المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حلية طالب العلم


أم أبي التراب
08-02-2014, 01:52 AM
شرح حلية طالب العلم

المـُــقـَـدِّمـَـةُ


الحمدُ للهِ ، وبعدُ :
فأُقَيِّدُ معالِمَ هذه ( الْحِلْيَةِ ) المبارَكَةِ عامَ 1408 هـ ، والمسلمونَ – وللهِ الحمدُ – يُعايِشونَ يَقَظَةً علْمِيَّةً ، تتَهَلَّلُ لها سُبُحَاتُ الوُجوهِ ، ولا تَزالُ تنشُطُ – متقدِّمَةً إلى الترَقِّي والنُّضوجِ – في أفئدةِ شبابِ الأُمَّةِ مَجْدَها ودَمَها الْمُجَدِّدَ لحياتِها ، إذ نَرَى الكتائبَ الشبابيَّةَ تَتْرَى ، يتَقَلَّبُون في أعطافِ العلْمِ مثْقَلِينَ بِحَمْلِه يَعُلُّونَ منه ويَنْهَلُون ، فلَدَيْهِم من الطموحِ والجامِعِيَّةِ ، والاطِّلاعِ الْمُدْهِشِ والغَوْصِ على مَكنوناتِ المسائلِ ، ما يَفرحُ به المسلمونَ نَصْرًا فسبُحانَ مَن يُحْيِي ويُميتُ قُلوبًا .
لكن ؛ لا بُدَّ لهذه النَّواةِ المبارَكَةِ من السَّقْيِ والتَّعَهُّدِ في مَساراتِها كافَّةً ؛ نَشْرًا للضماناتِ التي تَكُفُّ عنها العِثارَ والتعَثُّرَ في مَثانِي الطلَبِ والعمَلِ ؛ من تَمَوُّجَاتٍ فِكرِيَّةٍ وعَقَدِيَّةٍ ، وسُلوكيَّةٍ ، وطائِفِيَّةٍ وحِزْبِيَّةٍ .
وقد جَعَلْتُ طَوْعَ أيدِيهم رسالةً في ( التَّعَالُمِ ) تَكْشِفُ الْمُنْدَسِّينَ بينَهم خشيةَ أن يُرْدُوهم ، ويُضَيِّعُوا عليهم أمْرَهم ، ويُبَعْثِروا مَسيرتَهم في الطلَبِ فيَسْتَلُّوهُم وهم لا يَشْعُرون .
واليومَ أَخوكَ يَشُدُّ عَضُدَك ، ويأخُذُ بِيَدِك ، فأَجْعَلُ طَوْعَ بَنانِكَ رسالةً تَحمِلُ ( الصفةَ الكاشفةَ ) لحِلْيَتِك ، فها أنذا أَجْعَلُ سِنَّ القَلَمِ على القِرْطَاسِ ، فاتْلُ ما أَرْقُمُ لك أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْنًا .
لقد تَوَارَدَتْ مُوجباتُ الشرْعِ على أنَّ التَّحَلِّيَ بمحاسِنِ الآدابِ ، ومَكارمِ الأخلاقِ ، والْهَدْيِ الحسَنِ ، والسمْتِ الصالِحِ: سِمَةُ أهلِ الإسلامِ وأنَّ العِلْمَ – وهو أَثْمَنُ دُرَّةٍ في تَاجِ الشرْعِ الْمُطَهَّرِ – لا يَصِلُ إليه إلا الْمُتَحَلِّي بآدابِه ، الْمُتَخَلِّي عن آفاتِه ، ولهذا عناه العلماءُ بالبحْثِ والتنبيهِ وأَفْرَدُوها بالتأليفِ ، إمَّا على وجهِ العمومِ لكافَّةِ العلومِ، أو على وَجهِ الْخُصوصِ ، كآدابِ حَمَلَةِ القرآنِ الكريمِ ، وآدابِ الْمُحَدِّث وآدابِ الْمُفْتِي وآدابِ القاضي ، وآدابِ الْمُحْتَسِبِ ، وهكذا .
والشأنُ هنا في الآدابِ العامَّةِ لِمَنْ يَسْلُكُ طريقَ التعلُّمِ الشرعيِّ .
وقد كان العلماءُ السابقون يُلَقِّنُونَ الطُّلَّابَ في حِلَقِ العِلْمِ آدابَ الطلَبِ وأَدْرَكْتُ خَبَرَ آخِرِ العَقْدِ في ذلك في بعضِ حَلقاتِ العلْمِ في المسجدِ النبويِّ الشريفِ ؛ إذ كان بعضُ الْمُدَرِّسينَ فيه ، يُدَرِّسُ طُلابَه كتابَ الزرنوجيِّ ( م سنة 593 هـ ) رَحِمَه الله تعالى ، الْمُسَمَّى : ( تعليمَ المتعلِّمِ طَريقَ التعلُّمِ ).
فعَسَى أن يَصِلَ أهلُ العلْمِ هذا الحبْلَ الوَثيقَ الهاديَ لأَقوَمِ طريقٍ فيُدْرَجُ تدريسُ هذه المادَّةِ في فواتِحِ دُروسِ المساجدِ ، وفي موادِّ الدراسةِ النِّظاميَّةِ ، وأَرْجُو أن يكونَ هذا التقييدُ فاتحةَ خيرٍ في التنبيهِ على إحياءِ هذه المادَّةِ التي تُهَذِّبُ الطالبَ وتَسلُكُ به الجادَّةَ في آدابِ الطلَبِ وحَمْلِ العلْمِ ، وأَدَبِه مع نفسِه ، ومع مُدَرِّسِه ، ودَرْسِه ، وزميلِه ، وكتابِه ، وثَمَرَةِ عِلْمِه ، وهكذا في مَراحلِ حياتِه .
فإليك حِلْيَةً تَحْوِي مجموعةَ آدابٍ ، نواقِضُها مَجموعةُ آفاتٍ ، فإذا فاتَ أَدَبٌ منها اقْتَرَفَ الْمُفَرِّطُ آفةً من آفاتِه ، فمُقِلٌّ ومُسْتَكْثِرٌ وكما أنَّ هذه الآدابَ درجاتٌ صاعدةٌ إلى السُّنَّةِ فالوجوبُ ، فنواقِضُها دَرَكَاتٌ هابطةٌ إلى الكراهةِ فالتحريمِ .
ومنها ما يَشْمَلُ عُمومَ الْخَلْقِ من كلِّ مُكَلَّفٍ ، ومنها ما يَخْتَصُّ به طالبُ العلْمِ ، ومنها ما يُدْرَكُ بضرورةِ الشرْعِ ، ومنها ما يُعْرَفُ بالطبْعِ ، ويَدُلُّ عليه عُمومُ الشرْعِ ، من الْحَمْلِ على مَحاسِنِ الآدابِ ومَكارِمِ الأخلاقِ ولم أَعْنِ الاستيفاءَ ، لكن سِياقَتَها تَجْرِي على سبيلِ ضَرْبِ الْمِثالِ ، قاصدًا الدَّلالةَ على الْمُهِمَّاتِ ، فإذا وافَقَتْ نفسًا صالحةً لها ، تناوَلَتْ هذا القليلَ فكَثَّرَتْه وهذا الْمُجْمَلَ ففَصَّلَتْه، ومَن أَخَذَ بها انْتَفَعَ ونَفَعَ، وهي بدَوْرِها مأخوذةٌ من أَدَبِ مَن بارَكَ اللهُ في عِلْمِهم وصاروا أئمَّةً يُهْتَدَى بهم ، جَمَعَنا اللهُ بهم في جَنَّتِه آمينَ .

أم أبي التراب
08-02-2014, 02:01 AM
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد فقد قرر شيخنا محمد بن صالح العثيمين قراءة كتاب حلية طالب العلم لفضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (وذلك أواخر شهر رجب لعام 1415)
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم تعليقًا على هذه المقدمة نحن قررنا هذا بعد مشاورتكم واقترحاتكم وذلك لأن طالب العلم إذا لم يتحل بالأخلاق الفاضلة فإن طلبه للعلم لا فائدة فيه لا بد أن الإنسان كلما علم شيئا من الفضائل أو العبادات أن يقوم به فإن لم يفعل فهو والجاهل سواء بل الجاهل أحسن حالاً منه لأن هذا ترك الفضل عن عمد بخلاف الجاهل ولأن الجاهل ربما ينتفع إذا علم بخلاف من علم ولم ينتفع وبهذا أحث نفسي وإياكم على التحلي بالأخلاق الفاضلة والصبر والمصابرة والعفو والإحسان بقدر المستطاع هذا بغض النظر عن الوصية الكبرى وهي الوصية بتقوى الله عز وجل التي قال الله تعالى فيها
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}النساء 131


أما مؤلف هذه الحلية فهو أخونا الشيخ بكر أبو زيد وهو من أكابر العلماء ومن المعروفين بالحزم والضبط والنزاهة لأنه تولى مناصب كثيرة وكل عمله فيها يدل على أنه أهل لما تولاه وهو الآن مع لجنة الفتوى التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في الرياض ومع هيئة كبار العلماء فنسأل الله لنا وله التوفيق ثم إن كلامه في غالب كتبه كلام يدل على تضلعه في اللغة العربية ولهذا يأتي أحيانا بألفاظ تحتاج إلى مراجعة قواميس اللغة والذي يظهر أنه لا يتكلف ذلك لأن الكلام سلس ومستقيم وهذا يدل على أن الله تعالى أعطاه غريزة في اللغة العربية لم ينلها كثير من العلماء في وقتنا حتى إنك تكاد تقول إن هذه الفصول كمقامات الحريري ومقامات الحريري معروفة لأكثركم مقامات جيدة وفيها مواعظ وفيها كثير من الكلمات اللغوية التي يستفيد الإنسان منها – نعم.
القارئ:
قال الشيخ بكر : بسم الله الرحمن الرحيم .
المـُــقـَـدِّمـَـةُ
الحمدُ للهِ ، وبعدُ :
فأُقَيِّدُ معالِمَ هذه ( الْحِلْيَةِ ) المبارَكَةِ عامَ 1408 هـ ، والمسلمونَ – وللهِ الحمدُ – يُعايِشونَ يَقْظَةً علْمِيَّةً ، تتَهَلَّلُ لها سُبُحَاتُ الوُجوهِ ، ولا تَزالُ تنشُطُ – متقدِّمَةً إلى الترَقِّي والنُّضوجِ – في أفئدةِ شبابِ الأُمَّةِ مَجْدَها ودَمَها الْمُجَدِّدَ لحياتِها ، إذ نَرَى الكتائبَ الشبابيَّةَ تَتْرَى ، يتَقَلَّبُون في أعطافِ العلْمِ مثْقَلِينَ بِحَمْلِه يَعُلُّونَ منه ويَنْهَلُون ، فلَدَيْهِم من الطموحِ والجامِعِيَّةِ ، والاطِّلاعِ الْمُدْهِشِ والغَوْصِ على مَكنوناتِ المسائلِ ، ما يَفرحُ به المسلمونَ نَصْرًا فسبُحانَ مَن يُحْيِي ويُميتُ قُلوبًا .
لكن ؛ لا بُدَّ لهذه النَّواةِ المبارَكَةِ من السَّقْيِ والتَّعَهُّدِ في مَساراتِها كافَّةً ؛ نَشْرًا للضماناتِ التي تَكُفُّ عنها العِثارَ والتعَثُّرَ في مَثانِي الطلَبِ والعمَلِ ؛ من تَمَوُّجَاتٍ فِكرِيَّةٍ وعَقَدِيَّةٍ ، وسُلوكيَّةٍ ، وطائِفِيَّةٍ وحِزْبِيَّةٍ .
الشيخ:
هذا ما قاله صحيح لأنه في الآوانة الآخيرة حصل ولله الحمد من الشباب طموحات واسعة في شتى المجالات لكنها تحتاج كما قال تحتاج إلى ضمانات وكوابح تضمن بقاء هذه النهضة وهذا الطموح لأن كل شيء إذا زاد عن حده فإنه سوف يرجع إلى جذره إذا لم يضبط ويكبح فإنه يكون دمارًا وربما يكون دمارا في المجتمع وربما يكون دمارا حتى على صاحبه في قلبه أرأيتم الخوارج عندهم من الإيمان بمحبة كون المسلمين على الحق مالا يوجد في غيرهم لكن هذا قد زاد حتى كفروا المسلمين وأئمة المسلمين وخرجوا عليهم فصاروا كما قال النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام (( يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية))1 فأنت اضبط قلبك إذا رأيته سوف ينفر بعيدا وسوف يسلك مسلك صعبا فعليك أن ترده عليك أن ترده وأن تعرف أن المقصود إقامة دين الله لا الانتصار للغيرة وثورة النفس ومعلوم أنه إذا كان هذا هو المقصود أعني الانتصار لدين الله فإن الإنسان سوف يسلك أقرب الطرق إلى حصول هذا المقصود ولو بالمهادنة إذا دعت الحاجة إلى ذلك . نعم .
القارئ:
وقد جَعَلْتُ طَوْعَ أيدِيهم رسالةً في ( التَّعَالُمِ ) تَكْشِفُ الْمُنْدَسِّينَ بينَهم خشيةَ أن يُرْدُوهم ، ويُضَيِّعُوا عليهم أمْرَهم ، ويُبَعْثِروا مَسيرتَهم في الطلَبِ فيَسْتَلُّوهُم وهم لا يَشْعُرون .
واليومَ أَخوكَ يَشُدُّ عَضُدَك ، ويأخُذُ بِيَدِك ، فأَجْعَلُ طَوْعَ بَنانِكَ رسالةً تَحمِلُ ( الصفةَ الكاشفةَ ) لحِلْيَتِك ، فها أنذا أَجْعَلُ سِنَّ القَلَمِ على القِرْطَاسِ ، فاتْلُ ما أَرْقُمُ لك أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْنًا .
لقد تَوَارَدَتْ مُوجباتُ الشرْعِ على أنَّ التَّحَلِّيَ بمحاسِنِ الآدابِ ، ومَكارمِ الأخلاقِ ، والْهَدْيِ الحسَنِ ، والسمْتِ الصالِحِ: سِمَةُ أهلِ الإسلامِ.

الشيخ:
الآن الشيخ بكر يقول اليوم أخوك يشد عضدك ويأخذ بيدك فأجعل طوع. فيها إلتفات من أين؟ من الغيبة إلى الحضور هذا ليس معتادًا عند العلماء في مؤلفاتهم العلمية لكن كما قلنا أولا أن الشيخ يعتمد على البلاغات اللغوية ومعلوم أن الانتقال في الإسلوب من غيبة إلى خطاب أو من خطاب إلى غيبة أو من مفرد إلى جمع حيث صح الجمع . من المعلوم أن هذا سوف يوجب الانتباه لأن الإنسان إذا كان يسير بأسلوب مستمر عليه انسابت نفسه لكن إذا جاء شيء يغير الأسلوب سوف يتوقف وينتبه { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} المائدة 12
فقال: {أَخَذَ اللَّهُ} هذا غيب (وَبَعَثْنَا) حضور .
القارئ:
وأنَّ العِلْمَ – وهو أَثْمَنُ دُرَّةٍ في تَاجِ الشرْعِ الْمُطَهَّرِ – لا يَصِلُ إليه إلا الْمُتَحَلِّي بآدابِه ، الْمُتَخَلِّي عن آفاتِه .
ولهذا عناه العلماءُ بالبحْثِ والتنبيهِ وأَفْرَدُوها بالتأليفِ ، إمَّا على وجهِ العمومِ لكافَّةِ العلومِ، أو على وَجهِ الْخُصوصِ ، كآدابِ حَمَلَةِ القرآنِ الكريمِ ، وآدابِ الْمُحَدِّث وآدابِ الْمُفْتِي وآدابِ القاضي ، وآدابِ الْمُحْتَسِبِ ، وهكذا .
والشأنُ هنا في الآدابِ العامَّةِ لِمَنْ يَسْلُكُ طريقَ التعلُّمِ الشرعيِّ .
الشيخ:
فهذا يشمل من يسلك طريق العلم الشرعي ويشمل أيضا لمن يسلك طريق التعليم فالآداب هنا للمتعلم وللمعلم حتى المتعلم له آداب يجب أن يعتني بها .
القارئ:
وقد كان العلماءُ السابقون يُلَقِّنُونَ الطُّلَّابَ في حِلَقِ العِلْمِ آدابَ الطلَبِ وأَدْرَكْتُ خَبَرَ آخِرِ العَقْدِ في ذلك في بعضِ حَلقاتِ العلْمِ في المسجدِ النبويِّ الشريفِ ؛ إذ كان بعضُ الْمُدَرِّسينَ فيه ، يُدَرِّسُ طُلابَه كتابَ الزرنوجيِّ ( م سنة 593 هـ ) رَحِمَه الله تعالى ، الْمُسَمَّى : ( تعليمَ المتعلِّمِ طَريقَ التعلُّمِ ).
فعَسَى أن يَصِلَ أهلُ العلْمِ هذا الحبْلَ الوَثيقَ الهاديَ لأَقوَمِ طريقٍ فيُدْرَجُ تدريسُ هذه المادَّةِ في فواتِحِ دُروسِ المساجدِ ، وفي موادِّ الدراسةِ النِّظاميَّةِ ، وأَرْجُو أن يكونَ هذا التقييدُ فاتحةَ خيرٍ في التنبيهِ على إحياءِ هذه المادَّةِ التي تُهَذِّبُ الطالبَ وتَسلُكُ به الجادَّةَ في آدابِ الطلَبِ وحَمْلِ العلْمِ ، وأَدَبِه مع نفسِه ، ومع مُدَرِّسِه ، ودَرْسِه ، وزميلِه ، وكتابِه ، وثَمَرَةِ عِلْمِه ، وهكذا في مَراحلِ حياتِه .
فإليك حِلْيَةً تَحْوِي مجموعةَ آدابٍ ، نواقِضُها مَجموعةُ آفاتٍ ، فإذا فاتَ أَدَبٌ منها اقْتَرَفَ الْمُفَرِّطُ آفةً من آفاتِه ، فمُقِلٌّ ومُسْتَكْثِرٌ وكما أنَّ هذه الآدابَ درجاتٌ صاعدةٌ إلى السُّنَّةِ فالوجوبُ ، فنواقِضُها دَرَكَاتٌ هابطةٌ إلى الكراهةِ فالتحريمِ .

الشيخ:
يعني ضدها يعني معناه أنه ذكر الآداب فيكون ضدها إن كانت مسنونة يكون ضدها مكروهة وإن كانت واجبة فضدها محرم ولكن هذا ليس على إطلاق لأنه ليس ترك كل مسنون يكون مكروهًا وإلا لقلنا إن كل من لم يأت بالمسنونات في الصلاة يكون قد فعل مكروهًا لكن إذا ترك أدبا من الآداب الواجبة فإنه يكون فاعلا محرما في نفس ذلك الآدب فقط لأنه ترك فيه واجب وكذلك إذا كان مسنونًا وتركه فينظر إذا تضمن تركه إساءة أدب مع المعلم أو مع زملائه فهذا يكون مكروهًا لا لأنه تركه ولكن لأنه لزم منه إساءة الأدب والحاصل أنه لا يستقيم أن نقول كل من ترك مسنونًا فقد وقع في المكروه أو كل من ترك واجبا فقد وقع في المحرم يعني على سبيل الإطلاق بل يقيد هذا .
القارئ:
ومنها ما يَشْمَلُ عُمومَ الْخَلْقِ من كلِّ مُكَلَّفٍ ، ومنها ما يَخْتَصُّ به طالبُ العلْمِ ، ومنها ما يُدْرَكُ بضرورةِ الشرْعِ ، ومنها ما يُعْرَفُ بالطبْعِ ، ويَدُلُّ عليه عُمومُ الشرْعِ ، من الْحَمْلِ على مَحاسِنِ الآدابِ ومَكارِمِ الأخلاقِ ولم أَعْنِ الاستيفاءَ ، لكن سِياقَتَها تَجْرِي على سبيلِ ضَرْبِ الْمِثالِ ، قاصدًا الدَّلالةَ على الْمُهِمَّاتِ ، فإذا وافَقَتْ نفسًا صالحةً لها ، تناوَلَتْ هذا القليلَ فكَثَّرَتْه وهذا الْمُجْمَلَ ففَصَّلَتْه، ومَن أَخَذَ بها انْتَفَعَ ونَفَعَ، وهي بدَوْرِها مأخوذةٌ من أَدَبِ مَن بارَكَ اللهُ في عِلْمِهم وصاروا أئمَّةً يُهْتَدَى بهم ، جَمَعَنا اللهُ بهم في جَنَّتِه آمينَ .

بكر بن عبد الله أبو زيد
في اليوم الخامس من الشهر الثامن عام 1408

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2066#.U9wUp0BRc7E)
1- قلتُ لسَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ : هل سمعتَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في الخوارجِ شيئا ؟ قال : سمعتُه يقولُ وأَهْوَى بيدِه قِبَلَ العراقِ : يَخرُجُ منه قومٌ يَقرؤُون القرآنَ ، لا يُجَاوِزُ تَراقِيهم ، يَمرُقون مِن الإسلامِ مُروقَ السهمِ مِن الرَّمِيَّةِ . الراوي: سهل بن حنيف المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6934- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%8A%D9%85%D8%B1%D9%82%D9%88%D9%86 +%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7 %D9%85+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
08-02-2014, 02:05 AM
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
مقدمة الشارح :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإن الله جل وعلا قد رغَّب في طلب العلم، ورتَّب عليه الأجورَ العظيمة، كما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ الملائكة لتضَع أجنحتها لطالب العلم، رضاً بما يصنع)) 1، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقًا إلى الجنة))2 ، وكما جاء في الحديث الثالث: ((ما خرج يطلب علمًا، فهو في سبيل الله حتى يرجع))3؛ ولذلك أشاد الأئمة في طلب العلم ورغَّبوا فيه وحثُّوا عليه انطلاقًا من هذه النصوص ، وذلك أن حاجة الأمة إلى العلماء أشد من حاجتها إلى وجود غيرهم من طوائف الناس ، سواءً كان من العُبَّاد، أو كان من أهل الجهاد أو كان من أهل الأمر بالمعروف والنهي هن المنكر ، وذلك أن هذه العبادات لا تصح إلا بعلم ، لو جاهد بدون علم ، لكان ما يؤدي إليه جهاده من الفساد أعظم مما يؤدي إليه من إصلاح الأحوال ، وهكذا في بقية الأعمال؛ فمن تقرب إلى الله بصلاة ليست مبنية على علم ، فقد يكون فيها من المُبطلات والمُفسدات ما يجعلها غير مقبولة عند الله عز وجل ، ولذلك اهتم الأئمة بالعلم ، ورغَّبوا فيه ، وجعلوه شرطا في العمل ، كما قال الإمام البخاري باب ( العلم قبل القول و العمل ) ، واستدل عليه بقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }محمد19
إذا تقرَّر هذا ، فإن الله - جل وعلا- قد وازن بين العلماء وبين غيرهم فرفع شأن العلماء ، وبيَّن رِفعة مكانتهم ، كما قال جل وعلا: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9، وقال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }المجادلة11
،وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل العالم على العابد، كفضلي على أدناكم،4 وفضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)) 5. والنصوص في هذا كثيرة .
وطلب العلم ،-والعلم لا يَحصُل إلا بطلبه ، وبذل الأسباب من أجل تحصيله- ، وهذا من أفضل القربات.
وحاجة الأمة إلى العلماء أشد من حاجتها لغيرهم كما تقدم ، ومن هنا فإن العلماء هم الذين يأمرون الناس بالخير وهم الذين يعلمونهم ما فيه نفعهم في دنياهم وآخرتهم ، وهم الذين يَقُونَ الأمة من الشرور ، وهم الذين يستنبِطون حلول مشاكل الأمة من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا توجه الناس إلى رعاية العمل الإسلامي بدون أن يكون ذلك مبنيًا على علم، كان ذلك سببًا من أسباب انتكاسة العمل الإسلامي ، وذلك لأن العمل متى كان مبنيًا على عاطفة ، ولم يكن مبنيًا على علم شرعي مؤصل من كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كان ما يؤديه من المفاسد أكبر مما يؤدي إليه من المصالح ، خصوصًا في مثل أزماننا هذه ، التي ركض فيها أهل الضلالة والفساد نحو مجتمعات المسلمين ، يقودهم عدونا الأكبر الشيطان ، من أجل صد الناس عن دين الله ، ولهم في ذلك حيلٌ ومكر كثير؛ من حيلهم أنهم يدفعون الناس إلى ردود فعلٍ غير محسوبة النتائج ، فتؤدي إلى مفاسد شنيعة ، وذلك لأنهم لم ينطلقوا في تصرفاتهم من علمٍ شرعي ، ولذلك ذكر العلماء أن من شروط الفعل المكلَّف به: العلم ، بحيث يكون المرءُ عالماً بأن الشرع قد كلَّف بذلك الفعل ، ويكون المرءُ عالماً بكيفية أداء ذلك الفعل ، لكن العلم له طرائق في تعلمه، لا يمكن الاستفادة من هذا العلم ، إلا عندما نقوم بالالتزام بآداب التعلم ، بحيث نتَّصِف بهذه الآداب ونطبقها في تعلمنا، فمن تعلم العلوم بدون أن يتأدب بالآداب الشرعية لن يبارك لهُ في علمه ولن يغالى في القبول ، وكان الناس ينفرون منهُ ويظنون أن تلك النُّفرة من العلم الذي يحمله، وإنما النُّفرة من سوء تأدُّبه وسوء تخلُّقه بأخلاق الإسلام ، فحينئذ يكون ما يؤديه من المفاسد أكثر مما يؤديه من المصالح ، ولذلك عَنيَ أهل العلم بالتأليف في آداب طلب العلم منذُ العصور الأولى فأُلفت مؤلَّفات كثيرة منها آداب حملة القرآن ، ومنها أخلاق أهل العلم ، لطائفة من أهل العلم، ولازال علماء الشريعة يعتنون بهذا الباب، ولكن كل عصر توجد فيه مُستجِدات تجعل أهل العلم يحاولون أن يَنُصُّوا على أحكام هذه المستجِدات من آداب طلب العلم في مؤلفاتهم ، ولذلك كلما وُجد عندنا كتاب يعتني بالمستجدات المتعلقة بطلب العلم وآدابه وطريقته كلما كانت الاستفادة من ذلك أكثر وأشمل ، ومما أُلف في أدب طلب العلم كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى ، وهو من علماء الأمة الذين لهم مؤلفات عديدة ، وقد كان عضوًا في هيئة كبار العلماء وعضوا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، وقد نفع الله به كثيرًا ولم يمت إلا من سنوات قليلة ، ونفع الله بعلمه ونشر الله ذلك العلم للأمة في مشارق الأرض ومغاربها ، ولذلك فلعلنا نقرأ هذا الكتاب (حلية طالب العلم) الذي امتاز بمميَّزات ،
أول هذه المميزات اشتماله على أدب طلب العلم ،
وثانيها أن هذا الكتاب ألفه عالم سلفي سني ينطلق من النصوص الشرعية فيما يكتبه ،
وثالثها أن هذا الكتاب اشتمل على آداب كثيرة من آداب طلب العلم حتى فيما يتعلق بتربية طالب العلم في نفسه وفي أخلاقه وفي تعامله مع الله – جل وعلا – ومع عباده ، ومن مميزات هذا الكتاب شموله لكثير من هذه الآداب ولم يترك إلا الشيء القليل ،
ومن مميزات هذا الكتاب أنه قد تعرض لمسائل عصرية يحتاج إليها طالب العلم سواءً فيما يتعلق بالتحزبات والافتراقات أو فيما يتعلق بجعل الولاء والبراء لجماعة أو حزب أو نحوه ، أو بما يتعلق بالوسائل الحديثة لطلب العلم وكيفية الاستفادة منها .
كذلك من مميزات هذا الكتاب أنه أُلف بلغة رفيعة فيها ألفاظ عربية ، بحيث يتعلم الإنسان من هذا الكتاب عددا من الألفاظ اللغوية التي قد لا يجدها في غيره، ثم فيه من الألفاظ الجزلة القوية المؤدية للمعنى ما يجعل لغة طالب هذا الكتاب تعلو وترتفع ، ولذلك لعلنا نقرأ هذا الكتاب المبارك ، كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمة الله تعالى ورفع درجته وأعلى منزلته في عليين ، وجعلنا وإياكم ممن تبع هذا الإمام واستفاد من علمه وسار على طريقته ورضي الله عنه بذلك ، هذا ونبتدئ بإذن الله قراءة الكتاب.
القارئ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
قال المؤلف الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمة الله عليه في كتابه حلية طالب العلم :
المقدمة
الحمد لله ، وبعد:
فأقيد معالم هذه الحلية المباركة عام 1408 هـ، والمسلمون - ولله الحمد - يعايشون يقظة علمية تتهلل لها سبحات الوجوه، ولا تزال تنشط متقدمة إلى الترقي والنضوج في أفئدة شباب الأمة، مدها ودمها المجدد لحياتها، إذ نرى الكتائب الشبابية تترى يتقلبون في أعطاف العلم مثقلين بحمله يعلون منه وينهلون،
[الشيخ (مصحِّحا): يَعُلُّون، يعني يشربون. النَّهَلْ، الشرب أول مرة، والعَلَلْ، الشرب في المرة الثانية.]
فلديهم من الطموح، والجامعية، والاطلاع المدهش والغوص على مكنونات المسائل، ما يفرح به المسلمون نصراً، فسبحان من يحيى ويميت قلوباً.
لكن، لا بد لهذه النواة المباركة من السقي والتعهد في مساراتها كافة، نشراً للضمانات التي تكف عنها العثار والتعصب في مثاني الطلب والعمل من تموجات فكرية، وعقدية، وسلوكية، وطائفية، وحزبية.
وقد جعلت طوع أيديهم رسالة في التعاليم تكشف المندسين بينهم خشية أن يُرْدوهم، ويضيعوا عليهم أمرهم، ويبعثروا مسيرتهم في الطلب، فيستلوهم وهم لا يشعرون.
واليوم أخوك يشد عضدك، ويأخذ بيدك، فاجعل طوع بنانك رسالة تحمل " الصفة الكاشفة" لحليتك، فها أنا ذا أجعل سن القلم على القرطاس، فاتل ما أرقم لك أنعم الله بك عينا :
لقد تواردت موجبات الشرع على أنَّ التحلي بمحاسن الأدب، ومكارم الأخلاق، والهدى الحسن، والسمت الصالح: سمة أهل الإسلام، وأنَّ العلم - وهو أثمن درة في تاج الشرع المطهر - لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه، المتخلي عن آفاته، ولهذا عناها العلماء بالبحث والتنبيه، وأفردوها بالتأليف، إما على وجه العموم لكافة العلوم، أو على وجه الخصوص، كآداب حملة القرآن الكريم، وآداب المحدث، وآداب المفتي، وآداب القاضي، وآداب المحتسب، وهكذا.
والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي.
وقد كان العلماء السابقون يلقنون الطلاب في حلق العلم آداب الطلب، وأدركت خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف، إذ كان بعض المدرسين فيه، يدرس طلابه كتاب الزرنوجي (م سنة 593 هـ) رحمه الله تعالى، المسمى: " تعليم المتعلم طريق التعلم" .
فعسى أن يصل أهل العلم هذا الحبل الوثيق الهادي لأقوم طريق، فيدرج تدريس هذه المادة في فواتح دروس المساجد، وفي مواد الدراسة النظامية، وأرجو أن يكون هذا التقييد فاتحة خير في التنبيه على إحياء هذه المادة التي تهذب الطالب، وتسلك به الجادة في آداب الطلب وحمل العلم، وأدبه مع نفسه، ومع مدرسه، ودرسه، وزميله، وكتابه، وثمرة علمه، وهكذا في مراحل حياته.
فإليك حلية تحوي مجموعة آداب، نواقضها مجموعة آفات، فإذا فات أدب منها، اقترف المفرط آفة من آفاته، فمقل ومستكثر، وكما أنّ هذه الآداب درجات صاعدة إلى السنة فالوجوب، فنواقضها دركات هابطة إلى الكراهة فالتحريم.
ومنها ما يشمل عموم الخلق من كل مكلف، ومنها ما يختص به طالب العلم، ومنها ما يدرك بضرورة الشرع، ومنها ما يعرف بالطبع، ويدل عليه عموم الشرع، من الحمل على محاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، ولم أعن الاستيفاء، لكن سياقتها تجرى على سبيل ضرب المثال، قاصداً الدلالة على المهمات، فإذا وافقت نفساً صالحة لها، تناولت هذا القليل فكثرته، وهذا المجمل ففصلته، ومن أخذ بها، انتفع ونفع، وهى بدورها مأخوذة من أدب من بارك الله في علمهم، وصاروا أئمة يهتدى بهم، جمعنا الله بهم في جنته، آمين
الشيخ:
هذه مقدمة كتاب ( حلية طالب العلم) ، ذكر المؤلف فيها عددا من الأمور ،
الأمر الأول: السبب الذي دعاه لتأليف هذا الكتاب وهو أنه رأى نهضة علمية مباركة من شباب الأمة نحو تعلم العلوم الشرعية النافعة في الدنيا والآخرة ، ولذلك خشي أن يكون هذا التعلم غير منضبط بالضوابط الشرعية فيؤدي إلى مفاسد عديدة، ويؤدي إلى تضييع أوقات الشباب بما لا ينفعهم ، ويقول بأنه قد بذل خُطوة في هذا في "رسالة التعالم" ، من أجل بيان من اندس في طلب العلم وهو ليس من العلماء ليُحذَر منه ومن أجل ألا يُطلب العلم على يده ،
ثم بعد ذلك بين أنَّ هذه الشريعة مبنية على الأخلاق الفاضلة ، وأنَّ أهل الإسلام يتمسكون بالخلق الطيب ، ومن أولى من يتمسك بالخلق الطيب هم علماء الشريعة ، ولذلك ألف هذه الرسالة في بيان آداب الشرع من أجل أن يتمسك بها المتعلِّمون.
الأمر الثالث : أنه من سنة العلماء التي توارثوها ، ورثها الصغير عن الكبير ، أنهم يتعلمون آداب طلب العلم قبل بدئهم بتعلم العلوم ، فلا بد أن نسير على هذه الطريقة لأنَّ هذه الأمة المحمدية لا تجتمع على ضلالة ،
ولذلك بعد ذلك أوصى بوصية التزام دراسة آداب طلب العلم قبل دراسة ذات العلم ، سواءً كان في المساجد أو في دور التعلم ، ثم بعد ذلك ذكر المؤلف أنواع هذه الآداب وأيضا ذكر سببا رابعا : وهو أنه من فاتته هذه الآداب فاته خير كثير وفاته علم بسبب عدم تأدبه بآداب التعلم.
ثم ذكر أنَّ هذه الآداب منها ما يختص به طالب العلم ومنها ما يكون لكل مسلم ، وذكر أنَّ هذه الآداب منها ما يُعرف بالطبع ومنها ما يُعرف بما وُرث عن العرب ، ومنها ما يُعرف بالشرع ، وما عُرف بالطبع يُعرف أيضًا بالشرع ، لكن توافق عليه الأمران ، ثم ذكر أنَّ هذا الكتاب لم يُعن باستيفاء الآداب ، وإنما ذكر أمثلة ونماذج من أجل أن تُفهم بقية المسائل بواسطة هذه الآداب التي ذكرها المؤلف في هذا الكتاب. نمر على بعض الألفاظ الموجودة في الكتاب لعلنا إن شاء الله نفسِّر شيئا من هذه الألفاظ.
قال المؤلف: (يعايشون يقظة علمية) يعني : أنَّ المسلمين أصبح في حياتهم ومما شاع بينهم التوجه إلى العلم الشرعي وتعلُّم هذا العلم ، وهذا -أي اليقظة العلمية- كأنهم قد أفاقوا من السبات والنوم إلى التعلم ، قال: (تَتَهلَّل لها ) يعني : أنَّ سُبُحات الوجوه -وهي قسمات الوجوه وما فيها من أجزاء- تتهلل بمعنى أنها تفرح ويظهر منها أثر الاستبشار، ثم قال: ( ولا تزال تُنشِّط متقدمةً إلى الترقي والنضوج) : الترقي : الصعود إلى أعلى ، والنضوج : أن يكون الشيء على تمامه بحيث يكون على أكمل وجوهه، قال: (في أفئدة شباب الأمة مجدها ودمها المُجدِّد لحياتها) : لأنَّ هذا العلم هو الذي يجدد للأمة حياتها ويعيدها إلى الهدي النبوي ، ثم قال : (نرى الكتائب الشبابية تَتْرى) يعني : تأتي طائفة بعد طائفة ، ( يتقلبون في أعْطاف العلم)عِطْف الثوب : جانبه وطرفه الذي يتحلى به ، قال: (مُثقلين بحمله يعُلُّون منه وينهلون) ، مامعنى يعُلُّون منه وينهلون؟ النَّهَل: الشرب أول مرة ، والعَلَل: الشرب في المرة الثانية ، (فلديهم من الطموح) يعني :الرغبة الجامحة في التعلم ، ( والجامعية ) يعني : الرغبة في جمع أكبر قدر من العلوم ، ( والإطلاع المدهش) يعني : الذي يجعل الإنسان يعجب به ، (والغوص على مكنونات المسائل) يعني : المسائل الخفية الغامضة التي يضعها أهل العلم في غير مواطنها ، ( ما يفرح به المسلمون نصرا فسبحان من يحيي ويميت قلوبًا) : فحياة القلوب هي في العلم وموت القلوب بترك التعلم.
( لكن لابد لهذه النواة المباركة من السَّقْي ) بحيث ( نُمدها ) بطرائق التعلم وآداب التعلم ، ( والتعهد في مساراتها كافة) يعني : في الطرق المتعددة التي يسلكونها في طلب العلم ، (نشرا للضمانات) يعني : للحواجز التي تحجز هؤلاء الشباب عن الضلال والإضلال وعن الإسفاف في التعامل والخلق ، ( التي تكف عنها العَثار) وهو : السقوط أول مرة ، ( والتعثُّر) يعني : السُّقوط الشديد الذي لا يتمكن الإنسان من التجاوز لمكان السقوط مرة أخرى ، ( في مثاني الطلب والعمل) لأنَّ هناك ، (تموُّجات فكرية) يعني : أنه هناك أمور ناتجة عن أفكار بعض الناس ، وذلك أنَّ الشياطين تُلقي في قلوب بعض العباد وساوس يظنونها مَعْقولات وأفكارا ، فيبثونها ويكتبونها ويتكلمون بها في وسائل الإعلام فتسبب موجات فتن مختلفة ، وهناك أيضا (تموجات عقدية) ، فهؤلاء على الطائفة الفلانية ، وهؤلاء من الطائفة الفلانية ، كيف نَقي شبابنا من هذه التموجات؟ ،
لابد أن يكون ذلك من خلال تعلمهم لآداب طلب العلم ، وكذلك في الأمور (السلوكية ) فيما يفعلونه ويؤدونه من السلوكيات والتصرفات التي قد يكون منشؤها ناشئًا من شرق أو غرب ، ولابد عندنا من أن نتعلم الآداب لنقي هؤلاء الشباب الذين توجهوا للعلم من العثرات السلوكية ، وهكذا أيضا فيما يتعلق بتقسيم أهل الإسلام وجعلهم طوائفَ وأحزابا يعادي بعضهم بعضا ، إذ أنَّ هناك من يحاول أن يفرِّق المسلمين ويوجِد الشَّتات بينهم ، ولذلك لابد أن نعطي آدابا واضحة تجمع أبناء الأمة ليكونوا على طريقة واحدة وهيئة واحدة ، ينطلقون من الكتاب والسنة ، وكلما رجع الناس إلى الكتاب والسنة كان ذلك سببا لتآلف قلوبهم ومحبة بعضهم لبعض وجعلهم أمة واحدة ويدا واحدة على من سواهم ، وكلما ابتعدوا عن الكتاب والسنة كلما حصل النزاع والشقاق والتطاحن والتقاتل بينهم ، ومن هنا نعلم أنَّ التآلف بين القلوب نعمة ربانية تكون لمن تمسك بكتاب الله وسنة رسوله قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
رسالة التعالُم : رسالة قد ألَّفها الشيخ رحمه الله لبيان صفات أولئك الذين يدَّعون العلم ، ويحاولون أن ينسِبوا إلى أنفسهم علوما وهم ليسوا كذلك ، وليسوا من أهل العلم في شيء ، وإنما يُريدون إظهار أنفسهم ، وأذكر أنَّ الشيخ ضرب لذلك أمثلة فقال: (الطُّبولِيون)، وقال: (الخُنفِشاريُّ)، وقال وقال، ولعل هذا يأتي إن شاء الله في هذا الكتاب.
قال:(خشية أن يُردُوهم) يعني : أنا أخشى أن يأتي هؤلاء المتعالِمون لطلاب العلم ، فيكون ذلك سبباً لجعل طلاب العلم يَتَردَّون ولا ينتفعون بالعلم ، (ويضيِّعوا عليهم أمرهم)؛ بأن يوجهوهم إلى غير العلم النافع ، أو يعطوهم معلومات خاطئة ، أو يُدلوهم على طرائق مخالفة لطرائق أهل العلم ، ويبعثروا مسيرتهم في الطلب ، كم وجدنا من هؤلاء المُتعالمين من صدّ الطلاب عن طلب العلم باسم طلب العلم ، ثم قال: (فيَسْتَلُّوهم وهم لا يشعرون) ، يعني : يستخرجوهم استخراجا لطيفا ، كما يقال استَلَّ الشعرة من العجين ، يعني : استخرجها استخراجاً لطيفا.
قال: (واليوم أخوك) ، يقصد المؤلف نفسه ، (يشُد عضدك ، ويأخذ بيدك ، فاجعل طَوع بنانك رسالة تحمل الصفة الكاشفة) ، الصفات على نوعين ؛ صفة كاشِفة توضِّح وتبيِّن الموصوف ، وهناك الصفات التي يُراد بها إعمال مفهوم المخالَفة وتسمى ( الصفة المُقيِّدة) ، عندما تقول رجل طويل ، طويل كاشف ، وصفٌ كاشف ، وعندما تقول أعتق رقبةً مؤمنة ، معناها أنك تقول في الكفارة لا تعتق غير الرقبة المؤمنة. قال: (لحليتك) ، الأصل في الحلية ما يلبسه النساء من الذهب والفضة ونحو ذلك ، وهنا المراد به الآداب التي يتأدب بها طالب العلم فتظهر أمام الناس.
قال: (فها أنا ذا أجعل سِنَّ القلم عل القِرطاس) ؛ يعني : طرف القلم ، (فاتْلُ ما أرقم لك) ، يعني : اقرأ ما كتبته لك ، (أنْعَم الله بك عَينا)، يعني : أنني أدعو الله- عز وجل- أن تنعَم العيون برؤيتك.
ثم قال: (لقد تواردت موجِباتُ الشرع على أن التحلِّي بمحاسن الآداب) إلى أن قال:(سمة أهل الإسلام) ، يعني : صفتهم الظاهرة ، السمة هي الصفة الظاهرة.
(وأنَّ العلم هو أثمن دُرَّة في تاج الشرع المطهَّر) ، الدرة نوع من أنواع الجواهر، والتاج هو ما يلبس على الرأس ، (لا يَصل إليه إلا المتحلي بآدابه) ، المتحلي يعني : المتصف بالصفة الظاهرة ، (المتخلي عن آفاته) ، يعني : التارك للأخلاق الرديئة التي تكون سببا لفوات العلم ، وتكون من آفاته.
(ولهذا عناها العلماء) يعني : الآداب بالبحث والتنبيه ، إلى أن قال: (والشأن هنا في الآداب العامة لمن يسلك طريق التعلم الشرعي) ، يعني : أنني سأخصص كتابي في آداب طالب العلم.
ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق بتتابع الناس على تعلم آداب التعلم.
قال: (فإليك حليةً) ، يعني : أهدي إليك حلية ، (تحوي مجموعة آداب، نواقضها)، يعني : يضادها (مجموعة آفات) ، فأنت إذا عرفت هذه الآداب، عرفت ما يقابلها من الآفات ، (فإذا فات منها أدب، اقترف المفرط آفة من آفاته، فمُقِلٌّ ومُسْتَكثِر) وبعض هذه الآداب سنة ، وبعضها واجب ، وكذلك ما يقابلها من الآفات منها ما هو مكروه ، ومنها ما هو محرم. ما المراد بالسنة؟
هو المستحب ، النَّفل ، الندب ، الذي طلبه الشارع طلباً غير جازم ، يُؤجر صاحبُه ولا يُعاقب تاركُه ، لكن لا ينبغي لطالب العلم أن يتركه ؛ لأن طلبة العلم هم أعلى الأمة بعد الأنبياء والصحابة ، ولذلك يُشرع لهم أن يلتزموا هذه السنن ، أما الواجب فهو : ما طلبه الشارع طلباً جازماً ، بحيث يُؤجر فاعله متى فعله لله ، ويُعاقب تاركُه ، والمراد بالمكروه هو : ما نهى عنه الشارع نهيًا غير جازم ، بحيث يُؤجَر تاركُه متى تركه لله ، ولا يُعاقَب فاعلُه ، وأما المحرَّم فهو : ما نهى عنه الشارع نهياً جازماً ، بحيث يأثم فاعلُه متى فعله قصدًا عمدا ، ويُؤجَر تاركه متى تركه لله.
قال: (هذه الآداب منها ما يشمل كل مكلف، ومنها ما يختص به طلبة العلم) إلى أن ذكر قوله: (فإذا وافقت نفسا صالحة لها) ، من يتلقى العلم ، منهم من يكون عنده استعداد ونفس مهيَّأة لطلب العلم ، وبالتالي تتقبل العلم ، وتهتدي به ، وتلتزم به كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} ، فهؤلاء عندهم نفوس صالحة ، أسأل الله- جل وعلا- أن يجعل نفوسنا وإياكم صالحة لذلك. فهذه النفوس إذا قبلت هذه الآداب كثَّرتها واستفادت منها ، وإذا وجدت كلاما مختصَرًا ، فصَّلته وعرفت المراد به ، والمعاني التي اشتملها ذلك الكلام. فمن أخذ بهذه الآداب انتفع في نفسه ونفع غيره ، وهذه الآداب مأخوذة من الكتاب والسنة ، ومأخوذة من سِيَر سلفنا الصالح الذين قال الله فيهم:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } ، فأثنى عليهم لكونهم اتبعوا سلفنا الصالح ، وقال سبحانه:{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}.نعم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2066#.U9wUp0BRc7E)
1 إنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يطلُبُ الراوي: صفوان بن عسال المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الجامع (http://dorar.net/book/3741?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1956
خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%86%D9%91+%D8%A7%D9%84%D9%85 %D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9+%D9%84%D8%AA%D8%B6% D9%8E%D8%B9+%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%AD%D8%AA%D9%87%D 8%A7+%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8+%D8%A7%D9%84%D 8%B9%D9%84%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

2
- من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا ، سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنَّةِ الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الجامع (http://dorar.net/book/3741?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6298
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%B3%D9%84%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)
3
ما خرج رجلٌ من بيتِهِ يطلُبُ علمًا ، إلَّا سهَّلَ اللهُ له طريقًا إلى الجنَّةِ الراوي: عائشة و أبو هريرة و أبو الدرداء المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الجامع (http://dorar.net/book/3741?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5617
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D9%8A%D8%B7%D9%84%D8%A8+%D8%B9%D9%8 4%D9%85%D9%8B%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

4 فضلُ العالِمِ علَى العابدِ كفَضلي علَى أدناكُم الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: إصلاح المساجد (http://dorar.net/book/7073?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 126
خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%81%D8%B6%D9%84%D9%8A+%D8%B9 %D9%84%D9%89+%D8%A3%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%83%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
5
- فضلُ العالمِ علَى العابِدِ ، كفَضْلِ القمرِ ليلةَ البدْرِ علَى سائِرِ الكواكِبِ الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح الجامع (http://dorar.net/book/3741?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 4212
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%81%D8%B6%D9%84+%D8%A7%D9%84 %D9%82%D9%85%D8%B1+%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
09-17-2014, 01:37 AM
الفصلُ الأوَّلُ :
آدابُ الطالبِ في نفسِه
العلْمُ عِبادةٌ :
أصلُ الأصولِ في هذه ( الْحِلْيَةِ )، بل ولكلِّ أمْرٍ مَطلوبٍ عِلْمُك بأنَّ العِلْمَ عِبادةٌ، قالَ بعضُ العُلماءِ : ( العِلْمُ صلاةُ السِّرِّ ، وعبادةُ القَلْبِ )
وعليه ؛ فإنَّ شَرْطَ العِبادةِ :
1-إخلاصُ النِّيَّةِ للهِ سبحانَه وتعالى ، لقولِه :{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ...} الآيةَ .وفي الحديثِ الفَرْدِ المشهورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ... )) الحديثَ .
فإنْ فَقَدَ العِلْمُ إخلاصَ النِّيَّةِ ، انْتَقَلَ من أَفْضَلِ الطاعاتِ إلى أَحَطِّ المخالَفاتِ ولا شيءَ يَحْطِمُ العِلْمَ مثلُ الرياءِ : رياءُ شِرْكٍ ، أو رِياءُ إخلاصٍ ومِثلُ التسميعِ ، بأن يَقولَ مُسَمِّعًا : عَلِمْتُ وحَفِظْتُ .
وعليه فالْتَزِم التَّخَلُّصَ من كلِّ ما يَشوبُ نِيَّتَكَ في صِدْقِ الطلَبِ كحبِّ الظهورِ ، والتفوُّقِ على الأقرانِ ، وجَعْلِه سُلَّمًا لأغراضٍ وأعراضٍ من جاهٍ أو مالٍ أو تعظيمٍ أو سُمْعَةٍ أو طَلَبِ مَحْمَدَةٍ أو صَرْفِ وُجوهِ الناسِ إليك ، فإنَّ هذه وأَمثالَها إذا شَابَت النِّيَّةَ أَفْسَدَتْها وذَهَبَتْ بَرَكَةُ العلْمِ ولهذا يَتَعَيَّنُ عليك أن تَحْمِيَ نِيَّتَكَ من شَوْبِ الإرادةِ لغيرِ اللهِ تعالى ، بل وتَحْمِي الْحِمَى .

وللعُلماءِ في هذا أقوالٌ ومَوقفٌ بَيَّنْتُ طَرَفًا منها في الْمَبْحَثِ الأَوَّلِ من كتابِ ( التعالُمِ ) ويُزادُ عليه نَهْيُ العلماءِ عن ( الطَّبُولِيَّاتِ ) وهي المسائلُ التي يُرادُ بها الشُّهْرَةُ .
وقد قيلَ: ( زَلَّةُ العالِمِ مَضروبٌ لها الطَّبْلُ )
وعن سفيانَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ :( كُنْتُ أُوتِيتُ فَهْمَ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا قَبِلْتُ الصُّرَّةَ سُلِبْتُهُ )
فاستَمْسِكْ رَحِمَك اللهُ تعالى بالعُروةِ الوُثْقَى العاصمةِ من هذه الشوائبِ ، بأن تكونَ مع – بَذْلِ الْجَهْدِ في الإخلاصِ – شديدَ الخوفِ من نَواقِضِه ، عظيمَ الافتقارِ والالتجاءِ إليه سبحانَه .
ويُؤْثَرُ عن سُفيانَ بنِ سَعيدٍ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى قولُه : ( مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي )
وعن عمرَ بنِ ذَرٍّ أنه قالَ لوالدِه : يا أبي ! ما لَكَ إذا وَعَظْتَ الناسَ أَخَذَهم البُكاءُ ، وإذا وَعَظَهم غيرُك لا يَبكونَ ؟ فقال : يا بُنَيَّ ! لَيْسَت النائحةُ الثَّكْلَى مثلَ النائحةِ المسْتَأْجَرَةِ .
وَفَّقَكَ اللهُ لرُشْدِكَ آمِينَ .

2- الْخَصْلَةُ الجامعةُ لِخَيْرَي الدنيا والآخِرةِ ( مَحَبَّةُ اللهِ تعالى ومَحَبَّةُ رسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وتَحقيقُها بتَمَحُّضِ المتابَعَةِ وقَفْوِ الأثَرِ للمعصومِ .قال اللهُ تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } وبالجُملةِ فهذا أَصلُ هذه ( الْحِلْيَةِ )، ويَقعانِ منها مَوْقِعَ التاجِ من الْحُلَّةِ .
فيا أيُّها الطُّلابُ ها أنتم هؤلاءِ تَرَبَّعْتُم للدَّرْسِ وتَعَلَّقْتُمْ بأنْفَسِ عِلْقٍ ( طَلَبِ العلْمِ ) فأُوصِيكُمْ ونَفْسِي بتَقْوَى اللهِ تعالى في السرِّ والعَلانيةِ فهي العُدَّةُ ، وهي مَهْبِطُ الفضائلِ ، ومُتَنَزَّلُ الْمَحَامِدِ وهي مَبعثُ القوَّةِ ومِعراجُ السموِّ والرابِطُ الوَثيقُ على القُلوبِ عن الفِتَنِ فلا تُفَرِّطُوا .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2067#.VBjH7VcR3gE)

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الفصلُ الأوَّلُ :
آدابُ الطالبِ في نفسِه
أولاً العلْمُ عِبادةٌ :
أصلُ الأصولِ في هذه ( الْحِلْيَةِ )، بل ولكلِّ أمْرٍ مَطلوبٍ عِلْمُك بأنَّ العِلْمَ عِبادةٌ، قالَ بعضُ العُلماءِ : ( العِلْمُ صلاةُ السِّرِّ ، وعبادةُ القَلْبِ )
الشيخ:
نعم العلم عبادة لا شك بل هو من أجل العبادات وأفضل العبادات حتى أن الله تعالى جعله في كتابه قسيما للجهاد في سبيل الله الجهاد المسلح فقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ليتفقهوا يعني بذلك ؟ الطائفة القاعدة { لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين )) فإذا رزقك الله الفقه في دينه والفقه هنا يعنى به العلم بالشرع فيدخل فيه علم العقائد والتوحيد وغير ذلك فإذا رأيت أن الله من عليك بهذا فاستبشر خيرا لأن الله تعالى أراد بك خيرا . وقال الإمام أحمد: العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته. قالوا: وكيف تصح النية يا أبا عبد الله؟ قال : ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره .
القارئ:
وعليه ؛ فإنَّ شَرْطَ العِبادةِ :
1-إخلاصُ النِّيَّةِ للهِ سبحانَه وتعالى ، لقولِه :{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ...} الآيةَ .وفي الحديثِ الفَرْدِ المشهورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ... )) الحديثَ .
فإنْ فَقَدَ العِلْمُ إخلاصَ النِّيَّةِ ، انْتَقَلَ من أَفْضَلِ الطاعاتِ إلى أَحَطِّ المخالَفاتِ ولا شيءَ يَحْطِمُ العِلْمَ مثلُ الرياءِ : رياءُ شِرْكٍ ، أو رِياءُ إخلاصٍ ومِثلُ التسميعِ ، بأن يَقولَ مُسَمِّعًا : عَلِمْتُ وحَفِظْتُ .

الشيخ:
كذلك إذا قال قائل بما يكون الإخلاص في طلب العلم؟ قلنا: الإخلاص في طلب العلم يكون في أمور:
1- أن تنوي بذلك امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} وحث سبحانه وتعالى على العلم والحث على الشيء يستلزم محبته والرضا به والأمر به.
2- أن تنوي بذلك حفظ شريعة الله لأن حفظ شريعة الله يكون بالتعلم والحفظ في الصدور ويكون كذلك بالكتابة كتابة الكتب
3- أن تنوي بذلك حماية الشريعة والدفاع عنها لأنه لولا العلماء ما حميت الشريعة ولا دافع عنها أحد ولهذا نجد مثلا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم الذين تصدوا لأهل البدع وبينوا بطلان بدعهم نرى أنهم حصلوا على خير كثير.
4- أن تنوي بذلك اتباع شريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنك لا يمكن أن تتبع شريعته حتى تعلم هذه الشريعة ، هذه أمور أربع كلها يتضمنها قولنا أنه يجب الإخلاص لله في طلب العلم .
القارئ:
وعليه فالْتَزِم التَّخَلُّصَ من كلِّ ما يَشوبُ نِيَّتَكَ في صِدْقِ الطلَبِ كحبِّ الظهورِ ، والتفوُّقِ على الأقرانِ ، وجَعْلِه سُلَّمًا لأغراضٍ وأعراضٍ من جاهٍ أو مالٍ أو تعظيمٍ أو سُمْعَةٍ أو طَلَبِ مَحْمَدَةٍ أو صَرْفِ وُجوهِ الناسِ إليك ، فإنَّ هذه وأَمثالَها إذا شَابَت النِّيَّةَ أَفْسَدَتْها وذَهَبَتْ بَرَكَةُ العلْمِ ولهذا يَتَعَيَّنُ عليك أن تَحْمِيَ نِيَّتَكَ من شَوْبِ الإرادةِ لغيرِ اللهِ تعالى ، بل وتَحْمِي الْحِمَى .
الشيخ:
صحيح ما قاله من وجوب حماية النية من هذا المقاصد السيئة فهو صحيح ومن طلب علما وهو مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضا من الدنيا لم يجد رائحة الجنة نسأل الله العافية ثم إن هذه المحمدة والجاه والتعظيم وانصراف وجوه الناس إليه ستجده إذا حصلت العلم حتى وإن كانت نيتك سليمة بل إذا كانت نيتك سليمة فهو قرب إلى حصول هذا لك.
القارئ:
وللعُلماءِ في هذا أقوالٌ ومَواقفٌ بَيَّنْتُ طَرَفًا منها في الْمَبْحَثِ الأَوَّلِ من كتابِ ( التعالُمِ ) ويُزادُ عليه نَهْيُ العلماءِ عن ( الطَّبُولِيَّاتِ ) وهي المسائلُ التي يُرادُ بها الشُّهْرَةُ .
الشيخ:
الطبوليات المسائل التي يراد بها الشهرة لماذا سميت طبوليات ؟ لأنها مثل الطبل لها صوت ورنين فهذا إذا جاء بمسألة غريبة عن الناس نعم واشتهرت عنه كأنها صوت الطبل فهذه يسمونها الطبوليات ولم أسمع بهذا لكن وجهها واضح .
القارئ:
وقد قيلَ: ( زَلَّةُ العالِمِ مَضروبٌ لها الطَّبْلُ )
وعن سفيانَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ : ( كُنْتُ أُوتِيتُ فَهْمَ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا قَبِلْتُ الصُّرَّةَ سُلِبْتُهُ ) .

الشيخ: يقول هذا سفيان يقول كنت أوتيت فهم القرآن فلما قبلت الصرة سلبته . الصرة يعني من السلطان لما أعطاه سلب فهم القرآن وهؤلاء هم الذين يدركون الأمور ولهذا يتحرز السلف من عطايا السلطان ويقولون إنهم لا يعطوننا إلا ليشتروا ديننا بدنياهم فتجدهم لا يقبلونها ثم إن السلاطين فيما سبق قد تكون أموالهم مأخوذة من غير حلها فيتورعون عنها أيضا من هذه الناحية ومن المعلوم أنه لا يجوز للعالم أن يقبل هدية السلطان إذا كان السلطان يريد أن تكون هذه العطية مطية له يركبها متى شاء بالنسبة لهذا العالم أما إذا كانت أموال السلطان نزيهة ولم يكن يقبل الهدية منه ليبيع دينه بها فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمر: (( ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك)).
وغرض سفيان رحمه الله من ذلك التحذير من هذا وتبكيت نفسه على ما صنع.
القارئ:
فاستَمْسِكْ رَحِمَك اللهُ تعالى بالعُروةِ الوُثْقَى العاصمةِ من هذه الشوائبِ ، بأن تكونَ مع – بَذْلِ الْجَهْدِ في الإخلاصِ – شديدَ الخوفِ من نَواقِضِه ، عظيمَ الافتقارِ والالتجاءِ إليه سبحانَه .
ويُؤْثَرُ عن سُفيانَ بنِ سَعيدٍ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى قولُه : ( مَا عَالَجْتُ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ نِيَّتِي ) .
الشيخ:
وفي معنى ذلك ما أدري هل هو قول آخر أو نقل بالمعنى يقول: ما عالجت نفسي على شيء أشد من معالجتها على الإخلاص وهذا بمعنى كلام سفيان لأن الإخلاص شديد ولهذا من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه فإنه يدخل الجنة وهو أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
القارئ:
وعن عمرَ بنِ ذَرٍّ أنه قالَ لوالدِه : يا أبي ! ما لَكَ إذا وَعَظْتَ الناسَ أَخَذَهم البُكاءُ ، وإذا وَعَظَهم غيرُك لا يَبكونَ ؟ فقال : يا بُنَيَّ ! لَيْسَت النائحةُ الثَّكْلَى مثلَ النائحةِ المسْتَأْجَرَةِ .
الشيخ:
الله أكبر هذا مثلٌ عظيم النائحة الثكلى يعني التي فقدت ولدها أي تبكي بكاء من القلب والنائحة المستأجرة ما يؤثر نوحها ولا بكاؤها لأنها تصطنع البكاء ولكن مثل هذا الكلام الذي يرد عن السلف يجب أن نحسن الظن به وأنهم لا يريدون بذلك مدح أنفسهم وإنما يريدون بذلك حث الناس على إخلاص النية والبعد عن الرياء وما أشبه ذلك وإلا لكان هذا تزكية للناس واضحة والله عز وجل يقول: { فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} لكن السلف رحمهم الله لعلمنا بمقامهم وإخلاصهم يجب أن نحمل ما ورد عنهم مما يحتمل هذا المعنى الفاسد أن نحمله على المعنى الصحيح.
- سؤال وارد يقول: إن إخلاص النية في عصرنا الحاضر صعب أو قد يكون مستحيلا لأن الذين يطلبون العلم ولا سيما الطلب النظامي يطلبون العلم لنيل الشهادة وهذا ليس لله فنقول إذا كنت تطلب العلم لنيل الشهادة فإن كنت تريد من هذه الشهادة أن ترتقي مرتقى دنيويا فالنية فاسدة أما إن كنت تريد أن ترتقي إلى مرتقى تنفع الناس به لأنك تعرف اليوم أنه لا يمكن للإنسان من ارتقاء المناصب العالية الموجهة للأمة إلا إذا كان معه شهادة فأنا الآن أقصد بهذه الشهادة أن أنال ما أنفع به الناس فهذه نية طيبة يعني ما تنافي الإخلاص الآن لو وجد عالم جيد في شتى فنون العلم لكن ليس معه شهادة لا يتمكن من تدريس الثانوي هذا هو الواقع . نعم لكن لا يأتي واحد ما يعرف كوعه من كرسوعه ومعه شهادة . نعم . يقبل في الجامعة مادام معه شهادة فالإنسان حسب نيته .
القارئ:
وَفَّقَكَ اللهُ لرُشْدِكَ آمِينَ .
الشرط الثاني- الْخَصْلَةُ الجامعةُ لِخَيْرَي الدنيا والآخِرةِ ( مَحَبَّةُ اللهِ تعالى ومَحَبَّةُ رسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وتَحقيقُها بتَمَحُّضِ المتابَعَةِ وقَفْوِ الأثَرِ للمعصومِ. قال اللهُ تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } .

الشيخ:
لا شك أن المحبة لها أثر عظيم في الدفع والمنع إذ أن المحب يسعى غاية جهده في الوصول إلى محبوبه فيطلب ماذا؟ يطلب ما يرضيه وما يقربه منه ويسعى غاية جهده في اجتناب ما يكرهه محبوبه ويبتعد عنه ولهذا ذكر ابن القيم في روضة المحبين أن كل الحركات مبنية على المحبة كل حركات الإنسان وهذا صحيح لأن الإرادة لا تقع من شخص عاقل إلا بشيء يرجو نفعه أو دفع ضرره وكل إنسان يحب ما ينفعه ويكره ما يضره فالمحبة في الواقع هي القائد والسائق إلى الله عز وجل تقود الإنسان وتسوقه وانظر إلى الذين كرهوا ما أنزل الله كيف قال الله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } صارت نتيجتهم الكفر لأنهم كرهوا ما أنزل الله فالمحبة كما قال الشيخ هي الجامعة لخيري الدنيا والآخرة أما محبة الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تحملك على متابعته ظاهرا وباطنا لأن الحبيب يقلد محبوبه حتى في أمور الدنيا تجده يقلد محبوبه تجده مثلا يقلده في اللباس في الكلام حتى في الخط نحن نذكر بعض الطلبة في زماننا لما كنا نطلب كان يقلدون الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي في خطه مع إن خطه رحمه الله ضعيف ما تكاد تقرأه لكن من شدة محبتهم له. فالإنسان كلما أحب شخصا حاول أن يكون مثله في خصاله فإذا أحببت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن هذه المحبة سوف تقودك إلى اتباعه صلوات الله وسلامه عليه ثم ذكر الآية التي يسميها علماء السلف يسمونها آية المحنة يعني الامتحان لأن قوما ادعوا أنهم يحبون الله فقال الله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي } والجواب؟ (...) { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي } (...) الجواب المتوقع فاتبعوني تصدقوا في دعواكم لأن الآن الشرط والمشروط { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي } تصدقوا في دعواكم أنكم تحبون الله لكن جاء الجواب (اتبعوني يحببكم الله) إشارة إلى أن الشأن كل الشأن أن يحبك الله عز وجل هذا هو الثمرة وهو المقصود وإلا لكان { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي } يعني تصدقوا في دعواكم لكن جاءت { يُحْبِبْكُمُ اللهُ } لأن هذا هو الثمرة فالشأن كل الشأن أن الله يحبك جعلنا الله وإياكم من أحبابه لا أن تحب الله لأن كل إنسان يدعي ذلك وربما يكون ظاهرك محبة الله لكن في قلبك شيء لا يقتضي أن الله يحبك فتبقى غير حاصل على الثمرة .

القارئ:
وبالجُملةِ فهذا أَصلُ هذه ( الْحِلْيَةِ )، ويَقعانِ منها مَوْقِعَ التاجِ من الْحُلَّةِ .
فيا أيُّها الطُّلابُ ها أنتم هؤلاءِ تَرَبَّعْتُم للدَّرْسِ وتَعَلَّقْتُمْ بأنْفَسِ عِلْقٍ ( طَلَبِ العلْمِ ) فأُوصِيكُمْ ونَفْسِي بتَقْوَى اللهِ تعالى في السرِّ والعَلانيةِ فهي العُدَّةُ ، وهي مَهْبِطُ الفضائلِ ، ومُتَنَزَّلُ الْمَحَامِدِ وهي مَبعثُ القوَّةِ ومِعراجُ السموِّ والرابِطُ الوَثيقُ على القُلوبِ عن الفِتَنِ فلا تُفَرِّطُوا .

الشيخ:
نعم صدق رحمه الله وعفا عنه ويدل لهذا قول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } تفرقون به بين الحق والباطل وبين الضار والنافع وبين الطاعة والمعصية وبين أولياء الله وأعداء الله إلى غير ذلك وتارة يحصل هذا الفرقان بواسطة العلم يفتح الله على الإنسان من العلوم وييسر له تحصيلها أكثر ممن لا يتقي الله وتارة يحصل له هذا الفرقان بما يعطيه الله تعالى في قلبه من الفراسة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( إن يكن فيكم محدثون فعمر)) فالله تعالى يجعل لمن اتقاه فراسة يتفرس بها فتكون موافقة للصواب فقوله تعالى: { يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } يشمل الفرقان بوسائل العلم والتعلم والفرقان بوسائل الفراسة والإلهام أن الله تعالى يلهم الإنسان التقي ما لا يلهم غيره وربما يظهر لك هذا في مجراك في طلب العلم تمر بك أيام تجد قلبك خاشعا منيبا إلى الله مقبلا إليه متقيا له فيفتح الله عليك مفاتح ومعارف كثيرة ويمر بك غفلة ينغلق قلبك وكل هذا تحقيق لقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ثلاث فوائد وإذا غفر الله للعبد أيضا فتح الله عليه أبواب المعرفة قال الله تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } وبعدها {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ } ولهذا قال بعض العلماء : ينبغي للإنسان إذا استفتي أن يقدم استغفار الله حتى يبين له الحق لأنه الله قال { لِتَحْكُمَ } ثم قال {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ }.

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
الفصل الأول:
آداب الطالب في نفسه :
العلم عبادة : أصل الأصول في هذه "الحلية" بل ولكل أمر مطلوب علمك بأن العلم عبادة، قال بعض العلماء: "العلم صلاة السر، وعبادة القلب". وعليه، فإن شرط العبادة إخلاص النية لله سبحانه وتعالى، لقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }، الآية. وفي الحديث الفرد المشهور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات) الحديث.
فإن فقد العلم إخلاص النية، انتقل من أفضل الطاعات إلى أحط المخالفات، ولا شئ يحطم العلم مثل: الرياء؛ رياء شرك، أو رياء إخلاص ، ومثل التسميع؛ بأن يقول مسمعاً: علمت وحفظت.
وعليه؛ فالتزم التخلص من كل ما يشوب نيتك في صدق الطلب؛ كحب الظهور، والتفوق على الأقران، وجعله سلماً لأغراض وأعراض، من جاه، أو مال، أو تعظيم، أو سمعة، أو طلب محمدة، أو صرف وجوه الناس إليك، فإن هذه وأمثالها إذا شابت النية، أفسدتها، وذهبت بركة العلم، ولهذا يتعين عليك أن تحمى نيتك من شوب الإرادة لغير الله تعالى، بل وتحمى الحمى.
وللعلماء في هذا أقوال ومواقف بينت طرفاً منها في المبحث الأول من كتاب "التعالم"، ويزاد عليه نهى العلماء عن "الطبوليات"، وهى المسائل التي يراد بها الشهرة.وقد قيل: "زلة العالم مضروب لها الطبل" . وعن سفيان رحمه الله تعالى أنه قال: "كنت أوتيت فهم القرآن، فلما قبلت الصرة، سلبته" .
فاستمسك رحمك الله تعالى بالعروة الوثقى العاصمة من هذه الشوائب؛ بأن تكون - مع بذل الجهد في الإخلاص - شديد الخوف من نواقضه، عظيم الافتقار والالتجاء إليه سبحانه.ويؤثر عن سفيان بن سعيد الثوري رحمه الله تعالى قوله: "ما عالجت شيئاً أشد على من نيتي".وعن عمر بن ذر أنه قال لوالده "يا أبي! مالك إذا وعظت الناس أخذهم البكاء، وإذا وعظهم غيرك لا يبكون؟ فقال: يا بنى! ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة. وفقك الله لرشدك آمين.
الخصلة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيقها بتمحض المتابعة وقفوا الأثر للمعصوم.قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}.
وبالجملة؛ فهذا أصل هذه "الحلية"، ويقعان منها موقع التاج من الحلة.
فيا أيها الطلاب! ها أنتم هؤلاء تربعتم للدرس، وتعلقتم بأنفس علق (طلب العلم) ، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى في السر والعلانية، فهي العدة، وهى مهبط الفضائل، ومتنزل المحامد، وهى مبعث القوة، ومعراج السمو، والرابط الوثيق على القلوب عن الفتن، فلا تفرطوا.
الشيخ:
هذا هو الأدب الأول من آداب طالب العلم ، والمؤلف رحمه الله تعالى قسَّم آداب طلب العلم إلى آداب الطالب في نفسه ، وآداب متعلقة بكيفية الطلب والتلقِّي ، وآداب الطالب مع شيخه ، وأدب الطالب مع زميله ، وأدب الطالب في حياته العلمية ، وآداب متعلقة بالعمل في العلم ، ثم هناك محاذير متعلقة بطلب العلم. إذن قسَّم المؤلف كتابه إلى سبعة فصول:
الفصل الأول في آداب طالب العلم في نفسه ، طالب العلم في نفسه لابد أن يلتزم بآداب شرعية محددة ، أولها : أن يعلم أن طلب العلم عبادة ، ويترتب على ذلك أنه لابد أن يلتزم بشروط العبادات.
متى تكون العبادة صحيحة؟ إذا وُجد فيها شرطان ، الشرط الأول: الإخلاص لله ، والشرط الثاني: المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث يكون عمل الإنسان على وفق الشريعة. قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. (عملا صالحا) يعني : يكون فيه متبعًا ، (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) يعني : أنه يخلص عمله لله ، فينوي بأعماله وجه الله والدار الآخرة. جاء في تفسير قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ، قال الفضيل بن عياض: (أحس عملا أن يكون صوابًا خالصا) ، صوابًا يعني : على طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، خالصًا يعني : بنية لله. إذا تقرَّر هذا فإنّ في الشرط الأول ، وهو ما يتعلق بإخلاص النية ، هناك نصوص كثيرة تدل على وجوب إخلاص النية في جميع الأعمال ، ذكر المؤلف منها قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } ، وحديث: ((إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى)) ، وبين أنه إذا لم ينو الإنسان بطلبه للعلم وجه الله والدار الآخرة كان مشركًا ، وكون الشرك يكون في معابد المشركين هذا نستنكره، لأنه فساد ، فإذا وُجد في بلاد الحرمين استنكرناه أكثر ، فإذا وُجد في بيوت الله في المساجد كان استنكارنا له أعظم ، وما زاد إلا أولئك الذين يريدون بطلب العلم غير وجه الله تعالى. استمع لما يقوله – جل وعلا- فيمن أراد بعمله الدنيا :{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} ، واسمع قول الله تعالى:{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} ، ولذلك على كل منا أن يحرص على إخلاص النية في طلب العلم ، ماذا ننوي؟
ننوي إرضاء رب العالمين ، ننوي رِفعة الدرجة في الجنة ، ننوي الحصول على الدرجات.
فإن قال قائل: ما هي أوجه ترك هذا الأدب ، أدب الإخلاص في طلب العلم؟
نقول هنا أمثلة أولها : الرياء ، رياء الشرك ، بأن يقول أنا أتعلم من أجل أن أكون صاحب منزلة عند الناس ، أو أتعلم من أجل أن يتكلم الناس في علمي ويثنوا عليَّ ، أومن أجل أن يقول الناس ما أكثر محفوظاته.
قال:(ومثل التسميع) ، بأن يقول مسمِّعًا للناس: أنا علمت بكذا ، وأنا حفظت كذا ، بحيث يكون له منزلة.
ومثَّل المؤلف بما يُفقد فيه الإخلاص: بحب الظهور ؛ حتى يعرفني الناس ، ويكون لي معرفة ، ويعرفني من في مشارق الأرض ومغاربها ، إذًا هذا ليس من الإخلاص في شيء ، أو يكون مقصوده التفوق على الأقران ، من أجل أن أكون الأول على زملائي ، ومن أجل أن أكون سابقًا لفلان أو لفلان ، أو (سُلَّمًا لأغراض وأعراض ) بحيث يقول : أنا أريد أن يكون لي أموالٌ كثيرةٌ بسبب طلبي العلم ، أو أريد أن يكون لي منزلة ، وبالتالي إذا طلبت من شيء من أحد من المسئولين أمرًا من الأمور استجابوا لي ، أو يكون لي منزلة وجاه بحيث إذا شَفَعت لأحدٍ من قرابتي شُفِّعْتُ فيه ، أو أن يُعظِّمني الناس في المجالس ، إذا دخلت في المجلس وضعوني في صدر المجلس ، أو لِيُقبِّلوا رأسي. كل هذه أغراض فاسدة تخالف الإخلاص في النية. إذا تقرر هذا ، إذا حصل شيء من هذه الأمور ، ولم تكن من قصد الإنسان ، ولا تكون له ذات قيمة ومنزلة ، فهذه لا تؤثِّر عليه ، لو حصل أنَّ عالم أصبح الناس يُقبِّلون رأسه ، لم يكن قاصدًا لذلك ولا مريدًا له ، وأَذِن لهم ليكون ثوابًا لهم ؛ لأن الإنسان لا يستفيد من تقبيل الناس لرأسه شيئًا ، بل قد يؤذونه ويؤلمون رقبته ، فالمستفيد المُقبِّل لا المُقبَّل ، فحينئذ لا يَلتفت إليه ولا يكون له منزلة في نفسه. وجاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنَّ أول من تُسعَّر بهم النار ثلاثة ؛ منهم القارئ ، وفي لفظ العالم ، الذي جاء الله به يوم القيامة ، فعرَّفه نعمه وقال: ما عملت؟ قال: تعلَّمت العلم فيك ، ونشرته من أجلك. فقال الله: كذبت ، إنما تعلمتَه ليقال عالمٌ ، أو قارئٌ فقد قيل ، ثم أُمِر به إلى نار جهنم ، والعياذ بالله. أتعب نفسه في الدنيا ، ولم يُحصِّل ثمرةً في الآخرة. وجاء في سنن أبي داوود : أنَّ من تعلم علمًا مما يُبتغى به وجه الله ليصرف وجوه الناس إليه ، لم يجد رائحة الجنة ، فالأمر خطير وليس الأَمر بالسهل. وذكر المؤلف أيضا عددا من الآثار المتعلقة بهذا.
الشرط الثاني: المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ من لم يُتابع الهدي النبوي في العبادة فإن عبادته مردودة ؛ لأنها تكون بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)؛ أي : مردود على صاحبه. وقال صلى الله عليه وسلم : (كلُّ بِدْعةٍ ضَلالة) ، والله - جل وعلا- يقول:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ، ولذلك جاءت النصوص بالأمر باتباع هدي النبي الكريم ، فقال سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، ولذلك يحرص الإنسان على اقتفاء الهدي النبوي وخصوصًا في طلب العلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد وفَد عليه الطلاب وعلَّمهم ، وجعل لهذا التعلم آدابًا وسننًا وطرائق ، ولذلك لابد أن نقتدي بهذا الهدي الكريم ، ولا يمكن أن نقتدي بهذا الهدي الكريم حتى نتعلم السنة الواردة في ذلك ، إذ كيف تقتدي بشيء أنت لا تعرفه ؟ ، إذا تقرر هذا فلعلنا نأخذ كلام المؤلف ، قال: (العلم عبادة) ،يقصد بالعلم: العلم الشرعي ؛ لأنه مما يَتمحَّض أن يكون عبادة ، والناس فيه على ثلاثة أصناف ؛ من جعله لله من أن أجل أن ينيله الآخرة ، فهذا مؤمن موحِّد مُثاب ، الثاني : من جعله لله لينيله الله الدنيا ، فليس له في الآخرة من خلاق ، الثالث: من قصد به الدنيا مباشرة ، فهذا مشرك آثم مستحقٌّ للغضب دنيًا وآخرة.
قال المؤلف:(أصل الأصول) ، هذا الأصل يعني يتعلق بالنية ويتعلق بالمتابعة ، (قال بعض العلماء: "العلم صلاة السر، وعبادة القلب") ؛ لأن العلم منشؤه ذاتي من القلب ، والنية فيه تكون مما يَختص أو مما يُضمر في القلوب.
قال المؤلف: (في الحديث الفَرد المشهور) (الفرد) : يعني أنه غريب رواه راوٍ واحد عن راوٍ واحد عن راوٍ واحد ، وذلك أنَّ هذا الحديث قد رواه يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التِّيمي عن علقمة بن وقَّاص عن عمر بن الخطاب ، فهو فردٌ في أربع طبقات من إسناده ، (مشهور) : لأنه اشتهر بعد ذلك على الألسن واستفاض فقد رواه عن يحيى بن سعيد قرابة مائتي راوٍ.
قال المؤلف: (فإن فقد العلم إخلاص النية، انتقل من أفضل الطاعات إلى أَحطِّ المخالفات) : لأنه حينئذٍ يكون شركًا ؛ إما شركًا أكبر وإما شركًا أصغر؛ ومثَّل المؤلف له بالأمثلة ، قال: ( ويزاد عليه نهي العلماء عن "الطُّبوليات" ) ، يأتي الإنسان بالمسألة الغريبة فينشرها في وسائل الإعلام، ثم يأتي ضعاف القلوب فيُصفِّقون لها ويُطَبِّلون لها وينشرونها في الأمة ، ولذلك نقل هذه الكلمة "زلة العالم مضروب لها الطبل"، لو يأتي إنسان غير معروف بعلم فيكتب كتابة مخالفة لما استقر في علم الشريعة ، طمست ولم يكن لها أثر ، وإنما نخشى من زلة العالِم ؛ فإنه يَزلُّ بها عالَم ، ولذلك هذا ما أراده المؤلف بهذه الكلمة ، قال سفيان: "كنت أوتيت فهم القرآن" ، يعني معرفة معاني آيات القرآن وأسراره وحِكمه وتمكنت من استنباط الأحكام منه ، " فلما قَبلْت الصُرَّة" -أخذت المال من الناس- ، سُلبت هذه القدرة وهي فهم القرآن ، وحينئذٍ يحذر الإنسان- طالب العلم - من مثل هذا ، فإنه يكون سببًا من أسباب عدم فهمه للعلم ، وفي أوله فهم القرآن ، ما أوتي من هذا المال بدون طلب وبدون إِشْراف نفس ولم تتعلق نفسه به وقضى حوائجه ، فحينئذٍ لا يلحقه به حرج كما ورد في حديث عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ما أُوتيت من هذا المال غير مُشرف له نفسك، فخذه وتَموَّله)) ، ثم ذكر المؤلف قول سفيان أيضا " ما عالجت شيئا أشدَّ علي من نيتي" النية سهلة على من سهَّلها الله عليه ، في لحظة وفي ثانية تتمكن من قلب نيتك وتجعل أعمالك لله ، وفي نفس الوقت هي صعبة عسيرة ؛ لأن الناس يغفلون عنها من جهة ؛ ولأن الشيطان يحرص على إفساد النوايا ؛ لأن النية عظيمة النفع ، كبيرة الأثر ، هي جالبة البركة ، ومن ثَمَّ فالشيطان يحرص على إفساد النيات من أجل هذا الأمر.
قال المؤلف: (الخصلة الجامعة) يعني الشرط الثاني من شروط العبادة : المتابعة ، والمتابعة هي الجالِبة لمحبة الله وبمحبة رسوله ، كما قال تعالى:{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} ، قال: (وبالجملة فهذا أصل هذه الحلية) ، الذي هو الإخلاص والمتابعة ، (ويقعان منها موقع التاج من الحلة) ، هي أعلى شيء وأبرك شيء وأعظم شيء وأكثر شيء آثار ، الإخلاص والمتابعة. نعم
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2067#.VBjH7VcR3gE)

أم أبي التراب
10-09-2014, 04:15 AM
2- كنْ على جَادَّةِ السلَفِ الصالحِ
كنْ سَلَفِيًّا على الْجَادَّةِ ، طريقِ السلَفِ الصالحِ من الصحابةِ رَضِي اللهُ عَنْهُم ، فمَن بَعْدَهم مِمَّنْ قَفَا أَثَرَهم في جميعِ أبوابِ الدينِ ، من التوحيدِ والعِباداتِ ونحوِها مُتَمَيِّزًا بالتزامِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِك وتَرْكِ الْجِدالِ والْمِراءِ والْخَوْضِ في عِلْمِ الكلامِ وما يَجْلُبُ الآثامَ ويَصُدُّ عن الشرْعِ .

قالَ الذهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى :
( وَصَحَّ عن الدَّارَقُطْنِيِّ أنه قالَ : ما شيءٌ أَبْغَضَ إليَّ من عِلْمِ الكلامِ . قلتُ: لم يَدْخُل الرجُلُ أبدًا في علْمِ الكلامِ ولا الْجِدالِ ولا خَاضَ في ذلك، بل كان سَلَفِيًّا ) اهـ.

وهؤلاءِ هم ( أهلُ السنَّةِ والجماعةِ ) الْمُتَّبِعون آثارَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى :
( وأهلُ السنَّةِ : نَقاوةُ المسلمينَ، وهم خيرُ الناسِ للناسِ ) اهـ . فالْزَم السبيلَ { وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } .
************

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثاني من آداب الطالب في نفسه
كنْ سَلَفِيًّا على الْجَادَّةِ ، طريقِ السلَفِ الصالحِ من الصحابةِ رَضِي اللهُ عَنْهُم ، فمَن بَعْدَهم مِمَّنْ قَفَا أَثَرَهم في جميعِ أبوابِ الدينِ ، من التوحيدِ والعِباداتِ ونحوِها مُتَمَيِّزًا بالتزامِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِك وتَرْكِ الْجِدالِ والْمِراءِ والْخَوْضِ في عِلْمِ الكلامِ وما يَجْلُبُ الآثامَ ويَصُدُّ عن الشرْعِ .
الشيخ:
هذه من أهم الأمور، أن الإنسان يكون على طريق السلف الصالح في جميع أبواب الدين من التوحيد والعبادات والمعاملات وغيرها.
كذلك أيضا يترك الجدال والمراء لأن الجدال والمراء هو الباب الذي يقفل طريق الصواب؛ فإن الجدال والمراء يحمل المرء على أن يتكلم لينتصر لنفسه فقط، حتى لو بان له الحق تجده إما أن ينكره، وإما أن يؤوله على وجه مستكره انتصاراً لنفسه وإرغاماً لخصمه على الأخذ بقوله؛ فإذا رأيت من أخيك جدالا ومراءً بحيث يكون الحق واضحا (ففر منه فرراك من الأسد) يعني بحيث يكون الحق واضحا ولكنه لم يتبعه ففر منه فرارك من الأسد، وقل ليس عندي إلا هذا واتركه.
وكذلك الخوض في علم الكلام، الخوض في علم الكلام أيضًا مضيعة للوقت لأنهم يتكلمون في أشياء من أوضح الأشياء، مر علي اليوم في دراسة بعض الطلبة يقول لك ما هو العقل؟
حدد العقل؟
عرف العقل لغة واصطلاحا شرعاً وعرفاً
هذا لا يحتاج تعريف، يحتاج العقل للتوضيح؟ ما يحتاج لكن أهل علم الكلام دخلوا علينا من هذه الأشياء ، ما هو العقل هذا؟ سبحان الله الظاهر إنه وهو يفكر في تعريف العقل صار مجنون نعم لأن هذا أمر واضح ما يحتاج إلى تعريف لكن هؤلاء أهل الكلام صدوا الناس عن الحق وعن المنهج السلفي البسيط بما يوردونه من الشبهات والتعريفات والحدود وغيرها وانظر كلام شيخ الإسلام رحمه الله في الرد على المنطقيين يتبين لك الأمر أو في نقض المنطق وهو مختصر وأوضح لطالب العلم يتبين لك ما هم عليه من الضلال . ما الذي حمل علماء جهابذة على أن يسلكوا باب التأويل في باب الصفات إلا علم الكلام لو كان كذا لكان كذا، لو كان مستو على العرش حقيقة لزم أن يكون محدودًا لماذا؟ لأن العرش محدود، لو كان يرى لزم أن يكون في جهة وإذا كان في جهة لزم أن يكون جسما وهلم جرا يعطونك من هذا الكلام الذي يضيعك وهم يظنون أنهم يهدونك سواء السبيل فإذن من المهم لطالب العلم أن يترك الجدال والمراء وأن يسلك ما يرد على ذهنه من الإيرادات إذا قلنا كذا فكيف يكون كذا اترك هذه الأشياء لا تتنطع اجعل علمك سهلا ميسرا يعني الأعرابي يجي ببعيره يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن مسائل الدين وينصرف بدون مناقشة لأنه ليس عنده إلا التسليم أما المناقشات والمراء والجدال فهذا يضر الإنسان فالشيخ أبو بكر جزاه الله خير يعني ألمح إلى هذا الأمر وما يجلب الآثام ويصد عن الشرع .
القارئ:
قالَ الذهبيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى :
( وَصَحَّ عن الدَّارَقُطْنِيِّ أنه قالَ : ما شيءٌ أَبْغَضَ إليَّ من عِلْمِ الكلامِ . قلتُ: لم يَدْخُل الرجُلُ أبدًا في علْمِ الكلامِ ولا الْجِدالِ ولا خَاضَ في ذلك، بل كان سَلَفِيًّا ) اهـ.
الشيخ:
يعني بذلك الدارقطني يعني يبغضه مع أنه ما دخل فيه لكن لما له من نتائج سيئة وتطويل بلا فائدة وتشكيك فيما هو متيقن وإرباك للأفكار وهجر للآثار ولهذا ليس شيء فيما أرى أضر على المسلمين في عقائدهم من علم الكلام والمنطق وكثير من علماء الكلام الكبار أقروا في آخر حياتهم أنهم على دين العجائز ورجعوا إلى الفطرة الأولى لما علموا من علم الكلام قال شيخ الإسلام رحمه الله في الفتوى الحموية : وأكثر من يخاف عليه الضلال هم المتوسطون من علماء الكلام لأن من لم يدخل فيه فهو في عافية منه ومن دخل فيه وبلغ غايته فقد عرف فساده وبطلانه ورجع وصدق رحمه الله وهذا هو الذي يخاف عليه في كل علم يخاف من الأنصاف الذين في عرض الطريق لأنهم لم يروا أنفسهم أنهم لم يدخلوا في العلم فيتركوه لغيرهم ولم يبلغوا غاية العلم والرسوخ فيه فيضلون ويضلون لكن علم الكلام خطير لأنه يتعلق بذات الرب عز وجل وصفاته ولأنه يبطل النصوص تماما ويحكم العقل ولهذا كان من قواعدهم أن ما جاء في النصوص من صفات الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أقره العقل فهذا نقره بدلالة العقل لا بدلالة السمع (انظر أعوذ بالله)
القسم الثاني: نفاه العقل فيجب علينا نفيه دون تردد لأن العقل نفاه ولكن عقل من؟ قال الإمام مالك رحمه الله: ليت شعري بأي عقل يوزن الكتاب والسنة؟ أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل؛ أخذنا قوله وتركنا من أجله الكتاب والسنة؟! هذا لا يمكن.
القسم الثالث: ما لم يرد العقل بنفيه ولا إثباته فمن قال إن شرط الإثبات دلاله العقل قال يُرَد لأن العقل لم يثبته ومن قال: إن من شرط قبوله ألا يرده العقل قال أنه يقبل وأكثرهم يقول إنه يرد ولا يقبل لأن من شرط إثابته أن يدل عليه العقل وبعضهم توقف قال : إذا لم يثبته العقل ولم ينفه فالواجب علينا أن نتوقف وكل هذه قواعد ما أنزل الله بها من سلطان ضلوا بها وأضلوا والعياذ بالله وارتبكوا وشكوا وتحيروا ولهذا أكثر الناس شكا عند الموت هم أهل الكلام عند الموت والعياذ بالله يترددون هل الله جوهر أم عرض؟ هل هو قائم بنفسه أو بغيره؟ هل يفعل أو لا يفعل؟ هكذا عند الموت فيموت وهو شاك نسأل الله السلامة والعافية لكن إذا كانت طريقته طريقة السلف الصالح سهل عليه الأمر ولم يرد على قلبه شك ولا تشكيك ولا تردد نعم .
القارئ:
وهؤلاءِ هم ( أهلُ السنَّةِ والجماعةِ ) الْمُتَّبِعون آثارَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى :
( وأهلُ السنَّةِ : نَقاوةُ المسلمينَ، وهم خيرُ الناسِ للناسِ ) اهـ .
الشيخ:
لكن يا إخوان اعلموا أن من المتأخرين من قال: إن أهل السنة ينقسمون إلى قسمين: مفوضة ومؤولة، وجعلوا الأشاعرة والماتردية وأشباههم جعلوهم من أهل السنة وجعلوا المفوضة هم السلف فأخطأوا في فهم السلف وفي منهجهم لأن السلف لا يفوضون المعنى إطلاقا بل قال شيخ الإسلام رحمه الله : إن القول بالتفويض من شر أقوال أهل البدع والإلحاد واستدل لذلك بأننا إذا كنا لا ندري معاني ما أخبر الله به عن نفسه من أسماء وصفات جاءنا الفلاسفة وقالوا أنتم جهال نحن الذين عندنا العلم ثم تكلموا بما يريدون وقالوا المراد من النص كذا وكذا ومعلوم أن معنى للنص خير من توقف فيه وأنه ليس له معنى فانتبهوا لهذا أن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم ويقسم أهل السنة إلى قسمين مفوضة ومؤولة ثم يقول من العجب العجاب: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم. سبحان الله كيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم وهل يمكن أن تكون طريق أعلم وأحكم وليست أسلم؟! بل يلزم من كون طريقة الخلف أعلم وأحكم أن تكون أسلم بلا شك لأن شخصا يقول هذا النص له معناه وأنا أؤمن به أعلم بلا شك وأحكم من شخص يقول: والله ما أدري هو عندي بمنزلة ألف باء تاء ... ما أدري فلا سلامة إلا بالعلم والحكمة العلم بالحق واتباع الحق الحكمة اتباع الحق والعلم (...) فهذا تناقض عظيم ولهذا كان القول الصحيح في هذه العبارة أن طريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم جعلنا الله وإياكم على هذه الطريقة .نعم.
القارئ:
فالْزَم السبيلَ { وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } .
الشيخ:
يلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف تحريضهم على معرفة منهج السلف أليس كذلك؟! فنطالع الكتب المؤلفة في هذا كسير أعلام النبلاء وغيرها حتى نعرف طريقهم ونسلك هذا المنهج القويم أما أن نقول نتبع السلف ولا أدري ماذا يفعلون فهذا ناقص بلا شك .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2068#.VDXt7lcR3gE)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:

كن على جادة السلف الصالح
كن سلفياً على الجادة، طريق السلف الصالح من الصحابة رضى الله عنهم، فمن بعدهم ممن قفا أثرهم في جميع أبواب الدين، من التوحيد، والعبادات، ونحوها، متميزاً بالتزام آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوظيف السنن على نفسك، وترك الجدال، والمراء، والخوض في علم الكلام، وما يجلب الآثام، ويصد عن الشرع.
قال الذهبي رحمه الله تعالى: "وصح عن الدارقطني أنه قال: ما شيء أبغض إلي من علم الكلام. قلت: لم يدخل الرجل أبداُ في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفياً" ا هـ.
وهؤلاء هم (أهل السنة والجماعة) المتبعون آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وأهل السنة: نقاوة المسلمين، وهم خير الناس للناس" اهـ. فالزم السبيل {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.
الشيخ:
قال المؤلف في الحلية الثانية : (كن على جادة السلف الصالح) أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ خير أمته هم القرن الأول ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، فهؤلاء هم خير الأمة ، وإذا أردنا أن نكون ممن اتّصف بالخيرية فلنكن ممن يسير على طريقتهم ، قال الله جل وعلا: { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىظ° وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا } ، والله- جل وعلا- قد أمر باتّباع طريقة الصالحين كما قال جل وعلا: { اتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} ، وأمر بالاقتداء بأهل الفضل ، ولذلك لما ذكر قول إبراهيم وممن معه أمر بالاقتداء بهم { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، ولما ذكر الله - جل وعلا- السابقين من المهاجرين والأنصار أمر باتباعهم وأثنى على من اتبعهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((اقتدُوا بالذَّين من بعدي أبوبكرٍ وعمر)) ، وقال: (( فعليكم بسنتي وسنةِ الخُلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسَّكوا بها وعُضُّوا عليها بالنواجِذ)) ، والنصوص في هذا كثيرة.
ولذلك تجد في السلف الصالح عندهم من الفوائد والبركة الشيء الكثير ، عندهم كلام قليل فيه معانٍ كثيرة ، فما أعظم منة الله علينا بأن جعل سلفنا أولئك القوم الصالحين ، فإنَّ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثنت عليهم النصوص : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ..} الآية ، والنصوص في هذا كثيرة.
قال المؤلف: (كن سلفيا) ، بعض الناس يقول السلف مرحلة زمنية ، فنقول اتّباع السلف ليس مرحلةً وإنما هو فعل ، وبالتالي نحن نقصد اتباع السلف الذي جاءت النصوص به ، فمن طالبنا بغير ذلك لم نسمع منه ، ثم قال (اتبع طريق السلف الصلح ومن قفا أثرهم في جميع أبواب الدين) ؛ لأنَّ بعض الناس يقتدي بالسلف في باب دون باب ، فحينئذٍ يضل في الباب الذي ترك فيه الاقتداء بسلف الأمة ، أَضْرِبُ لهذا مثالا : يأتيك إنسان يتقن أبواب الصفات ويكون على طريقة السلف الصالح ولكنه في أبواب الإيمان لا يكون كذلك ، حينئذٍ ضيَّع جزءًا من طريقة السلف ، عندما يأتي في أبواب الإيمان وأبواب الصفات على طريقة السلف لكنه يُخالِف طريقة السلف فيما يتعلق بمعاملة الولاة حينئذٍ لا يكون سلفيًا ، وإن كان سلفيا في باب لكن لا يقال له بإنه سلفيٌّ بإطلاق ، ذكر المؤلف من ذلك توحيد العبادات ونحوها .
قال المؤلف: (وترك الجدال) ، الجدال قد يراد به توضيح الحق والاستدلال له فيكون محمودًا مرغوبا به ، وقد يكون المراد به المناقشة العقيمة والمجادلة بما لا يصل إلى ثمرة ، بحيث يكون مقصود كل من المتكلِّمَين الانتصارَ للنفس ، فحينئذٍ يكون مذموما ، أما الدليل على المحمود فقول الله تعالى: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} ، هذه الآية اشتملت على النوعين ؛ الجدال المذموم والجدال المحمود ، قال تعالى في الجدال المحمود: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ، فإذا كان الجدال ليس بالتي هي أحسن فإنه يكون مذمومًا ، وإن كان بالتي هي أحسن يكون محمودًا ، ما صفته؟ أن يكون المقصود والمراد هو إعلاء الحق وبيانه وإرشاد الناس إليه لا الانتصار للنفس ، إذا كان المجادل ملتزما بالآداب والأخلاق الشرعية ، إذا كان المجادل لا يتكلم بلسانه بما يخالف الحق ، أو بما يكون منافيا للأدب ، قال: (والمراء) المراد بالمراء : الحديث والمجادلة التي لا تصل إلى ثمرةٍ ونتيجة ، بحيث يُردِّد كل منهما مقالتَه وينتصر لها ، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا ضَمينٌ ببيتٍ في أَوسَطِ الجنة لمن ترك المِراء ولو كان مُحِقًّا )) ، فإذن المرء يأتي بالحق ويوضحه ويبينه ويقيم الدليل عليه وحينئذ يكتفي به.
قال المؤلف : ( والخوض في علم الكلام) ، علم الكلام الذي ذمه السلف الصالح يراد به : الحديث في المباحث العقدية على مقتضى الطرائق اليونانية ، أي طرائق غير المسلمين ، فإن الكلام في التوحيد على مقتضى ما ورد في الكتاب والسنة هذا محمود مرغَّبٌ فيه ، سواءً كان بالدلالة الشرعية المجردة أو بالدلالة العقلية ؛ لأن القرآن قد اشتمل على أعلى الأدلة العقلية الواردة في المباحث العقدية ، انظر في آخر سورة يس حجج عقلية ترشدك إلى الإيمان بالبعث ، يذعن لها كل عاقلٍ منصِف.
قال المؤلف: (صح عن الدارقطني أنه قال ماشيء أبغض إلي من علم الكلام. قلت: لم يدخل الرجل أبدا) ، يعني : الذهبي يثني على الدارقطني ، يقول لم يدخل الدارقطني في علم الكلام ولا الجدال بل كان سلفيًّا ، ثم ذكر كلمة شيخ الإسلام : (أهل السنة نقاوة المسلمين) ، يعني صفوَتهم ، (وهم خير الناس للناس): لأنهم يرشدونهم إلى الحق ويحسنون إليهم ويكفون عن الكلام في معايِبهم ، وبالتالي هم خير الناس للناس ، بينما بقية الطوائف يكون عندهم من الشر والأذى ما يُقابلون به إحسانَ أهل السنة إليهم ، ولذلك من رحمة الله أن جعل أهل السنة أهل الصفات الحسنة الذين يُحسنون إلى الخلق ، وكلما ابتعد الإنسان عن السنة كلما تقرَّب إلى الله بإيذاء الناس . نعم
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2068#.VDakLVcR3gE)

أم أبي التراب
10-09-2014, 05:16 PM
3- مُلازَمَةُ خَشيةِ اللهِ تعالى :

التَّحَلِّي بعِمارةِ الظاهِرِ والباطِنِ بخشْيَةِ اللهِ تعالى: مُحافِظًا على شعائرِ الإسلامِ وإظهارِ السُّنَّةِ ونَشرِها بالعَمَلِ بها والدعوةِ إليها دَالًّا على اللهِ بعِلْمِكَ وسَمْتِكَ وعَمَلِكَ مُتَحَلِّيًا بالرجولةِ والمساهَلَةِ والسمْتِ الصالحِ .ومِلاكُ ذلك خَشيةُ اللهِ تعالى ، ولهذا قالَ الإمامُ أحمدُ رَحِمَه اللهُ تعالى :( أَصْلُ الْعِلْمِ خَشْيَةُ اللهِ تَعَالَى )
فالْزَمْ خَشيةَ اللهِ في السرِّ والعَلَنِ فإنَّ خيرَ الْبَرِيَّةِ مَن يَخْشَى اللهَ تعالى، وما يَخشاهُ إلا عالِمٌ، إِذَنْ فخيرُ البَرِيَّةِ هو العالِمُ ولا يَغِبْ عن بَالِكَ أنَّ العالِمَ لا يُعَدُّ عالِمًا إلا إذا كان عامِلًا ولا يَعْمَلُ العالِمُ بعِلْمِه إلا إذا لَزِمَتْه خَشيةُ اللهِ .
وأَسْنَدَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى بسَنَدٍ فيه لَطيفةٌ إسناديَّةٌ برِوايةِ آباءٍ تِسعةٍ فقالَ : أَخبَرَنا أبو الفَرَجِ عبدُ الوَهَّابِ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ الحارثِ بنِ أَسَدِ بنِ الليثِ بنِ سُليمانَ بنِ الأَسْوَدِ بنِ سُفيانَ بنِ زَيدِ بنِ أُكَينةَ بنِ عبدِ اللهِ التميميُّ من حِفْظِه ، قالَ : سَمِعْتُ أبي يقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سمعتُ أبي يَقولُ : سَمِعتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقولُ : ( هَتَفَ العلْمُ بالعَمَلِ ، فإنْ أَجابَه وإلا ارْتَحَلَ ) اهـ .
وهذا اللفظُ بنَحوِه مَرْوِيٌّ عن سُفيانَ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
***************
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ:
مُلازَمَةُ خَشيةِ اللهِ تعالى
التَّحَلِّي بعِمارةِ الظاهِرِ والباطِنِ بخشْيَةِ اللهِ تعالى: مُحافِظًا على شعائرِ الإسلامِ وإظهارِ السُّنَّةِ ونَشرِها بالعَمَلِ بها والدعوةِ إليها دَالًّا على اللهِ بعِلْمِكَ وسَمْتِكَ وعَمَلِكَ مُتَحَلِّيًا بالرجولةِ والمساهَلَةِ والسمْتِ الصالحِ . ومِلاكُ ذلك خَشيةُ اللهِ تعالى ، ولهذا قالَ الإمامُ أحمدُ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( أَصْلُ الْعِلْمِ خَشْيَةُ اللهِ تَعَالَى )
الشيخ:
وهذا الذي قاله الإمام أحمد صحيح أصل العلم خشية الله وخشية الله هي الخوف المبني على العلم والتعظيم ولهذا قال الله تعالى: { إنما يخشى الله من عباده العلماء } فالإنسان إذا علم الله عز وجل حق العلم وعرفه حق المعرفة فلا بد أن يقوم في قلبه خشية الله لأنه إذا علم ذلك علم عن رب عظيم عن رب قوي عن رب قاهر عن رب عالم بما يسر ويخفي الإنسان فتجده يقوم بطاعة الله عز وجل أتم قيام { إنما يخشى الله من عباده العلماء } قال العلماء : والفرق بين الخشية والخوف أن الخشية تكون من عظم المخشي والخوف من ضعف الخائف الخوف يكون من ضعف الخائف وإن لم يكن المخوف عظيما ولهذا يخاف الصبي من فتى أكبر منه قليلا لكن الأكبر من هذا الفتى يخاف من هذا الفتى أم لا؟ يا جماعة الصبي الصغير له سنتان يخاف من صبي له ست سنوات صحيح؟ طيب ، لعظم المخوف وأم لقصر الخائف؟ لقصر الخائف (طيب) هذا الذي له ست سنوات يخاف ممن له عشر سنوات إذن ليس عظيما فالفرق بين الخشية والخوف أن الخشية تكون من عظم المخشي والخوف من نقص الخائف ولهذا بعض الناس يخاف من لا شيء لأنه رعديد تعرفون الرعديد؟ جبان يخاف من كل شيء ولهذا يضرب المثل بالرجل يقال هو يخاف من ظلاله يمشي مثلا في القمر فيرى الظلال فيقول هذا واحد يلاحقني ثم يهرب وهذا الظلال معه رجليه وهو يقول أنا نجوت من هذا الرجل لأنه جبان فالحاصل أن الخشية أعظم من الخوف ولكن قد يقال خَفِ الله { فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } وهذا في مقابلة فعل هؤلاء الذين يخافون من الناس .
القارئ:
فالْزَمْ خَشيةَ اللهِ في السرِّ والعَلَنِ فإنَّ خيرَ الْبَرِيَّةِ مَن يَخْشَى اللهَ تعالى، وما يَخشاهُ إلا عالِمٌ، إِذَنْ فخيرُ البَرِيَّةِ هو العالِمُ ولا يَغِبْ عن بَالِكَ أنَّ العالِمَ لا يُعَدُّ عالِمًا إلا إذا كان عامِلًا ولا يَعْمَلُ العالِمُ بعِلْمِه إلا إذا لَزِمَتْه خَشيةُ اللهِ .
الشيخ:
قوله وفقه الله : لا يعد عالما يعني: عالما ربانيا وأما كونه عالما ضد الجاهل فهذا يقال، يقال إن الذي ألف المنجد رجل نصراني وفيه من معرفة اللغة العربية شيء كثير وإن كان غلطات كثيرة وأشياء تؤخذ عليه من الناحية الدينية لكن العالم الذي يعمل بعلمه هو الذي يصدق عليه أنه عالم رباني لأنه يربي نفسه أولا ثم يربي غيره ثانيا .
القارئ:
وأَسْنَدَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى بسَنَدٍ فيه لَطيفةٌ إسناديَّةٌ برِوايةِ آباءٍ تِسعةٍ فقالَ : أَخبَرَنا أبو الفَرَجِ عبدُ الوَهَّابِ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ الحارثِ بنِ أَسَدِ بنِ الليثِ بنِ سُليمانَ بنِ الأَسْوَدِ بنِ سُفيانَ بنِ زَيدِ بنِ أُكَينةَ بنِ عبدِ اللهِ التميميُّ من حِفْظِه ، قالَ : سَمِعْتُ أبي يقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سمعتُ أبي يَقولُ : سَمِعتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ أبي يَقولُ : سَمِعْتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقولُ : ( هَتَفَ العلْمُ بالعَمَلِ ، فإنْ أَجابَه وإلا ارْتَحَلَ ) اهـ .
وهذا اللفظُ بنَحوِه مَرْوِيٌّ عن سُفيانَ الثوريِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
الشيخ:
إذن لا بد من العمل بما علم لأنه إذا لم يعمل بعلمه صار من أول تسعر بهم النار يوم القيامة
وعالم بعلمه لم يعملن = معذب من قبل عباد الوثن
هذه واحدة إذا لم يعمل بعلمه أُرث الفشل في العلم وعدم البركة ونسيان العلم لقول الله تعالى : { فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه } بعدها ؟ { ونسوا حظا مما ذكروا به } وهذا النسيان يشمل النسيان الذهني والعملي قد يكون بمعنى ينسونه دينيا أوينسونه يتركونه لأن النسيان في اللغة العربية يطلق بمعنى الترك أما إذا عمل الإنسان بعلمه فإن الله تعالى يزيده هدى قال الله تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى } ويزيده تقوى ولهذا قال: { وآتاهم تقواهم } إذا عمل بعلمه ورثه الله تعالى علم ما لم يعلم ولهذا روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل. وتروى هذه اللفظة العلم يهتف بالعمل (يعني يدعوه) فإن أجابه وإلا ارتحل. ما الذي يرتحل ؟ العلم وهذا واضح لأنك إذا عملت بالعلم تذكرته كلما عملت وأضرب لكم مثلا برجل عرف صفة الصلاة من السنة وصار يعمل بها كلما صلى هل ينسى ما علم ؟ لا ينسى لأنه تكرر عليه لكن لو ترك العمل به نسي وهذا دليل محسوس على أن العمل بالعلم يوجب ثبات العلم ولا ينساه . نعم .
هنا آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2069#.VDakMFcR3gE)
**شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
ملازمة خشية الله تعالى
التحلي بعمارة الظاهر والباطن بخشية الله تعالى؛ محافظاً على شعائر الإسلام، وإظهار السنة ونشرها بالعمل بها والدعوة إليها؛ دالاً على الله بعلمك وسمتك وعلمك، متحلياً بالرجولة، والمساهلة، والسمت الصالح.
وملاك ذلك خشية الله تعالى ، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "أصل العلم خشية الله تعالى". فالزم خشية الله في السر والعلن، فإن خير البرية من يخشى الله تعالى، وما يخشاه إلا عالم، إذن فخير البرية هو العالم، ولا يغب عن بالك أن العالم لا يعد عالماً إلا إذا كان عاملاً، ولا يعمل العالم بعلمه إلا إذا لزمته خشية الله.
وأسند الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى بسند فيه لطيفة إسنادية برواية آباء تسعة، فقال(1): أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن زيد بن أكينة ابن عبد الله التميمي من حفظه؛ قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبى يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول:
"هتف العلم بالعمل، فإن أجابه، وإلا ارتحل" ا هـ.
وهذا اللفظ بنحوه مروي عن سفيان الثوري رحمه الله تعالى.
الشيخ :
الأدب الثالث من حلية طالب العلم : ملازمة خشية الله تعالى ، بحيث يمتلئ قلبك من مخافة الله التي تدفعك إلى طاعته وتبعدك عن معصيته ، والفرق بين الخوف والخشية أنَّ الخوف يُلاحِظ فيه الخائفُ ضعفَ نفسِه ، والخشية يُلاحِظ فيه الخاشي قوةَ المَخْشِي ، فعندما يلاحظ المرء قدرة الله – جل وعلا- تبدأ عنده درجة الخشية ، وكلاهما مطلوب ؛ الخشية والخوف ، قال تعالى: { إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، والخشية أيضا مطلوبة قال تعالى: { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} ، فإذن الخشية من الدرجات المطلوبة ، والخشية تدفع الإنسان إلى المحافظة على شعائر الإسلام في باطنه وظاهره. الخشية تنشأ من أمور ؛ أولها : العلم بالله تعالى وبقدرته وبصفاته ومن ذلك أن يَعلم العبد أن الله مُطَّلعٌ عليه في كل أحواله ، الثاني : مما تنشأ عنه الخشية ، معرفة العبد بأن ربَّه قادر عليه ، قادرٌ على إنزال العقوبة به ، ويُطالع سُنن الله في الكون في الأمم السابقة كم أنزل بهم من العقوبات. الخشية تنشأ من ملاحظة الدار الآخرة وأنَّ المرء عما قريب منتقل إليها ومحاسبٌ على أعماله في الدنيا ، فإذا استحضر الإنسان ذلك زادت عنده صفة الخشية من الله تعالى. هذه الخشية ليست خاصةً بالقلب بل لها مظاهرُ في ظاهر البدن ؛ منها المحافظة على شعائر الإسلام ، ومنها إظهار السنة ، ومنها حرص الإنسان على نشر السنة والدعوة إليها ، ومنها أن يكون المرء متخلقًا بالأخلاق الفاضلة ، سَهْلا مع عباد الله ، وهذا معنى قول المؤلف: (والمساهَلة) يعني : أن يكون هيِّنًا رفيقًا مع الخلق ، وأما (السمت الصالح) فالسَّمت المراد به الصفة الظاهرة ، السمت هو الصفة الظاهرة ، قال الله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ، ثم أورد المؤلف حديث أو أثر "هتف العلم بالعمل ، فإن أجابه ، وإلا ارتحل"، يعني : أنَّ صاحب العلم إذا عمل به بقيَ علمُه ، وأما إذا لم يعمل به فإن العلم يزول ، ولكن هذا الحديث أو هذا الأثر الذي ذكره المؤلف ضعيف الإسناد ، فيه عبد العزيز التميمي وهو مُتكلَّمٌ فيه ، ولذلك لا يصح هذا الحديث فهو ضعيفٌ جدا ، لا يصح هذا الأثر فهو ضعيفٌ جدا .نعم
هنا آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2069#.VDakMFcR3gE)
***إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية
بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : ماالفائدة من تكرار اللفظ (سمعت أبي يقول) ؟
الجواب : تكرار لفظ (سمعت أبي يقول) في الإسناد المذكور هو لاختلاف القائلين ؛ فعبد الوهاب قال سمعت أبي ، يقصد عبد العزيز ، وعبد العزيز قال: سمعت أبي، يقصد الحارث، والحارث قال: سمعت أبي ، يقصد أسداً، وهكذا...

السؤال الثاني : هل كل من ينسى العلم علما بأنه يطبق ويجتهد في نشره لكن عند نصح شخص أو تذكيره بحديث ينساه ولايتذكره
كالأربعين النووية مثلاً
فهل هذا دليل أنه غضب من الله أوبسبب الذُنوب أو عدم البركة
أم إهمال منه وقت حفظ العلم وثباته
الجواب : إن كان النسيان بسبب تفريط وإهمال فصاحبه مذموم، ونسيانه عقوبة له على بعض ذنوبه فإن الذنب يورث الذنب، كما أن الحسنة تورث الحسنة بعدها.
وأما إن كان نسيانه من غير تفريط ولا إهمال وإنما بسبب آفة عرضت له من مرض عضوي أو نفسي أو غلبة همّ ابتلي به أو ابتلاء عارض أذهله عن المراجعة حتى نسي بعض ما كان يحفظ فلا يلام على ذلك ، بل يرجى له أن يجري له أجر ما كان يعتاده من المراجعة لأن هذه الآفات هي من جنس الأمراض وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)) رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.


هنا آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2069#.VDakMFcR3gE)

أم أبي التراب
10-09-2014, 06:52 PM
4- دوامُ الْمُراقَبَةِ
التحَلِّي بدوامِ المراقَبَةِ للهِ تعالى في السرِّ والعَلَنِ سائرًا إلى ربِّك بينَ الخوفِ والرجاءِ فإنهما للمسلِمِ كالْجَناحَيْنِ للطائرِ
فأَقْبِلْ على اللهِ بكُلِّيَّتِكَ ولْيَمْتَلِئْ قلْبُك بِمَحبَّتِه ولسانُك بذِكْرِه والاستبشارِ والفرْحِ والسرورِ بأحكامِه وحُكْمِه سبحانَه

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )القارئ:
الأمر الرابع دوامُ الْمُراقَبَةِ .
التحَلِّي بدوامِ المراقَبَةِ للهِ تعالى في السرِّ والعَلَنِ سائرًا إلى ربِّك بينَ الخوفِ والرجاءِ فإنهما للمسلِمِ كالْجَناحَيْنِ للطائرِ .
فأَقْبِلْ على اللهِ بكُلِّيَّتِكَ ولْيَمْتَلِئْ قلْبُك بِمَحبَّتِه ولسانُك بذِكْرِه والاستبشارِ والفرْحِ والسرورِ بأحكامِه وحُكْمِه سبحانَه .
الشيخ:
نعم . فمن المهم دوام المراقبة لله وهذا من ثمرات الخشية أن الإنسان يكون مع الله دائما يعبد الله كأنه يراه يقوم للصلاة فيتوضأ وكأنه ينفذ قول الله تعالى" يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " يقوم يتوضأ وكأنه ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يتوضأ ويقول من توضأ نحو وضوئي هذا كمال المراقبة وهذا أمر مهم وقوله:" يكون سائرا بين الخوف والرجاء فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر". هذا أحد الأقوال في هذه المسألة
وهي هل الأولى للإنسان أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء أو يغلب جانب الخوف أو يغلب جانب الرجاء ؟
- الإمام أحمد رحمه الله يقول : ينبغي أن يكون خوفه ورجائه واحدا فأيهما غلب هلك صاحبه
- ومن العلماء من يفصل ويقول : إذا هممت بطاعة فغلب جانب الرجاء إنك إذا فعلتها قبل الله منك ورفعك بها درجات من أجل أن تقوى وإذا هممت بمعصية فغلب جانب الخوف حتى لا تقع فيها فعلى هذا يكون التغليب لأحدهما بحسب حال الإنسان
- ومنهم من قال إنه بحسب الحال على وجه آخر فقال : أما في المرض فيغلب جانب الرجاء لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه " ولأنه إذا غلَّب في حال المرض جانب الخوف فربما يدفعه ذلك إلى القنوط من رحمة الله في حال الصحة يغلب جانب الخوف لأن الصحة مدعاة للفساد كما قال الشاعر الحكيم:
إن الشباب والفراغ والجدة = مفسدة للمرء أي مفسدة
يعني مفسدة عظيمة والذي أرى أن الإنسان يجب أن يعامل حاله بما تقتضيه الحال وأن أقرب الأقوال في ذلك أنه إذا عمل خيرا فليغلب جانب الرجاء وإذا هم بسيء فليغلب جانب الخوف هذا أحسن ما أراه في هذه المسألة الخطيرة العظيمة (طيب) إذا قال قائل تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنيا على سبب صالح للرجاء أو يكون رجاء المفلسين ؟ الأول يعني إنسان مثلا يعصي الله دائما وأبدا ويقول رحمه الله واسعة هذا غلط لأن إحسان الظن بالله ورجاء الله لا بد أن يكون هناك سبب ينبني عليه الرجاء وإحسان الظن وإلا كان مجرد أمنية والتمني كما يقول عامة أهل نجد يعني العوام من أهل نجد يقولون : التمني رأس مال المفاليس، تعرفون المفاليس ؟ من هم؟ الذين ليس عندهم شيء (...) وعندي أموال وأشياء عظيمة (...) هكذا حكيت لنا والله أعلم هل تصح أم لا، لكن يعني حال الأولين وبلاهتهم يعني يمكن أن تكون هكذا والله أعلم . نعم .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2070#.VDa6a1cR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ:
دوام المراقبة:
التحلي بدوام المراقبة لله تعالى في السر والعلن، سائراً إلى ربك بين الخوف والرجاء، فإنهما للمسلم كالجناحين للطائر.
فأقبل على الله بكليتك، وليمتلئ قلبك بمحبته، ولسانك بذكره، والاستبشار والفرح والسرور بأحكامه وحكمه سبحانه.
الشيخ:
هذه الصفة الرابعة من صفات طالب العلم ، حلية طالب العلم تقتضي أنَّ طالب العلم يستشعر أنَّ الله تعالى يراقبه ، فهو يراقب عملَه الظاهر ، وهو يراقب نيته ومقصده ؛ لأنَّ الله تعالى كما وصف نفسه بقوله: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ } ، وكما قال-سبحانه- في وصف نفسه: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ، من استشعر هذه الصفة وكانت صفةً ملازمةً له ، وصل إلى أعلى مراتب الدين وهي صفة الإحسان ، فإنَّ صفة الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، والمؤمن يتصف بهذه الصفة حال وجوده بين أيدي الناس وحال خَلوته ؛ لأنه يعلم أن الله- جل وعلا- مُطلع عليه في جميع أحوله : { إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}. كذلك هذه الصفة تجعل المؤمن يستشعر الخوف ويستشعر الرجاء ، فهو يخاف على نفسه أن يعاقبه الله بسبب ذنوبه ، وهو في نفس الوقت يرجو من الله أن يسبغ عليه نعمه ، وأن يرحمه بسبب أنَّ الله كريم عفو رحيم مُتفضِّل ، فهو يخاف بسبب فِعل نفسِه ويرجو بسبب رحمة ربه ، (فإنهما- يعني الخوف والرجاء- للمسلم كالجناحين للطائر) ، وهذا يدلك على خطأ من يقول : العبادة تكون بالمحبة ، بل لابد في العبادة من خوف ورجاء ومحبة.
قال : (فأقبِل على الله بكُلِّيَّتِك) يعني : بجميعك ، من أقبل على الله فإنَّ الله سيكون له معينًا ، ومؤيدًا وناصرا ، من كان مع الله كان الله معه ، { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} ، (وليمتلئ قلبُك بمحبة الله) ؛ لأنَّ هذا من القربات قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}، (وليمتلئ لسانك بذكر الله) ، فإنَّ ذكر الله سبب من أسباب طمأنينة القلب التي يتمكن القلب بها من تحصيل العلم ، وذكر الله سبب من أسباب طرد الشياطين التي تلقي الوساوس في قلوب العباد ، وذكر الله سبب من أسباب إعانة الله للعبد كما قال سبحانه : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، و قال "وأَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا ذَكَرَنِي ، فإن ذكرني فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ"، وهذا الوصف مما يُؤكَّد عليه خصوصا في زماننا هذا ، فإنَّ الإكثار من ذكر الله من أعظم أسباب تحصيل العلم ، وكلما كان الإنسان مُكْثرا لذكر الله كلما فتح الله ذهنه للفهم الصحيح ، وجعل قلبه يحوي العلم الكثير ، وبارك الله في شأنه كله ، وكلما أقل الإنسان من ذكر الله ، كلما ابتعدت عنه البركة ، ولذلك ليكن لطالب العلم أورادًا يومية ، وكلما خلا بنفسه اشتغل لسانُه بذكر الله وترك هذه الوساوس التي تُشغِل قلبَه في أوقات خلوته.
وإذا تأمل الإنسان الأمر بذكر الله ، وجد أنَّ الله جل وعلا لا يأمر بالذكر إلا ويصفه بصفة الكثرة ، كما قال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} ، بينما وصف المنافقين بأنهم كانوا {لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} ، حينئذٍ إذا أراد الإنسان أن يُبارك له في وقته ، في شأنه ، فليُكْثِر من ذكر الله ، ومن أعظم أنواع الذكر: قراءة القرآن.
قال المؤلف أيضا من الأمور التي يتصف بها طالب العلم : (الاستبشار والفرح والسرور بأحكام الله وحِكَمه سبحانه وتعالى) ، فافرح بما أنعم الله عليك ، وافرح بإنزال هذا الكتاب ، وافرح ببعثة هذا النبي الكريم ، وافرح بأن تعلمت شيئًا من أحكام هذه الشريعة ، قال تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
هذا شيء من الصفات التي ذكرها المؤلف في حلية طالب العلم بما يتعلق بصفة طالب العلم في نفسه ، ولعلنا إن شاء الله - جل وعلا- أن نكمل بقية هذه الصفات في لقائنا القادم...
أسأل الله – جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم الأخلاق الفاضلة ، اللهم اجعلنا ممن تأدب بآداب العلم ، اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا ، اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين ، اللهم وفقنا لما تحب وترضى ، واجعل أعمالنا على البر والتقوى ، اللهم اجعلنا ممن عمل بعلمه فأكسبته علما آخر ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم وفق ولاة أمورنا لكل خير ، واجعلهم من أسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة ، هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
°سؤال : أحسن الله إليكم شيخنا ....
الشيخ : إمام يصلي من أجل أن يؤثِّر على المأمومين . فنقول لماذا يؤثر؟ ، هل ليكون له مكانة؟ ، هل ليكون له منزلة؟ ، هل ليُثني عليه الناس ويقولوا ما أجمل صوته؟ ، حينئذٍ هذا رياءٌ وسمعة ، ومن سمَّعَّ سمَّعَّ الله به ، فيقال له يوم القيامة إنما قرأت ليقال قارئ فقد قيل ، وأما إن كان يريد أن يكون ذلك مؤثِّرا في قلوب المستمعين ليتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه ويتركوا طاعة الشيطان ، ويتصفوا بصفة الإنابة إلى الله – جل وعلا- لا لحَظِّ نفسه وإنما يريد مصلحتهم هم ، فحينئذ هذا جائز بل يؤجر العبد عليه ، فإن الله – جل وعلا- قد أمر بالتذكير فقال : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}
سؤال : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول ....كيف يكون التخلص من الرياء؟
الشيخ : التخلص من الرياء بأن يقصد الإنسان بعمله وجه الله والدار الآخرة. نسأل الله - جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ، هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2070#.VDa6a1cR3gE)
° إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل


السؤال الأول : لم أفهم هذه الفقرة ـ بارك الله فيكم ـ من موضوع دوام المراقبة
اقتباس:
إذا قال قائل تغليب جانب الرجاء هل يجب أن يكون مبنيا على سبب صالح للرجاء أو يكون رجاء المفلسين ؟
الأول يعني إنسان مثلا يعصي الله دائما وأبدا ويقول رحمه الله واسعة هذا غلط
لأن إحسان الظن بالله ورجاء الله لا بد أن يكون هناك سبب ينبني عليه الرجاء وإحسان الظن وإلا كان مجرد أمنية والتمني كما يقول عامة أهل نجد يعني العوام من أهل نجد يقولون : التمني رأس مال المفاليس، تعرفون المفاليس ؟ من هم؟ الذين ليس عندهم شيء (...) وعندي أموال وأشياء عظيمة (...) هكذا حكيت لنا والله أعلم هل تصح أم لا،
لكن يعني حال الأولين وبلاهتهم يعني يمكن أن تكون هكذا والله أعلم . نعم .

الجواب : المقصود أن الرجاء الذي ينفع صاحبه هو الذي يصاحبه العمل وبذل الأسباب، وأما الرجاء مع القعود عن بذل الأسباب فهو عجز مذموم، كما روي في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجه وغيرها من حديث أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله)) وابن أبي مريم ضعيف، والمعنى صحيح، فإن العجز هو ترك بذل الأسباب مع إمكانها.
فالذي يتمنى حصول الخير ولا يبذل أسبابه إنما هو عاجز متمنّي
إذا منَّتك نفسك نيل خير = ولم تبذل له سبباً مؤتَّى
فما تبني وإن أجهدتَ فكراً = سوى حلم يزول إذا صحوتَا
وهذه الأماني هي رؤوس أموال المفاليس، والمفلس هو الذي لا مال له، والإفلاس الذي لا حيلة للإنسان فيه ليس عيباً، وإنما المعيب أن يسترسل في الأماني الباطلة التي تجهد فكره، وتضيع وقته، وتصدّه عن العمل النافع، كما قال أحدهم فيما حكاه الجاحظ في كتاب الحيوان:
إذا تمنَّيت مالاً بتّ مغتبطاً = إن المنى رأس أموال المفاليس
لولا المنى متُّ من همّ ومن حَزَنٍ = إذا تذكَّرت ما في داخل الكيس
وقد جعل الله للمؤمن من حسن الظن به والتوكل عليه والالتجاء إليه ما يغنيه عن الأماني الباطلة إذا أعيته الحيل وتقطعت به الأسباب المادية، فإن سبب الله لا ينقطع.

السؤال الثاني :
إن الشباب والفراغ والجدة=مفسدة للمرء اي مفسدة
مامعنى كلمة الجدة؟
الجواب :الجِدَة : الغنى وكثرة المال.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2070#.VDa6a1cR3gE)

أم أبي التراب
10-09-2014, 07:00 PM
5-خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ :
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا : ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي .
قلتُ :يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّه من الْخُيلاءِ. اهـ .
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
واحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةِ ( الْكِبْرَ )؛ فإنَّ الكِبْرَ والحرْصَ والحسَدَ أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به ، فتَطَاوُلُكَ على مُعَلِّمِكَ كِبرياءُ، واستنكافُكَ عَمَّن يُفيدُك مِمَّنْ هو دونَك كِبرياءُ، وتَقصيرُك عن العمَلِ بالعِلْمِ حَمْأَةُ كِبْرٍ وعُنوانُ حِرمانٍ .

