.
* * *

"قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا *".64
قوله تعالى: { {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} } أي قال موسى عليه الصلاة والسلام: { {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} } أي: ما كنا نطلب؛ لأن الله أخبره بأنه إذا فقد الحوت، فذاك محل اتفاقه مع الخضر.
{ {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} } يعني رجعا بعد أن أخذا مسافة تعبا فيها، ارتدا على آثارهما، يعني يقصان أثرهما؛ لئلا يضيع عنهما المحل الذي كانا قد أويا إليه.
* * *

{{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا *}}.65
قوله تعالى: { {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا} } وهو الخضر كما صحَّ ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم[(39)].
وقوله: { {عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا} } هل هو عبدٌ من عباد الله الصالحين أو من الأولياء الذين لهم كرامات أم من الأنبياء الموحى إليهم؟ كل ذلك ممكن، لكن النصوص تدل على أنه ليس برسول ولا نبي، إنما هو عبد صالح أعطاه الله تعالى كرامات؛ ليبين الله بذلك أن موسى لا يحيط بكل شيء علماً وأنه يفوته من العلم شيء كثير.
{ {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} } أي: أن الله جلَّ وعلا جعله من أوليائه برحمته إياه.
{ {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} } يعني علماً لا يطَّلِع عليه الناس، وهو علم الغيب في هذه القصة المعينة وليس علم نبوة ولكنه علم خاص؛ لأن هذا العلم الذي اطَّلع عليه الخضر لا يمكن إدراكه وليس شيئاً مبنياً على المحسوس، فيبنى المستقبل على الحاضر، بل شيء من الغائب، فأطلعه الله تعالى على معلومات لا يطَّلع عليها البشر.
* * *

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
01-18-2015, 04:26 PM
{قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا *}}.66قوله تعالى: { {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ} } أي قال موسى للخضر: هل أتبعك، وهذا عرض لطيف وتواضع، وتأمّل هذا الأدب من موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ مع أن موسى أفضل منه وكان عند الله وجيهاً، ومع ذلك يتلطف معه لأنه سوف يأخذ منه علماً لا يعلمه موسى، وفي هذا دليل أنَّ على طالب العلم أن يتلطف مع شيخه ومع أُستاذه وأن يُعامله بالإكرام، ثم بين موسى أنه لا يريد أن يَتَّبِعَه ليأكل من أكله أو يشرب من شربه، ولكن { {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} } ولا شك أن الخضر سيفرح بمن يأخذ عنه العلم، وكل إنسان أعطاه الله علماً ينبغي أن يفرح أن يؤخذ منه هذا العلم، لأن العلم الذي يُؤخذ من الإنسان في حياته ينتفع به بعد وفاته كما جاء في الحديث الصحيح: «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِية أوَ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» [(40)].
فقال له الخضر:
{{قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا *}}.67
{ {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} } وبيّن له عذره في قوله هذا، فقال: { {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا *} }، وأين الدليل للخضر أن موسى لم يحط بذلك خُبرا؟
الجواب: لأنه قال: { {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} } وهذا يدل على أنه لا علم له فيما عند الخضر.
فماذا قال موسى عليه السلام؟
{{قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا *} }.
{ {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}} هذا الذي قاله موسى عليه السلام قاله فيما يعتقده في نفسه في تلك الساعة من أنه سيصبر، لكنه علَّقه بمشيئة الله لئلاَّ يكون ذلك اعتزازاً بنفسه وإعجاباً بها.
وقوله: { {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ} } هو كقول إسماعيل بن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال له أبوه: {{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}} [الصافات: 102] ، وموسى قال للخضر: { {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} }، وأيضاً أصبر على ما تفعل وأمتثل ما به تأمر { {وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} }، وعده بشيئين:
1 ـ الصبر على ما يفعل.
2 ـ الائتمار بما يأمر، والانتهاء عما ينهى.
قال الخضر:
{{قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا *}}.
قوله تعالى: { {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي} } ومعلوم أنه سيتبعه.
{ {فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} } أي عن شيء مما أفعله.
{ {حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} } { {حَتَّى} } هنا للغاية، يعني إلى أن { {أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} } أي: إلى أن أذكر لك السبب، وهذا توجيه من معلم لمن يتعلم منه، ألاَّ يتعجل في الرد على معلمه، بل ينتظر حتى يحدث له بذلك ذكراً، وهذا من آداب المتعلم ألاَّ يتعجل في الرد حتى يتبين الأمر.
* * *

تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
فلا تحزن لأني قُلت: لن تستطيع معي صبراً؛ لأن التصرفات التي ستعترض عليها ليس لك خُبر بها، وكيف تصبر على شيء لا عِلْمَ لك به؟ ونلحظ في هذا الحوار بين موسى والخضر عليهما السلام أدبَ الحوار واختلافَ الرأي بين طريقتين: طريقة الأحكام الظاهرية، وطريقة ما خلف الأحكام الظاهرية، وأن كلاً منهما يقبَل رأْيَ الآخر ويحترمه ولا يعترض عليه أو يُنكره، كما نرى أصحاب المذاهب المختلفة ينكر بعضهم على بعض، بل ويُكفِّر بعضهم بعضاً، فإذا رأَوْا مثلاً عبداً مَنْ عباد الله اختاره الله بشيء من الفيوضات، فكانت له طريقة وأتباع نرى من ينكر عليه، وربما وصل الأمر إلى الشتائم والتجريح، بل والتكفير. لقد تجلى في قول الخضر: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ على مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً} [الكهف: 68] مظهر من مظاهر أدب المعلّم مع المتعلِّم، حيث احترم رأيه، والتمس له العُذْر إن اعترض عليه، فلكُلٍّ منهما مذهبه الخاص، ولا يحتج بمذهب على مذهب آخَر. فماذا قال المتعلم بعد أن استمع إلى هذه الشروط؟ {قَالَ ستجدني إِن شَآءَ الله. .} .
هنا (https://www.mosshaf.com/main)

أم أبي التراب
01-24-2015, 02:52 AM
{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا *}الكهف 68. قوله تعالى: { {فَانْطَلَقَا} } الفاعل موسى والْخَضِرُ، وسكت عن الفتى، فهل الفتى تأخر عن الركوب في السفينة، أم أنه ركب ولكن لما كان تابعاً لم يكن له ذكر؟
الجواب: الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه كان تابعاً، لكن لم يكن له تعلق بالمسألة، والأصل هو موسى طوي ذكره، وهو أيضاً تابع.
{حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ} مرَّت سفينة، وهما يمشيان على شاطئ البحر، فركبا فيها.
{خَرَقَهَا} أي: الْخَضِر بقلع إحدى خشبها الذي يدخل منه الماء، فقال له موسى:{أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا} وهذا إنكار من موسى علىالْخَضِر مع أنه قال له: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} لكنه لم يصبر؛ لأن هذه مشكلتها عظيمة، سفينة في البحر يخرقها فتغرق! واللام في قوله: {لِتُغْرِقَ} ليست للتعليل ولكنها للعاقبة، يعني أنك إذا خرقتها غرق أهلها، وإلاَّ لا شك أن موسى عليه السلام لا يدري ما غرض الخضر، ولا شك أيضاً أنه يدري أنه لا يريد أن يغرق أهلها، لأنه لو أراد أن يغرق أهلها لكان أول من يغرق هو وموسى، لكن اللام هنا للعاقبة ولام العاقبة ترِد في غيرِ موضعٍ في القرآن، مثل قول الله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} [القصص: 8] .
لو سألنا أي إنسان: هل آل فرعون التقطوه ليكون لهم عدواً وحزناً؟
الجواب: أبداً، ولكن هذه للعاقبة.
{لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} يعني شيئاً عظيماً، يعني كان موسى شديداً قوياً في ذات الله، فهو أنكر عليه، وبين أن فعله ستكون عاقبته الإغراق، وزاده توبيخاً في قوله: { {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} }، والجملة هنا مؤكدة بثلاثة مؤكدات:
1 ـ اللام.
2 ـ قد.
3 ـ القسم المقدر الذي تدل عليه اللام، والإمر بكسر الهمزة الشيء العظيم، ومنه قول أبي سفيان لهرقل لما سأله عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وبين له حاله وصفاته وما كان من أخلاقه، فلما انصرف مع قومه، قال أبو سفيان: «لقد أمِرَ أمرُ ابن أبي كَبْشَة إنه ليخافه مَلِكُ بني الأصفر» [(41)]، يعني بابن أبي كبشة الرسول صلّى الله عليه وسلّم. و: «أمِرَ أمرُه» يعني عَظُم أمره.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
* * *

{فانطلقا} سارا معاً، حتى ركبا سفينة، وكانت مُعَدَّة لنقل الركاب، فما كان من الْخَضِر إلا أنْ بادر إلى خَرْقها وإتلافها، عندها لم يُطِق موسى هذا الأمر، وكبُرت هذه المسألة في نفسه فلم يصبر عليها فقال: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} [الكهف: 71] أي: أمراً عجيباً أو فظيعاً. ونسى موسى ما أخذه على نفسه من طاعة العبد الصالح وعدم عصيانه والصبر على ما يرى من تصرفاته.كأن الحقَّ تبارك وتعالى يريد أن يُعلِّمنا أن الكلام النظري شيء، والعمل الواقعي شيء آخر، فقد تسمع من أحدهم القول الجميل الذي يعجبك، فإذا ما جاء وقت العمل والتنفيذ لا تجد شيئاً؛ لأن الكلام قد يُقَال في أول الأمر بعبارة الأريحية، كمن يقول لك: أنا رَهْن أمرك ورقبتي لك، فإذا ما أحوجك الواقع إليه كنت كالقابض على الماء لا تجد منه شيئاً. ونلحظ هنا أن موسى عليه السلام لم يكتف بالاستفهام: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا. .} [الكهف: 71] بل تعدَّى إلى اتهامه بأنه أتى أمراً منكراً فظيعاً؛ لأن كلام موسى النظري شيء ورؤيته لخرق السفينة وإتلافها دون مبرر شيء آخر؛ لأن موسى استحضر بالحكم الشرعي إتلاف مال الغير، فضلاً عن إغراق ركاب السفينة، فرأى الأمر ضخماً والضرر كبيراً، هذا لأن موسى يأخذ من كيس والخضر يأخذ من كيس آخر.
هنا (https://www.mosshaf.com/main)
{{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *}}.الكهف 69
فاعتذر موسى:
{{قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا *}}.
وسبب نسيان موسى؛ أن الأمر عظيم اندهش له: أن تغرق السفينة وهم على ظهرها، وهذه توجب أن الإنسان ينسى ما سبق من شدة وقع ذلك في النفس.
وقوله: { {بِمَا نَسِيتُ} } أي بنسياني، ولهذا نقول في إعراب «ما» إنها مصدرية، أي: بنسياني ذلك وهو قولي: { {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} }.
{ {وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} } يعني لا تثقل علي وتعسر علي الأمور؛ وكأن هذا والله أعلم توطئة لما يأتي بعده.
* * *

{{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا *}}.الكهف 70
قوله تعالى: { {فَانْطَلَقَا} } بعد أن أرست السفينة على الميناء. { {حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ} } ولم يقل «قتله»، وفي السفينة قال: { {خَرَقَهَا} } ولم يقل: «فخرقها»، يعني كأن شيئاً حصل قبل القتل فقتله .
{ {غُلاَمًا} } الغلام هو الصغير، ولم يصبر موسى عليه السلام. { {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} } وفي قراءة «زاكية» لأنه غلام صغير، والغلام الصغير تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيئات، إذاً فهو زكي لأنه صغير ولا تكتب عليه السيئات.
{ {بِغَيْرِ نَفْسٍ} } يعني أنه لم يقتل أحداً حتى تقتله، ولكن لو أنه قتل هل يُقتل أو لا؟
الجواب: في شريعتنا لا يقتل لأنه غير مُكلَّف ولا عَمْد له، على أنه يحتمل أن يكون هذا الغلام بالغاً وسمي بالغلام لقرب بلوغه وحينئذٍ يزول الإشكال.
{ {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} } هذه العبارة أشد من العبارة الأولى. في الأولى قال: { {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} }، ولكن هنا قال: { {نُكْرًا} } أي منكراً عظيماً، والفرق بين هذا وهذا، أن خرق السفينة قد يكون به الغرق وقد لا يكون وهذا هو الذي حصل، لم تغرق السفينة، أما قتل النفس فهو منكر حادث ما فيه احتمال.
فقال الخضر:
{{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا *}}.
قوله تعالى: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} } هنا فيها لوم أشد على موسى، في الأولى قال: {{أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ} } وفي الثانية قال: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} } يعني كأنك لم تفهم ولن تفهم، ولذلك كان الناس يفرقون بين الجملتين، فلو أنك كلمت شخصاً بشيء وخالفك فتقول في الأول: «ألم أقل إنك»، وفي الثاني تقول: «ألم أقل لك» يعني أن الخطاب ورد عليك وروداً لا خفاء فيه، ومع ذلك خالفت، فكان قول الخضر لموسى في الثانية أشد: { {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} }، فقال له موسى لما رأى أنه لا عذر له:
{{إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}}.
قوله تعالى: { {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي} } أي امنعني من صحبتك، وفي قول موسى: { {فَلاَ تُصَاحِبْنِي} } إشارة إلى أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ يرى أنه أعلى منه منْزِلة وإلاَّ لقال: «إن سألتك عن شيء بعدها فلا أصاحبك».
{ {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}} يعني أنك وصلت إلى حال تعذر فيها، لأنه أنكر عليه مرتين مع أن موسى عليه السلام التزم ألاَّ يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكراً.
* * *


تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
02-01-2015, 03:26 AM
مجلس رقم 59

{{فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا *}}.الكهف 77
قوله تعالى: { {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} } ولم يعين الله عزّ وجل القرية فلا حاجة إلى أن نبحث عن هذه القرية، بل نقول: قرية أبهمها الله فنبهمها.
{ {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} } أي: طلبا من أهلها طعاماً.
{ {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} } ولا شك أن هذا خلاف الكرم، وهو نقص في الإيمان؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ»
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

- من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ ، ومن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلا يُؤذِ جارَه ، ومن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليُكرِمْ ضيفَه
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6475- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D9%8F%D8%A4%D9%92%D9%85%D9%90% D9%86%D9%8F+%D8%A8%D9%90%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D 9%90+%D9%88%D9%8E%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%8A%D9%8E%D9 %88%D9%92%D9%85%D9%90&st=a&xclude=)

استطعم: أي طلب الطعام، وطلَبُ الطعام هو أصدق أنواع السؤال، فلا يسأل الطعام إلا جائع محتاج، فلو سأل مالاً لقلنا: إنه يدخره، إنما الطعام لا يعترض عليه أحد، ومنْعُ الطعام عن سائله دليل بُخْل ولُؤْم متأصل في الطباع، وهذا ما حدث من أهل هذه القرية التي مَرّا بها وطلبَا الطعام فمنعوهما.
والمتأمل في الآية يجد أن أسلوب القرآن يُصوّر مدى بُخْل هؤلاء القوم ولُؤْمهم وسُوء طباعهم، فلم يقُلْ مثلاً: فأبوا أن يطعموهما،بل قال: { فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا..} [ الكهف: 77] وفرْق بين الإطعام والضيافة، أَبَوْا الإطعام يعني منعوهما الطعام، لكن أَبَوْا أن يُضيّفوهما، يعني كل ما يمكن أنْ يُقدَّم للضيف حتى مجرد الإيواء والاستقبال، وهذا مُنْتَهى ما يمكن تصوُّره من لُؤمْ هؤلاء الناس
هنا (https://www.mosshaf.com/main)
{ {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} } أي: أنه مائل يريد أن يسقط،
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

لا مانع أنْ يكون للجدار إرادة على أساس أن لكل شيء في الكون حياةً تناسبه، ولله تعالى أن يخاطبه ويكون بينهما كلام.
ألم يقل الحق سبحانه: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السمآء والأرض..} [ الدخان: 29] فإذا كانت السماء تبكي فقد تعدَّتْ مجرد الكلام، وأصبح لها أحاسيس ومشاعر، ولديها عواطف قد تسمو على عواطف البشر، فقوله:
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السمآء والأرض..} [ الدخان: 29] دليل على أنها تبكي على فَقْد الصالحين.

وهذا دليل انسجام العبد المؤمن مع الكَوْن من حوله، فالكون ساجد لله مُسبِّح لله طائع لله يحب الطائعين وينُبو بالعاصين ويكرههم ويلعنهم؛ لذلك العرب تقول: (نَبَا به المكان) أي: كرهه لأنه غير منسجم معه، فالمكان طائع وهو عاصٍ، والمكان مُسبِّح وهو غافل.
وعلى هذا الفهم فقوله تعالى: { يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ..} [ الكهف: 77] قول على حقيقته.
إذن: فهذه المخلوقات لها إحساس ولها بكاء، وتحزن لفقد الأحبة، وفي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث» .
ورُوِي في السيرة حنين الجذع إلى رسول الله، وتسبيح الحصى في يده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
- إنِّي لأعرفُ حجرًا بمكَّةَ كان يسلِّمُ عليَّ قبل أنْ أُبعثَ . إنِّي لأعرفهُ الآن الراوي: جابر بن سمرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2277
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%84%D8%A3%D8%B9%D8%B1%D9%81+%D8%A D%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%8B+%D8%A8%D9%85%D9%83%D8%A9&st=a&xclude=)

- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ خطبَ إلى لزقِ جذعٍ واتَّخذوا لَهُ منبرًا ، فخطبَ علَيهِ فحنَّ الجذعُ حَنينَ النَّاقةِ ، فنزلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فمَسَّهُ فسَكَتَ الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3627-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AD%D9%86%D9%8A%D9%86+%D8%A7%D9%84 %D8%AC%D8%B0%D8%B9+%D8%A5%D9%84%D9%89&st=a&xclude=)

- إني انطلقتُ التمسُ رسولَ اللهِ في بَعضِ حوائطِ المدينةِ فإذا رسولُ اللهِ قاعدٌ فأقبل إليه أبو ذَرٍّ حتى سلم على النبيِّ قال أبو ذَرٍّ : وحَصَياتٌ موضوعةٌ بين يديه فأخذهن في يدِهِ فسَبَّحْنَ في يدِهِ ثم أخذهن فوضعهن على الأرضِ فَخَرَسْنَ ثم أخذهن فوضعهن في يدِ عُمَرَ فسَبَّحْنَ في يدِهِ ثم أخذهن فوضعهن في يَدِ عثمانَ فسَبَّحْنَ ثم أخذهن فوضعهن في الأرضِ فَخَرَسْنَ الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: تخريج كتاب السنة (http://dorar.net/book/13537?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1146-خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D8%B3%D8%A8%D8%AD%D9%86+%D9%81 %D9%8A+%D9%8A%D8%AF%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)



هنا (https://www.mosshaf.com/main)
" إسناد الإرادة ههنا إلى الجدار على سبيل الاستعارة فإن الإرادة في المحدثات بمعنى الميل والانقضاض هو السقوط"
ابن كثير (https://www.mosshaf.com/main)
- فإن قيل: هل للجدار إرادة؟
فالجواب: نعم له إرادة، فإن ميله يدل على إرادة السقوط، ولا تتعجب إن كان للجماد إرادة فها هو «أُحُد» قال عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم إنه: «يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ»
- خرَجتُ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى خَيبَرَ أخدِمُه ، فلما قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم راجعًا وبَدا له أُحُدٌ ، قال : ( هذا جبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه ) . ثم أشار بيدِه إلى المدينةِ ، قال : ( اللهمَّ إني أُحَرِّمُ ما بين لابتَيها ، كتحريمِ إبراهيمَ مكةَ ، اللهمَّ بارِكْ لنا في صاعِنا ومُدِّنا ) . الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2889- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D9%8F%D8%AD%D9%90%D8%A8%D9%91% D9%8F%D9%86%D9%8E%D8%A7%20%D9%88%D9%8E%D9%86%D9%8F %D8%AD%D9%90%D8%A8%D9%91%D9%8F%D9%87%D9%8F)

