المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة


أم أبي التراب
10-12-2016, 03:17 AM
المجلس الأول
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.


وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.

توطئة
لابد للمسلم في هذه الحياة من وقفات يقفها مع نفسه ، يعيد فيها تقويم أمورَهُ ، ويتفكر في مصيره ، ويصحح بها مسارَهُ ، فقطار الحياة يمضي بنا شئنا أم أبينا ، ولابد من وقت نتركه فيه كما تركه مَن سَبَقَنَا .

لقد سبقنا إلى القبور أُناسٌ كثيرون ، لهم أحلام وطموحات مثلنا ، يُمْسون ويصبحون عليها ، وفجأة جاءهم ملك الموت ، في هذه اللحظات العصيبة ، انكشفت لهم حقيقة الوجود في الدنيا ، وأنها مرحلة من رحلة طويلة . رحلة العودة إلى الله . وتمنوا في هذه اللحظات أن ينصرف عنهم ملك الموت ولو للحظة يصلحون فيها ما أفسدوا .
قال تعالى " حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" سورة المؤمنون / آية : 99 ، 100 .
فإذا كان هذا هو حال الكثير ممن سبقنا إلى لقاء الموت فلماذا لا نعتبر بهم حتى لا نقع فيما وقعوا فيه ؟
إن من فضل الله علينا أننا مازلنا في الأمنية التي يتمناها هؤلاء في العودة إلى الدنيا .فهل لنا أن نفعل ما يتمنون فعله لو كانوا مكاننا ؟ !
هل لنا أن نبدأ في تصحيح المسار ، ووضع الدنيا في حجمها الصحيح ، والزهد فيها ، والتعامل معها على أنها مزرعة للآخرة ؟ !
ولنحذر من حب الدنيا والحرص عليها فحب الدنيا هو الذي عَمَّرَ النار بأهلها ، والزهد في الدنيا هو الذي عَمَّرَ الجنة بأهلها .
ومما يعين على الزهد فيها ، والعمل للآخرة :
ذكر الموت ، وكفى بالموت واعظًا .

إننا نحتاج حاجة عظيمة إلى السماع والتفكر في هذه المسألة؛ لأنها أساس التقوى، و لُب العملِ الصالحِ، وهي دافعٌ مهمٌ من الدوافع على الإقبال على الله -عز وجل- بأعمال صالحة إذا فكر الإنسان في الميت، يفكر كيف قد سالت العيون، وتفرقت الخدود، مساكين أهل القبور، على يمينهم التراب، وعلى يسارهم التراب، ومن أمامهم التراب، ومن خلفهم التراب،ومن فوقهم تراب ، كانوا أهل الدور والقصور، فصاروا أهل التراب والقبور، كانوا أهل نعمة، فصاروا أهل الوحشة والمحنة، وصارالبقاء فناء؛ كيف تبدلت أجزاؤهم في قبورهم؟ وخلت منهم مجالسُهم، وبيوتهُم، وانقطعت آثارُهم، وستكون عاقبتُنَا مثلُ عاقبتِهم، نفدت الأعمار، وبقيت الأوزار، والأموال قد فنيت، والأزواج قد نُكحت، والدور قد خُربت؛ ما حالُ أزواجِهم، ما حالُ أيتامِهم، ما عاقبُة أموالِهم، الأعمال قد انقطعت، والحسرات قد بقيت، يا أيها الناس: ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم، من الموت طالبه، والقبر بيته، والتراب فراشه، والدود أنيسه، وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر، كيف يكون حاله؟ اللهم سلم سلم واختم لنا بالصاحات
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا "- إنَّ اللهَ - تعالى - إذا أراد بعبدٍ خيرًا استعملَهُ، فقيل : فكيف يستعملهُ يا رسولَ اللهِ ؟ قال : يوفقه لعملٍ صالحٍ قبل الموتِ" .الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : تخريج مشكاة المصابيح- الصفحة أو الرقم: 5218 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
فلابد أن نعمل، ونعمل ونعمل حتى يكون موت كل واحد منا على عمل صالح؛ لأن الموت على عمل صالح هو من علامات حسن الخاتمة .

- خطَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خطبةً ما سمِعتُ مثلَها قَطُّ قال " لو تَعلَمونَ ما أعلَمُ لضَحِكتُم قليلًا ولبَكيتُم كثيرًا " . قال فغطَّى أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وجوهَهم لهم خَنينٌ ، فقال رجلٌ : من أبي ؟ قال : ( فلانٌ ) . فنزَلَتْ هذه الآيةُ " لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ " .

الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4621 - خلاصة حكم المحدث صحيح- هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%88+%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85 %D9%88%D9%86+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
الشرح : خَطَب رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: «لو تَعْلَمُونَ» مِن عَظمةِ اللهِ وشِدَّةِ عِقابِه لأهلِ الجرائمِ، وأهوالِ القيامةِ «ما أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتم قليلًا ولَبَكَيْتُم كثيرًا»، فغَطَّى أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وُجوهَهم لهم خَنِينٌ، أي: صوتٌ مرتفِع مِن الأنفِ بالبُكاء مع غُنَّةٍ، وهو دونَ الانتِحاب. فقال رجلٌ: مَن أبي؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: أبوك فُلان. فنَزَلَتْ هذه الآيةُ مِن سُورةِ المائدةِ"لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ".

وفي الحديثِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهِ عليه وسلَّم أعظمُ النَّاس خَشيةً لربِّه؛ لأنَّ خَشيةَ اللهِ إنَّما تكونُ على مِقدارِ العِلمِ بِه، ولمَّا لم يَعلمْ أحدٌ كعِلمِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، لم يَخشَ كخَشيتِه.
وفيه: فضلُ الصَّحابةِ وبُكاؤُهم عندَ موعظةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لهم.
وفيه: النَّهيُ عن كَثرةِ السُّؤالِ وتَكلُّفِ ما لا يَعْنِي.
هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%88+%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%85 %D9%88%D9%86+%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B9%D9%84%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)فلنتدبر أحوال الميت بعد نزع روحه ، وقد تصلبت أطرافه ، وشخص بصره ، واستسلم جسده ليد المُغَسِّل ، فلا كلام ، ولا حِراك ، ولا اعتراض ، وبعد تكفينه يُحمل على الأكتاف فيصلى عليه ، ثم يوضع في حفرة ضيقة من الأرض ، ويُهَال عليه التراب ، فلا منفذ يبقى للهواء ولا للضياء ، ثم بعد فترة يتحلل اللحم ويتساقط من فوق العظام ، وشيئًا فشيئًا تتحول العظام إلى تراب .
والله أعلم بحاله أمُنَعَّم أم غير ذلك ؟ !
لا فرق في هذا بين الجميل والدميم ، والشاب والهرم ، والغني والفقير .
فهي رحلة بدايتها هذه الحياة ثم الموت والقبر والنشور ؛ثم الجنة أو النار .
فالدنيا دار امتحان ، ونهاية الامتحان هي اللحظة التي قدرها الله لنهاية حياة العبد ، فيأتي ملك الموت ومن ورائه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ..... يأتي ملك الموت لنزع الروح وإنهاء الوجود في دار الامتحان ؛ في هذه اللحظات يرى العبد الملائكة لأول مرة في حياته ؛يُرْفع الستار بين عالَمِ الغيبِ وعَالَمِ الشهادةِ وتنكشفُ الحقيقةُ :
قال تعالى " لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " . سورة ق / آية : 22 .
-" الميِّتُ تحضرُهُ الملائِكَةُ، فإذا كانَ الرَّجلُ صالحًا، قالوا: اخرجي أيَّتُها النَّفسُ الطَّيِّبةُ، كانت في الجسدِ الطَّيِّبِ، اخرجي حميدةً، وأبشري برَوحٍ ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى تخرُجَ، ثمَّ يُعرَجُ بِها إلى السَّماءِ، فيُفتَحُ لَها، فيقالُ: مَن هذا؟ فيقولونَ: فلانٌ، فيقالُ: مرحبًا بالنَّفسِ الطَّيِّبةِ، كانت في الجسدِ الطَّيِّبِ، ادخُلي حميدةً، وأبشِري برَوحٍ وريحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى يُنتَهَى بِها إلى السَّماءِ الَّتي فيها اللَّهُ عزَّ وجلَّ، وإذا كانَ الرَّجلُ السُّوءُ، قالَ: اخرُجي أيَّتُها النَّفسُ الخبيثَةُ، كانَت في الجسدِ الخبيثِ، اخرُجي ذميمةً، وأبشري بحَميمٍ، وغسَّاقٍ، وآخرَ من شَكْلِهِ أزواجٌ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى تخرجَ، ثمَّ يعرجُ بِها إلى السَّماءِ، فلا يفتحُ لَها، فيقالُ: من هذا؟ فيقالُ: فلانٌ، فيقالُ: لا مرحبًا بالنَّفسِ الخبيثةِ، كانت في الجسدِ الخبيثِ، ارجعي ذميمةً، فإنَّها لا تفتحُ لَكِ أبوابُ السَّماءِ، فيرسلُ بِها منَ السَّماءِ، ثمَّ تصيرُ إلى القَبرِ"
الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 3456 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D8%AE%D8%B1%D8%AC%D9%8A+%D8%A3 %D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81% D8%B3+%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%8A%D8%A8%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

أم أبي التراب
10-18-2016, 09:14 AM
المجـلـس الثاني

الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.

كفى بالموت واعظًا

شرح مختصر لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - من الاحتضار إلى الاستقرار؛ برواياته الصحيحة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده لا شريك له، القائل"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ"آل عمران:185.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد القائل" إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ؛ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "أخرجه البخاري برقم: 1379 في كتاب " الجنائز "، ومسلم: 2866 في " الجنة... ". عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما..
والقائل "استجيروا باللهِ من عذابِ القبرِ ؛ فإنَّ عذابَ القبرِ حقٌّ"
الراوي : أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 932 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8E%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%8E% D9%91+%D8%B9%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D8%A7%D8%A8%D9%8E+% D8%A7%D9%84%D9%92%D9%82%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D9 %90+%D8%AD%D9%8E%D9%82%D9%8C%D9%91&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
. وبعد:
فعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خرَجْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في جِنازةِ رجلٍ منَ الأنصارِ، فانتَهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وجَلَسنا حولَهُ كأنَّما على رءوسِنا الطَّيرُ- أي هم لشدة سكونهم ووقارهم كأنهم جمادات تحط الطير فوقها.- ، وفي يدِهِ عودٌ ينْكتُ بِهِ في الأرضِ، فرفعَ رأسَهُ، فقالَ: استَعيذوا باللَّهِ من عذابِ القبرِ مرَّتينِ، أو ثلاثًا، زادَ في حديثِ جريرٍ هاهنا وقالَ: وإنَّهُ ليسمَعُ خفقَ نعالِهم إذا ولَّوا مدبرينَ حينَ يقالُ لَهُ: يا هذا، مَن ربُّكَ وما دينُكَ ومن نبيُّكَ ؟ قالَ هنَّادٌ: قالَ: ويأتيهِ ملَكانِ فيُجلِسانِهِ فيقولانِ لَهُ: مَن ربُّكَ ؟ فيقولُ: ربِّيَ اللَّهُ، فيقولانِ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: دينيَ الإسلامُ، فيقولانِ لَهُ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكم ؟ قالَ: فيقولُ: هوَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فيقولانِ: وما يُدريكَ ؟ فيقولُ: قرأتُ كتابَ اللَّهِ فآمنتُ بِهِ وصدَّقتُ زادَ في حديثِ جريرٍ فذلِكَ قولُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ" يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا " فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ قالَ: فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ .
قالَ: وإنَّ الْكافرَ فذَكرَ موتَهُ قالَ: وتعادُ روحُهُ في جسدِهِ، وياتيهِ ملَكانِ فيُجلسانِهِ فيقولانِ: من ربُّكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ لَهُ: ما دينُكَ ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فيقولانِ: ما هذا الرَّجلُ الَّذي بُعِثَ فيكُم ؟ فيقولُ: هاهْ هاهْ، لا أدري، فُينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن كذَبَ، فأفرشوهُ منَ النَّارِ، وألبِسوهُ منَ النَّارِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى النَّارِ قالَ: فيأتيهِ من حرِّها وسمومِها قالَ: ويضيَّقُ عليْهِ قبرُهُ حتَّى تختلِفَ فيهِ أضلاعُهُ زادَ في حديثِ جريرٍ قالَ: ثمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أعمى أبْكَمُ معَهُ مِرزبَةٌ من حديدٍ لو ضُرِبَ بِها جبلٌ لصارَ ترابًا قالَ: فيضربُهُ بِها ضربةً يسمَعُها ما بينَ المشرقِ والمغربِ إلَّا الثَّقلينِ فيَصيرُ ترابًا قالَ: ثمَّ تعادُ فيهِ الرُّوحُ"الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4753 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%92%D8%AA% D9%8E%D9%87%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9%8E%D8%A7+%D 8%A5%D9%90%D9%84%D9%8E%D9%89+%D8%A7%D9%84%D9%92%D9 %82%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D9%90+%D9%88%D9%8E%D9% 84%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%91%D8%A7+%D9%8A%D9%8F%D9%8 4%D9%92%D8%AD%D9%8E%D8%AF%D9%92&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).


"إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قبرِه إنَّه يسمعُ خفقَ نِعالِهم حين يُولونَ مُدبرينَ ، فإنْ كان مؤمنًا كانتِ الصَّلاةُ عند رأسِهِ ، وكان الصِّيامُ عن يمينِهِ ، وكانتِ الزَّكاةُ عن شمالِهِ وكان فعلُ الخَيراتِ مِن الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمَعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ عندَ رجلَيْهِ ،فيُؤتَى مِن قِبَلِ رأسِهِ فتقولُ الصَّلاةُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يمينِهِ فيقولُ الصِّيامُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يسارِهِ فتقولُ الزَّكاةُ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى من قِبَلِ رجلَيْهِ فيقولُ فِعلُ الخَيراتِ من الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، فيُقالُ لهُ ، اجلسْ فيجلسُ قد مُثِلَتْ لهُ الشَّمسُ ، وقد أذِنَتْ للغروبِ ، فيُقالُ لهُ :........، ماذا تقولُ فيهِ وماذا تشهدُ عليهِ ؟ قال : فيقولُ : محمَّدٌ ، أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللهِ ، وأنَّهُ جاء بالحقِّ مِن عندِ اللهِ ، فيُقالُ لهُ : على ذلكَ حَيِيتَ ، وعلى ذلكَ متَّ ، وعلى ذلكَ تُبعَثُ إن شاءَ اللهُ ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ مِن أبوابِ الجنَّةِ ،فيُقالُ لهُ: هذا مقعدُكَ منها وما أعدَّ اللهُ لكَ فيها ، فيزدادُ غِبطةً وسرورًا ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ مِن أبوابِ النَّارِ فيُقالُ لهُ : هذا مقعدُكَ وما أعدَّ اللهُ لكَ فيها لَو عصَيتَه* - * في رواية البخاري عن أنس - رضي الله عنه -: " يقال له: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ".-، فيزدادُ غبطةً وسرورًا ،ثمَّ يُفسَحُ لهُ في قبرِهِ سبعونَ ذراعًا ، ويُنَوَّرُ لهُ فيهِ ، .......فذلكَ قَولُه : "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ".

وإنَّ الكافرَ إذا أُتيَ من قِبَلِ رأسِه لَم يُوجَدْ شيءٌ ثمَّ أُتيَ عن يمينِهِ فلا يُوجَدُ شيءٌ ثمَّ أُتيَ عن شمالِهِ فلا يُوجَدُ شيءٌ ثمَّ أُتيَ من قِبَلِ رجلَيْهِ فلا يُوجَدُ شيءٌ فيُقالُ لهُ اجلسْ فيجلسُ مَرعوبًا خائفًا فيُقالُ أرأيتُكَ هذا الرَّجلَ الَّذي كان فيكُم ماذا تقولُ فيهِ وماذا تشهدُ عليهِ فيقولُ : أيُّ رجلٍ ؟ ولا يهتَدي لاسمِهِ ، فيُقالُ لهُ : محمَّدٌ ، فيقولُ : لا أدري ، سمِعتُ النَّاسَ قالوا قَولًا ، فقلتُ كما قال النَّاسُ ! فيُقالُ لهُ : على ذلِكَ حَييتَ وعليهِ متَّ وعليهِ تُبعَثُ إن شاءَ اللهُ ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ من أبوابِ النَّارِ، فيُقالُ لهُ : هذا مقعدُكَ من النَّارِ وما أعدَ اللهُ لكَ فيها فيزدادُ حسرةً وثُبورًا ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ من أبوابِ الجنَّةِ فيُقالُ لهُ : هذا مقعدُكَ منها وما أعدَّ اللهُ لكَ فيها لَو أطعتَهُ فيزدادُ حسرةً وثُبورًا ثمَّ يُضيَّقُ عليهِ قبرُهُ حتَّى تختلفَ فيهِ أضلاعُهُ فتلكَ المَعيشةُ الضَنكةُ الَّتى قال اللهُ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 3561 - خلاصة حكم المحدث : حسن هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%8E%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%92 +%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8E+%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92 %D9%85%D9%90%D9%86%D9%8B%D8%A7+%D9%83%D9%8E%D8%A7% D9%86%D9%8E%D8%AA%D9%92+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D 8%A7%D8%A9%D9%8F+%D8%B9%D9%90%D9%86%D9%92%D8%AF%D9 %8E+%D8%B1%D9%8E%D8%A3%D9%92%D8%B3%D9%90%D9%87%D9% 90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .


*"فيأتِيِه آتٍ قبيحُ الوجهِ قبيحُ الثيابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فيقولُ أبْشِرْ بِهوانِ من اللهِ وعذابٍ مُقيمٍ فيقولُ وأنتَ فبَشَّرَكَ اللهُ بالشَّرِّ مَن أنتَ فيقولُ أنا عملُك الخبيثُ كنتَ بطيئًا عن طاعةِ اللهِ سريعًا في معصيتِه فَجَزاك اللهُ شرًّا يُقَيَّضُ له أعْمَى أصمُّ أبْكمُ في يدِه مِرْزَبَّةٌ لو ضرب بها جبلًا كان ترابًا فيضْرِبُه ضربةً فَيَصِيرُ تُرابًا ثم يُعيدُه اللهُ كما كان فيضرِبُه ضربةً أُخرى فيَصِيِحُ صيحةً يسمعُه كلُّ شيءٍ إلا الثَقلَيْنِ قال البرَاءُ ثم يُفتحُ له بابٌ ويُمَهَّدُ له من فُرُشِ النَّارِ".الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب -الصفحة أو الرقم: 3558- خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%83%D9%86%D8%AA+%D8%A8%D8%B7%D9%8 A%D8%A6%D8%A7%D9%8B+%D8%B9%D9%86+%D8%B7%D8%A7%D8%B 9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

*" خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ _ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:
" اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ؛ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ _ عَلَيْهِ السَّلام _ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ! اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٍ ". قَالَ: " فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ". قَالَ: " فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلا يَمُرُّونَ _ يَعْنِي بِهَا _ عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟! فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ؛ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ؛ فَيُفْتَحُ لَهُمْ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ؛ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَالَ: "فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الإِسْلامُ. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَقُولانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي؛ فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ". قَالَ: " فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ". قَالَ: " وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ!. فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ؛ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي ".
قَالَ: " وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمْ الْمُسُوحُ ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللهِ وَغَضَبٍ ". قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟! فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ؛ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ "لأعراف: من الآية40). فَيَقُولُ اللهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى. فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ". ثُمَّ قَرَأَ"وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ"الحج: من الآية31. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ؛ فَأَفْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ ، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ. فَيَقُول:ُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ
! فَيَقُولُ: رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ". [ قَالَ: " ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا ". قَالَ: " فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ؛ فَيَصِيرُ تُرَابًا ". قَالَ: " ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ ] ".
*********************
دمج الروايات مع العزو ليبرز تسلسل الأحداث


" خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ _ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ _ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ _ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ- أي: هم لشدة سكونهم ووقارهم كأنهم جمادات تحط الطير فوقها.-، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ:

" اسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ؛ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ، وَحَنُوطٌ- وهو كل ما يطيب به الميت - مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ _ عَلَيْهِ السَّلام _ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ! اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللهِ وَرِضْوَانٍ ". قَالَ: " فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي- أي فَم قربة الشرب - السِّقَاءِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا، فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ، وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ ". قَالَ: " فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلا يَمُرُّونَ _ يَعْنِي بِهَا _ عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟! فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ؛ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ؛ فَيُفْتَحُ لَهُمْ، فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ اللهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _: اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ، وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ؛ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى. قَالَ: "فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ- في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند الترمذي: " أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ، وَللآخَرِ النَّكِيرُ... "- فَيُجْلِسَانِهِ- وفي حديث أبي هريرة : "إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قبرِه إنَّه يسمعُ خفقَ نِعالِهم حين يُولونَ مُدبرينَ ، فإنْ كان مؤمنًا كانتِ الصَّلاةُ عند رأسِهِ ، وكان الصِّيامُ عن يمينِهِ ، وكانتِ الزَّكاةُ عن شمالِهِ وكان فعلُ الخَيراتِ مِن الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمَعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ عندَ رجلَيْهِ ،فيُؤتَى مِن قِبَلِ رأسِهِ فتقولُ الصَّلاةُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يمينِهِ فيقولُ الصِّيامُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يسارِهِ فتقولُ الزَّكاةُ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى من قِبَلِ رجلَيْهِ فيقولُ فِعلُ الخَيراتِ من الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%8E%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%92 +%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8E+%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92 %D9%85%D9%90%D9%86%D9%8B%D8%A7+%D9%83%D9%8E%D8%A7% D9%86%D9%8E%D8%AA%D9%92+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D 8%A7%D8%A9%D9%8F+%D8%B9%D9%90%D9%86%D9%92%D8%AF%D9 %8E+%D8%B1%D9%8E%D8%A3%D9%92%D8%B3%D9%90%D9%87%D9% 90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الإِسْلامُ. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَقُولانِ لَهُ: وَمَا عِلْمُكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ، فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ. فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ: أَنْ صَدَقَ عَبْدِي؛ فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ- في رواية البخاري عن أنس - رضي الله عنه -: " يقال له: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ". وفي رواية أبي داود عن أنس - رضي الله عنه -: " فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي! فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ. وفي حديث أبي هريرة عند ابن حبان _ 3113 _ والحاكم: " وَإِنْ كَانَ كَافِرًا... يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ قِبَلِ الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَنْزِلِكَ، وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لَكَ لَوْ كُنْتَ أَطَعْتَهُ. فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا ".- ". قَالَ: " فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ". قَالَ: " وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ!. فَيَقُولُ: رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ؛ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي ".

قَالَ: " وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ، مَعَهُمْ الْمُسُوحُ- وهو الكساء من الشعر، وهو داخل في الخشن من الثياب - ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ، اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللهِ وَغَضَبٍ ". قَالَ: فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ، فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ- حديدة ذات شُعَب مُعَقَّفة يشوى بها اللحم، وهي في عصرنا شبيهة بالقضيب الذي يعلق به الفرُّوج ليُشوى.- مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاَّ قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟! فَيَقُولُونَ: فُلانُ بْنُ فُلانٍ؛ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"لأعراف: من الآية40 أي حتى يدخل في ثقب الإبرة. فَيَقُولُ اللهُ _ عَزَّ وَجَلَّ _: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى. فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ". ثُمَّ قَرَأَ:"وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ"الحج: من الآية31. فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ، فَيُجْلِسَانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ- كلمة يقولها الخائف المُتَحيِّر لعجز لسانه عن النطق.- لا أَدْرِي. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي. فَيَقُولانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي- في رواية البخاري عن أنس - رضي الله عنه - زيادة: " كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ. فَيُقَالُ: لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ ". أي: من الدراية والتلاوة؛ .. أي لا فهمتَ، ولا قرأتَ /( لا دَرَيْتَ ): لا علمتَ بنفسك بالاستدلال، ( ولا تَلَيْتَ ): ولا اتَّبعتَ العلماءَ لتتعلمَ منهم. والله أعلم.-. فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ؛ فَأَفْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا- السموم: الريح الحارة.-، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ- يدخل بعضها في بعض.-، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ. فَيَقُول:ُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ - -أنا عملُك الخبيثُ كنتَ بطيئًا عن طاعةِ اللهِ سريعًا في معصيتِه فَجَزاك اللهُ شرًّا - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%83%D9%86%D8%AA+%D8%A8%D8%B7%D9%8 A%D8%A6%D8%A7%D9%8B+%D8%B9%D9%86+%D8%B7%D8%A7%D8%B 9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) -! فَيَقُولُ: رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ". [ قَالَ: " ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ -أي: ملَك أعمى وأبكم، والأبكم: الذي لا يَنطق ولا يسمع. وإنما جعل الملَك الموكَّل بعذاب القبر أعمى وأبكم كي لا يرى حال المعذب، ولا يسمع استغاثته، وبذلك يكون بعيدًا كل البعد عن الإشفاق بحاله.- مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ - مِطرقة- مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا ". قَالَ: " فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ- أي : الإنس والجن - ؛ فَيَصِيرُ تُرَابًا ". قَالَ: " ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ ] "

أخرجه بطوله عن البراء بن عازب - رضي الله عنه -:
الإمام أحمد _ واللفظ له _: برقم: 18534، وقال محققه شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح؛ رجاله رجال الصحيح. وأبو داود _ بسند صحيح _: 4753 في كتاب " السُّنة "، والحاكم: 114 في " الإيمان "، والزيادة التي بين مضلعتين من لفظ أبي داود. والحديث أخرج قِطَعًا منه: البخاري: 1369 في " الجنائز " ومسلم: 2871 في " الجنة " والترمذي: 3120 في " التفسير "، وقال: حسن صحيح.
وأخرجه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
البخاري: 1374 في كتاب " الجنائز " ومسلم: 2870 في " الجنة... "، وأبو داود: 3231، والنسائي: ج4 ص97 و98 _ كلاهما _ في "الجنائز ".
وأخرجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -:
الترمذي: 1071، والنسائي: ج4 ص8، والحاكم: 1443، وابن حبان: 3014و3113 _ كلهم _ في كتاب " الجنائز ".
ملتقى أهل الحديث (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=304878)

اللهم لا تسلب منا ساعة النزع إيماننا، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.

أم أبي التراب
10-18-2016, 09:16 AM
مبشرات من حديث البراء بن عازب

" الميِّتُ تحضرُهُ الملائِكَةُ، فإذا كانَ الرَّجلُ صالحًا، قالوا: اخرجي أيَّتُها النَّفسُ الطَّيِّبةُ، كانت في الجسدِ الطَّيِّبِ، اخرجي حميدةً، وأبشري برَوحٍ ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى تخرُجَ، ثمَّ يُعرَجُ بِها إلى السَّماءِ، فيُفتَحُ لَها، فيقالُ: مَن هذا؟ فيقولونَ: فلانٌ، فيقالُ: مرحبًا بالنَّفسِ الطَّيِّبةِ، كانت في الجسدِ الطَّيِّبِ، ادخُلي حميدةً، وأبشِري برَوحٍ وريحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فلا يزالُ يقالُ لَها ذلِكَ حتَّى يُنتَهَى بِها إلى السَّماءِ الَّتي فيها اللَّهُ عزَّ وجلَّ،....."
الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3456 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا. (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D8%AE%D8%B1%D8%AC%D9%8A+%D8%A3 %D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81% D8%B3+%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%8A%D8%A8%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) " إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ؛ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "أخرجه البخاري برقم: 1379 في كتاب " الجنائز "ومسلم: 2866 في " الجنة... ". عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما..
"استجيروا باللهِ من عذابِ القبرِ ؛ فإنَّ عذابَ القبرِ حقٌّ"
الراوي : أم خالد أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 932 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8E%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%8E% D9%91+%D8%B9%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D8%A7%D8%A8%D9%8E+% D8%A7%D9%84%D9%92%D9%82%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D9 %90+%D8%AD%D9%8E%D9%82%D9%8C%D9%91&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
بعد أن يجيب عن الأسئلة الثلاث بتثبيت الله له ينادي منادٍ من السماء .
" يُثبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا " فينادي منادٍ منَ السَّماءِ: أن قَد صدقَ عَبدي، فأفرِشوهُ منَ الجنَّةِ، وافتَحوا لَهُ بابًا إلى الجنَّةِ، وألبسوهُ منَ الجنَّةِ قالَ: فيأتيهِ من رَوحِها وطيبِها قالَ: ويُفتَحُ لَهُ فيها مدَّ بصرِهِ ......" الراوي : البراء بن عازب - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 4753 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%92%D8%AA% D9%8E%D9%87%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%86%D9%8E%D8%A7+%D 8%A5%D9%90%D9%84%D9%8E%D9%89+%D8%A7%D9%84%D9%92%D9 %82%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D9%90+%D9%88%D9%8E%D9% 84%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%91%D8%A7+%D9%8A%D9%8F%D9%8 4%D9%92%D8%AD%D9%8E%D8%AF%D9%92&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
"إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قبرِه إنَّه يسمعُ خفقَ نِعالِهم حين يُولونَ مُدبرينَ ، فإنْ كان مؤمنًا كانتِ الصَّلاةُ عند رأسِهِ ، وكان الصِّيامُ عن يمينِهِ ، وكانتِ الزَّكاةُ عن شمالِهِ وكان فعلُ الخَيراتِ مِن الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمَعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ عندَ رجلَيْهِ ،فيُؤتَى مِن قِبَلِ رأسِهِ فتقولُ الصَّلاةُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يمينِهِ فيقولُ الصِّيامُ ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى عن يسارِهِ فتقولُ الزَّكاةُ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، ثمَّ يُؤتَى من قِبَلِ رجلَيْهِ فيقولُ فِعلُ الخَيراتِ من الصَّدقةِ والصَّلاةِ والمعروفِ والإحسانِ إلى النَّاسِ : ما قِبَلي مَدخلٌ ، ...." بعد أن يجيب عن الثلاث أسئلة
" فيُقالُ لهُ : على ذلكَ حَيِيتَ ، وعلى ذلكَ متَّ ، وعلى ذلكَ تُبعَثُ إن شاءَ اللهُ ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ مِن أبوابِ الجنَّةِ ،فيُقالُ لهُ: هذا مقعدُكَ منها وما أعدَّ اللهُ لكَ فيها ، فيزدادُ غِبطةً وسرورًا ثمَّ يُفتَحُ لهُ بابٌ مِن أبوابِ النَّارِ فيُقالُ لهُ : هذا مقعدُكَ وما أعدَّ اللهُ لكَ فيها لَو عصَيتَه *، فيزدادُ غبطةً وسرورًا ،ثمَّ يُفسَحُ لهُ في قبرِهِ سبعونَ ذراعًا ، ويُنَوَّرُ لهُ فيهِ ، ويُعادُ الجسدُ لِما بُدِئَ منهُ فتُجعَلُ نسَمتُهُ في النَّسَمِ الطَّيِّبِ وهيَ طيرٌ تُعلَقُ من شجرِ الجنَّةِ...... فذلكَ قَولُه : "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ"...." الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 3561 - خلاصة حكم المحدث : حسن هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D9%8E%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%92 +%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8E+%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92 %D9%85%D9%90%D9%86%D9%8B%D8%A7+%D9%83%D9%8E%D8%A7% D9%86%D9%8E%D8%AA%D9%92+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%84%D 8%A7%D8%A9%D9%8F+%D8%B9%D9%90%D9%86%D9%92%D8%AF%D9 %8E+%D8%B1%D9%8E%D8%A3%D9%92%D8%B3%D9%90%D9%87%D9% 90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

حال الهالك نسأل الله العافية

"......فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ؛ فَأَفْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ، فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا- السموم: الريح الحارة.-، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ- يدخل بعضها في بعض.-، وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوؤُكَ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ. فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ. فَيَقُول:ُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ - -أنا عملُك الخبيثُ كنتَ بطيئًا عن طاعةِ اللهِ سريعًا في معصيتِه فَجَزاك اللهُ شرًّا - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%83%D9%86%D8%AA+%D8%A8%D8%B7%D9%8 A%D8%A6%D8%A7%D9%8B+%D8%B9%D9%86+%D8%B7%D8%A7%D8%B 9%D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) -! فَيَقُولُ: رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ". [ قَالَ: " ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ -أي: ملَك أعمى وأبكم، والأبكم: الذي لا يَنطق ولا يسمع. وإنما جعل الملَك الموكَّل بعذاب القبر أعمى وأبكم كي لا يرى حال المعذب، ولا يسمع استغاثته، وبذلك يكون بعيدًا كل البعد عن الإشفاق بحاله.- مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ - مِطرقة- مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا ". قَالَ: " فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ- أي : الإنس والجن - ؛ فَيَصِيرُ تُرَابًا ". قَالَ: " ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ "

أم أبي التراب
10-18-2016, 09:19 AM
ضمَّةُ القبرِ

الحمد لله
أولا :
ضمَّةُ القبرِ أوَّلُ ما يلاقيه الميتُ في عالم البرزخ ، وقد جاءت بإثباتها نصوص صريحة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها :
* عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ" الراوي : عبدالله بن عمر و عائشة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامعالصفحة أو الرقم: 2180 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%90%D9%86%D9%91%D9%8E+%D9%84 %D9%90%D9%84%D9%92%D9%82%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%B1%D 9%90+%D8%B6%D9%8E%D8%BA%D9%92%D8%B7%D9%8E%D8%A9%D9 %8B&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

*عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن سعد بن معاذ رضي الله عنه حين توفي " هذا الذي تحركَ له العرشُ ، وفُتحتْ له أبوابُ السماءِ ، وشهِدَه سبعونَ ألفًا من الملائكةِ ، لقد ضُمَّ ضمةً ، ثمَّ فُرِّجَ عنه ".الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي الصفحة أو الرقم: 2054 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%87%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D8%A7+%D8%A7 %D9%84%D9%91%D9%8E%D8%B0%D9%90%D9%8A+%D8%AA%D9%8E% D8%AD%D9%8E%D8%B1%D9%91%D9%8E%D9%83%D9%8E+%D9%84%D 9%8E%D9%87%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D9%92%D8%B9%D9%8E%D8 %B1%D9%92%D8%B4%D9%8F+%D9%88%D9%8E%D9%81%D9%8F%D8% AA%D9%90%D8%AD%D9%8E%D8%AA%D9%92+%D9%84%D9%8E%D9%8 7%D9%8F+%D8%A3%D9%8E%D8%A8%D9%92%D9%88%D9%8E%D8%A7 %D8%A8%D9%8F&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
ثانيا :
اختلف أهل العلم في المؤمن ، هل تصيبه ضمة القبر ، وكيف يكون حاله فيها ، على قولين:
القول الأول
تصيب ضمة القبر كل مؤمن وتشتد عليه ، غير أن المؤمن الصالح سرعان ما يفرج عنه ويفسح له في قبره ، فلا يطول العذاب عليه ، أما الفاسق فتشتد عليه الضمة ويطول عليه ضيق لحده بحسب ذنبه ومعصيته.
قال أبو القاسم السعدي رحمه الله
" لا ينجو من ضغطة القبر صالح ولا طالح غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها دوام الضغط للكافر وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره ثم يعود إلى الانفساح له " انتهى.

القول الثاني :
تصيب ضمة القبر المؤمنين الصالحين ولكنها ضمة رفق وحنان ، ليس فيها أذى ولا ألم ، أما المسلمون العاصون فتشتد عليهم سخطا بحسب كثرة ذنوبهم وسوء أعمالهم .
عن محمد التيمي رحمه الله قال :
"كان يقال : إن ضمة القبر إنما أصلها أنها أُمُّهُم ، ومنها خُلقوا ، فغابوا عنها الغيبة الطويلة ، فلما رد إليها أولادها ضمتهم ضم الوالدة الشفيقة التي غاب عنها ولدها ثم قدم عليها ، فمن كان لله مطيعاً ضمته برفق ورأفة ، ومن كان لله عاصياً ضمته بعنف سخطاً منها عليه " .
ذكره السيوطي في حاشيته على " سنن النسائي " (3/292) من رواية ابن أبي الدنيا، وذكره في " بشرى الكئيب بلقاء الحبيب " (ص/5) تحت باب : " ذكر تخفيف ضمة القبر على المؤمن ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا الحديث – يعني حديث " لقد ضم القبر سعدا ضمة.." - مشهور عند العلماء ، وعلى تقدير صحته : فإن ضمة الأرض للمؤمن ضمة رحمة وشفقة ، كالأم تضم ولدها إلى صدرها ، أما ضمتها للكافر فهي ضمة عذاب والعياذ بالله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإنسان إذا دفن أتاه ملكان يسألانه عن ثلاثة أصول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فالمؤمن يقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، أسأل الله أن يجعل جوابي وجوابكم هذا ، أما المنافق أو المرتد - أعاذنا الله وإياكم من هذا – فيقول : هاه هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فيضيق عليه القبر حتى تختلف أضلاعه والعياذ بالله ، يدخل بعضه في بعض من شدة الضم ، ففرق بين ضم الأرض للكافر أو المرتد وضمها للمؤمن ." انتهى باختصار
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/161، سؤال رقم/17 .
مقتبس من موقع الإسلام سؤال وجواب (https://islamqa.info/ar/131627)


دخول الملَكَين على المتوفى

يا له من موقف عَصيب! تأمل أخي الحبيب وأنت وحدك في قبرك قد أصابك ما أصابك من هول المطلع، ومشاهد لم تعهدها من قبل، وأنت لم تُفِقْ منها، وإذ بملَكين أسودين أزرقين يدخلان عليك!
يا الله!! اللهم ثبتنا يا أرحم الراحمين.
يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - هذَيْنِ الملكَيْنِ


"إذا قُبرَ الميِّتُ - أو قالَ أحدُكم - أتاهُ ملَكانِ أسودانِ أزرَقانِ يقالُ لأحدِهما المنْكَرُ والآخرِ النَّكيرُ فيقولانِ ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ فيقولُ......."الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 1071 - خلاصة حكم المحدث : حسن - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86+ %D8%A3%D8%B2%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

فضمة القبر نائلة كل أحد، لكنها تختلف من شخص لآخر . فعَذَابُ القَبْرِ وَنَعِيمُهُ حَقٌّ،وَقَدِ اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، وَأَمَرَ بِهِ في كُلِّ صَلاةٍ.
وَفِتْنَةُ القَبْرِ حَقٌّ، وسُؤالُ مُنْكَرٍوَنَكِيرٍ حَقٌّ، هنا (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=330#.WAW91vRMeE4) .
وفِتْنَةُ القَبْرِ: سُؤَالُ المَيِّتِ عنْ رَبِّهِ ودِينِهِ ونبِيِّهِ.