العلْمُ حربٌ للفَتَى الْمُتَعَالِـيكالسيْلِ حرْبٌ للمكانِ الْعَالِي


فالْزَمْ – رَحِمَك اللهُ – اللُّصُوقَ إلى الأرضِ والإزراءَ على نفسِك وهَضْمَها ومُراغَمَتَها عندَ الاستشرافِ لكِبرياءَ أو غَطرسةٍ أو حُبِّ ظُهورٍ أو عُجْبٍ ... ونحوِ ذلك من آفاتِ العِلْمِ القاتلةِ له الْمُذهِبَةِ لِهَيْبَتِه الْمُطْفَئِةِ لنورِه وكُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا أو رِفعةً في وِلايةٍ فالزَمْ ذلك ، تُحْرِزْ سعادةً عُظْمَى ، ومَقامًا يَغْبِطُكَ عليه الناسُ .
وعن عبدِ اللهِ بنِ الإمامِ الحُجَّةِ الراويةِ في الكتُبِ الستَّةِ بكرِ بنِ عبدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ رَحِمَهما اللهُ تعالى قالَ :
( سَمِعْتُ إنسانًا يُحَدِّثُ عن أبي ، أنه كان واقفًا بعَرَفَةَ فَرَقَّ ، فقالَ : لولا أَنِّي فيهم ، لقُلْتُ قد غُفِرَ لهم ) .
خَرَّجَه الذهبيُّ ثم قالَ : ( قلتُ : كذلك يَنبغِي للعبْدِ أن يُزْرِيَ على نفسِه ويَهْضِمَها ) اهـ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه حلية طالب العلم .
الأمر الخامس من آداب الطالب في نفسه
خَفْضُ الْجَناحِ ونَبذُ الْخُيلاءِ والكِبرياءِ :
تَحَلَّ بآدابِ النفْسِ من العَفافِ والحِلْمِ والصبرِ والتواضُعِ للحَقِّ وسكونِ الطائرِ من الوَقارِ والرزانةِ وخَفْضِ الْجَناحِ مُتَحَمِّلًا ذُلَّ التعلُّمِ لعِزَّةِ العِلْمِ ذَليلًا للحَقِّ .
الشيخ:
قوله: (تحل بآداب النفس من العفاف والحلم والصبر والتواضع للحق) لأن المقام يقتضي هكذا أن يكون عند طالب العلم عفة عما في أيدي الناس وعفة عما يتعلق بالنظر المحرم وحلم لا يعاجل بالعقوبة إذا أساء إليه أحد وصبر على ما يحصل من الأذى مما يسمعه إما من عامة الناس وإما من أقرانه وإما من معلمه فليصبر وليحتسب، والتواضع للحق وكذلك للخلق، يتواضع للحق بمعنى أنه متى بان له الحق خضع له، ولم يبغ بدله، نعم، ولم يبغ لسواه بديلا وكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا وقوله: سكون الطائر من الوقار والرزانة وخفض الجناح هذه أيضا ينبغي لطالب العلم أن يبتعد عن الخفة سواء كان في مشيته أو في تعامله مع الناس وألا يكثر من القهقهة التي تميت القلب وتذهب الوقار بل يكون خافضا للجناح متأدبا بالآداب التي تليق بطالب العلم وقوله : متحملا ذل التعلم لعزة العلم . هذا جيد يعني : أنك لو أذللت نفسك للتعلم فإنما تطلب عزها بالعلم فيكون تذليلها بالتعلم لأنه ينتج ثمرة طيبة .
القارئ:
وعليه : فاحْذَرْ نَواقِضَ هذه الآدابِ فإنَّها مع الإثْمِ تُقيمُ على نَفْسِكَ شاهدًا على أنَّ في العَقْلِ عِلَّةً . وعلى حِرمانٍ من العلْمِ والعملِ به ، فإيَّاكَ والْخُيلاءَ فإنه نِفاقٌ وكِبرياءُ وقد بَلَغَ من شِدَّةِ التَّوَقِّي منه عندَ السلَفِ مَبْلَغًا.
الشيخ:
صحيح الخيلاء هذه تحدث للإنسان طالب العلم وللإنسان كثير المال وللإنسان سديد الرأي وكذلك في كل نعمة أنعم الله بها على العبد ربما يحصل عنده خيلاء والخيلاء هي الإعجاب بالنفس مع ظهور ذلك على هيئة البدن كما جاء في الحديث (( من جر ثوابه خيلاء )) فالإعجاب يكون بالقلب فقط فإن ظهرت آثاره فهو خيلاء وقوله : (فإنه نفاق وكبرياء) أما كونه كبرياء فواضح وأما كونه نفاقا فلأن الإنسان يظهر بمظهر أكبر من حجمه الحقيقي وهكذا المنافق يظهر بمظهر المخلص الناصح وهو ليس كذلك.
القارئ:
ومن دقيقِه ما أَسنَدَه الذهبيُّ في تَرجمةِ عمرِو بنِ الأسودِ العَنْسِيِّ الْمُتَوَفَّى في خِلافةِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ رَحِمَه اللهُ تعالى : أنه كان إذا خَرَجَ من المسجدِ قَبَضَ بيمينِه على شِمالِه فُسِئَل عن ذلك ؟ فقال : مَخافةَ أن تُنافِقَ يَدِي
قلتُ : يُمْسِكُها خَوفًا من أن يَخْطُرَ بيدِه في مِشيتِه ، فإنَّ ذلك من الْخُيلاءِ. اهـ .
الشيخ:
صحيح يخطر بيده يعني يحركها تحريكا معينا يدل على أنه عنده كبرياء وعنده خيلاء فيقبض بيمنه على شماله لئلا تتحرك .
القارئ:
وهذا العارِضُ عَرَضَ للعَنْسِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
واحْذَرْ داءَ الْجَبابِرَةِ (الْكِبْرَ)؛ فإنَّ الكِبْرَ والحرْصَ والحسَدَ أوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به ، فتَطَاوُلُكَ على مُعَلِّمِكَ كِبرياءُ، واستنكافُكَ عَمَّن يُفيدُك مِمَّنْ هو دونَك كِبرياءُ، وتَقصيرُك عن العمَلِ بالعِلْمِ حَمْأَةُ كِبْرٍ وعُنوانُ حِرمانٍ .
العلْمُ حربٌ للفَتَى الْمُتَعَالِي = كالسيْلِ حرْبٌ للمكانِ الْعَالِي
الشيخ:
احذر داء الجبابرة وهو الكبر وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأجمع التفسير وأبينه وأوضحه فقال: ((الكبر بطر الحق وغمط الناس)) .
وبطر الحق: هو ردُّ الحق، وغمط الناس: يعني احتقارهم وازدرائهم.
وقوله: (إن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عُصي الله به) يريد فيما نعلم لأننا نعلم أن أول من عصى الله عز وجل هو الشيطان حين أمره الله تعالى أن يسجد لآدم لكن منعه الكبرياء، {أبى واستكبر} وقال: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} ، وقال: {هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} وقال لما أمره ربه أن يسجد- قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ، فقوله: (إنه أول ذنب عُصي الله به) يعني باعتبار ما نعلم، وإلا فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} ، قال أهل العلم: إنما قال الملائكة ذلك لأنه كان على الأرض أمة من قبل آدم وبنيه، كانوا يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. ثم ذكر أمثلة، قال: (تطاولك على معلمك كبرياء) التطاول يكون باللسان ويكون أيضاً بالانفعال، قد يمشي مع معلمه وهو يتبختر، ويقول فعلت وفعلت، وكذلك أيضاً استنكافك عمن يفيدك من علومه كبرياء، وهذا أيضاً يقع لبعض الطلبة إذا أخبره أحد بشيء وهو دونه في العلم يستنكف ولا يقبل.
(تقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان) نسأل الله العافية، يعني هذا نوع من الكبر، ألاّ تعمل بالعلم.
وقوله: (العلم حرب للفتى المتعالي) يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يُدرك العلم، لأن العلم حرب له، (كالسيل حرب للمكان العالي)، صحيح؟ نعم، المكان العالي ينفض عنه السيل يميناً وشمالاً ولا يستقر عليه.
القارئ :
فَالزَمْ – رَحِمَكَ الله- اللُّصوقَ إِلى الأَرْضِ، وَالإِزْراءَ عَلى نَفْسِكَ، وَهَضْمِها، وَمُراغَمَتِها عِنْدَ الاسْتِشْرافِ لِكِبْرياءٍ أَوْ غَطْرَسَةٍ، أَوْ حُبِّ ظُهورٍ، أَوْ عُجُبٍ.. وَنَحْوِ ذلكَ مِنْ آفاتِ الْعِلْمِ الْقاتِلَةِ لَهُ، الْمُذْهِبَةِ لِهَيْبَتِهِ، الْمُطْفِئَةِ لنِورِهِ، وَكُلَّما ازْدَدَتْ عِلْماً أَوْ رِفْعَةً في وِلايَةٍ، فَالزَمْ ذلكِ؛ تَحْرُزْ سَعادَةً عُظْمى، وَمَقاماً يُغْبِطُكَ عَلَيْهِ النّاسُ، وَعَنْ عَبْدِ الله بن الإِمام الْحُجَّة الرّاوِيَةِ في الْكُتُبِ السِّتَةِ بَكْرٍ بن عَبْدِ الله الْمُزْنّي- رَحِمَهُما الله تَعالى- قال: سَمِعْتُ إنْساناً يُحدِّث عَنْ أَبي، أَنَّهُ كانَ واقِفاً بِعَرَفَةَ، فَرَقَّ، فَقال: (لَوْلا أَنّي فيهمْ؛ لَقُلْتُ: قَدْ غُفِرَ لَهُمْ)، خَرَّجَهُ الذَّهْبِيِّ، ثُمَّ قال:
(قُلْتُ: كَذلِكَ يَنْبَغي لِلْعَبْدِ أَنْ يُزْري عَلى نَفْسِهِ وَيَهْضُمُها) اهـ.
الشيخ:
وهذه العبارات التي تطلق عن السلف، من مثل هذا يريدون به التواضع، وليسوا يريدون أنهم يُغَلِّبون جانب سوء الظن بالله عزوجل أبداً، لكنهم إذا رأوا ما هم عليه خافوا وحذروا وجرت منهم هذه الكلمات، وإلا فإن الأولى بالإنسان أن يُحسن الظن بالله ولا سيما في هذا المقام، في مقام عرفة الذي هو مقام دعاء وتضرع إلى الله عزوجل، ويقول مثلاً: إن الله لم ييسر لي الوصول إلى هذا المكان إلا من أجل أن يغفر لي لأني أسأله المغفرة، والله تعالى يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، لكن تظهر مثل هذه العبارات من السلف من باب التواضع وسوء الظن بالنفس لا بالله عزَّ وجل.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2071#.VDa9VlcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
نحمده سبحانه ونثني عليه وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى عليه وعلى آله و أصحابه و أتباعه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :
نواصل ما كنا ابتدأنا به من قراءة كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ، قال المؤلف رحمه الله تعالى :
خفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء
تحل بآداب النفس، من العفاف، والحلم، والصبر، والتواضع للحق، وسكون الطائر، من الوقار والرزانة، وخفض الجناح، متحملاً ذل التعلم لعزة العلم، ذليلا للحق.
وعليه، فاحذر نواقض هذه الآداب، فإنها مع الإثم تقيم على نفسك شاهداً على أن في العقل علة، وعلى حرمان من العلم والعمل به، فإياك والخيلاء، فإنه نفاق وكبرياء، وقد بلغ من شدة التوقي منه عند السلف مبلغاً.ومن دقيقه ما أسنده الذهبي في ترجمة عمرو بن الأسود العنسي المُتوفى في خلافة عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى: أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك؟ فقال: مخافة أن تنافق يدي.قلت: يمسكها خوفاً من أن يخطر بيده في مشيته، فإن ذلك من الخيلاء اهـ. وهذا العارض عرض للعنسي رحمه الله تعالى.
واحذر داء الجبابرة: (الكبر) ، فإن الكبر والحرص والحسد أول ذنب عصى لله به ، فتطاولك على معلمك كبرياء، واستنكافك عمن يفيدك ممن هو دونك كبرياء، وتقصيرك عن العمل بالعلم حمأة كبر، وعنوان حرمان.
العلم حرب للفتى المعالي ... ... كالسيل حرب للمكان العالي
فالزم - رحمك الله - اللصوق إلى الأرض، والإزراء على نفسك، وهضمها، ومراغمتها عند الاستشراف لكبرياء أو غطرسة أو حب ظهور أو عجب.. ونحو ذلك من آفات العلم القاتلة له، المذهبة لهيبته، المطفئة لنوره، وكلما ازددت علماً أو رفعة في ولاية، فالزم ذلك، تحرز سعادة عظمى، ومقاماً يغبطك عليه الناس.
وعن عبد الله ابن الإمام الحجة الراوية في الكتب السنة بكر بن عبد الله المزني رحمهما الله تعالى، قال:
"سمعت إنساناً يحدث عن أبي، أنه كان واقفاً بعرفة، فرق، فقال: لولا أني فيهم، لقلت: قد غفر لهم".
خرجه الذهبي ، ثم قال: "قلت: كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها"اهـ. وانظر كلاماً نفيساً لشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (14/160) ..
الشيخ :
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أدباً خامساً من آداب طالب العلم ، وهو خَفض الجناح ونبذ الخيلاء والكبرياء ، والمراد بهذا التواضع ، فخفض الجناح ، بأن يكون المرء حَسُن التعامل ، ذليلا في تعامله مع غيره ، بحيث لا يرى لنفسه فضلا ولا مكانة ولا يرى أنه أعلى من غيره ، هذا هو خفض الجناح ، بحيث يكون بمثابة من يرى أنه والناس بمرتبةٍ واحدة ، ولا يرى له فضلا على أحد من الناس ، ولا يرى أنه أرفع أو أعلى من أي أحد من الخلق مهما كانت منزلة من يقابله.
وأما الخيلاء والكبرياء فالمُراد بها رؤية المرء للنفس حتى يُخيل للإنسان أنه أعلى من غيره وأرفع درجة منهم ، وأما الكبرياء فقد فسَّرها النبي - صلى الله وسلم- بأنها جَحْد الحق واحتقار الخلق ، إذا تقرر هذا فإنَّ الكِبْرَ والبَطْرَ من الأمور المحرمة في الشريعة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)) ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : ((لا يدخلُ الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قالوا يا رسول الله : إنَّ الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "الكبرُ بطَرُ الحق ، وغَمْط الناس)).بطر الحق: يعني جحده ، وغمط الناس يعني احتقارهم.
والنصوص الواردة في النهي عن الخيلاء والكبرياء كثيرة ، جاء في حديث آخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) ، قال المؤلف: (تحلى بآداب النفس من العفاف) ، المراد بالعفاف ترفع النفس عما لا يليق بها ، فعفتها عن الأمور والفواحش وترفُّعِها عنها يُعد عفافاً.
وأما (الحلم) فهو السكينة والأناة ، بحيث يصبر الإنسان على أذى الآخرين ، ويكون حسَن التعامل معهم ، وأما (الصبر) فيراد به الصبر على أذية الآخرين ، والصبر في طاعة الله ، والصبر عن معاصي الله ، قال : (والتواضع للحق) بحيث إذا جاءك الحق من أي أحد قبلته وعملت به مهما كان قائله. قال : (وسكون الطائر من الوقار) بحيث لا يكون الإنسان خفيفًا ولا سريعًا ، وإنما عليه السكينة ، قال : (والرزانة) بحيث لا يتصرف الإنسان تصرفات فيها تسرع ، أو فيها دلالة على طيش، قال: (وخفض الجناح) يعني : التواضع مع الآخرين متحملا ذل التعلم من أجل أن تنال عزة العلم ذليلا للحق.
قال المؤلف : (واحذر نواقض هذه الآداب) فإنَّ المرء يكسب بهذه الآداب الأجر والثواب متى نوى التقرب بها لله ، ويكسب أيضا محبة الناس له لكن إذا اتصف الإنسان بضد هذه الآداب ، فإنه أولا : يأثم ، وثانيًا : يمْقُتُه الله ، وثالثاً : يحتقره الناس ويعلمون أنَّ في عقله مرضًا وعلة ، ومن ثَمَّ يجتنبونه ، ورابعا : يكون سببا لحرمان العلم والعمل به.
قال المؤلف : (وقد بلغ من شدة التوقِّي منه) ، يعني : بلغ من شدة السلف للحذر من ذلك مبالغ عالية ، من ذلك أنَّ عمرو بن الأسود يخشى إذا أطلق يديه ، وبدأ يرسلهما وهو يمشي ، أن تتحرك يمينا وشمالا وأن تتقدم ، ثم بعد ذلك يصبح مظهرًا من مظاهر الخيلاء ، ولذلك كان يمسك شماله بيمينه. وعلى كلٍّ ، هذا تطبيق للنصوص السابقة ، والنصوص السابقة دلَّت على التحذير من الكِبر والخيلاء ورغَّبت في ضدهما من خفض الجناح والوَقار والسكينة. وقد جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا مَشيتم إلى الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)) ، وأما تطبيقات هذا فإنه يختلف ما بين زمان وآخر ، قد نرى في زمن من الأزمان أنَّ هذا التصرف فيه خيلاء وكبرياء لكنه يكون في زمان آخر تصرفا معتادا لا يكون من الخيلاء في شيء ، وهكذا أيضا فيما يتعلق بأنواع الألبسة ، فقد نلبَس لباسا في عصرنا الحاضر لكنَّ هذا اللباس ليس معتاداً في زمان آخر ، عندك مثلا : كان أهل الزمان الأول يسيرون بهذه البشوت ، يلبسها الصغير والكبير ، ويلبسها العامِي ، ولا يتركها أحد ، ففي ذلك الزمان لا يعد لبسها من الخيلاء في شيء ، لكن في زماننا هذا اقتصر لبسها على المناسبات العامة ، أو على العلماء ليعرفهم الناس ، فحينئذ يكون لبسها من غيرهم نوع خيلاء.
قال المؤلف : (واحذر داء الجبابِرة وهو الكِبر ، فإنَّ الكبرَ والحرصَ) ، الحرص الإسراع بالنفس من أجل طمع ، (والحسد) والمراد بالحسد تمني زوال النعم التي أنعمها الله على الغير ، هذه الأمور أول ذنب عُصي الله به ، هكذا يقرره طائفة من العلماء. لأنَّ آدم حسده إبليس ، وتكبّر إبليس ، كيف أسجد لمن خلقت طينا ، من كان مخلوقا من النار كيف يسجد لمخلوق من الطين ، قال المؤلف : (فتطاولك) من أمثلة الكبرياء المذمومة شرعا التطاول على المعلم ، المراد بالتطاول الترفع عليه ومضادة كلامه ورفع الصوت عليه ونحو ذلك ، هذا يعد من الكبرياء قال ومن أمثلته : (استنكافُك عمن يفيدك ممن هو دونك) ، استنكافُك يعني : ترفُّعك عمن يأتيك بفائدة ، إذا كان هذا ممن هو دونك فإنه من الكبرياء ، فينبغي للإنسان أن يقبل الفائدة ولو كانت من أصغر صغير ، ولا يستنكف عن ذلك .
صورة ثالثة من صور التكبر، (التقصير عن العمل بالعلم) فإنه من مظاهر التكبر، عندما يجد مجتمعاً من المجتمعات يجعل الإنسان لا يؤدي سنةً كان يعتادها ، هذا كبر.
قال ثم ذكر المؤلف هذا البيت: (الْعِلْمُ حَرْبٌ لِلْفَتى المُتَعالي = كَالسَّيْلِ حَرْبٌ للمَكانِ العالي)
المتعالي يعني : المتكبر ،كالسيل حرب للمكان العالي ، المكان العالي لا يصله السيل إنما السيل يجري في مكان منخفض ، وهكذا العلم ، العلم لا يناله كما ورد عن بعض السلف ، العلم لا يناله مُستح ولا متكبِّر.
قال : (فالزم اللُّصوق إلى الأرض والإزراء على نفسك) ، يعني : التنقص منها.
وإذا جاءتك نفسك وخيلت إليك أنك على منزلةٍ عالية ، وأنك قد استفدت علمًا كثيراً فكذِّبها ، وقل يا نفس هذا ليس من صفاتِك ، لم تستفيدي من العلم إلا الشيء القليل ، وانظر إلى قصة موسى عليه السلام مع الخضر ، لما سُئل موسى من أعلم من في الأرض ، قال موسى : أنا ، فابتلاه الله وقال: بل عبدنا الخضر أعلم منك فسأل الرحلة إليه ، لماذا؟ لأنه أدرى بالنفس بعد ذلك ، وطلب أن يذهب إلى من هو أعلم منه وتَعرفون من قصتهم في سورة الكهف ما تَعرفون.
قال: (ومراقبة النفس عند الاستشراف بالكبرياء) ، إذا تطلعت نفسك إلى التكبر على الخلق ، قم بإمساك لجامها ، وقِدْها ، ولا تجعلها تستشرف الكبرياء ، (أو الغطرسة أو حب الظهور أو الإعجاب بالنفس) ، فكل هذا من آفات النفس التي يجب علينا أن نُروِّض النفس من أجل مضادتها.
قال المؤلف في بيان الأدب الخامس من آداب طالب العلم خفض الجناح ونبذ الكبرياء والخُيلاء ، قال : (من آفات النفس الكبرياء ، والغطرسة ، وحب الظهور ، والإعجاب بالنفس) ، فإنَّ هذه الآفات تقتل النفس ، ولا تُمكنها من طلب العلم ، وكلما ازددت علما أو رفعةً في ولاية فاحذر من التكبر ، والزم التواضع ، (تُحرز بذلك السعادة العظمى) ، فإنَّ المتكبر كالبعيد يراه الناس صغيراً ويرونه صغيرا ، المتكبر كالبعيد يراه الناس صغيراً و يراهم صغارا.
قال : ثم ذكر رواية (عن بكر بن عبد الله المزني قال كان أبي واقفا بعرفه فرقّ ) أي : رقَّت نفسُه وبدأت العبرة تخرج من عينه ثم بعد ذلك أزرى بنفسه وتَنقَّصها فقال: أخشى أن لا يُغفر لهم بسببي. بكر بن عبد الله المزني إمام ، عالم ، حجة ، قد بثَّ من العلم ما بثَّ ومع ذلك يخشى أن لا يُقبل من الحجيج ولا يُغفر لهم بسببه هو.
(قال الإمام الذهبي كذلك ينبغي للعبد أن يُزري على نفسه) ، يعني : أن ينتقص منها (وأن يهضمها) يأخذ بعض ما يكون لها ، من أجل أن يكون ذلك سبباً لقبول الله له ، كلما تواضع العبد لله كان ذلك سبباً لرفعة العبد عند الله - جل وعلا- ، وكلما ترك الإنسان الكبرياء والعجب بالنفس كلما كان أدعى لقبول الأعمال ، وأدعى إلى معية الله ، وأدعى لأن تكون معية الله مع العبد.نعم

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2071#.VDa9VlcR3gE)
*إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال الأول :
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله :
(العلم حرب للفتى المتعالي ،يعني أن الفتى المتعالي لا يمكن أن يدرك العلم ،لأن العلم حرب له ...)
كيف يكون العلم حرب؟!!! وما المعنى؟!
الجواب :
لعلك تشيرين إلى قول الشاعر:


العلم حرب للفتى المتعالـيكالسيل حرب للمكان العالي



ومراده والله أعلم ، أن الفتى المتعالي لا ينتفع بالعلم لأن تعاليه يصرفه عن الانتفاع بالعلم كما أن المكان العالي لا يصيبه السيل لتعاليه وارتفاعه .
فلو شبه العلم بالسيل لكانت الأرض المتواضعة لها النصيب من الانتفاع به ، وحرممن الانتفاع به الأراضي المترفعة عنه لأن السيل يجري وينحدر ولا يرتفع .
وهذه التشبيهات التي يذكرها الشعراء إنما هي لتشبيه حالة بحالة فيمثلون الصورة المعنوية بصورة حسية حتى تتضح في الأذهان .
وأما كونه حرباً للمكان العالي فليس المقصود منه الحرب الذي هو ضد السلم كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، وإنما المراد منه شدة العداوة والمنافرة يقال فلان حرب لفلان إذا كان بينهما عداوة ومباغضة شديدة.
قال في لسان العرب: (يقال فلان حَرْبٌ لفلان إِذا كان بينهما تَباعُدٌ)
السؤال الثاني :
ماذ يقصد الشيخ من قوله:
(والتواضع للحق وكذلك للخلق يتواضع للحق بمعنى أنه متى بانله الحق خضع له ولم يبغي بدله نعم ولم يبغي لسواه بديلاوكذلك للخلق فكم من طالب فتح على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا )
الجواب :
التواضع للحق : هو قبوله والانقياد لحكم الله تعالى ، فإذا علم العبد أن الله حرم أمراً وجب عليه اجتنابه ، وإذا علم أن الله أوجب شيئاً وجب عليه امتثاله ما استطاع .
وهذا هو الانقياد للحق والتواضع له ، فمن فعله فقد برئ من نصف الكِبر.
وأما من تكبر عن امتثال الأمر واجتناب النهي ورآى أنه لا يليق به أن يمتثل ما يعلم أن الله أمر به فهذا من الكبر والعياذ بالله ، وصاحبه على شفير هلكة نسأل الله العافية.
والتواضع للخلق : هو عدم غمطهم وازدرائهم وهضمهم حقوقَهم ظلماً وعلواً ، فيلين مع المسلمين كما أمر الله تعالى ، ويحبهم ويواليهم ولا يكون في قلبه غِلاً لإخوانه المسلمين ، ويعامل الكفار بما أمر الله تعالى من العدل والإحسان في مواضع الإحسان ، والغلظة في مواضع الغلظة ليس ترفعاً وازدراء وتكبراً عليهم وإنما امتثالاً لأمر الله تعالى وبياناً للعزة الإيمانية.
فمن تواضع للحق وتواضع للخلق فقد برئ من الكبر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرَّف الكبر بقوله: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)
وأما قوله: (فكم من طالب فَتَحَ على معلمه أبوابا ليست على بال منه ولا تحقرن شيئا)
فيعني به أن الطالب قد يذكر لمعلمه أموراً لا يعرفها ولم تكن تخطر على باله، فإن العالم مهمابلغ علمه فإنه لا يحيط علمه بجميع المسائل ، بل ربما كان ما يحهله من المسائلكثيراً جداً، وربما تحير العالم في جواب بعض المسائل لعارض من العوارض وتفطن للجواب بعض طلابه المبتدئين .
كما حصل ذلك للقاضي الماوردي رحمه الله فقد ذكر أنه ألف كتاباًكبيراً في أحكام البيوع استقصى فيه المسائل والأدلة والأقوال واجتهد فيه اجتهاداً بالغاً
قال فلما فرغت من الكتاب خرجت إلى المسجد فأتاني رجلان يختصمان في مسألة من مسائل البيوع فلم أحر فيها جواباً !!
فذهبا إلى طالب من الطلاب فأجابهم .
فاستفدنا من هذه القصة فوائد :
الأولى: أن العالم قد يستغلق عليه جواب بعض المسائل وهذا من طبيعة النقص البشري.
الثانية: أن بعض الطلاب قد يفتح لهم في العلموالفهم ما لا يفتح لشيوخهم كما قال تعالى: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً)
الثالثة: ورع القاضي الماوردي رحمه الله ونصحه ، فأما ورعه فلإمساكه عن الفتوى فيما لم يتبين له جوابه.
وأما نصحه فلذكره لهذه القصة التي ربما يظنها بعض الناس نقيصة في حقه ، وهي لم تزده إلارفعة.
السؤال الثالث :
أفهم من كلامك أن الإنقياد للحق والتواضع له براءة من نصف الكبر، وأن التواضع للخلق واللين معهم براءة من النصف الآخر.
فنصف الكبر التعالي على الحق ونصفه الآخرالتعالي على الخلق.
ألا يكون يا شيخنا قول الشيخ " وكذلك للخلق " من باب عطفه على قوله "والتواضع للحق" أي هو داخل فيه، فمن تواضع للخلق فقد تواضع للحق، فاللهيأمر بالتواضع للخلق، واتباع الأمر تواضع للحق. ومن يتعالى على الخلق فقد تعالى على الحق.
فيصبح الكبر كله تعال على الحق. وله أنواع.
الجواب :
أنا قصدت ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الكبر بطر الحق وغمط الناس)
فبطر الحق يعالج بالتواضع للحق ، وهذا هو النصف الأول
وغمط الناس يعالج بالتواضع للخلق، وهذا هو النصف الثاني
والتعبير بكونه نصف الكبر ونحوه إنما المراد منه تقريب الصورة والتبيين والتوضيح ، ولا يلزم منه أن يكون النصف الأول مساو لمقدار النصف الثاني.
وهذا المنهج التعليمي ورد في الهدي النبوي وله أكثر من مثال ، كما في صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطهور شطر الإيمان) ، وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث رجل من بني سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم (الطهور نصف الإيمان) .
وللعلماء كلام كثير في معنى كون الطهور شطر الإيمان،وأقربهما ذكره الخطابي ورجحه ابن رجب وغيره من أن التقسيم إلى نصفين في مثل هذا المقام إنما هو باعتبار اقتضته المناسبة،كما في قول الشاعر:
إذا مِتُّ كان الناسُ نصفينِ : شامتٌبموتي ومُثْنٍ بالذي كنـتُ أفعـلُ


أي أنهم فريقان:

- فريق مبغض له شامت بموته
- وفريق محب له مادح له ومثن عليه بأمجاده
ولا يلزم تساوي عدد الفريقين ،وتماثل النصفين
قيل لشريح القاضي: كيف أصبحت؟
فقال: (أصبحت ونصفُ الناس عليَّ غضبان)
قال ابن رجب: (يريد أنَّ الناسَ بين محكومٍ له ومحكومٍ عليه ،فالمحكومُ عليه غضبان ، والمحكوم له راضٍ عنه ، فهما حزبان مختلفان)
والمقصود أنه لما كان لا بد للبراءة من الكبر من أمرين:
الأول: التواضع للحق
والثاني: التواضع للخلق
صح اعتبارهما قسمين كما دل عليه الحديث،ولا يلزم من ذلك تماثل القسمين، بل بينهما من التلازم ما هو ظاهر بين ، كحال سائر الطاعات فإن بعضها يدل على بعض ويعين عليه ويكمله .
السؤال الرابع : ذكر الشيخ العثيمين عن أهل العلم أن هناك أمة قبل آدم وبنيه كيف نوفق بين هذا وأن آدم أول بشر خلقه الله
الجواب : التوفيق بأن الأمم السابقة من غير البشر.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2071#.VDa9VlcR3gE)

أم أبي التراب
10-09-2014, 09:33 PM
6- القناعةُ والزَّهادةُ
التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ ( الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ ) .
ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ ) وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال : ( قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ ) .
يعني:( الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ ) اهـ .
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في 17/12/1393 هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه :
( لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو ( القَناعةُ )، ولوأرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُؤْثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ ) فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2072#.VDbBrVcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) القارئ :
الأمر السادس: القناعة والزهادة
التَّحَلِّي بالقَناعةِ والزَّهادةِ ، وحقيقةُ الزهْدِ ( الزهْدُ بالحرامِ والابتعادُ عن حِمَاهُ ، بالكَفِّ عن الْمُشتَبِهَاتِ وعن التَّطَلُّعِ إلى ما في أيدي الناسِ )
الشيخ :
التحلي بالقناعة من أهم خصال طالب العلم يعني أن يقتنع بما أتاه الله عزوجل ولايطلب أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين لأن بعض طلبة العلم وغيرهم تجده يريد أن يكون في مصاف الأغنياء والمترفين فيتكلف النفقات في المأكل والمشرب والملبس والمفرش ثم يثقل كاهله بالديون وهذا خطأ بل عليك بالقناعة فإنها خير زاد للمسلم .
وأما الزهادة فيقول حقيقة الزهد : الزهد بالحرام والابتعاد عن حماه بالكف عن المشتبهات وكأنه أراد بالزهد هنا الورع لأن هناك ورعاً وزهداً، والزهد أعلى مقاماً من الورع لأن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، وبينهما فرق الفرق الذي بينهما المرتبة التي ليس فيها ضرر وليس فيها نفع فالورِع لا يتحاشاها والزاهد يتحاشاها ويتركها لأنه لا يريد إلا ما ينفعه في الآخرة.
القارئ :
ويُؤْثَرُ عن الإمامِ الشافعيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لو أَوْصَى إنسانٌ لأَعْقَلِ الناسِ صُرِفَ إلى الزهَّادِ )
الشيخ :
الله أكبر يعني في الوصية لو قال: أوصيت لأعقل الناس، يصرف إلى من؟ إلى الزهاد لأن الزهاد هم أعقل الناس حيث تجنبوا ما لا ينفعهم في الآخرة, وهذا الذي قاله رحمه الله ليس على إطلاق لأن الوصايا والأوقاف والهبات والرهون وغيرها ترجع إلى معناها في العرف فإذا كان أعقل الناس في عرفنا هم الزهاد صرف لهم وإذا كان أعقل الناس هم ذوو المروءة والوقار والكرم بالمال والنفس صرف إليهم .
القارئ :
وعن مُحَمَّدِ بنِ الحسَنِ الشيبانيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى لَمَّا قِيلَ له : أَلَا تُصَنِّفُ كتابًا في الزهْدِ ؟ قال : ( قد صَنَّفْتُ كِتابًا في البُيوعِ ) .
يعني: (الزاهدُ مَن يَتَحَرَّزُ عن الشُّبُهاتِ والمكروهاتِ في التجاراتِ وكذلك في سائرِ الْمُعاملاتِ والْحِرَفِ) اهـ .
الشيخ :
لما طُلب منه أن يصنف في الزهد قال: قد صنفت كتاباً في البيوع لأن من عرف البيوع وأحكامها وتحرز من الحرام واستحل الحلال فإن هذا هو الزاهد .
القارئ :
وعليه فليكنْ مُعْتَدِلًا في مَعاشِه بما لا يُشِينُه بحيثُ يَصونُ نفسَه ومَن يَعولُ ولا يَرِدُ مَواطِنَ الذلَّةِ والْهُونِ .
وقد كان شيخُنا مُحَمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ الْمُتَوَفَّى في السابع عشر من شهر ذي الحجة عام 1393هـ رَحِمَه اللهُ تعالى متَقَلِّلًا من الدنيا وقد شاهَدْتُه لا يَعرِفُ فِئاتِ العُملةِ الوَرَقِيَّةِ وقد شافَهَنِي بقولِه :
( لقد جِئْتُ من البلادِ – شِنقيطَ – ومعي كَنْزٌ قلَّ أن يُوجدَ عندَ أحدٍ وهو ( القَناعةُ )، ولو أرَدْتُ المناصِبَ لعَرَفْتُ الطريقَ إليها ولكني لا أُوثِرُ الدنيا على الآخِرةِ ولا أَبْذُلُ العلْمَ لنَيْلِ المآرِبِ الدُّنيويَّةِ ) فرَحِمَه اللهُ تَعَالَى رَحمةً واسعةً آمِينَ .
الشيخ :
آمين . هذا الكلام من الشيخ الشنقيطي وأشباهه من أهل العلم لا يريدون بذلك تزكية النفس إنما يريدون بذلك نفع الخلق وأن يقتدي الناس بهم وأن يكونوا على هذا الطريق لأننا نعلم هذا من أحوالهم يعني أحوال العلماء أنهم لا يريدون تزكية النفس وهم أبعد الناس عن ذلك وهو رحمه الله كما ذكره الشيخ بكر من الزهاد إذا رأيته لا تقول إلا أنه رجل من أهل البادية حتى العباءة تجد أن عليه عباءة عادية وكذلك الثياب ولا تجده يهتم بهندمة نفسه وثيابه .

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2072#.VDbBrVcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)القارئ:
القناعة والزهادة:
التحلي بالقناعة والزهادة، وحقيقة الزهد : "الزهد بالحرام، والابتعاد عن حماه، بالكف عن المشتهات وعن التطلع إلى ما في أيدي الناس".
ويؤثر عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : "لو أوصى إنسان لأعقل الناس، صرف إلى الزهاد". وعن محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى لما قيل له: ألا تصنف كتابا في الزهد؟ قال : "قد صنفت كتاباً في البيوع" .
يعنى: "الزاهد من يتحرز عن الشبهات، والمكروهات، في التجارات، وكذلك في سائر المعاملات والحرف" اهـ.
وعليه، فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه، بحيث يصون نفسه ومن يعول، ولا يرد مواطن الذلة والهون.
وقد كان شيخنا محمد الأمين الشنقيطى المتوفى في 17/12/1393هـ رحمه الله تعالى متقللاً من الدنيا، وقد شاهدته لا يعرف فئات العملة الورقية، وقد شافهني بقوله : "لقد جئت من البلاد - شنقيط - ومعي كنز قل أن يوجد عند أحد، وهو (القناعة) ، ولو أردت المناصب، لعرفت الطريق إليها، ولكني لا أوثر الدنيا على الآخرة، ولا أبذل العلم لنيل المآرب الدنيوية". فرحمه الله تعالى رحمه واسعة آمين.

الشيخ :
هنا الأدب السادس من آداب طالب العلم ، وهو القناعة والزهادة ، أما القناعة فالمراد بها عدم استشراف النفس بما لم يُعطه اللهُ للعبد ، القناعة عدم استشراف النفس بما لم يُعطه اللهُ للعبد ، بحيث يكون راضيا بما رزقه الله - جل وعلا - هذه هي القناعة ، أما الزهد فالمراد بالزهد ترك مالا ينفع في الآخرة ترك مالا ينفع في الآخرة ، وقال المؤلف : (الزهد بالحرام والابتعاد عن حماه بالكف عن المُشْتبهات) ، الزهد في الحرام هذا يقول له الفقهاء الورع ، فالمراد بالورع هو ترك الحرام ، والمراد بالزهد ترك مالا ينفع.
قال : (لو أوصى إنسانٌ لأعقل الناس ، قال الإمام الشافعي: فإنه يُصرف إلى الزهاد) ، لماذا؟ لأنهم انتفعوا بما لديهم ولم يُـقدِموا على مالا ينفعهم ، ليس المراد بالزهد ترك الدنيا ، وإنما المراد بالزهد الاقتصار على ما ينفع ، ولذلك نجد مثلاَ سليمان بن داوود ونجد أباه قد آتاهم الله من الدنيا ما آتاهم ، لا يعد هذا مناقضا للزهد ، وإنما من جاءته الدنيا واستعملها فيما ينفعه في الآخرة فإنه يُعد زاهدا ، قال تعالى:{ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىظ° إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَظ°ئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ } ، فدل هذا على أنَّ الأموال التي يعطيها الله جل وعلا للعبد إذا استعملها في طاعة الله جل وعلا فإنه حينئذ يكون من الزهاد ، ولو كان عنده من الأموال الشيء الكثير ، وأنَّ الله- جل وعلا - إذا لم يجعل العبد يصرف ما أعطاه الله له في مراضيه فإنه ليس بزاهدٍ ولو لم يكن عنده من الدنيا إلا الشيء القليل. قال المؤلف: (وعن محمد بن الحسن الشيباني لما قيل له ألا تصنف كتاباً في الزهد؟ قال: قد صنفت كتاباً في البيوع) ؛ لأنَّ من كان يترك من البيوع مالا ينفعه فإنه حينئذ سيكون زاهدا ، قال : (الزاهد من يتحرز عن الشبهات) والشبهات تشمل
صورا :
الصورة الأولى : إذا كان هناك مسائل يختلف أهل العلم فيها وللخلاف محله ، فحينئذ هذه المسائل من الشبهات.
الصورة الثانية : مسائل فيها أدلة متعارِضة ، ولم يعرف كيفية الجمع بينها ، فهذه من المسائل المُشتبهات.
الصورة الثالثة : أن يكون هناك مسائل لا ندري هل تدخل في تطبيق الحرام أو في تطبيق الحلال ، فحينئذ هذه المسائل من المشتبهات ، والمشتبهات لها عشر صور ، هذه أبرز صور المشتبهات.
قال : (وعليه فليكن معتدلاً في معاشه بما لا يشينه) ، يعني : يكون سببًا لورود مالا يُحمد عليه ، وبحيث لا يثنى عليه بسوء ، قال : (بحيث يصون نفسه ومن يعول) ، فهو يقتات ويعمل ولكن لا يكون ذلك العمل من المشتبهات أو مما يُخالف المروءات ، (ولا يرد مواطن الذلة والهَون) ، يعني : المَحال التي تكون سببًا من أسباب اعتقاد الناس أنَّ هذا يخالف المروءة ، فالصنائع ، الأعمال التي تخالف المروءات عند الناس يجتبها طالب العلم.
ثم ذكر المؤلف عن شيخه الشيخ الأمين الشنقيطي وهو من علماء الأمة فضلا وعلمًا ، ومن سمِع أحاديثه أو أشرطته ودروسه ، عَلم ما آتاه الله جل وعلا من العلم ، وتفسيره أضواء البيان من الكتب النادرة العظيمة المشتملة على علم كثير مع كونه لا يتجاوز تفسير الآيات التي يرد عليها. والشيخ الشنقيطي نموذج ، فالزهد ليس في حال من أعرضت عنه الدنيا ، ولكن الزهد فيمن أقبلت عليه الدنيا ، إذا تقرر هذا فإنَّ من آتاه الله المال الكثير فاستعمله في طاعة الله فهذا زاهد.. نعم.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2072#.VDbBrVcR3gE)
*إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل السؤال الأول : لم أفهم ما هو الورع وما الفرق بينه وبين الزهد
الجواب : من أحسن من عرفهما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ قال:
الزهد المشروع هو ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة، وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله .
والورَع المشروع: هو ترك ما قد يضر في الدار الآخرة، وهو ترك المحرمات والشبهات.
وبه تعلم أن الزهد والورع يجتمعان في أمور ويفترقان .
فالزهد والورع يجمعهما جامع الترك فكل منهما يترك صاحبه أمراً، لكن الدافع في التركين مختلف.
فالترك الذي يحمل على الزهد هو لأجل أنه لا ينفع في الآخرة، فكل ما لا ينفع في الآخرة فتركه من الزهد.
والترك الذي يحمل عليه الورَع هو خشية العذاب بعدم الترك، وأكثر ما يطلق الورع على ما ترك المشتبهات ، فيتركها الورِعُ احتياطاً لدينه وخشية من أن يكون فيها ما يأثم بسببه فيعذب عليه.
وأما ترك فضول المباحات التي لا يستعان بها على طاعة الله عز وجل فهو من الزهد لأنها لا تنفع في الآخرة، وليس من الورع لأنه ليس فيها ما يخشى من ضرره في الآخره.
والله تعالى أعلم.
السؤال الثاني : لهل يمكن القول بأن الزهد صفاته فى العمل والورع صفاته فى النفس ؟
الجواب : الزهد والورع كلاهما من أعمال القلوب ، وكلاهما فيهما ترك.
وإنما يتبين الفرق بينهما بمعرفة السبب الحامل على الترك.
فإن كان التارك قد تركه رغبة عنه لالتفات قلبه إلى ثواب أعظم فهذا زهد فيما تركه.
وإن كان تركه خشية من العقاب على فعله فهو وَرَع.
ولذلك قيل: الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يُخشى ضرره.
وأكثر ما يطلق الورع على ترك المشتبهات.
وأكثر ما يطلق الزهد على ترك فضول المباحات.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2072#.VDbBrVcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 12:38 AM
7- التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ ولا طَعَّانٍ ) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ :( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ، والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِ التنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَ وجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِ ويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ .
وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك .وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ .
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه ) وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) .وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2073#.VDbkGVcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر السابع
التَّحَلِّي برَوْنَقِ العِلْمِ :
التَّحَلِّي بـ ( رَوْنَقِ العِلْمِ ) حُسْنِ السمْتِ ، والْهَدْيِ الصالحِ ، من دَوامِ السكينةِ والوَقارِ والخشوعِ والتواضُعِ ولزومِ الْمَحَجَّةِ بعِمارةِ الظاهِرِ والباطنِ والتَّخَلِّي عن نواقِضِها .
الشيخ :
هذا قد يكون فرعا مما سبق؛ فإن حسن السمت، والهدي الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، قد سبق الإشارة إليه وأنه ينبغي لطالب العلم أن يكون أسوة صالحة في هذه الأمور .
القارئ :

وعن ابنِ سيرينَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ : ( كَانُوا يَتَعَلَّمُون الْهَدْيَ كما يَتَعَلَّمُون العِلْمَ ) وعن رجاءِ بنِ حَيْوَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى أنه قالَ لرَجُلٍ : (حَدِّثْنَا ، ولا تُحَدِّثْنا عن مُتَمَاوِتٍ ولا طَعَّانٍ ) رواهما الخطيبُ في ( الجامِعِ ) وقالَ : ( يَجِبُ على طالبِ الحديثِ أن يَتَجَنَّبَ : اللعِبَ ، والعَبَثَ ، والتبَذُّلَ في المجالِسِ بالسُّخْفِ والضحِكِ والقَهْقَهَةِ وكثرةِ التنادُرِ وإدمانِ الْمِزاحِ والإكثارِ منه ، فإنما يُستجازُ من الْمِزاحِ بيَسيرِه ونادِرِه وطَريفِه والذي لا يَخْرُجُ عن حدِّ الأَدَبِ وطَريقةِ العلمِ ، فأمَّا متَّصِلُه وفاحِشُه وسخيفُه وما أَوْغَرَ منه الصدورَ وجَلَبَ الشرَّ فإنه مَذمومٌ وكثرةُ الْمِزاحِ والضحِكِ يَضَعُ من القدْرِ ويُزيلُ الْمُروءةَ ) اهـ .
الشيخ :
هذا من أحسن ما قيل في آداب طالب العلم , أن يتجنب اللعب والعبث , إلا ما جاءت به الشريعة , كاللعب برمحه وسيفه وفرسه , لأن ذلك يعينه على الجهاد في سبيل الله, وكذلك في الوقت الحاضر اللعب بالبنادق الصغيرة, هذا لا بأس به كذلك ، العبث هو أن يفعل فعلا لا داعي له , أو يقول قولا لا داعي له . كذلك التبذل في المجالس , بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، لا سيما عند عامة الناس , أما عند أصحابك وأقرانك فالأمر أهون , لكن عند عامة الناس إياك أن تفتح باب الامتهان فإن ذلك يذهب الهيبة من قلوب الناس , فلا يهابونك ولا يهابون العلم الذي تأتي به .
القارئ :
وقد قيلَ : ( مَنْ أَكْثَرَ مِن شيءٍ عُرِفَ به ) فتَجَنَّبْ هاتِيكَ السقَطَاتِ في مُجالَسَتِكَ ومُحادَثَتِك . وبعضُ مَن يَجْهَلُ يَظُنُّ أنَّ التبَسُّطَ في هذا أَرْيَحِيَّةٌ .
وعن الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قالَ : ( جَنِّبُوا مَجالِسَنَا ذِكْرَ النساءِ والطعامِ ، إني أَبْغَضُ الرجلَ يكونُ وَصَّافًا لفَرْجِه وبَطْنِه )
الشيخ :
الله المستعان , صحيح , لأن هذا يشغل عن طلب العلم , مثل أن يقول أكلت البارحة أكلا حتى ملأت البطن , وما أشبه ذلك , من الأشياء التي لا داعي لها , أو يتكلم بما يتعلق بالنساء .
أما أن يكون الرجل مع أهله ثم يصبح يحدث الناس بما فعل , فإن هذا من أشر الناس منزلة عند الله عز وجل .
القارئ :
وفي كتابِ المحدَّثِ الملْهَمِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في القَضاءِ : ( وَمَن تَزَيَّنَ بما ليس فيه ، شانَه اللهُ ) . وانْظُرْ شَرْحَه لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
الشيخ :
يقول رحمه الله : وفي كتاب المحدث الملهم .
المحدَّث : يعني به عمر بن الخطاب رضي الله عنه , لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ((إن يكن فيكم محدثون فعمر))
والمراد الملهم : الذي يلهمه الله عز وجل . وكأنه يُحدَّث بالوحي .
وقد أشكل هذا على بعض العلماء , حيث قالوا أن هذا يقتضي أن عمر أفضل الصحابة, لأنه قال : ((إن يكن فيكم محدثون فعمر)) .
لكن أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بأن عمر إنما يتلقى الإصابة بواسطة , أما أبو بكر فيتلقاها بلا واسطة.
وعلى هذا فيكون أفضل من عمر , ومن رأى تصرف أبو بكر رضي الله عنه في مواقع الشدة , علم أنه أقرب إلى الصواب من عمر .
ففي كتاب الصلح , الذي وقع بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقريش , وراجع عمر فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم , وأجابه , ثم راجع أبا بكر , فأجابه بما أجابه به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم حرفا بحرف .
وفي قتال أهل الردة , وكذلك في تنفيذ جيش أسامة بن زيد , وكذلك في تثبيت الناس يوم وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم , كل هذا يدل على أن أبا بكر أصوب رأيا من عمر .
لكن الذي أظهر عمر رضي الله عنه , هو طول خلافته , وتفرغه لأمور المسلمين العامة والخاصة , فكان مشتهرا بذلك رضي الله عنه .
ولهذا نحن نقول , أيما أكثر رواية للحديث أبو هريرة أو أبو بكر ؟
أبو هريرة , هل يعني ذلك أن أبا هريرة أكثر تلقيا للحديث من الرسول عليه الصلاة والسلام من أبي بكر ؟
لا , لكن أبو بكر لم يحدث بما روى عن الرسول , وإلا فأبو بكر صاحب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم , صيفا وشتاء , ليلا ونهارا , سفرا وإقامة .
فهو أكثر الناس تلقيا عنه , وأعلم الناس بأحواله , لكن لم يتفرغ ليجلس إلى الناس ليحدثهم بما رواه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
الحاصل : أن بهذا يتبين الجواب عن الحديث (( إن يكن فيكم محدثون فعمر )).
يقول في الكتاب الذي كتبه إلى أبي موسى في القضاء :
من تزين بما ليس فيه شانه الله .
هذا حقيقة , إذا تزين الإنسان بأنه طالب علم , وقام يضرب الجبلين بعضهما ببعض , وكلما أتته مسألة من مسائل العلم شمر عن أكمامه , وقال أنا صاحبها , هذا حلال وهذا حرام وهذا واجب وهذا فرض كفاية وهذا فرض عين وهذا يشترط فيه كذا وكذا وهذا ليس له شروط وقام يفصل ويجمل , ولكن يأتيه طالب علم صغير , ويقول أخبرني عن كذا , فإذا بالله يفضحه ويبين أنه ليس بعالم .
وكذلك من تزين بعبادة وأظهر للناس أنه عابد , فلا بد أن يكشفه الله عز وجل لا بد أن ينكشف , أعاذنا الله وإياكم من الرياء .
ومهما تكن عند امرئ من خليقة = وإن خالها تخفى على الناس تعلم .
ومهما يكتم الناس فالله يعلمه , وسيفضح من لا يعمل لأجله .
فهذه العبارة من عمر زن بها جميع أعمالك , " من تزين بما ليس فيه شانه الله "
قال الشيخ بكر أبو زيد : وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله .
شرحه ابن القيم في كتاب : (إعلام الموقعين) . شرحا طويل طويلا, حتى تكاد أن تقول: إن جميع الكتاب الذي هو ثلاث مجلدات كبار كان شرحا لهذا الحديث .
وإن لم يكن شرحا لألفاظه , لكنه شرح لألفاظه بوجه , وشرح لمعانيه وحكمه .
فلهذا أشار بكر أبو زيد إلى أن ننظر إلى هذا الشرح .



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2073#.VDbkGVcR3gE)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
قال رحمه الله:
التحلي برونق العلم:
التحلي بـ (رونق العلم) حسن السمت، والهدى الصالح، من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم المحجة، بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها.وعن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال:"كانوا يتعلمون الهدى كما يتعلمون العلم".
وعن رجاء بن حيوة رحمه الله تعالى أنه قال لرجل:"حدثنا، ولا تحدثنا عن متماوت ولا طعان".
رواهما الخطيب في "الجامع"، وقال :
"يجب على طالب الحديث أن يتجنب: اللعب، والعبث، والتبذل في المجالس، بالسخف، والضحك، والقهقهة، وكثرة التنادر، وإدمان المزاح والإكثار منه، فإنما يستجاز من المزاح بيسيره ونادره وطريفة، والذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم، فأما متصله وفاحشه وسخيفه وما أوغر منه الصدور وجلب الشر، فإنه مذموم، وكثرة المزاح والضحك يضع من القدر، ويزيل المروءة" اهـ.
وقد قيل: "من أكثر من شيء، عرف به". فتجنب هاتيك السقطات في مجالستك ومحادثتك.
وبعض من يجهل يظن أنَّ التبسط في هذا أريحية.
وعن الأحنف بن قيس قال:
"جنبوا مجالسنا ذكر النساء والطعام، إني أبغض الرجل يكون وصَّافاً لفرجه وبطنه". وفي كتاب المحدث الملهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في القضاء : "ومن تزين بما ليس فيه، شانه الله". وانظر شرحه لابن القيم رحمه الله تعالى.
الشيخ:
هذا هو الأدب السابع من آداب طالب العلم ، بحيث أن يكون ظاهر طالب العلم موافقًا للعلم الذي يطلبه بحيث يكون (حَسُنَ السمت) ، وحُسن السمت قلنا أنَّ السمت فيما سبق هو الصورة الظاهرة ، بحيث تكون أخلاقه الظاهرة وكلامه وملبسه ، دالاً على كونه من طلبة العلم ، فيكون هديه الظاهر موافقًا لهدي أهل الصلاح ، ومن ثَمَّ يلازم (السكينة) وهو طمأنينة النفس (والوقار) ، بحيث يكون ظاهره غيرَ مُنبِئٍ عن خلاف هذه ، وكذلك يتصف (بالخشوع) ، فليس متسرعًا ولا متبادراً لما لا ينبغي ، وليس متكلمًا بما لا يناسب حاله ، وكذلك يتصف بصفة (التواضع) ، وهو ينافي التكبر ، ويكون (ملازمًا للمَحجَّة) ، المراد بالمحجة : وسط الطريق الموصل إلى المُراد بحيث لا يكون ممن يميل جهة اليمين ولا جهة الشمال ، ويَعمُر ظاهره وباطنه بعبادة الله تعالى وذكره والتخلِّي عن نواقض ذلك .
(قال ابن سيرين كانوا يتعلمون الهَدي - وهو الصفة الظاهرة - كما يتعلمون العلم) ، بحيث تكون ظواهرهم موافقة لبواطنهم ، ظواهرهم متحلية بالأوصاف الشرعية والأخلاق المَرعية.
(قال رجاء بن حيوة لرجلٍ : حدِّثنا ولا تحدِّثنا عن مُتماوِتٍ ولا طعَّان) ، والمتماوت: هو من كان متصفا بصفة موت القلب ، بحيث لا يكون باطنه معمورا لله جل وعلا ، ولا طعان : وهو الذي يبذل لسانه في القدح في الآخرين والسب منهم.
(قال الخطيب: يجب على طالب الحديث أن يَتجنب اللعب) ، ما المراد باللعب؟ العمل الذي ليس له ثمرة ، هذا هو اللعب ، من أمثلته: هذه الألعاب التي في زماننا وعصرنا سواء في الانترنت أو في السوني أو في غيرها.
كذلك يتجنب (العبث) ، مثل أن يحرك يديه حركات لا فائدة منها ، كذلك يتجنب (التبذُل في المجالس) ، التبذل في المجالس الحديث في كل ما يقصد الناس الحديث فيه ، بحيث لا يوجد له ضوابط في حديثه ، ومن ثم تجده يتكلم (بالسُّخف) ، والمراد بالسخف الأمور التوافه ، التي لا قيمة لها ولا منزلة ، أو يتكلم بأمورٍ مضحِكة التي ينتج عنها القهقهة ، (وكثرة التَنَدُّر) ، والتنكيت على الآخرين ، وكذلك على طالب الحديث أن يتجنب (إدمان المزاح والإكثار منه) ، لو مزح مرةً جاز ولم يُنافي ذلك آداب طالب العلم ، لكن أن يكون ذلك دأَبَه في كل حديثه وفي كل أموره ، فهذا ليس من شأن طالب العلم ، (إنما يُستجاز من المزاح الشيء اليسير النادر القليل والطريف ، الذي لا يخرج عن حد الأدب وطريقة العلم) ، أما أن يكون كل حديثه وكل مجالسه على المزاح ، ويتكلم بالأمور الفاحشة في المزاح التي تكون كبيرة ، وتكون عظيمة أن تصدر من إنسان ، أو يتكلم في الأمور السخيفة التافهة التي لا قيمة لها ، أو يتكلم من المزاح بما يوغر الصدور ، بحيث يُعلِّق على هذا ، ويُنكِّت على هذا ، فهذا يورد القطيعة ، ويورد غِل القلوب ويجلب الشر ، هذا كله مذموم. وأصل كثرة المزاح حتى ولو لم تكن بهذه الأمور؛ بالفاحش والسخيف والمورد للعداوة ، كثرة المزاح تضع من قدر الإنسان وتُزيل صفة المروءة منه ، ما هي صفة المروءة؟ المروءة المراد بها اجتناب الإنسان مالا يُثنى عليه من الأوصاف عند الناس ، وبعضهم يقول المروءة اجتناب الإنسان الصفات غير المرغوب فيها ، مثال هذا: مما يُرغب فيه أن يكون الإنسان في مجتمعاتنا لابسًا للثياب ، فإذا لبس البنطلونات لم يُعدَّ حينئذ ممن اتصف بصفات المروءة ؛ لأنَّ الناس لا يُثنون على من ترك هذه الثياب المعتادة. وقد (قيل من أكثر من شيء) من مزاح أو ضحك ، (عُرف به) ، بحيث يكون موصوفًا به ، فلان المزاح ، (فتجنب هاتيك السقطات في مُجالستك ومٌحادثتك ، وبعض من يجهل يظن أنَّ التبسط في هذا أرِيحية) ، الأريحية يعني ما يكون مُنتجا لراحة النفس ، بعض الناس يعد الضحك والتبذل وكثرة المزاح من الأريحية التي ترتاح لها النفوس ، وهذا ليس من ذلك في شيء بل إنَّ الناس إذا وجدوا شخصا يُكثر من المزاح والتعليق على الآخرين ، فإنه حينئذ تنفر منه نفوسهم ، ولذلك (قال الأحنف بن قيس : جنِّبوا مجالسنا ذكرَ النساء والطعام) ، وذلك لأنَّ هذه الأمور ليست من الأمور التي تَقصدها نفوس العقلاء ، وترتفع نفوسهم بها ، وإنما ينبغي أن تكون مجالسنا فيها ذكر الآداب ، فيها ذكر الأحكام الشرعية.
كذلك من الأمور التي تتعلق بهذا أن لا يظهر الإنسان صفة ليس متصفًا بها حقيقة ، كأن يُظهر للآخرين أنه يقوم الليل وليس كذلك ، أو يُظهر للآخرين أنه يقرأ القرآن أو يحفظ كتاب الله ، وليس فيه تلك الصفة ، (قال عمر رضي الله عنه : من تزين بما ليس فيه شانه الله) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ)) المُتَشبِّع بما لم يعط: الذي يقول أنا مُتصفٌ بالصفة الفلانية ، ومتصف بالصفة الفلانية ومتصف بالصفة الفلانية ، هذا كلابس ثوبي زور ، الزور: هو الكذب وتمويه الحقائق ، وجَعَلَها كالثوبين لأنها أولاً : قد كذب عن نفسه بحيث يُظهر أنه مُتصف بهذه الصفة وليس كذلك ، وكذلك قد زوَّر صورته في نفوس الآخرين ، ولذلك جعله كلابس ثوبي زورٍ.نعم

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2073#.VDbkGVcR3gE)

* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : ما معنى كلمة ( السمت ) ..؟ هل هي بـمعنى السمات والصفات ؟
الجواب : السمت في اللغة له معانٍ ، والمراد هنا هيئة أهل الخير وطريقتهم ، يقال: ما أحسن سمته !
إذا كانت هيئته حسنة على هيئة أهل الخير والصلاح وطريقتهم .

السؤال الثاني : ما المقصود بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بأن عمر إنما يتلقى الإصابة بواسطة ، أما أبو بكر فيتلقاها بلا واسطة ؟
الجواب : نص كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله كما في الرد على المنطقيين: (فأما درجة السابقين الأولين كأبي بكر وعمر فتلك لا يبلغها أحد، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( قد كان في الامم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر )).
وفي حديث آخر : (( إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه ))
وقال علي: (كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر).
وفي الترمذي وغيره: (( لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر ، ولو كان بعدي نبي ينتظر لكان عمر )).
ومع هذا فالصديق أكمل منه فإن الصديق كمل في تصديقه للنبي فلا يتلقى إلا عن النبي، والنبي معصوم، والمحدَّث كعمر يأخذ أحيانا عن قلبه ما يلهمه ويحدَّث به، لكن قلبه ليس معصوما؛ فعليه أن يعرض ما أُلقي عليه على ما جاء به الرسول فإن وافقه قبله، وإن خالفه رده، ولهذا قد رجع عمر عن أشياء، وكان الصحابة يناظرونه ويحتجون عليه فإذا بينت له الحجة من الكتاب والسنة رجع إليها وترك ما رآه، والصديق إنما يتلقى عن الرسول لا عن قلبه، فهو أكمل من المحدث، وليس بعد أبي بكر صديق أفضل منه، ولا بعد عمر محدَّث أفضل منه). ا.هـ

ومراده أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أكمل فهماً وعلماً ويقيناً من عمر بن الخطاب؛ فقوة يقينه وفهمه للكتاب والسنة بلغت منزلة أعلى من منزلة المحدَّث الملهم الذي يستدل على الحق بواسطة ما يلقى في روعه.
وقلوب المحدَّثين غير معصومة فقد يلقى فيها الحق وهو الغالب، وقد يكون معه ما يلقيه الشيطان ابتلاء وامتحاناً، فوجب أن يعرضوا ما ألقي في قلوبهم على نصوص الكتاب والسنة فما خالف النصوص رجعوا عنه، وما وافقها قبلوه.
ولذلك لما ارتد من ارتد من العرب وعزم أبو بكر على قتالهم قال له عمر : يا أبا بكر كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ودمه ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله )).
فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم على منعه.
قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق).
أخرجه البخاري ومسلم.
فكان أبو بكر أكثر علماً وأحسن فهماً من عمر حتى رجع عمر إلى قوله، وهما من علماء الصحابة، بل نقل شيخ الإسلام اتفاق أهل العلم على أن أعلم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر.

السؤال الثالث :
قول ابن سيرين رحمه الله (كانوا يتعلمون الهدي كما كانو يتعلمون العلم) في وقتنا الحاضر كيف نتعلم الهدي في ظل الغياب الكبير للقدوات خصوصا ان جل دراساتنا الشرعية ان لم يكن كلها هي دراسة عن بعد اي اننا لانكاد تلتقي بقدوات في هذا المجال ولايخفى على فضيلتكم ان لسان الحال ليس كلسان المقال اي اننا مهما قرانا في الكتب عن سير الاعلام فان هذا ليس كرؤية احوالهم ومعاشرتها؟ فكيف السبيل الى ذلك .
الجواب :
لا يخلو زمان من صالحين متمسكين بالهدي الصحيح، وإن ندروا وكانوا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، ومَن كان صاحب تأسٍّ بأهل الخير والصلاح كفاه أن يحثه على ذلك ما يراه من جوانب الخير والصلاح لديهم، فرُبَّ عمل يراه المرء من أحدهم فينتفع به زمناً طويلاً، ولا يشترط في القدوة أن يكون كاملاً في جميع الجوانب، بل النقص من طبيعة البشر، حتى الصالحين يقع منهم تقصير وقصور في جوانب وإجادة وإحسان في جوانب أخرى.
فمن فتح له في العلم والتعليم ونشر العلم قد يقع منه قصور وتقصير في جوانب أخرى.
ومن فتح له في التعبد والتهجد وكثرة الصلاة والصيام والتلاوة وكثرة الذكر قد يقع منه قصور وتقصير في جوانب أخرى.
ومن فتح له في أعمال البر والإحسان ونفع الناس قد يقع منه تقصير في غير ذلك من الأمور.
ومن فتح له في الجهاد والنصيحة والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورعاية حدود الله وحرماته فكذلك.
وأما من كان ذا حظ في هذه الأعمال كلها فهو إمام من الأئمة الأبدال.
ذكر ابن عبد البر في التمهيد والاستذكار أن عبد الله بن عبد العزيز العُمَري العابد كتب إلى الإمام مالك بن أنس يحضُّه على الانفراد والعمل وترك مجالسة الناس في العلم وغيره فكتب إليه مالك:
(إن الله تعالى قسم بين عباده الأعمالَ كما قسمَ الأرزاقَ؛ فرُبَّ رجل فُتِحَ له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح الله له في الجهاد، ولم يفتح له في الصلاة، وآخر فتح له في الصدقة، ولم يفتح له في الصيام.
وقد علمتُ أنَّ نشر العلم وتعليمَه من أفضل الأعمال، وقد رضيتُ بما فَتَحَ الله لي فيه، وقسم لي منه، وما أظنُّ ما أنا فيه بدون ما أنت فيه من العبادة، وكلانا على خير إن شاء الله)

ومن فتح الله له باباً من أبواب الخير فليعتنِ بالاتساء بأئمة ذلك الباب من الصالحين، وينتفع من هديهم ودلّهم وسمتهم في غير مخالفة لهدي الكتاب والسنة.
وبهذا يُعلم أن الاقتداء يتجزأ ويتنوَّع ، فما يُرى عند بعض الصالحين من تقصير وقصور في جوانب لا يمنع من الاقتداء بهم فيما أحسنوا فيه.
ومن تطَلَّب قدوة تاماً في جميع هذه الأبواب أعياه ذلك.
ومن تأمل أحوال من حوله وجد من بعضهم إجادة وبراعة في بعض أمور الخير، فليكن ذلك حافزاً له على الاتساء بهم بما يتيسر له.
والآثار عن السلف في الاتساء ببعض أحوال الناس وأقوالهم كثيرة مبثوثة في سيرهم.
قال أصبغ المالكي لعون بن عبد الله : (سمعت من أبيك كلاماً نفعني الله تعالى به وهو: لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)
وقال زبيد بن الحارث اليامي: (سمعت كلمة فنفعني الله عزَّ وجلَّ بها ثلاثين سنة)
بل إن بعضهم يرى موقفاً أمامه فيعتبر به مدة طويلة من الزمن.
وهذا هو مقصود الاقتداء أن ينتفع المقتدي بما يسمع ويرى.

ومن الدعاء الذي أرشد الله إليه عباده المؤمنين أن يقولوا: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}
وهو يشمل الإمامة على اختلاف درجاتها، فقد يفتح لعبد من عباد الله في عمل من الأعمال فيكون فيه إماماً يقتدى به فيه ، ولو كان لديه ضعف في أبواب أخرى من أبواب الخير.
واللبيب الذي يحاسب نفسه ويزن عمله بالكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة يعرف من نفسه ما هو مقصّر فيه في من أبواب الخير، ويعرف ما فتح له فيه مما يحسنه؛ فيعتني أولاً بالقدر الواجب من كل ذلك، وهو أمر متيسّر لا حرج فيه على المرء؛ لأن الواجبات الشرعية هي من تكاليف الدين، وما جعل لله علينا في الدين من حرج.
ثم يعتني بالاجتهاد فيما فتح له فيه، وليعلم أن قيمة كل امرئ ما يحسنه كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومما يعينه على الإحسان في ذلك الأمر النظر إلى سير المحسنين فيه فيعتني بآثارهم ومآثرهم سواء أكانوا من الأموات أم الأحياء
فمن مات يعتني بسيرهم ويتعرف على طرائقهم وأسباب تفوقهم وتمكنهم وانتفاع الناس بهم.
والأحياء منهم يحرص على الاستفادة منهم بما يتيسر له، فقد ينتفع من مجالستهم ومراسلتهم والعرض عليهم ما لا يستفيده من القراءة والدراسة مدة طويلة.
وقد قال النووي في شرح صحيح مسلم: (ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً)
فإذا كان هذا نفع مذاكرة ساعة؛ فما الظن بملازمتهم والعرض عليهم والتخرج على أيديهم.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2073#.VDbkGVcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 01:07 AM
8- تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
وعليه فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2074#.VDcTMFcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر الثامن - تَحَلَّ بِالْمُرُوءَةِ :
التَّحَلِّي بـ ( الْمُروءةِ ) وما يَحْمِلُ إليها ، من مَكارِمِ الأخلاقِ وطَلاقةِ الوَجْهِ ، وإفشاءِ السلامِ وتُحَمُّلِ الناسِ والأَنَفَةِ من غيرِ كِبرياءَ والعِزَّةِ في غيرِ جَبَرُوتٍ والشهامةِ في غيرِ عَصَبِيَّةٍ والْحَمِيَّةِ في غيرِ جَاهليَّةٍ .
الشيخ :
نعم . يقول التحلي بالمروءة , فما هي المروءة ؟
حدها الفقهاء رحمهم الله , في كتاب الشهادات , قالوا : هي فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه .
وهذه عبارة عامة، كل شي يجملك عند الناس ويزينك ويكون سببا للثناء عليك , فهو مروءة , وإن لم يكن من العبادات , وكل شيء بالعكس فهو خلاف المروءة .
ثم ضرب لهذا مثلا , فقال من مكارم الأخلاق , فما هو كرم الخُلُق ؟
أن يكون الإنسان دائما متسامحاً , أو أن يتسامح في موضع التسامح , ويأخذ بالعزم في موضع العزيمة .
ولهذا جاء الدين الإسلامي وسطاً بين التسامح الذي تضيع به الحقوق , وبين العزيمة التي ربما تحمل على الجور , فنضرب مثلا بالقصاص : وهو قتل النفس بالنفس , يذكر أن بني اسرائيل انقسمت شرائعهم في القصاص إلى قسمين :
قسم أوجب القتل , ولا خيار لأولياء المقتول فيه , وهي شريعة التوراة .
لأن شريعة التوراة تميل إلى الغلظة والشدة .
وقسم آخر أوجب العفو , وقال: إنه إذا قتل الإنسان عمدا فالواجب على أولياؤه التسامح .
هكذا نقرأ في الكتب المنقولة , لأننا لم نقف على نص في الإنجيل وإلا فإن الأصل أن شريعة الإنجيل هي شريعة التوراة , وقد قال الله تعالى : (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ).
لكن فيما ينقل عن بني إسرائيل نسمع هذا .
فجاء دين الاسلام وسطا وجعل الخيار لأولياء المقتول , إن شاءوا قتلوا قصاصا ولهم الحق , وإن شاءوا عفوا مجانا , وإن شاءوا أخذوا الدية .فصار الأمر في ذلك واسعا .
ومعلوم أن كل عاقل يخير في مثل هذه الأمور , سيختار ما فيه المصلحة العامة , يقدمها على كل شيء .
فمثلا إذا كان هذا الرجل شريرا -يعني القاتل- وأولياء المقتول يحبون المال وقالوا نريد أن نعفو إلى الدية , لأننا محتاجون ليس عندنا مال نقول: هذا ليس من الحكمة , انظر الى المصلحة العامة , وأنتم إذا تركتم شيئا لله عوضكم الله خيرا منه . اقتلوا هذا القاتل .
ولهذا أوجب شيخ الإسلام ابن تيمية تبعا للإمام مالك رحمه الله , أوجب قتل القاتل غيلة , حتى لو عفا أولياءه, حتى لو كان له صغار يحتاجون إلى المال , فإنه يجب أن يقتل , لأن القتل غيلة لا يمكن التخلص منه . إذ أن الإنسان اغتيل في حال لا يمكن أن يدافع عن نفسه , والمغتال مفسد في الأرض , (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)
إذن , مكارم الأخلاق ما هي ؟
هي أن يتخلق الإنسان بالأخلاق الفاضلة الجامعة بين العدل والإحسان , فيأخذ بالحزم في موضع الحزم , وباللين واليسر في موضع اللين واليسر.
طلاقة الوجه، أيضا طلاقة الوجه هذه من مكارم الأخلاق , وهل مثلا أطلق وجهي لكل إنسان حتى لو كان من أجرم المجرمين أو على حسب الحال؟ على حسب الحال , أطلق الوجه في ستة من تسعة : ما معناها؟ يعني في الثلثين والثلث دعه لما تقتضيه الحاجة.
ليكن سيمتك طلاقة الوجه , هذا أحسن شيء , تجذب الناس إلى نفسك , ويحبك الناس, ويستطيعون أن يفضوا إليك ما يخفونه من أسرارهم .
لكن إذا كنت عبوسا , تعض على شفتك السفلى , فإن الناس يهابوك , ولا يستطيعون أن يتكلموا معك .
لكن إذا اقتضت الحال أن لا تطلق الوجه , فافعل . ولهذا لا يلام الإنسان على العبوسة لوماً مطلقا , ولا يمدح على تركها مدحا مطلقا .
إفشاء السلام : يعني نشره وإظهاره على كل أحد؟ لا ليس على كل أحد، على من يستحق أن يسلم عليه , على المسلم وإن كان عاصيا , وإن كان زانيا وإن كان سارقا وإن كان مرابيا وإن كان يشرب الخمر , لإنه مسلم ألقي إليه السلام.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن -أو قال أخاه- فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) .
فإن فعل المؤمن منكرا , ولاسيما إذا كان منكرا عظيما يخشى منه أن يتفتت المجتمع الإسلامي , فحينئذ يكون هجره واجبا هجره إن نفع الهجر, وإنما أقول ذلك لئلا يرد علينا قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن غزوة تبوك , فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهجره , أمر أن يهجره الناس فهجروه وصاروا لا يتكلمون معه , حتى إنه ذات يوم تسور حديقة أبي قتادة رضي الله عنه , وهو ابن عمه وأحب الناس إليه , فسلم على أبي قتادة فلم يرد عليه السلام , سلم ثانيا فلم يرد عليه السلام, سلم ثالثا فلم يرد عليه السلام, فقال : أنشدك الله , هل تعلم أني أحب الله ورسوله , ( يعني أنت كيف تهجرني وأنا أحب الله ورسوله ) وهل تعلم؟ يعني ألم تعلم ؟ ولم يرد عليه .
ما قال نعم ولا لا قال : الله ورسوله أعلم . ما أجاب، لماذا ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم, ولو أمرهم أن يفعلوا أكبر من ذلك لفعلوا .
المهم أن الصحابة هجروه لأنه تخلف عن غزوة تبوك وكان هجره بأمر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تصوروا يا إخوان يأتي ويسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا . يعني هو لا يسمع الرد قطعا لكن لا يدري هل حرك شفتيه بالسلام أم لا.
ولكن الرسول يحبه , لأنه إذا قام يصلي -كعب- جعل النبي صلى الله عليه وسلم يسارقه النظر ينظر إليه .
فهل هذا الهجر الذي وقع من الصحابة لكعب بن مالك هل أثر أو لم يؤثر ؟ أثر، أثر رجوعا عظيما إلى الله عز وجل ,{حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم , وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} , ظنوا بمعنى أيقنوا , لجؤوا إلى الله , ففرج الله عنهم .
فهذا أثر تأثيرا عظيما , وحصل به مصلحة عظيمة , تُتلى قصتهم في كتاب الله عز وجل , يقرؤها المسلمون كلهم في صلواتهم وفي خلواتهم . يذكرونهم كلما مروا بذكرهم هذه فائدة عظيمة ثم فيها محنة عظيمة أيضا لكعب , جاءه كتاب من ملك غسان , فقال له في الكتاب : إنه بلغنا أن صاحبك قلاك -يعني أبغضك وهجرك وتركك- , فالحق بنا نواسك , ( يعني ائت إلينا نجعلك مثلنا )
(كأنه يشير أن يجعله ملكا على غسان ) فماذا فعل ؟
رأى أن هذه فتنة عظيمة , ذهب بالورقة فسجَّر بها التنور , يعني أحرقها , إحراقا تاما كراهة لها ولما تضمنته , ولئلا تغلبه نفسه في المستقبل حتى يجيب لهذا الطلب . وهكذا يكون الإيمان وهذه لا شك أنها محنة عظيمة , حصلت من أجل هذه القصة .
فالحاصل أن إفشاء السلام الأصل فيه أنه عام , لكل أحد من المسلمين , إلا من جاهر بمعصية , وكان من المصلحة أن يُهجر فليُهجر .
أما غير المسلمين فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام )).
فيحرم علينا أن نبدأ اليهود والنصارى ومن سواهم أخبث منهم فلا نبدأه بالسلام ، إن سلموا نرد عليهم , لقول الله تعالى :
(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .
فإذا قالوا : السلام عليكم , نقول : عليكم السلام صراحة
لأن الآية ناطقة بذلك (حيوا بأحسن منها أو ردوها) .
ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما أمر أن نقول : وعليكم , لأنهم يقولون السام عليكم , كما جاء ذلك مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر قال إن اليهود أو قال أهل الكتاب يقولون السام عليكم فإذا سلموا فقولوا وعليكم .

القارئ :
وعليه فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) في طَبْعٍ أو قولٍ أو عَمَلٍ من حِرفةٍ مَهِينَةٍ أو خَلَّةٍ رَديئةٍ كالعُجْبِ والرياءِ والبَطَرِ والْخُيلاءِ واحتقارِ الآخرينَ وغِشْيَانِ مَواطِنِ الرِّيَبِ .

الشيخ :
لما ذكر المروءة أنه ينبغي لطالب العلم أن يتحلى بها , قال تنكَّب يعني أبعد عن خورام المروءة , في طبع أو قول أو عمل : يعني في طباعك حاول أن تكون طباعك ملائمة للمروءة , ومن المعلوم أنه ليس التكحل في العينين كالكحل, وليس التطبع كالطبع , لكن الإنسان مع ممارسة الشيء ربما يكون الكسب غريزة , والتطبع طبيعة , وإلا فإن الإنسان لو حاول ما يحاول من الأخلاق وطبعه ليس كذلك سيجد صعوبة , لكنه مع التمرن تحسن الحال . وهذا مُجرب , فقد سمعنا عن بعض الناس الذي كان بعيدا عن العلم وعن طلب العلم له أخلاق سيئة , ثم لما منَّ الله عليه بالعلم بالهداية وطلب صارت أخلاقه طيبة , لأنه مرن نفسه على هذه الأخلاق حتى صارت كأنها من طباعه وغرائزه .
من حرفة مهينة , أو خلة رديئة : الخلة يعني الخصلة , والحرفة المهينة هي كل ما يحترفه الإنسان من عمل .
ثم ضرب لذلك أمثلة بقوله كالعُجب , أن يعجب الإنسان بنفسه , فإذا استنبط فائدة قال : هذه الفائدة ما شاء الله أنا استنبطتها هذه ما يستنبطها أكبر عالم , ثم أٌعجب بنفسه , ورأى نفسه كبيرا وانتفخ .
الرياء أن يرائي الناس بأن يتكلم في العلوم أمامهم حتى يروا أنه عالم فيقال : هذا عالم .
البطر: رد الحق , وهذه تحصل في المجادلات والتعصب لرأي من الآراء , أو لمذهب من المذاهب , تجده يغمط الآخرين يرد الحق لأنه خلاف ما يرى .
الخيلاء نتيجة العجب , يعني يُظهر نفسه بمظهر العالم الواسع العلم , ومن ذلك أن يكون للعلماء في بلد ما زيُّ خاص في اللباس, فيأتي هذا الإنسان البادئ بالعلم فيلبس لباس كبار العلماء ليظن الظان أنه من كبار العلماء , فهذا من الخيلاء. كذلك أيضا احتقار الآخرين , فالبطر هو احتقار الآخرين هو الكبر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ((الكبر بطر الحق وغمط الناس)) . أي احتقارهم , وغِشْيَان مواطن الريب . يعني المواطن التي تكون محل الشك فيه وفي مروءته وأخلاقه يتجنبها. ((رحم الله امرءًا كف الغيبة عن نفسه)) , وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أطهر الخلق , قال للرجلين الأنصاريين وهو مع زوجه صفية رضي الله عنها , قال : إنها صفية . فكيف بغيره .
فالحاصل أنك لا تثق بنفسك وتقول إن الناس لن يظنوا بي شيئا , فأنت وإن كنت عند الناس بهذه المثابة , لكن الشيطان يلقي في قلوبهم الشر, حتى يتهموك بما أنت منه برئ , فتجنب مواطن الريب حتى تسلم من الريبة .
الأنفة من غير كبرياء : يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء.
العزة في غير الجبروت : أن يكون عزيز النفس , قويا لكن من غير جبروت , بمعنى أن لا يذل أمام خصمه , عند المناظرة أو غير المناظرة , بل يتصور أنه غالب , لكن بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى الجبروت , فإنه إذا أدى إلى الجبروت صار خلقا ذميما . عكس ذلك من يكون ذليلا حتى وإن كان عنده علم لا يستطيع أن يناظر ولا أن يجادل , ولا أن يتكلم مع الغير فتجده يُهزم حتى في مواطن الحق التي أصاب فيها .
الشهامة في غير عصبية : واضحة أن يكون الإنسان شهما معتزا بنفسه لكن من غير عصبية , لا يقول أنا من القبيلة الفلانية ولي شهامة , أنا من تميم ، أنا من قريش ، أنا من كذا، أنا من كذا .
والحمية في غير جاهلية : أن يكون عند الإنسان حمية وغيرة , لكن في الحق لا في الجاهلية .



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2074#.VDcTMFcR3gE)
* شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
تحل بالمروءة :
التحلي بـ (المروءة) ، وما يحمل إليها، من مكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية، والحمية في غير جاهلية. وعليه فتنكب (خوارم المروءة) ، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب، والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب.
الشيخ:
إذن هذا هو الأدب الثامن من آداب طالب العلم : (التحلي بالمروءة). تقدم معنا أنَّ المروءة : التزام الصفات المحمودة عند الخلق ، واجتناب الصفات غير المرغوب فيها عند الخلق ، التحلي بالمروءة من (مكارم الأخلاق) ، ومن أمثلة المروءات التي يحسن لطالب العلم أن يلتزم بها ، أن يكون ملازما للأخلاق الفاضلة ، يحسن التعامل مع الآخرين ومن ذلك (طلاقة الوجه) بحيث لا يكون مُعبِّسا أو يكون مُعرضا بوجهه عن طلابه أو عن زملائه ، ومن المروءة (إفشاء السلام) ومن المروءة (تحمل الناس) ، المراد بتحمل الناس الصبر على أذيتهم ، ومن المروءة (الأنفة من غير كبرياء) ، والمراد بالأنفة ترفُّع النفس عن ما لا يليق بها ، بحيث لا يفعل الإنسان فعلا لا يكون مناسبا لحاله ، وكذلك (العزة بغير جبروت) فلا يُقدم على فعل لا يليق به ، فيرفع نفسه ، (والشَّهامة في غير عصبية) يعني : يكون مُقدِّما للخير للآخرين ، شهما ، كريما ، لكن لا يكون دافعه لذلك العصبية ونفع قرابته فقط وإنما يكون دافعه لذلك التقرب لله - جل وعلا- ، وكذلك مما تقتضيه المروءة (الحمية في غير جاهلية) والمراد بالحمية أن يحميَ المؤمنون بعضهم بعضا عما لا يليق بهم ، ولا يكون الدافع لذلك صفة من صفات أهل الجاهلية.
وعليه (فتنكُّب خوارم المروءة) ، ليس من شأن أهل الإسلام خوارم المروءة تَقدَّم لنا أمثلتها ، سواءً كانت هذه الخوارم في (طبع) كأن يكون مِخْراقا كأن يكون عجلا ، أو في (قول) بأن يتكلم بالكلام غير اللائق ، كأن يسب ويقدح الآخرين ، أو في (عمل) كأن يبتذل نفسه في الذهاب إلى أماكن لا تليق به ، وكذلك يجتنب (الحرف المهينة) التي يحتقرها الناس ؛ لأنَّ طالب العلم ينبغي أن يوجد له مكانة في الناس من أجل أن يقبلوا ما ينشره من العلم ، وعندما يمتهن حرفة مهينة فإنه حينئذ يكون مناقِضا ويكون مما لا تقبله نفوس الناس ، وبالتالي لا يسمعون له ولا يأخذون ما لديه من علم. وهكذا يجتنب الأوصاف الرديئة (الخلة) يعني : الوصف ، الرديء يعني : السيء غير المقبول؛ ومن ذلك (العجب) بأن يرى الإنسان لنفسه فضلا ، (والرياء) بأن يكون مقصوده بما يؤديه من العمل اطلاع الناس عليه ، (والبَطَر) وهو نوع من أنواع الكبرياء ويكون فيه جحد للحق ، (والخيلاء) بترفع النفس عما يكون مناسبا لها ، ومظنَّة أن للنفس فضلا على الغير ، (واحتقار الآخرين) ، وكذلك ترك (مَواطن الريب) يعني : المَواطن التي يُظن فيها الإنسان بظن السوء ، من أمثلة ذلك : عندما يذهب الإنسان إلى الأمكنة التي فيها معازف هذا موطن من مواطن الريب ، ولو لم يكن مقصده مكان العزف وكان يقصد محلا مجاورا له هذا من خوارم المروءة ؛ لأنَّ هذا من مواطن الريب ولذلك يجتنبه الإنسان ، وهكذا أيضا المحال التي فيها معاصي يجتنبها طالب العلم ؛ لأنَّ هذه من مواطن الريب ، وإذا خشي أن يُظن به ظن السوء احتاط لذلك ، وبذل من الأسباب ما يدفع مثل هذا الظن السيء ، ولذلك جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جاءته زوجته صفية فلبِثت معه في المسجد وهو معتكف ، فلما أرادت أن تنصرف انقلب معها وكانوا في ليل فشاهده بعض الأنصار رجلان من الأنصار فأسرعا ، فناداهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنها زوجتي صفية ، إنها زوجتي صفية ، دفعا للريبة فقالوا : أَوَفيك يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم ، وإني خشيت أن يلقي في قلوبكما شيئا ، وفي لفظ شرا كما ورد ذلك في الصحيح.نعم
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2074#.VDcTMFcR3gE)
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد / الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال : ما معنى [قتل الغيلة]
الجواب : قتل الغيلة هو قتل الغدر الذي يكون فيه المغدور آمناً جانب الغادر كقتل المرأة لزوجها والأخ لأخيه وصاحب الدار لضيفه

السؤال الثاني : ما معنى: فتَنَكُّبُ ( خَوارِمِ الْمُروءةِ ) ؟
ما معنى هذا الكلام ؟
اقتباس:
الأنفة من غير كبرياء : يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء.

الجواب : التنكّب هو الإعراض والعدول عن الشيء كأنه مأخوذ من توليته المنكبية، كما ان الإدبار مأخوذ من توليته الدبر.
قال الله تعالى: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} أي معرضون عن الصراط المستقيم منحرفون مائلون غير مستقيمين على ما يحبه الله.
والصراط المستقيم هو الطريق الوحيد الموصل إلى رضوان الله تعالى وجنته، فمن تنكَّب عن هذا الصراط لم يصل إلا إلى سخط الله وعقابه.
والعرب تقول: ريح نَكْبَاءَ إذا خالفت المهب المعتاد.
وقوله في الأنفة من غير كبرياء ( يعني أن يأنف الانسان من الأشياء المهينة التي توجب ضعته عند الناس لكن بدون كبرياء)
بعض المِهَن الوضيعة - ولو كانت جائزة لا إثم فيها - فلا ينبغي لطالب العلم أن يعمل فيها ولا يجوز له أن يتكبر على أصحابها ، فأنفَته من هذه المهن الوضيعة هو لحفظ قدر العلم وأهله، وقد جرت عادة الناس على احتقار أصحاب هذه المهن ولا ينبغي لطالب العلم أن يضع نفسه في موضع يحتقره الناس فيه.
وقد تكون بعض تلك المهن جائزة ويقبل بها من كان محتاجاً مضطراَ إليها ، ولا حرج عليه شرعاً فيها ، وهو كسب حلال ويرجى له فيه أجره إذا قصد به إعفاف نفسه وعياله، لكنه إذا أمكنه الانتقال إلى مهن لا يحتقرن الناس فهو خير له وأصلح.
والمهن الوضيعة على قسمين:
- مِهَن وضيعة حسًّا وهي التي تباشر فيها النجاسات غالباً كالزبالة واستخراج النجاسات من مجاري المياه ونحو ذلك، وهذه مهن جائزة ولا سيما عند الحاجة وإن كانت مكروهة لأهل العلم والفضل لكن لا يأثم صاحبها، وامتهانها خير من سؤال الناس واستجدائهم.
- ومهن وضيعة معنى وهي التي يكون فيها ابتذال لكرامة الإنسان واعتياده على مساوي الأخلاق من الكذب والفحش والتفحش والإسفاف في القول والعمل ، وهذه مهن محرَّمة.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2074#.VDcTMFcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:16 AM
9- التمَتُّعُ بخِصَالِ الرجولةِ
تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ ، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ ، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2075#.VDcVW1cR3gE)
* شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
قال المؤلف رحمه الله :
الأمر التاسع - التمَتُّعُ بخِصَالِ الرجولةِ :
تَمَتَّعْ بِخِصالِ الرجولةِ من الشجاعةِ وشِدَّةِ البَأْسِ في الحقِّ ومَكارِمِ الأخلاقِ والبَذْلِ في سبيلِ المعروفِ حتى تَنْقَطِعَ دونَك آمالُ الرجالِ .
وعليه فاحْذَرْ نَوَاقِضَها : من ضَعْفِ الْجَأْشِ ، وقِلَّةِ الصبْرِ وضَعْفِ الْمَكَارِمِ فإنها تَهْضِمُ العِلْمَ وتَقْطَعُ اللسانَ عن قَوْلَةِ الْحَقِّ ، وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه .
الشيخ:
هذا كالتكميل للأول لأن التمتع بخصال الرجولة من المروءة بلا شك , فإن الإنسان إذا نزل نفسه منزلة الرجال الذين هم رجال بمعنى الكلمة , فإنه سوف يتمتع بما ذكره , الشجاعة وشدة البأس في الحق , مكارم الأخلاق، البذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال: يعني حتى لا يهم أحد بأن يسبقك بما أنت عليه من هذه الخصال .
فالشجاعة: الإقدام في محل الإقدام , فإذا كانت الشجاعة هي الإقدام في محل الإقدام لزم من ذلك أن تسبق برأي وتفكير وحنكة .
ولهذا قال المتنبي :
الرأي قبل شجاعة الشجعان = هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا بنفس حرة = بلغت من العلياء كل أمال
فلا بد من رأي , لأن الإقدام في غير رأي تهور , تكون نتيجته عكس ما يريده هذا المقدم.
كذلك أيضا شدة البأس في الحق , بحيث يكون قويا فيه صابرا على ما يحصل من أذى أو غيره في جانب الحق.
مكارم الأخلاق سبق الكلام عليها وأنها تشمل كل خلق كريم يحمد الإنسان عليه , البذل في سبيل المعروف، البذل: يشمل بذل المال والجاه والعلم , وكل ما يبذل للغير لكن في سبيل المعروف . أما البذل في سبيل المنكر فهو منكر , والبذل فيما ليس بمعروف ولا منكر قد يكون من إضاعة الوقت أو من إضاعة المال .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2075#.VDcVW1cR3gE)

* شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ:
قال المؤلف رحمه الله :
التمتع بخصال الرجولة:
تمتع بخصال الرجولة، من الشجاعة، وشدة البأس في الحق، ومكارم الأخلاق، والبذل في سبيل المعروف، حتى تنقطع دونك آمال الرجال.
وعليه، فاحذر نواقضها، من ضعف الجأش، وقلة الصبر، وضعف المكارم، فإنها تهضم العلم، وتقطع اللسان عن قوله الحق، وتأخذ بناصيته إلى خصومة في حالة تلفح بسمومها في وجوه الصالحين من عباده.
الشيخ:
هذه الخصلة التاسعة من خصال طالب العلم : اتّصافه بصفات الرجولة ، وصفات الرجولة أنواع ؛ منها : (الشجاعة) بحيث يكون مِقداما على الأفعال الطيبة ، ولا تكون نفسه ذات خَوَر أو ضَعف عن الإقدام عمّا يليق به ، فالشجاعة صفة من صفات الرجال الذين يُثنى عليهم ، ولذلك جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعوَّذ من الجُبْن ، والجبن هو : الضَعْف والخَوَر مما يقابل الشجاعة ، ومن أنواع الشجاعة "شدة البأس في الحق". ومن صفات الرجال اتصافهم " بمكارم الأخلاق" وبذلك يكونون على الخلق الفاضل العالي ، وقد جاءت الشريعة ترغب في اتِّصاف المؤمنين بالصفات العالية والأخلاق الكريمة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم "أنا ضمين ببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه" ، وجاء في حديث في السنن أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال"إنَّ المؤمن يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم". ومن خصال الرجولة " البذل في سبيل المعروف" ، بحيث يعطي الإنسان لله ، وكم من آية في كتاب الله تثني على أولئك الذين يبذلون في سبيل الله ، قال – جل وعلا-" الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ، والآية التي قبلها
" مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" ، وقال – جل وعلا-" يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ " ، يعني أنه يضاعفها ، وقد وعد الله- جل وعلا- المنفقين في سبيله بالخَلَف في الدنيا والأجر العظيم في الآخرة قال تعالى"وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ" ، وجاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال " قال الله - عز وجل-: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ" ، وجاء في الحديث الآخر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من صباح إلا وينادي فيه ملكان يقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" يعني : خسارة وذهابا للمال.
كذلك هذه الصفات الثلاثة : الشجاعة ، والأخلاق الفاضلة ، والبذل بالمعروف ، من وُجدت فيه أصبح ممن يَعظُم أجرهم ، ومن الرجال الذين يعتمد عليهم ، يقابل هذا أمور :
أولها "ضعف الجأش" والجُبن والخَوَر ، والضعف صفة يُذم بها الإنسان ،
الصفة الثانية "قلة الصبر"وعدم التمكن من إمساك النفس في المكارم وأفعال الخيرات ،
الثالث "عدم فعل الأخلاق الفاضلة"فهذه الأمور "تهضِم العلم" ، يعني : تُنقص مقدار العلم ، فالعالم متى كان باذلا للمعروف منفقا فيه فإنَّ الله – جل وعلا- يبارك له في علمه ويضع له القبول في الأرض ، وكذلك هذه الصفات ؛ وهي الجُبن وسوء الأخلاق والبخل "تقطع اللسان عن قولة الحق" ، بحيث تُعجز الإنسان عن أن يتكلم بما ينتفع به الناس في دنياهم وآخرتهم ، بل إنَّ هذه الصفات تجعل طالب العلم في حالة يتمكن أعداؤه منه ويتمكنون من بث سمومهم في سمعته فيكون ذلك سببا لإعراض الناس عن العلم النافع بسبب عدم اتِّصاف أصحابه بهذه الصفات التي تجعل الناس يُقبلون عليه.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2075#.VDcVW1cR3gE)
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل

السؤال الأول: نرجو من شيخنا الفاضل توضيح تلك المعاني:
اقتباس:
ضَعْفِ الْجَأْشِ - وتَأْخُذُ بناصيَتِه إلى خُصومِه في حالةٍ تَلْفَحُ بسمومِها في وُجوهِ الصالحينَ من عِبادِه
الجواب: الجأش المراد به هنا جأش القلب، وهو رواعه واضطرابه عند الفزع، يقال: هو رابط الجأش وساكن الجأش؛ إذا كان ثابتاً مطمئنا لا يفزع إذا ألمّ به الخطب، كما قال لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه في وصف ناقة.
يُسْئِد السَّيرَ عليها رَاكب ... رَابِطُ الجَأْشِ على كلِّ وَجَلْ
قال الأصمعي"الرابطُ الجأش: الذي يربط نفسه عن الفرار، يكفُّها لجرأته وشجاعته".
ويقال: واهي الجأش، أي ضعيف الجأش إذا كان يفزع في الملمّات فيحتاج إلى من يسكّن جأشَه كما قالت الخنساء في أخيها صخر:
كمْ طريدٍ قدْ سكَّنَ الجأشَ منهُ ... كان يَدْعُو بصفّهنّ صُراحا
فسكون الجأش ورباطته يراد بها طمأنينة القلب في الملمات التي يفزع منها ضعيف الصبر والشجاعة، ومن أجود ما قيل في وصف سكون الجأش في الحرب قول البحتري:
لقد كانَ ذاك الجأش جأشَ مسالمٍ ... على أنَّ ذاكَ الزيَّ زيُّ محاربِ
تسرَّعَ حتى قالَ من شهدَ الوغى: ... لقاءُ عُداة أم لقاء حبائب

أي أنه من رباطة جأشه وثبات قلبه يسرع إلى الحرب كأنه مسرع إلى لقاء أحبّته.
ومقصود الشيخ رحمه الله هنا أن يكون طالب العلم ثابت الجنان في المناظرات والخصومات مع أهل البدع وغيرهم من المخالفين؛ فمن كان واهي الجأش أثّر فيه ما يجلب به عليه خصومه فيفزع ويتحيّر وربّما شكّ في الحق الذي لديه، وهذا خلاف طريقة أهل الحق واليقين.
وقوله"وتأخذ بناصيته إلى خصومه.." أي أنّ ضعفه في مقام نصرة الحقّ قد يجرّ عليه وعلى المسلمين أذيّة وبليّة ويتسلّط عليه أعداؤه لضعف قيامه بالحجة وتردده واضطرابه.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2075#.VDcVW1cR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:29 AM
10-هَجْرُ التَّرَفُّهِ

لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ"؛ فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا " .
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ .وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّإليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ .فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في ( الجامعِ ) للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2076#.VDcl_VcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
الأمر العاشر - هَجْرُ التَّرَفُّهِ :
لا تَسْتَرْسِلْ في " التَّنَعُّمِ والرفاهِيَةِ " فإنَّ " البَذاذةَ من الإيمانِ " وخُذْ بوَصيةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ في كتابِه المشهورِ وفيه " وإِيَّاكُم والتنَعُّمَ وزِيَّ العَجَمِ ، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا ...." .
الشيخ :
لا تسترسل في التنعم والرفاهية، وهذه النصيحة تقال لطالب العلم ولغير طالب العلم , لأن الاسترسال في ذلك مخالف لإرشاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم , فقد كان ينهى عن كثرة الإرفاه ويأمر بالاحتفاء أحيانا, والإنسان الذي يعتاد الرفاهية يصعب عليه معالجة الأمور , لأنه قد تأتيه الأمور على وجه لا يتمكن معه من الرفاهية ولنضرب لذلك مثلا بهذا المثل الذي ذكرناه في الحديث يأمر بالاحتفاء أحيانا , بعض الناس لا يحتفي , دائما عليه جورب وعليه خف وعليه نعل , لا يكاد يمشي هذا الرجل لو عرض له عارض وقيل له تمشي 500 متر بدون وقاية للرجل لوجدت ذلك يشق عليه مشقة عظيمة , وربما تدمى قدمه من مماسة الأرض , لكن لو عوَّد نفسه على الخشونة وعلى ترك الترفه دائما , لحصل له خير كثير .
ثم إن البدن إذا لم يعود على مثل هذه الأمور لم يكن عنده مناعة , فتجده يتألم من أي شيء من ذلك , لكن إذا كان عنده مناعة لا يهتم له ولهذا تجد أيدي العمال الآن أقوى بكثير من أيدي طلبة العلم , لأنها تعودت واعتادت على ذلك حتى إن بعض العمال فيما سبق لما كانوا يعانون الطين واللبن إذا مسست أيديهم كأنما مسست حجرا من خشونتها , لو أنه ضم أصابعه على يدك لآلمك كثيرا لإنه اعتاد على ذلك.
فترفيه الإنسان نفسه كثيرا لا شك أنه ضرر عليه كبير .
قوله : " البذاذة من الإيمان " ما هي البذاذة ؟
البذاذة : عدم التنعم والترفه , وليست البذاءة , فرق بين البذاءة وبين البذاذة .
البذاءة صفة غير محمودة , أما البذاذة فهي صفة محمودة .
وخذ بوصيه أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه المشهور، وفيه: وإياكم وزي العجم .
هذه الجمله تحذيرية , لأن العرب عندهم جمل تحذيرية وعندهم جمل إغرائية . فإن وردت في مطلوب فهي إغراء , وإن وردت في محذور فهي تحذير .
فلو قلت لشخص : الأسد الأسد , هذا تحذير .
وإن قلت : الغزال الغزال, هذا إغراء .
أما "إيَّا" فهي للتحذير .
قال ابن مالك :
إياك والشر ونحوه نصب = محذر بما استتاره وجب
ومعنى إياكم : أحذركم .
والتنعم : هذه الواو للعطف , وقيل للمعية , والمعنى : أحذركم مع التنعم يعني أن تكونوا مع التنعم , التنعم باللباس وبالبدن وكل شيء, والمراد بذلك كثرته .
لأن التنعم بما أحل الله على وجه لا إسراف فيه , من الأمور المحمودة بلا شك .
ومن ترك التنعم بما أحل الله من غير سبب شرعي , فهو مذموم .
وقوله: وزي العجم ، ما هو زي العجم ؟ شكله . سواء كان ذلك في الحلية كشكل الشعر شعر الرأس أو اللحية أو ما أشبه ذلك أو كان باللباس يعني بالتحلي باللباس. فإننا منهيون عن زي العجم , وليس المراد بالعجم أمة إيران بل المراد بالعجم كل ما سوى العرب فيدخل فيه الأوربيون والشرقيون في آسيا وغيرها, كل من سوى العرب فهو عجم لكن المسلم من العجم التحق بالعرب حكما لا نسبا , لأنه اقتدى بمن بعث في الأميين رسولا , صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
تمعددوا : هل معناه كبروا معدتكم؟!لا، معد بن عدنان هذا أعلى أجداد الرسول عليه الصلاة والسلام بعد عدنان وهو ولا شك من صميم العرب فكأنه يقول: اتركوا زي العجم وعليكم بزي العرب "معد بن عدنان"
وأما اخشوشنوا : فهو من الخشونة التي هي ضد الليونة والتنعم .
وكل هذه وصايا نافعة من عمر رضي الله عنه , لو أن الناس عملوا بها , سواء من طلبة العلم أو غير طلبة العلم , لكان في هذا خير كثير .
لكن الآن في البلاد التي منَّ الله عليها بالأمن وطيب العيش وكثرة المال , صار الأمر بالعكس تماما, فالتنعم موجود لا يريد الإنسان إلا أن يركب مركبا مريحا ويبني قصرا مشيدا ولا يناله شيء من الأذى لا برد في برد ولا حر في حر ولا يريد أن يمسه شيء متنعم تماما.
ولهذا كثرت فيهم الأوبئة التي تترتب على عدم الحركة , مثل السمنة والضغط وضيق التنفس وعدم القدرة ، يعني بعض الناس تجد الشاب تصعد أنت وهو الجبل ،لا ينتصف الجبل إلا وقد سارع نَفَسُه حتى يكاد يسقط بدنه, وأنت مستريح لأنك تعودت وهو لم يتعود مع أنه شاب لكن لم يعود نفسه , زي العجم الآن موجود يترقبون كل موضة تخرج حتى يقلدوها , وقد أتعبت النساء رجالها في هذا الباب تجدها تأتي صباح النهار كل يوم بلباس من أحسن الألبسة نظيف، ساتر , ثم تنزل إلى السوق في آخر النهار فإذا بموضة جديدة , فتصيح أريد أن أشتري هذا الثوب مع أنه أضيق من الأول وأسوأ من الأول ولكن هذا شيء جديد، لا بد من الإعجاب به لا بد من أن تأخذ منه , خصوصا من منَّ الله عليها بالمال كبعض المدرسات وغيرهم , فتجدها لا يهمها تشتري ما تريد , وهذا غلط .
ولهذا كثرت الآن بين أيدي النساء مجلات تسمى البردة , تأخذها المرأة وتنظر ما يروق لها حتى وإن كان لباسا لا يتناسب مع اللباس الشرعي , لكنه جديد، نسأل الله السلامة والهداية .
القارئ :
وعليه فازْوَرَّ عن زَيْفِ الحضارةِ فإنه يُؤَنِّثُ الطِّباعَ ويُرْخِي الأعصابَ ويُقَيِّدُك بِخَيْطِ الأَوْهَامِ ويَصِلُ المُجِدُّونَ لغاياتِهم وأنتَ لم تَبْرَحْ مكَانكَ، مَشْغُولٌ بالتأَنُّقِ في مَلْبَسِكَ وإن كان منها شِيَاتٌ ليست مُحَرَّمَةً ولا مَكروهةً لكن ليست سَمْتًا صالحًا والحِلْيَةُ في الظاهرِ كاللِّباسِ عُنوانٌ على انتماءِ الشخصِ بل تَحديدٌ له ، وهل اللِّباسُ إلا وَسيلةٌ من وسائلِ التعبيرِ عن الذاتِ ؟!
فكُنْ حَذِرًا في لِباسِكَ؛ لأنه يُعَبِّرُ لغَيْرِكَ عن تَقْوِيمِك في الانتماءِ والتكوينِ والذوْقِ ، ولهذا قِيلَ : الْحِلْيَةُ في الظاهِرِ تَدُلُّ على مَيْلٍ في الباطِنِ والناسُ يُصَنِّفُونَكَ من لِباسِك بل إنَّ كيفِيَّةَ اللُّبْسِ تُعْطِي للناظِرِ تَصنيفَ اللابسِ من : الرصانةِ والتعَقُّلِ أو التَّمَشْيُخِ والرَّهْبَنَةِ أو التصابِي وحُبِّ الظهورِ، فخُذْ من اللِّباسِ ما يَزينُك ولا يَشينُك ولا يَجْعَلْ فيكَ مَقالًا لقائلٍ ولا لَمْزًا لِلَامِزٍ ، وإذا تلاقَى مَلْبَسُك وكيفيَّةُ لُبْسِك بما يَلتَقِي مع شَرَفِ ما تَحْمِلُه من العِلْمِ الشرعيِّ كان أَدْعَى لتعظيمِك والانتفاعِ بعلْمِك، بل بِحُسْنِ نِيَّتِك يكونُ قُرْبَةً إنه وسيلةٌ إلى هِدايةِ الْخَلْقِ للحَقِّ . وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ " أَحَبُّ إليَّ أن أَنْظُرَ القارِئَ أبيضَ الثيابِ " . أي : ليَعْظُمَ في نفوسِ الناسِ فيَعْظُمَ في نفوسِهم ما لَدَيْهِ من الْحَقِّ .
والناسُ – كما قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى – كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . فإيَّاكَ ثم إيَّاكَ من لِباسِ التصابِي، أمَّا اللِّباسُ الإفرنجيُّ فغَيرُ خافٍ عليك حُكْمُه ، وليس معنى هذا أن تأتِيَ بلِباسٍ مُشَوَّهٍ لكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برَسْمِ الشرْعِ ، تَحُفُّه بالسمْتِ الصالحِ والْهَدْيِ الْحَسَنِ .
وتَطْلُبُ دلائلَ ذلك في كتُبِ السنَّةِ والرِّقاقِ ، لا سِيَّمَا في - الجامعِ -للخطيبِ .
ولا تَسْتَنْكِرْ هذه الإشارةَ فما زالَ أهلُ العِلْمِ يُنَبِّهُون على هذا في كُتُبِ الرِّقاقِ والآدابِ واللِّباسِ ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ :
لما ذكر , وفقه الله , هجر الترفه , أطنب في ذكر اللباس , لأن اللباس الظاهر عنوان على اللباس الباطن .
ولهذا يمر بك رجلان كلاهما عليه ثوب مثل الآخر, فتزدري أحدهما ولا تهتم بالآخر, تزدري بمن لباسه ينبغي أن يكون على غير هذا الوجه . إما في الكيفية وإما في اللون وإما في الخياطة أو غير ذلك , والثاني لا ترفع به رأسا ولا ترى في لباسه بأسا , لأن لكل قالب ما يناسبه .
مثلا لبس العقال : هو في الأصل لا بأس به , بل إن بعضهم يقول: إنه العمامة العصرية , العمامة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانت لفافة تطوى على الرأس وتحتاج إلى تعب في طيها ونقلها, لكن هذا مطوي جاهز ليس عليك إلا أن تضعه على رأسك , فهو العمامة إلا أنها عمامة ميسرة , ولهذا كان بعض الناس فيما سبق يجعلون " العُقُل " يجعلونها بيضاء لتكون كالعمامة تماما , هذه العُقُل لا يلبسها كل الناس على حد سواء , يمر بك رجلان كلاهما قد لبس العقال أحدهما تزدريه والثاني لا تهتم به , لأن الأول لبس ما لا يلبسه مثله والثاني لبس ما يلبسه مثله ولا تهتم به .
وأشياء كثيرة من هذا النوع، مر بك رجلان أحدهما ميكانيكي عليه بنطلون ومر بك عالم كبير عليه بنطلون في بلد لا يلبس العلماء مثله, تجد أنك تزدري الثاني ولا تزدري الأول .
فالمهم أن الشيخ وفقه الله , يقول إن بعض الناس يكون مشغولا بالتأنق في ملابسه , حتى وإن كانت مباحة , فلا ينبغي أن يكون أكبر همك الهندمة والتأنق في اللباس , والتأنق في لبس الغترة "واجعلها مرزاب لا مرزابين ولا ثلاثة" لا تهتم بهذا , ولكن لا تكون أيضا بالعكس , لا تهتم بنفسك ولا بلباسك , وقد سبق أن التجمل في اللباس مما يحبه الله عز وجل , وهذا عمر رضي الله عنه يقول : أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب . لأنه جمال.
وقول الشيخ بكر أبي زيد , وفقه الله : (إنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق)؛ هذا أيضا صحيح لأن كل إنسان قد يزن من لاقاه بحسب ما عليه من اللباس , كما أنه يزنه بالنسبة لحركاته وكلامه وأقواله , وخفته ورزانته كذلك في اللباس .
ثم حذر من لباس التصابي، قبلها كلام شيخ الإسلام أيضا كلام مهم: الناس كأسرابِ الْقَطَا ، مَجبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببَعْضٍ . وهذا صحيح ولذلك إذا ظهر نوع جديد من اللباس تجد الناس يتقاطرون عليه فما تلبث أن يسع الناس كلهم .
أما لباس التصابي , بأن يلبس الشيخ الكبير سنا ما يلبسه الصبيان , من رقيق الثياب وما أشبه ذلك فهذا أيضا من الأمور التي لا ينبغي للإنسان أن يمارسها .
أما اللباس الإفرنجي فغير خاف عليك حكمه , ما هو حكمه ؟
التحريم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من تشبه بقوم فهو منهم" .
لكن ما هو اللباس الإفرنجي ؟ اللباس الإفرنجي هو المختص بهم بحيث لا يلبسه غيرهم , وإذا رآه الرائي قال: إن لابسه من الإفرنج , وأما ما كان شائعا بين الناس , من الإفرنج وغير الإفرنج , فهذا لا يكون من التشبه , لكن قد يحرم من جهة أخرى مثل أن يكون حريرا بالنسبة للرجال , أو قصيرا بالنسبة للنساء أو ما أشبه ذلك , ثم لما خاف أن يمضي الذهن بعيدا قال : وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مشوه، يعني ليس معنى ما قاله أن الإنسان يأتي باللباس المشوه كما يفعله بعض الناس , إظهارا للزهد . تجد ثوبه يشق يقول: دعه، ما يهتم به ويتسخ يقول لا يهم أنا مآلي للتراب والأرض تأكل الكفن وتوسخ الجسد ما يهم, أو مثلا يأتي وغترته غير مرتبه ولا يبالي، الجانب هذا قليل والجانب هذا كثير ويمشي بدون مبالاة هذا ليس طيبا, الإنسان ينبغي أن يعتني بنفسه ولا يأتي بما يكون هزءا في حقه, لأنه مأمور بأن يدفع الغيبة عن نفسه"رحم الله امرءا كف الغيبة عن نفسه".



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2076#.VDcl_VcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ:
قال رحمه الله
هجر الترفه:
لا تسترسل في "التنعم والرفاهية" فإنَّ "البذاذة من الإيمان" ، وخذ بوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في كتابه المشهور، وفيه:
"وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا، واخشوشنوا ..." .
وعليه، فازور عن زيف الحضارة، فإنه يؤنث الطباع، ويرخى الأعصاب، ويقيدك بخيط الأوهام، ويصل المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك، مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شيات ليست محرمة ولا مكروهة، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديد له، وهل اللباس إلا وسيلة التعبير عن الذات؟!
فكن حذراً في لباسك، لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك، في الانتماء، والتكوين، والذوق، ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك، بل إنَّ كيفية اللبس تعطي للناظر تصنيف اللابس من : الرصانة والتعقل. أو التمشيخ والرهبنة. أو التصابي وحب الظهور.
فخذ مم اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالا لقائل، ولا لمزا للامز، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعي، كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك، بل بحسن نيتك يكون قربة، إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق.
وفي المأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه :
"أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب". أي: ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق.
والناس - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - كأسراب القطا، مجبولون على تشبه بعضهم ببعض .
فإياك ثم إياك من لباس التصابي، أما اللباس الإفرنجي، فغير خاف عليك حكمه، وليس معنى هذا أن تأتى بلباس مشوه، لكنه الاقتصاد في اللباس برسم الشرع، تحفه بالسمت الصالح والهدي الحسن.وتطلب دلائل ذلك في كتب السنة الرقاق، لا سيما في "الجامع" للخطيب.
ولا تستنكر هذه الإشارة، فما زال أهل العلم ينبهون على هذا في كتب الرقاق والآداب واللباس ، والله أعلم .
الشيخ:
ذكر المؤلف ها هنا الأدب العاشر من آداب طالب العلم ، وهو ترك الاسترسال في التنعم والرفاهية ، والمراد بالتنعم استخدام أنعم ما يكون من الثياب والمراكب ونحو ذلك ، "فإنَّ البذاذة من الإيمان" ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ" والمراد بالبذاذة ترك الترفه وعدم استعمال الناعم من الملابس والمراكب ، (وجاء في كتاب عمر "إياكم والتنعم وزي العجم ، وتمعددوا" يعني : شابهوا معد بن عدنان الذي كان يترك الرفاهية في لباسه وسائر أموره ، "واخْشَوشِنوا" يعني ليكن من أموركم ما يكون مخالفا للتنعم بالخشونة.
"وعليه فازْوَرَّ عن زيف الحضارة" ، جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نام في فراشه فكان في ذلك الفراش رِمالٌ يعني : خيوط و حبال فأثَّرت فيه ، فلذلك جاءه عمر- رضي الله عنه- فبكى فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك فقال –رضي الله عنه – ملوك فارس والروم فيما هم فيه وأنت في حالك هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أَوَ في شَك أنت يا ابن الخطاب" ، فالمقصود أنَّ الإنسان يستعمل ما لديه ، يستعمل ما لديه ، فلا يتكلف في ملبسه ولا يتكلف في مركبه ولا يتكلف في أنواع الأثاث لديه ، وذلك لأنَّ التكلف في ذلك يخالف سمت طالب العلم ويجعل الناس يظنون به ظن السَّوء ، قال "وعليه" وبناءً على ما مضى "فازْوَرَّ" يعني : أعرض "عن زيف الحضارة" والمراد به الصورة الظاهرية الزائفة ، "فإنه يؤنث الطباع"يجعل الطبع مشابها لطبع من يكون رقيقا في أموره ، (وُيرخي الأعصاب) وبالتالي لا يتمكن الإنسان من كونه: يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، ولا يكون قويا في الحق ، ومثل ذلك "يقيدك بخيط الأوهام"، الناس لم يعجبهم لباسي ، الناس لم يكن ثوبي حسنا
عندهم ، الناس لم يُعجبوا بالرائحة التي استعملتها ، وبالتالي يكون همه في هذه الأمور الظاهرة ويترك الأمور الحقيقية التي ينبغي به أن يتوجه لها ، وبالتالي لا يتمكن المُجِدّون من الوصول لغاياتهم ؛ لأنهم اشتغلوا بالتوافه ومن ثَـمَّ يصل المُجِدّون إلى الغاية وأنت تشتغل بالصورة الظاهرة"لم تبرح مكانك" لأنك مشغول بالتأنق في الملبس ، يعني حسن اختيار أنواع الملابس ، هذا القماش هذه النوعية من القماش أفضل من تلك النوعية ، وبالتالي هذا الكبك أحسن من ذلك الكبك ، هذه الساعة خير وأحسن ، وهذا الجوال بهذه الصفة أحسن من تلك الصفة ، والنوع الفلاني من الجوالات أحسن ، ومن ثمَّ يصبح يشتغل بهذه الأمور التوافه الظاهرة ، "وإن كان منها شِيَات ليست محرمة" ، نحن لا نستطيع أن نقول إنها محرمة ، لكن طالب العلم مشتغل بما هو أعظم وأنفع وأعلى ، هو الذي قد اشتغل بما يوصله إلى جنة الخلد ، فكيف يكون مشتغلا بهذه الأمور الظاهرة. قال "وإن كان منها شيات" ، الشية هي : الأمور القليلة التي ليست بمحمودة ، ليست محرمة ولا مكروهة ، لكن ليست سمتا صالحا ، وبالتالي ليست من صفة طالب العلم ، والحلية في الظاهر كاللباس عنوان على اهتمام الشخص ، من جاء وعليه شماغ وقد زخرف ذلك الشماغ ، عَرَفت طريقته وحكمت عليه ، إذا وجدته قد لبس من الساعات المزخرفة التي فيها جذب لرؤية الآخرين عرفت توجهه وعرفت طريقته ، فالحلية في الظاهر عنوان على انتماء الشخص ، ولذلك الأشخاص في ألبستهم يذهب كل منهم إلى من يُشاكله في اللباس ، ومن هنا من لبس الملابس الكاملة ، لبس الغترة ولبس البُشت ، وجدته مع من كان بهذه الصفة ، ومن خلع العباءة وجدته مع من ماثله ، ومن خلع الغترة وجدته مع من ماثله ، وهكذا فالناس كالطيور يأتون إلى من يماثلهم في الصفة ، والطيور على أشكالها تقع.
قال "وهل اللباس إلا وسيلة من وسائل التعبير عن الذات" ، لذلك من وجدته يلبس أنواعًا من الألبسة حكمت عليه من مجرد لباسه ، "فكن حذرا في لباسك ؛ لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك" ، فالناس يحكمون عليك من خلال ما تلبَسه ، سواءً في "انتمائك"إلى من تنتمي ، وكذلك في (تكوينك) ما هي شخصيتك ؟ ، يعرفونها من اللباس ، وكذلك في "ذوقك" فيعرفون ما هو ذوقك؟ ، وما الذي تشتهيه وما لا تشتهيه من خلال رؤية لباسك ، وانظر إلى نفسك كم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة ارتاحت نفسك إليه ، وكم من شخص بمجرد رؤيته الظاهرة اشمأزت نفسك منه وابتعدت عنه كل الابتعاد ، و هذا تجدونه ، ولهذا قيل "الحلية في الظاهر" ، ما تظهره من حليتك ولباسك "تدل على ميل في الباطن ، والناس يصنِّفونك من لباسك ، بل إنَّ كيفية اللُّبس تعطي للناظر تصنيف اللابس" ، نلبس جميعا هذه الكوفية - الغترة - ومع ذلك يحكم الناس علينا بأحكام مختلفة لطريقة اللُّبس ؛ فهذا يصفونه بالعقل والحكمة وهذا يصفونه بالطيش من مجرد لبسته لهذا النوع من أنواع اللباس ، وهكذا أيضا بلباسك يحكمون هل أنت شيخ؟ ، هل أنت ممن يُقبل على الخير أم أنت ممن يُقبل على الشر؟ ، هل أنت ممن يتصابى ويحاول أن يُظهر نفسه بمظاهر الصبيان وصغار السن؟ ، هل أنت ممن يحب الظُّهور ويحب لَفت الأنظار إليه أو لا؟ ، فحينئذٍ خذ من اللباس ما يكون مزيِّنًا لك عند الله – جل وعلا- ومبعدًا لقالة السوء ومظنة السوء فيك ، واترك ما يَشينك من اللباس ، لكن لا يعني هذا أن يلبس الإنسان الثياب المُخَرَّقة ، أو يلبس الثياب المتسخة ، أو يلبس ما لا يعتاده الناس من اللباس ، و إنما يلبس ما يكون معتادًا عند أهل الخير والصلاح من اللباس ، ويَتَزيَّى بزيِّهم ، ولذلك لم يخالف النبي صلى الله عليه وسلم في لباسه طريقة أهله وقبيلته ، لبس مثل لباسهم لكن على صفة محمودة ، ولذلك حتى فيما يتعلق في طريقة لبسه تدل على العقل والرزانة.
اللباس إذا لم يكن على الصفة المعهودة جعل للناس فيك مقالا ، ومنها إذا جاء طالب علم لبس في كوفيته من أنواع الزري ، وجعل في ثوبه أنواع المخططات التي تكون لافتة للنظر ، فحينئذ هذا ليس لائقًا به وليست هذه اللِّبسة من ملابس أهل الفضل والعلم ، وهذه قد تجعل الناس يتكلمون فيه ويلمزونه ومن ثَمَّ لايَقبلون ما لديه من العلم ، وإذا تلاقى ملبسك وكيفية نوع المَلبس وكيفية اللُّبس – طريقة اللُبس- بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم ، انتفع الناس بك وأخذوا منك العلم ، وإذا أحسنت النية في لباسك وفي اختيار نوعه ، كان ذلك سببًا للحصول على الأجر من جهة ، وسببًا لقبول الناس منك وأخذهم الحق عنك.
قال عمر "أَحَبُّ إليَ أن أنظرَ القارئَ أبيض الثياب" ، ولهذا جاء في الحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر باختيار الثياب البيضاء وقال "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبِيضَ وَكَفِّنُوا فِيه مَوْتَاكُم"، وهذا لأنَّ الثوب الأبيض يجر النفوس إليه ، وترتاح العين برؤيته ، ويسكن القلب بالاطلاع على صاحبه ، قال "والناس كما قال شيخ الإسلام كأسراب القطا" ،- القطا نوع من أنوا ع الطيور- "مجبولون على تشبه بعضهم ببعض" ، فطائر القطا إذا فعل واحد منهم شيئًا فعل البقية مثل فعله ، تجدونهم في أول النهار إذا صوَّت واحدٌ منهم لجَّت أصواتهم في وقت واحد ، ثم قال "فإياك" - يعني احذر- "من لباس التصابي" ، لِبس مثل لبس الصبيان بحيث يظن الناس أنك صغير السن ، ثم ذكر المؤلف اختيار الألبسة التي تكون من بلدان أخرى فهذا ليس من شأن طالب العلم ، وإن كان إذا ذهب إليهم قد يلبَس مثل لباسهم ، مثال هذا : لباس أهل الخليج يخالفوننا في بعض الصفات ، فحينئذ لا ينبغي لطالب العلم أن يلبس مثل لباسِهم عند أصحابه وجماعته وأهل بلده لماذا؟ ، لأنَّ الناس يلتفتون إلى هذا ويكون مثارًا لكلامهم وحديثهم فينصرفون عن علمك وعن حديثك إلى الاطِّلاع على لباسك ، وهكذا مثلا لباس أهل باكستان لا يلبسه طالب العلم ، لماذا؟ لأنه ليس من الألبسة المعتادة ، وهكذا أيضا اللباس الذي يكون للكفار فإنَّ المؤمن حريص على الابتعاد عن التشبه بغير المسلمين ، وقد ورد في أحاديث كثيرة أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم - نهى عن التشبه باليهود ، وعن التشبه بالنصارى ، وعن التشبه بالأعاجم ، وعن التشبه بالمجوس ، و "ليس معنى هذا أن يأتي الإنسان بلباس مشوَّه" إما وسخ وإما مُقطع فإنَّ هذا من لباس الشهرة ، ومن هنا فإنه يُنهى عنه ، وقد ورد في الحديث النهي عن لباس الشهرة ، و"لكنه الاقتصاد في اللباس" أيضا يجتنب الإنسان ذلك اللباس الذي له أثمان كثيرة فإنَّ هذا إسراف؛ والإسراف منهي عنه في الشريعة ، وبالتالي إذا التزم الإنسان بهذه الآداب كان متصفا بالسمت الصالح والهدي الظاهر الحسن ، وأهل العلم قد كتبوا لذلك أمثلة في كتب الرقائق وكتب السنة ، وقد أَلَّف عدد من الأئمة كتبًا في هذا ، وألَّفوا في الزهد كتبًا عديدة ، ومثَّل المؤلف لذلك بكتاب الجامع لآداب الراوي والسامع للخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - ، لا يقولنَّ قائل : ما مدخل هذا في آداب طالب العلم ؟ ، فنقول :
أولا : النصوص الشرعية قد وردت بهذه الآداب.
وثانيا : الناس عند التزام هذه الآداب يُقبلون على علم ذلك المُتعلم .
وثالثا : الناس ينفرون ممن لم يتصف بهذه الآداب ولا يَقبلون منه علما .
ورابعا: أنَّ لبس ما يُخالف ما تقدم يُعدُّ من أنواع الشهرة التي تورث في النفس ترفعًا وتكبرا ، و طالب العلم ينبغي به أن يعالج نفسه.
هذا شيءٌ مما يتعلق بهذه الصفة من صفات طالب العلم ، و أسأل الله - جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .....، وأسأله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن اتصف بصفات طلاب العلم ، ولعلنا إن شاء الله نأخذ شيئا من الأسئلة لا تزيد عن سؤالين.

الأسئلة:
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول :"فضيلة الشيخ هل تذكر لنا بعض الحرف المهينة ......؟
الشيخ : الحرف المهينة التي يترفع عنها طالب العلم تختلف ما بين زمان وزمان ومكان ومكان ؛ عندنا سابقًا من كان يشتغل في الصناعة أو لديه عمال يعملون في صناعة شيء عدَّوا هذا حرفة مهينة ، والآن وجدنا تجارًا وأناسًا لهم مكانة عندهم مصانع مختلفة ، ولذلك مثلا عندنا مهنة الحلاق ، هل يليق بطالب العلم في مجتمعنا أن يكون حلاقًا؟ ، أو يكون حجَّامًا؟ هذا ليس مما يليق بطالب العلم في مواطننا وفي أزمنتنا ، لكن في بلدان أخرى قد يكون هذا أمرا غير مخالف لصفات المروءة.
السائل : أحسن الله إليكم هذا سائل يقول : ما حكم جلوس المرأة مع أهل بيتها وهي بكامل زينتها لابسة البرقع وبحضور زوجها علما بأنَّ زوجها ... قد يكون من أطراف الحديث؟
الشيخ: الأصل أنَّ المرأة المسلمة حريصة على صيانة نفسها لا تقوم بالاتِّصاف بما يُظهر شيئا من زينتها ، لا يجوز لها أن تتعطر عند غير محارمها ؛ أخ الزوج وابن أخ الزوج وعم الزوج أجانب عنها ، ومن هنا تعاملهم بمعاملة الأجانب ؛ لا تتعطر لديهم ولا تتبذل في الحديث والضحك معهم ولا تقوم بإظهار شيء من زينتها سواءً الذهب ، أو ما يتعلق بالثياب الحسنة الملفتة للذهن ، كذلك تجتنب المرأة عند هؤلاء المحارم إظهار شيء من بدنها ، والنصوص في هذا كثيرة ، نسأل الله -جل وعلا- أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى ، وأن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصةً لوجهه ، اللهم ارزقنا علمًا نافعا وعملا صالحا ، هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2076#.VDcl_VcR3gE)
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال:
تمعددوا ؟
سمعت أنها مأخوذة من معد بن يكرب
إن كان ذلك صحيحا .. فما كان فعله ؟
الجواب :
"وتمعددوا واخشوشنوا"قالها عمر بن الخطاب في وصيته للمقاتلين بأذربيجان ، وقد رواهالنسائي من حديث أبي عثمان النهدي عن عمر ورواه أبو عوانة والطبراني مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حدرد الأسلمي .
قال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: يقال : تَمَعْدَدَ الغلامُ إذا شَبَّ وغَلُظَ .
وقيل : أراد تَشَبَّهوا بعَيْشِ مَعَدِّ بنِ عدنان . وكانوا أهلَ غِلَظٍ وَقَشف : أي كونوا مثْلَهم ودَعُوا التَّنَعُّم وزِيَّ العَجَم
- ومنه حديثه الآخر" عليكم باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة " أي خُشُونة اللِباس.
وقال حسان بن ثابت:


فحاضرنا يكفوننا ساكن القرىوأعرابنا يكفوننا من تمعـددا




هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2076#.VDcl_VcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:36 AM
11-الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ

لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2077#.VDcofFcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الحادي عشر: الإعراضُ عن مَجَالِسِ اللَّغْوِ :
لا تَطَأْ بِساطَ مَن يَغْشُونَ في نادِيهم الْمُنْكَرَ ، ويَهْتِكُون أستارَ الأَدَبِ مُتَغَابِيًا عن ذلك ، فإنْ فعَلْتَ ذلك فإنَّ جِنايَتَكَ على العِلْمِ وأَهْلِه عظيمةٌ .
الشيخ:
أما قوله"الإعراض عن مجالس اللغو" فاللغو نوعان: لغو ليس فيه فائدة ولا مضرة، ولغو فيه مضرة أما الأول فلا ينبغي للعاقل أن يُذهب وقته فيه لأنه خسارة وأما الثاني فإنه يحرم عليه أن يمضي وقته فيه لأنه منكر محرم والمؤلف كأنه حمل الترجمة على المعنى الثاني الذي هو اللغو المحرم ولا شك أن المجالس التي تشتمل على المحرم لا يجوز للإنسان أن يجلس فيها لأن الله تعالى يقول" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا "النساء :140 " فمن جلس مجلسًا منكرًا وجب عليه أن ينهى عن هذا المنكر فإن استقامت الحال فهذا المطلوب وإن لم تستقم وأصروا على منكرهم فالواجب أن ينصرف خلافا لما يتوهمه بعض العامة يقول: إن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال"فإن لم يستطع فبقلبه " وأنا كاره لهذا المنكر في قلبي وهو جالس مع أهله فيقال له: لو كنت كارهًا له حقًا ما جلست معهم لأن الإنسان لا يمكن أن يجلس على مكروه إلا إذا كان مكرها، أما شيء تكرهه وتجلس باختيارك فإن دعواك كراهته ليست بصحيحة، وقوله"فإن فعلت ذلك فإن جنايتك على العلم وأهله عظيمة"أما كونه جنايته على نفسه فالأمر ظاهر، يعني لو رأينا طالب علم يجلس مجالس اللهو واللغو والمنكر فجنايته على نفسه واضحة وعظيمة، لكن كيف تكون جناية على العلم وأهله ؟ لأن الناس يقولون: هؤلاء طلبة العلم، هؤلاء العلماء، هذا نتيجة العلم، وما أشبه ذلك فيكون قد جنى على نفسه وعلى غيره.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2077#.VDcofFcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين أما بعد :
فلا زلنا في سياق الكلام عن آداب طلب العلم حيث بحثنا عشرة آداب في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ، ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل الحديث في ذلك ، نعم
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :......
الإعراض عن مجالس اللغو:
لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر ، ويهتكون أستار الأدب ، متغابياً عن ذلك ، فإن فعلت ذلك ، فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة.
الشيخ :
إذن هذا هو الأدب الحادي عشر الإعراض عن مجالس اللغو ، والمراد باللغو ما يشين الإنسان من أنواع الكلام ، قال تعالى "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ "1" الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ "2" وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" ، و بعض أهل العلم يقول : إنّ المراد باللغو مالا فائدة له من الكلام ، وكلاهما قد يكون مرادا هنا فطالب العلم يحفظ وقته؛ ومن حفظه لوقته أن يعرض عن مجالس اللغو ليستعمل وقته في طاعة الله جل وعلا .
قال المؤلف "لا تطأ بساط من يغشون في ناديهم المنكر" المراد بالمنكر المعصية فإنه لا يجوز للإنسان أن يجلس في مجلس يعصى الله فيه وهو قادر على ترك ذلك المجلس ، قال تعالى "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" ، وقال جل وعلا "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" ، وجاء في سنن أبي داود "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس المؤمن على مائدة يدار فيها الخمر" وهكذا بقية أنواع المعاصي ، قال المؤلف "متغابيًا عن ذلك" يعني : لا تجلس في ذلك المجلس الذي فيه معصية وفيه هتك لستر الأدب "متغافلا عنه" غير ملتفت إليه ، فإن فعلت ذلك فجلست في هذه المجالس فإنّ جنايتك على العلم وأهله عظيمة ، لأنّ الناس يزدرون يهتكون أستار الأدب مع أهل العلم ولا يقيمون لهم وزنا ، ويكون ذلك سببا من أسباب انتشار المعاصي والمنكرات لأنهم إذا رَأَوْا طلبة العلم يجلسون في مجالس المعصية ولا ينكرونها فعل أهل المعاصي تلك المعاصي في الظاهر ولم يختفوا بها ، و من قواعد الشريعة الترغيب في عدم إظهار المنكرات وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "كل أمتي معافى إلا المجاهرون". أخرجه البخاري عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رقم 6069.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2077#.VDcofFcR3gE)
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد
السؤال الأول : في الاعراض عن مجالس اللغو هناك من يحتج بحديث بانت سعاد وان القصيده بها من الغزل ما لم ينكره صلى الله علية وسلم، فما توجيهكم؟
الجواب : مطلع البردة ليس بغزل وإنما هو أسى على فراق زوجته بسبب محنته ، وقد أدخل بعض الرواة أبياتاً فيها ليست منها ، وما استفاضت روايته من أبياتها فليس فيه تشبب منكر، ولا تزيين للفاحشة ولا دعوة للباطل.
وإنما هو يعرض شكايته ومحنته على النبي صلى الله عليه وسلم. هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2077#.VDcofFcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:43 AM
12-الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ

التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" إنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا - القاموسُ – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ - القاموسَ - وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ" أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2078#.VDcqG1cR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثاني عشر الإعراضُ عن الْهَيْشَاتِ :
التَّصَوُّنُ من اللَّغَطِ والْهَيْشَاتِ ، فإنَّ الغَلَطَ تحتَ اللَّغَطِ ، وهذا يُنافِي أَدَبَ الطَّلَبِ .
الشيخ:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في الحديث التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول: هناك فرق بين الاختبار والممارسة يعني لو ذكر لك أن في السوق الفلاني كذا وكذا فهنا لا حرج عليك أن تذهب وتختبر بنفسك لكن لو كان جلوسك في هذا السوق مستمرا تمارسه كل عصر تروح تجلس في هذا السوق لكان هذا خطأ بالنسبة لك لأنه إهانة لك ولطلب العلم ولطلبة العلم عموما وللعلم الشرعي أيضا .
القارئ:
ومن لَطيفِ ما يُسْتَحْضَرُ هنا ما ذَكَرَه صاحبُ " الوَسيطِ في أُدباءِ شِنْقِيطَ " وعنه في" مُعْجَمِ الْمَعاجِمِ " .
" أنه وَقَعَ نِزاعٌ بينَ قَبيلتينِ ، فسَعَتْ بينَهما قَبيلةٌ أُخرى في الصُّلْحِ فتَرَاضَوْا بِحُكْمِ الشرْعِ وحَكَّمُوا عالِمًا فاستَظْهَرَ قتلَ أربعةٍ من قبيلةٍ بأربعةٍ قُتِلُوا من القبيلةِ الأخرى ، فقالَ الشيخُ بابُ بنُ أحمدَ : مثلُ هذا لا قِصاصَ فيه . فقالَ القاضي : إنَّ هذا لا يُوجَدُ في كتابٍ .فقالَ : بل لم يَخْلُ منه كتابٌ . فقالَ القاضي : هذا "القاموسُ " – يعني أنه يَدْخُلُ في عُمومِ كتابٍ - .
فتَنَاوَلَ صاحبُ الترجمةِ " القاموسَ " وَأَوَّلَ ما وَقَعَ نَظَرُه عليه " والْهَيْشَةُ الفتنةُ وأمُّ حُبَيْنٍ وليس في الْهَيْشاتِ قَوَدٌ " أي : في القتيلِ في الفِتنةِ لا يُدْرَى قاتِلُه فتَعَجَّبَ الناسُ من مِثْلِ هذا الاستحضارِ في ذلك الموقِفِ الْحَرِجِ " اهـ ملَخَّصًا .
الشيخ:
هؤلاء قبائل جرى بينهم فتنة فقتل من إحدى القبيلتين أربعة رجال فحضروا إلى القاضي فقال الشيخ واسمه باب بن أحمد: مثل هذا لا قصاص فيه قال القاضي الحاكم: إن هذا لا يوجد في كتاب، يعني أين الدليل على أنه لا قصاص فيه؟ لا يوجد، في أي كتاب أنه لا قصاص في ذلك، فقال الشيخ باب بن أحمد: بل لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، يعنى أنه يدخل في عموم كتاب وهو قول باب بن أحمد: لم يخل منه كتاب كلمة -م يخل منه كتاب- كلمة كتاب عامة تشمل كل الكتب، كتب الفقه والعقيدة والنحو والأدب وكل شيء؛ لأن كتاب نكرة في سياق النفي فتكون للعموم وهو يقول لم يخل منه كتاب، فقال القاضي: هذا القاموس، القاضي الآن يعني عنده ثقة بنفسه أنه لن يوجد في القاموس حكم هذه المسألة؛ لأن القاموس كتاب لغة وليس كتاب فقه، قال القاضي هذا القاموس وأنت تقول: لا يخلو منه كتاب، هذا القاموس أعطني إياها، يقول فتناول صاحب الترجمة القاموس وأول ما موقع نظره عليه والهيشة فتنة وأم حبين وليس في الهيشات قود، فأخذ من كتاب القاموس أن حكم القاضي بأنه يقتل من القبيلة الأخرى أربعة خطأ .
هذا معنى هذه القصة. أي: في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج انتهى ملخصًا .
الهشية الفتنة وأم حبين من يعرف أم حبين ؟ هي دويبة لكنها تشبه الخنفساء، دوبية يعني ليست من الدواب القوية لكنها على كل حال هي دويبة من الحشرات .