والمحبة وصف زائد على الإرادة، أما قول بعض الناس الذين يجيزون المجاز في القرآن: إنَّ هذا كناية وأنه ليس للجماد إرادة فلا وجه له.
{ {فَأَقَامَهُ} } أي أقامه الْخَضِرُ، لكن كيف أقامه؟ الله أعلم، قد يكون أقامه بيده، وأن الله أعطاه قوة فاستقام الجدار، وقد يكون بناه البناء المعتاد، المهم أنه أقامه، ولم يبين الله تعالى طول الجدار ولا مسافته ولا نوعه فلا حاجة أن نتكلف معرفة ذلك.
{ {قَالَ} } أي: موسى: { {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} } ولم ينكر عليه أن يبنيه ولا قال: كيف تبنيه وقد أبوا أن يضيفونا؟! بل قال: { {لَوْ شِئْتَ} } وهذا لا شك أنه أسلوب رقيق فيه عرض لطيف { {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} } أي عِوَضاً عن بنائه.
* * *

{{قَالَ هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا *}}.
قوله تعالى: { {قَالَ} } أي قال الْخَضِرُ لموسى: { {هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} } أي انتهى ما بيني وبينك فلا صحبة. { {سَأُنَبِّئُكَ} } أي سأخبرك عن قُربٍ قبل المفارقة { {بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} }، وإنما قلنا: «سأخبرك عن قرب» لأن السين تدل على القرب بخلاف سوف، وهي أيضاً تفيد مع القرب التحقيق.
{ {بِتَأْوِيلِ} } أي بتفسيره وبيان وجهه.
* * *


تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
02-07-2015, 03:10 AM
مجلس رقم 60


"أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا" *
الكهف 78.
قوله: " لِمَسَاكِينَ" اللام هنا للملكية، يعني مملوكة لهم، وقد حسمتْ هذه الآيةُ الخلافَ بين العلماء حول تعريف الفقير والمسكين، وأيهما أشدّ حاجة من الآخر، وعليها فالمسكين: هو مَنْ يملك شيئا لا يكفيه، كهؤلاء الذين كانوا يملكون سفينة تعمل في البحر، وسماهم القرآن مساكين، أما الفقير: فهو مَنْ لا يملك شيئاً.
وقوله: " فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا.." [ الكهف: 79] المتكلم هنا هو الخِضْر عليه السلام فنسب إرادة عَيْب السفينة إلى نفسه، ولم ينسبها إلى الله تعالى تنزيهاً له تعالى عَمَّا لا يليق، أما في الخير فنسب الأمر إلى الله فقال: " فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا.."الكهف: 82لذلك فإنه في نهاية القصة يُرجع كل ما فعله إلى الله فيقول: " وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي.." الكهف: 82
*وكلمة " وَرَآءَهُم" هنا بمعنى أمامهم؛ لأن هذا الظالم كان يترصَّد للسفن التي تمر عليه، فما وجدها صالحة غصبها، فهو في الحقيقة أمامهم، على حَدِّ قوله تعالى: " مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ ويسقى مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ" إبراهيم: 16 وهل جهنم وراءه أم أمامه؟
وتستعمل وراء بمعنى: بَعْد، كما في قوله تعالى: " فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" هود: 71
وتأتي وراء بمعنى: غير.
كما في قوله تعالى في صفات المؤمنين: " والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابتغى وَرَآءَ ذلك فأولئك هُمُ العادون" المؤمنون: 5 - 7
وفي قوله تعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ.." النساء: 23إلى.." وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذلكم.." النساء: 24
وقد تستعمل وراء بمعنى خلف، كما في قوله تعالى: " وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الذين أُوتُواْ الكتاب لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ.." آل عمران: 187
إذن: كلمة "وَرَاءَ" جاءتْ في القرآن على أربعة معَانٍ: أمام، خلف، بعد، غير.
وهذا مما يُميِّز العربية عن غيرها من اللغات، والملَكة العربية قادرة على أن تُميّز المعنى المناسب للسياق، فكلمة العَيْن مثلاً تأتي بمعنى العين الباصرة.
أو: عين الماء، أو: بمعنى الذهب والفضة، وبمعنى الجاسوس.
والسياق هو الذي يُحدد المعنى المراد.
هنا (https://www.mosshaf.com/main)

**قوله تعالى: «أَمَّا السَّفِينَةُ» «ال» في السفينة هي للعهد الذكري أي: السفينة التي خرقتها.
«فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ» أي: أنهم يطلبون الرزق فيها إما بتأجيرها، أو صيد السمك عليها، ونحوه وهم مساكين جمع، والجمع أقله ثلاثة، وليس ضرورياً أن نعرف عددهم.
«فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا» يعني أن أجعل فيها عيباً، لماذا؟ قال:
«وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا» فأردت أن أعيبها حتى إذا مرت بهذا الملك، قال: هذه سفينة معيبة لا حاجة لي فيها؛ لأنه لا يأخذ إلا السفن الصالحة الجيدة، أما هذه فلا حاجة له فيها، فصار فعل الخضر من باب دفع أشد الضررين بأخفهما، ومنه يؤخذ فائدة عظيمة وهي إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، والأطباء يعملون به، تجده يأخذ من الفخذ قطعة فيصلح بها عيباً في الوجه، أو في الرأس، أو ما شابه ذلك، وأخذ منه العلماء ـ رحمهم الله ـ أن الوقف إذا دَمَر وخرب فلا بأس أن يباع بعضه ويصرف ثمنه في إصلاح باقيه، ثم بين الخضر حال الغلام فقال:
«وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤُمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْرًا *».
قوله تعالى: «أَبَوَاهُ» أي: أبوه وأمه «مُؤُمِنَيْنِ» أي: وهو كافر.
«فَخَشِينَا» أي خفنا، والخشية في الأصل خوف مع علم، وأتي بضمير الجمع للتعظيم.
«أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْرًا» يعني يحملهما على الطغيان والكفر، إما من محبتهما إياه، أو لغير ذلك من الأسباب، وإلا فإن الغالب أن الوالد يؤثِّر على ولده ولكن قد يؤثر الولد على الوالد كما أن الغالب أن الزوج يؤثر على زوجته، ولكن قد تؤثر الزوجة على زوجها.
* * *

«فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا *».
قوله تعالى: يعني أنَّا إذا قتلناه؛ فإن الله خير وأبقى؛ نؤمل منه تعالى «أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً» أي في الدين، «وَأَقْرَبَ رُحْمًا» أي في الصلة، يعني أنه أراد أن الله يتفضل عليهما بمن هو أزكى منه في الدين، وأوصل في صلة الرحم، ويؤخذ من ذلك أنه يقتل الكافر خوفاً من أن ينشر كفره في الناس.
* * *


تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
"الغلامُ الذي قَتَلَهُ الخَضِرُ طُبِعَ يَومَ طُبِعَ كافِرًا ، و لو عاشَ لَأَرْهَقَ أبَويْهِ طُغيانًا و كَفَرَا"
الراوي: أبي بن كعب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4183
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%85% 20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%82%D8%AA%D9%84%D9 %87%20%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B6%D8%B1%20%D8%B7%D8%A 8%D8%B9)

لا يقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له "وقال تعالى " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ "البقرة216".
- عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ إِنَّ اللهَ تَعالَى لمْ يَقْضِ لهُ قَضَاءً إلَّا كان خيرًا لهُ
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3985- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D8%A7%D9%86+%D8%AE%D9%8A%D8%B1 %D9%8B%D8%A7+%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

الغلام: الولد الذي لم يبلغ الحُلُم وسِنّ التكليف، وما دام لم يُكلَّف فما يزال في سِنِّ الطهارة والبراءة من المعاصي؛ لذلك لما اعترض موسى على قتله قال: { أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً..» الكهف: 74 أي: طاهرة، ولا شكَّ أن أخْذ الغلام في هذه السِّنِّ خَيْر له ومصلحة قبل أنْ تلوّثه المعاصي، ويدخل دائرة الحساب.
إذن: فطهارته هي التي دعتْنَا إلى التعجيل بأخذه.
هذا عن الغلام، فماذا عن أبيه وأمه؟ يقول تعالى: " فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ.." الكهف: 80وكثيراً ما يكون الأولاد فتنة للآباء، كما قال تعالى: " ياأيها الذين آمنوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذروهم" التغابن: 14] والفتنة بالأولاد تأتي من حِرْص الآباء عليهم، والسعي إلى جعلهم في أحسن حال، وربما كانت الإمكانات غير كافية، فيُضطر الأب إلى الحرام من أجل أولاده.
وقد عَلِم الحق سبحانه وتعالى أن هذا الغلام سيكون فتنة لأبويه، وهما مؤمنان ولم يُرِد الله تعالى لهما الفتنة، وقضى أن يقبضهما إليه على حال الإيمان.
وكأن قضاء الله جاء خيراً للغلام وخيراً للوالدين، وجميلاً أُسْدِي إلى كليْهما، وحكمة بالغة تستتر وراء الحدَث الظاهر الذي اعترض عليه موسى عليه السلام.
هنا (https://www.mosshaf.com/main)

أم أبي التراب
02-15-2015, 07:01 AM
مجلس 61

"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا *".الكهف 82
قوله تعالى: "لِغُلاَمَيْنِ" يعني صغيرين.
"يَتِيمَيْنِ" قد مات أبوهما.
"فِي الْمَدِينَةِ" أي: القرية التي أتياها.
"وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا" أي: كان تحت الجدار مال مدفون لهما.
"وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا" فكان من شكر الله ـ عزّ وجل ـ لهذا الأب الصالح أن يكون رؤوفاً بأبنائه، وهذا من بركة الصلاح في الآباء أن يحفظ الله الأبناء.1
"فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا" أي: أراد الله عزّ وجل "أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا" أي: أن يبلغا ويكبرا حتى يصلا إلى سن الرشد، وهو أربعون سنة عند كثير من العلماء، وهنا ما قال «فأردنا» ولا قال «فأردت»، بل قال: «فَأَرَادَ رَبُّكَ»؛ لأن بقاء الغلامين حتى يبلغا أشدهما ليس للخضر فيه أي قدرة، لكن الخشية ـ خشية أن يرهق الغلام أبويه بالكفر ـ تقع من الخضر وكذلك إرادة عيب السفينة.
«وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا» حتى لا يبقى تحت الجدار، ولو أن الجدار انهدم لظهر الكنْز وأخذه الناس.
«رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» هذه مفعول لأجله، والعامل فيه أراد، يعني أراد الله ذلك رحمة منه جلَّ وعلا.
«وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» يعني ما فعلت هذا الشيء عن عقل مني أو ذكاء مني ولكنه بإلهام من الله ـ عزّ وجل ـ وتوفيق؛ لأن هذا الشيء فوق ما يدركه العقل البشري.
«ذَلِكَ تَأْوِيلُ» أي ذلك تفسيره الذي وعدتك به «سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ» الكهف: 78 . أي: تفسيره، ويحتمل أن يكون التأويل هنا في الثاني العاقبة، يعني ذلك عاقبة ما لم تستطع عليه صبراً؛ لأن التأويل يراد به العاقبة ويراد به التفسير.
«مَا لَمْ تَسْطِعْ» وفي الأول قال: «مَا لَمْ تَسْتَطِعْ» لأن «استطاع واسطاع ويستطيع ويسطيع» كل منها لغة عربية صحيحة.
وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره "تيسير الكريم الرحمن" فوائد جمة عظيمة في هذه القصة لا تجدها في كتاب آخر فينبغي لطالب العلم أن يراجعها لأنها مفيدة جداً.
وبهذا انتهت قصة موسى مع الخضر.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

لا يقضي الله لمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له "وقال تعالى " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ "البقرة216".
- عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ إِنَّ اللهَ تَعالَى لمْ يَقْضِ لهُ قَضَاءً إلَّا كان خيرًا لهُ
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3985- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D8%A7%D9%86+%D8%AE%D9%8A%D8%B1 %D9%8B%D8%A7+%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

*تعلق بعض الجهال بما جرى لموسى مع الخضر عليهما السلام على أن الخضر أفضل من موسى وطرَّدوا الحكم ، وقالوا : قد يكون بعض الأولياء أفضل من آحاد الأنبياء .
*
هنا (https://www.mosshaf.com/main)

1"وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً "النساء 9
ولْيَخَفِ الذين لو ماتوا وتركوا من خلفهم أبناء صغارًا ضعافًا خافوا عليهم الظلم والضياع, فليراقبوا الله فيمن تحت أيديهم من اليتامى وغيرهم, وذلك بحفظ أموالهم, وحسن تربيتهم, ودَفْع الأذى عنهم, وليقولوا لهم قولا موافقا للعدل والمعروف.
التفسير الميسر

"لِغُلاَمَيْنِ" أي: لم يبلغا سِنَّ الرشْد، وفوق ذلك هما يتيمان.
وكان تحت هذا الجدار المائل كَنْز لهذين الغلامين الغير قادرين على تدبير شأنهما، ولك أنْ تتصوّر ما يحدث لو تهدَّم الجدار، وانكشف هذا الكنز، ولمع ذهبه أمام عيون هؤلاء القوم الذين عرفت صفاتهم، وقد منعوهما الطعام بل ومجرد المأْوى، إنَّ أقل ما يُوصفون به أنهم لِئَام لا يُؤتمنون على شيء.
ولقد تعوَّدنا أن نعبر عن شدة الضياع بقولنا: ضياع الأيتام على موائد اللئام.
إذن: فلا شَكَّ أن ما قام به العبد الصالح من بناء الجدار وإقامته أو ترميمه يُعَدُ بمثابة صَفْعة لهؤلاء اللئام تناسب ما قابلوهم به من تنكُّر وسوء استقبال، وترد لهم الصَّاع صاعين حين حرمهم الخضر من هذا الكنز.
فعلَّة إصلاح الجدار ما كان تحته من مال يجب أنْ يحفظ لحين أنْ يكبُرَ هذان الغلامان ويتمكنا من حفظه وحمايته في قرية من اللئام.
وكأن الحق سبحانه وتعالى أرسله لهذين الغلامين في هذا الوقت بالذات، حيث أخذ الجدار في التصدُّع، وظهرت عليه علامات الانهيار ليقوم بإصلاحه قبل أنْ يقع وينكشف أمر الكنز وصاحبيه في حال الضعف وعدم القدرة على حمايته.
ثم إن العبد الصالح أصلح الجدار ورَدَّه إلى ما كان عليه رَدَّ مَنْ علَّمه الله من لَدُنْه، فيقال: إنه بنَاهُ بناءً موقوتاً يتناسب وعُمْرَ الغلامين، وكأنه بناه على عمر افتراضي ينتهي ببلوغ الغلامين سِنَّ الرشْد والقدرة على حماية الكنز فينهار.
وهذه في الواقع عملية دقيقة لا يقدر على حسابها إلا مَنْ أُوتِي علماً خاصاً من الله تعالى.
ويبدو من سياق الآية أنهما كانا في سِنٍّ واحدة توأمين لقوله تعالى: " فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا.." الكهف: 82أي: سوياً، ومعنى الأشُدّ: أي القوة، حيث تكتمل أجهزة الجسم وتستوي، وأجهزة الجسم تكتمل حينما يصبح المرء قادراً على إنجاب مثله.
وتلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قال هنا: " يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا.." الكهف: 82 ولم يقُلْ رُشْدهما، لأنْ هناك فرْقاً بين الرُّشْد والأَشُدّ فالرُّشْد: حُسْن التصرُّف في الأمور، أما الأشُدَّ: فهو القوة، والغلامان هنا في حاجة إلى القوة التي تحمي كَنْزهما من هؤلاء اللئام فناسب هنا " أَشُدَّهُمَا.." الكهف: 82ثم يقول تعالى: " وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ.." الكهف: 82 أي: يستخرجاه بما لديهما من القوة والفُتوَّة.
والرحمة: صفة تُعطَى للمرحوم لتمنعه من الداء، كما في قوله تعالى: " وَنُنَزِّلُمِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ."الإسراء: 82 فقوله: شفاء: أي: يشفي داءً موجوداً ويُبرِئه.
ورحمة: أي رحمة تمنع عودة الداء مرة أخرى.
وكذلك ما حدث لهذين الغلامين، كان رحمة من الله لحماية مالهما وحِفْظ حقِّهما، ثم لم يَفُتْ العبد الصالح أنْ يُرجِع الفضل لأهله، وينفي عن نفسه الغرور بالعلم والاستعلاء على صاحبه، فيقول: " وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي"الكهف:82 أي: أن ما حدث كان بأمر الله، وما علَّمتك إياه كان من عند الله، فليس لي مَيْزة عليك، وهذا درس في أَدب التواضع ومعرفة الفضْل لأهله.
ثم يقول: " ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً" الكهف: 82 تأويل: أي إرجاع الأمر إلى حقيقته، وتفسير ما أشكل منه.
من تفسير السعدي:
وفي هذه القصة العجيبة الجليلة، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله.
فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.

ومنها: جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤن، وطلب الراحة، كما فعل موسى.

ومنها: أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: " لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ْ"
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة.

ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: " وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ْ"
ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا، لقول موسى: " لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ْ"
ومنها: استحباب كون خادم الإنسان، ذكيا فطنا كيسا، ليتم له أمره الذي يريده.

ومنها: استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا، لأن ظاهر قوله: " آتِنَا غَدَاءَنَا ْ" إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعا.

ومنها: أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله، يعان ما لا يعان غيره لقوله: " لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ْ" والإشارة إلى السفر المجاوز، لمجمع البحرين، وأما الأول، فلم يشتك منه التعب، مع طوله، لأنه هو السفرعلى الحقيقة.
وأما الأخير، فالظاهر أنه بعض يوم، لأنهم فقدوا الحوت حين أووا إلى الصخرة، فالظاهر أنهم باتوا عندها، ثم ساروا من الغد، حتى إذا جاء وقت الغداء قال موسى لفتاه " آتِنَا غَدَاءَنَا ْ" فحينئذ تذكر أنه نسيه في الموضع الذي إليه منتهى قصده.

ومنها: أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبيا، بل عبدا صالحا، لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبيا، لذكر ذلك كما ذكره غيره.

وأما قوله في آخر القصة: " وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ْ" فإنه لا يدل على أنه نبي وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغير الأنبياء، كما قال تعالى " وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ْ" " وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ْ"
ومنها: أن العلم الذي يعلمه الله لعباده نوعان:
علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده.
ونوع علم لَدُنِّي، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله " وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ْ"
ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
" هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ" فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.

ومنها تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر.

ومنها: تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.

فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه.

فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها.

ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: " تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ْ" أي: مما علمك الله تعالى.

ومنها: أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: " أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ"
ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه.

ومنها: أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علما وخبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: " وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ْ" فجعل الموجب لعدم صبره، وعدم إحاطته خبرا بالأمر.

ومنها: الأمر بالتأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود.

ومنها: تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول " إِنْ شَاءَ اللَّهُ ْ"
ومنها: أن العزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال:
" سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ْ" فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل.

ومنها: أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها، أو لا يدركها ذهنه، أو يسأل سؤالا، لا يتعلق في موضع البحث.

ومنها: جواز ركوب البحر، في غير الحالة التي يخاف منها.

ومنها: أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله: " لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ْ"
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم، العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر.

ومنها: أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام، أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها، أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبر، وعدم المبادرة إلى الإنكار.