"إذا تشَهدَ أحدُكم فليتعوَّذْ باللَّهِ من أربعٍ ، مِن عذابِ جَهنَّمَ وعذابِ القبرِ وفتنةِ المَحيا والمماتِ ومن شرِّ المَسيحِ الدَّجَّالِ ، ثمَّ يَدعو لنفسِه بما بدا لَه"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي -الصفحة أو الرقم: 1309 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D9%88% D8%B0+%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D9%85%D9%86+ %D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

"إذا فرغ أحدُكم من التشهدِ الآخرِ . فليتعوذْ باللهِ من أربعٍ : من عذابِ جهنمَ . ومن عذابِ القبرِ . ومن فتنةِ المحيا والمماتِ . ومن شرِّ المسيحِ الدجالِ . وفي روايةٍ : إذا فرغ أحدُكم من التشهدِ ولم يذكرِ الآخرَ .الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 588 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D9%88% D8%B0+%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D9%85%D9%86+ %D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

"كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهم إني أعوذُ بك من عذابِ القبرِ، ومن عذابِ النارِ، ومن فتنةِ المحيا والمماتِ، ومن فتنةِ المسيحِ الدجالِ".
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1377 - خلاصة حكم المحدث صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D9%88% D8%B0+%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D9%85%D9%86+ %D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
في هذا الحديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَدعُو ويقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بك" أي: أَلْجَأُ إليك وأَعتَصِم بك وأَستَجِيرُ بك أن تُنَجِّيَنِي "مِن عذابِ القَبْرِ" أي: عُقوبَتِه، "ومِن عذابِ النَّارِ"، وأَعُوذُ بك "مِن فِتنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ" الفِتنَةُ: هي الامتِحانُ والاختِبارُ، وما مِن عبدٍ إلَّا وهو مُعرَّضٌ للابتلاءِ والفِتَن في الدُّنيا والآخرةِ؛ ولذلك فإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد علَّم أُمَّتَه الاستِعاذَةَ مِن الفِتَنِ، وفِتنةُ المَحْيَا يَدُخُل فيها جميعُ أنواعِ الفِتَنِ الَّتِي يتعرَّض لها الإنسانُ في الدُّنيا كالكُفرِ والبِدَعِ والشَّهَواتِ والفُسوقِ، وفِتنةُ المَماتِ يدخُل فيها سُوءُ الخاتِمَةِ وفِتنةُ القَبْرِ وغيرُ ذلك. وقولُه "ومِن فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ"، أي: أنْ أُصِدِّقَه أو أَقَعَ تحتَ إغوائِه، وهذا تعليمٌ لِأُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحديثِ: إثباتٌ لعذابِ القَبرِ، والردُّ على مَن يُنكِرُه. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D9%88% D8%B0+%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D9%85%D9%86+ %D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

أم أبي التراب
10-25-2016, 02:46 PM
المجلس الثالث

الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

سياقة الموت ووصايا الصالحين


قال الإمام مسلم في صحيحه

حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ ‏ ‏وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ ‏ ‏وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ ‏ ‏كُلُّهُمْ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي عَاصِمٍ ‏ -‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِابْنِ الْمُثَنَّى ‏- قال: ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الضَّحَّاكُ- يَعْنِي أَبَا عَاصِمٍ -‏ ‏قَالَ: أَخْبَرَنَا ‏ ‏حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ‏، ‏قَالَ :حَدَّثَنِي ‏ ‏يَزِيدُ
ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ ‏، ‏قَالَ :‏
حَضَرْنَا ‏ ‏عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ‏ ‏وَهُوَ ‏ ‏فِي سِيَاقَةِ ‏ ‏الْمَوْتِ فَبَكَى طَوِيلًا وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ :يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِكَذَا . قَالَ :فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،‏ ‏إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنِّي وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ قَالَ فَقَبَضْتُ يَدِي قَالَ:
" مَا لَكَ يَا ‏ ‏عَمْرُو "‏ ‏قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ
قَالَ:" تَشْتَرِطُ بِمَاذَا"؟. قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ ‏:
" ‏أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ"
وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا
فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي ‏ ‏فَشُنُّوا ‏ ‏عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ ‏ ‏جَزُورٌ ‏ ‏وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي
صحيح مسلم / 1-كتاب الإيمان /54- باب ‏كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج‏ / حديث رقم :192-(121) / ص: 39
تعقيب

عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك كان حالهم وخوفهم من الآخرة رغم ما قدموه وبذلوه من تضحيات وجهاد في سبيل الله وإيثار للآخرة الباقية وزهدهم في الدنيا الفانية عندما انفتحت لهم فلم تدخل قلوبهم بل كانت تحت أقدامهم ومع ذلك كانوا أشدَّ خوفًا من الحساب والقبر ولقاء الملكين ... بينما نحن الآن رغم قلة
أعمالنا الصالحة وحرصنا على الدنيا وزهدنا في الآخرة أكثر اطمئنانا منهم رضي الله عنهم
ولا حول ولا قوة إلا بالله نسأل الله أن يرحمنا
برحمته ويرعانا برعايته ويحفظنا بحفظه ويثبتنا على القول الثابت في الدنيا والآخرة

أم أبي التراب
10-25-2016, 02:47 PM
- كان أبو لُؤْلُؤَةَ عبدًا لِلْمُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ ، وكان يَصْنَعُ الأَرْحاءَ ، وكان المُغِيرَةِ يَسْتَغِلُّهُ كلَّ يَوْمٍ [ بِ ] أربعةِ دراهمَ ، فَلَقِيَ أبو لُؤْلُؤَةَ عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ فقال : يا أميرَ المؤمنينَ ! إِنَّ المُغِيرَةَ قد أَثْقَلَ عليَّ غَلَّتِي ، فَكَلِّمْهُ يُخَفِّفْ عَنِّي ، فقال لهُ عمرُ: اتَّقِ اللهَ وأَحْسِنْ إلى مَوْلاكَ – [ ومِنْ نِيَّةِ عمرَ أنْ يَلْقَى المُغِيرَةَ فَيُكَلِّمَهُ يُخَفِّفُ ] ، فَغَضِبَ العبدُ وقال : وسِعَ الناسَ كلَّهُمْ عدلُكَ غَيري ! فَأَضْمَرَ على قَتْلِه ، فَاصْطَنَعَ خِنْجَرًا لهُ رَأْسانِ ، وسَمَّهُ ، ثُمَّ أَتَى بهِ الهُرْمُزَانِ ؛ فقال : كَيْفَ تَرَى هذا ؟ فقال : أَرَى أنَّكَ لا تَضْرِبُ بهِذا أحدًا إلَّا قَتَلْتَهُ . قال : وتَحَيَّنَ أبو لُؤْلُؤَةَ عمرَ ، فَجاء في صَلاةِ الغَدَاةِ ، حتى قامَ ورَاءَ عمرَ ، وكان عمرُ إذا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ يقولُ : أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ، فقال كما كان يقولُ ؛ فلمَّا كَبَّرَ عمرُ ؛ وجَأَهُ أبو لُؤْلُؤَةَ في كَتِفِهِ ، ووَجَأَهُ في خَاصِرَتِه ، وسقطَ عمرُ ، وطَعَنَ بِخِنْجَرِهِ ثلاثَةَ عشرَ رجلًا ، فَهلكَ مِنْهُمْ سبعَةٌ ، وحُمِلَ عمرُ ، فذهبَ بهِ إلى منزلِه ، وصاحَ الناسُ ؛ حتى كَادَتْ تَطْلُعُ الشمسُ ، فنادَى الناسُ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ : يا أيُّها الناسُ ! الصَّلاةَ. الصَّلاةَ. قال : فَفَزِعُوا إلى الصَّلاةِ ، فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرحمنِ بْنُ عَوْفٍ ؛ فَصلَّى بِهمْ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ في القرآنِ ، فلمَّا قَضَى صَلاتَهُ ؛ تَوَجَّهوا إلى عمرَ ، فَدعا عمرُ بِشَرَابٍ لَينظرَ ما قدرُ جُرْحِهِ ، فَأُتِيَ بِنَبيذٍ فَشربَهُ ، فَخَرَجَ من جُرْحِهِ ، فلمْ يَدْرِ أَنَبيذٌ هو أَمْ دَمٌ ؟ فَدعا بِلَبَنٍ فَشربَهُ ؛ فَخَرَجَ من جُرْحِهِ ، فَقَالوا : لا بأسَ عليكَ يا أَمِيرَ المؤمنينَ ! فقال : إنْ يَكُنِ القَتْلُ بَأْسًا فقد قُتِلْتُ ، فَجعلَ الناسُ يُثْنُونَ عليهِ ، يقولونَ : جَزَاكَ اللهُ خيرًا يا أَمِيرَ المؤمنينَ ! كُنْتَ وكُنْتَ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ ، ويَجِيءُ قومٌ آخَرُونَ َيُثْنُونَ عليهِ ، فقَالَ عمرُ : أما واللهِ على ما تَقُولونَ ؛ ودِدْتُ أَنِّي خرجْتُ مِنْها كَفَافًا لا عليَّ ولا لي ، وأنَّ صُحْبَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سَلِمَتْ لي . فَتَكَلَّمَ ابنُ عباسٍ وكان عندَ رأسِهِ ، وكان خَلِيطَهُ ؛ كأنَّهُ من أهلِهِ ، وكان ابْنُ عباسٍ يُقْرِئُهُ القرآنَ ، فَتَكَلَّمَ ابْنُ عباسٍ فقال : لا واللهِ لا تَخْرُجُ مِنْها كَفَافًا ، لقدْ صَحِبْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فَصَحِبْتَهُ وهوَ عَنْكَ رَاضٍ بِخَيْرِ ما صَحِبَهُ صاحِبٌ ، كُنْتَ لهُ ، وكُنْتَ لهُ ، وكُنْتَ لهُ ، حتى قُبِضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهوَ عَنْكَ رَاضٍ ، ثُمَّ صَحِبْتَ خَلِيفَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؛ فَكُنْتَ تُنَفِّذُ أمرَهُ ، وكُنْتَ لهُ ، وكُنْتَ لهُ ، ثُمَّ ولِيتَها يا أَمِيرَ المؤمنينَ ! أنتَ ، فَوَلِيتَها بِخَيْرِ ما ولِيَها [ والٍ ] ؛ وإنَّكَ وكُنْتَ تَفْعَلُ ، وكُنْتَ تَفْعَلُ ، فكانَ عمرُ يَسْتَرِيحُ إلى حَدِيثِ ابنِ عباسٍ ، فقال لهُ عمرُ : كَرِّرْ [ عليَّ ] حديثَكَ ، فَكَرَّرَ عليهِ . فقَالَ عمرُ : أما واللهِ على ما تقولُ ؛ لَوْ أنَّ لي طِلاعَ الأرضِ ذهبًا لافْتَدَيْتُ بهِ اليومَ من هَوْلِ المَطْلَعِ ! قد جَعَلْتُها شُورَى في سِتَّةٍ : عثمانَ ، وعليِّ بنِ أبي طَالِبٍ ، وطلحةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ ، والزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ ، وعَبْدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ ، وسَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ ، رِضْوَانُ اللهِ عليهم أجمعينَ . وجعلَ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ مَعَهُمْ مُشِيرًا ، وليسَ مِنْهُمْ ، وأَجَّلهُمْ ثَلاثًا ، وأمرَ صُهَيْبًا أنْ يصلِّيَ بِالناسِ ، رَحْمَةُ اللهِ عليهِ ورِضْوَانُهُ". الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الموارد -الصفحة أو الرقم: 1836 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%86+%D9%87%D9%88%D9%84+%D8%A 7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

أم أبي التراب
10-25-2016, 02:48 PM
حديث كعب بن مالك رضي الله عنه
قال كعب بن مالك :


"ثم غزا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غزوةَ تبوكَ . وهو يريد الرُّومَ ونصارى العربِ بالشامِ . قال ابنُ شهابٍ : فأخبرني عبدُالرحمنِ بنُ عبدِالله بنِ كعبِ بنِ مالكٍ ؛ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ كعبٍ كان قائدَ كعبٍ ، من بنيه ، حين عَمِيَ . قال : سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ يحدِّثُ حديثَه حين تخلَّفَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةِ تبوكَ . قال كعبُ بنُ مالكٍ : لم أتخلَّفْ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةٍ غزاها قطُّ . إلا في غزوةِ تبوكَ . غيرَ أني قد تخلَّفتُ في غزوةِ بدرٍ . ولم يعاتِبْ أحدًا تخلَّفَ عنه . إنما خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمسلمون يريدون عِيرَ قريشٍ . حتى جمع اللهُ بينهم وبين عدوِّهم ، على غيرِ مِيعادٍ . ولقد شهدتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةَ العقبةِ . حين تواثقْنا على الإسلامِ . وما أحبُّ أنَّ لي بها مَشهدَ بدرٍ . وإن كانت بدرٌ أذكرُ في الناس منها . وكان من خبري ، حين تخلَّفتُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، في غزوةِ تبوكَ ، أني لم أكن قط أقْوى ولا أيسرَ مني حين تخلَّفتُ عنه في تلك الغزوةِ . واللهِ ! ما جمعتُ قبلَها راحلتَين قطُّ . حتى جمعتُهما في تلك الغزوةِ . فغزاها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حرٍّ شديد ٍ. واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا . واستقبل عدوًّا كثيرًا . فجلَّا للمسلمين أمرَهم ليتأهَّبوا أُهبَةَ غَزوِهم . فأخبرهم بوجهِهم الذي يريدُ . والمسلمون مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كثيرٌ . ولا يجمعهم كتابٌ حافظٌ ( يريد ، بذلك ، الدِّيوانَ ) . قال كعبٌ : فقلَّ رجلٌ يريد أن يتغيَّبَ ، يظن أنَّ ذلك سيخفى له ، ما لم ينزل فيه وحيٌ من اللهِ عزَّ وجلَّ . وغزا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تلك الغزوةِ حين طابت الثمارُ والظِّلالُ . فأنا إليها أصعرُ . فتجهَّز رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمسلمون معه . وطفِقتُ أغدو لكي أتجهزَ معهم . فأرجعْ ولم أقضِ شيئًا . وأقول في نفسي : أنا قادرٌ على ذلك ، إذا أردتُ . فلم يزلْ ذلك يتمادى بي حتى استمرَّ بالناس الجِدُّ . فأصبح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غاديًا والمسلمون معه . ولم أقضِ من جهازي شيئًا . ثم غدوتُ فرجعتُ ولم أقضِ شيئًا . فلم يزلْ ذلك يتمادَى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزوُ . فهممتُ أن أرتحلَ فأدركَهم . فيا ليتني فعلتُ . ثم لم يُقَدَّرْ ذلك لي . فطفقتُ ، إذا خرجتُ في الناس ، بعد خروج رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، يُحزِنُني أني لا أرى لي أُسوةً . إلا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ . أو رجلًا ممن عذَر اللهُ من الضُّعفاءِ . ولم يَذكرْني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى بلغ تبوكًا فقال ، وهو جالسٌ في القومِ بتبوكَ " ما فعل كعبُ بنُ مالكٍ ؟ " قال رجلٌ من بني سلمةَ : يا رسولَ اللهِ ! حبَسه بُرداه والنظرُ في عَطِفَيه . فقال له معاذُ بنُ جبلٍ : بئسَ ما قلتَ . واللهِ ! يا رسولَ اللهِ ! ما علِمْنا عليه إلا خيرًا . فسكت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فبينما هو على ذلك رأى رجلًا مبيضًا يزول به السَّرابُ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " كُن أبا خَيثمةَ " ، فإذا هو أبو خيثمةَ الأنصاريُّ . وهو الذي تصدَّق بصاعِ التمرِ حين لمَزه المنافقون . فقال كعبُ بنُ مالكٍ : فلما بلغني أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد توجَّه قافلًا من تبوكَ ، حضرني بثِّي . فطفقتُ أتذكَّر الكذبَ وأقول : بم أَخرجُ من سخَطِه غدًا ؟ وأستعينُ على ذلك كلَّ ذي رأيٍ من أهلي . فلما قيل لي : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أظلَّ قادمًا ، زاح عني الباطلُ . حتى عرفتُ أني لن أنجوَ منه بشيءٍ أبدًا . فأجمعتُ صدقةً . وصبَّح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قادمًا . وكان ، إذا قدِم من سفرٍ ، بدأ بالمسجدِ فركع فيه ركعتَين . ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاءه المُخلَّفون . فطفِقوا يعتذرون إليه . ويحلِفون له . وكانوا بِضعةً وثمانين رجلًا . فقبِل منهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علانيتَهم . وبايعَهم واستغفرَ لهم . ووكَل سرائرَهم إلى الله . حتى جئتُ . فلما سلمتُ ، تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ ثم قال " تعالِ " فجئتُ أمشي حتى جلستُ بين يدَيه . فقال لي " ما خلَّفك ؟ ألم تكن قد ابتعتَ ظهرَك ؟ " قال قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إني ، واللهِ ! لو جلستُ عند غيرِك من أهلِ الدنيا ، لرأيتُ أني سأخرج من سَخَطِه بعُذرٍ . ولقد أعطيتُ جَدلًا . ولكني ، واللهِ ! لقد علمتَ ، لئن حدَّثتُك اليومَ حديثَ كذبٍ ترضَى به عني ، ليوشِكنَّ اللهُ أن يُسخِطَك عليَّ . ولئن حدَّثتُك حديثَ صدقٍ تجِد عليَّ فيه ، إني لأرجو فيه عُقبى اللهِ . واللهِ ! ما كان لي عذرٌ . واللهِ ! ما كنتُ قطُّ أقوى ولا أيسرَ مني حين تخلَّفتُ عنك . قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " أما هذا ، فقد صدق . فقُمْ حتى يقضيَ اللهُ فيك " فقمتُ . وثار رجالٌ من بني سلمةَ فاتَّبعوني . فقالوا لي : واللهِ ! ما علِمناك أذنبتَ ذنبًا قبلَ هذا . لقد عجزتَ في أن لا تكون اعتذرتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، بما اعتذر به إليه المُخلَّفون . فقد كان كافيك ذنبَك ، استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لك . قال : فواللهِ ! ما زالوا يُؤنِّبونني حتى أردتُ أن أرجعَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فأُكذِّبُ نفسي قال ثم قلتُ لهم : هل لقِيَ هذا معي من أحدٍ ؟ قالوا : نعم . لقِيه معك رجلان ِ. قالا مثلَ ما قلتَ . فقيل لهما مثلُ ما قيل لك . قال قلتُ : من هما ؟ قالوا : مرارةُ بنُ ربيعةَ العامريِّ ، وهلالُ بنُ أميةَ الواقفيُّ . قال فذكروا لي رجلَين صالحَين قد شهدا بدرًا فيهما أُسوةٌ . قال فمضيتُ حين ذكروهما لي . قال ونهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلمين عن كلامِنا ، أيها الثلاثةَ ، من بين من تخلَّف عنه . قال ، فاجتنبَنا الناسُ . وقال ، تغيَّروا لنا حتى تنكَّرتْ لي في نفسي الأرضُ . فما هي بالأرضِ التي أعرفُ . فلبثْنا على ذلك خمسين ليلةً . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتِهما يبكيان . وأما أنا فكنتُ أشَبَّ القومِ وأجلدَهم . فكنت أخرج فأَشهد الصلاةَ وأطوفُ في الأسواقِ ولا يكلِّمني أحدٌ . وآتي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأسلِّم عليه ، وهو في مجلسِه بعد الصلاةِ . فأقول في نفسي : هل حرَّك شفتَيه بردِّ السلامِ ، أم لا ؟ ثم أصلِّي قريبًا منه وأسارقُه النظرُ . فإذا أقبلتُ على صلاتي نظر إليَّ . وإذا التفتُّ نحوه أعرض عني . حتى إذا طال ذلك علي من جفوةِ المسلمين ، مشيتُ حتى تسوَّرتُ جدارَ حائطِ أبي قتادةَ ، وهو ابنُ عمي ، وأحبُّ الناسِ إليَّ . فسلَّمتُ عليه . فواللهِ ! ما ردَّ عليَّ السلامَ . فقلتُ له : يا أبا قتادةَ ! أنشُدك بالله ! هل تعلمنَّ أني أحبُّ اللهَ رسولَه ؟ قال فسكتَ . فعدتُ فناشدتُه . فسكت فعدتُ فنا شدتُه . فقال : اللهُ ورسولُه أعلمُ . ففاضت عينايَ ، وتولَّيتُ ، حتى تسوّرتُ الجدارَ . فبينا أنا أمشي في سوقِ المدينةِ ، إذا نِبطيٌّ من نَبطِ أهلِ الشامِ ، ممن قدم بالطعامِ يبيعُه بالمدينة . يقول : من يدلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ . قال فطفِق الناسُ يشيرون له إليَّ . حتى جاءني فدفع إلي َّكتابًا من ملِك غسَّانَ . وكنتُ كاتبًا . فقرأتُه فإذا فيه : أما بعد . فإنه قد بلغنا أنَّ صاحبَك قد جفاك . ولم يجعلك اللهُ بدارِ هوانٍ ولا مَضِيعةٍ . فالحَقْ بنا نُواسِك . قال فقلتُ ، حين قرأتُها : وهذه أيضًا من البلاءِ . فتيامَمتُ بها التَّنُّورَ فسجَرتُها بها . حتى إذا مضت أربعون من الخمسين ، واستلبثَ الوحيُ ، إذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأتيني فقال : إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يأمرك أن تعتزلَ امرأتَك . قال فقلتُ : أُطلِّقُها أم ماذا أفعل ؟ قال : لا . بل اعتزِلْها . فلا تقرَبنَّها . قال فأرسل إلى صاحبي بمثلِ ذلك . قال فقلتُ لامرأتي : الْحَقي بأهلِك فكوني عندهم حتى يقضي اللهُ في هذا الأمرِ . قال فجاءت امرأةُ هلال ِبنِ أميَّةَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقالت له : يا رسولَ الله ِ! إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضائعٌ ليس له خادمٌ . فهل تكره أن أخدمَه ؟ قال " لا . ولكن لا يَقربنَّكِ " فقالت : إنه ، واللهِ ! ما به حركةٌ إلى شيءٍ . وواللهِ ! ما زال يبكي منذ كان من أمرِه ما كان . إلى يومه هذا . قال فقال لي بعضُ أهلي : لو استأذنتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في امرأتِك ؟ فقد أذِن لامرأةِ هلالِ بنِ أميَّةَ أن تخدمَه . قال فقلتُ : لا أستأذنُ فيها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . وما يُدريني ماذا يقول رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، إذا استأذنتُه فيها ، وأنا رجلٌ شابٌّ . قال فلبثتُ بذلك عشرَ ليالٍ . فكمل لنا خمسون ليلةً من حين نُهِيَ عن كلامِنا . قال ثم صليتُ صلاة َالفجرِ صباح خمسينَ ليلةٍ ، على ظهرِ بيتٍ من بيوتِنا . فبينا أنا جالسٌ على الحالِ التي ذكر اللهُ عزَّ وجلَّ منا . قد ضاقَت علي نفسي وضاقت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ ، سمعتُ صوتَ صارخٍ أَوفَى على سَلعٍ يقول ، بأعلى صوتِه : يا كعبُ بنَ مالكٍ ! أبشِرْ . قال فخررتُ ساجدًا . وعرفتُ أن قد جاء فرجٌ . قال فآذَنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الناسَ بتوبةِ اللهِ علينا ، حين صلَّى صلاةَ الفجرِ . فذهب الناسُ يبَشِّروننا . فذهب قبل صاحبي مُبشِّرون . وركض رجلٌ إليَّ فرسًا . وسعى ساعٍ من أسلمَ قبلي . وأوفى الجبلَ . فكان الصوتُ أسرعَ من الفرسِ . فلما جاءني الذي سمعتُ صوتَه يُبشِّرُني . فنزعتُ له ثوبي فكسوتُهما إياه ببشارتِه . واللهِ ! ما أملِك غيرهما يومئذٍ . واستعرتُ ثوبَين فلبستُهما . فانطلقتُ أتأمَّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . يتلقَّاني الناسُ فوجًا فوجًا ، يُهنِّئونني بالتوبةِ ويقولون : لِتُهنِئَك توبةَ اللهِ عليك . حتى دخلتُ المسجدَ ، فإذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالسٌ في المسجدِ ، وحولَه الناسُ . فقام طلحةُ بنُ عُبيدِالله ِيهرولُ حتى صافحَني وهنَّأني . واللهِ ! ما قام رجلٌ من المهاجرين غيرُه . قال فكان كعبٌ لا ينساها لطلحةَ . قال كعبٌ : فلما سلّمتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال ، وهو يبرق وجهُه من السُّرورِ ويقول " أبشِرْ بخيرِ يومٍ مرَّ عليك منذُ ولدتْك أمُّك " قال فقلتُ : أمِن عندك ؟ يا رسولَ اللهِ ! أم من عندِ اللهِ ؟ فقال " لا . بل من عندِ اللهِ " وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا سُرَّ استنار وجهُه . كأنَّ وجهَه قطعةُ قمَرٍ . قال وكنا نعرف ذلك . قال فلما جلستُ بين يدَيه قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ من توبتي أن أنخلعَ من مالي صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . " فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " أمسِكْ بعضَ مالِك . فهو خيرٌ لك " قال فقلتُ : فإني أُمسِكُ سَهمي الذي بخَيبرَ . قال وقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ اللهَ إنما أنجاني بالصِّدقِ . وإنَّ من توبتي أن لا أُحدِّثَ إلا صدقًا ما بقِيتُ . قال فواللهِ ! ما علمتُ أن أحدًا من المسلمين أبلاه اللهُ في صدقِ الحديثِ ، منذ ذكرتُ ذلك لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى يومي هذا ، أحسنَ مما أبلاني اللهُ به . واللهِ ! ما تعمَّدتُ كذبةً منذُ قلتُ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، إلى يومي هذا . وإني لأرجو أن يحفظَني اللهُ فيما بقِيَ . قال : فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ :" لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " [ 9 / التوبة / 117 و - 118 ] حتى بلغ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [ 9 / التوبة / 119 ] .

قال كعبٌ : واللهِ ! ما أنعم اللهُ عليَّ من نعمةٍ قطُّ ، بعد إذ هداني اللهُ للإسلام ، أعظمُ في نفسي ، من صِدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . أن لا أكون كذَبتُه فأهلِك كما هلك الذين كذبوا . إنَّ اللهَ قال للذين كذبوا ، حين أنزل الوحيُ ، شرَّ ما قال لأحدٍ . وقال اللهُ : سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ "95" يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ" 9 / التوبة / 95 و - 96 . قال كعب : كنا خُلِّفْنا ، أيها الثلاثة ، عن أمرِ أولئك الذين قبِلَ منهم رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين حلفوا له . فبايعَهم واستغفَر لهم . وأرجأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرَنا حتى قضى اللهُ فيه . فبذلك قال اللهُ عزَّ وجلَّ : وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا . وليس الذي ذكر اللهُ مما خلَّفنا ، تخلَّفنا عن الغزوِ . وإنما هو تخليفُه إيانا ، وإرجاؤه أمرَنا ، عمن حلف له واعتذرَ إليه فقبل منه . وفي رواية : أنَّ عُبيدَاللهِ بنَ كعبِ بنِ مالكٍ ، وكان قائدَ كعبٍ حين عَمِ- ، قال : سمعتُ كعبَ بنَ مالك ٍيحدثُ حديثَه ، حين تخلَّفَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غزوةِ تبوك َ. وساق الحديثَ . وزاد فيه ، على يونس : فكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قلَّما يريد غزوة ًإلا ورَّى بغيرِها . حتى كانت تلك الغزوةُ . ولم يذكر ، في حديثِ ابن أخي الزهريِّ ، أبا خَيثمةَ ولحوقَه بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
الراوي : كعب بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2769 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا .
انظر شرح الحديث رقم 7067

أم أبي التراب
10-25-2016, 02:49 PM
المجـلـس الرابع
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .


* بعض فضائل كعب بن مالك
هو أحد شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد صاحبه الكرام، وأحد الثلاثة الذين خُلِّفوا فتاب الله عليهم، وأحد الذين شهدوا العقبة، وله عدة أحاديث، تبلغ الثلاثين، اتفقا البخاري ومسلمٌ على ثلاثة منها، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديثين. وقد روى عنه بنوه .


هذا حديثُ كعب بن مالك، في قصَّةِ تَخَلُّفهِ عن غزوة تبوك، وكانت غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة
إلا أنه كانت هناك قوة تعرضت للمسلمين - قبلها- من غير مبرر، وهي قوة الرومان ـ أكبر قوة عسكرية ظهرت على وجه الأرض في ذلك الزمان ـ بداية هذا التعرض كانت بقتل سفير رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ـ الحارث بن عُمير الأزدي ـ على يدي شُرَحْبِيل بن عَمْرو الغَسَّاني، حينما كان السفير يحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم بُصْرَي،" فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ قَتْل رسوله، فأرسل إلى مؤتة ثلاثة آلاف من المسلمين في جُمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة النبوية" هنا (http://http://www.alukah.net/sharia/0/1478/#ixzz4Od3KwMEU)، و تركت أروع أثر في نفوس العرب، قريبهم وبعيدهم‏.‏
* غزوةِ مُؤتَةَ
- أمَّرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ مُؤتَةَ زيدَ بنَ حارثةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إنْ قُتِلَ زيدٌ فجعفرٌ، وإن قُتِلَ جعفرٌ فعبدُ اللهِ بنُ رَواحَةَ" . قال عبدُ اللهِ : كنتُ فيهم في تلك الغزوةِ، فالتَمَسْنا جعفرَ بنَ أبي طالبٍ، فوجَدْناه في القَتلَى، ووجَدْنا ما في جسدِه بضعًا وتسعين، من طعنةٍ ورَميَةٍ .الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 4261 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A4%D8%AA%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
الشرح :.....فلمَّا وَقَعَت المَعركةُ قُتِلَ هؤُلاءِ الثَّلاثةُ على التَّرتيبِ المَذكورِ، قالَ عَبدُ اللَّه بنُ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُما: كُنتُ فيهم في تلكَ الغَزوةِ فالْتَمَسْنا، أي: طَلَبْنا جَعْفَرَ بنَ أبي طالِب بَعدَ أنْ قُتِلَ فوَجَدناهُ في القَتْلَى، أي: بَينَ القَتلَى وَوَجَدْنا ما في جَسدِه بِضعًا وتِسعينَ مِن طَعْنَة بِرُمحٍ ورَميةٍ بِسَهمٍ.
وفي هذا الحديث: دليلُ النُّبوَّةِ; لأنَّهُ أَخْبَرَ بإِصابتِهم في المَدينةِ وهُم بمُؤْتةَ.
وفيه: ما يَدُلُّ على شَجاعةِ جَعْفَرٍ رضي اللَّهُ عَنه، وأنَّهُ كان به بِضْعٌ وسَبعونَ جِراحةً كُلُّها لَيسَت في ظَهرِه. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A4%D8%AA%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

- أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نعى زيدًا وجعفرًا وابنَ رواحةَ للناسِ قبلَ أن يأتيَهم خبرُهم، فقال: أخذ الرايةَ زيدٌ فأصيبَ، ثم أخذَ جعفرٌ فأصيبَ، ثم أخذ ابنُ رواحةَ فأصيبَ. وعيناه تذرِفان: حتى أخذَ الرايةَ سيفٌ من سيوفِ اللهِ، حتى فتحَ اللهُ عليهم.الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4262 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%B3%D9%8A%D9%81+%D9%85%D9%86+%D8% B3%D9%8A%D9%88%D9%81+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

*ويومُ مُؤْتَة كان سَنَةَ ثمانٍ مِن الهجرة، وهو اليومُ أعْطَى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم فيه الرَّايةَ لزيدِ بنِ حارثةَ، وقال: إنْ قُتِلَ، فأميرُكم جعفرُ بنُ أبي طالبٍ، فإنْ قُتِلَ جعفرٌ فأميرُكم عبدُ اللهِ بنُ رَوَاحةَ، فاستُشْهِد الثلاثةُ، ثمَّ أخَذَها خالدُ بنُ الوليدِ واجْتَمَعوا عليه وتأمَّر على الجَيشِ، ففَتَح اللهُ عليه، وكان عِدَّةُ المُسلِمينَ ثلاثةَ آلافٍ، وعِدَّةُ الكافِرين مِئتي ألف؛ مِئة ألفٍ من الرُّوم، ومِئة ألف مِن نصارَى العربِ، ولم يُقتَلْ من المسلمين يَومئذٍ إلَّا اثنا عَشرَ رجلًا. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A4%D8%AA%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) ..

- سَمِعْتُ خالدَ بنَ الوليدِ يقولُ : لقد انقطَعَتْ في يدِي يومَ مُؤتَةَ تسعةُ أسيافٍ، فما بَقِيَ في يدِي إلا صفيحةٌ يَمانِيَّةٌ .
الراوي : قيس بن أبي حازم - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4265 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A4%D8%AA%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

الشرح :كانَ خالدُ بنُ الوليدِ مِنْ فُرسانِ الصَّحابةِ الشُّجعانِ، وقد سمَّاهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم سيفَ اللهِ المَسْلولَ؛ لقوَّتهِ وبَسالَتِهِ ودِفاعهِ عن الإسلامِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ خالدُ بنُ الوليدِ: لقدِ انقَطَعتْ يعني تَكَسَّرتْ وتحطَّمتْ في يدِي يَومَ مُؤتةَ تِسعةُ أَسيافٍ؛ وذلكَ منْ قوَّةِ بأْسِهِ وشِدَّته في القتالِ، فما بقِيَ؛ يعني: فما ثَبَتَتْ في يدي إلَّا صَفيحةٌ يَمانِيةٌ، وهي سيفٌ نَصْلُهُ عريضٌ من صُنعِ اليَمنِ.
وكان عِدَّةُ المُسلِمينَ ثلاثةَ آلافٍ، وعِدَّةُ الكافِرين مِئتي ألف؛ مِئة ألفٍ من الرُّوم، ومِئة ألف مِن نصارَى العربِ، ولم يُقتَلْ من المسلمين يَومئذٍ إلَّا اثنا عَشرَ رجلًا. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A4%D8%AA%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

(http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=7704)*قَالَ الْعِمَادُ بْنُ كَثِيرٍ : ....أَنَّ خَالِدًا لَمَّا حَازَ الْمُسْلِمِينَ وَبَاتَ ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ غَيَّرَ هَيْئَةَ الْعَسْكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَتَوَهَّمَ الْعَدُوُّ أَنَّهُمْ قَدْ جَاءَ لَهُمْ مَدَدٌ ، حَمَلَ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ حِينَئِذٍ فَوَلَّوْا فَلَمْ يَتْبَعْهُمْ ، وَرَأَى الرُّجُوعَ بِالْمُسْلِمِينَ هِيَ الْغَنِيمَةُ الْكُبْرَى ."البداية والنهاية" (4/ 247 . هنا (http://www.alukah.net/sharia/0/1478/#_ftnref9)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
(http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=7704)

* غزوة تبوك وحديث كعب بن مالك :
في شهر رجب - في السنة التاسعة من الهجرة - وهو من الأشهر الأربعة الحرم هذا الشهر العظيم وقعت فيه غزوة عظيمة وملحمة نفسية كبيرة كانت آخر غزوة غزاها الرسول صلى الله عليه وسلم.
غزوة لم يحدث فيه قتال بين الصفين ولا تلاحم بين الفريقين وإنما كانت معركة كاشفة فاضحة كشفت المنافقين وفضحت كل من في قلبه مرض من المدسوسين الذين كانوا يعيشون بين أظهر المسلمين إنها غزوة تبوك التي وقعت في شهر رجب لسنة تسع من الهجرة النبوية.لقد كان الرومان – أعظم دولة في ذلك الزمان – يعدون العدة لمواجهة المسلمين في المدينة.
وصل الخبر إلى قيادة الجيش الإسلامي بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون في تلك الفترة في قحط شديد وبلاء عظيم وعسر وجدب وقلة ظهر وكان الجو شديد الحرارة في قوة حرارة الصيف الملتهب. وفي نفس الوقت كانت الثمار قد بدأت على النضج واقترب موعد حصاد الزروع وفوق هذا وذاك كان العدو بعيدًا جدًا جدًا من المسلمين والطريق وعْرَة والمسافة طويلة وليس مع المسلمين ما يكفيهم من المؤنة والمعونة.قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن الموقف يحتاج إلى حسم شديد فلو ترك الرومان يزحفون نحو المدينة لوصلوا إلى بلاد الإسلام وجاسوا خلال الديار.
لذا قرر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الموقف وأعلن في الناس أن يتجهزوا للقتال وأعلن بكل صراحة ووضوح أنه يريد لقاء الروم ولم يوري لهم كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل في معاركه وغزواته السابقة.


هنا (http://www.alukah.net/sharia/0/86511/)
ولم يكن من المسلمين أن سمعوا صوت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى قتال الروم إلا وتسابقوا إلى امتثاله، فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة، وأخذت القبائل والبطون تهبط إلى المدينة من كل صوب وناحية، ولم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة ـ إلا الذين في قلوبهم مرض وإلا ثلاثة نفر ـ حتى كان يجيء أهل الحاجة والفاقة يستحملون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ؛ ليخرجوا إلى قتال الروم، فإذا قال لهم‏:‏ "‏لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ‏"‏التوبة‏:‏92‏‏‏.‏ هنا .
(http://www.tawabon.com/serah/290-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%8A%D8%A4-%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%86%E2%80%8 F%E2%80%8F-)
(http://www.tawabon.com/serah/290-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D9%8A%D8%A4-%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%86%E2%80%8 F%E2%80%8F-)- جاءَ عثمانُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ قالَ الحسَنُ بنُ واقعٍ : وفي موضعٍ آخرَ من كتابي ، في كمِّهِ حينَ جَهَّزَ جيشَ العُسرةِ فينثرَها في حجرِهِ . قالَ عبدُ الرَّحمنِ : فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقلِّبُها في حجرِهِ ويقولُ " ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ مرَّتينِ".

الراوي : عبدالرحمن بن سمرة - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 3701 - خلاصة حكم المحدث : حسن - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%E2%80%8F%D9%85%D8%A7+%D8%B6%D9%8E%D8 %B1%D9%91%D9%8E+%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86+%D9 %85%D8%A7+%D8%B9%D9%85%D9%84&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .



- خلَّف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ ، في غزوةِ تبوكَ . فقال : يا رسولَ اللهِ ! تُخلِّفُني في النساءِ والصِّبيانِ ؟ فقال " أما ترضى أن تكونَ مني بمنزلةِ هارونَ من موسى ؟ غيرَ أنهُ لا نبيَّ بعدي " .

الراوي : سعد بن أبي وقاص المحدث : مسلم المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2404 خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%E2%80%8F%D9%85%D9%86%D9%8A+%D8%A8%D9 %85%D9%86%D8%B2%D9%84%D8%A9+%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9% 88%D9%86+%D9%85%D9%86+%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

...فقال عليٌّ: تُخلِّفُني في النِّساءِ والصِّبيانِ؟ كأنَّه استنقَص تَرْكَه وراءَه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذا القولَ.
"غيرَ أنهُ لا نبيَّ بَعْدِي"، لَمَّا شبَّهه في تخليفِه إيَّاه بهارونَ حين خلَّفَهُ موسى، خافَ أنْ يتأوَّلَ مُتأوِّلٌ فيدَّعِيَ النُّبوَّةَ لِعَليٍّ، فقال: "غيرَ أنهُ لا نبيَّ بَعْدِي".الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%E2%80%8F%D9%85%D9%86%D9%8A+%D8%A8%D9 %85%D9%86%D8%B2%D9%84%D8%A9+%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9% 88%D9%86+%D9%85%D9%86+%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).




* ، فتخلَّفَ المنافقون عن هذه الغزوة ولجأوا إلى الظل والرطب والتمر، وبَعُدَتْ عليهم الشُّقَّة والعياذ بالله.
أما المؤمنون الخُلَّص، فإنهم خرجوا مع النبي عليه الصلاة والسلام ولم يُثْنِ عزمَهُم بُعْدُ الشُّقَّة ولا طيبَ الثمار.ِ
إلا أن كعب بن مالك- رضي الله عنه- تخلَّف عن غزوة تبوك بلا عذر، وهو من المؤمنين الخُلَّص، ولهذا قال " إنه ما تخلف عن رسول الله "؛ عن غزوة غزاها قط.كل غزوات الرسول "؛ قد شارك فيها كعب- رضي الله عنه- فهو من المجاهدين في سبيل الله إلا في غزوة بدر،

* غزوة بدر
وكانت في السابعِ عشر من شهرِ رمضان في العامِ الثاني للهجرة ، و فيها عنده كتب الله النصر للمسلمين :
فقد تخلَّف فيها كعب وغيره لأن النبي - عليه الصلاة والسلام- خرج من المدينة لا يريد القتال، ولذلك لم يخرج معه إلا ثلاثمائةٍ وبضعة عشر رجلاً فقط؛ لأنهم كانوا يريدون أن يأخذوا عيرًا لقريش، أي إبل محمَّلة قَدِمَتْ مِنَ الشام تريد مكة وتَمُرُّ بالمدينة.
فخرج النبي - عليه الصلاة والسلام- من أجل أن يستقبل هذه العير ويأخذها، وذلك لأن أهل مكة أخرجوا النبي "؛ وأصحابه من ديارهم وأموالهم؛ فلهذا كانت أموالُهم غنيمةً للنبي- عليه الصلاة والسلام- ويحل له أن يخرج ليأخذها، وليس في ذلك عدوان من رسولِ اللهِ "؛ وأصحابِهِ، بل هذا أخذٌ لبعض حقهم.
خرج الرسول "؛ في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ليس معهم إلا سبعون بعيرًا وفَرسَان فقط؛ وليس معهم عُدَّةٌ والعدد قليل، ولكنَّ الله جمع بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد لينفذَ اللهُ ما أرادَ عزَّ وجلَّ.
فسمع أبو سفيان - وهو قائد العير- أن النبي "؛ خرج إليه ليأخذ العير؛ فعدل عن سَيْرِهِ إلى الساحلِ وأرسل إلى قريش صارخًا يستنجدهم - أي يستغيثهم- ويقول: هلمُّوا أنقذوا العِير.
فاجتمعت قريش، وخرج كُبراؤها وزُعماؤها وشُرفاؤها فيما بين تسعمائةٍ إلى ألف رجل.
خرجوا كما قال الله عنهم، خرجوا من ديارهم "بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه"الأنفال:47
ولما كانوا في أثناء الطريق وعلموا أن العير نَجَت تراجعوا فيما بينهم وقالوا: العير نجت، فما لنا وللقتال؟ فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نقدم بدرًا فنقيم فيها ثلاثًا ننحرُ الجزور، ونسقى الخمور، ونطعمُ الطعام، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدًا !
هكذا قالوا، بطرًا واستكبارًا وفخرًا، ولكن- الحمد لله- صارت العرب تتحدث بهم بالهزيمة النكراء التي لم يَذُق العرب مثلها، لما التقوا بالنبيِّ- عليه الصلاة والسلام- وكان ذلك في رمضان في السنة الثانية من الهجرة، في اليوم السابع عشر منه، التقوا فأوحى الله عز وجل إلى الملائكة : "أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ"الأنفال: 12، انظر! في الآية تثبيتٌ للمؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا، فما أقربَ النصر في هذه الحال ؟!رعب في قلوب الأعداء، وثبات في قلوب المؤمنين.
فثبَّتَ الله المؤمنينَ ثباتًا عظيمًا، وأنزل في قلوب الذين كفروا الرعب.
قال الله سبحانه "فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ"الأنفال:12، أي : كل مفْصَل، اضربوا فالأمر مُيَسَرٌ لكم.
فجعل المسلمون- ولله الحمد- يجلدون فيهم؛ فقتلوا سبعين رجلًا وأسروا سبعين رجلًا، والذين قُتلوا ليسوا من أطرفهم، الذين قُتلوا كلهم من صناديدهم وكبرائهم، وأُخذَ منهم أربعةُ وعشرون رجلاً يُسحَبون سحبًا وأُلْقُوا في قُليب من قُلُبِ بدر، سُحبوا حتى أُلقوا في القليب جثثًا هامدةً، ووقف عليهم النبي - عليه الصلاة والسلام_ وقال لهم: يا فلان ابن فلان، يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، هل وجدتم ما وعَدَ ربكُم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا. فقالوا : يا رسول الله، كيف تكلم أُناسًا قد جَيّفوا؟ قال " والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يجيبون؛ لأنهم موتى.
* للحديث الآتي:"أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ترك قتلى بدرٍ ثلاثًا . ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال " يا أبا جهلِ بنَ هشامٍ ! يا أميةَ بنَ خلفٍ ! يا عُتْبَةَ بنَ ربيعةَ ! يا شيبةَ بنَ ربيعةَ ! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا ؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقًّا " فسمع عمرُ قول النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . فقال : يا رسولَ اللهِ ! كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جَيَّفوا ؟ قال " والذي نفسي بيدِه ! ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم . ولكنهم لا يقدرون أن يُجيبوا " ثم أمر بهم فسُحبوا . فأُلقوا في قليبِ بدرٍ .الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2874 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%E2%80%8F%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D9%86%D8 %AA%D9%85+%D8%A8%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%B9+%D9%84%D9 %85%D8%A7+%D8%A3%D9%82%D9%88%D9%84&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).
نصرَ اللهُ نبيَّهُ، وسمى اللهُ هذا اليوم "يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ"الأنفال:41 .