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2078#.VDcqG1cR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
الإعراض عن الهيشات : التصون من اللغط والهيشات ، فإنّ الغلط تحت اللغط ، وهذا ينافي أدب الطلب.ومن لطيف ما يستحضر هنا ما ذكره صاحب "الوسيط في أدباء شنقيط" وعنه في "معجم المعاجم":"أنه وقع نزاع بين قبيلتين ، فسعت بينهما قبيلة أخرى في الصلح ، فتراضوا بحكم الشرع ، وحكموا عالماً ، فاستظهر قتل أربعة من قبيلة بأربعة قتلوا من القبيلة الأخرى ، فقال الشيخ باب بن أحمد : مثل هذا لا قصاص فيه. فقال القاضي : إنّ هذا لا يوجد في كتاب. فقال : بل لم يخل منه كتاب. فقال القاضي : هذا "القاموس" يعنى أنه يدخل في عموم كتاب - فتناول صاحب الترجمة "القاموس" وأول ما وقع نظره عليه : "والهيشة : الفتنة ، وأم حبين ، وليس في الهيشات قود" ، أي : في القتيل في الفتنة لا يدرى قاتله ، فتعجب الناس من مثل هذا الاستحضار في ذلك الموقف الحرج"اهـ ملخصاً.

الشيخ :
إذن هذا أدب من آداب طالب العلم أنه يتصون عن اللغط والهيشات ،والمراد بالهيشات : ما يحصل من الخصومات والتجمعات التي يكون فيها كلام بعض الناس على بعض وما لا يمكن ضبطه و لا تعرف عاقبته ، فإنّ دخول طلبة العلم في الهيشات ينتج عنه أنّ الناس قد يعتدون عليهم ، وقد يتكلمون فيهم ، وقد يكون ذلك سببا من أسباب احتقارهم وعدم معرفة ما لديهم من علم يستوجب رفع مكانتهم و الأخذ منهم ، وذكر المؤلف هنا ما يتعلق بهذا النداء الذي وقع بين هاتين القبيلتين ، نعم.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2078#.VDcqG1cR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:49 AM
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : الإعراض عن الهيشات ، ما المراد بها ؟
الجواب : الهيشة والهوشة بالياء والواو هي المنازعة التي تفضي إلى تسابّ أوتضارب أوتقاتل ،فتختلف درجتها باختلاف ما تؤدي إليه وكلها يشملها اسم الهوشة والهيشات وجمعها: هيشات وهوشات.

السؤال الثاني : لم أفهم هذا الكلام :
اقتباس:
الهيشات يعني بذلك هيشات الأسواق كما جاء في التحذير منها لأنها تشتمل على لغط وسب وشتم
وبعض طلبة العلم يقول أنا أقعد في الأسواق من أجل أن أنظر ماذا يفعل الناس؟ وماذا يكون بينهم؟ فنقول:
هناك فرق بين الاختبار والممارسة
الجواب : يقصد بالممارسة أن يكون من عادة طالب العلم أن يكثر الجلوس في الأسواق من غير حاجة لشراء أو بيع ، وإنما رغبة في تزجية الوقت وملاحظة الناس ؛ فهذا مذموم ، وليس من أدب طالب العلم أن يكون بهذه الحالة، وهذا فيه امتهان لقدره.
وأما الاختبار فقصد به لو أن أحدًا أخبره عن حدث حصل في السوق فذهب ليختبر صدق الخبر ويتحقق منه فهذا يختلف عن الأول ، وقد يكون مطلوبًا إذا كان يترتب على ذلك إنكار منكر أو نصرة مظلوم أو إعانة محتاج، وإذا كان لغرض الفرجة فقط لم يكن فيه فضيلة ، بل هو إلى المنع أقرب لئلا يطلع من الناس على ما يكرهون فيعاقب بذلك في بعض شأنه.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2078#.VDcqG1cR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 02:59 AM
13- التحَلِّي بالرِّفْقِ
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الثالث عشر التحَلِّي بالرِّفْقِ :
الْتَزِم الرِّفْقَ في القوْلِ ، مُجْتَنِبًا الكلمةَ الجافيةَ فإنَّ الْخِطابَ اللَّيِّنَ يتَأَلَّفُ النفوسَ الناشِزَةَ .
وأَدِلَّةُ الكتابِ والسنَّةِ في هذا مُتكاثِرَةٌ .
الشيخ:
هذا من أهم الأخلاق لطالب العلم سواء أكان طالبا أم مطلوبا أي: معلما فالرفق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام"إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله وما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء وإلا شانه"لكن لا بد أن يكون الإنسان رفيقًا من غير ضعف أما أن يكون رفيقًا يُمتهن ولا يؤخذ بقوله ولا يهتم به فهذا خلاف الحزم لكن يكون رفيقًا في مواضع الرفق وعنيفًا في مواضع العنف ولا أحد أرحم من الخلق من الله عز وجل ومع ذلك يقول"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" فلكل مقام مقال لو أن الإنسان عامل ابنه بالرفق في كل شيء حتى فيما ينبغي فيه الحزم ما استطاع أن يربيه، لو كان ابنه مثلا كسر الزجاج وفتح الأبواب وشق الثياب ثم جاء الأب ووجده على هذه الحال قال : يا ولدي ما يصلح هذا لو شققته يتلف ولو كسرته تكون خسارة علينا وقمت تكلمه هكذا والولد عفريت من العفاريت، يكفي هذا أم لا يكفي؟ ما يكفي كل مقام له مقال "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " لكن إذا دار الأمر بين الرفق أو العنف فما الأفضل ؟ الرفق، فإن تعين العنف صار هو الحكمة .
يقول: مجتنبًا الكلمة الجافية، هذا صحيح تجنب الكلمة الجافية والفعلة الجافية أيضا، وقوله: الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة، عندنا كلمة يقولها العامة لا أدري هل توافقون عليها أم لا: الكلام اللين يغلب الحق البين، لا بد أن نفهم المراد يغلب الحق البين يعني أن تليين الكلام للخصم ولو كان الحق معه فإنه يتنازل عن حقه، وليس معناه أن الكلام اللين يبطل الحق، يغلب الحق البين يعني فيما جاء به الخصم لأنك إذا ألنت له الكلام لان لك وهذا شيء مشاهد إذا نازعت أحدا فسيشتد عليك ويزيد وإذا ألنت له القول فإنه يقرب منك ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون حين أرسلهما إلى فرعون"فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)"طه.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
التحلي بالرفق : التزم الرفق في القول ، مجتنبًا الكلمة الجافية ، فإنّ الخطاب اللين يتألف النفوس الناشزة . وأدلة الكتاب والسنة في هذا متكاثرة.

الشيخ :
هذا هو الأدب الثالث عشر من أدب طلب العلم التحلي بالرفق ، والمراد بالرفق السهولة واللين ، و لا يعني نفي العقوبة أو نفي ما يكون مؤديا إلى أخذ الإنسان بحقوقه ، جاء في ذلك نصوص عديدة قال تعالى "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" ، وجاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه"، وقد جاء في الحديث "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب و معه عائشة رضي الله عنها فقال له نفر من اليهود فقال اليهود : السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليكم ، فقالت عائشة : بل عليكم السام واللعنة والغضب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مهلا يا عائشة ، قالت : ألم تسمع ما قالوا ، لقد قالوا السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع ما قلتْ ، قلتُ : وعليكم فيستجاب لنا ولا يستجاب لهم ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه" ، وفي الحديث الآخر "الرفق خير كله" ، جاء في عدد من الأحاديث الترغيب في لين القول وعدم إغلاظه ، ليكون ذلك سببًا في تأليف القلوب ، قال تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" ، وقال سبحانه "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا" ، الناس مهما كانت قلوبهم يتمكن طالب العلم من جلبهم بالكلمة الطيبة اللينة السهلة ، ولذلك انظر كم أثرت من كلمة في نفوس كانت بعيدة عن الخير ناشزة عنه بعيدة عن طاعة الله جل وعلا ، وكم من كلمة كانت قاسية كانت سببا من أسباب ابتعاد كثير من الناس عن طاعة الله تعالى ، والعبد يحرص على لين القول تقربا لله ، وليكون ذلك أدعى لقبول قوله لا انتصارا لنفسه ، وإنما رغبة في نشر الخير وأملا في قَبول الناس ما يقوله من دعوة إلى الله جل وعلا فيكون هذا سببًا من أسباب زيادة حسناته وعلو درجته عند الله جل وعلا ، وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة".


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 03:08 AM
14- التأمُّلُ
التَّحَلِّي بالتأمُّلِ ، فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ ".
وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا .هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:الأمر الرابع عشر:
التأمُّلُ :
التَّحَلِّي بالتأمُّلِ. فإنَّ مَن تَأَمَّلَ أَدْرَكَ ، وقيلَ " تَأَمَّلْ تُدْرِكْ " .
وعليه فتَأَمَّلْ عندَ التَّكَلُّمِ : بماذا تَتَكَلَّمُ ؟ وما هي عائدتُه ؟ وتَحَرَّزْ في العِبارةِ والأداءِ دونَ تَعَنُّتٍ أو تَحَذْلُقٍ ، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ ، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا .
الشيخ :
التأمل الذي أراده :تأمل عند الجواب كيف يكون جوابك؟ هل هو واضح لا يحصل فيه لبس أو مبهم؟ وهل هو مفصل أو مجمل؟ حسب ما تقتضيه الحال المهم التأمل يريد بذلك التأني وألا تتكلم حتى تعرف ماذا تتكلم به وماذا ستكون النتيجة؟ ولهذا يقولون: لا تضع قدمك إلا حيث علمت السلامة يعني : الإنسان يخطو ويمشي لا يضع قدمه في شيء لا يدري أحفرة هو أم شوكا أم حصى أم نارا أم ثلجا حتى يعرف أين يضع قدمه، فالتأمل هذا مهم ولا تتعجل إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ولهذا قال الشاعر الناظم :
قد يدرك المتأني بعض حاجته = وقد يكون مع المستعجل الزلل
وربما فات قوم جل أمرهم = مع التأني وكان الرأى لو عجلوا
فإذا دار الأمر بين أن أتأنى وأصبر أو أتعجل وأقدم فأيهما أقدم؟ الأول لأن القولة أو الفعلة إذا خرجت منك لن ترد لكن ما دمت لم تقل ولم تفعل فأنت حر تملك، فتأمل بماذا تتكلم به؟ وما هي فائدته؟ ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خير أو ليصمت " تحرز في العبارة والأداء وهذا أيضا من أهم ما يكون يعني : لا تطلق العبارة على وجه تؤخذ عليك بل تحرز إما بقيود تضيفها إلى الإطلاق وإما بتخصيص تضيفه إلى العموم وإما بشرط تقول إن كان كذا أو ما أشبه ذلك ولكن أقول دون تعنت أو تحذلق، تعنت يعني دون أن تشق على نفسك، النعنت من العنت أو تحذلق يعني تدعي أنك حاذق وهذا التحذلق من الحذق مع زيادة اللام وإلا فالأصل أن اللام هنا ليست موجودة في تحذلق، وتَأَمَّلْ عندَ المذاكرةِ كيفَ تَختارُ القالَبَ المناسِبَ للمعنى الْمُرادِ، لعله أراد تأمل عند المذاكرة: يعني إذا كنت تذاكر غيرك في شيء وتناظره فاختر القالب المناسب للمعنى المراد، وتَأَمَّلْ عندَ سؤالِ السائلِ كيف تَتَفَهَّمُ السؤالَ على وجْهِه حتى لا يَحْتَمِلَ وَجهينِ ؟ وهكذا، وكذلك أيضا في الجواب وهو أهم لأن السؤال يسهل على المسؤول أن يستفهم من السائل: ماذا يريد ؟ أريد كذا وكذا فيتبين الأمر لكن الجواب إذا وقع مجملا فإنه يبقى عند الناس على تفاسير متعددة كل إنسان يفسر هذا الكلام بما يريد وبما يناسبه.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ :
قال المؤلف ...
التأمل : التحلي بالتأمل ، فإنّ من تأمل أدرك ، وقيل:"تأمل تدرك" . وعليه ، فتأمل عند التكلم : بماذا تتكلم ؟ وما هي عائدته ؟ وتحرز في العبارة والأداء دون تعنت أو تحذلق ، وتأمل عند المذاكرة كيف تختار القالب المناسب للمعنى المراد ، وتأمل عند سؤال السائل كيف تتفهم السؤال على وجهه حتى لا يحتمل وجهين ؟ و هكذا.
الشيخ :
الأدب الرابع عشر من آداب طالب العلم أن يكون متأملا متفكرا في عواقب الأمور ، التأمل يشمل عددا من الأشياء :
أولها : التفكر بحيث يعرف حقيقة ما يعرض عليه سواءا كان من آيات الله الكونية أو من آيات الله الشرعية ، وقد جاءت النصوص في الترغيب في التفكر في ذلك.
الثاني : الاعتبار وهو مقايسة النّفس بغيرها بحيث يقيس العبد نفسه على غيره فيما يتعلق بما حصل عليهم سواءا كان من العاقبة الحميدة أو العواقب السيئة ، فإنّ ما حل بغيرك سيحل بك متى ما فعلت مثل فعله .
الأمر الثالث : مما يدخل في التأمل : التدبر بحيث يعرف الإنسان معاني الكلام ويتأمل في دلالاته وقد جاءت النصوص في الترغيب في التدبر قال تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ" ، وقال جل وعلا "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" ، وحينئذ أيضا يتأمل الإنسان في كلامه فلا يتكلم إلا بالكلام الذي تكون عاقبته حميدة ، ويشمل هذا أمور :
الأول : أن يكون اللفظ مناسبا غير نابي أو أقل مما يراد به من المعاني ، فإنّ اللغة واسعة واللفظ يدل على معنى ، وهناك ألفاظ تدل على معنى أعلى منه ، وهناك ألفاظ تدل على معاني أقل منه ، وحينئذ ننتقي من الألفاظ ما يكون دالا على المراد ، و بالتالي يتفكر الإنسان في ألفاظه ، ويتفكر في معاني الألفاظ بحسب الدلالة اللغوية قبل أن يتكلم بالكلمة .
الثاني : أن يتأمل الإنسان في العواقب التي تنتج عن هذه الكلمة فإن كانت العاقبة حميدة تكلم بها ، و إن كانت العاقبة غير ذلك لم يتكلم بها ، و هكذا أيضا يتأمل في طريقة كلامه و أسلوبه بحيث يكون مرتبا ترتيبا صحيحا لا يأتي بكلام متنافر لا يصح أن يرتب بعضه على بعض ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا بحيث يجتنب التقعر في الكلام ، كذلك يحرص أن يكون كلامه سهلا من جهة وضوحه ، واضحا عند سامعه يعرف المراد به ، كذلك يجتنب اللفظ الذي يكون مجملا يحتمل معانيَ متعددة ، فإنّ الألفاظ المشتركة إذا أطلقها الإنسان قد يفهم منها غير ما يريده المتكلم به ، وكذلك فيما يتعلق بإطلاق الأسئلة يتحرز الإنسان في أسئلته عند شيخه فلا يتكلم بلفظ في سؤاله إلا وهو دال على المراد الذي يريده ويكون ملتزما فيه جانب الأدب ، كذلك يكون مفهوما عند شيخه بحيث يجتنب ما قد يظن أنه لا يفهم ، وكذلك يحرص عند سؤاله ألا يتكلم بالألفاظ التي لها معاني متعددة ويكون الكلام في أحد هذه الأبواب التي يُفهم منها خلاف مراد السائل ، مثال هذا : عند كلمة المفرد في النحو نطلقها ماذا نريد بها ؟ مرة نريد بها ما يقابل الجملة وما يقابل شبه الجملة ، ومرة نطلق كلمة المفرد ونريد بها ما يقابل المثنى والجمع ، فعندما يأتي المتكلم ويتكلم في باب الخبر ويقول : الخبر ينقسم إلى مفرد وجملة وشبه جملة فيسأله عن المفرد الذي هو مقابل للمثنى والجمع ، فحينئذ يكون قد أدخل في الكلام ما يكون سببًا للتشويش؛ إما تشويشا على الطلاب أو جعل الأستاذ لا يتمكن من الجواب عن ذلك السؤال في هذا الموطن خشية من تداخل هذه المصطلحات ، مثال ذلك : عندما يأتي الفقيه أو الأصولي ويأمر الناس بالعمل بالنصوص ثم يأتي السائل ويسأله عن النص الذي في مقابلة الظاهر فحينئذ يُلبس وقد يُظن أنّ العمل بالنصوص إنما يراد به الأدلة القطعية ، و هذا ليس مرادا للشيخ وإنما المراد الشيخ بكلامه النص الذي يشمل ما كان صريح الدلالة وما ورد عليه احتمال و يشمل أيضا اللفظ الظاهر ، فعندما يأتي السائل ويسأل بهذا اللفظ يكون قد أوقع الناس في لبس سواءا أوقع شيخه أو أوقع زملاءه ، نعم . هناك مسألة وهي كلمة العبارة ، وذلك أنّ هذه اللفظة أصلها من الفعل عبر بمعنى انتقل من مكان إلى مكان وقد قال جل وعلا في سور عديدة أمر الله جل و علا بالاعتبار فقال "فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" يعني اعبروا بأذهانكم وانتقلوا بذهنكم من حال أولئك اليهود الذين خُربت عليهم بيوتهم وعُذبوا بهذا التعذيب المذكور في أول السورة وقيسوا أنفسكم وانتقلوا بأذهانكم إلى أنفسكم ، فإنكم إذا فعلتم مثل فعلهم عاقبكم الله بمثل عقوبتهم ، وبعض أهل العلم يطلق على الكلام هذا اللفظ العبارات ، و هذا ناشئ من منشأ عقدي وذلك أنّ بعض الطوائف يرون أنّ الكلام هو المعاني النفسية وأنّ الألفاظ والأصوات والحروف عبارة عن الكلام وليست هي الكلام ، ولذلك يسمون الجمل والكلمات عبارات ، وهذا منشؤه عقدي ولذلك ينبغي التحرز من إطلاق هذه الجملة جملة العبارة


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2079#.VDctdlcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 03:34 AM
15-الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2081#.VDcyDlcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الأمر الخامس عشر والأخير: الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .
الشيخ:
هذا أهم ما يكون في هذه الآداب هو التثبت، التثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر منك من الأحكام فالأخبار إذا نقلت فلا بد أن تتثبت أولا هل صحت عمن نقلت إليه أو لا ،ثم إذا صحت فلا تحكم، تثبت في الحكم ربما يكون الخبر الذي سمعته يكون مبنيا على أصل تجهله أنت فتحكم بأنه خطا والواقع أنه ليس بخطأ، ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟ العلاج أن تتصل بمن نسب إليه الخبر وتقول نقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح ثم تناقشه فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه أول وهلة سمعته لأنك لا تدري ما سبب هذا المنقول، ويقال: إذا علم السبب بطل العجب، فلا بد أولا من التثبيت ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أو لا ؟ ثم تناقشه فإما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه أو يكون الصواب معك فيرجع إليه .
القارئ:
الأمر الخامس عشر الثَّباتُ والتَّثَبُّتُ :
تَحَلَّ بالثباتِ والتَّثَبُّتِ لا سِيَّمَا في الْمُلِمَّاتِ والْمُهِمَّاتِ ومنه : الصبرُ والثباتُ في التَّلَقِّي وطيُّ الساعاتِ في الطلَبِ على الأشياخِ ، فإنَّ ( مَن ثَبَتَ نَبَتَ ) .
الشيخ:
الثبات والتثبيت هذان شيئان متشابهان لفظا لكنهما مختلفان معنى . فالثبات معناه الصبر والمصابرة وألا يمل ولا يضجر وألا يأخذ من كل كتاب نتفة أو من كل فن قطعة ثم يترك، لأن هذا هو الذي يضر الطالب يقطع عليه الأيام بلا فائدة إذا لم يثبت على شيء تجده مرة في الآجرومية ومرة في متن القطر ومرة في الألفية، في المصطلح: مرة في النخبة، ومرة في ألفية العراقي، ويتخبط، في الفقه: مرة في زاد المستقنع، مرة في عمدة الفقه، مرة في المغنى، مرة في شرح المهذب، وهكذا في كل كتاب وهلم جرا هذا في الغالب أنه لا يحصل علما، ولو حصل علما فإنما يحصل مسائل لا أصولا وتحصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة بعد أخرى لكن التأصيل والرسوخ والثبات هذا هو المهم، اثبت بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع واثبت بالنسبة للشيوخ أيضا الذين تتلقى عنهم لا تكن ذواقا كل أسبوع عند شيخ كل شهر عند شيخ قرر أولا من ستتلقى العلم عنده، ثم إذا قررت ذلك فاثبت ولا تجعل كل شهر أو كل أسبوع لك شيخا، ولا فرق بين أن تجعل لك شيخا في الفقه وتستمر معه في الفقه وشيخا آخر في النحو وتستمر معه في النحو وشيخا آخر في العقيدة والتوحيد، وتستمر معه، المهم أن تستمر لا أن تتذوق وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة وجلس عندها سبعة أيام طلقها وذهب يطلب أخرى، هذا يبقى طول دهره لم يتمتع بزوجة ولم يحصل له أولاد في الغالب، أيضا التثبت كما قلنا قبل قليل أيضا من أهم الأمور إن لم يكن أهمها التثبت فيما ينقل عن الغير أمر مهم لأن الناقلين تارة تكون لهم إرادات سيئة ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه قصدا وعمدا وتارة لا يكون عندهم إرادات سيئة لكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به، ولهذا يجب التثبت فإذا ثبت بالسند ما نقل فحينئذ يأتي دور المناقشة مع من؟ مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على هذا القول بأنه خطأ أو غير خطأ وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نقل عنه الكلام، وإلا من المعلوم أن الإنسان لو حكم على الشيء بمجرد السماع من أول وهلة لكان ينقل عنه أشياء تنفر منها النفوس عن بعض العلماء الذين يعتبرون منارات للعلم لكن عندما يتثبت ويتأمل ويتصل بهذا الشيخ مثلا يتبين له الأمر، ولهذا قال: (منه الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ) هذا داخل في الثبات أم في التثبت؟ في الثبات (فإن من ثبت نبت) ومن لم يثبت لم ينبت، ولم يحصل على شيء .



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2081#.VDcyDlcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف :
الثبات والتثبت : تحل بالثبات والتثبت ، لا سيما في الملمات والمهمات ، ومنه : الصبر والثبات في التلقي ، وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ "من ثبت نبت".
الشيخ :
هاتان الصفتان ذكرهما المؤلف في آداب طالب العلم المتعلقة بنفسه ، الصفة الأولى: الثبات ؛ والثبات يراد به البقاء على الأمر المعروف و عدم الانتقال عنه إلى غيره،
والثبات تشمل الثبات في المعتقدات بحيث لا ينجر الإنسان في معتقده لأي متكلم يتكلم معه حتى يكون متثبتا في أمره.
الثاني : الثبات فيما يتعلق في التصرفات ، فلا يكون الإنسان من أتباع كل ناعق كلما تكلم متكلم سار معه و إنما يكون ثابتا على مبدئه وطريقته.
الثالث : الثبات فيما يتعلق بنصرة الأشخاص ، فلا ينصر العبد إلا إذا علم أنه على حق وأما أن ينصر قريبه أو صاحب بلده بدون أن يكون متثبتا من حاله فهذا يكون من العصبية المذمومة وحمية الجاهلية. الرابع : الثبات فيما يتعلق بما يؤديه العبد من الأعمال الصالحة بحيث لا تصرفه الصوارف عن عمله الصالح الذي يؤديه سواءا كان من الفرائض أو النوافل ، وتعلمون أنّ النصوص قد جاءت في الترغيب في المداومة على الأعمال الصالحة وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) ، وقد روي مرفوعا وموقوفا .
الأمر الخامس : مما يؤمر بالثبات فيه الثبات في طلب العلم بحيث لا تأتي المشغلات فتشغل الطالب عن طلبه للعلم ، وهذه مسألة مهمة جدا ينبغي الالتفات إليها فإنّ بعض الناس عندما يأتيه أدنى أمر ينشغل عن طلب العلم ولا يثبت فيه ، وحينئذ لا يرزق بركته و لا يستمر معه ، و نجد طلبة العلم كثر ثم بعد ذلك لا يثبتون وما ذلك إلا لانشغال مرات بتوافه ومرات بلعب ومرات بلهو ومرات بهيشات ومرات بأمور لا تناسب طالب العلم ، ولذلك هذه الهيشات وهذه المشغلات لا تكون سببا في انصراف طالب العلم عن طلب العلم ، ولذلك ذكر المؤلف هنا أو رغب في الصبر والثبات في التلقي وطي الساعات في الطلب على الأشياخ ، فإنّ (من ثبت) يعني في طلب العلم ، (نبت) وأصبح عالما، وأما من بذل من وقته شيئا ثم انصرف فإنه لا يستفيد العلم .
والصفة الثانية : التثبت بحيث لا يقبل ما يرد عليه من الواردات حتى يكون متيقنا من أنه الحق وأنه الصحيح وهذا يشمل أمورا :
أولها : ما يتعلق بالمعتقدات فإذا وردت إليك مسألة عقدية كلام من أحد الناس فتثبت فيها .
وثانيها : التثبت فيما يتعلق بالأحاديث التي تورد على الإنسان ، فلا يأخذ منها إلا ما تثبت أنه صحيح ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما بمعرفة إسناده ، أو بمعرفة من صححه من أهل العلم ، أو بنقله من عالم التزم الصحة في حديثه و فيما ينقله من الأحاديث.
الثالث : التثبت في نسبة الأقوال إلى علماء الشريعة ، فكم من مرة وجدنا أقوالا تنسب إلى فقهاء وهم منها برءاء ، وهذا في مسائل عظيمة من مسائل العقائد فضلا عن مسائل الفقه ، وإذا نظر الإنسان إلى مثل هذا وجده كثيرا ، حتى أنهم قالوا عن بعض المسائل هذه مسائل التراجم أو قول التراجم ما معنى قول التراجم : هي القول الذي ترجم كل طائفة به الطائفة الأخرى بدون أن يكون صحيحا ، مثال ذلك : مسألة هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ إذا نظرنا إلى كتب الأصول عند الحنفية قالوا: وقد قالت الشافعية بأنّ الكفار غير مخاطبين ، وإذا نظرنا إلى كتب الشافعية وجدناهم يقولون: الحنفية يقولون بأنّ الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة ، وإذا نظرت مثلا إلى مسألة التصويب والتخطئة في المعتقدات وجدناهم أنهم ينسبون أقوالا عظيمة إلى عبيد الله بن حسن العنبري وهو منه براء ، بل ينسبون إلى طوائف كثيرة أقوالا هم منها براء ، وفي نفس الوقت في مثل هذه المسألة -مسألة التأثيم في الخطأ في مسائل العقائد- نجدهم ينسبون إلى جماهير أهل العلم بخلاف ما يقولون به ، -فمسألة التصويب والتخطئة- نجد أئمة كالنووي وابن حجر يقولون: الجمهور أو ينسبون إلى الجمهور أنهم يقولون بأنّ كل مجتهد مصيب، ولعلهم يقصدون جمهور الأشاعرة وإلا فإنّ جمهور أهل العلم من بقية الطوائف يقولون بخلاف هذا؛ يقولون أنّ المصيب واحد وأنّ ما عاداه مخطئ ،
وهكذا أيضا فيما يتعلق بالأخبار التي يتناقلها الناس يكون الإنسان متثبتا فيها ولا يتقبل منها إلا ما يكون قد قامت عليه القرائن والدلائل على صحته وقد قال جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) وورد في بعض القراءات فتثبتوا .


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2081#.VDcyDlcR3gE)

أم أبي التراب
10-10-2014, 03:51 AM
الفصلُ الثاني :
كيفيَّةُ الطلَبِ والتلَقِّي
16- كيفيَّةُ الطلَبِ ومَراتِبُه :

( مَن لم يُتْقِن الأصولَ ، حُرِمَ الوُصولَ )
( ومَن رامَ العلْمَ جُملةً ، ذَهَبَ عنه جُمْلَةً )
وقيلَ أيضًا : ( ازدحامُ العِلْمِ في السمْعِ مَضَلَّةُ الفَهْمِ ) .
وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه ، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ ، لا بالتحصيلِ الذاتيِّ وَحْدَه ؛ وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ .
قالَ اللهُ تعالى : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا }
وقالَ تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } .وقالَ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ }
فأمامَك أمورٌ لا بُدَّ من مُراعاتِها في كلِّ فنٍّ تَطْلُبُه :
- حفْظُ مُخْتَصَرٍ فيه .
- ضبْطُه على شيخٍ متْقِنٍ .
- عدَمُ الاشتغالِ بالْمُطَوَّلاتِ وتَفاريقِ الْمُصَنَّفاتِ قبلَ الضبْطِ والإتقانِ لأَصْلِه .
- لا تَنْتَقِلْ من مُخْتَصَرٍ إلى آخَرَ بلا مُوجِبٍ ، فهذا من بابِ الضَّجَرِ .
- اقتناصُ الفوائدِ والضوابِطِ العِلْمِيَّةِ .
- جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ .

وكان من رأيِ ابنِ العربيِّ المالِكِيِّ أن لا يَخْلِطَ الطالبُ في التعليمِ بينَ عِلْمَين وأن يُقَدِّمَ تعليمَ العربيَّةِ والشعْرِ والْحِسابِ ، ثم يَنتَقِلَ منه إلى القُرآنِ .
لكن تَعَقَّبَه ابنُ خَلدونَ بأنَّ العوائدَ لا تُساعِدُ على هذا وأنَّ الْمُقَدَّمَ هو دراسةُ القرآنِ الكريمِ وحِفْظُه ؛ لأنَّ الوَلَدَ ما دام في الْحِجْرِ يَنقادُ للحُكْمِ ، فإذا تَجاوَزَ البُلوغَ ؛ صَعُبَ جَبْرُه .
أمَّا الْخَلْطُ في التعليمِ بينَ عِلمينِ فأَكْثَرَ ؛ فهذا يَختلِفُ باختلافِ المتعلِّمينَ في الفَهْمِ والنشاطِ .
وكان من أهلِ العلمِ مَن يُدَرِّسُ الفقهَ الحنبليَّ في ( زادِ الْمُسْتَقْنِعِ ) للمبتدئينَ و (الْمُقْنِعِ ) لِمَن بعدَهم للخِلافِ المذهبيِّ ، ثم ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ، ولا يَسْمَحُ للطبقةِ الأُولى أن تَجْلِسَ في دَرْسِ الثانيةِ .وهكذا ؛ دَفْعًا للتشويشِ.
واعْلَمْ أنَّ ذِكْرَ الْمُختصراتِ فالْمُطَوَّلَاتِ التي يُؤَسَّسُ عليه الطلَبُ والتلَقِّي لدى المشايخِ تَختَلِفُ غالبًا من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ باختلافِ الْمَذاهِبِ وما نَشأَ عليه عُلماءُ ذلك الْقُطْرِ من إتقانِ هذا المختَصَرِ والتمَرُّسِ فيه دونَ غيرِه .
والحالُ هنا تَختلِفُ من طالبٍ إلى آخَرَ باختلافِ القرائحِ والفهومِ وقُوَّةِ الاستعدادِ وضَعْفِه ، وبُرودةِ الذِّهْنِ وتَوَقُّدِه .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2089#.VDc3wFcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
الفصلُ الثاني :
كيفيَّةُ الطلَبِ والتلَقِّي

كيفيَّةُ الطلَبِ ومَراتِبُه :
( مَن لم يُتْقِن الأصولَ ، حُرِمَ الوُصولَ )
( ومَن رامَ العلْمَ جُملةً ، ذَهَبَ عنه جُمْلَةً )
وقيلَ أيضًا : ( ازدحامُ العِلْمِ في السمْعِ مَضَلَّةُ الفَهْمِ ) .
وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه ، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ ، لا بالتحصيلِ الذاتيِّ وَحْدَه ؛ وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ .
قالَ اللهُ تعالى : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا }
وقالَ تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } . وقالَ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ }.
الشيخ:
كيفية الطلب وهذا أيضا مهم ليبني الإنسان على أصول ولا يتخبط خبط عشواء يقول : (من لم يتقن الأصول حرم الوصول) وقيل بعبارة أخرى: من فاته الأصول حرم الوصول، لأن الأصول هي العلم والمسائل فروع، كأصل الشجرة وأغصانها إذا لم تكن الأغصان على أصل جيد فإنها تذبل وتهلك فلا بد من أن يبني الإنسان علمه على أصول فما هي الأصول ؟ هل هي الأدلة الصحيحة؟ أو هي القواعد والضوابط؟ أو هذا وهذا ؟ الثاني هو المراد، تبني على أصول من الكتاب والسنة وتبني على قواعد وضوابط مأخوذة بالتتبع والاستقراء من الكتاب والسنة ترجع إليها أحكام الكتاب والسنة وهذه من أهم ما يكون لطالب العلم مثلاً (المشقة تجلب التيسير) هذا أصل من الأصول مأخوذ من الكتاب والسنة، من الكتاب من قوله تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } من السنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمران ابن حصين: ((صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب )).
وقال: (( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )) هذا أصل لو جاءتك ألف مسألة بصور متنوعة لأمكنك أن تحكم على هذه المسائل بناء على هذا الأصل، لكن لو لم يكن عندك هذا الأصل وتأتيك مسألتان أشكل عليك الأمر، كذلك أيضا يقول : (من رام العلم جملة ذهب عنه جملة) هذا أيضا له وجه صحيح إذا أراد الإنسان أن يأخذ العلم جميعا فإنه يفوته العلم جميعا، لا بد أن تأخذ العلم شيئا فشيئا كسلم تصعد إليه من الأرض إلى السقف ليس العلم مأكولا كتبت فيه العلوم فتأكله وتقول خلاص هضمت العلم، لا العلم يحتاج مرونة وصبر وثبات وتدرج ،وقيل أيضا (التحام العلم في السمع مضلة الفهم )يعني لكثرة ما تسمع من العلوم توجب أن تضل في فهمك وهذا أيضا ربما يكون صحيح أن الإنسان إذا ملأ سمعه مما يسمع أو ملأ بصره مما يقرأ ربما تزدحم العلوم عليه ثم تشتبك ويعجز عن التخلص منها.
وقال: (وعليه فلا بُدَّ من التأصيلِ والتأسيسِ لكلِّ فَنٍّ تَطْلُبُه، بضَبْطِ أصْلِه ومُختصَرِه على شيخٍ مُتْقِنٍ) ، لا بد من هذا (على شيخ متقن)، ليس على شيخ أعلى منك بقليل لأن بعض الناس إذا رأى طالبا من الطلبة يتميز عنهم بشيء من التميز جعله شيخه، وعنده شيوخ أعلم من هذا بكثير لكن يجعل هذا الصغير شيخه لأنه بزه في شيء من المسائل العلمية وهذا غير صحيح بل اختر المشايخ ذوي الإتقان وأيضا نضيف إلى الإتقان وصف آخر وهو الأمانة، لأن الإتقان قوة والقوة لابد فيها من أمانة {إن خير من استأجرت القوي الأمين} ربما يكون العالم عنده إتقان وعنده سعة علم وعنده قدرة على التقريب وعلى التقسيم وعلى كل شيء لكن ليس عنده أمانة فربما أضلك من حيث لا تشعر، لا بالتحصيل الذاتي وحده، يعني لا تأخذ العلم بالتحصيل الذاتي يعني أن تقرأ الكتب فقط دون أن يكون لك شيخ معتمد ولهذا قيل: (من دليله كتابه خطؤه أكثر من صوابه) أو: (غلب خطأه صوابه) هذا هو الأصل، الأصل أن من اعتمد على التحصيل الذاتي وعلى مراجعة الكتب الغالب والأصل أنه يضل لأنه يجد بحرا لا ساحل له ويجد عمقا لا يستطيع التخلص فيه أما من أخذ عن عالم وشيخ فإنه يستفيد فائدتين عظيمتين،
الفائدة الأولى : قصر المدة
والفائدة الثانية قلة التكلف وهناك فائدة ثالثة
والفائدة الثالثة أن ذلك أحرى بالصواب؛ لأن هذا الشيخ قد علم وتعلم ورجح وفهم فيعطيك الشيء ناضجا لكنه يمرنك إذا كان عنده شيء من الأمانة يمرنك على المراجعة والمطالعة أما من اعتمد على الكتب فإنه لا بد يكرث جهوده ليلا ونهارا ثم إذا طالع الكتب التي يقارن فيها بين أقوال العلماء فسيقت أدلة هؤلاء وسيقت أدلة هؤلاء من يدله على أن هذا الأصوب ؟ يبقى متحيرا ولهذا نرى أن ابن القيم رحمه الله عندما يناقش قولين لأهل العلم سواء في زاد المعاد أو في أعلام الموقعين إذا ساق أدلة هذا القول وعلله تقول خلاص هذا هو القول الصواب ولا يجوز العدول عنه بأي حال من الأحوال ثم ينقض ويأتي بالقول المقابل ويذكر أدلته وعلله فتقول هذا هو القول الصواب، الأول ما عنده علم لكن لا بد من أن يكون قراءتك على شيخ متقن أمين.
قال: وآخِذًا الطلَبَ بالتدَرُّجِ . ثم استدل بالآيات:
قالَ اللهُ تعالى : { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا }، { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } .
قوله: { لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً }.
المعروف أن نزل لما ينزل شيئا فشيئا، وأن أنزل لما نزل جملة واحدة، فلماذا قال الذين كفروا: (لولا نزل) ولم يقولوا (لولا أنزل) علينا القرآن جملة واحدة؟ نقول قالوا ذلك باعتبار واقع القرآن أنه منزل شيئا فشيئا وقوله: { كذلك } الجار والمجرور متعلق بمحذوف والتقدير: أنزلناه، كذلك وجملة (لنثبت) تعليل متعلق بالفعل المحذوف . وقال تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} (الذين آتيناهم الكتاب) يعني أعطيناهم إياه، وأنزلناه إليهم يتلونه حق تلاوته والتلاوة هنا تشمل التلاوة اللفظية والتلاوة الحكمية، فأما التلاوة اللفظية يعني يقرأوه بألسنتهم، وأما التلاوة الحكمية بأن يصدقوا بأخباره ويلتزموا بأحكامه، وقوله {حق تلاوته} من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، يعني تلاوة الحقة الصحيحة .
القارئ:
فأمامَك أمورٌ لا بُدَّ من مُراعاتِها في كلِّ فنٍّ تَطْلُبُه :
أولا: حفْظُ مُخْتَصَرٍ فيه .
ثانيا: ضبْطُه على شيخٍ متْقِنٍ .
ثالثا: عدَمُ الاشتغالِ بالْمُطَوَّلاتِ وتَفاريقِ الْمُصَنَّفاتِ قبلَ الضبْطِ والإتقانِ لأَصْلِه .
رابعا: لا تَنْتَقِلْ من مُخْتَصَرٍ إلى آخَرَ بلا مُوجِبٍ ، فهذا من بابِ الضَّجَرِ .
خامسا: اقتناصُ الفوائدِ والضوابِطِ العِلْمِيَّةِ .
سادسا: جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ .
الشيخ:
هذه أمور لا بد من مراعاتها كما قال الشيخ
(أولا : حفظ مختصر فيه)، فمثلا إذا كنت تطلب النحو فاحفظ مختصرا فيه إن كنت مبتدأ فلا أرى أحسن من متن الآجرومية لأنه واضح وجامع وحاصر وفيه بركة، ثم متن الألفية ألفية ابن مالك لأنها خلاصة علم النحو كما قال هو نفسه:
أحصى من الكافية الخلاصة = كما اقتضى فنا بلا خصاصة
وفي الفقه احفظ زاد المستنقع لأن هذا الكتاب مخدوم بالشروح والحواشي والتدريس وإن كان بعض المتون الأخرى أحسن منه من وجه لكنه هو أحسن منهما من وجه آخر من حيث كثرة المسائل الموجودة فيه ومن حيث أنه مخدوم بالشروح والحواشي وغير ذلك .
في الحديث: متن عمدة الأحكام وإن ترقيت فبلوغ المرام وإذا كنت تقول إما هذا أو هذا فبلوغ المرام أحسن لأنه أخصر ولأن الحافظ ابن حجر رحمه الله يبين درجة الحديث وهذا مفقود بالنسبة لعمدة الأحكام وإن كان درجة الحديث فيها معروفة لأنه لم يضع في هذا الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم .
في التوحيد: من أحسن ما قرأنا كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن الوهاب وقد يسر الله تعالى في الآوانة الأخيرة من خرج أحاديثه وبين ما في بعضها من ضعف والحق أحق أن يتبع .
في الأسماء والصفات: من أحسن ما ألف فيما قرأت العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فهي كتاب جامع مبارك مفيد وهلم جرا خذ من كل فن تريد طلبه كتابا مختصرا فيه واحفظه ثانيا ضبطه على شيخ متقن، ولو قال: ضبطه وشرحه لكان أولى لأن المقصود ضبطه وتحقيق ألفاظه وما كان زائدا أو ناقصا وكذلك الشرح، استشرح هذا المتن على شيخ متقن وكما قلنا فيما سبق إنه يجب أن يضاف إلى الإتقان صفة أخرى وهي الأمانة لأن هذه من أهم ما يكون وأنتم تعلمون أن ذكر القوة والأمانة في القرآن متعدد لأن عليهما مدار العمل فقد قال العفريت من الجن { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين } وقال صاحب مدين ، بل قالت ابنته: { يا أبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } وقال الله تعالى في وصف جبريل: {ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين} فعلى هذين الوصفين القوة والأمانة تبنى الأعمال كلها فلا بد من شيخ متقن ويكون أمينا،
الثالث :عدم الاشتغال بالمطولات وهذه أعني الفقرة الثالثة مهمة جدا لطالب العلم أن يتقن المختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنه ثم بعد ذلك يفيض إلى المطولات لكن بعض الطلبة قد يغرب فيطالع المطولات ثم إذا جلس مجلسا قال: قال صاحب المغني قال صاحب المجموع قال صاحب الإنصاف قال صاحب الحاوي ليظهر أنه واسع الاطلاع وهذا خطأ نحن نقول ابدأ بالمختصرات أولا حتى ترسخ العلوم في ذهنك ثم إذا من الله عليك فاشتغل بالمطولات ولهذا قال: عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله أي لأصل ذلك العلم وانتبه لهذه المسألة إياكم أن تشغلوا أنفسكم بالمطولات قبل إتقان ما دونها وقياس ذلك في الأمر المخصوص أن ينزل من لم يتعلم السباحة إلى بحر عميق فإنه لا يستطيع أن يتخلص فضلا عن أن يتقن .
الرابع : لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب فهذا من باب الضجر . وهذه أيضا آفة يعني التنقل من مختصر إلى آخر أو من كتاب فوق المختصر إلى آخر هذه آفة عظيمة تقطع على الطالب طلبه وتضيع عليه أوقاته، كل يوم له كتاب بل كل ساعة له كتاب، هذا خطأ إذا عزمت على أن يكون قرارك الكتاب الفلاني فاستمر لا تقل أقرأ كتابا أو فصلا من هذا الكتاب ثم أنتقل إلى آخر فإن هذا مضيعة للوقت ويقول : بلا موجب . أما إذا كان هناك موجب كما لو لم تجد أحد يدرسك في هذا المختصر ورأيت شيخا موثوقا في إتقانه وأمانته يدرس مختصر آخر فهذا ممكن لا حرج عليك أن تنتقل من هذا إلى هذا.
خامسا : اقتناص الفوائد والضوابط العلمية – وهذا أيضا من أهم ما يكون، الفوائد التي لا تكاد تطرأ على الذهن أو التي يندر ذكرها والتعرض لها أو التي تكون مستجدة تحتاج إلى بيان الحكم فيها هذه اقتنصها واضبطها بالكتابة قيد، لا تقل هذا أمر معلوم عندي ولا حاجة أن أقيده أنا إن شاء الله ما أنساه فإنك سرعان ما تنسى وكم من فائدة تمر بالإنسان فيقول هذه سهلة لا تحتاج إلى قيد ثم بعد مدة وجيزة يتذكرها ولا يجدها لذلك احرص على اقتناص الفوائد التي يندر وقوعها أو التي يتجدد وقوعها أما الضوابط فناهيك بها أيضا احرص على الاهتمام بالضوابط ومن الضوابط ما يذكره الفقهاء تعليلا للأحكام فإن كل التعليلات للأحكام الفقهية تعتبر ضوابط لأنها تنبني عليها الأحكام فهذه أيضا احتفظ بها ولولا أنني سمعت أن بعض الإخوان الآن يتتبع هذه الضوابط في الروض المربع ويحررها لقلت من الحسن أن نكلف طائفة منكم بالقيام بهذا العمل تتبع الروض المربع من أوله إلى آخره كل ما ذكر علة يقيدها لأن كل علة ينبني عليها مسائل كثيرة إذ أن العلة ضابط يدخل تحته جزئيات كثيرة مثلا : إذا قال: إذا شك في طهارة الماء من نجاسته فإنه يبني على اليقين هذه على كل حال تعتبر حكما وتعتبر ضابطا أيضا ، لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان إذا ما شك في نجاسة طاهر ، فهو طاهر، أو في طهارة نجس فهو نجس لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ولو أن الإنسان كل ما مر عليه مثل هذه التعليلات حررها وضبطها ثم حاول في المستقبل أن يبني عليها مسائل جزئية لكان في هذا فوائد كثيرة له ولغيره .
سادسا: جَمْعُ النفْسِ للطلَبِ والترَقِّي فيه ، والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ .
هذا أيضا مهم أن الإنسان يجمع نفسه للطلب فلا يشتتها يمينا ويسارا يوما يطلب العلم ثم يوم يفكر يقول أفتح مكتبة، الناس رزقهم الله ويوم ثان يقول أروح إلى بيع الخضار ، هذا ليس بصحيح اجمع النفس على الطلب ما دمت مقتنعا بأن هذا منهجك وسبيلك فاجمع نفسك عليه وأيضا اجمع نفسك على الترقي فيه لا تبقى ساكنا فكر فيما وصل إليه علمك من المسائل والدلائل حتى تترقى شيئا فشيئا واستعن بمن تثق به من زملائك وإخوانك إذا احتاجت المسألة إلى استعانة ولا تستحي أن تقول يا فلان ساعدني على تحقيق هذه المسألة بمراجعة الكتب الفلانية والفلانية، الحياء لا ينال العلم به أحد، فلا ينال العلم مستحي ولا مستكبر .
وقوله : (والاهتمامُ والتحَرُّقُ للتحصيلِ والبلوغِ إلى ما فوقَه) يعني معناه أن الإنسان يكون عنده شغف شديد تتحرق نفسه لينال ما فوق المنزلة التي هو فيها (حتى تَفيضَ إلى الْمُطَوَّلاتِ بسَابِلَةٍ مُوَثَّقَةٍ) . نعم.
القارئ:
وكان من رأيِ ابنِ العربيِّ المالِكِيِّ أن لا يَخْلِطَ الطالبُ في التعليمِ بينَ عِلْمَين وأن يُقَدِّمَ تعليمَ العربيَّةِ والشعْرِ والْحِسابِ ، ثم يَنتَقِلَ منه إلى القُرآنِ .
الشيخ:
(أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين) وهذا ليس على إطلاقه بل يجب أن يقيد ولعله يكون قيده فإن لم يفعل بينا ما يحتاج إلى قيد .
القارئ:
لكن تَعَقَّبَه ابنُ خَلدونَ بأنَّ العوائدَ لا تُساعِدُ على هذا وأنَّ الْمُقَدَّمَ هو دراسةُ القرآنِ الكريمِ وحِفْظُه ؛ لأنَّ الوَلَدَ ما دام في الْحِجْرِ يَنقادُ للحُكْمِ ، فإذا تَجاوَزَ البُلوغَ ؛ صَعُبَ جَبْرُه .
أمَّا الْخَلْطُ في التعليمِ بينَ عِلمينِ فأَكْثَرَ ؛ فهذا يَختلِفُ باختلافِ المتعلِّمينَ في الفَهْمِ والنشاطِ .
الشيخ:
طيب ما معنى هذا؟ قوله رحمه الله: إنك تقدم تعليم العربية هذا قد يكون مسلما بالنسبة لمن لا ينطق العربية وذلك لأنه لا يمكن أن يعرف القرآن إلا إذا تعلم العربية لكن من كان عربيا فليس من المُسَلَّم أن نقول تعلم العربية بمعنى: توسع فيها والشعر والحساب، كيف نقدم الشعر والحساب على القرآن ؟ هذا ليس بمُسَلَّم، كذلك أيضا .
قوله: لا يجمع بين علمين، فيقال إن الناس يختلفون في الفهم والاستعداد فقد يكون سهلا على المرء أن يجمع بين علمين وقد يكون من الصعب أن يجمع بين علمين وكل إنسان طبيب نفسه فإذا رأى من نفسه قدرة وقوة فلا بأس أن يجمع بين علمين ولكن ليحذر النشاط أو نشاط البدء لأن نشاط البدء بمنزلة السفر، فإن بعض الناس أول ما يبدأ يجد نفسه نشيطا نشيطا نشيطا ثلاث مرات فيريد أن يلتهم العلوم جميعا فإذا به ينكث على الوراء لأنه كبر اللقمة ومن كبر اللقمة فلا بد أن يغص حتى لو وجدت من نفسك قدرة وقوة لا تكلفها ما لا تطيق اتزن حتى تستمر .
القارئ:
وكان من أهلِ العلمِ مَن يُدَرِّسُ الفقهَ الحنبليَّ في ( زادِ الْمُسْتَقْنِعِ ) للمبتدئينَ و (الْمُقْنِعِ ) لِمَن بعدَهم للخِلافِ المذهبيِّ ، ثم ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ، ولا يَسْمَحُ للطبقةِ الأُولى أن تَجْلِسَ في دَرْسِ الثانيةِ . وهكذا ؛ دَفْعًا للتشويشِ.
الشيخ:
نعم صحيح من أهل العلم من يفعل ذلك إذا كان يدرس الفقه الحنبلي يدرس في زاد المستنقع لأن زاد المستنقع اختصار المقنع ثم ينتقل إلى تدريس المقنع؛ لأن المقنع فيه ذكر الروايتين والوجهين والقولين في المذهب بدون تعليل ولا دليل يطلع الطالب على أن هناك خلافا في المسائل وبعضهم ينتقل من بعد المقنع إلى الكافي، الكافي قبل المغني لأن الكافي يذكر فيه الخلاف المذهبي مع الأدلة وبهذا يمتاز عن المقنع فهو يذكر الخلاف ويذكر الأدلة سواء كانت الأدلة سمعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح أو عقلية من النظر ثم بعد ذلك المغني لأن الخلاف في المغني ليس مع أصحاب الإمام أحمد بل مع عامة المذاهب فيترقى من هذا إلى هذا، الموفق رحمه الله سلك هذا التدرج لكن له كتاب قبل المقنع سلم للمقنع وهو عمدة الفقه للموفق كتاب مختصر أقل بكثير من زاد المستقنع من حيث المسائل لكنها تشتمل على بعض الدلائل يعني ليست جافة كزاد المستقنع بل فيها أدلة . فالحاصل أنه ينبغي أن المعلم يرتقى بالطلبة درجة فدرجة حتى يتقنوا ما تعلموه.
قال: (ولا يسمح للطبقة الأولى أن تجلس في دروس الثانية وهكذا دفعا للتشويش)، لكني أنا في النقطة الأخير لا أستطيع ولهذا أجمع بين الصغير والكبير فيما ندرسه من الكتب ونقول هذا الصغير الآن يزحف ثم يبدأ يمشي شيئا فشيئا حتى تقله رجلاه وسبب ذلك أن الطلاب عندنا يتواردون شيئا فشيئا ولو راعينا الوافدين لأهملنا حق السابقين لو قلنا مثلا إذا جاء أناس جدد رجعنا في زاد المستقنع إلى كتاب الطهارة ووصلنا مثلا قل إلى كتاب الصلاة في هذه الفترة جاء العام الثاني وفد جماعة ماذا نعمل؟ رجعنا إلى الطهارة كان في هذا ظلم للسابقين ومعناه سنبقي دائم الأبد من أول الكتاب إلى الطهارة هذا ما يستقيم، لذلك نرجوا منكم العذر إلا أنه والحمد لله وجد من الطلبة السابقين من جلس للطلبة الوافدين في بعض المختصرات وهذا والحمد لله من نعمة الله على الجميع .
القارئ:
واعْلَمْ أنَّ ذِكْرَ الْمُختصراتِ فالْمُطَوَّلَاتِ التي يُؤَسَّسُ عليه الطلَبُ والتلَقِّي لدى المشايخِ تَختَلِفُ غالبًا من قُطْرٍ إلى قُطْرٍ باختلافِ الْمَذاهِبِ وما نَشأَ عليه عُلماءُ ذلك الْقُطْرِ من إتقانِ هذا المختَصَرِ والتمَرُّسِ فيه دونَ غيرِه .
الشيخ:
هذه الفقرة صحيحة مثلا قد يكون الإنسان في بلد ينتحلون مذهب الشافعي ستجد العلماء يدرسون أو يبنون أصول تدريسهم على كتب الشافعي، في بلد ينهج فيه أهله مذهب الإمام أحمد تجد العلماء يدرسون كتب هذا المذهب وهلم جرا .
القارئ:
والحالُ هنا تَختلِفُ من طالبٍ إلى آخَرَ باختلافِ القرائحِ والفهومِ وقُوَّةِ الاستعدادِ وضَعْفِه ، وبُرودةِ الذِّهْنِ وتَوَقُّدِه .
الشيخ:
وهناك أسباب أخرى أيضا وهي قوة الاستعداد للعلم وتلقيه وضعف ذلك وكذلك كثرة المشاغل وقلتها، المهم أن الاختلاف وارد في كل شيء لكن ما ذكره أولاً مبني على الغالب فقد يكون من المبتدئين من يمكن أن تدرسه المقنع .



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2089#.VDc3wFcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف:
الفصل الثاني: كيفية الطلب والتلقين
كيفية الطلب ومراتبه:"من لم يتقن الأصول ، حرم الوصول" ، و "من رام العلم جملة ، ذهب عنه جملة" ، وقيل أيضاً:"ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم" . وعليه، فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن، لا بالتحصيل الذاتي وحده، وأخذاً الطلب بالتدرج . قال الله تعالى: (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكثونزلناه تنزيلاً). وقال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً). وقال تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته)
فأمامك أمور لابد من مراعاتها في كل فن تطلبه :
حفظ مختصر فيه .
ضبطه على شيخ متقن.
عدم الاشتغال بالمطولات و تفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله.
لا تنتقل من مختصر إلى آخر بلا موجب ، فهذا من باب الضجر.
اقتناص الفوائد والضوابط العلمية.
جمع النفس للطلب والترقي فيه ، والاهتمام والتحرق للتحصيل والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة.
وكان من رأي ابن العربي المالكي أن لا يخلط الطالب في التعليم بين علمين ، وأن يقدم تعليم العربية والشعر والحساب ، ثم ينتقل منه إلى القرآن.
لكن تعقبه بن خلدون بأنّ العوائد لا تساعد على هذا ، وأنّ المقدم هو دراسة القرآن الكريم وحفظه ؛ لأنّ الولد ما دام في الحجر ؛ ينقاد للحكم ، فإذا تجاوز البلوغ ؛ صعب جبره.
أما الخلط في التعليم بين علمين فأكثر ؛ فهذا يختلف باختلاف المتعلمين في الفهم والنشاط.
وكان من أهل العلم من يدرس الفقه الحنبلي في "زاد المستنقع " للمبتدئين ، و "المقنع " لمن بعدهم للخلاف المذهبي ، ثم "المغني " للخلاف العالي ، ولا يسمح بالطبقة الأولى أن تجلس في درس الثانية… وهكذا ؛ دفعاً للتشويش.
واعلم أنّ ذكر المختصرات والمطولات التي يؤسس عليه الطلب والتلقي لدى المشايخ تختلف غالباً من قطر إلى قطر باختلاف المذاهب ، وما نشأ عليه علماء ذلك القطر من إتقان هذا المختصر والتمرس فيه دون غيره.
والحال هنا تختلف من طالب إلى آخر باختلاف القرائح و الفهوم ، وقوة الاستعداد وضعفه ، وبرودة الذهن وتقوده.
وقد كان الطلب في قطرنا بعد مرحلة الكتاتيب والأخذ بحفظ القرآن الكريم يمر بمراحل ثلاث لدى المشايخ في دروس المساجد : للمبتدئين ، ثم المتوسطين ، ثم المتمكنين:
ففي التوحيد: "ثلاثة الأصول وأدلتها " ، و "القواعد الأربع " ، ثم "كشف الشبهات " ، ثم "كتاب التوحيد " ؛ أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ، هذا في توحيد العبادة.
وفي توحيد الأسماء والصفات: "العقيدة الواسطيه" ، ثم "الحموية" ، و "التدمرية" ؛ ثلاثتها لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى ، فـ "الطحاوية" مع "شرحها".
وفي النحو: "الأجرومية" ، ثم "ملحة الإعراب" للحريري ، ثم "قطر الندى" لابن هشام ، وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل.
وفي الحديث: "الأربعين" للنووي ، ثم "عمدة الأحكام" للمقدسي ، ثم "بلوغ المرام" لابن حجر ، و "المنتقى" للمجد بن تيمية ؛ رحمهم الله تعالى ، فالدخول في قراءة الأمهات الست وغيرها.
وفي المصطلح : "نخبة الفكر" لابن حجر ، ثم "ألفية العراقي" رحمه الله تعالى.
وفي الفقه مثلاً : "آداب المشي إلى الصلاة" للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ثم "زاد المستنقع" للحجاوي رحمه الله تعالى ، أو "عمدة الفقه" ، ثم "المقنع" للخلاف المذهبي ، و "المغنى" للخلاف العالي ؛ ثلاثتها لابن قدامه رحمه الله تعالى.
وفي أصول الفقه : "الورقات" للجويني رحمه الله تعالى ، ثم "روضة الناظر" لابن قدامه رحمه الله تعالى.
وفي الفرائض : "الرحبية" ، و ثم مع شروحها ، و"الفوائد الجلية".
وفي التفسير :"تفسير ابن كثير" رحمه الله تعالى.
وفي أصول التفسير :"المقدمة" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وفي السيرة النبوية :"مختصرها" للشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وأصلها لابن هشام ، وفيه "زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله تعالى.
وفي لسان العرب : العناية بأشعارها ، وكـ"المعلقات السبع" ، والقراءة في "القاموس" للفيروز آبادي رحمه الله تعالى.
… وهكذا من مراحل الطلب في الفنون.
وكانوا مع ذلك يأخذون بجرد المطولات ؛ مثل "تاريخ بن جرير" ، وابن كثير ، وتفسيرهما ، ويركزون على كتب شيخ الإسلام بن تيمية ، وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى ، وكتب أئمة الدعوى وفتاواهم ، لاسيما محرراتهم في الاعتقاد.
وهكذا كانت الأوقات عامرة في الطلب ، ومجالس العلم ، فبعد صلاة الفجر إلى ارتفاع الضحى ، ثم تقول القيلولة قبيل صلاة الظهر ، وفي أعقاب جميع الصلوات الخمس تعقد الدروس ، وكانوا في أدب جم وتقدير بعزة نفس من الطرفين على منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى ، ولذا أدركوا وصار منهم في عداد الأئمة في العلم جمع غفير ، والحمد لله رب العالمين.
فهل من عودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة ، لا على المذكرات ، وفي حفظها لا الاعتماد على الفهم فحسب ، حتى ضاع الطلاب فلا حفظ ولا فهم! وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر ، سير على منهاج السلف.
والله المستعان.
وقال الحافظ عثمان بن خرزاد (م سنة 282هـ) رحمه الله تعالى : "يحتاج صاحب الحديث إلى خمس ، فإن عدمت واحدة ؛ فهي نقص ، يحتاج إلى عقل جيد ، ودين ، وضبط ، و حذاقة بالصناعة ، مع أمانة تعرف منه".
قلت : - أي الذهبي-:
"الأمانة جزء من الدين ، والضبط داخل في الحذق ، فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون : تقياً ، ذكياً ، نحوياً ، لغوياً ، زكياً ، حيياً ، سلفياً يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد ، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد ، وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات بنية خالصة ، وتواضع ، وإلا فلا يتعن " هـ.
الشيخ :
بعدما ذكر المؤلف رحمه الله آداب طالب العلم في نفسه انتقل إلى الآداب المتعلقة بكيفية الطلب و التلقي ، وأول هذه الآداب أن يحرص على التدرج في التعلم ، بحيث يأخذ كل أناس ما يناسبهم وينبغي أن يكون هذا بأمور :
أولها : الارتباط بعالم ناصح سالم مثبت بحيث إذا ارتبط الإنسان بالعالم استفاد من سمته وهديه ، وكذلك برّزّه في العلم وانتقى له من الكتب ما يناسبه ويكون صالحا لحاله ، وأضرب لهذا مثلا : سألني بعض الطلاب هنا أن أشرح لهم مختصر التحرير ، مختصر التحرير كتاب قويم وصعب وفيه مباحث دقيقة ومبنية على أصول عقدية ، وقد لا يستوعبها هؤلاء ثم قد يضيق الوقت عندهم ، فيأخذون ربع الكتاب أو نصف الكتاب ثم لا يتمكنون من إكماله و إتمامه فيكون عندهم في نفوسهم نوع من التنقص لعدم إكمالهم للكتاب ، ولذلك اخترنا لهم أن يكون لنا دورة علمية في كل أسبوع منها نأخذ متنا علميا ، و يكون ذلك سببا من أسباب التحصيل وإكمال مهمات هذه الكتب وإدراك الأهداف التي سعى إليها مؤلفو هذه المتون .
الأمر الثالث : مما يتعلق بهذا التدرج في التعلم بحيث يبتدئ الإنسان بالنقطة الأولى ، و يبتدئ بالمتن الأقل ليضبطه ويتقنه ويكون بمثابة الأساس الذي يؤسَس عليه البنيان ، و أما إذا أتى ليبني سقف المنزل وهو لم يبن أساسه بعد فإنه لن يتمكن من بنائه ولو وضع سقفه فهو عما قريب سيسقط ، و هذا من أكبر المسائل التي نعنى بها في عصرنا ، تجد بعضهم ينتقل إلى المطولات فيكون سببا لتخليطه في المسائل و إدخال المسائل بعضها بـبعض ، كما أدركنا من أناس رغبوا في الخير فأخذوا كتاب المغني فبدؤوا يقرؤون يقولون نريد الكتاب الشامل المحتوي على العلم كله ، فلما ابتدءوا بقراءته فإذا في أوله مسائل عديدة متعلقة بالمياه لا يفهمونها ولا يدركون مصطلحات أهل العلم فيها فكان ذلك سببا لتركهم التعلم بالكلية ، ويحضرني في هذا: بعض الفقهاء الذين ذكروا أنهم كانوا يدرسون مختصر الخرقي فلما طلبوا من شيخهم أن ينتقل بهم إلى كتاب آخر ، قال : هذا الكتاب قد ضبطته وعرفت ما فيه فأدرسكم إياه ومن أراد غيره فلينتقل لغيري ، ثم قال : أنت يا فلان و فلان لا تنتقلا عن هذا الكتاب حتى تضبطاه ، ولذلك لا بد من التدرج في التعلم .
الأمر الرابع : معرفة المصطلحات العلمية في الكتب التي يريد الإنسان قراءتها بحيث كلما مر عنده لفظ عرف معناه ، و عرف مراد أهل العلم به ، بحيث لا يُنَزِّل كلام أهل العلم على غير مرادهم ، فإنك إذا لم تفهم هذه المصطلحات فحينئذ ستفهم فهما خاطئا مغلوطا ، وأضرب لهذا مثلا : جاءني إنسان ووجدني أقرأ كتاب الرد على المنطقيين ، كانت هيأته حسنة و أعرف عنه رغبة في العلم وطلب مني استعارة هذا الكتاب فأعرته له ، بعد أسبوع أعاد لي الكتاب وقال : كتاب قيم فيه فوائد كثيرة ، لكن هذا الكتاب اشتمل على كلمة لا أعرف ما مدخلها في الكتاب ، ما هي هذه الكلمة ؟ ، قال : كلمة الحد . قال فما مدخل العقوبات في المناطقة ؟ فقلت : لقد أتعبت نفسك بقراءة هذا الكتاب ، المراد بالحد التعريف ، والمؤلف في الرد على المنطقيين يرد على المناطقة طريقتهم في التعريفات التي هي الحدود ، فعندما يفهم أنّ المراد هو الحد الذي يقصد به العقوبة المقدرة حينئذ يكون قد فهم الكتاب على غير مراد صاحبه.
الأمر الآخر هو الحرص على الحفظ وأول ما يحفظ النصوص الشرعية الكتاب والسنة ، فإنّ الإنسان إذا لم يحفظ هذه الأصول فإنه حينئذ لا ينطلق في تعليمه ، ولا في دعوته ، ولا في علمه من منطلقات صحيحة ، لأنّ منطلقات العلم هي النصوص كتابا وسنة من عرفها تمكن من تأسيس علم صحيح ، ومن لم يعرفها فإنه حينئذ سيعرف شيئا من المعلومات ، وبالتالي لا يكون قد وصل إلى مقصود الشرع ومراده.
الأمر الآخر الذي يتعلق بهذا وهو أن يحرص الإنسان على اختيار الكتب والمؤلفات التي يعرفها الناس في بلده ويكون لها مكانة في ذلك البلد ، من أجل أن يتمكن من ضبطها ، ومن أجل أن يكون ذلك سبيلا لنشرها في الأمة ، ومن أجل اجتماع الناس من خلال تعلمهم في كتب متقاربة ، وأما إذا درسنا كتبا لا يعرفها الناس وجعلناها هي الأساس الذي ننطلق منه في التعلم ، حينئذ نكون قد نفرنا بقية طلبة العلم ولم نكن وإياهم على وفاق.
أيضا من الأمور المتعلقة بهذا عدم الملل في التعلم وقد أشرنا إلى هذا فيما سبق ، فإنّ الإنسان إذا كان كلما قرأ كتابا وانتصف فيه ملّ منه وانتقل إلى كتاب آخر لم يتمكن من ضبط العلم.
كذلك من الأمور التي ينبغي أن تعرف هو عدم الخلط بين العلوم ، وليس المراد به ألا يتعلم الإنسان علمين في زمن واحد في سنة واحدة أو في يوم واحد ، وإنما المراد به ألا يدخل بعضها في بعض في وقت واحد ، لأنّ مصطلحات أهل الفنون تختلف ومراد كل طائفة يغاير مراد الطائفة الأخرى.
كذلك من الأمور التي ينبغي أن تكون عند طالب العلم ألا يدخل في الخلاف حتى يتقن أساس ذلك الفن الذي يدرسه ، لأنك إذا دخلت في الأقوال وفي الأدلة وأنت لم تحط بالمراد بهذه المسائل ، فحينئذ ستُنزِّل كلامهم على غير مرادهم ، ولن تتمكن من فهم هذه المسألة .
كذلك ينبغي أن يعلم بأنّ التعلم في كتاب لا يعني العمل به فطالب العلم يتعلم ما في هذا الكتاب ، لكنه عند العمل يسأل فقهاء عصره إن لم يكن مجتهدا ، و إن خالف ما في الإجتهاد والفتوى ما في ذلك الكتاب فإنه يسأل عن سبب المخالفة حتى يحيط بالقولين ويعرف مستند كل منهما ، هذا شيء مما يتعلق بكيفية الطلب والتلقي ومراتبه.
قال المؤلف : (من لم يتقن الأصول حرم الوصول) المراد بالأصول هنا القواعد والأسس التي يتعلم الإنسان بناء عليها ، (حرم الوصول) مراد أهل العلم أنّ من لم يعرف قواعد التعلم ومراتبه فإنه لن يتمكن من الوصول لتحصيل العلم ، (من رام العلم جملة ذهب عنه جملة) فمن أراد أن يحصل العلم كله في وقت واحد فإنه حينئذ سيذهب منه سريعا ، ولذلك ينبغي للإنسان أن يُقَعِّد القواعد ثم بعد ذلك يبني عليها فروع العلم.
قال : (ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم) فإنّ السمع كلما كان مصغيا لأنواع التعلم مبتدءا بالأقل فالأكثر فإنه حينئذ سيفهم وسينتقل من حال الجهل إلى حال العلم.
قال المؤلف : (فلا بد من التأصيل والتأسيس) (التأصيل) معرفة الأصول وهي القواعد التي ينبني عليها التعلم ، (والتأسيس) يعني معرفة الأسس التي يبنى عليها العلم، فالتأصيل معرفة قواعد التعلم هذا المراد به هنا ، والتأسيس معرفة الأسس والقواعد التي يبنى عليها العلم ، (وذلك بضبط أصل العلم وبدراسة مختصر على شيخ متقن لا بالتحصيل الذاتي وحده) وجدنا من حاول أن يحصل العلوم بنفسه بدون الاستناد إلى شيخ وجدنا منهم أمورا كثيرة منها :
أولا : الخطأ في نطق الكلمات فتجدهم لا يضبطون تشكيل الكلمة ضبطا صحيحا ، وذلك لأنهم أخذوا الكتاب فقرءوا منه فظنوا أنّ ما نطقوه هو الصحيح لأنّ الكتب في الغالب غير مشكلة ، إذا قرأ قال : (مُنَ) مناخ من سبق، وهي (مِنَ) ، إذا قرأ قال : (أَسِيد) وهو (أُسَيد بن حضير) ، إذا قرء (عتاب بن أُسَيد) وهو (بن أَسِيد) وهكذا ، لماذا ؟ ، لأنه اعتمد على ما في هذه الكتب ولم يكن لديه شيخ يأخذ منه طريقة نطق هذه الكلمات.
الأمر الثاني : أن من لم يتعلم على شيخ ، أدخل المسائل بعضها في بعض ، وقد مثلنا له فيما مضى بمن قرأ مسألة من سبقه الحدث في الصلاة ، فحينئذ يقول الفقهاء : يستخلف من وراءه فيقدمون إماما يصلي بهم ، بينما في مسألة من تذكر الحدث في أثناء الصلاة قالوا : تبطل صلاته وتبطل صلاة من خلفه هكذا قال الفقهاء ، فيأتي إنسان فيظن أنّ هذه المسألة هي تلك المسألة فينسب إلى هؤلاء الفقهاء ما لم يقولوه.
وكذلك من الأمور التي تنبني على تعلم الإنسان بنفسه بدون مراجعة شيخ متقن ، أنّ فهم الكلمات والمصطلحات لا يعرف إلا من خلال هؤلاء العلماء الذين يتعلم الإنسان عليهم ، وقد مثلت لكم بأمثلة مصطلح واحد يختلف من باب إلى باب ، وهناك مصطلحات تختلف من عالم إلى عالم ، وهناك مصطلحات تختلف من فن إلى فن ، وهناك مصطلحات تختلف من مذهب إلى مذهب ، مثال هذا : إذا قال إنسان أو فقيه : الكفالة جائزة ، ما المراد بالكفالة ؟ إن كان حنبليا فهو يريد الالتزام بإحضار بدن من عليه حق هذه الكفالة ، وإن لم يكن حنبليا فهو يريد الالتزام بدفع ما في ذمة الآخرين الذي يسميه الحنابلة الضمان ، إذن من أين اختلف المصطلح ؟ باختلاف المذهب ، و قد يكون باختلاف الأبواب ، فكلمة الضمان يراد بها مرة ضم ذمة إلى ذمة ، ومرة يراد بها دفع التعويض ، والكل في كتاب واحد كيف يعرف الإنسان التفريق بينهما ؟ بكونه يتعلم على معلم يدله على مراد أهل العلم بذلك.
الفائدة الرابعة : معرفة الصحيح من الضعيف ، عندما يأتي الإنسان ويقرأ الكتب يكون كحاطب لا يميز بين صحيحها وضعيفها ، و عندما يراجع العلماء المتقنين يدله على الصحيح من الضعيف ، بل يُوجِد لديه قدرة ومَلَكة يتمكن بواسطتها من التمييز بين الصحيح والضعيف ، ولذلك في عصرنا الحاضر وجدنا من لم يطلب العلم على العلماء يقومون بتسجيل أشرطة ثم يكون في هذه الأشرطة من الصواب الشيء الكثير ، عند النطق بالكلمات لا ينطقونها بنطق صحيح ، وعند الروايات لا يفرقون بين الرواية الصحيحة والرواية الضعيفة ، ثم لا يتمكنون من ربط المسائل بعضها ببعض ، أو ربط الحوادث بعضها ببعض لأنهم ليس لديهم دراسة سابقة مبنية على تحصيل عند عالم متقن ، إذا تقرر هذا فإنه لا بد أن يختار الإنسان العالم المتقن ، أما من انتسب إلى العلم ولم يكن متقنا له ، فحينئذ قد يوقعه في أشياء كثيرة مخالفة للصواب والحق ، ومما يتعلق بهذا أن تختار في كل فن من يتقنه ، حتى تكون بذلك قد حصلت الإتقان في ذلك الفن ، وقد يوجد علماء يتقنون فنونا عديدة فمثل هؤلاء هم الذين يحرص على اقتناصهم واقتناص التعلم منهم ، وذلك لأنّ العلوم الشرعية يرتبط بعضها ببعض ، فعندما تأتي بشخص عارف في الفقه ومتقن لكلام أهل العلم فيه ، لكنه لا يعرف قواعد الأصول ، أولا يعرف مباحث المعتقد يكون درسك معه مقطوعا ، لأنّ مسائل الفقه مرتبطة بالأصول وهناك مسائل فقهية عديدة فيها جوانب عقدية . ذكر المؤلف عددا من الأدلة الدالة على مشروعية التدرج في طلب العلم منها قوله تعالى "وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا" كثير من أهل العلم يفرق بين أَنْزل ونزّل؛ لأن نزّل يراد بها التنزيل المفرق ، و أما أنزل فيحتمل أنها تكون كذا و أن تكون كذا ، و هذا إنما يكون عند المقارنة بين اللفظين ، ثم جاء بقوله تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً" هنا لم يؤت في مقابلة أُنزل ، أو قيِّد بقوله : جملة واحدة ، "كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ" هذه هي الفائدة الأولى أن يثبت العلم في قلب المتعلم "وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا" ، وقال "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ"
ذكر المؤلف عددا من الوسائل في التعلم :
أولها "حفظ مختصر في العلم" ، فإنه يُبقي ذلك العلم في القلب.
وثانيها : (ضبط العلم بضبط مصطلحاته) ، وضبط ألفاظه ومعانيها وضبط أساليبه و ضبط أبوابه ، والمراد بالضبط الحفظ التام ، و الضبط يكون للعلم ويكون لكتبه ، فيضبط ما أُلِّف فيه من المؤلفات ، ويضبط أيضا مواطن بحث المسائل التي تبحث؛ أين يبحثها أهل العلم ؟ ، لأنّ كثيرا من المسائل تبحث في غير مظانها، يبحث عنها الإنسان في شيء وهي في باب آخر ، مثال هذا : حديث (أنّ النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن وصل الصلاة بصلاة حتى ينتقل أو يتكلم ) هذا رواه الإمام مسلم ، أين موطنه وأين يُبْحث ؟
(الجواب من الطلبة والشيخ يعيد جوابهم : من كتاب الصلاة)
الشيخ : من أين من كتاب الصلاة ؟
جواب الطلبة: أوقات الصلاة ، صفة الصلاة ، التطوع في الصلوات ، مكروهات الصلاة
الشيخ:كل هذه المباحث يبحثها
طالب آخر: في باب الصيام
الشيخ : غلط،
بحثه في آخر باب صلاة الجمعة ، لابد أن نعرف مواطن بحث المسائل ، عندك مسائل متعلقة بالمسابقات ، أين تُبحث ؟ بعض أهل العلم يبحثها في كتاب القضاء في باب الشهادات ، وبعض أهل العلم يبحثها في كتاب الجهاد ، وبعض أهل العلم يبحثها في كتاب المعاملات بعد أنواع الإيجارات إلى غير ذلك من طرائق أهل العلم ، فعندما يتعلم الإنسان العلم على شيخ وعلى فن معين و على مذهب معين يعرف أين بحث هذه المسائل.
كذلك لا ينتقل الإنسان إلى الكتاب المطول حتى يضبط المتون الأولى في ذلك العلم ، ولا يترك مختصر وهو لم يكمله إلى مختصر آخر ، وكذلك ينبغي بنا أن نقتنص الفوائد كلما وجدنا فائدة علمية وضابطا حرصنا على تقييده ليبقى في الذهن ، ويكون ذلك سببا من أسباب اندفاع الإنسان لهذا العلم ، كذلك الحرص على جعل النفس تلتفت إلى التعلم ولا تلتفت إلى غيره ، بحيث يجمع العبد نفسه في الطلب وفي الترقي من درجة إلى درجة ويكون في نفسه حُرقة ورغبة شديدة في التعلم "والبلوغ إلى ما فوقه حتى تفيض إلى المطولات بسابلة موثقة" تفيض: من المياه إذا فاض الماء بحيث امتلأ المكان الأول فانتقل بعضه إلى مكان آخر، هذا إفاضة الماء فاض الماء ، فهو يفيض من المختصرات إلى المطولات بسابلة ، ما هي السابلة ؟ السحاب القوي الذي فيه مطر كثير ، موثقة بحيث يكون متوثقا من علمه .
ذكر المؤلف خلافا بين ابن العربي المالكي و بين ابن خلدون وفيما يتدرج فيه من التعلم ، فابن العربي يرى تقديم العربية والشعر والحساب ثم ينتقل إلى القرآن ، وابن خلدون يرى أنّ المقدم هم القرآن وحفظه ، وعلى كل معرفة العربية كان الناس يحرصون عليها ، وذلك لأنّ الصبي في أول تكلمه إذا عُلِّم العربية نطقا وأسلوبا لتكون العربية سليقة له فهذا يكون أول ما يتعلمه الإنسان ، وأما تعلم العربية كقواعد وتعلم أنواع علوم العربية الخادمة لهذا فيكون بعد إتقان القرآن ، لأنّ تعلم القرآن وحفظه يعين على معرفة العربية ومعرفة العربية تعين على فهم القرآن ، فهو يبتدئ أولا بحفظ القرآن ثم يتعلم العربية فينطلق من العربية إلى فهم القرآن.
ذكر المؤلف التدرج في التعلم ، وذكر أنه كان من شأن أهل العلم ألا يخلطوا بين المتعلمين فيكون لطائفة التعلم في أول الفنون والمتون في العلم ثم بعد ذلك من أتقنه انتقل إلى المرحلة الأخرى ، فأما إذا خلط الطلاب بعضهم مع بعض فإنه يؤدي إلى خلط و خبط ، ذلك أنّ المبتدئ يسأل سؤالا يناسب حاله ، فيضجر منه من هو أعلى درجة منه ويمل من طلب العلم في ذلك المجلس ، وإذا سأل المتمكن والمتوسط سؤالا قد لا يفهمه المبتدئ فيكون ذلك سببًا لخلط العلوم في ذهنه وإدخال بعضها في بعض ، ولذلك كان من الشأن تقسيم طلبة العلم بحسب درجاتهم ، أما بالنسبة لاختيار المتون كما تقدم فيختلف من بلد إلى بلد ، ومن أهل مذهب إلى أهل مذهب ، فحينئذ فيختار الشيخ لطلابه ما يناسبهم من المتون ويتوافق مع أحوالهم
قال المؤلف أيضًا : الطلاب يختلفون من حيث جودة الفهم ، ومن حيث ما لديهم من صفات تؤهلهم لحفظ العلم ، وما لديهم من رغبة في التعلم ، وما لديهم من قوة الذهن وضعفه ، ولذلك فينتقى لكل مجموعة ما يناسبهم من الكتب.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2089#.VDc3wFcR3gE)
* إجابات على أسئلة طلاب الدورات العلمية بالمعهد/
الشيخ عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : ما معني سابلة موثقة
الجواب : السابلة اسم للمارة الذين يسلكون السبيل أي الطريق، ويطلق أيضاً على الطريق.
ومراده حث طالب العلم على القراءة والاستزادة من العلم وما يحفزه لطلبه حتى يكون كل ذلك كأعوانه في سلوك الطريق الموصل للتمكن من قراءة الكتب المطولة الكبار بحسن فهم ودراية.
السؤال الثاني:وردت العبارة "ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم" أرجو شرح وافي لهذه العبارة. هل يدخل فيها دراسة اكثر من متن او علم في نفس الوقت او التحاق الطالب للدراسة في اكثر من دورة في ان واحد؟ وجزاكم الله خيرًاالجواب:
أي أن الطالب إذا خلط في تعليمه بين دروس في وقت متزامن من غير تنظيم ولا ترتيب فإن ذلك من أسباب عدم ضبط العلم ؛ فيسمع درساً في العقيدة وتبقى عليه مسائل فيه لم يفهما جيداً ثم ينتقل إلى درس في التفسير والعربية وهكذا وهو لم يضبط ما درسه أولاً فإن ذلك ضعف في تحصيله ينتج عنه خلل في البناء العلمي لديه، لأن إذا واصل الدروس بهذه الطريقة يكون كالمستكثر منها على غير فهم وعلم وضبط وتتداخل العلوم لديه ولا يميز بين حدودها.
لكن إذا كان الطالب منظماً لوقته حريصاً فهم الدرس الذي يستمع إليه أو يقرأ فيه، ثم إذا انتقل إلى درس آخر ضبطه كذلك، وحرص على السير في العلم بتدرج ومنهج صحيح فإنه يصل بإذن الله تعالى، ويحصل تحصيلاً جيداً.

السؤال الثالث: مامناسبة ذكر الاية " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" 121البقرة. في هذا الدرس تحت نقطة اخذ الطلب بالتدرج؟
الجواب: يتلونه حق تلاوته : أي يحسنون قراءته والعمل به والاهتداء بهديه، ويتبعونه حق اتباعه.
قال عبد الله بن مسعود"والذي نفسي بيده إن حق تلاوته: أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله". رواه ابن جرير.
وتعلم العلم النافع والعمل به هو من المعاني التي تضمنتها تلاوة الكتاب حق تلاوته لأن القرآن هو أصل العلم والهدى.

السؤال الرابع: من كان دليله كتابه كان خطؤه أكثر من صوابِهِ . لقدسمعتُ الناس يقول هذا قولاً من الإمامِ الشافعي فهل هذا صحيح ام لا؟
الجواب: لا أعلم ثبوت هذا اللفظ عن الشافعي رحمه الله ، لكن له في معناه كلام آخرة ، وهي مقولة مشهورة مأثورة ، ومعناها صحيح ، فمن كان يقتصر في طلبه للعلم على قراءة الكتب من تلقاء نفسه بلا منهج بيّن في القراءة يقرّه عليه عالم معروف أو طالب علم متمكن ، ولا يعرض تحصيله وقراءته على من يقوّمه ويسدده بتنبيهه على ما أخطأ فيه وإرشاده لما يحتاج إلى دراسته فهذا لا شك أن طريقته في القراءة تفضي به إلى أخطاء كثيرة.
لكن لا ينبغي أن يفهم من هذه المقولة أن لا يقرأ الطالب كتاباً إلا على شيخ ؛ فهذا من التزمه فرّط في علم كثير ووقت كبير ولم يحصّل كبير علم بطريقته هذه .
بل ينبغي لطالب العلم أن يكون حريصاً على قراءة كتب العلم وأن يستشير في أوّل أمره في انتقاء ما يقرأ مما يناسب مستواه العلمي وإذا أشكل عليه شيء سأل عنه وإذا استغلقت عليه مسألة طلب من يشرحها له فبذلك يحصّل تحصيلاً جيّدا.
وأمّا من زعم أنه لا يحتاج إلى العلماء والشيوخ وأنه يقدر على تحصيل العلم بالقراءة في الكتب دون الرجوع إلى أهل العلم فهذا بمثابة من يدّعي أنه يستطيع أن يكون طبيبًا بمجرّد القراءة في كتب الطب ويكون مهندسًا بالقراءة في كتب الهندسة دون أن يكون له منهج موصل ودربة عملية وإشراف علمي من عالم بالصنعة ؛ وهذه الدعوى لا تصدر إلا من جاهل مكابر.هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2089#.VDc3wFcR3gE)

أم أبي التراب
10-12-2014, 04:16 AM
مراحل الطلب
وقد كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ،
ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) .
وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) .
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .
وكانوا مع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛ وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَا مُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
......... وهكذا كانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِ الصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فهل من عودةٍ إلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ، وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَ ولا فَهْمَ .وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ، سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ ؟ واللهُ الْمُستعانُ .
......... وقالَ الحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (م سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُ صاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه ) . قلتُ : أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذي يَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ، زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لا يَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلا فلا يَتَعَنَّ ) اهـ .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2100#.VDnZvFcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:
وقد كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ : للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ، ثم ( كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ : ( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و ( التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) .
وفي النحوِ : ( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها ) لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ : ( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم ( بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّاتِ السِّتِّ وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ )
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .

الشيخ:
يقول رحمه الله وأطال حياته في طاعته يقول: (ففي التوحيد: ثلاثة الأصول وأدلتها والقواعد الأربع ثم كشف الشبهات ثم كتاب التوحيد أربعتها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) هذا في توحيد العبادة يعني يبدأ بالأصغر فالأصغر، ثلاثة الأصول تدور عليها من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ أربعة قواعد أيضا تدور على قوله تعالى: { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
كشف الشبهات شبهات بعض أهل الشرك التي أوردوها وأجاب عنها الشيخ رحمه الله بما تيسر وفي توحيد الأسماء والصفات العقيدة الواسطية التي ألقها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهي من أخصب كتب العقيدة وأحسن كتب العقيدة وسميت الواسطية نسبة إلى واسط لأن بعض قضاتها قدم إلى الشيخ رحمه الله وطلب منه أن يكتب ملخصا في عقيدة السلف فكتب هذه العقيدة المباركة. كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
قال : (ثم الحموية ثم التدمرية) والحموية والتدمرية: رسالتان أوسع من العقيدة الواسطية لكنها أجمع منهما لأنه ذكر فيها الأسماء والصفات والكلام على الإيمان باليوم الآخر وطريقة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك فهي أجمع من التدمرية والحموية لكن التدمرية والحموية تمتازان بأنهما أوسع منها في باب الصفات يقول : (فـ) الفاء للترتيب (الطحاوية مع شرحها) . وهي معروفة وصارت شائعة منتشرة بين الناس الآن حيث قررت في الجامعة .
(في النحو الآجرومية) كتاب صغير في النحو لكنه مبارك وجامع، مقسم، سهل وأنا أنصح به كل مبتدئ في النحو أن يقرأها، كذلك أيضا ملحة الإعراب للحريري ثم قطر الندى لابن هشام وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل هكذا قال الشيخ بكر لكني أقول الآجرومية ثم (...) إلى الألفية أما أن نحشوا أذهاننا بكتب تعتبر كالتكرار لأولها فلا حاجة (ملحة الإعراب) هذه نظم فيها بيت مشهور عند الناس وهو قوله:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العملية بالذات فيها سبق إذا انتهت قال
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور، كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العلمية (...) فيما سبق إذا انتهى قال:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
المهم أنا أختار الآجرومية ثم ألفية ابن مالك احفظها واستشرحها من رجل عالم بالنحو وفيها الخير الكثير، في الحديث الأربعين النووية وهذا طيب هذا الكتاب طيب لأن فيه آدابا ومنهجا جيدا وقواعد مفيدة جدا في حديث واحد يمكن أن يبني الإنسان حياته عليه (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) هذه قاعدة لو جعلتها هي الطريق الذي تمشي عليه وتسير لكانت كافية وفي النطق (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)) فهي من أحسن ما ألف، ثم عمدة الأحكام للمقدسي ثم بلوغ المرام ) وأرى أن يقتصر على بلوغ المرام لأن عمدة الأحكام داخلة في بلوغ المرام أكثر أحاديثه موجودة في بلوغ المرام، بلوغ المرام أوسع منه وأشد تحريرا لكن:
إذا لم تستطع شيء فدعه = وجاوزه إلى ما تستطيع
إذا قال: أنا ما أستطيع أني أحفظ بلوغ المرام لاسيما وأن فيه رواه فلان وصححه فلان وضعفه فلان هذه (...)
قلنا له إذا لم تستطع شيئا فدعه عندك عمدة الأحكام زبدة، أي ساعة تريد أن تستدل خذ حديثا منها ولا حاجة أن تبحث عن صحته لأن أحاديثه منتخبة من البخاري ومسلم، (والمنتقى للمجد بن تيمية رحمهم الله) المنتقى أكبر من بلوغ المرام بكثير لكنه أضعف منه من حيث بيان مرتبة الحديث لا يذكر رحمه الله بيان مرتبة الحديث . نعم.
قال : (فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها) ما هي الأمهات الست؟ البخاري، ومسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة، وسميت أمهات لأنها مرجع الأحاديث ولهذا قال بعض العلماء: إذا رأيت حديثا في غير الأمهات فلا تحكم عليه حتى تحرره تخريجا لأن هذه الأمهات هي التي اشتهرت بين المسلمين وأخذوها وتلقوها بالقبول وإن كان فيها الضعيف وربما الموضوع أيضا، لكن اشتهرت واعتبرت عند المسلمين .
في المصطلح: نخبة الفكر لابن حجر، ثم ألفية العراقي رحمه الله) نخبة الفكر أظنها ثلاث صفحات تقريبا لكنها نخبة، يعني الإنسان إذا فهمها تماما وأتقنها تغني عن كتب كثيرة في المصطلح لأنها مضبوطة تماما وله طريقة غريبة في تأليفها وهي السبر والتقسيم، أكثر المؤلفات يأتي الكلام مرسلا يعني سلسلا لكن هو رحمه الله اخترع هذه الطريقة الخبر إما أن يكون له طرق محصورة بعدد أو غير محصورة والمحصورة بعدد كذا وكذا وكذا ثم (...) فتجد أن الإنسان إذا قرأها يجد نشاطا لأنها مبنية على إثارة العقل وأنا أشير على كل الطلبة أن تحفظوها لأنها خلاصة (...) نعم.
يقول: (ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) ألفية العراقي مطولة لكن أرى أن الإنسان يقتصر على فهمها وأنه لا حاجة إلى حفظها ثم قد يكون هناك متون أهم منها.
(وفى الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ).
ثلاثتها يعني بذلك عمدة الفقه، المقنع، المغني.
لكن غيره ذكر أربعة وهي العمدة، ثم المقنع، ثم الكافي ثم المغني.
كفى الناس بالكافي وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
ذكرت هذه الأربع في البيتين (...) فالعرب تقرأ القصيدة أكثر من خمسين بيتا ثم ينصرفون وقد حفظوها. نعم أعيدها؟ يقول:
كفى الناس بالكافي -يغني الموفق- وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
أو قال: وأغنى بمغني الفقه من كان عالما نسيت أنا . (...)
(وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ) قفزة جيدة الورقات ورقات صغيرة لكن بعد هذا إلى روضة الناظر الفرق بينهما كبير لكن هناك كتب مختصرة في أصول الفقه وجيدة يمكن أن يعتمد الإنسان عليها وربما تغنيه أيضا عن روضة الناظر وأصول الفقه هي عبارة عن قواعد وضوابط يتوصل الإنسان بها إلى معرفة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
(وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) أما الرحبية فهي للرحبي وشروحها متعددة والفوائد الجلية للشيخ عبد العزيز بن باز لكن أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية، البرهانية أجمع من الرحبية من وجه وأوسع معلوماتا من وجه آخر ففي مقدمتها ذكر الحقوق المترتبة على التركة .. أو المرتبة في التركة من بعد موت الإنسان يعني المتعلقة بالتركة ذكرها ولم تذكر في الرحبية ذكر أركان الإرث وشروط الإرث ولم تذكر في الرحبية ذكر (...) وذوي الأرحام ولم تذكر في الرحبية على أنها أخصر من الرحبية وأجمع، في باب الثلثين الرحبي ذكر أربعة أبيات والبرهاني ذكر بيتا واحدا فقال:
الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
بيت واحد
(الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
كل واحد له النصف إذا صار معها نظيرها صار لهما الثلثان ( طيب ) ولها شرح لابن سلوم مطول ومختصر مفيد جدا ولذلك أنا أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية من الوجوه التي ذكرتها . نعم.
في التفسير يقول : (تفسير ابن كثير) وهو جيد بالنسبة للتفسير بالآثر لكنه قليل الفائدة بالنسبة لأوجه الإعراب والبلاغة وخير ما قرأت في أوجه الإعراب والبلاغة (الكشاف) للزمخشري وكل من بعده فهم عيال عليه أحيانا تجد عبارة الزمخشري منقولة نقلا، لكن تفسير الزمخشري فيه بلايا من جهة العقيدة لأنه معتزلي .
في أصول التفسير: (المقدمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) معروفة المقدمة في التفسير وهي كتاب مختصر جيد مفيد.
(في السيرة النبوية مختصرها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأصلها لابن هشام وفي زاد المعاد لابن القيم رحمه الله) لكن السيرة النبوية المختصرة والأصل مجرد تاريخ أما زاد المعاد فإنه تاريخ وفقه، فقه من السيرة قد يكون في التوحيد وقد يكون في الفقه في الأمور العملية.
(وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى) .
(العناية بأشعارها كالمعلقات السبع) المعلقات السبع قصائد من أجمع القصائد وأحسنها وأروعها اختارتها قريش لتعلق في الكعبة ولهذا تسمى المعلقات ولما ذكر ابن كثير رحمه الله اللامية لأبي طالب قال: هذه اللامية يحق أن تكون مع المعلقات لأنها أقوى منها وأعظم وفيها يقول أبو طالب:
لقد علموا أن ابننا لا مكذب = لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
يعني الرسول عليه الصلاة والسلام وهذه شهادة للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه صادق لكن هذه الشهادة من أبي طالب لم تستلزم القبول والإذعان فلذلك لم تنفعه، وخذل عند موته بل كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: قل لا إله إلا الله ولكن لم يقل نسأل الله العافية.
يقول أيضا (القراءة في القاموس) لكن هل نقرأ في القاموس أو نراجع القاموس ؟ الثاني نراجع . أما نقرأ القاموس مهما قرأت ما تستفيد الفائدة المرجوة، لكن فيه مقدمات مشروحة جيدة في الصرف لو قرأها الإنسان يكون ذلك طيبا.
وهكذا من مراحل الطلب في الفنون.
(...)
سؤال: عندنا هنا من أصعب العلوم على أكثر الشباب علم اللغة (النحو والصرف) ودائما المشايخ ينصحوننا بأن نبدأ بالنحو في علم اللغة ولكن كثير من الشباب يتكاسل ولا يستمر فهل يبدأ بغيره قبله، كالفقه والأصول والمصطلح؟
الجواب: نعم ، لا بأس أن يبدأ بغيره قبله ولا يضر، كم من علماء فقهاء يشار إليهم بالأصابع يلحنون في فقههم لكن لا شك أن علم العربية يعينك على فهم القرآن والسنة ويجمل كلامك لأنك لو سمعت رجلا يقول: جاء زيدا راكبٌ، مججت هذا الكلام مع أن المعنى واضح عنده هو، وكثير من الناس يضيق صدره جدا إذا سمع قارئًا يلحن، ولكن قل للإخوان: إن النحو كما قاله مشائخنا عن النحو بابه من حديد وجوفه من قصب يعني أنه سهل ادخل الباب والباقي يكون سهلا عليك ، وهذه حقيقة لاسيما إذا وفق الإنسان لمعلم يكثر ضرب الأمثلة فإنه يسهل عليه علم النحو.
السؤال الثاني : كما بينتم حفظكم الله أن قراءة الشعر تقوي الجانب اللغوي عند الطالب، ما حكم قراءة أشعار العرب وفيها من الغزل وغيره ؟
جواب الشيخ :
أما الإنسان الذي لا يحركه هذا الغزل ، فلا بأس .
وأما الذي يحركه ويخشى على نفسه منه فليتجنبه.
سؤال : ما حكم وضع القرآن الآن في بدالة الهاتف بحيث يكون في وقت الانتظار أو وقت تحويل مكالمة إلى مكالمة يسمع المتصل شيء من القرآن أو أحيانا شريط موعظة أو غيره ؟
جواب الشيخ :
أما القرآن فلا أرى ذلك ، لأن هذا ابتذال للقرآن حيث نقضي به غرضا فقط ، ثم قد يستمع إليه من لا يقدره ولا يعظمه ويكرهه، لكن من الممكن أن تضع حكمة من الحكم . أو إذا كنت في مصلحة أو جهة تبين عمل هذه الجهة أو المؤسسة في أثناء الانتظار .
سؤال لأحد التجار: يقول إن عنده بضاعة من سراويل الرجال فوق الركبة قليلا وكذلك أغراض للنساء يمكن أن تستخدم داخل البيت ويمكن أن تستخدم خارج البيت يعني إذا استخدمت خارج البيت تكون فتنة وأما داخل البيت فتكون للزوج أو بين النساء فهل يجوز له أن يبيع مثل هذه الأغراض؟
الجواب: الشيء الذي يخشى أن يكون فتنة لا يجوز ، وأما السروال القصير للرجال فإذا كان من عادة الناس أن يلبسوا فوقه قميصا ساترا فلا بأس ، أما إذا كانوا لا يلبسون إلا قمصا خفيفة يتبين من ورائها لون الجلد فإنه لا يبيع هذه السراويل إلا على من تستر منه ما بين السرة والركبة.
(...)
سؤال: (...)
الجواب: أما المسألة الأولى فلا بد أن يكون للقصر ولي يتصرف بما يراه أنفع ، من قسم المال أو إبقائه على ما هو عليه وكل إنسان منهم يحتاج يعطى ما يحتاجه لكن يقيد من نصيبه وليس من الجميع. وأما الثانية فإنه إذا تنازل الأب فله أن يرجع لأن الأب يجوز له أن يرجع في هبته لابنه وأما الأم فليس لها أن ترجع (...) الجد ليس له أن يرجع ولا الأم.

سؤال: (...)
الجواب: إذا لم يكن لم ولي فوليهم القاضي.

سؤال: (...)
الجواب: هل آتاك الله علما؟ هل هو وحي؟ (...) يعني ما آتاه مثله في وجوب العمل ولهذا قال: (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) فأراد عليه الصلاة والسلام أنه مثله في العمل أي في وجوب العمل. (...) المماثلة متعذرة ليس مثل القرآن لا في الإعجاز ولا في الاحترام ولا في تحريمه على الجنب (...) لأن الرجل يقول: (ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) يعني ولا ألتفت للسنة، فقال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) (...) الرسول ما أوحي إليه فيها أشياء حكم بها وأنكرها الله عليه (...) بالعكس الأصل أن ما قاله ليس بوحي إلا ما دل عليه الدليل، لكن إقرار الله له يجعله حجة بمنزلة الوحي.

القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:

.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .

وكانوامع ذلكيَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِالقَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَامُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
الشيخ :
الشيخ بكر يتحدث عن الطلب في قطرنا ، وليس عن الطلب عموما ، ولهذا هذه الكتب التي عينها إنما هي في قطرنا وقد يكون ما يساويها أو يشابهها في الأقطار الأخرى على هذا النمط.
وأما قوله: (يركزون على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله) ، فهذا صحيح ، غالب المتأخرين يركزون عليهما ، وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يحثنا على قراءتهما ، أي قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لأن فيهما من التحقيق والتحرير والتقعيد ما لا يوجد في غيرهما.
وتحس وأنت تقرأ بأن كلامهما ينبع من القلب ، ولهذا يؤثر في زيادة الإيمان .
وأما تمثيله أيضا بتاريخ ابن جرير وابن كثير ، فهذا أيضا عند المراجعة لا بأس ، أما كون الإنسان يجعله قراءة يقرؤها فهذا طويل ربما يقطع عليه وقتا كثيرا .
وقوله: (كتب أئمة الدعوة) ، المراد بهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وبنوه وأحفاده ، ومن تتلمذ عليهم .
المتن :
......... وهكذاكانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِالضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِالصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُللهِ ربِّ العالمينَ .فهلمن عودةٍإلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ،وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَولا فَهْمَ.
الشيخ :
لا حول ولا قوة إلا بالله، قوله وفقه الله : الاعتماد على هذه المتون الأصيلة لا على المذكرات ، هذا صحيح ، لأن المذكرات قد يكون واضعها ممن لا يعرف من هذا الفن إلا معرفة سطحية ، فتجده يلتمس كلمات من هذا وكلمات من هذا وكلمات من هذا ، ولا يكون الكلام محررا متناسقا ، لكن هذه الكتب القديمة الأصيلة محررة متناسقة مخدومة.
وكذلك أيضا الحفظ هو الأصل ، علم بلا حفظ يزول سريعًا ، وكانوا بالأول يلعبون علينا لما كنا في الطلب ، يقولون لا تتعب نفسك في حفظ المتن عليك بالفهم ، الفهم الفهم، لكن وجدنا أننا ضائعون إذا لم يكن عندنا حفظ .
ما نفعنا الله تعالى إلا بما حفظنا من المتون ، ولولا أن الله نفعنا بذلك لضاع علينا علم كثير، فلا تغتر بمن يقول الفهم ، ولهذا هؤلاء الدعاة إلى الفهم لو سألتهم أو ناقشتهم لوجدتهم ضحلاء، ليس عندهم إلا علم ضحل ، (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} .

القارئ : وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ،سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ، واللهُ الْمُستعانُ.

الشيخ: قوله: (خلو التلقين) : يعني تلقين العلم ، (من الزغل والشوائب والكدر ، سير على منهاج السلف) ، يعني ينبغي للعالم والمتعلم أن يكون التعليم والتعلم منهما خاليا من هذه العيوب، بل ينبغي أن يكون صافيا ، بحيث يكون المعلم يريد بذلك إيصال العلوم إلى الطلاب دون الاستعلاء عليهم أو إظهار علمه عليهم أو ما أشبه ذلك ، ويكون التلميذ كذلك واثقا مطمئنا إلى ما يقوله معلمه، لأنه إذا كان يتعلم منه يقول أنا أتعلم الآن ولكن إذا خرجت أبحث عن عالم آخر فكأنه لم يأخذ عن هذا العالم أخذ واثق ، أو (...) وهذا يضيعه بلا شك .
لكن إذا أخذ عن العلم أخذ مستفيد واثق ، ثم بعد ذلك إذا كبر وترعرع في العلم وصار عنده ملكة ، فلا مانع أن يخالف شيخه فيما يرى أن الصواب في خلافه . لكن مادام في زمن الطلب فليتكأ على من يتعلم على يديه وليأخذ كلامه بثقة واطمئنان ، حتى يرسخ، أما أن يأخذ ويقول: إذا خرج أبحث مع أناس أو مع طلاب علم هذا لا يصح أبدا ولا يستقيم للطالب طلب على هذا الوجه.
القارئ:
وقالَالحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (المتوفى سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُصاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍجَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه. (قلتُ: أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذييَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ،زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لايَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلافلا يَتَعَنَّ ) اهـ.
الشيخ :
هذه ثقيلة من الذهبي رحمه الله ، لو بقينا على كلام الحافظ عثمان بن خرزاد لكان أحسن.. يعني أهون علينا.
- الأمانة جزء من الدين ، فتدخل في قوله : (تحتاج إلى عقل جيد ودين).
- والضبط داخل في الحفظ ، يعني حذق الشيء بمعنى فهمه وأدركه جيدا. كم يبقى من الخمس؟ يبقى ثلاثة لكن دخل علينا أكثر من الثلاثة، - يحتاج إلى أن يكون تقيا ، هذا صحيح، والتقوى رأس كل عبادة وهي الأصل، والتقوى هي فعل أوامر الله واجتناب نواهيه لأن بذلك تكون الوقاية من عذاب الله.
- ذكيا يعني ليس غبيا ، ضد الذكاء الغباء بأن يكون عنده فطنة وكم من إنسان حافظ وليس بذكي ، وكان رجل ممن سبق حافظا جدا، سريع الحفظ، بطيء النسيان ، حفظ (الفروع) لابن مفلح ، وهي ثلاث مجلدات كبار، وهو حاوي لجميع الوفاق والخلاف وكان يحفظه كما يحفظ الفاتحة ، لكن لا يفهم منه شيئا لأنه غير ذكي ، فكانوا يلقبونه بحمار الفروع : لقوله تعالى : {كمثل الحمار يحمل أسفارا } لكن لا ينتفع به وكانوا يأتون إليه على اعتبار أنه نسخة ، إذا اختلفوا في شيء راجعوه ، ماذا قال ابن مفلح في المسألة الفلانة؟ ، ثم يسرد لهم، فيكون مراجعة، يعني كتاب مراجعة، فبعض الناس يكون عنده حفظ قوة حافظة ، إدراكا وإبقاء ولكن ليس عنده ذكاء .
وبعض الناس بالعكس ذكاءه متوقد لكن ليس عنده حافظة .
- نحويا لغويا : النحوي هو الذي يعتني بالإعراب والبناء وهذا يختص بأواخر الكلمات، اللغوي يدخل فيه من تعلم علم الصرف وعلم مفردات اللغة ، وعلى هذا فلا بد من مراجعة كتب النحو : كتب الصرف وكتب اللغة كالقاموس ولسان العرب وغير ذلك .
- زكيا تقيا : الزكي والتقي معناهما متقارب ، فإن ذكرا فينبغي أن يحمل التقي على من ترك المحرمات والزكي على من قام بالمأمورات .
ويعجبني أن أذكر لكم كلمة قالها شيخ الإسلام رحمه الله في أهل الكلام قال: (إنهم أوتوا فهوما وما أوتوا علوما) يعني عندهم فهم لكن ليس عندهم علم . (وأوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء ). يعني أذكياء لكن ليسوا أزكياء.
- حييّا : لكن بشرط : أن لا يمنعه حياؤه من طلب العلم ، ولهذا قال بعضهم : لا ينال العلم حيي ولا مستكبر . يكون حيي ولكن لا يمنعه ذلك من أن يطلب الحق.
قالت أم سليم للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟) قال : ((نعم إذا هي رأت الماء)).
- سلفيا : يعني يأخذ بطريقة السلف في العقيدة والأدب والعمل والمنهج وفي كل شيء لأن السلف هم صدر هذه الأمة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )).
(يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد )، ونعزي أنفسنا بأن المجلدات عندهم قليلة ، أي قد تكون خمسين صفحة عندهم مجلدا ، فإن كان هذا هو المراد فلعل الله أن يعيننا عليه ، وإن كان المراد بالمجلد أنه ستمائة صفحة ، فالواحد منا لو يبقى ليلا ونهارا ما أظنه يكتب مائتي مجلد . مائتي مجلد * ستين صفحة كم؟ اثنا عشر ألف.
وقوله : (ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ)، ومن الذي عنده مكتبة بها خمسمائة مجلد؟!
على كل حال هم يقولون على قدر حالهم ونقول : الله المستعان .
(وألا يفتر عن طلب العلم إلى الممات) : هذا صحيح ، يعني أن طالب العلم يجب أن لا يفتر ، لأنه إذا عود نفسه الفتور والكسل اعتاد ذلك ،

ومن طلب العلا سهر الليالي

لا تفتر، ويقال : أعط العلم كلك تدرك بعضه ، وأعطه بعضك يفتك كله .
العلم يحتاج إلى تعب وعناء ، لكني أقول لكم: إن الإنسان إذا ترعرع في العلم سهل عليه أن يعلم أشياء قد لا تكون في بطون الكتب . لا سيما مع النية الخالصة وإرادة الحق والحكم بشرع الله فإن الله تعالى يهبه علما لا يطرأ على باله ، ولا يجده في بطون الكتب، وكثيرا ما نقف عند مسألة من المسائل في الكتب في مظانها ولا نجدها، ثم إذا فكرنا في آية من كتاب الله أو في حديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدنا الحل ، لأن بركة القرآن والسنة لا يضاهيها أي بركة ، يقول: (بنية خالصة وتواضع) ، التواضع هذا من أهم ما يكون ، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التواضع للحق وللخلق ، من أهم شيء لطالب العلم التواضع ، لأن التواضع خلق من الأخلاق العظيمة التي قال الله تعالى فيها لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { وإنك لعلى خلق عظيم } فأعظم الناس تواضعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أشرفهم مقاما عند الله ورتبة، قال : (وإلا فلا يتعن) ، يعني لا يتعب نفسه إن لم يتصف بهذا فلا يتعب نفسه ، ولكن نقول عفا الله عنك يا ذهبي، ارجع إلى قول الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } ولنعامل الناس بما يمكن أن يقوموا به ، وإلا لنفر الناس ، لو قلنا للطالب يكفيك أن تكتب مائتي مجلد بيديك، هذه كفاية ، والأكمل خمسمائة أو ستمائة ، وله يكفيك أن يكون عندك من الدواوين خمسمائة مجلد ، والأكمل ألف مجلد، يعني لو قلنا للطالب هكذا لثقل عليه الطلب ، لكن نقول: يكفيك أن تكتب بيديك ما تقدر عليه بشرط أن يكون عندك حرص ونشاط في طلب العلم ، والله الموفق .
(...)
سؤال: (...) شريط يشمل أحاديث فقط
الجواب: الأحاديث بارك الله فيك أهون لكن عندكم من الحكم الكثيرة ارجعوا إلى ديوان المتنبي ارجعوا إلى روضة العقلاء تجدون من الحكم ما يملأ البدالة والبدالتين.


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2100#.VDnZvFcR3gE)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

الشيخ:
ذكر المؤلف حال علماء هذه البلاد وكيف كانوا يسيرون ، وابتدأ بعلم المعتقد والتوحيد لأنّ التوحيد يقدم على غيره من الفنون وذلك لأنه أصل الأصول ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يعلم من دعاه أول ما يعلمه إفراد الله بالعبادة ، ولأنّ هذا هو الذي يجعل الإنسان من أهل دين الإسلام ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرسل المعلمين يأمرهم بأن يبتدؤوا بهذا الأصل قال : (يا معاذ إنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله) ، وفي رواية (إلى شهادة أن لا إله إلا الله) .
ذكر المؤلف الكتب المؤلفة في هذا وهي كتب نافعة قيمة وكثير منها محل عناية أهل العلم في كثير من الأقطار.
قال المؤلف : (وكانوا مع ذلك -أي: مع دراستهم للمتون وتفهمها- يأخذون بجرد المطولات) أي : بقراءتها بدون شرحها وقد يعلقون تعليقا خفيفا على شيء من هذه المطولات ، و أدركنا ممن يقرأ المطولات وتُجرد في مجالسه كالشيخ عبد العزيز بن باز غفر الله له.
ومثّل المؤلف بالكتب التي كانت تدرس: (بتاريخ ابن جرير ، وتفسير بن جرير ، وتاريخ بن كثير ، وتفسير بن كثير ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية) ، فإنهم كانوا يحرصون على قراءتها ويبذلون من أوقاتهم من أجل تعلمها ، (وكتب أئمة الدعوة وفتاواهم لا سيما محرراتهم في الاعتقاد) ، وأعطيكم فائدة متعلقة بهذا وهي أنّ أهل العقيدة الصحيحة يبارك الله لهم في أذهانهم و فهومهم ، ولذلك تجد عندهم من الفوائد مالا تجده عند غيرهم ، فيكون عندهم من الاختصار في اللفظ ما ليس عند غيرهم ، فالأقوال القليلة عندهم تدل على المعاني الكثيرة ، و ذلك أنهم لما جردوا عباداتهم لله وجردوا مقاصدهم لله بارك الله في علومهم ، وبارك الله في أقوالهم ، ولذلك كلما كان الإنسان صاحب معتقد صحيح فإنّ الله جل وعلا يجعلك تستفيد منه أكثر من الاستفادة من غيره ، ولهذا انظر إلى كتب الشيخ محمد قرأنا منها كتابين في الأسبوعين الماضيين ألفاظ مختصرة تدل على معان كثيرة ، وهذا من بركة ما آتاه الله لذلك الإمام غفر الله له ، ثم إنه ينبهك إلى جزئيات تكون منطلقا لك في حياتك كلها بكلام سهل يسير لا تجد مثل هذه التنبيهات عند غيرهم ، و عند غيرهم تجد الكلام كثيرا طويلا وفائدته وزبدته قليلة ، ولذلك كان من فضل الله جل وعلا على هذه البلاد أن جعل فيها من العلماء من يكون محل ثقة عند العالم الإسلامي ككل ، وذلك أنهم ينطلقون في علمهم من معتقد صحيح ويؤسسون علمهم على أصول صحيحة وقواعد للتعلم صحيحة ، وكذلك يستندون ويعتمدون في كلامهم على أدلة شرعية واضحة من القرآن والسنة ونحوهما.
ثم ذكر المؤلف كيف كان أولئك يشغلون جميع أوقاتهم بالتعلم فكانت الأوقات كلها عامرة في الطلب ومجالس العلم ، ذكر المؤلف صفتهم في هذا والناظر في تراجمهم يجد هذا واضحا جليا ، فحينئذ لا ينبغي للإنسان أن يلتفت إلى هذه المشغلات التي تشغله من أنواع الألعاب أو أنواع المجالس أو أنواع الأحاديث الجانبية في غير طلب العلم الشرعي ، ثم ذكر المؤلف ما هم فيه من هذه الحلقات من أدب جم وتقدير فيما بينهم وعزة نفس للإنسان ، بحيث لا يذهب إلى سفاسف الأمور ، (مع التزامهم بطريقة ونهج سلفنا الصالح ولذلك أدركوا) يعني: أنّ أهل هذه البلاد أصبح فيهم علماء أدركوا ، وصار منهم في عداد الأئمة في العلم جمع غفير ، ولذلك لا زال أهل العلم يستندون إلى أقوال علماء هذه البلاد ويرجعون إليهم ، وهذا من فضل الله جل وعلا ، وحينئذ طالب المؤلف بالعودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة وأن يُرجع إلى كتب أهل العلم ، أما الكلام والحديث والمحاضرات العامة و التي ليس لها أساس ومنهج فإنها لا تضبط ، وبالتالي ينبغي أن نرجع في دروسنا إلى المتون العلمية حتى نضبط العلوم ونعرفها ، وأما الكلام الذي يكون بدون رجوع إلى كلام أهل العلم فإنه لا ينضبط ولا يؤسس طالبا للعلم ، لأنه يحفظ ما في هذه المذكرات وينساها بعد مرور أوقات الاختبار فيها ، أو بعد مضي زمن ثم بعد ذلك يصبح هو والعامي في مرتبة واحدة ، و لكن من ضبط العلم بمراجعة متونه وأصوله ، فإنه حينئذ يتمكن من ذلك العلم ، ولذلك أيضا نعرف مواطن بحث المسائل ، ومن هنا لا ينبغي أن نعتمد على مجرد الفهم وينبغي أن يكون لنا طريقة في حفظ الأصول الشرعية كتابا وسنة ومتون أهل العلم فإنه بمضي الوقت يضيع الفهم ويبقى الحفظ ، فالحفظ إذا بقي استعدت الفهم لأنّ الآلة عندك موجودة ، ولكن إذا كان عندك فهم ولم يكن عندك الأصل فإنّ المفهوم يضيع وتكون عندك الآلة لكن ليس عندك الأصل الذي ترجع إليه في الفهم.
قال : (وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر سير على منهاج السلف) ، الزغل : ما يكون من الشوائب في أنواع الأقمشة والقطن ونحوه ، الشوائب : ما يدخل في أنواع الحبوب من السنبل أو القشرة هذه يقال لها شوائب ، و الكدر : هذا غالبا يكون في المياه الشيء غير الصافي ، فينبغي أن تكون المتون والكتب التي نقرأها خالية من مثل هذا ، وهذه المذكرات قالها إنسان وتكلم بها لكنه مرات يتكلم بكلمة ويَنِدّ ذهنه يريد أن يتكلم بكلمة فتخرج منه كلمة أخرى ، وتجدون هذا عند كثير من المعلمين والمدرسين بينما الكتب حرص أصحابها على ضبطها ثم بعد ذلك وُجد أناس كثر يتدارسونها وينبهون على ما فيها من مثل هذا ، بخلاف هذه المذكرات فإنها لا تشتمل على مثل هذا ، ولازال سلفنا وأئمتنا يسيرون على هذه الطريقة بمراجعة المتون العلمية ، فحينئذ لا ينبغي أن تغرنا مثل هذه الدعايات التي تُنَفِرّ من كتب أهل العلم المتقدمين .
ذكر المؤلف صفات طالب صفات راوي الحديث وصاحب الحديث:
أولها : (العقل الجيد) الذي يعرف به عواقب الأمور ويميز به بين المتشابهات ،
و(يحتاج إلى دين وورع) بحيث لا يعتمد على الظنة ، أو يكون كاذبا في حديثه أو يعتمد على رواية من لا يصح أن يعتمد على روايته .
والثالث : يحتاج إلى (الضبط) وهو تمام الحفظ .
والرابع : يحتاج إلى (حذاقة بالصناعة) ، معرفة القواعد التي يسار عليها في التعلم مع (وجود الأمانة) لكي لا يدخل في العلم ما ليس منه ، وينبغي أن يعرف بذلك حتى يوثق بكلامه ، فمن لم يعرف بأنه أمين لم يعتمد على قوله ، وذكر المؤلف أيضا كلام الذهبي فقال : (الأمانة جزء من الدين) ، بحيث يرجع بعض هذه الصفات السابقة الخمس إلى بعضها فالأمانة راجعة إلى الدين ، والضبط راجعة إلى الحفظ ، قال : ينبغي أن يكون (تقيا) وهو التقوى الٌإقدام على الطاعة والهرب من المعصية لله من أجل الآخرة ، وأن يكون (ذكيا) يعرف حقائق الأمور وضوابطها ، (نحويا) يعرف قواعد ضبط أواخر الكلمات (لغويا) يفهم معاني الكلام ، (زكيا) يعني طاهرا ليس في نفسه خبث ولا طوية غير محمودة ، (حييا) يستحي مما لا يليق به (سلفيا) سائرا على نهج سلفنا الصالح يبتعد عن البدع وعن أهلها ، (يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد) يعني أنّ طالب العلم حتى يصل يكتب بيديه مائتي مجلد من الفوائد ، ومن أنواع العلم ، (ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد) ، فإذا قرأ خمس مائة مجلد وكتب مائتي مجلد من الفوائد فقد أحرز العلم ، وتأهل للتعليم ، وعليه أيضا (ألا يفتر من طلب العلم) أي لا يتوقف يستمر ولا يمل (إلى الممات) إذا توقف وظن أنه قد علم أصبح ينتقل إلى الجهل ، ولابد أن يكون ذلك (بنية خالصة لله) لا يريد الدنيا ولا يريد مراءاة الخلق ولا يريد أن يكون له سمعة عندهم (وتواضع) بحيث لا يترفع ولا يتكبر ، قال المؤلف : (وإلا فلا يتعن) في هذه الكلمة في النفس ما فيها وذلك أنّ طلب العلم قربة وعبادة ، فلو فرضنا أنّ إنسانا كان بليد الذهن أو كان حفظه ضعيفا لا ينبغي أن يكون ذلك صادا له عن التعلم ، لأنّ كل حرف يتعلمه يؤجر به عند الله جل وعلا ، فحينئذ كيف يفوت على نفسه هذا الأجر ، ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، ولا يشترط في هذا أن يكون صاحب عقل جيد ، ولا أن يكون صاحب حفظ وضبط ، ولا أن يكون حاذقا للصناعة، فبمجرد تعلمه يؤجر ولو لم يكن قادرا على الحفظ ، فهذه الصفات ينبغي أن نحرص على تحصيلها ، وإذا لم نتمكن من تحصيلها كاملة فلا يعني أن يكون ذلك صارفا لنا عن التعلم.
أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ،
اللهم يا حي يا قيوم فهمنا وعلمنا اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين ،
اللهم علمنا طرائق التعلم وفقهنا في ذلك وعرفنا بمراتبه واجعلنا ممن يتدرج في تعلمه ،
اللهم اجعلنا من أهل الرفق والتأمل والثبات والتثبت وأبعدنا عن مجالس اللغو و الهيشات هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

السائل : فضيلة شيخنا .......
الشيخ : هذا شيء يتعلق بالدرس ؟ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس هذا مجلس تعلم وليس مجلس فتيا ، حينئذ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس ، فهمتم هذه الفائدة في مجلس التعلم نفرق بينه وبين مجلس الفتيا فنحن هنا نتعلم وبالتالي انظر ما يتعلق بموضوع بحثنا و دراستنا فأورده ، و مالا يتعلق به فإنه يكون من خلط العلوم بعضها ببعض.

السائل : أحسن الله إليكم شيخنا .....
الشيخ : الكلمة استبدل العبارة بالكلمة ، نعم ، والجملة ، نعم ، يقول النبي الله صلى الله عليه وسلم : (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل ما خلا الله باطل) ما قال عبارة ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم شيخُنا .....
الشيخ مصححا : شيخَنا لأنّ شيخَنا منادى لتكون منادى مضاف وتكون منصوبة

السائل : أحسن الله إليكم شيخَنا ......
الشيخ : كما تقدم أوردت عليكم ثلاث أو أربع صفات ، الأولى : الخطأ في نطق الكلمات ، والثانية : عدم معرفة معاني المصطلحات ، و الثالثة : الخلط بين المسائل و إدخال بعضها في بعض ، والرابعة : الخلط في أقوال أهل العلم بدون معرفة منشأ الخلاف وتحرير محل النزاع ، نعم ، هذه علامات الشيخ الصحفي الذي يأخذ من الصحف ولا يكون عنده إتقان للعلم ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم ......
الشيخ : إني أنصحك بإعادة دراستها ففيها من الفوائد ما لا تعرفه من المرة الأولى ولا من الدراسة الأولى ، فدراستك لهذه المتون مرة أخرى ينتج عنه ضبط ما أخذته ، وينتج عنه معرفة فوائد جديدة لم تعرفها في المرة الأولى ، وينتج عنه أيضا معرفة والقواعد الأصول العلمية في مسائل المعتقد ، خصوصا هذين الكتابين أخص بالذكر هذين الكتابين كشف الشبهات ومسائل الجاهلية فإنّ فيهما من الفائدة والعلم الكبير مالا يدركه الإنسان في الغالب من دراسته مرة واحدة ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم .....
الشيخ : كما تقدم أنه يتعلم العربية ليتكلم بها في أول أمره لتكون سليقة في كلامه ، ثم بعد ذلك يتعلم القرآن ، و بتعلمه للقرآن يكون قد عرف شيئا من لغة العرب و أساليب كلامها ، ثم يعود فيعرف قواعد النحو ويعرف القواعد المتعلقة بالبلاغة ونحو ذلك ، نعم.