ومنها: القاعدة الكبيرة الجليلة وهو أنه " يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير " ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها، داخل في هذا.

ومنها: القاعدة الكبيرة أيضا وهي أن " عمل الإنسان في مال غيره، إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير " كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم.
فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان بل شرع له ذلك، حفظا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن.

ومنها: أن العمل يجوز في البحر، كما يجوز في البر لقوله: " يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ْ" ولم ينكر عليهم عملهم.

ومنها: أن المسكين قد يكون له مال لا يبلغ كفايته، ولا يخرج بذلك عن اسم المسكنة، لأن الله أخبر أن هؤلاء المساكين، لهم سفينة.

ومنها: أن القتل من أكبر الذنوب لقوله في قتل الغلام " لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ْ"
ومنها: أن القتل قصاصا غير منكر لقوله " بِغَيْرِ نَفْسٍ ْ"
ومنها: أن العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته.

ومنها: أن خدمة الصالحين، أو من يتعلق بهم، أفضل من غيرها، لأنه علل استخراج كنزهما، وإقامة جدارهما، أن أباهما صالح.

ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله " فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا ْ" وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: " فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ْ" كما قال إبراهيم عليه السلام " وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ْ" وقالت الجن: " وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ْ" مع أن الكل بقضاء الله وقدره.

ومنها: أنه ينبغي للصاحب أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال، ويترك صحبته، حتى يعتبه، ويعذر منه، كما فعل الخضر مع موسى.

ومنها: أن موافقة الصاحب لصاحبه، في غير الأمور المحذورة، مدعاة وسبب لبقاء الصحبة وتأكدها، كما أن عدم الموافقة سبب لقطع المرافقة.

ومنها: أن هذه القضايا التي أجراها الخضر هي قدر محض أجراها الله وجعلها على يد هذا العبد الصالح، ليستدل العباد بذلك على ألطافه في أقضيته، وأنه يقدر على العبد أمورا يكرهها جدا، وهي صلاح دينه، كما في قضية الغلام، أو وهي صلاح دنياه كما في قضية السفينة، فأراهم نموذجا من لطفه وكرمه، ليعرفوا ويرضوا غاية الرضا بأقداره المكروهة.
تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)

- " اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، وما هن ؟ قال : الشركُ باللهِ ، والسحرُ ، وقتلُ النفسِ التي حرّم اللهُ إلا بالحقِّ ، وأكلُ الربا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتولي يومَ الزحفِ ، وقذفُ المحصناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6857-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

أم أبي التراب
02-20-2015, 06:33 AM
مجلس 62

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
قال تعالى : "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا *" الكهف: 83.
قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ" سواء من يهود أو من قريش أو من غيرهم.
"عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ" أي: صاحب القرنين، وكان له ذكر في التاريخ، وقد قال اليهود لقريش: اسألوا محمداً عن هذا الرجل؛ فإن أخبركم عنه فهو نبي، ولماذا سمي بذي القرنين؟ قيل: معناه ذي الملك الواسع من المشرق والمغرب، فإن المشرق قرن والمغرب قرن، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم عن المشرق: «حيث يطلع قرن الشيطان» 1، فيكون هذا كناية عن سعة ملكه، وقيل: ذي القرنين لقوته، ولذلك يعرف أن الفحل من الضأن الذي له قرون يكون أشد وأقوى، وقيل: لأنه كان على رأسه قرنان كتاج الملوك، والحقيقة أن القرآن العظيم لم يبين سبب تسميته بذي القرنين، لكن أقرب ما يكون للقرآن العظيم «المالك للمشرق والمغرب»، وهو مناسب تماماً؛ حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الشمس إنها: «تطلع بين قرني شيطان» .
{ {قُلْ} } لمن سألك: { {سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} } وليس كل ذكره بل ذكراً منه، ثم قصَّ الله القصة:
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
1 إذا طلَع حاجبُ الشمسِ فدَعوا الصلاةَ حتى تَبرُزَ ، وإذا غاب حاجبُ الشمسِ فدَعوا الصلاةَ حتى تَغيبَ ، ولا تَحَيَّنوا بصلاتِكم طُلوعَ الشمسِ ولا غُروبَها ، فإنها تَطلُعُ بينَ قرني شيطانٍ ، أوِ الشيطانِ . لا أدري أيَّ ذلك قال هشامٌ .
الراوي: عبدالله بن عمر- المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3272 - خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%B9+%D8%A8%D9%8A %D9%86+%D9%82%D8%B1%D9%86%D9%8A+%D8%B4%D9%8A%D8%B7 %D8%A7%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
-
ذكَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : " اللهمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ، اللهمَّ بارِكْ لنا في يَمَنِنا " . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، وفي نَجدِنا ؟ قال : " اللهمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ، اللهمَّ بارِكْ لنا في يَمَنِنا " . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، وفي نَجدِنا ؟ فأظنُّه قال في الثالثةِ : " هناك الزلازِلُ والفِتَنُ ، وبها يَطلُعُ قرنُ الشيطانِ " .
الراوي: عبدالله بن عمر- المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7094- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%82%D8%B1%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8% B4%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86)

قال الإمام الخطابي (ت : 388) كما حكى عنه الحافظ ابن حجر (13/47) : نجد من جهة المشرق ، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها ، وهي مشرق أهل المدينة .ا.هـ.هنا
(http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=202788)
وقال القرطبي في شرح مسلم في تعليقه على الحديث
وقيل : المرادُ بهذا الحديث : ما ظهَرَ بالعراق من الفتنِ العظيمة ، والحروبِ الهائلة ؛ كوقعةِ الجَمَل ، وحروبِ صِفِّين ، وحَرُورَاء ، وفِتَنِ بني أميَّة ، وخُرُوجِ الخوارج ؛ فإنَّ ذلك كان أصلُهُ ، ومنبعُهُ العراقَ ومَشْرِقَ نَجْد ، وتلك مساكنُ ربيعةَ ومُضَرَ إذْ ذاك ، والله أعلم.هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=202788)

وقال الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - في تخريجه لكتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي (ص26) : فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم ، وإنما هو العراق ، وبذلك فسره الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني ... وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام ، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق ... فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته .ا.هـ.هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=202788)
-فالمراد بنجد: هو جهة العراق، وهذا لا يعني ذماً لتلك الجهة مطلقاً، ولا ذما لكل من سكنها، بل إن من كان من أهلها وصبر على ما يحصل فيها من ابتلاء، ونجاه الله تعالى من الفتن التي تحصل فيها، فهو من خير الناس، إن شاء الله تعالى.
وإن أعلام الأمة من مقرئين ومحدثين وفقهاء وزهاد وأئمة في كل فن وكل باب من البر من تلك البلاد لا يحصون كثرة، ولله الحمد.

هنا (http://fatwa.islamweb.net/Fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=11456)
"إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا "

قوله تعالى: { {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ} } وذلك بثبوت ملكه وسهولة سيره وقوته.
{ {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} } أي شيئاً يتوصل به إلى مقصوده، وقوله: { {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} } لا يعم كل شيء؛ لكن المراد من كل شيء يحتاج إليه في قوة السلطان، والتمكين في الأرض، والدليل على هذا أن «كل شيء» بحسب ما تضاف إليه، فإن الهدهد قال لسليمان عليه السلام عن ملكة اليمن سبأ: {{وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}} [النمل: 23] ، ومعلوم أنها لم تؤت ملك السموات والأرض، لكن من كل شيء يكون به تمام الملك، كذلك قال الله تعالى عن ريح عاد: {{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}} [الأحقاف: 25] ، ومعلوم أنها ما دَمَّرت كل شيء، فالمساكن ما دُمِّرت كما قال تعالى: {{فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ}} [الأحقاف: 25] .
* * *

{{فَأَتْبَعَ سَبَبًا *}}.
قوله تعالى: { {فَأَتْبَعَ سَبَبًا *} } أي: تبع السبب الموصل لمقصوده فإنه كان حازماً، انتفع بما أعطاه الله تعالى من الأسباب؛ لأن من الناس من ينتفع، ومن الناس من لا ينتفع، ولكن هذا الملك انتفع { {فَأَتْبَعَ سَبَبًا *} } وجال في الأرض.
* * *

أم أبي التراب
02-26-2015, 03:56 AM
مجلس 63
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا ياذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً *" الكهف 86
من تفسير السعدي :
وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا، لا يسعنا غير السكوت عنها، وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للإسرائيليات ونحوها، ولكننا نعلم بالجملة أنها أسباب قوية كثيرة، داخلية وخارجية، بها صار له جند عظيم، ذو عَدد وعُدد ونظام، وبه تمكن من قهر الأعداء، ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنحائها، فأعطاه الله، ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي: سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع، ووجد عندها، أي: عند مغربها قوما. هنا (https://www.mosshaf.com/main)
قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ" من المعلوم أن المراد هو المكان الذي تغرب الشمس فيه، وهو البحر؛ لأن السائر إلى المغرب سوف يصطدم بالبحر والشمس إذا رآها الرائي وجدها تغرب فيه.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
وبلوغه مغرب الشمس دليل على أنه لم يكُنْ بهذا المكان، بل كان قادماً إليه من المشرق.
ومعنى " مَغْرِبَ الشمس" هل الشمس تغرب؟ هي تغرب في عين الرائي في مكان واحد، فلو لاحظتَ الشمس ساعة الغروب لوجدتها تغربُ مثلاً في الجيزة، فإذا ذهبت إلى الجيزة وجدتها تغرب في مكان آخر وهكذا، إذن: غروبها بمعنى غيابها من مرأىَ عينك أنت؛ لأن الشمس لا تغيب أبداً، فهي دائماً شارقة غاربة، بمعنى أنها حين تغرب على قوم تشرق على آخرين؛ لذلك تتعدد المشارق والمغارب.
وهذه أعطتنا دوام ذكر الله ودورانه على الألسنة في كل الأوقات،فحين نصلي نحن الظهر مثلاً يصلي غيرنا العصر، ويصلي غيرهم المغرب، وهكذا فالحق سبحانه مذكور في كل وقت بكل وقت، فلا ينتهي الظهر لله، ولا ينتهي العصر لله، ولا ينتهي المغرب لله، بل لا ينتهي الإعلام بواحدة منها طوال الوقت، وعلى مَرِّ الزمن؛ لذلك يقول أهل المعرفة: يا زمن وفيك كل الزمن.ثم يقول تعالى: " وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ.." الكهف: 86 أي: في عين فيها ماء.
وقلنا: إن الحمأ المسنون هو الطين الذي اسودّ لكثرة وجوده في الماء.
وقوله: " وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً.." الكهف: 86 أي: عند هذه العين
هنا (https://www.mosshaf.com/main)
وقوله : "قُلْنَا ياذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ "يقول : إما أن تقتلهم إن هم لم يدخلوا - ص: 98 - في الإقرار بتوحيد الله ، ويذعنوا لك بما تدعوهم إليه من طاعة ربهم "وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً"يقول : وإما أن تأسرهم فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد تفسير الطبري (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3136&idto=3136&bk_no=50&ID=3155)
إذن: فهذا تفويض له من الله، ولا يُفوَّض إلا المأمون على التصرُّف " إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ.." الكهف: 86 ولا بُدّ أنهم كانوا كفرة أو وثنيين لا يؤمنون بإله، فإما أنْ تأخذهم بكفرهم، وإما أن تتخذَ فيهم حُسْناً.
لكن ما وجه الحُسْن الذي يريد الله أن يتخذه؟ يعني أنهم قد يكونون من أهل الغفلة الذين لم تصلهم الدعوة، فبيّن لهم وجه الصواب ودلّهم على دين الله، فَمنْ آمن منهم فأحسن إليه، ومَنْ أصرّ على كُفْرِه فعذّبه، إذن: عليك أن تأخذهم أولاً بالعِظَة الحسنة والبيان الواضح، ثم تحكم بعد ذلك على تصرفاتهم.هنا (https://www.mosshaf.com/main)
" قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ْ" أي: إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر ونحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك. هنا (https://www.mosshaf.com/main)
فقال: سأجعلهم قسمين:
" أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ْ" بالكفر " فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ْ" أي: تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة.هنا (https://www.mosshaf.com/main)
نُكْرًا: ْمنكرًا فظيعًا هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%B9%D8%B0%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D9%86%D9%83%D8%B1% D8%A7/)
( ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ) يقول: ثم يرجع إلى الله تعالى بعد قتله، فيعذبه عذابا عظيمًا، وهو النكر، وذلك عذاب جهنم.تفسير الطبري (http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/tabary/sura18-aya87.html) هنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=3136&idto=3136&bk_no=50&ID=3155)
" وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ْ" أي: فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة، "وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ْ" أي: وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.تفسير السعدي هنا (https://www.mosshaf.com/main)
من تفسير العثيمين:
"قُلْنَا ياذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً"تابع آية 86 يعني أن الله خيره بين أن يعذبهم بالقتل أو بغير القتل أو يحسن إليهم؛ وذلك لأن ذي القرنين ملك عاقل، ملك عادل، ويدل لعقله ودينه أنه:
"قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا *وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا *".
حكمٌ عدل: "أَمَّا مَنْ ظَلَمَ" وذلك بالشرك لأن الظلم يطلق على الشرك وعلى غيره، لكن الظاهر، والله أعلم، هنا أن المراد به الشرك لأنه قال: "وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى".
يقول: "أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ" العذاب الذي يكون تعزيراً، وعذاب التعزير يرجع إلى رأي الحاكم، إما بالقتل أو بغيره.
"ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا" لأن العقوبات لا تطهر الكافرين، فالمسلم تطهره العقوبات، أما الكافر فلا، فإنه يعذب في الدنيا وفي الآخرة، نعوذ بالله من ذلك.
قوله" نُكْرًا" ينكره المُعَذَّب بفتح الذال، ولكنه بالنسبة لله تعالى ليس بنُكر، بل هو حق وعدل، لكنه ينكره المُعَذَّب ويرى أنه شديد.
"وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا *" المؤمن العامل للصالحات له جزاء عند الله { {الْحُسْنَى} } وهي الجنة كما قال تعالى: "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ" يونس: 26 ، فسرها النبي صلّى الله عليه وسلّم بأن: "الْحُسْنَى" هي الجنة. والزيادة هي النظر إلى وجه الله .
"وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا" أي سنقول له قولاً يسراً لا صعوبة فيه، فوعد الظالم بأمرين: أنه يعذبه، وأنه يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً، والمؤمن وعده بأمرين: بأن له "الْحُسْنَى" وأنه يعامله بما فيه اليسر والسهولة، لكن تأمل في حال المشرك بدأ بتعذيبه ثم ثنى بتعذيب الله، والمؤمن بدأ بثواب الله أولاً ثم بالمعاملة باليسر ثانياً، والفرق ظاهر لأن مقصود المؤمن الوصول إلى الجنة، والوصول إلى الجنة لا شك أنه أفضل وأحب إليه من أن يقال له قول يُسر، وأما الكافر فعذاب الدنيا سابق على عذاب الآخرة وأيسر منه فبدأ به، وأيضاً فالكافر يخاف من عذاب الدنيا أكثر من عذاب الآخرة؛ لأنه لا يؤمن بالثاني.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
03-01-2015, 04:19 PM
مجلس 64
"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا *89 "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا *".90
"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا":
أي لما وصل إلى مغرب الشمس كر راجعًا، قاصدًا مطلعها، متبعًا للأسباب، التي أعطاه اللهُ، فوصل إلى مطلع الشمس
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ"

تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
قوله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ" أي: موضع طلوعها، أتبع أولاً السبب إلى المغرب ووصل إلى نهاية الأرض اليابسة مما يمكنه أن يصل إليه ثم عاد إلى المشرق، لأن عمارة الأرض تكون نحو المشرق والمغرب، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله زَوَى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها»1
1 -" إنَّ اللهَ زوى لي الأرضَ . فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها . وإنَّ أُمتي سيبلغُ ملكُها ما زُوىَ لي مِنها . وأعطيتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ . وإنِّي سألتُ ربِّي لأُمتي أنْ لا يُهلكَها بسنةٍ عامةٍ . وأنْ لا يُسلطَ عليهِمْ عدوًا مِنْ سِوَى أنفسِهمْ . فيستبيحَ بيضتَهُمْ . وإنَّ ربِّي قال : يا محمدُ ! إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنهُ لا يردُّ . وإنِّي أعطيتُكَ لأُمتِكَ أنْ لا أُهلكَهُمْ بسنةٍ عامةٍ . وأنْ لا أُسلطَ عليهِمْ عدوًا مِنْ سِوَى أنفسِهمْ . يستبيحُ بيضتَهُمْ . ولوْ اجتمعَ عليهِمْ مَنْ بأقطارِها - أوْ قال منْ بينَ أقطارِها - حتى يكونَ بعضُهمْ يُهلكُ بعضًا ، ويَسبي بعضُهمْ بعضًا"الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 2889 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D8%B1%D8%A3%D9%8A%D8%AA+%D9%85 %D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%82%D9%87%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

- فرأيت مشارقها ومغاربها - دون الشمال والجنوب لأن الشمال والجنوب أقصاه من الشمال، وأقصاه من الجنوب كله ثلج ليس فيه سكان، فالسكان يتبعون الشمس من المشرق إلى المغرب، أو من المغرب إلى المشرق.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
قوله تعالى: { مَطْلِعَ الشمس..} [ الكهف: 90] كما قلنا في مغربها، فهي دائماً طالعة؛ لأنها لا تطلع من مكان واحد، بل كل واحد له مطلع، وكل واحد له مغْرب حسب اتساع الأفق.هنا (https://www.mosshaf.com/main)

"وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا" وجدها تطلع على قوم ليس عندهم بناء، ولا أشجار ظليلة ولا دور ولا قصور، وبعض العلماء بالغ حتى قال: وليس عليهم ثياب، لأن الثياب فيها نوع من الستر. المهم أن الشمس تحرقهم.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
السِّتْر: هو الحاجز بين شيئين، وهو إما ليقينيَ الحر أو ليقينيَ البرد، فقد ذهب ذو القرنين إلى قوم من المتبدين الذين يعيشون عراة كبعض القبائل في وسط أفريقيا مثلاً، أو ليس عندهم ما يسترهم من الشمس مثل البيوت يسكنونها، أو الأشجار يستظِلّون بها.
وهؤلاء قوم نسميهم «ضاحون» أي: ليس لهم ما يأويهم من حَرِّ الصيف أو بَرد الشتاء، وهم أُنَاسٌ متأخرون بدائيون غير متحضرين.
ومثل هؤلاء يعطيهم الله تعالى في جلودهم ما يُعوِّضهم عن هذه الأشياء التي يفتقدونها، فترى في جلودهم ما يمنحهم الدفء في الشتاء والبرودة في الصيف.
وهذا نلاحظه في البيئات العادية، حيث وَجْه الإنسان وهو مكشوف للحر وللبرد، ولتقلبات الجو، لذلك جعله الله على طبيعة معينة تتحمل هذه التقلبات، على خلاف باقي الجسم المستور بالملابس، فإذا انكشف منه جزء كان شديدَ الحساسية للحرِّ أو للبرد، وكذلك من الحيوانات ما منحها الله خاصية في جلودها تستطيع أنْ تعيش في القطب المتجمد دون أن تتأثر ببرودته.
وهؤلاء البدائيون يعيشون هكذا، ويتكيفون مع بيئتهم، وتشغلهم مسألة الملابس هذه، ولا يفكرون فيها، حتى يذهب إليهم المتحضرون ويروْنَ الملابس، وكيف أنها زينة وسَتْر للعورة فيستخدمونها.
ونلاحظ هنا أن القرآن لم يذكر لنا عن هؤلاء القوم شيئاً وماذا فعل ذو القرنين معهم، وإنْ قِسْنا الأمر على القوم السابقين الذين قابلهم عند مغرب الشمس نقول: ربما حضَّرهم ووفَّر لهم أسباب الرُّقي.
وبعض المفسرين يروْنَ أن ذا القرنين ذهب إلى موضعٍ يومُه ثلاثة أشهر، أو نهاره ستة أشهر، فصادف وصوله وجود الشمس فلم يَرَ لها غروباً في هذا المكان طيلة وجوده به، ولم يَرَ لها سِتْراً يسترها عنهم، ويبدو أنه ذهب في أقصى الشمال.هنا (https://www.mosshaf.com/main)
* * *

"كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا *91".
قوله تعالى: "كَذَلِكَ" يعني الأمر كذلك على حقيقته.
"وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا" أي قد علمنا علم اليقين بما عنده من وسائل الملك وامتداده، أي: بكل ما لديه من ذلك.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
"كَذَلِكَ": يعني ذهب كذلك، كما ذهب للمغرب ذهب للمشرق. هنا (https://www.mosshaf.com/main)
وقال ابن عطية : "كَذَلِكَ " معناه فعل معهم كفعله مع الأولين أهل المغرب ، وأخبر بقوله "كَذَلِكَ " ثم أخبر تعالى عن إحاطته بجميع ما لدى ذي القرنين وما تصرّف فيه من أفعاله ، ويحتمل أن يكون "كَذَلِكَ " استئناف قول ولا يكون راجعاً على الطائفة الأولى فتأمله ، والأول أصوب انتهى . وإذا كان مستأنفاً لا تعلق له بما قبله فيحتاج إلى تقدير يتم به كلاماً . هنا (https://www.mosshaf.com/main)
* * *

"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا *92حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً *".93
قوله تعالى: "أَتْبَعَ سَبَبًا" يعني سار واتخذ سبباً يصل به إلى مراده.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

قال المفسرون: ذهب متوجها من المشرق، قاصدا للشمال، فوصل إلى ما بين السدين،
تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)

حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً *".93
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ" السدين هما جبلان عظيمان يحولان بين الجهة الشرقية من شرق آسية، والجهة الغربية، وهما جبلان عظيمان بينهما منفذ ينفذ منه الناس.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
"حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ"
وهما سدان، كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان، سدا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وجد من دون السدين قوما، لا يكادون يفقهون قولا تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
"وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا"أي: لا بينهما ولا وراءهما.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

"قَوْمًا" قيل: إنهم الأتراك.
"لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً" فيها قراءتان: «لاَّ يَكَادُونَ يُفْقِهُونَ قَوْلاً» و«لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً» والفرق بينهما ظاهر: لا "يَفْقَهُونَ" يعني هم، لا «يُفْقِهُونَ» أي: غيرهم، يعني هم لا يعرفون لغة الناس، والناس لا يعرفون لغتهم، هذه فائدة القراءتين، وكلتاهما صحيحة، وكل واحدة تحمل معنىً غير معنى القراءة الأخرى، لكن بازدواجهما نعرف أن هؤلاء القوم لا يعرفون لغة الناس، والناس لا يعرفون لغتهم.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

"لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً" :قوما، لا يكادون يفقهون قولا، لعجمة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم وقلوبهم، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم وفقههم، وراجعهم، وراجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)

أم أبي التراب
03-13-2015, 06:06 AM
مجلس 65
"قَالُوا يَـاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا*" الكهف
قوله تعالى: { {قَالُوا ياذَا الْقَرْنَيْنِ} } وحينئذٍ يقع إشكال كيف يكونوا { {لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً} } ثم ينقل عنهم أنهم خاطبوا ذا القرنين بخطاب واضح فصيح: { {قَالُوا ياذَا الْقَرْنَيْنِ} }؟
والجواب عن هذا سهل جداً، وهو أن ذا القرنين أعطاه الله تعالى ملكاً عظيماً، وعنده من المترجمين ما يُعرف به ما يريد، وما يَعرف به ما يريد غيره، على أنه قد يكون الله ـ عزّ وجل ـ قد ألهمه لغة الناس الذين استولى عليهم كلِّهم، المهم أنهم خاطبوا ذا القرنين بخطاب واضح { {قَالُوا ياذَا الْقَرْنَيْنِ} }، نادَوه بلقبه تعظيماً له.
{ {إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} } يأجوج ومأجوج هاتان قبيلتان من بني آدم كما صح ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما حدَّث الصحابة بأن الله ـ عزّ وجل ـ يأمر آدم يوم القيامة فيقول:
«يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِير، وَتَضَعُ كُلّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ الله شَدِيد» [فاشتد ذلك عليهم] قالوا: يا رسول الله، وأيُّنا ذلك الواحد؟ قال: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُم رَجُلٌ وَمِنْ يَأْجُوج ومَأْجُوج أَلْفٌ». ثم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ...» إلخ الحديث[(48)].
وبهذا نعرف خطأ من قال: إنهم ليسوا على شكل الآدميين وأن بعضهم في غاية ما يكون من القِصَر، وبعضهم في غاية ما يكون من الطول، وأن بعضهم له أذن يفترشها، وأذن يلتحف بها وما أشبه ذلك، كل هذا من خرافات بني إسرائيل، ولا يجوز أن نصدقه، بل يقال: إنهم من بني آدم، لكن قد يختلفون كما يختلف الناس في البيئات، فتجد أهل خط الاستواء بيئتهم غير بيئة الشماليين، فكل له بيئة، الشرقيون الآن يختلفون عن أهل وسط الكرة الأرضية، فهذا ربما يختلفون فيه، أما أن يختلفوا اختلافاً فادحاً كما يذكر، فهذا ليس بصحيح.
{ {مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} } الإفساد في الأرض يعم كل ما كان غير صالح، وغير أصلح، يفسدونها في القتل، وفي النهب، وفي الانحراف، وفي الشرك، وفي كل شيء، المهم أنهم يحتاجون إلى أحد يحميهم من هؤلاء.
{ {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} } يعني حاجزاً يمنع من حضورهم إلينا، فعرضوا عليه أن يعطوه شيئاً، وهذا اجتهاد في غير محله، لكنهم خافوا أن يقول لا، ولا يمكنهم بعد ذلك، وإلاَّ هذا الاجتهاد: كيف يقولون لهذا الملك الذي فتح مشارق الأرض ومغاربها: { {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} } هذا لا يقال إلاَّ لشخصٍ لا يستطيع. لكنهم قالوا ذلك خوفاً من أن يرد طلبهم، يريدون أن يقيموا عليه الحجة بأنهم أرادوا أن يعطوه شيئاً يحميهم به من هؤلاء، قال في الجواب:
{{مَا مَكَّنْنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}}.
قوله تعالى: { {قَالَ مَا مَكَّنْنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} } { {مَا} } مبتدأ و{ {مَا} } خبر المبتدأ، يعني الذي مكَّني فيه ربي من الملك والمال والخدم، وكل شيء، خير من هذا الخرج الذي تعرضونه عليَّ، وهذا كقول سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ في هدية ملكة سبأ، قال: { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } [النمل: 36] وهذا من اعتراف الإنسان بنعم ربه ـ عزّ وجل ـ التي لا يحتاج معها إلى أحد.
{ {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} } أي: بقوة بدنية لا بقوة مالية؛ لأنه عنده من الأموال الشيء العظيم.
{ {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} } يعني أكبر مما سألوا، هم سألوا سداً، ولكنه قال ردماً، يعني أشد من السد، فطلب منهم:
{{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *}}.
قوله تعالى: { {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} } الزُّبَر يعني القطع من الحديد، فجمعوا الحديد وجعلوه يساوي الجبال، وهذا يدل على القوة العظيمة في ذلك الوقت، يعني أرتال من الحديد، تجمع حتى تساوي الجبال الشاهقة العظيمة.
{ {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} } يعني جانبي الجبلين { {قَالَ انْفُخُوا} } يعني انفخوا على هذا الحديد، وليس المراد بأفواهكم؛ لأن هذا لا يمكن، ولكن انفخوا بالآلات والمعدات التي عنده؛ لأن الله أعطاه ملكاً عظيماً، فنفخوا { {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} } والحديد معروف أنه إذا أوقد عليه في النار يكون ناراً، تكون القطعة كأنها جمرة، بل هي أشد من الجمرة، ثم طلب أن يؤتوه قطراً يفرغه عليه، والقطر هو النحاس المذاب كما قال الله تعالى: {{وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ}} [سبأ: 12] ، يعني النحاس أرسله الله تعالى لسليمان، بدل ما كان معدناً قاسياً يحتاج إلى إخراج بالمعاول ثم صَهْر بالنار، أسال الله له عين القطر كأنها ماء ـ سبحان الله ـ.
قال ذو القرنين: { {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} } فأفرغ عليه القطر ـ النحاس ـ فاشتبك النحاس مع قطع الحديد فكان قوياً.
{{فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا *}}.
قوله تعالى: { {فَمَا اسْطَاعُوا} } و«ما استطاعوا» معناهما واحد، وسبق في قصة موسى مع الخضر {{مَا لَمْ تَسْطِعْ} } و{{مَا لَمْ تَسْتَطِعْ} }.
{ {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} } يعني أن يصعدوا عليه؛ لأنه عالٍ؛ ولأن الظاهر أنه أملس، فهم لا يستطيعون أن يصعدوا عليه.
{ {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} } لم تأتِ التاء في الفعل الأول (اسطاعوا) وأتت فيه ثانياً، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، أيهما أشق أن يصعدوا الجبل أو أن يَنقبوا هذا الحديد؟
الجواب: الثاني أصعب ولهذا قال: { {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} } لأنه حديد ممسوك بالنحاس، فصاروا لا يستطيعون ظهوره لعلوه وملاسته، فيما يظهر، ولم يستطيعوا له نقباً لصلابته وقوته، إذاً صار سداً منيعاً وكفى الله شر هؤلاء المفسدين وهم يأجوج ومأجوج.
* * *
{{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا *}}.
قوله تعالى: { {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} } قالها ذو القرنين وانظر إلى عباد الله الصالحين، كيف لا يسندون ما يعملونه إلى أنفسهم، ولكنهم يسندونه إلى الله ـ عزّ وجل ـ وإلى فضله، ولهذا لما قالت النملة حين أقبل سليمان بجنوده على وادي النمل، قامت خطيبة فصيحة: {{ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }} [النمل: 18، 19] ، أيضاً ذو القرنين ـ رحمه الله ـ قال: { {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} } وليس بحولي ولا قوتي، ولكنه رحمة به ورحمة بالذين طلبوا منه السد، أن حصل هذا الردم المنيع.
{ {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} } يعني بخروج هؤلاء المفسدين.
{ {جَعَلَهُ دَكَّاءَ} } يعني جعل هذا السد دكّاً، أي: منهدماً تماماً وسواه بالأرض، وقد صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا» [(49)]. يعني شيء يسير لكن ما ظهر فيه الشق لا بد أن يتوسع.
{ {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} } فما هو هذا الوعد؟
الجواب: الوعد هو أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يخرجهم في آخر الزمان، وذلك بعد خروج الدجال وقتله يخرج الله هؤلاء، يخرجهم في عالم كثير مثل الجراد أو أكثر «فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُون: لَقَدْ كَانَ بِهَذِ مَرَّةً مَاءٌ» ثم «يُحصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ» في جبل الطور، ويلحقهم مشقة ويرغبون إلى الله تعالى في هلاك هؤلاء، «فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ» يصبحون في ليلة واحدة على كثرتهم، ميتين مِيتة رجل واحد، حتى تنتن الأرض من رائحتهم، فيرسل الله تعالى أمطاراً تحملهم إلى البحر أو يرسل اللهُ طيوراً فَتَحْمِلُهُمْ إلى البحر[(50)]، والله على كل شيء قدير، وهذه الأشياء نؤمن بها كما أخبر بها النبي صلّى الله عليه وسلّم، أما كيف تصل الحال إلى ذلك، فهذا أمره إلى الله عزّ وجل.
{ {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} } يعني وعد الله تعالى في خروجهم كان { {حَقًّا} } أي: لا بد أن يقع كل ما وعد الله بشيء فلا بد أن يقع؛ لأن عدم الوفاء بالوعد، إما أن يكون عن عجز، أو إما أن يكون عن كذب، والله ـ عزّ وجل ـ منَزَّهٌ عنهما جميعاً عن العجز، وعن الكذب، فهو ـ عزّ وجل ـ لا يخلف الميعاد لكمال قدرته، وكمال صدقه.
* * *
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
03-13-2015, 06:22 AM
يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ




وقال تعالى" حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ "الأنبياء: 96، 97.

هذا تحذير من الله للناس، أن يقيموا على الكفر والمعاصي، وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج، وهما قبيلتان عظيمتان من بني آدم، وقد سد عليهم ذو القرنين، لما شكي إليه إفسادهم في الأرض، وفي آخر الزمان، ينفتح السد عنهم، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف، الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع، وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون.
وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة، وإسراعهم في الأرض، إما بذواتهم، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد، وتسهل عليهم الصعب، وأنهم يقهرون الناس، ويعلون عليهم في الدنيا، وأنه لا يد لأحد بقتالهم.
تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main#)
*اطَّلع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علينا ونحن نتذاكر . فقال " ما تذاكرون ؟ " قالوا : نذكر الساعةَ . قال " إنها لن تقومَ حتى ترَون قبلَها عشرَ آياتٍ " . فذكر الدخانَ ، والدجالَ ، والدابةَ ، وطلوعَ الشمسِ من مغربِها ، ونزولَ عيسى ابنِ مريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، ويأجوجَ ومأجوجَ . وثلاثةَ خُسوفٍ : خَسفٌ بالمشرقِ ، وخَسفٌ بالمغربِ ، وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ . وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم " .
الراوي : حذيفة بن أسيد الغفاري المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2901 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+ %D9%88%D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
*- اطَّلعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليْهِ وسلَّمَ مِن غرفةٍ ونحنُ نتذاكرُ السَّاعةَ فقالَ:" لاَ تقومُ السَّاعةُ حتَّى تَكونَ عشرُ آياتٍ طلوعُ الشَّمسِ من مغربِها والدَّجَّالُ والدُّخانُ والدَّابَّةُ ويأجوجُ ومأجوجُ وخروجُ عيسى ابنِ مريمَ عليْهِ السَّلامُ وثلاثُ خسوفٍ خسفٌ بالمشرقِ وخسفٌ بالمغربِ وخسفٌ بجزيرةِ العربِ ونارٌ تخرجُ من قعرِ عَدَنِ أَبْيَنَ تسوقُ النَّاسَ إلى المحشرِ تبيتُ معَهم إذا باتوا وتقيلُ معَهم إذا قالوا"
الراوي : حذيفة بن أسيد الغفاري المحدث : الألباني -المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3294 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+ %D9%88%D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

قَوْلُهُ: ( عَدَنِ أَبْيَنَ) بِوَزْنِ أَحْمَرَ قَرْيَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالنَّهَرِ ( إِلَى الْمَحْشَرِ) إِلَى أَرْضِ الشَّامِ كَذَا قَالُوا ( وَتُقِيلُ) مِنَ الْقَيْلُولَةِ كَذَا قَوْلُهُ: ( إِذَا قَالُوا) .
هنا (http://hadithportal.com/index.php?show=hadith&h_id=4055&sharh=9810&book=6)
*- يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم ، يقول : لبيك ربنا وسعديك ، فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ، قال : يارب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين ، فحينئذ تضع الحامل حملها ، ويشيب الوليد ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) . فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد ، ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض ، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود ، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : ثلث أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : شطر أهل الجنة . فكبرنا ".
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 4741 خلاصة حكم المحدث : "أورده في صحيحه" وقال : وقال جرير وعيسى بن يونس وأبو معاوية (سكرى وما هم بسكرى)
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88 %D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
*- " يُفتحُ الردمُ ،ردمُ يأجوجَ ومأجوجَ مثلَ هذه . وعقدَ وُهيبٌ تسعينَ ".
الراوي : أبو هريرة المحدث :البخاري المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7136 خلاصة حكم المحدث : [صحيح] الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88 %D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
*- استيقظ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من النوم محمرًّا وجهُه يقول : ( لا إله إلا اللهُ، ويلٌ للعربِ من شرٍّ قد اقترب، فتحَ اليومَ من ردمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذه ) . وعقد سفيان تسعينَ أو مائةً، قيل : أنهلِك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم، إذا كثُر الخبَثُ ) .الراوي : زينب بنت جحش أم المؤمنين المحدث : البخاري -المصدر :صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 7059 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88 %D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
يعني إذا كثرت الشرور والمعاصي، الكثرة في الشرور والمعاصي من أسباب الهلاك.
ولهذا يقول-جل وعلا-في كتابه العظيم: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ"(التوبة: من الآية71) فإذا كثر الخبث والمعاصي صار هذا من أسباب هلاك الأمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إذا لم تنكر.
ابن باز هنا (http://www.binbaz.org.sa/mat/21037)
وهذا الحديث يظهر شيئاً من عظيم شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته وحرصه عليهم، فمعلوم أن خروج يأجوج ومأجوج يكون مصحوباً بإفسادهم في الأرض وإهلاكهم الحرث والنسل، ففزع صلى الله عليه وسلم لما يمكن أن يصيب أمته من شر بسببهم وتأسف على ما يمكن أن يحل بهم، وتجلت شفقته عليهم أكثر من هذا في تتمة الحديث ففيه موعظة بليغة وتحذير من الوقوع في أسباب الهلاك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفي هذا الحديث فائدة عامة ينبغي للمرء أن يتنبه لها، وهي ألا يتعلق بظاهر الأحداث والأخبار التي يسمعها أو يطالعها، وإنما يربط كل هذا بمعاني الإيمان ويقرأ ما بين السطور -كما يقال- بهذا المنظار، وهذا ما فعلته أم المؤمنين رضي الله عنها، حيث لم تسأل عن زمن خروجهم ولا هيئتها ولا أعدادهم ولا جنسيتهم أو مكانهم، وإنما ذهبت مباشرة إلى قضية إيمانية تنتفع بها - أنهلِك وفينا الصالحون ؟ - وقد تعلمت هذا من هديه صلى الله عليه وسلم ومدرسته، فلما سأله الرجل: متى الساعة؟ لم يجبه جواباً يتعلق بظاهر السؤال، وإنما لفت نظره إلى ما يعنيه من أمرها، فقال: «وماذا أعددت لها»(3)، وقال لآخر: «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة»(4)، منبهاً أنها لا تقوم إلا بعد فساد أحوال الناس ففي رده تحذير من ذلك.
وفي جوابه صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين تأكيد لهذا المعنى، فلم يشر إلى كثرة أعدادهم وأن هذا هو سبب الهلاك، بل بين أن السبب هو كثرة الخبث.
معنى الخبث في اللغة: قال الأزهري في تهذيب اللغة: الخَبَثُ _ بِفَتْح الخَاء وَالْبَاء _ مَا تَنْفِيه النَّارُ من ردِيء الفِضّة وَالْحَدِيد إِذا أُذِيبا. وَمِنْه الحَدِيث: «فإنَّها تنفي الذُّنوبَ كما تَنفي النَّارُ خبثَ الحديدِ»(5).
*"ذُكِرتِ الحُمَّى عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فسبَّها رجلٌ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: لا تَسبَّها فإنَّها تنفي الذُّنوبَ كما تَنفي النَّارُ خبثَ الحديدِ" الراوي : أبو هريرة المحدث :الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 2810 خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84 %D8%B0%D9%86%D9%88%D8%A8&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

*- أمرت بقريةٍ تأكلُ القرى . يقولون يثربَ . وهي المدينةُ . تنفي الناسَ كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديدِ . وفي روايةٍ : بهذا الإسنادِ . وفيه : كما ينفي الكيرُ الخبثَ . لم يذكرا الحديدَ .
الراوي : أبو هريرة المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1382 خلاصة حكم المحدث : صحيح

الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%B1+%D8%A7 %D9%84%D8%AE%D8%A8%D8%AB&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وأما المراد بالخبث في الحديث فقد قال الحافظ: فسروه بِالزِّنَا وبأولاد الزِّنَا؛ وَبِالْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بالصلاح(6).