هذا اليوم فرّق الله فيه الحق والباطل تفريقًا عظيمًا. وانظر إلى قدرة الله عز وجل في هذا اليوم، انتصر ثلاثمائة رجل وبضعة عشر رجلاً على نحو ألف رجل أكمل منهم عُدَّةً وأقوى، وهؤلاء ليس معهم إلا عدد قليل من الإبل والخيل، لكنَّ نصرَ اللهِ عز وجل إذا نزلَ لقومٍ لم يقم أمامهم أحد، وإلى هذا أشار الله بقوله "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ"، ليس عندكم شيء "فاتقوا الله لعلكم تشكرون"آل عمران: 123.

اطَّلع الله عليهم وقال لهم: اعمَلُوا ما شئتم فقد غَفَرتُ لكم.
كل معصيةٍ تقعُ منهم فإنها مغفورة، لأن الثمن مقدَّم.
فهذه الغزوة صارت سببًا لكل خير، حتى إن حاطب بن أبي بلتعة- رضي الله عنه- لمَّا حصَلَ منه ما حَصَل في كتابه لأهل مكة عندما أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يغزوهم غزوة الفتح كتب هو- رضي الله عنه- إلى أهل مكة يخبرهم، ولكن الله أَطْلَعَ نبيّه على ذلك.
- بعثني رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنا والزُّبَيْرَ والمِقْدَادَ، فقال " انطلقوا حتى تأتوا رَوْضَةَ خاخٍ، فإن بها ظَعِينَةً معها كتابٌ، فخذوهُ مِنها " . قال : فانطلقنا تَعادَى بنا خَيْلُنَا حتى أتينا الرَّوْضَة، فإذا نحن بالظَّعِينَةِ، قُلْنا لها : أخرجي الكتابَ، قالتْ : ما معي كتابٌ، فقُلْنا، لَتُخْرِجِنَّ الكتابَ، أولَنُلْقِيَنَّ الثيابَ، قال : فأخرجتهُ من عِقاصِها، فأتينا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا فيه : من حَاطِبِ بْنِ أبي بَلْتَعَةَ، إلى ناسٍ بمكةَ مِن المشركينَ، يُخْبِرُهم ببعض أمر رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم . فقال : رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم " يا حاطِبُ، ما هذا ؟ " . قال : يا رسولَ اللهِ، لا تَعْجَلْ علَيَّ، إني كنتُ امْرأً مُلْصَقًا في قريشٍ، يقول : كنتُ حَليفًا، ولم أكن من أنْفُسِها، وكان من معك من المهاجرينَ، من لهم قَراباتٌ يَحْمونَ أهْلِيهِمْ وأمْوَالهمْ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك من النسَبِ فيهم، أن أتَّخِذَ عِندَهمْ يَدًا يَحْمونَ قَرابَتِي، ولم أفعله رْتِدَادًا عن ديني، ولا رضًا بالكفرِ بعدَ الإسلام . فقال : رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم " أما إنه قد صدَقَكم " . فقال عُمر : يا رسولَ اللهِ، دَعْنِي أضْرِبْ عُنُقَ هذا المُنافِقِ. فقال " إنه قد شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ علَى مَن شَهِدَ بَدْرًا فقال : اعملوا ما شِئْتُمْ فقد غفرتُ لكم" . فأنزل الله السورةَ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ- إلى قوله -فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ " .الراوي : علي بن أبي طالب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 4274 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D8%B9%D9%85%D9%8E%D9%84%D9%8F% D9%88%D8%A7+%D9%85%D8%A7+%D8%B4%D8%A6%D8%AA%D9%85+ %D9%81%D9%82%D8%AF+%D8%BA%D9%8E%D9%81%D9%8E%D8%B1% D8%AA%D9%8F+%D9%84%D9%83%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

أم أبي التراب
10-25-2016, 04:13 PM
المجـلـس الخامس
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
@ نعود لحديث كعب بن مالك :
قال كعب بن مالك " إنه ما تخلف عن رسول الله "؛ عن غزوة غزاها قط.كل غزوات الرسول ؛ قد شارك فيها كعب- رضي الله عنه- فهو من المجاهدين في سبيل الله إلا في غزوة بدر، فقد تخلَّف فيها كعب وغيره لأن النبي - عليه الصلاة والسلام- خرج من المدينة لا يريد القتال.وإنما خرج للعير، ولكن الله جمع بينه وبين عدوِّه على غير ميعاد، وكانت غزاةً مباركةً ولله الحمد.
ثم ذكر بيعته النبي "؛ ليلة العقبة في منى ، حيث بايعوا النبيَّ ؛ على الإسلام وقال: إنني لا أحبُّ أن يكون لي بدلها بدر.
يعني هي أحبُّ إليه من غزوة؛ لأنها بيعة عظيمة.
رضي الله عنه- يُسلِّي نفسه بأنه إن فاتته بدرٌ فقد حصلت له بيعة العقبة، فرضي الله عن كعب وعن جميع الصحابة.

نزل الجيش الإسلامي بتبوك، فعسكر هناك، وهو مستعد للقاء العدو، وقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيهم خطيبًا، فخطب خطبة بليغة، أتي بجوامع الكلم، وحض على خير الدنيا والآخرة، وحذر وأنذر، وبشر وأبشر، حتى رفع معنوياتهم، وجبر بها ما كان فيهم من النقص والخلل من حيث قلة الزاد والمادة والمؤنة‏.‏ وأما الرومان وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أخذهم الرعب، فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فكان لذلك أحسن أثر بالنسبة إلى سمعة المسلمين العسكرية، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية، وحصل بذلك المسلمون على مكاسب سياسية كبيرة خطيرة، لعلهم لم يكونوا يحصلون عليها لو وقع هناك اصطدام بين الجيشين‏.‏

فوائد

* يقول كعب بن مالك رضي الله عنه: إن الرسول صلى الله عليه وسلم تجهَّز هو والمسلمون وخرجوا من المدينة.
أما هو - رضي الله عنه- فتأخَّر وجعل يغدو كل صباح يرحِّل راحلته ويقول: ألْحَق بهم، ولكنه لا يفعل شيئًا، ثم يفعل كل يوم، حتى تمادى به الأمر ولم يدرك.
وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا لم يبادر بالعمل الصالح فإنه- حَرِيٌ أن يُحرمَ إياه.
فالإنسان إذا علم الحق ولم يقبله ويذعنْ له من أول وهلة، فإن ذلك قد يفوته ويحرم إياه- والعياذ بالله- .
ومن فوائد هذا الحديث: شدَّةُ امتثال الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك ما جَرَى لأبي قتادة - رضي الله عنه- مع كعب بن مالك رضي الله عنه
- لم يرد عليه لما سأله- أنشُدُكَ باللهِ ! هل تعلمنَّ أني أحبُّ اللهَ رسولَه ؟
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب التحرز من أصحاب الشر وأهل السوء الذين ينتهزون الضعف في الإنسان والفرص في إضاعته وهلاكه.
فإن هذا الملكَ- ملكَ غسَّان- انتهز الفرصة في كعب بن مالك- رضي الله عنه- يدعوه إلى الضلال لعله يرجع عن دينه إلى دين هذا الملك بسبب هذا الضيق.
أنه ينبغي للإنسان إذا رأى فتنة أو خوف فتنة أن يُتلِف هذا الذي يكون سببًا لفتنته.
فإن كعبًا لما خاف على نفسه أن تميل فيما بعد إلى هذا الملك ويتَّخذ هذه الورقة وثيقة، حرقها رضي الله عنه.
فالمهمُّ أنك إذا رأيت شيئًا من مالك يصدُّك عن ذكر الله فأبعِدهُ عنك بأي وسيلة تكون، حتى لا يكون سببًا لإلهائك عن ذكر الله.
ومن فوائد الحديث: قوَّةُ كعب بن مالك- رضي الله عنه- في دين الله وأنه من المؤمنين الخُلَّص، فبعض الناس- والعياذ بالله- يقول: آمنا بالله، ولكن إيمانه ضعيف، إذا أوذيَ في الله ارتدَّ- والعياذ بالله- وفسق وترك الطاعة، وكعب بن مالك رضي الله عنه أُوذِيَ في الله إيذاءً أيما أيذاء، لكنه صَبَر واحتسب وانتظر الفرج، ففرَّج الله له تفريجًا لم يكن لأحد غيره وصاحبيه،، أنزل الله فيهم ثناءً عليهم آيات تتلى إلى يوم القيامة.
" وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "التوبة118
نحن نقرأ قصتهم في القرآن في صلاتنا! وهذا فضل عظيم.

ومن فوائد هذا الحديث أيضًا:
فلما تمت أربعون ليلة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى كعب وصاحبيه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع - رضي الله عنهم- أن يعتزلوا نساءهم.
وفيها : شدَّةُ هجر النبي - عليه الصلاة والسلام- لهؤلاء الثلاثة، حتى إنه أمرهم أن يعتزلوا نساءهم، والتفريق بين الرجل وامرأته أمره عظيم.
* شدَّةُ امتثال الصحابة- رضي الله عنهم- لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه- رضي الله عنه- ما تردد، ولا قال: لعَلِّي أراجعُ الرسول عليه الصلاة والسلام، أو قال للرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم : ارجع إليه لعله يسمح، بل وافق بكل شيء.

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رحيمًا بأمته، فإنه بعد أن أمرهم باعتزال النساء رخَّص لهلال بن أمية، لأنه يحتاج لخدمة امرأته.
- يقول رضي الله عنه: فلما مضى عشر ليال بعد هذا، وكنت ذات يوم أصلي الصبح على سطح بيت من بيوتنا لأنه كما مرَّ كانوا- رضي الله عنهم- قد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم،...
ومن الفوائد:
* .حرص الصحابة - رضي الله عنهم- على التسابق إلى البُشرى؛ لأن البشرى فيها إدخال السرور على المسلم. وإدخال السرور على المسلم مما يقرِّب إلى الله عز وجل؛ لأنه إحسان والله- سبحانه وتعالى- يحب المحسنين ولا يُضيعُ أجرهم.
فلذلك ينبغي لك إذا رأيت من أخيك شيئا يَسَّرَهُ، كأن يكون خبرًا سارًا أو رؤيا سارَّة أو ما أشبه ذلك، أن تبشره بذلك، لأنك تدخل السرور عليه.

هنا (http://fathkker3.blogspot.com.eg/2015/07/Explain-the-modern-prophetic-heel-bin-Malik-modern-in-the-story-of-the-Battle-of-Tabuk-failure-...-the-door-of-repentance-forums-recalled.html)
اللهم اغفر لنا وارحمنا وارزقنا البشرى في الدنيا والآخرة.
نماذج من وصايا الصالحين


وصية معاذ بن جبل


"لمَّا حضرَ معاذَ بنَ جبلٍ الموتُ قيلَ لهُ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ أوصِنا قالَ أجلسوني فقالَ إنَّ العلمَ والإيمانَ مكانَهما من ابتغاهما وجدَهما يقولُ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ والتمِسوا العلمَ عندَ أربعةِ رهطٍ عندَ عويمرٍ أبي الدَّرداءِ وعندَ سلمانَ الفارسيِّ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ الَّذي كانَ يهوديًّا فأسلمَ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ إنَّهُ عاشِرُ عشرةٍ في الجنَّةِ"الراوي : يزيد بن عميرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3804 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85+%D9%88 %D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86+%D9%85% D9%83%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%85%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

أبو الدرداء رضي الله عنه

جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال: أوصني.
قال: اذكر الله في السراء يذكرك في الضراء ; وإذا ذكرت الموتى، فاجعل نفسك كأحدِهم، وإذا أشرَفَتْ نفسُكَ على شيءٍ من الدنيا، فانظر إلى ما يصير .
سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله : 350 ـ 349 /2 .هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1124945)
*قالت أم الدرداء رضي الله عنها : إن أبا الدرداء رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال: من يعمل لمثل ساعتي هذه، من يعمل لمثل مصرعي هذا، من يعمل لمثل يومي هذا،.هنا (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=13932). وصايا الأنبياء والصالحين (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=13932#13932) للشيخ : سلمان العودة (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=157) .

الإمـام أحمـد ووصايا الصالحين


ها هو الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ يساق إلى المأمون مقيدًا بالأغلال ، وقد توعده وعيدًا شديدًا قبل أن يصل إليه حتى قال خادمه : يعز عليَّ يا أبا عبد الله أن المأمون قد سلَّ سيفًا لم يسلَّه قبل ذلك ، وأنه أقسم لئن لم تجبه ليقتلنك بذلك السيف . وهنا يأتي الصالحون ، أهل البصيرة لينتهزوا الفرصة ليلقوا بالوصايا التي تثبت في المواقف الحرجة .ففي السير 241أ11. أن أبا جعفر الأنباري قال : لما حُمل الإمام أحمد إلى المأمون أُخبرتُ ، فعبرتُ الفرات ، وجئتَهُ ، فسلمتُ عليه ، وقلتُ : يا إمام أنت اليوم رأس ، والناس يقتدون بك ؛ فوالله لئن أجبت إلى خلق القرآن ليجيبنَّ خلق كثير ، وإن لم تجب ليمتنعن خلق كثير ، ومع هذا فإن الرجل إن لم يقتلك فإنك تموت ، لابد من الموت فاتق الله ولا تجبه .
والإمام أحمد في سياق رحلته إلى المأمون يقول : وصلنا إلى رحبة - رحبة : تقع بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات - ورحلنا منها في جوف الليل ، قال : فعرض لنا رجل ، فقال : أيكم أحمد بن حنبل ؟ فقيل هذا . فقال : يا هذا ماعليك أن تُقْتَل ها هنا وتدخل الجنة . ثم قال : أستودعك الله ، ومضى .
وأعرابي يعترضه ، ويقول : يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤمًا عليهم ، إنك رأس الناس فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه ؛ فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة ، إن كنت تحب الله فاصبر ، فوالله ما بينك وبين الجنة إلا أن تُقتل .
ويقول الإمام أحمد : ما سمعت كلمة مُذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلمني بها في " طوق " ، قال : يا أحمد إن يقتلك الحق مت شهيدًا ، وإن عشت عشت حميدًا فقوَّى بها قلبي .


من أعلام السلف للشيخ أحمد فريد

وَصِيَّةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَدَهُ بِنِيَّةِ الْخَيْرِ .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَبِيهِ يَوْمًا أَوْصِنِي يَا أَبَتِ ، فَقَالَ " يَا بُنَيَّ انْوِ الْخَيْرَ فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا نَوَيْتَ الْخَيْرَ " وَهَذِهِ وَصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ سَهْلَةٌ عَلَى الْمَسْئُولِ سَهْلَةُ الْفَهْمِ وَالِامْتِثَالِ عَلَى السَّائِلِ ، وَفَاعِلُهَا ثَوَابُهُ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ لِدَوَامِهَا وَاسْتِمْرَارَهَا ، وَهِيَ صَادِقَةٌ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا سَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِالْخَالِقِ أَوْ بِالْمَخْلُوقِ ، وَأَنَّهَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَجِدْ فِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا خِلَافًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ : مَا هَمَّ بِهِ مِنْ الْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالْعَمَلِ الْحَسَنِ فَإِنَّمَا يُكْتَبُ لَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِذَا صَارَ قَوْلًا وَعَمَلًا كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِمِائَةٍ ، وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي الْهَمِّ .
الآداب الشرعية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=50&idto=50&bk_no=43&ID=27) » في وجوب التوبة وأحكامها وما يناب منه » فصل وصية الإمام أحمد ولده بنية الخير ص: 104

أم أبي التراب
11-08-2016, 04:27 PM
المجـلـس السادس
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .


التقوى الدرة المفقودة

خلّ الذنــــــوب صغيرها وكبيرها فهو التقــى

واصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر مايـــرى

لا تحقرنّ صغيرة إن الجـــــــــــبال من الحصـى


التقوى أن يجعل المسلم بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه..هنا (http://www.kalemtayeb.com/index.php/kalem/safahat/item/14745) .
*قيل في التقوى
التقوى عباد الله! هي كما قال طلق بن حبيب: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله.
وقوله: على نور من الله: أي على علم وبصيرة.
وقيل: التقوى هي: ألا يراك الله حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك.دروس الشيخ أحمد فريد. التقوى (http://shamela.ws/browse.php/book-7720#page-58)
- المسلمُ أخو المسلمِ لا يخونُهُ ولا يَكذِبُهُ ، ولا يخذلُهُ ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ : عِرضُهُ ومالُهُ ودمُهُ . التَّقوَى ههُنا . بِحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحتقِرَ أخاهُ المسلمَ.الراوي : أبو هريرة -المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1927 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=%2A&d%5B0%5D=1&m%5B0%5D=0&s%5B0%5D=0&phrase=on&page=3).


*ومما يعين العبد على ذلك : التفكر في أمر الدنيا والآخرة ، ومعرفة قدر كل منهما ، فإن هذه المعرفة لا بد أن تقود الإنسان إلى السعي إلى الفوز في الآخرة بنعيم الجنان ، والنجاة من النار ، ولذلك أخبرنا الله عز وجل عن الجنة أنها "أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران/133.
ومما يزيد التقوى في القلوب : اجتهاد الإنسان في طاعة الله تعالى ، فإن الله يكافئه على ذلك بزيادة الهداية والتقوى ، فيعينه على القيام بما أمر الله به ، ويفتح له من أبوب الخير والطاعات وييسرها له ما لم يكن يسيرًا عليه من قبل . قال الله تعالى "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ" محمد/17. الشيخ المنجد . هنا (https://islamqa.info/ar/228612) .

" يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : من جاءَ بالحسنةِ فلهُ عشرُ أمثالِهَا وأزيدُ . ومن جاءَ بالسَّيِّئةِ ، فجزاؤهُ سيِّئةٌ مثلُها . أو أغفِرُ . ومن تقرَّبَ منِّي شبرًا ، تقرَّبتُ منه ذراعًا . ومن تقرَّبَ منِّي ذراعًا ، تقرَّبتُ منه باعًا . ومن أتاني يمشي ، أتيتُهُ هَرْوَلَةً . ومن لَقيَني بقُرابِ الأرضِ خطيئةٍ لا يشركُ بي شيئًا ، لقِيتُهُ بمثلِها مغفرةً . وفي روايةٍ : نحوَهُ . غيرَ أنَّه قال : فلَهُ عشرُ أمثالِها أو أزيدُ"الراوي : أبو ذر الغفاري - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 2687 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%91%D9%8E%D8%A8% D8%AA%D9%8F+%D9%85%D9%86%D9%87+%D8%B0%D8%B1%D8%A7% D8%B9%D9%8B%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
الشرح
في هَذا الحديثِ أنَّ تَضعيفَ الحَسنَةِ بعَشَرَةِ أَمثالِها بفَضلِ اللهِ ورَحمتِه ووَعدِه الَّذي لا يُخلَفُ، والزِّيادةُ بَعدُ بكَثرةِ التَّضعيفِ إِلى سَبعِ مِئةِ ضِعفٍ وإِلى أَضعافٍ كَثيرةٍ يَحصُلُ لبَعضِ النَّاسِ دونَ بَعضٍ عَلى حَسبِ مَشيئتِه سُبحانَه وتَعالى.
وقَولُه"ومَن تَقرَّب مِنِّي شبرًا، تَقرَّبتُ مِنه ذِراعًا، ومَن تَقرَّب مِنِّي ذِراعًا، تَقرَّبتُ مِنه باعًا، ومَن أَتاني يَمشي، أَتيتُه هَرولةً"، فإقبالُ اللهِ عَلى العَبدِ إِذا أَقبلَ العَبدُ عَليه سُبحانَه وتَعالى أَكثرُ مِن إِقبالِ العَبدِ عَليه، ومَعنى "الباع" طُولُ ذِراعي الإِنسانِ وعَضُديْه.
(وَمن أَتاني) حالَ كَونِه (يمشي)، أي: في طاعَتِي (أَتيتُه هَرولةً)، الهَرولَةُ في اللُّغةِ: الإِسراعُ في المشيِ دونَ العَدْوِ، وصِفةُ الهَرولةِ للهِ عزَّ وجلَّ كَما تَليقُ بِه ولا تُشابِهُ هَرولةَ المخلوقِينَ.
ثُمَّ تَكلَّم عن صاحِبِ الخَطايا فَقال"وَمن لَقِيَني بقُرابِ الأَرضِ خَطيئةً" وقُرابُ الأَرضِ، أي: مِلؤُها، فَلو جاءَ بِما يَقرُبُ مِلأَها مِنَ الصَّغائرِ والكبائرِ، "لَقيتُه بِمثلِها مَغفرةً"، ما دام تائبًا عَنها، مُستغفِرًا مِنها، أمَّا إِذا لم يَتُبْ منَ الذُّنوبِ مَع تَحقيقِ التَّوحيدِ، فهُو تحتَ المشيئَةِ لقَولِه تَعالى"وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"النساء: 116.الدرر السنية

* أمر الله عز وجل بتقواه ، وأخبر أن التقوى هي عنوان الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة ، فقال عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون"آل عمران/ 102، وقال عز وجل "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ" النور/ 52
وأخبر أنه سبحانه مع المتقين، فقال "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" النحل/ 128 ، وأنه وليهم ، فقال "وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ" الجاثية/ 19 ، وأن العاقبة للمتقين، فقال "وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" الأعراف/ 128، وأنهم أهل النجاة والفوز في الدنيا والآخرة، فقال "وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" فصلت/ 18، وقال "ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا" مريم/ 72 ، وقال "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا" النبأ/ 31. والمتقون من المؤمنين هم أولياء الله ، "أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ" يونس/62، 63. والآيات في ذلك كثيرة . الشيخ المنجد .هنا (https://islamqa.info/ar/228612) .
*التقوى مِنَّةٌ من الله على عباده، وهي سمو في التدين يتضمن طاعة الله عز وجل ومراقبته سرًا وجهرًا، ولشرف التقوى وفضلها شرف الله أهلها في الدنيا والآخرة، وآتاهم ثمرة عملهم طيبة في الدارين، كرماً منه وجودًا على عباده جزاء ما قدموا.الشيخ أحمد فريد. هنا . (http://shamela.ws/browse.php/book-7720#page-55)
التقوى هي وصية الله ورسله للأولين والآخرين
التقوى عباد الله! هي وصية الأولين والآخرين، قال الله عز وجل"وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ"النساء:131.
فلو كانت هناك خصلة هي أنفع للعباد في العاجل والآجل من تقوى الله عز وجل لأوصاهم الله عز وجل بها، فلما أوصى الله عز وجل الأولين والآخرين بتقوى الله عز وجل، كانت التقوى هي الغاية.
والتقوى كذلك عباد الله! هي وصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وسلم؛ لما وعظ الناس موعظة بليغة، وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقالوا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا؛ لأن المودع يبلغ الغاية في الوصية، ويجتهد في إخلاصها، فلما أوصاهم وصية بليغة عظيمة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قالوا"يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي". الشيخ أحمد فريد هنا (http://shamela.ws/browse.php/book-7720#page-57) .
"وعظَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يومًا بعدَ صلاةِ الغداةِ موعِظةً بليغةً ذرِفَت منْها العيونُ ووجِلَت منْها القلوبُ فقالَ رجلٌ إنَّ هذِهِ موعظةُ مودِّعٍ فماذا تعْهدُ إلينا يا رسولَ اللَّهِ قالَ أوصيكم بتقوى اللَّهِ والسَّمعِ والطَّاعةِ وإن عبدٌ حبشيٌّ فإنَّهُ من يعِش منْكم يرَ اختلافًا كثيرًا وإيَّاكم ومحدَثاتِ الأمورِ فإنَّها ضَلالةٌ فمن أدرَكَ ذلِكَ منْكم فعليْهِ بِسُنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المَهديِّينَ عضُّوا عليْها بالنَّواجذِ"الراوي : العرباض بن سارية - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2676 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%88%D8%B5%D9%8A%D9%83%D9%85+ %D8%A8%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%89+%D8%A7%D9%84%D9%84% D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=1420&s%5B%5D=0).

أم أبي التراب
11-15-2016, 07:34 AM
المجـلـس السابع
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
التوبة والاعتصام بالكتاب والسنة الصحيحة


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .

لا شك أن الاعتصام بالكتاب والسنة هو أساس وأصل النجاة في الدنيا والآخرة. والاعتصام: هو الاستمساك،قال ابن منظور رحمه الله"الاعتصام: الاستمساك بالشيء" لسان العرب، 12/404 . فالاعتصام: التمسك بالشيء، ويقال: استعصم: استمسك .قال الله تعالى "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا " سورة آل عمران، الآية: 103 .
أمر الله تعالى بالأخذ بالكتاب العزيز، وردّ كل ما يحتاجه الناس وكل ما تنازعوا فيه إليه، فقال تعالى"فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً". سورة النساء، الآية: 59 . قال الإمام ابن كثير – رحمه الله "قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر من الله تعالى بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى"وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله" سورة الشورى، الآية: 10 .
والقرآن الكريم أَمَرَ بالأخذ بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والانتهاء عن كل ما نهى عنه، قال الله تعالى "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ " سورة الحشر، الآية: 7 ..
ومن اعتصم بالله تعالى كفاه من الشرور كلها أولها شر النفس التي بين جنبي الإنسان . قال تعالى " إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي " .سورة يوسف / 53 .
"إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ "فاطر6. والنفس والشيطان هما العدوان اللذان لا يفارقان العبدَ أبدًا . ولكن إذا اعتصم العبدُ بالله سبحانه وتعالى لن يصلا إليه .
ولهذا ذكر ابن القيم وذكر غيره من أئمة السلف أن عداوة النفس وعداوة الشيطان أعظم من عداوة العدو الخارجي ، فإن العدو الخارجي تعرفه بشكله وبمظهره وتعد له العُدة ، لكـن مـن منا يعد العُدة لنفسه الأمارة بالسوء ؟ إن لم يعتصم الإنسانُ بطاعة الله تعالى والالتزام بمنهجه فسرعان ما ينساق وراء تلك بالشهوات وبالشبهات ويضل عن سواء الصراط , ولا تحصل له الاستقامة على دين الله تعالى.
سبحان ربي إذ جعل من طبيعة هذه النفوس أنها جاهلة , وجعل من طبيعتها الظلم فاجتمع فيها الجهل والظلم .
قال تعالى " إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً " .سورة الأحزاب /72 .
وهذا الجهل والظلم لابد من دفعهما عن العبد المسلم , وإلا أصبحت نفسه جهولة ظلومة ، عند ذلك يصدر منه كل عمل قبيح وكل عمل يبعده عن الله .
ويرتفعُ جهلُ الإنسانِ بالعلمِ النافعِ ، وهو العلم الموافق للكتاب والسنة ذاك الذي أنزله الله علـى رسوله وجعله نورًا يستضيء به الناسُ في ظُلُمات الشُّبُهات والشَّهَوات وغيرها . إنه النور الذي أنزله الله على رسوله في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا "النساء174.
التفسير الميسر : يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم, وهو رسولنا محمد, وما جاء به من البينات والحجج القاطعة, وأعظمها القرآن الكريم, مما يشهد بصدق نبوته ورسالته الخاتمة, وأنزلنا إليكم القرآن هدًى ونورًا مبينًا.ا.هـ
الله أكبر من كان في يده يحمل مِشْعَل النـور فإنه لا يضل . وكم تحيط بالناس من الظُلمَ العظيمة منكرات ومعاصي وشبهات وغيرها من الأمور , ولكن نور الإيمان والوحي يمشي به الإنسان في طريقه فيضيء له الطريق , وإذا ارتفـع الجهل بالعلم الذي هو علم الكتاب والسنة . ولكن كيف يرتفع الظلم ؟
إنه يرتفع بالعمل الصالح الذي يُخْرج الإنسانَ عن وصف الظلم . فإذا عمل الإنسان بما عَلِم , ذهب عنه ظلمُ نفسهِ واهتدى لطريق الخير والاستقامة .
"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"14" وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ"15" قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"16. القصص.
فإغواء الشيطان والوقوع في المعاصي من ظلم النفس .
وظلم النفس يرتفع بالتوبة النصوح والعمل الصالح الذي يُخْرج الإنسانَ عن وصف الظلم . فإذا عمل الإنسان بما عَلِم , ذهب عنه ظلمُ نفسهِ واهتدى لطريق الخير والاستقامة .
مستخلص : علاج "ظَلُومًا جَهُولاً " :
جَهُولاً : تُعالجَ بالعلم النافع ؛
ظَلُومًا تُعالجَ والتوبة والعمل الصالح .

"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ "البقرة 35 .
"قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "الأعراف23.

أم أبي التراب
11-22-2016, 09:24 AM
التوبة

أمَرَ اللهُ سبحانه عبادَه بالتوبةِ

"وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "النور 31 .
"وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى "طه 82 .
فعباد الرحمن إذا اقترفوا معصية بحكم ضعفهم البشري وجهلهم, أقلعوا وتابوا ونَدِمُوا .
فهم إما تائبون من ذنب اقترفوه , أو من عمل قصروا فيه , أو من كمال لم يدركوه , أو من نِعم لم يستطيعوا القيام بشكرها . ولذلك أمرنا ربنا بالتوبة إليه .
فالتوبة ليست خاصة بالمذنب الجاني , بل عامة في حق جميع المؤمنين الذين يريدون الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة .
* فعن أبي هريرة ؛ قال : سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يقـول " والله , إني لأستغفرالله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " .
البخاري / كتاب : الدعوات / باب : استغفار النبي في اليوم والليلة / 11 /101 , فتح .

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو المعصوم , وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , يتوب إلى الله في اليوم أكثر من سبعين مرة والتوبة واجبة على الفور والدوام من كلِّ ذنبٍ صغيرًا كان أم كبيرًا . وقد جاء الوحى المبين على النبي الأمي بالحث على هذا الأمر العظيم
والتوبـة هـي :
الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يُغضِب الله ظاهرًا وباطنًا ؛ ندمًا على ما مضى ، وتركًا في الحال ، وعزمًا على ألا يعود ، والاستقامة على الحق ؛ بفعل ما يحبه الله تعالى ، ويرضاه
والواجب على المسلم إذا تلبس بمعصية أن يبادر إلى التوبة في الحال بدون تمهل لأنه :
أولا : لا يدري في أي لحظة يموت .

ثانيــا : لأن السيئاتِ تجرُّ أخواتِهَـا .

وقـد أثنـى الله سـبحانه فـي كتابـه العزيـز علـى مـن يسـارع بالتوبـة :
قـال تعالـى " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ " .
سورة آل عمران / آية : 135 ، 136 .
فبـادر ...أيهـا الصحيـح بالتوبـة النصـوح ، وسـارع يـا مسـلم للنجـاة ، وتذكـر أن الصحـة لا تـدوم ، وأن اللحظـة لا تعـود ، وأن المـوت الـذي تفـر منـه آت لا محالـة ،واشـكر ربـك بالتوبـة والعبـادة والذكـر والنـدم ، واسـأله سـبحانه الثبـات علـى الحـق والخيـر ...وتذكـر لـن ينفعـك يـوم الديـن إلا عملـك الصالـح ، ومنهـا التوبـة التـي تمحي الذنـوب الصغائـر والكبائـر .

أم أبي التراب
11-29-2016, 09:25 AM
المجـلـس الثامن
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
حقيقة الزهد والورع


إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .

الزهــد

الزهد: هـو ترك مالا ينفـع في الآخرة، والورع: ترك ما تخاف ضـرره في الآخرة. وهـذه العبارة من أحسـن ما قيـل في الزهـد والـورع وأجـمعـها. اهـ.مدارج السالكين 2 / 10 .5.

وبالتأمل في هذين التعريفين للزهد والورع وبالتدقيق في مدلولهما نخرج بالفوائد التالية:
* أن مقام الزهد أعلى من مقام الورع، لأن الزاهد لاتراه إلا محاسبًا لنفسه شحيحًا بوقته ،لا يضيع عمرَهُ في شيء لا يقربه إلى الله عز وجل ولا ينفعه في الآخرة، وإنما ينظر إلى ما يقوله ويفعله؛ فإن كان مما ينفعه عند الله عز وجل أخذ به وعلق همته به؛ وإن كان لا يرجو نفعه في الآخرة زهد به وتركه ولو لم يكن منه ضرر في الآخرة، ولا يعني هذا أن الزاهد لا يتمتع بالمباحات بل إنه يتـمتع بها من غير توسع وينوي بها التقوِّي على طاعة الله عز وجل وبهذا تنفعه في الآخرة.
*أما الورع فصاحبه يتجنب ما يخاف ضررَه في الآخرة ؛ فإذا خلا من الضرر فقد يأخذ به ولو لم ينتفع به في الآخرة، أي أنه يتجنب الحرام وشبهه ويفعل الواجب وشبهه، وما سوى ذلك فهو متوسع فيه تَرْكًا أو فِعْلاً من دون استحضار نية التعبد بذلك.
وهذا مقام رفيع لكنه دون مقام الزهد.
وبذلك نستطيع القول بأن كل زاهد فهو ورع، وليس كل ورع زاهد.

بالفهم الصحيح للزهد والورع حسب التعريفات السابقة نتخلص من الفهم الخاطئ والغلط الذي قد يقع فيه بعض الناس في موضوع الزهد والورع ، ولذلك صور منها :
أ- قَصر الزهد على مظاهر معينة في المأكل والمشرب والملبس والمسكن أو ترك الاكتساب، والتفرغ للذكر والقرآن ونوافل العبادات... الخ، ونسيان ما هو أهم من ذلك وهو زهد القلب وميله إلى الآخرة ومحبته وتوكله على الله عز وجل وترك ما يضره من الآثام الباطنة والظاهرة، ولذلك فأول ما ينبغي أن ينْصَبَ إليه اهتمامُ الزاهدِ بحق: زهده في ما حرم الله عز وجل وقيامه بما أوجب الله عز وجل ويلي ذلك زهده في مشتبهات الحرام وفعله لمشتبهات الواجب ثم يصل بعد ذلك إلى زهده في المباحات التي لا تنفعه في الآخرة ؛وإن أخذ بها نوى بها التقوى على طاعة الله سبحانه ؛فتتحول المباحات في حقه إلى عبادات ينتفع بها في الآخرة.
ب- اعتقاد بعض النـاس أن الزهد والورع يختصان بجانب التروك فقط؛ فلا يرون الورع أو الزهد إلا في ترك الحرام أو مشتبهاته لا في أداء الواجبات ومشتبهاتها ،مع أننا لو أمعنا النظر في مفهوم الترك- الوارد في تعريف الزهد والورع لرأيناه يشمل ترك المحرم ومشتبهاته وفعل الواجب ومشتبهاته ومن قام بذلك فقد ترك ما يخاف ضرره في الآخرة.
ومن هذا الغلط تنشأ بعض الصور المتناقضة في حياة من يدعي الزهد أو الورع.
فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يفصل هذه الحالة فيقول " يقع الغلط في الورع على ثلاث جهات:
منها : اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك، فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام، لا في أداء الواجب، وهذا ما ابتلي به كثير من المتدينة المتورعة، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة، وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم، أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظَّلَمَةِ من أجل البدع في الدين، وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أمورًا ، واجبة عليه؛ إما عينًا أو كفـاية وقـد تعينت عليه، من: صلة رحم، وحق جار، ومسكين، وصاحب، ويتيم، وابن سبيل، وحق مسلم، وذي سلطان، وذي علم، وعن أمر بمعروف، ونهي عن منكر، وعن الجهاد في سبيل الله... إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه. أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى ؛ بل من جهة التكليف ونحو ذلك "مجموع الفتاوى 20 / 139 . أ هـ.
ج- قيام بعض الناس ببعض الأعمـال التي قـد تكون محـرمة أو بترك بعض الأعمال التي قـد تكون واجبة اعتقادًا منهم أن ذلك من الورع. وهذا يحصل في العادة عند تعارض المصالح والمفاسـد وعـدم المـوازنة لما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية، ويشرح شيخ الإسلام رحمه الله تعالى هذه المسألة فيقول : »وتمام الورع أن يتعلم الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية، والمفسدة الشرعية؛ فقد يدع واجبات، ويفعل محرمات، ويرى ذلك من الورع، كمن يدع الجمعة والجماعات خلف الأئمة الذين فيهم بدعة، أو فجور، ويرى ذلك من الورع، ويمتنع من قبول شهادة الصادق، وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفيفة، ويرى ترك قبول سـماع هذا الحق الذي يجـب سـماعه من الـوَرَعِ " مجموع الفتاوى 10 / 512 .
د- جهل بعض المتورعة أو المتزهدة بالكتاب والسنة فيفعلون بعض الأفعال ظنًّا منهم أنها واجبة أو شبه واجبة، ويتركون بعض الأعمال ظنًّا منهم أنها محرمة أو شبه محرمة، ودافعهم إلى ذلك الورع والتدين؛ لكن جهلهم ببعض الحلال والحرام قد يؤدي بهم إلى فعل ما لم يدل الدليل على وجوبه أو ترك مالم يدل الدليل على أنه حرام أو مشتبه بالحرام، وإنما قد يكون هذا الورع مبني على الظن أو الميل النفسي فحسب.
وعن هذا يتحدث شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فيقول".. إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحـرم والمشـتبه فينـبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكـتاب والسنة، وبالعلم لا بالهوى، وإلا فكثير من الناس تنفر نفسه من أشياء لعادة ونحـوها، فيكــون ذلك مما يقـوي تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهـم فى أوهام وظنون كاذبة، فتكون تلك الظنون مبناها على الـورع الفاسـد... ومن هـذا الباب الورع الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصـحيح لما ترخص في أشياء فبلغـه أن أقوامًا تنـزَّهوا عنها، فقـال"......." .
"جاء ثلاثُ رهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، يَسأَلونَ عن عبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فلما أُخبِروا كأنهم تَقالُّوها ، فقالوا : أين نحن منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قد غفَر اللهُ له ما تقدَّم من ذَنْبِه وما تأخَّر ، قال أحدُهم : أما أنا فإني أُصلِّي الليلَ أبدًا ، وقال آخَرُ : أنا أصومُ الدهرَ ولا أُفطِرُ ، وقال آخَرُ : أنا أعتزِلُ النساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال " أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني " .الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5063 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D8%AA%D8%B2%D9%88%D8%AC+%D8%A7 %D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين، وإلا فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه، كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج والروافض وغيرهم« أهـ مجموع الفتاوى : 20 / 141 ، 142 ..