السائل : أحسن الله إليكم .......
الشيخ : التدرج في القواعد الفقهية الأصل فيه أن يؤتى بعالم متقن فينتقل معه من كتاب إلى كتاب ، و بفضل الله عز وجل علينا في القواعد الفقهية أننا كنا ندرس أولا قواعد متن المنظومة للشيخ ابن سعدي ، وقد يسر الله جل وعلا طبع أحد الشروح التي شرحناها لهذه المنظومة ، ثم بعد ذلك يقرأ في كتاب ابن سعدي اختصار قواعد ابن رجب تحفة أهل الطلب هو كتاب جيد ومتين ، ثم بعد ذلك ينتقل إلى مطولاته كقواعد ابن رجب ونحوه ، هذا تدرج سرنا عليه مع طلابنا ، وهناك من يتدرج بتدرج آخر وكل على طريقته ومنهجه ، في الأصول أيضا تدرجنا بكتاب الورقات ، ثم بعد ذلك قواعد الأصول ، ثم بعد ذلك المختصر لابن اللّحام ، ثم بعد ذلك ما يتعلق بروضة الناظر .
نسأل الله عز و جل أن يزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا اللهم يا حي يا قيوم نسألك أن تهدي ولاة أمورنا لكل خير ، وأن تجعلهم من أسباب الهدى والتقى و الصلاح و السعادة ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2100#.VDnZvFcR3gE)

*إجابات على أسئلة طلاب العهد / الشيخ عبد
العزيز الداخل

السؤال الأول : قال الشيخ العلامة إبن عثيمين رحمه الله ( وفي الفقه : زاد المستقنع) ينصح به لدراسة الفقه للمبتدئين .
والذي أعرفه إن زاد المستقنع ( على الفقه الحنبلي) فلماذا يدرس ؟ لماذا لايدرس كتاب يعتمد على الدليل فقط دون رأي مذهبي خاصة للمبتدئين ؟
فإذا ذهبنا إلى بلاد تدرس الفقه الشافعي ، كيف يمكن التنسيق بينهما (الفقه الحنبلي) و( الفقه الشافعي) علماً إني مبتدء وبلادي تدرس الفقه الشافعي ، وانا أحب أن أدرس الكتاب الذي يعتمد على الدليل فقط ؟ فكيف يتم التنسيق ؟
الجواب : الواجب علينا جميعا اتباع الدليل ولا يجوز ترك ما جاء عن الله تعالى وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول شخص كائناً من كان.
ومِن مسائل الفقه مسائل بينة قد أجمع عليها أهل العلم ، ومنها مسائل اختلفوا فيها، واختلفت طرق ترجيحهم ، ومن أشهر العلماء الذين تلقت الأمة فقههم بالقبول الأئمة الأربعة ، وقد اعتنى العلماء بتدوين فقههم ورتبوا المؤلفات فيها للمتعلمين ، فدراسة الطالب لمتن فقهي من هذه المتون مع التنبيه على بعض ما ترجح للشارح فيه خلاف ما قرره مؤلف المتن أيسر من أن يؤلف كل عالم منهجاً لتدريس الفقه فتكثر المؤلفات جداً وتختلف المناهج وتتفرق على الطلاب فتتعسر عليهم الدراسة، ولذلك جرى عمل كثير من الفقهاء على اعتماد هذه المتون مع اتباع الدليل فيما ترجح لهم.
ولذلك تجد الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو الذي أوصى بهذه الوصية يرجح خلاف ما في زاد المستقنع في مسائل كثيرة اتباعاً للدليل.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2100#.VDnZvFcR3gE)

أم أبي التراب
10-12-2014, 04:18 AM
17 - تلَقِّي العِلْمِ عن الأشياخِ :

الأصلُ في الطلَبِ أن يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ، والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟ .
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها الحاذِقِ .
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ الْمِصرِيِّ الطبيبِ ( م سنة 453 هـ ) وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ الْمُعَلِّمِ وهي التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ بزَوَغَانِ البصَرِ ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ : ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا من مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ... )اهـ .
والدليلُ المادِّيُّ القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ، مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ، وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ من الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( م سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ : كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَاقَاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَ في الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ .
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :

مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِفيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ


وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـاغوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2101#.VDnZv1cR3gE)


*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:
الأمر السابع عشر: تلقي العلم عن الأشياخ
الأصلُ في الطلَبِ أن يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ، والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟
الشيخ :
هذا أيضاً مما ينبغي لطالب العلم مراعاته , أن يتلقى العلم عن الأشياخ لأنه يستفيد بذلك فائدتين : بل أكثر .
الفائدة الأولى : اختصار الطريق بدلا من أن يذهب يقلب في بطون الكتب وينظر ما هو القول الراجح , وما سبب رجحانه ؟ وما هو القول الضعيف ؟ وما سبب ضعفه ؟ بدلا من ذلك يمد المعلم هذه لقمة سائغة، يقول : واختلف العلماء في كذا على قولين أو ثلاثة أو أكثر , والراجح كذا , والدليل كذا . وهذا لا شك أنه نافع لطالب العلم .
الفائدة الثانية : السرعة . يعني سرعة الإدراك , لأن الإنسان إذا كان يقرأ على عالم فإنه يدرك بسرعة أكثر مما لو ذهب يقرأ في الكتب , لأنه إذا ذهب يقرأ في الكتب ربما يردد العبارة أربع أو خمس مرات لا يفهمها, وربما فهمها أيضا على وجه خطأ غير صحيح .
الفائدة الثالثة : الرابطة بين طالب العلم ومعلمه , فيكون ارتباط بين أهل العلم من الصغر إلى الكبر .
فهذه من فوائد تلقي العلم على الأشياخ , لكن سبق أن قلنا أن الواجب أن يختار الإنسان من العلماء من هو ثقة أمين قوي أمين , يعني عنده علم وإدراك ليس علمه سطحياً , وعنده أمانة , وكذلك أيضاً إذا كان عنده عبادة فإن الطالب يقتدي بمعلمه .

القارئ :
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها الحاذِقِ .

الشيخ :
هذا صحيح وقد قيل : إن من كان دليله كتاباً خطأه أكثر من صوابه .
هذا فهو الغالب بلا شك , لكن قد يندر من الناس من يكرس جهوده تكريساً ولا سيما إذا لم يكن عنده من يتلقى العلم عنده , فيعتمد اعتماداً كاملاً على الله عزوجل ويدأب ليلا ونهارا ويحصل من العلم ما يحصل وإن لم يكن له شيخ .

القارئ :
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ الْمِصرِيِّ الطبيبِ وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ المُُُعَلِّمِ وهي التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ بزَوَغَانِ البصَرِ ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ : ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ) اهـ
والدليلُ المادِّيُّ القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ، مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ، وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ عن الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( المتوفى سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ : كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلقاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَت الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ.
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :
مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِ = فيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ
وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )

الشيخ :
هذه الكلمات فيها ما أشرنا إليه من قبل , أن الأخذ عن العلماء والمشايخ أفضل من الأخذ من الكتب , وبين فيما نقله هنا في الرد على ابن بطلان . قال : ( يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم , وهي معدومة عند المعلم وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم النقط ) وكانوا فيما سبق يكتبون بلا نقط فيخطئ الإنسان , فمثلاً ربما تجد كلمة ( بز ):
اشتريت بزا بصاع من تمر بدون مقابضة . إذا لم يكن فيها نقطه ( برا ) ومعلوم أنك إذا اشتريت برا بتمر بدون مقابضة فالبيع غير صحيح , فتختلف الأحكام باختلاف النقط , كذلك الغلط بزوغان البصر يعني يزيغ بصره فيرى الكلمة على صورة غير حقيقتها لا سيما إذا كان الكتاب ليس جيدا , فمثلا بعض الناس إذا كتب كلمة زين ربط طرف النون بطرفها الأول فتكون كأنها زيوه أليس كذلك؟ فيحصل الخطأ كذلك ( قلة الخبرة بالإعراب , والإعراب له أثر في تغيير المعنى . فإذا قرأ مثلا: (وكلم اللهَ موسى تكليما) وهو إنسان لا يعرف الإعراب والكلمة ما شكلت، ربما يقول: (وكلم اللهَ موسى تكليما) فيختلف المعنى اختلافا عظيما، (أو فساد الموجود منه) في علم الإعراب و( إصلاح الكتاب , وكتابة ما لا يقرأ , وقراءة ما لا يكتب) كل هذا يعتري من يأخذ العلم عن الكتاب , كذلك ( مذهب صاحب الكتاب ) ربما يكون مذهبه مذهب معتزلي أو جهمي أو غيره وأنت لا تدري , وكذلك ( سقم النسخ , رداءة النقل , إدماج القارئ مواضع المقاطع) , وكل هذا خلل عظيم (إدماج القارئ مواضع المقاطع) يعني معناه أن الكلمة لا بد أن تقف عليها , فيأتي القارئ ليقرأ الكتاب فيقرأها مع ما بعدها فيختلف المعنى ( وخلط مبادئ التعليم ) بحيث لا يميز بعضها عن بعض , بمعنى أن
الكاتب قد لا يكون متقناً فيغلط هذا مع هذا , والمبتدئ لا يعرف (ذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة) وهو لا يدري مثلا تأتيك كلمة في المصطلح ( معضل، منقطع ) ما معنى المعضل؟ إذا لم يكن عنده علم أشكل عليه هذا الشيء .
يقول : ( ألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالنوروس ), هذه العباره لا بد أن تفهم! ما هو النوروس ؟ طائر؟ والله ما أدري , لأن الطائر ما يكون ألفاظ يونانية فلعله اسم لعلم من العلوم
يقول : ( فهذه كلها معوقة عن العلم , وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم وإذا كان الأمر على هذه الصورة فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه وهو ما أردنا بيانه )
ثم نقل عن بعض العلماء أنه قال : ( لا تأخذ العلم من صحفي ولا عن مُصحفي يعني لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف , ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف) .
وهذا كله فيما إذا كانت الكتب التي يقرأ منها ليس فيها بيان , أما إذا كان فيها بيان , كالموجود الآن من المصاحف والحمد لله فهو واضح ما فيه إشكال ،
يعني معناه أن الإنسان يلحق كلمة غير مكتوبة ظنا منه أن المعنى لا يتم إلا بها فيقرأ ما ليس مكتوبا
فيه أيضاً الأبيات التي ذكر:
من لم يشافه عالماً بأصوله = فيقينه في المشكلات ظنون
يعني إذا وردت المشكلة وقال الحكم كذا وكذا يقيناً فهو ظن حتى يقول أنا عالم .
أما:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ


من هو الغمر : الصغير.
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
( توما الحكيم ) : مشهور بالغباوة لكنه يدعي العلم وقال على حاله بعض الشعراء :
حمار الحكيم توما = لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب
أفهمتم ؟
يقول : لو أنصف الدهر - طبعاً الكلمة هذه غير مقبولة لكن هذا الشاعر يقولها.
(كنت أركب) يعني هذا الحمار يركب على صاحبه وليس العكس.
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب

وهنا يقول :
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ= ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2101#.VDnZv1cR3gE)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد : نواصل ما كنا ابتدأنا بقراءته من كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى .

القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : قال المؤلف غفر الله له و لشيخنا
السابع عشر تلقي العلم عن الأشياخ:
الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ ، و المثافنة للأشياخ ، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب ، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق ، وهو المعلم أما الثاني عن الكتاب ، فهو جماد ، فأنّـى له اتصال النسب؟
وقد قيل:"من دخل في العلم وحده ؛ خرج وحده " ؛ أي : من دخل في طلب العلم بلا شيخ ؛ خرج منه بلا علم ، إذ العلم صنعة ، وكل صنعة تحتاج إلى صانع ، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.
وهذا يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم ؛ إلا من شذ مثل: علي بن رضوان المصري الطبيب (م سنة 453هـ) ، وقد رد عليه علماء عصره ومن بعدهم.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمته له :
"ولم يكن له شيخ ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب ، وصنّف كتاباً في تحصيل الصناعة من الكتب ، وأنها أوفق من المعلمين ، وهذا غلط"اهـ.
وقد بسط الصفدي في الوافي الرد عليه ، وعنه الزبيدي في "شرح الإحياء " عن عدد من العلماء معللين له بعدة علل ؛ منها ما قاله ابن بطلان في الرد عليه.
السادسة : يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم ، وهى معدومة عند المعلم ، وهى التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ ، والغلط بزوغان البصر ، وقلة الخبرة بالإعراب ، أو فساد الموجود منه ، وإصلاح الكتاب ، وكتابة ما لا يقرأ ، وقراءة ما لا يكتب ، ومذهب صاحب الكتاب ، وسُقم النسخ ، ورداءة النقل ، وإدماج القارئ مواضع المقاطع ، وخلط مبادئ التعليم ، وذكر ألفاظ مصطلح عليه في تلك الصناعة ، وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة ، كالنوروس ، فهذه كلها معوقة عن العلم ، وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم ، وإذا كان الأمر على هذه الصورة ، فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان لنفسه ، وهو ما أردنا بيانه ، قال الصَّفَدي : ولهذا قال العلماء : لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي ، يعنى : لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف "ا هـ.
والدليل المادي القائم على بطلان نظرة ابن رضوان : أنك ترى آلاف التراجم والسير على اختلاف الأزمان ومر الأعصار وتنوع المعارف ، مشحونة بتسمية الشيوخ والتلاميذ ومستقل من ذلك ومستكثر ، وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في "العُزّاب " من "الإسفار " لراقمه.
وكان أبو حيان محمد يوسف الأندلسي (م سنة 745 هـ) إذا ذكر عنده ابن مالك ، يقول:"أين شيوخه ؟".
"وقال الوليد : كان الأوزاعي يقول : كان هذا العلم كريماً يتلاقاه الرجال بينهم ، فلما دخل في الكتب ، دخل فيه غير أهله.
وروى مثلها ابن المبارك عن الأوزاعي.
ولا ريب أنّ الأخذ من الصحف وبالإجازة يقع فيه خلل ، ولا سيما في ذلك العصر ، حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل ، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، ولا يقع مثل ذلك في الأخذ من أفواه الرجال ، وكذلك التحديث من الحفظ يقع فيه الوهم ، بخلاف الرواية من كتاب محرر " اهـ. و لابن خلدون مبحث نفيس في هذا ، كما في "المقدمة " له.
ولبعضهم :
من لم يشافه عالماً بأصوله ... ... فيقينه في المشكلات ظنون
وكان أبو حيان كثيراً ما ينشد:
يظن الغمر أنّ الكتب تهدى ... ... أخاً فهم لإدراك العلوم
وما يدرى الجهول بأنّ فيها ... ... غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ... ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى ... ... تصير أضل من "توما الحكيم"

الشيخ :
ذكر المؤلف ها هنا الأدب السابع عشر من آداب طالب العلم وهو أن يتلقى طالب العلم ، العلم عن الأشياخ ، وذلك أنّ هذا العلم ينقله سلف الأمة إلى خلفها بالنقل والرواية ، و لذلك فإنّ من أدب طلب العلم أخذه عن العلماء والأشياخ لا تلقيه من الكتب ، وذلك لعدد من الأسباب :
أول هذه الأسباب : أنّ ما يكتب في الكتب تختلف قدرات الناس في معرفة كيفية تشكيله و قراءته ، فإذا درسه على معلم نبّه إلى الأخطاء التي تقع في طريقة نطق هذه الكلمات ، ومثال هذا : عند قراءتنا لهذا الكتاب نجد أننا نخطئ في طريقة نطق بعض الكلمات ، فيأتي الشيخ و ينبه عليها سواء نبه عليها مباشرة أو أعاد نطقها مرة أخرى ، بحيث تستقر الكلمة على طريقة نطق الشيخ ، وضربنا لذلك أمثلة.
الأمر الثاني : التمييز بين أنواع الروايات فإنّ الروايات منها ما هو صحيح ومنها ما ليس بكذلك.
الأمر الثالث : متعلق بالقدرة على فهم التراتيب من الكلام ، فإنّ المرء إذا قرأ الكتاب وحده قد يُدخل جملة في جملة ، ومن ثَمَّ ينتقض عليه المعنى الذي أراده المؤلف.
الأمر الرابع : أنّ الطالب إذا تلقى العلم عن شيخه استفاد من سمته و من هديه ، وبالتالي أثّر في سلوكه.
الأمر الخامس : أنَّ الطالب قد يشكل عليه مسائل ، فإذا كان الشيخ عنده سأله عن تلك المسائل المشكلة ، وإذا لم يكن عنده شيخ فإنه حينئذ لن يتمكن من إتقان جميع الكتاب ، وكم من مرة وجدنا أخطاء مطبعية في الكتب ، فإذا كان عند الإنسان شيخ أرشده إلى الخطأ في ذلك الكتاب ، و إذا لم يكن عنده شيخ فإنه قد يظن أنَّ ما في الكتاب صواب ، وهو من الأخطاء الإملائية أو الطباعية.
الأمر السادس : أنَّ هناك مصطلحات تختلف ما بين موطن وموطن آخر ، فإذا قرأ الإنسان العلم على شيخ بيَّن له معاني تلك المصطلحات .
قال المؤلف : (الأصل في الطلب ) الأصل يراد به القاعدة المستمرة ، (أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ) جمع أستاذ ، (والمثافنة للأشياخ) بأن يأتي عندهم قريبا منهم حتى يكون ثِفنُه قريب من ثِفنِه ، و الثفن في الأصل ما يكون في صدر البعير من الجسم البارز في صدره ، قال : (والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف) جمع صحيفة ، (وبطون الكتب والأوّل الذي هو التلقي عن الأشياخ ، من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق وهو المعلم) لأنّ الحي إذا أخذ عن الحي استفاد منه حياة ، (أما الثاني فهو أخذ عن الكتاب وهو جماد) ومن ثَمّ لا يكون هناك اتصال بالنسب ، والمراد بالنسب هنا سلسلة الرواية والإسناد ، لأنك إذا أخذت الكتاب من شيخك اتصل الإسناد حتى يصل إلى الشيخ الأعلى قال : (من دخل في العلم وحده) أي بلا شيخ ، (خرج منه وحده) أي بلا علم ، لو دخلت في المطبخ وأنت لا تحسن الطبخ ووجدت أنواع ما يجهز به الطعام ، حينئذ لن تتمكن من الطبخ إلا أن يكون عندك طباخ ماهر يرشدك إلى كيفية الطبخ ، هكذا في العلم عندك مؤلفات وعندك كتابات متنوعة ، ما هو الأنسب لك ؟ وكيف تتعلم ؟ وما الكتب المناسبة لك ؟ وما هي مبادئ العلوم التي يحسن أن تبتدئ بها ؟ لا يمكن أن تعرفه بنفسك.
ابن رضوان عالم من علماء مصر طبيب يقول : بأنه يُرَغِّب في تحصيل العلم من الكتب ، ولذلك رد العلماء عليه ، ومن هنا قال عنه الذهبي : (لم يكن له شيخ) ، (صَنَّف كتاب في تحصيل الصناعة من الكتب وأنها أوفق من المعلمين) وهذه الطريقة (غلط) ، ولعل مثل ذلك إنما يكون في أصحاب المهن والعلوم الأخرى ، ابن رضوان هذا طبيب ولذلك يظن أنه سيحصل العلم الشرعي بطريق القراءة من الكتب ، الزَّبيدي شرح الإحياء وهو من علماء اليمن وله تحقيقات وكتب كثيرة ، قال : (في الكتاب أشياء تصد عن العلم) من مثل الأخطاء المطبعية وأخطاء النسّاخ ، واشتباه الحروف بعضها مع بعض ، واحتمالية زوغان البصر تجد الإنسان يقرأ ثم يطمر سطرا من زوغان بصره ، وقد يكون يقرأ ويجد كلمة فينتقل إلى نفس الكلمة في السطر الذي بعدها ، ومن ثَمَّ يؤدي إلى معنى مغاير للمعنى الذي يريده المؤلف.
قال كذلك قد يكون في الكتاب : (مذهب صاحب الكتاب) وسيتبعه المقلد القارئ بدون أن يعرف هل هو مذهب صواب أو مذهب خطأ ، وقد يكون في النقولات شيء من الملحوظات فكم من عالم ومؤلف وفقيه أراد أن ينقل من غيره فحصل تغيير فيما يُنقل ، وكذلك قد (يدمج القارئ مواضع المقاطع) فيٌدخل جملة في جملة ، (ويخلط في مبادئ التعليم) ، وذكر أيضا المصطلحات التي يمكن أن تكون خاصة بفن فيجهلها القارئ فيكون ذلك صادا له عن الاستمرار في التعلم بينما من كان عنده معلم فإنه لا تنطلي عليه هذه الأمور ، قال العلماء : (لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي) ، الصحفي : من أخذ علمه من الصحف ، و المصحفي : من أخذ قراءته من المصحف ، ولابد من شيخ يقرأ الإنسان عليه ، ولذلك تواتر عند علماء الأمة أنَّ الإنسان يبحث عن أشياخ له ، وقد ألّف جماعات كثر مؤلفات في معاجم شيوخهم ، وقد أوصل بعضهم شيوخه إلى ألف شيخ.
انقطاع في التسجيل
يقول : إنّ كون العلم في الكتب يجعل غير المتأهلين ينقلون في الحديث عن مسائل العلم ، وهذا مشاهد خصوصا في عصرنا فلما وجدت هذه الأشرطة وهذه الضواغط التي تضغط المكتبات العلمية في الأشرطة ، فاكتفى أناس بها ولم يطلبوا العلم عن العلماء ، فكان ذلك سببا من أسباب ولوج غير المؤهلين في الحديث في علوم الشرع فخبَّطوا ، وجاءوا بكلام لا يستسيغه صاحب دين أو صاحب عقل ، قال : (ولا ريب أنّ الأخذ من الصحف و بالإجازة يقع فيه خلل) الرواية بالإجازة نوع من أنواع الرواية ، الرواية لها مراتب :
الرتبة الأولى : أن يقرأ الشيخ والتلميذ يسمع عنه ، وهذه يقال لها قراءة الشيخ.
الثاني : أن يقرأ التلميذ والشيخ يسمع فيُثبت السماع أو يسكت ، وهذه يقال لها القراءة على الشيخ ، أو يسميها البعض العرض.
الثالث : الإجازة بأن يرويَ عن كتبه التي أجاز له الرواية عنها ، يقول : أجيز لك أن تروي عني الحديث الفلاني ، فهذه إجازة لم يسمع بها جميع الحديث لا بقراءة الشيخ ولا بقراءة التلميذ.
قال : (ولاسيما في ذلك العصر حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل) إذا لم يأخذ الإنسان عن شيخه فقد يقع في أخطاء بسبب تغير النُقط أو بتغير الشكل فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، تعرفون نماذج من هذا قرأ بعضهم (المؤمن كيس قطن) ، وقرأ الآخر فقال : (الحية السوداء دواء من كل داء) ، من أين وقع ؟ وقع الخطأ من عدم اختيار الشكل الذي يُقرأ عليه ، ثم ذكر أشعارا لبعضهم تدل على نفس المعنى ، نعم.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2101#.VDnZv1cR3gE)

*إجابات على أسئلة طلاب العهد / الشيخ
عبد العزيز الداخل
السؤال الأول : ما معني مثافنة الأشياخ ؟
الجواب :مثافنة الأشياخ أي ملازمتهم حتى يستخرج ما عندهم من العلم، قال أبو زيد الأنصاري: (ثافنت الرجل مثافنة أي صاحبته حتى لا يخفى علي شيء من أمره).

السؤال الثاني : ما معنى (ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ)
ليست هي الإجازة المشهورة الآن .. صحيح !!
الجواب : مراده بالإجازة أي من دون سماع وعرض على الشيخ .

السؤال الثالث : عند ذكر المعوقات التي تصد عن أخذ العلم من الكتب، من تلك المعوقات:
قراءة ما لا يكتب، وكتابة ما لا يقرأ.
نرجو منكم توضيح هذه العبارة.
الجواب : قوله: (وكتابة ما لا يُقرأ، وقراءة ما لا يكتب) يريد به أن من الألفاظ ما ينطق ولا يكتب ويصعب ضبطه بالوصف ولا يمكن تحصيله إلا بالتلقي من الشيخ سماعاً ، ومثال ذلك: الروم والإشمام والإشباع والإدغام
ومنها ما يكتب ولا ينطق كواو عمرو وألف واو الجماعة وغيرها.
وهذا الكلام أراد به ابن بطلان بيان أهمية التلقي عن الشيخ وأنه لا يغني عنه التلقي المباشر من الكتب.

وهذه المسألة حصل فيها إفراط وتفريط، والحق هو التوسط والاعتدال.
فمن غلا وأفرط لم يصحح للطالب أن يتلقى علماً إلا عن طريق السماع من الأشياخ.
ومن فرَّط وتساهل حث الطالب على التلقي من الكتب مباشرة بلا منهج علمي ولا إشراف من شيخ.

والطريقة الأولى خطأ وتشدد وحرمان للطالب من الاستفادة من كتب أهل العلم ، وتطويل مملّ لأمد التحصيل عليه حتى تمضي عليه مدة نهمته في الطالب وهو مقتصر على السماع لا يبحث ولا يقرأ وإنما يتلقى العلم بالتلقين كالصبيان ، وينتظر فراغ الشيخ له حتى يعطيه النزر اليسير من وقته أو يجمعه مع جماعة من الطلاب فيلقي عليهم الدرس، وقد يكون لدى الشيخ من الأخطاء ما لا يتفطن له الطالب إلا بالبحث والقراءة والدراسة الجادة وعرض كلام الشيخ على كلام الشراح الآخرين والموازنة بينها حتى يحذق فهم الباب الذي يدرسه وتزول عنه الإشكالات العارضة.
والطريقة الثانية مضيعة للطالب ومظنة للانحراف في الفهم والمنهج لأن التلقي المباشر من الكتب بلا عالم يشرف عليه ويوجهه ويجيبه على ما يشكل عليه ويرتب له درجات التعلم حتى يشتد عوده في العلم فيضبط الأصول ويفهم المسائل بالدلائل ثم ينطلق في القراءة في كتب أهل العلم انطلاق الماهر الحاذق البصير بما يأتي وما يذر.
فمن ضيع الإشراف في أول طلبه لم تؤمن عليه مخاطر الانحراف والخطأ في الفهم والمنهج، ومن تشدد واقتصر على السماع فرط في علم كثير، وضيع على نفسه أوقاتاً كثيرة.

السؤال الرابع : ما الفرق بين السماع والاستماع ؟
الجواب : إذا جمع اللفظان فيراد بالسماع ما كان دون قصد من السامع بل يبلغه الصوت فيسمعه من غير قصد للإنصات إليه، وقد يميز الكلام وقد لا يميزه، كلهم يسمى سامعاً.
وأما الاستماع فيراد به قصد السماع ويكون معه إنصات
ومن ذلك قول الفقهاء: (ويسن سجود التلاوة للمستمع دون السامع).

السؤال الخامس : لم أفهم هذه العبارة( لا تأخذ العلم من صحفي ولا عن مُصحفي)
الجواب : المقصود بهذا الكلام أن طالب العلم يتلقى العلم بالمشافهة أي من أفواه المشايخ وليس من مجرد الكتب
فلا تأخذ العلم من صحفي أي ممن أخذ العلم من الصحف فقط فلم يجالس العلماء
ولا تأخذ العلم من مصحفي أي أخذ القرآن من مصحف ولم يأخذه من أفواه المشايخ.

السؤال السادس : المصحف هو القرآن والصحف ؟
الجواب : المقصود بالصحف الأوراق وهي كناية عن الكتب ، ولعل المؤلف أراد السجع فأتى بهما على حرف واحد
السؤال السابع : قال الشيخ بكر أبو زيد ( وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى بلغ بعضهم الألوف كما في (العزاب) من( الإسفار) لراقمه).
س : ما المقصود بقوله: كما في (العزاب) من (الإسفار) لراقمه.
الجواب : يريد أن له كتاباً اسمه (الإسفار) وقد ذكر فيه فصلاً عن العزاب من أهل العلم.
وهذا الكتاب كان قد طبع باسم: (الإسفار عن النظائر والأسفار) في طبعته الأولى، ثم اختصر الشيخ اسمه في الطبعات اللاحقة فسماه (النظائر) وقد ذكر فيه فصولا منها التراجم الذاتية، والعلماء الذين تحولوا من مذهب إلى مذهب، والعزاب من العلماء وغيرهم، والمكثرين من الشيوخ، والمكثرين من الزواج، والذين ماتوا ولم يعقّبوا، وسرد قائمة بأسماء كلّ نوع من هذه الأنواع.
والكتاب هنا (http://www.waqfeya.com/book.php?bid=229)لمن أراد الاطلاع عليه.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2101#.VDnZv1cR3gE)

أم أبي التراب
10-12-2014, 06:48 PM
*فـائـدة*
تذكر كثير من المعاجم اللغوية :

أن الأمهات فيمن يعقل ، والأُمَّات فيما لايعقل ،

وبما أن الكتب غير عاقلة ، فجمعها يكون : أُمَّات ،

ولكن ابن جني وغيره أجازوا جمع الجميع على

أُمَّات أوأُمَّهات ( للعاقل وغير العاقل ) .

هنا (http://www.zulfiedu.gov.sa/vb/showthread.php?t=522)

*.*.*.*.*.*.*

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين

قوله: «أُمُّهات الأولاد» يقال: أمهات في بني آدم،
وأُمَّات في الحيوان،
تقول: أمات السخال ولا تقل: أمهات،
وإنما يقال: أمهات في بني آدم،
قال الله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}}
[النساء: 23]

هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18150.shtml)

أم أبي التراب
10-26-2014, 03:05 PM
الفصلُ الثالثُ
أدَبُ الطالبِ مع شيخِه
18 – رعايةُ حُرْمَةِ الشيخِ :
بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ بل لا بُدَّ من شيخٍ تُتْقِنُ عليه مفاتيحَ الطلَبِ ؛ لتَأْمَنَ من العِثارِ والزَّلَلِ ؛ فعليك إذنْ بالتَّحَلِّي برعايةِ حُرْمَتِه ؛ فإنَّ ذلك عُنوانُ النجاحِ والفلاحِ والتحصيلِ والتوفيقِ ، فليكنْ شيخُك مَحَلَّ إجلالٍ منك وإكرامٍ وتقديرٍ وتَلَطُّفٍ ، فخُذْ بِمَجَامِعِ الآدابِ مع شيخِك في جلوسِك معه ، والتحَدُّثِ إليه ، وحسْنِ السؤالِ والاستماعِ ، وحُسْنِ الأدَبِ في تصَفُّحِ الكتابِ أمامَه ومع الكتابِ وتَرْكِ التطاوُلِ والمماراةِ أمامَه ، وعدَمِ التقَدُّمِ عليه بكلامٍ أو مَسيرٍ أو إكثارِ الكلامِ عندَه ، أو مُداخَلَتِه في حديثِه ودَرْسِه بكلامٍ منك ، أو الإلحاحِ عليه في جَوابٍ ؛ متَجَنِّبًا الإكثارَ من السؤالِ ، لا سِيَّمَا مع شُهودِ الملإِ ، فإنَّ هذا يُوجِبُ لك الغُرورَ وله الْمَلَلَ .
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به : وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا ؟ .
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .

....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :
أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ، وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .
وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ ( م سنةَ 1380هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الشيخ :
آداب الطالب مع شيخه وهذه من أهم الآداب لطالب العلم , أن يعتبر شيخه معلما مربيا , معلما يلقي إليه العلم، مربيا يلقي إليه الآداب .
والتلميذ إذا لم يثق بشيخه في هذين الأمرين فإنه لن يستفيد منه الفائدة المرجوة , مثلا إذا كان عنده شك في علمه , كيف ينتفع ؟ إن أي مسألة ترد على لسان الشيخ سوف لا يقبلها حتى يسأل ويبحث , وهذا خطأ في التقدير من وجه وخطأ في التصرف من وجه آخر , أما كونه خطأ في التقدير فإن الشيخ المفروض فيه أنه لن يجلس للتعليم إلا وهو يرى أنه أهل لذلك , وأن التلميذ أيضا لم يأت إلى هذا الشيخ الا وهو يعتقد أنه أهل .
أما في المنهج فلأن الطالب إذا سار هذا المسير وسلك هذا المنهج , سوف يبني علمه على شفا جرف هار .
لأن نفسه قلقة ليس واثقا كل الثقة من هذا الشيخ الذي قرأ عليه فلذلك يضيع عليه الوقت ويضيع عليه التحصيل .
وقول الشيخ: (بما أنَّ العِلْمَ لا يُؤْخَذُ ابتداءً من الكُتُبِ) سبق الكلام عليه وأنه يرى أنه لا بد من القراءة على شيخ , بل لا بد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب لتأمن من العثار والزلل , فعليك إذن بالتحلي برعاية حرمته , فإن ذلك عنوان النجاح والفلاح والتحصيل والتوفيق وهذا كما قال الشيخ واضح، (فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف) كل هذا صحيح , فهل نحن عملنا بذلك ؟والله ما أدري!!
لكن إذا كان الطالب يمر بشيخه ولا يسلم , هل هذا عمل ؟ لا هذا ليس بأدب, بل إنه إذا حاذى شيخه مرّ مر السحاب وعجل ليدرك هذا ليس من الآداب، نحن نذكر لما كنا طلبة إذا رأينا شيخنا من بعيد نقف ونسلم وإذا كنا مثلا عند دخول المسجد نمكنه من أن يدخل قبلنا، وأنا شخصيا لا أريد هذا، لا أريد أن تقفوا لي وأدخل قبلكم إن كان حقا لي فأنا مسامح، لكن أريد السلام الذي أمر الرسول بإفشاءه , كذلك بعض الناس يمر مع زميله منكم أنتم أيها الطلبة يمر مع زميله ثم يقنع برأسه هكذا كأنه يسبح في الماي فهذا غلط أيضا، أعجبني أحد الإخوة كان يمر من الصف خارجا من المسجد ولا يمر بواحد من الطلبة ولو كان بعيدا إلا سلم عليه هذا جيد، لكن كونه يمشي إلى جنبك هذا من اليمين وهذا من اليسار ثم يتلاقيان أنا في نفسي أنه لم يسلم أحدهم على الآخر لأني لا أسمع صوتا ولا أرى حركة وهذا غلط والله غلط , ينبغي لطالب العلم ولا سيما مع أقرانه أن يكون على أحسن الآداب .
يقول كذلك أيضا: (خذ بمجامع الآداب مع شيخك في جلوسك معه) , وهذا صحيح , اجلس جلسة المتأدب , يعني مثلا لا تمد رجليك ولا يديك لأن هذا سوء أدب , ولا تجلس متكئا , هذا أيضا سوء أدب لا سيما في مكان الطلب , أما إذا كنت في مكان جلوس عادي فالأمر أهون كذلك أيضا في التحدث إليه , لا تتحدث إلى شيخك وكأنما تتحدث مع قرينك , لا يستقيم هذا، تحدث إليه تحدث الابن إلى أبيه , باحترام وتواضع . لكن يا جماعة هذا ليس بالنسبة لي معكم أنا لا يهمني خاطبوني كأني أحد أقرانكم لا يهمني لكن فقط الشيء الذي لا بد منه لا بد منه.
يقول: (حسن السؤال والاستماع)، حسن السؤال والحمد لله حسب ما أرى أنكم تحسنون السؤال، لا أحد يسأل بلا استئذان وهذا طيب وإذا سأل يسأل بهدوء ورفق والحمد لله، هذا طيب , وبعضكم أيضا يقول أحسن الله إليك مثلا وما أشبه ذلك كل هذا والحمد لله أنتم على مستو جيد فيه (يقول التحدث إليه وحسن السؤال والاستماع) حسن الاستماع أيضا مهم بحيث يكون قلبك وقالبك متجها إلى محدثك، معلمك , لا تكن جالسا ببدنك سائرا بقلبك , في غير الدرس , لأن هذا يفوت عليك خير كثير، وأنت جالس الآن، وقتك لا بد أن يكون مملوكا لهذا الدرس.
وهل من علامات حضور القلب تشخيص العين ؟ لا . ليس من العلامات لكنه قد يكون قرينة- وإن كان قرينة هشة-
كذلك أيضا حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب , لا بد إذا تصفحت الكتاب يكون برفق أولا تأدبا مع الشيخ والثاني رفقا بالكتاب لئلا يتمزق . ولهذا قال: أمامه ومع الكتاب .
(وترك التطاول والمماراة أمامه) , والتطاول في الواقع ليس أمرا محسوسا مدركا بالحس الظاهر , لكن النفس تشعر بأن هذا السائل متطاول , وقد يكون هذا لسوء ظن وقد يكون لفراسة , لكن التطاول معروف . كذلك المماراة، المماراة يعني يجادل الشيخ، ثم إذا أجاب قال: وإذا كان كذا وإذا أجاب قال: وإذا كان كذا، مثلا يسألك عن مسألة من المسائل تجيبه ثم يأتي بمسألة فرضية، تجيبه على هذا الفرض فيأتي بفرض آخر أضيق من الأول هذه مماراة ليس لها داعي، الشيء الذي يمكن إيراده وهو إيراد صحيح هذا واضح إنه يورد ليزيل الإشكال أما أن يصل إلى المماراة لا.
(كذلك عدم التقدم عليه بكلام أو مسير) , الله المستعان , عدم التقدم عليه بكلام وهذا الحمد لله عندكم موجود، إلا أنه أحيانا بعض الحداث منكم يجيب قبل أن أتكلم أنا، ولكني ربما أقول أتريد أن أنزل عن هذا لك؟ فليتحمل مني، فعلى كل حال لا ينبغي للطالب أن يتقدم بين يدي الشيخ بكلام (أو مسير) أيضا , المسير هذا والحمد لله فيكم أدب منه لكن وفيكم شذوذ ومن ذلك أنه إذا تقدم الشيخ مثلا ليخرج من المسجد وكان حذاء الطالب عن يمين الشيخ والطالب عن يساره خطى الشيخ من الإمام ليأخذ الحذاء , هذا تقدم في المسير أم لا ؟ تقدم في المسير وإعاقة لسير الشيخ , كأنه يقول للشيخ: انتظر حتى أعبر وأمر هذا أيضا ليس من الأدب الطيب . وأنا مسامحكم فيه.
يقول أيضا: (أو إكثار الكلام عنده) إكثار الكلام عنده فيه تفصيل ، فالمجالس تختلف إذا كان مجلس علم ومجلس جد فلا تكثر لكن إذا كان مكان نزهة , فهذا لا بأس أن يأتي أحد ويكثر الكلام ويوسع صدر الشيخ وصدر الحاضرين ليس فيه مانع.
كذلك أيضا: (أو مداخلة في حديثه ودرسه بكلام منك) , المداخلة معناها أن الشيخ يتكلم، مستمرا في كلامه فتأتي أنت وتدخل في كلامه , لتقطع الكلام , هذا لا يصح لا في الدرس ولا خارج الدرس , لأنه من سوء الأدب . أو الإلحاح عليه في الجواب , مثلا إذا سأل الشيخ وقال له الشيخ انتظر , أعاد قال: انتظر، أعاد، قال: انتظر، ربما بعض الناس يقول : جاوب , وهو يقول انتظر ... هذا أيضا غلط إذا قال انتظر، فانتظر حتى يقول لك هو: ما سؤالك؟ ولا تلح عليه .
كذلك أيضا متجنبا الإكثار من السؤال , لأن بعض الناس يحب الإكثار من السؤال وقد يكون في غير موضوع الدرس.
فيقول الشيخ: (لا تكثر , لا سيما مع شهود الملأ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل) , صحيح مثلا في مجلس كبير تبدأ تسأل وتسأل , بعض الناس حتى إذا جلسوا على المائدة أكثروا من الأسئلة على الشيخ , هذا يسأل وإذا انتهى الثاني يسأل وإذا انتهى الثالث يسأل والرابع يسألأ فيخرج الشيخ لم يأكل الطعام , وهؤلاء مستريحين لأنه يسأل السؤال ويبدأ يأكل والثاني يسأل السؤال ويبدأ يأكل والشيخ مسكين مشتغل بالأجوبة ولهذا لا حرج على الشيخ في هذه الحال أن يقول: إذا حضر الهرس بطل الدرس .
القارئ:
ولا تُنادِيهِ باسْمِه مُجَرَّدًا ، أو مع لَقَبِه كقولِك : يا شيخَ فلان ! بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه ؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ ، ولا تُخاطِبْهُ بتاءِ الخِطابِ ، أو تُنادِيهِ من بُعْدٍ من غيرِ اضطرارٍ .
الشيخ :
سبحان الله , هذه آداب عامة , لا تناديه باسمه , لا تقل يا محمد يا عبد الله يا علي، مجردا أو مع لقبه مثل يا شيخ عبد الله يا شيخ علي يا شيخ محمد، لا تفعل هذا بل قد يقال حتى ولا بلقبه , لا تقول يا شيخ . قل: ما تقول أحسن الله إليك وما أشبه ذلك.
أو يقولك بل قلْ : يا شيخي ! أو يا شَيْخَنَا ! فلا تُسَمِّه؛ فإنه أَرْفَعُ في الأَدَبِ.
طيب وهل يقال مثل ذلك بالنسبة لمناداة الأب ؟
يعني لا تناديه باسمه؟ , نعم، وهل تخبر عنه باسمه , تقول قال: قال فلان ؟ وقع عن الصحابة أنهم يسمون آباءهم , فيقول ابن عمر : قال عمر ,وما أشبه ذلك من الكلام.
فيقال: إن الخبر أهون من النداء , لأنك لو تنادي أباك فتقول : يا فلان , صار من سوء الأدب، لكن لو تقول : قال فلان , وهو مشهور بعلم , أو إمارة أو ما أشبه ذلك , فإنه لا يعد ذلك سوء أدب , فلكل مقام مقال .
وباب الطلب يجب أن يكون أشد في الاحترام .
يقول : (ولا تخاطبه بتاء الخطاب)
يعني مثلا لا تقول : قلت كذا وكذا أنت قلت كذا وكذا، قلت في الدرس الماضي كذا وكذا , لأن هذه فيها إساءة أدب وفيها إشعار بأنك لم ترض قوله , إذًا ماذا نقول ؟ قلنا كذا وكذا، مر علينا في كذا وكذا ، أما قلت كذا وكذا، فهذا لا يليق مع الشيخ.
(أو تناديه من بعد من غير اضطرار) , كأن يكون الشيخ في آخر الشارع وتقول يا فلان يا فلان , لا يصلح، متى أناديه؟ أسرع إليه لتصل فإذا وصلت فلا بأس , (إلا من ضرورة) إذا كان هناك ضرورة بحيث يكون عليه خطر هو، أمامه مثلا حفرة أمامه سيارات، أمامه أشياء يخاف عليه منها فهنا لا بأس أن تناديه من بعيد، أو أنت مضطر إليه، قد تكون ضرورة له أو لمن ناداه، قد تكون أنت مثلا تناديه من بُعد تريد أن يساعدك في شيء من الأشياء هذا لا بأس به .
القارئ :
وانْظُرْ ما ذَكَرَه اللهُ تعالى من الدَّلالةِ على الأَدَبِ مع مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قولِه : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ... } الآيةُ .
الشيخ :
هذه الآية , للعلماء في تفسيرها قولان :
القول الاول : لا تنادوه باسمه , كما ينادي بعضكم بعضا , وهذا ما ساقه المؤلف أبو بكر من أجله .
والثاني : لا تجعلوا دعاؤه إياكم كدعاء بعضكم بعضا بل عليكم أن تجيبوه , وأن تمتثلوا أمره وتجتنبوا نهيه , بخلاف غيره , فغيره إذا دعاك إن شئت أجبه وإن شئت لا تجبه . يعني إذا قال يا فلان فإن شئت أجبه، وإن شئت لا تجبه. لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعاك يجب أن تجيبه ولهذا قال العلماء: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا الإنسان وهو في صلاة , وجب عليه أن يجيبه ولو قطعها .
ففي الآية قولان لأهل العلم، فعلى القول بأن المعنى لا تنادوه باسمه كما ينادي بعضكم بعضا تكون دعاء مضافة إلى الفاعل أم إلى المفعول؟ إلى المفعول , يعني لا تجعلوا دعاؤكم الرسولَ كدعاء بعضكم بعضا، وإذا قلنا دعاء الرسول يعني إذا دعاكم الرسول فأجيبوه , تكون مضافة إلى الفاعل , يعني لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم كدعاء بعضكم بعضا , بناء على القاعدة التفسيرية أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين لا منافاة بينهما فإنها تحمل على المعنيين , هل يمكن أن نحملها هنا على المعنيين ؟ نعم يمكن أن نحملها على المعنيين .
القارئ :
وكما لا يَلِيقُ أن تَقولَ لوالِدِك ذي الأُبُوَّةِ الطينيَّةِ : ( يا فلانُ ) أو : ( يا وَالِدِي فلان ) فلا يَجْمُلُ بك مع شيخِك .
الشيخ :
الأبوة الطينية : لا تقول لأبيك من النسب يا فلان . فكذلك أبوك في العلم لا تقل له يا فلان .
ولم يقل الشيخ بكر أن تقول لوالدك بالنسب، قال بالأبوة الطينية، إشارة إلى حقارته بالنسبة لأب العلم , للمعلم .
القارئ :
والتَزِمْ تَوقيرَ المجلِسِ وإظهارَ السرورِ من الدَّرْسِ والإفادةِ به.
الشيخ :
هذا أيضا مهم , أن تبدي السرور من الدرس , والإفادة به , وأن ترتقبه بفارغ الصبر , أما أن تتململ , مرة تقلب الكتاب ومرة تخطط بالأرض ومرة تطلع المسواك تتسوك , ومرة تزين الغترة، وما أشبه ذلك هذا معناه الملل , فاللذي ينبغي أن الإنسان يفرح وأنه نزل في رياض يجني ثمارها .
القارئ :
وإذا بدا لك خطأٌ من الشيخِ ، أو وَهْمٌ فلا يُسْقِطُه ذلك من عَيْنِكَ فإنه سَبَبٌ لِحِرْمَانِكَ من عِلْمِه ، ومَن ذا الذي يَنْجُو من الخطأِ سالِمًا؟ .
الشيخ :
ولكن إذا بدا وهم أو خطأ من الشيخ , هل تسكت أو تنبهه ؟ وإذا نبهته فهل تنبهه في مكان الدرس ؟ أو في مكان آخر ؟
هذا يجب التزام الأدب فيه .
نقول : لا يجوز لك أن تسكت على الخطأ لأن هذا ضرر عليك وعلى شيخك , فإنك إذا نبهته على الخطأ وانتبه أصلح الخطأ .
كذلك الوهم , قد يتوهم ، قد يسبق لسانه إلى كلمة لا يريدها فلا بد من التنبيه , ولكن يبقى هل أنبهه في مكان الدرس أو إذا خرج؟ ينظر هنا للقرائن، قد تقتضي الحال أن تنبهه في الدرس , مثل الحال الآن تقتضي أن تنبهوننا في الدرس، لأن عندنا الحين كل واحد ما شاء الله معه مسجل فإذا لم يصلح الخطأ في حينه نشر هذا العلم على خطأ , فلا بد من التنبيه في مكان الدرس, أما لو كان المسألة ليس يسمع هذا الوهم أو هذا الخطأ إلا الطلاب , فإن من الأليق أن لا تنبه الشيخ في مكان الدرس , بل إذا خرج تلتزم الأدب معه وتمشي معه وتقول : سمعت كذا وكذا فلا أدري أوهمت أنا في السمع أم أن الشيخ أخطأ ؟ مثلا ، إذن التنبيه على الخطأ والوهم حكمه واجب ولا بد منه، لأن السكوت إضرار بالطالب وإضرار بالمعلم .
لكن أين يكون التنبيه؟ حسب ما تقتضيه الحال .
وعلى كل حال فكما قال الشيخ لا ينبغي للإنسان أن يسقط الشيخ من عينه بخطأ من ألف إصابة , أما لو كان كثير الخطأ، كل ما يتكلم به خطأ فهنا لا ينبغي أن يكون شيخا، هذا ينبغي أن يكون متعلما قبل أن يكون معلما.
القارئ :
واحْذَرْ أن تُمارِسَ معه ما يُضْجِرُه ومنه ما يُسَمِّيهِ الْمُوَلَّدُون : ( حربَ الأعصابِ ) بمعنى : امتحانِ الشيخِ على القُدرةِ العِلمِيَّةِ والتَّحَمُّلِ .
الشيخ :
هذا صحيح , بعض الناس يقصد امتحان الشيخ , فيأتي بأسئلة معضلة ويراوغ فيها، كل ما أجاب الشيخ من جواب يقول طيب وإذا كان كذا، قال فإذا كان كذا فالحكم كذا، قال وإذا كان كذا، ويصعده مائة درجة بهذه التقديرات، ويقول: أنظر هل يضجر ويمل ويغضب؟ , فما رأيكم لو غضب الشيخ في هذه الحال؟ يحق له ذلك؟ نعم، طيب لو ضرب الطالب؟ هذا شيء ينظر فيه.
القارئ :
وإذا بَدَا لك الانتقالُ إلى شيخٍ آخَرَ ؛ فاستأْذِنْه بذلك ؛ فإنه أَدْعَى لِحُرْمَتِه وأَمْلَكُ لقَلْبِه في مَحَبَّتِك والْعَطْفِ عليكَ .
الشيخ :
الله أكبر، كذلك أيضا إذا بدا لك أن تنتقل إلى شيخ آخر , أو أن تتعلم من شيخ آخر علما آخر غير ما تتعلمه عند شيخك فإنه من الأدب أن تستأذن للفائدة التي ذكرها الشيخ بكر لأنه ادعى لحرمته وأملك لقلبه في محبتك والعطف عليك , ثم إنه قد يعلم عن هذا الشيخ الذي أنت تريد الذهاب إليه ما لا تعلمه أنت , فينصحك, ويقول احذر منه أو لا تذهب إليه لأن كثيرا من الشباب الصغار قد يغترون بأسلوب أحد من الناس وبيانه وفصاحته فيظنونه ذاك الرجل العظيم لكنه على خطأ , فلهذا استئذان الشيخ له فوائد . منها ما ذكره الشيخ بكر ومنها ما أشرنا إليه الآن أنه قد يكون عند شيخك من العلم عن هذا الشيخ الذي تريد أن تذهب إليه ما ليس عندك فينصحك ويبين لك، كذلك أيضا إذا أراد الأنسان أن يسافر مثلا ويعرف من شيخه أنه يتفقد الطلاب , وأنه ينشغل قلبه إذا فقد أحدا ولا سيما إن كان من الحريصين , فينبغي أن تؤذنه , وتقول إنني سأسافر . حتى لا ينشغل قلبه أو يتهمك بالخمول والكسل والملل وما أشبه ذلك .
القارئ :
إلى آخِرِ جُملةٍ من الآدابِ يَعْرِفُها بالطبْعِ كلُّ مُوَفَّقٍ مُبارَكٍ وفاءً لحقِّ شيخِك في ( أُبُوَّتِه الدينيَّةِ ) أو ما تُسَمِّيه بعضُ القوانينِ باسمِ ( الرَّضاعِ الأدبيِّ ) وتَسميةُ بعضِ العُلماءِ له ( الأبُوَّةَ الدينيَّةَ ) أَلْيَقُ ؛ وتَرْكُه أَنْسَبُ .
واعْلَمْ أنه بِقَدْرِ رِعايةِ حُرْمَتِه يكونُ النجاحُ والفلاحُ ، وبقَدْرِ الْفَوْتِ يكونُ من عَلاماتِ الإخْفَاقِ .
....... تَنبيهٌ مُهِمٌّ :

أُعيذُك باللهِ من صَنيعِ الأعاجِمِ ، والطُّرُقِيَّةِ ، والْمُبتدِعَةِ الْخَلَفِيَّةِ ، من الْخُضوعِ الخارِجِ عن آدابِ الشرْعِ ، من لَحْسِ الأيدِي ،
وتَقبيلِ الأكتافِ والقبْضِ على اليمينِ باليمينِ والشمالِ عندَ السلامِ ؛ كحالِ تَوَدُّدِ الكِبارِ للأَطفالِ ، والانحناءِ عندَ السلامِ ، واستعمالِ الألفاظِ الرَّخوةِ المتخاذِلَةِ : سَيِّدِي ، مَوْلَاي ، ونحوِها من أَلفاظِ الْخَدَمِ والعَبيدِ .


الشيخ:
اعيذك بالله ... هذه الجملة يريد بها التحذير من هذا , صنيع الأعاجم والطرقية والمبتدعة الخلفية من الخضوع الخارج عن آداب الشرع , من لحس الأيدي , هذا ما سمعنا به ، لحس الأيدي أن يخرج الإنسان لسانه ويلحس اليد لكن تقبيل الأيدي لا بأس به ما لم يخرج إلى حد الإفراط والزيادة, وتقبيل الأكتاف هذا ليس مذموما على كل حال ولا محمودا بكل حال , عندما يأتي الإنسان من سفر مثلا فلا بأس أن يقبل جبهته وهامته وكذلك أكتافه , لأنه لا يضر إلا إذا اقتضى ذلك انحناءه .
(القبض على اليمين باليمين والشمال عند السلام) , هذا أيضا لا نرى فيه بأسا فإن ابن مسعود رضي الله عنه , قال : علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه .
وهذا يدل على أنه يجوز أن يقبض الكف بين كفين , وإذا اعتاد الناس أن يفعلوا ذلك عند السلام فلا حرج , لأنه ليس فيه نهي , صحيح أن المصافحة باليد مع اليد فقط , لكن هذا من باب إظهار الشفقة والإكرام . لا نرى أن في ذلك بأسا.
الانحناء عند السلام حقا هذا خلق ذميم ينهى عنه لأنه ورد النهي عن ذلك .
و(استعمال الألفاظ الرخوة المتخاذلة : سيدي مولاي) , هذه ليس لها داعي , والحقيقة أن الشيخ سيد بالنسبة لتلميذه لكن لا ينبغي أن يتخاذل أمامه , حتى يقول سيدي أو يقول مولاي ولكن مع ذلك هو جائز من حيث الشرع , إلا أنه يقال بالنسبة للعبد المملوك يقوله لسيده المالك , كما جاء في الحديث (وليقل سيدي ومولاي).

القارئ :


وانْظُرْ ما يَقولُه العَلَّامَةُ السَّلفيُّ الشيخُ محمَّدٌ البشيرُ الإبراهيميُّ الجزائريُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في ( البصائِرِ )؛ فإنه فائقُ السِّيَاقِ .
الشيخ :
يعني أحالنا على هذا الكتاب المسمى (البصائر) , فإنه فائق السياق ، لا أعرف الكتاب هذا ولا طالعته .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)
*************
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
هذا هو الأدب الثامن عشر من آداب طالب العلم وهو من أدب الطالب مع شيخه ، وتقدم معنا قسمان :
الأول : أدب الطالب فيما يتعلق بنفسه.
الثاني : الآداب المتعلقة بكيفية الطلب والتلقي.
الأول من آداب الطالب مع شيخه : رعاية حرمة الشيخ ، وذلك لأنّ الله جل وعلا رفع من شأن المعلمين وهذا معلم فهو يعلمك ، فقد استفدت منه علما فهو صاحب فضل عليك ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، ثم الأمر الآخر أنّ الشيخ يبث العلم ، فعندما تحُفظ حرمته وتُراعى يكون ذلك سببا من أسباب تلقي العلم عنه ، فإذا لم تُراعى حرمته وتمّ احتقاره أو إهماله لم يعرفه الناس ، ولم يأخذوا من علمه ، ويختار الشيخ المتقن ليأمن من العثار ويأمن من الزلل ، قال المؤلف : (فليكن شيخك محل إجلال منك) يعني تقدير واحترام (وإكرام وتقدير وتلطف) والتقدير معرفة المقدار ، والتلطف يعني تسهيل النفس وتخفيضها عند مقابلته ، ويكون هذا في طريقة الجلوس وطريقة الحديث وفي اختيار الأسئلة ، وفي (حسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه) ، وفي( ترك التطاول) يعني معرفة أنّ للنفس فضلا على الآخرين ، أو (و ترك المماراة) أيضا وهو الحديث العقيم والمناقشة غير الهادفة ، وكذلك من آداب التلميذ مع شيخه (عدم التقدم عليه بكلام) إذا جاءت مسألة ينتظر فلا يتكلم حتى يتكلم شيخه ، وإذا بدأ في المجلس يبتدئ الشيخ قبل تلميذه ، وهكذا أيضا في المسير فلا يتقدم عليه بالسير ، (ولا يكثر الكلام عند شيخه) لئلا يشوش عليه ، ولئلا يكون صارفا لفهمه عن فهم كلام شيخه ، قال وعدم التقدم عليه يشمل أيضا عدم معارضته والرد عليه أو (الإلحاح عليه في جواب) إذا سُئل فسكت فإنه يحافظ الأدب معه فلا يسأل مرة أخرى ، ويتجنب (الإكثار من السؤال) لعله أن يأتي في كلام شيخه فيما يأتي ، خصوصا إذا كان هناك جماعة يشاهدون الموقف ، فإنه حينئذ يكون حفظ الأدب مع الشيخ أولى ، إذا لم يحافظ الإنسان على هذه الآداب فقد يظن أنّ في نفسه زودة و أنه عنده علم ليس عند شيخه ، فيورثه ذلك الغرور ، و يورث الشيخ الملل منه.
وهكذا يناديه بما يكون أحب إلى نفسه من الأسماء التي فيها إجلال له ومعرفة لحقه ، كذلك يجتنب الطالب أن ينادى على شيخه من مكان بعيد ، وإذا كان الشيخ بعيدا فلا تناده حتى تقرب منه فتكلمه فتناديه ، وذلك لأنه إذا كان بعيدا فناديته قد يكون ذلك سببا من أسباب جرأة الناس عليه ، وهكذا أيضا إذا خاطبه الإنسان عن بعد ، فإنه سيتطلب منه أن يرفع صوته بالجواب ، وهذا من الأمور غير المستحسنة عند العرب ، هكذا أيضا (لا تناده باسمه) لأنه لا يحسن أن تنادي والدك باسمه وهكذا أيضا الأب من التعلم.
كذلك مجلس الشيخ يحفظ الإنسان الأدب فيه ويوقره ويظهر للشيخ ولغيره أنه قد استفاد من هذا الدرس وأنه فرحٌ به وهكذا ،كذلك إذا وقع من الشيخ خطأ لأنّ الشيخ غير معصوم ، فحينئذ لا ينبغي به أن يشهر به ، ولا أن يسقط من عينه فإنّ هذا سبب من أسباب الحرمان من العلم ، لأنّ ما من أحد إلا و قد يقع في الزلل ، وهكذا أيضا يجتنب الإنسان ما يؤدي إلى نُفرة الشيخ وعدم تقبله الكلام منك ، ولهذا صور :
الصورة الأولى : مطالبة الشيخ بأن يتحدث في مسائل لم يجتهد فيها ، والإلحاح عليه في ذلك.
الثاني : تكرار السؤال على الشيخ ليتحدث في أمور يرى الشيخ عدم الجواب فيها من باب السياسة الشرعية ، كذلك إذا كان الشيخ يخشى من عقوبة قد لا يتكلم ، إما عاقبة سيئة للناس أو يوجد خصومة بينهم فالشيخ سيترك ذلك ، فعندما تلح لطلب الحديث منه فإنك تحرجه في مثل ذلك ، ومما ذكره الشيخ هنا أن يقوم التلاميذ بامتحان شيخهم ليعرفوا قدرته على التحمل أو يصبر أو ما يصبر فهذا أيضا يخالف الأدب ، فإن قال قائل : قد وجد اختبارات للمحدثين فيما مضى فتلك الإختبارات ليس من تلميذ لشيخه ، ثم إنّ تلك الامتحانات لفائدة بمعرفة الصادق من الكاذب في الرواية ، فهذه الإختبارات توصل طالب العلم إلى درجة التلقي منه ، وأما من ثبت تحريته قبل ذلك فلا يحسن أن تطرح عليه هذه المسائل المشكلة ، نعم .
قال : (وإذا بدا لك الانتقال من شيخ إلى شيخ آخر) فاستأذن الشيخ الأول حفاظا لحرمته ، ولتبقى المودة بينك وبين شيخك ويستمر في العطف عليك ، ذكر المؤلف ماذا يسمى المعلم ؟ بعضهم يقول : (أبوك من الرضاعة الأدبية) ، وبعضهم يقول : (هذه الأبوة الدينية ) هذا كلام في المصطلحات ، قال المؤلف : (اعلم أنه بقدر رعاية حرمة الشيخ) يكون نجاحك وفلاحك ، وكلما تركت حرمة الشيخ أدى بك ذلك إلى الإخفاق وعدم الاستفادة ، وهناك ثلاثة إن لم يكرموا لم يعطوا منهم : المعلم ، نعم.
ثم قال : وانتبه فإنّ كونك تحفظ الأدب مع الشيخ لا يعني أن تغلوَ فيه من مثل لحس يده أو تقبيلها ، أو تقبيل الكتف فهذه كلها ليست مشروعة ، ولا يقال بأنّ هذا من التلقي على المشايخ ، لأنّ هذه الأفعال غير محمودة في الشرع ومثله أيضا الانحناء عند السلام والتخضع في الكلام ، نعم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)

أم أبي التراب
11-21-2014, 05:09 AM
الأمر التاسع عشر : رأسُ مالِك – أيُّها الطالِبُ – من شَيْخِكَ :
القدوةُ بصالحِ أخلاقِه وكريمِ شمائِلِه ، أمَّا التلَقِّي والتلقينُ ، فهو رِبْحٌ زائدٌ ، لكن لا يَأْخُذُك الاندفاعُ في مَحَبَّةِ شيخِك فتَقَعَ في الشناعةِ من حيث لا تَدْرِي وكلُّ مَن يَنْظُرُ إليك يَدْرِي ، فلا تُقَلِّدْه بصوتٍ ونَغَمَةٍ ، ولا مِشْيَةٍ وحركةٍ وهَيْئَةٍ ؛ فإنه إنما صارَ شَيْخًا جَليلًا بتلك ، فلا تَسْقُطْ أنت بالتَّبَعِيَّةِ له في هذه .


شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الشيخ :
القدوة بصالح أخلاقه وكريم شمائله هذا من أهم ما يكون , إذا كان شيخك على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة والشمائل الطيبة فهنا اجعله قدوة لك , لكن قد يكون الشيخ على خلاف ذلك أو عنده نقص في ذلك , فلا تقتدي به في مثل هذا ، ولا تقل إذا صار شيخك عنده خلق سيء فاقتديت به، تقول هكذا كان شيخي مثلا , لأن الشيخ يكون قدوة بالأخلاق الفاضلة والشمائل الطيبة , أما التلقي والتلقين فهو ربح زائد, والواقع أن التلقي والتلقين هو الأصل لأن التلميذ لم يأت للشيخ من أجل أن يتعلم منه الأخلاق فقط , بل من أجل أن يتعلم العلم أولا ثم الأخلاق ثانيا , ففي الحقيقة أن التلقي والتلقين أمر مقصود , كما أن الاقتداء به في أخلاقه أمر مقصود أيضا , ولهذا لو سألت أي طالب علم لماذا حضرت عند هذا الشيخ ؟ لقال: لأتلقى علمه , ولا يقول لأجعله قدوة لي في الأخلاق .
وعلى كل فالشيخ شيخ في العلم وفي الأخلاق .
أما قوله: (لا تقلده بصوت ونغمة) , فهذا صحيح , لأن بعض الناس يملكه الحب لشيخه أو لغيره من الناس حتى يبدأ بتقليد صوته ونغمته .
كذلك (ولا مشية وحركة وهيئة) , هذا أيضا ليست على إطلاقه , بل يقال: إذا كانت مشية الشيخ كمشية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فاقتد بها , لكن لا لأن الشيخ قدوتك ولكن لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتك . وكذلك أيضا الحركة , الحركة قد تكون من بعض المعلمين حركة ممقوتة , تجده مثلا لو تكلم بكلمة تحرك كل جسده، هذا لا تقتدي به في هذا , لكن حركة تبين المراد أو تبين ما في النفس من انفعال هذه لا بأس بها وربما تكون تنشط الطالب لأنك تجد فرقا بين معلم تكون له حركات تنبئ عن المعنى وعما في نفسه من إحساسات , وبين معلم يسرد لك الحديث سردا .
ولما كنت في الطلب في المعهد العلمي في الرياض يأتينا واحد يدرس لنا النحو ما شاء الله ولكنه هو يتكلم يتحرك كل شيء يحتاج إلى حركة يتحرك تجد أننا معه نتابع تماما ويحيينا حتى ولو كان بنا نوم في الأول يطير عنا النوم، لكن يأتي واحد يتكلم يسرد الحديث سردا هذا يكسل فهذه المسألة يُفَصَّل فيها .
الهيئة , لا تقلد شيخك في الهيئة إلا إذا كانت هيئته حسنة , نحن لا نقول اترك تقليده مطلقا ولا قلده مطلقا .
قد يكون مثلا الشيخ لا يبالي بالهيئة الجميلة، وبالثياب الحسنة، بلبس العباءة على ما ينبغي ، بلبس الشماغ على ما ينبغي ، هذا لا تقلده ، وقد يكون الشيخ مراعي المروءة في ذلك ويستعمل ما يجمله عند الناس ويزينه فهنا لا بأس أن تقلده .
إذن هذه مسائل تحتاج إلى تفصيل وأما قوله: (لا تسقط أنت بالتبعية له) , فإذا كنت أتابعه في أمر محمود فليس هذا بسقوط . هو يعني مثلا صافحت الشيخ وهو قائم فانحنيت له، أما هنا انحناؤك لتقبيل جبهته ، لا تعظيما له ولكن لا يمكن أن تقبله إلا وأنت منحنٍ ولهذا يكون انحناؤك فوق رأسه ، والانحناء للتعظيم يكون انحناءك تحته.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
قال المؤلف : غفر الله له ولشيخنا
التاسع عشر رأس مالك - أيها الطالب - من شيخك :
القدوة بصالح أخلاقه وكريم شمائله ، أما التلقي والتلقين فهو ربح زائد ، لكن لا يأخذك الاندفاع في محبة شيخك فتقع في الشناعة من حيث لا تدرى وكل من ينظر إليك يدري ، فلا تقلده بصوت ونغمة ، ولا مشية وحركة وهيئة ، فإنه إنما صار شيخاً جليلاً بتلك ، فلا تسقط أنت بالتبعية له في هذه.
الشيخ :
هذه هي الصفة التاسعة عشرة من صفات طالب العلم أن يعرف الطالب أنّ الشيخ هو الذي استفاد منه العلم ، ومن هنا فإنه يتلقى العلم منه ، وهكذا يستفيد من أخلاقه فيقتدي به فيها ، لكن يجب على الطالب أن يقتلع الشناعة ، وأن لا يُقدم على أمور مخالفة ، و من أمثلة ذلك :
أولها : الحديث في بقية الشيوخ لأنهم ليسوا شيوخا لك ، ولأنك تظنهم أنهم ينافسون شيخك هذا حرام ولا يجوز ، لأنّ عمل العلماء والمشايخ مبني على التعاون ، وبالتالي كل منهم يعاون الآخر ، فعندما يطعن بعضهم في بعض أو يريد إلغاء قدرته في ذلك فإنه يخالف الشرع .
الأمر الثاني : مما يلاحظ في هذا أنّ محبة الشيخ أمر مطلوب ، لأنه صاحب فضل عليك فتتقرب لله بمحبته محبة زائدة عن محبتك لأفراد المؤمنين.
الأمر الثالث : أن تلاحظ أن لا توصلك هذه المحبة إلى تقليده في الصوت أو تقليده في المزامير أو نحو ذلك.
الأمر الرابع : أنّ التقليد يكون في العلم والتعلم والتعليم والعمل به ، وأما الصورة الظاهرة فإنه لا يقلد فيها ، فإنه إنما صار شيخا بعلمه ، وعمله ، وتعلمه ، وتعليمه فيقتدى به في ذلك ، وأما طريقة مشيته ، وطريقة كتابته ، وحركة يديه عند الدرس فهذه لم تجعله شيخا ، إنما الذي جعله شيخا هو العلم ، نعم.



هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)

أم أبي التراب
11-21-2014, 05:14 AM
الأمر العشرون: نشاطُ الشيخِ في دَرْسِه :
يكونُ على قَدْرِ مَدارِكِ الطالبِ في استماعِه ، وجَمْعِ نفسِه وتَفَاعُلِ أحاسيسِه مع شيخِه في دَرْسِه ، ولهذا فاحْذَرْ أن تكونَ وسيلةَ قَطْعٍ لعِلْمِه بالكَسَلِ والفُتورِ والاتِّكاءِ وانصرافِ الذهْنِ وفُتورِه .
قالَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( حقُّ الفائدةِ أن لا تُسَاقَ إلا إلى مُبْتَغِيهَا ، ولا تُعْرَضَ إلا على الراغبِ فيها ، فإذا رَأَى الْمُحَدِّثُ بعضَ الفُتورِ من المستَمِعِ فليسكُتْ ، فإنَّ بعضَ الأُدباءِ قالَ : نَشاطُ القائلِ على قَدْرِ فَهْمِ الْمُسْتَمِعِ ) .



ثم ساقَ بسَنَدِه عن زيدِ بنِ وَهْبٍ ، قال : ( قالَ عبدُ اللهِ : حَدِّث القوْمَ ما رَمَقوكَ بأبصارِهم ، فإذا رأيتَ منهم فَتْرَةً فانْزِعْ ). اهـ .

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ ) الشيخ :
أن يكون له همة وقوة في الاستماع إلى الشيخ واتباع نطقه حتى ينشط الشيخ على هذا , ولا يظهر للشيخ أنه قد ملّ وتعب بالاتكاء تارة والحملقة تارة , (حملق يعني ينظر يمين ويسار) أو تقليب الأوراق تارة . أو ما أشبه ذلك ، ولهذا ينبغي للإنسان أن لا يلقي العلم لا بين الطلبة ولا بين عامة الناس إلا وهم متشوقون له , حتى يكون كالغيث أصاب أرضا يابسة فقبلته، وأما أن يكره أو يفرض نفسه فهذا أمر لا ينبغي , أولا لأن الفائدة تكون قليلة , وثانيا ربما يقع في قلب السامع الذي أكره على الاستماع هذه الكلمة مثلا يقع في قلبه كراهة إما للشخص وإما لما يلقيه الشخص وكلا الأمرين مر , وأمرهما أن يكره ما يلقيه الشخص . فعلى كل حال متى رأيت الناس متشوقين للكلام فتكلم وإذا رأيت الأمر لا يناسب فلا تتكلم لا تثقل على الناس وهذا قد مر علينا في البخاري في حديث عبد الله بن عباس , أنك لا تلقي على القوم حديث إلا وأنت تعلم أنهم يحبون ذلك وإلا فلا تلقيه عليهم .
وهنا يقول عن الخطيب البغدادي رحمه الله: حق الفائدة أن لا تساق إلا إلى مبتغيها ولا تعرض إلا على الراغب فيها , فإذا رأى المحدث بعض الفتور من المستمع فليسكت , فإن بعض الأدباء قال :
نشاط القائل على قدر فهم المستمع .
وهذا صحيح , القائل المتكلم نشاطه على قدر فهم المستمع وإن شئت فقل على قدر انتباه المستمع، لأن الفهم مرتبة وراء الانتباه , ينتبه الإنسان أولا ثم يفهم , والفهم أمر خفي , لا نعرفه لكن الإنسان ينشط إذا رأى القوم قد انتبهوا له , وأحسنوا الإنصات والإصغاء .


هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا
العشرون نشاط الشيخ في درسه:
يكون على قدر مدارك الطالب في استماعه ، وجمع نفسه ، وتفاعل أحاسيسه مع شيخه في درسه ، ولهذا فاحذر أن تكون وسيلة قطع لعلمه ، بالكسل ، والفتور والاتِّكاء ، وانصراف الذهن وفتوره.
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى :
"حق الفائدة أن لا تساق إلا إلى مبتغيها ، ولا تُعرِض (تصحيح الشيخ : ولا تُعرَض ) إلا على الراغب فيها ، فإذا رأى المحدث بعض الفتور من المستمع ، فليسكت ، فإن بعض الأدباء قال : نشاط القائل على قدر فهم المستمع ".
ثم ساق بسنده عن زيد بن وهب ، قال:
"قال عبد الله : حَدِّث القوم ما رمقوك بأبصارهم ، فإذا رأيت منهم فترة ، فانزع " ا هـ.
الشيخ :
هذه من صفات الطالب أو من صفات المعلم بحيث يلاحظ أحوال الطلاب ، و يلاحظ تفاعلهم معه ، فيجعل ما يلقيه من المعلومات على مقدار ذلك ، وفي ثنايا هذا النهي عمّا يشغل الشيخ حال الدرس ، فإذا كانت كثرة حركتك تشغله عن الدرس وإكماله فاجتنبها ، وهكذا نوم الإنسان في درسه قد يؤدي إلى فتور شيخه ، وبالتالي يجب عليه أن يحاول ما يستطيع أن لا يأتيَه ذلك أثناء درسه ، هكذا شرود الذهن فإنّ شرود ذهن الطالب يجعل المعلم لا يتقن تعليمه ، لأنه سيشتغل بما في ذهنه وسيشتغل بمحاولة إعادته إلى درسه ، بقي هنا مسألة وهي أنّ من جاءك للتعلم فأنت تبذله له لأنه راغب مقبل عليه ، لكن من لم يأتك هل تقبل عليه فتعلمه ؟ ، فإن كان في الدعوة فلا إشكال أنه يدعى فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يغشى الناس في منازلهم ، قال المؤلف : (فإذا رأى المحدث بعض الفتور) وهو الانقطاع والعجز ، (من المستمع فليسكت) الشيخ ، لأنه إذا كان متعبا فقد يفهم من كلام شيخه ما لا يريده الشيخ ، نعم
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2102#.VEzvt1cR3gE)

أم أبي التراب
11-30-2014, 04:10 AM
21-الكتابةُ عن الشيخِ حالَ الدرْسِ والمذاكَرَةِ :
وهي تَختلِفُ من شيخٍ إلى آخَرَ فافْهَمْ .
ولهذا أدَبٌ وشَرْطٌ : أمَّا الأَدَبُ ؛ فيَنبغِي لك أن تُعْلِمَ شيخَك أنك ستَكْتُبُ أو كَتَبْتَ ما سَمِعْتَهُ مُذاكَرَةً .وأَمَّا الشرْطُ ؛ فتُشيرُ إلى أنك كتَبْتَه من سَماعِه من دَرْسِه .
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2103#.VHp7BmcR3gE)
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الأمر الحادي والعشرون: الكتابة عن الشيخ حال الدرس والمذاكرة
وهي تَختلِفُ من شيخٍ إلى آخَرَ فافْهَمْ .
الشيخ :
كيف تختلف الكتابة عن الشيخ حال الدرس والمذاكرة من شيخ لآخر؟ بعضهم سريع وبعضهم يملي إملاءً , وبعضهم يلقي إلقاءً , وبعضهم لا يستحق أن يكتب ما يقول , لكن مثل هذا لا يضيع الإنسان وقته بالجلوس إليه , والكلام في شيخ يأتي الإنسان إليه ليستفيد، وأيضاً في مسألة الكتابة حال إلقاء الشيخ يجب أن يتنبه الإنسان إلى مسألة مهمة , وهي أنه قد يفوته بعض الكلمات من حيث لا يشعر فيكتب خلاف ما قال الشيخ كما جرى ذلك.
ونحن الآن ولله الحمد في هذا الوقت لا نحتاج إلى أن يكتب الطالب حال إلقاء الشيخ , لماذا ؟ عندنا مسجلات والحمد لله، تسجيل ينقل لك كلام الشيخ من أوله إلى آخره وأنت تستمع إليه وتقيد ما ترى أنه جدير بالقيد .

القارئ :
ولهذا أدَبٌ وشَرْطٌ : أمَّا الأَدَبُ ؛ فيَنبغِي لك أن تُعْلِمَ شيخَك أنك ستَكْتُبُ أو كَتَبْتَ ما سَمِعْتَهُ مُذاكَرَةً . وأَمَّا الشرْطُ ؛ فتُشيرُ إلى أنك كتَبْتَه من سَماعِه من دَرْسِه .
الشيخ:
الأدب لا بد أن تخبر الشيخ أنك ستكتب وإذا كنت تريد أن تسجل أخبره بأنك سوف تسجل , لأن الشيخ ربما لا يرضَى أن تكتب عنه شيئاً كما يوجد في بعض المشايخ الآن لا يرضى أن أحدا يكتب عنه شيئا أو ينقل عنه بواسطة التسجيل، ولهذا من الأدب أن تستأذن من الشيخ.
وأما الشرط فتشير إلى أنك كتبته من سماعه من درسه حتى يتبين للقارئ , لأنك لو لم تشر إلى هذا , لظن القارئ أن الشيخ أملاه عليك إملاءً , وهناك فرق بين الإملاء وبين كتابة الدرس الذي يلقيه الشيخ بدون أن يشعر بأنه يُملي على الطلبة يعني ما يسمى بالتقرير , فرق بين كتابة التقرير وبين كتابة الإملاء , لأن الإملاء سوف يكون محرراً ومنقحاً , والشيخ لا يملي كلمة إلا ويعرف منتهاها , لكن التقرير يلقي الكلام هكذا مرسلاً ربما يتداخل بعضُه مع بعض؛ وربما يقول كلمةً سهواً وغير ذلك , فيُفَرَّق بين التقرير وبين الإملاء . الإملاء كأنه كتبه بيده والتقرير ليس كذلك .
ولهذا ينبغي أن يستأذن من الشيخ , فإن قال قائل : هل إقرار الشيخ إذْن ؟ بمعنى أنه إذا رأى الطلبة يكتبون وسكت . هل يعتبر إذناً ؟ نعم .
نقول : هو إذن بشرط القدرة على الإنكار , فإن كان لا يقدر أن يُنكر , يخشى أن تثور عليه الطلبة وتهيج عليه الطلبة إذا قال لا تكتبوا , فلا يعتبر سكوته إقرار،
بالنسبة لي معكم سكوتي إقرار؛ أنا أرى بعضكم يكتب ولا بأس ليس هناك مانع بشرط أن لا يُشغله عن الاستماع.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2103#.VHp7BmcR3gE)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الكتابة عن الشيخ حال الدرس والمذاكرة :
وهى تختلف من شيخ إلى آخر ، فافهم.
ولهذا أدب وشرط:
أما الأدب ، فينبغي لك أن تعلم شيخك أنك ستكتب ، أو كتبت ما سمعته مذاكرة.
وأما الشرط ، فتشير إلى أنك كتبته من سماعه من درسه.
الشيخ :
هذا هو الأدب الحادي والعشرون الكتابة عن الشيخ حال الدرس والمذاكرة ، وذلك لأنك إذا كتبت مع الشيخ اشتغلت يدك بالكتابة ، واشتغل عينك بالمشاهدة ، واشتغلت أذنك بالسماع ، فكان ذلك مؤديا إلى حفظ ما يلقيه الشيخ لأنك قد استخدمت فيه جوارح مختلفة ، وهذا يختلف باختلاف الشيخ فمنهم من لا يعلق على الكتاب وبالتالي لا تتمكن من الكتابة ، ومنهم من يكون تعليقه على المواطن المشكلة ، ومنهم من يزيد إلى الأماكن الغامضة وهكذا ، ولذلك لا يمكن إعطاء حكم واحد يشمل الجميع فيما يكتبه التلاميذ عن شيخهم حال الدرس ، وهذا ينبغي للطالب معه أن يخبر الأستاذ ويقول : أستأذنك في الكتابة وهذا من الآداب المستحبة ، قال المؤلف : (وأما الشرط فتشير إلى أنك كتبته من سماعه في درسه أو من درسه) فتقول : أنا سمعته يقوله حفظا ، وأنا سمعته يقوله من كتابه ، فيبين أحوال الشيخ حال الرواية ، نعم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2103#.VHp7BmcR3gE)

أم أبي التراب
11-30-2014, 04:32 AM
22- التلَقِّي عن الْمُبْتَدِعِ :

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ :

الأمر الثاني والعشرون: التلَقِّي عن الْمُبْتَدِعِ :
احْذَرْ ( أبا الْجَهْلِ ) المبْتَدِعَ ، الذي مَسَّهُ زَيْغُ العَقيدةِ ؛ وغَشِيَتْهُ سُحُبُ الْخُرافةِ ؛ يُحَكِّمُ الْهَوَى ويُسَمِّيهِ العَقْلَ ، ويَعْدِلُ عن النَّصِّ ، وهل العَقْلُ إلا في النصِّ ؟! ويَستمْسِكُ بالضعيفِ ويَبْعُدُ عن الصحيحِ ، ويُقالُ لهم أيضًا : ( أهلُ الشُّبُهَاتِ ) ( وأهلُ الأهواءِ ) ولذا كان ابنُ المبارَكِ رَحِمَه اللهُ تعالى يُسَمِّي المبتَدِعَةَ ( الأصاغِرَ ) .
وقالَ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( إذا رأيتَ المتكَلِّمَ المبْتَدِعَ يَقولُ : دَعْنَا من الكتابِ والأحاديثِ وهاتِ ( العَقْلَ ). فاعْلَمْ أنه أبو جَهْلٍ وإذا رأيتَ السالكَ التوحيديَّ يَقولُ : دَعْنَا من النقْلِ ومن العَقْلِ وهاتِ الذَّوْقَ والوَجْدَ ؛ فاعْلَمْ أنه إبليسُ قد ظَهَرَ بصورةِ بَشَرٍ ، أو قد حَلَّ فيه ، فإن جَبُنْتَ منه فاهْرُبْ ، وإلا فاصْرَعْهُ وابْرُكْ على صَدْرِه واقْرَأْ عليه آيةَ الكُرْسِيِّ واخْنُقْهُ ) اهـ .
الشيخ :
يقول: (احْذَرْ ( أبا الْجَهْلِ ) ) , أبا الجهل يعني صاحب الجهل , (المبْتَدِعَ الذي مَسَّهُ زَيْغُ العَقيدةِ ؛ وغَشِيَتْهُ سُحُبُ الْخُرافةِ ؛ يُحَكِّمُ الْهَوَى ويُسَمِّيهِ العَقْلَ) , وهذا التحذير الذي قاله الشيخ بكر أمر لازم , يجب أن نحذر أهل البدع وإن صاغوا البدع بصياغة مغرية مزخرفة فإنما هم كما قيل فيهم :

حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا ... حَقًّا وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ.1
فأنت كالظمآن يرى السراب فيحسبه ماء , حتى إذا جاءه وجد الله عنده فوفاه حسابه .2
احذر صاحب الهوى , وهؤلاء الذين يتبعون أهواءهم في العقيدة يسمون ذلك : العقل .
والحقيقة أنه عقل لكنه عَقَلَهُم عن الهدى إلى اتباع الهوى، فهم كما قال ابن القيم في أمثالهم :
هربوا من الرق الذي خلقوا له = وبلوا برق النفس والشيطان
(ويَعْدِلُ عن النَّصِّ) ويقول: لقد دل العقل على خلافه - سبحان الله - هل العقل يخالف النص؟! أبدا , لا يمكن لأي عقل صريح أي خالٍ من الشبهات والشهوات يخالف النقل الصريح , أبداً لكن العلة إما من النقل بحيث يكون غير صحيح , وإما من العقل بحيث يكون غير صريح .
أما مع صراحة العقل وصحة النقل فلا يمكن أن يوجد تعارض إطلاقا , ولهذا ينعى الله سبحانه وتعالى عن المخالفين للرسل ينعى عليهم عقولهم , يقول : {أفلا يعقلون} {أفلا تعقلون} {لا يفقهون} وما أشبه ذلك
فالعقل كما قال الشيخ : (وهل العَقْلُ إلا في النصِّ ؟!)
قال : (ويَستمْسِكُ بالضعيفِ ويَبْعُدُ عن الصحيحِ) , وأكثر ما يكون هذا في الوعاظ والقصاص , تجدهم يحشون أدمغتهم بالأحاديث الضعيفة من أجل تهييج الناس ترغيبا أو ترهيبا . يتأتي مثلا يقول: (قل هو الله أحد) يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يخلق من كل حرف من سورة (قل هو الله أحد) ألف طائر , ولكل طائر ألف لسان كلها تدعو أو تسبح لهذا الذي قرأها ) .
من قال هذا ؟ وأشياء عجيبة غريبة في فضائل الأعمال تذكر .
كذلك (ويُقالُ لهم أيضًا : ( أهلُ الشُّبُهَاتِ ) ( وأهلُ الأهواءِ ) ولذا كان ابنُ المبارَكِ رَحِمَه اللهُ تعالى يُسَمِّي المبتَدِعَةَ ( الأصاغِرَ ) ).
وهذا وصف مطابق لموصوفه , فهم أصاغر وإن عظموا أنفسهم , وكل من خالف النص فهو صغير .
أما كلام الذهبي فيقول : ( إذا رأيتَ المتكَلِّمَ المبْتَدِعَ يَقولُ : دَعْنَا من الكتابِ والأحاديثِ وهاتِ ( العَقْلَ ). فاعْلَمْ أنه أبو جَهْلٍ) وليس أبا علم , بل هو جاهل .
(وقالَ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : وإذا رأيتَ السالكَ التوحيديَّ يَقولُ : دَعْنَا من النقْلِ ومن العَقْلِ وهاتِ الذَّوْقَ والوَجْدَ) , وهؤلاء الصوفية , الصوفية كل دينهم ذوق , ووجد .
فهذا أيضا يقول: (فاعْلَمْ أنه إبليسُ قد ظَهَرَ بصورةِ بَشَرٍ) . والظاهر أن الذهبي رحمه الله لقي النكد من هؤلاء , ولهذا شدد في تقبيح أوصافهم، (أو قد حَلَّ فيه) يعني هو إما شيطان أو حل فيه الشيطان .
(فإن جَبُنْتَ منه فاهْرُبْ ), يعني إن عجزت أن تجادله وتناظره فاهرب , لأن هذه هي الحكمة وإلا كنت تستطيع أن تجادله وتفحمه فاصرعه ، صرعا حسيا أو معنويا؟ نرى
(وإلا فاصْرَعْهُ وابْرُكْ على صَدْرِه) . هذا يدل على أنه حسي.
(واقْرَأْ عليه آيةَ الكُرْسِيِّ ) –حتى يخرج الشيطان- (واخْنُقْهُ) .
الإنسان يسمع كلام الذهبي رحمه الله هذا في ظني أنه إذا صرعه ثم برك على صدره ثم قرأ عليه آية الكرسي ثم خنقه ، سينجو ، لأن الشيطان خنقه حينئذ شديدا وقويا، ولكن على كل حال الظاهر أن الشيخ رحمه الله –الذهبي- قد أصابه ما أصابه من هؤلاء, والمعافى من عافاه الله منه .
لو ذهبت إلى بعض البلاد الإسلامية لوجدت من هؤلاء القوم عجبا , كما يذكر عنهم , كما يذكر عنهم العلماء السابقون أم نحن يعني يصلون إلى حد الجنون , يضربون بالطبول يضربون بالعصي على الأرض، يغبرون ، تغبير يأخذ كل واحد منهم سوط ويهللون بتهليلاتهم وأذكارهم ثم يضرب الإنسان الأرض , ومن كان أكثر غبار فهو أصدق إرادة , يعني إذا كان أكثر غبارا صار أشد وأقوى فيكون هذا دليلا على أنه مريد حقا .
القارئ :
وقالَ أيضًا رَحِمَه اللهُ تعالى : ( وقرأتُ بخطِّ الشيخِ الموَفَّقِ قالَ : سَمِعْنَا دَرْسَه – أي: ابنِ أبي عَصْرونَ – مع أخي أبي عُمرَ وانْقَطَعْنَا ، فسمعتُ أَخِي يقولُ : دَخَلْتُ عليه بَعْدُ ، فقالَ : لم انْقَطَعْتُم عَنِّي؟ قلتُ : إنَّ ناسًا يَقولون: إنك أَشْعَرِيٌّ. فقالَ : واللهِ ما أنا أَشعريٌّ. هذا معنى الْحِكايةِ ) اهـ .
الشيخ :
يعني يستفاد منه أنه لا ينبغي أن تجلس إلى مبتدع ولو كانت بدعته خفيفة كبدعة الأشعريين .
القارئ :
وعن مالِكٍ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ : ( لا يُؤْخَذُ العِلْمُ عن أربعةٍ : سفيهٌ يُعْلِنُ السَّفَهَ وإن كان أَرْوَى الناسِ ، وصاحبُ بِدعةٍ يَدْعُو إلى هَواهُ ، ومَن يَكْذِبُ في حديثِ الناسِ ، وإن كنتُ لا أتَّهِمُه في الحديثِ ، وصالحٍ عابدٍ فاضلٍ إذا كان لا يَحْفَظُ ما يُحَدِّثُ به ) .
فيا أيُّها الطالِبُ ! إذا كنتَ في السَّعةِ والاختيارِ ؛ فلا تَأْخُذْ عن مُبْتَدِعٍ : رافِضِيٍّ أو خارجيٍّ أو مُرْجِئٍ أو قَدَرِيٍّ أو قُبُورِيٍّ . . . وهكذا ؛ فإنك لن تَبْلُغَ مَبْلَغَ الرجالِ – صحيحَ العَقْدِ في الدينِ مَتينَ الاتِّصالِ باللهِ صحيحَ النظَرِ تَقْفُو الأَثَرَ إلا بِهَجْرِ المبْتَدِعَةِ وبِدَعِهِم .
الشيخ :
وظاهر كلام الشيخ رحمه الله ووفقه الله, أنه لا يؤخذ عن صاحب البدعة شيء حتى فيما لا يتعلق ببدعته , فمثلا إذا وجدنا رجلا مبتدعا لكنه جيد في علم العربية: البلاغة والنحو والصرف , فهل نجلس إليه ونأخذ منه العلم الذي هو مجيد فيه أو نهجره ؟
ظاهر كلام الشيخ أننا لا نجلس إليه , لأن ذلك يوجب مفسدتين :
المفسدة الأولى : اغتراره بنفسه فيحسب أنه على حق .
والمفسدة الثانية : اغترار الناس به حيث يتوارد عليه طلاب العلم ويتلقون منه , والعامي لا يفرق بين علم النحو وعلم العقيدة , لهذا نرى أن الإنسان لا يجلس إلى أهل الأهواء والبدع مطلقا , حتى وإن كان لا يجد علم العربية والبلاغة والصرف مثلا إلا فيهم , فسيجعل الله له خيرا منهم .
لأن كوننا نأتي إلى هؤلاء ونتردد إليهم لا شك أنه يوجب غرورهم واغترار الناس بهم .
أسئلة يجيب عنها الشيخ
القارئ :
وكُتُبُ السِّيَرِ والاعتصامِ بالسُّنَّةِ حافلةٌ بإجهازِ أهلِ السُّنَّةِ على البِدْعَةِ ومُنابَذَةِ الْمُبْتَدِعَةِ والابتعادِ عنهم كما يَبْتَعِدُ السليمُ عن الأجْرَبِ المريضِ ولهم قِصَصٌ وواقعاتٌ يَطولُ شَرْحُها لكن يَطيبُ لي الإشارةُ إلى رُؤوسِ الْمُقَيَّدَاتِ فيها :
فقد كان السلَفُ رَحِمَهم اللهُ تعالى يَحتسِبونَ الاستخفافَ بهم وتَحقيرَهم ورَفْضَ المبتدِعِ وبِدْعَتَهُ ويُحَذِّرُون من مُخالَطَتِهم ومُشاوَرَتِهم ومُؤاكَلَتِهم فلا تَتَوَارَى نارُ سُنِّيٍّ ومُبتدِعٍ .
وكان من السلَفِ مَن لا يُصَلِّي على جَنازةِ مُبْتَدِعٍ ، فيَنصرِفُ وقد شُوهِدَ من العَلَّامَةِ الشيخِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، انصرافَه عن الصلاةِ على مُبْتَدِعٍ .
وكان من السلَفِ مَن يَنْهَى عن الصلاةِ خَلْفَهم ويَنْهَى عن حكايةِ بِدَعِهم ؛ لأنَّ القلوبَ ضَعيفةٌ والشُّبَهَ خَطَّافَةٌ .
وكان سهْلُ بنُ عبدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ لا يَرَى إباحةَ الأَكْلِ من الْمَيْتَةِ للمبتدِعِ عندَ الاضطرارِ ؛ لأنه باغٍ لقولِ اللهِ تعالى : { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ … } الآيةَ . فهو باغٍ ببِدْعَتِه .
وكانوا يَطْرُدُونَهم من مَجالسِهم ؛ كما في قِصَّةِ الإمامِ مالِكٍ رَحِمَه اللهُ تعالى مع مَن سأَلَه عن كيْفِيَّةِ الاستواءِ وفيه بَعْدَ جوابِه المشهورِ : ( أَظُنُّكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ ) وأَمَرَ به فأُخْرِجَ .
وأخبارُ السلَفِ مُتكاثِرَةٌ في النُّفْرَةِ من المبتَدِعَةِ وهَجْرِهم حَذَرًا من شَرِّهم وتَحجيمًا لانتشارِ بِدَعِهم وكَسْرًا لنفوسِهم حتى تَضْعُفَ عن نَشْرِ البِدَعِ ، ولأنَّ في مُعاشَرَةِ السُّنِّيِّ للمُبتدِعِ تَزكيةً له لدَى الْمُبْتَدِئِ والعامِّيِّ – والعامِّيُّ مُشْتَقٌّ من العَمَى ، فهو بِيَدِ مَن يَقودُه غالبًا - .
ونَرَى في كتبِ المصطَلَحِ ، وآدابِ الطلَبِ ، وأحكامِ الْجَرْحِ والتعديلِ : الأخبارَ في هذا.
الشيخ :
المؤلف وفقه الله حذر هذا التحذير البليغ من أهل البدع وهم جديرون بذلك , ولاسيما إذا كان المبتدع سليط اللسان فصيح البيان , فإن شره يكون أكبر وأعظم , ولاسيما إذا كانت بدعته أيضا مكفرة أو مفسقة تفسيقا بالغا فإن خطره أعظم , ولاسيما إذا كان يتظاهر أمام الناس بأنه من أهل السنة لأن بعض أهل البدع عنده نفاق , تجده عند من يخاف منه يتمسكن ويقول أنا من أهل السنة وأنا لا أكره فلانا ولا فلانا من الصحابة وأنا معكم وهو كاذب فمثل هؤلاء يجب الحذر منهم , وقد مر علينا في الدرس الماضي أنه وإن كان المبتدع عنده علوم لا توجد عند أهل السنة ولا تتعلق بالعقيدة كمسائل النحو والبلاغة وما أشبهها فلا تأخذ منه . لأن يتولد من ذلك مفسدتان :
الأولى : اغتراره بنفسه.
والثانية : اغترار الناس به. الناس لا يعلمون، فلذلك يجب الحذر.
وقوله: (كان من السلف من لا يصلي على مبتدع), هذه على كل حال إذا كانت البدعة مكفرة فلا شك أن الصلاة عليه لا تجوز لقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنافقين : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } فهذا لا يصلى عليه .
أما إذا كانت غير مكفرة , فهذا ينظر فيما يترتب على ترك الصلاة عليه من المفسدة أو عدمها .
فإذا كان أهل السنة أقوياء وكان أهل البدعة في عنفوان دعوتهم فلا شك أن ترك الصلاة عليهم أولى , لأنه أهل السنة أقوى منهم وهؤلاء في عنفوان دعوتهم ربما إذا تركنا الصلاة عليهم يحصل بذلك ردع عظيم لهم .
وما ذكر عن الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله , مفتي البلاد السعودية في زمنهم يدل على قوته رحمه الله وصرامته , حيث انصرف عن الصلاة على مبتدع وأيضا الصلاة خلفه , من باب أولى أن يحذر الإنسان منه فإن كانت بدعته مكفرة فالصلاة خلفه مع العلم ببدعته المكفرة لا تصح , لأنه ائتم بمن ليس بإمام , وإن كانت دون ذلك فالصحيح أن الصلاة خلفه صحيحة لكن لا ينبغي أن يصلي خلفه .
وأما ما ذكر عن سهل بن عبد الله التستري الذي لا يبيح أكل الميتة للمبتدع وإن اضطر إلى ذلك , فإن كان هذا المبتدع كافرا فإنه لا يباح له عند الله أكل الميتة ولا أكل المزكاة,
لقوله الله تبارك وتعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا)
ولقوله الله تعالى : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) فدل هذا على أن الطيبات من الرزق والزينة التي أخرج الله للعباد ليست خالصة لغير المؤمنين يوم القيامة بل يحاسبون عليها .
فإذا كانت بدعته مكفرة فإننا نقول لا يحل له أن يأكل الميتة عند الاضطرار ولا المزكاة عند الاختيار . لكن نقل تب إلى الله من بدعتك المكفرة وكل كما يأكل المؤمنون .
وإن كانت بدعته مفسقة , ففيما قاله رحمه الله نظر , لأن الصحيح أن قوله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد ) أي: غير مبتغ لأكل الميتة , ولا عاد : أي غير معتد لأكل ما لا يحتاج إليه .
هذا هو الصحيح في معنى الآية, والدليل على أن هذا هو الصحيح قوله تعالى : ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم )
ومن العلماء من قال إن المراد بالباغي: من بغى على الإمام , وليس كل فاعل معصية , ففي كلام سهل رحمه الله فيه هذا التفصيل .وهو إذا كانت بدعته مكفرة فحرام عليه أن يأكل الميتة والمذكاة ويحاسب بذلك عند الله ، وإن كانت غير مكفرة ففيما قاله نظر، أما طرده من المجالس ؟ فنعم , يطردوه من المجالس، وللشيخ أن يطرد من مجلسه ما دون ذلك إذا رأى من أحد الطلبة أنه يريد أن يفسد الطلب عند زملائه , بحيث يعتدون على الشيخ ولا يهابونه ويحتقرونه , فله أن يطرده , لأن هذا يعتبر مفسدا فيطرد .
والإمام مالك رحمه الله قال : ما أراك إلا مبتدعا , لأن الذين يسألون عن مثل ذلك هم المبتدعة , يسألون كيف استوى ؟ يحرجون بذلك أهل السنة , يقول: أخبرني كيف استوى؟ كيف استواؤه؟ والجواب عن ذلك سهل : أن الله تعالى أخبرنا أنه استوى ولم يخبرنا كيف استوى .
وهل نعلم كيفية شيء لم نعلم به وهو غائب عنا ؟ أبدا .
لو قال لك قائل: إني بنيت بيتا , فقد علمت أنه بنى بيتا وتعرف كيف بناء البيت , لكن هل تعرف كيفية هذا البيت وما فيه من الحُجَر والغرف؟. الجواب: لا. إذا كنت لم تشاهده.
وهكذا صفات الله عز وجل , أخبرنا عنها ولم نخبر عن كيفيتها .
وقوله: (العامي : من العمى ), لم أعرف أنه مشتق من العمى إلا الآن فينظر في ذلك، هل هو من العمى؟ أو من العموم؟ أي من عموم الناس , والعامي لا شك أنه هو الجاهل الذي لا يعرف والجهل: عمى . فينظر في ذلك.
القارئ :
فيا أيُّها الطالِبُ ! كن سَلَفِيًّا على الْجَادَّةِ ، واحْذَر الْمُبْتَدِعَةَ أن يَفتِنُوكَ فإنهم يُوَظِّفُون للاقتناصِ والْمُخاتَلَةِ سُبُلًا ، يَفْتَعِلُون تَعبيدَها بالكلامِ المعسولِ – وهو : ( عَسَلٌ ) مَقلوبٌ
الشيخ :
العسل المقلوب كيف يكون؟ لسع.
القارئ :
وهُطولِ الدَّمعةِ ، وحُسْنِ البَزَّةِ ، والإغراءِ بالْخَيالاتِ ، والإدهاشِ بالكَرَامَاتِ ، ولَحْسِ الأَيْدِي ، وتَقبيلِ الأَكْتَافِ ........
وما وراءَ ذلك إلا وَحَمُ البِدعةِ ، ورَهَجُ الفِتنةِ ، يَغْرِسُها في فؤادِك ويَعْتَمِلُكَ في شِرَاكِه ، فواللهِ لا يَصْلُحُ الأَعْمَى لقِيادةِ العِميانِ وإرشادِهم .
الشيخ :
فضلا عن قيادة المبصرين. أليس كذلك؟ الله المستعان.
القارئ :
أمَّا الأَخْذُ عن عُلماءِ السنَّةِ فالْعَق العَسَلَ ولا تَسَلْ .
وفَّقَكَ اللهُ لرُشْدِكَ ؛ لتَنْهَلَ من مِيراثِ النُّبُوَّةِ صافيًا ، وإلا ، فلْيَبْكِ على الدِّينِ مَن كان باكيًا .
وما ذَكَرْتُه لك هو في حالِ السَّعةِ والاختيارِ ، أمَّا إن كنتَ في دِراسةٍ نِظاميَّةٍ لا خِيارَ لك ، فاحْذَرْ منه ، مع الاستعاذةِ من شَرِّه ؛ باليَقَظَةِ من دَسائسِه على حَدِّ قولِهم : ( اجْنِ الثِّمَارَ وأَلْقِ الخشَبَةَ في النارِ ) ولا تَتخاذَلْ عن الطلَبِ ، فأَخْشَى أن يكونَ هذا من التَّوَلِّي يومَ الزَّحْفِ ، فما عليك إلا أن تَتَبَيَّنَ أَمْرَه وتَتَّقِيَ شَرَّه وتَكْشِفَ سِتْرَهُ .
الشيخ :
هذا احتراز جيد , يعني أنه قد يلجأ إنسان إلى الأخذ عن مبتدع , وذلك في الدراسات النظامية , قد يندب إلى التدريس في علوم العربية أو في علوم أخرى من هو مبتدع ومعروف أنه من أهل البدعة , ولكن ماذا تعمل إذا كانت لا بد أن تدرس على هذا الشيخ ؟ نقول: خذ من خيره ودع شره , إن تكلم أمام الطلاب بما يخالف العقيدة فعليك بمناقشته إن كنت تقدر وإلا فارفعه لمن يقدر على مناقشته , واحذر أن تدخل معه في نقاش لا تستطيع التخلص منه , لأن هذا ضرر، ليس عليك أنت، ضرر على القول الذي تدافع عنه , لأنك إذا فشلت أمام هذا الأستاذ مثلا صار في هذا كسر للحق ونصر للباطل , لكن إذا كان عندك قدرة في مجادلته فعليك بذلك .
وربما يكون في هذا مصلحة للجميع , مصلحة لك أنت يهديه الله على يديك , ومصلحة له هو يهديه الله من بدعته , وهل يقال مثل ذلك في من ابتلوا في الدراسة مع الاختلاط على وجه نظامي ؟ لا، وواحد يقول: نعم , والثاني: يفصل , هاتوا ثالث يفصل، يمكن أن يقال بالتفصيل إن دعت الضرورة لذلك بأن لا يوجد جامعات أو مدارس خالية من ذلك فهنا قد تكون هناك ضرورة , وفي هذه الحال يجب على الطالب أن يبتعد عن الجلوس إلى امرأة أو التحدث معها أو تكرار النظر إليها , يعني بقدر ما يستطيع يبتعد عن الفتنة فأما إذا كان يمكن أن يدرس في مدارس أخرى خالية من الاختلاط , أو بها نصف اختلاط بأن يكون النساء في جانب والرجال في جانب آخر , وإن كان الدرس واحدا فليتق الله ما استطاع .
القارئ :
ومن النُّتَفِ الطريفةِ أنَّ أبا عبدِ الرحمنِ الْمُقْرِئَ حَدَّثَ عن مُرْجِئٍ ، فقيلَ له : لِمَ تُحَدِّثُ عن مُرْجِئٍ ؟ فقالَ : ( أَبيعُكم اللحمَ بالعِظامِ ) .
فالْمُقْرِئُ رَحِمَه اللهُ تعالى حَدَّثَ بلا غَرَرٍ ولا جَهالةٍ إذ بَيَّن فقالَ : ( وكان مُرْجِئًا ) .
الشيخ :
يعني معناه ما من لحم إلا وفيه عظم , فالباء هنا ليست للبدل بل للمصاحبة والمعية ,
فأنا أعلمكم أو أحدثكم بما حدثت به لكن أقول وكان مرجئا , فيكون العظم هنا في وسط اللحم , ولا شك أنه إذا دعت الحاجة إلى التحديث عن شخص صاحب بدعة لا شك أنه يُحَدث عنه لكن يبين حاله .
ما لم تكن بدعته مكفرة فإنه لا يقبل منه الحديث .
القارئ :
وما سَطَّرْتُه لك هنا هو من قَواعدِ مُعْتَقَدِكَ ؛ عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ ؛ ومنه ما في ( العَقيدةِ السلَفِيَّةِ ) لشيخِ الإسلامِ أبي عثمانَ إسماعيلَ بنِ عبدِ الرحمنِ الصابونيِّ ؛ قالَ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( ويَبْغَضُونَ أهْلَ البِدَعِ الذين أَحْدَثوا في الدِّينِ ما ليس منه ، ولا يُحِبُّونَهُم ، ولا يَصْحَبُونَهم ، ولا يَسْمَعُون كلامَهم ، ولا يُجالسونَهم ولا يُجادلونَهم في الدِّينِ ، ولا يُناظِرُونَهم ، ويَرَوْنَ صَوْنَ آذانِهم عن سَماعِ أباطلهم التي إذا مَرَّتْ بالآذانِ ، وقَرَّتْ في القلوبِ ، ضَرَّتْ ، وجَرَّتْ إليها من الوَساوِسِ والْخَطَراتِ الفاسدةِ ما جَرَتْ ، وفيه أَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ قولَه : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } ).
الشيخ :
كلام الصابوني رحمه الله يحتاج إلى بيان , فقوله : (ويَبْغَضُونَ أهْلَ البِدَعِ الذين أَحْدَثوا في الدِّينِ ما ليس منه)
لا شك أن هذا أمر واجب، على كل مسلم أن يبغض من أحدث في دين الله ما ليس منه , لكن إذا كانت بدعته غير مكفرة فإنه يبغض من وجه ويحب من وجه آخر , لكن بدعته تبغض بكل حال .
ولا يصحبونه , أيضا الصحبة إذا صحبته تأليفا له ودعوة له فلا بأس لكن بشرط أنك إذا أيست من صلاحه تركته وفارقته .
لا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين , ولا يناظرنهم :
كل هذه تحتاج إلى قيود :
لا يسمعون كلامهم , إذا لم يكن في ذلك فائدة , فإن كان في ذلك فائدة بحيث يسمع كلامه ليرى ما عنده من باطل حتى يرد عليه , فإن السماع والاستماع هنا واجب , لأنه لا يمكنك أن ترد على قول إلا بعد أن تعرفه إذ أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره , وأيضا لا تسمع عن أقوال أهل البدع من أعدائهم بل من كتبهم , لأنه ربما تشوه المقالة , فإذا قلت: أنتم تقولون كذا وكذا قالوا: أبدا ما قلنا بهذا , أين كتبنا؟ ولهذا يخطئ بعض الناس حيث يحكم على شخص ببدعة أو بمفسق دون أن يرجع إلى الأصل , لا بد من الرجوع إلى الأصل لأنك إذا قلت لأحد أهل البدع أنتم قلتم كذا وكذا وقالوا لم نقل هذا هذه كتبنا تخسر كل الجولة ، ولا يوثق بكلامك , كذلك أيضا لا يجادلونهم في الدين, هذا يجب أن يقيد , لأن الله تعالى قال : ( وجادلهم بالتي هي أحسن)
فلا بد من المجادلة , كيف نعرف تميز الحق من الباطل إلا بالمجادلة والمناظرة.
نعم المجادلة التي يقصد بها المراء هذه (...) ويتركون , إذا علمنا أن الرجل يجادل مراءاة ما قصده الحق , فهذا (...) ويترك , وانظر إلى قصة أبي سفيان , حيث جعل ينادي يوم أحد: أفيكم محمد , أفيكم ابن أبي قحافة , أفيكم عمر ؟
قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تجيبوه) . لماذا ؟
إهانة له وإذلالاً وعدم مبالاة به , فلما قال : أعل هبل , وافتخر بصنمه وشركه , قال : (أجيبوه) . الآن لا يمكن السكوت.
قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : (الله أعلى وأجلّ).
إذا كان صنمك قد علا اليوم فالله أعلى وأجل.
ثم قال : يوم بيوم بدر والحرب سجال.يوم بدر لمن؟ للمسلمين , ويوم أحد؟ لهؤلاء المشركين . قالوا له : لا سواء , قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار .
هذا أيضا افتخر بقومه واستذل المسلمين فلا بد من مجاوبته , قالوا: لا سواء , قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، على كل الحال المجادلة إذا كان المقصود بها بيان الحق كانت واجبة ولا بد منها, وكذلك المناظرة .
يرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرت وجرت إليها من الوساوس والخطرات . هذا صحيح , الإنسان الذي يخشى على نفسه من سماع البدع أن يقع في قلبه شيء فالواجب عليه البعد وعدم السماع , وأما إذا كان عنده من اليقين والقوة والثبات ما لا يؤثر عليه سماعها فإنه إن كان في ذلك مصلحة سمعها , واستحببنا له أن يسمعها، وإن لم يكن في ذلك مصلحة قلنا الأولى أن لا تسمعها لما في ذلك من إضاعة الوقت واللغو.
(وفيه أَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ قولَه : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } )
الآية واضحة , { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } , لكن إذا كنت تريد أن تعرف ما هم عليه من الباطل لترده فإنه لا يدخل في الآية الكريمة .
سؤال : ما هي شروط وحدود إطلاق كلمة مبتدع ؟
الجواب:
هذا يعرف بتعريف البدعة , البدعة هي التعبد لله عز وجل بغير ما شرع وبغير ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه من عقيدة أو قول أو فعل , فقولنا: (التعبد) خرج به الأمور العادية , هذه وإن لم تكن معروفة في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنها لا تضر . لكن إذا فعل الإنسان عبادة يدين الله بها سواء عقيدة أو قول أو فعل فهذه هي البدعة ومن تلبس بها فهو مبتدع .
لكن هل يضلل ويمقت ؟
نقول: لا , حتى تقوم عليه الحجة , ويبين له أن هذه بدعة , فإن أصر حينئذ قلنا إن الرجل فاسق أو كافر حسب ما تقتضيه هذه البدعة .
سؤال: هل الأشعري الذي له خير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدفاع عن حوزة الدين (...) ؟
إذا كان ينشر بدعته هذا الأشعري يجب أن تبين حاله ولكنه يثنى عليه بما معه من الخير ما لم يحصل بذلك فتنة.
الشيخ:
الذي يبدو لي والله أعلم أنها من العموم ، يعني من عموم الناس، يعني عمومهم ، فالظاهر هذا أنها من العموم، ويدل على هذا أنها تقرن في بعض الأحيان بالخاصة ، لأن الخاصة هم: حاشية الإنسان وأقاربه وأصدقاؤه وما أشبه ذلك، الظاهر أنه من عموم الناس، العامة يعني عموم الناس ، الذين لا يتميزون في شيء، هذا كلام الشيخ بكر كل يخطئ ويصيب .
الكلام السابق كان بحث جديد على كلمة العامّي ، لأن الشيخ بكر قال: إنه من العمى، وطلبت من القارئ أن يبحث الموضوع فتبين لنا أن مقتضى المادة أنه مأخوذ من العموم وأن العامية المنسوب للعامة، يعني عامة الناس، الذين لا يتميزون بشيء يختصون به.
فهذا كان بحث من أجل كلمة العامي.
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم، قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:
وعن سليمانَ بنِ يَسَارٍ أنَّ رَجُلًا يقالُ له : صَبِيغٌ ، قَدِمَ المدينةَ ، فجَعَلَ يَسألُ عن مُتشابِهِ القرآنِ ؟ فأَرْسَلَ إليه عمرُ رَضِي اللهُ عَنْهُ وقد أَعَدَّ له عَراجينَ النخْلِ ، فقالَ : مَن أنت ؟ قال : أنا عبدُ اللهِ صَبِيغٌ ، فأَخَذَ عُرجونًا من تلك العَراجينِ فضَرَبَه حتى دَمِي رأسُه ، ثم تَرَكَه حتى برَأَ ، ثم عادَ، ثم تَرَكَه حتى بَرَأَ ، فدَعَى به ليَعودَ ، فقالَ : إن كنتَ تُريدُ قَتْلِي ، فاقْتُلْنِي قَتْلًا جَميلًا فأَذِنَ له إلى أرْضِه ، وكتَبَ إلى أبي موسى الأشعريِّ باليَمَنِ : لا يُجالِسْهُ أحَدٌ من المسلمينَ .رواه الدارِمِيُّ .
وقيلَ : كان مُتَّهَمًا برأيِ الخوارجِ .
الشيخ :
هذا الحديث إذا صح سنده واتصاله فهو يدل على شدة عمر رضي الله عنه , على أولئك الذين يريدون المتشابه من القرآن , لأنه كان يورد آيات متشابه.
مثلا يقول : ( لا يؤذن لهم فيعتذرون )
ثم يأتي بالآيات الأخرى التي تدل على أنهم يعتذرون ولا يقبل منهم . ويأتي يقول : ( ولا يكتمون الله حديثا )
ثم يأتي بآيات أخرى تدل على إقرارهم بذنوبهم .
وما أشبه ذلك . وهذا لا شك أنه سعي في الأرض بالفساد وتشكيك الناس ، وحقَّ لمن هذه حاله أن يفعل به أمير المؤمنين رضي الله عنه ما فعل .
وفيه أيضا : أن بعض الناس قد يورد المتشابهات لاشتباهها عليه حقيقة وهذا لا يلام , قد يورد المتشابهات لأنه من الأصل لم يركز نفسه على إرادة الجمع بين النصوص , فتجده دائما يتتبع الأشياء المتشابهة ثم يأتي: ما الجمع بين كذا وكذا؟ .
وهذه الحقيقة مهنة ليست جيدة . وأذكر أن محمد الخلوتي رحمه الله , كان له حاشية على متن (الممتع) , وكان كل ما أتى ببحث قال: يحتمل كذا ويحتمل كذا , فلقب عند بعض طلبة العلم بالشكاك لأنه لا يستقر على رأي .
ولهذا ينبغي أن تتخذ لنفسك طريقا بأن تبني على أن الأمور واضحة ولا تتبع المتشابهات , لأنك إن تتبعت المتشابهات ربما تزل .
عرجون النخل : العذق الذي فيه التمر , قال تعالى: ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم )
القارئ :
والنوويُّ رَحِمَه اللهُ تعالى قالَ في كتابِ ( الأذكارِ ) : ( بابُ : التَّبَرِّي من أهلِ البِدَعِ والمعاصِي ) .
وذَكَرَ حديثَ أبي موسى رَضِي اللهُ عَنْهُ : ( أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ من الصالِقَةِ ، والحالِقَةِ ، والشاقَّةِ ) . متَّفَقٌ عليه .
الشيخ :
هذه الثلاث معناها واضح:
الصالقة : هي التي ترفع صوتها بالنياحة .
والحالقة : التي تحلق شعرها تسخطا , وسواء حلقته بالموسى أو نتفته باليد .
والشاقة : التي تشق الجيب عند المصيبة.
وإنما برئ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء الثلاث , لعدم رضاهن بالقدر , ومن فعل من الرجال مثلهن فحكمه حكمهن .
لكنه ذكر ذلك لأن الغالب أن هذا يقع من النساء لأن الرجال أشد تحملا من النساء .
القارئ:
وعن ابنِ عمرَ بَراءَتُه من القَدَرِيَّةِ . رواه مسْلِمٌ .
الشيخ :
لأنه لما حدث بأن عندهم قوما يقولون: إن الأمر أُنف : يعني مستأنف وأن الله لم يقدره من قبل . قال للذي بلغه: أخبرهم بأن ابن عمر منهم بريء.
لأنهم أنكروا قضاء الله وقدره السابق.
تدرون من هم القدرية : هل هم الذين يثبتون القدر أم الذين ينفون القدر ؟
الذين ينفون القدر .
وهي نسبة عكسية لأن الذي يسمع القدرية يظن أن المعنى هم الذين يثبتون القدر . والأمر بالعكس , فهي نسبة سلب لا إيجاب , وهؤلاء القدرية يسمون مجوس هذه الأمة , وقد وردت في ذلك أحاديث , ووجه ذلك : أنهم جعلوا للحوادث محدثين , الحوادث الكونية التي من فعل الله أحدثها الله عز وجل كإنشاء الغيم وإنزال المطر وما أشبه ذلك , والحوادث التي تكون من فعل العبد استقل بها العبد , فهم يرون أن العبد مستقل بعمله وأن الله تعالى لا علاقة له به , إطلاقا , ولهذا سموا مجوسا لأنهم كالمجوس الذين يقولون: إن للحوادث خالقين , النور يخلق الخير والظلمة تخلق الشر .
القارئ :
والأمرُ في هَجْرِ المبتدِعِ يَنْبَنِي على مُراعاةِ المصالِحِ وتَكثيرِها ودَفْعِ الْمَفاسِدِ وتَقْلِيلِها ، وعلى هذا تَتَنَزَّلُ المشروعيَّةُ من عَدَمِها ؛ كما حَرَّرَه شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى في مَوَاضِعَ .
الشيخ :
إذن عاد الشيخ إلى ما ذكرنا بالأمس وهو أن ينظر إلى المصالح , فإذا رأينا أن من المصلحة أن لا نهجره ولكن نبين الحق , لا نداهنه ونبقيه على بدعته ونقول: أنت على بدعتك ونحن على سنتنا , إذا رأينا من المصلحة هذا فترك الهجر أولى , وإن رأينا من المصلحة الهجر بأن يكون أهل السنة أقوياء وأولئك ضعفاء مهزومين فالهجر أولى .
القارئ :
والمبتدِعَةُ إنما يَكْثُرون ويَظْهَرون ؛ إذا قَلَّ العِلْمُ ، وفَشَا الْجَهْلُ، وفيهم يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رحِمَهُ اللهُ تعالى : ( فإنَّ هذا الصِّنْفَ يَكْثُرُون ويَظهرونَ إذا كَثُرَت الجاهليَّةُ وأَهْلُها ، ولم يكنْ هناك من أَهْلِ العلْمِ بالنُّبُوَّةِ والمتابَعَةِ لها مَن يُظْهِرُ أنوارَها الماحيةَ لظُلمةِ الضَّلالِ ، ويَكشِفُ ما في خِلافِها من الإِفْكِ والشرْكِ والْمُحَالِ ) اهـ .
فإذا اشْتَدَّ ساعِدُك في العِلْمِ ، فاقْمَعْ المبتدِعَ وبِدعتَه بلسانِ الْحُجَّةِ والبيانِ ، والسلامُ .
الشيخ :
صحيح، إذا اشتد ساعدك في العلم , أما إذا لم يكن عندك العلم الوافي في رد البدعة فإياك أن تجادل . لأنك إذا هزمت وأنت سني لعدم قدرتك على مدافعة هذا المبتدع , فهو هزيمة لمن ؟ هزيمة للسنة , ولذلك لا نرى أنه يجوز للإنسان أن يجادل مبتدعا إلا وعنده قدرة على مجادلته .
وهكذا أيضا مجادلة غير المبتدعة - الكفار - لا نجادلهم وإلا ونحن نعلم أننا على يقين من أمرنا , وإلا كان الأمر عكسيا , بدل أن يكون الانتصار لنا ولما نحن عليه من دين وسنة , يكون الأمر بالعكس .
ومن ذلك يعني من قوة الحجة أن يكون معك من يساعدك , كما قال الشاعر :
لا تخاصم بواحد أهل بيت = فضعيفان يغلبان قويا
إذا صار معك أحد فإن حجتك سوف تقوى . لأن هو يقمعهم من الخد الأيمن وأنت تقمعهم من الخد الأيسر ، حتى يضيع. (...)
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2104#.VHp_E2cR3gE)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له و لشيخنا
الثاني والعشرون التلقي عن المبتدع :
احذر "أبا الجهل" المبتدع، الذي مسه زيغ العقيدة ، وغشيته سحب الخرافة ، يحكم الهوى ويسميه العقل ، ويعدل عن النص ، وهل العقل إلا في النص ؟! ويستمسك بالضعيف ويبعد عن الصحيح ، ويقال لهم أيضاً : "أهل الشبهات " ، و "أهل الأهواء "، ولذا كان ابن المبارك رحمه الله تعالى يسمى المبتدعة : "الأصاغر ".
وقال الذهبي رحمه الله تعالى :
"إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول : دعنا من الكتاب والأحاديث ، وهات (العقل)، فاعلم أنه أبو جهل ، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول : دعنا من النقل ومن العقل ، وهات الذوق والوجد ، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر ، أو قد حل فيه ، فإن جَبُنْتَ (قال الشيخ : جبنت يعني ضعفت وخفت) منه فاهرب ، وإلا ، فاصرعه ، وابرك على صدره ، واقرأ عليه آية الكرسي ، واخنقه " اهـ.
وقال أيضا رحمه الله تعالى :
"وقرأت بخط الشيخ الموفق قال : سمعنا درسه -أي ابن أبى عصرون - مع أخي أبى عمر وانقطعنا ، فسمعت أخي يقول : دخلت عليه بعد ، فقال : لم انقطعتم عنى ؟ قلت : إنّ أناساً يقولون : إنك أشعري ، فقال : والله ما أنا أشعري. هذا معنى الحكاية " اهـ.
وعن مالك رحمه الله تعالى قال :
"لا يؤخذ العلم عن أربعة : سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس ، وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ، ومن يكذب في حديث الناس ، وإن كنت لا أتهمه في الحديث ، وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به ".
فيا أيها الطلب! إذا كنت في السعة والاختيار ؛ فلا تأخذ عن مبتدع : رافضي ، أو خارجي ، أو مرجئ ، أو قدري ، أو قبوري ، وهكذا ، فإنك لن تبلغ مبلغ الرجال - صحيح العقد في الدين ، متين الإتصال بالله ، صحيح النظر ، تقفو الأثر - إلا بهجر المبتدعة وبدعهم.
وكتب السير والاعتصام بالسنة حافلة بإجهاز أهل السنة على البدعة ، ومنابذة المبتدعة ، والابتعاد عنهم ، كما يبتعد السليم عن الأجرب المريض ، ولهم قصص وواقعيات يطول شرحها ، لكن يطيب لي الإشارة إلى رؤوس المقيدات فيها :
فقد كان السلف رحمهم الله تعالى يحتسبون الاستخفاف بهم ، وتحقيرهم ورفض المبتدع وبدعته ، ويحذرون من مخالطتهم ، ومشاورتهم ، ومؤاكلتهم ، فلا تتوارى نار سني ومبتدع.
و كان من السلف من لا يصلى على جنازة مبتدع فينصرف ، وقد شوهد من العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم (م سنة 1389 هـ) رحمه الله تعالى ، انصرافه عن الصلاة على مبتدع.
وكان من السلف من ينهى عن الصلاة خلفهم ، وينهى عن حكاية بدعهم ، لأنّ القلوب ضعيفة ، والشبه خطافة.
وكان سهل بن عبد الله التستري لا يرى إباحة الأكل من الميتة. للمبتدع عند الاضطرار ، لأنه باغ ، لقول الله تعالى : (فمن اضطر غير باغ) الآية ، فهو باغ ببدعته.
وكانوا يطردونهم من مجالسهم ، كما في قصة الإمام مالك رحمه الله تعالى مع من سأله عن كيفية الاستواء ، وفيه بعد جوابه المشهور:"أظنك صاحب بدعة "، وأمر به، فأخرج.
وأخبار السلف متكاثرة في النُّفرة من المبتدعة وهجرهم ، حذراً من شرهم ، وتحجيما لانتشار بدعهم ، وكسرا لنفوسهم حتى تضعف عن نشر البدع ، ولأنّ في معاشرة السني للمبتدع تزكية له لدى المبتدئ والعامي – والعامي : مشتق من العمى ، فهو بيد من يقوده غالباً.
ونرى في كتب المصطلح ، وآداب الطلب ، وأحكام الجرح والتعديل : الأخبار في هذا. فيا أيها الطالب ! كن سلفيا على الجادة ، واحذر المبتدعة أن يفتنوك ، فإنهم يوظفون للاقتناص والمخاتلة سبلا ، يفتعلون تعبيدها بالكلام المعسول – وهو : (عسل) مقلوب - وهطول الدمعة ، وحسن البزة ، والإغراء الخيالات ، والإدهاش بالكرامات ، ولحس الأيدي ، وتقبيل الأكتاف ، وما وراء ذلك إلا وحم البدعة ، ورهج الفتنة ، يغرسها في فؤادك ، ويعتملك (قال الشيخ مصححا: و يَعْتَمِلُكَ) في شراكه ، فوالله لا يصلح الأعمى لقيادة العميان وإرشادهم. أما الأخذ عن علماء السنة ، فالعق العسل ولا تسل. وفقك الله لرشدك ، لتنهل من ميراث النبوة صافياً ، وإلا فليبك على الدين من كان باكياً.
وما ذكرته لك هو في حالة السعة والاختيار ، أما إن كنت في دراسة نظامية لا خيار لك ، فاحذر منه ، مع الاستعاذة من شره ، باليقظة من دسائسه على حد قولهم :"اجن الثمار وألق الخشبة في النار " ، ولا تتخاذل عن الطلب ، فأخشى أن يكون هذا من التولي يوم الزحف ، فما عليك إلا أن تتبين أمره وتتقى شره وتكشف ستره.
ومن النتف الطريفة أنّ أبا عبد الرحمن المقرئ حدّث عن مرجئ ، فقيل له : لم تحدث عن مرجئ ؟ فقال:"أبيعكم اللحم بالعظام ". فالمقرئ رحمه الله تعالى حدث بلا غرر ولا جهالة إذ بين فقال:"وكان مرجئاً ".
وما سطرته لك هنا هو من قواعد معتقدك ، عقيدة أهل السنة والجماعة ، ومنه ما في "العقيدة السلفية " لشيخ الإسلام أبى عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (م سنة 449 هـ)، قال رحمه الله تعالى :
ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم ، ولا يسمعون كلامهم ، ولا يجالسونهم ، ولا يجادلونهم في الدين ، ولا يناظرونهم ، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرّت بالأذان ، وقرّت في القلوب ؛ ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت ، وفيه أنزل الله عز وجل قوله :"وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره " أ هـ.
وعن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له : صبيغ ، قدم المدينة ، فجعل يسأل عن متشابه القرآن ؟ فأرسل إليه عمر رضى الله عنه وقد أعدّ له عراجين النخل ، فقال : من أنت ؟ قال أنا عبد الله صبيغ ، فأخذ عرجوناً من تلك العراجين ، فضربه حتى دمى رأسه ، ثم تركه حتى برأ ثم عاد ثم تركه حتى برأ ، فدعي به ليعود ، فقال : إن كنت تريد قتلى فاقتلني قتلاً جميلاً فأذن له إلى أرضه ، وكتب إلى أبى موسى الأشعري باليمن : لا يجالسه أحد من المسلمين. [رواه الدارمي].
وقيل: كان متهماً برأي الخوارج.
والنووي رحمه الله تعالى قال في كتاب "الأذكار " :
"باب : التّبرِّي من أهل البدع والمعاصي ".
وذكر حديث أبى موسى رضى الله عنه:"أنّ رسول الله صلي الله عليه وسلم برئ من الصالقة ، والحالقة ، والشاقة ". متفق عليه. وعن ابن عمر براءته من القدريّة. رواه مسلم.
والأمر في هجر المبتدع ينبني على مراعاة المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها ، وعلى هذا تتنزل المشروعية من عدمها ، كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضع.
والمبتدعة إنما يكثرون ويظهرون ، إذا قلّ العلم ، وفشا الجهل. وفيهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"فإنّ هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال ، ويكشف ما في خلافها من الإفك والشرك والمحال " أ هـ.
فإذا اشتد ساعدك في العلم ، فاقمع المبتدع وبدعته بلسان الحجة والبيان ، والسلام.