والجامع لكل ما سبق أن المراد بالخبث في الحديث هو الرديء من الاعتقادات وطرق العبادة (البدع) والسلوكيات، وهو من لوازم كثرة المنافقين والفساق والزناة والعصاة.

المراد بالهلاك في الحديث: الهلاك على نوعين؛ حسي وهو معروف، ومعنوي وهو الحيدة والانحراف عن الحق، ففي قصة الإفك قالت عائشة رضي الله عنها: «فهلك من هلك في شأني»(10).
"..........فهلك من هلك في شأني..............."

الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث :مسلم -المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2770 خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%87%D9%84%D9%83+%D9%85%D9%86 +%D9%87%D9%84%D9%83+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

وفي تفسير قوله تعالى: "لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ"الأنفال: 42، يقول محمد بن إسحاق: أي ليكفر من كفر بعد الحجة، لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك. قال ابن كثير: وهذا تفسير جيد(11).
ولا شك أن ظاهر الحديث يشير إلى الهلاك الحسي لأنه مرتبط بخروج يأجوج ومأجوج، ولكن دخول الهلاك المعنوي فيه غير بعيد بل متوجه.

(1) قال النووي: "ويهلك بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة, وحكي فتحها, وهو ضعيف أو فاسد".
(2) متفق عليه.
(3) متفق عليه.
(4) صحيح البخاري (1/ 21) (59).
(5) تهذيب اللغة (7/ 146).
(6) فتح الباري لابن حجر (13/ 109).

(10) مسند أحمد (42/ 406) (25623)، قال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(11) تفسير ابن كثير ت سلامة (4/ 69).
هنا (http://www.almohtasb.com/supervisor/15123-1.html)
=1&m[]=0&s[]=0"] ("http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D8%AF+%D8%A8%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%87 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[)

أم أبي التراب
03-22-2015, 03:16 PM
مجلس 66
2جماد الآخر 1436
تابع قصة يَأجُوج ومَأجُوج


من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أخبار الغيب والتسليم لذلك وعدم رده، ومما أخبر به صلى الله عليه وسلم: خروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان، وهذه قصتهم:
أولا مما ورد في القرآن الكريم مع تفسير الآيات من سورة الكهف، ، ثم من بيان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،

وهذا حين الشروع في ذكر القصة، ومع تفسير آيات سورة الكهف (و -التفسير مأخوذ -باختصار- من تفسير ابن كثير وتفسير القرطبي، وانظر تفسير الطبري وتفسير السعدي رحم الله الجميع.)
قصة ذي القـرنـين حين بلغ مغرب الشمس ثم حين بلغ مطلع الشمس ثم قال :
"ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً {92} حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ" وهما جبلان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك "وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً {93}" أي لاستعجام كلامهم وبُعدهم عن الناس وقرئ (يُفقِهون) من أفقه إذا بان أي لا يُفقِهُونَ غيرَهم كلاما، وعلى القراءة الأولى: يعلمون، والقراءتان صحيحتان فلا هم يَفْقَهُون مِن غيرِهم ولا يُفقِهون غيرَهم "قَالُوا يَا ذَا الْقَــرْنَيْــنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً " أي أجرا عظيماً "عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً {94}" يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدا، فقال ذو ...............ن بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير: " قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ" أي إنّ الّذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الّذي تجمعونه "فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ" قال ذو القرنــيـــن: الّذي أنا فيه خيرٌ من الّذي تبذلونه، ولكن ساعدوني بقوة؛ أي بعملكم وآلات البناء "أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً "{95} ءاتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ" والزُّبَر جمع زُبرة؛ وهي القطعة منه، وهي كاللبنة "حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ" أي وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رؤوس الجبلين طولا وعرضاً "قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً " أي أُجّجَ عليه النار حتى صار كله نارا " قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً {96}" هو النحاس المذاب، وقيل الحديد المذاب "فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً {97}"‏ إنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد ولا قدروا على نقبه من أسفله، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلاًّ بما يناسبه "قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي" أي لما بناه ذو القــرنـــين قال هذا رحمة من ربي؛ أي بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلا يمنعهم من العيثِ في الأرض والفساد "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي" أي إذا اقترب الوعد الحقّ" جَعَلَهُ دَكَّاءَ" أي ساواه بالأرض "وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً {98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً {99}[ [سورة الكهف]

هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=236346)

*-" ليُحَجَّنَّ البيتُ وليُعْتَمَرَنَّ بعدَ خروجِ يأجوجَ ومأجوجَ"
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث :البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1593 خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : تابعه أبان وعمران عن قتادة. وقال عبد الرحمن عن شعبة قال: (لاتقوم الساعة حتى لا يُحج البيت). والأول أكثر. سمع قتادة عبد الله، وعبد الله أبا سعيدٍ.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88 %D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

*- ذكر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الدَّجَّالَ ذاتَ غَداةٍ . فخفض فيه ورفَع . حتى ظننَّاه في طائفةِ النخلِ . فلما رُحْنا إليه عرف ذلك فينا . فقال " ما شأنُكم ؟ " قلنا : يا رسولَ اللهِ ! ذكرتَ الدجالَ غَداةً . فخفضتَ فيه ورفعتَ . حتى ظنناه في طائفةِ النخلِ . فقال " غيرُ الدجالِ أخوفُني عليكم . إن يخرج ، وأنا فيكم ، فأنا حَجيجُه دونَكم . وإن يخرج ، ولستُ فيكم ، فامرؤ حجيجٌ نفسَه . واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ . إنه شابٌّ قَططٌ . عينُه طافئةٌ . كأني أشبِّهُه بعبدِالعُزَّى بنِ قَطَنٍ . فمن أدركه منكم فليقرأْ عليه فواتحَ سورةِ الكهفِ . إنه خارجٌ خَلةٌ بين الشامِ والعراقِ . فعاثَ يمينًا وعاث شمالًا . يا عبادَ الله ِ! فاثبُتوا " قلنا : يا رسولَ اللهِ ! وما لُبثُه في الأرضِ ؟ قال " أربعون يومًا . يومٌ كسنةٍ . ويومٌ كشهرٍ . ويومٌ كجمعةٍ . وسائرُ أيامِه كأيامِكم " قلنا : يا رسولَ اللهِ ! فذلك اليومُ الذي كسنةٍ ، أتكفينا فيه صلاةُ يومٍ ؟ قال " لا . اقدُروا له قَدرَه " قلنا : يا رسولَ اللهِ ! وما إسراعُه في الأرضِ ؟ قال " كالغيثِ استدبرتْه الريحُ . فيأتي على القومِ فيدعوهم ، فيؤمنون به ويستجيبون له . فيأمر السماءَ فتمطر . والأرضُ فتنبتُ . فتروح عليهم سارحتُهم ، أطولُ ما كانت ذرًّا ، وأسبغُه ضروعًا ، وأمدُّه خواصرَ . ثم يأتي القومَ . فيدعوهم فيردُّون عليه قولَه . فينصرف عنهم . فيصبحون مَمْحَلين ليس بأيديهم شيءٌ من أموالِهم . ويمرُّ بالخَربةِ فيقول لها : أَخرِجي كنوزَك . فتتبعُه كنوزُها كيعاسيبِ النحلِ . ثم يدعو رجلًا مُمتلئًا شبابًا . فيضربه بالسيفِ فيقطعه جزلتَينِ رميةَ الغرضِ ثم يدعوه فيقبِلُ ويتهلَّلُ وجهُه . يضحك . فبينما هو كذلك إذ بعث اللهُ المسيحَ ابنَ مريمَ . فينزل عند المنارةِ البيضاءِ شَرقَي دمشقَ . بين مَهرودَتَينِ . واضعًا كفَّيه على أجنحةِ ملَكَينِ . إذا طأطأَ رأسَه قطر . وإذا رفعه تحدَّر منه جُمانٌ كاللؤلؤ . فلا يحلُّ لكافرٍ يجد ريح َنفسه إلا مات . ونفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرفُه . فيطلبه حتى يدركَه ببابِ لُدَّ . فيقتله . ثم يأتي عيسى ابنَ مريمَ قومٌ قد عصمهم اللهُ منه . فيمسح عن وجوهِهم ويحدثُهم بدرجاتِهم في الجنةِ . فبينما هو كذلك إذ أوحى اللهُ إلى عيسى : إني قد أخرجتُ عبادًا لي ، لا يدَانِ لأحدٍ بقتالهم . فحرِّزْ عبادي إلى الطور . ويبعث اللهُ يأجوجَ ومأجوجَ . وهم من كلِّ حدَبٍ ينسِلونَ . فيمرُّ أوائلُهم على بحيرةِ طَبرِيَّةَ . فيشربون ما فيها . ويمرُّ آخرُهم فيقولون : لقد كان بهذه ، مرةً ، ماءً . ويحصر نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه . حتى يكون رأسُ الثَّورِ لأحدِهم خيرًا من مائةِ دينارٍ لأحدِكم اليومَ . فيرغب نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه . فيُرسِلُ اللهُ عليهم النَّغَفَ في رقابِهم . فيصبحون فرْسَى كموتِ نفسٍ واحدةٍ . ثم يهبط نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى الأرضِ . فلا يجِدون في الأرضِ موضعَ شبرٍ إلا ملأه زَهمُهم ونتْنُهم . فيرغب نبيُّ اللهِ عيسى وأصحابُه إلى اللهِ . فيرسل اللهُ طيرًا كأعناقِ البُختِ . فتحملُهم فتطرحهم حيث شاء اللهُ . ثم يرسل اللهُ مطرًا لا يَكِنُّ منه بيتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٌ . فيغسل الأرضَ حتى يتركها كالزَّلفَةِ . ثم يقال للأرض : أَنبِتي ثمرَك ، ورُدِّي بركتَك . فيومئذٍ تأكل العصابةُ من الرُّمَّانةِ . ويستظِلُّون بقِحْفِها . ويبارك في الرَّسْلِ . حتى أنَّ اللقحةَ من الإبلِ لتكفي الفِئامَ من الناس . واللَّقحةُ من البقرِ لتكفي القبيلةَ من الناس . والّلقحةُ من الغنمِ لتكفي الفَخِذَ من الناس . فبينما هم كذلك إذ بعث اللهُ ريحًا طيِّبَةً . فتأخذُهم تحت آباطِهم . فتقبض رُوحَ كلِّ مؤمنٍ وكلِّ مسلمٍ . ويبقى شِرارُ الناسِ ، يتهارَجون فيها تهارُجَ الحُمُرِ ، فعليهم تقوم الساعةُ " . وفي رواية : وزاد بعد قوله " - لقد كان بهذه ، مرة ، ماءً - ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبلِ الخمرِ . وهو جبلُ بيتِ المَقدسِ . فيقولون : لقد قتَلْنا مَن في الأرضِ . هَلُمَّ فلنقتلْ مَن في السماءِ . فيرمون بنُشَّابِهم إلى السماءِ . فيردُّ اللهُ عليهم نُشَّابَهم مخضوبةً دمًا " . وفي روايةِ ابنِ حجرٍ " فإني قد أنزلت عبادًا لي ، لا يَدَيْ لأحدٍ بقتالِهم " .الراوي النواس بن سمعان المحدث : مسلم -المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2937 خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88 %D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

*- سيوقِدُ المسلمونَ مِنْ قِسِيِّ يأجوجَ ومأجوجَ ونشابِهم وأَتْرِسَتِهم سبعَ سنينَالراوي : النواس بن سمعان المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3673 خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%8A%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC+%D9%88% D9%85%D8%A3%D8%AC%D9%88%D8%AC&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=3)

* ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ الدَّجَّالَ الغداةَ، فخَفضَ فيهِ ورفعَ، حتَّى ظننَّا أنَّهُ في طائفةِ النَّخلِ، فلمَّا رُحنا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، عَرفَ ذلِكَ فينا، فقالَ: ما شأنُكُم؟ فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ ذَكَرتَ الدَّجَّالَ الغداةَ، فخفَضتَ فيهِ ثمَّ رفعتَ، حتَّى ظننَّا أنَّهُ في طائفةِ النَّخلِ، قالَ: غيرُ الدَّجَّالِ أخوَفُني عليكُم: إن يخرُج وأَنا فيكُم فأَنا حجيجُهُ دونَكُم، وإن يخرُجُ ولستُ فيكم، فامرؤٌ حجيجُ نفسِهِ، واللَّهُ خَليفتي على كلِّ مسلمٍ، إنَّهُ شابٌّ قطَطٌ، عينُهُ قائمةٌ، كأنِّي أشبِّهُهُ بَعبدِ العزَّى بنِ قَطنٍ، فمَن رآهُ منكُم، فليقرَأْ علَيهِ فواتحَ سورةِ الكَهْفِ، إنَّهُ يخرُجُ مِن خلَّةٍ بينَ الشَّامِ، والعراقِ، فعاثَ يمينًا، وعاثَ شمالًا، يا عبادَ اللَّهِ اثبُتوا، قلنا: يا رسولَ اللَّهِ وما لبثُهُ في الأرضِ؟ قالَ أربعونَ يومًا، يومٌ كَسنةٍ، ويومٌ كَشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمعةٍ، وسائرُ أيَّامِهِ كأيَّامِكُم، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ فذلِكَ اليومُ الَّذي كسَنةٍ، تَكْفينا فيهِ صلاةُ يومٍ؟ قالَ: فاقدُروا لَهُ قدرَهُ، قالَ، قُلنا: فما إسراعُهُ في الأرضِ؟ قالَ: كالغَيثِ استَدبرتهُ الرِّيح، قالَ: فيأتي القومَ فيدعوهُم فيستَجيبونَ لَهُ، ويؤمنونَ بِهِ، فيأمرُ السَّماءَ أن تُمْطِرَ فتُمْطِرَ، ويأمرُ الأرضَ أن تُنْبِتَ فتُنْبِتَ، وتَروحُ عليهم سارحتُهُم أطولَ ما كانت ذُرًى، وأسبغَهُ ضروعًا، وأمدَّهُ خواصرَ، ثمَّ يأتي القومَ فيدعوهم فيردُّونَ علَيهِ قولَهُ، فينصرِفُ عنهم فيُصبحونَ مُمحِلينَ، ما بأيديهم شيءٌ، ثمَّ يمرَّ بالخَربَةِ، فيقولُ لَها: أخرِجي كُنوزَكِ فينطلقُ، فتتبعُهُ كنوزُها كيَعاسيبِ النَّحلِ، ثمَّ يَدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا، فيضربُهُ بالسَّيفِ ضربةً، فيقطعُهُ جزلتينِ، رَميةَ الغرضِ، ثمَّ يَدعوهُ، فيقبلُ يتَهَلَّلُ وجهُهُ يَضحَكُ، فبينَما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عيسى ابنَ مريمَ، فينزلُ عندَ المَنارةِ البيضاءِ، شَرقيَّ دمشقَ، بينَ مَهْرودتينِ، واضعًا كفَّيهِ على أجنحةِ ملَكَينِ، إذا طأطأَ رأسَهُ قَطرَ، وإذا رفعَهُ ينحدِرُ منهُ جُمانٌ كاللُّؤلؤِ، ولا يحلُّ لِكافرٍ يجدُ ريحَ نَفَسِهِ إلَّا ماتَ، ونفَسُهُ ينتَهي حيثُ ينتَهي طرفُهُ، فينطلقُ حتَّى يُدْرِكَهُ عندَ بابِ لُدٍّ، فيقتلُهُ، ثمَّ يأتي نبيُّ اللَّهِ عيسى، قومًا قد عصمَهُمُ اللَّهُ، فيَمسحُ وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجنَّةِ، فبينَما هم كذلِكَ إذ أوحى اللَّهُ إليهِ: يا عيسى إنِّي قد أخرَجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحَدٍ بقتالِهِم، وأحرِزْ عبادي إلى الطُّورِ، ويبعَثُ اللَّهُ يأجوجَ، ومَأجوجَ، وَهُم كما قالَ اللَّهُ: مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فيمرُّ أوائلُهُم على بُحَيْرةِ الطَّبريَّةِ، فيَشربونَ ما فيها، ثمَّ يمرُّ آخرُهُم فيَقولونَ: لقد كانَ في هذا ماءٌ مرَّةً، ويحضر نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حتَّى يَكونَ رأسُ الثَّورِ لأحدِهِم خيرًا مِن مائةِ دينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ، فيرغَبُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ، فيُرسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغفَ في رقابِهِم، فيُصبحونَ فَرسَى كمَوتِ نَفسٍ واحِدةٍ، ويَهْبطُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ فلا يجِدونَ موضعَ شبرٍ إلَّا قد ملأَهُ زَهَمُهُم، ونَتنُهُم، ودماؤُهُم، فيرغَبونَ إلى اللَّهِ، فيرسلُ عليهم طيرًا كأعناقِ البُختِ، فتحمِلُهُم فتطرحُهُم حيثُ شاءَ اللَّهُ، ثمَّ يرسِلُ اللَّهُ علَيهِم مطرًا لا يُكِنُّ منهُ بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ، فيغسِلُهُ حتَّى يترُكَهُ كالزَّلقةِ، ثمَّ يقالُ للأرضِ: أنبِتي ثمرتَكِ، وردِّي برَكَتَكِ، فيومئذٍ تأكلُ العصابةُ منَ الرِّمَّانةِ، فتُشبعُهُم، ويستظلُّونَ بقِحفِها، ويبارِكُ اللَّهُ في الرِّسْلِ حتَّى إنَّ اللِّقحةَ منَ الإبلِ تَكْفي الفِئامَ منَ النَّاسِ، واللِّقحةَ منَ البقرِ تَكْفي القبيلةَ، واللِّقحةَ منَ الغنمِ تَكْفي الفخِذَ، فبينما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عليهم ريحًا طيِّبةً، فتأخذُ تَحتَ آباطِهِم، فتقبِضُ روحَ كلَّ مسلمٍ، ويبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ، كما تتَهارجُ الحُمُرُ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ
الراوي النواس بن سمعان المحدث : الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3310 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدررالسنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D8%AF+%D8%A8%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%87 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
03-28-2015, 10:55 PM
مجلس 67
9 جمادى الآخر 1436 هـ