هـ- إرادة الإنسان بورعه وزهده من الدنيا الشهرة أو الصدارة أو ثناء الناس... إلخ.
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى " ... واعلم أن الورع لا ينفع صاحبه فيكون له ثواب إلا بفعل المأمور به من الإخلاص، أما الورع بفعل المأمور به فظاهر، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه، وأما ترك المنهي عنه الذي يسميه بعض الناس ورعًا فإنه إذا ترك السيئات لغير وجه الله لم يُثَبْ عليها، وإن لم يُعاقب عليها، وإن تركها لوجه الله أثيب عليها، ولا يكون ذلك إلا بما يقوم بقلبه من رجاء رحمة الله، أو خشية عذابه« أهـ مجموع الفتاوى : 20 / 141 ، 142 .
و- إن الزهد في الدنيا قد يكون لطلب الراحة مما يلحق من ضررها. أو لعدم حصول المطلوب منها ، وهذا كله ليس من الزهد في شيء وليس بمحمود عند الله عز وجل.
وإنما المحمود من ترك الدنيا وذمها ما كان دافعه إرادة وجه الله عز وجل والدار الآخرة ولكون الدنيا تشغل عن ذلك، ولولا كون الدنيا تشغل عن عبادة الله عز وجل والدار الآخرة لم يشرع الزهد فيها، فلينتبه من يدعي الزهد إلى هذا الأمر وليفتش عن نيته ولا يلبـس الحـق بالبـاطل.
(أن قومًا زهدوا فيما ينفعهم بلا مضرة فوقعوا به في ترك واجبات أو مستحبات كمن ترك النساء وأكل اللحم ونحو ذلك.
وقد قال صلى الله عليه وسلم "
أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني "
ز- وقد يوقع زهدًا في فعل محظورات، كمن ترك تناول ما أبيح له من المال والمنفعة، واحتاج إلى ذلك فأخذه من حرام، أو سأل الناس المسألة المحرمة، أو استشرف إليهم، والاستشراف مكروه.
ومن كان زهده زهد الكسل والبطالة والراحة لا لطلب الدار الآخرة بالعمل الصالح والعلم النافع، فإن العبد إذا كان زاهدًا بطالاً فسد أعظم فساد، فهؤلاء لا يعمرون الدنيا ولا الآخرة، فمن ترك بزهده حسنات مأمور بها كان ما تركه خير من زهده.
. الفهم الصحيح للورع الزاهد .عبدالعزيز بن ناصر الجليل (http://ar.islamway.net/scholar/3813/%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D 8%B2-%D8%A8%D9%86-%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%84%D9%8A%D9%84)

هنا (http://islaamlight.com/aljiliyl/index.php?option=content&task=view&id=2060&Itemid=5).

- المفهوم السلبي للزهد :
فالزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا بلبس العباءة، لكن يوجد معنى دقيق جداً:
أنك بإمكانك أن تطعم الفقراء، وتؤوي المشردين، وتزوج الشباب، وتنفقه في تعليم القرآن، وحل مشكلات الناس، فإذا زهدت بمال حلال يمكن أن يكون قوة لك في الآخرة, فأنت لست بزاهد، وإذا زهدت بمنصب يمكن أن تحق الحق فيه وتبطل الباطل ويكون نفعك عاماً, فأنت لست بزاهد، هذا المفهوم السقيم للزهد: كل شيء ترفضه، وتنسحب منه، ليس معك أعمال صالحة.
أحيانًا: المال قوة, والعلم قوة, والمنصب قوة، هذه مراكز قوى كبيرة جداً، الذي مكن في الأرض, متاح له أن يعمل من الأعمال الصالحة ما لا يستطيع الآخرون أن يفعلوه، فحينما تزهد في شيء من نعم الله التي تنفعك في الآخرة، وبإمكانك أن تنتفع بها في الآخرة, أنت في هذه الحالة لست بزاهد، من أجمل ما في القرآن عن الزهد:
"لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" سورة الحديد الآية: 23.
لا تأسفوا على مفقود، ولا تفرحوا لموجود.
هنا (https://saaid.net/rasael/818.htm)

قال الشاعر الزاهد :
لا تركننّ إلى القصور الفاخرة *** واذكر عظامك حين تمسي ناخِرة
وإذا رأيت زخارف الدنيا فقل *** يا رب إنّ العيشَ عيشُ الآخرة

*والعاقل إذا قرأ القرآن وتبصر عرف قيمة الدنيا ، وأنها ليست بشيء ، وأنها مزرعة للآخرة ، فانظر ماذا زرعـت فيها لآخرتِكَ ؟ إن كنتَ زرعتَ خيرًا فأبشر بالحصاد الذي يرضيك ، وإن كان الأمر بالعكس فقد خسرت الدنيا والآخرة . نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية .
فالدنيا مهمـا طـابَ عيشُها فمآلها للفناءِ ، وإذا لم يصحبهـا عمـل صالـح فإنهـا خَسَـارة . ومـن عمـل فيهـا عمـلاً صالحًا صارت مزرعة له في الآخرة ، ونال السعادتين ؛ سعادة الدنيا وسعادة الآخرة .
شرح رياض الصالحين / للعثيمين / ج : 6 / ص : 9

أم أبي التراب
12-06-2016, 02:05 PM
المجلس التاسع

الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .

لا عيش إلا عيش الآخرة

إننا نعيش في هذه الدنيا إلى أجَلٍ معدودٍ، وإن الدنيا بأكملِها بزينتِها وزُخرفِهَا، لا‌ تساوي عند اللهِ جَناحَ بعوضةٍ، وهي أيضًا مطبوعةٌ على النقصِ، فلا‌ تمام لشيء فيها أبدًا، فلا‌ سعادة تدوم لصاحبِها، ولا‌ غنى يدوم لصاحبه، ومهما ذاق العبدُ فيها حلا‌وةً، فإنها زائلةٌ من بين يديهِ، أو هو سيزول عنها، إلا‌ حلا‌وة الطاعة والإ‌يمان؛ فهي الباقية إلى يوم الدين، وهي التي تنفعه يوم لا‌ ينفعُ مالٌ ولا‌ بنون إلا‌ مَن أتى الله بقلبٍ سليم."يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ *إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ "الشعراء88 - 89 .
ونحن لو نعلم ذلك يقينًا، لَما تسارعنا وتسابقنا في جمعِها، بل وتفاخرنا وتحاقَدنا وتحاسدنا؛ قال الله - تعالى -" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا "الكهف: 45.
يقول تعالى "وَاضْرِبْ" يا محمد للناس "مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" في زوالها وفنائها وانقضائها " كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ " أي : ما فيها من الحب ، فشب وحسن ، وعلاه الزهر والنور والنضرة ثم بعد هذا كله "فَأَصْبَحَ هَشِيمًا" يابسًا " تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ" أي : تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال "وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا" أي : هو قادر على هذه الحال .تفسير ابن كثير (http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura18-aya45.html) .
هل من عاقلٍ يجعل همَّه أن يجمع الهشيم في يديه والرياح على أشدها، فلا‌ الهشيم له قيمة ولا‌ هو سيبقى له؟!

لحظة، لنتذكَّر ما هو أهم، إنها ليست فقط ستزول فلا‌ يبقى أثر، كلاَّ‌، بل إنها مسجلة في كتابِنا عندَ اللهِ؛ " وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ "القمر: 53.
فكل ما نتفانى في الحرص عليه والا‌ستزادة منه من متاعِها الوضيعِ، سنُسأل عنه كله، أفلا‌ يَجدر بنا أن نَحمل همَّ هذه اللحظة؟! أفلا يَحِق أن نُخفف ما استطعنا من هذه الأ‌حمال، أن نُخفف على أنفسنا طول الحسابِ وشِدَّتِهِ، أن نُنقيَ بالنا المشغول بها والملهوف عليها، ونَملأَ‌ه بما يُقربنا للجنةِ؟!
- لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ.الراوي : أبو برزة الأسلمي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2417 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8A%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D9%81 %D9%86%D8%A7%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .

إن ما نراه في حياتنا اليومية ورغبة كلِّ أحدٍ أن يكونَ أفضلَ من غيرِهِ، وأجملَ، وما عنده أكثرَ، ليس في الأ‌عمال الصالحة وفي التقوى، ولكن في اللباس والأ‌غراض والمكانة وبكلمة شاملة "الدنيا".

هل هذا هو حال مَن أيقن بحقارة الدنيا، ومِن ثَمَّ زوالها؟ أم هو حال من أيقن بأنه سيحاسب على كل خُطوة ونظرة، وأكلة وشربة؟! أو هو حال من أيقن بأن ما عند الله خيرٌ وأبقى؟!
لا‌ يغرنَّكم تسابُق المتسابقين عليها؛ فهي بحْرٌ سالكه في غفلة وأعماقه الهلا‌ك والضيعة، واطلبوا ما عند الله، واعملوا له في الدنيا؛ فهي ساحة البذل والعناء، ودَعُوا عنكم الكدَّ في جمْعها؛ فذلك الخِذلا‌ن والخسران، والله أعلم.
هنا (http://www.alukah.net/library/0/48914/)



«إنَّكَ لن تدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللَّهِ، جَلَّ وعَزَّ، إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منهُ »
قد رُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال"مَنْ تَرَكَ شَيْئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْه".
وهذا الحديث ضعيف (http://www.alukah.net/sharia/0/81144/) لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، وإن كان مشهورًا عند كثير من الناس، وقد ثبت بِلَفْظٍ آخر.
«إنَّكَ لن تدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللَّهِ، جَلَّ وعَزَّ، إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منهُ »
الراوي: رجل من أهل البادية-المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم: 1523-خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%8B+%D9%85% D9%86%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2)

وهذا الحديث العظيم قد اشتمل على ثلاث جُمَل.
الأولى قوله: "لن تدع شيئًا))، وهذا لفظ عام يشمل كل شيء يتركه الإنسان؛ ابتغاءَ وجه الله تعالى.
الثانية: قوله: "اتقاء الله - عزَّ وجلَّ -"، هذه الجملة بَيَّن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الترك لابد أن يكون ابتغاءَ مرضاةِ اللهِ لا خوفًا من سُلْطان، أو حَيَاءً من إنسانٍ، أو عدم القدرةِ على التمكنِ منه، أو غير ذلك.
الثالثة: قوله - صلى الله عليه وسلم "إلَّا أعطاكَ اللَّهُ خيرًا منهُ "، وهذه الجملة فيها بيانٌ للجزاء الذي ينالُه من قام بذلك الشرط، وهو تعويض الله للتارك خيرًا وأفضل مما ترك، والعِوض من الله قد يكون من جنس المتروك، أو من غير جنسه، ومنه الأُنس بالله - عز وجل - ومحبته وطُمأنينة القلب وانشراح الصدر، ويكون في الدنيا والآخرة؛ كما عَلَّم اللهُ المؤمِنَ أن يدعو"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً"البقرة: 201.
قال قتادة السدوسي: لا يقدر رجلٌ على حرام ثم يدعه، ليس به إلا مخافة الله - عز وجل -، إلا أَبْدَلَهُ في عاجل الدنيا قبل الآخرة.
وفي حديث أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما يَرْوِيه عن ربه قال"يقول الله: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيئَةً فَلا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَة، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوا لَهُ حَسَنَة، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سُبْعُمَائَة".
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7501 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%8A%D9%8E%D8%B9%D9%92%D9%85%D9%8E% D9%84%D9%8E+%D8%B3%D9%8E%D9%8A%D8%A6%D9%8E%D8%A9%D 9%8B+%D9%81%D9%8E%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D9%8E%D9%83%D 9%92%D8%AA%D9%8F%D8%A8%D9%8F%D9%88%D9%87%D9%8E%D8% A7+%D8%B9%D9%8E%D9%84%D9%8E%D9%8A%D9%92%D9%87%D9%9 0&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .

والأمثلة التي تُبيِّن عظيم خلف الله تعالى لعباده كثيرة جدًا، منها:
ما قصه اللهُ تعالى عن نبي الله سليمان - عليه السلام - في سورة "ص"، وخلاصته: أنه كان محبًّا للجهاد في سبيل الله، ولذلك كانت عنده خيلٌ كثيرةٌ وكان يحبُّها حبًّا شديدًا، فاشتغل بها يومًا حتى فاتته صلاةَ العصرِ، فغربت الشمسُ قبلَ أن يصلي، فأمر بها فرُدَّتْ عليه، فضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف؛ إيثارًا لمحبة الله - عز وجل -، وقد كان ذلك جائزًا في شريعتهم.
فأعطاهُ اللهُ - عز وجل - خيرًا منها الريحَ التي تجري بأمره رخاءً حيث أصاب، تقطع في النهار ما يقطعه غيرها في شَهْرَيْن.
وإليك الآيات فتدبر. قال تعالى"وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ"ص: 30: 36.
وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ( 37 ) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ( 38 ) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( 39 ) ) ص
لما أثنى تعالى على داود، وذكر ما جرى له ومنه، أثنى على ابنه سليمان عليهما السلام فقال" وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ " أي: أنعمنا به عليه، وأقررنا به عينه.
" نِعْمَ الْعَبْدُ " سليمان عليه السلام، فإنه اتصف بما يوجب المدح، وهو " إِنَّهُ أَوَّابٌ" أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع أحواله، بالتأله والإنابة، والمحبة والذكر والدعاء والتضرع، والاجتهاد في مرضاة اللّه، وتقديمها على كل شيء.
ولهذا، لما عُرضت عليه الخيل الجياد السبق الصافنات أي: التي من وصفها الصفون، وهو رفع إحدى قوائمها عند الوقوف، وكان لها منظر رائق، وجمال معجب، خصوصا للمحتاج إليها كالملوك، فما زالت تعرض عليه حتى غابت الشمس في الحجاب، فألهته عن صلاة المساء وذكره.
فقال ندما على ما مضى منه، وتقربا إلى اللّه بما ألهاه عن ذكره، وتقديما لحب اللّه على حب غيره" إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ " وضمن { أَحْبَبْتُ} معنى {آثرت } أي: آثرت حب الخير، الذي هو المال عموما، وفي هذا الموضع المراد الخيل " عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ " ص 713
{ رُدُّوهَا عَلَيَّ } فردوها { فَطَفِقَ } فيها { مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ } أي: جعل يعقرها بسيفه، في سوقها وأعناقها.
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ } أي: ابتليناه واختبرناه بذهاب ملكه وانفصاله عنه بسبب خلل اقتضته الطبيعة البشرية،
" وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا " أي: شيطانا قضى اللّه وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان، " ثُمَّ أَنَابَ " سليمان إلى اللّه تعالى وتاب.
فـ " قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " فاستجاب اللّه له وغفر له، ورد عليه ملكه، وزاده ملكا لم يحصل لأحد من بعده،

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) لَيِّنَةً لَيْسَتْ بِعَاصِفَةٍ ، ( حَيْثُ أَصَابَ ) حَيْثُ أَرَادَ .هنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1573&idto=1573&bk_no=51&ID=1594)

"وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ( 37 ) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ( 38 ) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( 39 ) ) ص
و تسخير الشياطين له، يبنون ما يريد، ويغوصون له في البحر، يستخرجون الدر والحلي، ومن عصاه منهم قرنه في الأصفاد وأوثقه.
وقلنا له" هَذَا عَطَاؤُنَا " فَقَرَّ به عينا { فَامْنُنْ } على من شئت، { أَوْ أَمْسِكْ } من شئت { بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي: لا حرج عليك في ذلك ولا حساب، لعلمه تعالى بكمال عدله، وحسن أحكامه، ولا تحسبن هذا لسليمان في الدنيا دون الآخرة، بل له في الآخرة خير عظيم.
ولهذا قال: { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } أي: هو من المقربين عند اللّه المكرمين بأنواع الكرامات للّه.تفسير السعدي (http://islamport.com/w/tfs/Web/3658/1611.htm) .

المثال الثاني: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما هاجروا تركوا ديارهم، وأموالهم لله تعالى، فعوَّضهم الله بأن جعلهم قادة الدنيا، وحُكَّام الأرض وفتح عليهم خزائن كِسْرَى وقيصر، ومَكَّنهم من رقاب الملوك والجبابرة، هذا مع ما يرجى لهم من نعيم الآخرة، فشكروا، ولم يكفروا، وتواضعوا ولم يتكبروا، وحكموا بالعدل بين الناس، قال تعالى"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"النور: 55.
وتأمل قصة أحد هؤلاءِ المهاجرين، وهو صُهَيْب الرومي - رضي الله عنه -، فعن عِكْرِمة قال:- لمَّا خرجَ صهَيبٌ مهاجرًا تبِعَه أهلُ مكَّةَ ، فنَثَلَ كِنانتَهُ ، فأخرجَ مِنها أربعينَ سهمًا فقال : لا تصِلونَ إليَّ حتَّى أضعَ في كلِّ رجلٍ منكُم سهمًا ثمَّ أصيرَ بعدَه إلى السَّيفِ فتعلَمونَ أنِّي رجلٌ وقد خلَّفتُ بمكَّةَ قَينتَينِ فهُما لكُم قال : وحدَّثنا حمَّادُ بنُ سَلمةَ عن ثابتٍ عن أنسٍ نحوَه ونزلَت علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ الآيةُ . فلمَّا رآهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ قال " أبا يحيَى رَبِحَ البَيعُ "، قال : وتلا عليهِ الآيةَ .
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الوادعي- المصدر : صحيح أسباب النزول-الصفحة أو الرقم: 40 - خلاصة حكم المحدث : له طرق أخر أغلبها مراسيل وهي بمجموعها تزيد الحديث قوة وتدل على ثبوته - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%85%D9%91%D9%8E%D8%A7+%D8%AE %D8%B1%D8%AC+%D8%B5%D9%87%D9%8A%D8%A8+%D9%85%D9%8F %D9%87%D8%A7%D8%AC%D8%B1%D9%8B%D8%A7+%D8%AA%D8%A8% D8%B9%D9%87+%D8%A3%D9%87%D9%84+%D9%85%D9%83%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0).
الشرح

تبع صهَيب نفر من المشركين فسئل فقال يا معشر قريش إني من أرماكم ولا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي ثم أضربكم بسيفي فإن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه فرضوا فعاهدهم ودلهم فرجعوا فأخذوا ماله فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالله ربح البيع فأنزل الله عز وجل
‏"‏وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ‏"

المثال الثالث: نبي الله يوسف - عليه الصلاة والسلام - عُرِضَتْ عليه المغريات في أرقى صورها، فاستعصم فعصمه الله، وترك ذلك لله - عز وجل -؛ لأنَّ الله جعله من المخلصين، وأُوذِيَ بسبب ذلك؛ فاختار السجن على ما يدعونه إليه، فصبر واختار ما عند الله فعوضه الله تعالى أحسن العوض، فملَّكه على خزائن الأرض، وعلمه تأويل الرؤيا، فنعم المُعْطِي، ونعم المُعْطَى، ونعمت العَطِيَّة.

قال تعالى"قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"يوسف: 33: 34.

وقال تعالى"وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"يوسف: 56.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول بتصرف (http://www.alukah.net/sharia/0/2189/)

أم أبي التراب
12-20-2016, 03:26 PM
المجلس العاشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع لا عيش إلا عيش الآخرة

بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيلًا قبلَ نجدٍ . فجاءت برجل ٍمن بني حنيفةَ يقال له ثُمامةُ بنُ أُثالٍ . سيدُ أهلِ اليمامةِ . فربطوه بساريةٍ من سواري المسجدِ . فخرج إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال " ماذا عندك ؟ يا ثُمامةُ ! " فقال : عندي ، يا محمدُ ! خيرٌ . إن تقتُلْ تقتلْ ذا دمٍ . وإن تُنعِم تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن كنتَ تريد المالَ فسلْ تُعطَ منه ما شئتَ . فتركه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . حتى كان بعد الغدِ . فقال " ما عندك ؟ يا ثمامةُ ! " قال : ما قلتُ لك . إن تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن تقتُلْ تقتُلْ ذا دمٍ . وإن كنتَ تريد المالَ فسلْ تُعطَ منه ما شئتَ . فتركه رسولُ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى كان من الغدِ . فقال " ما عندك ؟ يا ثمامةُ ! " فقال : عندي ما قلتُ لك . إن تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن تقتُلْ تقتُلْ ذا دمٍ . وإن كنت تريدُ المالَ فسلْ تُعطَ منه ما شئتَ . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " أَطلِقوا ثُمامةَ" فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد . فاغتسل . ثم دخل المسجدَ فقال : أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه . يا محمدُ ! واللهِ ! ما كان على الأرضِ وجهٌ أبغضُ إليَّ منْ وجهِكَ ، فقد أصبحَ وجهُك أحبَّ الوجوه كلِّها إليَّ . واللهِ ! ما كان منْ دينٍ أبغضَ إليَّ من دِينِك . فأصبح دينُك أحبَّ الدينِ كلِّه إليَّ . واللهِ ! ما كان من بلدٍ أبغضَ إليَّ من بلدِك . فأصبح بلدُك أحبَّ البلادِ كلِّها إليَّ . وإنَّ خيلَك أخذَتْني وأنا أريد العمرةَ . فماذا ترى ؟ فبشَّره رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . وأمره أن يعتمرَ . فلما قدمَ مكةَ قال له قائلٌ : أصبَوتَ ؟ فقال : لا . ولكني أسلمتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . ولا ، واللهِ ! لا يأتيكم من اليمامةِ حبةُ حنطةٍ حتى يأذن فيها رسول ُاللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ . وفي رواية : بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيلًا له نحو أرضِ نجدٍ . فجاءت برجلٍ يقال له ثمامةُ بنُ أثالٍ الحنفيُّ . سيدُ أهل ِاليمامةِ . وساق الحديث بمثل حديث الليث ِ. إلا أنه قال : إن تقتلني تقتل ذا دمٍ . الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 1764- خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%AB%D9%8F%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%8E %D8%A9%D9%8F+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0)


سلمان الفارسي

غادر ثراءَ والدِهِ بحثًا عن صلاح آخرته، كان مجوسيًا ثم نصرانيًا ثم أسلم للـه رب العالمين.

*عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ
" كُنْتُ رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ - أي رئيسها - ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، أَيْ مُلازِمَ النَّارِ ، كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ ، وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ - أي خادمها - الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً ، قَالَ وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ - أي بستان - عَظِيمَةٌ ، قَالَ فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا ، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى ، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : بِالشَّامِ . قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ ، قَالَ فَلَمَّا جِئْتُهُ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! أَيْنَ كُنْتَ ؟ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ ؟ قَالَ قُلْتُ : يَا أَبَتِ ! مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ ، فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ ، فَوَاللَّهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْس ، قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ ، قَالَ قُلْتُ : كَلا وَاللَّهِ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ دِينِنَا . قَالَ : فَخَافَنِي ، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا ، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ ، قَالَ وَبَعثَتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ . قَالَ : فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنْ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنْ النَّصَارَى ، قَالَ فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ : إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ ، قَالَ فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا قُلْتُ : مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ ؟ قَالُوا : الأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ . قَالَ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ : إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ ، قَالَ : فَادْخُلْ . فَدَخَلْتُ مَعَهُ ، قَالَ فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْهَا أَشْيَاءَ اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ ، قَالَ وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ ، ثُمَّ مَاتَ فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ ، يَأْمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا . قَالُوا : وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ قُلْتُ : أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ . قَالُوا : فَدُلَّنَا عَلَيْهِ . قَالَ فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ ، قَالَ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا ، قَالَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا : وَاللَّهِ لا نَدْفِنُهُ أَبَدًا . فَصَلَبُوهُ ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ ، قَالَ يَقُولُ سَلْمَانُ : فَمَا رَأَيْتُ رَجُلا لا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا وَلا أَرْغَبُ فِي الآخِرَةِ وَلا أَدْأَبُ لَيْلا وَنَهَارًا مِنْهُ . قَالَ فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ ، وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا ، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلَانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ ، وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ إِلا رَجُلا بِالْمَوْصِلِ وَهُوَ فُلانٌ ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ ، فَالْحَقْ بِهِ .قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ . قَالَ فَقَالَ لِي : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنَّ فُلانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنْ اللَّهِ مَا تَرَى ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي ؟ وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلا بِنِصِِّيبِينَ ، وَهُوَ فُلَانٌ ، فَالْحَقْ بِهِ . وَقَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نِصِِّيبِينَ ، فَجِئْتُهُ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي ، قَالَ : فَأَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ ، فَوَاللَّهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلَانُ ! إِنَّ فُلانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ إِلا رَجُلا بِعَمُّورِيَّةَ ، فَإِنَّهُ بِمِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَأْتِهِ قَالَ فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا ، قَالَ فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي ، فَقَالَ : أَقِمْ عِنْدِي . فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ ، قَالَ وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ ، قَالَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ : يَا فُلانُ ! إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلانٍ ، فَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، وَأَوْصَى بِي فُلانٌ إِلَى فُلانٍ ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي وَمَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : أَيْ بُنَيَّ ! وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ ، هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ ، يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ - الحرة : الأرض ذات الحجارة السود - ، بَيْنَهُمَا نَخْلٌ ، بِهِ عَلامَاتٌ لا تَخْفَى : يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، فَإِنْ استَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلادِ فَافْعَلْ . قَالَ ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا ، فَقُلْتُ لَهُمْ : تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي ، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا ، فَكُنْتُ عِنْدَهُ ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَابْتَاعَنِي مِنْهُ ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي ، فَأَقَمْتُ بِهَا ، وَبَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ ، لا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ وَسَيِّدِي جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ فُلانُ : قَاتَلَ اللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُمْ الآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، قَالَ فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ - برد الحُمَّى - حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي ، قَالَ : وَنَزَلْتُ عَنْ النَّخْلَةِ فَجَعَلْتُ أَقُولُ لابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ : مَاذَا تَقُولُ مَاذَا تَقُولُ ؟ قَالَ فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً ثُمَّ قَالَ : مَا لَكَ وَلِهَذَا ؟! أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ . قَالَ قُلْتُ : لا شَيْءَ ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَ عَمَّا قَالَ . وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِقُبَاءَ ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ ، قَالَ فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ " كُلُوا" . وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَأْكُلْ ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ وَاحِدَةٌ ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا ، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ ، فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُكَ لا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا ، قَالَ "فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ" ، قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَاتَانِ اثْنَتَانِ ، ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، قَالَ : وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ - الشَّمْلَةُ : كِساءٌ من صوفٍ أو شعرٍ يُتَغَطَّى به ويُتَلَفَّفُ به-، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَدَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي ، قَالَ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "تَحَوَّلْ ". فَتَحَوَّلْتُ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، قَالَ فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرٌ وَأُحُدٌ ، قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ ". فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ - الْفَقِيرِ حفرة الفسيلة التي تغرس فيها - وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ " أَعِينُوا أَخَاكُمْ ". فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ ، الرَّجُلُ بِثَلاثِينَ وَدِيَّةً- أي صغار النخل -، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ ، يَعْنِي الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا" - أي احفر لها موضع غرسها - ، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ" ، فَفَقَّرْتُ لَهَا وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعِي إِلَيْهَا : فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ ، وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ ، مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي ، فَقَالَ " مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ ؟ "قَالَ فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم-" خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ" . فَقُلْتُ : وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا عَلَيَّ . قَالَ " خُذْهَا فَإِنَّ اللَّهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ" . قَالَ فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا ، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً ، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ ، وَعُتِقْتُ ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَنْدَقَ ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ ".
الراوي : سلمان الفارسي - المحدث : الوادعي- المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 442 - خلاصة حكم المحدث : حسن . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86+%D8%A7% D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2) .
- لمَّا حضرَ معاذَ بنَ جبلٍ الموتُ قيلَ لهُ يا أبا عبدِ الرَّحمنِ أوصِنا قالَ أجلسوني فقالَ إنَّ العلمَ والإيمانَ مكانَهما مَنِ ابتغاهما وجدَهما يقولُ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ والتمِسوا العلمَ عندَ أربعةِ رهطٍ عندَ عُويمِرٍ أبي الدَّرداءِ وعندَ سلمانَ الفارسيِّ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ وعندَ عبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ الَّذي كانَ يهوديًّا فأسلمَ فإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ يقولُ إنَّهُ عاشِرُ عشرةٍ في الجنَّةِ الراوي : معاذ بن جبل - المحدث : الوادعي - المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 1125 - خلاصة حكم المحدث : [ذكره في الصحيح المسند].الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%B3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86+%D8%A7% D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[0]=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on&page=2) .

أم أبي التراب
12-27-2016, 01:59 AM
المجلس الحادي عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع لا عيش إلا عيش الآخرة
- نجا أوَّلُ هذِهِ الأمَّةِ باليقينِ والزهدِ ، ويَهْلِكُ آخرُها بالبخلِ والأمَلِ.الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم: 6746 - خلاصة حكم المحدث : حسن .الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%86%D8%AC%D8%A7+%D8%A3%D9%88%D9%84 +%D9%87%D8%B0%D9%87+%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .



زهد وورع عمر بن الخطاب

كنيته :
أبو حفص ، وهي كُنية ، وليس له ولد بهذا الاسم .


الحَفْصُ : الشِّبْلُ

أبو حَفْصٍ : كُنْيَةُ الأسَد . هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AD%D9%81%D8%B5/) .
"إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ "وقالَ ابنُ عمرَ: ما نزلَ بالنَّاسِ أمرٌ قطُّ فقالوا فيهِ وقالَ فيهِ عمرُ أو قالَ ابنُ الخطَّابِ فيهِ - شَكَّ خارجةُ - إلَّا نزلَ فيهِ القرآنُ على نحوِ ما قالَ عمرُ".

الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3682 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AC%D8%B9%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%AD %D9%82+%D8%B9%D9%84%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0).
وحقيقة زهد عمر بن الخطاب إيجابية، فقد ترك كل شيء لا ينفع في الدار الآخرة، فلم يكن الزهد عنده يعني الانقطاع عن الدنيا بترك الأهل، والمال، والأولاد، فليس كل ذلك من الزهد في شيء، والإسلام منه براء.
بل زَهَدَ عمرُ في الدّعَةِ1 والراحةِ، فاجتهد في جهاد الفرس والروم، حتى صار أهل الإسلام سادة الدنيا كلها، وانتشر الإسلام في ربوع المعمورة.
1يَعِيشُ فِي دَعَةٍ : فِي رَغْدِ عَيْشٍ ، رَاحَةٍ ، سَكِينَةٍ.هنا (http://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AF%D8%B9%D8%A9/).
يقول طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه: ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأولنا إسلامًا، ولا أقدمنا هجرة، ولكنه كان أزهدنا في الدنيا، وأرغبنا في الآخرة.

لماذا زهدَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه في الدنيا
لقد فهم عمر رضي الله عنه من خلال معايشته للقرآن الكريم، ومصاحبته للنبي الأمين صلى الله عليه وسلم ومن تفكره في هذه الحياة بأن الدنيا دار اختبار وابتلاء، وعليه فإنها مزرعة للآخرة، ولذلك تحرر من سيطرة الدنيا بزخارفها، وزينتها، وبريقها، وخضع وانقاد وأسلم نفسه لربه ظاهرًا وباطنًا.

إسلام عمربن الخطاب رضي الله عنه وزهده في الشرك وأهله
3652 - قال البخاري في صحيحه :حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُهُ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ دَارِهِ وَقَالُوا صَبَا عُمَرُ وَأَنَا غُلَامٌ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ فَقَالَ قَدْ صَبَا عُمَرُ فَمَا ذَاكَ فَأَنَا لَهُ جَارٌ قَالَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ تَصَدَّعُوا عَنْهُ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ "
صحيح البخاري - كِتَاب مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ - زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت قال لا سبيل إليك بعد أن قالها أمنت . هنا (http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=237&Words=%D9%81%D8%B1%D8%A3%D9%8A%D8%AA+%D8%A7%D9%84% D9%86%D8%A7%D8%B3+%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B9%D9%88%D 8%A7+%D8%B9%D9%86%D9%87&Type=phrase&Level=exact&ID=297918&Return=http%3a%2f%2fhadith.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2floader.aspx%3fpageid%3d236%26Words%3d% D9%81%D8%B1%D8%A3%D9%8A%D8%AA%2b%D8%A7%D9%84%D9%86 %D8%A7%D8%B3%2b%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A 7%2b%D8%B9%D9%86%D9%87%26Level%3dexact%26Type%3dph rase%26SectionID%3d2%26Page%3d0) .
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3865 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B3%D9%84 %D9%85+%D8%B9%D9%85%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
*وعن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قال : بينما هو في الدَّارِ خائفًا، إذ جاءه العاصِ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ أبو عَمْرٍو، عليه حُلَّةُ حِبَرَةٍ وقَميصٌ مَكْفُوفٌ بحَرِيرٍ، وهو من بني سَهْمٍ، وهم حُلَفاؤُنا في الجاهليةِ، فقال له: ما بالُكَ؟ قال: زعَم قومُكَ أنهم سيقتُلوني إن أسلَمْتُ، قال: لا سبيلَ إليكَ، بعدَ أن قالها أمِنْتُ، فخرَج العاصِ فلَقيَ الناسَ قد سال بهمُ الوادي، فقال: أينَ تُريدون؟ فقالوا: نُريدُ هذا ابْنَ الخَطَّابِ الذي صَبَا، قال: لا سبيلَ إليه فكَرَّ الناسُ.
الراوي : زيد بن عبدالله - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3864 - خلاصة حكم المحدث صحيح.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%84%D9%85%D8%A7+%D8%A3%D8%B3%D9%84 %D9%85+%D8%B9%D9%85%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
* وهُم حُلفاء في الجاهِليَّةِ: مِن الحِلفِ وهو المُعاقَدةُ والمُعاهَدة على التَّعاضُدِ والتَّساعُد،
العاصِ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ كان مُطاعًا في قومِه، فخَرَجَ العاصُ فلَقِيَ النَّاسَ قد سَالَ، أي: امتلَأَ بهِم الوادي، أي: وادي مَكَّةَ، فقالَ العاصُ: أين تُريدون؟ فقالوا: نُريد هذا ابنَ الخَطَّابِ عُمَرَ الَّذي صَبَأَ، أي: خَرَجَ عن دِينِ آبائِه، قالَ العاصُ: لا سَبيلَ لكُم إلَيه فكَرَّ النَّاسُ، أي: رَجَعوا.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالى يَمنَعُ عَبدَه المُسلمَ بما شاءَ، ويَجعَل صونَه بيدِ عدوِّه، ويَرُدُّ عنه الأذى بمكانِ خَصمِه.
*ومما يدل على زهده رضي الله عنه قبل الخلافة ما رواه البخاري في صحيحه
أن عبدَاللهِ بنَ السَّعْديِّ أنه قَدِمَ على عمرَ في خلافتِه ، فقال له عمرُ: ألم أُحدَّثْ أنك تَلي من أعمالِ الناسِ أعمالا,ً فإذا أُعطيتَ العُمالَةَ كرِهتَها ؟ فقلتُ: بلى ، فقال عمرُ: ما تريدُ إلى ذلك ؟ فقلتُ: إن لي أفْراسًا وأعْبُدًا, وأنا بخيرٍ ، وأريدُ أن تكونَ عُمالتي صدقةً على المسلمين . قال عمرُ: لا تفعلْ ، فإني كنتُ أردتُ الذي أردتَ ، فكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعطيني العطاءَ ، فأقولُ: أعطِه أفقرَ إليه مني ، حتى أعطاني مرةً مالاً ، فقلتُ: أعطِه أفقرَ إليه مني، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: خُذْه ، فتموَّلَه ، وتصدَّقَ به ، فما جاءكَ من هذا المالِ وأنت غيرُ مُشْرِفٍ ولا سائلٍ فَخُذْه ، وإلا فلا تُتْبِعْه نفسكِ .الراوي : عمر بن الخطاب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7163 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AE%D9%8F%D8%B0%D9%92%D9%87%D9%8F+ %D9%81%D9%8E%D8%AA%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%88%D9%91%D 9%8E%D9%84%D9%92%D9%87%D9%8F+%D9%88%D9%8E%D8%AA%D9 %8E%D8%B5%D9%8E%D8%AF%D9%91%D9%8E%D9%82%D9%92+%D8% A8%D9%90%D9%87%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
الشرح
قَدِمَ عبدُ اللهِ بنُ السَّعديِّ على عَمرَ بنِ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه، وقد كان ابنُ السَّعدِيِّ تولَّى لِلنَّاسِ أعمالًا، يعني: كالقضاءِ والوِلايةِ وغيرِها، وكان لا يَأخذُ على ذلك أجرًا، فقال له عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: ما قَصدُك مِن عدَمِ أخْذِك الأجرَ على ما تقومُ به مِن أعمالٍ لِلنَّاسِ تَستحقُّ عليها الأجرَ؟ فقال ابنُ السَّعديِّ: «إنَّ لي أفراسًا وأعبُدًا, وأنا بخيرٍ، وأريدُ أن تكونَ عِمالتي صَدقةً على المسلِمين»، يعني: أنَّه له مِنَ المالِ ما يَكفيه مِنَ الأفراسِ، وهو جمْعُ فرَسٍ، والأعبُدُ، وهو جمع عَبْدٍ، فلمَّا كان له مِنَ المالِ ما يَكفيه أرادَ أنْ تكونُ عِمالتُه وما يقومُ به صدقةً على المسلمينَ، فقال له عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: لا تَفعلْ؛ فإنِّي كنتُ أردْتُ الَّذي أردتَ، فكان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعطيني العَطاءَ، فأقولُ: أعْطِه أفقرَ إليه مِنِّي، حتَّى أعطاني مرَّةً مالا، فقلتُ: أعطِهْ أفقرَ إليه مِنِّي، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «خُذْهُ، فتمولَّهْ، وتصدَّقْ به»، يعني: تملَّكْ هذا المالَ الَّذي هو حقُّك ثُمَّ تصدَّقْ به على مَن شِئتَ إنْ أردتَ ذلك؛ لأنَّه إذا ملَكَ المالَ وتصدَّقَ به طيِّبةً به نفسُه كان أفضلَ مِنَ التَّصدُّقِ به قَبْلَ قبضِه؛ لأنَّ الَّذي يحصُلُ بيدِه هو أحرصُ عليه مِمَّا لم يَدخُلْ في يدِه، «فما جاءَك مِن هذا المالِ وأنتَ غيرُ مشُرفٍ ولا سائلٍ فخُذْه، وإلَّا فلا تتُبِعْه نفسَك»، يعني: إذا جاءَك المالُ وأنتَ غيرُ طامعٍ ولا سائلٍ له، فخُذْه ولا تردَّهُ، وإنْ لم يجئِ إليكَ فلا تطلبْه بَلِ اتركْه.
وفي الحديث: فَضلُ عُمرَ رضِي اللهُ عنه وزُهدُه وإيثارُه وكذا ابن السَّعديِّ؛ فقدْ طابَقَ فِعلُه فِعْلَ عُمرَ.
وفيه: ذمُّ التَّطلُّعِ إلى ما في أَيدي الأَغنياءِ والتشوُّفِ إلى فُضولِه وأخْذِه منهم، وأنَّها حالةٌ مذمومةٌ تدلُّ على شِدَّة الرَّغبةِ في الدُّنيا والرُّكونِ إلى التوسُّعِ فيها.
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%AE%D9%8F%D8%B0%D9%92%D9%87%D9%8F+ %D9%81%D9%8E%D8%AA%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%88%D9%91%D 9%8E%D9%84%D9%92%D9%87%D9%8F+%D9%88%D9%8E%D8%AA%D9 %8E%D8%B5%D9%8E%D8%AF%D9%91%D9%8E%D9%82%D9%92+%D8% A8%D9%90%D9%87%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
وقد واسى عمر رضي الله عنه الناس بنفسه، فحرمها من الطعام الذي لا يجده الناس. قال أنس بن مالك رضي الله عنه "تقرقر بطن عمر وكان يأكل الزيت عام الرمادة، وكان حرم عليه السمن، فنقر بطنه بأصبعه. وقال: تقرقر تقرقرك إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس"

رواه ابن سعد: الطبقات 3/313-315، عبد الرّزّاق: المصنف 11/223. صحيح من طريق ابن سعد. قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن ثابت البناني عن أنس بن مالك ... هنا (http://www.islamstory.com/newlibrary/-%D8%B2%D9%87%D8%AF_%D8%B9%D9%85%D8%B1_%D8%A8%D9%86 _%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8) - أُتِيَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ يومًا بطعامِهِ ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وكان خيرًا مِنِّي ، فلم يوجدْ لهُ ما يُكَفَّنُ فيهِ إلا بُرْدَةً ، وقُتِلَ حمزةُ ، أو رجلٌ آخرَ ، خيرٌ مِنِّي ، فلم يوجد لهُ ما يُكَفَّنُ فيهِ إلَّا بُرْدَةً ، لقد خشيتُ أن يكون قد عُجِّلَتْ لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ، ثم جعل يبكي .الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1274 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 6860 . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%86+%D8%AE%D9%8A %D8%B1%D9%8B%D8%A7+%D9%85%D9%86%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .


كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بِدايةِ الأمرِ في ضِيقٍ مِنَ العيشِ، فكانوا أبعَدَ ما يكونونَ عَن زينةِ الحياةِ الدُّنْيا، وفي هذا الحديث يذكُرُ عبْدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضِي اللهُ عنه ما كان عليه أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ضِيقِ الحالِ والتَّقلُّلِ مِنَ الدُّنيا، وكان قد أُوتِيَ بِطعامٍ وهو صائمٌ، فقال: قُتلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيرٍ وهو خيرٌ مِنِّي؛ كُفِّنَ في بُردَةٍ إنْ غُطِّيَ رأسُه بدَتْ رِجلاه، وإنْ غُطِّيَ رِجلاه بدَا رأسُه، يعني: كُفِّنَ في ثوبٍ لم يكنْ يَكفِيه، فكانوا إذا وضَعوه على رأسِه ظهرَتْ رِجلاه، وإنْ وضَعوه على رِجلَيْه ظهرَتْ رأسُه، ثُمَّ قال: وقُتِلَ حمزةُ وهو خيرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لنا مِنَ الدُّنيا ما بُسِطَ، يعني: فُتِحتْ علينا البُلْدانُ وزادَ المالُ، وقد خشِينا أنْ تكونَ حسناتُنا عُجِّلتْ لنا، أي: أَخَذْنا بما عَمِلْنا مِنَ الحسناتِ في الدُّنيا، فعُجِّلتْ إليهم ولم يَدَّخِروها إلى الآخرةِ، ثُمَّ جَعلَ يَبكي حتَّى تركَ الطَّعامَ.
وفي الحديثِ: فضلُ عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضِي اللهُ عنه، وفِطنتِه؛ فإنَّ الفَطِنَ مَن حاسَبَ نفسَهُ قبْلَ أنْ يقِفَ لِلحسابِ أمامَ الْمَولى سبحانه وتعالى.
وفيه: فَضلُ حمزةَ ومُصعبٍ رضي الله عنهما.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%86+%D8%AE%D9%8A %D8%B1%D9%8B%D8%A7+%D9%85%D9%86%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أُتِيَ بطعامٍ ، وكان صائمًا ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ : إن غُطِّيَ رأسُهُ بدتْ رجلاهُ ، وإن غُطِّيَ رجلاهُ بدا رأسُهُ . وأُرَاهُ قال : وقُتِلَ حمزةُ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ ، أو قال : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينَا ، وقد خشينا أن تكونَ حسناتنا عُجِّلَتْ لنا ، ثم جعل يبكي حتى تركَ الطعامَ .
الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 1275 - خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%86+%D8%AE%D9%8A %D8%B1%D9%8B%D8%A7+%D9%85%D9%86%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .

أم أبي التراب
01-01-2017, 07:06 PM
المجلس الثاني عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
تابع لا عيش إلا عيش الآخرة
ورع وزهد أبي بكر الصديق "كان لأبي بكرٍ غلامٌ يُخرِجُ له الخَراجَ ، وكان أبو بكرٍ يَأكُلُ مِن خَراجِه ، فجاء يومًا بشيءٍ فأكلَ منه أبو بكرٍ ، فقال له الغلامُ : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكرٍ : وما هو ؟ قال : كنتُ تَكَهَّنْتُ لإنسانٍ في الجاهليةِ ، وما أحسنَ الكَهانَةَ! إلا أني خدَعتُه ، فلَقِيَني فأعطاني بذلك ، فهذا الذي أكَلْتَ منه ، فأدخلَ أبو بكرٍ يدَه ، فقَاءَ كلَّ شيءٍ في بطنِه .الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3842 - خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D8%A8%D9%88+%D8%A8%D9%83%D8%B 1+%D9%8A%D8%A3%D9%83%D9%84+%D9%85%D9%86+%D8%AE%D8% B1%D8%A7%D8%AC%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .

الشرح
تقولُ عائشةُ رضي الله عنها: كان لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه غلامٌ يُخرِج له الخرَاجَ، أي: يُعطيه كلَّ يومٍ ما عيَّنه وضرَبه عليه مِن كسبِه، وكان أبو بكرٍ رضي الله عنه يأكُلُ مِن خَراجِه إذا سأَله عنه وعرَف حِلَّه، فجاء يومًا بشيءٍ مِن كسْبِه، فأكَل منه أبو بكرٍ رضي الله عنه ولم يسأَلْه، فقال له الغلامُ: تَدري ما هذا الَّذي جئتُك به وأكلتَ منه؟ فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: وما هو؟ قال: كنتُ تكهَّنْتُ لإنسانٍ في الجاهليَّةِ، وإنِّي ما أُحسِنُ الكِهانةَ، وهي الإخبارُ بالغيبِ مِن غيرِ طريقٍ شرعيٍّ، إلَّا أنِّي خدعتُه فلقِيني فأعطاني بذلك، أي: بمقابلة الَّذي تكهَّنْتُ له، فهذا الَّذي أكلتَ منه، فأدخَل أبو بكرٍ رضي الله عنه يدَه في فيه، أي: فمِه، فقاءَ، أي: استفرَغ كلَّ شيءٍ في بطنِه.في الحديثِ: ورَعُ أبي بكرٍ رضي الله عنه.الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D8%A8%D9%88+%D8%A8%D9%83%D8%B 1+%D9%8A%D8%A3%D9%83%D9%84+%D9%85%D9%86+%D8%AE%D8% B1%D8%A7%D8%AC%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .
ما نفعَني مالٌ قطُّ ، ما نفَعني مالُ أبي بَكرٍ . قالَ : فبَكى أبو بَكرٍ وقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ! هل أنا ومالي إلَّا لَكَ يا رسولَ اللَّهِ !.الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 77 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D8%A7+%D9%86%D9%81%D8%B9%D9%86 %D9%8A+%D9%85%D8%A7%D9%84+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d[]=1&m[]=0&s[]=0) .






قال البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ" لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ، إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ المُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ القَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ المَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الكَلَّ وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَقَالُوا: لِابْنِ الدَّغِنَةِ: مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لِأَبِي بَكْرٍ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ وَلاَ يَقْرَأُ فِي غَيْرِ دَارِهِ، ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، وَيَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالقِرَاءَةِ فِيهِ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا، فَانْهَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِي دَارِهِ فَعَلَ، وَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ، فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلاَنَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ - عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيَّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ العَرَبُ أَنِّي أُخْفِرْتُ فِي رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ «إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ» وَهُمَا الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ المَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ المَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَصْحَبَهُ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهُوَ الخَبَطُ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا، فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ - إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِالثَّمَنِ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجِهَازِ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ، ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا، يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ العِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ، وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيَا خِرِّيتًا، وَالخِرِّيتُ المَاهِرُ بِالهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ العَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ - غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَالدَّلِيلُ، فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ،
الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 3905 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 14833 .
3905
-3905 - في هذا الحديثِ تُخبرُ عائشةُ رضِي اللهُ عنها أنَّها لم تَعقِلْ أَبوَيْها إلَّا وهُما يَدينانِ الدِّينَ، أي: لم تَعْرفْ أبَوَيها إلَّا وهما يَدينانِ بِدينِ الإسلامِ، ولم يَمرَّ علينا يومٌ إلَّا يَأْتينا فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طَرَفَيِ النَّهارِ بُكرَةً وعَشيَّةً، فلمَّا ابْتُلِيَ المسلِمونَ، أي: بِأذَى المشرِكينَ، وأذِنَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِأصحابِه في الهجرةِ إلى الحبشةِ، خرَج أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه مُهاجرًا قِبَلَ الحبشةِ، أي: إلى جِهةِ الحبشةِ؛ لِيَلحقَ بِمنَ سَبقَه مِنَ المسلِمينَ، فَسارَ حتَّى إذا بَلغَ بَرْكَ الغِمادِ، وهو مَوْضِعٌ وراءَ مكَّةَ بِخَمْسِ ليالٍ، أي حوالي: 140كم بالتقدير الحالي، فَلقيَه ابنُ الدِّغنَّةِ، وهو سيِّدُ القارَةِ، وهي قَبيلةٌ مَشهورةٌ مِن بني الهُونِ، فقال: أينَ تُريدُ يا أبا بكرٍ؟ فقال أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه: أَخرَجَني قَومِي، أي: تَسبَّبوا في إخراجي، فأنا أُريدُ أنْ أَسيحَ، أي: أسيرَ في الأرضِ، فَأَعبُدَ رَبِّي؛ فقالَ ابنُ الدِّغِنَّةِ: إنَّ مِثلَكَ لا يَخرُج ولا يُخرَجُ؛ فإنَّك تَكِسبُ المعدومَ، أي: تُعطي النَّاسَ ما لا يَجدوَنه عند غيرِك، وتَصلُ الرَّحِمَ، أي: القَرابةَ، وتحملُ الكَلَّ، وهو الَّذي لا يَستقِلُّ بِأمرِه، وتَقْرِي الضَّيفَ، أي: تُهيِّئ له طعامَه ونُزُلَه، وتُعينُ على نوائبِ الحقِّ، أي: حوادثِه ومصائِبِه، وأنا لكَ جارٌ، أي: مُجيرٌ لك مُؤمِّنُك مِمَّنْ تَخافُهم، فارجِعْ فَاعبدْ رَبَّكَ بِبلادِك، فَارتحلَ ابنُ الدِّغِنَّةِ فَرجَعَ مع أبي بكرٍ رضِي اللهُ عنه، فَطافَ ابنُ الدِّغِنَّةِ في أشرافِ كفَّارِ قُريشٍ، أي: ساداتِهم، فقالَ لهم: إنَّ أبا بكرٍ لا يَخرُجُ مِثْلُه، ولا يُخرَج، أَتُخرِجون رَجلًا يَكْسِبُ المعدومَ، ويصلُ الرَّحمَ، ويَحملُ الكَلَّ، ويَقْرِي الضَّيفَ، ويُعينُ على نَوائبِ الحقِّ؟! فَأنفذَتْ قريشٌ جِوارَ ابنِ الدِّغِنَّةِ، أي: أَمضَوْه ورَضُوا به، وأمَّنوا أبا بكرٍ رضِي اللهُ عنه، أي: جَعلُوه في أمانٍ مِن شَرِّهم، وقالوا لابنِ الدِّغِنَّة: مُرْ أبا بكرٍ فَلْيعبدْ رَبَّه في دارِه، ولْيُصلِّ ولْيَقرأْ ما شاء َولا يُؤذِينا بذلك؛ إشارةً إلى ما ذُكِرَ مِنَ الصَّلاةِ والقراءةِ، ولا يَستعْلِنْ، أي: لا يَجهرْ به، فإنَّا قد خَشينا أنْ يَفتِنَ أبناءَنا ونساءَنا، أي: يُخرجَهم مِن دِينِهم إلى دِينِه، فقالَ ابنُ الدِّغِنَّةِ ذلك الَّذي شَرطَه كَفارُّ قُريشٍ لأبي بكرٍ رضِي اللهُ عنه، فَطَفِقَ، أي: فَجَعلَ أو فَبدأَ أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه يَعبدُ ربَّه في دارِه ولا يَستعْلِنُ باِلصَّلاةِ ولا القِراءةِ في غيرِ دارِه، ثُمَّ بَدَا، أي: ظَهرَ لأبي بكرٍ رضِي اللهُ عنه رأْيٌ في أمْرِه بِخلافِ ما كان يفعلُه، فَابتَنى مَسجِدًا بِفِناءِ دارهِ، أي: ما امتدَّ مِن جوانبِها، وهو أوَّلُ مسجدٍ بُنِيَ في الإسلامِ، وبَرزَ، أي: ظَهرَ أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه، فكان يُصلِّي فيه ويَقرأُ القرآنَ فَيتقصَّفُ عليه نِساءُ المشرِكينَ وأبناؤُهم، أي: يَزدَحمون عليه، ويَنظُرون إليه، وكان أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه رَجلًا بَكَّاءً، أي: كثيرَ البُكاءِ، لا يَملِكُ دَمْعَهُ، أي: لا يَملكُ إسكاتَ عَينَيْه عَنِ البكاءِ مِن رِقَّةِ قَلبِه، وذلك حين يَقرأُ القرآنَ، فَأَفْزعَ، أي: أَخافَ ذلك أشرافَ قُريشٍ مِنَ المشركينَ؛ لِمَا يَعلَمونَ مِن رِقَّةِ قلوبِ النِّساءِ والشَّبابِ أنْ يَميلوا إلى دِينِ الإسلامِ، فأرْسَلوا إلى ابنِ الدِّغِنَّةِ فَقدِمَ عليهم فقالوا له: إنَّا كنَّا أجَرْنَا، أي: أمَّنَّا، أبا بكرٍ على أنْ يَعبدَ ربَّه في دارِه، وإنَّه جاوَزَ ذلك فَابتنَى مسجدًا بِفِناءِ دارِه وأَعلنَ الصَّلاة َوالقراءةَ وقدْ خَشِينا أنْ يَفتنَ أبناءَنا ونِساءَنا، فَائْتِه فَإنْ أَحبَّ أنْ يَقتصِرَ على أنْ يَعبُدَ ربَّه في دارِه فَعلَ وإنْ أبَى، أي: امْتنعَ، إلَّا أنْ يُعلنَ ذلك، فَسلْه أنْ يَرُدَّ إليك ذِمَّتكَ، أي: عهْدَك له؛ فإنَّا كرِهْنا أنْ نُخْفِرَك، أي: نَنقُضَ عهْدَك، ولسْنا مُقِرِّينَ لأبي بَكرٍ الاستعلانَ، أي: لا نَسكتُ على الإنكارِ عليه؛ خوفًا على نِسائِنا وأبنائِنا، فَأتى ابنُ الدِّغِنَّةِ أبا بكرٍ رضِي اللهُ عنه فقال له: قد عَلمْتَ الَّذي عقدْتُ لك عليه، فإمَّا أنْ تَقتَصِرَ على ذلك، أي: على الَّذي شرَطوه، وإمَّا أنْ تُردَّ إليَّ ذِمَّتي، أي: عهدي؛ فإنِّي لا أُحبُّ أنْ تَسمعَ العربُ أنِّي أُخْفرتُ، أي: غُدِرْتُ، في رَجلٍ عَقدْتُ له، قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه: إِنِّي أَردُّ إليكَ جِوارَك وأرْضَى بِجوارِ اللهِ، أي: بِأمانةِ اللهِ وحمايتِه، وفيه قوَّةُ يَقينِ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه، وقد كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومئذٍ بِمكَّةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قدْ أُريتُ دارَ هِجرتِكم، رأيتُ سَبَخةً، أي: أرضًا تعْلُوها الملوحةُ ولا تكادُ تُنبِتُ إلَّا بعضَ الشَّجرِ، ذاتَ نَخلٍ بَيْنَ لابَتَينِ: تَثْنيةُ لابَةٍ، وهما الحَرَّتانِ، والحَرَّةُ أرضٌ بها حجارةٌ سُودٌ، فهاجَرَ مَن هاجَرَ مِنَ المسلِمينَ قِبَلَ المدينةِ حين ذكَرَ ذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ورجَعَ إلى المدينةِ بعضُ مَن كان هاجَرَ إلى أرضِ الحَبشةِ، وتجهَّزَ أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه مهاجرًا، أي: طالبًا لِلهِجرةِ مِن مكَّةَ، فقالَ له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: على رِسْلِك، أي: على مَهَلِك مِن غيرِ عَجلةٍ؛ فَإِنِّي أرجو أنْ يُؤذنَ لي، أي: يأذنَ اللهُ لي في الهجرةِ، فقالَ أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه: هلْ ترجو ذلك بأبي أنتَ، أي: مَفْدِيٌّ أنتَ بأبي، قال عليه الصَّلاة والسلام: نعم أرجو ذلك، فَحبسَ أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه نفْسَه، أي: مَنعَها مِنَ الهجرةِ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِيصحَبَه، أي: لِيكونَ صاحبًا له في الهجرةِ، وهذا ما كان، وعلَفَ رَاحلتَينِ كانَتا عندَه ورقَ السَّمُرِ، وهو الخَبَطَ أربعةَ أشهُرٍ.
وفي الحديثِ: فضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي بكر رضِي اللهُ عنه، وأنَّه كان أشبهَ الناسِ أَخلاقًا برسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيه: ما كان عليه العربُ المُشرِكون مِن حِفظِ العَهدِ والجوارِ.
الدرر السنية (http://katarat1.com/forum/showthread.php?t=1887&page=14)

أم أبي التراب
01-03-2017, 04:35 PM
" تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "القصص: 83.

خطبة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله

قال أبو الحسن: حدثنا المغيرة بن مطرف، عن شعيب بن صفوان، عن أبيه قال: خَطب عمرُ بن عبدالعزيز بخُناصرة خُطبةً لم يَخْطب بعدها حتَّى مات رحمه الله؛ حَمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"أيها الناس، إنكم لم تُخْلقوا عَبَثًا، ولم تُتركوا سُدًى، وإنَّ لكم معادًا يحكم الله بينكم فيه، فخاب وخَسِر مَن خَرج من رحمة الله التي وَسِعَت كلَّ شيء، وحُرم جَنَة عرضها السماواتُ والأرض.
واعلموا أنَّ الأمان غدًا لمن يخاف اليوم، وباع قليلاً بكثير، وفانيًا بباقٍ، ألا تَرَوْن أنكم في أصلاب الهالكين، وسَيخلفها مِن بعدكم الباقون، حتى تُرَدُّوا إلى خير الوارثين.
ثم إنِّكم في كُل يوم تشيِّعون غاديًا ورائحًا إلى الله، قد قَضى نَحْبَه، وبَلغ أجَلَه، ثم تغيِّبونه في صدْعٍ في الأرض، ثم تَدَعُونه غير مُوَسَّد ولا مُمَهَّد، قد خَلَع الأسباب، وفارق الأحباب، وواجه الحساب، غنيًّا عما تَرك، فقيرًا إلى ما قَدَّم.
وايم الله، إني لأقول لكم هذِه المقالة وما أعلم عندَ أحدٍ منكم من الذنوب أكثرَ مِمَّا عندي؛ فأستغفر الله لي ولكم، وما تَبْلُغنا حاجةٌ يتَّسع لها ما عِنْدنا إلا سَدَدْناها، ولا أحدٌ مِنكم إلا وَدِدْت أنَّ يَده مع يدي ورحمي الذين يلونني، حتى يَسْتوي عيشُنا وعيشُكم.
وايم الله، إني لوْ أرَدتُ غيْرَ هذا من عيش أو غضارة لكان اللسانُ به ناطقًا ذَلُولاً عالمًا بأسبابه، ولكنَّه مَضى من الله كتابٌ ناطقٌ وسُنَّةٌ عادلةٌ، دلَّ فيهما على طاعته، ونَهى عن مَعْصيته... ".
ثم بَكى، فتلقَّى دُموعَ عَيْنَيْه بردائه ونَزل، فلم يعُد بعدَها على تلك الأعواد حتى قَبَضَه الله تعالى.الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/2847/)

في رحاب عمر بن عبدالعزيز


ما أروعَ الحديثَ حينما يكونُ عن الإصلاح! وما أجملَ الكلماتِ حينما تدور حولَ المُثُل والعدل! ولكن أروع من ذلك وأجمل أن نرى المُثُل والعدلَ رجالاً، والإصلاح فعالاً، أن نرى ذلك كله في شخصياتٍ عاشتْ ذلك واقعًا ملموسًا، وشاهدًا محسوسًا.
نقف - إخوة الإيمان - مع عَلَمٍ من أعلامِ الدنيا، وشامةٍ من شاماتِ الإسلام، مع عَلَمٍ أدهشَ التاريخ، وأذهلَ البَشَريَّة، إذا ذُكِر العدلُ تَلأْلأَتْ مَسَامتُه، وإذا ذُكِرَ الزُّهْد رَفْرَفَتْ رايتُه، وإذا ذكر الخوف تَأَلَّقَتْ نساكتُه، وإذا ذُكر الإصلاحُ والإصلاحيون كان هو أوَّلَهم، وحامل رايتهم؛ لقد كان بحقٍّ عَالَمًا في فرد، فأصبحَ بعد ذلك فردًا في العالَم
ذاك الرجل الذي كان دعاتُه يسيحيون في الأمصار: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كل هؤلاء.
ذاك الرجل الذي كان عُمَّالُه يطوفون مملكتَه؛ يحملون الزكاة فلا يجدون من يأخذها.
ذاك الرجل الذي عَمَّ في عهده الأمنُ والأمان، فهدأت الثورات، وصلح المعاش، واختفتْ مظاهرُ الظُّلم، وغابت مَعالِمُ الفِسْق، وازدانت الأرض بعدْلِه وصلاحِه وإصلاحه.
إن سألتمْ عن سرِّ عظَمَةِ عمر، وندرةِ تَكرارِ شخصية عمر، فهو ذاك التَّحَوُّل العجيب في حياته؛ لقد كان ابن عبدالعزيز قبل الخلافة يعيشُ حياةَ البَذَخِ والتَّرَف، فكان يمتلك أعلى القُصُور، وتُضَمَّخ ثيابُه بأغلى العُطُور، وَيركَبُ أحسنَ المراكب، ويَلْبَسُ أبْهى الحُلل، حتى قال عن نفسه: ما لبسْتُ ثوبًا قط، فَرُئِي عليَّ، إلاَّ خُيِّلَ إليَّ أنه قد بَلِي.
هذا الرجلُ المُتْرَفُ الذي بلغَ في المظهريةِ غايتَها، تَحَوَّلَ منَ النقيضِ إلى النقيض، من الغِنى الفاحش إلى الزُّهْد المعضل.
لم تتغَيَّرْ حالُه بسبب موتِ قريب، ولا بفجيعةٍ لعزيز، ولا أنه قد كبر في السِّنِّ، أو اعتلَّه المرض، كلاَّ، لقد كانتْ نقطةُ التحوُّلِ في حياةِ عمر أن تولَّى الخلافة، فأصْبَحَتْ خزائنُ الدُّنيا بحذافيرها بين يديه في هذه اللَّحظة، التي تضعف فيها النُّفوس، كانت نقطة الاستقامة والتحوُّل في حياة عمر.
عندها غيَّر عمر مسار حياته؛ لأنه تَيَقَّن أنَّه قد تَحمَّلَ حِملاً عظيمًا كبيرًا، فَرفَضَ أطايبَ الحياةِ ومناعمها، ولاذَ بِتَقَشُّفٍ وشَظَفٍ، لا يَكاد يُطاق.
بدأ ابن عبدالعزيز خلافته بإصلاح مملكتِه، فبدأ بنفسِه، فنظَر إلى ثروتِه، فباعَ ما يملك، وردَّه في بيت المال، ثم غدا على زوجته فاطمة بنت عبدالملك. .الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/5167/)

أم أبي التراب
01-15-2017, 01:28 AM
المجلس الثالث عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
تابع لا عيش إلا عيش الآخرة
سرِّ عظَمَةِ عمر بن عبد العزيز
سرِّ عظَمَةِ عمر، وندرةِ تَكرارِ شخصية عمر، فهو ذاك التَّحَوُّل العجيب في حياته؛ لقد كان ابن عبدالعزيز قبل الخلافة يعيشُ حياةَ البَذَخِ والتَّرَف، فكان يمتلك أعلى القُصُور، وتُضَمَّخ ثيابُه بأغلى العُطُور، وَيركَبُ أحسنَ المراكب، ويَلْبَسُ أبْهى الحُلل، حتى قال عن نفسه: ما لبسْتُ ثوبًا قط، فَرُئِي عليَّ، إلاَّ خُيِّلَ إليَّ أنه قد بَلِي.
هذا الرجلُ المُتْرَفُ الذي بلغَ في المظهريةِ غايتَها، تَحَوَّلَ منَ النقيضِ إلى النقيض، من الغِنى الفاحش إلى الزُّهْد المعضل.
لم تتغَيَّرْ حالُه بسبب موتِ قريب، ولا بفجيعةٍ لعزيز، ولا أنه قد كبر في السِّنِّ، أو اعتلَّه المرض، كلاَّ، لقد كانتْ نقطةُ التحوُّلِ في حياةِ عمر أن تولَّى الخلافة، فأصْبَحَتْ خزائنُ الدُّنيا بحذافيرها بين يديه في هذه اللَّحظة، التي تضعف فيها النُّفوس، كانت نقطة الاستقامة والتحوُّل في حياة عمر.
عندها غيَّر عمر مسار حياته؛ لأنه تَيَقَّن أنَّه قد تَحمَّلَ حِملاً عظيمًا كبيرًا، فَرفَضَ أطايبَ الحياةِ ومناعمها، ولاذَ بِتَقَشُّفٍ وشَظَفٍ، لا يَكاد يُطاق.
بدأ ابن عبدالعزيز خلافته بإصلاح مملكتِه، فبدأ بنفسِه، فنظَر إلى ثروتِه، فباعَ ما يملك، وردَّه في بيت المال، ثم غدا على زوجته فاطمة بنت عبدالملك. .الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/5167/)

فاطمة زوجة الخليفة عمر بن عبد العزيز

هي فاطمة بنت عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص، أحد خلفاء الدولة الأموية، وأمها أم المغيرة بنت خالد بن العاص، وأخوتها الخلفاء الثلاثة: الوليد وسليمان ويزيد، وزوجها الخليفة عمر بن عبد العزيز، فهي كما قال الشاعر فيها:
بنت الخليفة والخليفة جدها 000أخت الخلائف والخليفة زوجها


*حين بلغت فاطمة مبلغ النساء تزوجها ابن عمها عمر بن عبد العزيز، الذي تربى في كنف أبيها عبد الملك وتحت عنايته، وعاشت فاطمة مع زوجها عمر عيشة مترفة منعمة، فقد أضحى عمر والي المدينة، ورزقهما الله منه بابنين اثنين هما: إسحاق ويعقوب.
ودامت هذه الحياة الهنيئة حتى كان عام تسع وتسعين من الهجرة حين تولى زوجها خلافة الأمة، فانقلبت حياته، وغدا – وهو الشاب الذي غُذّي من آنية الملك - إمامًا زاهدًا تثقل مسئولية الخلافة كاهله.
*لما وَلِيَ الخلافة أحدث في نفسه تغييرًا شاملاً وانقلابًا خطيرًا، وظهر آثار هذا التغيير واضحة جليَّة على جميع تصرفاته، وفي مجتمعه.
لقد قام منهجه التغييري على قواعدَ وأسس مستمدة ومستوحاة من شرع الله.
وكان من هذه القواعد والأسس قاعدةٌ كان لها الأثر الكبير في تكوين شخصيته وانطلاقته المباركة، ألا وهي الزهد في الدنيا، قاعدة التجرد المطلَق، والنزاهة في أروع صورها!
.الألوكة (http://www.alukah.net/culture/0/73727/)
عندما تولَّى "عمر" الخلافة نَظَرَ في بيت مال المسلمين، ثم نظر إلى ما في يده، ثم نظر إلى ما في يد أمراء بني أُميَّة، فماذا فعل ؟
بدأ بنفسه، فدعا زوجه فاطمة ابنةَ الخليفة عبدالملك بن مروان، وزوجةَ الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأختَ الخلفاء الأربعة: الوليد، وسليمان، ويَزِيد، وهشام، هم خلفاء بحكم الوراثة، فسألها عمر سؤالاً، قال لها: اختاري يا فاطمة، قالت: أيَّ شيءٍ اختار يا أمير المؤمنين؟
قال لها: إما أن تختاري الذهب والجواهر والزُّمُرُّد ومتاع الدنيا، وإما أن تختاري عمر بن عبدالعزيز، نَعَمْ، خَيَّرَها عمر بين نفسه وبين ما تملك من زينة زُفَّتْ بها؛ لأنها بنت الخليفة.
فماذا قالت فاطمة؟ هذه السيدة المسلمة التي تربَّت في مدارس الإسلام، ونهلت من مناهل القرآن، قالت بلسان اليقين، ومنطق الحق المبين: والله لا أختار عليك أحدًا يا أمير المؤمنين، هذا ذهبي، وتلك ثياب زفافي المرصَّعة بالماس والزُّمُرُّد، ثم قالت: إلى أين تريد الذهاب بها يا عمر؟ قال: سأذهب بها إلى بيت مال المسلمين؛ لتكون للفقراء والمساكين!
الله أكبر، هذا هو العدل كله، وهذه هي النزاهة كلُّها، وهذا هو الزُّهد كلُّه، والإخلاص كلُّه.
يا عمر، إلى أين تذهب بجواهرها وذهبها وزينتها وثياب زفافها؟ إلى أين تذهب بهذا كلِّه يا عمر؟ إلى بيت مال المسلمين؛ لتكون للفقراء والمساكين !وإذا بفاطمة تقول بلسان يَقِينها: جعلني الله وإياك - يا عمر - فِداءً لله ورسوله.
وعندما مات عمر، وتولَّى الخلافة بعده "يزيد بن عبدالملك" أخو فاطمة، فقال لها: يا فاطمة، أنا أعلم أنَّ عمر أخَذَ مالك كلَّه، ووضعه في بيت المال، أتأذنين أنْ أعيدَه إليك؟ فقالت له بلسان الحقِّ: ماذا تقول يا يَزِيد؟! أتريد أن آخذَ شيئًا وضعه عمر في بيت مال المسلمين؟! فو الله الذي لا إله إلا هو، لن أطيعَهُ حيًّا وأغضبه ميِّتًا أبدًا، وما غادَرَتْ بيتَها قط بعد عمر، حتى وافتها المنيَّة - رضي الله عنها.
هكذا كان عمر، وإلى كمْ عمر نحتاج من الرجال في عصرنا هذا؟! وإلى كمْ فاطمة نحتاج من النساء؟!
ثم انقلب عمر بعد أن بدأ بنفسه إلى بني أُميَّة، فقطع كلَّ صلاتٍ كانوا يأخذونها وأعطياتٍ كانوا يستلمونها، نظر إلى بيت المال، فإذا اسمه بيت مال المسلمين، ليس بيتَ مال عمر، ولا بيت مال الأمراء، ولكن بيت مال المسلمين.
فكلُّ مال أُخِذَ من بيت مال المسلمين فدُفِع إلى أمير، قام عليه عمر فردَّه من حيث أُخِذ، واستشاط أمراء بني أُميَّة غضبًا، فأرسلوا إليه ابنَه عبدالملك، فقالوا: يا عبدالملك، إما أن تستأذنَ لنا على أبيك، وإما أن تبلِّغه عنَّا، قال: قولوا، قالوا: أخبِره أنَّ مَن كان قبله من الأمراء يعطوننا أعطيات ويصلوننا بصلاتٍ، وأنه قد قطعها عنَّا، مُرْهُ فليردَّها علينا، وأَبْلَغَ عبدالملك أباه المقالةَ، فقال: ارْجِع إليهم، فقل لهم: إن أبي يقول: إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يومٍ عظيم، إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يوم عظيم.
أرأيْتُم كيف حافظ عمر على أموال المسلمين؟ فيا أصحاب الوظائف، يا أيُّها الأُمَنَاء على المسلمين، حافظوا على أموال المسلمين كما تحافظون على أموالكم، وخذوا الدرس والعِبْرة من ابن عبدالعزيز، واجعلوا شعاركم: "إني أخاف إن عصيتُ ربِّي عذابَ يوم عظيم".
هنا.المجلس العلمي (http://www.alukah.net/sharia/0/21572/)


هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الإمام الحافظ، العلامة المجتهد، الزاهد العابد، أمير المؤمنين حقاً، أبو حفص، القرشي الأُموي المدني ثم المصري، الخليفة الزاهد الراشد، أشجُّ بني أمية.

وأمه: هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.سبط عمر بن الخطاب .عمرُ بن الخطاب جدُّه لأمِّهِ.
ولادته: ولد عمر بحلوان قرية بمصر و أبوه أمير عليها سنة إحدى وقيل ثلاث وستين
وأما سبب تسميته بأشج بني أمية: فعن ثروان مولى عمر بن عبد العزيز قال: دخل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- إلى إصطبل أبيه فضربه فرس فشجه فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول: إن كنت أشج بني أمية إنك إذاً لسعيد. هنا (https://www.alimam.ws/ref/2117) .
سبب وفاته رحمه الله
- قيل -كان سببها السُّل ، وقيل : سببها أن مولى له سَمَّهُ في طعامٍ أو شراب ، وأعطي على ذلك ألف دينار . فحصل له بسبب ذلك مرض ، فأخبر أنه مسموم ، فقال : لقد علمت يوم سقيت السم . ثم استدعى مولاه الذي سقاه ، فقال له : [ ص: 715 ] ويحك ، ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : ألف دينار أعطيتها . فقال : هاتها . فأحضرها فوضعها في بيت المال ، ثم قال له : اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك . البداية والنهاية (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1053&idto=1053&bk_no=59&ID=1193) .

دامت خلافة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- سنتين وخمسة أشهر.

أم أبي التراب
01-15-2017, 01:32 AM
المجلس الرابع عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
تابع لا عيش إلا عيش الآخرة



زهد وورع البخاري

التعريف به
وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَردِزبَة الجعفي البخاري ، كان جدُّهُ المغيرة مولى لليمان الجعفي والي بخارى ، فانتسب إليه بعد إسلامه . ولد ببخارى سنة 194 هـ ونشأ يتيمًا و أخذ يحفظ الحديث وهو دون العاشرة ولما شب قام برحلة فقصد مكة وأدى فريضة الحج وبقي في مكة زمنًا يتلقى العلم على أئمة الفقه والأصول والحديث, ومن ثَم بدأ يرحل ويتنقل من صقع إسلامي إلى آخر على مدى ستة عشرة سنة كاملة , طاف فيها بكثير من حواضر العلم يجمع فيها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع ما يزيد على 600.000 حديث ورجع إلى ألف محدث وناقشهم فيها وكانوا ممن عُرفوا بالصدق والتقوى وصحة العقيدة , ومن هذه الجملة الكبيرة من الأحاديث انتقى كتابه الصحيح متبعًا في بحثه عن صحتها أدق الأساليب العلمية , في البحث والتنقيب وتمييز الصحيح من السقيم ، وانتقاء الرواة حتى أودع كتابه أصح الصحيح ، ولم يستوعب كل الصحيح . واسماه " الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " .
وأراد أمير بخارى أن يأتي البخاري إلى بيته ليعلّم أولادَه ويُسمعهم الحديث , فامتنع البخاري وأرسل إليه " في بيته يؤتى العلم" أي أن العلم يؤتى ولا يأتي ومن أراد العلماء فليذهب إليهم في المسجد والبيوت ، فحقد عليه وأمر بإخراجه من بخارى , فنزح إلى قرية "خرتنك" القريبة من "سمرقند) وفيها له أقارب , فأقام فيها إلى أن مات سنة 256 هـ عن 62 عاما. رحمه الله رحمة واسعة .الإسلام سؤال وجواب (https://islamqa.info/ar/21523) .
كبيرُ الحفَّاظ وإمام الأئمَّة, أمير المؤمنين في الحديث, الحافظ الحفيظ الشَّهير, المميز الناقد البصير, فخر الأمة, الإمام الهمام الذي شهدت بحفظه العلماء الأثبات, واعترف بضبطه المشايخ الثّقات, حجة الإسلام وعلمه المقدم, العالم العامل الكامل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاريِّ.
وُلِدَ الإمام البخاريُّ يومَ الجمعة بعدَ الصلاة لثلاث عشرة ليلةٍ خلت من شوال سنة 194هـ بمدينة بخارى, وكان أسمرَ نحيف الجسد ليس بالطويل ولا بالقصير.
بيئته العلمية وأثرها عليه
البخاريُّ كما قال عنه القسطلانيُّ أحدُ شراح صحيحه: "قد ربا في حجر العلم، حتى ربا, وارتضع ثدي الفضل, فكان على هذا اللبا".
فلا شكَّ أنَّ طيب أصل البخاريِّ وبيئته العلميَّة الخالصة كان له أثرٌ كبير وخطير في توجه البخاري في حياته, فأبوه إسماعيل بن إبراهيم كان من الثِّقات، سمع من مالك وحمَّاد بن زيد وابن المبارك, وأمُّه كانت من العابدات الصالحات, صاحبةَ كرامات عظيمة, فقد كفَّ بصرُ البخاريِّ وهو طفل صغير، فقامت تدعو وتُصلِّي وتبكي وتبتهل, حتى رد الله -عزَّ وجلَّ- بصر ولدها، وذلك من كمال حكمته -عزَّ وجلَّ- لما كان ينتظر هذا الصبيَّ من مستقبلٍ مبهر في سماء العلوم والمعارف.
وقد مات أبوه وهو في ريعان شبابه, فنشأ البخاريُّ يتيمًا في حجر أمه, وكانت أمه عاقلة صالحة فدفعت به إلى طريق العلم والحديث منذ نعومة أظافره, وقد لاحظت أمُّه أنه يمتلك حافظة فريدة, فدفعت به إلي حِلَق السَّماع وهو في سن السابعة, وقيل وهو في سن العاشرة, فكان يجلسُ إلى المعلم في الكُتَّاب حتى العصر، بعدها ينطلقُ إلي مجلس الإمام الداخليِّ من كبار محدثي بخارى، ليسمع منه الحديث ويكتبه.
ظهرت أولى علامات نبوغه ونجابته المبكرة، وهو في سن الحادية عشرة عندما أصلح رواية حديثٍ لشيخه الدَّاخلي, ورجع الداخليُّ لقوله, ولما بلغ السادسة عشر كان قد حفظ كتبَ ابن المبارك ووكيع
أخلاقه وعبادته
من الأمور الثَّابتة في سجل علماء الأمة الربَّانيِّين, أن لن تجد أحدًا منهم مسرفًا على نفسه, أو مفرطاً في حق ربِّه, أو سيئ الأخلاق مع الناس, فعلماءُ الأمة الكبار وأئمَّتها الأعلام قد كمُل حالهم علمًا وعملاً وخلقًا وديانة, والبخاريُّ على نفس الدرب يسير, فلقد كان زاهدًا عابدًا كريمًا سمحًا متواضعًا شديد الورع.
قال ابنُ مجاهد: "ما رأيتُ بعينيَّ منذ ستين سنةً أفقهَ, ولا أورعَ ولا أزهدَ في الدنيا من محمد بن إسماعيل", فقد كان البخاريُّ يأتي عليه النهار, فلا يأكل فيه شيئًا سوى لوزتين أو ثلاثة, كان ذات مرةٍ بالبصرة فنفدت أمواله، فمكث في بيته عدة أيام لم يخرج، لأنه لم يجد ما يسترُ به بدنه, ورغم زهده ورقَّة حاله، إلا أنه كان جوادًا سمحًا كثير الصَّدقة, واسعَ الصَّدر, عظيم الاحتمال, سهل الجناب, يُقابل الإساءة بالإحسان, يترك كثيرًا من الحلال خشية الشُّبهة والوقوع في الحرام, والأمثلة على ذلك كثيرةٌ، ومنها:
أنَّه كان في بيته ذاتَ مرَّة, فجاءت جاريتُه، وأرادت دخولَ المنزل, فعثرت على محبرة بين يديه, فقال لها كيف تمشين؟ قالت: إذا لم يكن طريق, كيف أمشي؟ فبسط يديه, وقال: اذهبي, فقد أعتقتك, فقيل له: يا أبا عبد الله, أغضبتك الجارية؟ فقال: إن كانت أغضبتني, فقد أرضيتُ نفسي بما فعلت.
قال البخاريُّ يومًا لأبي معشر الضَّرير: اجعلني في حِلٍّ يا أبا معشر, فقال: من أيِّ شيءٍ؟ فقال: رويتُ حديثًا, فنظرتُ إليك وقد أعجبتَ به وأنت تُحرِّك رأسك ويديك، فتبسَّمتُ من ذلك, قال: أنتَ في حِلٍّ, يرحمُك اللهُ يا أبا عبد الله.
قام يُصلِّي يومًا فلدغه زنبور سبعةَ عشر مرة, فلم يَقطع صلاته ولمَّا عوتب في ذلك، قال: كنت في سورةٍ, فأحببتُ أن أُتِمَّها, وكان يُصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة, أما في رمضان فكان له نهجُه التعبديُّ الخاص به, فقد كان يجتمع إليه أصحابه, فيُصلي بهم, ويقرأُ في كل ركعة عشرين آية, وكذلك إلى أن يختم القرآن, وكان يقرأ في السَّحر, ما بين النِّصف إلى الثُّلث من القرآن, فيختم عند السَّحر, في كلِّ ثلاث ليال, وكذلك يختمُ بالنَّهار في كل يومٍ ختمة, ويكون ختمُه عند الإفطار كلَّ ليلة، ويقول: عند كلِّ ختمةٍ دعوةٌ مستجابة.
كان البخاريُّ رغم مكانته العلمية السامقة، وانشغاله الدائم بالدرس والعلم والرحلة، إلا أنه كان يشترك في أمور المسلمين العامَّة وشئونهم الهامَّة, فلقد كان يُرابط بالثُّغور وينتظم في حلقات الرِّماية, ويحملُ فوق رأسه الآجُرَّ في بناء الربط.هنا (http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.con&ContentID=9684).