الشيخ :
هذا فصل مهم من فصول هذه الرسالة هجر المبتدع وعدم التلقي عنه ، والمؤلف له رسالة في الباب هجر المبتدع.
[ولعلنا نرجئ البحث والحديث في هذا الأدب للغد ، وإن شاء الله في الغد يكون عندنا درس في هذا الأسبوع خلافا للأسابيع الأخرى ، الأسابيع السابقة لم نجعل للأربعاء درسا ، ونجعل إن شاء الله درسنا في الخامسة والنصف على المعتاد ، إن احتاج الوقت معنا أخذنا أيضا المغرب إن سمحتم بذلك ، لأنه ليس عندنا دورة غدا ، ليست هناك دروس في الدورة ، وإن شاء الله لعلنا نتدارس هذا الموضوع نحن وإياكم سويا غدا ، لأنّ فيه ضوابط عديدة وفيه قواعد متنوعة وفيه أحوال مختلفة ، وينبغي أن نتدارس الموضوع في هذه الأمور جميعا ،طيب]

الشيخ :
نشير إلى شيء من القواعد المتعلقة بهذا الأدب ، الأمر الأول والقاعدة الأولى أنّ البدعة تؤثر على ذهن الإنسان فلا يتمكن من التمييز والفهم كما يتمكن صاحب السنة وصاحب المعتقد الصحيح وذلك لأمور :
الأمر الأول : أنّ الفهم والعلم فيه إمداد من الله عز وجل لبعض عباده ، فالله عز وجل يزيد بعض العباد فهما وعلما على غيرهم ، وكلما قرب الإنسان من السنة وابتعد عن البدعة كلما كان فهمه أكثر.
الأمر الثاني : أنّ أهل السنة عندهم طمأنينة وسكون ، وبالتالي فاضطراب النفس ليس موجودا عندهم ، واضطراب النفس يغطي بعض قدرة الإنسان على العلم والتعلم ، ولذلك فنحن نختار أهل السنة لما لديهم من اليقين والطمأنينة والسكينة.
الأمر الثالث : أنّ العلوم يرتبط بعضها ببعض ، والمسائل يرتبط بعضها ببعض ، فعندما تأتي للمبتدع قد لا يثير إليك البدعة لكنه يتحدث في أثر من آثارها ، وبالتالي تظن انقطاع الصلة بين هذه المسألة ومسألة البدعة ، بينما بينهما ترابط ، أضرب لهذا مثلا في أصول الفقه : عندما يأتيك ويبحث لك مسألة : هل الأمر بالشيء نهي عن ضده ، فيأتيك المعتزلي ويقول : الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده ويستدل ولا يذكر منشأ مخالفته ، وهو أنهم يقولون بأنّ الأمر تشترط له الإرادة يعني الإرادة الكونية ، بناء على مذهبهم في القدر لنفي خلق الله لأفعال العباد ، ويأتيك الأشعري في هذه المسألة ويقول : الأمر بالشيء نهي عن ضده من جهة اللفظ ، بناء على بدعتهم في قولهم الكلام هو المعاني النفسية ، بينما مذهب أهل السنة والجماعة يقولون : أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضده من طريق المعنى وليس من طريق اللفظ ، فعندما تذهب إلى العالم المبتدع فتدرس عليه هذه المسألة لا يشير إلى الأساس العقدي لها فمن ثَمّ تنطلي عليك المسألة ، هكذا أيضا في مبحث النحو ، هناك مسائل نحوية لها علاقة بمباحث عقدية ، عندما تأتي إلى نحوي مبتدع قد يأتيك بأثر البدعة وتنطلي عليك ولا يذكر لك أساس البدعة ومن هنا لا تربط بين الأساس والأثر ، والنحو فيه مسائل كثيرة مبنية على أمور عقدية ، مثال ذلك يقول القائل : النفي بلن أو لن تدل على النفي المؤبد ، حرف لن يدل على النفي المؤبد ويقرر لك هذا الأمر ويمثل له بقوله تعالى مثلا : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) ، ويقول : هذا للنفي المؤبد فتنطلي عليك وتستقر في نفسك حتى إذا جاءك قول الله تعالى : (قَالَ لَنْ تَرَانِي) نفيت الرؤيا في الدنيا والآخرة ، من أين نشأ هذا؟ من استقرار المعلومة في ذهنك التي أخذتها من هذا المبتدع.
الأمر الرابع : أنّ في أخذ الناس عن المبتدع رفعا لشأنه عندهم ، ومن ثَمّ يُقْبل الناس عليه فيأخذوا ما لديه من غث وسمين ، صحيح أنت لم تدرس عنده إلا النحو ، لكنك بدراستك عنده وضعت له مكانة فأقبل الناس عليه فدرسوا المعتقد والأصول والفقه والنحو عنده ، فحينئذ تكون سببا في ضلال غيرك لأخذه من هذا المبتدع.
الأمر الخامس : أنّ ارتباطك بالمبتدع ودراستك عليه يجعل الناس ينسبونك إلى تلك البدعة التي عند هذا المعلم ، صحيح أنت لم تدرس عنده إلا هذا العلم ، لكنّ الناس شاهدوك عنده وشاهدوك تتعلم منه ، فحينئذ نفروا منك ، لأنهم يظنون أنّ البدعة التي عند الشيخ انتقلت إليك ، والبدعة أخف من الشرك ، فإذا كان هذا التحذير من المبتدع فالتحذير من أهل الشرك من باب أولى ، فإذا وجد من يعرف النحو لكنه يصرف العبادة لغير الله ، ويذهب إلى الولي ويدعوه من دون الله فهذا أولى بالهرب منه ، ولا يصح أن يجعل له مكانة ومنزلة ، والبدعة : هي الطريقة المخترعة في الدين بأن ينسب إلى الدين ما ليس منه ، وقد تكون البدعة في المعتقد وهي أشد ، وقد تكون في العمل.
قال المؤلف : (احذر أبا جهل المبتدع) لأنّ المبتدع إنما نشأ ابتداعه من أمور من الجهالات: إما بتأخير النصوص وعدم تحكيمها ، أو لكونه يتحكم في الأخذ من النصوص بما يراه ، فهو ينتقي من النصوص ما يوافق بدعته ، و لا يجعل اعتقاده تابعا للنص ، ثم هو أيضا ثالثا : يحرف دلالات النصوص لتتوافق مع بدعته ، وهذا كله جهل؛ إما جهل بسيط أو جهل مركب ، والجهل البسيط ألا يكون لديك معلومة لا بإثبات ولا بنفي ، زيد خلف الجدار تقول : لا أعلم هذا جهل بسيط ، والجهل المركب أن يكون علمك مخالفا للواقع ، كما لو قلت : زيد خلف الجدار ، قال : نعم خلف الجدار وهو ليس كذلك ، هذا جهل مركب ، والمبتدعة لا يخلون من أحد هذين الجهلين.
قال : (مسه زيغ العقيدة) الزيغ : هو الميلان قال تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) ، (و غشيته سحب الخرافة) ، الخرافة : هي الأدلة غير الصحيحة ، ويقولون : أنّ منشأ الخرافة رجل بهذا الاسم كان يحدث أنّ الجن أخذوه ووقع ما وقع بينه وبينهم من حوادث ووقائع فكان يروي أحوالهم ووقائعهم ، فسمي كل كلام غير مقبول بهذا الاسم يقال : حديث خرافة.
قال : (يحكم الهوى) يعني يقدم ما ترغبه نفسه أو ما يراه بعقله ويسمي هذا الهوى الذي في قلبه يسميه (العقل) ، وهو ليس من العقل في شيء ، (ويعدل عن النص) والعقل في النص ، ومن جاء بكلام يقول : العقل يخالف النص فإنّ كلامه جهل وليس بعقل ، ولذلك صاحب الهوى إذا ورد عليه الدليل الضعيف الذي يوافق هواه أخذ به ، وإذا ورد عليه الدليل القوي الذي يخالف هواه تركه وأوله وحرفه ، وهؤلاء يقال لهم : (أهل الشبهات) لأنّ الشياطين ألقت في قلوبهم الشبهات ظنوها معقولات فجعلتهم يتركون النصوص ، ويسميهم أهل السنة ؛ أهل السنة يسمون هؤلاء (أهل الأهواء) لأنهم يقدمون هواهم عل مدلول النصوص ، وكان ابن المبارك يسميهم (الأصاغر).
ذكر المؤلف أنّ الناس منهم من يقول الحجة في المطالب العقدية العقول ويقصد ما يراه بعقل نفسه ، فهذا مبتدع ولا يقولن قائل : كيف تردون دلالة العقل ، لأننا لا نرد دلالة العقل الصحيحة ، وإنما هو يريد أن يجعل قناعاته هي العقل ، بينما ما في عقله يمكن أن يكون فيه شبهة أوردته للخطأ في المعتقد ، ويمكن أن تكون الشياطين ألقت في عقله وساوس جعلته يبتعد عن الحق ، ويمكن أن يكون قد خفيت عليه بعض أوجه الحق لخفاء دليله ، وظن أنّ ما لديه هو العقل.
وإذا جاءك أهل التصوف و قالوا : نسير على الذوق والوجد والإلهام وما يلقيه الله في قلوبنا ، هؤلاء أيضا مبتدعة فإنّ الشياطين تلقي في قلوبهم وساوس يظنونها إلهاما ، وقد يأتيهم الشيطان ويقول : أنا ملك فيأخذون منه ، و حينئذ احذر من عدوك الشيطان لأنه قد يلقي في قلبك و في عقلك وساوس تظنها أدلة وعقليات و يقينيات ، وما هي إلا جهالات ، ومن هنا ينبغي أن تتخذ الأسباب التي تجعلك ما تستجيب لوساوس الشيطان.
[انقطاع في التسجيل]
أن تكثر من قراءة القرآن ، وأن تكثر من التهليل ، وأن تكثر من ذكر الله لئلا يلقي الشيطان في قلبك هذه الشبهات فتكون من المبتدعين .
ذكر المؤلف حادثة الموفق مع أخيه أبي عمر والد صاحب الشرح الكبير ، وذكر أنهم جاؤوا إلى شيخهم بعد انقطاع أو قابلوا شيخهم بعد انقطاع فقال لهم : لما انقطعتم عني قالوا قد قيل إنك أشعري ، فلما قيل إنه أشعري تركوه ودرسه.
الإمام مالك يقول : (أربعة لا يؤخذ العلم عنهم) أولهم : (سفيه) وهو الذي يتصرف بتصرفات غير محسوبة النتائج ولا يفكر في عواقب تصرفاته وإن كان أروى الناس ، وكذلك لا يؤخذ العلم عن (صاحب بدعة يدعو إلى هواه) إذ قد يلتصق بنفسك ما عنده من بدعة ، و كذلك لا يؤخذ العلم من (الكذاب الذي يكذب في حديث الناس) ، وإن كان لا يكذب في الحديث النبوي أو في العلم ، لأنّ من تجرأ على الكذب على الناس قد يتجرأ على الكذب في الأحكام الشرعية ، كذلك من كان (سيئ الحفظ) فإنه لا يؤخذ منه ولو كان عابدا فاضلا صالحا.
المؤلف قال : في زماننا هذا الناس على صنفين ، طلبة العلم على صنفين :
الصنف الأول : من كان يختار مشايخه ، فهذا يوصى بأن لا يأخذ العلم عن مبتدع ، واستند المؤلف في هذا إلى كلام الأئمة في التحذير من المبتدعة والتحذير من الاقتراب منهم والتوجيه بمنابذتهم والابتعاد عنهم ، وكان السلف يحتسبون تحقير أهل البدع ويحذرون من مخالطتهم ومآكلتهم ، وذكر المؤلف أنّ الشيخ محمد بن إبراهيم ترك الصلاة على مبتدع ، والصلاة على أصحاب المعاصي والذنوب والبدع يشرع أن يتركها أهل الفضل والمكانة من أجل أن يحذر الناس مما لدى هؤلاء من المعاصي والبدع ، فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على قاتل نفسه ، وعلى الغال ، وعلى من عليه دين ، و أذن لأصحابه بأن يصلوا عليه من أجل أن يحذر الناس من فعل هؤلاء ، ذكر المؤلف رأي سهل بن عبد الله التستري في أكل المضطر المبتدع من الميتة ، وهذا اجتهاد منه رحمه الله وقد لا يوافقه غيره في هذا ، وقد أمر الإمام مالك بإخراج من سأل عن كيفية الإستواء ، الفائدة من هذا قال المؤلف : حذرا من شرهم لئلا يقع في نفسك شيء من بدعهم بدون أن تشعر.
و ثانيا : تحجيما لانتشار بدعهم لأنّ الناس إذا رفعوه بدؤوا يأخذون منه في بقية العلوم فانتشرت البدع التي لديهم.
قال ثالثا : كسرا لنفوسهم بحيث لا يصبح لهم مكانة ولا منزلة فمن ثَمّ لا يتمكنون من نشر البدع.
ورابعا : هربا من تزكية المبتدعة خصوصا عند المبتدئين.
ثم بعد ذلك قال : (كن سلفيا على الجادة و احذر المبتدعة أن يفتنوك فإنهم يوظفون للاقتناص والمخاتلة سبلا) يريدون أخذ طلاب العلم و إبعادهم عن طريق السلف ، وبالتالي قد تجد عندهم كلام طيب لين سهل من أجل اقتناصك قال : (وهو عسل مقلوب) ، يعني لسع ، كلامهم عسل في الظاهر لكن في حقيقته مقلوب يعني لسع ، وقد يظهرون لك هطول الدمعة ، وحسن الثياب ، والإغراء بالكلام البلاغي ، وقد ينقلون روايات عن الكرامات ونحو ذلك ، فلا تغتر بهؤلاء ، ثم ذكر (أما الأخذ عن علماء السنة فالعق العسل ولا تسل) لأنّ عندهم ميراث النبوة قد أخذوه والسنة والتوحيد.
القسم الثاني : من كان في دراسة نظرية ، وبالتالي يُلزَم بأن يدرس على هذا المبتدع ، فحينئذ يدرس الإنسان عليه وينتقي معلوماته ويقارنها ويتيقظ من دسائسه ، ولا يقول الإنسان : سأتوقف عن التعلم من أجل هذا المبتدع ، لأنّ هذا يخُشى من أن يكون من (التولي يوم الزحف).
ثم ذكر المؤلف ما يتعلق بالحديث عن المرجئ ، قال أبو عبد الرحمن المقرئ : لما لا تحدث عن مرجئ ، قال : أبيعكم اللحم بالعظام ، يعني أترك اللحم الذي تستفيدون منه ثم أحدثكم بالعظام ، وذكر المؤلف نقلا عن الصابوني فيما يتعلق بمعتقد أهل السنة والجماعة بمثل هذا وجماعة من الصحابة والتابعين.
ثم ذكر كلام قال : (المبتدعة إنما يكثرون ويظهرون إذا قلّ العلم وفشا الجهل) ولذلك يجب علينا أن نحتسب الأجر في بث العلم وتعليم الناس من أجل أن ننفي هذه البدع ، قال شيخ الإسلام : (فإنّ هذا الصنف) يعني أهل البدع ، (يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها ، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال ، ويكشف ما في خلافها من الإفك والشرك والمحال) ، (فإذا اشتد ساعدك في العلم) واستفدت العلم ، فقم (بقمع البدع) وبيان مخالفتها للشرع ، وإذا أمكن ألا تقيم للمبتدع وزنا بعدم ذكر اسمه فهو أولى وأحسن ، لأنّ ذكر الموحد للمبتدع يرفع من شأنه ، هل تعرفون حفص الفرد ؟ ، هل تعرفون بشر المريسي ؟ هؤلاء مبتدعة ذكر الأئمة أسماءهم فعُرفت واشتهرت ، حتى لو بحثت عن ترجمة هؤلاء ما تجد لهم ترجمة ، هناك مبتدعة كثر لم يُلتفت إليهم ، ولم يتكلم الأئمة بأسمائهم فلم يكن لهم ذكر ولا تاريخ ، ولذلك إذا كان المبتدع يمكن إهماله وعدم ذكر اسمه فهو أولى ، نأخذ ما لديهم من البدع فنكشفها ونبين زيفها ونبين المعتقد الصحيح في مثل ذلك ، وبذلك نكون قد رددنا الهدف الذي يقصدون ، وكم من شخص يتكلم بالبدعة من أجل أن يشتهر ويُعرف فعامله بنقيض قصده بإهماله وعدم ذكر اسمه.
نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ، وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2104#.VHp_E2cR3gE)
1أَنْشَدَ الخطابي: حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا ... حَقًّا وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ
فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُ حُجَجِهِمْ فَأَيُّ لَغْوٍ بَاطِلٍ وَحَشْوٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا؟
وَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَنْسُبُوا إلَى الْحَشْوِ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؟ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عِلْمًا وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَسَكِينَةً؛ وَهُمْ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ؛ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ؛ وَهُمْ بِالْحَقِّ يُوقِنُونَ لَا يَشُكُّونَ وَلَا يَمْتَرُونَ. فَأَمَّا مَا أُوتِيَهُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَخَوَاصُّهُمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْهُدَى: فَأَمْرٌ يَجِلُّ عَنْ الْوَصْفِ. وَلَكِنْ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَئِمَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَهَذَا ظَاهِرٌ مَشْهُودٌ لِكُلِّ أَحَدٍ... "
"
2 ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 39 ) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ( 40 ) )

هَذَانِ مَثَلَانِ ضَرَبَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَوْعَيِ الْكُفَّارِ ، كَمَا ضَرَبَ لِلْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّلِ " الْبَقَرَةِ " مِثْلَيْنِ نَارِيًّا وَمَائِيًا ، وَكَمَا ضَرَبَ لِمَا يَقَرُّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ فِي سُورَةِ " الرَّعْدِ " مَثَلَيْنِ مَائِيًّا وَنَارِيًّا ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

فَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ : فَهُوَ لِلْكُفَّارِ الدُّعَاةِ إِلَى كُفْرِهِمُ ، الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ ، وَلَيْسُوا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى شَيْءٍ ، فَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَالسَّرَابِ الَّذِي يُرَى فِي الْقِيعَانِ مِنَ الْأَرْضِ عَنْ بُعْدٍ كَأَنَّهُ بَحْرٌ طَامٌّ . [ ص: 71 ] وَالْقِيعَةُ : جَمْعُ قَاعٍ ، كَجَارٍ وَجِيرَةٍ . وَالْقَاعُ أَيْضًا : وَاحِدُ الْقِيعَانِ ، كَمَا يُقَالُ : جَارٌ وَجِيرَانٌ . وَهِيَ : الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمُتَّسِعَةُ الْمُنْبَسِطَةُ ، وَفِيهِ يَكُونُ السَّرَابُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ . وَأَمَّا الْآلُ فَإِنَّمَا يَكُونُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، يُرَى كَأَنَّهُ مَاءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا رَأَى السَّرَابَ مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْمَاءِ ، حَسِبَهُ مَاءً فَقَصَدَهُ لِيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ ( لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) ، فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يَحْسَبُ أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ عَمَلًا وَأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ شَيْئًا ، فَإِذَا وَافَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَاسَبَهُ عَلَيْهَا ، وَنُوقِشَ عَلَى أَفْعَالِهِ ، لَمْ يَجِدْ لَهُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ قَدْ قُبِلَ ، إِمَّا لِعَدَمِ الْإِخْلَاصِ ، وَإِمَّا لِعَدَمِ سُلُوكِ الشَّرْعِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) [ الْفَرْقَانِ : 23 ] .

وَقَالَ هَاهُنَا : ( وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ،وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنَّهُ يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْيَهُودِ : مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ : كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ : كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ، مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبَّنَا ، عَطِشْنَا فَاسْقِنَا . فَيُقَالُ : أَلَا تَرَوْنَ؟ فَتُمَثَّلُ لَهُمُ النَّارُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَيَنْطَلِقُونَ فَيَتَهَافَتُونَ فِيهَا .
يرجع لألفاظ الحديث في الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%8F%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%A7+ %D9%86%D9%8E%D8%B9%D9%92%D8%A8%D9%8F%D8%AF%D9%8F+% D8%B9%D9%8F%D8%B2%D9%8E%D9%8A%D9%92%D8%B1%D9%8E+%D 8%A7%D8%A8%D9%92%D9%86%D9%8E+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9 %91%D9%8E%D9%87%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

تفسير ابن كثير (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=24&ayano=39)

أم أبي التراب
12-07-2014, 03:40 PM
1أَنْشَدَ الخطابي: حُجَجٌ تَهَافَتْ كَالزُّجَاجِ تَخَالُهَا ... حَقًّا وَكُلٌّ كَاسِرٌ مَكْسُورُ
فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالُ حُجَجِهِمْ فَأَيُّ لَغْوٍ بَاطِلٍ وَحَشْوٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا؟
وَكَيْفَ يَلِيقُ بِمِثْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَنْسُبُوا إلَى الْحَشْوِ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؟ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ عِلْمًا وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً وَسَكِينَةً؛ وَهُمْ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ؛ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ؛ وَهُمْ بِالْحَقِّ يُوقِنُونَ لَا يَشُكُّونَ وَلَا يَمْتَرُونَ. فَأَمَّا مَا أُوتِيَهُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَخَوَاصُّهُمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْهُدَى: فَأَمْرٌ يَجِلُّ عَنْ الْوَصْفِ. وَلَكِنْ عِنْدَ عَوَامِّهِمْ مِنْ الْيَقِينِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَئِمَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَهَذَا ظَاهِرٌ مَشْهُودٌ لِكُلِّ أَحَدٍ... "
"
2 ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( 39 ) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ( 40 ) )

هَذَانِ مَثَلَانِ ضَرَبَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَوْعَيِ الْكُفَّارِ ، كَمَا ضَرَبَ لِلْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّلِ " الْبَقَرَةِ " مِثْلَيْنِ نَارِيًّا وَمَائِيًا ، وَكَمَا ضَرَبَ لِمَا يَقَرُّ فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ فِي سُورَةِ " الرَّعْدِ " مَثَلَيْنِ مَائِيًّا وَنَارِيًّا ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

فَأَمَّا الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ : فَهُوَ لِلْكُفَّارِ الدُّعَاةِ إِلَى كُفْرِهِمُ ، الَّذِينَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ ، وَلَيْسُوا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى شَيْءٍ ، فَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَالسَّرَابِ الَّذِي يُرَى فِي الْقِيعَانِ مِنَ الْأَرْضِ عَنْ بُعْدٍ كَأَنَّهُ بَحْرٌ طَامٌّ . [ ص: 71 ] وَالْقِيعَةُ : جَمْعُ قَاعٍ ، كَجَارٍ وَجِيرَةٍ . وَالْقَاعُ أَيْضًا : وَاحِدُ الْقِيعَانِ ، كَمَا يُقَالُ : جَارٌ وَجِيرَانٌ . وَهِيَ : الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمُتَّسِعَةُ الْمُنْبَسِطَةُ ، وَفِيهِ يَكُونُ السَّرَابُ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ . وَأَمَّا الْآلُ فَإِنَّمَا يَكُونُ أَوَّلَ النَّهَارِ ، يُرَى كَأَنَّهُ مَاءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَإِذَا رَأَى السَّرَابَ مَنْ هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْمَاءِ ، حَسِبَهُ مَاءً فَقَصَدَهُ لِيَشْرَبَ مِنْهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ ( لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ) ، فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يَحْسَبُ أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ عَمَلًا وَأَنَّهُ قَدْ حَصَّلَ شَيْئًا ، فَإِذَا وَافَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَاسَبَهُ عَلَيْهَا ، وَنُوقِشَ عَلَى أَفْعَالِهِ ، لَمْ يَجِدْ لَهُ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ قَدْ قُبِلَ ، إِمَّا لِعَدَمِ الْإِخْلَاصِ ، وَإِمَّا لِعَدَمِ سُلُوكِ الشَّرْعِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) [ الْفَرْقَانِ : 23 ] .

وَقَالَ هَاهُنَا : ( وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ،وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنَّهُ يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْيَهُودِ : مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَقُولُونَ : كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ . فَيُقَالُ : كَذَبْتُمْ ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ ، مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبَّنَا ، عَطِشْنَا فَاسْقِنَا . فَيُقَالُ : أَلَا تَرَوْنَ؟ فَتُمَثَّلُ لَهُمُ النَّارُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يُحَطِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَيَنْطَلِقُونَ فَيَتَهَافَتُونَ فِيهَا .
يرجع لألفاظ الحديث في الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%8F%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%A7+ %D9%86%D9%8E%D8%B9%D9%92%D8%A8%D9%8F%D8%AF%D9%8F+% D8%B9%D9%8F%D8%B2%D9%8E%D9%8A%D9%92%D8%B1%D9%8E+%D 8%A7%D8%A8%D9%92%D9%86%D9%8E+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9 %91%D9%8E%D9%87%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

تفسير ابن كثير (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=49&surano=24&ayano=39)

أم أبي التراب
12-28-2014, 02:00 AM
الفصلُ الرابعُ
أدَبُ الزَّمَالةِ
القارئ :
23- احْذَرْ قَرينَ السَّوءِ :
كما أنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ فإنَّ ( أَدَبَ السَّوءِ دَسَّاسٌ ) إذ الطَّبيعةُ نَقَّالَةٌ ، والطِّباعُ سَرَّاقَةٌ ، والناسُ كأسرابِ الْقَطَا مَجْبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ مُعاشَرَةَ مَن كان كذلك ؛ فإنه العَطَبُ ، ( والدفْعُ أسْهَلُ من الرفْعِ ).
وعليه فتَخَّير للزَّمالةِ والصداقةِ مَن يُعينُك على مَطْلَبِكَ ، ويُقَرِّبُك إلى رَبِّكَ ، ويُوافِقُكَ على شَريفِ غَرَضِكَ ومَقْصِدِكَ ، وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ .
الشيخ العثيمين:
هذه الكلمات مأخوذة من قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كحامل المسك) (ومثل الجليس السوء كنافخ الكير )
فعليك باختيار الصديق الصالح الذي يدلك على الخير ويبينه لك ويحثك عليه ويبين لك الشر ويحذرك منه , وإياك وجليس السوء , فإن المرء على دين خليله , وكم من إنسان مستقيم قُيد له شيطان من بني آدم فصده عن الاستقامة , وكم من إنسان جائر قاسي يُسر له من يدله على الخير بسبب الصحبة .
وبناء على ذلك نقول : إذا كان في مصاحبة الفاسق سبب لهدايته فلا بأس أن تصحبه, وتدعوه إلى بيتك , وتأتي إلى بيته تخرج معه للتمشي بشرط أن لا يقدح ذلك في عدالتك عند الناس , وكم من إنسان فاسق هداه الله تعالى بما يسر له من صحبة الخير .
وقول الشيخ بكر وفقه الله : الناس كأسراب القطا سبق أن هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو حقيقة فالناس يتبع بعضهم بعضا.
وقوله: ( الدفع أسهل من الرفع ) هذه قاعدة فقهية ذكرها ابن رجب رحمه الله في القواعد الفقهية أن الدفع أسهل من الرفع وفي معناها قول الأطباء : الوقاية أسهل من العلاج , لأن الدفع ابتعاد عن الشر وأسبابه , لكن إذا نزل الشر صار من الصعب أن يرفعه الإنسان .
لا هذا غلط هذا من وحي الشيطان أن يقع الإنسان في عرض العلماء، إذا وقع الإنسان في أعراض العلماء فإن معتد ظالم وليست غيبة العلماء كغيبة العامة لأن غيبة العلماء فيها مفسدة خاصة ومفسدة عامة، المفسدة الخاصة بالنسبة لهذا العالم، والمفسدة العامة بالنسبة لما يحمله من علم فإن الناس إذا سقط الإنسان من أعينهم لم يقبلوا منه صرفا ولا عدلا فيكون في هذا جناية على الشريعة التي يحملها هذا العالم والإنسان الناصح هو الذي إذا رأى من أحد من العلماء أو طلبة العلم أو عامة الناس إذا رأى ما ينكره أن يتصل بالعالم أو طالب العلم أو العامي ويتبين الأمر فقد يكون ما تظنه أنت خطأ وقد يكون صوابا لا لعين هذا الفعل ولكن لما يلابسه من أحوال تستدعي أن يقوله هذا العالم أو أن يفعله هذا العالم لأنه قد يكون الشيء منكرا في حد ذاته لكن يفعله بعض الناس لمصلحة أكبر لهذا نرى أن أولئك الذين يقعون في أعراض العلماء أنهم قد جنوا على العلماء وعلى ما يحملونه من علم والواجب توقيظ العالم لا سيما العالم الذي عرف بأنه يريد الحق ويجتهد في طلبه ولكنه قد يزل وهذا أمر لا يسلم منه البشر (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
القارئ :
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:

وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ .

القسم الأول: صديقُ مَنْفَعَةٍ .

القسم الثاني: صديقُ لَذَّةٍ .

القسم الثالث: صديقُ فَضيلةٍ.

فالأَوَّلان مُنقَطِعان بانْقِطاعِ مُوجِبِهما ؛ الْمَنْفَعَةِ في الأَوَّلِ ، واللَّذَّةِ في الثاني .

وأمَّا الثالثُ فالتعويلُ عليه ، وهو الذي باعِثُ صداقتِه تَبادُلُ الاعتقادِ في رُسوخِ الفَضائلِ لدَى كلٍّ منهما . وصديقُ الفَضيلةِ هذا ( عُمْلَةٌ صَعبةٌ ) يَعِزُّ الْحُصولُ عليها .

ومن نَفيسِ كلامِ هِشامِ بنِ عبدِ الملِكِ قولُه : ( ما بَقِيَ من لَذَّاتِ الدنيا شيءٌ إلا أخٌ أَرْفَعُ مَؤُونَةَ التحَفُّظِ بَيْنِي وبَيْنَهُ ) اهـ

ومن لَطيفِ ما يُقَيَّدُ قولُ بعضِهم : ( العُزْلَةُ من غيرِ عَيْنِ العِلْمِ زَلَّةٌ، ومن غيرِ زايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ )

الشيخ :

يعني العزلة: احذف العين: تكون زلة، والثاني من غير زاي الزهد: علة، يعني احذف الزاي تكون علة، إذا لا بد من علم ولا بد من زهد، قبل أن ينعزل الإنسان عن الناس . طيب هؤلاء الأصدقاء , قسمهم إلى ثلاثة أصدقاء :

صديق منفعة : وهو الذي يصادقك مادام ينتفع منك بمال أو جاه أو غير ذلك , فإذا انقطع الانتفاع فهو عدوك لا يعرفك ولا تعرفه .. وما أكثر هؤلاء , ما أكثر الذين يلمزون في الصدقات إن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون , صديق لك حميم ترى أنه من أعز الناس عندك وأنت من أعز الناس عنده يسألك يوما من الأيام يقول : اعطني كتابك أقرأ به . فتقول : والله الكتاب أنا محتاجه اليوم أعطيك إياه غداً فينتفخ عليك ويعاديك . هل هذا صديق ؟ هذا صديق منفعة (...)

والثاني . صديق لذة : يعني لا يصادقك إلا لأنه يتمتع بالجلوس إليك والمحادثات والمآنسات والمسامرات , ولكنه لا ينفعك ولا تنتفع منه أنت , كل واحد منكم لا ينفع الآخر . ليس إلا ضياع وقت فقط . هذا أيضاً احذر منه أن يُضيع أوقاتك .

والثالث . صديق فضيلة : .يحملك على ما يزين وينهاك عن ما يشين ويفتح لك أبواب الخير ويدلك عليه وإذا زللت نبهك على وجه لا يخدش كرامتك , هذا هو صديق الفضيلة
كلمة صديق منفعة من أوسع هذه الأقسام , لأن المنافع كثيرة جدا , فإذا رأيت هذا الرجل لا يصادقك إلا حيث ينتظر منفعتك فاعلم أنه عدو وليس بصديق, كذلك صديق اللذة الذي يشغلك ويلهيك , بالتمتع بالسمر وإضاعة الوقت في الخروج للمنتزهات وغير ذلك أيضا هذا لا خير فيه .
الذي يجب أن تعض عليه بالنواجذ هو صديق الفضيلة . يحملك على كل فضيلة وينهاك عن كل رزيلة (...) نحن الآن بدأنا تقسيم الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام: صديق منفعة وصديق لذة وصديق فضيلة، وقلنا استمسك بغرز صديق الفضيلة.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2105)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ:
من فضل الله عزوجل علينا أن أخذنا شيئا من آداب طالب العلم، وكنا قد أخذنا ثلاثة أقسام:
الأول: أدب الطالب في نفسه.
والثاني: في كيفية الطلب والتلقي.
والثالث: في أدب الطالب مع شيخه.
ولعلنا إن شاء الله جل وعلا نواصل في الحديث في ذلك، من خلال معرفة أدب طالب العلم تجاه زملائه.
ونقرأ في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبدالله أبي زيد رحمه الله تعالى.
القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصلُ الرابعُ (أدَبُ الزَّمَالةِ)
23-احْذَرْ قَرينَ السَّوءِ :
كما أنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ فإنَّ ( أَدَبَ السَّوءِ دَسَّاسٌ ) إذالطَّبيعةُ نَقَّالَةٌ ، والطِّباعُ سَرَّاقَةٌ ، والناسُ كأسرابِ الْقَطَا مَجْبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ مُعاشَرَةَ مَن كان كذلك ؛ فإنه العَطَبُ ، ( والدفْعُ أسْهَلُ من الرفْعِ).
وعليه فتَخَّير للزَّمالةِ والصداقةِ مَن يُعينُك على مَطْلَبِكَ ، ويُقَرِّبُك إلى رَبِّكَ ، ويُوافِقُكَ على شَريفِ غَرَضِكَ ومَقْصِدِكَ ، وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ :
صديقُ مَنْفَعَةٍ .
صديقُ لَذَّةٍ .
صديقُ فَضيلةٍ.
فالأَوَّلان مُنقَطِعان بانْقِطاعِ مُوجِبِهما ؛ الْمَنْفَعَةِ في الأَوَّلِ ، واللَّذَّةِ في الثاني .
وأمَّا الثالثُ فالتعويلُ عليه ، وهوالذي باعِثُ صداقتِه تَبادُلُ الاعتقادِ في رُسوخِ الفَضائلِ لدَى كلٍّ منهما .وصديقُ الفَضيلةِ هذا ( عُمْلَةٌ صَعبةٌ ) يَعِزُّ الْحُصولُ عليها .
ومن نَفيسِ كلامِ هِشامِ بنِ عبدِ الملِكِ ( م سنةَ125هـ ) قولُه : ( ما بَقِيَ من لَذَّاتِ الدنيا شيءٌ إلا أخٌ أَرْفَعُ مَؤُونَةَ التحَفُّظِ بَيْنِي وبَيْنَهُ ) اهـ .
ومن لَطيفِ ما يُقَيَّدُ قولُ بعضِهم : ( العُزْلَةُ من غيرِ عَيْنِ العِلْمِ زَلَّةٌ، ومن غيرِ زايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ) .
الشيخ:
هذا هو الأدب الثالث والعشرون لطالب العلم.
اختيار القرين الذي يعين الإنسان في طلب العلم ، والبعد عن قرين السوء ، الذي يُشغل الإنسان عن طلب العلم ، وقد جاءت النصوص الشرعية بالترغيب في اختيار قرناء صالحين يعينون الإنسان على الخير.
كما جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يُحذيك ، وإما أن تبتاع منه –يعني تشتري- ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كمثل نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحا خبيثة"
وفي سنن أبي داود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"
وقد قال جل وعلا: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
ومن هنا جاءت الشريعة في الترغيب في اختيار الأصدقاء الطيبين ، والمرء يستفيد من اثنين في مسألة القدوة:
من يراه مثلا له فحينئذ يقتدي به ، ومن هنا جاءت الشريعة بالأمر بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )
وكذلك فيما يتعلق بالأصدقاء ؛ فإنّ الصديق يُؤخذ من أخلاقه من حيث لا يشعر المرء ، والناس عندما يتعاونون على الحق والخير يجتمعون على ذلك ، وإذا انعزل الإنسان ولم يجد له معاونا على الخير قد تضعف نفسه ، لكن إذا وجد أخا له كلما ضعفت نفس أحدهما ، قوّته القوّة الموجودة في نفس الآخر ، وبالتالي يؤدّون ويستمرون على العمل الصالح.
ومن ذلك طلب العلم ، فإنّ النفس ملولة، فإذا وجدت طالبا يعينك على طلب العلم ، حينئذ كلما ملّت نفسك انتقلت إلى زميلك ليقوم بتنشيط نفسك على طلب العلم ، ثم إنّ إبقاء النفس على حال واحدة يجعلها تملّ ، وذلك أنّ المرء إذا قرأ وحده وذاكر وحده تمل نفسه ، فإذا وجد أصدقاء خير يذاكر معهم ، مرة يذاكر وحده ، فإذا ملّت النفس انتقل إلى قرنائه فذاكر معهم.
قال المؤلف: (فإنّ العرق دسّاس) يعني أنّ العرق ولو كان خفيا فإنه يسحب ويؤثر على ما يرتد إليه ذلك العرق ، وقد ورد هذا في حديث كثير من أهل العلم يقولون بأنه لا يعوّل عليه ، وهذا في الزوجة ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر باختيار الزوجة التي في منبت طيب ، وذكر أنّ العرق دسّاس ، لكن أهل العلم يقولون بأنّ هذا خبر لا يعوّل عليه.
قال: (فإنّ أدب السوء دساس) يعني أنّ صديق السوء سيؤثر على صديقه.
قال: (إذ الطبيعة نقالة) يعني أنّ الطبائع والأخلاق تنتقل من شخص إلى شخص.
(والطباع سراقة) يعني أنّ النفوس تقتدي بمن حولها ، وتفعل مثل أفعالها ، ولو من حيث لا تشعر.
(والناس مجبولون على تشبه بعضهم ببعض فاحذر معاشرة من كان كذلك) يعني من كان سيئا.
(فإنه العطب) يعني سبب الهلاك ، دنيا وآخرة ، والدفع بترك صحبة هؤلاء ، أسهل من الرفع ؛ الذي هو مصاحبتهم ثم قطع تلك الصحبة.
فقبل أن تصاحبهم امنع نفسك من مصاحبتهم ، فإنّ نفسك إذا تعلقت معهم ، قد تعجز عن قطع تلك الصحبة.
ونضرب لذلك أمثلة :
المثال الأول: أصحاب المخدرات والخمور ، إذا صاحبهم الإنسان ، فإنهم سيجرّونه إلى فعلهم شيئا فشيئا ، حتى يُبتلى بهذا الأمر ، ويكون مماثلا لهم ، وإن كان في الأول يقول : لن أقدم على فعل هذه الأمور، لكنه مع الزمن تضعف نفسه قليلا قليلا.
مثال آخر : أصحاب المعاصي ، فإنهم يجرّون صاحبهم على معاصيهم كالفواحش ، والنظر في وجوه النساء والتلذذ بالحديث معهن ، فإنّ من صاحب من كان كذلك أصبح مثلهم.
(وعليه) يعني بناء على ما سبق.
(فتخيّر للزمالة والصداقة من يُعينك على مطلبك) يعني على الهدف الذي تقصده.
(ويقرّبك إلى ربك) بحيث يكون معينا لك على طاعة الله ، ومن أعظم أنواع الطاعة كما سبق طلب العلم.
فاختر الصديق الذي يعينك على التقرب إلى رب العزة والجلال ، بأن يكون معينا لك على طلب العلم ، وبالتالي تتوافق الأهداف عندك وعنده ، أما إذا كان يهدف لشيء وأنت تهدف إلى شيء آخر ، فحينئذ لن يكون بينكما تلك الألفة ، إلا أن تنجرف إلى غرضه ، أو ينجرف إلى مقصدك.
ثم قسم المؤلف الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام :
(الأول: صديق المنفعة) مثال ذلك ؛ شخص بينك وبينه تجارة ، هذا صديق منفعة‍‍، فحينئذ هذه الصداقة لا حرج على الإنسان فيها ، لكنها مرتبطة بهذه المنفعة إذا انقطعت التجارة انقطعت تلك الصحبة ، وهذا ليس من المحبة الإيمانية في شيء.
النوع (الثاني : صديق لذّة) كمن اجتمعوا على جلسة ، أو على لعب ، أو على لهو ، هؤلاء أصدقاء لذّة ، إذا كان عندهم لذّة أو ملّوا منها انقطعت صداقتهم ، وقد تكون تلك اللّذة لذّة مباحة ، وقد تكون لذّة محرمة فيعظم الإثم بها.
وقطع تلك الصداقة أولى للعبد في دنياه وآخرته ، لأنها وإن كانت لذّة مباحة ، إلا أنها تضيّع وقت العبد ، وتشغله عن الهدف الذي خلق من أجله.
(النوع الثالث: صديق الفضيلة) وهو الذي اجتمعت معه على اكتساب فضائل سواء كانت تلك الفضائل ؛ فضائل عملية ، كاجتماعهم على صوم أو صلاة أو اعتكاف في مسجد أو نحو ذلك ، أو كانت فضائل علمية ، كطلب علم عند شيخ أو عالم.
فالصديقان الأولان تنقطع صداقتهما بانقطاع موجب تلك الصداقة ، أي موجِب بكسر الجيم هو السبب ، بينما الموجَب بفتح الجيم هو الأثر ، فالموجِب بكسر الجيم هو السبب ، والموجَب بفتح الجيم هو الأثر ، فإذا انقطعت المنفعة عند الأول انقطعت الصداقة ، وإذا انقطعت اللذة عند الثاني انقطعت الصداقة ، والصداقة فيهما ليست من أسباب الأجر والثواب ،
أما الثالث فالتعويل عليه وبمجرد تلك الصداقة يحصل الأجر العظيم ، وقد جاء في الحديث : "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، وذكر منهم : رجلين تحابّا في الله اجتمعا عليه –يعني على الله محبة وإيمانا ليعين بعضهما بعضا على طاعة الله- رجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه" يعني لمّا جاءهما سبب التفرق كانا على المحبّة الإيمانية الأولى ، وهذا التفرّق قد يكون في سفر وقد يكون في موت وقد يكون بسبب آخر من الأسباب.
قال : (وأما الثالث فالتعويل عليه ، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما) فالسبب في هذه الصداقة رغبة كل منهما أن يتبادلا في الخير ، وأن يعين بعضهما بعضا في رسوخ الفضائل.
وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : "وجبت محبتي للمتحابّين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ"
قال: (وصديق الفضيلة هذا "عملة صعبة") يعني أننا لا نجدها في كل وقت، وأنها عسيرة الحصول.
(يعز الحصول عليها) يعني يندر.‍
ثم جاء بكلام الخليفة هشام بن عبدالملك :
(ما بقي من لذات الدنيا شيء إلا أخ أرفع مؤونة التحفظ بيني وبينه)
قال المؤلف : (العزلة من غير عين العلم زلة) كلمة العزلة ، يعني انفراد الإنسان وحده ، إذا حُذِفت منها العين أصبحت زلة ، ولذلك إذا اعتزل لابد منه أن يكون معه علم.
كذلك كلمة العزلة ؛ إذا حُذِف منها الحرف الثاني وهو الزاي ، زاي الزهد ، أصبحت علة ، فالعزلة لابد فيها من علم وزهد.
أما إذا انعزل الإنسان وحده وكان غير عالم ، أصبح عنده جهل ، ومن ثَمّ يؤدّي ذلك إلى ضلال بكونه يتقرّب إلى الله بطرائق جاهلية، بطرائق الجهّال.
وكذلك العزلة وانفراد الإنسان وحده إذا لم يكن معه زهد فإنه مرض ، وهو سبب من أسباب الأمراض النفسية التي ترد على الإنسان.
والعزلة في الأصل غير محمودة وغير مرغوب فيها ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يخالط الناس فينصح ، ويعلّم ، ويعطي ، ويتكرّم ، ويفعل الخير مع غيره.نعم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2105)

أم أبي التراب
01-03-2015, 05:09 AM
الفصلُ الخامسُ
آدابُ الطالبِ في حياتِه العِلْمِيَّةِ

24- كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
القارئ :
الفصل الخامس آداب الطالب في حياته العلمية:
الأمر الرابع والعشرون- كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
من سجايا الإسلامِ التَّحَلِّي بكِبَرِ الْهِمَّةِ ؛ مرْكَزِ السالِبِ والموجِبِ في شَخْصِك ، الرقيبِ على جوارِحِك ، كِبَرُ الْهِمَّةِ يَجْلُبُ لك بإذْنِ اللهِ خَيْرًا غيرَ مَجذوذٍ ، لتَرْقَى إلى دَرجاتِ الكَمالِ ، فيُجْرِيَ في عُروقِك دَمَ الشَّهَامةِ ، والرَّكْضَ في مَيدانِ العِلْمِ والعَمَلِ ، فلا يَراكَ الناسُ وَاقِفًا إلا على أبوابِ الفضائلِ ولا باسطًا يَدَيْكَ إلا لِمُهِمَّاتِ الأمورِ .

الشيخ :
وهذا من أهم ما يكون، أن يكون الإنسان في طلب العلم له هدف ليس مراده مجرد قتل الوقت بهذا الطلب بل يكون له همة , ومن أهم همم طالب العلم أن يريد القيادة والإمامة للمسلمين في علمه , ويشعر أن هذه درجة هو يرتقي إليها درجة درجة حتى يصل إليها , وإذا كان كذلك فسوف يرى أنه واسطة بين الله عز وجل وبين العباد في تبليغ الشرع , هذه مرتبة ثانية , وإذا شعر بهذا الشعور فسوف يحرص غاية الحرص على اتباع ما جاء في الكتاب والسنة معرضاً عن آراء الناس , إلا أنه يستأنس بها ويستعين بها على معرفة الحق , لأن ما تكلم به العلماء رحمهم الله من العلم لا شك أنه هو الذي يفتح الأبواب لنا , وإلا لما استطعنا أن نصل إلى درجة أن نستنبط الأحكام من النصوص أو نعرف الراجح من المرجوح وما أشبه ذلك .
فالمهم أن يكون الإنسان عنده همة , وهو بإذن الله إذا نوى هذه النية فإن الله سبحانه وتعالى سيعينه على الوصول إليها .

القارئ :
والتَّحَلِّي بها يَسْلُبُ منك سَفاسِفَ الآمالِ والأعمالِ ، ويَجْتَثُّ منك شَجرةَ الذُّلِّ والهوانِ والتمَلُّقِ والْمُداهَنَةِ فَكَبِيرُ الْهِمَّةِ ثابتُ الْجَأْشِ ، لا تُرْهِبُهُ المواقِفُ ، وفاقِدُها جَبانٌ رِعديدٌ ، تُغْلِقُ فَمَه الفَهَاهَةُ .

الشيخ :
هذا صحيح . التحلي بعلو الهمة يسلب عنك سفاسف الآمال والأعمال .
الآمال : هي أن يتمنى الإنسان الشيء دون السعي في أسبابه , فإن المؤمن كيس فطن لا تلهه الآمال , بل ينظر الأعمال ويرتقب النتائج .
وأما من تلهيه الآمال ويقول : إن شاء الله أقرأ هذا , أراجع هذا , الآن أستريح وبعد ذلك أراجع . أو تلهيه الآمال بما يحدث للإنسان أحياناً , يتصفح الكتاب من أجل مراجعة مسألة من المسائل ثم يمر به في الفهرس أو في الصفحات مسائل تلهيه عن المقصود الذي من أجله فتح الكتاب ليراجع وهذا يقع كثيراً , فينتهي الوقت وهو لم يراجع المسألة التي من أجلها صار يراجع هذا الكتاب أو فهرس هذا الكتاب فإياك والآمال المخيبة . اجعل نفسك قوي العزيمة عالي الهمة . وقد مر علينا أحاديث تدل على أن العناية بالمقصود قبل كل شيء. مثل عتبان بن مالك جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى بيته ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى فواعده النبي عليه الصلاة والسلام فأعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم طعاما وأخبر الجيران بذلك فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما وصل البيت أخبره عتبان بما صنعه ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال أرني المكان الذي تريد أن أصلي فيه فأراه المكان وصلى قبل أن يأكل الطعام وقبل أن يجلس إلى القوم لأنه جاء لغرض فلا تشتغل عن الغرض الذي تريده بأشياء لا تريدها من الأصل لأن هذايضيع عليك الوقت وهو من علو الهمة.

القارئ :
ولا تَغْلَطْ فتَخْلِطْ بينَ كِبَرِ الْهِمَّةِ والكِبْرِ ؛ فإنَّ بينَهما من الفَرْقِ كما بينَ السماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ .
كِبَرُ الْهِمَّةِ حِلْيَةُ وَرَثَةِ الأنبياءِ ، والكِبْرُ داءُ الْمَرْضَى بعِلَّةِ الْجَبابِرَةِ البُؤَسَاءِ .

الشيخ :
(كبر الهمة) إن الإنسان يحفظ وقته ويعرف كيف يصرفه ولا يضيع الوقت بغير فائدة , وإذا جاءه إنسان يرى أن مجالسته فيها إهمال وإلهاء عرف كيف يتصرف .
( وأما كبر النفس ) فهو الذي يحتقر غيره ولا يرى الناس إلا ضفادع ولا يهتم وربما يصعر وجهه- صَعَّرَ خَدَّهُ : أمالَهُ عُجْباً وكِبْراً ، { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ }: تُعرض بوجهك تكَبُّرًا هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D9%8A%D8%B5%D8%B9%D8%B1/)-وهو يخاطبهم فكما قال الشيخ بكر: بينهما كما بين السماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع .

القارئ :
فيا طالبَ العلْمِ ! ارْسُمْ لنفسِكَ كِبَرَ الْهِمَّةِ ، ولا تَنْفَلِتْ منه ، وقد أَوْمَأَ الشرْعُ إليها في فِقْهِيَّاتٍ تُلابِسُ حياتَك ؛ لتكونَ دائمًا على يَقَظَةٍ من اغتنامِها ، ومنها إباحةُ التيَمُّمِ للمُكَلَّفِ عندَ فَقْدِ الماءِ وعدَمُ إلزامِه بقَبولِ هِبَةِ ثَمَنِ الماءِ للوُضوءِ ؛ لما في ذلك من الْمِنَّةِ التي تَنالُ من الْهِمَّةِ مَنَالًا وعلى هذا فقِسْ ، واللهُ أَعْلَمُ .

الشيخ :
يعني من علو الهمة أن لا تكون متشوفاً لما في أيدي الناس , لأنك إذا تشوفت ومَنَّ الناسُ عليك ملكوك؛ لأن المنة ملك للرقبة في الواقع.
لو أعطاك الإنسان قرشاً لوجد أن يده أعلى من يدك كما جاء في الحديث : ( اليد العليا خير من اليد السفلى)
واليد العليا هي المعطية , والسفلى هي الآخذة , لا تبسط يدك للناس ولا تمد كفك إليهم.
إذا كان الإنسان عادم الماء لو وهب له الماء لم يلزمه قبوله بل يعدل إلى التيمم خوفاً من المنة مع أن الوضوء بالماء فرض للقادر عليه , ولهذا فرق الفقهاء رحمهم الله بين أن تجد من يبيعه ومن يهديه .
فقالوا : من يبيعه اشتر منه وجوباً لأنه لا منة له , حيث أنك تعطيه العوض . ومن أهدى عليك لا يلزمك قبوله . من أجل أن منته تقطع رقبتك , ولكن إذا كان الذي أهدى الماء لا يمن عليك به , بل يرى أنك أنت المان عليه بقبوله , أو من جرت العادة بأنه لا منة بينهم مثل الأب مع ابنه , والأخ المشفق مع أخيه وما أشبه ذلك .
فهنا ترتفع العلة , وإذا ارتفعت العلة ارتفع الحكم . والمهم أن من علو الهمة وكبرها ألا يكون الإنسان مستشرفاً لما في أيدي الناس .
بعض الناس يكون عنده أسلوب في السؤال، أي في سؤال المال , إذا رأى مع إنسان شيئا يعجبه أخذه بيده وقام يقلبه، ما أحسن هذا، ما شاء الله، من أين اشتريته؟ هل يوجد في السوق ؟ لأجل ماذا ؟ حتى يعطيه إياه لأن الكريم سوف يخجل ويقول : إنه ما سأل هذا السؤال إلا من أجل أن أقول: (تعمل عليه) فخذه . هو إذا قال (تعمل عليه) ماذا يقول؟ لا يا أخي فالمهم أن بعض الناس يستشرف أو يسأل بطريق غير مباشر، وكل هذا مما يحط قدر طالب العلم وقدر غيره أيضاً.
شرح الشيخ العثيمين (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2106)

القارئ:
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
الفصلُ الخامسُ : آدابُ الطالبِ في حياتِه العِلْمِيَّةِ
24-كِبَرُ الْهِمَّةِ في العِلْمِ :
من سجايا الإسلامِ التَّحَلِّي بكِبَرِ الْهِمَّةِ ؛ مرْكَزِ السالِبِ والموجِبِ في شَخْصِك ، الرقيبِ على جوارِحِك ، كِبَرُ الْهِمَّةِ يَجْلُبُ لك بإذْنِ اللهِ خَيْرًا غيرَ مَجذوذٍ ، لتَرْقَى إلى دَرجاتِ الكَمالِ ، فيُجْرِيَ في عُروقِك دَمَ الشَّهَامةِ ، والرَّكْضَ في مَيدانِ العِلْمِ والعَمَلِ ، فلا يَراكَ الناسُ وَاقِفًا إلا على أبوابِ الفضائلِ ولا باسطًا يَدَيْكَ إلالِمُهِمَّاتِ الأمورِ .
والتَّحَلِّي بها يَسْلُبُ منك سَفاسِفَ الآمالِ والأعمالِ ، ويَجْتَثُّ منك شَجرةَ الذُّلِّ والهوانِ والتمَلُّقِ والْمُداهَنَةِ فَكَبِيرُ الْهِمَّةِ ثابتُ الْجَأْشِ ، ولا تُرْهِبُهُ المواقِفُ ، وفاقِدُها جَبانٌ رِعديدٌ ، تُغْلِقُ فَمَه الفَهَاهَةُ .
ولاتَغْلَطْ فتَخْلِطْ بينَ كِبَرِ الْهِمَّةِ والكِبْرِ ؛ فإنَّ بينَهما من الفَرْقِ كما بينَ السماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والأرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ .
كِبَرُ الْهِمَّةِ حِلْيَةُ وَرَثَةِ الأنبياءِ ، والكِبْرُ داءُ الْمَرْضَى بعِلَّةِ الْجَبابِرَةِ البُؤَسَاءِ ، فيا طالبَ العلْمِ ! ارْسُمْ لنفسِكَ كِبَرَ الْهِمَّةِ ، ولا تَنْفَلِتْ منه ، وقد أَوْمَأَ الشرْعُ إليها في فِقْهِيَّاتٍ تُلابِسُ حياتَك ؛ لتكونَ دائمًا على يَقَظَةٍ من اغتنامِها ، ومنها إباحةُ التيَمُّمِ للمُكَلَّفِ عندَ فَقْدِ الماءِ وعدَمُ إلزامِه بقَبولِ هِبَةِ ثَمَنِ الماءِ للوُضوءِ ؛ لما في ذلك من الْمِنَّةِ التي تَنالُ من الْهِمَّةِ مَنَالًا وعلى هذا فقِسْ ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ:
القسم الخامس من أقسام آداب طالب العلم ؛ الآداب المتعلقة بحياته العلميّة ، وذكر الأدب الرابع والعشرين : وهو كبر الهمّة في العلم ؛ بحيث يكون مقصود الإنسان في التعلم مقصودا كبيرا ، ولا يقتصر على الهدف الضعيف القليل ، جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى منها ، فإنها أعلى الجنة وأوسط الجنة والعرش فوقها هكذا"
فلم يقتصر في هذه الهمة في الجنة في أدنى درجاتها ، بل رغّب في أعلى الدرجات ، وكبر الهمّة في العلم بكون المرء يقصد بتعلمه وجه الله والدار الآخرة ، ويكون هدفه تحصيل جميع العلوم التي ترضي رب العالمين ، فلا يستصغر قدرته عند علم من العلوم ، وإنما يبذل من الأسباب ما تجعله يحصّل علما كثيرا ، وأضرب لذلك مثلا :
في المدارس النظاميّة إذا جاء طالب ورَغِب أن يكون عنده معدلٌ تام ، بأن يحصّل مئة من مئة ، فإنه حينئذ يبذل سببا كثيرا قد لا يحصّل إلا خمسة وتسعين ، لكن حصّل شيئا كثيرا ، أما من قصد النجاح فقط وكانت همته في أن يتجاوز المقرر ، ففي غالب أحواله لن يتمكّن من النجاح.
قال المؤلف: (من سجايا الإسلام التحلّي بكبر الهمّة) بحيث يكون مقصود الطالب أعلى الدرجات ، وكبر الهمّة هو (مركز السالب والموجب في شخصك) ، فهو الذي يدفعك إلى اكتساب الفضائل العالية، وهو الذي يجعلك تراقب جوارحك ، بحيث لا تعصي الله بها.
(كبر الهمّة يجلب لك خيرا غير مجذوذ) يعني غير مقطوع ، وغير منقطع ، (لترقى بذلك إلى أعلى درجات الكمال)،
كبر الهمة (يُجري في عروقك دم الشهامة) ، ويجعلك تواظب ، وتبذل من نفسك في ميدان العلم والعمل ، فحينئذ تصبح ممن قَصَر نفسه على أفضل الأعمال ، ولا يجعلك تتوجه إلى الأمور التوافه، ولا تشغل وقتك بما لا تنتفع به.
التحلّي بكبر الهمّة يبعد عنك الأمور التي لا قيمة لها من الأعمال والآمال ، فسفاسف الآمال والأعمال بعيدة عنك ، كبر الهمة يبعد عنك (شجرة الذل والهوان) ، لأنه يجعلك تمضي للحق والخير ، ويبعد عنك (التملّق والمداهنة) ، لأنك قد لاحظت ربّ العزة والجلال فلم يؤثر فيك مطالعة الناس لعملك ، كبير الهمّة (ثابت الجأش) بحيث يكون قويّا شديدا ، لا ترهبه أدنى حركة ، فسماع الأصوات ومشاهدة الأشخاص لا تجعله يتزعزع عن موقفه ، ففاقد كبر الهمّة تجده يخاف من كل صوت ، وأدنى رعدة تجعله يبعد عن ما يقصده من الخير ومن العمل الصالح ، بل صغر الهمّة يجعل الإنسان لا يتمكن من الكلام ، لمجرّد أدنى كلمة.
يقول : (لا تغلط فتخلط بين كبر الهمّة والكبر) كبر الهمّة أن يكون هدفك عاليا ، والكبر ترفع نفسك عن الخلق ، وعدم قبولك للحق ، فإنّ بين الكبر وكبر الهمّة فرق كبير كالسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع ، الرجع التي تأتي فيها السحب ، والأرض ذات الصدع التي تتصدّع من أجل ظهور النبات فيها.
(كبر الهمّة) صفة و(حلية ورثة الأنبياء) ؛ العلماء ، لكن (الكبر ) هذا ليس من صفة العلماء بل هو (داء للمرضى) الذين ابتلوا بعلة (الجبابرة البؤساء).
وحينئذ لاحظ أحكام الشرع ؛ فإنها ترغبك في كبر الهمّة ، وسواء كان في العلم أو في العمل ، ففي العمل مثلا : انظر إلى ترغيب الشارع للأعمال الصالحة ، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : "ما تقرب إليّ عبادي بمثل ما افترضت عليهم ، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبّه" جعلك تقصد الجمع بين الفرائض والنوافل كلها ، انظر فيما يتعلّق بالعلم ، قول الله عزوجل: "وقل رب زدني علما" طلبت كمال العلم وزيادته ، فهكذا أيضا طلبت زيادة العلم لكبر همّتك.
قال المؤلف : (انظر لمسألة إباحة التيمم للمكلّف عند فقد الماء) عندما لا تجد ماء يجوز لك أن تتيمم ، لقوله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا).
لو قدّر أنّ هناك شخص معك ، وقال: خذ ثمن الماء واشتري به ماء. نقول : لا يلزمه أخذ هذا المال ، ويجوز له التيمم ، لماذا؟ لأنّ في أخذ هذا المال منّة للمُعطِي على المعطَى ، وهذا ينال من الهمّة منالا ، فينقص من همّة الإنسان.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى" وقال: "المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف" ، نعم.
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ) (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2106)

أم أبي التراب
01-04-2015, 04:19 PM
أن عِتبانَ بنَ مالكٍ، كان يؤمُّ قومَه وهو أعمى، وأنه قال لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يا رسولَ اللهِ، إنها تكونُ الظُّلمةُ والسيلُ، وأنا رجلٌ ضَريرُ البصرِ، فصَلِّ يا رسولَ اللهِ في بيتي مكانًا أتخِذُه مُصلًّى، فجاءَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : أينَ تحبُّ أن أصليَ . فأشار إلى مكانٍ من البيتِ، فصلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . الراوي: محمود بن الربيع الأنصاري المحدث: البخاري (http://dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 667- خلاصة حكم المحدث: [صحيح] الدررالسنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9%8E+ %D8%AA%D9%8F%D8%AD%D9%90%D8%A8%D9%8F%D9%91+%D8%A3% D9%8E%D9%86%D9%92+%D8%A3%D9%8F%D8%B5%D9%8E%D9%84%D 9%90%D9%91%D9%8A%D9%8E&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
01-11-2015, 06:14 AM
25- النَّهْمَةُ في الطَّلَبِ :
إذا علمت الكلمة المنسوبة إلى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
«قيمة كل امرئ ما يحسنه»، وقد قيل: ليس كلمة أحض على طلب العلم منها، فاحذر غلط القائل: ما ترك الأول للآخر. وصوابه: كم ترك الأول للآخر!
فعليك بالاستكثار من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وابذل الوسع في الطلب والتحصيل والتدقيق، ومهما بلغت في العلم، فتذكر: «كم ترك الأول للآخر»!
إن كل إنسان يحسن الفقه والشرع صار له قيمة، أحسن مما يحسن فتل الحبال مثلا. لأن كل منهما يحسن شيئا، لكن فرق بين هذا وهذا فقيمة كل امرئ ما يحسنه. «وقد قيل: ليس كلمة أحض على طلب العلم منها» وهذا القيل ليس بصحيح. أشد كلمة في الحض على طلب العلم قول الله تعالى " ...قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ..."سورة الزمر: 9. وقوله تعالى :"..يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ..."سورة المجادلة: 11). وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ، واللهُ المُعْطِي وأنا القاسمُ ، ولا تزالُ هذهِ الأُمَّةُ ظاهرينَ على من خالفهم حتى يَأْتِيَ أمرُ اللهِ وهم ظاهرونَ . الراوي : معاوية بن أبي سفيان- المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3116 - خلاصة حكم المحدث :صحيح - انظر شرح الحديث رقم 157-الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%B1%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87+%D8%A8%D9%87+%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وقوله صلى الله عليه وسلم :".....وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ....." ،الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 6297 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية . (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7% D8%A1+%D9%88%D8%B1%D8%AB%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D8%A3% D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

وأشباه ذلك مما جاء في الحث على طلب العلم، لكن ما نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هي كلمة لا شك أنها جامعة، لكن لا شك أنها ليست أحسن ما قيل في الحث على طلب العلم.


وقوله :«ما ترك الأول للآخر» إما تكون «ما» نافية أو استفهامية فإن كانت «نافية» فالمعنى: ما ترك الأول للآخر شيئا. وإن كانت «استفهامية» فيكون المعنى: أي شيء ترك الأول للآخر؟
وكلا المعنيين يوجب أن يتثبط الإنسان عن العلم، ويقول كل العلم أخذ من قبلي فلا فائدة. فيكون بذلك تثبيط لهمته، لأنه إذا قيل لك: أن من قبلك أخذوا كل شيء. ستقول إذا ما الفائدة.
أما إذا قيل: كم ترك الأول للآخر، فالمعنى: ما أكثر ما ترك الأول للآخر، وهذا يحملك على أن تبحث على كل ما قاله الأولون، ولا يمنعك من الزيادة على ما قال الأولون.
ولا شك أن المعنى الصواب: كم ترك الأول للآخر. فإن قيل: إن الشاعر الجاهلي يقول:
ما أرانا نقول إلا معارا ** أو معادا من قولنا مكرور
فهل هذا صواب؟ الجواب: لا هذا ليس بصواب، وما أكثر الأشياء الجديدة التي تكلمنا بها ولم يتكلم بها من قبلنا. أما إن أراد بهذا حروف الكلمات أو الكلمات، وهذا صحيح لو أراد المعاني.
ولعل الشاعر الجاهلي أراد أنه كل ما يقال من الكلمات والحروف فإنه إما معار أخذه من غيره، وإما معاد.
لكن إذا كان البيت بهذا المعنى فقيمته ضعيفة جدا، رخيصة لأن هذا معلوم لا يحتاج إلى أن ينشره الإنسان في بيت شعر.
قوله :«فعليك بالاستكثار..» يحثك على أن تستكثر من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك العلم لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
ثم اعلم أن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون بالقرآن الكريم أو بالسنة النبوية. فإن كان بالقرآن الكريم، فقد كفيت إسناده والنظر فيه، لأن القرآن لا يحتاج إلى النظر بالسند لأنه متواتر أعظم التواتر.
أما إذا كان بالسنة النبوية فلا بد أن تنظر في السنة النبوية، أولا هل صحت نسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أم لم تصح؟ فإن كنت تستطيع أن تمحص ذلك بنفسك فهذا هو الأولى؟ وإلا:
إذا لـم تستـطـع شيـئـا فـدعـهوجــاوزه إلــى مــا تستطـيـع

قوله :«ابذل الوسع» يعني الطاقة في التدقيق، أمر مهم لأن بعض الناس يأخذ بظواهر النصوص وبعمومها دون أن يدقق. هل هذا الظاهر مراد أم غير مراد؟ وهل هذا العام مخصص أم غير مخصص؟ أم هذا العام مقيد أم غير مقيد؟
فتجده يضرب السنة بعضها ببعض لأنه ليس عنده علم في هذا الأمر. وهذا يغلب على كثير من الشباب اليوم الذين يعتنون بالسنة تجد الواحد منهم يتسرع في الحكم المستفاد من الحديث، أو في الحكم على الحديث. هذا خطر عظيم.
يقول «مهما بلغت في العلم فتذكر: كم ترك الأول للآخر» هذا طيب، ولكن نقول: إن أحسن من ذلك مهما بلغت في العلم، فتذكر قول الله عز وجل :"وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ "يوسف76. وقوله " وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً "الإسراء85
وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من «تاريخ بغداد» للخطيب ذكر من قصيدة له:

لا يكون السري مثل الدنيلا ولا ذو الذكاء مثل الغبي
قيمة المرء كلما أحسن المرء قضاء مـن الإمـام علـي
شرح الشيخ العثيمين (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2107)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
25-النَّهْمَةُ في الطَّلَبِ :
إذا عَلِمْتَ الكلمةَ المنسوبةَ إلى الخليفةِ الراشدِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ : ( قيمةُ كلِّ امرئٍ ما يُحْسِنُه ) وقد قِيلَ : ليس كلمةٌ أحَضَّ على طَلَبِ العلْمِ منها ؛ فاحْذَرْ غَلَطَ القائلِ : ما تَرَكَ الأَوَّلُ للآخِرِ . وصوابُه : كم تَرَكَ الأَوَّلُ للآخِرِ .
فعليك بالاستكثارِ من مِيراثِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وابْذُل الوُسْعَ في الطلَبِ والتحصيلِ والتدقيقِ ، ومَهْمَا بَلَغْتَ في العِلْمِ ؛ فتَذَكَّرْ ( كم تَرَكَ الأوَّلُ للآخِرِ) .
وفي تَرجمةِ أحمدَبنِ عبد الجليلِ من ( تاريخِ بَغدادَ ) للخطيبِ ذِكْرٌ من قصيدةٍ له :
لا يَكـونُ السَّـرِيُّ مِثْـلَ الـدَّنِـيِّ لا ولا ذو الذكـاءِ مثـلَ الغَـبِـيِّ
قيمةُ المرءِ كُلَّمَا أَحْسَنَ الْمَرْءُ قـضــاءً مــــن الإمــــامِ عَــلِــيِّ
الشيخ:
الأدب الخامس والعشرون من آداب طالب العلم : النهمة في الطلب ، بحيث تستمر الرغبة في طلب العلم مع الإنسان ، ولا يقنع بالقليل منهُ ، وتستمر معه هذه الرغبة ، وقد جاء في الخبر أنّ طالب العلم لا يُشبع نهمته مهما حصّل من العلم ، واثنان منهومان ، ذكر منهما : طالب العلم.
فطالب العلم ، لا تتوقف رغبته عند حدّ ، لأنّ العلم بحر لا ساحل له ، ومن هنا فالمرء يحرص على تحصيل أكبر قدر منه ، وبعض الناس يقول : لأنكم يا أيها الطلاب لم تأتوا بشيء جديد ، وحينئذ فلماذا تتعبون أنفسكم بطلب العلم.
فيقال لهم : أولا نحن نطلب العلم وتزداد رغبتنا فيه من أجل إرضاء رب العزة والجلال ، ومن أجل الدخول في الجنة ، فلو قدّر أننا لن نأتي بشيء جديد ، فنحن سنحصل على الأجر والثواب.
الأمر الثاني : بأنّ الله جل وعلا من رحمته بعباده أن جعل أهل العلم يعرفون ويكتشفون في كل زمان ما عجز عنه الأوائل ، هذا من رحمة الله حتى يستمر العلم وتستمر النهمة في طلبه.
الأمر الثالث : أنّ الناس تنتابهم أوقات جهالات يُنسى فيه العلم ، فالعالم وإن لم يأت بشيء جديد إلا أنه يرشد الأمة إلى طريقتها الأولى ، طريقة النبوّة.
الأمر الرابع : أنه ما من زمان إلا وفيه أُناس يبثّون الشبهات على الخلق ، فطالب العلم هو المخوّل لكشف هذه الشبهات.
وحينئذ كان الأولى أن يقال : كم ترك الأول للآخر.
وحينئذ لنستكثر من ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، ما هو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم؟ العلم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "العلماء ورثة الأنبياء"
(وابذل الوسع في الطلب) اطلب علما كثيرا ، كذلك ابذل الوسع في التحصيل وفي التدقيق ، لا تكتفي بأخذ الأقوال فقط ، وإنما دقّق بينها ، وميّز بينها ، واعرف ما ينفعك منها ، ومهما بلغت في العلم فتذكّر : كم ترك الأول للآخر.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2107)السؤال الأول: ورد في متن الحلية "النهمة في طلب العلم" إذا قلنا مثلا النهم هل يعتبر لحنا؟
الجواب : النَّهمة في الشيء أن يكون للمرء همَّة فيه، وتطلق النهمة على الوَطَر والحاجة يقال: قضى نهمته من كذا، إذا أخذ منه حاجته.
والنَّهَمُ : إفراطُ الشهوة في الطعام، والرجل النَهِم هو الشَّره الحريص الذي لا يشبع، والمنهوم هو المولع بحبّ الشيء.
والنَّهْم بتسكين الهاء: التصويت للرجل أو الدابة تقول: نهمْته، ويقال: ناقة منهام إذا كانت تطيع على النَّهم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2107)

أم أبي التراب
01-11-2015, 04:12 PM
"مَنْهُومَانِ لا يَشْبَعَانِ : مَنْهُومٌ في العلمِ لا يَشْبَعُ منه ، ومَنْهُومٌ في الدنيا لا يَشْبَعُ منها" الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 251 -خلاصة حكم المحدث: صحيح

"مَنْهُومانِ لا يَشْبَعانِ طالبُ علمٍ ، وطالبُ دنيا" الراوي: عبدالله بن عباس و أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6624
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86%D9%87%D9%88%D9%85%D8%A7% D9%86+%D9%84%D8%A7+%D9%8A%D8%B4%D8%A8%D8%B9%D8%A7% D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
01-18-2015, 07:23 AM
26- الرِّحْلَةُ للطَّلَبِ :
( من لم يكنْ رُحْلَةً لن يكونَ رُحَلَةً ) فمَن لم يَرْحَلْ في طَلَبِ العلْمِ للبحْثِ عن الشيوخِ ، والسياحةِ في الأَخْذِ عنهم ؛ فيَبْعُدُ تأَهُّلُه ليُرْحَلَ إليه ؛ لأنَّ هؤلاءِ العلماءَ الذين مَضَى وقتٌ في تَعَلُّمِهم وتَعليمِهم ، والتَّلَقِّي عنهم : لديهم من التَّحريراتِ والضبْطِ والنِّكاتِ العِلْمِيَّةِ ، والتجارِبِ ما يَعِزُّ الوُقوفُ عليه أو على نظائرِه في بُطونِ الأسفارِ .
قوله :«من لم يكن رحلة لن يكون رحلة» لعل: من لم يكن له.... يرجع إلى الأصل.
قوله :«التجارِب» مكسور حرف الراء. والتجرُبة غلط ما هي لغة عربية، رغم أنها في الشائع بين الناس الآن، حتى طلبة العلم، يقول: تجارب، تجربة. رغم أن الصواب كسر الراء. والمعنى: أن من لم يكن له رحلة في طلب العلم فلن يرحل إليه وتأتي الناس إليه.
واحْذَر القُعودَ عن هذا على مَسْلَكِ الْمُتَصَوِّفَةِ البطَّالِينَ ، الذين يُفَضِّلُونَ ( علْمَ الْخِرَقِ على علْمِ الوَرَقِ ) .
وقد قيلَ لبعضِهم : ألا تَرْحَلُ حتى تَسمعَ من عبدِ الرزاقِ ؟ فقالَ : ما يَصنَعُ بالسماعِ من عبدِ الرزَّاقِ مَن يَسمَعُ من الْخَلَّاقِ ؟!
وقال آخَرُ :
فاحْذَرْ هؤلاءِ ؛ فإنهم لا للإسلامِ نَصَرُوا ، ولا للكُفْرِ كَسَرُوا ، بل فيهم مَن كان بأسًا وبلاءً على الإسلامِ .
الصوفية يدعون أن الله يخاطبهم ويوحي إليهم، وأنه يزورهم ويزورونه وهذا من خرافاتهم.
والعبارة الأخيرة مأخوذة من كلام شيخ الإسلام رحمه الله في المتكلمين قال في هؤلاء :«لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا» يعني أنهم ما نصروا الإسلام الذي جاء لذلك أن هؤلاء المتكلمين حرفوا النصوص عن ظاهرها وأولوها إلى معان أو جددوها بما يزعمون أنه عقل، فتسلط عليهم الفلاسفة وقالوا لهم: أنتم إذا أولتم آيات الصفات وأحاديث الصفات، مع ظهورها ووضوحها، فاسمحوا لنا أن نأول آيات المعاد، أي آيات اليوم الآخر فإن ذكر أسماء الله وصفاته في الكتب الإلهية أكثر بكثير من ذكر المعاد وما يتعلق به، فإذا أبحتم لأنفسكم أن تأولوا في أسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة، فاسمحوا لنا أن نأول في آيات المعاد وننكر المعاد رأسا ولا شك أن هذه حجة قوية لهؤلاء الفلاسفة على هؤلاء المتكلمين، إذ لا فرق.
المهم أن الشيخ وفقه الله هاجم الصوفية، فهم جديرون بالمهاجمة، لأن بعضهم يصل إلى حد الكفر والإلحاد بالله، حتى يعتقد أنه هو الرب كما يقول بعضهم «ما في الجبة إلا الله» يعني نفسه. ويقول:
الرب عبد والعبد رب = يا ليت شعري من المكلف
يعني هما شيء واحد. إلى أمثال ذلك من الخرافات التي يقولونها، لكن ينبغي أيضا أن نهاجم ونركز على مهاجمة أهل الكلام الذين سلبوا الله من كماله بكلامهم انكروا الصفات، فمنهم من أنكر الصفات رأسا كالمعتزلة . ومنهم من أثبت الأسماء، لكن جعلها أسماء جامدة لا تدل على معنى، وغالى بعضهم وقال: إنها أسماء واحدة، وأن السميع هو البصير، وأن السميع والبصير هما العزيز وهما شيء واحد. وغالى بعضهم فقال: هي أسماء متعددة، لكن لا تدل على معنى.
مسلوبة المعنى.
لأنهم لو أثبتوا لها معنى- بزعمهم- لزم تعدد الصفات، وبتعددها وبتعدد الصفات يرون أنه شرك، لأنهم يقولون يلزم تعدد الصفات القديمة كالعلم والسمع والبصر، فيلزم من ذلك تعدد القدماء، وهو أشد شركا من النصارى.
فالحاصل أنه أيضا ينبغي أن يهاجم على أهل الكلام الذين عطلوا لله مما يجب له من صفات كمال بعقول واهية.
والعلماء رحمهم الله الذين تكلموا عن الرحلة لم يدركوا هذا الأثر، الأشرطة المسجلة تغني عن الرحلة، لكن الرحلة أكبر لأن الرحلة إلى العالم، يكتسب الإنسان من علمه وأدبه وأخلاقه، ثم يترك الرجل يتكلم ليس كما يعمله إياه في الشريط.
مثلا: الخطبة، أنت عند رجل يخطب وكلامه جيد... تتأثر به لكن لو تسمع هذا الكلام من الشريط لن تتأثر به تأثرك وأنت تشاهد الخطيب.
شرح الشيخ العثيمين
معهد آفاق التيسير
(http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2108)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري:

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
26- الرِّحْلَةُ للطَّلَبِ :
(من لم يكنْ رُحْلَةً لن يكونَ رُحَلَةً ) فمَن لم يَرْحَلْ في طَلَبِ العلْمِ للبحْثِ عن الشيوخِ ، والسياحةِ في الأَخْذِ عنهم ؛ فيَبْعُدُ تأَهُّلُه ليُرْحَلَ إليه ؛ لأنَّ هؤلاءِ العلماءَ الذين مَضَى وقتٌ في تَعَلُّمِهم وتَعليمِهم ، والتَّلَقِّي عنهم : لديهم من التَّحريراتِ والضبْطِ والنِّكاتِ العِلْمِيَّةِ ، والتجارُبِ ما يَعِزُّ الوُقوفُ عليه أو على نظائرِه في بُطونِ الأسفارِ .
واحْذَر القُعودَ عن هذا على مَسْلَكِ الْمُتَصَوِّفَةِ البطَّالِينَ ، الذين يُفَضِّلُونَ ( علْمَ الْخِرَقِ على علْمِ الوَرَقِ) .
وقد قيلَ لبعضِهم : ألاتَرْحَلُ حتى تَسمعَ من عبدِ الرزاقِ ؟ فقالَ : ما يَصنَعُ بالسماعِ من عبدِالرزَّاقِ مَن يَسمَعُ من الْخَلَّاقِ ؟!
وقال آخَرُ :
إذا خاطَبُونِـي بعِلْـمِ الـوَرَقِ برَزْتُ عليهم بعِلْمِ الْخِرَقِ
فاحْذَرْ هؤلاءِ ؛ فإنهم لا للإسلامِ نَصَرُوا ، ولا للكُفْرِ كَسَرُوا ، بل فيهم مَن كان بأسًا وبلاءً على الإسلامِ.
الشيخ :
هذا أدب آخر من آداب طلب العلم وهو : الرحلة في طلب العلم لملاقاة العلماء ، وقد قصّ الله عز وجل علينا قصّة موسى عليه السلام عندما سافر إلى الخَضِر ؛ من أجل أن يستفيد من علمه ، وانظر أيضا في الأخبار ، أخبار الصحابة عندما كان ينتقل بعضهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل طلب العلم ، كما في حديث مالك بن الحويرث.1
وانظر إلى أخبار أبي هريرة عندما انتقل ليسمع من النبي صلى الله عليه وسلم2 ، وقصة أبي ذر في آخر صحيح مسلم عندما ارتحل من أجل طلب العلم 3، وهكذا أيضا لم يزل علماء الإسلام يرحلون من أجل طلب العلم ، وينتقلون من مكان إلى مكان ، من أجل ذلك الهدف العظيم.
فالارتحال يحصل فيه عدد من الأمور :
الأول : تنويع التلقي عن العلماء ، فإنّ من خالط علماء كُثر شاهد مناهج مختلفة ، وشاهد طرائق مختلفة في التعليم ، وفي ما يحسنون من العلوم ، وفي طريقة التعلم والتعليم ، وفي الكتب التي تُدرس.
أما من اقتصر على شيخ واحد لن يحصل له مثل ذلك ، إلا أن يكون عالما متفننا في علوم مختلفة.
الفائدة الثانية: أنّ الراحل لطلب العلم يعوّد نفسه على اشتياق التعلم ، وعلى الاشتياق لمعرفة العلماء ، والتفنن في العلم ، فبذلك تنشط نفسه في التعلم.
الفائدة الثالثة : أنّ الراحل المسافر في طلب العلم يجد في وقته فسحة في طلب العلم ، وحينئذ يكون ذلك أدعى لحفظه العلم ، ولكونه يعي ما يتعلّمه.
الفائدة الرابعة : أنّ الرحلة تجعل الإنسان يقارن قرناء يماثلونه في الهدف والمقصد لطلب العلم فيكون لذلك أثر عظيم في تنشيط النفس على التعلم.
الفائدة الخامسة : أنّ المرء عند تنقله من مكان إلى مكان ، حينئذ تعرف نفسه قيمتها ، ولا ينغر بما كان عليه من حال جيد قبل سفره ورحلته ، ومن ثم تعرف النفس قيمتها ، فتبذل ما تستطيعه في ترفيع شأنها ، وتعلية مكانتها عند الله عزوجل.
قال المؤلف : (فمن لم يرحل في طلب العلم ، للبحث عن الشيوخ ، والسياحة في الأخذ عنهم ، فيبعد تأهله ليُرحل إليه) جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمضي زمان حتى تضرب الإبل فلا تجد عالما أفضل من عالم المدينة" فهذا فيه دلالة على مشروعية الرحلة لطلب العلم.
لماذا؟ لأنّ العلماء قد أمضوا أوقاتا عديدة ، فشاهدوا شيوخا كثيرين ، وعرفوا طرائق في التعلّم والتعليم ، ولذلك يجد الإنسان عندهم تحريرات بحيث يحرّرون المسائل ، ويعرفون المراد بها ، وعندهم ضبط ، ضبط للألفاظ ، وضبط للمسائل ، ومعرفة للفرق بينها ، وكذلك عندهم نكات علميّة ، والمراد بالنكتة العلميّة : الشيء العلمي النافذ ، الذي لا يحصّله الإنسان عند أي مؤلف أو في أي كتاب ، وكذلك يحصّل الإنسان عند هؤلاء العلماء التجارب ، فهم قد مارسوا وعرفوا أحوال الناس ، وعرفوا حقائق أمورهم ، وقد مرّت بهم تجارب كثيرة ، وخبرات عديدة.
فالإنسان إذا قرأ في الكتب ، ولم تمر عليه تلك التجارب ، فقد يكون حينئذ لا يتقن العلم ، وأضرب لذلك مثلا :
في القضاء ؛ من درس كتب أهل العلم في باب القضاء وأتقنها ، وعرفها ، وضبطها ضبطا كاملا ، فإنه تفوته أشياء بخلاف من مارس القضاء ، وأخذ من أصحاب التجارب والخبرة فيه ، فإنه ينتبه إلى أشياء ليست موجودة في الكتب ، بل في الكتب مرّات قد يُطلق اللفظ ويُراد به غير ظاهره ، مثال ذلك : في كتاب الحج ؛ قد يطلقون مرّات : وعليه دم ، ويريدون بالدم فدية الأذى التي يُخيّر الإنسان فيها بين الإطعام أو الصيام أو الذبح ، عندما يجد من ليس لديه خبرة ولا تجربة هذا اللفظ ؛ عليه دم ، سيقول : يتعيّن الدم ، وهذا خلاف مراد الفقهاء.
مثال آخر : في كتاب (مختصر الخرقي) قال في باب الحج: أنّ من جامع قبل رمي الجمرة فسد حجه ، وعليه بدنة ، ويتم المناسك ، ويحج من قابل ، هذا كلامهم على وفق طريقتهم الأولى ، لأنه لا يعقل في زمانهم أن يمر إنسان بمنى فلا يرمي ، ويتجاوزها إلى مكة بدون رمي ، لأنّ منى في الطريق ، لكن في مثل زماننا لمّا توفّرت وسائل الانتقال ووجدت هذه السيارات ، فينتقل الإنسان من مزدلفة إلى مكة بدون أن يمر بمنى ، فقد يطوف ويسعى ويقصّر ، فيكون بذلك تحلل التحلل الأول ، وحينئذ نقول : إذا جامع بعد هذا لم يفسد حجه ، لماذا؟ لأنه قد تحلل التحلل الأول ، ولم تجب عليه بدنة ، ولم يجب عليه الحج من قابل.
فمثل هذه الفائدة إذا قرأها الإنسان في كتاب ، ولم يتصل بعالم يشرح له ذلك ، فسينزّل الكلام على غير مراد مؤلفه به.
وحينئذ نكون بهذا قد سلكنا طريق التعلم بالرحلة إلى العلماء ، أما أهل التصوف الذين من صفتهم البطالة وترك التعلم ، فمثل هؤلاء طريقهم مخالف لطريق الشرع لأنهم يُفضلون علم الخِرَق على علم الورق.
الخِرَق إما الخرقة التي يُعطيها الأول للثاني ، يُعطيها الشيخ لمريده لينتقل العلم ، أو أنّ المراد به ؛ أنّ أهل التصوف يتركون ما الناس فيه من حال ، فيلبسون ثيابا خرقة متقطّعة ، لكن لعلّ المعنى الأول أولى.
قال : (على علم الورق) وهو طلب العلم ؛ الذي يُسجّل في الأوراق.
وبهذا تعرف أنّ منهج أهل السنة والجماعة هو أن يكون الطريق في التعلم ، أما من جاء و جعل الطريق هو الخروج من بلد إلى بلد بدون أن يكون المقصد من ذلك السفر طلب العلم ، هذا ليس مقصودا ، إلا أن يكون له مقصد آخر موافق لمقصد الشرع.
ومن هنا من جعل طريق المال أو طريق الخير في الانتقال وسمّى ذلك في سبيل الله فإنه ليس على الطريقة السلفية.
(وقد قيلَ لبعضِهم : ألا تَرْحَلُ حتى تَسمعَ من عبدِ الرزاقِ ؟ فقالَ : ما يَصنَعُ بالسماعِ من عبدِ الرزَّاقِ مَن يَسمَعُ من الْخَلَّاقِ ؟!
وذلك أنّ المتصوفة يرون أنّ من مصادر التلقي الإلهام والكشف ، وهذا طريق باطل ، لا يصح بناء الأحكام عليه ، لأنّ الله لم يأمرنا بالرجوع إلى ما في النفوس من ذلك ، وإنما أمرنا بالرجوع إلى الكتاب والسنة.
وكذلك ما يُلقى في النفوس لا يأمن الإنسان ما مصدره ، إن الشياطين تُلقي في النفوس ، حتى يظن بعض الناس أنه الخير ، وأنه الحق ، وبينما حقيقة الحال أنه ليس كذلك.
وقال آخَرُ :
فاحْذَرْ هؤلاءِ ؛ فإنهم لا للإسلامِ نَصَرُوا ، ولا للكُفْرِ كَسَرُوا ، بل فيهم مَن كان بأسًا وبلاءً على الإسلامِ
إذا نظرنا حال المبتدعة وجدناهم يقدّمون طريقتهم في الابتداع على نصرة الإسلام ، ولذلك يحذر الإنسان من طريقة مثل هؤلاء ، وإن كان المرء مأمورا بكف أذاه عنهم ، وعدم إيصال السوء إليهم لكن ذلك لا يعني صحة طريقهم ، وإنما هم على خلاف الطريقة المرضيّة ، فإنّ الطريقة المرضيّة تحصل بالتعلم لا بهذه الأفعال التي تُضيّع الأوقات ، ولا يحُصّل الإنسان بها شيئا ، نعم.

أم أبي التراب
01-18-2015, 08:17 AM
كما في حديث مالك بن الحويرث.1

عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ:
قَدِمْنَا على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ شِبَبَةٌ ، فلَبِثْنَا عندَهُ نحوًا من عشرينَ ليلةً ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رحيمًا ، فقال :" لو رَجعتمْ إلى بلادكم فعلَّمتموهم ، مُرُوهُمْ فليُصلُّواْ صلاةَ كذا في حينِ كذا ، وصلاةَ كذا في حينِ كذا ، وإذا حضرتْ الصلاةُ فليُؤَذِّنْ لكم أَحَدُكُمْ ، وليَؤُمُّكُم أَكْبَرُكُم ". الراوي: مالك بن الحويرث المحدث: ا (http://www.dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1)لبخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 685- خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%29+%D9%88%D9%86%D8%AD%D9%86+%D8%B4%D 8%A8%D8%A8%D8%A9+%D9%81%D9%84%D8%A8%D8%AB%D9%86%D8 %A7+%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%87+%D9%86%D8%AD%D9%88%D8 %A7%D9%8B+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون وهذا في عام الوفود في السنة التاسعة من الهجرة وكانوا شبابا فأقاموا عند النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ليلة جاءوا من أجل أن يتفقهوا في دين الله قال مالك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا يعني اشتقنا إليهم فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ....

شرح رياض الصالحين - شرح العثيمين (http://islamport.com/w/srh/Web/2365/786.htm)

2
عن مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - كَانَ يَقُولُ: آللَّهِ الذي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بكبدي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بطني مِنَ الْجُوعِ ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الذي يَخْرُجُونَ مِنْهُ ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ ليشبعني ، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ ليشبعني ، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَبَسَّمَ حِينَ رآني وَعَرَفَ ، مَا في نفسي وَمَا في وجهي ثُمَّ قَالَ: « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الْحَقْ » . وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لي ، فَدَخَلَ فَوَجَدَ لَبَنًا في قَدَحٍ فَقَالَ « مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ » . قَالُوا أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ . قَالَ « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: « الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لي ». قَالَ وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ ، وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فساءني ذَلِكَ فَقُلْتُ وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا ، فَإِذَا جَاءَ أمرني فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يبلغني مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم- بُدٌّ ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فَأَقْبَلُوا ، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ: « يَا أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: « خُذْ فَأَعْطِهِمْ » . قَالَ فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ: « أَبَا هِرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ » . قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ: « اقْعُدْ فَاشْرَبْ » . فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ . فَقَالَ « اشْرَبْ » . فَشَرِبْتُ ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: « اشْرَبْ » . حَتَّى قُلْتُ لاَ والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا . قَالَ: « فأرني ». فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ(1).

شرح المفردات (2):

( آللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ ) أي: والله بحُذِفَ حَرْف الْقَسَم، وَثَبَتَ فِي رِوَايَة بإثبات الْوَاوِ فِي أَوَّله.
( لأعتمد بكبدي ) ألصق بطني بالأرض .
( لأشد ) أربط وفائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال والقيام .
( طريقهم ) أي النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضي الله عنهم .
(الصُّفَّة) مَكَان فِي مُؤَخَّر الْمَسْجِد النَّبَوِيّ مُظَلَّل أُعِدّ لِنُزُولِ الْغُرَبَاء فِيهِ مِمَّنْ لَا مَأْوَى لَهُ وَلَا أَهْل.
( أضياف الإسلام ) ضيوف المسلمين .
( يأوون ) ينزلون ويلتجئون .
( فساءني ذلك ) أهمني وأحزنني .
( فَحَمِدَ اللَّه وَسَمَّى) أَيْ: حَمِدَ اللَّه عَلَى مَا مَنَّ بِهِ مِنْ الْبَرَكَة الَّتِي وَقَعَتْ فِي اللَّبَن الْمَذْكُور مَعَ قِلَّته حَتَّى رَوِيَ الْقَوْم كُلّهمْ وَأَفْضَلُوا ، وَسَمَّى فِي اِبْتِدَاء الشُّرْب عليه الصلاة والسلام.
( وَشَرِبَ الْفَضْلَة ) أَيْ: الْبَقِيَّة.
___________
(1) - صحيح البخاري، رقم (6452).
(2) - النووي، شرح صحيح مسلم (7/482) فتح الباري - ابن حجر - (18 / 272).
هنا (http://www.alssunnah.com/main/articles.aspx?selected_article_no=3957http://)

- قال لنا ابن عباس : ألا أخبركم بإسلام أبي ذر ؟ قال : قلنا : بلى ، قال : قال أبو ذر : كنت رجلا من غفار ، فبلغنا أن رجلا قد خرج بمكة يزعم أنه نبي ، فقلت لأخي : انطلق إلى هذا الرجل كلمه وأتني بخبره ، فانطلق فلقيه ثم رجع ، فقلت : ما عندك ؟ فقال : والله لقد رأيت رجلا يأمر بالخير وينهى عن الشر ، فقلت له : لم تشفني من الخبر ، فأخذت جرابا وعصا ، ثم أقبلت إلى مكة ، فجعلت لا أعرفه ، وأكره أن أسأل عنه ، واشرب من ماء زمزم وأكون في المسجد ، قال : فمر بي علي فقال : كأن الرجل غريب ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فانطلق إلى المنزل ، قال : فانطلقت معه ، لا يسألني عن شيء ولا أخبره ، فلما أصبحت غدوت إلى المسجد لأسأل عنه ، وليس أحد يخبرني عنه بشيء ، قال : فمر بي علي ، فقال : أما نال للرجل يعرف منزله بعد ؟ قال : قلت : لا ، قال : انطلق معي ، قال : فقال : ما أمرك ، وما أقدمك هذه البلدة ؟ قال : قلت له : إن كتمت علي أخبرتك ، قال : فإني أفعل ، قال : قلت له : بلغنا أنه قد خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي ، فأرسلت أخي ليكلمه ، فرجع ولم يشفني من الخبر ، فأردت أن ألقاه ، فقال له : أما إنك قد رشدت ، هذا وجهي إليه فاتبعني ، ادخل حيث ادخل ، فإني إن رأيت أحدا أخافه عليك ، قمت إلى الحائط كأني أصلح نعلي وامض أنت ، فمضى ومضيت معه حتى دخل ودخلت معه على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : اعرض علي الإسلام ، فعرضه فأسلمت مكاني ، فقال لي : ( يا أبا ذر ، اكتم هذا الأمر ، وارجع إلى بلدك ، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل ) . فقلت : والذي بعثك بالحق ، لأصرخن بها بين أظهرهم ، فجاء إلى المسجد وقريش فيه ، فقال : يا معشر قريش ، إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ ، فقاموا فضربت لأموت ، فأدركني العباس فأكب علي ثم أقبل عليهم ، فقال : ويلكم ، تقتلون رجلا من غفار ، ومتجركم وممركم على غفار ، فأقلعوا عني ، فلما أن أصبحت الغد رجعت ، فقلت مثل ما قلت بالأمس ، فقالوا : قوموا إلى هذا الصابئ ، فصنع بي مثل ما صنع بالأمس ، وأدركني العباس فأكب علي ، وقال مثل مقالته بالأمس . قال : فكان هذا أول إسلام أبي ذر رحمه الله . الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري (http://www.dorar.net/hadith/mhd/256?ajax=1) - المصدر: صحيح البخاري (http://www.dorar.net/book/6216?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3522 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A7%D9%86%D8%B7%D9%84%D9%82+%D8%A 5%D9%84%D9%89+%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D8%B 1%D8%AC%D9%84+%D9%83%D9%84%D9%85%D9%87+%D9%88%D8%A 3%D8%AA%D9%86%D9%8A+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

أم أبي التراب
01-24-2015, 02:14 AM
27-حفْظُ العلْمِ كتابةً
«شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله »

*ابْذُل ْالْجَهْدَ في حِفْظِ العلْمِ ( حِفْظَ كتابٍ ) ؛ لأنَّ تقييدَ العلْمِ بالكتابةِ أمانٌ من الضياعِ ، وقَصْرٌ لمسافةِ البحْثِ عندَ الاحتياجِ ، لا سِيَّمَا في مسائلِ العِلْمِ التي تكونُ في غيرِ مَظَانِّها ، ومن أَجَلِّ فوائدِه أنه عندَ كِبَرِ السنِّ وضَعْفِ الْقُوَى يكونُ لديكَ مادَّةٌ تَسْتَجِرُّ منها مادَّةً تَكْتُبُ فيها بلا عَناءٍ في البَحْثِ والتَّقَصِّي .

ولذا ؛ فاجْعَلْ لك ( كُناشًا ) أو ( مُذَكِّرَةً ) لتقييدِ الفوائدِ والفرائدِ والأبحاثِ الْمَنثورةِ في غيرِ مَظَانِّها ، وإن اسْتَعْمَلْتَ غُلافَ الكتابِ لتَقييدِ ما فيه من ذلك ؛ فحَسَنٌ ، ثم تَنْقُلُ ما يَجْتَمِعُ لك بعدُ في مُذَكِّرَةٍ ؛ مُرَتِّبًا له على الموضوعاتِ مُقَيِّدًا رأسَ المسألةِ ، واسمَ الكتابِ ، ورقْمَ الصفحةِ والمجلَّدِ ، ثم اكْتُبْ على ما قَيَّدْتَه : ( نُقِلَ ) ؛ حتى لا يَخْتَلِطَ بما لم يُنْقَلْ كما تَكتُبُ : ( بلَغَ صفحةَ كذا ) فيما وَصَلْتَ إليه من قراءةِ الكتابِ حتى لا يَفُوتَك ما لم تَبْلُغْه قراءةً .
- «ابذل» همزة وصل، لكن عند الابتداء بها تكون همزة قطع. بذل الجهد في الكتابة مهم، لا سيما في نوادر المسائل أو في التقسيمات التي لا تجدها في بعض الكتب.
كم من مسألة نادرة مهمة لا يقيدها اعتمادا على أنه يقول: إن شاء الله لا أنساها. فإذا به ينساها ويتمنى لو كتبها، ولكن احذر أن تكتب على كتابك على هامشه أو بين سطوره، كتابة تطمس الأصل فإن بعض الناس يكتب على هامش الكتاب أو بين سطوره كتابة تطمس الأصل، لكن يجب إذا أردت أن تكتب على كتابك أن تجعله على الهامش البعيد من الأصل لئلا يلتبس هذا بهذا، فإن لم يتيسر هذا، كأن ما تريد تعليقه أكثر من الهامش فلا ضير عليك أن تجعل ورقة بيضاء تلصقها بين الورقات وتشير إلى موضعها من الأصل وتكتب ما شئت، وكان طلبة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يحدثوننا أنهم يأخذون مذكرات صغيرة يجعلونها في الجيب كلما ذكر الإنسان منهم مسألة قيدها، إما فائدة علم في خاطر، أو مسألة يُسأل عنها الشيخ فيقيدها، فاستفادوا بذلك كثيرا. ولذا، فاجعل لك (كناشا) أو (مذكرة) لتقييد الفوائد والفرائد والأبحاث المنثورة في غير مظانها، وإن استعملت غلاف الكتاب لتقييد ما فيه من ذلك، فحسن، ثم تنقل ما يجمع لك بعد في مذكرة، مرتبا له على الموضوعات، مقيدا رأس المسألة، واسم الكتاب، ورقم الصفحة والمجلد، ثم اكتب على ما قيدته :«نقل»، حتى لا يختلط بما لم ينقل، كما تكتب :«بلغ صفحة كذا» فيما وصلت إليه من قراءة الكتاب حتى لا يفوتك ما لم تبلغه قراءة.
*وللعلماءِ مؤَلَّفَاتٌ عدَّةٌ في هذا ؛ منها : ( بدائعُ الفوائدِ ) لابنِ القَيَّمِ و( خَبايَا الزوايا ) للزَّرْكَشيِّ ، ومنها : كتابُ ( الإغفالِ ) ، و( بَقَايا الْخَبَايا ) وغيرُها ، وعليه فَقَيِّدِ العِلْمَ بالكتابِ لا سِيَّمَا بدائعَ الفوائدِ في غيرِ مَظَانِّها ، وخَبَايَا الزوايا في غيرِ مَسَاقِها ، ودُرَرًا مَنثورةً تَراهَا وتَسْمَعُها تَخْشَى فَوَاتَها … وهكذا ؛ فإنَّ الْحِفْظَ يَضْعُفُ ، والنسيانَ يَعْرِضُ .قالَ الشعبيُّ : ( إذا سَمِعْتَ شيئًا ؛ فاكْتُبْهُ ولو في الحائطِ ) .رواه خَيثَمَةُ .
وإذا اجْتَمَعَ لديك ما شاءَ اللهُ أن يَجْتَمِعَ ؛ فرَتِّبْهُ في ( تَذْكِرَةٍ ) أو ( كُناشٍ ) على الموضوعاتِ ؛ فإنه يُسْعِفُكَ في أَضْيَقِ الأوقاتِ التي قد يَعْجِزُ عن الإدراكِ فيها كِبارُ الأثباتِ .
- ومنها أيضا «صيد الخاطر» لابن الجوزي، لكن أحسن ما رأيت «بدائع الفوائد» لأبن القيم أربعة أجزاء في مجلدين، فيها من بدائع العلوم ما لا تكاد تجده في كتاب أخر لكل فن. كل ما طرأ على باله قيده، لذلك تجد فيه من العقائد في التوحيد، في الفقه، في النحو، في البلاغة، في التفسير، في كل شيء.
أحيانا يبحث في كلمة من الكلمات اللغوية في صفحة تحليلا وتفريعا واشتقاقا وغير ذلك. بحث بحثا بالغا في الفرق بين «المدح والحمد»، كتب كتابة فائقة في ذلك، وقال: كان شيخنا إذا بحث في مثل هذا أتى بالعجب العجاب لكنه كما قيل:

تألق البرق نجديا فقلت له=إليك عني فإني عنك مشغولا

بما هو أهم من التحقق في اللغة العربية وإلا فهو- شيخ الإسلام – رحمه الله آية في اللغة العربية، لما قدم مصر اجتمع بأبي حيان المصري الشهير صاحب «البحر المحيط» في التفسير، وكان أبو حيان يثني على شيخ الإسلام ثناء عطرا، ويمدحه بقصائد عصامية، ومن جملة ما يقول فيه:
قام ابن تيمية في نصر شريعتنامقام سيد يتم إذ عصت مضر


يعني أبي بكر يوم الردة. فلما قدم مصر شيخ الإسلام اجتمع بهذا الرجل- أبي حيان- وتناظر معه في مسألة نحوية واحتج عليه أبو حيان بقول سيبويه في كتابه، قال إن سيبويه في كتابه قال كذا وكذا. فكيف تخالفه؟.
فقال له شيخ الإسلام:«وهل سيبويه نبي النحو؟!» يعني: حتى يجب علينا اتباعه، ثم قال:«لقد غلط في الكتاب في أكثر من 80 موضعًا لا تعلمها أنت ولا هو». سبحان الله !! هكذا يقول لسيد النحاة.
يقال: إن أبا حيان بعد ذلك أخذ عليه وصار بنفسه فأنشأ قصيدة يهجوه فيها.
عفا الله عنا وعنهم جميعا. المهم أن كتاب «بدائع الفوائد» من أجمل الكتب، فيه فوائد لا تجدها في غيره.
وعليه، فقيد العلم بالكتاب، لاسيما بدائع الفوائد في غير مظانها، وخبايا الزوايا في غير مساقها، ودررا منثورة تراها وتسمعها تخشي فواتها...... وهكذا، فإن الحفظ يضعف، والنسيان يعرض.
قوله:«لاسيما بدائع» الأفصح في هذا أن تكون مرفوعة بعد لاسيما، يجوز النصب ولكن الأحسن الرفع.
ومعني الكلام: أنه يحث على كتابة هذه الأشياء، بدائع الفوائد التي تعرض للإنسان حتى لا ينساها وكذلك أيضا ولاسيما إذا كانت في غير مظانها لأنك أحيانا تبحث عن مسألة تظنها مثلا في باب الصيد وهي مذكورة في مكان آخر، فإذا ذكرت في مكان آخر فقيدها، وكذلك أيضا«خبايا الزوايا في غير مساقها» وهي بمعني الجملة الأولي. و«درر منثورة تراها» وتسمعها تخشي فواتها. وهذه أيضا مسائل تعرض لك أو تعرض في كتب أهل العلم وهي منثورة، فهذه يجب أن تجمعها وتجعلها في كتاب.
قالالشَّعْبِيَُ:«إذا سمعت شيئا، فاكتبه، ولو في الحائط». رواه خيثمة.
وإذا اجتمع لديك ما شاء الله أن يجتمع، فرتبه في (تذكرة) أو (كُناش) على الموضوعات، فإنه يسعفك في أضيق الأوقات التي قد يعجز عن الإدراك فيها كبار الأثبات.
وهل الأولى أن ترتبها على الموضوعات أو أن ترتبها على ألف وباء؟ نرى أنه على ألف باء أحسن، وذلك لأن ترتيبها على الموضوعات تختلف فيه كتب العلماء، تجد مثلا: ترتيب الحنابلة يفترق عن الشافعية لاسيما في المعاملات، بل إن نفس المذهب الواحد يختلف ترتيبه. ترتيب المتقدمين منهم والمتأخرين.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2109)

« شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)»

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
27- حفْظُ العلْمِ كتابةً :
ابْذُل ْالْجَهْدَ في حِفْظِ العلْمِ ( حِفْظَ كتابٍ ) ؛ لأنَّ تقييدَ العلْمِ بالكتابةِ أمانٌ من الضياعِ ، وقَصْرٌ لمسافةِ البحْثِ عندَ الاحتياجِ ، لا سِيَّمَا في مسائلِ العِلْمِ التي تكونُ في غيرِ مَظَانِّها ، ومن أَجَلِّ فوائدِه أنه عندَ كِبَرِ السنِّ وضَعْفِ الْقُوَى يكونُ لديكَ مادَّةٌ تَسْتَجِرُّ منها مادَّةً تَكْتُبُ فيها بلا عَناءٍ في البَحْثِ والتَّقَصِّي .
ولذا؛ فاجْعَلْلك ( كُناشًا ) أو ( مُذَكِّرَةً ) لتقييدِ الفوائدِ والفرائدِ والأبحاثِ الْمَنثورةِ في غيرِ مَظَانِّها ، وإن اسْتَعْمَلْتَ غُلافَ الكتابِ لتَقييدِ مافيه من ذلك ؛ فحَسَنٌ ، ثم تَنْقُلُ ما يَجْتَمِعُ لك بعدُ في مُذَكِّرَةٍ ؛ مُرَتِّبًا له على الموضوعاتِ مُقَيِّدًا رأسَ المسألةِ ، واسمَ الكتابِ ، ورقْمَ الصفحةِ والمجلَّدِ ، ثم اكْتُبْ على ما قَيَّدْتَه : ( نُقِلَ ) ؛ حتى لايَخْتَلِطَ بما لم يُنْقَلْ كما تَكتُبُ : ( بلَغَ صفحةَ كذا ) فيما وَصَلْتَ إليه من قراءةِ الكتابِ حتى لا يَفُوتَك ما لم تَبْلُغْه قراءةً .
وللعلماءِ مؤَلَّفَاتٌ عدَّةٌ في هذا ؛ منها : ( بدائعُ الفوائدِ ) لابنِ القَيَّمِ و( خَبايَا الزوايا ) للزَّرْكَشيِّ ، ومنها : كتابُ ( الإغفالِ ) ، و( بَقَاياالْخَبَايا ) وغيرُها ، وعليه فَقَيِّدِ العِلْمَ بالكتابِ لا سِيَّمَا بدائعَ الفوائدِ في غيرِ مَظَانِّها ، وخَبَايَا الزوايا في غيرِ مَسَاقِها ، ودُرَرًا مَنثورةً تَراهَا وتَسْمَعُها تَخْشَى فَوَاتَها … وهكذا ؛ فإنَّ الْحِفْظَ يَضْعُفُ ، والنسيانَ يَعْرِضُ .قال َالشعبيُّ : ( إذا سَمِعْتَ شيئًا ؛ فاكْتُبْهُ ولو في الحائطِ) .رواه خَيثَمَةُ .
وإذا اجْتَمَعَ لديك ماشاءَ اللهُ أن يَجْتَمِعَ ؛ فرَتِّبْهُ في ( تَذْكِرَةٍ ) أو ( كُناشٍ ) على الموضوعاتِ ؛ فإنه يُسْعِفُكَ في أَضْيَقِ الأوقاتِ التي قد يَعْجِزُ عن الإدراكِ فيها كِبارُ الأثباتِ .
الشيخ :
هذه من آداب طالب العلم ؛ تقييد الفوائد الفرائد وكتابتها ، فإنّ الإنسان تمرّ به حال كتابته مسائل في غير مظانّها ، وتمرّ به مسائل وفوائد لا يتوقع مرورها عليه في ذلك الموطن ، وكذلك تمرّ على الإنسان معلومات غرائب بحيث تلفت ذهنه لفتا ، وتجرّ نفسه إلى تذكرها ومعرفتها ، والإنسان ينسى ، فيحسن به أن يقيّد هذه الفوائد سواء كانت غريبة عليه أو عجيبة لديه أو كانت في غير مواطن بحثها ، بحيث يسهل عليه مراجعتها ، والكتابة للعلم جاءت به الشريعة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "اكتبوا لأبي شاه" ، ويدل على هذا أنّ الله عز وجل قد كتب ما هو كائن إلى قيام الساعة ، ولم يكتف بذلك بكونه محفوظا.
وقال : جاء في الحديث: "أنّ الله عز وجل لما خلق الخلق كتب في كتاب فهو عنده ؛ أنّ رحمتي سبقت غضبي" وقد أُثرت كتابة عدد من الأحاديث عن جماعة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في عهد النبوة بإقراره صلى الله عليه وسلم ، إذا تقرر هذا ، فإنّ الكتابة تفيد إبعاد النسيان عن الإنسان ، وتذكيره بأدنى لفتة بما كان يعرفه في الوقت السابق ، وتعينه حال كبره وفترة نسيانه ، فإنّ الإنسان عند كبر سنه إذا كان قد وضع مادة علميّة تختصر له المعلومات ؛ فإنه بذلك يتمكّن من مراجعة هذا الجزء فيكون حافظا لعلمه.
ومن هنا أمر المؤلف بوضع مذكرة لتقييد الفوائد والفرائد والمسائل التي تُبحث في غير مظانّها ، ومن أنواع ذلك أن يكتب الإنسان هذه الكتابة في أول الكتب التي تمر عليه ، وينبغي فيه أن يُقيّد رأس المسألة في أول هذه الفائدة ثم ما نُقل منه من كتاب ورقم صفحته وجزئه ، ثم بعد ذلك إذا نقل هذه المعلومات التي في أول الكتاب وفي غلاف الكتاب إلى دفتره الأصلي ، بيّن أنها قد نُقلت إلى ذلك الدفتر حتى لا تختلط ما نُقل مما لم يُنقل ، وقد ذكر المؤلف أنّ هذه الطريقة استخدمها بعض أهل العلم فكانت سببا في شهرة كتبهم ، ومن ذلك كتاب (بدائع الفوائد) لابن القيم ، و(خبايا الزوايا) للزركشي.
في (بدائع الفوائد) نقل المؤلف ابن القيم رحمه الله فوائد متنوعة ، بعضها بلاغية ، وبعضها حديثية ، وبعضها نحوية ، وبعضها عقدية في هذا الكتاب.
وفي (خبايا الزوايا) اعتنى الزركشي بالمسائل الفقهية التي تُبحث في غير مظانّها.
ذكر المؤلف كلام الشعبي قال: (إنّ الحفظ يضعف ، والنسيان يعرض ، قال الشعبي: "إذا سمعت شيئا فاكتبه ولو في الحائط") وكان الشعبي من أكثر الناس حفظا ، وكان له قوة غريبة في الحفظ ، ومع ذلك أمر بالكتابة ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2109)

أم أبي التراب
02-01-2015, 04:01 AM
مجلس 57
27-حفْظُ العلْمِ كتابةً :
*ابْذُلْ الْجَهْدَ في حِفْظِ العلْمِ ( حِفْظَ كتابٍ ) ؛ لأنَّ تقييدَ العلْمِ بالكتابةِ أمانٌ من الضياعِ ، وقَصْرٌ لمسافةِ البحْثِ عندَ الاحتياجِ ، لا سِيَّمَا في مسائلِ العِلْمِ التي تكونُ في غيرِ مَظَانِّها ، ومن أَجَلِّ فوائدِه أنه عندَ كِبَرِ السنِّ وضَعْفِ الْقُوَى يكونُ لديكَ مادَّةٌ تَسْتَجِرُّ منها مادَّةً تَكْتُبُ فيها بلا عَناءٍ في البَحْثِ والتَّقَصِّي .

ولذا ؛ فاجْعَلْ لك ( كُناشًا ) أو ( مُذَكِّرَةً ) لتقييدِ الفوائدِ والفرائدِ والأبحاثِ الْمَنثورةِ في غيرِ مَظَانِّها ، وإن اسْتَعْمَلْتَ غُلافَ الكتابِ لتَقييدِ ما فيه من ذلك ؛ فحَسَنٌ ، ثم تَنْقُلُ ما يَجْتَمِعُ لك بعدُ في مُذَكِّرَةٍ ؛ مُرَتِّبًا له على الموضوعاتِ مُقَيِّدًا رأسَ المسألةِ ، واسمَ الكتابِ ، ورقْمَ الصفحةِ والمجلَّدِ ، ثم اكْتُبْ على ما قَيَّدْتَه : ( نُقِلَ ) ؛ حتى لا يَخْتَلِطَ بما لم يُنْقَلْ كما تَكتُبُ : ( بلَغَ صفحةَ كذا ) فيما وَصَلْتَ إليه من قراءةِ الكتابِ حتى لا يَفُوتَك ما لم تَبْلُغْه قراءةً شرح الشيخ العثيمين
«ابذل» همزة وصل، لكن عند الابتداء بها تكون همزة قطع. بذل الجهد في الكتابة مهم، لا سيما في نوادر المسائل أو في التقسيمات التي لا تجدها في بعض الكتب.
كم من مسألة نادرة مهمة لا يقيدها اعتمادا على أنه يقول: إن شاء الله لا أنساها. فإذا به ينساها ويتمنى لو كتبها، ولكن احذر أن تكتب على كتابك على هامشه أو بين سطوره، كتابة تطمس الأصل فإن بعض الناس يكتب على هامش الكتاب أو بين سطوره كتابة تطمس الأصل، لكن يجب إذا أردت أن تكتب على كتابك أن تجعله على الهامش البعيد من الأصل لئلا يلتبس هذا بهذا، فإن لم يتيسر هذا، كأن ما تريد تعليقه أكثر من الهامش فلا ضير عليك أن تجعل ورقة بيضاء تلصقها بين الورقات وتشير إلى موضعها من الأصل وتكتب ما شئت، وكان طلبة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله يحدثوننا أنهم يأخذون مذكرات صغيرة يجعلونها في الجيب كلما ذكر الإنسان منهم مسألة قيدها، إما فائدة علم في خاطر، أو مسألة يسأل عنها الشيخ فيقيدها، فاستفادوا بذلك كثيرا. ولذا، فاجعل لك (كناشا) أو (مذكرة) لتقييد الفوائد والفرائد والأبحاث المنثورة في غير مظانها، وإن استعملت غلاف الكتاب لتقييد ما فيه من ذلك، فحسن، ثم تنقل ما يجمع لك بعد في مذكرة، مرتبا له على الموضوعات، مقيدا رأس المسألة، واسم الكتاب، ورقم الصفحة والمجلد، ثم اكتب على ما قيدته :«نقل»، حتى لا يختلط بما لم ينقل، كما تكتب :«بلغ صفحة كذا» فيما وصلت إليه من قراءة الكتاب حتى لا يفوتك ما لم تبلغه قراءة.

*وللعلماءِ مؤَلَّفَاتٌ عدَّةٌ في هذا ؛ منها : ( بدائعُ الفوائدِ ) لابنِ القَيَّمِ و( خَبايَا الزوايا ) للزَّرْكَشيِّ ، ومنها : كتابُ ( الإغفالِ ) ، و( بَقَايا الْخَبَايا ) وغيرُها ، ومنها أيضا «صيد الخاطر» لابن الجوزي، لكن أحسن ما رأيت «بدائع الفوائد» لأبن القيم أربعة أجزاء في مجلدين، فيها من بدائع العلوم ما لا تكاد تجده في كتاب أخر لكل فن. كل ما طرأ على باله قيده، لذلك تجد فيه من العقائد في التوحيد، في الفقه، في النحو، في البلاغة، في التفسير، في كل شيء.
أحيانا يبحث في كلمة من الكلمات اللغوية في صفحة تحليلا وتفريعا واشتقاقا وغير ذلك. بحث بحثا بالغا في الفرق بين «المدح والحمد»، كتب كتابة فائقة في ذلك، وقال: كان شيخنا إذا بحث في مثل هذا أتى بالعجب العجاب لكنه كما قيل:
تألق البرق نجديا فقلت له=إليك عني فإني عنك مشغولا


يعني رحمه الله مشغول بما هو أهم من التحقق في اللغة العربية وإلا فهو- شيخ الإسلام – رحمه الله آية في اللغة العربية، لما قدم مصر اجتمع بأبي حيان المصري الشهير صاحب «البحر المحيط» في التفسير، وكان أبو حيان يثني على شيخ الإسلام ثناء عطرا، ويمدحه بقصائد عصامية، ومن جملة ما يقول فيه:

قام ابن تيمية في نصر شريعتنامقام سيد يتم إذ عصت مضر


يعني أبي بكر يوم الردة. فلما قدم مصر شيخ الإسلام اجتمع بهذا الرجل- أبي حيان- وتناظر معه في مسألة نحوية واحتج عليه أبو حيان بقول سيبويه في كتابه، قال إن سيبويه في كتابه قال كذا وكذا. فكيف تخالفه؟.
فقال له شيخ الإسلام:«وهل سيبويه نبي النحو؟!» يعني: حتى يجب علينا اتباعه، ثم قال:«لقد غلط في الكتاب في أكثر من 80 موضعا لا تعلمها أنت ولا هو». سبحان الله !! هكذا يقول لسيد النحاة.
يقال: إن أبا حيان بعد ذلك أخذ عليه وصار بنفسه فأنشأ قصيدة يهجوه فيها.
عفا الله عنا وعنهم جميعا. المهم أن كتاب «بدائع الفوائد» من أجمل الكتب، فيه فوائد لا تجدها في غيره.
وعليه، فقيد العلم بالكتاب، لاسيما بدائع الفوائد في غير مظانها، وخبايا الزوايا في غير مساقها، ودررا منثورة تراها وتسمعها تخشي فواتها...... وهكذا، فإن الحفظ يضعف، والنسيان يعرض.
قوله:«لاسيما بدائع» الأفصح في هذا أن تكون مرفوعة بعد لاسيما، يجوز النصب ولكن الأحسن الرفع.
ومعني الكلام: أنه يحث على كتابة هذه الأشياء، بدائع الفوائد التي تعرض للإنسان حتى لا ينساها وكذلك أيضا ولاسيما إذا كانت في غير مظانها لأنك أحيانا تبحث عن مسألة تظنها مثلا في باب الصيد وهي مذكورة في مكان آخر، فإذا ذكرت في مكان آخر فقيدها، وكذلك أيضا«خبايا الزوايا في غير مساقها» وهي بمعني الجملة الأولي. و«درر منثورة تراها» وتسمعها تخشي فواتها. وهذه أيضا مسائل تعرض لك أو تعرض في كتب أهل العلم وهي منثورة، فهذه يجب أن تجمعها وتجعلها في كتاب.
قال الشعبي:«إذا سمعت شيئا، فاكتبه، ولو في الحائط». رواه خيثمة.
وإذا اجتمع لديك ما شاء الله أن يجتمع، فرتبه في (تذكرة) أو (كناش) على الموضوعات، فإنه يسعفك في أضيق الأوقات التي قد يعجز عن الإدراك فيها كبار الأثبات.
وهل الأولى أن ترتبها على الموضوعات أو أن ترتبها على ألف وباء؟ نرى أنه على ألف باء أحسن، وذلك لأن ترتيبها على الموضوعات تختلف فيه كتب العلماء، تجد مثلا: ترتيب الحنابلة يفترق عن الشافعية لاسيما في المعاملات، بل إن نفس المذهب الواحد يختلف ترتيبه. ترتيب المتقدمين منهم والمتأخرين.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2109)

مجلس 58
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
27- حفْظُ العلْمِ كتابةً :
ابْذُل ْالْجَهْدَ في حِفْظِ العلْمِ ( حِفْظَ كتابٍ ) ؛ لأنَّ تقييدَ العلْمِ بالكتابةِ أمانٌ من الضياعِ ، وقَصْرٌ لمسافةِ البحْثِ عندَ الاحتياجِ ، لا سِيَّمَا في مسائلِ العِلْمِ التي تكونُ في غيرِ مَظَانِّها ، ومن أَجَلِّ فوائدِه أنه عندَ كِبَرِ السنِّ وضَعْفِ الْقُوَى يكونُ لديكَ مادَّةٌ تَسْتَجِرُّ منها مادَّةً تَكْتُبُ فيها بلا عَناءٍ في البَحْثِ والتَّقَصِّي .
ولذا؛ فاجْعَلْلك ( كُناشًا ) أو ( مُذَكِّرَةً ) لتقييدِ الفوائدِ والفرائدِ والأبحاثِ الْمَنثورةِ في غيرِ مَظَانِّها ، وإن اسْتَعْمَلْتَ غُلافَ الكتابِ لتَقييدِ مافيه من ذلك ؛ فحَسَنٌ ، ثم تَنْقُلُ ما يَجْتَمِعُ لك بعدُ في مُذَكِّرَةٍ ؛ مُرَتِّبًا له على الموضوعاتِ مُقَيِّدًا رأسَ المسألةِ ، واسمَ الكتابِ ، ورقْمَ الصفحةِ والمجلَّدِ ، ثم اكْتُبْ على ما قَيَّدْتَه : ( نُقِلَ ) ؛ حتى لايَخْتَلِطَ بما لم يُنْقَلْ كما تَكتُبُ : ( بلَغَ صفحةَ كذا ) فيما وَصَلْتَ إليه من قراءةِ الكتابِ حتى لا يَفُوتَك ما لم تَبْلُغْه قراءةً .
وللعلماءِ مؤَلَّفَاتٌ عدَّةٌ في هذا ؛ منها : ( بدائعُ الفوائدِ ) لابنِ القَيَّمِ و( خَبايَا الزوايا ) للزَّرْكَشيِّ ، ومنها : كتابُ ( الإغفالِ ) ، و( بَقَاياالْخَبَايا ) وغيرُها ، وعليه فَقَيِّدِ العِلْمَ بالكتابِ لا سِيَّمَا بدائعَ الفوائدِ في غيرِ مَظَانِّها ، وخَبَايَا الزوايا في غيرِ مَسَاقِها ، ودُرَرًا مَنثورةً تَراهَا وتَسْمَعُها تَخْشَى فَوَاتَها … وهكذا ؛ فإنَّ الْحِفْظَ يَضْعُفُ ، والنسيانَ يَعْرِضُ .قال َالشعبيُّ : ( إذا سَمِعْتَ شيئًا ؛ فاكْتُبْهُ ولو في الحائطِ) .رواه خَيثَمَةُ .
وإذا اجْتَمَعَ لديك ماشاءَ اللهُ أن يَجْتَمِعَ ؛ فرَتِّبْهُ في ( تَذْكِرَةٍ ) أو ( كُناشٍ ) على الموضوعاتِ ؛ فإنه يُسْعِفُكَ في أَضْيَقِ الأوقاتِ التي قد يَعْجِزُ عن الإدراكِ فيها كِبارُ الأثباتِ .
الشيخ :
هذه من آداب طالب العلم ؛ تقييد الفوائد الفرائد وكتابتها ، فإنّ الإنسان تمرّ به حال كتابته مسائل في غير مظانّها ، وتمرّ به مسائل وفوائد لا يتوقع مرورها عليه في ذلك الموطن ، وكذلك تمرّ على الإنسان معلومات غرائب بحيث تلفت ذهنه لفتا ، وتجرّ نفسه إلى تذكرها ومعرفتها ، والإنسان ينسى ، فيحسن به أن يقيّد هذه الفوائد سواء كانت غريبة عليه أو عجيبة لديه أو كانت في غير مواطن بحثها ، بحيث يسهل عليه مراجعتها ، والكتابة للعلم جاءت به الشريعة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "اكتبوا لأبي شاه" ، ويدل على هذا أنّ الله عز وجل قد كتب ما هو كائن إلى قيام الساعة ، ولم يكتف بذلك بكونه محفوظا.
وقال : جاء في الحديث: "أنّ الله عز وجل لما خلق الخلق كتب في كتاب فهو عنده ؛ أنّ رحمتي سبقت غضبي" وقد أُثرت كتابة عدد من الأحاديث عن جماعة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم في عهد النبوة بإقراره صلى الله عليه وسلم ، إذا تقرر هذا ، فإنّ الكتابة تفيد إبعاد النسيان عن الإنسان ، وتذكيره بأدنى لفتة بما كان يعرفه في الوقت السابق ، وتعينه حال كبره وفترة نسيانه ، فإنّ الإنسان عند كبر سنه إذا كان قد وضع مادة علميّة تختصر له المعلومات ؛ فإنه بذلك يتمكّن من مراجعة هذا الجزء فيكون حافظا لعلمه.
ومن هنا أمر المؤلف بوضع مذكرة لتقييد الفوائد والفرائد والمسائل التي تُبحث في غير مظانّها ، ومن أنواع ذلك أن يكتب الإنسان هذه الكتابة في أول الكتب التي تمر عليه ، وينبغي فيه أن يُقيّد رأس المسألة في أول هذه الفائدة ثم ما نُقل منه من كتاب ورقم صفحته وجزئه ، ثم بعد ذلك إذا نقل هذه المعلومات التي في أول الكتاب وفي غلاف الكتاب إلى دفتره الأصلي ، بيّن أنها قد نُقلت إلى ذلك الدفتر حتى لا تختلط ما نُقل مما لم يُنقل ، وقد ذكر المؤلف أنّ هذه الطريقة استخدمها بعض أهل العلم فكانت سببا في شهرة كتبهم ، ومن ذلك كتاب (بدائع الفوائد) لابن القيم ، و(خبايا الزوايا) للزركشي.
في (بدائع الفوائد) نقل المؤلف ابن القيم رحمه الله فوائد متنوعة ، بعضها بلاغية ، وبعضها حديثية ، وبعضها نحوية ، وبعضها عقدية في هذا الكتاب.
وفي (خبايا الزوايا) اعتنى الزركشي بالمسائل الفقهية التي تُبحث في غير مظانّها.
ذكر المؤلف كلام الشعبي قال: (إنّ الحفظ يضعف ، والنسيان يعرض ، قال الشعبي: "إذا سمعت شيئا فاكتبه ولو في الحائط") وكان الشعبي من أكثر الناس حفظا ، وكان له قوة غريبة في الحفظ ، ومع ذلك أمر بالكتابة ، نعم. آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2109)
السؤال الأول : ما معنى الكناش ؟
الجواب : الكُنَّاش هو ما يسمى بالكشكول، وهو دفتر الفوائد.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2109)

أم أبي التراب
02-08-2015, 04:11 AM
تابع مجلس 58
1حديث أبي شاه أخرجه البخاري من حديث أَبُي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ:
"لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَإِنَّهَا لا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي فَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقِيدَ" فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِلا الإِذْخِرَ ".فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ : اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ "

البخاري:" اللقطة/2254 " -ومسلم :"الحج/1355 .
لراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2434- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%A8%D9%88%D8%A7% 20%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%20%D8%B4%D8%A7%D9%87)

قال ابن حجر : وَيُسْتَفَاد ..َ مِنْ قِصَّة أَبِي شَاه ( أكتبوا لأبي شاه ) أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي كِتَابَة الْحَدِيث عَنْهُ ,
وَهُوَ يُعَارِض حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "- لا تكتبُوا عني . ومن كتب عني غيرَ القرآنِ فليمْحُه . وحدِّثوا عني ، ولا حرجَ . ومَن كذب علَيَّ - قال همامٌ أحسبُه قال - متعمِّدًا فليتبوأْ مقعدَه من النارِ"
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 3004- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D9%8E%D9%83%D9%92 %D8%AA%D9%8F%D8%A8%D9%8F%D9%88%D8%A7+%D8%B9%D9%8E% D9%86%D9%91%D9%90%D9%8A+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
وَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ النَّهْي خَاصّ بِوَقْتِ نُزُول الْقُرْآن خَشْيَة اِلْتِبَاسه بِغَيْرِهِ , وَالإِذْن فِي غَيْر ذَلِكَ .
أَوْ أَنَّ النَّهْي خَاصّ بِكِتَابَةِ غَيْر الْقُرْآن مَعَ الْقُرْآن فِي شَيْء وَاحِد وَالإِذْن فِي تَفْرِيقهمَا ,
أَوْ النَّهْي مُتَقَدِّم وَالإِذْن نَاسِخ لَهُ عِنْد الأَمْن مِنْ الِالْتِبَاس وَهُوَ أَقْرَبهَا مَعَ أَنَّهُ لا يُنَافِيهَا .
وَقِيلَ النَّهْي خَاصّ بِمَنْ خُشِيَ مِنْهُ الاتِّكَال عَلَى الْكِتَابَة دُون الْحِفْظ , وَالإِذْن لِمَنْ أُمِنَ مِنْهُ ذَلِكَ ..
قَالَ الْعُلَمَاء . كَرِهَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كِتَابَة الْحَدِيث وَاسْتَحَبُّوا أَنْ يُؤْخَذ عَنْهُمْ حِفْظًا كَمَا أَخَذُوا حِفْظًا , لَكِنْ لَمَّا قَصُرَتْ الْهِمَم وَخَشِيَ الأَئِمَّة ضَيَاع الْعِلْم دَوَّنُوهُ ..أهـ "فتح الباري" 1/208
الإسلام سؤال وجواب (http://islamqa.info/ar/22394)

وهناك الكثير من النصوص التي تدل على أن الكتابة تمت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبإذن منه.. منها: "ما من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَدٌ أكثرَ حديثًا عنه مني ، إلا ما كان من عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، فإنه كان يَكتُبُ ولا أكتُبُ ".
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 113-خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D8%A5%D9%86%D9%87+%D9%83%D8%A7 %D9%86+%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8+%D9%88%D9%84%D8%A7 +%D8%A3%D9%83%D8%AA%D8%A8&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

- كُنتُ أَكْتبُ كلَّ شيءٍ أسمعُهُ مِن رسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - أُريدُ حفظَهُ ، فنَهَتني قُرَيْشٌ وقالوا: أتَكْتُبُ كلَّ شيءٍ تسمعُهُ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ بَشرٌ يتَكَلَّمُ في الغضَبِ، والرِّضى، فأمسَكْتُ عنِ الكتابِ، فذَكَرتُ ذلِكَ إلى رسول اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ فأومَأَ بأصبعِهِ إلى فيهِ، فقالَ: "اكتُب فوالَّذي نَفسي بيدِهِ ما يَخرُجُ منهُ إلَّا حقٌّ " . الراوي: عبدالله بن عمرو المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 800- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%86%D8%AA+%D8%A3%D9%83%D8%AA %D8%A8+%D9%83%D9%84+%D8%B4%D9%8A%D8%A1+%D8%A3%D8%B 3%D9%85%D8%B9%D9%87+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

وسمّى عبد الله بن عمرو صحيفته التي جمع فيها كتابته هذه "الصادقة"، واشتهرت هذه التسمية بين أهل العلم
فقد أورد الخطيب البغدادي في شأن صحيفة عبد الله بن عمرو ما يلي : " وكان عبد الله بن عمرو يسمي صحيفته التي كتبها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة . وكان يقول : " هذه الصادقة هذه ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليس بيني وبينه أحد ، إذا سلمت لي هذه ، وكتاب الله تبارك وتعالى والوهط - أرض تصدق بها عمرو بن العاص كان يقوم عليها - فما أبالي ما كانت عليه الدنيا "
مجلة البحوث الإسلامية (http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaDetails.aspx?View=Page&PageID=4438&PageNo=1&BookID=2&********name=)

والوهط هي أرض تصدق بها عمرو بن العاص (رضي الله عنه). كان عبد الله -رضي الله عنه- يقوم على رعايتها، وهذه الأرض كانت بستانا بالطائف

- " لما حُضِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قال، وفي البيتِ رجالٌ فيهم عمرُ بنُ الخطابِ، قال:" هلمَّ أكتبْ لكم كتابًا لن تضلوا بعدَه". قال عمرُ: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم غلبه الوجعُ، وعندَكم القرآنُ . فحسبنا كتابُ اللهِ. واختلفَ أهلُ البيتِ، اختصموا: فمنهم من يقولُ: قرِّبوا يكتبْ لكم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كتابًا لن تضلوا بعدَه ، ومنهم من يقولُ ما قال عمرُ، فلما أكثروا اللغطَ والاختلافَ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "قوموا عني ".
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7366 -خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D9%83%D8%AA%D8%A8+%D9%84%D9%8 3%D9%85+%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D9%84%D9%8 6&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

هو من فضائل عمر وفقهه وفهمه الثاقب لدين الله، ولو لم يوافق رأيه الصواب- كما وقع له في عدة مواقف معروفة- لما تنازل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكتابة مهما كان الأمر.
وننقل لك هنا بعض ما قاله أهل العلم في هذا الموضوع، فقد جاء في شرح مسلم للإمام النووي قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم همَّ بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك، ثم ظهر له أن المصلحة تركه أو أوحي إليه بذلك ونسخ ذلك الأمر الأول، وأما كلام عمر رضي الله عنه فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها واستحقوا العقوبة عليها؛ لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها، فقال عمر: حسبنا كتاب الله؛ لقوله تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء، وقوله: اليوم أكملت لكم دينكم، فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة، وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه. قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في أواخر كتابه دلائل النبوة: إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلبه الوجع، ولو كان مراده صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره؛ لقوله تعالى: بلغ ما أنزل إليك، كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه.
إسلام ويب (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=113249)

أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بالكتابة إلى الضحاك بن سفيان الكلابي أن يُورِّثَ امـرأة أشيم الضباني من ديته.
- كانَ عمرُ بنُ الخطَّابِ يقولُ : الدِّيةُ للعاقلَةِ ، ولا ترِثُ المرأةُ مِن ديَةِ زَوجِها شيئًا ، حتَّى قالَ لَهُ الضَّحَّاكُ بنُ سُفيانَ : كتبَ إليَّ رسولُ اللَّهِ صلّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أن أُوَرِّثَ امرأةَ أشْيَمَ الضِّبابيِّ مِن ديَةِ زَوجِها الراوي: سعيد بن المسيب - المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح أبي داود (http://dorar.net/book/13559?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2927- خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%85%D9%80%D8%B1%D8%A3%D8%A9+ %D8%A3%D8%B4%D9%8A%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

أم أبي التراب
02-14-2015, 05:04 AM
28- حِفْظُ الرِّعايةِ
*ابْذُل الوُسْعَ في حِفْظِ العلْمِ ( حفْظَ رِعايةٍ ) بالعمَلِ والاتِّباعِ ؛ قالَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَجِبُ على طالِبِ الحديثِ أن يُخْلِصَ نِيَّتَه في طَلَبِه ، ويكونَ قَصْدُه وَجْهَ اللهِ سبحانَه ، ولْيَحْذَرْ أن يَجْعَلَه سَبيلًا إلى نَيْلِ الأعراضِ ) ، وطريقًا إلى أَخْذِ الأعواضِ ؛ فقد جاءَ الوعيدُ لِمَن ابْتَغَى ذلك بعِلْمِه

شرح الشيخ العثيمين

- جاء الوعيد لمن طلب علما وهو يبتغي به وجه الله لغير الله لم يجد عرف الجنة، أي ريحها،
*" مَن تعلَّمَ علمًا مِمَّا يُبتَغى بِهِ وجهُ اللَّهِ ، لا يتعلَّمُهُ إلَّا ليُصيبَ بِهِ عرضًا منَ الدُّنيا ، لم يجِدْ عَرفَ الجنَّةِ يومَ القِيامَةِ يَعني ريحَها" الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني (http://dorar.net/hadith/mhd/1420?ajax=1) - المصدر: صحيح ابن ماجه (http://dorar.net/book/13560?ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 206 - خلاصة حكم المحدث: صحيح الدرر (http://dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%85+%D9%8A%D8%AC%D8%AF+%D8%B 9%D8%B1%D9%81+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
وما ذكره الخطيب البغدادي- رحمه الله- حق أن يخلص الإنسان النية في طلب العلم بأن ينوي امتثال أمر الله تعالى والوصول إلى ثواب طلب العلم وحماية الشريعة والذب عنها ورفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن غيره، كل هذه تدل على الإخلاص، ولا يكون قصده نيل الأعراض كالجاه والرئاسة والمرتبة، أو طريقا إلى أحد الأعواض كالمرتبات لا يريد هذا.
فإذا قال قائل: كل الذين يطلبون العلم في الكليات إنما يقصدون الشهادة ولذلك نرى بعضهم يريد الوصول إلى هذه الشهادات ولو بالباطل كالشهادات المزيفة والغش وما أشبه ذلك. فيقال يمكن للإنسان أن يريد الشهادة في الكلية مع إخلاص النية وذلك أن يريد الوصول إلى منفعة الخلق لأن من لم يحمل الشهادة لا يتمكن من أن يكون مدرسا أو مديرا أو ما أشبه ذلك مما يتوقف على نيل الشهادة.
فإذا قال: أنا أريد أن أنال الشهادة لأتمكن من التدريس في الكلية مثلا، ولولا هذه الشهادة ما درست. أريد الشهادة لأن أكون داعية، لأننا في عصر لا يمكن أن يكون الإنسان فيه داعيا إلى الله إلا بالشهادة.
فإذا كانت هذه نية الإنسان فهي نية حسنة لا تضر إن شاء الله هذا في العلم الشرعي. أما في العلم الدنيوي فانو فيه ما شئت مما أحله الله. لو تعلم الإنسان الهندسة وقال أريد أن أكون مهندسا ليكون الراتب 10 آلاف ريال. فهل هذا حرام؟
لا.. لماذا؟ لأن هذا علم دنيوي، كالتاجر يتاجر من أجل أن يحصل على ربح.