{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا *}}99 الكهف.
وقوله: " وتركنا بعضهم " أي الناس يومئذ أي يوم يدك هذا السد ويخرج هؤلاء فيموجون في الناس ويفسدون على الناس أموالهم ويتلفون أشياءهم وهكذا قال السدي في قوله " وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض " قال ذاك حين يخرجون على الناس وهذا كله قبل يوم القيامة وبعد الدجال .......... "
تفسير ابن كثير (https://www.mosshaf.com/main)
وفي الحديث بعد هلاك يأجوج وأجوج وعموم الخير والبركة في الأرض ...
"............ إذ بعثَ اللَّهُ عليهم ريحًا طيِّبةً، فتأخذُ تَحتَ آباطِهِم، فتقبِضُ روحَ كلَّ مسلمٍ، ويبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ، كما تتَهارجُ الحُمُرُ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ
الراوي النواس بن سمعان المحدث : الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3310 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدررالسنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D9%86+%D9%84%D8%A 3%D8%AD%D8%AF+%D8%A8%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%87 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
قال ابن كثير:
ثم نفخ في الصور " "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ"على أثر ذلك " فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا "
قال الشيخ العثيمين في تفسيره:
{ {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} } النافخ إسرافيل أحد الملائكة الكرام، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يفتتح صلاة الليل بهذا الاستفتاح:
«أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ قال سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين : بأيِّ شيءٍ كان نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يفتتحُ صلاتَه إذا قام من الليلِ ؟ قالت : كان إذا قام من الليلِ افتتح صلاتَه : " اللهمَّ ! ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ . فاطرَ السماواتِ والأرضِ . عالمَ الغيبِ والشهادةِ . أنت تحكم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون . اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ "» .
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%91%D9%8E%D9%87% D9%8F%D9%85%D9%91%D9%8E+%D8%B1%D9%8E%D8%A8%D9%91%D 9%8E+%D8%AC%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D9%8E%D8%A7%D8 %A6%D9%90%D9%8A%D9%84%D9%8E+%D9%88%D9%8E%D9%85%D9% 90%D9%8A%D9%83%D9%8E%D8%A7%D8%A6%D9%90%D9%8A%D9%84 %D9%8E+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
هؤلاء الثلاثة الملائكة الكرام، كل واحد منهم موكل بما فيه الحياة، جبريل موكل بما فيه حياة القلوب-الوحي-، ميكائيل بما فيه حياة النبات وهو القَطْر، والثالث إسرافيل بما فيه حياة الناس عند البعث، ينفخ في الصور نفختين. الأولى: فَزعٌ وصعق، ولا يمكن الآن أن ندرك عظمة هذا النفخ، نفخ تفزع الخلائق منه وتصعق بعد ذلك، كلهم يموتون إلاَّ من شاء الله، لشدة هذا النفخ وشدة وقعه، ما يمكن أن نتصور لأن الناس يفزعون، بل فزع من في السموات ومن في الأرض ثم يصعقون ـ الله أكبر ـ. شيء عظيم كلما يتصوره الإنسان، يقشعر جلده من عظمته وهوله.
النفخة الثانية: يقول الله عزّ وجل: {{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}} [الزمر: 68] .
النفخة الثانية يقوم الناس من قبورهم أحياء ينظرون، ماذا حدث؟! لأن الأجسام في القبور، يُنْزِل الله تعالى عليها مطراً عظيماً ثم تنمو في داخل الأرض، حتى إذا تكاملت الأجسام تكاملها التام نفخ في الصور نفخة البعث: {{فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}} [الزمر: 68]
.ا.هـ
".......من يسمعُه رجلٌ يلوطُ حوضَ إبلِه . قال فيُصعَقُ ، ويُصعقُ الناسُ . ثم يُرسل اللهُ - أو قال يُنزل اللهُ - مطرًا كأنه الطَّلُّ أو الظِّلُّ ( نعمانُ الشاكُّ ) فتنبتُ منه أجسادُ الناسِ . ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناسُ ! هلُمَّ إلى ربِّكم . وقِفوهم إنهم مسؤلون . قال ثم يقال : أخرِجوا بعثَ النارِ . فيقال : من كم ؟ فيقال : من كلِّ ألفٍ ، تسعمائةً وتسعةً وتسعين . قال فذاك يومُ يجعلُ الولدانَ شيبًا . وذلك يومُ يُكشَفُ عن ساقٍ " .

الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2940 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%B7%D8%B1%D8%A7+%D9%83%D8%A3 %D9%86%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
أحاديث:
"وقوله " ونفخ في الصور " والصور كما جاء في الحديث
- "كيفَ أنعَمُ وصاحبُ القرنِ قدِ التقمَ القرنَ واستمعَ الإذنَ متى يؤمرُ بالنَّفخِ فينفخ فَكأنَّ ذلِكَ ثقلَ على أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ لَهم قولوا حسبُنا اللَّهُ ونعمَ الوَكيلُ على اللَّهِ توَكَّلنا"

الراوي :أبو سعيد الخدري المحدث : الألباني المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2431 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%8A%D9%81+%D8%A3%D9%86%D8%B9 %D9%85+%D9%88%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8+%D8%A7%D9%84 %D9%82%D8%B1%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }يس51
"وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ }الزمر68
ابن كثير:
الصُّورِ: قرن ينفخ فيه والذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام كما قد تقدم في الحديث بطوله والأحاديث فيه كثيرة.
وفي الحديث عن عطية عن ابن عباس وأبي سعيد مرفوعًا "
" قالوا كيف نقول قال " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا "وقوله " فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا " أي أحضرنا الجميع للحساب " قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ "الواقعة49/50 وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدًا ".تفسير ابن كثير (https://www.mosshaf.com/main)

{ {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} } أي: جمعنا الخلائق { {جَمْعًا} } أي: جمعاً عظيماً، فهذا الجمع يشمَل: الإنس، والجن، والملائكة، والوحوش، وجميع الدواب، قال الله تبارك وتعالى: {{وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ *}} [الأنعام: 38] كل الخلائق، حتى الملائكة ـ ملائكة السماء ـ كما قال الله سبحانه وتعالى: {{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا *}} [الفجر: 22] . يا له من مشهد عظيم، الله أكبر.

تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

نسأل الله أن يجعلنا ممن لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون
{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }الأنبياء103
(http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
03-29-2015, 03:55 PM
مجلس 68
16 جمادى الآخر 1436 هـ
{{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا *}}.الكهف 100

{ {وَعَرَضْنَا} } أي عرضناها لهم فتكون أمامهم ـ اللّهم أجرنا منها ـ.
{ {جَهَنَّمَ} } اسم من أسماء النار.
{ {عَرْضًا} } يعني عرضاً عظيماً، ولذلك نُكِّر يعني عرضاً عظيماً تتساقط منه القلوب، ومن الحكم في إخبار الله ـ عزّ وجل ـ بذلك أن يصلح الإنسان ما بينه وبين الله، وأن يخاف من هذا اليوم، وأن يستعد له، وأن يصور نفسه وكأنه تحت قدميه، كما قال الصِّديق رضي الله عنه:
كلنا مصبَّح في أهله***والموت أدنى من شراك نعله

فتصور هذا وتصور أنه ليس بينك وبينه، إلاَّ أن تخرج هذه الروح من الجسد، وحينئذ ينتهي كل شيء.
تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
* * *


أي: تُعرَض عليهم ليروها ويشاهدوها، وهذا العَرْض أيضاً للمؤمنين، كما جاء في قوله تعالى: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [ مريم: 71] والبعض يظن أن (واردها) يعني: داخلها، لا بل واردهابمعنى: يراها ويمرُّ بها، فقد ترِد الماء بمعنى: يراها ويمر بها، فقد ترد الماء بمعنى تصل إليه دون أنْ تشربَ منه؛ ذلك لأن الصراط الذي سيمر على الجميع مضروبٌ على ظهر جهنم ليراها المؤمن والكافر.
أما المؤمن فرؤيته للنار قبل أنْ يدخل الجنة تُرِيه مدى نعمة الله عليه ورحمته به، حيث نجّاه من هذا العذاب، ويعلم فضل الإيمان عليه، وكيف أنه أخذ بيده حتى مَرَّ من هذا المكان سالماً.
لذلك يُذكّرنا الحق سبحانه بهذه المسألة فيقول: { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ} [ آل عمران: 185] .
أما الكافر فسيعرض على النار ويراها أولاً، فتكون رؤيته لها قبل أن يدخلها رؤية الحسرة والندامة والفزع؛ لأنه يعلم أنه داخلها، ولن يُفلِتْ منها.
وقد وردتْ هذه المسألة في سورة التكاثر حيث يقول تعالى: { أَلْهَاكُمُ التكاثر حتى زُرْتُمُ المقابر كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين لَتَرَوُنَّ الجحيم ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} [ التكاثر: 18] .
والمراد: لو أنكم تأخذون عنِّي العلم اليقيني فيما أُخبركم به عن النار وعذابها لكُنْتم كمنْ رآها، لأنني أنقل لكم الصورة العلمية الصادقة لها، وهذا ما نُسمِّيه علم اليقين، أما في الآخرة فسوف ترون النار عينها.
وهذا هو عين اليقين أي: الصورة العينية التي ستتحقق يوم القيامة حين تمرُّون على الصراط.
وبرحمة الله بالمؤمنين وبفضله وكرمه تنتهي علاقة المؤمن بالنار عند هذا الحد، وتُكتب له النجاة؛ لذلك قال تعالى بعدها: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} [ التكاثر: 8] .
أما الكافر والعياذ بالله فلَهُ مع النار مرحلة ثالثة هي حّقُّ اليقين، يوم يدخلها ويباشر حَرَّها، كما قال تعالى: { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المكذبين الضآلين فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ اليقين فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم} [ الواقعة: 9296] .
إذن: عندنا عِلْم اليقين، وهو الصورة العلمية للنار، والتي أخبرنا بها الحق سبحانه وتعالى، وأن من صفات النار كذا وكذا وحذَّرنا منها، ونحن في بحبوحة الدنيا وسِعَتها.
وعَيْن اليقين: في الآخرة عندما نمرُّ على الصراط، ونرى النار رؤيا العين.
ثم حَقُّ اليقين: وهذه للكفار حين يُلْقَوْن فيها ويباشرونها فعلاً.
وقد ضربنا لذلك مثلاً: لو قُلْتُ لك: توجد مدينة اسمها نيويورك وبها ناطحات سحاب، وأنها تقع على سبع جزر، ومن صفاتها كذا وكذا فأُعطِيك عنها صورة علمية صادقة، فإنْ صدَّقتني فهذا عِلْم يقين.
فإنْ مررنا عليها بالطائرة ورأيتها رَأْيَ العين فهذا عَيْن اليقين، فإنْ نزلت بها وتجولت خلالها فهذا حَقُّ اليقين.
إذن: فقوله تعالى: { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً} [ الكهف: 100] ليس كعرضها على المؤمنين، بل هو عَرْض يتحقّق فيه حَقُّ اليقين بدخولها ومباشرتها.
ثم يقول الحق سبحانه: { الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ}
هنا (https://www.mosshaf.com/main)

أم أبي التراب
04-05-2015, 03:56 AM
- قلنا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : ( هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ) . قلنا : لا ، قال : ( فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ) . ثم قال : ( ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى يبقى من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله ، فيقال : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا ، فيتساقطون في جهنم . ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله ، فيقال : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا ، فيقال : اشربوا ، فيتساقطون ، حتى يبقى من كان يعبد الله ، من بر أو فاجر ، فيقال لهم : ما يحبسكم وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنما ننتظر ربنا ، قال : فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ، فيقولون : الساق ، فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم ) . قلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : ( مدحضة مزلة ، عليه خطاطيف وكلاليب ، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة ، تكون بنجد ، يقال لها : السعدان ، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح ، وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلم وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار ، وإذا رأوا أنهم قد نجوا ، في إخوانهم ، يقولون : ربنا إخواننا ، كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويعملون معنا ، فيقول الله تعالى : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ، ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ) . قال أبو سعيد : فإن لم تصدقوني فاقرؤوا : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها . ( فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون ، فيقول الجبار : بقيت شفاعتي ، فيقبض قبضة من النار ، فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له : ماء الحياة ، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه ، فيقال لهم : لكم ما رأيتم ومثله معه
الراوي : أبو سعيد الخدري المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7439 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%A4%D8%AA%D9%89+%D8%A8%D8%AC %D9%87%D9%86%D9%85+&st=w&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
04-12-2015, 03:19 PM
مجلس التاسع والستون
23 جمادى الآخر 1436 هـ
"الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا *" الكهف 101
"الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي " أي تغافلوا وتعاموا وتصامموا عن قبول الهدى واتباع الحق كما قال: " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين " وقال هنا "وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا " أي لا يعقلون عن الله أمره ونهيه.
تفسير ابن كثير (https://www.mosshaf.com/main)
قوله تعالى: { {كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} } هؤلاء الكافرون كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله، لا ينظرون إلى ذكر الله، وقد ذكر الله تعالى فيما سبق ـ في نفس السورة ـ أنَّ {{عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}} [الكهف: 57] .
فالقلوب، والأبصار، والأسماع كلها مغلقة.
{ {وَكَانُوا لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} } هل المراد لا يريدون؟ كقوله تعالى: {{هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ}} [المائدة: 112] ، أي: هل يريد؟ أو المعنى أنهم لا يستطيعون { {سَمْعًا} } أي سمع الإجابة، وليس سمع الإدراك؟
الجواب: يحتمل المَعْنَـيَيْن جميعاً، وكلاهما حق.
تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

" كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي ْ" أي: معرضين عن الذكر الحكيم، والقرآن الكريم، وقالوا: " قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ْ" وفي أعينهم أغطية تمنعهم من رؤية آيات الله النافعة، كما قال تعالى: " وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ْ}
" وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ْ" أي: لا يقدرون على سمع آيات الله الموصلة إلى الإيمان، لبغضهم القرآن والرسول، فإن المبغض لا يستطيع أن يلقي سمعه إلى كلام من أبغضه، فإذا انحجبت عنهم طرق العلم والخير، فليس لهم سمع ولا بصر، ولا عقل نافع فقد كفروا بالله وجحدوا آياته، وكذبوا رسله، فاستحقوا جهنم، وساءت مصيرا.
تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
أي: على أبصارهم غشاوة تمنعهم إدراك الرؤية، ليس هذا وفقط، بل: " وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً" الكهف: 101 .
والمراد هنا السمع الذي يستفيد منه السامع، سَمْع العبرةوالعِظَة، وإلا فآذانهم موجودة وصالحة للسمع، ويسمعون بها، لكنه سمَاعٌ لا فائدةَ منه؛ لأنهم ينفرون من سماع الحق ومن سماع الموعظة ويسدُّون دونها آذانهم، فهم في الخير أذن من طين، وأذن من عجين كما نقول.
أما المؤمنون فيقول الحق تبارك وتعالى فيهم: " وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرسول ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع1 مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق" المائدة: 83] .
مقتبس من هنا (https://www.mosshaf.com/main)

اقسم لنا من خشيتك، ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا،
" وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى الرسول ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع1 مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق" المائدة: 83] .
"تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ "
أقف عند كلمة تفيض من الدمع، لمَ استخدم الله سبحانه وتعالى كلمة تفيض ؟.. لأن العين ممزوجة بالدمع، وهذا الدمع يخرج من غدد دمعية، يسيل على القرنية من أجل تسهيل مسح العين في الدقيقة ستةً عشر مرة، هل يستطيع سائق سيارة أن يقود سيارته في المطر من دون مساحات، وكلما ارتقى الإنسان جعل لهذه المساحات حركات ثلاث، حركة سريعة، لتواجه اشتداد الهطول، وحركة أبطأ منها وحركة نوبية لتواده الرذاذ، كذلك الله عز وجل زوَّد العين بالجفنين يمسحان القرنية بشكل نوبي، من دون أن يكلفك مشقة تحريك الجفنين حركة الجفنين حركة لا إرادية، أنت مرتاح، أنت منهمك في التفكير في التعبير، في العمل، في الإنجاز، والجفنان يمسحان القرنية ستةً عشر مسحة في الدقيقة، ولو مُسحت القرنية ستةَ عشر مسحة في الدقيقة من دون سائل يسهل هذا المسح لتخرشت القرنية، ولذهب صفاؤها، وذهبت شفافيتها، وللتهبت.. لابد من دمع يسهِّل هذه الحركة، لكن هذا ليس ماءً عادياً، إنه ماءً مذيباً، ماءً قلوياً، لو أن حبة رمل صغيرة، دخلت العين لآلمت صاحبها أشد الإيلام، لكن بعد ساعة أو أكثر يذهب أثرها، أين ذهبت، الدمع أذابها، يستطيع الدمع أن يذيب حبة الرمل، الدمع ماء قلوي.
هذا الماء الذي ينزل من الغدة ويمسح القرنية أين يذهب ؟.. يذهب إلى قناة دمعية هي أدق قنوات الإنسان، لا تكاد تُرى، أين تصب هذه القناة ؟.. في الأنف، لماذا في الأنف وليس في الفم ؟ لأنها إذا صبت في الأنف جعلته رطباً، وإذا جعلته رطباً، سطوح الأنف سطوح دافئة رطبة، إذا دخلها الهواء علقت الذرات التي يحملها الهواء غير المرغوب فيها في هذه السطوح، فدخل الهواء إلى الرئتين نقياً دافئاً، لذلك يُعد الأنف أرقى فلتر، أو أرقى جهاز تسخين في الإنسان، مجموعة سطوح متداخلة، ساخنة، لزجة، ما الذي جعلها لزجة ؟.. دمع العين الذي أدى وظيفة في العين ثم انتقل إلى الأنف ليرطبه.
فما هو البكاء ؟
البكاء إذا كانت غزارة الدمع الذي ينهمر من الغدد أكثر من طاقة تصريف القناة الدمعية، ماذا يحصل ؟ يحصل الفيضان، لو فتحت على برميل خمسة إنش، وفتحته فتحةً تعادل إنش واحد لفاض البرميل البكاء في التعريف العلمي ازدياد إفراز الغدد الدمعية على طاقة تصريف القناة الدمعية، عندئذ يبكي الإنسان وتفيض عيناه بالدموع.
"تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ"
هنا (http://www.nabulsi.com/blue/ar/print.php?art=5905)

إذن: فكراهية أولئك للمسموع جعلتهم كأنهم لا سَمْعَ لهم، ، يعني لا تريد أنْ تسمعَ، ومن أقوال أهل الفكاهة: قال الرجل لصاحبه: فيك مَنْ يكتم السرَّ؟ قال: نعم، قال: أعْطني مائة جنيه، قال: كأنِّي لم أسمع.
ولذلك حكى القرآن عن كفار مكة قولهم: " لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" فصلت: 26.
يعني: شَوِّشُوا عليه، ولا تُعطوا الناس فرصة لسماعه، ولو أنهم علموا أن القرآن لا يؤثر في سامعه ما قالوا هذا، لكنهم بأذنهم العربية وملكتهم الفصيحة يعلمون جيداً أن القرآن له تأثير في سامعه تأثيراً يملك جوانب نفسه، ولابُدَّ لهذا العربي الفصيح أنْ يهتزّ للقرآن، ولابُدَّ أنه سيعرف أنه مُعْجِز، وأنه غير قَوْل البشر، وحتماً سيدعوه هذا إلى الإيمان بأن هذا الكلام كلام الله، وأن محمداً رسول الله؛ لذلك قال بعضهم لبعض محذراً: { لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ} [ فصلت: 26] .
وفي آية أخرى يقول الحق تبارك وتعالى: " وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍأَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ الله تتلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" الجاثية: 78 .
وقد يتعدَّى الأمر مجرد السماع إلى منْع الكلام كما جاء في قوله تعالى: " أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبينات فردوا أَيْدِيَهُمْ في أَفْوَاهِهِمْ" إبراهيم: 9
فليس الأمر منْع الاستماع، بل أيضاً منع الكلام، فربما تصل كلمة إلى آذانهم وهم في حالة انتباه فتُؤثّر فيهم، أي منعوهم الكلام كما يُقال: اسكت، أو أغلق فمك.
ثم يقول الحق سبحانه: { أَفَحَسِبَ الذين كفروا}
مقتبس من هنا (https://www.mosshaf.com/main)