أم أبي التراب
01-15-2017, 01:34 AM
محنته ووفاته

ظل البخاريُّ ينتقل من بلد لآخر، وكلَّما حلَّ ببلد طاردته الشائعاتُ، وكتب الذُّهليُّ تلاحقه في كلِّ مكان نزل به، حتى اضطرَّ في النهاية للنزول عند أحد أقاربه ببلدة خرتنك، الواقعة بين بخارى وسمرقند، لتنالَ هذه البلدة شرفاً عظيماً بأن قضى بها الإمامُ آخر أيام حياته..
أ. شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي
الكلام عن محنة البخاري يُثير في القلب شُجونًا وأحزانًا وآلامًا كثيرة؛ ذلك لأنَّ هذه المحنة بالذات ما زالت أصداؤها تتردَّد لوقتنا الحاضر، ولكن بصورة مختلفة وبأوجه جديدة، وما زالت ضروبُ هذه المحنة وأقرانها تقع كلَّ يوم وفي كل عصر وجيل، ولُبُّ هذه المحنة وأساسها الغيرة والحسد بين الأقران، فهي -كما قال البخاريُّ رحمه الله نفسه في وصيته-: "لا يسلم عالمٌ متقدِّم على أقرانه من ثلاثة أمور: طعنُ الجهلاء وملامةُ الأصدقاء وحسدُ العلماء، وهو عينُ ما جرى للبخاريِّ في محنته".
وبدأت فصول محنة البخاريِّ عندما توجه إلى مدينة نيسابور، وهي من المدن الكبيرة في خراسان، فلمَّا وصل إليها خرج إليه أهلُها عن بكرة أبيهم، فلقد استقبله أربعةُ آلاف رجل رُكبانًا على الخيل سوى من ركب بغلاً أو حمارًا، وسوى الرِّجال، وخرج الوُلاة والعلماء كافة لاستقباله قبل أن يدخل المدينة بمرحلتين أو ثلاثة [قرابة المائة كيلو متر مربع] وبالغوا في إكرامه بصورةٍ لم تكن لأحد قبله ولا حتى بعده.
ومن روعة الاستقبال وعظيم التقدير والاحترام الَّذي وجده البخاريُّ بنيسابور، قرَّر المقام فيها لفترةٍ طويلة واتَّخذ فيها دارًا، وأخذ علماءُ نيسابور في حضِّ طلبة العلم على السَّماع من البخاريِّ، وكان رأسُ علماء نيسابور وقتها الإمامُ محمد بن يحيى الذهلي، وكان رأسًا متبوعًا مطاعًا ليس في نيسابور وحدها بل في خراسان كلِّها، الناسُ يطيعونه أكثر من طاعتهم للخليفة والوالي، وكان الذُّهليُ ممن حض الناس على الجلوس للبخاريِّ وحضور مجالسه ودروسه، والذُّهليُّ نفسه كان ممن استفاد كثيرًا من البخاريِّ، حتى إنه كان يمشي خلف البخاريِّ في الجنائز، يسأله عن الأسامي والكُنى والعِلل، والبخاريُّ يمرُّ فيه مثل السَّهم.
ومع استقرار البخاريِّ في نيسابور، أخذت مجالسُ التحديث تخلو شيئًا فشيئًا من طلاب الحديث لصالح مجلس البخاريِّ حتى ظهر الخلل في مجلس كبير علماء نيسابور محمد بن يحيى الذُّهلي نفسه، عندها تحرَّكت النوازعُ البشرية المركوزة في قلوب الأقران، فدبَّ الحسد في قلب الذُّهليِّ وتسلَّلت الغيرةُ المذمومة إلى نفسه شيئًا فشيئًا، حتى وصل الأمر به لأن يخوضَ في حقِّ البخاري ويتكلمَ فيه ويرميه بتُهمةٍ البخاريُّ بريءٌ منها، فما هذه التُّهمة يا تُرى والتي كانت سبب محنة البخاريِّ؟
هذه التهمةُ هي تهمة اللفظية، وهي تعني قول القائل: أنَّ لفظي بالقرآن مخلوق، فقد قال لأصحاب الحديث إنَّ البخاريَّ يقول: اللفظ بالقرآن مخلوق، فامتحنوه في المجلس، فلما حضر الناسُ مجلس البخاريِّ، قام إليه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ما تقولُ في اللفظ بالقرآن مخلوق هو أم غير مخلوق؟ فأعرضَ عنه البخاريُّ ولم يُجبه، فأعاد الرجل السؤال ثلاث مرات، فالتفت إليه البخاريُّ، وقال: "القرآنُ كلام الله غيرُ مخلوق، وأفعال العباد مخلوقةٌ، والامتحان بدعة"، أي: إنَّ البخاريَّ قد أدرك مغزى السؤال، وعلم أنه من جنس السؤالات التي لا يُراد بها وجه الله -عزَّ وجلَّ-، وإنَّما يُراد بها امتحانُ العلماء وإثارة الفتن والفرقة بين الناس، فشغب الرجل السائل على مجلس البخاريِّ، فقام الإمام منه.
بعد هذه الحادثة أخذ الذُّهليُّ في التشنيع على البخاريِّ، واتهمه بالتجهم، وقال: قد أظهر البخاريُّ قول اللَّفظيَّة واللفظيَّة عندي شرٌّ من الجهميَّة، ومَن ذهب بعد إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه، ثم تمادى الذُّهليُّ في التشنيع والهجوم على البخاريِّ، ونادى عليه في الناس ومنع طلبة الحديث من الجلوس إليه، ثم ألزم كلَّ من يحضر مجلسه ألا يجلس للبخاريِّ، فقال يومًا: ألا من قال باللفظ فلا يحلُّ له أن يحضر مجلسنا، وكان في المجلس وقتَها الإمامُ الكبيرُ مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة، فقام الاثنان من مجلس الذُّهليِّ، وهذا الأمر جعل الذُّهليَّ يزداد في هجومه على البخاري، ويصل لأعلى درجات الغلوِّ والغيرة المذمومة، إذ قال بعد حادثة خروج الإمام مسلم من مجلسه: "لا يُساكنني هذا الرجلُ [يعني البخاري] في البلد" وأخذ الجهالُ والسفهاءُ يتعرَّضون للبخاريِّ في الطريق يؤذونه بالقول والفعل، مما أُجبر معه البخاريُّ في النِّهاية لأن يخرج من البلد.
وبالنظر لما قام به الذُّهليُّ بحق البخاريِّ، نجد أن الذهليَّ قد تدرج في التشنيع والهجوم على الإمام البخاريّ، للوصول لغاية محددة منذ البداية، ألا وهي إخراج البخاريِّ من نيسابور حسدًا منه على مكانة البخاريِّ العلميَّة، وحتى لا ينسحبَ بساط الرياسة العلمية منه لصالح البخاري، وهذا ما فهمه البخاريُّ منذ البداية، وقاله لتلامذته ومن سأله عن هذه النازلة، فهذا تلميذه محمد بن شاذل، يقول: "دخلتُ على البخاري لمَّا وقع فيه محمد بن يحيى، فقلت: يا أبا عبد الله، ما الحيلةُ لنا فيما بينك وبين محمد بن يحيى، كلُّ من يختلف إليك يُطرد؟ فقال البخاريُّ: كم يعتري محمد بن يحيى من الحسد في العلم، والعلمُ رزق الله يُعطيه من يشاء"، وقال أحمد بن سلمة: "دخلتُ على البخاريِّ فقلت: يا أبا عبد الله هذا رجلٌ مقبول بخراسان خصوصًا في هذه المدينة، وقد لجَّ في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يُكلمه فيه فما ترى؟ فقبض البخاريُّ على لحيته ثم قرأ"وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ"غافر: 44، اللهمَّ إنك تعلم أنِّي لم أُرد المقام بنيسابورَ أشرًا ولا بطرًا ولا طلبًا للرياسة، وقد قصدني هذا الرجل [يقصد الذُّهليّ] حسدًا لما آتاني الله لا غير، ثم قال لي: يا أحمدُ إني خارجٌ غدًا لتتخلَّصوا من حديثه لأجلي، فقال أحمد بن سلمة: فأخبرت جماعة من أصحابنا بخروج الإمام، فوالله ما شيَّعه غيري، وكنت معه حين خرج من البلد.
وبالفعل خرج البخاريُّ من نيسابور، واتجه إلى مرو من أعمال خراسان؛ ليواصل رحلته العلميَّة، فإذا بالذُّهليِّ يواصل هجومه الشَّرس على البخاريِّ، حتى بعد خروجه من نيسابور، حيثُ أخذ في الكتابة لسائر بلاد ومدن خراسانَ يحذِّرهم من البخاريِّ، وأنه يتبنَّى قول اللفظيَّة، وقد آتت هذه الحملة أُكُلها السّيّء، فكلما توجه البخاريُّ إلى بلد في خراسان وجد الناس ثائرين عليه، وكُتب الذُّهليُّ في حقه تنهال على علماء المدن وأمرائها فتُوغر الصدور وتُحرِّك الشكوك وتُسيء الظنون، حتى وصلت حدَّة الحملات التشويهية ضد البخاري، لأن يقدم رجلان من أكبر علماء الرجال في الحديث، وهما أبو حاتم وأبو زُرعة لأن يقولا: "إنَّ البخاريَّ متروكٌ"، ولا يكتبانِ حديثه بسبب مسألة اللَّفظ، وسبحانَ الله! لا أدري كيف أقدم أبو حاتم وأبو زُرعة على مثل هذه المقولة؟ وكيف تجاسرا عليه؟ والبخاريُّ حامل لواء الصناعة، ومقدم أهل السنة والجماعة، والبخاريُّ أعلى منهما كعبًا في كل باب في الحديث والفقه والحفظ، قال الذَّهبيُّ في السير: "كلامُ الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به، لاسيما إذا لاح لك أنَّه لعداوةٍ أو لمذهب أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمتُ أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين".
وكان البخاريُّ يؤكد في كلِّ مكان أنه لم يقل إنَّ لفظه بالقرآن مخلوق، فعندما سأله الحافظُ أبو عمرو الخفاف عن هذه المسألة، فقال له: "يا أبا عمرٍو، احفظ ما أقولُ لك: مَن زعم مِن أهل نَيسابورَ وقوس والرِّي وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة، أنِّي قلت: لفظي بالقرآن مخلوقٌ فهو كذَّاب، فإني لم أقله، إلا أنِّي قلت: أفعال العباد مخلوقة"، ومعنى هذا التصريح أنَّ الذُّهليَّ الذي خاض في حقِّ البخاريِّ وشوَّه سيرته ومكانته، قد بنى حملته على البخاريّ على لازم قول البخاريِّ أنَّ الأفعال مخلوقة، فقال الذهبيُّ: إنَّ البخاري يقول: إنَّ ألفاظنا من أفعالنا وأفعالنا مخلوقة، إذًا هو يقول إن لفظي بالقرآن مخلوق، ولازمُ القول ليس بلازم، كما هو مذهب جمهور المحققين من العلماء، إلا إذا التزمه صاحب القول، أما إذا نفاه وتبرأ منه فلا يلزمه ولا يشنع عليه بسببه، قال الذَّهبيُّ: ونعوذ بالله من الهوى والمراء في الدين، وأن نُكفِّر مسلمًا موحدًا بلازم قوله وهو يفر من ذلك اللازم ويُنَزِّه ويعظم الرب، لذلك كان البخاريُّ ينفي في كلِّ موطن هذه التهمة عن نفسه ويبرأ منها.
وفاته

ظل البخاريُّ ينتقل من بلد لآخر، وكلَّما حلَّ ببلد طاردته الشائعاتُ، وكتب الذُّهليُّ تلاحقه في كلِّ مكان نزل به، حتى اضطرَّ في النهاية للنزول عند أحد أقاربه ببلدة خرتنك، الواقعة بين بخارى وسمرقند، لتنالَ هذه البلدة شرفاً عظيماً بأن قضى بها الإمامُ آخر أيام حياته، وقد ضاقت عليه الدنيا بما لاقاه من أهلها، وخاصة من رفقاء الدرب وأصحاب الحديث الَّذين حسدوه، وكان في شهر رمضانَ من سنة 256 هجريَّة، فقضى ليالي رمضانَ الأخيرة في القيام والدُّعاء والمناجاة والشَّكوى لربِّ الأرض والسَّموات، وكان غالبُ دعائه في تلك الليالي: "اللَّهمَّ إنَّ الأرض قد ضاقت عليَّ، فاقبضني إليك يا ربَّ العالمين".
وفي ليلة الفطر من سنة 256 هجرية، صعدت الروح الطاهرة إلى بارئها بعد صلاة العشاء، فدُفن من صبيحة الفطر، وقد فاحت رائحةٌ رائعة لم يَشَمَّ الناس مثلها من قبل من قبره، ظَلَّت تفوحُ لفترة طويلة، كما ما زال علمه يفوح ويروح في كل مكان في العالم، فأين حسَّادُهُ؟ وأين الوشاة والساعون فيه؟ طواهم النسيان، وقتلتهم أحقادهم، وبقي ذكر البخاري إلي اليوم، وحتى تقوم الساعة، فهنيئًا له على ما قدَّم للأمة الإسلامية، وسلامٌ عليه إلي يوم الدين. هنا (http://khutabaa.com/index.cfm?method=home.con&ContentID=9685) .

أم أبي التراب
01-31-2017, 03:35 AM
المجلس الخامس عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

صدقُوا اللهَ فصدَقَهُم

معنى "الصدق مع الله" وكيف يحققه المسلم؟
تعريف الصدّيقية:
"الصِّدِّيقِيَّةُ: كمال الإخلاص والانقياد والمتابعة للخبر والأمر ظاهرا وباطنًا"
قال ابن القيم "فأعلى مراتب الصدق: مرتبة الصِّدِّيقِيَّةِ وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص لله عزوجل".
وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان:أن يكونوا مع الصادقينَ وخَصَّ المنُعْمَ عليهم بالنبيينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ فقال تعالى"يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ"التوبة: 119، وقال تعالى"وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا "النساء 69 . .هنا (http://www.saaid.net/rasael/834.htm) .
" وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ " فيما أمر به فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ".
الصِّدِّيقِينَ أفاضل أصحاب الأنبياء لمبالغتهم في الصدق والتصديق "وَالشُّهَدَاءِ" القتلى في سبيل الله، " وَالصَّالِحِينَ" غير من ذكر "وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا" رفقاء في الجنة بأن يستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم وإن كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرهم .تفسير الجلالين.
ومن يستجب لأوامر الله تعالى وهدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فأولئك الذين عَظُمَ شأنهم وقدرهم, فكانوا في صحبة مَن أنعم الله تعالى عليهم بالجنة من الأنبياء والصديقين الذين كمُل تصديقهم بما جاءت به الرسل، اعتقادًا وقولا وعملا والشهداء في سبيل الله وصالح المؤمنين, وحَسُنَ هؤلاء رفقاء في الجنة.التفسير الميسر.

أنواع الصديقية:
- فالصدق في الأقوال:
استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها.
- والصدق في الأعمال:
استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد.
والصدق في الأحوال:
استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة. فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق.
وبحسب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صديقيته ولذلك كان لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه ذروة سنام الصديقية سمي الصديق على الإطلاق والصدّيق أبلغ من الصدوق والصدوق أبلغ من الصادق.
.هنا (http://www.saaid.net/rasael/834.htm) .

" الصدق مع الله "

أجَلُّ أنواعِ الصدقِ ، ويكون المسلمُ صادقًا مع ربِّه تعالى إذا حقَّق الصدق في جوانب ثلاثة : الإيمان والاعتقاد الحسَن ، والطاعات ، والأخلاق ، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، والصادق فيه هو من حققه على الوجه الذي أراده منه ربه تعالى ، ومنه الصدق في اليقين ، والصدق في النية ، والصدق في الخوف منه تعالى ، وليس كل من عمل طاعة يكون صادقًا حتى يكون ظاهرُهُ وباطنُهُ على الوجه الذي يحبه الله تعالى .
وقد بَينَّ الله تعالى الصادقينَ في آيةٍ واحدةٍ ، وهي قوله عز وجل "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْس" ثم قال سبحانه بعد هذه الأوصاف كلها"أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" البقرة/ 177 .
قال ابن كثير رحمه الله :
اشتملت هذه الآية الكريمة على جُمَل عظيمة ، وقواعد عميمة ، وعقيدة مستقيمة ." تفسير ابن كثير " 1 / 485 .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
"أُولَئِكَ " أي : المتصفون بما ذُكر من العقائد الحسنة ، والأعمال التي هي آثار الإيمان ، وبرهانه ونوره ، والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية : فأولئك هم " الَّذِينَ صَدَقُوا" في إيمانهم ؛ لأن أعمالهم صدَّقت إيمانهم ، " وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " لأنهم تركوا المحظور ، وفعلوا المأمور ؛ لأن هذه الأمور مشتمِلَةٌ على كلِّ خِصالِ الخيرِ ، تضمنًا ، ولزومًا ؛ لأن الوفاء بالعهد يدخل فيه الدِّينِ كلِّهِ ، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية : أكبر العبادات ، ومن قام بها : كان بما سواها أقوم ، فهؤلاء هم الأبرار ، الصادقون ، المتقون .
" تفسير السعدي " ص 83 .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ومن فوائد الآية : أن ما ذُكر هو حقيقة الصدق مع الله ، ومع الخلق ؛ لقوله تعالى "أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا " ؛ فصِدْقهم مع الله : حيث قاموا بهذه الاعتقادات النافعة : الإيمان بالله ، واليوم الآخر ، والملائكة ، والكتاب ، والنبيين ، وأنهم أقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وبذلوا المحبوب في هذه الجهات ، وأما صِدقهم مع الخلق : يدخل في قوله تعالى " وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا" ، وهذا من علامات الصدق ، ولهذا قال تعالى ""أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا" فصدقوا في اعتقاداتهم ، وفي معاملاتهم مع الله ، ومع الخلق
" تفسير سورة البقرة " 2 / 293 ، 294 .
ثانيًا:
الصدق مع الله تعالى ليس شيئًا نتجمل به ، ونقنع به أنفسنا وندع العمل ، بل الصدق مع الله يكون في النية ، ويكون في العمل إذا قمنا به ، وتيسرت أسبابه ، والصادق مع ربه تعالى يبلغ بصدق نيته ما يبلغ العامل إن تعذر عليه القيام بالعمل .
فعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" . رواه مسلم ( 1909 )
قال ابن القيم رحمه الله :
ليس للعبد شيء أنفع من صدقه ربَّه في جميع أموره ، مع صدق العزيمة ، فيصدقه في عزمه ، وفي فعله ، قال تعالى : " فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ "محمد21.
فسعادته في صدق العزيمة ، وصدق الفعل ، فصدق العزيمة : جمعها ، وجزمها ، وعدم التردد فيها ، بل تكون عزيمة ، لا يشوبها تردد ، ولا تلوُّم ، فإذا صدقت عزيمته : بقي عليه صدق الفعل ، وهو استفراغ الوسع ، وبذل الجهد فيه ، وأن لا يتخلف عنه بشيء من ظاهره ، وباطنه ، فعزيمة القصد تمنعه من ضعف الإرادة والهمة ، وصدق الفعل يمنعه من الكسل ، والفتور ، ومَن صدَق الله في جميع أموره : صنع الله له فوق ما يصنع لغيره ، وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص ، وصدق التوكل ، فأصدَقُ الناس : مَن صح إخلاصُه ، وتوكله .
" الفوائد " ( ص 186 ، 187 ) .
ثالثًا :
قد يحتار المسلم بم يبدأ ؟ وكيف يرتب أمرَهُ في يومه وليلته ؟ وهذا لا ينبغي أن يكون عائقًا أمام القاصد لفعل الخير ، من طلب العلم ، أو الدعوة إلى الله ، فمثل تلك الفوضى يمكن للمسلم أن يتخلص منها بترتيب ساعات يومه ، فيجعل الجزء الأول من نهاره لحفظ القرآن ، ويرتب باقي يومهِ بين طلبِ العلم عن طريق الأشرطة ، وقراءة الكتب ، وحضور مجالس العلمِ ، وبين أداءِ الواجباتِ التي في ذمته ، زوجًا كان أو زوجة ، عاملاً كان أو متفرغًا .
والله أعلم .الإسلام سؤال وجواب (https://islamqa.info/ar/126306)
ومن أمثلة الصدق مع الله
قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم غار لما التجئوا إليه،فقال أحدهم"والله يا هؤلاء لا يُنْجِيكُمْ إلا الصِّدْقُ،فَليَدْعُ كُلُّ رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه...،فَفَرَّجَ الله عنهم فَخَرَجُوا".
-قال عبدالله بن عمر رضي الله عنه: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ " انطلَق ثلاثةُ رَهطٍ ممن كان قبلَكم ، حتى أوَوُا المبيتَ إلى غارٍ فدخَلوه ، فانحدَرَتْ صخرةٌ منَ الجبلِ فسَدَّتْ عليهمُ الغارَ ، فقالوا : إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعوَ اللهَ بصالحِ أعمالِكم ، فقال رجلٌ منهم : اللهمَّ كان لي أبَوانِ شيخانِ كبيرانِ ، وكنتُ لا أَغبِقُ قبلَهما أهلًا ولا مالًا ، فناء بي في طلبِ شيءٍ يومًا ، فلم أرُحْ عليهما حتى ناما ، فحلَبتُ لهما غَبوقَهما فوجَدتُهما نائمَينِ ، وكرِهتُ أن أَغبِقَ قبلَهما أهلًا أو مالًا ، فلبِثتُ والقَدَحُ على يدي أنتظِرُ استيقاظَهما حتى برَق الفجرُ ، فاستيقَظا فشرِبا غَبوقَهما ، اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك ففرِّجْ عنا ما نحن فيه من هذه الصخرةِ ، فانفرَجَتْ شيئًا لا يستَطيعونَ الخروجَ ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وقال الآخَرُ : اللهمَّ كانتْ لي بنتُ عَمٍّ كانتْ أحبَّ الناسِ إليَّ ، فأرَدتُها عن نفسِها فامتنَعتْ مني ، حتى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ منَ السنينَ ، فجاءَتْني فأعطَيتُها عشرينَ ومِائَةَ دينارٍ على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسِها ، ففعَلَتْ حتى إذا قدَرتُ عليها قالتْ : لا أُحِلَّ لك أن تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بحقِّه ، فتحرَّجتُ منَ الوُقوعِ عليها ، فانصرَفتُ عنها وهي أحبُّ الناسِ إليَّ وترَكتُ الذهبَ الذي أعطيتُها ، اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك فافرُجْ عنا ما نحن فيه ، فانفرَجَتِ الصخرةُ غيرَ أنهم لا يستَطيعونَ الخروجَ منها ، قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وقال الثالثُ : اللهمَّ إني استأجَرتُ أُجَراءَ فأعطيتُهم أجرَهم غيرَ رجلٍ واحدٍ ترَك الذي له وذهَب ، فثمَّرتُ أجرَه حتى كثُرَتْ منه الأموالُ ، فجاءني بعد حينٍ ، فقال : يا عبدَ اللهِ أَدِّ إليَّ أجري ، فقلتُ له : كلُّ ما تَرى من أجرِك ، منَ الإبلِ والبقرِ والغنمِ والرقيقِ ، فقال : يا عبدَ اللهِ لا تَستَهزِئْ بي ، فقلتُ : إني لا أستَهزِئُ بك ، فأخَذه كلَّه فاستاقَه فلم يترُكْ منه شيئًا ، اللهمَّ فإن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك فافرُجْ عنا ما نحن فيه ، فانفرَجَتِ الصخرةُ فخرَجوا يَمشونَ " .
الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 2272- خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية. (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
شرح الحديث
الدُّعاءُ والتَّقرُّبُ إلى اللهِ تعالى بصالِحِ الأعمالِ سَبَبٌ لتَفْريجِ كُلِّ كَرْبٍ، وفي هذا الحديثِ يَحكِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه "انطَلَقَ ثلاثةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كان قَبْلَكم"، أي: مِنَ الأُمَمِ السَّابقةِ، والرَّهْطُ: ما دون العَشَرَةِ مِنَ الرِّجالِ لا يكونُ فيهِمُ امْرأةٌ، "حتَّى أَوَوُا المَبيتَ إلى غارٍ فدخَلوهُ"، أي: لَجَؤوا إلى غارٍ؛ لِيَبيتوا فيه من يَوْمهم، وفي بعضِ الرِّواياتِ أنَّهم دخَلوه لِمَا كان مِنْ أَمْطارٍ، والغارُ: الكَهْفُ، "فانْحَدَرَتْ صخرةٌ مِنَ الجبلِ فسَدَّتْ عليهِمُ الغارَ"، أي: نزلَتْ من أعلى الجبلِ صخرةٌ فأغلَقَتْ مَخْرَجَ الغارِ"، أي: بابَهُ الَّذي يخرُجون منه، فَحُبِسَ الثَّلاثَةُ داخِلَ الجبلِ، "فقالوا"، أي: قال بعضُهم لبعضٍ: "إنَّه لا يُنَجِّيكُمْ من هذه الصَّخرةِ إلَّا أنْ تَدْعوا اللهَ بصالِحِ أعمالِكُمْ"، أي: تَتوسَّلوا إليه وتَدْعوهُ بما كان من عملِكُمُ الصَّالِحِ؛ حتَّى يَستجيبَ اللهُ لكم، ويَفْرِجَ تلك الصَّخرةَ، فقال رَجُلٌ منهم: "اللَّهُمَّ كان لي أَبَوانِ شَيْخانِ كبيرانِ، وكنتُ لا أَغْبِقُ قَبْلَهما"، أي: لا أُقَدِّمُ عليهما في شُرْبِ العَشِيِّ، "أهلًا ولا مالًا"، كِناية عن شِدَّةِ بِرِّهِ بهما، "فَنَاءَ بي في طَلَبِ شيْءٍ يومًا"، أي: طال به الوقتُ خارجَ البيتِ؛ لِبُلوغِ بعضِ الحاجةِ، "فَلَمْ أَرُحْ عليهما حتَّى نامَا"، أي: لم يَرجِعْ إلى البيتِ حتَّى نام الأَبَوانِ، "فَحَلَبْتُ لهما غَبُوقَهُما"، أي: شَرابَهما الَّذي يَشْرَبانِهِ قَبْلَ نَوْمِهما، "فوجدْتُهما نائِمَيْنِ، وكَرِهْتُ أنْ أَغْبِقَ قَبْلَهما أهلًا أو مالًا"، أي: وامْتَنَعَ عن أنْ يَشرَبَ أو يُشْرِبَ أَحَدًا قَبْلَهما، قال الرَّجلُ: "فَلَبِثْتُ والقَدَحُ على يَدي أَنْتَظِرُ استيقاظَهما حتَّى بَرَقَ الفجرُ"، أي: ظهَرَ ضياؤُهُ، والقَدَحُ: الوِعاءُ الذي حَلَبَ فيه، "فاستيقظَا فشرِبَا غَبوقَهما"، أي: ترَكهما نائمَيْنِ مُفَضِّلًا للسَّهَرِ في انتظارِهما على أنْ يُوقِظَهما من نومِهما حتَّى يكونَا هما المُسْتَيْقِظَيْنِ، قال الرَّجلُ: "اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فعَلْتُ ذلك ابتِغاءَ وَجهِكَ"، أي: طلبًا لِمرضاتِكَ، "ففرِّجْ عنَّا ما نحن فيه من هذه الصَّخرةِ"، أي: اجعَلْ لنا منها مَخْرَجًا، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فانفرَجَتْ شيئًا لا يَستطيعون الخُروجَ"، أي: فُتِحَ بابُ الغارِ قَدْرًا يسيرًا.
قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وقال الآخَرُ: "اللَّهُمَّ كانتْ لي بِنْتُ عَمٍّ كانت أَحَبَّ النَّاسِ إليَّ، فأَرَدْتُها عن نَفْسِها"، أي: أراد أنْ يَزنيَ بها، "فامْتَنَعَتْ منِّي، حتَّى أَلَمَّتْ بها سَنَةٌ مِنَ السِّنينَ"، أي: نزلَتْ بها مَضَرَّةٌ جعلَتْها في حاجةٍ وفَقْرٍ، "فجاءَتْني"، أي: تطلُبُ منه المُساعَدةَ، "فأعطيْتُها عِشرينَ ومِئةَ دِينارٍ على أنْ تُخَلِّيَ بيني وبين نَفْسِها"، أي: شَرَطَ عليها أنْ تُمكِّنَهُ من نفْسِها مُقابِلَ المالِ، "ففَعَلَتْ"، أي: وافقَتْ، "حتَّى إذا قَدَرْتُ عليها"، أي: تمكَّنَ منها، واقترَبَ من جِماعِها، قالَتْ بِنْتُ عمِّهِ: "لا أُحِلُّ لك أنْ تَفُضَّ الخاتَمَ إلَّا بِحَقِّهِ"، أي: تُذَكِّرُهُ وتسألُهُ أنْ يَنتَهيَ عنها ولا يُواقِعَها، ومُرادُ قَوْلِها: لا تُزِلْ البَكارَةَ إلَّا بالزَّواجِ الَّذي أحلَّهُ اللهُ، قال الرَّجلُ: "فتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقوعِ عليها، فانصرَفْتُ عنها"، أي: تجنَّبها ولم يَزْنِ بها؛ لِمَا ذكَّرَتْهُ به من حقِّ الله فيها، قال الرَّجُلُ: "وهي أَحَبُّ النَّاسِ إليَّ"، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ حُبَّهُ لها كان أَدْعى إلى الوقوعِ عليها، ومع ذلك انصرَفَ عنها، "وتركْتُ الذَّهَبَ الَّذي أعطيْتُها"، أي: وترَكَ لها المالَ الَّذي قد أَخَذَتْهُ منه، ثمَّ قال: "اللَّهُمَّ إنْ كنتُ فعَلْتُ ذلك ابتغاءَ وَجهِكَ فافْرِجْ عنا ما نحن فيه"، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فانفرَجَتِ الصَّخرةُ غيرَ أنَّهم لا يَستطيعون الخُروجَ منها"، أي: زِيدَ من مِقدارِ فَتْحِ البابِ بتلك الدَّعْوةِ.
قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وقال الثَّالِثُ: "اللَّهمَّ إنِّي استأجَرْتُ أُجَرَاءَ"، أي: عُمَّالًا يَعمَلونَ عِنده مُقابِلَ أَجْرٍ، "فأعطيْتُهم أجْرَهم غيرَ رجُلٍ واحدٍ ترَك الَّذي له وذَهَبَ"، أي: إلَّا عامِلًا ذهَب ولم يأخُذْ أُجْرَتَهُ، "فثَمَّرْتُ أَجْرَهُ"، أي: تاجَرَ له به، "حتَّى كَثُرَتْ منه الأموالُ"، أي: زادَ نَماءُ هذه الأُجْرةِ عِنده، "فجاءني بَعْدَ حينٍ"، أي: جاءه الأجيرُ الَّذي ترَكَ أُجرَتَهُ بعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمنِ، فقال: "يا عبدَ اللهِ، أَدِّ إليَّ أَجْري"، أي: يَطلُبُ منه أُجرتَهُ، فقال له الرَّجُلُ: "كُلُّ ما ترى من أَجرِكَ مِنَ الإبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والرَّقيقِ"، أي: كُلُّ أنواعِ المالِ الَّتي أمامَ نَظَرِكَ هي أَجْرُكَ الَّذي تركْتَ، والرَّقيقُ: هُمُ العَبيدُ المملوكونَ، فقال الأجيرُ: "يا عبدَ اللهَ، لا تَستهزِئْ بي"! أي: يَستنكِرُ عليه ما يدَّعيهِ من أنَّ أُجْرتَهُ قد بلَغَتْ كُلَّ ذلك، فقُلْتُ: "إنِّي لا أَستهزِئُ بك، فأخَذَهُ كُلَّهُ فاستاقَهُ فَلَمْ يَترُكْ منه شيئًا"، أي: أخَذَ كُلَّ ذلك المالِ الَّذي أشار به إليه، وفي ذلك إشارةٌ إلى أنَّ الرَّجُلَ لم يَطمَعْ في شيءٍ من ذلك، ولو بِقَدْرِ ما يترُكُ له الأجيرُ من مُكافَأَةٍ له نَظيرَ فِعْلِهِ، قال الرَّجلُ: "اللَّهمَّ فإنْ كنتُ فعلْتُ ذلك ابتغاءَ وَجهِكَ فافْرِجْ عنَّا ما نحن فيه"، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فانْفَرَجَتِ الصَّخرةُ"، أي: فَتَمَّ لهم بتِلك الدَّعوةِ فَتْحُ الغارِ، "فخرَجوا يَمْشونَ".
وفي الحديثِ: التَّوسُّلُ إلى اللهِ تعالى بالأعمالِ الصَّالحةِ.
وفيه: فَضلُ الإخلاصِ.
وفيه: بيانُ فضلِ بِرِّ الوالِدَيْن وفَضلِ تقديمِهما على سائِرِ الأهلِ والأقارِبِ.
وفيه: فَضلُ التعفُّفِ عن الحَرامِ ومُراقبةِ اللهِ تعالى والخوفِ مِنه.
وفيه: الحَثُّ على بَذْلِ الخيرِ للآخَرينَ دونَ تَلَمُّسِ أَجْرٍ منهم على ذلك، والحَذرُ مِن الطَّمَعِ .
الدرر السنية. (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

أم أبي التراب
01-31-2017, 04:03 AM
المجلس السادس عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع صدقُوا اللهَ فصدَقَهُم
الصدق في النية والإرادة

عن أبي هريرة
"أنَّ اللَّهَ تبارَك وتعالى إذا كانَ يومُ القيامةِ ينزلُ إلى العبادِ ليقضيَ بينَهم وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ فأوَّلُ من يدعو بِه رجلٌ جمعَ القرآنَ ورجلٌ يقتَتِلُ في سبيلِ اللهِ ورجلٌ كثيرُ المالِ فيقولُ اللَّهُ للقارئِ ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولي قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عملتَ فيما عُلِّمتَ قالَ كنتُ أقومُ بِه آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ كذَبتَ ويقولُ له اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ قارئٌ فقد قيلَ ذلكَ ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ ألم أوسِّعْ عليكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ قالَ بلى يا ربِّ قالَ فماذا عمِلتَ فيما آتيتُك قالَ كنتُ أصلُ الرَّحمَ وأتصدَّقُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذَبتَ وتقولُ الملائِكةُ لَه كذَبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جَوادٌ وقد قيلَ ذلكَ ويُؤتى بالَّذي قُتلَ في سبيلِ اللهِ فيقولُ اللَّهُ لَه في ماذا قُتلتَ فيقولُ أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِك فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ فيقولُ اللَّهُ لَه كذبتَ وتقولُ لَه الملائِكةُ كذبتَ ويقولُ اللَّهُ بل أردتَ أن يقالَ فلانٌ جريءٌ فقد قيلَ ذلكَ ثمَّ ضربَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى رُكبتي فقالَ يا أبا هريرةَ أولئِك الثَّلاثةُ أوَّلُ خلقِ اللهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامةِ"
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 2382 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%82%D8%AF+%D9%82%D9%8A%D9%84&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
2382 قال الترمذي :حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قال: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ،قال:أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا قُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَبِحَقٍّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ " - ص 511 - " رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ فَأَسْنَدْتُهُ عَلَيَّ طَوِيلًاثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَحَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ يَقْتَتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ " - ص 512 - " فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وَقَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنْ النَّاسِ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ وَقُلْنَا قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"سورة هود 16 ، 17 .
سنن الترمذي - كِتَاب الزُّهْدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به. هنا (http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=237&Words=%d9%81%d9%8a%d9%82%d9%88%d9%84+%d8%a3%d9%85% d8%b1%d8%aa+%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d 8%af+%d9%81%d9%8a+%d8%b3%d8%a8%d9%8a%d9%84%d9%83+% d9%81%d9%82%d8%a7%d8%aa%d9%84%d8%aa&Type=phrase&Level=exact&ID=223549&Return=http%3a%2f%2fhadith.al-islam.com%2fPortals%2fal-islam_com%2fLoader.aspx%3fpageid%3d236%26Words%3d% d9%81%d9%8a%d9%82%d9%88%d9%84%2b%d8%a3%d9%85%d8%b1 %d8%aa%2b%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%a f%2b%d9%81%d9%8a%2b%d8%b3%d8%a8%d9%8a%d9%84%d9%83% 2b%d9%81%d9%82%d8%a7%d8%aa%d9%84%d8%aa%26Level%3de xact%26Type%3dphrase%26SectionID%3d2%26Page%3d0). وهنا (http://shamela.ws/browse.php/book-782/page-2382) .

فينبغي للمؤمن أن يهتمَّ بالإخلاص لله في أعماله، وأن يَحْذر الرياء فإنه أخفى من دبيب النمل، وليسْتَعِن بالله على تطهير قلبه منه، وليرق نفسه بهذه الرقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها إن أُخِذَتْ بصدق نفعت صاحبها بإذن الله تعالى جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: ((يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل)) فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نَتَّقِيه وهو أَخْفَى من دبيب النَّمْل يا رسول الله؟ قال- يا أيها الناسُ ! اتَّقوا هذا الشِّركَ ؛ فإنه أخفى من دبيبِ النَّملِ . فقال له من شاء اللهُ أن يقولَ : وكيف نتَّقِيه وهو أخفى من دبيبِ النَّملِ يا رسولَ اللهِ ! قال : قولوا : اللهم إنا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئًا نعلَمُه ، و نستغفرُك لما لا نعلمُه

الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 36 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره - الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%85+%D8%A5 %D9%86%D8%A7+%D9%86%D8%B9%D9%88%D8%B0+%D8%A8%D9%83 +%D9%85%D9%86+%D8%A3%D9%86+%D9%86%D8%B4%D8%B1%D9%8 3&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

فواجب علينا جميعًا أن نخلص العمل، ونحذر الرياء وكل ما يخل أو ينقص أجر العمل، نسأل الله أن يجعل أعمالنا كلها صالحة، وأن يجعلها لوجهه خالصة.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.هنا (https://www.alimam.ws/ref/2280) .