*ولْيَتَّقِّ المفاخَرَةَ والْمُباهاةَ به ، وأن يكونَ قَصْدُه في طَلَبِ الحديثِ نَيْلَ الرئاسةِ واتِّخاذَ الأتباعِ وعَقْدَ المجالِسِ ؛ فإنَّ الآفَةَ الداخلةَ على العُلماءِ أَكْثَرُها من هذا الوجْهِ .
- وقد جاء الوعيد فيمن طلب ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء. فأنت لا تقصد بعلمك المفاخرة والمباهاة، وأن يكون قصدك أن تصرف وجوه الناس إليك وما أشبه ذلك. هذه نيات سيئة، وهي ستحصل لك مع النية الصالحة إذا نويت نية صالحة، صرت إماما، صرت رئيسا يشير الناس إليك وأخذوا بقولك.
*ولْيَجْعَلْ حِفْظَه للحديثِ حِفْظَ رعايةٍ لا حِفْظَ روايةٍ ؛ فإنَّ رُواةَ العُلومِ كثيرٌ ، ورُعاتَها قَليلٌ ، ورُبَّ حاضرٍ كالغائبِ ، وعالِمٍ كالجاهِلِ ، وحاملٍ للحديثِ ليس معه منه شيءٌ إذ كان في اطِّرَاحِه لِحُكْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الذاهبِ عن مَعرفتِه وعِلْمِه .
-
ومعنى «رعاية» أن يفقه الحديث ويعمل به ويبينه للناس، لأن مجرد الحفظ بدون فقه للمعنى ناقص جدا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :«رب مبلغ أوعى من سامع» .
والمقصود بالأحاديث أو القرآن الكريم هو فقه المعنى حتى يعمل به الإنسان ويدعو إليه، ولكن الله سبحانه وتعالى بحكمته جعل الناس أصنافا، منهم راو فقط ولا يعرف من المعنى شيئا إلا شيء واضح بين لا يحتاج الناس إلى مناقشته فيه، لكنه في الحفظ والثبات قوي جدا، ومن الناس من أعطاه الله فهما وفقها لكنه ضعيف الحفظ إلا أنه يفجر ينابيع العلم من النصوص إلا أنه ضعيف الحفظ، ومن الناس من يعطيه الله الأمرين: قوة الحفظ وقوة الفقه، لكن هذا نادر، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لما أتاه الله تعالى من العلم والحكمة مطر أصاب أرضا فصارت الأرض ثلاثة أقسام:
قسم: قيعان ابتلعت الماء ولم تنبت الكلأ، فهذا مثل من أتاه الله العلم والحكمة ولكنه لم يرفع به رأسا ولم ينتفع به ولم ينفع به غيره.
والقسم الثاني- أرض أمسكت الماء ولكنها لم تنبت الكلأ. هؤلاء من الرواة، امسكوا الماء فسقوا الناس واستقوا وزرعوا، لكن هم أنفسهم ليس عندهم إلا حفظ هذا الشيء.
والأرض الثالثة- أرض رياض قبلت الماء فأنبتت العشب والكلأ فانتفع الناس وأكلوا وأكلت مواشيهم. وهؤلاء الذين من الله عليهم بالعلم والفقه، فنفعوا الناس وانتفعوا به.

*ويَنبغِي لطالِبِ الحديثِ أن يَتمَيَّزَ في عامَّةِ أمورِه عن طرائقِ العَوَامِّ باستمعالِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أَمْكَنَه ، وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِه ؛ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } اهـ .

«ينبغي» أحيانا يراد بها الوجوب، لكن الشائع في استعمالها أنها للندب. وهذا في الأمور التعبدية ظاهر. أنه ينبغي للإنسان أن يتميز باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمور الاتفاقية التي وقعت اتفاقا من غير قصد هل يشرع أن يتبعها الإنسان أم لا ؟
كان ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه يتبع ذلك، حتى أنه يتحرى المكان الذي نزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وبال فيه، فنزل ويبول. وإن لم يكن محتاجا للبول.
كل هذا من شدة تحريه لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن هذا قد خالف أكثر الصحابة فيه ورأوا أن ما وقع اتفاقا فليس بمشروع اتباعه للإنسان. ولهذا لو قال قائل: أيسن لنا الآن ألا نقدم مكة في الحج إلا في اليوم الرابع لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم في اليوم الرابع؟
الصحيح أنه لا يشرع لأنه وقع اتفاقا لا قصدا.
ما وقع عادة فهل يشرع لنا أن نتبعه فيه؟ مثلا: العمامة والرداء والإزار. نقول: نعم يشرع أن نتبعه فيه.
لكن ما معنى الاتباع. هل معناه اتباعه في عين ما لبس؟ أو اتباعه في جنس ما لبس؟ الجواب: الثاني. لأنه لبس ما اعتاده الناس في ذلك الوقت.
وعلى ذلك نقول: السنة لبس ما يعتاده الناس، ما لم يكن محرما، فإن كان محرما وجب اجتنابه ما وقع على سبيل التشهي فهل نتبعه فيه. كان عليه الصلاة والسلام يحب الحلوى، يحب العسل، يتتبع الدباء في الأكل. هل نتبعه في ذلك.
قال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء- يعني القرع- في الطعام، فمازلت أتتبعها منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبعها.
وعلى هذا فهل نقول من المشروع أنك تتبع الدباء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يتبعه أم لا؟
الظاهر أن هذا الاتباع فيه أحرى من الاتباع فيما سبقه- وهو ما وقع اتفاقا- لأن هذا لم يقع اتفاقا، حيث أننا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين يتتبعها أنه يتتبعها قصدا لا اتفاقا، ولا شك أن الإنسان إذا تتبع الدباء من على ظهر القصعة وهو يشعر أنه يفعل كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لا شك أن هذا يوجب له محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع آثاره وحينئذ نقول: إذا تتبعت هذا فإنك على الخير، وقد يكون في الدباء منفعة طبية، تسهل وتلين وتكون قدما للطعام.
قوله «باستعمال آثار» هذه العبارة فيها شيء من الركاكة، ولو قال «باتباع آثار» كما عبر بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية قال: من أصول أهل السنة والجماعة اتباع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا». وهذا هو اللفظ المطابق للقرآن ." قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "آل عمران31 .
أما استعمال الآثار فقد يتوهم واحد أن استعمال ثيابه وعمامته وما أشبه ذلك. لكن إذا قلنا اتباع آثار كان ذلك أحسن وأوضح.
وقوله :«توظيف السنن على نفسه» يراد بذلك أن يطبق توظيفها، بمعنى تطبيق السنن على نفسه لأن الله يقول: ""لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (سورة الأحزاب: 21).
ولو ذكر آخر الآية لكان أحسن ما هي "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "الأحزاب21
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2110)

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
28- حِفْظُ الرِّعايةِ :
ابْذُل الوُسْعَ في حِفْظِ العلْمِ ( حفْظَ رِعايةٍ ) بالعمَلِ والاتِّباعِ ؛ قالَ الْخَطيبُ البَغداديُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَجِبُ على طالِبِ الحديثِ أن يُخْلِصَ نِيَّتَه في طَلَبِه ، ويكونَ قَصْدُه وَجْهَ اللهِ سبحانَه ، ولْيَحْذَرْ أن يَجْعَلَه سَبيلًا إلى نَيْلِ الأعراضِ ) ، وطريقًا إلى أَخْذِ الأعواضِ ؛ فقد جاءَ الوعيدُ لِمَن ابْتَغَى ذلك بعِلْمِه .
ولْيَتَّقِّ المفاخَرَةَ والْمُباهاةَ به ، وأن يكونَ قَصْدُه فيطَلَبِ الحديثِ نَيْلَ الرئاسةِ واتِّخاذَ الأتباعِ وعَقْدَ المجالِسِ ؛ فإنَّ الآفَةَ الداخلةَ على العُلماءِ أَكْثَرُها من هذا الوجْهِ .
ولْيَجْعَلْ حِفْظَه للحديثِ حِفْظَ رعايةٍ لا حِفْظَ روايةٍ ؛ فإنَّ رُواةَ العُلومِ كثيرٌ ، ورُعاتَها قَليلٌ ، ورُبَّ حاضرٍ كالغائبِ ، وعالِمٍ كالجاهِلِ ، وحاملٍ للحديثِ ليس معه منه شيءٌ إذ كان في اطِّرَاحِه لِحُكْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الذاهبِ عن مَعرفتِه وعِلْمِه .
ويَنبغِي لطالِبِ الحديثِ أن يَتمَيَّزَ في عامَّةِ أمورِه عن طرائقِ العَوَامِّ باستعمالِ آثارِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أَمْكَنَه ، وتوظيفِ السُّنَنِ على نفسِه ؛ فإنَّ اللهَ تعالى يقولُ : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} اهـ .
الشيخ:
الأدب الثامن والعشرون من آداب طالب العلم أن يحفظ الطالب العلم من خلال رعايته، ورعاية العلم على أنواع :
أولها: أن يرعاه بالعمل ، بحيث كلما علم مسألة عمل بها ، وهذا يكون به قد عمل بعلمه ، وترك العمل بالعلم من أسباب غضب الله تعالى كما في سورة الفاتحة ، وقد جاء في الحديث أنّ رجلا كان يأمر الناس بالمعروف فألقي في نار جهنم على أقتابه فقيل له في ذلك : ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، قال : كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه.
وكثير من أهل العلم قد حذّر من هذا ، وجاء في حديث في السنن أنّ من لم يعمل بعلمه يُعذّب قبل عابد الوثن.
الطريقة الثانية لرعاية العلم : أن يكون مقصد الإنسان وجه الله والدار الآخرة ، فإنك إذا قصدت ذلك ، بارك الله في علمك ، وجعلك تحفظه ويبقى في ذهنك.
أما من قصد الدنيا، فإن الدنيا زائلة ، وما عُمل لله يبقى ، وما كان لغيره يفنى.
الطريقة الثالثة : الدعوة إلى ما لديك من العلم ، فإنّ هذا يُبقي العلم عندك ، فمتى كنت تدعو الناس ، وتُدَرِّسُهم ، وتعلمهم ، بقي العلم لديك ، ومتى أهملت ما لديك من العلم فلم تُراعي فيه ذلك ، ولم تدع إليه ، فإنه مع مرور الزمن ستنساه ، ولن يبقى عندك.
الأمر الرابع مما تحصل به رعاية العلم وحفظه : حفظ العلم رعايةً له ، ترك المفاخرة به ، فإنّ من فاخر بالعلم عاقبه الله بزوال ذلك العلم منه.
وكثير من الناس فاخر بما لديه من العلم فكان ذلك سببا من أسباب زوال العلم عنه ، لأنّ الله جل وعلا جعل من سيمة العلماء التواضع ، فمن فاخر بالعلم وترفّع به وقال : علمي أحسن من علم غيري ، وضعه الله جل وعلا، وانظر لقصة موسى عليه السلام لما قيل له: هل على الأرض أحد أعلم منك؟ فقال : نعم ، قال الله عز وجل : بلى عبدي الخضر أعلم منك.
الطريقة الخامسة من طرق حفظ العلم من جانب الرعاية : عدم الاستهزاء بالجهّال والضحك على تصرفاتهم ، فإنّ الإنسان متى استهزأ بالآخرين بكونهم لا يعلمون ، عاقبه الله بسلب العلم منه.
وقد جاء في الحديث : "لا تُظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" ، كما ورد ذلك في سنن الترمذي.
كذلك من طرائق حفظ العلم ورعايته : حفظ مكانة أهل العلم ، فإنك عندما تنتقص غيرك من العلماء فإن ذلك يكون سببا لعدم تمكينك من تحصيل العلم ، فإنّ الله جل وعلا جعل حملة العلم لهم مكانة وحرمة ، وجعل المعتدي لهم بالأذية يعاقب بالعقوبات الدنيوية والأخروية ، كما جاء في الحديث : "من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب" ، ولذلك يحفظ الإنسان سلا لسانه من الكلام في علماء الشريعة.
قال المؤلف: (وليتق المفاخرة والمباهاة به) يعني وصف النفس بالعلو لكونها قد اتصفت بالعلم.
(وأن يكون قصده في طلب الحديث نيل الرئاسة) وإنما ينوي بطلبه للحديث ، رضا رب العالمين ودخول الجنة.
قال : (وليجعل حفظه للحديث حفظ رعاية) وهذه وسيلة أخرى من وسائل حفظ العلم بالرعاية ، ألا وهي : التأمل والتدبر والتفكر في العلم الذي تعلّمته ، لتستفيد منه وتستخرج منه الفوائد ، فإنّ من يحفظ العلوم كُثر ، لكن من يستفيد منها ويأخذ منها الفوائد قليل ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رب حامل فقه ليس بفقيه ، رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
قال : (ورب) يعني يمكن أن يوجد حاضر يكون كالغائب ، بل قد يكون الغائب أكثر فهما وحفظا ومعرفة وإدراكا من الحاضر.
وفي مرّات يكون هناك عالم يحفظ المرويّات وتكون منزلته بمنزلة الجاهل لا يستفيد من ذلك العلم ، بل قد تكون منزلته أدنى من منزلة الجاهل.
قال : (ورب حامل للحديث ليس معه منه شيء ، إذا كان في اطراحه لحكمه) يعني ترك حكم الحديث.
(بمنزلة الذاهب عن معرفته وعلمه) يكون كالجاهل.
ونقول الصواب أنّ حامل العلم الذي لا يعمل به ، أقل درجة من الشخص الذي لا يحمل ذلك العلم ، لأنه إذا كان عندك عينان تتمكن من الإبصار بهما ، ثم بعد ذلك تغلق عينيك وتكون ممن يضرب في الأعمدة والجدران ، حال من كان كذلك أقل من الأعمى الذي يضرب في الأعمدة والجدران لعجزه عن الرؤية.
قال: (وينبغي لطالب الحديث أن يتميّز في عامّة أموره عن طرائق العوام ، باستعمال آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أمكنه ، وتوظيف السنن على نفسه بالعمل ، فإنّ الله تعالى يقول :"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" ، نعم.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2110)

أم أبي التراب
03-08-2015, 05:08 AM
29– تَعَاهُدُ المحفوظاتِ :القارئ:
تَعاهَدْ عِلْمَك من وَقتٍ إلى آخَرَ ؛ فإنَّ عَدَمَ التعاهُدِ عُنوانُ الذهابِ للعِلْمِ مهما كان
شرح الشيخ العثيمين:
الشيخ:
فإن عدم التعاهد عنوان الذهاب، يعني دليل الذهاب ، ولكن لو عبر بقوله :«فإن عدم التعاهد سبب الذهاب للعلم» لكان أولى لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها».
"تعاهَدوا هذا القرآنَ . فوالذي نفسُ محمدٍ بيدِه ! لهو أشَدُّ تفَلُّتًا من الإبِل في عُقُلِها . ولفظُ الحديثِ لابنِ برادٍ ".الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث : مسلم المصدر :صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 791 خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D9%88% D8%A7+%D9%87%D8%B0%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1% D8%A2%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
فيدل ذلك على أن عدم التعاهد سبب للنسيان، وليس عنوان الذهاب للعلم، لأن عنوان الشيء يكون بعد الشيء. وسبب الشيء يكون قبل الشيء، وعدم التعاهد سابق على عدم البقاء ، أي بقاء العلم، والخطب في هذا يسير إذا كان المعنى مفهوما ، فالأمر يسير بالنسبة للألفاظ .القارئ:
عن ابنِ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ رسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :(( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعْقَلَةِ ، إن عاهدَ عليها أَمْسَكَها وإن أَطْلَقَها ذَهَبَتْ )). رواه الشيخانِ ، ومالِكٌ في ( الْمُوَطَّأِ ) .
- إنما مَثَلُ صاحبِ القرآنِ كمَثَلِ صاحبِ الإبلِ المعقلةِ : إن عاهَد عليها أمسَكها ، وإن أطلَقها ذهبَتْالراوي : عبدالله بن عمر المحدث : البخاري المصدر :صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 5031 -خلاصة حكم المحدث : [صحيح]الدرر السنية (http://dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%86+%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF %D9%8E+%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87%D8%A7+%D8%A3%D9%8E %D9%85%D9%92%D8%B3%D9%8E%D9%83%D9%8E%D9%87%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

قالَ الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ رَحِمَه اللهُ : ( وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ مَن لم يَتَعَاهَدْ عِلْمَه ذَهَبَ عنه ، أيْ مَنْ كان ؛ لأنَّ عِلْمَهم كان ذلك الوَقْتَ القرآنَ لا غيرَ ، وإذا كان القرآنُ الْمُيَسَّرُ للذكْرِ يَذْهَبُ إن لم يُتَعَاهَدْ ؛ فما ظَنُّكَ بغيرِه من العلومِ المعهودةِ ؟! وخيرُ العلومِ ما ضُبِطَ أَصْلُه ، واسْتُذْكِرَ فَرْعُه ، وقادَ إلى اللهِ تعالى ودَلَّ على ما يَرضاهُ ) .
الشيخ:
( وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ مَن لم يَتَعَاهَدْ عِلْمَه ذَهَبَ عنه ) وهذا واضح أن من لم يتعاهد حفظه نسي وكما أن هذا في المعقول فهو أيضا في المحسوس فمن لم يتعاهد الشجرة بالماء تموت، أو تذبل ، وكذلك من لم يتعاهد أغصانها بالشتل ، تتكاثر ويفسد بعضها بعضا فلا تستقيم وكذلك العلوم
(خيرُ العلومِ ما ضُبِطَ أَصْلُه ، واسْتُذْكِرَ فَرْعُه ) يعني كأنه يرد على القواعد والأصول وأنا أحثكم دائما عليهما عليكم بالقواعد والأصول لأن المسائل الفقهية المتفرعة كتلاقط الجراد من أرض صحراء تضيع عليك لكن الذي عنده علم بالأصول هذا هو العالم من فاتته الأصول فاته الوصول.
القارئ:
وقالَ بعضُهم ( كلُّ عِزٍّ لم يُؤَكَّدْ بعِلْمٍ فإلى ذُلٍّ مَصيرُه ) اهـ .
الشيخ:
يعني غالبا ، وإلا فقد يكون الإنسان عزيزا بماله وإنفاقه ونفع الناس به فيبقى عزيزا إلى أن يموت ولكن في الغالب أن العز الذي لم يأكد بالعلم أنه يزول.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2111)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري

لقارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
29- تَعَاهُدُ المحفوظاتِ :
تَعاهَدْ عِلْمَك من وَقتٍ إلى آخَرَ ؛ فإنَّ عَدَمَ التعاهُدِ عُنوانُ الذهابِ للعِلْمِ مهما كان .
عن ابنِ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما أنَّ رسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعْقَلَةِ - قال الشيخ مصححا : الـمُعَقَّلَة كلاهما مشهور الـمُعَقَّلَة و الْمُعْقَلَةِ والـمُعَقَّلَة أشهر يعني المربوطة أقدامها ، يقومون بربط قدمي الإبل ، البعير من أجل ألا يتمكن من الهروب -، إن عاهدَ عليها أَمْسَكَها وإن أَطْلَقَها ذَهَبَتْ )).رواه الشيخانِ ، ومالِكٌ في ( الْمُوَطَّأِ) .
قال َالحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ رَحِمَه اللهُ : ( وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنَّ مَن لم يَتَعَاهَدْ عِلْمَه ذَهَبَ عنه ، أيْ مَنْ كان ؛ لأنَّ عِلْمَهم كان ذلك الوَقْتَ القرآنَ لا غيرَ ، وإذا كان القرآنُ الْمُيَسَّرُ للذكْرِ يَذْهَبُ إن لم يُتَعَاهَدْ ؛ فما ظَنُّكَ بغيرِه من العلومِ المعهودةِ ؟! وخيرُ العلومِ ما ضُبِطَ أَصْلُه ، واسْتُذْكِرَ فَرْعُه ، وقادَ إلى اللهِ تعالى ودَلَّ على ما يَرضاهُ ) اهـ . وقالَ بعضُهم ( كلُّ عِزٍّ لم يُؤَكَّدْ بعِلْمٍ فإلى ذُلٍّ مَصيرُه ) اهـ .
الشيخ :
هذا هو الأدب التاسع والعشرون من آداب طالب العلم ؛ تعاهد المحفوظات :
بحيث يكرر الإنسان ما يحفظه من وقت لآخر ، سواء كان هذا المحفوظ من كتاب الله عز وجل الذي ينبغي لطالب العلم أن يجعل له وردا يوميا من كتاب الله ، ولا ينبغي أن يقل ورده عن جزء في اليوم ليختم في كل شهر.
وهكذا يتعاهد ما يحفظه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون بذلك قد تمكن من حفظ هذه الأحاديث وتمكن بذلك من أن يكون داعيا إلى الله منطلقا في دعوته من النصوص الشرعية كتابا وسنة.
وهكذا يتعاهد ما يحفظه من فنون أهل العلم ومتونهم ، فإنك إذا لم تتعاهد هذه المحفوظات فإنها ستذهب ، فإذا كان القرآن مع عظمه ومع كونه ميسرا للذكر ، كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) إلا أنه مع ذلك إذا لم يتعاهده المرء فإنه يفوت ويُنسى.
فإنّ الله جل وعلا يغار على قلب العبد ، فإذا صرف العبد قلبه في تذكر محفوظاته ، ومن أولاها : كتاب الله ، فإنه حينئذ يبقى هذا المحفوظ ، وإذا كان القلب لا يشتغل بذكر الله ولا بقراءة كتابه ، غار الله على كتابه فلم يجعله باقيا في قلب ذلك العبد ، دلّ على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "تعاهدوا القرآن فلهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها"
وحديث ابن عمر : "إنما مثل صاحب القرآن –يعني حافظ القرآن- كمثل صاحب الإبل الـمُعَقّلَة –يعني المربوطة بالأقدام- إن عاهد عليها –يعني تفقّد هذا الرباط تمكن من إمساكها- وإن أطلقها .." ولم يربطها ولم يعقلها فإنّ هذه الإبل ستذهب وستكون من الإبل الشوارد.
ونقل المؤلف كلام الحافظ ابن عبد البر وهو هو مكانة ومنزلة علما وفضلا :
(قال: "وفي هذا الحديث دليل على أنّ من لم يتعاهد علمه) يعني لم يكرره ، ولم يعده مرة بعد أخرى ، سواء كانت الإعادة بقراءته أو بتكرار تدريسه أو بقراءة الناس عليه ذلك العلم.
(فإنّ من لم يتعاهد علمه ذهب عنه أي من كان ، لأنّ علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير) لأنه هو أساس العلوم ، ويبدو أنّ السنة أيضا كانت كذلك ، لكن السنة قد يعتبرها بعضهم تابعة أو مفسّرة، وقد يعتبرها بعضهم دليلا مستقلا.
(وإذا كان القرآن الميسّر للذكر يذهب إن لم يُتعاهد فما ظنّك بغيره من العلوم المعهودة) والعلوم لها أصول ، متى ضبطت الأصل ، ضبطت ما يترتب عليه من الفروع ، فاضبط الأصل واحفظه حفظا كاملا ، وبذلك تكون قد عرفت تلك الفروع وعرفت الرابط بينها ، ومن ضبط الأصل واستذكر الفرع ، بنية التقرب لله حصل حينئذ على رضا رب العالمين.
ثم ذكر قول بعضهم :
(كل عز لم يؤكد بعلم ، فإلى ذل مصيره) وذلك أنّ أيّ عز إذا لم يكن معه علم يقيد تصرفات صاحب ذلك العز بقيود الشريعة ، فإنّ الله جل وعلا سيعاقبه بسلب تلك النعمة ، لأنّ الله تعالى يقول : "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"إبراهيم 7 فمثلا : عز المال ، من كان عنده مال عزّ به ، فإن سار فيه على موجب الشريعة ، وعلى طرائقها فإنه حينئذ ستستمر تلك النعمة ، وسيبقى عزّه ، أما إذا لم يؤكد هذه بعلم وأصبح يتصرف فيها خبط عشواء فإنه حينئذ عمّا قريب في الدنيا سيزول عنه ذلك المال ، مهما كان صاحبه.
المثال الثاني : من كان عنده عز متعلق بمكانة وجاه ، فإن كان يصرفها ويصرفها في علم بقيت هذه النعمة ، وإن لم يكن له علم فإنها ستسلب منه هذه النعمة ، وسيصير إلى الذل ، وهكذا أيضا في بقية الأسباب المؤديّة إلى العز ، فإذا لم تؤكد بعلم ستئول بالإنسان إلى ذل ، وأنتم تشاهدون هذا في زمانكم ، تأملوا وتجدوه واضحا جليا.
انظر من كان عنده مال فعمل فيه بالشرع وأنفق منه في الخير بارك الله له في ماله ، وأبقى عزّه.
ومن أفسده ماله ثم أصبح يخبط بها خبط عشواء ، فإنه عما قريب سيفتقر ، وكم من إنسان شاهدتموه كان صاحب مال وعز ومكانة ثم بعد ذلك افتقر ، وشاهِدُ ذلك في كتاب الله قصة قارون.
وهكذا أيضا من كان عزه بوظيفة أو بعمل أو بجاه أو بمكانة أو بمنزلة أو بغير ذلك من الأسباب التي يعزّ الإنسان بها ، إذا لم يؤكّد ذلك العز بعلم ، فإنه عمّا قريب سيصير إلى ذلّ.
لعلنا نقف على هذا.
نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإيّاكم العلم النّافع والعمل الصالح اللهم أدبنا بآداب طلاب العلم اللهم أكسبنا العلم واجعلنا ممن يعمل به اللهم ياحي يا قيوم بارك لنا في علمنا وفي فهمنا وفي قدراتنا وفي حواسنا وفي أموالنا وفي أولادنا وفي أزواجنا وفي سائر أمورنا اللهم أصلح حال الأمة وردهم إليك ردا جميلا اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لما تحب وترضى اللهم وفق ولاة أمورنا لكل خير و اجعلهم من أسباب الهدى والتقى والصلاح والسعادة هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

سؤال : أحسن الله إليكم ....
الشيخ : من فضل الله عز وجل على العباد أن يسر لهم سبل طلب العلم ، وإذا كان العبد في زماننا لا يجد في قريته من يتصف بهذه الصفات أمكنه أن ينتقل ولو انتقالا مؤقتا ، خصوصا في زماننا هذا الذي توفرت فيه وسائل الإنتقال هذه السيارات ، وهذه طائرات ، وهذه المركوبات ، وهذه وسائل اتصال حديثة تمكن الإنسان بالإتصال بالعلماء ، وبإمكان الإنسان أن يستفيد رفقة صالحة بهذه الوسائل الحديثة للاتصال ، كم من صديقين تواصيا على طلب العلم من خلال هاتف أو من خلال انترنت أو غيرها .

سؤال : أحسن الله إليكم ...
الشيخ : من المعلوم أنّ المرأة لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) وسفر النساء مع محارمهن وارد من عهد النبوة ، و كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، وكذلك كما تقدم في وسائل الإتصال الحديثة ما يتمكن به النساء من التقرب لله عز وجل بطلب العلم من خلاله.

سؤال : أحسن الله إليكم ...
الشيخ : بعض الناس يقصر في حق المتأخرين ويقول إنهم لن يتمكنوا أن يأتوا بفائدة جديدة ويقولون ما ترك الأول للآخر ، يعني أنّ الأوائل قد استنفدوا جميع الفوائد وهذا كلام خاطئ ، بل هناك فوائد كثيرة يلهمها الله جل وعلا لمن جاء في الزمان المتأخر.

سؤال : أحسن الله إليكم ...
الشيخ : المقصود بهذا بأنّ من كان عنده همة عالية فإنّ الهمة العالية ستحركه إلى المقاصد والأهداف العالية ، ومن فقدت منه الهمة العالية فسيكون ذلك سالبا للمنافع والعلوم والمراتب النافعة والعالية.
نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لخيري الدنيا والآخرة هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2111)

أم أبي التراب
03-15-2015, 04:18 PM
30– التَّفَقُّهُ بتخريجِ الفروعِ على الأُصولِ :

من وراءِ الفِقْهِ : التَّفَقُّهُ ، ومُعْتَمِلُه هو الذي يُعَلِّقُ الأحكامَ بِمَدارِكِها الشرعيَّةِ .
وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ : أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( نَضَّرَ اللهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا ، فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ )) .
- نضَّرَ اللَّهُ امرأً سمعَ منَّا حديثًا فحفظَهُ حتَّى يبلِّغَهُ فربَّ حاملِ فقْهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منْهُ وربَّ حاملِ فقْهٍ ليسَ بفقيهٍ

الراوي : زيد بن ثابت المحدث : الألباني
المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 3660 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%86%D8%B6%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D9%84% D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=1420&s[]=0)

- نضَّرَ اللَّهُ عبدًا سمعَ مقالتي فحفِظَها ووعاها وأدَّاها فربَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ وربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منه وقال ثلاثٌ لا يُغَلُّ عليهنَّ قلبُ امرئٍ مسلمٍ إخلاصُ العملِ للَّهِ والنَّصيحةُ للمسلمينَ ولزومُ جماعتِهم فإنَّ دعوتَهم تحيطُ مِن ورائِهمالراوي : عبدالله بن مسعود المحدث : ابن حجر العسقلاني المصدر : تخريج مشكاة المصابيح الصفحة أو الرقم: 1/156 خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] الدرر السنية (http://www.dorar.net/h/779993bfae25822ee95ee99be46af32e?skeys=%D8%B1%D8%A 8+%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%84+%D9%81%D9%82%D9%87&st=a&xclude=)





الشيخ العثيمين:
«التفقه» يعني طلب الفقه، والفقه ليس العلم. بل هو إدراك أسرار الشريعة. وكم من إنسان عنده كثير ولكنه ليس بفقيه، ولهذا حذر ابن مسعود رضي الله عنه من ذلك فقال: «كيف لكم إذا كثر قراؤكم وقل فقهاؤكم».
الفقيه هو العالم بأسرار الشريعة وغاياتها وحكمها حتى يستطيع أن يرد الفروع الشاردة إلى الأصول الموجودة، ويتمكن من تطبيق الأشياء على أصولها، فيحصل له بذلك خير كثير.
قال: «نضر الله.. » نضر بمعنى: حسنه، ومنه قوله تعالى : (وجوه يومئذ ناضرة) (سورة القيامة: 22). أي: حسنه، وقوله تعالى : (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا) (سورة الإنسان: 11). نضرة: يعني حسنا في وجوههم، وسرورا في قلوبهم، فيجتمع لهم حسن الظاهر والباطن. لأن الإنسان قد يغتم قلبه، ووجهه قد أعطاه الله نضارة لكن سرعان ما تزول. ومن الناس من يكون قلبه مسرورا لكن لم يعطه الله نضارة الوجه، ومن الناس من يحصل له الأمران: السرور في القلب ونضارة في الوجه. وبذلك تتم النعمة.

قالَ ابنُ خَيْرٍ رَحِمَه اللهُ تعالى في فِقْهِ هذا الحديثِ : ( وفيه بيانُ أنَّ الفِقْهَ هو الاستنباطُ والاستدراكُ في معاني الكلامِ من طريقِ التَّفَهُّمِ ، وفي ضِمْنِه بيانُ وُجوبِ التفَقُّهِ ، والبحْثُ على معاني الحديثِ واستخراجُ الْمَكنونِ من سِرِّهِ ) اهـ .
وللشيخين ؛ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَهما اللهُ تعالى ، في ذلك القِدْحُ الْمُعَلَّى ، ومَن نَظَرَ في كُتُبِ هذين الإمامينِ ؛ سَلَكَ به النَّظَرُ فيها إلى التَّفَقُّهِ طَرِيقًا مُستَقِيمًا .
الشيخ العثيمين:

لا شك أن ما ذكره- وفقه الله- هو الصواب؛ أن الفقه هو استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة. لكن لا ينبغي أن يقتصر على الحديث، بل نقول من الأدلة في القرآن والسنة ودلالات القرآن أقوى من دلالات السنة وأثبت، لأنه لا يعتريه عيب النقل بالمعنى، وأما السنة فهي تنقل بالمعنى. وعلى هذا فيقال: «بالبحث عن معاني القرآن والحديث».
ومن أحسن من رأيت في استخراج الأحكام من الآيات شيخنا- رحمه الله- عبد الرحمن بن سعدي، فإنه يستخرج – أحيانا- من الآيات من الفقه ما لا تراه في كتاب آخر، وهذا الطريق- أعني طريق استنباط الأحكام من القرآن والسنة- هو طريق الصحابة، فما كانوا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلمونها، وما فيها من العلم والعمل. ثم أشار الشيخ بكر إلى شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم- رحمهم الله- وبيان ما يتوصلان إليه من الأحكام الكثيرة من الأدلة القليلة، وقد أعطاهما الله فهما عجيبا في القرآن والسنة.
ونضرب مثلا لهذا- أعني التفقه-، أن العلماء اتخذوا الحكم بأن أقل مدة الحمل ستة أشهر من قوله تعالى :(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (سورة الأحقاف:15).
ومن قوله : (وفصاله في عامين) (سورة لقمان: 14). فإن ثلاثين شهرا، عامان وستة أشهر، فإذا كان حمله وفصاله (ثلاثون شهرا) وفي الآية الآخرى (في عامين) لزم أن يكون الحمل أقله ستة أشهر.

ومن مَلِيحِ كلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى قولُه في مَجْلِسٍ للتَّفَقُّهِ : ( أَمَّا بعدُ ؛ فقد كُنَّا في مَجلِسِ التَّفَقُّهِ في الدِّينِ ، والنظَرِ في مَدارِكِ الأحكامِ المشروعةِ ؛ تَصويرًا ، وتَقريرًا ، وتَأصيلًا ، وتَفصيلًا ، فوقَعَ الكلامُ في ... فأقولُ : لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ ، هذا مَبْنِيٌّ على أَصْلٍ وفَصلَيْنِ ...)


واعْلَمْ أَرْشَدَك اللهُ أنَّ بينَ يَدَي التَّفَقُّهِ : ( التَّفَكُّرَ ) فإنَّ اللهَ - سبحانَه وتعالى – دعا عِبادَه في غيرِ ما آيةٍ من كتابِه إلى التحَرُّكِ بإجالةِ النظَرِ العميقِ في ( التَّفَكُّرِ ) في مَلكوتِ السماواتِ والأرضِ وإلى إن يُمْعِنَ المرءُ النظَرَ في نفسِه ، وما حولَه ؛ فَتْحًا للقُوَى العَقليَّةِ على مِصراعَيْهَا ، وحتى يَصِلَ إلى تَقويةِ الإيمانِ ، وتَعميقِ الأحكامِ والانتصارِ العِلْمِيِّ : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ } . وعليه فإنَّ ( التفَقُّهَ ) أبعَدُ مَدًى من ( التفَكُّرِ ) ؛ إذ هو حَصيلتُه وإنتاجُه ؛ وإلا { فَمَال هؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} .
لكنَّ هذا التَّفَقُّهَ مَحجوزٌ بالبُرهانِ ، مَحجورٌ عن التَّشَهِّي والْهَوَى : { وَلِئْنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }
العثيمين :

واعلم أرشدك الله أن بين يدي التفقه : (التفكر). فإن الله سبحانه وتعالى دعا عباده في غير ما آية من كتابه إلى التحرك بإجالة النظر العميق في (التفكر) في ملكوت السموات والأرض، وإلى أن يمعن النظر في نفسه، وما حوله، فتحا للقوى العقلية على مصراعيها، وحتى يصل إلى تقوية الإيمان، وتعميق الأحكام، والانتصار العلمي : (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) (سورة البقرة: 219). ، (قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون) (سورة الأنعام: 50).
وعليه، فإن «التفقه» أبعد مدى من (التفكر)، إذ هو حصيلته وإنتاجه، وإلا: (فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) (سورة النساء: 78). لكن هذا التفقه محجوز بالبرهان، محجوز عن التشهي والهوى: (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير) (سورة البقرة: 12).
إذا نقول : المراتب، أولا- العلم، ثم الفهم، ثم التفكير، ثم التفقه. لا بد من هذا، فمن لا علم عنده كيف يتفقه؟ وكيف يعلم... من عنده علم وليس عنده فهم.. كيف يتفقه؟ حتى لو حاول أن يتفقه وهو مما لا يفهم لا يمكن ذلك. بعد أن تفهم... تتفكر ما مدلول هذه الآيات؟ وما مدلول هذا الحديث؟ وتتفكر أيضا في أنواع الدلالة، وأنواع الدلالة ثلاثة:
دلالة المطابقة، ودلالة التضمن، ودلالة الالتزام.
فدلالة اللفظ على جميع معناه، دلالة مطابقة.
ودلالته على بعض معناه، دلالة تضمن.
ودلالته على لازم خارج، هذه دلالة التزام.
وهذا النوع الثالث من الدلالة هو الذي يختلف فيه الناس اختلافا عظيما، إذ قد يلتزم بعض الناس من الدليل ما لا يلزم، وقد يفوته ما يلزم. وبين ذلك تفاوت عظيم، فلا بد أن يعمل هذه الدلالات حينئذ يصل إلى درجة التفقه واستنباط الأحكام من أدلتها.
ويذكر أن الشافعي رحمه الله نزل ضيفا على الإمام أحمد بن حنبل- وأحمد تلميذ الشافعي وكان يثني عليه عند أهله- فقدم له العشاء فأكله كله ورد الصحفة.
خالية، فتعجب أهل أحمد كيف يأكل الطعام كله، والسنة أن الإنسان يأكل قليلا.
«حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» . لكن الشافعي أكل كل الطعام. هذه واحدة ثم إن الإمام أحمد انصرف إلى أهله ونام الشافعي فلما كان في آخر الليل قام يتهجد ولم يطلب ماء يتوضأ به، أو أظنه أنه لم يقم يتهجد، ثم أذن الفجر فخرج إلى الصلاة ولم يطلب ماء للوضوء، هذه اثنتان.
فلما أصبح قال أهل الإمام أحمد له كيف تقول في الشافعي ما تقول، والرجل أكل الطعام ونام وقام ولم يتوضأ كيف إذا؟
قال :«آتيكم بالخبر ..» فسأله. قال: فأما الطعام فلا أجد أحل من طعام الإمام أحمد بن حنبل فأردت أن أملأ بطني منه، أما كوني لم أتهجد فلأن التفكير في العلم أفضل من التهجد، وأنا جعلت أتفكر في العلم واستنبط من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «يا أبا عمير ما فعل النغير» . كذا وكذا ما أدري قال: مائة، أو ألف.
أما كوني لم أطلب ماء وأن خارج لصلاة الفجر، فلم أشأ أن أطلب ماء وأنا على وضوء. فذكر ذلك لأهله. فقالوا: الآن !!
**************
فيا أيُّها الطالبُ ! تَحَلَّ بالنظَرِ والتفَكُّرِ ، والفقْهِ والتفَقُّهِ ؛ لعلك أن تَتجاوَزَ من مَرحلةِ الفقيهِ إلى ( فقيهِ النفْسِ) كما يقولُ الفُقهاءُ ، وهو الذي يُعَلِّقُ الأحكامَ بِمَدارِكِها الشرعيَّةِ ، أو ( فقيهِ البَدَنِ ) كما في اصطلاحِ الْمُحَدِّثِينَ .

هناك فقه ثالث ظهر، وهو فقه الواقع الذي علق عليه بعض الناس العلم.
وقالوا: من لم يكن فقيها للواقع فليس بعالم، ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين». ثم غفلوا عن كون الإنسان يشتغل بفقه الواقع أن ذلك يشغله عن فقه الدين، بل ربما يشغله عن الاشتغال بالتعبد الصحيح، عبادة الله وحده وانصراف القلب إلى الله والتفكر في آياته الكونية والشرعية. والحقيقة أن انشغال الشباب بفقه الواقع صد لهم عن الفقه في دين الله، لأن القلب إذا امتلأ بشيء امتنع عن الآخر.
فانشغال الإنسان بالفقه في الدين وتحقيق العبادة والدين والإخلاص خيرا له من البحث عن الواقع، وماذا فعل فلان؟ وماذا فعل فلان، وربما يتلقون فقه الواقع من روايات ضعيفة أو موضوعة في وسائل الإعلام المسموعة أو المقرؤة أو المرئية أو يبنون ما يظنون فقه واقع على تقديرات وتخمينات يقدرها الإنسان، ثم يقول هذا فعل لهذا، ويعلل بتعليلات قد تكون بعيدة من الواقع.
أو ينظر إلى أشياء خطط لها أعداؤنا من قبل على واقع معين، تغير الواقع وزال بالكلية فبقيت هذه الخطط لا شيء.
والمهم أن فقه النفس، الذي هو صلاح القلب والعقيدة السليمة ومحبة الخير للمسلمين وما أشبه ذلك هذا ينبني عليه فقد البدن: معرفة هذا القول حلال أم حرام. هذا الفعل حلال أم حرام.

فأَجْلِ النظَرَ عندَ الوارداتِ بتَخريجِ الفُروعِ على الأصولِ ، وتَمامِ العنايةِ بالقواعدِ والضوابطِ . وأَجْمِعْ للنَّظَرِ في فَرْعٍ ما بينَ تَتَبُّعِه وإفراغِه في قالَبِ الشريعةِ العامِّ من قواعدِها وأصولِها الْمُطَّرِدَةِ ؛ كقواعدِ المصالِحِ ، ودفْعِ الضرَرِ والمشَقَّةِ وجَلْبِ التيسيرِ ، وسَدِّ بابِ الْحِيَلِ وسَدِّ الذرائعِ .

وهكذا هُدِيتَ لرُشْدِكَ أَبَدًا ؛ فإنَّ هذا يُسْعِفُكَ في مَواطِنِ الْمَضايِقِ وعليك بالتَّفَقُّهِ – كما أَسْلَفْتُ – في نصوصِ الشرْعِ ، والتبَصُّرِ فيما يَحُفُّ أحوالَ التشريعِ، والتأمُّلِ في مَقاصِدِ الشريعةِ ، فإنْ خَلَا فَهْمُك من هذا ، أو نَبَا سَمْعُكَ ؛ فإنَّ وَقْتَكَ ضائعٌ ، وإنَّ اسمَ الْجَهْلِ عليك لواقِعٌ وهذه الْخَلَّةُ بالذاتِ هي التي تُعطيكَ التمييزَ الدقيقَ ، والْمِعيارَ الصحيحَ ، لِمَدَى التحصيلِ والقُدرةِ على التخريجِ .
فالفقيهُ هو مَن تَعْرِضُ له النازلةُ لا نَصَّ فيها فيَقْتَبِسُ لها حُكْمًا ، والبَلاغِيُّ ليس من يَذْكُرُ لك أقسامَها وتَفريعاتِها ، لكنه مَن تَسْرِي بَصيرتُه البلاغيَّةُ في كتابِ اللهِ ، مَثَلًا ، فيُخْرِجُ من مَكنونِ عُلومِه وُجُوهَها وإن كَتَبَ أو خَطَبَ نَظَمَ لك عِقْدَها . وهكذا في العلومِ كافَّةً .

لا بد لطالب العلم من أصول يرجع إليها، والأصول الثلاثة: الأدلة من القرآن والسنة والقواعد والضوابط المأخوذة من الكتاب والسنة.

والمهم أن يكون لدى الإنسان علم بالقواعد والضوابط حتى ينزل عليها الجزئيات.

والفرق بين القاعدة والضابط:
أن الضابط يكون لمسائل محصورة معينة.
والقاعدة أصل يتفرع عليه أشياء كثيرة.

فالضابط أقل رتبة من القاعدة، كما يدل ذلك اللفظ، الضابط يضبط الأشياء ويجمعها في قالب واحد. والقاعدة أصل تفرع عنه الجزيئات.
قوله:«فأجل النظر عند الواردات بتخريج الفروع على الأصوال، وتمام العناية بالقواعد والضوابط» هذا من أهم ما يكون، أن الإنسان يجعل نظره أي فكره يتجول بتخريج الفروع على الأصول حتى يتمرن، لأن بعض الناس قد يحفظ القاعدة كما يحفظ الفاتحة ولكن لا يعرف أن يخرج عليها. وهذا لا شك نقص في التفكير. فلا بد من أن يجتهد ويجيل نظره بتخريج القواعد على الأصول.
قوله: «وأجمع للنظر في فرع ما بين تتبعه وإفراغه في قالب الشريعة العام...» وهذا أيضا مهم عند أهل الحديث. يأتي مثلا نص ظاهرة. الحكم بكذا لكن إذا تأملت في هذا النص وجدنه مخالفا للقواعد العامة من الشريعة، فما موقفك؟
نقول: لا بد أن نرجع إلى القواعد، ويحكم على هذا بما تقتضيه الحاجة. وكذلك قال العلماء فيما لو خالف الإنسان الثقة الثبت من هو أرجح منه، فإن حديثه هذا- وإن كان من حيث النظر إلى مجرد الطريق نحكم بصحته- نقول: إن هذا غير صحيح. لماذا؟ لأنه شاذ. والذي أوجب لكثير من المبتدئين في طلب العلم أن يسلكوا مسلكا شاذا هو هذا. أعني عدم النظر إلى القواعد والأصول الثابتة. وهذا أمر مهم، وذلك لأن الشريعة إنما جاءت لجلب المصالح الدينية والدنيوية ولدرء المفاسد أو تقليلها، سواء كانت المفاسد دينية أو دنيوية، ولهذا تجد أن الله عز وجل يقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة شرعا وقدرا.
تنزل الأمطار على الأرض، وهذا رجل تم بنيانه قريبا. هل يضره المطر أو لا؟ نعم يضره، لكن لا عبرة. لأن العبرة بالعموم.
وكذلك تنزل وهذا الرجل قد انتهي من السقي، والمعروف أن الزرع إذا أصابه الماء، مطرا كان أو سقي بعد الانتهاء من سقيه أنه يضره لكن العبرة بالعموم.
فهذه مسائل ينبغي لطالب العلم أن ينتبه لها، ولهذا قال الشيخ بكر رحمه الله ووفقه الله«وأصولها المطردة كقواعد المصالح».
وهنا نقف لنبين أن بعض الأصوليين أتى بدليل خامس: هو المصالح المرسلة.
فقال: الأدلة هي القرآن والسنة والقياس الصحيح والمصالح المرسلة.
وهذا غلط لأن هذه المصالح الذين يدعون أنها – مصالح مرسلة – إن كان الشرع قد شهد لها أنها مصالح مرسلة فهي من الشرع داخلة في عموم الشرع: كتاب أو سنة قياس كان أو إجماع، وإن لم تكن فيها مصالح شرعية فهي باطلة فاسدة الاعتبار، وحينئذ لا تؤصل أصلا، دليلا ندين الله بالتعبد به بدون دليل من القرآن والسنة. لأن كونك تؤصل أصلا يعني أنك تبني دينك على هذا.
وعلى هذا فتمسح أو فتنسخ ذكر المصالح المرسلة من الأدلة. لماذا؟ لأننا نقول: إن شهد الشرع بهذه المصلحة فهي ثابتة بالكتاب والسنة بعمومتها وقواعدها، وإن شهد ببطلانها فهي باطلة.
الآن من أهل البدع من ركب بدعته على هذا الدليل. قال: هذا من المصالح المرسلة. فالإنسان يحيي قلبه ويحركه بماذا؟ ببدعة صوفية وما أشبه ذلك وقال: نحن نطمئن الآن إذا أتينا بهذه الأذكار وعلى هذه الصفة ويضرب الأرض حتى تتغبر قدماه. قال: هذه مصلحة عظيمة تحرك القلوب.
ماذا نقول: لو قلنا باعتبار المصالح المرسلة كل واحد يدعي أن هذه المصلحة وأصل النزاع الذي أمر الله فيه بالرد إلى الكتاب والسنة أصله أن كل واحد يرى أن كل ما عليه مصلحة، وربما يماري ليكون قوله المقبول.
المهم أن قول الشيخ بكر «كقواعد المصالح» مراده بذلك المصالح الشرعية، فإن كان هذا مراده فهو حق، وإن كان يريد المصالح المرسلة فهو بعيد، لأنه قال بعد ذلك «ودفع الضرر والمشقة»، إنا كان يشير إلى المصالح المرسلة فقد علمت فساد ما يجعلها دليلا مستقلا.
وقوله :«ودفع الضرر» أين نجد من القرآن والسنة دفع الضرر؟ كثير، قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) (سورة النساء: 29). وهذه الآية تعم قتل النفس مباشرة بأن ينتحر الإنسان أو فعل ما يكون سببا للهلاك، ولهذا استدل عمرو بن العاص رضي الله عنه بهذه الآية على التيمم خوفا من البرد، مع أن البرد قد لا يميت الإنسان، ولكن قد يكون سببا لموته، استدل بها، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وضحك.
هذا من القرآن. وأيضا من القرآن قوله تعالى : (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) (سورة المائدة: 6). الشاهد قوله : (مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) لماذا يتيمم وهو مريض، يقدر أن يستعمل الماء؟ لكن لئلا يزاد مرضه أو يتأخر برأه.
ومن دفع المشقة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زحاما وهو في السفر، ورجلا قد ظلل عليه. فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم. قال:«ليس من البر الصيام في السفر» . مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم وهو مسافر، وهل يفعل غير البر ؟! لا لكن إذا وصلت الحال من المشقة فإنه ليس من البر، وإذا انتفى أن يكون من البر، فهو إما من الإثم وإما أن يكون من لا لك ولا عليك.
شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس عطاش وقد شق عليهم الصيام، لكنهم ينظرون متى، فدعا بماء بعد صلاة العصر ووضعه على فخده الشريفة، وجعل الناس ينظرون إليه، فأخذه وشرب، والناس ينظرون. ثم قيل له إن بعض الناس قد صام. فقال: «أولئك العصاة، أولئك العصاة».
هل ورد نهي أن يبقوا على صيامهم؟ لا، ولكن العموم ( ولا تقتلوا أنفسكم) (سورة النساء: 29). ، (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (سورة الحج: 78). إذا الشرع يراعي قواعد المصالح ودفع الضرر، دفع المشقة.
قوله :«وجلب التيسير» كل الإسلام تيسير، لكن هل اليسر هوما تيسر على كل شخص بعينه أو باعتبار العموم؟ باعتبار العموم. ومع ذلك إذا حصل للإنسان ما يقتضي التيسير وجد الباب مفتوحا: «صل قائما..». إذا هذا تيسير، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الدين يسر ولا يشاد الدين أحدا إلا غلبه».
كل الدين يسر، وكان إذا بعث البعوث يقول: «يسروا لا وتعسروا، بشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».
فالحمد لله. هذا الدين للإنسان دين يسر، وبناء على ذلك هل يتعمد الإنسان فعل العبادة على وجه يشق عليه أو أن يفعلها على الوجه الأيسر. أيهما أقرب إلى مقاصد الشريعة؟
الثاني، ولهذا لو أن رجلا في البرد حانت صلاة الفجر وعنده ماء، أحدهما ساخن والآخر بارد.
فقال أنا أريد أن أتوضأ بالماء البارد حتى أنال أجر إسباغ الوضوء على المكاره.
وقال الثاني أنا أريد أن أتوضأ بالماء الساخن حتى أوافق مراد الله الشرعي، حيث قال: (يريد الله بكم اليسر) (سورة البقرة: 185). أيهما أصوب؟ الثاني بالإجماع بلا شك هو الموافق للشريعة، لأن إسباغ الوضوء على المكاره ليس المراد منه أن يقتصد الإنسان ما يكره. المراد إذا لم يكن الوضوء إلا بمكروه.. يتوضأ هذا معناه.
وإلا لكان يقول أحجج البيت على قدميك... سر من أفغانستان إلى مكة على قدميك، فإن لم تفعل فعلى سيارة خربة، تمشي قليلا وتقف كثيرا لماذا؟ لأنها أشق.
فإن لم تستطع فعلى طيارة. ليس هذا بصحيح!! أيهما أفضل الطيارة لأنها أسهل وأيسر.
وأول ما خرجت الطيارات كنا نحدث ونحن صغار أن الحج على الطيارة ثمن الحج. وعلى السيارة نصف الحج.
والشاهد على كل حال: جلب التيسير هو الموافق لروح الدين. من هنا نرى أنه إذا اختلف عالمان في رأي، ولم يتبين لنا الأرجح من قولهما لا من حيث الدليل، ولا من حيث الاستدلال، ولا من حيث المستدل.
وأحدهما أشد من الثاني، فمن نتبع الأيسر أم الأشد؟ الأيسر. وقيل الأشد لأنه أحوط؟ لكن في هذا القول لأننا نقول ما هو الأحوط؟ هل هو الأشد على بني آدم أم هو الموافق للشرع؟ الثاني.... ما كان أوفق للشرع.
ثم قال :«وسد الحيل وسد الذرائع». إن هذه الأمة اتبعت سنن من كان قبلها في مسألة الحيل، وأشد الناس حيلا ومكرا هم اليهود، وهذه الأمة فيها من تشبه باليهود وتحايلوا على محارم الله.
والحيلة: أصلها حولة من حال يحول. هذا في اللغة.
أما في الشرع والاصطلاح: هي التوصل إلى إسقاط واجب أو انتهاك محرم بما ظاهره الإباحة .
مثال ذلك: رجل سافر في نهار رمضان، قصده أن يفطر في رمضان وليس له قصد في السفر إلا أن يفطر. ظاهر فعله أنه حلال، لكن أراد بذلك إلى إسقاط واجب وهو الصوم.
مثال آخر: رجل تزوج بمطلقة صاحبه ثلاثا، ورآه محزونا عليها فذهب وتزوجها من أجل أن يحللها للزوج الأول- الذي هو صاحبه- ليس له غرض في المرأة، وإنما يريد أن يجامعها ليلة ثم يدعها.
نقول: هذا تحيل على محرم، لأن هذه المرأة لا تحل لزوجها الأول الذي طلقها ثلاثا وأراد أن يحللها له.
ولهذا جاء في الحديث بما هو أهل له حيث سمي «التيس المستعار». ومن باب الحيل أيضا ما يفعله كثير من الناس اليوم في مسائل الربا رجل باع سلعة ب، 10 آلاف إلى سنة، ثم اشتراها نقدا بـ 8 آلاف. هذه حيلة على أن يعطي 8 آلاف ويأخذ 10 آلاف لأن هذا العقد صوري. ولهذا قال فيه عبد الله بن مسعود أنه دراهم بدراهم دخلت بينهم حريرة، يعني قطة قماش.
«سد الذرائع» الذرائع جمع ذريعة، وهي الوسيلة. والفرق بينها وبين الحيلة: أن فاعل الحيلة قد قصد التحيل. وفاعل الذريعة لم يقصد، ولكن فعله يكون ذريعة إلى الشر والفساد.
مثال ذلك: بعض النساء اليوم صارت تلبس النقاب، تغطي وجهها بالنقاب، لكن هل إن المرأة بقيت على هذا. بمعنى أنها لم تخرق فيه لتستر وجهها إلا مقدار العين؟... لا. إذا يمنع النقاب لأنه ذريعة يتوصل به إلى شيء محرم؟
وهكذا هديت لرشدك أبدا، فإن هذا يسعفك في مواطن المضايق. وعليك بالتفقه كما أسلفت في نصوص الشرع، والتبصر فيما يحف أحوال التشريع، والتأمل في مقاصد الشريعة، فإن خلا فهمك من هذا، أو نبا سمعك، فإن وقتك ضائع، وإن اسم الجهل عليك لواقع. وهذه الخلة بالذات هي التي تعطيك التمييز الدقيق، والمعيار الصحيح، لمدى التحصيل والقدرة على التخريج:
فالفقيه هو من تعرض له النازلة لا نص فيها فيقتبس لها حكما.
والبلاغي ليس من يذكر لك أقسامها وتفريعاتها، لكنه من تسري بصيرته البلاغية في كتاب الله، مثلا، فيخرج من مكنون علومه وجوهها، وإن كتب أو خطب، نظم لك عقدها. وهكذا في العلوم كافة.
هذا صحيح .. الفقيه حقيقة هو الذي يستنبط الأحكام من النصوص وينزل الأحكام عليها، وليس من يقرأ النصوص.
من يقرأ النصوص فهو كنسخة من الكتاب، لكن من يشقق النصوص وينزل الوقائع عليها، كالبلاغي... وهل البلاغي هو من يبين لك البلاغة وأقسامها، والفصاحة وأقسامها؟ أم من يكون كلامه بليغا؟... الثاني، من يكون كلامه بليغا فهو البلاغي، حتى ولو لم يكن يعرف من البلاغة شيئا.

ولهذا ينبغي للإنسان أن يطبق المعلومات على الواقع. بمعنى: أنه إذا نزلت نازلة يعرف كيف يتصرف في النصوص حتى يعرف الحكم، وإذا عرف شيئا يمرن نفسه على أن يطبق هذا في حياته القولية والفعلية.



آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2112)
الشيخ:
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد :
نواصل ما بدأنا به من كتاب (حلية طالب العلم) للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله تعالى.
القارئ:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
30- التَّفَقُّهُ بتخريجِ الفروعِ على الأُصولِ :
من وراءِ الفِقْهِ : التَّفَقُّهُ ، ومُعْتَمِلُه هوالذي يُعَلِّقُ الأحكامَ بِمَدارِكِها الشرعيَّةِ .
وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ : أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : (( نَضَّرَ اللهُ امْرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوَعَاهَا ، فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ )) .
قال َابنُ خَيْرٍ رَحِمَه اللهُ تعالى في فِقْهِ هذا الحديثِ : ( وفيه بيانُ أنَّ الفِقْهَ هو الاستنباطُ والاستدراكُ في معاني الكلامِ من طريقِ التَّفَهُّمِ ، وفي ضِمْنِه بيانُ وُجوبِ التفَقُّهِ ، والبحْثُ على معاني الحديثِ واستخراجُ الْمَكنونِ من سِرِّهِ ) اهـ .
وللشيخين شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَهما اللهُ تعالى ، في ذلك القِدْحُ الْمُعَلَّى ، ومَن نَظَرَ في كُتُبِ هذين الإمامينِ ؛ سَلَكَ به النَّظَرُ فيها إلى التَّفَقُّهِ طَرِيقًا مُستَقِيمًا .
ومن مَلِيحِ كلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى قولُه في مَجْلِسٍ للتَّفَقُّهِ : ( أَمَّا بعدُ ؛ فقد كُنَّا في مَجلِسِ التَّفَقُّهِ في الدِّينِ ، والنظَرِ في مَدارِكِ الأحكامِ المشروعةِ ؛ تَصويرًا ،وتَقريرًا ، وتَأصيلًا ، وتَفصيلًا ، فوقَعَ الكلامُ في ... فأقولُ : لا حَوْلَ ولاقُوَّةَ إلا باللهِ ، هذا مَبْنِيٌّ على أَصْلٍ وفَصلَيْنِ ...)
واعْلَمْ أَرْشَدَك اللهُ أنَّ بينَ يَدَي التَّفَقُّهِ : ( التَّفَكُّرَ ) فإنَّ اللهَ - سبحانَه وتعالى – دعا عِبادَه في غيرِ ما آيةٍ من كتابِه إلى التحَرُّكِ بإجالةِ النظَرِ العميقِ في ( التَّفَكُّرِ ) في مَلكوتِ السماواتِ والأرضِ وإلى إن يُمْعِنَ المرءُ النظَرَ في نفسِه ، وما حولَه ؛ فَتْحًا للقُوَى العَقليَّةِ على مِصراعَيْهَا ، وحتى يَصِلَ إلى تَقويةِ الإيمانِ ، وتَعميقِ الأحكامِ والانتصارِ العِلْمِيِّ : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ } . وعليه فإنَّ ( التفَقُّهَ ) أبعَدُ مَدًى من ( التفَكُّرِ ) ؛ إذ هو حَصيلتُه وإنتاجُه ؛ وإلا{ فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} .
لكنَّ هذا التَّفَقُّهَ مَحجوزٌ بالبُرهانِ ، مَحجورٌ عن التَّشَهِّي والْهَوَى : { وَلِئْنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَانَصِيرٍ } .
فياأيُّها الطالبُ ! تَحَلَّ بالنظَرِ والتفَكُّرِ ، والفقْهِ والتفَقُّهِ ؛ لعلك أن تَتجاوَزَ من مَرحلةِ الفقيهِ إلى ( فقيهِ النفْسِ) كما يقولُ الفُقهاءُ ، وهو الذي يُعَلِّقُ الأحكامَ بِمَدارِكِها الشرعيَّةِ ، أو ( فقيهِ البَدَنِ ) كما في اصطلاحِ الْمُحَدِّثِينَ .
فأَجْلِ النظَرَ عندَ الوارداتِ بتَخريجِ الفُروعِ على الأصولِ ، وتَمامِ العنايةِ بالقواعدِ والضوابطِ . وأَجْمِعْ للنَّظَرِ في فَرْعٍ ما بينَ تَتَبُّعِه وإفراغِه في قالَبِ الشريعةِ العامِّ من قواعدِها وأصولِها الْمُطَّرِدَةِ ؛ كقواعدِ المصالِحِ ، ودفْعِ الضرَرِ والمشَقَّةِ وجَلْبِ التيسيرِ ، وسَدِّ بابِ الْحِيَلِ وسَدِّ الذرائعِ .
وهكذا هُدِيتَ لرُشْدِكَ أَبَدًا ؛ فإنَّ هذايُسْعِفُكَ في مَواطِنِ الْمَضايِقِ وعليك بالتَّفَقُّهِ – كما أَسْلَفْتُ – في نصوصِ الشرْعِ ، والتبَصُّرِ فيما يَحُفُّ أحوالَ التشريعِ ، والتأمُّلِ في مَقاصِدِالشريعةِ ، فإنْ خَلَا فَهْمُك من هذا ، أو نَبَا سَمْعُكَ ؛ فإنَّ وَقْتَكَ ضائعٌ ، وإنَّ اسمَ الْجَهْلِ عليك لواقِعٌ وهذه الْخَلَّةُ بالذاتِ هي التي تُعطيكَ التمييزَ الدقيقَ ، والْمِعيارَ الصحيحَ ، لِمَدَى التحصيلِ والقُدرةِ على التخريجِ .
فالفقيهُ هو مَن تَعْرِضُ له النازلةُ لا نَصَّ فيهافيَقْتَبِسُ لها حُكْمًا ، والبَلاغِيُّ ليس من يَذْكُرُ لك أقسامَها وتَفريعاتِها ، لكنه مَن تَسْرِي بَصيرتُه البلاغيَّةُ في كتابِ اللهِ مَثَلًا ، فيُخْرِجُ من مَكنونِ عُلومِه وُجُوهَها وإن كَتَبَ أو خَطَبَ نَظَمَ لك عِقْدَها . وهكذافي العلومِ كافَّةً .
الشيخ:
الأدب الثلاثون من آداب طالب العلم : التفقه بتخريج الفروع على الأصول ، فالمراد بالفقه : الفهم الدقيق الذي يمكّنك من استخراج الأحكام من الأدلة ، هذا هو الفقه ، وهو من أجَلِّ العبادات ، وحاجة الأمة إليه من أعظم الحاجات ، وقد رغّب الله عز وجل في ذلك في قوله سبحانه : {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}
وأمر الله عز وجل بالرجوع إلى هذا الصنف ، وهم الفقهاء الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة لقوله سبحانه : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } يعني يستخرجون الحكم من الأدلة ، وهذا هو الفقه.
قال المؤلف : (وجاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين") ولفظة الفقه تطلق على اصطلاحات متعددة :
أولها : الاصطلاح الشرعي ، حيث يراد بالفقه ؛ معرفة الأحكام من الأدلة ، سواء كانت أحكاما عقديّة ، أو أحكاما عمليّة ، بحيث يشمل العقيدة ، ويشمل علم الفروع ، ويشمل التفسير ، ويشمل فهم الحديث ، كله يُسمّى فقها في الاصطلاح الشرعي.
الثاني من مسمّى الفقه : القدرة على استخراج الأحكام من الأدلة ، التي يسمّونها الملكة.
الثالث : إطلاق اسم الفقه على الأحكام العملية ، وهذا هو الغالب في عمل المؤلفين ، إذا قالوا : كتب الفقه ، فالمراد بها الأحكام العملية ، وهناك طائفة خصّوه بالأحكام الاجتهاديّة ، غير ما يُعلم من الدين بالضرورة ، كما فعل الرازي وغيره.
لكن الاصطلاح المشهور هو الثالث ، أما الاصطلاح والاستعمال الشرعي فهو الأول ، وهو الذي كان عليه علماء الشريعة في الزمان الأول ، ولذلك كان الإمام أبوحنيفة يقول : الفقه هو معرفة النفس مالها وما عليها.
قال المؤلف : (بتخريج الفروع على الأصول) المراد بالفروع المسائل التي تُبنى على غيرها ، وتُعرف أحكامها من خلال غيرها ، والفرع في اللغة هو الجزء المستخرج ، وبعضهم يقول : هو ما يُبنى على غيره.
قال : والأصول جمع أصل ، والأصول قد يُراد بها أحد ثلاثة اصطلاحات :
الأول : الأدلة الشرعية : فالقرآن والسنة هي أصول الأحكام ، وهي الأصل في تخريج الفروع على الأصول ، وحينئذ نحتاج مع هذه الأصول إلى علم أصول الفقه ، الذي هو تخريج أو تفقه.
المعنى الثاني أن يُراد بالأصول : القواعد الفقهيّة فإنها قواعد يُحكم بها على فروع كثيرة ، وتشتمل على دليل المسألة ، وعلى مأخذها.
والثالث : أن يُراد بالأصول ؛ الضوابط الفقهية لكل باب ، وهذه الضوابط اعتنى العلماء في كتابتها في مؤلفاتهم الفقهية وخصوصا المختصرات ، كزاد المستقنع ونحوه.
وحينئذ الناس الذين يستخرجون الأحكام على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : من يقيس في المسائل الجديدة على المسائل التي تكلّم فيها الأئمّة ، و هؤلاء يُسمّوْن أهل التخريج.
الثاني : من إذا وردت إليه مسألة عرف حكمها من القواعد الفقهية التي عنده ، ما أحكام ركوب الطائرات ووجود الضيق فيها ، يستخرجه من قواعد المشقة والضرر ، المشقة تجلب التيسير ، أو قول بعضهم : العسر سبب لليسر.
فهذه الرتبة أعلى من الرتبة السابقة ، لأنه يعتمد على العلل وعلى مآخذ الأدلة ، أما الأول فيعتمد على أقوال الفقهاء.
الثالث : من يعتمد على الأصول الشرعية كتابا وسنة ، فكلما وردت إليه مسألة نظر في كتاب الله وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالقواعد الأصولية ، فاستخرج الحكم منها ، من الكتاب والسنة.
وهؤلاء كالكبريت الأحمر ، ووجودهم في الأمة قليل نادر ، ولو يوجد في الزمان عشرة من هؤلاء لكفوا الأمة.
أسأل الله جل وعلا أن يكثر من هذا الصنف في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة ، وأن يجعلكم من هذا الصنف.
إذا تقرر هذا ؛ فإنّ الكتاب والسنة فيهما نص على جميع المسائل إما بذكر المسألة باسمها أو بالإتيان بحكم عام يشمل مسائل متعددة كثيرة ، ولذلك ما من مسألة إلا وفي كتاب الله حكمها ، قال تعالى : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ، لكن قد يخفى النص في بعض المواطن على بعض الفقهاء ، فيحتاج إلى إعمال القياس.
قال المؤلف : (من وراء الفقه التفقه) بعد ذلك اعتنى أهل العلم بالتأليف في فن يسمّونه تخريج الفروع على الأصول ، بحيث يُرجعون المسائل الفقهية الفرعية إلى القواعد الأصولية.
ولعلّ هذا ليس مراد المؤلف ، فالأصول عنده إمّا القواعد وإمّا النصوص ، إما القواعد الفقهيّة أو النصوص.
وألّف جماعات في تخريج الفروع على الأصول ، ممن ألّف الزنجاني المتوفى سنة 656هـ كتابه (تخريج الفروع على الأصول) ، وابن التلمساني في (مفتاح الأصول إلى علم الأصول) ، وممن ألّف أيضا ابن اللحام في كتابه (القواعد والفوائد الأصولية) ، وممن ألف في هذا التمرتاشي ، وألف جماعة في هذا الباب.
ولكن يلاحظ عليهم أمور :
أولها : أنّ المسألة الفقهية تُبنى على أدلة كثيرة ، فعند حصر المسألة الفقهية في دليل واحد ، يكون ذلك جوْرا على بعض الأدلة لصالح بعض ، عندنا مسألة فقهية انبنت على دليل من شرع من قبلنا ، ودليل من الكتاب ، ودليل من السنة ، فعندما تحصر المسألة الفقهية في شرع من قبلنا يكون كلامك خاطئا.
الأمر الثاني : أنّ كثيرا من أهل العلم يُخرّج المسائل أو يُخرّج ألفاظ الناس على الكلام الفقهي ، فعندك مثلا : إذا قال الزوج للزوجة : طالق ، فهم خرّجوها على مسألة المفرد المضاف إلى معرفة ، هل يعم أو لا؟
حينئذ نقول : نحن لا نعتني بتخريج كلام الناس على الأصول ، وإنما نعتني بتخريج المسائل الفقهية الشرعية على الأصول.
الأمر الثالث : أنّ كثيرا منهم يُخرّج المسألة على أصل التقعيد ، وإن كانت متفرّعة على بعض شروط المسألة الأصولية ، مثال هذا : عندنا مسألة : الأمر هل يفيد الوجوب أو لا؟ يأتي الفقيه ويخرّج عليها مسألة الإشهاد بالبيع ، لقوله : {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} في الحقيقة هذه لا تخرج على قاعدة : الأمر للوجوب ، وإنما تخرّج على قاعدة : هل وجدت قرينة تصرف هذا الأمر عن أصله الذي هو الوجوب أو لا.
على كلٍ الأصل أن تخرّج المسائل الفقهيّة على النصوص ، فإن عجز الإنسان خرّجها على العلل والقواعد الفقهيّة.
قال المؤلف : (من وراء الفقه التفقه) فمنشأ حصول الفقه عندك هو التفقه ، والتفقه والفقه هو الذي يجعلك تعلّق الأحكام الشرعية بأدلّتها وبعللها ، وهذا هو الفقه الذي هو تعليق الحكم بدليله ، هذا هو الفقه ، وهو الداخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"
فالفقه هو الاستنباط : يعني استخراج الحكم من الدليل ، وهو الاستدراك في معاني الكلام من طريق فهم ، يعني استخراج الفوائد من الكلام ، وفي ضمن هذا الحديث أنّ التفقه واجب للحاجة إليه ، والبحث على معاني الحديث ، هذا مما يدخل في الحديث في التفقه.
فمن معاني التفقه : استنباط الفوائد واستنباط الأحكام من الأدلة.
(للشيخين في ذلك القِدح المعلى) ما هو القِدح؟ السهم ، فالسهم الذي يسبق ، أو يفوز ، أو يُدرك محل السبق.
وبعضهم يقول : هو الرِيَش التي تكون في السهم أو في مقدمته.
(ومن نظر في كتب هذين الإمامين) شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيّم ، فإنه يستنبط منهما فوائد ، يقول: كيف فتح الله عليهم هذه الفوائد.
(قال ابن تيمية : كنا في مجلس التفقه في الدين ، والنظر في مدارك الأحكام) المدارك التي هي العلل والمعاني التي يُربط الحكم بها.
(تصويرا) يعني معرفة صورة المسألة ، وهذا أول ما تبدأ به ، ثم بعد ذلك :
(تقريرا) تقرر هذه المسألة.
ثم (تأصيلا) معرفة الأصل الذي ترجع إليه.
(تفصيلا) معرفة كيف انبنت هذه المسألة على أصلها.
(وبين يدي التفقه التفكر) وهو التأمل قبل أن تحصل لك رتبة الفقه ، لابد أن يسبقها التفكر ، والله جل وعلا قد أمر عباده بالتفكر ، سواء التفكر في الآيات الشرعية كتابا وسنة ، أو التفكر في الآيات الكونية.
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} آياته الشرعية هنا ، لأنّ البيان في الكتاب والسنة.
وحينئذ التفكر طريق للتفقه ، لكن التفقه أعمق ، فالتفكر وسيلة ، والتفقه نتيجة.
وقد عاب الله على المنافقين بأنهم لا يكادون يفقهون حديثا ، ومن هنا فالتفقه مبني على الأدلة والبراهين ، لكنه إذا حصل هناك هوى وتشهّي فإنّ الإنسان لن يفقه ، التشهّي والهوى يصد العقل عن التفقه.
(فيا أيها الطالب تحلّى بالنظر والتفكر والفقه والتفقه) وحينئذ تصل إلى مرحلة فقيه النفس ، والناظر في الأحكام الشرعية يجد أنّ الفقهاء على ثلاثة أنواع :
النوع الأول : الفقيه الذي ينظر في جزئيات المسائل ، ويتقنها ، فمثل هذا يُسمونه بالفقيه ، ولكنه لا يجوز له استنباط الأحكام من الأدلة.
والنوع الثاني : من يتجاوز الجزئيات إلى الكلّيات ، فيُحصّل كُلّيات الشريعة ، فهذا يتمكّن من التخريج والتفقه ، و لكن قد يُخطئ كثيرا ، لأنه يغفل عن جزئيات تُرتب عليها كُلّيات.
الثالث : من أدرك الجزئيات والكليات ، هذا هو الفقيه ، هذا هو فقيه النفس.
قال المؤلف في تفسير التفكر : (هو التحرك بإجالة النظر –يعني تقليب النظر وجعله يجول- العميق في التفكر)
(فأجل النظر عند الواردات) يعني المسائل الجديدة ، بتخريج هذه الواردات على أصولها ، ومما يعينك على ذلك ، ضبطك للقواعد الفقهية والضوابط.
ذكر المؤلف شيئا من الكليات : (المصالح ، ودفع الضرر والمشقة ، جلب التيسير ، سد باب الحيل ، سد الذرائع) هذه كلها إيش؟ من القواعد الكلية ، سبق أن ذكرنا أنّ الشرع ينقسم إلى جزئيات و كليات ، من حصّل الجزئيات ولم يحصّل الكليات ، لا يجوز له أن يجتهد ، ليس مؤهلا.
الثاني : من تجاوز الجزئيات إلى معرفة الكليات، لكنه لم يحط بالجزئيات ، فهذا يجوز له الاجتهاد ، لكن كثيرا ما يخطئ ، يعني يخفى عليه بعض الجزئيات التي تخالف تفصيله ، مثال هذا :
ما هي المعاني في باب صلاة الجمعة ، اليوم صلينا الجمعة ، ما مقصود الشارع من هذا؟
قال : مقصد الشارع من هذا هو اجتماع الناس ، فقد يأتيك فقيه فيقول : قد نؤخر صلاة الجمعة عن أول الوقت ، فالمستحب أن نؤخر صلاة الجمعة عن أول الوقت إذا كان هناك عمل ، كان هناك شغل ، حينئذ نقول : هذا اجتهاد جيد ، لكن مرّة قد يقول : الناس لا يتمكنون من الاجتماع يوم الجمعة لانشغالهم بالوظائف في دول الغرب ، ويوم الإجازة هو يوم الأحد فمراعاةً لمقصد الشريعة الكلّي في اجتماع الناس نجعل صلاة الجمعة يوم الأحد ، ماشي! ليش؟ راعينا الكليات ، إذن هنا وقعنا في خطأ ، لماذا؟ لأننا راعينا الكليّ ولم نلحظ الجزئي.
هكذا أيضا فيما يتعلّق بدفع الضرر أو بجلب التيسير ، أو بالحيل أو الذرائع ، لابد من ملاحظة الأمرين معا ، الكلي والجزئي.
إن لاحظنا الجزئي وقعنا في غلط ، وصادمنا كلّيات الشريعة ، وإن لاحظنا الكليَ وحده فيمشي على ضعف لأننا قد لا ننتبه إلى جزئي يلحظ فيه كليٌ آخر ، لأننا لو جعلنا صلاة الجمعة يوم الأحد ، لأدّى ذلك إلى تغيير مراسم الشرع ، وانطماس الشريعة بالكلية ، وكل ما جاءنا مسألة رحنا نغير في الشرع من أجل هذه المسألة.
فحينئذ صحيح التفتنا إلى كلي لكن غفلنا عن كلي أهم منه وأولى منه ، وما ذاك إلا لأننا غفلنا عن الجزئيات.
دعا المؤلف إلى التفقه في نصوص الشرع وهذا أعلى من التفقه في القواعد ، وأعلى من التفقه في المقاصد والكليات الشرعية.
قال : (فإن خلا فهمك من هذا أو نبا سمعك –يعني انتقل وتركه- فإن وقتك ضائع)
(هذه الخلة) وهي تخريج الفروع على الأصول والتفقه هي التي تعطيك التمييز الدقيق ، يعني الفصل بين المسائل المختلفة لاختلاف عللها ومداركها.
وهو الذي يعطيك المعيار الصحيح الذي تحكم به على المسائل وعلى المتكلّمين في الحكم.
قال المؤلف : (فالفقيه هو الذي تعرض له النازلة لا نصّ فيها فيقتبس لها حكما من النصوص) هذا هو الفقيه ، لكن لابد أن يعرف الأصول أي النصوص الشرعية ، ويعرف قواعد الاستنباط ، ويتمكّن من تطبيقها.
قول المؤلف هنا : (لا نص لها) أو (لا نص فيها) مراده : لم يعرف الناس النص بتلك المسألة وإلا ما من مسألة إلا وفيها نص ، لكن في بعض المواطن تخفى النصوص على بعض الفقهاء ، فيحتاجون إلى إعمال التخريج وإعمال القياس.
من حفظ القواعد الأصولية لكنه لا يتمكن من تطبيقها فليس بأصولي ، هكذا الفقيه ، من حفظ الفروع الفقهية لكنه لا يتمكن من استخراجها ، هذا ليس بفقيه وإنما هو فروعي ، إنما هذا فروعي.
حفظ المغني ، حفظ المنذر ، حفظ زاد المستقنع ، والروض ، لكنه لا يعرف استخراج أحكام المسائل الجديدة من الأدلة ، هذا ليس بفقيه ، هذا فروعي ، هكذا أيضا في البلاغي ، أو النحوي ، إنسان حفظ قواعد النحو ، لكن ما يعرف يطبّقها ، ولا يعرف يستخرج الخطأ ، ولا يعرف يفهم من خلال قواعد النحو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام الناس ، فحينئذ هذا ليس بنحوي ، مثله الفقيه الذي لا يعرف كيفية الاستنباط هذا ليس بفقيه ، نعم.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2112)

أم أبي التراب
04-05-2015, 04:13 AM
31- اللجوءُ إلى اللهِ تعالى في الطَّلَبِ والتحصيلِ :
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

*لا تَفْزَعْ إذا لم يُفْتَحْ لك في علْمٍ من العلومِ ؛ فقد تَعاصَتْ بعضُ العُلومِ على بعضِ الأعلامِ المشاهيرِ ، ومنهم مَن صَرَّحَ بذلك كما يُعْلَمُ من تَرَاجِمِهم، ومنهم : الأَصْمَعِيُّ في عِلْمِ العَروضِ1 والرُّهاويُّ المحدِّثُ في الْخَطِّ ، وابنُ صالحٍ في الْمَنْطِقِ ، وأبو مسلِمٍ النحويُّ في عِلْمِ التصريفِ2 والسيوطيُّ في الْحِسابِ ، وأبو عُبيدةَ ، ومحمَّدُ بنُ عبدِ الباقي الأنصاريُّ ، وأبو الحسَنِ القَطيعيُّ ، وأبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زِيادٍ الفَرّاءُ ، وأبو حامدٍ الغزاليُّ ، خَمْسَتُهُم لم يُفْتَحْ لهم بالنحوِ .
الشيخ:
لكن هذا لا يضر... ما دمنا نطلب الفقه لا يضرنا أن نتكلم بكلام أو ألا نعرف النحو. لكن لا شك إذا تكلم بكلام مطابق للغة العربية فإن كلامَهُ يكون مقبولا محبوبا للنفس، والإنسان الذي يعرف العربية أكره ما يسمع أن يتكلم الإنسان ويلحن، يكره الكلام من هذا الرجل كراهية عظيمة.
فإن عجزت عن فن فالجأ إلى الله عز وجل، ومر علينا في خلاف الأدباء أن أحد أئمة النحو- إذا لم يكن الكسائي- فهو مثله، طلب النحو وعجز عن إدراكه في يوم من الأيام رأى نملة تريد أن تصعد بطعام لها من الجدار فكلما صعدت سقطت ثم تأخذ هذا الطعام وتمشي ثم تسقط ثم تصعد وربما كل مرة تقول: أرفع قليلا حتى اقتحمت العقبة وتجاوزته، فقال: إذا كانت هذه تحاول وتفشل عدة مرات ولكنها استمرت حتى انتهى أمرها، فرجع إلى علم النحو وتعلمه حتى صار من أئمته.
فأنت تحاول، لا تقول عجزت هذه المرة، تعجز هذه المرة، لكن المرة الثانية يقرب لك الأمر.

*فيا أيُّها الطالِبُ ! ضاعِف الرَّغبةَ ، وافْزَعْ إلى اللهِ في الدعاءِ واللجوءِ إليه والانكسارِ بينَ يَدَيْهِ .وكانَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، كثيرًا ما يَقولُ في دعائِه إذا اسْتَعْصَى عليه تفسيرُ آيةٍ من كتابِ اللهِ تعالى : ( اللَّهُمَّ يَا مُعَلِّمَ آدَمَ 3وإبراهيمَ عَلِّمْنِي ، ويا مُفَهِّمَ سليمانَ4 فَهِّمْنِي. فيَجِدُ الْفَتْحَ في ذلك ) .
الشيخ:
وهذا من باب التوسل بأفعال الله، والتوسل بأفعال الله جائز، لأن التوسل جائز وممنوع، وإن شئت فقل: مشروع وغير مشروع.
التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وأفعاله من المشروع، وكذلك التوسل إلى الله تعالى بذكر شكوى الحال وأنه مفتقر إليه، والتوسل إلى الله بالإيمان به، والتوسل إلى الله تعالى بالعمل الصالح، والتوسل إلى الله تعالى بدعاء من يرجي استجابة دعاءه.كل هذا مشروع.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2113)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
31- اللجوءُ إلى اللهِ تعالى في الطَّلَبِ و التحصيلِ :
لاتَفْزَعْ إذا لم يُفْتَحْ لك في علْمٍ من العلومِ ؛ فقد تَعاصَتْ بعضُ العُلومِ على بعضِ الأعلامِ المشاهيرِ ، ومنهم مَن صَرَّحَ بذلك كما يُعْلَمُ من تَرَاجِمِهم ، ومنهم : الأَصْمَعِيُّ في عِلْمِ العَروضِ والرُّهاويُّ المحدِّثُ في الْخَطِّ ، وابنُ صالحٍ في الْمَنْطِقِ ، وأبو مسلِمٍ النحويُّ في عِلْمِ التصريفِ والسيوطيُّ في الْحِسابِ ، وأبو عُبيدةَ ، ومحمَّدُ بنُ عبدِ الباقي الأنصاريُّ ، وأبو الحسَنِ القَطيعيُّ ، وأبو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زِيادٍ الفَرّاءُ ، وأبو حامدٍ الغزاليُّ ، خَمْسَتُهُم لم يُفْتَحْ لهم بالنحوِ .
فياأيُّها الطالِبُ ! ضاعِف الرَّغبةَ ، وافْزَعْ إلى اللهِ في الدعاءِ واللجوءِ إليه والانكسارِ بينَ يَدَيْهِ .وكانَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، كثيرًا ما يَقولُ في دعائِه إذا اسْتَعْصَى عليه تفسيرُ آيةٍ من كتابِ اللهِ تعالى : (اللَّهُمَّ يَا مُعَلِّمَ آدَمَ وإبراهيمَ عَلِّمْنِي ، ويا مُفَهِّمَ سليمانَ فَهِّمْنِي. فيَجِدُ الْفَتْحَ في ذلك) .
الشيخ :
هذا الأدب متعلق بصعوبة بعض المسائل أو بعض الفنون ، هل تكون عائقا لطالب العلم عن مواصلة العلم ، نقول : لا، لماذا؟
لأنه أولا : طلب العلم لله ، فمقصوده الأساسي هو الأجر والثواب ، وهذا حاصل على كل حال ولو لم يفهم العلم.
ثانيا : كيف نعالج ، أو ثانيا نقول : العلم مسائل متعددة ، وفنون مختلفة ، فإذا استعصى عليك فن وفهمت غيره ، أو استعصت عليك مسألة وفهمت غيرها ، فحينئذ أنت قد حصّلت ولا لوم عليك في ذلك.
ماذا نفعل عند استعصاء بعض العلوم والفنون؟
أولا : نواصل العلم والتعلم في بقية العلوم وبقية المسائل ، وهذه المسألة التي استشكلت علينا نتركها ، حتى يأتي وقت فهمها ، فكونك تريد فهم مسألة ، فتعيقك عن فهم بقية المسائل ، ليس من العقل في شيء ، فاتركها حتى يأتي سبيل فهمها.
الثاني : الاتصال بالعلماء الفاهمين الناصحين ، فهم سيشرحون لك هذه المسألة ، ويبيّنونها لك.
الثالث : مراجعة كتب أهل العلم الأخرى ، فإنها تسهّل لك الفهم ، إذ قد يُعبّر الإنسان ، وقد يتكلم الإنسان بجملة غير مفهومة في موطن ، ويتكلم إنسان آخر عن هذا المعنى في كتاب آخر بأسلوب واضح سهل.
الأمر الرابع : التوكل على الله وحسن اللجوء إليه ، بأن يعلمك ويفهمك ، والله قد وعد بإجابة الداعين ، ومما يتعلّق بهذا طلب العبد من ربّه جل وعلا أن يزيده من العلم ، كما قال تعالى : {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}
قال المؤلف : (لا تفزع) يعني لا تحزن ولا يصدّنك عن طلب العلم كونك لم تفهم علما من العلوم ، مالم تفهمه تجاوزه إلى غيره.
ولهذا نجد بعض الأئمة عَسُر عليه فهم بعض العلوم ، فلم يصدّهم ذلك عن التعلم ، بل أصبحوا أئمة علماء مشهورين في فنون أخرى غير الفنون التي استعصت عليهم ، وقد ذكر المؤلف نماذج لهذا ، وحينئذ على طالب العلم أن يتقرّب إلى الله بالسؤال والتضرع بين يديه أن يفهّمه ما استشكل عليه ، وكان من الأدعية : "اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين"توقف 5 وكم من إمام عرضت لهم مثل هذه المسائل ، وعرضت عليهم إشكالات فلجؤوا إلى الله ، وإلى الصلاة ، فسهّل لهم ما استعصى عليهم.
وقد قال ابن عمر: مكثت سنين في حفظ سورة البقرة 6، لم ينقص هذا من مكانته بل هم من علماء الأمة.
وقال الإمام أحمد : جلست تسع سنوات أدرس وأبحث.
وماذاك إلا أنه استعصى عليهم العلم فقلّبوا النظر فيه وكرّروه وأعادوه حتى فهموه ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2113)

1- تعريف العَروض: العَروض: على وزن فَعُول، كلمة مؤنثة، تعني القواعد التي تدل على الميزان الدقيق الذي يُعرفُ به صحيح أوزان الشعر العربي من فاسدها.هنا (http://www.elibrary4arab.com/ebooks/arabic/arood-qafeya/elmalarood.htm)
2-عِلْمِ التصريفِ
في الاصطلاح : فهو تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة ، لا تحصل تلك المعاني إلا بهذا التغيير . وذلك كتحويل المصدر " قطْع " إلى الفعل الماضي " قطع " ، والمضارع " يقطع " ، والأمر : اقْطَعْ " ، وغيرها مما يمكن أن نتوصل إليه من مشتقات تتصرف عن الكلمة الأصل كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، وغيرها ،
3-{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة31

4 -فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ}الأنبياء79
5-سؤال :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعا لمن هو قريب من العلماء أرجو عرض سؤالى عليهم وسؤالى هو:
هل هذا الدعاء فيه تعدٍّ على الله - عز وجل - وهل ورد عن النبي - صل الله عليه وسلم -: (اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك وقلوبنا بخشيتك وأسرارنا بطاعتك إنك نعم المولى ونعم النصير وحسبنا الله ونعم الوكيل)؟

هذه إجابة فضيلة الشيخ عثمان بن عبد الله السالمي اليمني عن هذا
تفريغ جواب الشيخ - حفظه الله - :
هَذَا فِيه تَعَدٍّ ، نَعَمْ . تقول أَنّه يُعطيك فَهْمَ النبِيِّينَ ، هذا فيه منزلةٌ عاليةٌ ، وكذلك حِفْظ المرسَلِين ، وهكذا حِفْظ الملائكة المقَرَّبِين ، في هذا تَعَدٍّ .
لكن قُلْ : اللَّهُمَّ ارزُقْنِي عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي - مَثَلًا - مِثْلَ عِلْمِ السَّلَفِ كَعِلْمِ الزُّهْرِي ، عِلْم الصَّحَابَة - مَثَلًا - مِثْلَ عِلْمِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَوْ عِلْمًا مِثْل عِلْمِ البُخَارِيّ .. مُمكن .
أما تَقُول : فَهْمَ الأَنْبِياء ! هَذَا فِيهِ تَطَاوُل كَثِير .
هنا (http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=14973)
وهنا (http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=3&View=Page&PageNo=8&PageID=9506)

6- أثر ابن عمر : فقد ذكره الإمام مالك في " الموطأ " ( 479 ) أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا " ، والبلاغ يعني : أنه مقطوع الإسناد في أوله ، وعليه : فيكون الأثر ضعيفاً .
وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح متصل أنه مكث أربع سنين في تعلُّم سورة البقرة ، وهو ما رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ( 4 / 164 ) قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا أبو المليح عن ميمون " أن ابن عمر تعلَّم سورة البقرة في أربع سنين " .
الإسلام سؤال وجواب (http://islamqa.info/ar/180634)

أم أبي التراب
04-12-2015, 01:18 PM
32- الأمانةُ العلْمِيَّةُ :
الأمر الثاني والثلاثون - الأمانةُ العلْمِيَّةُ :
يَجِبُ على طالبِ العلْمِ ، فائِقُ التحَلِّي بالأمانةِ العِلْمِيَّةِ ، في الطلَبِ والتحَمُّلِ والعمَلِ والبلاغِ ، والأداءِ :
( فإنَّ فَلاحَ الأُمَّةِ في صَلاحِ أعمالِها ، وصلاحَ أعمالِها في صِحَّةِ عُلُومِها ، وصِحَّةَ عُلومِها في أن يكونَ رجالُها أُمناءَ فيما يَرْوُونَ أو يَصِفُونَ، فمَن تَحَدَّثَ في العِلْمِ بغيرِ أمانةٍ ؛ فقد مَسَّ العلْمَ بقُرحةٍ ووَضَعَ في سبيلِ فَلاحِ الأُمَّةِ حَجَرَ عَثْرَةٍ ) .
شرح الشيخ العثيمين رحمه الله:
الشيخ:
هذا أيضا من أهم ما يكون في طالب العلم أن يكون أمينا في علمه، فيكون أمينا في نقله، وأمينا في وصفه. إذا وصف الحال فليكن أمينا لا يزيد ولا ينقص، وإذا نقل فليكن أمينا في النقل لا يزيد ولا ينقص وكثير من الناس تنقصه هذه الأمانة، فتجده يصف من الأحوال ما يناسب رأيه ويحذف الباقي، وينقل من أقوال أهل العلم، بل ومن النصوص ما يوافق رأيه ويحذف الباقي فيكون كالذي قال:
ما قال ربك ويل للأولى سكروا = بل قال ربك ويل للمصلين"فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ"الماعون 4
نعوذ بالله وحذف "الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ"الماعون 5. وهذا لا شك أنه حجر عثرة وأنه تدليس على العلم، لأن الواجب النقل بأمانة والوصف بأمانة، وما يضرك إذا كان الدليل على خلاف ما تقول، فإنه يجب عليك أن تتبع الدليل وأن تنقله للأمة حتى يكونوا على بصيرة من الأمر.
ومثل هذه الحال- أعني عدم الأمانة- يوجب أن يكون الإنسان فاسقا لا يوثق له بخبر ولا يقبل له نقل لأنه مدلس.

القارئ:
لا تَخلُو الطوائفُ المنتمِيَةُ إلى العلومِ من أشخاصٍ لا يَطلبونَ العِلْمَ ليَتَحَلَّوْا بأَسْنَى فضِيلَةٍ ، أو ليَنْفَعُوا الناسَ بما عَرَفُوا من حِكمةٍ ، وأمثالُ هؤلاءِ لا تَجِدُ الأمانةُ في نفوسِهم مُسْتَقَرًّا ، فلا يَتَحَرَّجُون أن يَرْوُوا ما لم يَسْمَعُوا أو يَصِفُوا ما لم يَعْلَمُوا ، وهذا ما كان يَدْعُو جهابذةَ أهلِ العلْمِ إلى نَقْدِ الرجالِ .

الشيخ:
يقول: (لا تَخلُو الطوائفُ المنتمِيَةُ إلى العلومِ من أشخاصٍ لا يَطلبونَ العِلْمَ ليَتَحَلَّوْا بأَسْنَى فضِيلَةٍ ) لأن طلب العلم يؤدي إلى التحلي بأسنى فضيلة، أي: بأعلاها، (أو ليَنْفَعُوا الناسَ بما عَرَفُوا من حِكمةٍ) ، وإنما يطلبون العلم من أجل نصر آرائهم فتجده يبحث في بطون الكتب ليجد شيئا يقوي به رأيه، سواء كان خطأ أم صوابا، وهذا والعياذ بالله هو المراء والجدال المنهي عنه، أما من يقلب بطون الكتب من أجل أن يعرف الحق فيصل إليه، فلا شك أن هذا هو الأمين المنصف.

القارئ:
وهذا ما كان يَدْعُو جهابذةَ أهلِ العلْمِ إلى نَقْدِ الرجالِ

الشيخ:
يعني هذا هو الذي يدعو جهابذة أهل العلم إلى نقد الرجال ليبينوا أحوالهم وأنه رجل يتبع الهوى ولا يريد الهدى.

القارئ:
وتَمييزِ مَن يُسْرِفُ في القوْلِ مِمَّنْ يَصوغُه على قَدْرِ ما يَعْلَمُ ، حتى أَصْبَحَ طُلَّابُ العِلْمِ على بَصيرةٍ من قِيمةِ ما يَقرؤونَه ، فلا تَخْفى عليهم مَنْزِلَتُه ، من القطْعِ بصِدقِه أو كَذِبِه ، أو رُجحانِ أحدِهما على الآخَرِ ، أو احتمالِهما على سواءٍ ) اهـ .
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2114)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
32- الأمانةُ العلْمِيَّةُ :
يَجِبُ على طالبِ العلْمِ ، فائِقُ التحَلِّي بالأمانةِ العِلْمِيَّةِ ، في الطلَبِ والتحَمُّلِ والعمَلِ والبلاغِ ، والأداءِ :
(فإنَّ فَلاحَ الأُمَّةِ في صَلاحِ أعمالِها ، وصلاحَ أعمالِها في صِحَّةِ عُلُومِها ، وصِحَّةَ عُلومِها في أن يكونَ رجالُها أُمناءَ فيما يَرْوُونَ أو يَصِفُونَ ، فمَن تَحَدَّثَ في العِلْمِ بغيرِ أمانةٍ ؛ فقد مَسَّ العلْمَ بقُرحةٍ ووَضَعَ في سبيلِ فَلاحِ الأُمَّةِ حَجَرَ عَثْرَةٍ)
لاتَخلُو الطوائفُ المنتمِيَةُ إلى العلومِ من أشخاصٍ لايَطلبونَ العِلْمَ ليَتَحَلَّوْا بأَسْنَى فضِيلَةٍ ، أو ليَنْفَعُوا الناسَ بماعَرَفُوا من حِكمةٍ ، وأمثالُ هؤلاءِ لا تَجِدُ الأمانةُ في نفوسِهم مُسْتَقَرًّا ، فلا يَتَحَرَّجُون أن يَرْوُوا ما لم يَسْمَعُوا أو يَصِفُوا ما لم يَعْلَمُوا ، وهذا ما كان يَدْعُو جهابذةَ أهلِ العلْمِ إلى نَقْدِ الرجالِ ، وتَمييزِ مَن يُسْرِفُ في القوْلِ مِمَّنْ يَصوغُه على قَدْرِ ما يَعْلَمُ ، حتى أَصْبَحَ طُلَّابُ العِلْمِ على بَصيرةٍ من قِيمةِ ما يَقرؤونَه ، فلا تَخْفى عليهم مَنْزِلَتُه ، من القطْعِ بصِدقِه أو كَذِبِه ، أو رُجحانِ أحدِهما على الآخَرِ ، أو احتمالِهما على سواءٍ ) اهـ .
الشيخ:
الصفة الثانية والثلاثون من صفات طالب العلم : الأمانة العلمية ، بحيث لا يكون كاذباً بنسبة شيء إلى نفسه وهو من كلام غيره ، ولا يكون كذلك خائناً فيما يتعلق بعلمه ، فلا يُعطي ولا يتكلم إلا بما يظنه هو الصواب والصحيح ، فالأمانة العلمية في النقل ، والأمانة العلمية في الحديث والتكلم.
وقد جاءت النصوص بالترغيب في الأمانة وفي حفظها ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وحذرت الشريعة من الخيانة ، فمن خصال المنافق أنه إذا عاهد غدر ، وإذا اؤتمن خان.
ونهت الشريعة عن الخيانة ، في الحديث : أنّ أهل الخيانة ينصب لهم ألوية يوم القيامة على أستائهم يقولون : هذه غدرة فلان بن فلان.1
إذا تقرر هذا ، فإنّ الأمانه تكون في الطلب وتكون في وقت التحمل والحفظ ، وتكون وقت العمل ، وتكون أثناء الدعوة والبلاغ.
قال المؤلف : (من تحدث في العلم بغير أمانه ، فقد مسّ العلم بقرحة) القرحة مرض باطني يكون في المعدة ، يصيبها فيجعلها لا تتمكن من هضم الطعام ، فمن تحدث في العلم بغير أمانة ، فإنه سيشوّش على الناس ، (ووضع في سبيل فلاح الأمة حجر عثرة).
ثم قال المؤلف هناك طوائف يتعلمون العلم لأهداف غير مقبولة ، هم لا يتعلمون العلم ليتحلّوا بالفضائل ويتخلقوا بها ، وهم لا يتعلمون العلم لنفع الناس وتعليمهم ، فحينئذ لم توجد أمانة علمية.
بعض الناس يحاول أن يمدح نفسه في نسبة أفعال جميلة للآخرين إليه ، وفي الحديث :" المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" 2 وهذا هو الذي جعل بعض الأئمة يتكلم في بعض الرواة قدحاً ، فكلما وجدوا شخصاً ألَّف أو روى تكلموا فيه ، ببيان مواطن خطأه ، ومواطن تعثره ، ليصبح الطلاب على بصيرة من قيمة هذه المقروءات والمسموعات.
والأولى عدم ذكر الشخص باسمه ليكون ذلك أدعى لنهي التعصب ، ولعله يهدي الله عز وجل ذلك الشخص ، نعم.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2114)
- " إذا جمعَ اللهُ الأولينَ والآخرينِ يومَ القيامةِ ، يُرفعُ لكل غادرٍ لواءٌ ، فقيل : هذه غدرةُ فلانِ بن فلانٍ" الراوي : عبدالله بن عمر المحدث : مسلم- المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1735 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية
(http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%87%D8%B0%D9%87+%D8%BA%D8%AF%D8%B 1%D8%A9+%D9%81%D9%84%D8%A7%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)2
"جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالت : إنَّ لي ضَرَّةً . فهل عليَّ جناحٌ أن أتشبَّعَ من مالِ زوجي بما لم يُعطني ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " المتشبِّعُ بما لم يُعْطَ ، كلابسِ ثوبيْ زورٍ" .

الراوي : أسماء بنت أبي بكر المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2130 خلاصة حكم المحدث : صحيح

الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B4%D8%A8% D8%B9+%D8%A8%D9%85%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)=1&m[]=0&s[]=0"] ("http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%B4%D8%A8% D8%B9+%D8%A8%D9%85%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[)

أم أبي التراب
04-13-2015, 12:49 AM
33- الصِّدْقُ :
*صِدْقُ اللهجةِ : عُنوانُ الوَقارِ وشَرَفُ النفْسِ ، ونقاءُ السَّريرةِ وسُمُوُّ الْهِمَّةِ ورُجحانُ العَقْلِ ، ورسولُ الْمَوَدَّةِ من الْخَلْقِ ، وسعادةُ الجماعةِ وصِيانةُ الديانةِ ، ولهذا كان فَرْضُ عينٍ ، فيا خَيْبَةَ مَن فَرَّطَ فيه ، ومَن فَعَلَ فقد مَسَّ نفسَه وعِلْمَهُ بأَذًى
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الصدق هنا قريب من مسألة الأمانة العلمية، لأن الأمانة العلمية تكون بالصدق، والصدق كما قال: عنوان الوقار، وشرف النفس، ونقاء السريرة وإذا كان الكذب ينجي، فإن الصدق أنجى وأنجى. وإن كان الكذب أيضا لا يدوم، لأنه سرعان ما يتبين الكذب ويفتضح الكاذب.
لكن الصدق عاقبته حميدة. فعليك بالصدق، ولو كنت تتخيل أنه يضرك فاصبر، فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.

- إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصدُقُ حتَّى يَكونَ صدِّيقًا ، وإنَّ الكذِبَ يَهدي إلى الفُجورِ ، وإنَّ الفجورَ يَهدي إلى النَّارِ ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ ، حتَّى يُكتَبَ عندَ اللَّهِ كذَّابًا .

الراوي : عبدالله بن مسعود المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6094 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%82+%D9%8A %D9%87%D8%AF%D9%8A+%D8%A5%D9%84%D9%89+%D8%A7%D9%84 %D8%A8%D8%B1+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)


وإني لأذكر رجلا من عامة الناس شهر بالصدق، فكان الناس يتناقلون أخباره في المجالس على التلذذ بها أكثر مما يذكرون أخبار العلماء الذين في وقته لأن الصدق يرفع الله به من اتصف به، لا سيما في مسائل العلم.
فلا تقل إن الله حرم هذا وهو لم يحرمه، ولا أوجب هذا وهو لم يوجبه، ولا قال فلان كذا وهو لم يقله. بل تجنب هذا كله.
وكان الإمام أحمد – رحمه الله – وغيره من الأئمة لا يصرحون بالتحريم إلا ما جاءت النصوص به، وإلا فإنك تجد الإمام أحمد يقول: أكره كذا، لا يعجبني ، لا تفعل . وما أشبه ذلك.
وقول الشيخ بكر – وفقه الله- «ولهذا كان فرض عين»، يعني الصدق فرض عين، لا فرض كفاية، فلا يقول: أنا أكذب، والثاني يصدق.. لا ... لا يجوز أن تكذب.
استثنى بعض العلماء ما جاء عن طريق التورية، ولكن لا حاجة للاستثناء، لأن التورية صدق باعتبار ما في نفس القائل، كمثل قول إبراهيم عليه السلام للملك الجبار هذه أختي.
وهذا ليس بالكذب، وإن كان إبراهيم اعتذر عن الشفاعة بأنه كذب ثلاث كذبات، لكنه كذب من وجه وهو التلبيس على الظالم المعتدي، ولكنه صدق باعتبار ما في نفس القائل.
استثنى بعض العلماء أيضا ما جاء في الحديث أنه لا يجوز الكذب إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث المرأة لزوجها وحديث الرجل لزوجته.
ولكن بعض العلماء يقول: إن هذا محمول على التورية، وليس على الحقيقة، فالحرب خدعة، بأن تري عدوك أنك تريد جهة ما، وأنت تريد الجهة الأخرى، أو تري عدوك أن عندك جنود كثيرة بحيث أن تجعل الجيش يتراسم، كما فعل القعقاع بن عمرو في أحدى غزواته، قسم الجيش وهم عدد قليل، لكن العدو يظنه عددا كثيرا.
كذلك الإصلاح بين الناس ... لا تكذب، ولكن تأل. إذا قال لك فلان: يقول في كذا وكذا. تقول: لا لم يقل فيك شيئا.
كذلك حديث المرأة زوجها وحديث الرجل زوجته، يعني: على سبيل التورية لا التصريح وهذا القول ليس ببعيد، لأن الكذب كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم يهدي إلى الفجور، لا يهدي إلى الخير. ثم إن الإنسان إذا اعتاد هذا- لاسيما مع الزوجة وصار كلما حدثها بحديث وبحثت عنه وجدته كذبا لم تثق فيه بعد ذلك، وربما يكون سببا لفقدها إياه وللفراق التام.
وعند العامة يستثني كذبا أكثر من ذلك يقولون: الكذب الحرام ما كان فيه أكل للمال بالباطل، وأما ما سواه فهو كذب أبيض ويقسمون الكذب إلى قسمين: كذب أبيض وكذب أسود. والأبيض حلال، والأسود حرام. والأسود ما فيه أكل المال بالباطل، والأبيض ما ليس كذلك، ولكن هذا هو دين العامة وليس شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
*قالَ الأوزاعيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( تَعَلَّمِ الصدْقَ قبلَ أن تَتَعَلَّمَ العِلْمَ ) .
وقالَ وَكيعٌ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( هذه الصَّنْعَةُ لا يَرتفِعُ فيها إلا صادقٌ ) .
فتَعَلَّمْ – رَحِمَكَ اللهُ – الصدْقَ قبلَ أن تَتَعَلَّمَ العلْمَ ، والصدْقُ : إلقاءُ الكلامِ على وَجْهٍ مُطابِقٍ للواقِعِ والاعتقادِ ، فالصدْقُ من طريقٍ واحدٍ ، أمَّا نقيضُه الكَذِبُ فضُروبٌ وألوانٌ ومَسالِكُ وأَوديةٌ ، يَجْمَعُها ثلاثةٌ :
كَذِبُ الْمُتَمَلِّقِ : وهو ما يُخالِفُ الواقِعَ والاعتقادَ ، كمن يَتَمَلَّقُ لِمَنْ يَعْرِفُه فاسقًا أو مُبْتَدِعًا فيَصِفُه بالاستقامةِ .
وكَذِبُ المنافِقِ : وهو ما يُخالِفُ الاعتقادَ ويطابِقُ الواقعَ كالمنافِقِ يَنْطِقُ بما يقولُه أهلُ السُّنَّةِ والهدايةِ .
وكَذِبُ الغَبِيِّ : بما يُخالِفُ الواقِعَ ويُطابِقُ الاعتقادَ ، كمَن يَعتقِدُ صلاحَ صُوفِيٍّ مبتدِعٍ فيَصِفُه بالوَلايةِ .
الشرح:
الصدق لا شك أنه سبيل واحد، والكذب سبل، وهكذا الهداية والضلالة.
الهداية سبيلها واحد، والضلالة سبل متفرقة. قال الله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (سورة الأنعام:153). وأما قوله: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام)(سورة المائدة:16). فقد جمعها باعتبار تنوع الشرائع... صلاة، زكاة، صيام، حج، بر، صلة، صدقة- وما أشبه ذلك فجمعها باعتبار وتوحيدها باعتبار آخر.
أما الكذب فضروب وألوان متعددة، ويتعدد بتعدد أغراضه فهو يجمعها ثلاثة. يقول:
1- «كذب المتملق: وهو ما يخالف الواقع والاعتقاد، كمن يتملق لمن يعرفه فاسقا أو مبتدعا فيصفه بالاستقامة».
تعرف أن هذا الرجل فاسق ثم تأتي إليه وتقول: ما شاء الله أنت رجل مستقيم، مستقيم الأخلاق، مستقيم الدين، مستقيم المنهج. وأنت تعرف أنه أفسق عباد الله.
هذا ماذا يقال له؟ يقال له متملق وهذا أكثر ما يكون عند الملوك والأمراء، تجد الرجل يتملق إلى الأمير أو الملك ويقول: أنت فيك كذا وأنت فيك كذا، وهذا من النفاق العلمي: إذا حدث كذب والعياذ بالله.
2- «كذب المنافق: وهو ما يخالف الاعتقاد ويطابق الواقع» ومنه قوله تعالي (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله). وكونه رسول الله مطابق للواقع. ما الدليل؟ قوله: (والله يعلم إنك لرسوله) . لكن شهادتهم هذه مخالفة لاعتقادهم، لأن الله قال: (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) (سورة المنافقون:1).
أي في قولهم نشهد إنك لرسول الله لا في قولهم إنه لرسول الله. هذا يخالف الاعتقاد ويطابق الواقع.
وهذا باعتبار قول المنافق في غيره، أما باعتبار قوله في نفسه مثلا أنه صالح، فهو يخالف الاعتقاد، ويخالف الواقع إلا ظاهرا.
3- «كذب الغبي: بما يخالف الواقع ويطابق الاعتقاد». وهو أن يقول الشيء ما ليس فيه لغباءه، فيقول مثلا عن أهل الكلام أنهم هم العقلاء، وأنهم أهل العلم والحكمة، أما أهل السنة فهم أغبياء يفوضون النصوص ولا يعرفون لها معنى.
نقول: هذا غبي، ولهذا عبر شيخ الإسلام- رحمه الله- في كتابه الفتوى الحموية، عبر بهذا الوصف فقال:«قال بعض الأغبياء: طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم».
وكذلك من يشاهد الصوفية وتصنعهم وعباداتهم، فيقول: إنهم أهل الصلاح وأهل الولاية.
نقول: أنت غبي لا تعرف حقيقتهم فلا تحكم عليهم بالصلاح حتى تعرف الحقيقة، وإلا كنت غبيا.
فهذا كاذب، فهل يعذر بكذبه؟ نقول: إذا أفرط في البحث فلا بعذر وإن كان هذا منتهي علمه، فإنه يعذر لأنه جاهل. أما الأول فهو متملق، والثاني فهو منافق فلا عذر لهم في ذلك.
*فالْزَم الْجَادَّةَ ( الصدْقَ ) ، فلا تَضْغَطْ على عَكَدِ اللسانِ ، ولا تَضُمَّ شَفَتَيْكَ ، ولا تَفتَحْ فاكَ ناطقًا إلا على حُروفٍ تُعَبِّرُ عن إحساسِك الصادِقِ في الباطِنِ ؛ كالحُبِّ والبُغْضِ ، أو إحساسِك في الظاهِرِ ؛ كالذي تُدْرِكُه الحواسُّ الخمْسُ : السمْعُ، البَصَرُ ، الشمُّ ، الذَّوْقُ ، اللمْسُ .فالصادقُ لا يقولُ : ( أَحْبَبْتُكَ ) وهو مُبْغِضٌ ، ولا يقولُ : ( سَمِعْتُ ) وهو لم يَسْمَعْ ، وهكذا .
واحْذَرْ أن تَحومَ حولَك الظنونُ ، فتَخونَك العزيمةُ في صِدْقِ اللهجةِ ، فتُسَجَّلَ في قائمةِ الكذابينَ .وطريقُ الضَّمانةِ لهذا – إذا نَازَعَتْكَ نفسُك بكلامٍ غيرِ صادقٍ فيه - : أن تَقْهَرَهَا بذِكْرِ مَنزِلَةِ الصدْقِ وشَرَفِه ورَذيلةِ الكَذِبِ ودَرَكِه ، وأنَّ الكَاذِبَ عن قريبٍ يَنْكَشِفُ .
واستَعِنْ باللهِ ولا تَعْجِزَنَّ .ولا تَفْتَحْ لنفسِك سابلةَ الْمَعارِيضِ في غيرِ ما حَصَرَه الشرْعُ .
فيا طالبَ العلْمِ ! احْذَرْ أن تَمْرُقَ من الصدْقِ إلى الْمَعارِيضِ فالْكَذِبِ ، وأَسوأُ مَرَامِي هذا الْمُروقِ ( الكَذِبُ في العلمِ ) ؛ لداءِ مُنافَسَةِ الأقرانِ وطَيَرانِ السُّمعةِ في الآفاقِ .
هنا إضافة مهمة جدا، هو أن بعض الناس يتسرع في الرقي إلى العلو بما يلفقه ويوهم الناس به من أنه عنده علم واسع، وأنه عبقري، وأنه في كل فن له يد وما أشبه ذلك. وهذا لا شك أنه غلط عظيم، فهو مع جمعه الكذب، فيه خيانة الناس وإيهامهم بخلاف الواقع. وفيه أيضا التغرير بالنفس، أن الإنسان يزهو بنفسه حتى يحجمها ويكبرها وهي دون ذلك، وكم من إنسان هلك بمثل هذا سواء في طريق العلم أو في طريق العبادة، ولكن سرعان ما ينكشف، سرعان ما يرد عليه شيء يعجز عنه وحينئذ إما أن يقول ما هو معلوم كذبه فينكشف، وإما أن يتذبذب ويفتضح أمره.
ولهذا كان مما قاله عبد الله بن مسعود:«إن من العلم أن تقول لما لا تعلم لا أعلم».
وذكر بعضهم أن قول القائل:«لا أعلم» هي نصف العلم، ولكن في الواقع: العلم كله، والإنسان إذا عرف بالتحري وأنه يقول بما لا يعلم«لا أعلم» وثق الناس بقوله، أما إذا كان يجيب على كل ما يسأل حتى لو كان لا يعرف شيئا فيما سئل فيه، فإنه سوف ينكشف أمره وسوف لا يثق الناس بقوله حتى ولو كان حقا. ولكن ما الذي يحمل الإنسان على أن يقول مثل هذا؟
يحمله طلب العلو، أن يكون فائقا على الأقران، أو طلب الصيت والشهرة بحيث يقال العلامة، الفهامة، البحر الزاخر وما أشبه ذلك.
وهذه لا شك أنها من مكائد الشيطان، فالواجب عليك أن تعرف قدر نفسك وأن لا تنزلها فوق منزلتها، ثم إن القول في مسائل الدين أخطر ما يكون لأنه قول على الله بلا علم، وقد قال الله عز وجل (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (سورة الأعراف: 33).
بعض الناس إذا عثر على خطأه قال: سبحان الله، سبحان الذي لا ينسى نعم.... لكن أنت لم تنس، بل أنت جاهل من أصله.
ومَن تَطَلَّعَ إلى سُمْعَةٍ فوقَ مَنْزِلَتِه ؛ فلْيَعْلَمْ أنَّ في الْمِرصادِ رِجالًا يَحْمِلون بصائرَ نافذةً ، وأقلامًا ناقدةً ، فيَزِنُونَ السُّمعةَ بالأَثَرِ ، فتَتِمُّ تَعريتُك عن ثلاثةِ معانٍ :
فَقْدُ الثقةِ من القلوبِ .
ذَهابُ عِلْمِكَ وانحسارُ القَبولِ .
أن لا تُصَدَّقَ ولو صَدَقْتَ .
وبالجملةِ ؛ فمَن يَحترِفْ زُخرُفَ القولِ ؛ فهو أَخُو الساحرِ ، ولا يُفْلِحُ الساحرُ حيث أَتَى، واللهُ أَعْلَمُ .
هذا صحيح.. الإنسان إذا تطلع إلى السمعة فقط ونزل فوق منزلته فسرعان ما ينكشف،ثم إن النية في طلب العلم يجب فيها الإخلاص لله عز وجل، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم :«أن من طلب علما وهو مما يبتغي به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة. وأن من طلب العلم ليماري به السفهاء أو ليجاري به العلماء فليتبوء مقعده من النار» . فالمسألة خطيرة، ولا سيما العلوم الشرعية. وذكر ثلاث مضار.
أولا- فقد الثقة في القلوب، متى تفقد؟ إذا تبين أنه قال عن جهل؛ ما يثقون به وينصرفون إلى غيره.
ثانيا- ذهاب علمك وانحسار القبول: لأنه إذا فقدت الثقة لم يقبله الناس فإذا كان يقبله مثلا (10)، فإنهم إذا فقدوا الثقة انحسروا إلى (5) أو إلى (4).
ثالثا- أن لا تصدق ولو صدقت: حتى لو حدثتهم بحديث يعرفونه. قالوا: هذا رمية من غير رام.
فالحاصل أن الإنسان يجب أن يعرف مقدار نفسه وأن يحترم العلم، وأن لا يجعله به وسيلة للرقي الخادع.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2115)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري


القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
33- الصِّدْقُ :
صِدْقُ اللهجةِ : عُنوانُ الوَقارِ وشَرَفُ النفْسِ ، ونقاءُ السَّريرةِ وسُمُوُّ الْهِمَّةِ ورُجحانُ العَقْلِ ، ورسولُ الْمَوَدَّةِ من الْخَلْقِ ، وسعادةُ الجماعةِ وصِيانةُ الديانةِ ، ولهذا كان فَرْضُ عينٍ ، فياخَيْبَةَ مَن فَرَّطَ فيه ، ومَن فَعَلَ فقد مَسَّ نفسَه وعِلْمَهُ بأَذًى .
قالَ الأوزاعيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( تَعَلَّمِ الصدْقَ قبلَ أن تَتَعَلَّمَ العِلْمَ) .
وقالَ وَكيعٌ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( هذه الصَّنْعَةُ لا يَرتفِعُ فيها إلاصادقٌ) .
فتَعَلَّمْ – رَحِمَكَ اللهُ – الصدْقَ قبلَ أن تَتَعَلَّمَ العلْمَ ، والصدْقُ : إلقاءُ الكلامِ على وَجْهٍ مُطابِقٍ للواقِعِ والاعتقادِ ، فالصدْقُ من طريقٍ واحدٍ ، أمَّا نقيضُه الكَذِبُ فضُروبٌ وألوانٌ ومَسالِكُ وأَوديةٌ ، يَجْمَعُها ثلاثةٌ :
كَذِبُ الْمُتَمَلِّقِ : وهو ما يُخالِفُ الواقِعَ والاعتقادَ ، كمن يَتَمَلَّقُ لِمَنْ يَعْرِفُه فاسقًا أو مُبْتَدِعًا فيَصِفُه بالاستقامةِ .
وكَذِبُ المنافِقِ : وهو ما يُخالِفُ الاعتقادَ ويطابِقُ الواقعَ كالمنافِقِ يَنْطِقُ بما يقولُه أهلُ السُّنَّةِ والهدايةِ .
وكَذِبُ الغَبِيِّ : بما يُخالِفُ الواقِعَ ويُطابِقُ الاعتقادَ ، كمَن يَعتقِدُ صلاحَ صُوفِيٍّ مبتدِعٍ فيَصِفُه بالوَلايةِ .
فالْزَم الْجَادَّةَ ( الصدْقَ ) ، فلا تَضْغَطْ على عَكَدِ اللسانِ ، ولا تَضُمَّ شَفَتَيْكَ ، ولا تَفتَحْ فاكَ ناطقًا إلا على حُروفٍ تُعَبِّرُ عن إحساسِك الصادِقِ في الباطِنِ ؛ كالحُبِّ والبُغْضِ ، أو إحساسِك في الظاهِرِ ؛ كالذي تُدْرِكُه الحواسُّ الخمْسُ : السمْعُ، البَصَرُ ، الشمُّ ، الذَّوْقُ ، اللمْسُ .فالصادقُ لا يقولُ : ( أَحْبَبْتُكَ ) وهو مُبْغِضٌ ، ولا يقولُ : ( سَمِعْتُ ) وهو لم يَسْمَعْ ، وهكذا .
واحْذَرْ أن تَحومَ حولَك الظنونُ ، فتَخونَك العزيمةُ في صِدْقِ اللهجةِ ، فتُسَجَّلَ في قائمةِ الكذابينَ .وطريقُ الضَّمانةِ لهذا – إذا نَازَعَتْكَ نفسُك بكلامٍ غيرِ صادقٍ فيه - : أن تَقْهَرَهَا بذِكْرِ مَنزِلَةِ الصدْقِ وشَرَفِه ورَذيلةِ الكَذِبِ ودَرَكِه ، وأنَّ الكَاذِبَ عن قريبٍ يَنْكَشِفُ .
واستَعِنْ باللهِ ولا تَعْجِزَنَّ .ولاتَفْتَحْ لنفسِك سابلةَ الْمَعارِيضِ في غيرِ ما حَصَرَه الشرْعُ .
فيا طالبَ العلْمِ ! احْذَرْ أن تَمْرُقَ من الصدْقِ إلى الْمَعارِيضِ فالْكَذِبِ ، وأَسوأُ مَرَامِي هذا الْمُروقِ ( الكَذِبُ في العلمِ ) ؛ لداءِ مُنافَسَةِ الأقرانِ وطَيَرانِ السُّمعةِ في الآفاقِ .
ومَن تَطَلَّعَ إلى سُمْعَةٍ فوقَ مَنْزِلَتِه ؛ فلْيَعْلَمْ أنَّ في الْمِرصادِ رِجالًا يَحْمِلون بصائرَ نافذةً ، وأقلامًا ناقدةً ، فيَزِنُونَ السُّمعةَ بالأَثَرِ ، فتَتِمُّ تَعريتُك عن ثلاثةِ معانٍ :
فَقْدُ الثقةِ من القلوبِ .
ذَهابُ عِلْمِكَ وانحسارُ القَبولِ .
أن لا تُصَدَّقَ ولوصَدَقْتَ .
وبالجملةِ ؛ فمَن يَحترِفْ زُخرُفَ القولِ ؛ فهو أَخُو الساحرِ ، ولا يُفْلِحُ الساحرُ حيث أَتَى ، واللهُ أَعْلَمُ .
الشيخ :
هذا هو الأدب الثالث والثلاثون من آداب طالب العلم : الصدق ، قد قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :" عليكم بالصدق ، فإنّ الصدق يهدي إلى البر ، وإنّ البر يهدي إلى الجنة ، وإياكم والكذب ، فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور ، وإنّ الفجور يهدي إلى النار".
ويقول صلى الله عليه وسلم :" الصدق طمأنينة ، والكذب ريبة"
والصدق له صلة بالأمانة ، فإنّ غير الأمين غير صادق ، ونضرب لهذا مثلاً :
من قال أنّ الفقيه الفلاني يقول : بكذا وهو لم يتأكد أو يعرف خلافه ، فحينئذ ليس بصادق ولا بأمين.
وصدق اللهجة ينتج عن أمور :
أولها : رضا رب العزة والجلال وتحصيل التقوى.
وثانيها : أنّ الصدق سبب لتوقير الخلق بالإنسان وقبولهم ما جاء به.
وثالثها : أنّ الصدق يحصل به الشرف وطمأنينة النفس ، ونقاء السريرة ، وسمو الهمة.
الصدق يحصل به رجحان العقل ، ويحصل به محبة الخلق ويحصل به (صيانة الديانة) ، (قال الأوزاعي :" تعلم الصدق قبل العلم").
(قال وكيع :" هذه الصنعة لا يرتفع بها إلا الصادق") يعني لا يحُصِّل فيها العلم إلا صادق.
ومن هنا يقّدم تعويد النفس على الصدق على طلب العلم ، والصدق يكون بأمرين : موافقة الواقع ، وموافقة الاعتقاد.
أنا أظن أنّ زيد ليس وراء الجدار ، وقلت : زيد وراء الجدار ، فصار حقيقةً زيد وراء الجدار ، حينئذ هذا يخالف الاعتقاد لكنه لا يخالف الواقع.
مثال هذا : رأى أخته حاملاً ، قال في بطنها ولد ذكر ، ولدت وأصبح ولداً ذكراً ، نقول هنا : هذا كلام كاذب وهو وإن وافق الواقع لكنه يخالف الاعتقاد وبالتالي يكون كلاماً كذباً.
ومن هنا قسم المؤلف الناس ثلاثة أقسام :
كذب المتملق : وهو الذي يعتقد أنّ كلامه باطل ، ويكون كلامه مخالفاً للواقع.
أبو محمد قابله شخص بينه وبينه عداوة ، فقال له : إني أحبك.
وهو لا يحبه ولا شيء ، ويعاديه ، حينئذ ؛ هل هو موافق للواقع ، هل هو موافق للاعتقاد ، مخالف للواقع ومخالف للاعتقاد ، هذا إذاً متملق ، هذا إيش يصير؟ متملق.
الثاني كذب المنافق : المنافق يقول : أنا أحب المؤمنين ، وأحب أهل التقوى وهو يكذب ، يقول : الدعاةُ صادقون ، لكن في نفسه يقول : ما لهم فائدة في المجتمع ، فهو يقول الدعاة صادقون نافعون للأمة بلسانه ، لكن في قلبه يقول : ضيّقوا على الناس ، حينئذ نقول : هذا منافق ، لأنه تكلم بكلام يوافق الواقع لكنه يخالف اعتقاده.
النوع الثالث كذب الغبي : بما يخالف الواقع ، قال : يظن أنّ محمد خلف الجدار فقال : محمد خلف الجدار ، لكنه لم يكن خلف الجدار.
كذلك من اعتقد أنّ الصوفي صالح ، وهو مبتدع ، ووصفه بالولاية ، هذا يخالف الواقع ، لأنّ شرط الولاية الإيمان والتقوى ، كما في قوله سبحانه :" أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" إذا جاءك صوفي يقول : تُطرح التكاليف ، فحينئذ نقول : هذا ، هل هو مخالف للواقع؟ نعم ، مخالف للواقع ، لكنه يطابق اعتقاده ، فيكون هذا من كذب الغبي.
قال : (فلا تضغط على عكد اللسان) جزء من الزائد من اللسان ، يعني بالكذب.
(ولا تضم شفتيك ولا تفتح فاك –يعني الفم- ناطقا) ولاتتكلم إلا بالصدق.
(بحروف تعبر عن إحساسك الصادق في الباطن ، كالحب والبغض ، وإحساسك في الظاهر ، سواء أدركته بالحواس الخمس) أو أدركته بواسطة الاستدلال.
قال : ( فالصادق لايقول "أحببتك" وهو مبغضك) هذا من أي أنواع الكذبة ، المتملق ، مخالف الواقع والاعتقاد.
(ولا يقول "سمعت" وهو لم يسمع ، واحذر أن تحوم حولك الظنون) فيتهموك بالكذب ، وحينئذ لا يقبل منك ، وبالتالي تصبح من الكذبة.
قد يقول قائل : كيف أدرّب نفسي على الصدق وترك الكذب؟ هذا بأمور :
أولاً : استحضار أنّ الله أمرك بذلك.
ثانياً : بمعرفة رذيلة الكذب وفائدة الصدق.
وثالثاً : بالنظر في أحوال الصدقة والكذبة ، أهل الصدق نصرهم الله وأيّدهم ، وأهل الكذب خذلهم الله.
قال المؤلف عن المعاريض ؛ المعاريض : أن تتكلم بكلام له معنيان ، أحدهما صدق وواقع وتريد غيرك يطلع عليه ، والثاني خفي قد تُكَذّب فيه.
جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم :" إنّ في المعاريض لمندوحةً عن الكذب" ، نمثل للمعاريض : هذا أخوك؟ لـمّا سألته : هذا أخوك ، وهو ليس ابن أبيه ولا أمه ، قال : نعم ، وأراد أخوة الإسلام ، ظاهر مني لـمّا سألت : هل هذا أخوك أريد الأخوة من النسب ، فلما قال : نعم ، حينئذ أوهمني بأن المراد الأخوة النسبية ، وكان مراده الأخوة الإيمانية.
هكذا أيضاً ، ما حكم المعاريض ، المعاريض على أربعة أنواع :
النوع الأول : إذا كان يتوصل بها إلى إبطال الحقوق وأكل أموال الناس فهي حرام.
قال : أشهد بالله أنّ ماله عند زيد شيء ، ظاهر هذه العبارة أنّ ما نافية ، أليس كذلك ؛ تنفي وجود الحق ، لكن لما عدنا إليه وسألناه ، قال: أنا أقصد ما الموصولة ، ما له يعني : الذي له على زيد شيء ، هذا إيش؟ من المعاريض ، وتوصّلنا به إلى إبطال الحق ، فيكون محرماً.
كذلك المعاريض في الأيمان ماتجوز ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" يمينك على مايصدقك به صاحبك"
المعاريض التي يتوصل بها إلى إحقاق حق أو إصلاح بين اثنين ، أو إبطال خصومه ، هذه مشروعة.
ويؤجر إن شاء الله الإنسان عليها.
بعض الناس يكذب في المسائل العلمية ليهزّ الناس ، ويكون له مكانة ومنزلة ، قال : أنا وجدت في الكتاب الفلاني ، وما قرأ ولا اطّلع عليه ، هذا كذب ، لا يبارك له في كلامه.
قال المؤلف : ( فمن تطلع إلى سمعة فوق منزلته) فإنّ الله سيعاقبه ، وما طار طيرٌ وارتفع إلا كما طار وقع.
والكذب يورث عدم الثقة في الكاذب ، إذا كذب أول مرة احتمال أن يكذب عليك مرة ثانية ، وذهاب بركة علمه ، بل قد يؤدي إلى زوال علمه بالكلية ، والثالث : عدم قبول الناس وعدم تصديق الناس لكلامه.
الساحر يُظهر للناس أمور مخالفة للحق وللواقع ، فحينئذ كان فيه شبه من الكاذب ، ولذلك قارن المؤلف بينهما ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2115)

أم أبي التراب
04-24-2015, 02:25 AM
34-جُنَّةُ طالِبِ العلْمِ :
جُنَّةُ العالِمِ ( لا أَدْرِي ) ويَهْتِكُ حِجابَه الاستنكافُ منها ، وقولُه: يُقالُ .....
وعليه ؛ فإن كان نِصْفُ العلْمِ ( لا أَدْرِي ) ؛ فنِصْفُ الجهْلِ ( يُقالُ ) و( أَظُنُّ )
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

الشيخ:
نعم صحيح. هذا تتميم لما قبله، أن الإنسان يجب عليه إذا لم يعلم أن يقول: لا أعلم ولا يضره هذا، بل يزيده ثقة بقوله.
وأما قوله :«نصف الجهل أظن أو يقال » هذا صحيح. بعض العوام تسأله هل هذا حرام أم حلال ؟ يقول أظنه حرام. هذا عامي، يقول أظنه حرام. أو يقولون: إنه حرام، بدل يقال ، هذا أيضا نصف الجهل في الواقع، ولكن هل أثق بقول العامي أظن كذا؟! لا يجوز، ولهذا كم من أناس أفتاهم العوام بفتاوي خاطئة ولا سيما في أيام الحج. سبحان الله العظيم أيام الحج يكثر العلماء تجد كل عمود خيمة تحته عالمان كل واحد منهما يفتي ، حتى إنه قيل لي: إن أحد الناس قال: إن الذي يطوف في السطح أو في الدور الثاني يكفيه عن سبعة أشواط ثلاثة أشواط ونصف . لماذا؟ لاتساع الدائرة ، وكأنه قاس الأشواط بالخطوات، وعلى قياس قوله أن الذي يطوف في أطراف الصحن يكفيه كم؟ خمسة ، لأنه ليس كالذي عند الكعبة ن لأن عند الكعبة أقل، إلا أن يقال: مشقة هذا الذي عند الكعبة، تقابل كثرة خطوات هذا فيمتنع القياس ، على كل حال أنا أقول: إنه لا يجوز الاعتماد على فتوى العامي أبداً، لا تستفتي إلا إنسانا تثق في علمه وأمانته.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2116)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري


القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
34- جُنَّةُ طالِبِ العلْمِ :
جُنَّةُ العالِمِ ( لا أَدْرِي ) ويَهْتِكُ حِجابَه الاستنكافُ منها ، وقولُه : يُقالُ .....
وعليه ؛ فإن كان نِصْفُ العلْمِ ( لا أَدْرِي ) ؛ فنِصْفُ الجهْلِ ( يُقالُ ) و( أَظُنُّ ) .
الشيخ :
جُنة طالب العلم ، هذا هو الأدب الرابع والثلاثون ، والجُنّة : الوقاية.
إذا كان على بدنك حديد يحميك في المعارك يسمونها واقية الرصاص ، هذا الجُنّة مثل واقية الرصاص.
ما هي التي تقي طالب العلم من الشرور ، كلمة (لا أدري) ، فإذا سئل عن مسألة وهو لا يعرفها قال : (لا أدري)
كان الأئمة يحرصون على هذا ، قال قائلهم : من أخطأ (لا أدري) أصيبت مقاتله ، كأنه أصيب في المحل الذي يموت منه غالباً.
سئل الإمام مالك : عن ست وثلاثين مسألة ، فقال في ثنتين وثلاثين منها : لا أدري ، وأجاب في أربع.
قيل للإمام مالك في مسألة ، فقال : لا أدري ، قال : أتيت إليك من مصر ، وقد سأل أهلها عن هذه المسألة ، قال : أخبر من وراءك أنّ مالكاً لا يدري ، هل أنقص من درجة الإمام مالك ، هل قلل من قيمته وإمامته ، لا والله ، بل زاده إمامة و رفعة .
ومن هنا لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عن وقت الساعة قال :" ما المسئول .." يعني لا أعلم.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سلوني فهابوه أن يسألوه . فجاء رجل فجلس عند ركبتيه . فقال : يا رسول الله ! ما الإسلام ؟ قال " لا تشرك بالله شيئا . وتقيم الصلاة . وتؤتى الزكاة . وتصوم رمضان " قال : صدقت . قال : يا رسول الله ! ما الإيمان ؟ قال " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتابه ، ولقائه ، ورسله ، وتؤمن بالبعث ، وتؤمن بالقدر كله " قال : صدقت . قال : يا رسول الله ! ما لإحسان ؟ قال " أن تخشى الله كأنك تراه . فإنك إن لا تكن تراه فإنه يراك " قال صدقت . قال : يا رسول الله ! متى تقوم الساعة ؟ قال " ما المسئول عنها بأعلم من السائل . وسأحدثك عن أشراطها . إذا رأيت المرأة تلد ربها فذاك من أشراطها . وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض فذاك من أشراطها . وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان فذاك من أشراطها . في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله . ثم قرأ :" إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }سورة لقمان ، آية 34 ] قال ثم قام الرجل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ردوه على " فالتمس فلم يجدوه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا جبريل أراد أن تعلموا . إذا لم تسألوا " الراوي : أبو هريرة المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 10 خلاصة حكم المحدث : صحيحالدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3 %D8%A6%D9%88%D9%84&st=a&xclude=)


فإذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسأل المسألة ما يجيب ، ينتظر الوحي ، فإذا كان من كان كذلك يَتوقف في الجواب عن مسائل ، فكيف بنا نحن.
ومن هنا ؛ ما يستحي الواحد منا أن يقول : لا أدري ، ومثله الجملة الأخرى التي تماثلها : هذه المسألة تحتاج إلى بحث ولم أبحثها ، تحتاج إلى تقليب نظر.
إذا استنكف الإنسان عن هذه الكلمة ، بمعنى أنه تركها تكبراً عليها وظناً أنها من أسباب التنقص ، فحينئذٍ وقع في الجهل ، وخُشي عليه ممن يقول على الله بلا علم ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2116)

أم أبي التراب
04-24-2015, 03:12 AM
35- المحافَظَةُ على رأسِ مالِك ( ساعاتِ عُمُرِك) :
الوقتَ الوقتَ للتحصيلِ ، فكن حِلْفَ عمَلٍ لا حِلْفَ بَطالةٍ وبَطَرٍ ، وحِلْسَ مَعْمَلٍ لا حِلْسَ تَلَهٍّ وسَمَرٍ ، فالْحِفْظُ على الوَقْتِ ؛ بالجِدِّ والاجتهادِ ومُلازَمَةِ الطلبِّ ، ومُثافَنَةِ الأشياخِ ، والاشتغالِ بالعلْمِ قراءةً وإقراءً ومطالَعَةً وتَدَبُّرًا وحِفْظًا وبَحْثًا ، لا سِيَّمَا في أوقاتِ شرْخِ الشبابِ ، ومُقْتَبَلِ العُمْرِ ، ومَعْدِنِ العافيةِ ، فاغْتَنِمْ هذه الفرصةَ الغاليةَ ، لتنالَ رُتَبَ العلْمِ العاليةَ ؛ فإنها ( وقتُ جَمْعِ القلبِ ، واجتماعِ الفِكْرِ ) ؛ لقِلَّةِ الشواغِلِ والصوارِفِ عن التزاماتِ الحياةِ والتَّرَؤُّسِ ، ولِخِفَّةِ الظَّهْرِ والعِيالِ :

ما للمُعيلِ وللعوالِي إنمـايَسْعَى إليهنَّ الفريدُ الفارِدُ

*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

الشيخ:
ولهذا قال عمر رضي الله عنه :«تفقهوا قبل أن تسودوا»

إياك والتذرع بكثرة الأشغال عن تحصيل العلم ، فقد قال عمرـ رضي الله عنه ـ :(تفقهوا قبل أن تسودوا )،[رواه البخاري تعليقاً مجزوماً به] ؛ وقال ـ أي البخاري ـ : وبعد أن تسودوا فقد تعلم أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كبر سنهم..هنا (http://www.saaid.net/mktarat/alalm/48.htm)
- قالَ عمرُ: تفقَّهوا قبلَ أن تُسَوَّدوا"

الراوي : - المحدث : ابن حجر العسقلاني-المصدر : فتح الباري لابن حجر الصفحة أو الرقم: 1/199 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D9%81%D9%82%D9%87%D9%88%D8%A7+ %D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A3%D9%86+%D8%AA%D8%B3%D9%88 %D8%AF%D9%88%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&d[]=2&m[]=0&s[]=0)

وفي لفظ «تسودوا» لأن الإنسان إذا ساد كثرت المشاكل، وكثرت أفكاره وتفرقت وتمزقت عزائمه، فبينما يعزم على شيء إذا بحاجة نزلت به أشد إلحاحا مما عزم عليه... فيتفرق. ولذلك اجتهد ما دمت في زمن الإمهال وانتبح، واعمل، وابحث، واجعل بطون الكتب هي مرئياتك حتى تعتاد على هذا، واعلم أنك إذا اعتدت على هذا- يعني على الجد والاجتهاد- صار طبيعة لك بحيث لو أنك إذا كسلت يوما من الأيام في الرحلة فإنك تستنكر هذا وتجد الفراغ.