أم أبي التراب
04-13-2015, 12:25 AM
المجلس السبعون
30 جمادى الآخر 1436 هـ
{{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً *}}.102
وهو استفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ
-قوله تعالى: { أَفَحَسِبَ الذين كفروا أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دوني أَوْلِيَآءَ} [ الكهف: 102] يعني: أعَمُوا عن الحق فظنُّوا أنْ يتخذوا عبادي من دوني أولياء؟ وسبق أن تحدثنا عن كلمة (عِبَادي) وقلنا: إنهم المؤمنون بي المحبون لي، الذين اختاروا مرادات الله على اختيارات نفوسهم، وفرَّقْنا بين عبيد وعباد.
والكلام هنا عن الذين كفروا الذين اتخذوا عباد الله المقربين إليه المحبين له أولياء من دون الله، كما قال تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }النساء172.
فكيف تتخذونهم أولياء من دوني وتعاندونني بهم وهم أحبتي؟ يقول تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }التوبة30} ومنهم مَنْ قال: الملائكة بنات الله، فكيف تتخذونهم أولياء من دون الله وهم لا يستنكفون أن يكونوا عباداً لله، ويروْنَ شرفهم وعِزَّتهم في عبوديتهم له سبحانه، فإذا بكم تتخذونهم أولياء من دوني، ويا ليتكم جعلتُم ذلك في أعدائي، فهذا منهم تغفيل حتى في اتخاذ الشركاء؛ لذلك كان جزاءَهم أنْ نُعِدَّ لهم جهنم: { إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً} [ الكهف: 102] والنُّزُل: ما يُعَدُّ لإكرام الضيف كالفنادق مثلاً، فهذا من التهكّم بهم والسُّخرية منهم.
هنا (https://www.mosshaf.com/main)
ومن تفسير العثيمين:
قوله تعالى: { {أَفَحَسِبَ} } أي: أفظن { {الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} } من هم عباده؟
الجواب: كل شيء فهو عبد الله: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً }مريم93
ومن الذي اتُّخِذَ ولياً من دون الله، أي: عُبد من دون الله؟
الجواب: عُبدت الملائكة، عبدت الرسل، وعبدت الشمس، وعبد القمر، وعبدت الأشجار، وعبدت الأحجار، وعبدت البقر! نسأل الله العافية، الشيطان يأتي ابن آدم من كل طريق.
{ {مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} } يعني أربابا يدعونهم ويستغيثون بهم وينسون ولاية الله ـ عزّ وجل ـ يعني أيظن هؤلاء الذين فعلوا ذلك أنهم يُنصرون؟
الجواب: لا، لا يُنصرون، ومن ظن ذلك فهو مُخَبَّل في عقله.
{ {إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً} } يعني أن الله عزّ وجل هيأ النار { {نُزُلاً} } للكافرين، ومعنى النُّزُل ما يقدمه صاحب البيت للضيف، ويحتمل أن يكون بمعنى المنْزِل، وكلاهما صحيح، فهم نازلون فيها، وهم يعطونها كأنها ضيافة، وبئست الضيافة.
تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
* * *

{{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرَينِ أَعْمَالاً *}}.103
أي: قُلْ يا محمد، للناس -على وجه التحذير والإنذار-: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق؟
الأخسر: اسم تفضيل من خاسر، فأخسر يعني أكثر خسارة (أْعْمَالاً) أي: خسارتهم بسبب أعمالهم.
وهؤلاء الأخسرين هم: { الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ} هنا (https://www.mosshaf.com/main)

*قوله تعالى: { {قُلْ} } أي يا محمد للأمة كلها: { {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرَينِ أَعْمَالاً} }.
الجواب: نعم.
نريد أن نُخبَر عن الأخسرين أعمالاً، حتى نتجنب عمل هؤلاء، ونكون من الرابحين، وقد بين الله تعالى في سورة العصر أن كل إنسان خاسر، إِلاَّ من اتصف بأربع صفات:
1 ـ الذين آمنوا.
2 ـ وعملوا الصالحات.
3 ـ وتواصوا بالحق.
4 ـ وتواصوا بالصبر.
تفسير العثيمين
ومن تفسير السعدي:
وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض، ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات:
الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.
والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده ، الواجبة والمستحبة.
والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.
والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.
فبالأمرين الأولين، يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح [العظيم].
تفسير لسعدي لسورة العصر (https://www.mosshaf.com/ar/main)

وهنا يقول:
{{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا *}}.الكهف 104
قوله تعالى: { {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } يعني ضاع سعيهم وبَطل في الحياة الدنيا لكنهم: { {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} } فَغُطي عليهم الحق ـ والعياذ بالله ـ وظنوا وهم على باطل أن الباطل هو الحق، وهذا كثير، فاليهود مثلاً يظنون أنهم على حق، والنصارى يظنون أنهم على حق، والشيوعيون يظنون أنهم على حق، كل واحد منهم يظن أنه على حق، ولذلك مكثوا على ما هم عليه، ومنهم من يعلم أنه ليس على حق، لكنه ـ والعياذ بالله ـ لاستكباره واستعلائه أصر على ما هو عليه.تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
وقد ضلَّ سَعْي هؤلاء؛ لأنهم يفعلون الشر، ويظنون أنه خير فهم ضالّون من حيث يظنون الهداية.
ومن ذلك ما نراه من أعمال الكفار حيث يبنون المستشفيات والمدارس وجمعيات الخير والبر، ويُنَادون بالمساواة وغيرها من القيم الطيبة، ويحسبون بذلك أنهم أحسنوا صُنْعاً وقدَّموا خَيْراً، لكن هل أعمالهم هذه كانت لله؟ الواقع أنهم يعملونها للناس وللشهرة وللتاريخ، فليأخذوا أجورهم من الناس ومن التاريخ تعظيماً وتكريماً وتخليداً لذكراهم.
ومعنى: { ضَلَّ سَعْيُهُمْ} [ الكهف: 104] أي: بطُل وذهبوكأنه لا شيءَ، مثل السراب كما صَوَّرهم الحق سبحانه في قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }النور39
وهؤلاء لا يبخسهم الله حقوقهم، ولا يمنعهم الأَجْر؛ لأنهم أحسنوا الأسباب، لكن هذا الجزاء يكون في الدنيا؛ لأنهم لما عملوا وأحسنوا الأسباب عملوا للدنيا، ولا نصيبَ لهم في جزاء الآخرة.
وقد أوضح الحق سبحانه وتعالى هذه المسألة في قوله تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ} [ الشورى: 20] .
ومع ذلك يُبقي للكافر حَقَّه، فلا يجوز لأحد من المؤمنين أنْ يظلمه أو يعتدي عليه، وفي حديث جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: ««يَحشُرُ اللهُ العِبادَ يومَ القِيامةِ – أو قال : الناسَ – عُراةً غُرلًا بُهمًا قال : قُلْنا وما ( بُهْمًا ) ؟ قال ليس مَعَهُم شيءٌ ، ثُم ينادِيهم بصوتٍ يسمعُه مَنْ بَعُدَ كما يسمعُه مَن قَرُبَ : أنَا الدَّيانُ ، أنَا الملِكُ ، لايَنبغِي لأحدٍ من أهلِ النارِ أنْ يدخلَ النارَ ولهُ عند أحدٍ من أهل ِالجنةِ حقٌ ؛ حتى أقُصُّه مِنه ، ولاينبغِي لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أنْ يدخلَ الجنةَ ولِأحدٍ من أهلِ النارِ عِندَه حقٌ حتى أقُصُّهُ مِنه ، حتى اللطْمةَ قال : قُلنا : كيفَ ، وإنَّما نأتِي عُراةً غُرلًا بُهمًا ؟ ! قال : الحسناتُ والسيئاتُ" الراوي : عبدالله بن أنيس المحدث : الألباني -المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 3608 خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%84%D9%87+%D8%B9%D9%86%D8%AF +%D8%A3%D8%AD%D8%AF+%D9%85%D9%86+%D8%A3%D9%87%D9%8 4+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9+%D8%AD%D9%8E%D9%8 2%D9%91%D9%8C+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
فانظر إلى دِقَّة الميزان وعدالة السماء التي تراعي حَقَّ الكافر، فتقتصّ له قبل أنْ يدخل النارَ، حتى ولو كان ظالمه مؤمناً.
وفي قوله تعالى: { ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا} [ الكهف: 104] جاءت كلمة الضلال في القرآن الكريم في عِدّة استعمالات يُحدِّدها السياق الذي وردتْ فيه.
فقد يأتي الضلال بمعنى الكفر، وهو قمة الضلال وقمة المعاصي، كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى: { أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ موسى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الكفر بالإيمان فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل} [ البقرة: 108] .
ويُطلق الضلال، ويُراد به المعصية حتى من المؤمن، كما جاء في قوله تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً} [ الأحزاب: 36] .
ويُطلق الضلال، ويُراد به أنْ يغيب في الأرض، كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ }السجدة10
يعني: غِبْنا فيها واختفينا.
- غبنا فيها بأن صرنا ترابا مختلطا بترابها-
ويُطلَق الضلال ويُراد به النسيان، كما في قوله تعالى: { أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى} [ البقرة: 282]
ويأتي الضلال بمعنى الغفلة التي تصيب الإنسان فيقع في الذنب دون قصد.
كما جاء في قصة موسى وفرعون حينما وكز موسى الرجل فقضى عليه، فلما كلمه فرعون قال: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ }الشعراء20
أي: قتلتُه حال غفلة ودون قصد، ومَنْ يعرف أن الوكزة تقتل؟ والحقيقة أن أجلَ الرجل جاء مع الوكزة لا بها.
ويحدث كثيراً أن واحداً تدهسه سيارة وبتشريح الجثة يتبين أنه مات بالسكتة القلبية التي صادفتْ حادثة السيارة.
ويأتي الضلال بمعنى: أَلاّ تعرف تفصيل الشيء، كما في قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }الضحى7 أي: لا يعرف ما هذا الذي يفعله قومه من الكفر.
ووجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان, فعلَّمك ما لم تكن تعلم, ووفقك لأحسن الأعمال
ثم يقول الحق سبحانه: { أولئك الذين كَفَرُواْ} هنا (https://www.mosshaf.com/main)
* * *

أم أبي التراب
04-26-2015, 02:51 PM
المجلس الواحد و السبعون
7 رجب 1436 هـ


{{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً *}}.الكهف 105
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ْ} أي: جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية، الدالة على وجوب الإيمان به، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر.

{ فَحَبِطَتْ ْ} بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ْ} لأن الوزن فائدته، مقابلة الحسنات بالسيئات، والنظر في الراجح منها والمرجوح، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها، وهو الإيمان، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ْ} لكن تعد أعمالهم وتحصى، ويقررون بها، ويخزون بها على رءوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها
تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/ar/main)
قوله تعالى: { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } الكونية أو الشرعية؟
الظاهر كلتاهما، لكن الذين كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم،كذبوا بالآيات الشرعية، ولم يكذبوا بالآيات الكونية، والدليل أن الله تعالى أخبر أنهم إذا سُئلوا: من خلق السموات والأرض؟ يقولون: الله ـ عزّ وجل ـ،
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }العنكبوت61
ولا أحد منهم يدعي أن هنالك خالقاً آخر مع الله، لكنهم كذبوا بالآيات الشرعية، كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ كذبوا بما جاء به، فهم داخلون في الآية.
{ {وَلِقَائِهِ} } أي: كذبوا بلقاء الله، ومتى يكون لقاء الله؟
الجواب: يكون يوم القيامة، فهؤلاء كذبوا بيوم القيامة وجادلوا، وأُروا الآيات ولكنهم أصروا، قال الله تعالى: {{ أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}} [يس: 77 ـ 78] يكذبنا فيه فقال: {{مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}} [يس: 78] تَحَدٍّ! من يحييها؟ رميم لا فيها حياة ولا شيء؟

{{قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}} [يس: 79] ومن الذي أنشأها أوّل مرة؟
الجواب: هو الله، والإعادة أهون من الابتداء كما قال الله عزّ وجل: {{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}} [الروم: 27] هذا دليل، إذاً الدليل على إمكان البعث، وإحياء العظام وهي رميم:
1 ـ أن الله تعالى ابتدأها ، ولما قال زكريا حين بُشِّر بالولد وكان قد بلغ في الكِبَر عتيا، إن امرأته عاقر، قال الله تعالى: {{قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا *}} [مريم: 9] ، فالذي خلقك من قبل، وأنت لم تكن شيئاً قادر على أن يجعل لك ولداً.
2 ـ {{وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}} [يس: 79] وإذا كان الله بكل خلق عليماً، فإنه لن يتعذر عليه أن يخلق ما يشاء، من الذي يمنعه إذا كان عليماً بكل خلق؟
الجواب: لا أحد يمنعه.
3 ـ {{الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ *}} [يس: 80] شجر أخضر يخرج منه نار، فالشجر الأخضر يضرب بالزند ثم ينقدح ناراً، وكان العرب يعرفون هذا، فالذي يخرج هذه النار، وهي حارة يابسة من غصن رطب بارد، يعني متضادان غاية التضاد، قادر على أن يخلق الإنسان، أو أن يعيد خلق العظام وهي رميم، ثم حقق هذه النار بقوله: {{فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}} تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
قال ابن كثير في تفسيره :
وقوله تعالى: "الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ " أي الذي بدأ خلق هذا الشجر من ماء حتى صار خضرًا نضرًا ذا ثمر وينع ثم أعاده إلى أن صار حطبا يابسا توقد به النار كذلك هو فعال لما يشاء قادر على ما يريد لا يمنعه شيء قال قتادة في قوله "الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون" يقول الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر على أن يبعثه وقيل المراد بذلك شجر المرخ والعفار ينبت في أرض الحجاز فيأتي من أراد قدح نار وليس معه زناد فيأخذ منه عودين أخضرين ويقدح أحدهما بالآخر فتتولد النار من بينهما كالزناد سواء وروي هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي المثل: لكل شجر نار واستمجد المرخ والغفار وقال الحكماء في كل شجر نار إلا العناب. هنا (https://www.mosshaf.com/main)
قال الشيخ العثيمين:
4 ـ { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ }؟ [يس: 81] .
الجواب: بلى، قال الله تعالى: { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر: 57] فالذي خلق السموات والأرض بِكِبَرِهَا، وعظمها قادر على أن يعيد جزءاً من لا شيء بالنسبة للأرض، من أنت يا ابن آدم بالنسبة للأرض؟ لا شيء، أنت خُلقتَ منها، أنت بعض يسير منها، فالذي قدر على خلق السموات والأرض، قادر على أن يخلق مثلهم، قال الله تعالى مجيباً نفسه: {{بَلَى}} [يس: 81] .
5 ـ {{وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ}} [يس: 81] الخلاَّق صيغة مبالغة، وإن شئت فاجعلها نسبة، يعني أنه موصوف بالخلق أزلا وأبدا، وهو تأكيد لقوله قبل: {{وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}} [يس: 79] .
6 ـ {{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}} [يس: 82] لا يحتاج إلى عمال ولا بنَّائين ولا أحد {{كُنْ فَيَكُونُ}}؛ ولهذا قال عزّ وجل: {{إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ *}} [يس: 53] ، كلمة واحدة.-حصلتْ من نفخ إسرافيلَ عليه السَّلامُ في الصُّور- تفسير أبي السعود (https://www.mosshaf.com/main)
7 ـ {{فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}} [يس: 83] كل شيء فبيده ملكوته ـ عزّ وجل ـ يتصرف كما يشاء، فنسأله ـ عزّ وجل ـ أن يهدينا صراطه المستقيم.
8 ـ {{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}} [يس: 83] فهذا هو الدليل الثامن. وإنما كان دليلاً؛ لأنه لولا رجوعنا إلى الله ـ عزّ وجل ـ لكان وجودنا عبثاً، وهذا ينافي الحكمة، فتأمل سياق هذه الأدلة الثمانية في هذا القول الموجز، ومع ذلك ينكرون لقاء الله.
في قوله: { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } إلزام لهم بالإيمان؛ لأنه كونه ربهم ـ عزّ وجل ـ يجب أن يطيعوه وأن يؤمنوا به، لكن من حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن.
{ {فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} } يعني بَطَلَت ولم ينتفعوا بها، حتى لو أن الكافر أحسن وأصلح الطرق وبنى الرُّبط، وتصدق على الفقراء فإن ذلك لا ينفعه، إن أراد الله أن يثيبه عجل الله له الثواب في الدنيا، أما في الآخرة فلا نصيب له، نعوذ بالله نسأل الله الحماية والعافية، لأن أعماله حبطت، ولكن هل يحبط العمل بمجرد الردة أم لا بد من شرط؟
الجواب: لا بد من شرط، وهو أن يموت على ردته، قال الله تعالى: {{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ}} [البقرة: 217] . أما لو ارتد، ثم مَنَّ الله عليه بالرجوع إلى الإسلام، فإنه يعود عليه عمله الصالح السابق للردة.
{ {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} } يعني أنه لا قدر لهم عندنا ولا ميزان، وهو كناية عن سقوط مرتبتهم عند الله عزّ وجل.
وقيل: إن المعنى أننا لا نزنهم، لأن الوزن إنما يحتاج إليه لمعرفة ما يترجح من حسنات أو سيئات، والكافر ليس له عمل حتى يوزن، ولكن الصحيح أن الأعمال توزن كُلَّها، قال الله تعالى: {{الْقَارِعَةُ *مَا الْقَارِعَةُ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ *يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ *وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ *فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ *فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ *وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ *فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه *نَارٌ حَامِيَةٌ *}} [القارعة: 6 ـ 11] . فيقام الوزن؛ لإظهار الحجة عليه، والمسألة هذه فيها خلاف.
* * *

*{{ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا *}}.الكهف 106
قوله تعالى: { {ذَلِكَ} } يعني ذلك المذكور من أنه لا يقام لهم الوزن وأن أعمالهم تكون حابطة.
{ {جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا} } الباء للسببية و(ما) مصدرية وتقدير الكلام: بكفرهم.
{ {وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} } قوله: { {وَاتَّخَذُوا} } معطوفة على { {كَفَرُوا} } أي: بما كفروا واتخذوا، فهم ـ والعياذ بالله ـ كفروا وتعدى كفرهم إلى غيرهم، صاروا يستهزئون بالآيات، ويستهزئون بالرسل، ولم يقتصروا على كفرهم بالله.
{ {هُزُوًا} } أي: محلَّ هُزؤ، يسخرون منهم، ولهذا قال الله ـ عزّ وجل ـ للرسول صلّى الله عليه وسلّم: {{وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا}} [الأنبياء: 36] ويقولون: {{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً}} ! [الفرقان: 41] ، والاستفهام هنا لا يخفى أنه للتحقير، أهذا الرسول! {{إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا}} [الفرقان: 42] . أعوذ بالله؛ يفتخرون أنهم صبروا على آلهتهم وانتصروا لها.
* * *

تفسير الشيخ العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)

أم أبي التراب
05-03-2015, 02:29 PM
المجلس الثاني و السبعون
14 رجب 1436 هـ
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً *"الكهف 107
قال ثعلب : كل بستان يحوّط عليه فهو فردوس.
تفسير البحر المحيط (https://www.mosshaf.com/main)
أي: إن الذين آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم، وشمل هذا الوصف جميع الدين، عقائده، وأعماله، أصوله، وفروعه الظاهرة، والباطنة، فهؤلاء -على اختلاف طبقاتهم من الإيمان والعمل الصالح -لهم جنات الفردوس.