وليكن بحثك مركزا، بحيث لا تقطف من كل زهرة جزءا، اجعل بحثك مركزا الأهم فالأهم، حتى يكون لك ملكة تستطيع أن تخرج المسائل على القواعد والفروع على الأصول.
ما للمعيل وللعوالي إنما = يسعى إليهن الفريد الفارد
المعيل: كثير العيال. والعوالي: جمع عالية- يعني المنازل العالية فإذا كثرت العيال وكثرت المشاغل ألهتك لأن الإنسان بشر، والطاقة محدودة، فما دمت متفرغا فلتكن متفردا. ولا تظن أن المؤلف يريد بهذا ألا تطلب العيال والنكاح، بل إن النكاح قد يكون من أسباب الراحة إذا وفق الإنسان فيه ويسرت له امرأة صالحة.
*وإيَّاك وتأميرَ التسويفِ على نفسِك ؛ فلا تُسَوِّفْ لنفسِكَ بعدَ الفراغِ من كذا ؛ وبعدَ ( التقاعُدِ ) من العَمَلِ هذا ... وهكذا ، بل البِدارَ قبلَ أن يَصْدُقَ عليك قولُ أبي الطَّحَّانِ القَيْنيِّ :

حَنَتْنِي حانياتُ الدهْـرِ حَتَّـى كأني خَاتِـلٌ أَدْنُـو لصَيْـدٍ
قصيرُ الْخَطْوِ يَحْسَبُ مَن رآنِيولسْتُ مُقَيَّـدًا أنِّـي بِقَيْـدِ
خاتل أدنو لصيد: الرجل يكسر ظهره كأنه راكب يمشي ببطء على الأرض يخشى أن الطير يحس به فيطير.
«ولست مقيدا أني بقيد» وهذا صحيح، لأن الله عز وجل قال في كتابه "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ "(سورة الروم:54).
والإنسان في حالة شبابه يظن أنه لن يتعب ولن يسأم ولن يمل، لكن إذا كبر فكما قال عن زكريا :قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً "سورة مريم:4. لا بد أن يتعب، لا بد أن يمل، فكون الإنسان ينتهز الفرصة هذا أمر لا بد منه.



*وقال أُسامةُ بنُ مُنْقِذٍ : مع الثمانينَ عاثَ الضعْفُ في جَسَدِي وساءني ضَعْفُ رِجْلِي واضطرابُ يَدِي
إذا كَتَبْتُ فخَطِّي خـطُّ مُضْطَـرِبٍ كخـطِّ مُرْتَعِـشِ الكَفَّيْـنِ مُرْتَعِـدِ
فاعْجَبْ لضَعْفِ يَدِي عن حَمْلِها قَلَمًامن بعدِ حَمْلِ الْقَنَا في لَبَّـةِ الأسَـدِ
فقـلْ لِمَـن يَتَمَنَّـى طُـولَ مُدَّتِـهِ هذي عَواقِبُ طُولِ العُمُرِ والْمُـدَدِ

*فإن أَعْمَلْتَ البِدارَ فهذا شاهدٌ منك على أنك تَحْمِلُ ( كِبَرَ الهمَّةِ في العِلْمِ ) .هذه كلها أبيات تدل على الحكمة، أن الإنسان مآله إلى هذا. يقول: «مع الثمانين عاث الضعف في جسدي» أي: انتشر وشاع.
لكن المؤمن- والحمد لله- ما دام عقله باقيا وقلبه ثابتا، فإن بلغ هذا المبلغ من العجز البدني، فالقلب حاضر يستطيع أن يشغل وقته بذكر الله عز وجل والتفكير في آياته، لأن هذا لا عجز عن مراده إلا الغفلة، والغفلة شيء مشكل.
على كل حال فالمؤلف- وفقه الله- يدعونا إلى انتهاز الفرصة وألا نضيع الأوقات واعلم أنك إذا اعتدت على تضييع الوقت، عجزت بعد ذلك عن الحرص عليه وعن الانتفاع به، لأنك تكون قد اعتدت على الكسل. فإن قال قائل: أليس لنفسك عليك حقا؟1
1- آخى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بين سلمانَ وأبي الدرداءِ، فزار سلمانُ أبا الدرداءِ، فرأى أمَّ الدرداءِ متبذِّلةً، فقال لها : ما شأنُكِ ؟ قالت : أَخُوكَ أبو الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدنيا، فجاء أبو الدرداءِ، فصنع له طعامًا، فقال : كُلْ فإني صائمٌ، قال : ما أنا بآكِلٍ حتى تأكلَ، فأكل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداءِ يقومُ، فقال : نَمْ، فنام، ثم ذهب يقومُ، فقال : نَمْ، فلما كان آخِرُ الليلِ، قال سلمانُ : قُمِ الآنَ، قال : فصَلَّيَا، فقال له سلمانُ : إن لربِّكَ عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فذكر ذلك له، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( صَدَق سلمانُ ) . أبو جُحَيْفَةَ وهبٌ السُّوائيُّ، يقال : وَهْبُ الخيرِ . الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6139 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%83+ %D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%83+%D8%AD%D9%82%D9%91%D9%8B% D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&d[]=2&d[]=3&m[]=0&s[]=0)
فالجواب: بلى، إن لنفسك عليك حقا، ونحن لا نقول إذا تعبت أو مللت استمر. نقول: لا استرح، حتى إن الإنسان الذي يصلي إذا أتاه النعاس مأمور أن يدع الصلاة وينام.
لكن ما دمت نشيطا فاحرص، لأن هناك فرقا بين العجز والكسل. الكسل ضعف في الإرادة، والعجز ضعف في البدن، وضعف البدن لا حيلة فيه. لكن الإرادة هي التي يستطيع الإنسان يعود نفسه على الهمة العالية كي يستغل.
آفاق التسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2117)


القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
35- المحافَظَةُ على رأسِ مالِك ( ساعاتِ عُمُرِك) :
الوقتَ الوقتَ للتحصيلِ ، فكن حِلْفَ عمَلٍ لا حِلْفَ بَطالةٍ وبَطَرٍ ، وحِلْسَ مَعْمَلٍ لا حِلْسَ تَلَهٍّ وسَمَرٍ ، فالْحِفْظُ على الوَقْتِ ؛ بالجِدِّ والاجتهادِ ومُلازَمَةِ الطلبِّ ، ومُثافَنَةِ الأشياخِ ،والاشتغالِ بالعلْمِ قراءةً وإقراءً ومطالَعَةً وتَدَبُّرًا وحِفْظًا وبَحْثًا ، لاسِيَّمَا في أوقاتِ شرْخِ الشبابِ ، ومُقْتَبَلِ العُمْرِ ، ومَعْدِنِ العافيةِ ، فاغْتَنِمْ هذه الفرصةَ الغاليةَ ، لتنالَ رُتَبَ العلْمِ العاليةَ ؛ فإنها ( وقتُ جَمْعِ القلبِ ، واجتماعِ الفِكْرِ ) ؛ لقِلَّةِ الشواغِلِ والصوارِفِ عن التزاماتِ الحياةِ والتَّرَؤُّسِ ، ولِخِفَّةِ الظَّهْرِ والعِيالِ :
مـا للمُعيـلِ وللعوالِـي إنـمـا يَسْعَى إليهنَّ الفريدُ الفارِدُ
وإيَّاك وتأميرَ التسويفِ على نفسِك ؛ فلا تُسَوِّفْ لنفسِكَ بعدَ الفراغِ من كذا ؛ وبعدَ ( التقاعُدِ ) من العَمَلِ هذا ... وهكذا ، بل البِدارَ قبلَ أن يَصْدُقَ عليك قولُ أبي الطَّحَّانِ القَيْنيِّ :
حَنَـتْـنِـي حـانـيـاتُ الـدهْــرِ حَـتَّــى كـــأنـــي خَـــاتِـــلٌ أَدْنُـــــــو لــصَــيْـــدٍ
قصيرُ الْخَطْوِ يَحْسَبُ مَن رآنِي ولـــسْــــتُ مُــقَــيَّـــدًا أنِّـــــــي بِــقَــيْـــدِ
وقال أُسامةُ بنُ مُنْقِذٍ :
مع الثمانينَ عاثَ الضعْفُ في جَسَدِي وساءني ضَعْفُ رِجْلِي واضطرابُ يَـدِي
إذا كَـتَـبْــتُ فـخَــطِّــي خـــــطُّ مُـضْــطَــرِبٍ كــــخــــطِّ مُــرْتَـــعِـــشِ الــكَــفَّــيْــنِ مُـــرْتَـــعِـــدِ
فاعْجَبْ لضَعْفِ يَدِي عن حَمْلِها قَلَمًا مــن بـعـدِ حَـمْـلِ الْـقَـنَـا فـــي لَـبَّــةِ الأسَـــدِ
فـــقــــلْ لِـــمَــــن يَـتَــمَــنَّــى طُــــــــولَ مُــــدَّتِــــهِ هـــذي عَــواقِــبُ طُــــولِ الـعُـمُــرِ والْــمُــدَدِ
فإن أَعْمَلْتَ البِدارَ فهذا شاهدٌ منك على أنك تَحْمِلُ ( كِبَرَ الهمَّةِ في العِلْمِ) .
الشيخ :
الله جل وعلا خلقنا من أجل غاية وهي عبادته جل وعلا كما في قوله :{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ومن أعلى درجات العبادة ، طلب العلم.
ومن هنا فاستعمل حياتك فيما خلقت له ، واستعمل جميع وقتك للهدف والغاية التي خلقت من أجلها ، ثم إنك ستَرِد على رب العزة والجلال ، وسيسألك عن كل أعمالك وجميع أوقاتك ، ماذا علمت بها فحينئذ استعمل هذا الوقت فيما إذا أَخْبرت عنه عند الله كان سباباً لنجاحك وفلاحك.

- لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ : عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ ، وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وماذا عملَ فيما علِمَ

الراوي : عبدالله بن مسعود المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2416 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%B3%D8%A3%D9%84+%D8%B9%D9%86 +%D8%AE%D9%85%D8%B3&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&d[]=2&d[]=3&m[]=0&s[]=0)
ومن ثَمّ يترك الإنسان تضييع الأوقات فيما لا يفيد ، كان بعض الأئمة يحرص على استعمال وقته فيما يفيد ، ولا يترك منه شيئاً حتى أنّ المجد بن تيمية ، جد شيخ الإسلام كان يُقرأ عليه العلم عند قضائه للحاجة ، لا يريد أن يفوت وقتاً ، وبعضهم كان إذا جاءه الأضياف يحرص أن يشتغل ببري القلم عند أضيافه لئلا يضيع شيء من وقته ، والشواهد في هذا كثيرة ، ومن هنا فاحفظ عمرك.
قال : ( كن حلف عمل لا حلف بطالة وبطر) الحلف : وهو العقد الذي يعقده الإنسان ، فاعقد نفسك مع الأعمال ، حتى تنتج وتثمر ، ولا تكون مع البطالة وهي ترك العمل ، والبطر الذي هو تضييع الوقت وجحد هذه النعمة.
وحينئذ تكون(حلس معمل) الحلس هو المرابط.
لا تكن (حلس ثلة أو تلّهٍ وسمر) فالتلّهي ابتعد عنه ، والسمر الذي لا يفيدك : ابتعد عنه.
(فالحفظ على الوقت يكون بالجد والاجتهاد وملازمة الطلب ومثافنة الأشياخ) بملازمتهم حتى تكون قريباً منهم.
(والاشتغال بالعلم قراءة) يقرأ لنفسه (وإقراءًا) يقرأ لغيره ، أو يُقرأ عليه.
(ومطالعة وتدبراً –فهماً- وحفظاً وبحثاً ، وخصوصاً في أوقات شرخ الشباب) ووقت الشباب أدعى بأن تحفظه.
(ومقتبل العمر) وبذلك إذا اغتنمت الوقت حَصَلت على رتب العلم العالية ، فإنّ وقت الشباب هو وقت اجتماع القلب ، ما عندك مشغلات كثيرة تشغل قلبك ، تجعلك تنسى.
( ووقت الشباب هو وقت اجتماع الفكر لقلة الشواغل والصوارف) ماعنده عيال ولا عنده حوائج يُرسل فيها.
ولا يهتم بقضايا العامة أوالخاصة ، ومن ثَمّ اجتنب التسويف : بعدين ، شغلي بسويه بكره ، لا ، ابدأ ، بادر ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "بادروا بالأعمال ، هل تنتظرون إلا مرضاً مفسداً ، أو كبراً مفنّداً ، ...." إلى آخر ما ذكر من السبع التي وردت في الحديث.

- أنه سمعَ عبدَ اللهِ بن عمروٍ رضي الله عنهما بلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أني أسرُدُ الصومَ وأصلي الليلَ ، فإما أرسلَ إليَّ وإما لقِيتُه ، فقال: ألم أُخْبَرْ أنك تصومُ ولا تُفطرُ ، وتصلِّي ولا تنامُ ؟ فصمْ وأَفطرْ ، وقمْ ونمْ ، فإن لعيْنِك عليك حظًّا ، وإن لنفسِك وأهلِك عليك حظًّا قال : إني لأقوَى لذلك ، قال : فصمْ صيامَ داودَ عليه السلام قال: وكيف ؟ قال: كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا ، ولا يفرُّ إذا لاقَى . قال : من لي بهذه يا نبيَّ اللهِ ؟ قال عطاءٌ : لا أدري كيف ذكرَ صيامَ الأبدِ؟ ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : لا صامَ من صامَ الأبدِ مرتين .

الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1977 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%8E%D8%B5%D9%8F%D9%85%D9%92 +%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D9%81%D9%92%D8%B7%D9%90% D8%B1%D9%92&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
بادروا بالأعمالِ ستًّا طلوعُ الشمسِ من مغربِها أو الدُّخانُ أو الدجالُ أو الدابةُ أو خاصةُ أحدِكم أو أمرُ العامةِ

الراوي : أبو هريرة المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2947 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%A7&st=a&xclude=)


- بادِرُوا بِالأعمالِ سبعًا ، هل تَنظُرُونَ إلَّا فَقرًا مُنْسِيًا ، أو غِنًى مُطْغِيًا ، أو مَرَضًا مُفسِدًا ، أو هَرَمًا مُفَنِّدًا ، أو مَوتًا مُجْهِزًا ، أو الدَّجالُ ، فشَرُّ غائِبٍ يَنتَظِرُ ، أو الساعةُ ، فالساعةُ أدْهَى وأمَرَّ

الراوي : أبو هريرة المحدث :الألباني-المصدر : ضعيف الترغيب-الصفحة أو الرقم: 1957 خلاصة حكم المحدث : ضعيف جداً الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%A7+ %D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&d[]=2&d[]=3&m[]=0&s[]=0)

إذا بادر الإنسان على أعمال الطاعة ، ومنها طلب العلم فهذا شاهد وجود كبر الهمة لديه.
آفاق التسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2117)

أم أبي التراب
05-03-2015, 03:08 AM
36-إجمامُ النفْسِ :
خُذْ من وَقْتِك سُويعاتٍ تُجِمُّ بها نفسَك في رِياضِ العِلْمِ من كُتُبِ المحاضراتِ ( الثقافةِ العامَّةِ ) ؛ فإنَّ القلوبَ يُرَوَّحُ عنها ساعةً فساعةً .
وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( أَجِمُّوا هذه القلوبَ ، وابْتَغُوا لها طرائفَ الْحِكمةِ ، فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدانُ ) .
وقالُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى في حِكْمَةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ في مُطْلَقِ الأوقاتِ :( بل في النهيِ عنه بعضَ الأوقاتِ مصالِحُ أُخَرُ من إِجمامِ النفوسِ بعضَ الأوقاتِ ، من ثِقَلِ العِبادةِ ؛ كما يُجَمُّ بالنوْمِ وغيرِه ، ولهذا قالَ مُعاذٌ : إني لأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي ، كما أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي ...
وقالَ : ( بل قد قيلَ : إنَّ من جُملةِ حِكمةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ المطلَقِ في بعضِ الأوقاتِ : إجمامَ النفوسِ في وَقْتِ النهيِ لتَنْشَطَ للصلاةِ ؛ فإنها تَنْبَسِطُ إلى ما كانت مَمنوعةً منه ، وتَنْشَطُ للصلاةِ بعدَ الراحةِ . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
الشيخ:
وهنا يجب أن نعلم أن إجمام النفس وإعطاءها شيئا من الراحة حتى تنشط في المستقبل وحتى تستريح بعض الراحة مما سبق أن هذا من الأمور الشرعية التي دل عليها قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولزوجك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه).

- آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال : ما شأنك متبذلة ؟ ! قالت : إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، قال : فلما جاء أبو الدرداء ، قرب إليه طعاما ، فقال : كل ، فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال : فأكل ، فلما كان الليل ، ذهب أبو الدرداء ليقوم ، فقال له سلمان : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم ، فقال له : نم ، فنام ، فلما كان عند الصبح ، قال له سلمان : قم الآن ، فقاما فصليا ، فقال : إن لنفسك عليك حقا ، ولربك عليك حقا ، ولضيفيك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرا ذلك ؟ فقال له : صدق سلمان

الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2413 خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%86+%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3 %D9%83+%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
- أنه سمعَ عبدَ اللهِ بن عمروٍ رضي الله عنهما بلغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أني أسرُدُ الصومَ وأصلي الليلَ ، فإما أرسلَ إليَّ وإما لقِيتُه ، فقال: ألم أُخْبَرْ أنك تصومُ ولا تُفطرُ ، وتصلِّي ولا تنامُ ؟ فصمْ وأَفطرْ ، وقمْ ونمْ ، فإن لعيْنِك عليك حظًّا ، وإن لنفسِك وأهلِك عليك حظًّا قال : إني لأقوَى لذلك ، قال : فصمْ صيامَ داودَ عليه السلام قال: وكيف ؟ قال: كان يصومُ يومًا ويُفطرُ يومًا ، ولا يفرُّ إذا لاقَى . قال : من لي بهذه يا نبيَّ اللهِ ؟ قال عطاءٌ : لا أدري كيف ذكرَ صيامَ الأبدِ؟ ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : لا صامَ من صامَ الأبدِ مرتين .
الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1977 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%8E%D8%B5%D9%8F%D9%85%D9%92 +%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D9%81%D9%92%D8%B7%D9%90% D8%B1%D9%92&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وهذا الحديث هو الميزان الحقيقي الذي تطمئن إليه النفس لا ما روي عن عمر ولا عن علي وغيرهما، فلو أن المؤلف استدل بهذا الحديث لكان أبين وأظهر، والنفس إذا جعلتها دائما في جد لا بد أن تمل وتسأم، وأما ما قيل: إن من جملة حكمة النهي عن التطوع المطلق في بعض الأوقات. فهذا من جملة الحكمة، وليس هو الحكمة، بل الحكمة الحقيقية ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام: أن الشمس إذا طلعت فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار وكذلك إذا غربت يسجدون لها. فهم يسجدون لها استقبالا، ويسجدون لها وداعا.
أما وقت الزوال فإن الحكمة فيه: أنه الوقت التي تسجر فيه جهنم فيلحق النفس من التعب في الحر لا سيما في أيام الصيف ما ينهى أن يصلي الإنسان فيه. وليس هذا القيل الذي قيل معارضا للحديث لكنه من جملة الحكمة، والله أعلم.
القارئ:
ولهذا كانت العُطَلُ الأسبوعيَّةُ للطُّلَّابِ مُنتشِرَةً منذُ أَمَدٍ بعيدٍ ، وكان الأَغْلَبُ فيها يومَ الْجُمعةِ وعَصْرَ الخميسِ ، وعندَ بعضِهم يومَ الثلاثاءِ ويومَ الاثنينِ ، وفي عِيدَي الفطْرِ والأَضْحَى من يومٍ إلى ثلاثةِ أيَّامٍ وهكذا .
الشيخ:
صحيح... العطل الأسبوعية منتشرة منذ زمن، لكن بعضهم يقتصر على الجمعة فقط، وبعضهم يضيف إلى الجمعة يوم الخميس، وبعضهم يجعل الجمعة ونصف الأسبوع، وكان شيخنا عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله- يفعل هذا، يكون العطلة يوم الجمعة، ويوم الثلاثاء الذي هو وسط الأسبوع لأجل ألا يتوالى يومان كلاهما عطلة، ولئلا يمل الإنسان، وهذا يرجع على كل حال إلى أحوال الناس والأحوال تختلف، فيجعل من العطل ما يناسب.

القارئ:
ونَجِدُ ذلك في كُتُبِ آدابِ التعليمِ ، وفي السِّيَرِ ، ومنه على سبيلِ الْمِثالِ : ( آدابُ المعَلِّمِينَ ) لسُحْنونٍ ( ص 104 ) ، ( والرسالةُ الْمُفَصَّلَةُ ) للقابسيِّ ، ( والشقائقُ النُّعْمانيَّةُ ) وعنه في : ( أَبْجَدِ العلومِ ) ، وكتابِ ( أَلَيْسَ الصبْحُ بقريبٍ ) للطاهرِ ابنِ عاشورٍ ، ( وفتاوَى رَشيد رِضَا ) و( مُعْجَمِ البِلدانِ ) و ( فتاوى شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ) .
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2118)
*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري:
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
36- إجمامُ النفْسِ :
خُذْمن وَقْتِك سُويعاتٍ تُجِمُّ بها نفسَك في رِياضِ العِلْمِ من كُتُبِ المحاضراتِ ( الثقافةِ العامَّةِ ) ؛ فإنَّ القلوبَ يُرَوَّحُ عنها ساعةً فساعةً .
وفي المأثورِ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( أَجِمُّوا هذه القلوبَ ، وابْتَغُوا لها طرائفَ الْحِكمةِ ، فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدانُ ) .
وقالُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى في حِكْمَةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ في مُطْلَقِ الأوقاتِ : ( بل في النهيِ عنه بعضَ الأوقاتِ مصالِحُ أُخَرُ من إِجمامِ النفوسِ بعضَ الأوقاتِ ، من ثِقَلِ العِبادةِ ؛ كما يُجَمُّ بالنوْمِ وغيرِه ، ولهذا قالَ مُعاذٌ : إني لأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي ، كما أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي ... )
وقالَ : ( بل قد قيلَ : إنَّ من جُملةِ حِكمةِ النهيِ عن التَّطَوُّعِ المطلَقِ في بعضِ الأوقاتِ : إجمامَ النفوسِ في وَقْتِ النهيِ لتَنْشَطَ للصلاةِ ؛ فإنها تَنْبَسِطُ إلى ما كانت مَمنوعةً منه ، وتَنْشَطُ للصلاةِ بعدَ الراحةِ . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .
ولهذاكانت العُطَلُ الأسبوعيَّةُ للطُّلَّابِ مُنتشِرَةً منذُ أَمَدٍ بعيدٍ ، وكان الأَغْلَبُ فيها يومَ الْجُمعةِ وعَصْرَ الخميسِ ، وعندَ بعضِهم يومَ الثلاثاءِ ويومَ الاثنينِ، وفي عِيدَي الفطْرِ والأَضْحَى من يومٍ إلى ثلاثةِ أيَّامٍ وهكذا .
ونَجِدُ ذلك فيكُتُبِ آدابِ التعليمِ ، وفي السِّيَرِ ، ومنه على سبيلِ الْمِثالِ : ( آدابُ المعَلِّمِينَ ) لسُحْنونٍ ( ص 104 ) ، ( والرسالةُ الْمُفَصَّلَةُ ) للقابسيِّ ( ص135-137 ) ، ( والشقائقُ النُّعْمانيَّةُ ) ( ص20) وعنه في : ( أَبْجَدِ العلومِ ) ( 1/195-196 ) ، وكتابِ ( أَلَيْسَ الصبْحُ بقريبٍ ) للطاهرِ ابنِ عاشورٍ ، ( وفتاوَى رَشيد رِضَا ) (1212) و( مُعْجَمِ البِلدانِ ) ( 3/102) و ( فتاوى شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ) ( 25/318-320، 329)
الشيخ :
هذا هو الأدب السادس والثلاثون من آداب طالب العلم : إجمام النفس ، بحيث لا يحملها على شيء في جميع الأوقات فتملّ منه ، وكذلك لا يُذهب نفسه تعبا يجعلها تصبح لا تميّز العلوم ، من جعل نومه قليلا ، أقل مما تحتاجه إليه نفسه ضعفت نفسه ، ولم يستطع التركيز والفهم ، وهكذا من لم يطعم الطعام الذي يغذيه فإنّ نفسه تضعف ، وبالتالي يكلّ ولا يتمكن من الفهم ومن مواصلة التعلم.
وشاهد هذا كثير في النصوص الشرعية ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى"ضعيف المنبت الذي يركب ناقته ويسير بها ويواصل بدون أن يرتاح.
- إِنَّ هذا الدينَ متينٌ ، فأوْغِلْ فيه برِفْقٍ ، فإِنَّ الْمُنبَتَّ لا أرضًا قطعَ ، ولَا ظهْرًا أبْقَى

الراوي : جابر بن عبدالله المحدث : الألباني- المصدر : ضعيف الجامع- الصفحة أو الرقم: 2022 خلاصة حكم المحدث : ضعيف
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A8%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&d[]=3&m[]=0&s[]=0)
فحينئذ يُتعب ناقته فتعجز في نصف الطريق ، فيكون لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ، وجاء في الحديث : حديث النفر الثلاثة الذين قال قائلهم : أصوم ولا أفطر ، وقال الآخر: أقوم ولا أنام ، وقال الثالث : لا أتزوج النساء ، فعتب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال : "إني أخشاكم لله وأتقاكم له ، أما أني أقوم وأنام ، وأصوم ، وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني"

- جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني .الراوي : أنس بن مالك المحدث :البخاري-المصدر :صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 5063 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%88%D8%A3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%83 %D9%85+%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)


وشاهدوا هذا أيضا في منع المكلّف من العبادة في بعض الأوقات من أجل أن لا يتعب نفسه ، وانظر إلى حديث عبدالله بن عمرو لما كان يصوم ولا يُفطر ، وكان يقوم حتى أثّر ذلك على نفسه ، فجاء أبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن عبادته ، ثم بعد ذلك أرشده إلى ترك مواصلة العبادة ، بحيث يجعل وقتا للراحة ، ولا يشق على نفسه.
وانظر في حديث تلك المرأة التي كانت تضع حبلا في المسجد صفيّة ، حتى إذا تعبت استندت إلى الحبل ، فقال صلى الله عليه وسلم : "حلّوه –فكوا الحبل- ليصلّي أحدكم نشاطه ، فإذا فتر فليرقد ، فلعلّه يذهب يسأل ربه فيسب نفسه"

دخلَ المسجدَ فرأى حبلًا ممدودًا بينَ ساريتينِ فقالَ ما هذا الحبلُ قالوا لزينبَ تصلِّي فيهِ فإذا فترت تعلَّقت بِه فقالَ "حلُّوهُ حلُّوهُ ليصلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا فترَ فليقعُدْ"
الراوي : أنس بن مالك المحدث : الألباني
المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 1137 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AD%D9%84%D9%91%D9%8F%D9%88%D9%87% D9%8F+%D8%AD%D9%84%D9%91%D9%8F%D9%88%D9%87%D9%8F+% D9%84%D9%8A%D8%B5%D9%84%D9%91%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
حتى عاد ما ميّز في الكلام ، هكذا في طلب العلم ، يصبح ما عاد يميّز.
- أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يصلي فلْيرقُدْ ، حتى يذهبَ عنه النومُ ، فإن أحدَكم إذا صلى وهو ناعِسٌ ، لا يدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه .

الراوي :عائشة أم المؤمنين المحدث : البخاري-المصدر :صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 212 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%B1%D9%82%D8%AF&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
ومن ذلك المفاوتة بين الفنون ، لو استمريت على فن واحد يمكن تمل نفسك منه ، فتنتقل من علم إلى علم ، كداخل البستان ، مرة يأكل عنبا ، ومرة يأكل رمانا ، ومرة يأكل تينا ، ومرة يأكل من غيره ، فيلتذّ ذلك ، أما لو أكل من صنف واحد فسيملّ منه.
ومن وسائل ذلك ، إعطاء النفس راحتها ، والقيام على النفس بشئونها ، سواء في نظافة الإنسان أو في مأكله أو في مشربه ، أو نحو ذلك.
وكذلك النظر في بعض النكت والطرائف ، النكت : هي الأمور الغريبة ، حتى تنشط نفسك ، والطرائف : هي التي تتحرّك لها النفس وتطرب ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما جاء منه المزاح.
(قال علي : أجمّوا هذه القلوب ، وابتغوا لها طرائف الحكمة ، فإنها تملّ) ومن هذا حرص أهل العلم على جعل إجازة وعطلة في الدراسة ، نعم.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2118)

أم أبي التراب
05-03-2015, 04:16 PM
الأمر السابع والثلاثون – قراءةُ التصحيحِ والضبْطِ :


احْرِصْ على قِراءةِ التصحيحِ والضبْطِ على شيخٍ مُتْقِنٍ؛ لتأْمَنَ من التحريفِ والتصحيفِ والغلَطِ والوَهْمِ . وإذا اسْتَقْرَأْتَ تَراجمَ العُلماءِ – وبخاصَّةٍ الْحُفَّاظَ منهم – تَجِدُ عَددًا غيرَ قليلٍ مِمَّنْ جَرَّدَ المطَوَّلَاتِ في مجالِسَ أو أيَّامٍ قراءةَ ضَبْطٍ على شيخٍ مُتْقِنٍ .
الشيخ:
وهذه الفقرة من أهم الفقرات، وهو إتقان العلم وضبطه ومحاولة الرسوخ في القلب، لأن ذلك هو العلم، ولا بد أن يكون على شيخ متقن أما الشيخ المتمشيخ فإياك إياك فقد يضرك ضررا كثيرا والإتقان يكون في كل فن بحسبه، قد نجد رجلا متقنا في الفرائض مثلا غير متقن في أحكام الصلاة، ونجد رجلا متقنا في علوم العربية غير عارف بالعلوم الشرعية وآخر بالعكس، فخذ من كل عالم ما يكون متقنا فيه ما لم يتضمن ذلك ضررا، مثل أن نجد رجلا متقنا في علوم العربية، لكنه منحرف في عقيدته وسلوكه فهذا لا ينبغي أن نجلس إليه لأننا إذا جلسنا إليه اغتر به الآخرون وظنوا أنه على حق، فنحن نطلب العلم من غيره وإن كان أجود الناس في هذا الفن، لكن ما دام منحرفا فلا ينبغي أن نجلس إليه.

القارئ:
فهذا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَه اللهُ تعالى قَرَأَ ( صحيحَ البخاريِّ ) في عشرةِ مجالسَ ، كلُّ مجلِسٍ عشرُ ساعاتٍ .

كم عدد الساعات ؟ ! 100 ساعة .. الله المستعان ، ولكن على كل حال هو قراءة فقط دون شرح وتأمل.
( وصحيحَ مسلِمٍ ) في أربعةِ مجالسَ في نحوِ يومينِ وشيءٍ من بُكْرَةِ النهارِ إلى الظهْرِ وانتهى ذلك في يومِ عَرَفَةَ ،
وانتهى ذلك في يومِ عَرَفَةَ ، وكان يومَ الجمُعَةِ سنةَ 813 هـ ، وقرأَ ( سُنَنَ ابنِ ماجهْ ) في أربعةِ مجالِسَ ، و ( مُعجَمَ الطبرانيِّ الصغيرَ ) في مَجلِسٍ واحدٍ ، بينَ صَلَاتَي الظهْرِ والعَصْرِ .
وشيخُه الفَيروزآباديُّ قَرَأَ في دِمَشْقَ ( صحيحَ مُسْلِمٍ ) على شيخِه ابنِ جَهْبَلَ قِراءةَ ضَبْطٍ في ثلاثةِ أيَّامٍ .
وللخطيبِ البَغدادىِّ والمؤتَمَنِ الساجيِّ ، وابنِ الأبَّارِ وغيرِهم في ذلك عجائبُ وغرائبُ يَطولُ ذِكْرُها، وانْظُرْها في ( السِّيَرِ ) للذهبيِّ و ( طَبقاتِ الشافعيَّةِ ) للسُّبْكيِّ ، و ( الجواهِرِ والدُّرَرِ ) للسَّخَاويِّ ، و( فتْحِ الْمُغيثِ ) و ( شَذَراتِ الذهَبِ ) ، و ( خُلاصةِ الأثَرِ ) ، و ( فِهْرِسِ الفهارِسِ ) للكَتَّانِيِّ ، و ( تاجِ العَروسِ ) .
فلا تَنْسَ حَظَّكَ من هذا .
الشيخ:
الظاهر أن ما لي حظ أبدا في هذا . سبحان الله، والله المستعان.
شرح الشيخ العثمين آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2119)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري :
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
37- قراءةُ التصحيحِ والضبْطِ :
احْرِصْ على قِراءةِ التصحيحِ والضبْطِ على شيخٍ مُتْقِنٍ ؛ لتأْمَنَ من التحريفِ والتصحيفِ والغلَطِ والوَهْمِ . وإذا اسْتَقْرَأْتَ تَراجمَ العُلماءِ – وبخاصَّةٍ الْحُفَّاظَ منهم – تَجِدُ عَددًا غيرَ قليلٍ مِمَّنْ جَرَّدَ المطَوَّلَاتِ في مجالِسَ أو أيَّامٍ قراءةَ ضَبْطٍ على شيخٍ مُتْقِنٍ .
فهذا الحافظُ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَه اللهُ تعالى قَرَأَ ( صحيحَ البخاريِّ ) في عشرةِ مجالسَ ،كلُّ مجلِسٍ عشرُ ساعاتٍ ، ( وصحيحَ مسلِمٍ ) في أربعةِ مجالسَ في نحوِ يومينِ وشيءٍ من بُكْرَةِ النهارِ إلى الظهْرِ وانتهى ذلك في يومِ عَرَفَةَ ، وكان يومَ الجمُعَةِ سنةَ 813 هـ ، وقرأَ ( سُنَنَ ابنِ ماجهْ ) في أربعةِ مجالِسَ ، و ( مُعجَمَ الطبرانيِّ الصغيرَ ) في مَجلِسٍ واحدٍ ، بينَ صَلَاتَي الظهْرِ والعَصْرِ .
وشيخُه الفَيروزآباديُّ قَرَأَ في دِمَشْقَ ( صحيحَ مُسْلِمٍ ) على شيخِه ابنِ جَهْبَلَ قِراءةَ ضَبْطٍ في ثلاثةِ أيَّامٍ .
وللخطيبِ البَغدادىِّ والمؤتَمَنِ الساجيِّ ، وابنِ الأبَّارِ و غيرِهم في ذلك عجائبُ وغرائبُ يَطولُ ذِكْرُها ، وانْظُرْها في ( السِّيَرِ ) للذهبيِّ 18/277 و 279، 19/310، 21/253 ) و ( طَبقاتِ الشافعيَّةِ ) للسُّبْكيِّ ( 4/30 ) ، و ( الجواهِرِ والدُّرَرِ ) للسَّخَاويِّ ( 1/103-105 ) ، و( فتْحِ الْمُغيثِ ) (2/46) و ( شَذَراتِ الذهَبِ ) ( 8/121و206 ) ، و ( خُلاصةِ الأثَرِ ) ( 1/72-73 ) ، و ( فِهْرِسِ الفهارِسِ ) للكَتَّانِيِّ ، و ( تاجِ العَروسِ ) ( 1/45-46 ) . فلا تَنْسَ حَظَّكَ من هذا .

الشيخ :
هذه من آداب طالب العلم أنه يحرص على قراءة الكتب خصوصا المطوّلات على أشياخه من أجل أن يضبط كيفية نطق الكلمات ويضبط التشكيل ويضبط النحو ، وكذلك يأمن من الغلط ، والوهم ، من إدخال الجملة في جملة أخرى ، ويسأل عما استشكل لديه من مثل هذا.
فكان أهل العلم يفعلون هذا ، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلون في القرآن فيقرأون على النبي صلى الله عليه وسلم كتاب الله ، وإذا وقع عندهم استشكال جاءوا وقرءوا ، وكم من صحابي قد قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبواسطة قراءة هذه المطولات في المجالس القليلة والأوقات القليلة يحصل فوائد منها :
تحصيل العلوم والمعارف الكثيرة في الزمن القليل ، ومنها توسيع مدارك الإنسان بحيث يعرف أمورا وأقوالا مخالفة لما يستقر في نفسه ، وبذلك يتمكن من استخراج النوادر والمسائل والفرائد الغريبة ، وبذلك أيضا يتكون عند الإنسان قدرة على معرفة موطن بحث المسائل في كتب أهل العلم ، وكذلك تعرف طرائق التأليف ، وأنواع المؤلفات والمصطلحات التي يستخدمها علماء الشريعة فيها ، وينبغي أن تميّز ما قرأته وتضع علامة بحيث لا يفوتك شيء من المقروء.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2119)

أم أبي التراب
05-10-2015, 12:23 PM
الأمر الثامن والثلاثون: جَرْدُ الْمُطَوَّلَاتِ :
القارئ:
الأمر الثامن والثلاثون: جَرْدُ الْمُطَوَّلَاتِ :

الْجَرْدُ للمُطَوَّلاتِ من أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ ؛ لتَعَدُّدِ المعارِفِ ، وتوسيعِ الْمَدَارِكِ واستخراجِ مَكنونِها من الفوائدِ والفرائدِ ، والخبرةِ في مَظَانِّ الأبحاثِ والمسائلِ ، ومَعرِفَةِ طرائقِ الْمُصَنِّفِينَ في تآليفِهم واصطلاحِهم فيها .

وقد كان السالِفون يَكتبون عندَ وُقوفِهم : ( بَلَغَ ) حتى لا يَفوتَه شيءٌ عندَ الْمُعاوَدَةِ ، لا سيَّمَا مع طُولِ الزَّمَنِ .

الشيخ:
هذه فيها نظر – يعني جرد المطولات- قد يكون فيه مصلحة للطالب وقد يكون فيه مضرة، فإذا كان الطالب مبتدئا، فإن جرد المطولات له هلكة، كرجل لا يحسن السباحة يرمي نفسه في البحر.
وإن كان عند الإنسان العلم، ولكنه أراد أن يسرد هذه المطولات من أجل أن يكسب فوق علمه الذي عنده، فهذا قد يكون حسن.
فهذه الفقرة تحتاج إلى تفصيل. لو أن رجلا بدأ بالعلم من الآن ونقول له اذهب راجع المغني وراجع شرح المهذب وراجع الحاوي الكبير... وراجع كذا وعددت له من الكتب الموسعة. هذا معناه أنك أهلكته، رميته في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج. أما الإنسان الذي أعطاه الله علما وأراد أن يتبحر ويتوسع فهنا نقول: عليك بالمطولات، وقد ذكر لي بعض الإخوة أن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين -رحمه الله- أنه لم يتجاوز (الروض المربع) في مراجعاته في الفقه، ومع ذلك كان يطلق عليه مفتي الديار النجدية وله حواش على الروض المربع وهو لم يتجاوزه، لكنه يكرره ويتأمله منطوقا ومفهوما وإماء وإشارة.
أما كتابة «بلغ» فهذا طيب إنك إذا راجعت كتابا فاكتب عند المنتهى «بلغ» لتستفيد فائدتين:
الأولى- ألا تنسى ما قرأت، لأن الإنسان ربما ينسى فلا يدري هل بلغ هذه الصفحة أم لا؟ وربما يفوته بعض الصفحات إذا ظن أنه قد تقدم في المطالعة.
والفائدة الثانية- أن يعلم الآتي بعدك الذي يقرأ هذا الكتاب أنك قد أحصيته وأكملته فيثق به أكثر.
شرح الشيخ العثمين
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2120)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري :
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
38-جَرْدُ الْمُطَوَّلَاتِ :
الْجَرْدُ للمُطَوَّلاتِ من أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ ؛ لتَعَدُّدِ المعارِفِ ، وتوسيعِ الْمَدَارِكِ واستخراجِ مَكنونِها من الفوائدِ والفرائدِ ، والخبرةِ في مَظَانِّ الأبحاثِ والمسائلِ ، ومَعرِفَةِ طرائقِ الْمُصَنِّفِينَ في تآليفِهم واصطلاحِهم فيها .
وقدكان السالِفون يَكتبون عندَ وُقوفِهم : ( بَلَغَ ) حتى لا يَفوتَه شيءٌ عندَ الْمُعاوَدَةِ ، لا سيَّمَا مع طُولِ الزَّمَنِ .
الشيخ :
وهذا هو شأن أهل العلم ، والدروس العلمية كانت تُجعل على نوعين :
النوع الأول : دروس جرد المطولات ، يقرأون فيها ولا يتوقفون إلا عند نقطة مشكلة.
والثاني : قراءة المتون ، والمتون للمبتدئين ، ويحرص فيها على التفهيم والإفهام.
وللعلماء طرائق متعددة في التفهيم أول هذه الطرائق :
الطلب من الطلاب أن يبيّنوا فهمهم للكتاب ثم يقوم الشيخ بالتصحيح ، مثال هذا : عندنا درس في زاد المستقنع مثلا ، أتينا بجملة ، أقول : ما معناها يا زيد؟ ما معناها يا عمرو؟ ما معناها يا خالد؟ ثم أصحح ، وأقول : الصواب في الفهم كذا.
وأما فهمك في الفهم الفلاني فهو خطأ ، وسبب خطأه كذا ، فتستقر المعلومات ، وكل جملة يسأل عنها أشخاص مختلفين ، وهذه أحسن الطرق وهي التي تستقرّ في الذهن.
النوع الثاني : نوع المجادلة والمناقشة ، بحيث نقسّم الطلاب إلى فريقين ، وكلما جاءت مسألة نقول : انتخبوا لنا واحدا مغايرا لما أخذتموه في المسائل السابقة ، فيشرح ثم يشرح الثاني ونقارن بينهما ، أو يشرح أحدهما ويصحح له الآخر ، ثم يصحح الشيخ لهما ، وهذه أيضا طريقة جميلة ويستقر بها.
وهاتان الطريقتان لهما أصل في السنة ، كما في حديث ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن شجرة صفتها كذا وصفتها كذا ، هذا سؤال ؛ الشيخ هو الذي يسأل ، ويطلب من الطلاب أن يجيبوه.
الطريقة الثالثة : أن يقوم طالبان بالمناظرة ، تُسمّى طريقة المناظرة ، يتناظران في المسألة بحيث هذا يناظر هذا ، وننظر ، هذا يتبنى قولا وهذا يتبنى قولا ، وننظر من يكون معه الغلبة ، ثم يعقّب الشيخ بما يستقيم.
الطريقة الرابعة : طريقة السرد ، مثل طريقتنا هذه ، وهي من أضعف الطرق في إبقاء المعلومات ، ولكنها جيدة ، يحصّل الناس منها شيء ، خصوصا إذا كان هناك كتاب وتسجيل ، وتَنَاقش الطلاب فيها فيما بعد ، فإنها تبقى المعلومة حينئذ.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2120)

أم أبي التراب
05-10-2015, 01:10 PM
شوال عام 1436
مجلس 71
39- حُسْنُ السؤالِ :
الْتَزِمْ أَدَبَ الْمُباحَثَةِ ، من حُسْنِ السؤالِ ، فالاستماعِ ، فصِحَّةِ الفَهْمِ للجَوابِ ، وإيَّاكَ إذا حَصَلَ الجوابُ أن تَقولَ : لكنَّ الشيخَ فلانًا قالَ لي كذا ، أو قالَ كذا ، فإنَّ هذا وَهَنٌ في الأَدَبِ ، وضَرْبٌ لأَهْلِ العِلْمِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ هذا .
وإن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ، فكنْ واضحًا في السؤالِ ، وقل ما رأيُك في الفَتْوَى بكذا ، ولا تُسَمِّ أَحَدًا .

من آداب طالب العلم:
أولا- أن يكون عنده حسن سؤال، حسن إلقاء مثل أن يقول: أحسن الله إليك ما تقول في كذا، وإن لم يقل هذه العبارة فليكن قوله رقيقا بأدب.
الثاني- حسن الاستماع، أما أن تقول: يا شيخ أحسن الله إليك ماذا تقول في كذا وكذا.. وانتظر.
الثالث- صحة الفهم للجواب.. وهذا أيضا يفوت بعض الطلبة، تجده إذا سأل وأجيب. يستحيي أن يقول ما فهمت.
بعد هذا يأتي بعض الناس بعدما يستمع للجواب يقول: لكن قال الشيخ الفلاني كذا وكذا.. في وسط الحلقة. هذا من سوء الأدب، معنى هذا إنك لم تقتنع بجوابه، ومعنى هذا إثارة البلبلة بين العلماء.
وإن كان لا بد فيقول: قال قائل... ثم يورد ما قاله الشيخ فلان لأن أحدا لا يفهم إذا قال إن قال قائل أنه أراد بذلك جواب شيخ آخر. لهذا يقول: «لكن إذا كنت لا بد فاعلا فقل ما رأيك في الفتوى بكذا» وهذا أيضا ما هو بحسن.
أحسن منه أن تقول (فإن قال قائل)، لأنك إذا قلت: ما رأيك في الفتوى بكذا- وهي خلاف ما أفتاك به- فيعني إنك تريد أن تعارض فتواه بفتوى آخر، لكن هي أحسن من قولك: قال الشيخ الفلاني كذا.
قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( وقيلَ : إذا جَلَسْتَ إلى عالِمٍ ؛ فسَلْ تَفَقُّهًا لا تَعَنُّتًا ) اهـ .
وقالَ أيضًا : ( وللعلْمِ سِتَّةُ مَراتِبَ ) .
أوَّلُها : حسْنُ السؤالِ .
الثانيةُ : حسْنُ الإنصاتِ والاستماعِ .
الثالثةُ : حسْنُ الْفَهْمِ .
الرابعةُ : الْحِفْظُ .
الخامسةُ : التعليمُ .
السادسةُ : وهي ثَمَرَتُه ؛ العمَلُ به ومُراعاةُ حُدودِه اهـ .
ثم أَخَذَ في بيانِها ببَحْثٍ مُهِمٍّ .
ترتيبها على هذا الوجه لا شك أنه مناسب.
حسن السؤال: إذا دعَت الحاجة إلى حسن السؤال أما إذا لم تدعُ إلى السؤال فلا تلق السؤال، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يسأل إلا إذا احتاج هو إلى السؤال، أو ظن أن غيره يحتاج إلى السؤال قد يكون مثلا هو فاهم الدرس، ولكن فيه مسائل صعبة يحتاج إلى بيانها إلى بقية الطلبة، بل من أجل حاجة غيره.
والسائل من أجل حاجة غيره كالمعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها. قال «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم».1
فإذا كان الباعث على السؤال حاجة السائل. فسؤاله واضح أنه وجيه أو حاجة غيره إن سئأل ليعلم غيرَه فهذا أيضا طيب، أما إذا سأل ليقول الناس: ما شاء الله فلان عنده حرص على العلم كثير السؤال، وابن عباس رضي الله عنه يقول: لما سئل بما أدركت العلم؟ قال :«بلسان سؤول وقلب عقول وبدن غير ملول»، فهذا غلط، وعلى عكس من ذلك من يقول: لا أسأل حياء. فالثاني مفرط.
والأول- مفرط، وخير الأمور الوسط.
الثاني- حسن الاتصال الانصات للاستماع.
الثالث- حسن الفهم.
الرابع- الحفظ، وهذا الحفظ ينقسم إلى قسمين: قسم غريزي يهبه الله لمن يشاء، فتجد الإنسان يمر عليه المسألة والبحث فيحفظه ولا ينساه، وقسم آخر كسبي.
بمعنى أن يمرن الإنسان نفسه على الحفظ ويتذكر ما حفظ، فإذا عود نفسه تذكر ما حفظ، سهل عليه الحفظ.
الخامسة- التعليم، والذي أرى أن تكون هي السادسة وأن العمل بالعلم قبل السادسة، فيعمل بالعلم ليصلح نفسه قبل أن يبدأ بإصلاح غيره ثم بعد ذلك يعلم الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم :«ابدأ بنفسك ثم بمن تعول».2 فالعمل به قبل تعليمه. بلى قد تقول أن تعليمه من العمل به، لأن من جملة العمل بالعلم أن تفعل ما أوجب الله عليك فيه من بثه ونشره.


شرح الشيخ العثمين
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2121)
1-.....ثم قال لي : " يا عمر ! أتدري من السائل ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 8- خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D8%AA%D8%A7%D9%83%D9%85+%D9%8A %D8%B9%D9%84%D9%85%D9%83%D9%85+%D8%AF%D9%8A%D9%86% D9%83%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
2-"ابدأْبنَفسِكَ ثمَّ بمَنْ تعولَ"
الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : إرواء الغليل
الصفحة أو الرقم: 1448 - خلاصة حكم المحدث : صحيح مركب من حديثين الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A3+%D8%A8%D9%86 %D9%81%D8%B3%D9%83+%D8%AB%D9%85+%D8%A8%D9%85%D9%86 +%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%84&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
وقد أبدع أبو الأسود الدؤلي في بيان تلك الحقيقة حين قال: يا أيها الرجل المعلم غيره، هلاّ لنفسك كان ذا التعليمُ، تصف الدواء لذي السّقام وذي الضّنى، كيما يصح به وأنت سقيمُ، إلى أن قال: ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها، فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ، فهناك يُقبل ما وعظت ويقتدى، بالعلم منك وينفع التعليمُ.
فهذا نبينا وقدوتنا عليه الصلاة والسلام نجده دائماً في أحاديثه وكلامه يبدأ بنفسه، ففي حديث النساء :
"خيرُكُم خيرُكم لِأهْلِهِ ، وَأَنَا خيرُكم لِأَهْلِي"الراوي : عائشة و ابن عباس و معاوية بن أبي سفيان - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 3314 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D8%A3%D9%86%D8%A7+%D8%AE%D9%8A %D8%B1%D9%83%D9%85+%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

*شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري :
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا:
39- حُسْنُ السؤالِ:
الْتَزِمْ أَدَبَ الْمُباحَثَةِ ، من حُسْنِ السؤالِ ، فالاستماعِ ، فصِحَّةِ الفَهْمِ للجَوابِ ، وإيَّاكَ إذا حَصَلَ الجوابُ أن تَقولَ : لكنَّ الشيخَ فلانًا قالَ لي كذا ، أو قالَ كذا ، فإنَّ هذا وَهَنٌ في الأَدَبِ ، وضَرْبٌ لأَهْلِ العِلْمِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ هذا .
وإن كنتَ لا بُدَّ فاعلاً ، فكنْ واضحًا في السؤالِ ، وقلما رأيُك في الفَتْوَى بكذا ، ولا تُسَمِّ أَحَدًا .
قال َابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( وقيلَ : إذاجَلَسْتَ إلى عالِمٍ ؛ فسَلْ تَفَقُّهًا لا تَعَنُّتًا ) اهـ .
وقال َأيضًا : ( وللعلْمِ سِتُ مَراتِبَ ) .
أوَّلُها : حسْنُ السؤالِ .
الثانيةُ : حسْنُ الإنصاتِ والاستماعِ .
الثالثةُ : حسْنُ الْفَهْمِ .
الرابعةُ : الْحِفْظُ .
الخامسةُ : التعليمُ .
السادسةُ : وهي ثَمَرَتُه ؛ العمَلُ به ومُراعاةُ حُدودِه اهـ .
ثم أَخَذَ في بيانِها ببَحْثٍ مُهِمٍّ .

الشيخ :
من آداب طالب العلم حسن السؤال ، السؤال من الأمور التي يرغب فيها ، فإذا استشكل عليك فاسأل حتى تتقن العلم ، ولذلك أثنى عمر على ابن مسعود أو ابن عباس فقال : نالا العلم بلسان سؤول وقلب عقول.
وإذا تقرر هذا فإنّ السؤال لابد أن يكون على السند ، بحيث يلتزم فيه الطالب بالأدب ، فلا يسأل في غير الفن الذي يتدارسونه.
درسنا هذا في آداب طالب العلم فلا تنقلنا إلى مسائل الفتوى ، ندرس في باب الصيام ، فلا يحق لك أن تنقلنا إلى باب القصاص ، أو باب ، أبواب الأنكحة.
الثاني : حسن انتقاء الألفاظ ، حسن انتقاء الألفاظ ، لا تأتي بلفظ نابي ، ولا لفظ غريب ، ولا لفظ غير مرغوب فيه.
الثالث : أن لا تسأل في شيء قد تكلم فيه الشيخ ، فمسألة طرحها الشيخ وهي واضحة وجلية وحكم قد قرره الشيخ لا يصح أن تقول بعد ذلك ، ما الحكم في كذا ، والشيخ قد قرره.
الأمر الرابع : لابد أن يكون سؤالك سؤالا صحيحا ، فبعض الناس يسأل سؤال مركب بصياغة غير صحيحة.
الأمر الخامس : أن يكون سؤالك سؤالا واقعيا.
والأمر السادس : أن لا يكون من التعنت ، تريد أن تختبر الشيخ ، وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات في العلم.*
والأمر السابع : أن لا يكون سؤالك على جهة إبطال قول الشيخ ، قد تستفهم لكن لا تحاول الإبطال ، إبطال قول الشيخ ، فإنّ هذا سوء أدب ، وقد يكون سوء فهم منك ، وبالتالي لا يكون كلامك صحيحا ، قد تعترض وتقول : كيف الجمع بين كذا وكذا ، هذا لا بأس فيه ، لكن أن تقول : كلامك فيه ما فيه لأنّ الله يقول : كذا ، هذا سوء أدب ، وليس من حسن السؤال في شيء.
قال المؤلف : (التزم أدب المباحثة من حسن السؤال) وكذلك التزم الاستماع ، والتزم صحة الفهم للجواب ، مرات يأخذ بعض الناس جزءا من الجملة ، ولا يلتفت إلى بقيتها فيفهم فهما خاطئا ، وهذا يحصل خصوصا من عوام الناس يمسك ربع جملة ثم يبدأ ينسب إلى الشيخ ما لم يقله ، ولذلك لا يجوز أن ينسب إلى عالم أي مقالة ، إلا إذا كان الإنسان قد سمع المقالة كاملة ، مرّات يأتي العالم ويتكلم بنقل كلام باطل ، ثم يجيب عنه ويرد عليه ، فيأتيك بعض الناس ما سمع إلا المقالة الباطلة ، فيقول الشيخ الفلاني يقول كذا ، فيكون قد كذب عليه ، لأنّ الشيخ نقل هذه الجملة ليردّ عليها ويبطلها.
وبعض الناس يجئ بشريط وينقل هذه الجملة ، الجزء ، ويقول اسمعوا الشيخ يقول كذا ، وبالتالي يكون قد كذب عليه وصدّ الناس عن سبيل الله ، لأنّ إبعاد الناس عن علماء الشريعة والكلام في أعراضهم ، وتشويه سمعتهم وإنزال مكانتهم يؤدّي إلى جعل الناس ينصرفون عن العلم الذي يحملونه.
كذلك من سوء الأدب معارضة الأقوال بعضها ببعض ، قال المؤلف : (هذا وهن في الأدب) تكلّم وقال : طيب الشيخ االفلاني يقول كذا ، هذا اجتهاده وهذا اجتهادي ، ما يصح لك أن تضرب قولي بقوله.
(قال ابن القيم : سل تفقها) يعني من أجل تحصيل الفقه.
(لا تعنتا) من أجل إنزال المشقة على العالم.
ثم ذكر للعلم ست مراتب : حسن السؤال ، وحسن الإنصات ، وحسن الفهم ، ثم الحفظ والتعليم ثم العمل.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2121)
*-" أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عنِ الأُغلوطاتِ" الراوي : معاوية بن أبي سفيان - المحدث : ابن حجر العسقلاني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح -الصفحة أو الرقم: 1/161 - خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة] الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%BA%D9%84%D9%88% D8%B7%D8%A7%D8%AA&st=a&xclude=&d[]=1)

*قال ابن حجر _ رحمه الله _ في الفتح :
وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات - قال الأوزاعي أحد رواته : هي صعاب المسائل - فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه ، أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول أو تعجيزه.
وقال في موضع آخر : وقد ثبت النهي عن الأغلوطات أخرجه أبو داود من حديث معاوية ، وثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدا ، وإنما كرهوا ذلك لما فيه من التنطع والقول بالظن ، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ .

*وفيه كراهة التعمق والتكلف مما لا حاجة للإنسان إليه من المسألة ،ووجوب التوقف عما لا علم للمسئول به.
وقد رُوِينا عن أبي بن كعب :أن رجلاً سأله عن مسألة فيها غموض ،فقال : هل كان هذا ؟ قال: لا. فقال:أمهلني إلى أن يكون .
وسأل رجلٌ مالك بن أنس ؛عن رجلٍ شرب في الصلاة ناسيًا ؟ .فقال : ولم لم يأكل؟! ،ثم قال : حدثنا الزهري عن علي بن حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حسن إسلام المرء تركه ما لايعنيه
-" من حسنِ إسلامِ المَرءِ تركُه ما لا يَعنيه"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2317 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%B3%D9%86+%D8%A 5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-20-2015, 10:58 PM
24- شوال عام 1436
مجلس 72
40- الْمُناظَرَةُ بلا مُمَارَاةٍ
إيَّاكَ والْمُمَارَاةَ ؛ فإنها نِقْمَةٌ ، أمَّا المناظَرَةُ في الْحَقِّ ؛ فإنها نِعْمَةٌ إذ الْمُناظَرَةُ الْحَقَّةُ فيها إظهارُ الحقِّ على الباطلِ ، والراجِحِ على المرجوحِ ، فهي مَبْنِيَّةٌ على الْمُناصَحَةِ والْحِلْمِ ، ونَشْرِ العلْمِ ، أمَّا الْمُماراةُ في المحاوَرَاتِ والمناظَرَاتِ ؛ فإنها تَحَجُّجٌ ورِياءٌ ، ولَغَطٌ وكِبرياءُ ومُغالَبَةٌ ومِراءٌ ، واختيالٌ وشَحْنَاءُ ، ومُجاراةٌ للسفهاءِ ، فاحْذَرْها واحْذَرْ فاعِلَها ؛ تَسْلَمْ من المآثِمِ وهَتْكِ الْمَحارِمِ ، وأَعْرِضْ تَسْلَمْ وتَكْبُت الْمَأْثَمَ والْمَغْرَمَ .
*شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
المناظرة والمناقشة تشحذ الفهم وتعطي الإنسان قدرة على المجادلة. والمجادلة في الحق مأمور بها كما قال الله تعالى: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125.
فإذا تمرن الإنسان على المناظرة والمجادلة حصل على خير كثير، وكم من إنسان جادل بالباطل فغلب صاحب الحق لعدم قدرته على المجادلة.
لكن المجادلة نوعان: مجادلة المماراة، يماري بذلك السفهاء ويجادل الفقهاء ويريد أن ينتصر لقوله،فهذه مذمومة.
والثاني لإثبات الحق وإن كان عليه، فهذه محمودة مأمور بها. وعلامة ذلك- المجادلة الحقة - أن الإنسان إذا بلغه الحق اقتنع وأعلن الرجوع، أما المجادل الذي يريد الانتصار لنفسه فتجده لو بان الحق، وكان ظاهر الحق مع خصمه يورد إيرادات: لو قال قائل. ثم إذا أجيب. ولو قال قائل. ثم إذا أجيب، قال ولو قال قائل. ثم تكون سلسلة لا منتهي لها، ومثل هذا عليه خطر أن لا يقبل قلبُه الحقَ، لا بالنسبة للمجادلة مع الآخر، لكن حتى في خلوته، ربما يورد الشيطان عليه هذه الإيرادات.
قال الله تعالى:" وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ "الأنعام110. وقال الله تعالى: "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ "المائدة49
فعليك يا أخي ابتغاء الحق سواء كان بمجادلة غيرك أو بمجادلة نفسك متى تبين قل: سمعنا وأطعنا. لهذا تجد الصحابة يقبلون ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم وما أخبر به دون أن يوردوا عليه الاعتراضات أو قول: أرأيت . . . أرأيت.
ولهذا جادل رجل عبد الله بن عمر فقال له: أرأيت؟! قال له :«اجعل أرأيت في اليمن». لأنه من أهل اليمن.
عندما سأل أهل العراق عن دم البعوضة. وهل يجوز قتل البعوضة؟! قال: سبحان الله !! أهل العراق يقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتون يسألون عن دم البعوضة!! هذه مجادلة ولا شك.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2122#.Va367bVUOE4)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ):

الشيخ:
المماراة هي المناقشات العقيمة ، والمناقشات التي تكون لإظهار النفس ، لا لتعرف الحق ، قد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنا ضمين ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا".1
أما المناظرة والمناقشة والمجادلة ، هذه مطلوبة لأنّ الإنسان يقصد بها الوصول إلى الحق ، ولأنّ الكلام فيها يُبنى على دليل صحيح ، ولأنّ المرء في المناظرة والمناقشة إذا وصل إلى الدليل سمع وله أذعن ، أما في المماراة فهو يريد إبطال دليل خصمِه ولو كان دليلا صحيحا في نظره.
وقد قال الله تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...}النحل125 ، وقال سبحانه : "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46
ومن هنا فإنّ المناقشة محمودة وهي نوع من أنواع النصح ، ونوع من أنواع التعلم ، وقد ذكر الله في كتابه عددا من المناقشات والمناظرات بين الأنبياء وأقوامهم ، انظر لمناقشة موسى عليه السلام لفرعون ، ومناقشة إبراهيم عليه السلام لقومه ، وبعض مناقشات النبي صلى الله عليه وسلم لبعض مَنْ في زمانه ،" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64، "هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }آل عمران66
(قرأها الشيخ : جادلتم في الموضعين ) ، "وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ "البقرة111
وبالتالي فإنّ المراء مذموم لأن المقصود فيه الغلبة ، وليس المقصود الحق ، وبالتالي تجده يرفع الصوت ليغلب من أمامه ، وتجده يموّه في الكلام ليغلب من أمامه ، وتجده يحاول أن يوجد تناقضات في كلام مقابله ولو لم تكن صحيحة من أجل أن يغلبه ويتمكّن منه ، وبالتالي فالمراء مؤثّر على صحة النيّة ، غير موصل إلى حق.
من هنا فإنه يُنهى عنه ، لأنه سبب من أسباب الإثم ، فإذا وجدت هذه المناقشات تحوّلت إلى مراء ، مناقشات عقيمة والمقصود الغلبة والانتصار ، حينئذ أعرض عنها ، وأوْصل الحق فقط ، ولا تُجادل ولا تُناقش ، إذا كان المقصود كذلك.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2122#.Va367bVUOE4)
1-" أنا زعيمٌ ببيتِ في رَبَضِ الجنةِ لمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كان مُحِقًّا ، وببيتِ في وسطِ الجنةِ لمَن تركَ الكذبَ وإن كان مازحًا ، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمَن حُسُنَ خلقُه". الراوي : أبو أمامة الباهلي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4800- خلاصة حكم المحدث : حسن- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A8%D8%A8%D9%8A%D8%AA+%D9%81%D9%8 A+%D8%B1%D8%A8%D8%B6&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:03 PM
- مُذاكَرَةُ العِلْمِ
الأمر الحادي والأربعون: مُذاكَرَةُ العِلْمِ :
تَمَتَّعْ مع البُصَرَاءِ بالْمُذاكَرَةِ والْمُطارَحَةِ ؛ فإنها في مَواطِنَ تَفوقُ الْمُطالَعَةَ وتَشْحَذُ الذهْنَ وتُقَوِّي الذاكرةَ ؛ مُلْتَزِمًا الإنصافَ والملاطَفَةَ مُبْتَعِدًا عن الْحَيْفِ والشَّغَبِ والمجازَفَةِ .
وكُنْ على حَذَرٍ ؛ فإنها تَكْشِفُ عُوارَ مَن لا يَصْدُقُ .
فإن كانت مع قاصرٍ في العِلْمِ ، باردِ الذهْنِ ؛ فهي داءٌ ومُنافَرَةٌ ، وأمَّا مُذاكرَتُك مع نفسِك في تقليبِك لمسائِلِ العلْمِ ؛ فهذا ما لا يَسوغُ أن تَنْفَكَّ عنه .
وقد قيلَ : إحياءُ العِلْمِ مُذاكرَتُه .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

الشيخ:
هذا أيضا من الذي ينبغي لطالب العلم أن يقوم به، وهو المذاكرة. والمذاكرة نوعان: مذاكرة مع النفس. ومذاكرة مع الغير.
المذاكرة مع النفس: تجلس مثلا جلسة واحدة، ثم تفرض مسألة من المسائل أو تكون مسألة مرت عليك، ثم تأخذ في محاولة ترجيح ما قيل في هذه المسألة بعضه على بعض. يعني ترجيح بعض الأقوال على بعض في هذه المسألة. وهذه سهلة على (...) هي أيضا تساعد على مسألة المناظرة السابقة.
أما المذاكرة مع الغير: فهي أيضا واضحة يختار الإنسان من إخوانه الطلبة من يكون عونا له على طلب العلم، مفيدا له فيجلس معه ويتذاكرا، يَقْرَآنِ مثلا ما حفظاه كل واحد يقرأ على الآخر قليلا أو يتذاكران في مسألة من المسائل بالمراجعة أو بالمفاهمة إن قدرا على ذلك، فإن هذا مما ينمي العلم ويزيده.
لكن إياك والشغب والصلف-صلِف الشَّخصُ :
• ادَّعى ما فوق قَدْره عُجْبًا وتكبُّرًا -هنا (http://www.arabdict.com/ar/%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D9%81)، لأن هذا لا يفيد. أنت الآن تحاج في مقام الإقناع أم في مقام التأديب؟ في مقام الإقناع. واعلم أنه لن يقتنع كلما اشتد غضبك عليه، بل ربما إذا اشتد غضبك عليه، اشتد غضبه عليك ثم ضاع الحق بينكما، لكن بالهدوء.
أما لو علمت منه الإعنات، مثل أن تكون أنت أعلم منه وتفهم من العلم ما لا يفهم، ولكن عرفت أن هذا الرجل يريد العنت-.الْخَطَأ -والمكابرة عنادا هنا (http://www.arabdict.com/ar/%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%AA) -فحينئذ لك أن تشتد عليه وأن تقول: لن أفهمك لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }المائدة42. ولهذا قال المؤلف : «فإن كانت مع قاصرٍ في العِلْمِ ، باردِ الذهْنِ ؛ فهي داءٌ ومُنافَرَةٌ ».
(...) بعض الناس أكثر علما من الآخر لكن الثاني أفهم منه في معرفة النصوص والثالث أعقل منهم أيضا في معرفة مصادر الشريعة ومواردها لأنه قد يفهم الإنسان النص فهما كاملا لكن ليس عنده ذاك العقل الذي يجمع بين أدلة الشريعة وبين مقاصدها وأسرارها فتجده يأخذ بظاهر اللفظ ولو كان بعيدا عن مقاصد الشرع وهذا خلل عظيم، أرأيت قول ابن حزم في الشاة الثنية *لا تجزئ وفي الجذعة، تجزئ، هذا بعيد جدا عن مقاصد الشريعة ، إذا كانت الجذعة تجزئ فالثنية من باب أولى ولا شك، أو يقول بعض الظاهرية: إذا استأذن الرجل ابنته البكر في أن يزوجها رجلا فقالت: يا أبت لا أريد إلا هذا الرجل وأمثاله وأنا موافقة يقول: هذا ليس بإذن ، لا يزوجها ، والبنت الثانية لما شاورها سكتت ولم تقل شيء هذه تزوج والأخرى لا تزوج مع أنها صرحت بالرضا والثانية سكوتها دليل الرضا وليس هو الرضا فالمهم أنه لا بد من عقل، فقد يكون بعض الناس أكثر علما لكنه لا يفهم، وقد حدثتكم مرة عن حمار الفروع تذكرون، رجل حفظ كتاب الفروع لابن مفلح (ثلاثة مجلدات) ولكنه لا يفهم منه ولا معنى واحد فكان أصحابه يجعلونه كمكتبة إذا أشكل عليهم شيء قالوا: ماذا قال صاحب الفروع في الفصل الفلاني أو الباب الفلاني أوالكتاب الفلاني؟ (...) وهو ما يعرف معناه أبدا ، فهذا ليس عنده فهم، فلا بد من فهم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2123#.Va38KbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
الشيخ :
هذا هو الأدب الحادي والأربعون من آداب طالب العلم : مذاكرة العلم ؛ يعني مراجعته والمناقشة فيه ، الباب الفلاني ماذا يشتمل عليه من المسائل؟
يشتمل على المسألة الأولى كذا ، والمسألة الثانية كذا ، والمسألة الثالثة كذا.
الباب الفلاني من أبواب العلم ما هي الأحاديث التي تكون فيه؟
أورد حديثا ، ثم أنت تورد حديثا.
باب الاعتكاف ماذا وجد فيه من الآيات القرآنية والأحاديث؟
أورد الآيات ثم نورد الأحاديث ، واحدا واحدا ، أنت تورد حديثا ، وأنا أورد حديثا آخر ، هذا يُسمّى مذاكرة العلم.
ومذاكرة العلم من أكبر الوسائل المؤدّية إلى حفظ العلم ، وقد كان الصحابة والتابعون والأئمّة يتذاكرون العلم ، إذا جلسوا بدؤوا يتذاكرون ، وكل يوم يتذاكرون في باب أو نحوه ، وبالتالي يحفظون العلم.
قال المؤلف : وهذا شاهده ودليله : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في رمضان يأتيه جبريل فيقرأ عليه القرآن في كل عام مرة ، هذا من مذاكرة العلم ، وكان الصحابة يُذاكرون العلم ، أبوهريرة كان في الليل يُراجع الأحاديث التي حفظها لتبقى في ذهنه ، وهكذا الأئمة لا زالوا على طلب العلم بواسطة المُذاكرة.
والمذاكرة فوق المُطالعة ، إذا جيت كتاب وقرأت فيه باب الاعتكاف في كتب الحديث ، هذه مطالعة ، فإذا جلست مع طالب علم وبدأت تذاكر ، ماذا ورد في الباب الفلاني في باب الاعتكاف من الأحاديث هذا أقوى في رسوخ المعلومة من الأول ، وفي نفس الوقت تعوّد ، أو تجعل الذهن متوقّدا حاضرا لهذا الباب ، وتقوّي ذاكرة الإنسان ، وتجعله منصفا في كلامه مع غيره ، يعني مرة يُعطي معلومة ، ومرة يأخذ المعلومة من غيره ، وبالتالي يكون لطيفا بخلاف المناظرات فإنه قد يكون فيها ما يكون فيها من القوة ، وما ينافي الملاطفة بخلاف المذاكرة.
لكن ينبغي أن تبتعد عن ذلك المتعالِم أو ذلك الكاذب ، أو من ليس عنده أمانة علميّة ، لأنّ قد يوهمك أنّ في هذا الباب الحديث الفلاني ، ويوهمك أنّ هذه المسألة توجد في باب كذا ، ويوهمك أنّ هذه المعلومة عند هؤلاء الفقهاء على هذا النحو ، ولا يكون الأمر كذلك.
أما مراجعة الإنسان لمسائل العلم في نفسه فهذا عظيم الفائدة كبير الثمرة ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2123#.Va38KbVUOE4)
* فالجذع من الضأن : ما أتم ستة أشهر عند الحنفية والحنابلة ، وعند المالكية والشافعية ما أتم سنة . والمسنة (الثني) من المعز : ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية والحنابلة ، وعند الشافعية ما أتم سنتين .
والمسنة من البقر : ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، وعند المالكية ما أتم ثلاث سنوات .
والمسنة من الإبل : ما أتم خمس سنوات عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/70) :
" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ;
هنا
(http://islamqa.info/ar/41899)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:08 PM
42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ:

الأمر الثاني والأربعون: طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها :

فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ .
الشيخ:
صحيح .. هذا أيضا من آداب طالب العلم. وبقي شيء آخر (طالب العلم يعيش بين الكتاب والسنة)، فهما كالجناجين للطائر والطائر لا يطير إلا بجناحين إذا انكسر أحدهما لم يطر، إذا لا تراعي السنة وتغفل عن القرآن، أو القرآن وتغفل عن السنة، كثير من طلبة العلم يعتني بالسنة وشروحها ورجالها، ومصطلحاتها اعتناء كاملا، لكن لو سألته عن آية من كتاب الله. ما قدم الإجابة، ولا عرف شيئا.
هذا غلط، لكن لا بد أن يكون الكتاب والسنة كلاهما جناحان لك، والجناح الأصل هو: القرآن.
وثم أيضا شيء ثالث- لكن هو داخل في قول المؤلف و(علومها): كلام العلماء، أيضا لا تهمل كلام العلماء ولا تغفل عنه، لأن العلماء أشد منك رسوخا في العلم، وعندهم من قواعد الشريعة وضوابط الشريعة وأسرارها ما ليس عندك فلا تغفله.
ولذلك كان العلماء الأجلاء المحققون إذا ترجح عندهم قول يقولون: «إن كان أحد قال به وإلا فلا نقول به».
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- على علمه وسعة إطلاعه، إذا قال قولا لا يعلم به قائلا. قال : «أنا أقول به إن كان قد قيل به». ولا يأخذ برأيه، ويقول: خلاص أنا فهمت من القرآن كذا ولا علي من الناس.
هذا غلط. أنت إذا رأيت أكثر العلماء على قول، فلا تعدل عن قول أكثر العلماء إلا بعد التمحيص والتحقق، لأنه من المستبعد أن يكون الأقل هم أهل العلم. بمعنى: إذا رأيت مسألة من المسائل اختلف فيها العلماء وأكثرهم يقول بكذا، والآخرون يقولون بكذا، وترجح عندك قول الأقل ، لا تأخذ به مباشرة ، فكر، ما أدلة الآخرين؟ لأن الأكثر في الغالب يكون معهم الحق ، ففكر أولا ، ثم إذا تبين لك أن الحق مع الأقل فاتبع الحق ، لكن كونك تأخذ مباشرة بما ترجح عندك والجمهور على خلافه هذا لا ينبغي أبدا .
كذلك أيضا تأتي مثلا أدلة شواذ تخالف الأدلة التي هي كالجبال في الشريعة والدلالة فيأخذ الإنسان بهذا الدليل الشاذ، ولعله لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ثبت وهو منسوخ ، أو ثبت وهو مخصوص، فنقول ارفق ما دام هذا يخالف الأدلة التي هي كالجبال للشريعة فلا تتعجل في الأخذ به انتظر وتمهل ، فهذان أمران أنبه عليهما لأهميتهما :
- مخالفة الجمهور.
- ومخالفة القواعد في الشريعة الإسلامية.
القواعد التي تعتبر كالجبال للأرض ، رواسخ.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2124#.Va39VrVUOE4)


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
42- طالبُ العلْمِ يَعيشُ بينَ الكتابِ والسُّنَّةِ وعلومِها :
فهما له كالْجَناحينِ للطائرِ ، فاحْذَرْ أن تكونَ مَهيضَ الْجَناحِ .

الشيخ:
الأصل في العلم الشرعي هو الكتاب والسنة ، وحينئذ لابد أن يكون هما الذي يعوّل عليه طالب العلم في علمه ، ومن ثَمّ فقراءة أقوال العلماء والبحث في كتب الفقه ، إنما هي وسائل يستعين بها الإنسان على ضبط العلم وعلى القدرة على مراجعة النصوص الشرعية كتابا وسنة ، فهذه وسائل ، وإلا فإنّ الأصل هو الكتاب والسنة ، ولذلك طالب العلم تجده يعيش بين هذين الأصلين :
أولا : يراجع حفظه للقرآن ، ويتأمل في فهم القرآن.
وثانيا : يسرد كتب السنة ويحاول ضبط ما يستطيع ضبطه منها.
والله جل وعلا قد أمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} آيات الله يعني القرآن ، والحكمة يعني السنة.
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} يعني الكتاب والسنة ، نعم .
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2124#.Va39VrVUOE4)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:12 PM
43-استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ :
لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ .
قالَ اللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

الشيخ:
استكمال أدوات كل فن. يريد بذلك: أنك إذا أردت أن تكون طالب علم في فن معين، وهو ما يعرف عندنا بالتخصص، فلا بد أن تكون مستكملا أدوات ذلك الفن، يعني عندك علما به، فمثلا في الفقه إذا كنت تريد أن تكون عالما بالفقه، فلا بد أن تقرأ الفقه وأصول الفقه لتكون متبحرا فيه، وإلا فيمكن أن تعرف الفقه بدون علم الأصول، ولكن لا يمكن أن تعرف أصول الفقه بدون الفقه.
يعني: يمكن أن يستغني الفقيه عن أصول الفقه، لكن لا يمكن أن يستغني الأصولي عن الفقه، إذا كان يريد الفقه.
ولهذا اختلف العلماء، علماء الأصول: هل الأولى لطالب العلم أن يبدأ بأصول الفقه لابتناء الفقه عليه أو بالفقه لدعاء الحاجة إليه، حيث أن الإنسان يحتاجه في عمله، حاجاته، ومعاملاته قبل أن يفطن إلى أصول الفقه.
والثاني- هو الأولى وهو المتبع غالبا. وهنا استدل بقول الله تعالى :(الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) (سورة البقرة: 121). والمراد بالتلاوة هنا: التلاوة اللفظية، والتلاوة المعنوية، والتلاوة العملية، مأخوذة من تلاه إذا اتبعه، فالذين آتاهم الكتاب لا يمكن أن يوصفوا بأنهم أهل الكتاب حتى يتلوه حق تلاوته.
قوله :«وفي الحديث بين علمي الرواية والدراية» يعني بذلك الرواية في أسانيد الحديث ورجال الحديث. والدراية في فهم معناه.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2125#.Va3-nLVUOE4)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
43- استكمالُ أدواتِ كلِّ فَنٍّ :
لن تكونَ طالبَ عِلْمٍ مُتْقِنًا مُتَفَنِّنًا – حتى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الْخِياطِ – ما لم تَستكمِلْ أدواتِ ذلك الفَنِّ ، ففي الفِقْهِ بينَ الفقْهِ وأصولِه ، وفي الحديثِ بينَ عِلْمَي الروايةِ والدِّرايةِ .... وهكذا ، وإلا فلا تَتَعَنَّ .
قال َاللهُ تعالى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ } فيُستفادُ منها أنَّ الطالِبَ لا يَتْرُكُ عِلْمًا حتى يُتْقِنَهُ .
الشيخ :
هذا الأدب اشتمل على أمرين :
الأمر الأول : معرفة أدوات العلم قبل الدخول فيه ، لو جاءنا إنسان وبدأ يدرس النحو ، وأصبح أخذ المرفوعات والمنصوبات ، لكنه أصلا لا يعلم ولا يعرف أنّ النحو يتعلّق بأواخر الكلمات ، ليس لديه فهم المصطلحات لهذا العلم ، ولا يعرف المنشأ الذي نشأ منه هذا العلم ، فلن يتقن هذا العلم ، وهكذا في بقيّة الفنون ، عندما يريد الإنسان فهم الكتاب والسنة ، واستخراج الأحكام منها ، إذا لم يعرف القواعد الأصولية لن يتمكن من هذا ، وحينئذ إذا أراد أن يحكم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا ، لابد أن يعرف قواعد المصطلح ويكون عنده قدرة على معرفة أحوال الرواة ، فإذا لم يكن محيطا بالوسيلة لن يتمكن من الوصول إلى الغاية ، وبالتالي لابد من معرفة الأدوات قبل الولوج في تعلّم العلم.
الأمر الثاني : مما ذكره المؤلف هنا ؛ ألا يترك العلم حتى يتقنه ، إذا ابتدأ الطالب بعلم ثم ملّ وانتقل إلى غيره ، وأهمل العلم الأوّل فحينئذ قد أضاع وقته ، من أخذ كتابا وقرأ ربعه ، نصفه ثم انتقل إلى غيره ، ما يتمكّن أن يقول : قرأت الكتاب ، ولا يتمكّن أن يقول : هذه المعلومة ليست في الكتاب ، لأنه لم يحط بالكتاب ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2125#.Va3-nLVUOE4)

عِلم الحديث" روايــة " و " درايــة"


*أولاً : علـم الحديــث روايــة :
علـم الحديـث روايـة هـو : نقـل السـنة مـن أقـوال النبــي ـ

صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وأفعالـه ، وتقريراتـه ،وخَلْقِـهِ ، وخُلقِـهِ ، وغيـر ذلـك ، وحفظهـا في الصـدور ، وإثباتهـا بالسـطور ، وضبطهـا ، وتحريـرألفاظهـا ، وإسـناد ذلـك إلـى مـن عـزي إليـه بتحديـث وإخبـار وغيـر ذلـك.

120 سؤال وجواب ... / الحكمي / ص : 15 .

فعلـم الحديـث روايـة يبحـث عمـا يُنقَـل عـن النبــي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مـن أقوالـه وأفعالـه وأحوالـه .

مثالـه : إذا جاءنـا حديـث عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فإننـا نبحـث فيـه هـل هـو قـول أو فعـل أو حـال ؟ .
وهـل يـدل علـى كـذا أو لا يـدل ؟ فهـذا هـو علـم الحديـث روايـة ، وموضوعـه

البحـث فـي ذات النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،ومـا يصـدر عـن هـذه الـذات مـن أقـوال وأفعـال وأحـوال .

ومـن الأفعـال الإقـرار ، فإنـه يعتبـر فعـلاً .
وأمـا الأحـوال فهـي صفاتـه ، كالطـول ، والقِصَـر واللـون والغضـب والفـرح ومـا أشـبه ذلـك .

شرح البيقونية ... / للشيخ العثيمين / ص : 8 / بتصرف .

حكمـــه :
ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة .
ـ الوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بـه .

جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 17 .


*ثانيـًا : علـم الحديــث درايــة :
علـم الحديـث درايـة يُعْـرَف " بمصطلـح الحديـث " أو " بأصـول الحديـث " .
وموضوعـه :
بيـان قواعـد البحـث فـي آحـاد السـنة عـن أحـوال السـند والمتـن وما يتعلـق بهمـا مـن حيـث القبـول والـرد .

120 سؤال وجواب في ... / ص 20 / بتصرف .

أي هـو علـم يُعْـرَف بـه حـال الـراوي والمـروي مـن حيـث القبـول والـرد .

جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 13 .
حكمـــه :
ـ الوجـوب الكفائـي علـى الأمـة فـي مجموعهـا لتوقـف معرفـة المقبـول والمـردود عليـه .
ـ والوجـوب العينـي علـى مـن تفـرد بمعرفتـه فيجـب عليـه أن يعمـل بمقتضـى العلـم بـه تدريسـًا وتصنيفـًا وتطبيقـًا فـي قبـول مـا يُقْبَـل ورد مـا يُـرد .

جَنْـي الثمـار فـي مصطلـح أهـل الأثـار . أبـو عبـد الله أشـرف خليفـة عبـد المنعـم السـيوطي / ص : 15 .

فـعلم الحديث رواية : المقصود به هو نقل السنة وضبطها كما فعل العلماء في كتب الحديث والسنن.
أما علم الحديث دراية فالمراد به هو: علم مصطلح الحديث.فهوعلم يعرف به حال الراوي والمروي من جهة القبول والرد .

- علم الحديث روايةً: وهو العلم الذي يبحث في نقل الحديث من جيل إلى جيل بشكل منضبط، حفظاً في الصدور وكتابة في السطور.هنا (http://www.elearning.jo/datapool/HTML/ES12-U5-L2.htm)
- علم الحديث درايةً: وهو العلم الذي يبحث في القواعد التي يعرف بها الحديث المقبول من الحديث المردود، فقد وضع العلماء مجموعة من الأسس والقواعد المتعلقة بسند الحديث ومتنه، والتي تساعد في الحكم على الحديث من حيث صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو عدم صحتها، ويسمى علم الحديث درايةً علم مصطلح الحديث أو علم أصول الحديث.هنا (http://www.elearning.jo/datapool/HTML/ES12-U5-L2.htm)
أهداف علم الحديث:
لعلم الحديث روايةً ودرايةً أهداف في غاية الأهمية منها:
1- حفظ الحديث النبوي من الضياع والاندثار، وذلك بروايته مشافهةً وكتابته جيلاً عن جيل، حتى وصل إلينا.
2- التمييز بين الأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة، وقد منع هذا من دخول الأحاديث الضعيفة والموضوعة في الدين.
3- بناء العقلية الإسلامية الناقدة الممحصة، التي لا تأخذ كلَّ ما تسمع وإنما تبحث وتتحرى وتنقب حتى تصل إلى الحقيقة، فإن صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلناه وإن لم يصح رددناه.
4- ابتغاء الأجر العظيم على بذل الجهد للمحافظة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
5- تسهيل مهمة المفسر والفقيه لاستنباط الأحكام.هنا (http://www.elearning.jo/datapool/HTML/ES12-U5-L2.htm)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:23 PM
الفصل السادس
التَحَلِّي بالعَمَلِ44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ :
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
هذه من علامات العلم النافع:
أولا- العمل به: وهذا بعد الإيمان، أن تؤمن بما علمت ثم تعمل إذ لا يمكن العمل إلا بإيمان، فإن لم يوفق الإنسان لذلك، بأن كان يعلم الأشياء ولكن لا يعمل بها فعلمه غير نافع، لكن هل هو ضار أم لا نافع ولا ضار؟ هو ضار... لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القرآن حجة لك أو عليك»* ولم يقل: لا لك ولا عليك فالعلم إما نافع أو ضار.
ثانيا- كراهية التزكية، والمدح، والتكبر على الخلق: وهذه ابتلي به بعض الناس، فيزكي نفسه ويرى أن ما قاله هو الصواب وأن غيره إذا خالفه فهو مخطئ وما أشبه ذلك، كذلك يحب المدح. تجده يسأل ماذا قالوا لما تحدثوا عنه؟ وإذا قالوا: إنهم مدحوك، انتفخ وزاد انتفاخه حتى يعجز جلده عن تحمل بدنه، كذلك التكبر على الخلق، بعض الناس- والعياذ بالله – إذا آتاه الله علما تكبر. الغني بالمال ربما يتكبر، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم : العائل المستكبر من الذين لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.1
لأنه ليس عنده مال يوجب الكبرياء، ولكن العالم لا ينبغي أن يكون كالغني كلما ازداد علما ازداد تكبرا، بل ينبغي العكس كلما ازداد علما ازداد تواضعا، لأن من العلوم التي يقرؤها أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخلاقه كلها تواضع للحق، وتواضع للخلق، لكن على كل حال إذا تعارض التواضع للخلق أو الحق. أيهما يقدم؟ التواضع للحق.-على كل حال إذا تعارض التواضع للحق مع التواضع للخلق أيهما يقدم؟ يقدم التواضع للحق، فمثلا لو كان هناك إنسان يسبّ الحق ويفرح بمعاداة من يعمل به، فإنا لا نتواضع له، تواضع للحق، وجادل هذا الرجل حتى وإن أهانك أو تكلم فيك فلا تهتم به، فلا بد من نصرة الحق.-هنا (http://shamela.ws/browse.php/book-11332/page-151)
ثالثا- تكاثر تواضعك كلما ازددت علما: وهذا في الحقيقة فرع من الثاني، يعني تتكبر على الخلق، وينبغي كلما ازددت علما تزداد تواضعا.
رابعا- الهرب من حرب الترؤس والشهرة والدنيا: هذه أيضا قد تكون متفرعة عن كراهية التزكية والمدح، يعني لا تحاول أن تكون رئيسا لأجل علمك، لا تحاول أن تجعل علمك مطية إلى نيل الدنيا، فإن هذا يعني أنك جعلت الوسيلة غاية، والغاية وسيلة، ولكن هل معنى ذلك لو أنك كنت تجادل شخصا لإثبات الحق هل ينبغي أن تجعل نفسك فوقه أو دونه؟ فوقه لأنك لو شعرت بأنك دونه ما استطعت أن تجادله، أما لو أنك شعرت أنك فوقه من أجل أن الحق معك، فإنك حينئذ تستطيع أن تسيطر عليه.
خامسا- هجر دعوى العلم: معناها: لا تدَّعِي العلمَ. لا تقول أنا العالم.
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا = متى أضع العمامة تعرفوني
ومتى كان في المجلس تصدر المجلس، وإذا أراد أحد أن يتكلم يقول: اسكت أنا أعلم منك.
سادسا- إساءة الظن بالنفس، وإحسانه بالناس، تنزها عن الوقوع بهم: أن يسيء الظن بنفسه لأنها ربما تغره وتأمره بالسوء فلا يحسن الظن بالنفس، وكلما أملت عليه أخذ بها.
أما قوله «إحسانه بالناس» فهذا يحتاج إلى تفصيل. الأصل إحسان الظن بالناس وإنك متى وجدت محملا حسنا لكلام غيرك فأحمله عليه ولا تسيء الظن، لكن إذا عُلم عن شخصٍ من الناس أنه محل لإساءة الظن، فهنا لا حرج أن تسيء الظن من أجل أن تحترس منه لأنك لو أحسنت الظن به لأفضيت إليه كل ما في صدرك، ولكن ليس الأمر كذلك.
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَعْرِضَنَّ بذِكْرِنا مع ذِكْرِهمْ = ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2126#.Va3_6rVUOE4)

شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصلُ السادسُ : التَحَلِّي بالعَمَلِ
44- من عَلاماتِ العِلْمِ النافِعِ :
تَسَاءَلْ مع نفْسِك عن حَظِّكَ من عَلاماتِ العِلْمِ النافعِ ، وهي :
العَمَلُ به .
كراهيةُ التزكيةِ والمدْحِ والتكبُّرِ على الْخَلْقِ .
تكاثُرُ تَواضُعِكَ كُلَّمَا ازْدَدْتَ عِلْمًا .
الهرَبُ من حُبِّ الترَؤُّسِ والشُّهرةِ والدنيا .
هَجْرُ دَعْوَى العِلْمِ .
إساءةُ الظنِّ بالنفْسِ ، وإحسانُه بالناسِ ؛ تَنَزُّهًا عن الوُقوعِ بهم .
وقد كان عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ إذا ذَكَرَ أَخلاقَ مَن سَلَفَ يُنشِدُ :
لا تَـعْـرِضَـنَّ بـذِكْـرِنــا مــــع ذِكْــرِهــمْ ليس الصحيحُ إذا مَشَى كالْمُقْعَدِ

الشيخ :
الأدب الرابع والأربعون من آداب طالب العلم : العمل بالعلم ، ويترتب على هذا أن تكون عارفا لمقدار نفسك ، فإنه كلما ازداد الإنسان من العلم كلما احتقر نفسه وتواضع لغيره ، وكلما نقص علم الإنسان ظنّ أنه قد حصّل العلم ، فتكبّر فيه ، ولذلك يحرص طالب العلم على العمل بما علمه.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2126#.Va3_6rVUOE4)
*
- إسباغُ الوضوءِ شطرُ الإيمانِ و الحمدُ للهِ تملأ الميزانَ ، و سبحان اللهِ و الحمدُ للهِ تملآنِ أو تملأ ما بين السماءِ و الأرضِ ، و الصلاةُ نورٌ ، و الصدقةُ برهانٌ ، و الصبرُ ضياءٌ ، و القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك ، كلُّ الناسِ يَغدو ، فبائعٌ نفسَه ، فمُعتِقُها أو موبِقُها

الراوي : أبو مالك الأشعري- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 189 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+ %D8%AD%D8%AC%D8%A9+%D9%84%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
1- ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 107 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%90%D9%84+ %D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%83%D8%A8%D9%90%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:28 PM
45- زكاةُ العِلْمِ :

أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءً عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .
وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :
(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ )) ، رواه مسلِمٌ وغيرُه .
قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ .
ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ، وآفَتُه الكِتْمَانُ .
ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِ الرَّذيلةِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )


هذا زكاة العلم. تكون بأمور:
منها: نشر العلم. كما يتصدق الإنسان بشيء من ماله، فهذا العالم يتصدق بشيء من علمه، وصدقة العلم أبقى دواما وأقل كلفة ومؤنة.
أبقى دواما لأنه ربما كلمة من عالم تسمع ينتفع بها فئام من الناس وما زلنا الآن ننتفع بأحاديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولم ننتفع بدرهم واحد من الخلفاء الذين كانوا في عهده.
وكذلك العلماء تنتفع بكتبهم وعلومهم، فهذه زكاة. وهذه الزكاة لا تنقص العلم بل تزيده.
يزيد بكثرة الإنفاق منه = وينقص إن به كفا شددت
ومن زكاة العلم أيضا: العمل به لأن العمل به دعوة إليه بلا شك، وكثير من الناس يتأسون بالعالم وبأعماله، أكثر مما يتأسون بأقواله وهذا بلا شك زكاة أيما زكاة، لأن الناس يشربون منها وينتفعون.
ومنها أيضا: ما قاله المؤلف أن يكون صداعا للحق. وهذا من جملة النشر، ولكن النشر قد يكون في حال السلامة والأمن على النفس، وقد يكون في حالة الخطر، فيكون صداعا بالحق.
ومنها: أي من تزكية العلم- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا شك أنه من زكاة العلم، لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو عارف بالمعروف وعارف بالمنكر، ثم قائم بواجبه نحو هذه المعرفة.
والمعروف: كل ما أمر به الله ورسوله. والمنكر: كل ما نهى الله عنه ورسوله. موازنا بين المصالح والمضار. لأنه قد يكون من الحكمة ألا تنهى حسب ما تقتضيه المصلحة، فالإنسان ينظر إلى المصالح والمضار.**
وقوله : «ناشرا للعلم وحب النفع» يعني تنشر العلم بكل وسيلة للنشر من قول باللسان وكتابة بالبنان. وبكل طريق، وفي عصرنا هذا سخر الله لنا الطرق لنشر العلم، فعليك أن تنتهز هذه الفرصة من أجل أن تنشر العلم الذي أعطاك الله إياه، فإن الله تعالى أخذ على أهل العلم ميثاق أن يبينوه للناس ولا يكتموه، ثم ساق المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه والشاهد في قوله «أو علم ينتفع به» .
أما قوله :«قال بعض أهل العلم. فبدله صدقة ينتفع بها والمتلقي لها ابن للعالم في تعلمه عليه».
هذا قصور. والصواب خلاف ذلك. أن المراد بالصدقة الجارية، صدقة المال.
وأما صدقة العلم فذكرها بعده بقوله «أو علم ينتفع به أو ولد صالح»* المراد به الولد بالنسب، لا الولد بالتعليم.
فحمل الحديث على أن المراد بالعالم يعلم فيكون صدقة ويبقى علمه بعد موته ينتفع به ويكون طلابه أبناء له، فهذا لا شك تقصير في تفسير الحديث.
والصواب: أن الحديث دل على ثلاثة أجناس مما ينتفع به الإنسان بعد موته.
الصدقة الجارية، والصدقة إما جارية وإما مؤقتة. فإذا أعطبت فقيرا يشتري طعاما فهذه صدقة لكنها مؤقتة، وإذا حفرت بئرا ينتفع به المسلمون بالشرب، فهذه صدقة جارية.
والأولى أن يقال «ولبركة العلم» فهذا أمثل، لكونه يزيد بكثرة الإنفاق. ووجه زيادته أن الإنسان إذا علم الناس مكث علمه في قلبه واستقر، وإذا غفل نسي.
ثانيا- أنه إذا علم الناس فلا يخلو هذا التعليم من الفوائد الكثيرة، بمناقشة أو سؤال، فينمي علمه ويزداد، وكم من أستاذ تعلم من تلاميذه. قد يذكر التلميذ مسألة ما جرت على بال الأستاذ وينتفع بها الأستاذ فلهذا كان بذل العلم سببا في كثرته وزيادته.
ثم لا تيأس ولا تقل: إن الناس غلب عليهم الفسق والمجون والغفلة، لا! أبذل النصيحة ما استطعت ولا تيأس لأنك إذا تقاعست واستحسرت فمن يفرح بذلك ؟ الفساق والفجار. كما قيل:
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
فلا تيأس، فكم من إنسان يأست من صلاحه، ففتح الله عليه وصلح. لكن يئست.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2129#.Va4CLbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :

45- زكاةُ العِلْمِ :
أَدِّ ( زَكاةَ العِلْمِ ) : صادعًا بالحَقِّ ، أمَّارًا بالمعروفِ ، نَهَّاءًا عن الْمُنْكَرِ ، مُوازِنًا بينَ الْمَصالِحِ والْمَضَارِّ ، ناشرًا للعِلْمِ ، وحبِّ النفْعِ وبَذْلِ الجاهِ ، والشفاعةِ الحسَنَةِ للمسلمينَ في نوائِبِ الحقِّ والمعروفِ .
وعن أبي هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ :((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ)) رواه مسلِمٌ وغيرُه .
قالَ بعضُ أهلِ العلْمِ : هذه الثلاثُ لا تَجتمِعُ إلا للعالِمِ الباذِلِ لعِلْمِه فبَذْلُه صَدَقَةٌ ، يُنْتَفَعُ بها ، والْمُتَلَقِّي لها ابنٌ للعالِمِ في تَعَلُّمِه عليه ، فاحْرِصْ على هذه الْحِلْيَةِ ؛ فهي رأسُ ثَمرةِ عِلْمِكَ .
ولشَرَفِ العِلْمِ ؛ فإنه يَزيدُ بكثرةِ الإنفاقِ ، ويَنْقُصُ مع الإشفاقِ ، وآفَتُه الكِتْمَانُ .
ولا تَحْمِلْكَ دَعْوَى فَسادِ الزمانِ ، وغَلَبَةِ الفُسَّاقِ ، وضَعْفِ إفادةِ النصيحةِ عن واجبِ الأداءِ والبَلاغِ ، فإن فَعَلْتَ ، فهي فِعْلَةٌ يَسوقُ عليها الفُسَّاقُ الذهَبَ الأحْمَرَ لِيَتِمَّ لهم الخروجُ على الفضيلةِ ورَفْعُ لواءِالرَّذيلةِ .
الشيخ :

الأدب الخامس والأربعون : الحرص على الدعوة ونشر العلم وبثّه في الأمّة ، سواءًا إذا وجدت شخصا تاركا لما تعلمه من الخير والصدق أو بواسطة مجالس العلم ، أو بالتأليف أو نحو ذلك.
وهكذا أيضا الحرص على نفع الآخرين بالشفاعة الحسنة لهم ، والعلم يزيد بالنفقة منه ، كلما دعوت إليه وعلّمت الناس بقي العلم في نفسك ، وأعطاك الله علما لم تكن عالما به ، وبارك الله بعلمك ، وكلما تكاسل الإنسان في نشر العلم فإنه سينساه عن قرب ، ولن يُبارك له في علمه ، بعض الناس يقول : الناس قد فسدوا ، وتجاهلوا العلم.
فنقول : هذه تجعلك تحرص على كثرة التعليم ، وتبذل الأسباب ، فإذا فسد الناس وكثر الجهل فيهم ، فلابد أن يقوم العلماء وطلبة العلم بالتعليم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما بال أقوام لا يعلّمون جيرانهم ، وما بال أقوام لا يتعلّمون من جيرانهم"xضعيف
والفسّاق يريدون من العلماء أن يسكتوا ولا ينشروا علما ولا يوجّهوا الناس وينصحوهم ليتمكّنوا من مرادهم في فسقهم ، لكن ينبغي ألا نحقق مطلوبهم ، وأن نحتسب للأجر في بث العلم ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2129#.Va4CLbVUOE4)

.**قال سفيان الثوري رحمه الله: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى».
ينبغي أن نعلم أنه إذا غلب على ظن من ينهى عن المنكر أنه إذا قام بتغيير هذا المنكر، فإنه يتعدى الضرر والأذى الكبير إلى أحد من أقاربه، أو أصحابه، أو جيرانه، أو يُعتدى على محارمه، أو غيرهم من الناس وهم غير راضين عن ذلك، فلم يجز له تغيير هذا المنكر، ويصبح ترك النهي عن المنكر في هذه الحالة واجباً، لأن التغيير لا يتحقق إلا بمنكر أعظم منه
قال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في الحديث عن الحسبة:
«فإذا كان يؤدي ذلك إلى أذى فوقه ليتركه، وذلك كالزاهد الذي له أقارب أغنياء، فإنه لا يخاف على ماله إن احتسب على السلطان، ولكنه - أي السلطان - يقصد أقاربه انتقاماً منه بواسطته، فإذا كان يتعدى الأذى من حسبته إلى أقاربه، وجيرانه فليتركها فإن إيذاء المسلمين محظور، كما أن السكوت على المنكر محظور»

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام وولاة الأمور:
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحكام، وولاة الأمور، من المسائل الهامة، والتي إذا أساء الناس فهمها، لترتب على ذلك فتن عظيمة، ومفاسد كبيرة في البلاد والعباد، ويجب أن نعلم أن الله قد أرسل رسولين كريمين، وهما موسى وهارون إلى حاكم كافر، ادعى أنه رب لهذا الكون وأنه إله للناس، وهو فرعون والله تعالى يعلم أن فرعون سوف يموت على كفره وعلى الرغم من ذلك طلب منهما أن ينهياه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فقال سبحانه وتعالى: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى *فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى *قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى *قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى *فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى *إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى"
فانظر أخي الكريم:إذا كانت هذه هي كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحاكم الكافر، فكيف تكون إذاً مع الحاكم المسلم؟ إنها لا شك يجب أن تكون أكث ليناً في الكلام مع استخدام حسن الأدب في الحوار.
نصيحة ولاة الأمور تكون سراً:
ينبغي أن تكون النصيحة للحكام، وولاة الأمور سراً، ودون التشهير بهم أمام عامة الناس، وذلك بدليل ما يلي:
روى أحمد في مسنده من حديث عياض بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يُبْدِ لَهُ علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا قد أدى الذي عليه له هنا (http://www.alukah.net/sharia/0/38461/)
"مَن أرادَ أن ينصحَ لذي سلطانٍ في أمرٍ فلا يُبدِهِ عَلانيةً ولَكِن ليأخذْ بيدِهِ فيَخلوَ بهِ فإن قبِلَ منهُ فذاكَ وإلَّا كانَ قد أدَّى الَّذي علَيهِ لَهُ"
الراوي : عياض بن غنم - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج كتاب السنة-الصفحة أو الرقم: 1097 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
*ولد صالح يدعو له.سواء أكان من أولاده الحسيين أو مـــن أولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه ، وهدايته وإرشاده ،السعدي .هنا (http://www.startimes.com/f.aspx?t=32877065)

ولد صالح يدعو له. ولد يشمل ذكر وأنثى يعني ابن أو بنت يشمل ابنك لصلبك وابنتك لصلبك وأبناء أبنائك وأبناء بناتك وبنات أبنائك وبنات بناتك إلى آخره ولد صالح يدعو للإنسان بعد موته هذا أيضا يثاب عليه الإنسان وانظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وسلم ولد صالح يدعو له ولم يقل: ولد صالح يصلي له أو يقرأ له القرآن أو يتصدق عنه أو يصم عنه لا ما قال هذا مع أن هذه كلها أعمال صالحة بل قال: ولد صالح يدعو له وفي هذا دليل على أن الدعاء لأبيه وأمه وجده وجدته أفضل من الصدقة عنهم وأفضل من الصلاة لهم وأفضل من الصيام لهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يدل أمته إلا على خير ما يعلمه لهم ما من نبي بعثه الله إلا & دل أمته على خير ما يعلمه لهم فلو علم الرسول صلى الله عليه وسلم أن كونك تتصدق عن أبيك وأمك أفضل من الدعاء لقال في الصدقة ما قال الدعاء فلما عدل عن الصدقات والصيام والصلاة وقراءة القرآن والمقام مقام تحدث عن الأعمال لما عدل عن هذه الأعمال إلى الدعاء علمنا يقينا لا إشكال فيه أن الدعاء أفضل من ذلك فلو سألنا سائل: أيهما أفضل أتصدق لأبي أو ادعو له قلنا الدعاء أفضل لأن رسول الله . شرح رياض الصالحين للعثيمين هنا (http://shamela.ws/browse.php/book-9260/page-2960#page-2962)
x ما بالُ أقوامٍ لا يُفقِّهون جيرانَهم ، ولا يُعلِّمونهم ، ولا يَعِظونَهم ، ولا يأمرونهم ، ولا ينهونهم ؟ ! وما بالُ أقوامٍ لا يتعلَّمون من جيرانِهم ، ولا يتفقَّهون ! ولا يتَّعِظون ؟ ! واللهِ لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم ، ويُفقِّهونهم ، ويعِظونهم ، ويأمرونهم ، وينهونهم ، ولَيَتَعَلَّمنَّ قومٌ من جيرانهم ، ويتفقَّهون ، ويتَّعِظون ، أو لأُعاجِلنَّهم العقوبةَ . ثم نزل . فقال قومٌ : مَن ترونَه عَنِيَ بهؤلاءِ ؟ قال : الأشعريِّينَ ، هم قومٌ فقهاءُ ، ولهم جيرانٌ جفاةٌ من أهلِ المياهِ والأعرابِ فبلغ ذلك الأشعريِّينَ ، فأتوا رسولَ اللهِ فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! ذكرتَ قومًا بخيرٍ ، وذكرتَنا بشرٍّ ، فما بالُنا ؟ فقال : لَيُعلِّمَنَّ قومٌ جيرانَهم وليَعِظُنَّهم ، وليأمرُنَّهم ، ولينهونَّهم ، وليتعلمَنَّ قومٌ من جيرانِهم ويتَّعظون ويتفقّهون ، أو لأعاجلنَّهم العقوبةَ في الدنيا . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! أَنُفَطِّنُ غيرَنا ؟ فأعاد قولَه عليهم ، فأعادوا قولَهم : أَنُفطِّنُ غيرَنا ؟ فقال ذلك أيضًا . فقالوا : أَمهِلْنا سنةً ، فأمهلَهم سنةً ، ليُفقِّهونهم ، ويُعلِّمونهم ، ويعِظونهم . ثم قرأ رسولُ اللهِ هذه الآيةَ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ الآية .
الراوي : عبدالرحمن بن أبزى - المحدث : الألباني - المصدر : ضعيف الترغيب-الصفحة أو الرقم: 97 - خلاصة حكم المحدث : ضعيف
هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%85%D9%86+%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A 7%D9%86%D9%87%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on)

أم أبي التراب
07-20-2015, 11:39 PM
46- عزة العلماء
التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .
يقولونَ لي فيك انقباضٌ وإنما = رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا
أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ = ومَن أَكرَمَتْهُ عِزَّةُ النفْسِ أُكْرِمَا
ولو أنَّ أهلَ العلْمِ صانُوه صانَهُمْ = ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لعَظَّمَا

( لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشالَةِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ** بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولا تَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
هذا فيه شيء صواب، وشيء فيه نظر، صيانة العلم وتعظيمه وحماية جنابه، لا شك أنه عز وشرف. فإن الإنسان إذا صان علمه عن الدناءة وعن التطلع إلى ما في أيدي الناس، وعن بذل نفسه فهو أشرف له وأعز، ولكن كون الإنسان لا يسعى به إلى أهل الدنيا ولا يقف على أعتابهم ولا يبلغه إلى غير أهله وإن عظم قدره فيه تفصيل.
فيقال إذا سعيت به إلى أهل الدنيا وكانوا ينتفعون بذلك فهذا خير، وهو داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما إن كانوا يقفون من هذا العالم الذي دخل عليهم وأخذ يحدثهم، موقف الساخر المتململ، فهنا لا ينبغي أن يهدي العلم إلى هؤلاء، لأنه إهانة له وإهانة لعلمه. ولنفرض أن رجلا دخل على أناس من هؤلاء النفر، وجلس، وجعل يتحدث إليهم بأمور شرعية، ولكنه يشاهدهم تتمعر وجوههم، ويتململون ويتغامزون، فهؤلاء لا ينبغي أن يحوم حولهم لأن هذا ذل له ولعلمه.
أما إذا دخل على هؤلاء وجلس وتحدث، ووجد وجوها تهش، وأفئدة تطمئن، ووجد منهم إقبالا، فها هنا يجب أن يفعل، ولكل مقام مقال.
لو كان دخل طالب علم صغير على هؤلاء المترفين، فلربما يقفون منه موقف الاستهزاء والسخرية، لكن لو دخل عليهم من له وزن عندهم وعند غيرهم لكان الأمر بالعكس، فلكل مقام مقال.
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَ فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .
ومن أحسن ما رأيت في هذا كتاب «روضة العقلاء» للبسني، كتاب عظيم على اختصاره، فيه فوائد عظيمة ومآثر كريمة للعلماء المحدثين وغيرهم، وكان مقررا في المعاهد أيام كنا ندرس في المعهد، مقررا كتاب مطالعة للطلاب وانتفع به الكثير.
أما ما ذكره الشيخ بكر، يعضها اطلعنا عليه، وبعضها لم نطلع عليه، لكن بعضها مختصر جدا، لا يستفيد الإنسان منه كثير فائدة. لكن سير أعلام النبلاء مفيد أيضا فائدة كبيرة، فمراجعته عظيمة. أما كتاب «عزة العلماء» فهو من كتابات المؤلف، وهو يدعو إلى الله تعالى أن ييسر إتمامه وطبعه.

يقولون لي فيك انقباض وإنما = رأوا رجلا عن موضع الذل احجما
أرى الناس من داناهم هان عندهم = ومن أكرمته عزة النفس أكرما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم = لو عظموه في النفوس لعظما

(لعظما)، بفتح الظاء المعجمة المشالة.
هذا الضبط فيه نظر، والظاهر: ولو عظموه في النفوس لعظما. يعني لكان عند الناس عظيما، لكنهم لم يعظموه في النفوس، بل أهانوه وبذلوه لكل غال ورخيص.
وهذه مرت علي في البداية والنهاية لابن كثير في ترجمة الناظم الذي نظمها.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2130#.Va4DWLVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
46- عِزَّةُ العُلماءِ :
التَّحَلِّي بـ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) : صيانةُ العِلْمِ وتَعظيمُه ، وحمايةُ جَنابِ عِزِّه وشَرَفِه وبِقَدْرِ ما تَبْذُلُه في هذا يكونُ الكَسْبُ منه ومن العَمَلِ به ، وبِقَدْرِ ما تُهْدِرُه يكونُ الفَوْتُ ، ولا حولَ ولاقُوَّةَ إلا باللهِ العزيزِ الحكيمِ .
وعليه ؛ فاحْذَرْ أن يَتَمَنْدَلَ بك الكُبراءُ ، أو يَمْتَطِيَكَ السفهاءُ ، فتُلَايِنَ في فَتْوَى أو قضاءٍ أو بَحْثٍ أو خِطابٍ .
ولا تَسْعَ به إلى أهلِ الدنيا ، ولا تَقِفْ به على أَعتابِهم ، ولاتَبْذُلْه إلى غيرِ أهلِه وإن عَظُمَ قَدْرُه .
ومَتِّعْ بَصَرَك وبَصِيرَتَكَ بقِراءةِ التراجِمِ والسيَرِ لأَئِمَّةٍ مَضَوْا ، تَرَى فيها بَذْلَ النفْسِ في سبيلِ هذه الحمايةِ لا سِيَّمَا مَن جَمَع مُثُلًا في هذا ؛ مثلَ كتابِ ( من أخلاقِ العُلماءِ ) لِمُحَمَّدٍ سليمانَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ ( الإسلامِ بينَ العُلماءِ والحكَّامِ ) لعبدِ العزيزِ البَدْرِيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وكتابِ(مَناهِجِ العُلماءِ في الأمْرِ بالمعروفِ والنهيِ عن الْمُنكَرِ ) لفاروقٍ السامَرَّائيِّ .
وأرجو أن تَرى أضعافَ ما ذَكَرُوه في كتابِ ( عِزَّةِ العُلَمَاءِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَه .
وقد كان العلماءُ يُلَقِّنُونَ طُلَّابَهُم حِفْظَ قصيدةِ الْجُرجانيِّ عليِّ بنِ عبدِ العزيزِ ( م سنةَ 392 هـ ) رَحِمَه الله تعالى كما نَجِدُها عندَ عددٍ من مُتَرْجِمِيهِ ، ومَطْلَعُها .
يـقـولـونَ لـــي فـيــك انـقـبـاضٌ وإنـمــا رَأَوْا رجُلًا عن مَوْضِعِ الذلِّ أَحْجَمَا
أرى الناسَ مَن داناهُم هانَ عِنْدَهمْ ومَـــن أَكـرَمَـتْـهُ عِـــزَّةُ الـنـفْـسِ أُكْـرِمَــا
ولـو أنَّ أهـلَ العلْـمِ صانُـوه صانَهُـمْ ولــو عَظَّـمُـوه فـــي الـنـفـوسِ لعَـظَّـمَـا
(لعَظَّمَا ) بفتحِ الظاءِ المعجَمَةِ الْمُشددةِ .
الشيخ :
قال المؤلف في الأدب السادس والأربعين : عزة العلماء ، بحيث لا يبذل العلماء علمهم فيما لا يناسبه من المواطن والمحال ، و بحيث لا يكون العلماء ممن يبذل علمه في تحقيق أهواء الناس وأغراضهم المخالفة للشريعة.
قال المؤلف : (التحلّي بـ "عزة العلماء") وفسّره : بصيانة العلم وتعظيمه وحماية جناب عزه.
قال : (و عليه فاحذر أن يتمندل بك الكبراء) يعني يجعلونك منديلا يمسحون به أيديهم ، لماذا؟ لأنك تذل لهم ، ومن ثَمّ يتوصلون بك إلى تحقيق أغراضهم.
(أو يمتطيك السفهاء) يعني يركبوك ويجعلوك مطيّة لهم ، ومن ثَمّ : (تلاين لهم في فتوى أو في قضاء أو في بحث أو في خطاب) ومما يترتب على هذا أن يعزّ طالب العلم نفسه ، فلا يذهب إلى مجالس أهل الدنيا إلا إذا دعوه ليبلّغ حقّه ، وأما أن يذهب إليهم ابتداء فليس هذا من طالب العلم.
(ولا تقف به على أعتابهم) وكثير من الأئمة يقول بأنّ مجالس العلم يُؤتى إليها ، ولا يصح أن تُنقل مجالس العلم إلى مواطن أهل الدنيا ، فيقال : إذا أردت التعلّم فتعال.
والإمام أحمد وغيره من الأئمة طلبهم السلاطين في وقتهم إلى أن ينقلوا حديثهم لمواطن السلطان فأبوا ، وقال الواثق –في ظني-: أريد أن تعلم فلانا وفلانا من أبنائي ، قال : فليحضروا إلينا وليتعلموا كما يتعلم غيرهم.
وجاء هشام بن عبد الملك فطاف بالبيت وجاءت له مسألة ، فجاء إلى عطاء وكان يصلي ، فما نقص من صلاته شيئا ، ثم بعد ذلك أجاب الناس حتى جاء الدور إلى هشام بن عبد الملك فأجابه عن مسألته.
ولازال العلماء في الزمان الأول يأتيهم الولاة ويأتيهم الأمراء ويسألونهم في مسائلهم في بيوت العلماء ، فالعلم يُؤتى إليه.
وذكر المؤلف نماذج من كتب أهل العلم التي ذكرت تراجم وسير لأئمة مضوا ، حموا أنفسهم من إذلال علمهم لمثل هؤلاء ، إلا أنّ بعض أهل العلم خصّ من هذا مجلس الإمام الأعظم ، فالعلماء ينبغي بهم أن يحرصوا على سوق ما لديهم من علم إليه ، ومثل هذا يختلف باختلاف اجتهاد المجتهدين.
وذكر المؤلف قصيدة الجرجاني وفيها شيء من هذا المعنى ، وقد جاء في سنن أبي داود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من بدا جفا ، ومن تتبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن" وهذا له أسانيد متعددة يُقوّي بعضها بعضا.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2130#.Va4DWLVUOE4)

**قال سفيان الثوري: إنما اتجرت لئلا يتمندل بنا هؤلاء أي طلبت التجارة. لئلا يتسلط علي أهل الملك والجاه فأكون في أيديهم كالمنديل التجارة عز نفس

أم أبي التراب
07-21-2015, 01:06 AM
47 – صِيانةُ العِلْمِ
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... )1 .
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ
( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْلِ إليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قولِ الحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... )

إذا أراد بهذا الحديث، فليس هذا لفظ الحديث، والجملة الثانية «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» هذا نص الحديث.
يريد بهذه الآداب: أن الإنسان يصون علمه، فلا يجعله مبتذلا، بل يجعله محترما، معظما، فلا يلين في جانب من لا يريد الحق، بل يبقى طورا شامخا، ثابتا، وأما أن يجعله الإنسان سبيلا إلى المداهنة وإلى المشي فوق بساط الملوك وما أشبه ذلك، فهذا أمر لا ينبغي، ولم يكن الإنسان صائنا لعلمه إذا سلك الإنسان هذا المسلك.
والواجب قول الحق، لكن قول الحق قد يكون في مكان دون مكان، والإنسان ينتهز الفرصة فلا يفوتها، ويحذر الذلة فلا يقع فيها.
قد يكون من المستحسن أن لا أتكلم في هذا المكان بشيء، وأن أتكلم في مكان آخر، لأني أعرف أن كلامي في الموضع الآخر أقرب إلى القبول والاستجابة. فلكل مقام مقال، ولهذا يقال : «بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ» فلا بد أن الإنسان يكون عنده علم ومعرفة وسياسة، بحيث يتكلم إذا كان للكلام محل، ويسكت إذا كان ليس للكلام محل.
وقوله :«وفي الحديث «احفظ الله يحفظك» يعني: احفظ حدود الله كما قال الله تعالى في سورة التوبة : ( والحافظون لحدود الله) (سورة التوبة: 112). فلا ينتهكونها بفعل محرم، ولا يضيعونها بترك واجب.
وقوله «يحفظك» يعني في دينك ودنياك وفي أهلك ومالك. فإن قال قائل: إننا نرى بعض الحافظين لحدود الله يصيبهم ما يصيبهم. فنقول: هذا زيادة في تكفير سيئاتهم ورفعة درجاتهم، ولا ينافي قوله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» قوله «يعرفك» لا تظن أن الله تعالى لا يعرف الإنسان إذا لم يتعرف إليه، لكن هذه معرفة خاصة، فهي كالنظر الخاص المنفي عمن نفي عنه كما في قوله تعالى : (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم) (سورة آل عمران: 77). مع أن الله لا يغيب عن نظره شيء، لكن النظر، نظران:
نظر خاص، ونظر عام. كذلك المعرفة: معرفة خاصة، ومعرفة عامة. والمراد هنا المعرفة الخاصة.
بقي أن يقال: إن المشهور عند أهل العلم أن الله تعالى لا يوصف بأنه عارف.
يقال: عالم، ولا يقال عارف.
وفرقوا بين العلم والمعرفة. بأن المعرفة تكون للعلم اليقيني والظني وأنها- أي معرفة- انكشاف بعد خفاء. وأما العلم فليس كذلك.
فنقول ليس المراد بالمعرفة هنا ما أراده الفقهاء أو أراده الأصوليون إنما المراد بالمعرفة هنا: أن الله تعالى يزداد عناية لك ورحمة بك، مع علمه بأحوالك- عز وجل.
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
هذه قاعدة مهمة: وهي أن الإنسان إذا أصبح عاطلا عن قلادة الولاية، - وهذا سبيلك ولو بعد حين- يعني سوف تترك الولاية ولو بقيت في الولاية حتى الموت فإنك ستتركها لا بد.
وقوله : « فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .». هذا أيضا ليس على عمومه، لأن من الناس من يعزل عزل محمدة وعزة لكونه يقوم بالواجب عليه من الملاحظة والنزاهة، لكن يضيق على من تحته فيحفرون له حتى يقع، وهذا كثير مع الأسف. ومن الناس من يعزل لأنه قد تبين أنه ليس أهلا للولاية، فهل هذا العزل عزل محمدة أم عزل مذمة؟ عزل مذمة لا شك.
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ ( التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .
من العجب أن بعض الناس إذا عزل عن الولاية وترك المسؤولية ازداد إنابة إلى الله عز وجل، لأنه إن عزل في حالة يحمد عليها لجأ إلى الله وعرف أنه لا يغنيه أحد عن الله عز وجل، وعرف افتقاره إلى الله تبارك وتعالى، فصلحت حاله. وإن كان انفصاله إلى غير ذلك فلربما يمن الله عليه بالتوبة لتفرغه وعدم تحمله المسئولية، فيعود إلى الله تبارك وتعالى.
وأما قوله : «وأمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ».
هذا موجود بلا شك، لكنه ليس كثيرا في الناس، والحمد لله. لكن من الناس من يكون متهاونا في أداء وظيفته، فإذا تركها رجع إلى الله عز وجل.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2131#.Va4VY7VUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
47- صِيانةُ العِلْمِ :
إن بَلَغْتَ مَنْصِبًا فتَذَكَّرْ أنَّ حَبْلَ الوَصْل ِإليه طَلَبُكَ للعِلْمِ ، فبِفَضْلِ اللهِ ثم بسببِ عِلْمِك بلَغْتَ ما بَلَغْتَ من وَلايةٍ في التعليمِ ، أو الفُتْيَا أو القضاءِ ... وهكذا فأَعْطِ العِلْمَ قَدْرَه وحَظَّهُ من العمَلِ به وإنزالَه مَنْزِلَتَهُ .
واحْذَرْ مَسْلَكَ مَن لا يَرْجُونَ للهِ وَقَارًا ، الذين يَجْعَلون الأساسَ ( حِفْظَ الْمَنْصِبِ ) فيَطْوُونَ أَلْسِنَتَهُم عن قول ِالحَقِّ ، ويحملُهم حُبُّ الوَلايةِ على الْمُجَارَاةِ .
فالْزَمْ – رَحِمَكَ اللهُ – المحافَظَةَ على قِيمَتِكَ بحِفْظِ دِينِك ، وعِلْمِك وشَرَفِ نفسِكَ ، بحِكْمَةٍ ودِرايةٍ وحُسْنِ سِياسةٍ : ( احْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ ) ( احْفَظِ اللهَ في الرخاءِ يَحْفَظْكَ في الشدَّةِ ... ) .
وإن أَصْبَحْتَ عاطلًا من قِلادةِ الوِلايةِ – وهذا سبيلُك ولو بعدَ حينٍ – فلا بأسَ ؛ فإنه عَزْلُ مَحْمَدَةٍ لا عَزْلُ مَذَمَّةٍ ومَنْقَصَةٍ .
ومن العجيبِ أنَّ بعضَ مَن حُرِمَ قَصْدًا كبيرًا من التوفيقِ لا يكونُ عندَه الالتزامُ والإنابةُ والرجوعُ إلى اللهِ إلا بعدَ (التقاعُدِ ) ، فهذا وإن كانت تَوبَتُه شرعيَّةً ؛ لكن دِينَه ودِينَ العجائزِ سواءٌ، إذ لا يَتَعَدَّى نَفْعُه ، أمَّا وَقْتُ وِلايتِه حالَ الحاجةِ إلى تَعَدِّي نَفْعِه ؛ فتَجِدُه من أَعْظَمِ الناسِ فُجورًا وَضَرَرًا ، أو باردَ القلْبِ أَخْرَسَ اللسانِ عن الْحَقِّ .فنَعوذُ باللهِ من الْخِذلانِ .
الشيخ :
هذا أدب آخر من آداب طالب العلم وهو أنّ المرء إذا كان في منصب أو ولاية فلا ينبغي أن ينقطع عن طلب العلم ، أو إقرائه وتدريسه ليبقى العلم عنده ، وذلك أنه بالتعليم والتدريس يبقى هذا العلم الذي وصل به الإنسان إلى هذه الولاية ، وبذلك يُرضي ربه جل وعلا ، ويتواصل الناس بالعلم وتعليمه و إقرائه ، ويأخذ الخلف عن السلف، ويبقى العلم ويستمر في الأمة.
وأما إذا انقطع الإنسان عن التعلم والتعليم بسبب انشغاله بالولاية ، فإنّ هذا يؤدّي إلى جعله من أهل الجهالة لأنه سينسى ذلك العلم الذي تعلّمه.
وكذلك ليُعلم أنّ ترك المنصب لا يعني منقصة في صاحبه ، وبالتالي ينبغي أن يعوّد أصحابُ المناصب أنفسهم أنهم سيتركون مناصبهم عما قريب ، ولذلك عليهم أن يحرصوا على تقوى الله حال ولايتهم ، وأن يبذلوا ما يستطيعونه من إقراء للعلم ومن أمر بمعروف ونهي عن المنكر تقرّبا لله جل وعلا ، وكذلك إذا عُزل الإنسان من منصبه لا ينبغي لطلبة العلم أن يقاطعوه بحيث إذا كان في المنصب وصلوه ودرسوا على يديه ، وإذا انقطع عن المنصب قاطعوه ، هذا ليس من شأن أهل العلم ، بل إذا ترك منصبه فإن هذا عزل محمدة ، ومن ثَمّ ينبغي لطلبة العلم أن يطلبوا على يديه العلم ، لأنه تفرّغ للإقراء حينئذ ، ولا يُنقص ابتعاده عن قلادة الولاية ، لا يُنقص ذلك من منزلته العلمية ، نعم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2131#.Va4VY7VUOE4)
1- تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرفُك في الشدَّةِالراوي : أبو سعيد الخدري و أبو هريرة و ابن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 2961 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%AF %D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-21-2015, 01:27 AM
48 –الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .

شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ القارئ:
الأمر الثامن والأربعون: الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .
الشيخ:
لا بد أن نعرف ما الفرق بين المداهنة والمداراة؟.
المداهنة: أن يرضى الإنسان بما عليه قبيله، كأنه يقول: لكم دينكم ولي دين، ويتركه.
وأما المداراة: فهو أن يعزم بقلبه على الإنكار عليه، لكنه يداريه فيتألفه تارة، ويؤجل الكلام معه تارة أخرى، وهكذا حتى تتحقق المصلحة.
فالفرق بين المداهنة والمداراة ، أن المداراة يراد بها الإصلاح لكن على وجه الحكمة والتدرج في الأمور.
وأما المداهنة، فإنها الموافقة ولهذا جاءت بلفظ الدهن، لأن الدهن يسهل الأمور، والعامة يقولون في أمثالهم: ادهن السيل يسير يعني: أعطي الرشوة إذا أردت أن تمشي أمورك. على كل حال المداهنة أن الإنسان يترك خصمه وما هو عليه ولا يحاول إصلاحه يقول ما دام أنت ساكت عني فأنا أسكت عنك، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 والمداراة: أنه يريد الإصلاح ويحاول إصلاح خصمه لكن على وجه الحكمة فيشتد أحيانا ويلين أحيانا وينطق أحيانا ويسكت أحيانا ، وما المطلوب من طالب العلم المداراة أم المداهنة؟ المداراة.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2132#.Va4bsbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ


القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
48- الْمُداراةُ لا الْمُداهَنَةُ :
الْمُداهَنَةُ خُلُقٌ مُنْحَطٌّ ، أمَّا الْمُدارَاةُ فلا ، لكن لا تَخْلِطْ بينَهما فتَحْمِلَك المداهَنَةُ إلى حَضَارِ النفاقِ مُجاهَرَةً ، والْمُداهَنَةُ هي التي تَمَسُّ دِينَك .
الشيخ :
المداهنة : ترك بعض الأحكام الشرعية من أجل صاحبك ، ومنه قوله تعالى : {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }القلم9 كأن تترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ، هذا مداهنة.
وأما المداراة : فهي المجاراة ، بحيث قد لا أعرف للمسألة التي تكون سببا لإحراج أو مشكل ، لكن المداهنة أن أوافقك وأنا لا أرى رأيك.
ومن أمثلة هذا : أن أعلم أن فلانا يعصي الله بالمعصية الفلانية ، لكنه لا يعصي الله عندي ، فلا أتعرض لهذا خشية من هروبه من الحق وابتعاده عما أقوله من الخير ، فأرشده إلى ما يصلح قلبه ، وإن لم أتعرض لمعصيته ، كأن يكون على معصية سماع الأغاني ، لكنه لا يسمعها لديّ ، فأقوم بالحديث معه في الصلاة وأهميتها ، كيف يستحضر قلبه في الصلاة ، هو يصلي ، لأنه إذا استحضر القلب في الصلاة أثّر ذلك على بقيّة أمره.
لكن المداهنة ؛ أن أقول له : لا بأس ، أو أن أحضر المسجّل فأجعله يستمع للأغاني بحضرتي ، أو أحضر ذلك المجلس ، هذا مداهنة.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2132#.Va4bsbVUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 01:46 AM
49 – الغَرامُ بالْكُتُبِ

شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصولُ اللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ .
وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولا تَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لا سِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )


جمع الكتب مما ينبغي لطالب العلم أن يهتم به، ولكن يبدأ بالأهم فالأهم. فإذا كان الإنسان قليل الراتب فليس من الخير ولا من الحكمة أن يشتري كتبا كثيرة يلزم نفسه بغرامة قيمتها، فإن هذا من سوء التصرف.
ولذلك لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي أراد أن يزوجه ولم يجد شيئا، أن يقترض ويستدين.1
واحرص على كتب الأمهات2، الأصول، دون المؤلفات الحديثة لأن بعض المؤلفين حديثا ليس عنده علم راسخ، ولهذا إذا قرأت كتابا ما تجد أنه سطحي، قد ينقل الشيء بلفظه، وقد يحرفه إلى عبارة طويلة، لكنها غثاء.
فعليك بالأمهات، عليك بالأصل ككتب السلف، فإنها خير وأبرك بكثير من كتب الخلف.
ثم احذر أن تضم مكتبتك الكتب التي ليس فيها خير، لا أقول التي فيها ضرر، بل أقول التي ليس فيها خير لأن الكتب تنقسم إلى ثلاثة أقسام: خير، وشر، ولا خير ولا شر.
فاحرص أن تكون مكتبتك خالية من الكتب التي ليس فيها خير. هناك كتب يقال أنها كتب أدب، لكنها تقطع الوقت وتقتله من غير فائدة، هناك كتب غامضة ذات أفكار معينة ومنهج معين، فهذه أيضا لا تدخل مكتبتك. 50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ :

عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ :
الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) .
الحافظُ ابنُ قُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) .
الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ ) .
العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لا سِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ ) .
العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ ) .
هذا أيضا مهم، أن يختار الإنسان في مكتبته الكتب الأصيلة القديمة، لأن غالب المتأخرين قليلة المعاني، كثيرة المباني، تقرأ صفحة كاملة يمكن أن تلخصها في سطر أو سطرين مع التعريج والمطآب والتغريزات في بعض الكلمات التي لا تفهم إلا بعد افتراض، لكن كتب السلف تجدها سهلة لينة رصينة، لا تجد كلمة واحدة ليس لها معنى.
51- التعامُلُ مع الكتابِ :
لا تَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه .

التعامل مع الكتاب يكون بأمور:
الأول: معرفة موضوعه، حتى يستفيد الإنسان منه لأنه يحتاج إلى التخصص.
الثاني: أن تعرف مصطلحاته، وهذا في الغالب يكون في المقدمة، لأن معرفة المصطلحات يحصل بها في الواقع أنك تحفظ أوقات كثيرة، وهذا يفعله الناس في مقدمات الكتب، فمثلا نعرف أن صاحب بلوغ المرام إذا قال: متفق عليه، يعني رواه البخاري ومسلم. لكن صاحب المنتقى إذا قال: متفق عليه في الحديث يعني أنه رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم، كذلك أيضا كتب الفقه يفرق بين القولين، الوجهين، الروايتين، والاحتمالين، كما يعرف الناس من تتبع كتب الفقهاء. الروايتين عن الإمام، والوجهين عن أصحابه، لكن أصحاب المذهب الكبار أهل التوجيه، والاحتمالين للتردد بين قولين: والقولين أعم من ذلك كله.
كذلك يحتاج أن تعرف إذا قال المؤلف: إجماعا أو إذا قال: وفاقا. إذا قال: إجماعا يعني بين الأمة، وفاقا مع الأئمة الثلاثة كما هو اصطلاح صاحب الفروع في فقه الحنابلة.
الثالث: معرفة أسلوبه وعباراته، ولهذا تجد أنك إذا قرأت الكتاب أول ما تقرأ لا سيما من الكتب العلمية المملوءة علما، تجد أنك تمر بك العبارات تحتاج إلى تأمل وتفكير في معناها، لأنك لم تألفها فإذا كررت هذا الكتاب ألفته، وانظر مثلا إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، الإنسان الذي لا يتمرن على كتبه يصعب أن يفهمها لأول مرة، لكن إذا تمرن عرفها بسر وسهولة.
أما ما يتعلق بأمر خارجي عن التعامل مع الكتاب، وهو التعليق بالهوامش أو بالحواشي، فهذا أيضا مما يجب لطالب العلم أن يغتنمه، وإذا مرت به مسألة تحتاج إلى شرح أو دليل أو إلى تعليق ويخشى أن ينساها فإنه يعلقها، إما بالهامش وهو الذي على يمينه أو يساره وإما بالحاشية، وهي التي تكون بأسفل.
وكذلك أيضا إذا كان الكتاب فيه فقه مذهب من المذاهب ورأيت أنه يخالف المذهب في حكم هذه المسألة، فإنه من المستحسن أن تقيد المذهب في الهامش أو الحاشية حتى تعرف أن الكتاب خرج عن المذهب، ولا سيما إذا كان المذهب أقوى مما ذهب إليه صاحب الكتاب. 52- ومنه :
إذا حُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ .

هذا صحيح..... وهو حاصل كثيرا، أكثر ما يكون في حال الإنسان إذا جاءه كتاب جديد بتصفحه، أو إذا كان كثيرا يقرأ الفهرس.
قل أن تجد شخصا- مثلا- أو مر بك حال من حين يأتيك الكتاب أن تقرأه. هذا قليل.
وإنما قال الشيخ هذا، لأجل إن احتجت إلى مراجعته عرفت أنه يتضمن حكم الذي تريد، أما إذا لم تجرده مراجعة ولو مرورا فإنك لا تدري ما فيه من الفوائد والمسائل، فيفوتك شيء كثير موجود في هذا الكتاب الذي عندك في الرف.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2133#.Va4fM7VUOE4)
53- إعجامُ الكتابةِ :

إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :
وضوحُ الخطِّ .
رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) .
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها :
( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ .
الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .
تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ:

الثالث والخمسون: إعجامُ الكتابةِ :
إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها
الشيخ:
يقول أعجم، كتاب معجم، أعجم الكتابة معناه: اجعله أعجميا؟! لا، معناه أزل عجمته بإعرابه وتشكيله ونقطه، حتى لا يشكل وهذا من الأفعال التي يراد بها الضدان كما جاء في الحديث (يتحنث) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد) يتحنث يعني؟ يزيل الحنث أم يفعل الحنث؟ يزيله ، وهذه لها أمثلة كثيرة ، فمعنى أعجم الكتاب: أزال عجمته بتشكيله وإعرابه.

القارئ:
وذلك بأمورٍ :
أولاً: وضوحُ الخطِّ .
ثانيا: رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) .


الشيخ:
لا بد أن تكون عالما بالنحو أخشى أن تقع في قول القائل يريد أن يعربه فيعجمه، أو فأعجمه، لا بد أن تكون عالما بالنحو أما مثلا فكرة أن يقول لك هذه مرفوعة ، منصوبة ، مكسورة، وتفعل لا، لا بد أن تكون عالما ، وإذا أشكلت عليك الكلمة فارجع إلى مظانها ، إذا أشكل عليك ترقيم الكلمة أو حركاتها في تركيبها لا في إعرابها فارجع إلى كتب اللغة لأن هناك أخطاء شائعة بين الناس، مثلا يقولون: تَجْرِبة وتَجَارِب. أكثر الناس إن لم أقل كل الناس يضمونها ، فأخشى أن يأتي واحد بيعجن فتمر به تجربة فيقول: تجربة بضم الراء ، فيشكلها نطقا وإعرابا ، وهذا غلط ، لأنه قد يشتهر بين الناس أشياء وليس لها أصل فلا بد أن ترجع للأصل .القارئ:
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي .
( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
ثالثا: النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ .
رابعا: الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .

خامسا: تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
الشيخ:
هذه قواعد إملائية ينبغي مراعاتها.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2134#.Va4ZcbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
49- الغَرامُ بالْكُتُبِ :
شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصول ُاللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ .
وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولاتَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لاسِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ .
50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ :
عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ :
الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) .
الحافظُ ابن ُقُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) .
الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى.
الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ) .
العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لاسِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ) .
العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ) .
51- التعامُلُ مع الكتابِ :
لاتَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه .
52- ومنه :
إذاحُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ .
53- إعجامُ الكتابةِ :
إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :
وضوحُ الخطِّ .
رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ) .
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها :
(كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
(الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
النَّقْطُ للمُعْجَمِ و الإهمالُ للمُهْمَلِ .
الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .
تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
الشيخ :
هذه آداب لطالب العلم متعلقة بالكتب ، منها الحرص على الكتب جمعا ، بحيث يجمع كل ما يمكن أن يستفيد منه من كتب أهل العلم ، وذلك أنّ الكتب فيها علم كثير ، وفيها ترتيب للمسائل ، وتعين الإنسان على بحث ما يعرض إليه من مسائل الفقه والشرع.
الثاني : أنّ المرء حريص على استكمال مكتبته في الكتب في كل فن نافع ، ومن ثَمّ يكون لديه أصول المسائل.
الثالث : أن يحذر من الكتب المطوّلة التي فيها كلام كثير وفائدتها قليلة ، خصوصا من كتب المعاصرين ، فإنّ كلامهم كثير ، وفائدته قليلة.
كذلك يحذر من كتب المبتدعة لأنهم يدسّون السم في الدسم ، وقد يأتون بالكلمة لا يتفطّن الإنسان لما فيها ، انظر مثلا في تفسير بعض المعتزلة ، لما ذكر الجنة وما وضعه الله فيها من الخيرات ، قال : ودخول الجنة أعلى نعيم يحصّله العبد ، وهذا منطلق من عقيدة المعتزلية في نفي رؤية المؤمنين لله عز وجل التي هي أكمل النعيم ، كما ورد في حديث جرير: فلا يُعطون شيئا أحب إليهم من ذلك ، يعني من النظر لله ، فهذه لو قرأت الكتاب يمكن أن تمرّ عليك وترسخ في نفسك ولا تتبين وجه الحق فيها.
الأمر الرابع : أن يحرص على الكتب التي فيها استدلال بالأدلة ، بحيث يتعوّد على الاستدلال ويتعوّد على استنباط الفوائد من الأدلّة الشرعية ، ومن ثَمّ يصبح ممن ارتبط بالدليل الشرعي ، وقد ذكر المؤلف نماذج لمن كتب في ذلك.
الأمر الخامس : معرفة اصطلاحات أهل العلم في كتبهم ، ومعرفة ترتيب كتب أهل العلم بحيث يبقى ، أو بحيث يكون المرء قادرا على فهم الكتاب متى قرأه ، أما إذا قرأت كتابا وفسّرت هذا الكتاب بتفسيرات غير صاحب ذلك الكتاب فقد تقع في إشكالات كثيرة.
مثال هذا :
كلمة شيخ الإسلام نجد هذه الكلمة عند كثير من أهل العلم يريد بها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن هناك مؤلفات تريد غيره ، كمؤلفات ابن السبكي الابن ، إذا قال شيخ الإسلام فهو يريد والده ، فإذا نسبت كلام ابن السبكي إلى ابن تيمية بناء على أنه قد نُسب إلى شيخ الإسلام فقد وقعت في الخطأ ، وهكذا في بقيّة المصطلحات.
ومن هنا لابد من قراءة مقدّمة الكتاب حتى تعرف المصطلحات ، وأضرب لهذا مثلا :
في (كنز العمّال) هناك رموز ، هذه الرموز مرّات إذا فسّرتها برموز غيره حينئذ وقعت في الخطأ ، ط. س ماذا تعني؟ الطبراني في الأوسط ، غيره يريد بها ، الطيالسي مثلا ، فحينئذ احذر من مثل هذا.
كذلك ينبغي بك قبل أن تدخل الكتاب في مكتبتك أن تعرف طريقته ، وأن تقرأ مقدمته وخاتمته ، وأن تمرّ على شيء من مسائله ، وأما إذا وضعت الكتاب في محلّه في المكتبة بدون أن تنظر فيه فقد لا تتمكن من قراءته ولا معرفته في وقت آت.
كذلك ينبغي للإنسان في الكتب أن يحرص على إبراز الكتب النافعة لتكون قريبة من متناول يده ، بينما الكتب التي تقل فائدتها أو تقل مراجعته لها يضعها في مكان أقصى قليلا ، وينبغي فيه أن يحرص على اختيار كتاب جامع في كل فن بحيث إذا أشكل عليه شيء راجع ذلك الكتاب ، و بذلك يعرف مواطن بحث المسائل في ذلك الكتاب لئلا يقع في زلل فيه.
وهناك أيضا ما يتعلّق بتعليقات الإنسان أو بكتابته ، ينبغي أن يتأنّى فيها ، لا تكتب تعليقا حتى تفكّر هل هذا التعليق مناسب أو لا.
كم من مرة كتبت تعليقا ثم نقدت على نفسك وعرفت خطأك في هذا التعليق بعد مدة قليلة ، فلا تكتب التعليق إلا بعد تأمّل وتفكّر ، وإذا كتبت فاحرص على وضوح الخط ، واحرص على أن يكون جليّا ، واحرص على أن يكون منقوطا ، واحرص على أن يكون واضح الأسلوب يفهمه كل من قرأه.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2133#.Va4fM7VUOE4)
1- جاءتِ امرأةٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ ، فقالَ : من يتزوَّجُها ؟ فقالَ رجلٌ : أنا ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ : أعطِها ولو خاتمًا من حديدٍ ، فقالَ : ليسَ معي ، قالَ : قد زوَّجتُكَها على ما معَكَ منَ القرآن".

الراوي : سهل بن سعد الساعدي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 1545 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح - شرح الحديث-الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%88%D9%84%D9%88+%D8%AE%D8%A7%D8%AA% D9%85%D8%A7+%D9%85%D9%86+%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2)
2-فائدة
الخطأ : أمهات الكتب- الصواب : أُمَّات الكتب-
السبب : تذكر كثير من المعاجم اللغوية :
أن الأمهات فيمن يعقل ، والأُمَّات فيما لايعقل ،

وبما أن الكتب غير عاقلة ، فجمعها يكون : أُمَّات ،
ولكن ابن جني وغيره أجازوا جمع الجميع على
أُمَّات أوأُمَّهات ( للعاقل وغير العاقل ) .
هنا (http://www.zulfiedu.gov.sa/vb/showthread.php?t=522)
*.*.*.*.*.*.*
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين
قوله: «أُمُّهات الأولاد» يقال: أمهات في بني آدم،
وأُمَّات في الحيوان، تقول: أمات السخال ولا تقل: أمهات،
وإنما يقال: أمهات في بني آدم،قال الله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}} [النساء: 23]
هنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_18150.shtml)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:08 PM
53- إعجامُ الكتابةِ :

إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :
وضوحُ الخطِّ .
رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) .
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها :
( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ .
الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .
تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

القارئ:

الثالث والخمسون: إعجامُ الكتابةِ :
إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها
الشيخ:
يقول أعجم، كتاب معجم، أعجم الكتابة معناه: اجعله أعجميا؟! لا، معناه أزل عجمته بإعرابه وتشكيله ونقطه، حتى لا يشكل وهذا من الأفعال التي يراد بها الضدان كما جاء في الحديث (يتحنث) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يتحنث في غار حراء الليالي ذوات العدد) يتحنث يعني؟ يزيل الحنث أم يفعل الحنث؟ يزيله ، وهذه لها أمثلة كثيرة ، فمعنى أعجم الكتاب: أزال عجمته بتشكيله وإعرابه.

القارئ:
وذلك بأمورٍ :
أولاً: وضوحُ الخطِّ .
ثانيا: رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ ) .


الشيخ:
لا بد أن تكون عالما بالنحو أخشى أن تقع في قول القائل يريد أن يعربه فيعجمه، أو فأعجمه، لا بد أن تكون عالما بالنحو أما مثلا فكرة أن يقول لك هذه مرفوعة ، منصوبة ، مكسورة، وتفعل لا، لا بد أن تكون عالما ، وإذا أشكلت عليك الكلمة فارجع إلى مظانها ، إذا أشكل عليك ترقيم الكلمة أو حركاتها في تركيبها لا في إعرابها فارجع إلى كتب اللغة لأن هناك أخطاء شائعة بين الناس، مثلا يقولون: تَجْرِبة وتَجَارِب. أكثر الناس إن لم أقل كل الناس يضمونها ، فأخشى أن يأتي واحد بيعجن فتمر به تجربة فيقول: تجربة بضم الراء ، فيشكلها نطقا وإعرابا ، وهذا غلط ، لأنه قد يشتهر بين الناس أشياء وليس لها أصل فلا بد أن ترجع للأصل .القارئ:
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها : ( كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي .
( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
( الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
ثالثا: النَّقْطُ للمُعْجَمِ والإهمالُ للمُهْمَلِ .
رابعا: الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .

خامسا: تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
الشيخ:
هذه قواعد إملائية ينبغي مراعاتها.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2134#.Va4ZcbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
49- الغَرامُ بالْكُتُبِ :
شرَفُ العِلْمِ معلومٌ لعُمومِ نَفْعِه ، وشِدَّةُ الحاجةِ إليه كحاجةِ البَدَنِ إلى الأنفاسِ ، وظهورُ النقْصِ بقَدْرِ نقْصِه ، وحصول ُاللذةِ والسرورِ بقَدْرِ تحصيلِه ، ولهذا اشْتَدَّ غَرامُ الطُّلَّابِ بالطلَبِ ، والغَرامُ بجَمْعِ الكُتُبِ مع الانتقاءِ ، ولهم أَخبارٌ في هذا تَطُولُ ، وفيه مُقَيَّدَاتٌ في ( خبرِ الكِتابِ ) يَسَّرَ اللهُ إتمامَه وطَبْعَهُ .
وعليه ، فأَحْرِز الأصولَ من الكُتُبِ ، واعْلَمْ أنه لا يُغْنِي منها كتابٌ عن كتابٍ ولاتَحْشُرْ مَكتَبَتَكَ وتُشَوِّشْ على فِكْرِك بالكُتُبِ الغُثَائِيَّةِ ، لاسِيَّمَا كُتبَ المبتدِعَةِ ؛ فإنها سُمٌّ ناقعٌ .
50- قِوامُ مَكتَبَتِكَ :
عليك بالكُتُبِ الْمَنسوجَةِ على طريقةِ الاستدلالِ ، والتَّفَقُّهِ في عِلَلِ الأحكامِ ، والغَوْصِ على أسرارِ المسائلِ ، ومن أَجَلِّها كتُبُ الشيخينِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وتِلميذِه ابنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، وعلى الجادَّةِ في ذلك من قَبْلُ ومن بعدُ كُتُبُ :
الحافظُ ابنُ عبدِ البَرِّ ( م سنة 463هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَجَلُّ كُتُبِه ( التمهيدُ ) .
الحافظُ ابن ُقُدامَةَ (م سنة 620 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وأَرْأَسُ كُتُبِه ( الْمُغْنِي ) .
الحافظُ ابنُ الذهبيِّ (م سنة 748 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ ابنُ كثيرٍ (م سنة 774 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافِظُ ابنُ رَجَبٍ (م سنةَ 795 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى.
الحافظُ ابنُ حَجَرٍ (م سنةَ 852 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الحافظُ الشوكانيُّ (م سنةَ 1250 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوَهَّابِ (م سنةَ 1206 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
كُتُبُ عُلماءِ الدعوةِ ، ومن أَجْمَعِها ( الدُّرَرُ السنِيَّةُ) .
العلامَةُ الصنعانيُّ (م سنةَ 1182هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، لاسِيَّمَا كتابُه النافعُ ( سُبُلُ السلامِ) .
العَلَّامَةُ صِدِّيقُ حسن خان القنَّوجيُّ (م سنةَ 1307هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
العَلَّامَةُ محمَّدٌ الأمينُ الشِّنقيطيُّ (م سنة 1393هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى لا سِيَّمَا كتابُه ( أضواءُ البيانِ) .
51- التعامُلُ مع الكتابِ :
لاتَسْتَفِدْ من كتابٍ حتى تَعْرِفَ اصطلاحَ مؤَلِّفِه فيه ، وكثيرًا ما تكونُ الْمُقَدِّمَةُ كاشفةً عن ذلك ، فابْدَأْ من الكتابِ بقراءةِ مُقَدِّمَتِه .
52- ومنه :
إذاحُزْتَ كِتابًا ؛ فلا تُدْخِلْه في مَكتبتِك إلا بعدَ أن تَمُرَّ عليه جَرْدًا أو قراءةً لِمُقَدِّمَتِه ، وفِهْرِسِه ، ومواضِعَ منه ، أمَّا إن جَعَلْتَه مع فَنِّه في الْمَكتبةِ ؛ فرُبَّما مَرَّ زمانٌ وفاتَ العُمُرُ دونَ النَّظَرِ فيه ، وهذا مُجَرَّبٌ ، واللهُ الْمُوَفِّقُ .
53- إعجامُ الكتابةِ :
إذا كَتَبْتَ فأَعْجِم الكتابةَ بإزالةِ عُجْمَتِها ، وذلك بأمورٍ :
وضوحُ الخطِّ .
رَسْمُه على ضَوْءِ قواعدِ الرسْمِ ( الإملاءِ) .
وفي هذا مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ من أَهَمِّها :
(كتابُ الإملاءِ ) لحسين والي . ( قواعدُ الإملاءِ ) لعبدِ السلامِ محمد هارون .
(الْمُفْرَدُ العَلَمُ ) للهاشميِّ ، رَحِمَهُم اللهُ تعالى .
النَّقْطُ للمُعْجَمِ و الإهمالُ للمُهْمَلِ .
الشَّكْلُ لِمَا يُشْكِلُ .
تَثبيتُ عَلاماتِ الترقيمِ في غيرِ آيةٍ أو حديثٍ .
الشيخ :
هذه آداب لطالب العلم متعلقة بالكتب ، منها الحرص على الكتب جمعا ، بحيث يجمع كل ما يمكن أن يستفيد منه من كتب أهل العلم ، وذلك أنّ الكتب فيها علم كثير ، وفيها ترتيب للمسائل ، وتعين الإنسان على بحث ما يعرض إليه من مسائل الفقه والشرع.
الثاني : أنّ المرء حريص على استكمال مكتبته في الكتب في كل فن نافع ، ومن ثَمّ يكون لديه أصول المسائل.
الثالث : أن يحذر من الكتب المطوّلة التي فيها كلام كثير وفائدتها قليلة ، خصوصا من كتب المعاصرين ، فإنّ كلامهم كثير ، وفائدته قليلة.
كذلك يحذر من كتب المبتدعة لأنهم يدسّون السم في الدسم ، وقد يأتون بالكلمة لا يتفطّن الإنسان لما فيها ، انظر مثلا في تفسير بعض المعتزلة ، لما ذكر الجنة وما وضعه الله فيها من الخيرات ، قال : ودخول الجنة أعلى نعيم يحصّله العبد ، وهذا منطلق من عقيدة المعتزلية في نفي رؤية المؤمنين لله عز وجل التي هي أكمل النعيم ، كما ورد في حديث جرير: فلا يُعطون شيئا أحب إليهم من ذلك ، يعني من النظر لله ، فهذه لو قرأت الكتاب يمكن أن تمرّ عليك وترسخ في نفسك ولا تتبين وجه الحق فيها.
الأمر الرابع : أن يحرص على الكتب التي فيها استدلال بالأدلة ، بحيث يتعوّد على الاستدلال ويتعوّد على استنباط الفوائد من الأدلّة الشرعية ، ومن ثَمّ يصبح ممن ارتبط بالدليل الشرعي ، وقد ذكر المؤلف نماذج لمن كتب في ذلك.
الأمر الخامس : معرفة اصطلاحات أهل العلم في كتبهم ، ومعرفة ترتيب كتب أهل العلم بحيث يبقى ، أو بحيث يكون المرء قادرا على فهم الكتاب متى قرأه ، أما إذا قرأت كتابا وفسّرت هذا الكتاب بتفسيرات غير صاحب ذلك الكتاب فقد تقع في إشكالات كثيرة.
مثال هذا :
كلمة شيخ الإسلام نجد هذه الكلمة عند كثير من أهل العلم يريد بها شيخ الإسلام ابن تيمية ، لكن هناك مؤلفات تريد غيره ، كمؤلفات ابن السبكي الابن ، إذا قال شيخ الإسلام فهو يريد والده ، فإذا نسبت كلام ابن السبكي إلى ابن تيمية بناء على أنه قد نُسب إلى شيخ الإسلام فقد وقعت في الخطأ ، وهكذا في بقيّة المصطلحات.
ومن هنا لابد من قراءة مقدّمة الكتاب حتى تعرف المصطلحات ، وأضرب لهذا مثلا :
في (كنز العمّال) هناك رموز ، هذه الرموز مرّات إذا فسّرتها برموز غيره حينئذ وقعت في الخطأ ، ط. س ماذا تعني؟ الطبراني في الأوسط ، غيره يريد بها ، الطيالسي مثلا ، فحينئذ احذر من مثل هذا.
كذلك ينبغي بك قبل أن تدخل الكتاب في مكتبتك أن تعرف طريقته ، وأن تقرأ مقدمته وخاتمته ، وأن تمرّ على شيء من مسائله ، وأما إذا وضعت الكتاب في محلّه في المكتبة بدون أن تنظر فيه فقد لا تتمكن من قراءته ولا معرفته في وقت آت.
كذلك ينبغي للإنسان في الكتب أن يحرص على إبراز الكتب النافعة لتكون قريبة من متناول يده ، بينما الكتب التي تقل فائدتها أو تقل مراجعته لها يضعها في مكان أقصى قليلا ، وينبغي فيه أن يحرص على اختيار كتاب جامع في كل فن بحيث إذا أشكل عليه شيء راجع ذلك الكتاب ، و بذلك يعرف مواطن بحث المسائل في ذلك الكتاب لئلا يقع في زلل فيه.
وهناك أيضا ما يتعلّق بتعليقات الإنسان أو بكتابته ، ينبغي أن يتأنّى فيها ، لا تكتب تعليقا حتى تفكّر هل هذا التعليق مناسب أو لا.
كم من مرة كتبت تعليقا ثم نقدت على نفسك وعرفت خطأك في هذا التعليق بعد مدة قليلة ، فلا تكتب التعليق إلا بعد تأمّل وتفكّر ، وإذا كتبت فاحرص على وضوح الخط ، واحرص على أن يكون جليّا ، واحرص على أن يكون منقوطا ، واحرص على أن يكون واضح الأسلوب يفهمه كل من قرأه.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2134#.Va4ZcbVUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:18 PM
الفصلُ السابعُ
الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

الشيخ:
هذا صحيح.. وما أسرع أن يغتر الإنسان ، أحيانا بعض الناس يري الحاضرين بأنه عالم مطلع، فتجده إذا سئل.... يسكت قليلا- يعني كأنه يتأمل ويطلع على الأسرار ثم يرفع رأسه ويقول: هذه المسألة فيها قولان للعلماء !! ، ولو قلت له ما هما القولين؟ يأتي بالقولين من عنده أو يقول تحتاج إلى مراجعة ، فالمهم أنك لا تدعي العلم ولا تنصب نفسك عالما مفتيا وأنت لا علم عندك؛ لأن هذا من السفه في العقل والضلال في الدين. ولهذا قال : «فإن فعلت فهو حجاب كثيف عن العلم». لأن الإنسان إذا فعل هذا ، يقول خلاص أنا صرت عالم لا أحتاج إلى ان أطلب العلم فينحجب عن العلم بهذا الاعتقاد الباطل.

الخامس والخمسون: احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ ) :
فقد قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛ تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني ؛ تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه ما يَعْلَمُ .
الشبر الأول يتكبر لأنه ما عرف نفسه حقيقة، الثاني تواضع، لكن متواضع وهو يرى نفسه عالما، الأول يرى نفسه عالما لكن متكبر ، والثاني يرى نفسه عالما لكنه متواضع ، والثالث أنه جاهل لا يعلم. وبالضرورة فلن يتكبر وهو يرى نفسه جاهلا، لكن هل هذه الأخيرة محمودة أم لا؟ أن ترى نفسك جاهلا؟ إذا رأيت نفسك جاهلا فاعلم أنك لن تقدم على عزم في الفتيا مثلا، ولهذا تجد بعض طلبة العلم لا يعطيك جزما يقول: الذي يظهر... أو يحتمل ...
لا يا أخي ما دام الله قد فتح عليك وكنت عالما حقا، فاعتبر نفسك عالما.. اجزم بالمسألة، لا تجعل الإنسان السائل طريح الاحتمال، وإلا ما أفدت الناس.
أما الإنسان الذي ليس عنده علم متمكن فهذا ينبغي أن يرى نفسه غير عالم.هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2136#.Va4b8bVUOE4)

56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :

احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
هذا أيضا مما يجب الحذر منه، أن يتصدر الإنسان قبل أن يكون أهل للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلا على أمور:
الأول- إعجابه بنفسه، حيث تصدر فهو يرى نفسه علم الأعلام.
الثاني- أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته بالأمور، وإذا الناس رأوه متصدرا، أوردوا عليه من المسائل ما يبين عواره.
الثالث- إنه إذا تصدر قبل أن يتأهل، لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم، لأن غالب من كان هذا قصده الغالب أنه لا يبالي أن يحطم العلم تحطيما وأن يجيب عن كل ما سئل عنه.
الرابع- أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق، لأنه يظن بسفهه أنه إذا خضع لغيره، وإن كان معه الحق كان هذا دليلا على أنه ليس بأهل في العلم.
هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2137#.Va4cVLVUOE4)
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2135#.Va4a8rVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ
القارئ :
قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصل ُالسابعُ : الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ .
55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ) :
فقد قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛ تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه لا يَعْلَمُ .
56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :
احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
...
الشيخ :
لما انتهى المؤلف رحمه الله من آداب طالب العلم ذكر عددا من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يحذرها :
أول هذه الأمور : حلم اليقظة ، بأن يتمنى على الله الأماني وهو لم يفعل الأسباب فحينئذ يوقعه ذلك في المهالك ، يجعل نفسه تزهو وتظن أنّ لديها شيئا ، وهكذا أيضا إذا لم يتقن الإنسان العلم فقد تغرّه نفسه ، ويعجب بها لأنه لم يعرف العلم.
وكذلك من المحاذير أن يتصدّر الإنسان للتعليم أو الإقراء أو التأليف قبل أن يكون متأهلا ، مثل جلوسي بين يديكم اليوم ، نسأل الله السلامة.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2135#.Va4a8rVUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:21 PM
57- التَّنَمُّرُ بالعِلْمِ :

احْذَرْ ما يَتَسَلَّى به الْمُفْلِسُونَ من العِلْمِ ، يُراجِعُ مسألةً أو مسألتين، فإذا كان في مَجلسٍ فيه مَن يُشارُ إليه ؛ أثارَ البحثَ فيهما ؛ ليُظْهِرَ عِلْمَه ، وكم في هذا من سَوْأَةٍ ، أقَلُّها أن يَعلمَ أنَّ الناسَ يَعلمونَ حقِيقَتَه . وقد بَيَّنْتُ هذه مع أخواتٍ لها في كتابِ ( التعالمِ ) والحمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
الشيخ:
هذا مثله ، التنمر بالعلم ، يعني أن يجعل الإنسان نفسه نمرا، تعرفون النمر، أخو الأسد، فيأتي مثلاً إلى مسألة من المسائل ويبحثها ويحققها بأدلتها ومناقشتها مع العلماء، وإذا حضر مجلس عالم يشار إليه بالبنان، ماذا تقول أحسن الله إليك في كذا وكذا؟ قال: هذا حرام مثلا.
قال: كيف؟ بماذا نجيب عن قوله صلى الله عليه وسلم كذا، عن قول فلان كذا، ثم يأتي من الأدلة التي لا يعرفها العالم؛ لأن العالم ليس محيطا بكل شيء، لكي يظهر نفسه أنه أعلم من هذا العالم، ولذلك تجد العوام يتحدثون: والله فلان البارحة جالس مع فلان -الذي هو كبير من العلماء- وأفحمه في مسألة (...) بلغ مبلغا عظيما ، صار كبير كبار العلماء.
لأن العالم لا يدري وهذه تقع كثير جدا ، كثيرا ما يأتي إنسان يكون بحث مسألة بحثا دقيقا جيدا، ثم يباغت العلماء بمثل هذا ، وهذا لا شك أنه كما قال الشيخ حفظه الله تنمر، لكنه من مفلس ، لكن ما دواء هذا؟ (...) نقول: أعرب قول الشاعر، حينئذ (...) ، أو اقسم هذه المسألة الفرضية، يتبين أنه ليس عنده شيء، ومن قاتلك بسكين فقاتله بسيفك، وهذا واقع كثير من العلماء الآن ومن طلبة العلم، يكون له اختصاص في شيء معين مثل أن يدرس كتاب النكاح مثلا ويحقق فيه. لكن لو تخرج به إلى كتاب البيع -الذي هو قبل باب النكاح في الترتيب عند الفقهاء- لن تجده عنده شيئا، كثير من الناس الآن يتنمر في الحديث، يعرض حديث فيقول رواه فلان عن فلان، وفيه انقطاع، وانقطاعه كذا. ثم يضفي على هذا ظلالا من كبريات العلم ثم لو تسأله عن آية من كتاب الله ما أجاب.
والحاصل أن الإنسان يجب أن يكون أديبا مع من هو أكبر منه ، يجب أن يتأدب، وإذا كان من هو أكبر منه أخطأ في هذه المسألة ، فالخطأ يجب أن يبين لكن بصيغة لبقة أو ينتظر حتى يخرج مع هذا العالم ويمشي معه ويتكلم معه بأدب ، والعالم الذي يتقي الله إذا بان له الحق فإنه سوف يرجع إليه وسوف يبين للناس أنه رجع. (...) لكن المهم ألا يكون هم طالب العلم أن يكون رئيسا في الناس لأن هذا من ابتغاء الدنيا بالدين.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2138#.Va4dF7VUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

الشيخ:
وأيضا التّنمر بالعلم ؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ، وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ، وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2138#.Va4dF7VUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:25 PM
58- تَحْبِيرُ الكَاغَدِ:

كما يكونُ الحذَرُ من التأليفِ الخالي من الإبداعِ في مَقاصِدِ التأليفِ الثمانيةِ1، والذي نِهايتُه ( تَحبيرُ الكاغَدِ2 ) فالْحَذَرَ من الاشتغالِ بالتصنيفِ قبلَ استكمالِ أَدواتِه ، واكتمالِ أهْلِيَّتِكَ ، والنضوجِ على يَدِ أشياخِك ؛ فإنك تُسَجِّلُ به عارًا ، وتُبْدِي به شَنَارًا .
أمَّا الاشتغالُ بالتأليفِ النافعِ لِمَن قامَتْ أهْلِيَّتُه ، واستَكْمَلَ أَدواتِه وتَعَدَّدَتْ مَعارِفُه ، وتَمَرَّسَ به بَحْثًا ومُراجعةً ومُطالَعَةً وجَرْدًا لِمُطَوَّلاتِه وحِفْظًا لِمُخْتَصَرَاتِه ، واستذكارًا لمسائلِه ؛ فهو من أَفْضَلِ ما يَقومُ به النُّبلاءُ من الفُضلاءِ .
ولا تَنْسَ قولَ الْخَطيبِ : ( مَن صَنَّفَ ؛ فقد جَعَلَ عقْلَه على طَبَقٍ يَعْرِضُه على الناسِ ) .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

هذه الشروط التي ذكرها، الآن متعذرة. الآن تجد رسائل في مسألة معينة يكتبها أناس ليس لهم ذكر ولا معرفة، وإذا تأملت ما كتبوه وجدت أنه ليس صادرا عن علم راسخ، وأن كثيرا منه نقولات، وأحيانا ينسبون النقل إلى قائله، وأحيانا لا ينسبون، وعلى كل حال نحن لا نتكلم عن النيات، فالنية علمها عند الله عز وجل. لكن نقول: انتظر.... انتظر.
وإذا كان لديك علم وقدرة فاشرح هذه الكتب الموجودة شرحا لأن بعض هذه الكتب لا يوجد فيه الدليل على وجه كامل.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2139#.Va4d0LVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

الشيخ:
وأيضا التّنمر بالعلم ؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ، وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ، وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2139#.Va4d0LVUOE4)
1مَقاصِدِ التأليفِ الثمانيةِوهي:
أوّلاً: « اختراعُ معـدوم» أَي : لم تُسبَق إليه - فيما تعلم وتعتقد -.
ثانياً: « جَمِـعُ مُفتَـرقٍ » أي : مسأَلة مُشتّتة وَأَدلَّتُها في بطون الكُتب تَجمعها في كتاب واحد .
ثالثاً: «تكميـلُ ناقـصٍ » أَي : أنَّ الموضوع لم يكتمل فيه جانب من الجوانب فتُكمِلُه أَنتَ .
رابعاً: «تفصيـلُ مجمـلٍ»أي : أَنَّك تفصِّل المسأَلةَ شيئاً فشيئاً حتّى يذهبَ تراكم المعاني ، ويتضّح المراد .
خامساً:«تهـذيبُ مطـوَّلٍ»أي : أَنّك تلجأُ إلى الاختصار دون الإخلاَل .
سادساً:«ترتيـبُ مُخلَّـطٍ»أي : أَنّك تقدِّمُ وتؤَخّر في ترتيب المادّة أوِ الموضوع.
سابعاً: «تعيـينُ مبهـمٍ »أي : أنّك تعيّن وجود موضع خفيّ في مسأَلة أو نقطة أو نكتة لتظهرها ، وتجلّي أمرها .
ثامناً : «تبيـينُ خطـإٍ»أي : أَنّك تصحّح خطأَ الغَير إذا أَيقنت صواب ما أَنت عليه.هنا (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=2020)
2- الكاغِدُ : القِرْطاسُ ، أَيِ الوَرَقُ الصَّالِحُ لِلْكِتَابَةِ أَوِ اللَّفِّ. هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%BA%D8%AF/)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:29 PM
مجلس رقم 78

59-مَوْقِفُكَ مِن وَهْمِ مَن سَبَقَكَ :

إذا ظَفِرْتَ بوَهْمٍ لعالِمٍ ؛ فلا تَفْرَحْ به للحَطِّ منه ، ولكن افْرَحْ به لتصحيحِ المسألةِ فقطْ ؛ فإنَّ الْمُنْصِفَ يَكادُ يَجْزِمُ بأنه ما من إمامٍ إلا وله أغلاطٌ وأوهامٌ ، لا سِيَّمَا الْمُكْثِرِين منهم .
وما يُشَغِّبُ بهذا ويَفْرَحُ به للتَّنَقُّصِ ؛ إلا مُتعالِمٌ ( يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحْدِثَ به جُذَامًا ) .
نعمْ ؛ يُنَبِّهُ على خَطأٍ أو وَهْمٍ وَقَعَ لإمامٍ غُمِرَ في بَحْرِ عِلْمِه وفَضْلِه لكن لا يُثيرُ الرَّهَجَ 1 إليه بالتنَقُّصِ منه والْحَطِّ عليه فيَغْتَرَّ به مَن هو مِثْلُه .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
هذا أيضا مهم جدا، وهو موقف الإنسان من وَهْمِ مَنْ سبقه أو مَنْ عاصرَهُ أيضا. هذا الموقف له جهتان:
الجهة الأولى- التصحيح وهذا أمر واجب، ويجب على كل إنسان عَثَرَ على وَهْمِ إنسانٍ- ولو كان من أكابر العلماء في عصره- أو فيمن سبقه- يجب عليه أن ينبه على هذا الوهم وعلى هذا الخطأ، لأن بيان هذا الوهم أمر واجب، ولا يمكن أن يضيع الحق لاحترام من قال بالباطل، لأن احترام الحق أولى من مراعاته.
لكن هل يصرح بذكر قائل الخطأ أو الوهم، أو يقول: توهم بعض الناس وقال كذا وكذا؟ هذا ينظر إلى المصلحة. قد يكون من المصلحة ألا يصرح، كما لو كان يتكلم عن عالم مشهور في عصره، موثوق عند الناس محبوب إليهم. فيقول: قال فلان كذا وكذا خطأ، فإن العامة لا يقبلون منه شيئا بل يسخرون به، ويقولون: من أنت حتى ترد على فلان، ولا يقبلون الحق. ففي هذه الحال يجب أن يقول: من الوهم أن يقول القائل كذا وكذا. ولا يقل: فلان.
وقد يكون هذا الرجل- الذي توهم- متبوعا يتبعه شرذمة من الناس، وليس له قدر في المجتمع، فحينئذ يصرح، لئلا لا يغتر الناس به، فيقول: قال فلان كذا وكذا وهو خطأ.
الجهة الثانية- في موقف الإنسان من وهم من سبقه أو من عاصره أن يقصد بذلك بيان معايبه لا إظهار الحق من الباطل.
وهذه إنما تقع من إنسان حاسد- والعياذ بالله- يتمنى أن يجد قولا ضعيفا أو خطأ لشخص ما، فينشره بين الناس ولهذا نجد أهل البدع يتكلمون في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وينظرون إلى أقرب شيء يمكن أن يقدح به، فينشرونه ويعيبونه، فيقولون: خالف الإجماع في أن الثلاث طلقات واحدة، فيكون هو شاذا. ومن شذ شذ في النار، يحكم بأن الإنسان إذا قال لامرأته أنت طالق، بأن يكفر كفارة يمين، مع أنه لم يتكلم باليمين إطلاقا، وإنما قال: إذا فعلت كذا فأنت طالق مثلا.
يقول بأن الله تعالى لم يزل فعالا ولم يزل فاعلا، وهذا يستلزم أن يكون مع الله قديم، لأن هذه المقولات الواقعة بفعل الله، إذا جعل فعل الله قديما لم يزل، لزم أن تكون المفعولات قديمة، فيكون قد قال بوجود إلهين.... وما أشبهها من هذه الكلمات التي يأخذونها زلة من زلاته يشيعونها بين الناس، مع أن الصواب معه.
لكن الحاسد الناقم- والعياذ بالله- له مقام آخر.
فأنت في وهْمِ من سبقك يجب أن يكون قصدك الحق، ومن كان قصدُه الحقَ وُفِّقَ للقبولِ، أما من كان قصدُه أن يُظهرَ عيوبَ الناسِ، فإن من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في بيت أمه.2
ثم يقول :«إذا ظَفِرْتَ بوَهْمٍ لعالِمٍ ؛ فلا تَفْرَحْ به للحَطِّ منه ، ولكن افْرَحْ به لتصحيحِ المسألةِ فقطْ ؛». والحقيقة إني أقول: لا تفرح به إطلاقا، إذا عثَرَتَ على وهْمِ عالمٍ فحاول أن تدفع اللوم عنه وأن تذب عنه، لا سيما إذا كان من العلماء المشهود لهم بالعدالة والخير ونصح الأمة.
أما أن أفرح بها، فهذا لا ينبغي حتى وإن كان قصدي تصحيح الخطأ. ولهذا لو كانت العبارة «إذا ظفرت بوهم عالم فلا تفرح به للحط منه ولكن التمس العذر له وصحح الخطأ» هذا صواب العبارة.
ثم قال:«فإنَّ الْمُنْصِفَ يَكادُ يَجْزِمُ بأنه ما من إمامٍ إلا وله أغلاطٌ وأوهامٌ ، لا سِيَّمَا الْمُكْثِرِين منهم ». والأفصح أن يقول :«لا سيما المكثرون منهم».
يقول أن المنصف يعني الذي يتكلم بالعدل ويتتبع أقوال العلماء يعلم أنه ما في عالم إلا وله أوهام وأخطاء، ولا سيما المكثر الذي يكثر الكتابة والفتوى. ولهذا قال بعضهم: من كثر كلامه، كثر سقطه. ومن قل كلامه، قل سقطه.
ثم قال :«وما يُشَغِّبُ بهذا ويَفْرَحُ به للتَّنَقُّصِ ؛ إلا مُتعالِمٌ» يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحْدِثَ به جُذَامًا.
في الحقيقة لا يفرح به للتنقص إلا إنسان معتدي لا متعالي. معتدي يريد العدوان على الشخص نفسه، ويريد العدوان على العلم الصحيح، لأن الناس إذا وجدوا هذا العالم أخطأ في مسألة ضعف قوله، أو ضعفت قوة قوله عندهم حتى في المسائل الصحيحة.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2140#.Va4esLVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ، وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2140#.Va4esLVUOE4)
1- الرَّهْجُ : الشَّغْبُ. هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%87%D8%AC/)
2- -" يا مَعْشَرَ مَن آمن بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه ، لا تغتابوا المسلمينَ ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم ، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه ، يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه" الراوي : أبو برزة الأسلمي و البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 7984 خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%AA%D8%AA%D8%A8%D8%B9 +%D8%B9%D9%88%D8%B1%D8%A9+%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-21-2015, 12:32 PM
مجلس 79

60- دَفْعُ الشُّبُهَاتِ :
لا تَجْعَلْ قلبَك كالسِّفِنْجَةِ تَتَلَقَّى ما يَرِدُ عليها فاجْتَنِبْ إثارةَ الشُّبَهِ وإيرادَها على نفسِك أو غيرِك ،
فالشُّبَهُ خَطَّافةٌ والقلوبُ ضَعيفةٌ وأَكْثَرُ مَن يُلْقِيهَا حَمَّالَةُ الْحَطَبِ – المبتَدِعَةُ – فتَوَقَّهُم .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

هذه الوصية أوصى بها شيخ الإسلام ابن تيمية تلميذه ابن القيم قال: «لا تجعل قلبك كالإسفنجة يشرب ويقبل كل ما ورد عليه، ولكن اجعله زجاجة صافية تبين ما وراءها ولا تتأثر بما يرد عليها».
كثير من الناس يكون قلبه غير مستقر ويورد شبهات. وقد قال العلماء رحمهم الله قولا حقا وهو: أننا لو طاوعنا الإيرادات العقلية ما بقي علينا نص إلا وهو محتمل مشتبه، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يأخذون بظاهر القرآن وبظاهر السنة، ولا يوردون: ولو قال قائل.
نعم إن كان الإيراد قويا أو كان هذا الإيراد قد أورد من قبل فحينئذ يبحث الإنسان، أما أن يجعل يفكر إذا نام على فراشه «إنما الأعمال بالنيات» أفلا يحتمل بالأعمال العبادات الأم: كالصلاة والزكاة والحج والصوم، والباقي لا نية له. يمكن، فيه احتمال عقليا؛ ثم يبني على الاحتمال الذي أورده على نفسه احتمالات أخرى.
وما أكثر هذا في بعض الناس، نجده دائما يورد إيرادات وهذا في الواقع ثَلْمٌ - شَقٌّ هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AB%D9%84%D9%85/)- عظيم في تلقي العلم.
اترك الإيرادات وامش على الظاهر فهو الأصل، ولهذا اقرأوا الآن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والأحاديث تجدون المسألة على ظاهرها.
لما حدَّثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن الله عز وجل ينزلُ إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير.1
قالوا: يا رسول الله كيف ينزل؟ وهل السماء تسَعَهُ؟ وهل يخلو من العرش؟ هل قالوا هكذا؟! أبدا.
لما حدثهم أن الموت يؤتى به يوم القيامة على صورة كبش، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت، ثم يذبح بين الجنة والنار.2
قالوا: كيف يكون الموت كبشا؟ ما قالوا هذا !!
لذلك أنصح نفسي وإياكم ألا توردوا هذا على أنفسكم، لا سيما في أمور الغيب المحضة، لأن العقل بحار فيها، ما يدركها، فدعها على ظاهرها ولا تتكلم فيها.
قل سمعنا وآمنا وصدقنا، وما وراءنا أعظم مما نتخيل. فهذا مما ينبغي لطالب العلم أن يسلكه.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2141#.Va4gGbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

الشيخ:
كذلك من المحاذير أن تحذر من الشبهات ، الشيطان حريص على قلبك يُلقي فيه شبهة بعد شبهة ، ودعاة الضلالة يتكلّمون عنك يمينا وشمالا ، فاحذر لا يتعلّق قلبك بهذه الشبهات ، لا تكن كالإسفنجة كلما جاءها شبهة التقطتّها ، وإنما كن كالزجاجة تشاهد الشبهات ثم بعد ذلك لا تتشبّع بها ، ثم بعد ذلك اعرف أنه ما من شبهة إلا و في كتاب الله جوابها ، و في كلام أهل العلم جوابها ، و لا تستعجل إذا كان عندك أمر يقيني وألقى إنسان عليك شبهة في ذلك ، فقل : انتظر ، عندي أمور يقينية كيف أتركها من أجل شبهة.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2141#.Va4gGbVUOE4)
-1-" يتنَزَّلُ ربُّنا تبارَكَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا ، حينَ يَبقى ثُلثُ الليلِ الآخرُ ، يقولُ : من يَدعوني فأستَجيبَ لَهُ ؟ مَن يسألُني فأُعْطيَهُ ؟ مَن يَستَغفرُني فأغفِرَ لَهُ" الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6321 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- انظر شرح الحديث رقم 5245- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1+ %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

2- يُؤتى بالموتِ كهيئةِ كبشٍ أملحَ ، فينادي منادٍ : يا أهلَ الجنَّةِ ، فيشرئبون وينظرون ، فيقولُ : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، هذا الموتُ ، وكلُّهم قد رآه . ثم ينادي : يا أهلَ النارِ ، فيشرئبون وينظرون ، فيقولُ : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم ، هذا الموتُ ، وكلُّهم قد رآه ، فيذبحُ . ثم يقولُ : يا أهلَ الجنَّةِ خلودٌ فلا موتَ ، ويا أهلَ النارِ خلودٌ فلا موتَ . ثم قرأ : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ - وهؤلاء في غفلةِ أهل الدنيا - وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }

الراوي : أبو سعيد الخدري - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4730 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- شرح الحديث- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%87%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%86 %D8%A7%D8%B1+%D8%AE%D9%84%D9%88%D8%AF&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-21-2015, 03:13 PM
61- احْذَر اللَّحْنَ :
ابْتَعِدْ عن اللحْنِ في اللفظِ والكُتُبِ؛ فإنَّ عَدَمَ اللحْنِ جَلالةٌ وصفاءُ ذوقٍ ووُقوفٌ على مِلاحِ المعاني لسلامةِ الْمَبانِي ؛ فعن عمرَ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( تَعَلَّمُوا العربيَّةَ ؛ فإنها تَزيدُ في الْمُروءةِ ) .
وقد وَرَدَ عن جَماعةٍ من السلَفِ أنهم كانوا يَضْرِبُونَ أولادَهم على اللَّحْنِ .
وأَسْنَدَ الخطيبُ عن الرَّحْبيِّ قالَ : ( سَمِعْتُ بعضَ أصحابنِا يَقولُ : إذا كَتَبَ لَحَّانٌ ، فكَتَبَ عن اللَّحَّانِ لَحَّانٌ آخَرُ ؛ صارَ الحديثُ بالفارِسِيَّةِ ) !. وأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ :

النحوُ يَبْسُطُ من لسانِ الأَلْكَنِ = والمرءُ تُكْرِمُه إذا لم يَلْحَنِ
فإذا أرَدْتَ من العلومِ أَجَلَّها = فأَجَلُّها منها مُقيمُ الأَلْسُنِ
وعليه ، فلا تَحْفَلْ بقولِ القاسمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى : ( تَعَلُّمُ النَّحْوِ : أوَّلُه شُغْلٌ وآخِرُه بَغْيٌ ) .
ولا بقولِ بِشْرٍ الحافِي رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لَمَّا قيلَ له : تَعَلَّم النحْوَ قالَ : أَضِلُّ ، قالَ : قلُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا . قالَ بِشْرٌ : يا أخي ! لِمَ ضَرْبُه ؟ قالَ : يا أبا نَصْرٍ ! ما ضَرَبَه، وإنما هذا أصْلٌ وُضِعَ . فقالَ بِشْرٌ : هذا أَوَّلُه كَذِبٌ ، لا حاجةَ لي فيه ) .رواهما الخطيبُ في ( اقتضاءِ العِلْمِ العَمَلَ شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
اللحن معناه: الميل سواء كان في قواعد التصريف أو في قواعد الإعراب. قواعد الإعراب يمكن الإحاطة بها، فيعرف الإنسان القواعد ويطبق لفظه أو كتابته عليها.
قواعد التصريف هي المشكلة، أحيانا يأتي الميزان الصرفي على غير قياس، يأتي سماعيا بحتا، وحينئذ لا يخلو إنسان في الغلط فيه.
عندك جموع التكسير، تحتاج إلى ضبط. عندك أبنية المصادر تحتاج إلى ضبط، ومع هذا لو ضبطها سوف تجد شاذا كثيرا عنها، ولكن نقول: سدد وقارب. فعليك بأن تعدل لسانك وأن تعدل بنانك، وأن لا تكتب إلا بعربية، ولا تنطق إلا بعربية، فإن عدم اللحن جلالة وصفاء لون ووقوف على ملامح المعاني لسلامة المباني. كلما سلم المبنى اتضح المعنى.
وعن عمر رضي الله عنه قال :«تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة». هذه يقولها في عهده، يأمر بتعلم العربية خوفا من أن تتغير بلسان الأعاجم بعد الفتوحات.
لكن مع الأسف أننا في هذا الزمن- الذي ليس لنا شخصية وصرنا أذيالا وأتباعا لغيرنا- صار منا من يرى أن من تكلم بالإنجليزية أو بالفرنسية هو ذو مروءة، ويفخر إذا كان الإنجليزية أو الفرنسية، بل إن بعضنا يعلم أولاده اللغة غير العربية.
بعض الصبيان يأتي يقول مع السلامة، فيقول : باي باي.
في الهاتف يقول: آلو. لماذا لم تقل: السلام عليكم، لأنك الآن تستأذن، فهذه أشياء – مع الأسف- لما كنا ليس لنا شخصية، ويجب أن يكون لنا شخصية، لأننا والحمد لله أهل دين وشريعة، لكن صار بعضنا أذيالا.
عمر يقول : «تعلموا العربية فإنها تزيدكم مروءة»، وبناء على ذلك : كلما كان الإنسان أعلم بالعربية صار أكبر مروءة وأكثر.
قال: «وقد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن، واللحن قليل في ذلك الوقت، ومع ذلك يضربونهم عليه. عندنا الآن لا أحد يضرب على اللحن ولا أولاده ولا تلاميذه ولا غيره، على الأقل بالنسبة للتلاميذ إذا أخطأ الإنسان في العربية فرد عليه حتى لا يكون أخطأ، وظن أن سكوتك يدل على صحة ما نطق به.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2142#.Va5EdbVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ
الشيخ:
كذلك يحذر الإنسان من الخطأ في النحو ، ويحاول أن يقرأ الشيء مرة وثنتين وثلاثا قبل قراءته في الدرس ليضبط ما يقرؤه ، وليتعلم منه الناس والحضور الصواب فيما يتكلمه من الكلام.
إذا كان طلبة العلم يخطئون في النحو أو يخطئون في طريقة كلام في طريقة لفظ بعض الكلمات ، فحينئذ ينتشر مثل هذا ، وتوجد نُفرة من الناس لمن يُخطئ في النحو.


آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2142#.Va5EdbVUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 03:25 PM
مجلس 80
62-الإجهاضُ الفكريُّ :

احْذَر ( الإجهاضَ الفِكْرِيَّ ) ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .

63- الإسرائيلياتُ الجديدةُ :

احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
القارئ
الثاني والستون: الإجهاضُ الفكريُّ :
احْذَر ( الإجهاضَ الفِكْرِيَّ ) ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .
الشيخ:
هذا بمعنى ما سبق، أنك لا تتعجل من حين ما يتبين لك شيئا تخرجه، لا سيما إذا كان هذا الشيء الذي أنت تريد أن تخرجه مخالفا لقول أكثر العلماء أو مخالفا لما تقتضيه الأدلة الأخرى الصحيحة، لأن بعض الناس يمشي مع بُنَيَّاتالطريق1، فتجده إذا مر بحديث -ولو كان ضعيفا شاذا- أخذ به، ثم قام يتكلم به في الناس، فيظن الناس لهذا أنه أدرك من العلم ما لم يدركه غيره. فنقول الذي بينك وبين الله: إذا رأيت حديثا يدل على حكم تعارضه الأحاديث الصحيحة التي هي عماد الأمة، والتي تلقتها الأمة بالقبول فلا تتعجل، وكذلك إذا رأيته يدل على حكم خالف الجمهور، لا تتعجل. لكن إذا تبين لك الحق فلا بد من القول به. هذا سماه الشيخ بكر: (الإجهاض الفكري) يعني كأن امرأة وضعت حملها قبل أن يتم.
القارئ:
الثالث والستون: الإسرائيلياتُ الجديدةُ : احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا .
الشيخ:
يريد بهذا الأفكار الدخيلة التي دخلت على المسلمين بواسطة اليهود والنصارى، فهي ليست إسرائيليات إخبارية، بل إسرائيليات فكرية دخل على كثير من الكتاب الأدبيين، وغير الأدبيين، أفكار دخيلة في الواقع، منها ما يتعلق بالمعاملات، ومنها ما يتعلق بالعبادات، ومنها ما يتعلق بالأنكحة، حتى إن بعض الكتاب ينكر تعدد النساء الذي ذهب كثير من العلماء إلى أن التعدد أفضل من الإفراد، وينكر التعدد ويقول هذا في زمن ولى وراح، ولم يدر أن التعدد في هذا الزمن أشد إلحاحا منه فيما سبق لكثرة النساء وكثرة الفتن واحتياج النساء إلى من يُحَصن فروجهن. كذلك أيضا من بعض الأفكار ما يتعلق بحال النبي عليه الصلاة والسلام وتعدد الزوجات في حقه ، ومن الأفكار أيضا ما يتعلق بالخلافة والإمامة، كيف كان أبو بكر يبايع له بدون أن يستشار الناس كلهم، حتى العجوز والطفل.... وما أشبه ذلك.
المهم أن هناك أفكارا جديدة واردة اشتبهت على بعض كتاب المسلمين فيجب على الإنسان الحذر منها وأن يرجع إلى الأصول في هذه الأمور فإنها خير.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2143#.Va5GRrVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ-مكرر

الشيخ:

كذلك لا ينبغي بك أن تتكلم بكلمة إلا إذا تفكّرت فيها ، وعرفت أدلتها وأقوال أهل العلم فيها ، و وازنت فيها ، و نظرت إلى عواقبها ومآلاتها ، أما إذا جاءت في ذهنك كلمة ، مباشرة قلتها ، وأنت لا تعلم هل هي من وساوس الشياطين ، أو هي من الشبهات ؟ هذا لا ينبغي بطالب العلم ، لأنه قد يتكلّم الإنسان بكلمة ويأتي جوابها بعد قليل ، وقد تتكلّم بالشبهة والجواب عنها في ثنايا الدرس.
هكذا في زماننا ، وُجد من يحاول أن يبثّ أفكارا خاطئة ، ويبثّ قصصا كاذبة ، ويبثّ قناعات باطلة ، فينبغي للإنسان أن لا يستثيره ذلك ، فيجعله يتقبّل بها بدون أن يفكّر في حقيقتها ، لأنّ مثل هذه المقالات ليس لها إسناد صحيح ، وإنما هي شبهات وبالتالي لا يستعجل الإنسان بتصديقها ويراجع أهل الشأن فيها.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2143#.Va5GRrVUOE4)
1-وفي الصحاح: بُنَيَّات الطَّرِيق هي الطُّرُق الصغار
أي: اقصد الأمر العظيم الشأن واترك صغار الأمور ... وبنيات الطريق : الطرق الصغار المتشعبة عن الطريق الكبيرة وكأنها بنات لها من حيث إنها تنشأت عنها وخرجت منها. ثم أطلقوا بنيات الطريق على الأباطيل، فضرب المثل عند أمر الرجل أن يقصد معظم الشأن ويدع سفساف الأمور.
هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=77736)

أم أبي التراب
07-21-2015, 03:29 PM
64- احْذَرْ الْجَدَلَ البِيزَنْطيَّ :

أي الجدَلَ العقيمَ أو الضئيلَ ، فقد كان البيزنطِيُّونَ يَتَحَاوَرُونَ في جِنْسِ الملائكةِ والْعَدُوُّ على أبوابِ بَلْدَتِهم حتى دَاهَمَهم .
وهكذا الْجَدَلُ الضئيلُ يصُدُّ عن السبيلِ .
وهَدْيُ السلَفِ كان الكَفَّ عن كَثرةِ الخِصامِ والْجِدالِ ، وأنَّ التوَسُّعَ فيه من قِلَّةِ الوَرَعِ ؛ كما قالَ الحسَنُ إذ سَمِعَ قَوْمًا يَتجادلونَ : ( هؤلاءِ مَلُّوا العِبادةَ وخَفَّ عليهم القولُ ، وقَلَّ وَرَعُهم فتَكَلَّموا ) . رواه أحمدُ في ( الزهْدِ ) وأبو نُعَيْمٍ في ( الْحِلْيَةِ ).
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

وهذا مهم، الحذر من الجدل البيزنطي، وهو الجدال العقيم، الذي لا فائدة منه، أو الجدل الذي يؤدي إلى التنطع في المسائل والتعمق فيها بدون أن يكلفنا الله ذلك، فدع هذا الجدل واتركه، لأنه لا يزيدك إلا قسوة في القلب وكراهة للحق، إذا كان مع خصمك وغلبك فيه، فلهذا دع هذا النوع من الجدل.
أما الجدل الحقيقي الذي يقصد به الوصول إلى الحق، ويكون جدل مبني على السماحة، وعدم التنطع. فهذا أمر مأمور به. قال الله تعالى : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (سورة النحل: 125).
ثم ذكر المؤلف – وفقه الله- مثالا للجدل العقيم: جنس الملائكة ما هم؟ يجادل هؤلاء المتكلمون: جنسهم من كذا، وجنسهم من كذا.
ونحن نعلم أنهم خلقوا من نور وأنهم أجسام وأنهم لهم أجنحة وأنهم يصعدون وينزلون إلى آخر ما ذكره الله في الكتاب أو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة من أوصافهم، ولا نتعد في أمور الغيب غير ما بلغنا، ولا نسأل: كيف ولم؟ لأن هذا أمر فوق العقل، وأيضا سمعنا قصة مماثلة، كان العدو على أبواب المدينة، وكان الناس يتجادلون: أيما خلق أولا: الدجاجة أم البيضة؟.
ومن ذلك أيضا، ما ابتلي به أهل الكلام فيما يتعلق بالعقيدة وصاروا يتنطعون ويقولون -مثلاً-: كلام الله هل هو صفة فعلية أم ذاتية؟
وهل هو حادث أو قديم؟
وما أشبه ذلك من الكلام،
وهل نزول الله إلى السماء الدنيا حقيقة أو مجاز؟
وهل أصابعه حقيقة أم مجاز؟
وكم أصابعه؟
وما أشبه ذلك.
والله يا أخوة إن هذا البحث يقسي القلب وينتزع الهيبة- هيبة الله عز وجل- وتعظيمه وإجلاله من القلب.
إن كان الإنسان يريد أن يتكلم عن صفات الله كأنه يشرح جثة ميت!!
سبحان الله !! الناس قبل أن يدخلوا في هذا الأمر تجدهم إذا ذكر الله اقشعر جلده من هيبة الله وعظمته.
كل هذا البحث فيه عقيم، كن كما كان الصحابة رضي الله عنهم لا يسألون عن مثل هذه الأمور، لأنهم إذا سألوا وبحثوا ونقبوا، فإن الضريبة هي قسوة القلب، مؤكد. لكن إذا بقي الرب عز وجل محل الإجلال والتعظيم في قلبك، وعدم البحث في هذه الأمور صار هذا أجل وأعظم، فاستمسك به فهذا إن شاء الله هو الحق.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2144#.Va5I2bVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ-مكرر

الشيخ:

مما يتعلق بهذا أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها ، وهنا قاعدة : وهي أنّ المسائل التي لا يترتب عليها عمل ، لا تحرص على الترجيح فيها ، اعرف الأقوال وشيئا من الأدلة وانطلق منها ، ولا تتعب نفسك فيها ، هل جنّة آدم هي الجنّة المعتادة أو جنّة على الأرض؟ ما الثمرة وما الفائدة ؟ ، أيهما أرجح وأفضل الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا من هذا ، ونحو هذا من المسائل
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2144#.Va5I2bVUOE4)

أم أبي التراب
07-21-2015, 03:34 PM
مجلس 81
65-لا طائفية ولا حزبية يعقد الولاء والبراء عليها

أهلُ الإسلامِ ليس لهم سِمَةٌ سَِوى الإسلامِ والسلامِ : فيا طالبَ العلْمِ ! بارَكَ اللهُ فيك وفي عِلْمِك ؛ اطْلُب العِلْمَ واطْلُب العملَ وادْعُ إلى اللهِ تعالى على طَريقةِ السلَفِ .
ولا تَكُنْ خَرَّاجًا وَلَّاجًا في الجماعاتِ ، فتَخْرُجَ من السَّعةِ إلى القوالِبِ الضيِّقَةِ فالإسلامُ كلُّه لك جَادَّةً ومَنْهَجًا والمسلمونَ جَميعُهم هم الجماعةُ وإنَّ يدَ اللهِ مع الجماعةِ1 ، فلا طائفِيَّةَ ولا حِزبيَّةَ في الإسلامِ .
وأُعِيذُكَ باللهِ أن تَتَصَدَّعَ ، فتكونَ نَهَّابًا بينَ الفِرَقِ والطوائفِ والْمَذاهِبِ الباطلةِ والأحزابِ الغاليةِ ، تَعْقِدُ سُلطانَ الوَلاءِ والبَرَاءِ عليها فكُنْ طالِبَ عِلْمٍ على الْجَادَّةِ ؛ تَقْفُو الأَثَرَ ، وتَتْبَعُ السُّنَنَ ، تَدْعُو إلى اللهِ على بَصيرةٍ ، عارفًا لأهلِ الفَضْلِ فَضْلَهم وسابِقَتَهم .
وإنَّ الحزبيَّةَ ذاتَ المساراتِ والقوالِبِ الْمُستحدَثَةِ التي لم يَعْهَدْها السلَفُ من أَعْظَمِ العوائقِ عن العِلْمِ ، والتفريقِ عن الجماعةِ ، فكم أَوْهَنَت حَبْلَ الاتِّحادِ الإسلاميِّ وغَشِيَت المسلمينَ بسَبَبِها الغَوَاشِي .
فاحْذَرْ رَحِمَكَ اللهُ أَحزابًا وطَوائفَ طافَ طائفُها ونَجَمَ بالشرِّ ناجِمُها فما هي إلا كالْمَيَازِيبِ؛ تَجْمَعُ الماءَ كَدَرًا ، وتُفَرِّقُه هَدَرًا ؛ إلا مَن رَحِمَه ربُّك ، فصارَ على مِثْلِ ما كان عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه رَضِي اللهُ عَنْهُم .
قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى عندَ عَلَامَةِ أهلِ العُبودِيَّةِ : ( العَلامةُ الثانيةُ : قولُه : ( ولم يُنْسَبُوا إلى اسمٍ ) ؛ أي : لم يَشْتَهِروا باسمٍ يُعرَفون به عندَ الناسِ من الأسماءِ التي صارَتْ أعلامًا لأهلِ الطريقِ ) .
وأيضًا ؛ فإنهم لم يَتَقَيَّدُوا بعَمَلٍ واحدٍ يُجْرَى عليهم اسْمُه ، فيُعْرَفون به دونَ غيرِه من الأعمالِ ؛ فإنَّ هذا آفةٌ في العُبوديَّةِ ، وهي عُبودِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ .
وأمَّا العُبوديَّةُ المطلَقَةُ ؛ فلا يُعْرَفُ صاحبُها باسمٍ مُعَيَّنٍ من معاني أسمائِها ؛ فإنه مُجيبٌ لداعيها على اختلافِ أنواعِها ، فله مع كلِّ أهلِ عُبودِيَّةٍ نصيبٌ يَضْرِبُ معهم بسَهْمٍ ؛ فلا يَتَقَيَّدُ برَسْمٍ ولا إشارةٍ ولا اسمٍ ولا بِزِيٍّ ولا طريقٍ وَضْعِيٍّ اصطلاحيٍّ ، بل إن سُئِلَ عن شَيخِه ؟ قالَ : الرسولُ . وعن طريقِه ؟ قال : الاتِّباعُ . وعن خِرْقَتِه قال : لِباسُ التَّقْوَى ، وعن مَذْهَبِه ؟ قالَ : تَحكيمُ السُّنَّةِ . وعن مَقْصِدِه ومَطْلَبِه ؟ قالَ : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . وعن رِباطِه وعن خَانْكَاهُ ؟ قالَ : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } وعن نَسَبِه ؟ قالَ :
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِوَاهُ = إذا افْتَخُروا بقيْسٍ أو تَمِيمِ
ثم قالَ : قولُه : ( أولئك ذخائرُ اللهِ حيث كانوا ) ؛ ذخائرُ الْمُلْكِ : ما يُخَبَّأُ عندَه ويَذْخَرُه لِمُهِمَّاتِه ، ولا يَبْذُلُه لكلِّ أحدٍ ؛ وكذلك ذَخيرةُ الرجُلِ : ما يَذْخَرُه لحوائجِه ومُهِمَّاتِه ، وهؤلاءِ ؛ لَمَّا كانوا مَسْتُورِينَ عن الناسِ بأَسبابِهم ، غيرَ مُشارٍ إليهم ، ولا مُتَمَيِّزِينَ بِرَسْمٍ دونَ الناسِ ، ولا مُنتسبينَ إلى اسمِ طريقٍ أو مَذهَبٍ أو شيخٍ أو زِيٍّ ؛ كانوا بِمَنْزِلَةِ الذخائرِ المخبوءةِ، وهؤلاءِ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عن الآفاتِ ؛ فإنَّ الآفاتِ كلَّها تَحتَ الرسومِ والتقَيُّدِ بها ، ولزومِ الطرُقِ الاصطلاحيَّةِ والأوضاعِ المتداوَلَةِ الحادِثَةِ .
هذه هي التي قَطَعَتْ أكثرَ الخلْقِ عن اللهِ وهم لا يَشعرون .
والعَجَبُ أنَّ أَهْلَها هم الْمَعروفون بالطلَبِ والإرادةِ ، والسيْرِ إلى اللهِ وهم – إلا الواحدَ بعدَ الواحدِ – الْمَقطوعون عن اللهِ بتلك الرسومِ والقُيودِ .
وقد سُئِلَ بعضُ الأئِمَّةِ عن السُّنَّةِ ؟ فقالَ : ما لا اسمَ له سِوَى ( السُّنَّةِ ) .
يعني : أنَّ أهلَ السُّنَّةِ ليس لهم اسمٌ يُنْسَبُون إليه سِواهَا .
فمِن الناسِ مَن يَتَقَيَّدُ بلِباسِ غيرِه ، أو بالجلوسِ في مَكانٍ لا يَجْلِسُ في غيرِه أو مِشْيَةٍ لا يَمْشِي غيرَها أو بِزِيٍّ وهيئةٍ لا يَخْرُجُ عنهما ، أو عبادةٍ مُعَيَّنَةٍ لا يَتَعَبَّدُ بغيرِها وإن كانت أَعْلَى منها أو شيخٍ مُعَيَّنٍ لا يُلْتَفَتُ إلى غيرِه، وإن كان أَقْرَبَ إلى اللهِ ورسولِه منه .
فهؤلاءِ كلُّهم مَحجوبون عن الظَّفَرِ بالمطلوبِ الأعلى مَصْدُودُون عنه، قد قَيَّدَتْهُم العوائِدُ والرُّسومُ والأوضاعُ والاصطلاحاتُ عن تَجريدِ المتابَعَةِ فأَضْحَوْا عنها بِمَعْزِلٍ، ومَنزِلتُهم منها أبْعَدُ مَنْزِلٍ ، فتَرَى أحدَهم يَتَعَبَّدُ بالرياضةِ والْخَلْوَةِ وتَفريغِ القَلْبِ ويَعُدُّ العِلْمَ قاطعًا له عن الطريقِ فإذا ذُكِرَ له الْمُوالاةُ في اللهِ والْمُعاداةُ فيه والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكَرِ ؛ عَدَّ ذلك فُضولًا وشَرًّا ، وإذا رَأَوْا بينَهم مَن يَقومُ بذلك أَخْرَجُوه من بينِهم وَعَدُّوه غَيْرًا عليهم ، فهؤلاءِ أَبْعَدُ الناسِ عن اللهِ ، وإن كانوا أكثرَ إشارةً . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )
هذا فصل مهم، وهو تخلي طالب العلم عن الطائفية والحزبية، بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة أو على حزب معين، فإن هذا لا شك خلاف منهج السلف، السلف الصالح ليس عندهم حزبية كلهم حزب واحد، كلهم ينضمون تحت قول الله تعالى : "...هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ...."سورة الحج: 78.
فلا حزبية ولا تعدد ولا موالاة ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة.
فمن الناس مثلا من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليل عليه، وقد تكون دليلا له ويحامي دونه، ويضلل من سواه حتى ولو كانوا أقرب إلى الحق منها ويأخذ بمبدأ: من ليس معي فهو علي.
وهذا مبدأ خبيث، يعني بعض الناس يقول: إذا لم تكن معي فأنت علي، هناك وسط بين أن يكون لك أو عليك، وإذا كان عليك في الحق فليكن عليك فإنه في الحقيقة معك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»2. ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم، فلا حزبية في الإسلام. ولذلك لما ظهرت الأحزاب في المسلمين تنوعت الطرق وتفرقت الأمة، وصار بعضهم يضلل بعضا ويأكل لحم أخيه ميتا، فالواجب عدم ذلك.
الآن مثلا يكون بعض الناس طالب علم عند شيخ من المشايخ، ينتصر لهذا الشيخ بالحق وبالباطل. وما في سواه يضلله ويبدعه ويرى أنه- شيخه- العالم المصلح، ومن سواه إما جاهل وإما مُفسد، وهذا غلط كبير، خذ الحق من أي إنسان، وإذا استروَحَتْ نفسُكَ لشخصٍ من الناس فالزم مجلسَه، لكن لا يعني ذلك أن تكون معه على الحق والباطل، وأن تضلل من سواه وتزدريهم أو ما أشبه ذلك فإن هذا غلط.
يقول الشيخ : «أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام» صحيح. "...هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ...."سورة الحج: 78. كلنا مسلمون، فهذه سمة المسلم وعلامته: مسلما لله، مستسلما له، قائما بأمره تابعا لرسوله. هذا هو سمة المسلم.
فيا طالب العلم بارك الله فيك وفي علمك اطلب العلم واطلب العمل، لا تكن مثل بعض الناس، ليس إلا كتب مجموعة، يحفظ كثيرا ويفهم كثيرا، لكنه يعمل قليلا. فهذا لا ينتج.
كن طالبا للعلم عاملا به، داعيا إلى الحق. ثلاثة أشياء: صدق الطلب، العمل به، الدعوة. لا بد من هذا، أما مجرد أن تحشر العلوم ولا ينتفع الناس بعلمك، فهذا نقص كبير.
وادع إلى الله على طريقة السلف. وما هي طريقة السلف في الدعوة إلى الله؟ هي التي أرشدهم الله إليها بقوله : "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ "سورة النحل: 125). لين في موضع اللين، وشدة في موضع الشدة.
قال: «ولا تكن خراجا ولاجا في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهج».
يقول: إن بعض الناس يكون ولاجا خراجا، بينما تجده منضما إلى قوم أو فئة، اليوم تجده خارجا منها ووالجا في جهة أخرى، وهذا مضيعة للوقت، ودليل على أن الإنسان ليس له قاعدة يبني عليها حياته.
يقول: «المسلمون جميعهم هم الجماعة، وأن يد الله مع الجماعة، فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام». بل يجب أن نكون أمة واحدة، وإن اختلفنا في الرأي، أما أن نكون أحزابا: هذا إخواني- يعني من الإخوان المسلمين- وهذا سلفي، وهذا تبليغي.
وهذا لا يجوز، الواجب أن كل هذه الأسماء ينبغي أن تزول. وتكون أمة واحدة، وحزب واحد على أعدائنا.
قال: «وأعيذك بالله أن تتصدع، فتكون نهابا بين الفرق، والطوائف، والمذاهب الباطلة، والأحزاب الغالية، تعقد سلطان الولاء والبراء عليها». هذه أيضا طريق سيئة، أن يكون الإنسان نهابا بين الفرق والطوائف، يأخذ من هذا، ومن ثم لا يستقر على رأي.
فإن هذه آفة عظيمة، والواجب على الإنسان أن يكون مختارا ما هو أنسب في العلم والدين ويستمر عليه وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:«من بورك له في شيء فليلزمه». وهذه في الحقيقة قاعدة لمنهاج المسلم يجب أن يسير عليها، من بورك له في شيء فليلزمه وليستمر عليه حتى لا تتقطع أوقاته يوما هنا ويوما هنا.
يقول: «فكن طالب علم على الجادة ـ تقفوا الأثر، وتتبع السنن، تدعوا إلى الله على بصيرة عارفا لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم».
هذه أيضا وصية نافعة، أن الإنسان ينبغي له أن يتبع الأثر وأن يدع الأهواء والأفكار الواردة على الإسلام والتي هي في الحقيقة دخيلة على الإسلام وبعيدة الوضوح.
ثم نقل كلام ابن القيم: (العلامة الثانية) قوله: «ولم ينسبوا إلى اسم» أي: لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس من الأسماء التي صارت أعلاما لأهل الطريق.
وأيضا، فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه، فيعرفون به دون غيره من الأعمال، فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة.
وأما العبودية المطلقة، فلا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها.
هذا هو الصحيح، العبودية المطلقة أن يعبد الإنسان ربه على حسب ما تقتضيه الشريعة. مرة من المصلين، ومرة من الصائمين، ومرة من المجاهدين ومرة من المتصدقين حسب ما تقتضيه المصلحة، ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم هكذا حاله، لا تكاد تراه صائما إلا وجدته صائما ولا مفطرا إلا وجدته مفطرا، ولا قائما إلا وجدته قائما.
يتبع المصلحة، أحيانا يترك الأشياء التي يحبها من أجل مصلحة الناس، فإياك أن تكون قاصرا على عبادة معينة، بحيث لا تتزحزح عنها.
قال: «فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها»، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم، فلا يتقيد برسم ولا إشارة، ولا اسم ولا بزي، ولا طريق وضعي اصطلاحي، بل إن سئل عن شيخه؟ قال: الرسول. وعن طريقه؟ قال: الاتباع. وعن خرقته؟ قال: لباس التقوى. وعن مذهبه؟ قال: تحكيم السنة.
وعن مقصده ومطلبه؟ قال : (يريدون وجهه). وعن رباطة وعن خانكاه؟ قال: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ "سورة النور: 36-37). وعن نسبه؟ قال:

أبي الإسلام لا أب لي سواه = إذا افتخروا بقيس أو تميم
وعن مأكله ومشربه؟ قال: «مالَكَ ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترِدُ الماءَ، وترعى الشجرَ، حتى تلقى ربها».
هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم في ضالة الإبل، لما سئل عن التقاطها غضب عليه الصلاة والسلام. وقال: «ما لك ولها؟ دعها فإن معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وترعى الشجر حتى تلقى ربها».
ابن القيم- رحمه الله- نقلها إلى هذا المعنى الجليل، يعني: هؤلاء العباد الذين تفنوا في العبادة وأخذوا لكل نوع منها نصيب. لو سئل من أين يجري عليك الرزق.
يجيب: مالك ولها دعني!! يرزقني الله عز وجل.

واحسرتاه تقضى العمر وانصرمت = ساعاته بين ذل العجز والكسل
والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد = ساروا إلى المطلب الأعلى على مهل

ثم قال: قوله:«أولئك ذخائر الله حيث كانوا، ذخائر الملك: ما يخبأ عنده، ويذخره لمهماته، ولا يبذله لكل أحد، وكذلك ذخيرة الرجل: ما يذخره لحوائجه ومهماته. وهؤلاء لما كانوا مستورين عن الناس بأسبابهم، غير مشار إليهم، ولا متميزين برسم دون الناس، ولا منتسبين إلى اسم طريق أو مذهب أو شيخ أو زي، كانوا بمنزلة الذخائر المخبوءة. هؤلاء أبعد الخلق عن الآفت، فإن الآفات كلها تحت الرسوم والتقيد بها، ولزوم الطرق الاصطلاحية، والأوضاع المتداولة الحادثة. هذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله، وهم لا يشعرون».
صحيح هذا.. لا شك أن الأمر كما قال الإمام ابن القيم- رحمه الله- هؤلاء الذين لهم مراسم معينة، ولهم طقوس معينة، وأشكال معينة، هؤلاء لا شك أنهم ينقطعون عن الله عز وجل بحسب ما معهم من هذه الرسومات الإصطلاحية وما أشبهها، تجد الواحد منهم إذا رأيته قلت: من هذا الرجل؟ من هذا العالم. لكنه عالم بالزي والشكل فقط، وليس عنده علم راسخ، بل وربما نقول إيمانه ضعيف أيضا، وإلا لكان يعتمد على ما عنده من العلم والإيمان والدعوة والصلاح. قال:
«والعجب أن أهلها هم المعروفون بالطلب والإرادة، والسير إلى الله، وهم- إلا الواحد بعد الواحد- المقطوعون عن الله بتلك الرسوم والقيود».
العجب من أن الإنسان يستغرب أن يكون هؤلاء الذين أخذوا العلم بالرسوم والاصطلاحات الحادثة، هم المعروفون بالطلب والإرادة لأنهم يغرون الناس بلباسهم ونبرات كلامهم، وغير ذلك.
ثم قال: «وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ فقال: ما لا اسم له سوى «السنة». يعني: أن أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها. فمن الناس من يتقيد بلباس غيره، أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره، أو مشية لا يمشي غيرها، أو بزي وهيئة لا يخرج عنهما، أو عبادة معينة لا يتعبد بغيرها وإن كانت أعلى منها، أو شيخ معين لا يلتفت إلى غيره وإن كان أقرب إلى الله ورسوله منه. فهؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى، مصدودون عنه، قد قيدتهم العوائد والرسوم، والأوضاع، والاصطلاحات عن تجريد المتابعة، فأضحوا عنه بمعزل، ومنزلتهم منها أبعد منزل، فترى أحدهم يتعبد بالرياضة، والخلوة، وتفريغ القلب، ويعد العلم قاطعا له عن الطريق، فإذا ذكر له الموالاة في الله، والمعاداة فيه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، عد ذلك فضولا وشرا، وإذا رأوا بينهم من يقوم بذلك، أخرجوه من بينهم، وعدوه غيرا عليهم، فهؤلاء أبعد الناس عن الله، وإن كانوا أكثر إشارة. والله أعلم» اهـ.
قوله:«يتعبد بالرياضة» المراد: الرياضة القلبية على زعمهم، فتجدهم منعزلين عن الناس، بعيدين عن الناس، لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ولا يتعلمون ظنا منهم أن هذا هو الخير، ولكنهم في الواقع ضلوا، الخير أن تتبع الخير حيث ما كان.
فتارة في مجالس العلم، وتارة في مصارف الجهاد، وتارة في الحسبة، وتارة في الصلاة وتارة في القرآن، حسب ما ترى أنه أنفع لعباد الله وأخشى لقلبك، لكن من الناس من لا يتحمل، فتجده يركن إلى شيء معين من العبادة يدعي أن فيه صلاح قلبه ويستمر عليه.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2145#.Va5J7bVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

الشيخ:
كذلك نحذر كل الحذر من تفريق أهل الإسلام ، نحن أمة واحدة من جاء يريد أن يفرّق كلمتنا فلا يجوز أن نلتفت إليه ، لا يجوز أن نستجيب له ، بل الواجب إسكاته ، من دعا إلى طائفة أو إلى حزب أو إلى جماعة ليكون الولاء والبراء عليها ينبغي إسكاته وعدم الإلتفات إليه ، مهما كانت هذه الطائفة ، ينبغي بل يجب أن يكون ولاؤنا لله ، وعداؤنا لله ، ليس من أجل فلان ولا من أجل فلان ، وإنما لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي هذه الجماعات وهذه الحزبيات لا يجوز للإنسان أن ينضم فيها ، أو يكون واحدا منها ، أو أن يعاهد ويبايع فيها ، أو أن يكون مناصرًا لها وإنما النصرة تكون لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم و لأهل الإيمان ، وأما من جاءنا يريد أن يكون الولاء والبراء على أمور مغايرة لذلك ، فحينئذ لا يصح منا أن ننضوي تحت لوائه ، وكم من صاحب بدعة أو صاحب تحزّبات يحاول أن يضمّ الناس إليه من أجل أن يفاخر بهم ، وأن يذكر أنّ جماعته وحزبه وطريقته هي الأقوى ، وأنّ أتباعها الأكثر ، وبالتالي فكل من أرادنا أن نجتمع على غير منهاج شرعي فلن نقبل منه.
وكذلك بعض الناس يظهر جزءا من أجزاء الشريعة من أجل أن يضم الناس إليه ، يقول : تعالوا نحن أهل الصلاة ، هل معنى هذا ، أن نترك بقية الأحكام ، إن كان يريد منا أن نترك بقية أركان الشريعة فلا يجوز أن نقبل منه.
وكذلك إذا جاءنا يريد منا أن يكون العمل والاجتماع على شيء لم ترد به الشريعة فلا يجوز لنا أن نلتفت إليه.
قال المؤلف : (وعن خَانْكَاهُ) و الرباط ، هذه المواطن تجعلها بعض الطوائف للعبادة أو للتقرب لله ، وحينئذ نحن لا نلتفت إلى هذا ، نلتفت إلى بيوت الله إلى المساجد ، كذلك لا ينبغي أن يكون ولاؤنا وتحزّبنا لزيد من الناس مهما كانت منزلته ، وإنما نتحزّب لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2145#.Va5J7bVUOE4)
1-"يدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ"

الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 2166 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية
(http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%AF%D9%8E+%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87%D9%90+%D9%85%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85 %D8%A7%D8%B9%D8%A9%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

2- "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا . فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ، أنصرُه إذا كان مظلومًا ، أفرأيتَ إذا كان ظالمًا كيف أنصرُه ؟ قال : تحجِزُه ، أو تمنعُه ، من الظلمِ فإنَّ ذلك نصرُه"

الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6952 - خلاصة حكم المحدث : [صحيح] - شرح الحديث - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%86%D8%B5%D8%B1+%D8%A3%D8%AE %D8%A7%D9%83+%D8%B8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-21-2015, 03:40 PM
مجلس 82
66- نَوَاقِضُ هذه الْحِلْيَةِ

يا أخي – وَقَانا اللهُ وإيَّاكَ العثراتِ – إن كنتَ قَرَأْتَ مَثَلًا من ( حِليةِ طالبِ العِلْمِ ) وآدابِه وعَلِمْتَ بعضًا من نواقِضِها ؛ فاعْلَمْ أنَّ مِن أَعْظَمِ خَوارِمِها الْمُفْسِدَةِ لنظامِ عِقْدِها :إفشاءَ السرِّ .
ونَقْلَ الكلامِ من قومٍ إلى آخرينَ .
والصلَفَ واللسانَةَ .
وكثرةَ الْمِزاحِ .
والدخولَ في حديثٍ بينَ اثنينِ .
والحقْدَ .
والحسَدَ .
وسوءَ الظنِّ .
ومُجالَسَةَ المبتَدِعةِ .
ونَقْلَ الْخُطَى إلى الْمَحَارِمِ .
فاحْذَرْ هذه الآثامَ وأخواتِها واقْصُرْ خُطاكَ عن جميعِ الْمُحَرَّمَاتِ والْمَحارِمِ فإن فعلتَ وإلا فاعْلَمْ أنك رَقيقُ الدِّيانةِ خَفيفٌ لَعَّابٌ مُغْتَابٌ نَمَّامٌ فأَنَّى لك أن تكونَ طالبَ عِلْمٍ ، يُشارُ إليك بالبَنانِ ، مُنَعَّمًا بالعِلْمِ والعمَلِ .
سَدَّدَ اللهُ الْخُطَى ، ومَنَحَ الجميعَ التقْوَى وحُسْنَ العاقِبَةِ في الآخرةِ والأُولَى .
وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه وسَلَّمَ .
بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زَيْدٍ
25/10/1408 هـ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( مفرغ )

هذه النواقض والخوارم التي ذكرها هي في الحقيقة خدش عظيم لطالب العلم وللعامة أيضا .
1- إفشاء السر محرم : لأنه خيانة للأمانة . فإذا استكتمَك الإنسانُ حديثا فلا يحل لك أن تفشيه لأي أحد كان ، واحذر أن يخدعك أحدٌ لأن بعض الناسِ يظن أنه أفشى إليك؛ ثم يأتي إليك وكأن الأمر مسلَّم أنه عَلِمَ بذلك فيقول مثلا: ما شاء الله، من أدراك عن كذا وكذا، فيبهت الآخر، فيظن أنه قد علن ثم يفضي له السر وهذه طريقة تجسس من بعض الناس.
فاحذر هذا، فما دمت استكتمك صاحبُكَ فإذا جاء أحدٌ يبهتُك بمثل هذا الأسلوب، فلا تخف. قل: أبدا، ما صار هذا، وأنا بريء إلى الله منه- وتقصد منه – هذا الكلام الذي قلت، لأنه تجسس.
قال العلماء: وإذا حدثك الإنسان بحديث والتفت، فقد استأمنك، فهو أمانة وسر، فلا يجوز أن تفشيه. حتى وإن لم يقل لا تخبر أحدا. لأن التفاته يعني أنه لا يريد أحدا يسمعه. فإذا أفشيته فهذا من إفشاء السر.
2- ونقل الكلام من قوم إلى آخرين: وهذه هي النميمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة قتات".1 أي: نمام، ومر بقبرين يعذبان، وذكر أن أحدهما كان يمشي بالنميمة 2. فهي من كبائر الذنوب.
يأتي الشخص لآخر ويقول: فلان يقول فيك كذا وكذا. لكن إذا كان المقصود بذلك النصيحة. كيف النصيحة؟! يعني: أن هذا الرجل مغتر بالشخص ويفضي إليه أسراره ويستشيره في أموره، فجاء إنسان وقال: يا فلان، أنا رأيتك تفضي سرك إلى فلان وتثق به، والرجل ليس بأمين، الرجل يفشي كل ما تقول. فهل يعتبر هذا نميمة؟ هذه نصيحة!
3- والصلف واللسانة: الصلف: يعني التشدد في الشيء، يكون الإنسان غير لين لا بمقاله ولا بحاله. بل هو صلت ولسن، يعني رفيع الصوت، أو يعني عنده بيانا يبدي به الباطل ويخفي به الحق.
وأما قوة الصوت وارتفاعه, فإنه ليس إلى اللسانة، هذه من خلقة الله عز وجل، ولما أنزل الله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ "سورة الحجرات: 2).3 كان ثابت بن قيس رضي الله عنه- وهو من أحد الشعراء والخطباء- كان جهوري الصوت، فلزم بيته يبكي، ولم يكن له وجه يخرج إلى الناس، ويقابل الناس به، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه وأرسل إليه رسولا، فقال:"إن الله أنزل هذه الآية وإني خفت أن يحبط عملي وأنا لا أشعر". فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"إنه يحيى سعيدا، ويقتل شهيدا، ويدخل الجنة"
4- كثرة المزاح : ولم يقل المزاح لأن المزاح في الكلام، كالملح في الطعام إن أكثرت منه فسد الطعام، وإن لم تجعل فيه الملح لم يشته إليه الطعام. فكثرة المزاح تذهب الهيبة، وتنزل مرتبة طالب العلم. أما المزاح القليل الذي يقصد به إدخال السرور على صاحبك فهو من السنة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا.
جاء رجل يريد أن يحمله على بعير يجاهد عليها في سبيل الله،فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنا حاملوك على ولد الناقة» قال الرجل كيف؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «وهل تلد الإبل إلا النوق» 4. فهذا مزاح ولكنه حق.
وقال لأبي عُمير- غلام صغير- معه طير يلعب به، فمات الطير. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليه ذات يوم فقال: «يا أبا عمير ما فعل النغير» 5.
أما ما يفعله بعض الناس، كل كلامه مزح، فهذا كما أنه لا يليق بالرجل العاقل فضلا عن طالب العلم، فإنه يجعل كلامَه مزحا حتى أن المخاطبين يقولون له أنت صادق أم تمزح؟ لأنه يجعل كل كلامِه مزحا.
5- الدخول في حديث بين اثنين : فإن بعض الناس إذا رأى اثنين يتحدثان، دخل بينهما وهذا كالمتسلق للجدار، لم يأت البيوت من أبوابها.
ولهذا كان من آداب حاضر صلاة الجمعة ألا يفرق بين اثنين6 كما جاءت به السنة، فالتفريق بين اثنين في الكلام وفي الحديث من خوارم المروءة، وكذلك أيضا لا ينبغي إذا رأيت اثنين يتحدثان أن تقترب منهما، بل من الأدب والمروءة أن تبتعد، لأنه ربما يكون بينهما حديث السر ويخجلان أن يقولا لك أبعد، فالحديث سر، أو إذا كانا لا يستطيعان ذلك عدلا عن حديث السر فقطعت حديثهما.
6-الحقد: والحقد يعني الكراهية والبغضاء، فإن بعض الناس إذا رأى أن الله أنعم على غيره نعمة حقد عليه، مع أن هذا الذي أنعم عليه لم يتعرض له بسوء، لكن حاقد عليه. وما قصة ابني آدم بغريب علينا.
قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر. فقال الذي لم يتقبل منه إلى الذي تقبل منه لأقتلنك. كرهه وحقد عليه إلى حد أنه أودى بحياته، فقال له ذلك: "... إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ..."سورة المائدة: 27] وليس بيدي تزكية نفسي أو لثناء عليها.
وإنما يريد أن يحث ذلك على التقوى حتى يقبل منه. كأنه قال له: اتق الله يقبل منك. ولكن :"{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ "سورة المائدة: 30.
فلا يجوز للإنسان أن يحقد على أخيه المسلم، ولا سيما أن يكون سبب الحقد ما من الله عليه من النعمة سواء دينيا أو دنيويا.
7- الحسد: من أخلاق اليهود، وبئس الخلق خلق الحسد، فما هو الحسد 7.
الحسد قيل هو: أن يتمنى زوال نعمة الله على غيره.
يتمنى فقره إذا كان أنعم الله عليه بالمال، ونسيانه وجهله إذا كان أنعم الله عليه بالعلم، وفقد أولاده وعقم زوجته إذا كان الله من عليه بالأولاد وما أشبه ذلك.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله:«الحسد كراهة نعمة الله على غيره». يعني ما يتمنى زوالها، لكن يكره أن الله أنعم على هذا الإنسان بهذه النعمة، فأما لو تمنى أن يرزقه الله مثلها، فليس هذا من الحسد بل هذا من الغبطة، التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا حسد إلا في اثنتين».
ومضار الحسد إحدى عشرة وهي:
1- أنه من كبائر الذنوب.
2- أنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. والحديث ضعيف.
3- أنه من أخلاق اليهود.
4- أنه ينافي الإخوة الإيمانية.
5- أنه فيه عدم الرضا بقضاء الله وقدره.
6- أنه سبيل للتعاسة.
7- الحاسد متبع لخطوات الشيطان.
8- يورث العداوة والبغضاء بين الناس.
9- قد يؤدي إلى العدوان على الغير.
10- فيه إزدراء* لنعمة الله على الحاسد.
*ازْدِرَائِهِ : اِحْتِقَارِهِ ، الاِسْتِخْفَاف بِهِ .هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A7%D8%B2%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%A1/)
11- يشغل القلب عن الله.

8- سوء الظن: أن يظن بغيره ظنا سيئا، مثل أن يقول: لم يتصدق هذا إلا رياء، لم يلق هذا الطالب هذا السؤال إلا رياء ليعرف أنه طالب. وكان المنافقون إذا أتى المتصدق من المسلمين بالصدقة- إن كانت كثيرة- قالوا: مرائي، وإن كانت قليلة.
قالوا: إن الله غني عن صدقة هذا، فهم يلمزون 8المطوعين من المؤمنين في الصدقات، ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم. فإياك وسوء الظن.
فالواجب إحسان الظن بمن ظاهره العدالة، أما من ظاهره غير العدالة فلا حرج أن يكون في نفسك سوء الظن به، لكن مع ذلك عليك أن تتحقق حتى يزول ما في نفسك من هذا الوهم. لأن بعض الناس قد يسيء الظن بشخص ما بناء على وهم كاذب لا حقيقة له.
قال الله تعالى : "....يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ ..."سورة الحجرات: 12. ولم يقل كل الظن، لأن بعض الظنون لها أصل ولها مبرر "...إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ... "سورة الحجرات: 12. وليس كل الظن، فالظن الذي يحصل فيه العدوان على الغير هذا لا شك أنه إثم، والظن الذي لا مستند له، هو أيضا إثم.
9- ومجالسة المبتدعة: وليته عمم: مجالسة كل من تخرم مجالستهم المروءة، سواء كان ذلك لابتداع أو سوء أخلاق أو انحطاط رتبة عن المجتمع أو ما أشبه ذلك.
فينبغي لطالب العلم أن يكون مرتفعا عن مجالسة من تخدش مجالستهم المروءة أو تخدش الدين. لكن كأنه خص ذلك بالمبتدعة لأن المقام مقام تعليم، فإذا وجدنا مبتدعا عنده طلاقة في اللسان، وسحر في البيان، فإنه لا يجوز أن يجلس إليه، لأنه مبتدع. لماذا لا يجوز؟
أولا- لأننا نخشى من شره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن من البيان لسحرا» 9. قد يسحر عقولنا حتى نوافقه على بدعته.
ثانيا- أن فيه تشجيع لهذا المبتدع أن يكثر الناس حوله أو أن يجلس إليه فلان وفلان من الوجهاء والأعيان، فهذا يزيده رفعة واغترارا بما عنده من البدعة وغرورا في نفسه.
ثالثا- إساءة الظن بهذا الذي اجتمع إلى صاحب البدعة، وقد لا يتبين هذا إلا بعد حين.
10- نقل الخطى إلى المحارم : يعني أن يمشي الإنسان على الأمور المحرمة، فإن هذا من خوارم هذه الحلية: إذ أن الذي ينبغي لطالب العلم أن يتجنب هذا، بل إن بعض العلماء يقول يتجنب حتى الخطى إلى أمر ينتقده الناس فيه، كما لو ذهب طالب العلم إلى مبيع النساء. النساء لها أسواق للبيع، فذهب طالب العلم لأسواق النساء، هل هذا مما يحمد عليه أو مما يذم عليه؟ مما يذم عليه، يقال فلان طالب العلم يروح لأسواق النساء، حتى لو قال أنا أريد أن أذهب لأسواق النساء حتى أشتري لأهلي من هذه الأثواب التي تباع بالأسواق. قلنا وكل من يشتري عنك، أما أنت طالب علم ينتقد عليك هذا الفعل، ويقتدي بك من نيته سيئة.
ثم قال: «فاحذر هذه الآثام وأخواتها، واقصر خطاك عن جميع المحرمات والمحارم، فإن فعلت، وإلا فأعلم أنك رقيق الديانة، خفيف، لعاب، مغتاب، نمام، فإنى لك أن تكون طالب علم، يشار إليك بالبنان، منعما بالعلم والعمل؟
يعني: ينبغي للإنسان أن ينزل منزلتها وألا يدنسها بالأخلاق، لأن طالب العلم شرفه الله تعالى بالعلم وجعله قدوة، حتى إن الله تعالى رد أمور الناس عند الإشكال إلى العلماء. فقال :"...فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ.." سورة النحل: 43.
فالحاصل إنك يا طالب العلم محترم فلا تنزل نفسك إلى ساحة الذل والضعة، بل كن كما ينبغي أن تكون.
فهذه الحلية لا شك أنها مفيدة ونافعة لطالب العلم وينبغي للإنسان أن يحرص عليها ويتبعها، لكن لا يعني ذلك أن يقتصر عليها بل هناك كذلك كتب أخرى صنفت في آداب العلم ما بين قليل وكثير ومتوسط، وأهم شيء أن الإنسان يترسم خطى النبي صلى الله عليه وسلم ويمشي عليها، فهي الحلية الحقيقية التي ينبغي للإنسان أن يتحلى بها، كما قال سبحانه وتعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "سورة الأحزاب: 21.
نسأل الله تعالى أن يختم لنا ولكم بصالح الأعمال، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه.

آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2146#.Va5LXLVUOE4)
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري (مفرغ

الشيخ:
ثم ذكر المؤلف بعض العثرات ومنها :
إفشاء الأسرار ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "المجالس بالأمانة" وإفشاء السر نوع من أنواع الخيانة ، والخيانة بئست البطانة.
كذلك لا يكون المؤمن طالب العلم من أهل النميمة ، ينقل كلام هؤلاء إلى هؤلاء ، وكلام هؤلاء إلى هؤلاء ، ليفسد بينهم فهذا من أكبر المحرّمات ، وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يدخل الجنة قتات" يعني : نمام.
من العوارض والعثرات : الصَّلف بأن يتكلم الإنسان بالكلام الغليظ غير الرقيق اللين ، وكذلك اللسانة والرطانة ، اللسانة : بأن يتكلم بلسان قوي يتخلل في لسانه ليظهر قدرته على الناس وليس ذلك الكلام مبنيا على أصول علمية.
كذلك كثرة المزاح يجتنبه الإنسان ، يجتنبه طالب العلم ، لأنه يُخِف من منزلته ويجعل الناس لا يقبلون ما لديه من العلم.
هكذا أيضا الدخول في حديث بين اثنين ، لأنهما لم ينعزلا إلا لحديث خاص بينهما ، فدخول طالب العلم بينهما يقلّ من منزلته.
كذلك حقد الآخرين ، والحقد والحسد فإنّ هذه ليست من صفات طالب العلم ، سواء كان حسدا لطلب العلم ، الحسد المذموم بتمنّي زوال النعمة عن الآخرين ، أو كان بالحسد على ما أوتيه البعض في أمور الدنيا.
وكذلك يجتنب سوء الظن في الآخرين ، يشتغل بما ينفع ويترك سوء الظن ، وكذلك يجتنب طالب العلم مجالسة المبتدعة ، لأنه سيُظن أنه منهم ، وقد يعلق بقلبه بعض بدعهم من حيث لا يشعر ، ثم إنهم يتقوّوْن بذلك ، فلانا يزورنا وفلانا يجالسنا.
كذلك يجتنب طالب العلم المعاصي والذنوب لأنها تطمس العلم طمسًا ، وتطمس على القلب كما قال تعالى : " كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ" المطففين14
هذا شيء مما ذكره المؤلف واختصرنا فيما يتعلّق بالمحاذير لقلّة الوقت ، فلعلّكم تعذروننا في هذا ، نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا ، كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الأمة ، وأن يردهم إلى دينهم ردّا جميلا ، هذا والله أعلم وصلّى الله على نبينا محمد.
آفاق التيسير (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=2146#.Va5LXLVUOE4)
1-
"لا يدخلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ"
الراوي : حذيفة بن اليمان - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 6056 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%82%D8%AA%D8%A7%D8%AA&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
الشرح:
الاستماعُ للغَيرِ بنيَّةِ نقْلِ الكلامِ مِن الصِّفاتِ المذمومةِ؛ لذلك أخبَرنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأنَّه لا يدخُلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ، والقَتَّاتُ: مِن قَتَّ الحديثَ يقُتُّه قَتًّا: إذا تَسمَّع إلى حديثِ شخصٍ فنقَله إلى غيرِه بقَصْدِ الإفسادِ بينهما، ولعلَّ عدمَ دخولِه الجنَّة أنَّه لن يكونَ في أوَّلِ الأمرِ مع السَّابقين.
في الحديثِ: النَّهيُ عن نقْل الكلامِ بنيَّة الإفسادِ.
2-
-" مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحائطٍ مِن حيطانِ المدينةِ ، أو مكةَ ، فسمِع صوتَ إنسانَينِ يُعَذَّبانِ في قُبورِهما، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : يُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كبيرٍ . ثم قال : بلَى ، كان أحدُهما لا يَستَتِرُ من بوْلِه، وكان الآخَرُ يمشي بالنَّميمَةِ . ثم دَعا بجَريدَةٍ، فكسَرَها كِسرَتَينِ، فوضَع على كُلِّ قَبرٍ منهما كِسرَةً، فقيل له : يا رسولَ اللهِ ، لِمَ فعَلتَ هذا ؟ قال : لَعلَّه أنْ يُخَفَّفَ عنهما ما لم تَيبَسا أو: إلى أن يَيبَسا" .
الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 216 | خلاصة حكم المحدث :صحيح- شرح الحديث- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D8%B9%D8%B0%D8%A8%D8%A7%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

الشرح:
القَبْرُ هو أولُ مَنازِل الآخِرَةِ، والعذابُ والنعيمُ فيه حقٌّ.
وفي هذا الحديثِ: يُخبِرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأحدِ الأعمالِ المُوجِبة لعَذابِ القَبْرِ، حيث مَرَّ على حائطٍ من حِيطَانِ المَدِينَةِ أو مَكَّةَ، والحائِطُ: هو البُسْتان إذا كان له سُورٌ، فسَمِع صوتَ إنسانَيْن يعذَّبان في قُبورِهما، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يُعَذَّبانِ، وما يعذَّبان في كَبِيرٍ» يعني: لا يعذَّبان في أمرٍ كبيرٍ في نَظرِكم، وإنْ كان هو في الحقيقةِ كَبِيرًا عند اللهِ تعالى؛ ولذلك قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «بَلَى»، أي: إنَّه كَبِيرٌ في الحقيقةِ.
وسببُ عذابِهما كما أَخْبَر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أنَّ أحدَهما كان لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِه، يَعنِي: لا يَسْتَبْرِئُ منه ولا يَتَحفَّظُ مِن أن يُصِيبَه منه. والآخَرُ كان يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ بين الناسِ، أي: يَنقُل كلامَ غيرِه بقَصْدِ الإضرارِ وإيقاعِ الخِلافِ والوَقِيعَةِ بين الناسِ.
ثُمَّ دَعَا صلَّى الله عليه وسلَّم بِجَرِيدَةٍ، فكَسَرها نِصفَيْن، ووَضَع على قَبْرِ كلِّ واحدٍ منهما جزءًا منها، فقيل له: لِمَ فعلتَ هذا؟ فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَعَلَّهُ أن يُخَفَّفَ عنهما ما لم يَيْبَسَا، أو إلى أنْ يَيْبَسَا»، أي: لعلَّ الله تعالى أن يُخَفِّفَ عنهما العذابَ إلى أن يَجِفَّ الجَرِيدُ الذي وَضَعه صلَّى الله عليه وسلَّم على قبرَيْهما.
وفي الحديثِ: إثباتُ عذابِ القبرِ، وأنَّه حقٌّ يَجِبُ الإيمانُ والتَّسليمُ به.
وفيه: التَّحذِيرُ مِن مُلابَسةِ البَوْل، ويَلتحِق به غيرُه مِنَ النَّجاساتِ في البَدَن والثَّوْب.
وفيه: النَّهيُ عن النَّمِيمَةِ.
*".....قال إنِّي مررتُ بقبرَينِ يُعذَّبانِ . فأحببتُ ، بشفاعتي ، أنْ يرفَّهَ عنهما ، ما دامَ الغصنانِ رَطبينِ " . الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 3012 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -شرح الحديث.هنا

الشرح:
*....في الحديثِ: مُعجِزةٌ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلامةٌ مِن علاماتِ نُبوَّتِه .هنا
*بعض العلماء – عفا الله عنهم – قالوا : يسن أن يضع الإنسان جريدة رطبة ، أو شجرة ، أو نحوها على القبر ليخفف عنه ، لكن هذا الاستنباط بعيد جداً ولا يجوز أن نصنع ذلك لأمور:
أولاً : أننا لم يكشف لنا أن هذا الرجل يعذب بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فقد كشف الله تعالى له بالوحي حال هذين القبرين .
ثانياً : أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا إلى الميت ، لأننا ظننا به ظن سوء أنه يعذب وما يدرينا فلعله يُنعم ، لعل هذا الميت ممن مَنَّ الله عليه بالمغفرة قبل موته لوجود سبب من أسباب المغفرة الكثيرة فمات وقد عفا رب العباد عنه ، وحينئذ لا يستحق عذاباً .
ثالثاً : أن هذا الاستنباط مخالف لما كان عليه السلف الصالح فلم يكن هذا الفعل من هديهم وسنتهم وهم أعلم الناس بشريعة الله .
رابعاً : أن الله تعالى قد فتح لنا ما هو خير منه فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : " استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " .
" انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (2/30) بتصرف . الإسلام سؤال وجواب (http://islamqa.info/ar/41643)
3-"لما نزلت هذه الآية : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ..,." / الحجرات / آية 2 . إلى آخر الآية . جلس ثابت بن قيس في بيته وقال : أنا من أهل النار . واحتبس عن النبي صلى الله عليه وسلم . فسأل النبي سعد بن معاذ فقال " يا أبا عمرو ! ما شأن ثابت ؟ أشتكى ؟ " قال سعد : إنه لجاري . وما علمت له بشكوى . قال فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال ثابت : أنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنا من أهل النار ؛ فذكر ذلك سعد للنبي صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بل هو من أهل الجنة " . وفي رواية : عن أنس ، قال : لما نزلت ".. لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ .. " 49 / الحجرات / الآية - 2 ولم يذكر سعد بن معاذ في الحديث . وفي رواية : ( 119 ) وفي رواية : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا رجل من أهل الجنة .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 119 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | انظر شرح الحديث رقم 16581- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%AB%D8%A7%D8%A8%D8%AA+%D8%A8%D9%86+ %D9%82%D9%8A%D8%B3&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2)
الشرح: كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقِفون عندَ حُدودِ اللهِ تَعالى، ودائمًا ما يُراقِبون أنفُسَهم ويُحاسِبونها؛ ولهذا لَمَّا نَزَلَ قَولُه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] ظنَّ ثابتُ بنُ قيسٍ أنَّه هو المقصودُ بالآيةِ، وأنَّ عملَه قد حَبِطَ، يَعني: بَطَلَ؛ وذلك لأنَّ صَوتَه كان مرتفعًا خِلْقةً، فظنَّ أنَّه المقصودُ بالوعيدِ في الآيةِ، فجلس في بيتِه حزينًا لهذا الأمرِ، فلمَّا افتَقَدَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سألَ عنه، فقال رجلٌ: أنا أَعلَمُ لك عِلمَه، يَعني: أُخبرُك خَبَرَه، فذهبَ إليه فوجدَه مُنكِّسًا رأسَه في بيتِه، يَعني: مُطرِقًا إلى الأرضِ في حُزنٍ، فقال له: ما شَأْنُك، فقال ثابتٌ: شَرٌّ، يَعني: ما بي هو الشَّرُّ؛ لأنَّني كُنتُ أَرفَعُ صَوتي فَوقَ صَوتِ النَّبيِّ، وقد تَوعَّدَ اللهُ عليه بإِحباطِ العَمَلِ وبدُخولِ النَّارِ، فرَجَعَ الرَّجلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأخبَرَه بذلك، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَرجِعَ إليه ويُبلِّغَه بِشارَةً عظيمةً، وهي أنَّه ليس مِن أهلِ النَّارِ، وأنَّه من أهلِ الجَنَّةِ. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%AB%D8%A7%D8%A8%D8%AA+%D8%A8%D9%86+ %D9%82%D9%8A%D8%B3&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2)
4-" أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ، احمِلْني، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنا حاملوكَ على ولدِ ناقةٍ . قال : وما أصنع بولدِ الناقةِ ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : وهل تلدُ الإبلُ إلا النوقَ"الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4998 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%88%D9%87%D9%84+%D8%AA%D9%84%D8%AF+ %D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D9%84+%D8%A5%D9%84%D8%A7+ %D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%82&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) 5-كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسنُ الناسِ خُلُقًا ، وكان لي أخٌ يُقالُ له أبو عُمَيرٍ - قال : أحسِبُه - فَطيمٌ ، وكان إذا جاء قال : " يا أبا عُمَيرٍ ، ما فعَل النُّغَيرُ " . نُغَرٌ كان يَلعَبُ به ، فربما حضَر الصلاةَ وهو في بيتنِا ، فيَأمُرُ بالبِساطِ الذي تحتَه فيُكنَسُ ويُنضَحُ ، ثم يَقومُ ونَقومُ خلفَه فيُصلِّي بنا ". الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6203 - خلاصة حكم المحدث :صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%81%D8%B9%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%86% D8%BA%D9%8A%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
الشرح:قال أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ الله عنه-وهو خادِمُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم-: "كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحسنَ الناسِ خُلُقًا" مِمَّا يراه مِن تعامُلِه، «وكان لي أخٌ» وهو أَخُوه من أُمِّه أُمِّ سُلَيْمٍ مِن أبي طَلْحَةَ رَضِيَ الله عنهم، «فَطِيم»، أي: مَفطوم، وهو المُنتهِي مِن الرَّضاعة، فكان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُلاعِب هذا الصَّغير فيقولُ له: "يا أبا عُمَير، ما فعَل النُّغَيْر؟" والنُّغَير: تَصغيرُ النُّغَرِ، وهو طائِرٌ صغيرٌ، قِيل: هو الصَّعْوُ، وقد سألَه عنه لَمَّا بلَغه حُزنُ الصَّغيرِ على موتِ هذا الطائِرِ.
ثُمَّ أخبَر أَنَسٌ رَضِيَ الله عنه أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كان يأمُر بالبِساطِ الَّذِي يَجلِسون عليه فيُكنَس ويُنضَح "أي يُرَشُّ عليه الماء" فيصلِّي بهم جماعةً.
وفي الحديثِ: تواضُعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما كان عليه مِن حُسنِ الخُلُقِ وكرَمِ الشَّمائلِ.
وفيه: مُداعبةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للصِّغارِ، والمُزاحُ معهم، وإدخالُ السُّرورِ عليهم.
وفيه: مَشروعيَّةُ الكُنْيَةِ للصبيِّ، وقبلَ أن يُولَد للرجل هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%81%D8%B9%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%86% D8%BA%D9%8A%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
6- لا يغتسِلُ رجلٌ يومَ الجمُعةِ، ويتطَهَّرُ ما استطاع من طُهرٍ، ويدَّهِنُ من دُهنِه، أو يَمَسُّ من طِيبِ بيتِه، ثم يَخرُجُ فلا يُفَرِّقُ بين اثنين، ثم يصلِّي ما كُتِبَ له، ثم يُنصِتُ إذا تكلَّمَ الإمامُ، إلا غُفِرَ له ما بينه وبين الجمُعة الأخرَى .
الراوي : سلمان الفارسي - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 883 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- شرح الحديث-هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%8A%D9%8F%D9%81%D9%8E%D8%B1%D9%91%D 9%90%D9%82%D9%92+%D8%A8%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9 %8E+%D8%A7%D8%AB%D9%92%D9%86%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9% 86%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
الشرح: أمرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالاغتسالِ يومَ الجُمُعةِ، وفي هذا الحديثِ يُخبرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِفضيلةِ الاغتسالِ والتَّطيُّبِ والخُروجِ لِصلاةِ الجمعةِ، فيقول: "لا يَغتسلُ رجلٌ يومَ الجُمُعةِ، ويَتطهَّرُ ما استطاعَ مِن طُهرٍ" يعني: ما أمكنَه مِن تَنظيفٍ، كِقصِّ الظُّفرِ والشَّاربِ وحلْقِ العانةِ، وغيرِ ذلك، «ويَدَّهنُ مِن دُهنِه، أو يمَسُّ مِن طِيبِ بيتِه» يعني: يضعُ مِنَ الطِّيبِ الخاصِّ به أو يضعُ مِن طِيبِ زوجتِه، "ثُمَّ يخرجُ فلا يُفرِّقُ بين اثنينِ"، وهذا إشارة إلى التَّبكيرِ؛ لأنَّه لو بكَّرَ بِالخروجِ فإنَّه لا يُضطَّرُّ إلى تَخطِّي الرِّقابِ والتَّفريقِ بين الجالسِينَ قبْلَه، «ثُمَّ يُصلِّي ما كُتِبَ له» يعني: مِنَ النَّوافلِ، «ثُمَّ يُنصتُ إذا تكلَّمَ الإمامُ إلا غُفِرَ له ما بَينَه وبين الجُمُعةِ الأُخرى»، أي: غُفِرَ له ما ارْتَكَبَه مِن الذنوب في هذِه المدَّةِ بين الجُمُعتَينِ مِن صَلاةِ الجُمُعةِ وخُطبتِها إلى مِثلِ الوقتِ مِن الجُمُعةِ الثَّانيةِ.

7-لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام" الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 6065 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- شرح الحديث -الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%BA %D8%B6%D9%88%D8%A7+%D9%88%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D8%AD %D8%A7%D8%B3%D8%AF%D9%88%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

*"دبَّ إليكم داءُ الأُممِ قبلكم ؛ البغضاءُ والحسدُ ، والبغضاءُ هي الحالقةُ ، ليس حالقةَ الشَّعرِ ، ولكن حالقةُ الدِّينِ . والذي نفسي بيدِه لا تدخلون الجنَّةَ حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا ، ألا أُنَبِّئُكم بما يُثَبِّتُ لكم ذلك ؟ أَفشوا السلامَ بينكم"

الراوي : عبدالله بن الزبير - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 2695 - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره-الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AF%D8%A7%D8%A1+%D8%A7%D9%84%D8%A3 %D9%85%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

- "لا حسد إلا في اثنتيْنِ : رجلٌ آتاه اللهُ مالًا ، فسلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ ، وآخرُ آتاه اللهُ حكمةً ، فهو يَقضي بها ويُعلِّمُها"

الراوي : عبدالله بن مسعود - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7141 - خلاصة حكم المحدث :صحيح - انظر شرح الحديث رقم 2123- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AD%D8%B3%D8%AF+%D8%A5%D9%84%D8%A7 +%D9%81%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
8-"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "التوبة 79
التفسير الميسر :ومع بخل المنافغين لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم; فإذا تصدق الأغنياء بالمال الكثير عابوهم واتهموهم بالرياء, وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم استهزؤوا بهم, وقالوا سخرية منهم: ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء المنافقين, ولهم عذاب مؤلم موجع.



9- أنَّه قدِمَ رجلانِ مِنَ المشرقِ فخَطَبا ، فعَجِبَ النَّاسُ لبيانِهِما ، فقال رسولُ اللهِ _صلى الله عليه وسلم _: " إن مِنَ البيانِ لسِحرًا ، أو : إن بعضَ البيانِ لسِحْرٌ" .

الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5767 - خلاصة حكم المحدث :صحيح- انظر شرح الحديث رقم 11935. هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A% D8%A7%D9%86+%D9%84%D8%B3%D8%AD%D8%B1%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)
الشرح:يقول عبدُ اللَّه بنُ عمرَ رضي اللَّه عنهما: إنَّهُ قَدِمَ رَجُلانِ مِنَ المَشْرقِ، أي: مِنْ جِهةِ المَشرِقِ، فخَطَبا فَعَجِبَ النَّاسُ مِنهُما لبيانِهما، فقال رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "إنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحرًا"، أي: إنَّ مِنهُ لَنَوعًا يَحُلُّ مِنَ العُقولِ والقُلوبِ في التَّمويهِ مَحَلَّ السِّحرِ؛ فَيُقرِّبُ البَعيدَ، ويُبعِدُ القَريبَ، ويُزَيِّنُ القَبيحَ، ويُعَظِّمُ الحَقيرَ، فَكأنَّهُ سِحْرٌ.
وشبَّه النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في هذا الخبرِ البَيانَ بِالسِّحرِ؛ إذ السَّاحِرُ يَستَميلُ قَلبَ النَّاظرِ إليه بسِحرِه وشَعوذَتِه، والفَصيحُ الذَّرِبُ اللِّسانِ يَستميلُ قُلوبَ النَّاسِ إليه بِحُسنِ فصاحتِه ونَظْمِ كلامِه؛ فالأَنْفُسُ تكونُ إليه تائقةً، والأعيُنُ إليه رامِقةً.
واختَلَفَ أهلُ العِلمِ في هذا الحديثِ؛ هل هو على وجهِ الذَّمِّ أو على وجه المدحِ؟ لَكِنَّ أحسَنَ ما يُقال في هذا: إنَّ هذا الحديثَ ليس ذمًّا لِلبَيانِ كُلِّه، ولا مدحًا; لقوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "مِن البَيانِ"، فأتى بِلَفظةِ "مِنْ" الَّتي لِلتَّبعيضِ.
وفي الحديث: إشارةٌ إلى ضَرورةِ الحَذَرِ مِنْ مَعسولِ الكلامِ؛ لأنَّه كالسِّحرِ، فقد يَقلِبُ الحَقَّ باطِلًا، والباطِلَ حَقًّا.هنا (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A% D8%A7%D9%86+%D9%84%D8%B3%D8%AD%D8%B1%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)

أم أبي التراب
07-24-2015, 04:34 PM
الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