يحتمل أن المراد بجنات الفردوس، أعلى الجنة، وأوسطها، وأفضلها، وأن هذا الثواب، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح، والأنبياء والمقربون.
ويحتمل أن يراد بها، جميع منازل الجنان، فيشمل هذا الثواب، جميع طبقات أهل الإيمان، من المقربين، والأبرار، والمقتصدين، كل بحسب حاله، وهذا أولى المعنيين لعمومه، ولذكر الجنة بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس، ولأن الفردوس يطلق على البستان، المحتوي على الكرم، أو الأشجار الملتفة، وهذا صادق على جميع الجنة، فجنة الفردوس نزل، وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح، وأي: ضيافة أجل وأكبر، وأعظم من هذه الضيافة، المحتوية على كل نعيم، للقلوب، والأرواح، والأبدان، وفيها ما تشتهيه الأنفس.
وتلذ الأعين، من المنازل الأنيقة، والرياض الناضرة، والأشجار المثمرة،.
والطيور المغردة المشجية، والمآكل اللذيذة، والمشارب الشهية، والنساء الحسان، والخدم، والولدان، والأنهار السارحة، والمناظر الرائقة، والجمال الحسي والمعنوي، والنعمة الدائمة، وأعلى ذلك وأفضله وأجله، التنعم بالقرب من الرحمن ونيل رضاه، الذي هو أكبر نعيم الجنان، والتمتع برؤية وجهه الكريم، وسماع كلام الرءوف الرحيم، فلله تلك الضيافة، ما أجلها وأجملها، وأدومها وأكملها"، وهي أعظم من أن يحيط بها وصف أحد من الخلائق، أو تخطر على القلوب، فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علما حقيقيا يصل إلى قلوبهم، لطارت إليها قلوبهم بالأشواق، ولتقطعت أرواحهم من ألم الفراق، ولساروا إليها زرافات ووحدانا، ولم يؤثروا عليها دنيا فانية، ولذات منغصة متلاشية، ولم يفوتوا أوقاتا تذهب ضائعة خاسرة، يقابل كل لحظة منها من النعيم من الحقب آلاف مؤلفة، ولكن الغفلة شملت، والإيمان ضعف، والعلم قل، والإرادة نفذت فكان، ما كان، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
بدل ما كانت جهنم نزلا للكافرين، صارت جنات الفردوس نزلا للمؤمنين، لكن بشرطين:
1 ـ الإيمان 2 ـ العمل الصالح. والإيمان محله القلب، والعمل الصالح محله الجوارح، وقد يراد به أيضاً عمل القلب، كالتوكل والخوف والإنابة والمحبة، وما أشبه ذلك.
و{ {الصَّالِحَاتِ} } هي التي كانت خالصة لله، وموافقة لشريعة الله.
ولا يمكن أن يكون العمل صالحاً إلاَّ بهذا، الإخلاص لله، والموافقة لشريعة الله، فمن أشرك؛ فعمله غير صالح، ومن ابتدع فعمله غير صالح، ويكون مردوداً عليهما، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» [(53)].
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» [(54)]. أي: مردود عليه، فصار العمل الصالح ما جمع وصفين: الإخلاص لله، والمتابعة لشريعة الله، أو لرسول الله؟
الجواب: لشريعة الله أحسن، إلاَّ إذا أريد بالمتابعة لرسول الله، الجنس، دون محمد صلّى الله عليه وسلّم فنعم، لأن المؤمنين من قوم موسى وقوم عيسى يدخلون في هذا.
قوله: { {كَانَتْ لَهُمْ} } هل المراد بالكينونة هنا الكينونة الماضية، أو المراد تحقيق كونها نزلاً لهم؟ كقوله تعالى: {{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}}؟ نقول: الأمران واقعان، فكانت في علم الله نزلا لهم، وكانت نزلا لهم على وجه التحقيق؛ لأن «كان» قد يسلب منها معنى الزمان، ويكون المراد بها التحقيق. { {جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} } هل هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته، أو لأن الفردوس هو أعلى الجنَّات، والجنَّات الأُخرى تحته؟
الجواب: الظاهر الثاني لأنه ليس جميع المؤمنين الذين عملوا الصالحات ليسوا كلهم في الفردوس، بل هم في جنات الفردوس، والفردوس قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ»
- من آمن باللهِ وبرسولِه ، وأقام الصَّلاةَ ، وصام رمضانَ ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ ، جاهِدْ في سبيلِ اللهِ ، أو جلس في أرضِه الَّتي وُلِد فيها . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نُبشِّرُ النَّاسَ ؟ قال : إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ اللهِ ، ما بين الدَّرجتَيْن كما بين السَّماءِ والأرضِ ، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوسَ ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّةِ ، وأعلَى الجنَّةِ - أراه - فوقه عرشُ الرَّحمنِ

الراوي : أبو هريرة المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 2790 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية
(http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D9%8E%D9%88%D9%92%D8%B3%D9%8E %D8%B7%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D9%92%D8%AC%D9%8E%D9%86% D9%91%D9%8E%D8%A9%D9%90+%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D 8%B9%D9%92%D9%84%D9%8E%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
أعلى الجنة ووسط الجنة معناه أن الجنة مثل القبَّة، وفيه أيضاً وصف رابع: ومنه تفجر أنهار الجنة.
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)
*قال البخاري في صحيحه:حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ " فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"
صحيح البخاري - كِتَاب بَدْءِ الْخَلْقِ - الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلا -حديث رقم 3072 .موقع الإسلام (http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=237&Words=%D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%AA%D9%8F+%D9%84% D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D 8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%8E+&Type=phrase&Level=exact&ID=268465&Return=http%3a%2f%2fhadith.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2fLoader.aspx%3fpageid%3d236%26Words%3d% D8%A3%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%AA%D9%8F%2b%D9%84%D8%B9 %D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A%2b%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A 7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%86%D9%8E%2b%26Level%3dexact %26Type%3dphrase%26SectionID%3d2%26Page%3d0) * * *

{{خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً *}}.الكهف 108

" خَالِدِينَ فِيهَا ْ" هذا هو تمام النعيم، إن فيها النعيم الكامل، ومن تمامه أنه لا ينقطع " لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ْ" أي: تحولا ولا انتقالا، لأنهم لا يرون إلا ما يعجبهم ويبهجهم، ويسرهم ويفرحهم، ولا يرون نعيما فوق ما هم فيه.تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
"لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً " تنبيه على رغبتهم فيها وحبهم لها مع أنه قد يتوهم فيمن هو مقيم في المكان دائمًا أنه قد يسأمه أو يمله؛ فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي؛ لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولا ولا انتقالاً ولا ظعنًا ولاً رحلة ولا بدلاً.تفسيرابن كثير (https://www.mosshaf.com/main)
قوله تعالى: { {خَالِدِينَ فِيهَا} } أبداً، ولا نزاع في هذا بين أهل السنة.
{ {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } أي لا يطلبون عنها بدلاً، { {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } أي: تحولا؛ لأن كل واحد راضٍ بما هو فيه من النعم، وكل واحد لا يرى أن أحداً أكمل منه، وهذا من تمام النعيم، أنت مثلاً لو نزلت قصراً منيفاً فيه من كل ما يبهج النفس، ولكنك ترى قصر فلان أعظم منه، هل يكمل سرورك؟
الجواب: من يريد الدنيا لا يكمل سروره، لأنه يرى أن غيره خير منه، لكن في الجنة، وإن كان الناس درجات، لكن النازل منهم ـ وليس فيهم نازل ـ يرى أنه لا أحد أنعم منه، عكس أهل النار، أهل النار يرى الواحد منهم أنه لا أحد أشد منه، وأنه أشدهم عذاباً.
{ {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} } يعني لو قيل للواحد: هل ترغب أن نجعلك في مكان آخر غير مكانك لقال: «لا»، وهذا من نعمة الله على الإنسان أن يقنع الإنسان بما أعطاه الله ـ عزّ وجل ـ وأن يطمئن ولا يقلق.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml) * * *

أم أبي التراب
05-03-2015, 06:05 PM
المجلس الثالث و السبعون
21 رجب 1436 هـ

"قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا *"الكهف 109
وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات، منقضية منتهية، وأما كلام الله، فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب فالله فوق ذلك، وهكذا سائر صفات الله تعالى، كعلمه، وحكمته، وقدرته، ورحمته، فلو جمع علم الخلائق من الأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته، ذلك بأن الله، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، وأن إلى ربك المنتهى.تفسير السعدي (https://www.mosshaf.com/main)
* قوله تعالى: { قل } أي: يا محمد: { لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا } يعني حبراً يكتب به { لِكَلِمَاتِ رَبِّي }.
{ {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} } قبل أن تنفد كلمات الله ـ عزّ وجل ـ، لأنه المدبر لكل الأمور، وبكلمة {{كُنْ}} لا نَفاد لكلامه ـ عزّ وجل ـ، بل أن في الآية الأخرى {{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ}} ، أي: لو كان أقلاماً {{وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}} [لقمان: 27] . لَنَفِد البحر وتكسرت الأقلام وكلمات الله ـ جلَّ وعلا ـ باقية.
{ {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} } يعني زيادة، فإن كلمات الله لا تنفد، وفي هذا نص صريح على إثبات كلام الله ـ عزّ وجل ـ، وكلمات الله ـ عزّ وجل ـ كونية، وشرعية، أما الشرعية فهو ما أوحاه إلى رسله، وأما الكونية فهي ما قضى به قَدَرهُ {{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *}} [يس: 82] ، وكل شيء بإرادته، إذاً فهو يقول لكل شيء {{كُنْ فَيَكُونُ}}، ومن الكلمات الشرعية ما أوحاه ـ عزّ وجل ـ إلى من دون الرسل، كالكلمات التي أوحاها إلى آدم، فإن آدم عليه الصلاة والسلام، نبي وليس برسول، وقد أمره الله ونهاه، والأمر والنهي كلمات شرعية.تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml) * * *
كَلِمَاتُ اللَّهِ نَوْعَانِ : كَوْنِيَّةٌ ، وَدِينِيَّةٌ .

فَكَلِمَاتُهُ الْكَوْنِيَّةُ هِيَ الَّتِي اسْتَعَاذَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ . قَالَ تَعَالَى : [ ص: 750 ] إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [ يس : 82 ] . وَقَالَ تَعَالَى : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ [ الْأَنْعَامِ : 115 ] . وَالْكَوْنُ كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، وَسَائِرِ الْخَوَارِقِ .


وَالنَّوْعُ الثَّانِي : الْكَلِمَاتُ الدِّينِيَّةِ ، وَهِيَ الْقُرْآنُ وَشَرْعُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ ، وَهِيَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَخَبَرُهُ ، وَحَظُّ الْعَبْدِ مِنْهَا الْعِلْمُ بِهَا ، وَالْعَمَلُ ، وَالْأَمْرُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، كَمَا أَنَّ حَظَّ الْعِبَادِ عُمُومًا وَخُصُوصًا الْعِلْمُ بِالْكَوْنِيَّاتِ وَالتَّأْثِيرُ فِيهَا ، أَيْ بِمُوجَبِهَا . فَالْأُولَى تَدْبِيرِيَّةٌ كَوْنِيَّةٌ ، وَالثَّانِيَةُ شَرْعِيَّةٌ دِينِيَّةٌ . فَكَشْفُ الْأُولَى الْعِلْمُ بِالْحَوَادِثِ الْكَوْنِيَّةِ ، وَكَشْفُ الثَّانِيَةِ الْعَلَمُ بِالْمَأْمُورَاتِ الشَّرْعِيَّةِ .
وَقُدْرَةُ الْأُولَى التَّأْثِيرُ فِي الْكَوْنِيَّاتِ ، إِمَّا فِي نَفْسِهِ كَمَشْيِهِ عَلَى الْمَاءِ ، وَطَيَرَانِهِ فِي الْهَوَاءِ ، وَجُلُوسِهِ فِي النَّارِ ، وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ ، بِإِصْحَاحٍ وَإِهْلَاكٍ ، وَإِغْنَاءٍ وَإِفْقَارٍ .
وَقُدْرَةُ الثَّانِيَةِ التَّأْثِيرُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ ، إِمَّا فِي نَفْسِهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُطَاعَ فِي ذَلِكَ طَاعَةً شَرْعِيَّةً .

فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ ، فَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْخَوَارِقِ عِلْمًا وَقُدْرَةً لَا تَضُرُّ الْمُسْلِمَ فِي دِينِهِ ، فَمَنْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ ، وَلَمْ يُسَخَّرْ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَوْنِيَّاتِ - : لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ فِي مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ [ ص: 751 ] عَدَمُ ذَلِكَ أَنْفَعَ لَهُ ، فَإِنَّهُ إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ الدِّينُ وَإِلَّا هَلَكَ صَاحِبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَإِنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَكُونُ مَعَ الدِّينِ ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ عَدَمِهِ ، أَوْ فَسَادِهِ ، أَوْ نَقْصِهِ .شرح العقيدة الطحاوية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=315&idto=315&bk_no=106&ID=367)


لأن قدرته تعالى لا حدود لها، ومادامت قدرته لا حدود لها فالمقدورات أيضاً لا حدود لها؛ لذلك لو كان البحر مداداً أي: حِبْراً يكتب به كلمات الله التي هي (كُنْ) التي تبرز المقدورات ما كان كافياً لكلمات الله { وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [ الكهف: 109] أي: بمثل البحر.

ونحن نقول مثلاً عن السلعة الجيدة: لا يستطيع المصنع أنْ يُخرِج أحسن من هذه، أما صنعة الله فلا تقف عند حد؛ لأن المصنع يعالج الأشياء، أما الحق تبارك وتعالى فيصنعها بكلمة كُنْ؛ لذلك نجد في أرقى فنادق الدنيا أقصى ما توصَّل إليه العلم في خدمة البشر أنْ تضغط على زِرِّ معين، فيُخرِج لك ما تريد من طعام أو شراب.
وهذه الأشياء بلا شكَّ مُعدَّة ومُجهَّزة مُسْبقاً، فقط يتم استدعاؤها بالضغط على زر خاص بكل نوع، لكن هل يوجد نعيم في الدنيا يحضر لك ما تريد بمجرد أن يخطر على بالك؟ إذن: فنعيم الدنيا له حدود ينتهي عندها.

لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: { حتى إِذَآ أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس كذلك نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [ يونس: 24] .

وكأن الحق سبحانه يقول لنا: لقد استنفدتم وسائلكم في الدنيا، وبلغتم أقصى ما يمكن من مُتَعِها وزينتها، فتعالوا إلى ما أعددتُه أنا لكم، اتركوا ما كنتم فيه من أسباب الله، وتعالوا عِيشُوا بالله، كنتم في عالم الأسباب فتعالوْا إلى المسبِّب.
وإنْ كان الحق سبحانه قد تكلم في هذه الآية عن المداد الذي تُكتب به كلمات الله، فقد تكلَّم عن الأقلام التي يكتب بها في آية أخرى أكثر تفصيلاً لهذه المسألة، فقال تعالى: { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ الله} [ لقمان: 27] .
ونقف هنا عند دِقَّة البيان القرآني، فلو تصوَّرنا ما في الأرض من شجر أقلام، مع ما يتميز به الشجر من تجدُّد مستمر، وتكرُّر دائم يجعل من الأشجار ثروة لا حَصْر لها ولا تنتهي، وتصوَّرنا ماء البحر مداداً يُكتب به إلا أنّ ماء البحر منذ خلقه الله تعالى محدود ثابت لاَ يزيد ولا ينقص.

لذلك لما كان الشجر يتجدَّد ويتكرَّر، والبحر ماؤه ثابت لا يزيد.

قال سبحانه: { والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} [ لقمان: 27] ليتناسب تزايد الماء مع تزايد الشجر، والمراد سبعة أمثاله، واختار هذا العدد بالذات؛ لأنه مُنتَهى العدد عند العرب.هنا (https://www.mosshaf.com/main)

**************

أم أبي التراب
05-10-2015, 04:01 PM
{{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا *"الكهف 110.
قوله تعالى: { {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ} } يعني أعلن للملأ أنك لست ملكاً، وأنك من جنس البشر { {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} } وذِكر المثلية لتحقيق البشرية، أي: أنه بشر لا يتعدى البشرية، ولذلك كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ يغضب كما يغضب الناس، وكان صلّى الله عليه وسلّم يمرض كما يمرض الناس، وكان يجوع كما يجوع الناس، وكان يعطش كما يعطش الناس، وكان يتوقى الحر كما يتوقاها الناس، وكان يتوقى سهام القتال كما يتوقاها الناس، وكان ينسى كما ينسى الناس، كل الطبيعة البشرية ثابتة للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وكان له ظِلٌ كما يكون للناس.
أمّا من زعم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم نُورَاني، ليس له ظل فهذا كذب بلا شك، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كغيره من البشر له ظل ويستظل أيضاً، ولو كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليس له ظل، لنقل هذا نقلاً متواتراً؛ لأنه من آيات الله ـ عزّ وجل ـ إذاً الرسول صلّى الله عليه وسلّم بشر مثل الناس، وهل يقدر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يجلب للناس نفعاً أو ضراً؟
الجواب: لا، كما أمره الله ـ عزّ وجل ـ أن يقول: {{قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا *}} [الجن: 21] ، ومن العجب أن أقواماً لا يزالون موجودين، يتعلقون بالرسول صلّى الله عليه وسلّم أكثر مما يتعلقون بالله ـ عزّ وجل ـ إذا ذكر الرسول (ص) اقشعرت جلودهم، وإذا ذكر الله كأن لم يُذكر! حتى إن بعضهم يؤثر أن يحلف بالرسول (ص) دون أن يحلف بالله ـ عزّ وجل ـ وحتى إن بعضهم يرى أن زيارة قبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، أفضل من زيارة الكعبة، ولقد شاهدت أناساً حُجزوا عن المدينة في أيام الحج لقرب وقت الحج، لأنه إذا قرب وقت الحج منعوهم من الذهاب إلى المدينة، لئلاَّ يفوتهم الحج، يبكي! يقول: أنا منعت من الأنوار، ومنعت من كذا وكذا ويعدد ما نسيته الآن، فيقال له: أنت لماذا جئت؟ قال: جئت لمشاهدة الأنوار كأنه ما جاء إلا لزيارة المدينة، ونسي أنه جاء ليؤدي فريضة الحج، وسبب ذلك الجهل؛ وأن العلماء لا يبينون للعامة، وإلاّ فالعامي عنده عاطفة جياشة لو أنه أخبر بالحق لرجع إليه.
{ {يُوحَى إِلَيَّ} } هذا هو الميزة للرسول صلّى الله عليه وسلّم، أنه يوحى إليه، وغيره لا يوحى إليه، إلاَّ إخوانه من المرسلين عليهم الصلاة والسلام.
{ {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} } هذه الجملة حصر، كأنه قال: لا إله إلا واحد، واستفدنا أنها للحصر من «إنَّما»؛ لأن كلمة «إنما» من أدوات الحصر، تقول: «إنما زيد قائم» يعني ليس له وصف غير القيام، وتقول: «إنما العلم بالتعلم» وليس هناك طريق للعلم إلاَّ بالتعلم.
{ } أي: يُأمِّل أن يلقى الله ـ عزّ وجل ـ ويؤمن بذلك.
{ {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا} } دعوة يسيرة سهلة، أتريد أن تلقى ربك وقلبك مملوء بالرجاء؟ إذا كان كذلك { {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} }. كل إنسان عاقل يرجو لقاء الله ـ عزّ وجل ـ ولقاء الله ـ عزّ وجل ـ ليس ببعيد، قال الله تعالى: { مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [العنكبوت: 5] . قال بعض العلماء: إن قوله {{فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآَتٍ}} بمعنى قولِهم «كل آتٍ قريب».
{ {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} } إذا قال قائل: ألستم قررتم أن العمل الصالح، لا بد فيه من إخلاص ومتابعة؟ قلنا: بلى، لكنه لما كان الإخلاص ذا أهمية عظيمة ذكره تخصيصاً بعد دخوله ضمن قوله: { {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا} }.
وتأمل قوله: { {بِعِبَادَةِ رَبِّهِ} } ليتبين لك أنه جلَّ وعلا حقيق بأن لا يشرَك به؛ لأنه الرب الخالق المالك المدبر لجميع المخلوقات، إننا نقول بقلوبنا وألسنتنا: «ربنا الله» ونسأل الله تعالى الاستقامة حتى ندخل في قوله تعالى:
{{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ *}} [فصلت: 30] .
والحمد لله الذي وفقنا لإكمال هذه السورة، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
تفسير العثيمين (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17925.shtml)