وكذلك قصة الأعرابي التي رواها الإمام النسائي-رحمه الله-في سننه الصغرى(1953)وصححها الشيخ الألباني-رحمه الله- عن شداد بن الهاد-رضي الله عنه " أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِهِ واتَّبعَهُ، ثمَّ قالَ: أُهاجرُ معَكَ، فأوصى بِهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعضَ أصحابِهِ، فلمَّا كانَت غزوةٌ غَنمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ سبيًا، فقسمَ وقسمَ لَهُ، فأعطى ما قسمَ لَهُ، وَكانَ يرعى ظَهْرَهُم، فلمَّا جاءَ دفعوهُ إليهِ، فقالَ: ما هذا؟ قالوا: قَسمٌ قَسمَهُ لَكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فأخذَهُ فجاءَ بِهِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: ما هذا؟ قالَ: قَسمتُهُ لَكَ، قالَ: ما علَى هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أرمى إلى ههُنا، وأشارَ إلى حَلقِهِ بسَهْمٍ، فأموتَ فأدخلَ الجنَّةَ فقالَ: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهَضوا في قتالِ العدوِّ، فأتيَ بِهِ النَّبيُّ يحملُ قَد أصابَهُ سَهْمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قالَ: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ، ثمَّ كفَّنَهُ النَّبيُّ في جبَّةِ النَّبيِّ، ثمَّ قدَّمَهُ فصلَّى علَيهِ، فَكانَ فيما ظَهَرَ من صلاتِهِ: اللَّهمَّ هذا عبدُكَ خرجَ مُهاجِرًا في سبيلِكَ فقُتلَ شَهيدًا أَنا شَهيدٌ على ذلِكَ"الراوي : شداد بن الهاد الليثي - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 1952 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A+%D8%A7 %D8%AA%D9%8E%D9%91%D8%A8%D9%8E%D8%B9%D9%92%D8%AA%D 9%8F%D9%83%D9%8E+%D8%B9%D9%84%D9%89+%D8%A3%D9%86+% D8%A3%D9%8F%D8%B1%D9%92%D9%85%D9%8E%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).شرح الحديث : كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم أكثرَ المُسلِمينَ إخلاصًا وصِدقًا مع اللهِ سبحانَه، وأحْرَصَهم على الشهادةِ في سَبيلِ اللهِ تعالى؛ لِمَا في قُلوبِهم من الإيمانِ بوعدِ اللهِ تعالى، وقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَرعَى حديثي الإسلامِ ويُوجِّههم إلى ما فيه الصَّلاحُ.
وفي هذا الحديثِ يخبِرُ شدَّادُ بنُ الهادِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلًا مِن الأعرابِ"، والأعرابُ هم سُكَّانُ الباديَةِ مِن العرَبِ، "جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فآمَن به واتَّبَعه"، أي: إنَّ هذا الرَّجُلَ قَدِم مِن الباديةِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فأَسْلَمَ وآمَنَ بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، واتَّبَعه على الهُدَى ودِينِ الحَقِّ، ثمَّ قال الرَّجلُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أُهاجِرُ معَك"، أي: أَترُكُ بادِيَتي وأذهَبُ معَك إلى المدينةِ، وطلَب الرَّجُلُ هذا لِمَا عَلِمَه مِن الثَّوابِ الَّذي أعَدَّه اللهُ للمُهاجِرين، "فأوصى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعْضَ أصحابِه"، فأَذِن له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الهِجرةِ، وأمَر أصحابَه به خيرًا؛ لِيُساعِدوه ويَهتمُّوا لأمرِه؛ لِمَا رآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الرَّجلِ مِن استِعْدادٍ للهجرةِ، وتحَمُّلِ المشاقِّ في سَبيلِ اللهِ، وقد ورَد في حديثٍ آخَرَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يأذَنْ لرَجلٍ مِن الأعرابِ بالهِجرةِ؛ وهذا محمولٌ على أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم كانَ يُعامِلُ كلَّ واحدٍ بما يُناسِبُ حالَه؛ فلَعلَّه عَلِمَ أنَّه لا يتَحمَّلُ مشَقَّةَ الهِجرةِ، فلم يأذَنْ له، وأذِنَ لهذا الذي عَلِمَ أنَّه يَتحمَّلُ، "فلمَّا كانتْ غزوةٌ غَنِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم سَبْيًا"، أي: فلمَّا جاءتْ غزوةٌ، وخرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للقِتالِ فيها وأصاب غَنيمةً فيها أُسارى، "فقَسَم وقسَم له، فأعْطَى ما قسَم له"، أي: قسَم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الغَنيمةَ إلى أجزاءٍ؛ لِيُعطيَ كلَّ واحدٍ نصيبَه، وقسَم للرَّجلِ حقَّه مِن الغنيمةِ، وأعطى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه نَصيبَه لِيُعْطوه له، "وكان يَرْعى ظَهْرَهم"، أي: وكان الرَّجلُ يَعمَلُ على رعْيِ الإبلِ، "فلمَّا جاء دَفَعوه إليه"، أي: فلمَّا جاء مِن رَعْيِه وعمَلِه أعطَوْه حظَّه ونَصيبَه مِن الغَنيمةِ، "فقال: ما هذا؟"، أي: سأَلهم ما هذا الَّذي أعطَيتُموني، "قالوا: قَسْمٌ قسَمه لك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: هذا نَصيبُك وحقُّك الَّذي قسَمه لك النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الغَنيمةِ، "فأخَذه، فجاء به إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: إنَّ الرَّجلَ أخَذ نَصيبَه مِن الغَنيمةِ، وأتى به النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقال: ما هذا؟"، أي: سأَل النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما هذا؟ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "قسَمتُه لك"، أي: هذا نَصيبُك مِن الغَنائمِ الَّتي قُسِمَت، قال الرَّجلُ: "ما على هذا اتَّبعتُك"، أي: ما اتَّبعتُك، وآمنتُ بك، وهاجرتُ معَك مِن أجْلِ الحُصولِ على الغنائمِ، "ولكنِّي اتَّبعتُك على أن أُرْمى إلى هَاهنا- وأشار إلى حَلْقِه- بسَهمٍ، فأموتَ فأَدخُلَ الجنَّةَ"، أي: إنَّما اتَّبعتُك على أن أُجاهِدَ معَك، وأُقاتِلَ أعداءَ اللهِ فأُرْمَى بسَهمٍ، وأشار الرَّجلُ إلى مكانِ حَلْقِه، واستُشهِد فأُدخِلَ الجنَّةَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنْ تَصُدُقِ اللهَ يَصْدُقْكَ"، أي: إنْ كنتَ صادِقًا في قولِك ونيَّتِك هذه، فإنَّ اللهَ يُجازيك على هذا الصِّدْقِ ما تتَمنَّاه مِن الموتِ في سَبيلِه.
قال الرَّواي: "فلَبِثوا قليلًا"، أي: مكَث النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم والصَّحابةُ مُدَّةً قليلةً، "ثمَّ نهَضوا في قِتالِ العَدوِّ"، أي: قاموا للخروجِ لقتالِ العدوِّ مُسرِعين، "فأُتي به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحمَلُ قد أصابه سهمٌ حيث أشار"، أي: جيءَ بهذا الرَّجلِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مَحمولًا مَقتولًا بسَهمٍ في حَلْقِه، وهو المكانُ الَّذي كان يُشيرُ إليه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وتمنَّى أن يُرْمى فيه بسَهمٍ؛ لِيَكون شهيدًا ويَدخُلَ الجنَّةَ، فقال النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأصحابِه: "أهو هو؟!"، أي: أهو هو هذا الرَّجلُ الَّذي قال ما قال؟ "قالوا: نعَم" هو هو الرَّجلُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صَدَق اللهَ فصَدَقه"، أي: كان فيما قال صادقًا مخلِصًا؛ ولذا صدقَه اللهُ وأنجَز له ما تَمنَّاه من الاستشهادِ في سَبيلِه.
قال: "ثمَّ كفَّنه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في جُبَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: جعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كفَنَه الَّذي كفَّنه فيه جُبَّتَه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ويَحتمِلُ أن يكونَ تَكفينُه فيه لالْتِماسِ برَكةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وإلَّا فإنَّ تَكفينَ الشُّهداءِ يكونُ في ثِيابِهم، "ثمَّ قدَّمه فصلَّى عليه"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وضَع جُثْمانَ الرَّجلِ قُدَّامَه، وبينَ يدَيْه؛ لِيُصلِّيَ عليه صَلاةَ الجنازةِ، "فكان فيما ظهَر مِن صَلاتِه"، أي: كان فيما ظهَر في دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في صَلاتِه: "اللَّهمَّ هذا عبدُك، خرَج مُهاجِرًا في سَبيلِك"، أي: يا ربِّ هذا عبدُك، ترَك أهْلَه ومالَه، وهاجَر ابتِغاءَ وجْهِك ومَرْضاتِك، "فقُتِل شَهيدًا"، أي: خرَج للقِتالِ فقُتِل شَهيدًا؛ "أنا شهيدٌ على ذلك"، وفي هذا فضلٌ عظيمٌ ومنقبةٌ جليلةٌ لهذا الرجُلِ رضِيَ اللهُ عنه. وقد استُدلَّ بهذا الحديثِ على مَشروعيَّةِ الصَّلاةِ على الشَّهيدِ.
وفي الحديثِ: فَضلُ الصِّدقِ مع اللهِ تعالى، وأنَّه سببٌ لتحقيقِ ما يُرجَى من الخيرِ.
وفيه: بيانُ شِدَّةِ عِنايةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأصحابِه، خصوصًا الغُرباءَ، حيثُ أمَرَ بعضَ أصحابِه بالقِيامِ على شأنِ هذا الأعرابيِّ؛ تهوينًا عليه مِن أمْرِ الغُربةِ، وتقويةً لدِينِه .الدرر السنية . (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A+%D8%A7 %D8%AA%D9%8E%D9%91%D8%A8%D9%8E%D8%B9%D9%92%D8%AA%D 9%8F%D9%83%D9%8E+%D8%B9%D9%84%D9%89+%D8%A3%D9%86+% D8%A3%D9%8F%D8%B1%D9%92%D9%85%D9%8E%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

أم أبي التراب
02-07-2017, 03:22 PM
المجلس السابع عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع صدقُوا اللهَ فصدَقَهُم
عُمَيْرُ بْنُ الحُمَامِ الأنصاريُّ رضِي اللهُ عنه
1901 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ قَالَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ نَعَمْ قَالَ بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ -
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1901 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية . وهنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=53&ID=901&idfrom=5735&idto=5746&bookid=53&startno=2)
الشرح
يَحكي أنسٌ رضِي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعثَ بُسَيْسَةَ عَينًا، أي: جاسوسًا، ينظُرُ ما صنعَتْ عِيرُ أبي سفيانَ، أي: قافلتُه وهي الدوابُّ الَّتي تَحملُ الطَّعامَ وغيرَه، فَجاءَ ومَا في البيتِ أحدٌ غيرُ أنسٍ رضِي اللهُ عنه وغيرُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فحدَّثَه الحديثَ، فَخرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَتكلَّمَ فقالَ: إنَّ لنا "طِلْبَةً" يريدُ أنَّنا خارِجونَ لِطلبِ القَافلةِ، فَمَن كان ظهْرُه حاضرًا، أي: مركوبُه مِنَ الإبلِ والدوابِّ، فَلْيركبْ معنا فَجعلَ رجالٌ يَستأذِنُونَه في ظَهرانِهم، أي: في إحضارِ مَركوباتِهم في عُلوِ المدينةِ وهي جهةٌ قُباءٍ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا إلَّا مَن كان ظَهرُه حاضرًا، فَانطلقَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه، أي: ذَهبُوا مِنَ المدينةِ حتَّى سبَقُوا المشركينَ إلى بدْرٍ، أي: نَزلُوا بدرًا قَبْلَ الكفَّارِ وجاءَ المشركونَ، أي: بعْدَ المسلمينَ وتَصافُّوا، فقال: صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا يَقْدَمَنَّ أحدٌ منكم إلى شَيءٍ حتَّى أكونَ أنا دُونَه، أي: قُدَّامَه؛ فَدنَا المشركونَ، أي: اقْتَرَبُوا مِن صفوفِ المسلمينَ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قُومُوا إلى جَنَّةٍ، أي: عمَلٍ هو سببُ دُخولِها، عرْضُها السَّمواتُ والأرضُ، أي: كَعرضِ السَّماءِ والأرضِ، فقال: عُمَيْرُ بْنُ الحُمَامِ الأنصاريُّ رضِي اللهُ عنه: يا رسولَ اللهِ جَنَّةٌ عَرضُها السَّمواتُ والأرضُ فَأجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نَعم، فقال: بَخٍ بَخٍ! وهي كلمةٌ تُقالُ عند المدْحِ وَالرِّضَا بِالشَّيءِ وتُكرَّرُ لِلمبالغةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما يَحملُكَ على قولِك: بَخٍ بَخٍ؟) قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ إلَّا رجاءَ، أي: لِطمَعِ أنْ أكونَ مِن أهلِها، أي: مِن أهلِ الجنَّةِ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فإنَّك مِن أهلِها، فَأخرَجَ تَمراتٍ مِن "قَرنِه"، أي: كِنانتِه، يعني: مِن جَعبَةِ نُشَّابِه، فجعل، أي: فَشرَعَ يأكلُ منهنَّ؛ تقويةً لِلبَدَنِ على الجِهادِ، ثُمَّ قال، أي: في أَثناءِ أَكْلِها: لَئِنْ أنا حَيِيتُ، أي: عِشتُ حتَّى آكُلَ تَمراتي هذه، أي: جميعَها، إنَّها لحياةٌ طويلةٌ! يعني: والأمرُ أسرَعُ من ذلك؛ شوقًا إلى الشَّهادةِ، قال فَرمَى بما كان معه مِنَ التَّمرِ، أي: طَرحَ جميعَ ما كان معه، ثُمَّ قاتَلَ حتَّى قُتِلَ في سبيلِ اللهِ.
في الحديثِ: أنَّ مِن فِعلِ الصِّحابَةِ استِقتالَ الرَّجلِ نفسَه في طَلبِ الشَّهادةِ، وإنْ عَلِمَ أنَّه يُقتلُ.
وفيه: المسارعةُ إلى الشَّهادةِ.
وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إرسالَ العيونِ والطَّلائعِ.
وفيه: كتمانُ الأحوالِ وترْكُ الإشاعةِ لِلأمورِ.
وفيه: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَواطنِ الحربِ أنْ يَحَّض النَّاسَ بِتحسينِ الصِّفاتِ لِلجنَّةِ.
وفيه: أنَّ زادَ القومِ كان يسيرًا.
وفيه: فضْلُ عُمَيْرِ بنِ الحُمَامِ رضِي اللهُ عنه.
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%B9%D9%8F%D9%85%D9%8A%D8%B1+%D8%A8 %D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8F%D9%85%D9%8E%D8%A7% D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

قال ابن القيم – رحمه الله - :
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدَّس الله روحه - يقول : إن في الدنيا جنَّة مَن لم يدخلها : لا يدخل جنة الآخرة .
وقال لي مرة : ما يصنع أعدائي بي ؟ أنا جنَّتي وبستاني في صدري ، إن رحتُ فهي معي لا تفارقني ، إن حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .
" الوابل الصيب " ص 67 . انتهى. هنا (https://islamqa.info/ar/105308)
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً "الأحزاب23.
الدروس من غزوة أحد التي وقعت بين المسلمين والمشركين لا تنقضي لمن تأملها، كيف لا وهي دروس قدرها الله -جل وعلا- لتكون نبراسًا يستضيء به الناس بعد ذلك الزمان، وهذه من النعم الله التي منّ بها علينا أن جعل لنا سلفًا نسير على خطاهم ونقتفي آثارهم.
ومن المواقف: ما حصل من قول ابن مسعود، فإنه قال: "لم أكن أرى فينا أحدًا يريد الدنيا يوم أحد حتى أنزل الله: "مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ". وبهذا يتبين للمرء أن إخلاص النية أمر شاق يحتاج إلى جهاد واستحضار جديد لكل عمل، فإذا كان اللهُ بيّن لنا أن بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أراد بعمله الدنيا وهو الغنيمة وهم في المعركة التي تستدعي إخلاص النية أكثر لأنه مقبل على الموت، فما بالك بمن يكون في الأمن والسلامة.
قال سفيان الثوري "جاهدت نيتي عشرين سنة فما استقامت لي".
ومن المواقف التي تُستفاد أن المرءَ قد يفوتُهُ الخيرَ في بعضِ الأحيان، فعليه أن يتهيأَ للفرصةِ القادمةِ ويُعِدُّ لها النيةَ الصالحةَ الصادقةَ كما فعلَ أنسُ بنُ النَّضْرِ،
غاب عِمِّي أنسُ بنُ النضرِ عن قتالِ بدرٍ ، فقال : يا رسولَ اللهِ ، غبتُ عن أولِ قتالٍ قاتلتَ المشركينَ ، لئن اللهُ أشهدني قتالَ المشركينَ ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنعُ . فلما كان يومَ أُحُدٍ ، وانكشفَ المسلمونَ ، قال : اللهمَّ إني أعتذرُ إليكَ مما صنع هؤلاءِ ، يعني أصحابَهُ ، وأبرأُ إليكَ مما صنعَ هؤلاءِ ، يعني المشركينَ . ثم تقدَّمَ فاستقبلَهُ سعدُ بنُ معاذٍ ، فقال : يا سعدُ بنَ معاذٍ الجنةُ وربِّ النضرِ ، إني أجدُ ريحها من دونِ أُحُدٍ ، قال سعدٌ : فما استطعتُ يا رسولَ اللهِ ما صنع ، قال أنسٌ : فوجدنا بهِ بضعًا وثمانينَ : ضربةً بالسيفِ أو طعنةً برمحٍ أو رميةً بسهمٍ ، ووجدناهُ قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ به المشركونَ ، فما عرفَهُ أحدٌ إلا أختُهُ ببنانِهِ . قال أنسٌ : كنا نرى ، أو نظنُّ : أنَّ هذهِ الآيةَ نزلت فيهِ وفي أشباهِهِ " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوْا مَا عَاهَدُوْا اللهَ عَلَيْهِ ". إلى آخرِ الآيةِ . وقال : إنَّ أختَهُ ، وهي تُسَمَّى الرُّبَيِّعَ ، كَسرتْ ثنيَّةَ امرأةٍ فأمرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالقِصَاصِ ، فقال أنسٌ : يا رسولَ اللهِ ، والذي بعثكَ بالحقِّ ، لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتَهَا ، فرَضُوا بالأرْشِ وتركوا القِصَاصَ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " إنَّ من عبادِ اللهِ من لو أقسمَ على اللهِ لأبَرَّهُ " .الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2805 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%90%D9%86%D9%92+%D8%A7%D9%84 %D9%92%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92%D9%85%D9%90%D9%86%D 9%90%D9%8A%D9%86%D9%8E+%D8%B1%D9%90%D8%AC%D9%8E%D8 %A7%D9%84%D9%8C+%D8%B5%D9%8E%D8%AF%D9%8E%D9%82%D9% 8F%D9%88%D8%A7+%D9%85%D9%8E%D8%A7+%D8%B9%D9%8E%D8% A7%D9%87%D9%8E%D8%AF%D9%8F%D9%88%D8%A7+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

شرح الحديث


كان أنسُ بنُ النَّضْرِ رضِي اللهُ عنه مِمَّنْ قال الله فيهم"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ"الأحزاب: 23، فكان رضِي اللهُ عنه صادِقَ العَهدِ مع اللهِ تعالى، وقد غابَ رضِي اللهُ عنه عَن غَزوةِ بدرٍ، فجاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال له: يا رَسولَ اللهِ، غِبْتُ عَن أوَّلِ قِتالٍ قاتلْتَ المشركينَ، لَئِنِ اللهُ أَشهدَني قِتالَ المشركينَ لَيَرَيَّن اللهُ ما أصنَعُ، فلمَّا كان يومُ أُحدٍ، وانكشفَ المسلِمونَ، أي: انكشفوا لِعدُوِّهم وبدَتْ هزيمتُهم، قال: اللَّهمُّ إنِّي أعتذِرُ إليك ممَّا صَنعَ هؤلاء، يعني: أصحابَه مِن تركْهِم لِأمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونزولِهم مِن على الجبلِ لِجمعِ الغنائمِ، وأبرأُ إليك ممَّا صَنعَ هؤلاء، يعني: المشركينَ مِن قتالِهم لِأهلِ الإسلامِ وإيذاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ تَقدَّمَ فاستقبلَه سعدُ بنُ معاذٍ رضِي اللهُ عنه، فقال: يا سعدُ بنَ معاذٍ الجنَّةُ، وربِّ النَّضْرِ، إنِّي أجدُ رِيحها مِن دُونِ أُحدٍ، أي: أجدُ رِيحَ الجنَّةِ وطِيبَها عندَ جبلِ أُحدٍ، قال سعدٌ رضِي اللهُ عنه: فما استطعْتُ يا رسولَ اللهِ ما صنعَ، يعني: لا أستطيعُ أنْ أفعلَ مثلَ فِعلِه مِن إقدامِه وقتالِه لِلمشركينَ، قال أنسُ بنُ مالكٍ رضِي اللهُ عنه وكانَ أنسُ بنُ النَّضرِ رضِي اللهُ عنه عمَّه: فوَجدْنا به بِضعًا وثمانين ضربةً بِالسَّيفِ أو طعنةً بِرمحٍ أو رميةً بسهمٍ، ووجدْناه قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ به المشرِكونَ، أي: قَطَعوا مِن أعضائِه بعد موتِه، فما عرَفَه أَحدٌ إلَّا أُختُه بِبنانِه، يعني: عَرفَتْه بِطرفِ إصبَعِه، قال أنسٌ رضِي اللهُ عنه: كنَّا نَرى، أو نَظنُّ: أنَّ هذه الآيةَ نزلَتْ فيه وفي أشباهِه"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ"، وقال: إنَّ أُختَه، وهي تُسمَّى الرُّبَيِّع، كَسرتْ ثَنيَّةَ امرأةٍ، والثَّنيِّةُ هي الأسنانُ الأماميَّةُ، فأمرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالقِصاصِ، أي: بِكَسْرِ سِنِّها مثلَ ما كسرَتْ سِنَّ المرأةِ، فقالَ أنسٌ رضِي اللهُ عنه: يا رسولَ الله، والَّذي بَعثَك بِالحقِّ، لا تُكسَرُ ثَنيَّتُها، فَرَضوا بِالأرْشِ وتَركوا القِصاصَ، والأَرْشُ: هو العِوَضُ الماليُّ عَنِ الجنايةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «إنَّ مِن عبادِ اللهِ مَن لو أقسمَ على اللهِ لَأبرَّهُ»، أي: لم يَلزَمْه كفَّارةُ يمينٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى سوف يَبَرُّ قَسَمَه؛ وذلك لِمكانتِه عندَ اللهِ.الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%85%D9%90%D9%86%D9%92+%D8%A7%D9%84 %D9%92%D9%85%D9%8F%D8%A4%D9%92%D9%85%D9%90%D9%86%D 9%90%D9%8A%D9%86%D9%8E+%D8%B1%D9%90%D8%AC%D9%8E%D8 %A7%D9%84%D9%8C+%D8%B5%D9%8E%D8%AF%D9%8E%D9%82%D9% 8F%D9%88%D8%A7+%D9%85%D9%8E%D8%A7+%D8%B9%D9%8E%D8% A7%D9%87%D9%8E%D8%AF%D9%8F%D9%88%D8%A7+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .


قالَ عمِّي أنسُ بنُ النَّضرِ ، سمِّيتُ بِهِ ، لم يشْهَد بدرًا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فَكبُرَ عليْهِ ، فقالَ : أوَّلُ مشْهدٍ شَهدَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ غِبتُ عنْهُ ، أما واللَّهِ لئن أراني اللَّهُ مشْهدًا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ليَرينَّ اللَّهُ ما أصنعُ ، قالَ : فَهابَ أن يقولَ غيرَها ، فشَهدَ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يومَ أُحُدٍ منَ العامِ القابلِ فاستقبلَهُ سعدُ بنُ معاذٍ ، فقالَ : يا أبا عمرٍو أينَ؟ قالَ : واهًا لريحِ الجنَّةِ أجدُها دونَ أُحدٍ ، فَقاتلَ حتَّى قُتِلَ ، فوُجِدَ في جسدِهِ بضعٌ وثمانونَ من بينِ ضربةٍ وطعنةٍ ورميةٍ ، فقالَت عمَّتي الرُّبيِّعُ بنتُ النَّضرِ : فما عرفتُ أخي إلَّا ببنانِهِ . ونَزلت هذِهِ الآيةَ"رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 3200 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%82%D8%A7%D9%84+%D8%B9%D9%85%D9%8A +%D8%A3%D9%86%D8%B3+%D8%A8%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%8 6%D8%B6%D8%B1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

أم أبي التراب
02-19-2017, 12:37 AM
المجلس الثامن عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع صدقُوا اللهَ فصدَقَهُم

طلحةُ بنُ عبيدِ اللَّهِ
عن جابر بن عبدالله: "لمَّا كانَ يومُ أُحُدٍ ، وولَّى النَّاسُ ، كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في ناحيةٍ ، في اثني عشرَ رجلاً منَ الأنصارِ ، وفيهم طلحةُ بنُ عُبيدِ اللَّهِ فأدرَكَهم المشرِكونَ فالتَفَتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وقالَ" مَن للقومِ "فقالَ طلحةُ أنا قالَ رسولُ "كما أنتَ "فقالَ رجلٌ منَ الأنصارِ أنا يا رسولَ اللَّهِ فقالَ" أنتَ" فقاتلَ حتَّى قُتِلَ، ثمَّ التفتَ فإذا المشرِكونَ ،"فقالَ مَن للقومِ" فقالَ طلحةُ أنا قالَ "كما أنتَ "فقالَ رجلٌ منَ الأنصارِ أنا، فقالَ "أنتَ "فقاتلَ حتَّى قُتِلَ، ثمَّ لم يزل يقولُ ذلِكَ ويخرجُ إليْهم رجلٌ منَ الأنصارِ فيقاتلُ قتالَ من قبلَهُ حتَّى يُقتَلَ حتَّى بقيَ رسولُ اللَّهِ وطلحةُ بنُ عبيدِ اللَّهِ ،فقالَ رسولُ اللَّهِ "من للقومِ "فقالَ طلحةُ أنا فقاتلَ طلحةُ قتالَ الأحدَ عشرَ حتَّى ضُرِبَت يدُهُ فقطِعت أصابعُهُ فقالَ حِسِّ فقالَ رسولُ اللَّهِ "لو قلتَ بِسمِ اللَّهِ لرفعتْكَ الملائِكةُ والنَّاسُ ينظرونَ" ثمَّ ردَّ اللَّهُ المشرِكينَ.الراوي : جابر بن عبدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح النسائي -الصفحة أو الرقم: 3149 - خلاصة حكم المحدث : حسن من قوله: فقطعت أصابعه...، وما قبله يحتمل التحسين، وهو على شرط مسلم - الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%B3%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87+%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA%D9%83+%D8%A7 %D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9+%D9%88% D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3+%D9%8A%D9%86%D8%B8%D 8%B1%D9%88%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
شرح الحديث : بعدَ غزوةِ بدرٍ الكبرى وهزيمةِ قُريشٍ هزيمةً ساحقةً، لم يَكُنْ شُغلُ قُريشٍ الشَّاغلُ إلَّا الأخْذَ بالثَّأرِ مِن المسلِمين، ثم أتَتْ قُريشٌ بعد سنَةٍ كاملةٍ تُعِدُّ خَيلَها ورَجِلَها لِحَربِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وكان ذلك في غَزوةِ أحُدٍ، وكانتْ هذِه الغزوةُ مِن أشدِّ الغَزواتِ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وعلى المسلمين، وفيها قُتِلَ سَبعون رجُلًا من خيار المسلمين، منهم أسدُ اللهِ وأسدُ رسولِه حمزةُ بنُ عبدِ المُطلَّبِ، وكُسِرتْ رَباعِيَةُ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم وكادَ أن يَنالَ منه المُشرِكون، وثبَت معه ثُلَّةٌ من الصَّحابةِ يُدافِعونَ عنه.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: أنَّه "لَمَّا كان يومُ أحُدٍ"، أي: في غَزوةِ أُحدٍ- وهو جَبلٌ مَشهورٌ بالمدينةِ- وكانتْ تلك الغَزوةُ سَنةَ ثَلاثٍ مِن الهِجرةِ في شوَّالٍ، يومَ السَّبتِ لإحْدى عشْرةَ ليلةً خلَتْ مِنه، "وولَّى النَّاسُ"، أي: ولَّوْا ظُهورَهم وفَرُّوا مُنهَزِمين، "كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في ناحيةٍ"، أي: في جِهةٍ مِن مكانِ الغَزوةِ، وهُو يَصعَدُ جبَلَ أحُدٍ؛ لِيَحتميَ به مِن المشرِكين، "في اثنَيْ عشَرَ رجُلًا من الأنصارِ"، أي: معَه اثنا عشَرَ رجُلًا مِن الأوسِ أو الخزرَجِ أو مِنهُما، "وفيهم طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ" أي: هو واحِدٌ مِنهُم بدليلِ قولِه في آخِرِ الحديثِ: "فَقَاتَلَ قِتَالَ الْأَحَد عَشَر"، وطلحةُ هو ابنُ عُثمانَ بنِ عَمرِو بنِ كعبِ بنِ سعدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ القُرشيُّ، وهو الثَّاني عَشَرَ لكنَّه مِن المهاجِرين، وعَدَّ الكلَّ أنصاريًّا تَغلِيبًا، "فأدرَكَهم المشرِكون"، أي: لَحِق المشركون بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومَن معَه مِن أصحابِه الاثنَي عشَرَ، "فالْتفَتَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: نظَر إلى أصحابِه، "وقال: مَن للقومِ؟"، أي: مَن يَدفَعُ عنَّا القومَ، ويُقاتِلُهم لأجلِنا؟ فقال طَلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ: "أنا"، أي: أنا أقومُ أدفَعُهم عنكم وأُقاتِلُهم، "قال رسولُ اللهِ: كما أنتَ"، أي: لا تَقُمْ إليهم، وابقَ مكانَك، "فقال رجلٌ مِن الأنصارِ"، مِن الأحَدَ عشَرَ الآخَرينَ، ولم يُذكَرِ اسمُه: "أنا يا رَسولَ اللهِ"، أقومُ إليهم أقاتِلُهم وأدفَعُهم عنكم، "فقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لهذا الرَّجُلِ، "أنت فقاتِلْ"، أي: قاتِلِ المشرِكين وادفَعْهم عنَّا، فذهَب، فقاتَل المشرِكين، "حتَّى قُتِل" بصِيغةِ المجهولِ، أي: قتَله المشرِكون شَهيدًا رَضِي اللهُ عَنه، "ثمَّ الْتفَت"، أي: نظَر رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فإذا المشرِكون"، أي: لا يَزالون يُريدون أن يَلحَقوا بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومَن معَه مِن أصحابِه، "فقال"، أي: رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن للقومِ؟"، أي: مَن يَدفَعُ عنَّا القومَ ويُقاتِلُهم لأجلِنا؟ "فقال طلحةُ: أنا"، أي: أنا أقومُ أدفَعُهم عنَّا وأقاتِلُهم، "قال"، أي: رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "كما أنتَ"، أي: لا تَقُم إليهم وابْقَ مكانَك، "فقال رجلٌ مِن الأنصارِ ولم يُذكَرِ اسمُه: "أنا" يا رَسولَ اللهِ، أقومُ إليهم أُقاتِلُهم وأدفَعُهم عنكم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لهذا الرَّجلِ: "أنتَ فقاتِلْ"، أي: قاتِلِ المشركين وادفَعْهم عنَّا، فذهَب فقاتَل المشرِكين "حتَّى قُتل" بصِيغةِ المجهولِ، أي: قتَله المشرِكون شَهيدًا رَضِي اللهُ عَنه، "ثمَّ لم يزَلْ" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "يقولُ ذلك"، أي: يقولُ: مَن للقومِ؟ ويَخرُجُ إلى المشرِكين رجُلٌ مِن الأنصارِ الأحَدَ عشَرَ "فيُقاتِلُ قِتالَ مَن قبلَه"، أي: يُقاتِلُ المشركين مثلَ قتالِ الَّذي قبلَه، "حتَّى يُقتَلَ" بصيغةِ المجهولِ، أي: يَقتُلَه المشركون، فقُتِل الأحَدَ عشَرَ أنصاريًّا كلُّهم، "حتَّى بقِيَ رسولُ اللهِ وطلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ"، آخِرُ الاثنَيْ عشَرَ رجلًا الَّذين كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الموقفِ، "فقال رسولُ اللهِ: مَن للقومِ؟"، أي: مَن يَدفَعُ عنَّا القومَ ويُقاتِلُهم لأجلِنا؟ "فقال طلحةُ: أنا"، أي: أنا أقومُ أدفعُهم عنك وأقاتِلُهم، فقام طلحةُ بعدَما أذِن له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بقتالِهم، فقاتَل طلحةُ "قِتالَ الأحَدَ عَشَرَ"، أي: مِثلَ قُوَّةِ قِتالِهم جميعًا؛ وذلك لبَسالتِه وشِدَّةِ دِفاعِه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وفدائِه بنَفْسِه، ورَدِّه للمُشركِين َوحْدَه بعدَ مَقتلِ الأحدَ عَشرَ رجُلًا الذين كانوا حولَ رسولِ اللهِ، "حتَّى ضُرِبَتْ يدُه فقُطِعَت أصابعُه"، أي: ضرَب المشرِكون يدَه بالسُّيوفِ فقطَعوا أصابِعَ يدِه لَمَّا ضرَبوها بالسُّيوفِ، فقال طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ عِندَما قُطِعَت أصابعُه: "حَسِّ" وهي كلمةٌ تُقالُ عندَ الألَمِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم لطلحةَ عندما قال: حَسِّ، "لو قُلتَ" بدَلَ هذه الكلمةِ: "بسمِ اللهِ"، أي: أستعينُ باللهِ تعالى، وذكَرْتَ اسمَ اللهِ، "لرفَعَتْك الملائكةُ"، أي: في السَّماءِ، "والنَّاسُ يَنظُرون" إليك حتَّى تَلِجَ بك في جوِّ السَّماءِ! "ثمَّ ردَّ اللهُ المشركين"، أي: رجَعوا خائِبين وردَّ اللهُ كيدَهم، ولم يَصِلوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بضررٍ.
وفي الحديثِ: فَضلُ طلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه.
وفيه: الحَثُّ على الاستعانةِ باللهِ في كلِّ وقتٍ وكلِّ ضائقةٍ، حتَّى عندَ التَّوجُّعِ.
وفيه: فَضلُ الأنصارِ رَضِي اللهُ عَنهم ودِفاعُهم عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: أنَّ اللهَ تعالى كافِي نبيِّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%B3%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87+%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA%D9%83+%D8%A7 %D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9+%D9%88% D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3+%D9%8A%D9%86%D8%B8%D 8%B1%D9%88%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).


*كانَ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دِرعانِ يومَ أُحُدٍ ، فنَهضَ إلى الصَّخرةِ فلم يستطِعْ فأقعدَ طلحةَ تحتَهُ ، فصعِدَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عليهِ ، حتَّى استوى على الصَّخرةِ ، فقالَ : سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ " أوجبَ طلحَةُ"
الراوي : الزبير بن العوام - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1692 - خلاصة حكم المحدث : حسن-الدرر السنية . (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D8%A3%D9%82%D8%B9%D8%AF+%D8%B 7%D9%84%D8%AD%D8%A9+%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)

الشرح:كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يُحِبُّون النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حُبًّا شديدًا، وكان يَظهَرُ ذلك جَليًّا في المعاركِ، حيثُ كانوا يَفْدونه بأنفُسِهم، ويَجعَلون أَجسادَهم دُروعًا يَحْمون بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يَحكي الزُّبيرُ بنُ العوَّامِ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّه "كان على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَومَ أحُدٍ"، أي: في غَزوةِ أُحُدٍ، "دِرْعانِ"، مُثنَّى دِرْعٍ، وهو لِباسٌ مِن حَديدٍ يُوضَعُ على الصَّدرِ والظَّهرِ؛ للوِقايةِ مِن ضرَباتِ السُّيوفِ والسِّهامِ والرِّماحِ، "فنهَض إلى صَخرةٍ فلم يَستَطِعْ"، أي: فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يَصعَدَ على صَخرةٍ لِيُتابِعَ حرَكةَ المعركةِ، فلم يَقدِرْ على الصُّعودِ؛ لِثِقَلِ الدِّرْعَين اللَّذَين كان صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَلْبَسُهما، "فأقعَد تحتَه طَلْحةَ"، أي: فجَعل طلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ نفْسَه سُلَّمًا لِيَصعَدَ عليه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، حتَّى تمَكَّن مِن الصُّعودِ على الصَّخرةِ، "فصَعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى استوى على الصَّخرةِ"، أي: بعدَما أعانَه طلحةُ بنَفسِه وجَعَل جَسَدَه سُلَّمًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال: "فسَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: فسَمِعَ الزُّبيرُ بنُ العوَّامِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يقولُ: "أوجَبَ طَلْحةُ"، أي: وجَبَت الجنَّةُ لِطَلحةَ؛ وذلك لأنَّ طَلْحةَ فدَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بنَفسِه وجعَل جسَدَه دِرعًا يَصُدُّ بها الضَّرباتِ الَّتي كانت مُوجَّهةً إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، حتَّى طُعِن وجُرِح مُعظَمُ جسَدِه، ووصَلَت عَددُ الجِراحةِ فيه ما يَزيدُ على الثَّمانينَ ضَربةً، وشُلَّت يدُه رَضِي اللهُ عَنه الَّتي وقَى بها النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي الحديثِ: فَضلُ طَلْحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ ومُكافَأتِه الجنَّةَ؛ لِتَفديَتِه النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بنفسِه وجسَدِه.الدرر السنية . (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D9%81%D8%A3%D9%82%D8%B9%D8%AF+%D8%B 7%D9%84%D8%AD%D8%A9+%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%87&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
مواقف مشرقة لطلحة وبشرى له
"مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) الأحزاب.

من المؤمنين رجال أوفوا بعهودهم مع الله تعالى, وصبروا على البأساء والضراء وحين البأس: فمنهم من وَفَّى بنذره، فاستشهد في سبيل الله، أو مات على الصدق والوفاء, ومنهم مَن ينتظر إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة, وما غيَّروا عهد الله, ولا نقضوه ولا بدَّلوه, كما غيَّر المنافقون.التفسير الميسر .

-" أنَّ أَصحابَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالوا لأعرابيٍّ جاهلٍ : سَلهُ عمَّن قَضى نحبَهُ من هوَ؟ وَكانوا لا يجتَرئونَ على مسألتِهِ يوقِّرونَهُ ويَهابونَهُ ، فسألَهُ الأعرابيُّ فأعرَضَ عنهُ ، ثمَّ سألَهُ فأعرضَ عنهُ ، ثمَّ سألَهُ فأعرضَ عنهُ ، ثمَّ إنِّي اطَّلعتُ مِن بابِ المسجدِ وعليَّ ثيابٌ خضرٌ ، فَلمَّا رآني النبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ " أينَ السَّائلُ عمَّن قضى نحبَهُ ؟ قالَ الأعرابيُّ : أَنا يا رسولَ اللَّهِ ، قالَ "هذا مِمَّن قضى نحبَهُ"الراوي : طلحة بن عبيدالله - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3742 - خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%B3%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%84 %D9%87+%D9%84%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA%D9%83+%D8%A7 %D9%84%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A6%D9%83%D8%A9+%D9%88% D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3+%D9%8A%D9%86%D8%B8%D 8%B1%D9%88%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
"هذا مِمَّن قضى نحبَهُ" أي بذَلَ نفسَهُ في سبيلِ اللهِ، حتى لم يبقَ بينَهُ وبينَ الهلاكِ شيءٌ، فهو كمَن قُتِلَ وإنْ كانَ حيًّا.الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/29540/) .

"دخلتُ على طلحةَ – تعني ابنَ عُبَيدِ اللهِ - ، فرأيتُ منه ثِقَلًا ، فقلتُ له : مالَك ؟ ! لعلك رابَك منا شيءٌ فنَعتِبُك ؟ قال : لا ، ولَنعْمَ حليلةُ المرءِ المسلمِ أنت ، ولكن اجتمعَ عندي مالٌ ، ولا أدري كيف أصنعُ به ؟ قالت : وما يَغُمُّك منه ؟ ادْعُ قومَك ، فاقسِمْه بينهم . فقال : يا غلامُ ! عليَّ بقومي . فسألتُ الخازنَ : كم قَسم ؟ قال : أربعمئةِ ألفٍ"
الراوي : سعدى المرية - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 925 - خلاصة حكم المحدث : حسن موقوف-الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D8%B1%D8%A3%D9%8A%D8%AA+%D9%85 %D9%86%D9%87+%D8%AB%D9%82%D9%84%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

وكان قتلُهُ -في موقعةِ الجَمَلِ- سنة ست وثلاثين من الهجرة في جمادى الآخرة، وله أربع وستون سنة.الألوكة (http://www.alukah.net/sharia/0/29540/)

أم أبي التراب
02-19-2017, 05:51 PM
فريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السعيرِ

- مَنْ ينطلِقُ بصحيفَتِي هذِهِ إلى قَيْصَرَ ولَهُ الجنةُ ؟ فقالَ رجلٌ : وإِنْ لم يَقْبَلْ ؟ قال : وإِنْ لم يقبلْ ! فأخذ دَِحْيَةُ الكتابَ وسافَرَ بِهِ إلى أرضِ الرومِ ، فوافَقَ هِرَقْلَ وهو مقبِلٌ على بيتِ المقدِسِ يزورُهُ عَقِبَ انتصارِهِ على الفُرْسِ قرْبَى إلى اللهِ . وتناوَلَ قيصرُ الكتابَ فقرأَ فيهِ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ . مِنْ محمدٍ رسولِ اللهِ إلى هِرَقْلَ عظيمِ الرُّومِ ، سلامٌ علَى مَنِ اتبعَ الهدَى ، أمَّا بعدُ : فإِنَّي أدعوكَ بدعايَةِ الإسلامِ ، أسلِمْ تَسْلَمْ ، يؤتِكَ اللهُ أجرَكَ مرتَيْنِ ، فإِنْ توليتَ فإِنَّ عليكَ إثمُ الأكَّارينَ – الفلاحينَ - . و يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إلَّا اللهَ ، وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ، فإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا : اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : فقه السيرة
الصفحة أو الرقم: 355 | خلاصة حكم المحدث : صحيح من قوله وتناول قيصر إلى هنا أخرجه البخاري ومسلم- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%83%D9%8E%D8%AA%D9%8E%D8%A8%D9%8E+ %D8%A5%D9%90%D9%84%D9%8E%D9%89+%D9%82%D9%8E%D9%8A% D9%92%D8%B5%D9%8E%D8%B1%D9%8E+%D9%8A%D9%8E%D8%AF%D 9%92%D8%B9%D9%8F%D9%88%D9%87%D9%8F+&st=a&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

قال الإمام مسلم في صحيحه
1773 حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ قَالَ ابْنُ رَافِعٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ-قالا - أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ قَالَ وَكَانَ دَِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَالُوانَعَمْ قَالَ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ قَالَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قَالَ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟، قُلْتُ لَا، قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ لَا ،قَالَ وَمَنْ يَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟قَالَ قُلْتُ لَا بَلْ يَزِيدُونَ ،قَالَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَالَ قُلْتُ لَا .قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ نَعَمْ .قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالًا يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ . قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا .قَالَ فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ .قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ ؟قَالَ قُلْتُ لَا .قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمْ الْعَاقِبَةُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا يَغْدِرُ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ قَالَ ثُمَّ قَالَ بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ. قَالَ إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ قَالَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا قَالَ فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ قَالَ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ .
صحيح مسلم بَاب كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ.
شرح النووي على مسلم (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=5406&idto=5407&bk_no=53&ID=834)
الشرح
" هِرَقْلَ "وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لَهُ ، وَلَقَبُهُ قَيْصَرُ ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ مَلَكَ الرُّومَ يُقَالُ لَهُ : قَيْصَرُ .
قَوْلُهُ "عَنْ أَبِي سُفْيَانَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" يَعْنِي الصُّلْحَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ
قَوْلُهُ" عَظِيمُ بُصْرَى " وَالْمُرَادُ بِعَظِيمِ بُصْرَى أَمِيرُهَا .
قَوْلُهُ" وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي " قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ أَهْوَنَ فِي تَكْذِيبِهِ إِنْ كَذَبَ ، لِأَنَّ مُقَابَلَتَهُ بِالْكَذِبِ فِي وَجْهِهِ صَعْبَةٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْهُ

قَوْلُهُ " وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ " هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ ، وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ " لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ " وَهُوَ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى ، وَمَعْنَاهُ : لَتَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ وَارْتَكَبْتُ الْمَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ ، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ أُقْتَطَعَ دُونَهُ
وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي هَذَا ; لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ صِدْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا شَحَّ فِي الْمُلْكِ ، وَرَغِبَ فِي الرِّيَاسَةِ ، فَآثَرَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ لَوَفَّقَهُ كَمَا وَفَّقَ النَّجَاشِيَّ وَمَا زَالَتْ عَنْهُ الرِّيَاسَةُ وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَوْفِيقَهُ .

وْلُهُ " لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ"
أَمَّا ( أَمِرَ ) أَيْ عَظُمَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ "ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ " فَقِيلَ : ........... وَقِيلَ : إِنَّ أَبَا كَبْشَةَ جَدُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ،

قَوْلُهُ " إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ " بَنُو الْأَصْفَرِ هُمُ الرُّومُ

أم أبي التراب
02-28-2017, 02:39 PM
المجلس التاسع عشر
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
تابع :فريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السعيرِ
النجاشي ملك الحبشة رضي الله عنه
فأول من أسلم من ملوك العجم هو أصحمة بن أبحر النجاشي أسلم رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال في "الإصابة في تمييز الصحابة": أصحمة بن أبحر النجاشي ملك الحبشة، واسمه بالعربية عطية ، والنجاشي لقب له، أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يهاجر إليه، وكان ردءا للمسلمين، نافعا، وقصته مشهورة في المغازي، في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام، وأخرج أصحاب الصحيح قصة صلاته صلى الله عليه وسلم (عليه) صلاة الغائب من طرق. (1/205). هنا (http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=39655) .
النجاشي وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ مَلِكُ الْحَبَشَةِ . مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَانَ مِمَّنْ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَلَمْ يُهَاجِرْ ، وَلَا لَهُ رُؤْيَةٌ ، فَهُوَ تَابِعِيٌّ مِنْ وَجْهٍ ، صَاحِبٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَقَدْ تُوُفِّيَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى عَلَيْهِ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَائِبِ [ ص: 429 ] وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَائِبٍ سِوَاهُ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ قَوْمٍ نَصَارَى ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ كَانُوا مُهَاجِرِينَ عِنْدَهُ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ مُهَاجِرِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَامَ خَيْبَرَ . سير أعلام النبلاء (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=100&bk_no=60&flag=1)

لما تولى النجاشي الملك.. وبعد سنوات من حكمه، انتشر عدله، وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان، وسمع بذلك المسلمون في مكة، فهاجروا إليه فرارًا بدينهم من أذى المشركين واضطهادهم.. لكن الكفار لم يتركوهم يهنئون في دار العدل والأمان، فأرسلوا إلى النجاشي عمرو بن العاص، وهو داهية العرب، وعبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا العظيمة حتى يسلمهما المسلمين الذين جاءوا يحتمون به، ودخل عمرو، وعبد الله، وقدَّما الهدايا إلى النجاشي، وطلبا منه أن يسلمهما المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.

ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَدَعَاهُمْ ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ ، اجْتَمَعُوا ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا ، وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا كَانَ . فَلَمَّا جَاءُوهُ ، وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ ، فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ ، سَأَلَهُمْ فَقَالَ : مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ ؟ قَالَتْ : وَكَانَ الَّذِي يُكَلِّمُهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، إِنَّا كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ; نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ . فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ .
فَعَدَّدَ لَهُ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ ، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا [ ص: 433 ] نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا ، خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ .
فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ : إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ . انْطَلِقَا ، فَوَاللَّهِ لَا أُسَلِّمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أَكَادُ .
سير أعلام النبلاء (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?ID=100&bk_no=60&flag=1)
ثم رد عليهما الهدايا. وعاش المؤمنون في أمان على أرض الحبشة وحفظ لهم النجاشي حقهم. وأسلم النجاشي وشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فعن أبي موسى الأشعري:
"أمرَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ أن ننطلقَ معَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ إلى أرضِ النَّجاشيِّ ، قالَ فبلغَ ذلِكَ قومَنا فبعثوا عَمرَو بنَ العاصِ وعمارةَ بنَ الوليدِ وجمَعوا للنَّجاشيِّ هديةً ، فقَدِمنا وقَدِما علَى النَّجاشيِّ ، فأتَوهُ بِهَديَّتِهِ فقبِلَها وسجدوا ثمَّ قالَ لَهُ عَمرُو بنُ العاصِ : إنَّ قومًا منَّا رغِبوا عن دينِنا وَهُم في أرضِكَ . فقالَ لَهُمُ النَّجاشيُّ : في أرضي ؟ قالوا : نعم . فبعثَ إلينا فقالَ لَنا جعفرٌ : لا يتَكَلَّمُ منكُم أحدٌ أَنا خطيبُكُمُ اليومَ . قال فانتَهَينا إلى النَّجاشيِّ وَهوَ جالسٌ في مَجلسِهِ وعَمرُو بنُ العاصِ عن يمينِهِ وعمارةُ عن يسارِه ، والقسِّيسونَ والرُّهبانُ جلوسٌ سماطينِ ، وقد قال لهُ عمرو بنُ العاصِ وعمارةُ : إنَّهم لا يسجدونَ لَكَ . قال فلمَّا انتَهَينا زَبَرَنا قالَ مَن عندَهُ منَ القسِّيسينَ والرُّهبانُ : اسجدوا للملِكِ . فقالَ جعفرٌ : لا نسجدُ إلَّا للَّهِ فلمَّا انتَهَينا إلى النَّجاشيِّ قالَ : ما يمنعُكَ أن تسجُدَ ؟ قالَ : لا نسجُدَ إلَّا للَّهِ قالَ لَهُ النَّجاشيُّ : وما ذاكَ ؟ قالَ : إنَّ اللَّهَ بعثَ فينا رسولَهُ ، وَهوَ الرسولُ الَّذي بَشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمدُ فأمرَنا أن نعبدَ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شيئًا ، ونقيمَ الصَّلاةَ ، ونُؤْتيَ الزَّكاةَ ، وأمرَنا بالمعروفِ ، ونَهانا عنِ المنكرِ . قالَ : فأعجبَ النَّجاشيَّ قولُهُ ، فلمَّا رأى ذلِكَ عَمرو بنُ العاصِ قال : أصلحَ اللَّهُ الملِكَ ، إنَّهم يخالفونَ في ابنِ مريمَ . فقالَ النَّجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُكَ في ابنِ مريمَ ؟ قالَ : يقولُ فيهِ قَولَ اللَّهِ هوَ روحُ اللَّهِ وَكَلمتُهُ أخرجَهُ منَ البتولِ العذراءِ الَّتي لم يَقربَها بشرٌ قالَ : فتَناولَ النَّجاشيُّ عودًا منَ الأرضِ ، فقالَ : يا معشرَ القسِّيسينَ والرُّهبانَ ، ما يزيدُ ما يقولُ هؤلاءُ علَى ما تقولونَ في ابنِ مريمَ ما يزنُ هذِهِ ، مرحبًا بِكُم وبمَن جئتُمْ من عندِهِ ، فأَنا أشهدُ أنَّهُ رسولُ اللَّهِ والَّذي بشرَ بهِ عيسَى ابنُ مريمَ ، لَولا ما أَنا فيهِ منَ المُلكِ لأتَيتُهُ حتَّى أحملَ نعلَيهِ ، امكثوا في أرضي ما شئتُمْ وأمرَ لَنا بطعامٍ وَكِسوةٍ ، وقالَ : ردُّوا علَى هذَينِ هديَّتَهما . ....."
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة-الصفحة أو الرقم: 104 | خلاصة حكم المحدث : صحيح . ورجاله رجال الشيخين
الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%82%D8%A7%D9%84+%D8%A7%D9%84 %D9%86%D8%AC%D8%A7%D8%B4%D9%8A&st=p&xclude=&fillopts=on&d%5B%5D=1) .

"لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين ، وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم ، فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ، ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروهما أمرهم ، وقالوا لهما : ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشي فيهم ثم قدموا للنجاشي هداياه ثم سلوه أن يسلمهم إليكم قبل أن يكلمهم . قالت : فخرج فقدم على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي ، ثم قالا لكل بطريق منهم : إنه قد صبأ إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم لنردهم إليه فإذا كلمنا الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم ، فقالوا لهما : نعم ثم إنهما قربا هداياهم إلى النجاشي فقبلها منهما ، ثم كلماه فقالا له : أيها الملك إنه قد صبأ إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا ، وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه . قالت : ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم . فقالت بطارقته حوله : صدقوا أيها الملك ، قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليه فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم . قال : فغضب النجاشي ثم قال : لا ها الله ايم الله إذا لا أسلمهم إليهما ، ولا أكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم . فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ، ورددتهم إلى قومهم . وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني . قالت : ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول له والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم كائن في ذلك ما هو كائن فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال : ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم ؟ قالت : فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له : أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار يأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، و أمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . قال : فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله . وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك . قالت : فقال له النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله من شيء ؟ قالت : فقال له جعفر : نعم . فقال له النجاشي : فاقرأ علي . فقرأ عليه صدرا من كهيعص . قالت : فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم . ثم قال النجاشي : إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدا ولا أكاد . قالت أم سلمة : فلما خرجنا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأنبئنهم غدا عيبهم عندهم ثم أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا : لا تفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا . قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد . قالت : ثم غدا عليه الغد . فقال له : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه . قالت : فأرسل إليهم يسألهم عنه قالت : ولم ينزل بنا مثله ، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول والله فيه ما قال الله ، وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن . فلما دخلوا عليه قال لهم : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ فقال جعفر بن أبي طالب : نقول فيه الذي جاء به نبينا . هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول . قالت : فضرب النجاشي يده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال : ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود . فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ! اذهبوا فأنتم سيوم بأرض –والسيوم الآمنون - من سبكم غرم ، ثم من سبكم غرم . فما أحب أن لي دبرا ذهبا وأني آذيت رجلا منكم – والدبر بلسان الحبشة الجعل – ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه . قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار . قالت : فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه . قالت : فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه . قالت وسار النجاشي وبينهما عرض النيل . قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر . قالت فقال الزبير بن العوام أنا . قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم . قالت ودعونا الله – للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده . واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو بمكة"الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية | المحدث : الوادعي | المصدر : صحيح دلائل النبوة-الصفحة أو الرقم: 96 | خلاصة حكم المحدث : حسن - الدرر السنية (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8E%D8%A8%D9%8E%D9%83%D9%8E% D8%AA%D9%92+%D8%A3%D9%8E%D8%B3%D9%8E%D8%A7%D9%82%D 9%90%D9%81%D9%8E%D8%AA%D9%8F%D9%87%D9%8F+%D8%AD%D9 %8E%D8%AA%D9%91%D9%8E%D9%89+%D8%A3%D9%8E%D8%AE%D9% 92%D8%B6%D9%8E%D9%84%D9%8F%D9%88%D8%A7&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
* - بلغَنَا مخْرَجُ النبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ ونحنُ باليمنِ ، فخرجنا إليهِ أنا وأَخَوانِ لي أنا أصغَرُهُم ، أحدُهُما أبو بُرْدَةَ والآخرُ أبو رُهْمٍ ، إما قال : في بضعِ ، وإما قال : في ثلاثةِ وخمسينَ ، أو : اثْنَينِ وخمسينَ رجلاً في قومي ، فركِبْنا سفينةً ، فألْقَتنا سفينَتُنا إلى النجاشيِّ بالحبَشةِ ، فوافَقنا جعفرَ بنَ أبي طالبٍ ، فأقَمنا معه حتى قدِمنا جميعًا ، فوافَقنا النبيَّ _صلى الله عليه وسلم_ حين افتَتَحَ خيبرَ ، وكان أناسٌ مِنَ الناسِ يقولون لنا يعني لأهلِ السفينةِ : سبَقناكم بالهِجرةِ . ودَخلت أسماءُ بنتُ عُميسٍ ، وهي مِمن قدِم معنا ، على حفصةَ زوجِ النبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ زائرةً ، وقد كانت هاجرت إلى النجاشيِّ فِيمَن هاجرَ ، فدخل عمرُ على حفصةَ وأسماءُ عِندَها ، فقال عمرُ حين رأى أسماءَ : مَن هذه ؟ قالت : أسماء ُبنتُ عُمَيسٍ ، قال عمرُ : آلحبشيةُ هذه ، آلبحريةُ هذه ؟ قالت أسماء ُ: نعم ، قال : سبَقناكم بالهجرةِ ، فنحن أحقُّ برسولِ اللهِ منكم ، فغضبتْ وقالت : كلاَّ واللهِ ، كنتم مع رسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ يُطعمُ جائِعكُم ، ويَعظُ جاهِلَكُم ، وكنا في دارِ - أو في أرضِ - البُعَداءِ البُغَضاءِ بالحبشةِ ، وذلك في اللهِ ورسولهِ _صلى الله عليه وسلم_ ، وايمُ اللهِ لا أطْعَمُ طعامًا ولا أشربُ شرابًا ، حتى أذكرَ ما قلتُ لرسولِ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_ ونحن كنا نُؤذى ونخافُ ، وسأذكرُ ذلك للنبيِّ _صلى الله عليه وسلم_ وأسألُه واللهِ ولا أكذبُ ولا أزيغُ ولا أزيدُ عليه . فلما جاء النبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ قالت : يا نبيَّ اللهِ إن عمرَ قال كذا وكذا ؟ قال : ( فما قُلتِ له ) . قالت : قلتُ له كذا وكذا ، قال : ( ليس بأحقَّ بي منكم ، وله ولأصحابهِ هجرةٌ واحدةُ ، ولكم أنتم - أهلَ السفينةِ - هجرتان ) . قالت : فلقد رأيتُ أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا ، يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم . قال أبو بردة : قالت أسماء : رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني .
الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4230 - خلاصة حكم المحدث :صحيح- الدرر. (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%AC% D9%8E%D8%A7%D8%B4%D9%90%D9%8A%D9%91&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)
قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال: مرحباً بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئاً؟
قال: قلت : نعم أيها الملك ، قد أهديت لك أُدُماً كثيراً.
قال: ثم قدمته إليه ، فأعجبه واشتهاه .
ثم قلت: أيها الملك ، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وأعزتنا .
قال: فغضب ، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها خوفا منه
ثم قلت له: أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه.
فقال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله ؟!
قال: قلت: أيها الملك ، أكذاك هو ؟
قال: ويحك يا عمرو ، أطعني واتبعه ، فإنه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده .
قال: قلت: أتبايعني له على الإسلام ؟ قال: نعم . فبسط يده ، فبايعته على الإسلام.
ثم خرجت على أصحابي ، وقد حال رأيي عما كان عليه ، فكتمت أصحابي إسلامي.
ثم خرجت عامدًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسلامي ، فلقيت خالد بن الوليد ، وذلك قبيل الفتح ، وهو مقبل من مكة ، فقلت: أين يا أبا سليمان؟
قال: والله لقد استقام المنسم ، وان الرجل لنبي ، أذهب والله أُسْلِمُ فحتى متى؟
قال: قلت: فأنا والله ما جئت إلا للإسلام .

قال: فقدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبابع ، ثم دنوت ، فقلت: يا رسول الله ، إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولا أذكر ما تأخر .

قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عمرو ، بايع ، فان الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)). قال: فبايعت ، ثم انصرفت.
ملتقى أهل الحديث (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1261)

أم أبي التراب
02-28-2017, 04:09 PM
المجلس العشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
تابع :فريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السعيرِ
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنه وموته

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيد ولد آدم
نعيش لحظات مؤثرة وعبر جمة مع عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو في سياقة الموت
ثبتنا الله وإياكم على الحق
وقد وردت قصة عجيبة في إسلامه اشتملت على فضيلة له وللنجاشي واشتملت على تاريخ إسلامه وإسلام خالد بن الوليد -رضي الله عنه- .
ومن اللطائف أن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- هو الصحابي الذي أسلم على يد تابعي .-أو صحابي مخضرم- على خلاف-.
أخي المسلم: اكتب بعلم أو اسكت بحلم
ملتقى أهل الحديث (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1261)

عمرو بن العاص من الصحابة الأجلاء

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فإن عمرو بن العاص من الصحابة الأجلاء -رضي الله عنهم- الذين توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راض ، ومن الذين صحت لهم الفضائل والمناقب العديدة.
وقد وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاح وبالإيمان .
- "ابنا العاصى مؤمنانِ : هشامٌ و عَمرو"
الراوي : أبو هريرة |المحدث : الألباني |المصدر : صحيح الجامع -الصفحة أو الرقم: 45 | خلاصة حكم المحدث : صحيح . الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D8%A8%D9%86%D8%A7+%D8%A7%D9%84 %D8%B9%D8%A7%D8%B5+%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D8%A7% D9%86&st=w&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

- خُذْ عليكَ ثيابَكَ ، وسلاحَكَ ، ثمَّ ائتِني . فأتيتُهُ وَهوَ يتوضَّأُ فصعَّدَ فيَّ النَّظَرِ ، ثمَّ طَأطأَهُ فقالَ : إنِّي أريدُ أن أَبعثَكَ على جَيشٍ فيسلِّمُكَ اللَّهُ ويغنِّمُكَ ، وأرغَبُ لَكَ منَ المالِ رَغبةً صالِحةً قال قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ ، ما أسلَمتُ من أجلِ المالِ ، ولَكِنِّي أسلَمتُ رغبةً في الإسلامِ ، وأن أَكونَ معَ رسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - . فقالَ : يا عَمرو ، نِعمَ المالِ الصَّالحِ للمرءِ الصَّالحِ.الراوي : عمرو بن العاص|المحدث : الوادعي|المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 1009 | خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%86%D8%B9%D9%85+%D8%A7%D9%84%D9%85 %D8%A7%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD&st=w&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

وكانت له الجهود العظيمة في حروب الردة وفي الفتوحات الإسلامية وكان من كبار القواد في عهدي عمر وعثمان -رضي الله عنهما- .
وهو فاتح مصر وغيرها من الأماكن .
عمرو بن العاص في سياقة الموت

قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ ‏ ‏وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ ‏ ‏وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ ‏ ‏كُلُّهُمْ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي عَاصِمٍ ‏ -‏وَاللَّفْظُ ‏ ‏لِابْنِ الْمُثَنَّى ‏- قال: ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الضَّحَّاكُ- يَعْنِي أَبَا عَاصِمٍ -‏ ‏قَالَ: أَخْبَرَنَا ‏ ‏حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ‏، ‏قَالَ :حَدَّثَنِي ‏ ‏يَزِيدُ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ ‏، ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ ‏، ‏قَالَ :‏
حَضَرْنَا ‏ ‏عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ‏ ‏وَهُوَ ‏ ‏فِي سِيَاقَةِ ‏ ‏الْمَوْتِ فَبَكَى طَوِيلًا وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ :يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِكَذَا . قَالَ :فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،‏ ‏إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مِنِّي وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ قَالَ فَقَبَضْتُ يَدِي قَالَ:
" مَا لَكَ يَا ‏ ‏عَمْرُو "‏ ‏قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ
قَالَ:" تَشْتَرِطُ بِمَاذَا"؟. قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ ‏:
" ‏أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ"
وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا
فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي ‏ ‏فَشُنُّوا ‏ ‏عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ ‏ ‏جَزُورٌ ‏ ‏وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي"
صحيح مسلم / 1-كتاب الإيمان /54- باب ‏كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج‏ / حديث رقم :192-(121) / ص: 39
شرح الحديث
بكَى عمرُو بنُ العاصِ رضي الله عنه طويلًا حين حضَره الموتُ، وحوَّل وجهَه إلى الجِدارِ، فجعَل ابنُه يقولُ: يا أبتاه، أمَا بشَّرك رسولُ الله بكذا؟ كناية عنِ المُبشَّرِ هو به، فأقبَل بوجهِه فقال: إنَّ أفضلَ ما نعُدُّ، أي: نتَّخِذُه ذُخرًا أو عُدَّةً للمَعادِ: شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ.
إنِّي كنتُ على أطباقٍ ثلاثٍ، أي: أحوالٍ ثلاثٍ، لقد رأيتُني وما أحدٌ أشدَّ بُغضًا لرسولِ اللهِ منِّي، ولا أَحبَّ إليَّ أنْ أكونَ قد استمكنتُ، أي: تمكَّنتُ منه فقتلتُه، فلو متُّ على تلك الحالِ لكنتُ مِن أهلِ النَّارِ، أي: مِن أصحابِها المُخلَّدينَ فيها أبدًا. فلمَّا جعَل اللهُ الإسلامَ، أي: حبَّه، في قلبي، أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك بعدَ الحُديبيَةِ، فقلتُ: ابسُطْ يمينَك فلِأُبايِعَكَ، أي: على اتِّباعِه ونُصرةِ الإسلامِ، فبسَط يمينَه، فقبضتُ يدي، أي: يميني؛ لأنَّها الَّتي يُبايعُ بها، فقال: ما لكَ يا عمرُو؟ قلتُ: أرَدْتُ أنْ أشترطَ، قال: تشترطُ بماذا؟ قلتُ: أن يُغفَرَ لي، قال: أمَا علِمْتَ أنَّ الإسلامَ يهدِمُ ما كان قبْلَه، أي: مِن سائرِ الذُّنوبِ الَّتي أعظَمُها الكفرُ، وأنَّ الهجرةَ تهدِمُ ما كان قبلها، أي: ممَّا يحدُثُ بين الإسلامِ وبينَها، وأنَّ الحجَّ يهدِمُ ما كان قبْلَه.
وما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ الإيمانَ لا يتمُّ إلَّا بذلك، ولا أجَلَّ، أي: أعظَمَ في عينيَّ منه، وما كنتُ أُطيقُ أنْ أملأَ عينيَّ منه؛ إجلالًا له، أي: ما كنتُ أُحدِّقُ فيه؛ تَعظيمًا لقَدْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولو سُئِلتُ أنْ أصِفَه، أي: أذكُرَ صفةَ خَلقِه، ما أطَقْتُ ذلك؛ لأنَّه لا يكونُ إلَّا عن إمعانِ نظَرٍ مِن الواصفِ للَّذي يُريدُ وصْفَه؛ لأنِّي لم أكُنْ أملأُ عينيَّ منه، ولو متُّ على تلك الحالةِ العظيمةِ الشَّأنِ لرجوتُ أن أكونَ مِن أهلِ الجنَّة.
ثمَّ وَلِينَا أشياءَ ما أدري ما حالي فيها، وهذا منه مزيدُ تواضُعٍ لمولاه، وإلَّا فهو مِن علماءِ الصَّحابةِ، والصَّحابةُ كلُّهم عُدولٌ، فإذا أنا متُّ فلا تصحَبْني نائحةٌ، وهي الرَّافعةُ للصَّوتِ بالبُكاءِ مع تَعدادِ الأوصافِ، ولا نارٌ؛ قيل: ذلك للتَّفاؤلِ بالنَّجاةِ منها وكراهةً لصُحبتِها للميِّتِ، وقيل: لأنَّ هذا كانَ مِن فِعل الجاهليَّةِ، أو فُعِل على وجهِ الظُّهورِ والتَّعالِي؛ فمُنِع لذلك. ثم قال: فإذا دفَنْتموني فشُنُّوا علَيَّ التُّرابَ شنًّا، أي: فصُبُّوا علَيَّ التُّرابَ قليلًا قليلًا، ثمَّ أقيموا حولَ قبْري أي: امكثُوا عِندَ قدْرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسَمُ لحمُها، "والجَزُورُ" المذبوحُ مِن الإبلِ خاصَّةً، وسواءٌ كان ذكرًا أم أنثى؛ كي أستأنِسَ بكم وأنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ ربِّي، أي: سؤال الملَكينِ.
في الحديثِ: إثباتُ سُؤالِ الملَكينِ في القَبْرِ.
وفيه: المُكثُ عند القَبرِ بعد الدَّفنِ نحوَ ما ذكَر؛ لِما ذكَر.
وفيه: صبُّ التُّرابِ في القبرِ؛ فإنَّه لا يُقعَدُ عليه.
وفيه: عِظَمُ موقعِ الإسلامِ والهجرةِ والحجِّ، وأنَّ كلَّ واحدٍ منها يهدِمُ ما كان قبْلَه مِن المعاصي.
وفيه: النَّهيُ عن النِّياحةِ أو اتِّباعِ الميِّتِ بنارٍ.
وفيه: هيبةُ الصَّحابةِ وإجلالُهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: تنبيهُ المُحتَضَرِ على إحسانِ ظنِّه باللهِ سبحانه وتعالى، وذِكرُ آياتِ الرَّجاءِ وأحاديثِ العفوِ عنده، وتبشيرُه بما أعَدَّه اللهُ تعالى للمُسلِمينَ، وذِكرُ حسَنِ أعمالِه عنده؛ ليحسُنَ ظنُّه باللهِ تعالى ويموتَ عليه.
وفيه: أنَّ المُؤمنَ لا تفارقُه خشيةُ اللهِ، ولو عَمِل مِن الصَّالحاتِ ما عمِل.هنا (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D9%8A+%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%82 %D8%A9+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA&st=w&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

أم أبي التراب
03-07-2017, 02:51 PM
أبو الدرداء

أبو الدرداء رضي الله عنه – واسمه عويمر – من قرّاء الصحابة ، وقد توفي لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، وتزوّج امرأتين :
الأولى : أم الدرداء الكبرى الصحابية رضي الله عنها .
وهي خَيْرَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ بِنْتُ ... ، ماتت قبل أبي الدرداء،
الثانية : أم الدرداء الصغرى التابعية .
وهي هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الوَصَّابِيَّةُ، مات أبو الدرداء عنها، فلم تتزوّج بعده، وترجم لها المزّي في تهذيب الكمال (8569)، وذكر أنها كانت يتيمة في حِجر أبي الدرداء، ولها ترجمة مطوّلة في تاريخ دمشق، ونقل ابن عساكر عن التاريخ الأوسط للبخاري أنها حجّت سنة إحدى وثمانين وأنها كانت فقيهة، وذكر ابن حجر في تقريب التهذيب (8728) أنها ماتت سنة إحدى وثمانين .
ولأبي الدرداء من أم الدرداء الكبرى الصحابية :
- ابنه بلال، روى عن أبيه أحاديث، وكان قاضيًا، ترجم له المزِّي في تهذيب الكمال (768)، وهو أسنّ من أم الدرداء الصغرى، وتوفي سنة ثلاث وتسعين، وله عقب .

- ابنته الدرداء، روت عن أبيها حديثًا مرفوعًا؛ أخرجه البزار (2198 – مختصر زوائده لابن حجر)، ولها ترجمة في تاريخ يحيى بن معين (3/124/ ت : أحمد نور سيف)، وتوفّيت قبل أم الدرداء الصغرى، وذكر مسلم في صحيحه (2733) أن زوجها هو صفوان بن عبد الله بن صفوان ، وهو من الرواة عن أبي الدرداء .ملتقى أهل الحديث (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=143990) .

-آخى النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بين سلمانَ وأبي الدرداءِ، فزار سلمانُ أبا الدرداءِ، فرأى أمَّ الدرداءِ متبذِّلةً، فقال لها : ما شأنُكِ ؟ قالت : أَخُوكَ أبو الدرداءِ ليس له حاجةٌ في الدنيا، فجاء أبو الدرداءِ، فصنع له طعامًا، فقال : كُلْ فإني صائمٌ، قال : ما أنا بآكِلٍ حتى تأكلَ، فأكل، فلما كان الليلُ ذهب أبو الدرداءِ يقومُ، فقال : نَمْ، فنام، ثم ذهب يقومُ، فقال : نَمْ، فلما كان آخِرُ الليلِ، قال سلمانُ : قُمِ الآنَ، قال : فصَلَّيَا، فقال له سلمانُ : إن لربِّكَ عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذِي حقٍّ حقَّه، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فذكر ذلك له، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( صَدَق سلمانُ ) . أبو جُحَيْفَةَ وهبٌ السُّوائيُّ، يقال : وَهْبُ الخيرِ .
الراوي : وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة |المحدث: البخاري | المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 6139 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | انظر شرح الحديث رقم 15224
الدرر (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%A3%D8%A8%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%AF% D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=%2A&d%5B0%5D=1&m%5B0%5D=0&s%5B0%5D=0&phrase=on) .

- قَدِمْتُ الشامَ فصَلَّيْتُ ركعتين ، ثم قُلْتُ : اللهمَّ، يَسِّرْ لي جليسًا صالحًا ، فأَتَيْتُ قومًا فجَلَسْتُ إليهم ، فإذا شيخٌ قد جاء حتى جلَسَ إلى جنبي ، قلتُ : مَن هذا ؟ قالوا : أبو الدرداءِ . فقُلْتُ : إني دعوتُ اللهَ أن يُيَسِّرَ لي جليسًا صالحًا . فيَسَّرَكَ لي . قال : ممَن أنت ؟ قلتُ : مِن أهلِ الكوفةِ ، قال : أو ليس عندَكم ابنُ أمِّ عبدٍ ، صاحبُ النعلين والوِسادِ والمِطْهَرَةِ ، وفيكم الذي أجارَه اللهُ مِن الشيطانِ - يعني: على لسانِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم - أو ليس فيكم صاحبُ سرِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي لا يَعْلَمُه أحدٌ غيرُه ، ثم قال : كيف يقرأُ عبدُ اللهِ : والليل إذا يغشى . فقَرَأْتُ عليه : والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى . والذكر والأنثى . قال : واللهِ لقد أَقَرَأَنِيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن فِيه إلى فِي .
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 3742 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | انظر شرح الحديث رقم 15427 . الدرر (http://www.dorar.net/hadith/index?skeys=%D8%A3%D8%A8%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%AF% D8%B1%D8%AF%D8%A7%D8%A1&st=p&xclude=&fillopts=on&t=%2A&d%5B0%5D=1&m%5B0%5D=0&s%5B0%5D=0&phrase=on&page=2) .

-أنَّ رجلًا قالَ : يا رسولَ اللَّهِ: إنَّ لفُلانٍ نَخلةً ، وأَنا أقيمُ حائطي بِها ، فأمرهُ أن يُعْطيَني حتَّى أقيمَ حائطي بِها ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ: أعطِها إيَّاهُ بنخلةٍ في الجنَّةِ فأبى ، فأتاهُ أبو الدَّحداحِ فقالَ: بِعني نخلتَكَ بحائطي. ففعلَ ، فأتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ ، إنِّي قدِ ابتَعتُ النَّخلةَ بحائطي. قالَ: فاجعَلها لَهُ ، فقد أعطيتُكَها. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ: كَم مِن عذقٍ رَداحٍ لأبي الدَّحداحِ في الجنَّةِ قالَها مرارًا. قالَ: فأتى امرأتَهُ فقالَ: يا أمَّ الدَّحداحِ اخرُجي منَ الحائطِ ، فقد بعتُهُ بنخلةٍ في الجنَّةِ. فقالَت: ربحَ البيعُ. أو كلِمةً تشبِهُها .
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند
الصفحة أو الرقم: 26| خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%B1%D8%A8%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D8%A8 %D9%8A%D8%B9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
لم يفكر أبو الدحداح في البستان وما يمثله له , وما يمثله هذا التبادل من خطأ تجاري فادح بمعيار أهل الدنيا , ولكن كل معايير أهل الدنيا تسقط بشراء نخلة في الجنة , فيساومه أبو الدحداح على بستانه كاملا بكل ما فيه من نخيل وثمار وبئر محفورة وبيت للسكنى وحائط يحفظه كل ذلك في مقابل هذه النخلة ويرجوه القبول , انه لا يريد النخلة فعنده من النخيل ما يكفيه وما يزيد عليها ناتجا وثمرا , هو يريد ما وراءها , وهنا تحقق لهما العقد وربحا سويا , ربح أحدهما حائطا كبيرا بنخيله وثماره , بينما ربح الآخر موضع قدم له في الجنة ليضمن دخوله فيها , فما أعظم ربح أبي الدحداح فما أعظم ربح أبي الدحداح الذي ردده النبي صلى الله عليه وسلم مرارا كم من عذق دواح لأبي الدحداح , كم من عذق دواح لأبي الدحداح - ونأتي للموقف الأكثر دلالة ورقيا , لحظة أن يدخل أبو الدحداح على أم الدحداح طالبا منها مفارقة بيتها وبستانها وأشجارها ونخيلها , فكانت على نفس المستوى الإيماني , لم تتردد ولم تناقشه ولم تخرج وهي ممتعضة من قراراه ولم تكن عونا لنفسه عليه , بل تقبلت البيع بفرح , وأعانته على تنفيذه وشجعته قائلة ربح البيع أو ربحت البيع , فكانت مثالا مغايرا لطبيعة نساء كثيرات , لكنها من نساء الصحابة اللاتي بعن ما يملكن إرضاء لله , فهانت عليهن كل الممتلكات الدنيوية , فحالها مثل حالهن جميعا يوم أن خرجن من حليهن لتجهيز جيش تبوك , وكحال من سألن النبي صلى الله عليه وسلم عن سبل الأجر لهن حيث اعتقدن أن الرجال قد ذهبوا بكل الأجر بالجمعة والجماعة والجهاد , لم يشغلن أنفسهم بتفاهات يسمونها اليوم بحقوق المرأة , فكن يعلمن أن الإسلام قد اجزل لهن العطاء وجعلهن مساوين للرجال تماما في التكليف والأجر مع اختصاصها ببعض التخفيف لطبيعتها التي خلقها الله عليها إنهن نساء الصحابة اللاتي شاركن في الجهات يسقين المقاتلين ويداوين الجرحى بل ويقاتلن أيضا إذا حمي الوطيس واشتد الكرب , فمنن من قتلت من يحوم حول حصنهن في الأحزاب ومنهن من قتلت تسعة بعامود خيمتها ومنهن من دافعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الرجال في أعظم ملاحم المرأة في كل العصور لم يربح أبو الدحداح وحده , بل ربح آل الدحداح جميعا , فهنيئا لهم جميعًا , فكم أعد لهم من عذق دواح في الجنة .منقول .

أم أبي التراب
03-11-2017, 01:48 AM
المجلس الحادي والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه
شيخ الإسلام ابن تيمية
هو الإمام الربَّاني، الفقيه المجتهد، المجدِّد، بحْر العلوم العقلية والنقلية، شيخ الإسلام، تقي الدين، أبو العباس، أحمد بن الشيخ الإمام شهاب الدِّين أبي المحاسن عبدالحليم بن الشيخ الإمام مجد الدين أبي البركات عبدالسلام بن أبي محمَّد عبدالله بن أبي القاسم الخَضر بن محمَّد بن تيميَّة بن الخضر بن علي بن عبدالله النميري.
لقبه: لُقِّب بشيخ الإسلام، وبابن تيمية.
إنَّ لقب تيمية: إنما هو لجَدِّه محمد بن الخضر، وسببه قولان: "فقيل: إنَّ جَده محمد بن الخضر حجَّ على درْب تيماء -بلدة بين الشام ووادي القُرى في طريق حجاج الشام-، فرأى هناك طفلةً فلما رجع وجد امرأته قد ولدتْ له بنتًا فقال: يا تيميَّة - يا تيمية، وقيل: إنَّ جده محمدًا كانت أمُّه تسمَّى تيمية، وكانت واعظةً، فنُسب إليها، وعرف بها"؛ الإمام مرعي الكرمي، الكواكب الدرية، (ص: 52) بتصرف.
، وغالبًا ما يُجمع بينهما فيقال: شيخ الإسلام ابن تيمية.
كنيته: كني بأبي العباس، مع أنه لم يتزوَّج؛ ذلك أنَّه من السُّنة أن يكنى المسلِم، ولو لم يُولد له، أو كان صغيرًا؛ لحديث عائشة أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -: أنها قالت للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسول الله، كل نسائك لها كُنية غيري، فقال لها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -"اكتني بابنِك عبدالله -يعني: ابنَ الزبير- أنت أمُّ عبدالله" صحيح: رواه الإمام أحمد في مسنده (6/151)، 186)، وصحَّحه الشيخ الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، (1 ص 45)، رقم (132).
، ولقول أنس - رضي الله عنه -: إنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل فرأى ابنًا لأبي طلحةَ، يُقال له: أبو عُمَير، وكان له نُغَير يلعب به، فقال"يا أبا عُمير، ما فعَل النُّغَير؟".رواه البخاري، (16/479 - 480 فتح) رقم (6203)، وبوَّب عليه الإمام البخاري في كتاب الأدب بابًا بعنوان: الكُنية للصبي وقبل أن يُولَد للرجل، ورواه مسلم (4/1692 - 1694) رقم (2150).
الألوكة (http://www.alukah.net/literature_language/0/23518/)




*الاسم: أحمد تقي الدين بن شهاب الدين عبدالحليم بن أبي البركات مجد الدين بن تيمية، الحرَّاني، الدمشقي -أبو العباس- .
*ولادته: ولد بحرَّان يوم الإثنين 10 من شهر ربيع الأول سنة 661 هـ.
* انتقل مع والده من حرَّان إلى دمشق، وكان عمره سبع سنوات، وذلك بعد إغارة التتر على حرَّان.
-كانت أولى أعمال ابن تيمية في تعليم القرآن الكريم، فقد كان يعلم الناس كيفية قراءة القرآن وحفظه، كما أنه أتم حفظ القرآن الكريم منذ سن صغيرة، واهتم بعد ذلك في تعلم علوم الفقه والتفسير، وبدأ في البحث في مثل هذه الأمور، وبعد أن بلغ من العمر سبعة عشر عامًا بدأ في جمع وتأليف ملاحظاته في بعض الكتب-
* تُوفِّي والدُه وعمره 22 سنة، سنة 682هـ.
قام مقام والدِهِ في مشيخة التدريس في هذه السن المبكرة، بدار الحديث السكرية في 2 المحرم 683هـ، وحضر درسَه كبار علماء دمشق.
هنا (http://www.alukah.net/culture/0/64066/) ..
من تلاميذه :
الإمام ابن قيِّم الجوزية، والإمام الذهبي، والإمام ابن كثير، والحافظ البزار، والإمام ابن عبدالهادي ، والشيخ الواسطي ، والشيخ ابن الوردي ، والشيخ ابن رشيق ، والإمام ابن مُفلِح ، وغيرهم الكثير والكثير، والذين قد حملوا عِلمَه، وسلَكوا منهاجَه في تبليغ الشريعة.
وبالنظر إلى تلاميذ هذا الإمام العملاق، تظهر منزلتُه، ويبين قدرُه، فإذا كان تلاميذه أئمة، ولهم من العلم ما لهم مِن تآليف، وتولٍّ لقضاء أو إصلاح، فكيف يكون قدرُ أستاذهم وشأنه؟!
إنَّه بحر لا ساحلَ له، وموسوعةٌ عِلمية ومكتبية متنقِّلة، مع العلم والعمل، والزهد وترْك المناصب، واللهج بذِكْر الله - عز وجل - والدعوة إلى نُصْرة شرْعه بنفسه ورُوحه وماله كله، وهذا معروفٌ وواضح من أحواله، بما ترجم له مَن رآه، أو رأى مَن رآه، وبما تواترتْ أخباره بيْن ناقليها مِن جميع فئات شعبي دمشق ومصر، وبما ترَك خلفَه من آثار: سواء في تلاميذ، أو كتب، أو إصلاح.

عقيدته ومذهبه:
عقيدته: عقيدة الإمام ابن تيمية التي يعتقِدها هي عقيدة السلف الصالح: أهل السنة والجماعة، المتمثِّلة في القرون الثلاثة الأولى، على ما كان عليه النبيُّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله"خير أمَّتي قرْني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".رواه البخاري (10/517 - 518 فتح)، رقم (3650)، ومسلم (4/1962- 1964) رقم (2533-2535).
، فلا علاقة لمعتقده بشخصٍ معيَّن، ولا بمذهب معيَّن، لا حنبلي ولا غيره؛ بل بما جاء في كتاب الله - عز جل - وبما ثبَت في صحيح السنة النبوية المطهَّرة، وتفسير لما فيها بما ثبت عن الصحابة الكِرام، وعن تابعيهم بإحسانٍ من تلك القُرون الثلاثة الفاضلة، ومع أنَّ إمامه في الفقه هو الإمام أحمد بن حنبل، فإنَّ الإمام ابن تيمية لم يَدْعُ أحدًا قط إلى الْتزام العقيدة على منهج الحنابلة؛ بل كان يدعو إلى الْتزام معتقد السلف الصالح، وقد أبان ذلك هو بنفسه إذ قال "أما الاعتقاد، فإنَّه لا يُؤخذ عني ولا عمَّن هو أكبرُ مني؛ بل يؤخذ عن الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وما أجمع عليه سلفُ الأمَّة، فما كان في القرآن وجَب اعتقادُه، وكذلك ما ثبَت في الأحاديث الصحيحة، مثل صحيحي البخاري ومسلم... وكان يَرِدُ عليَّ مِن مصر وغيرها مَن يسألني عن مسائلَ في الاعتقاد أو غيره، فأُجيبه بالكتاب والسُّنة، وما كان عليه سَلفُ الأمة" الإمام ابن عبدالهادي، العقود الدرية، (ص: 170) بتصرف، الإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، (3/161).
، وقد كتَب الإمام ابن تيمية هذه العقيدةَ التي يَدين اللهَ بها حينما طُلِب منه أن يَكتبها، فكتبَها فيما بيْن الظُّهر والعصرالإمام ابن تيمية، مجموع الفتاوى، (3/194)، وهذه العقيدة هي:
الإيمانُ بالله وملائكته، وكُتبه ورسله، والبعْث بعد الموت، والإيمان بالقَدر خيره وشرِّه، وإثبات معيَّة الله لخلْقه، وأنها لا تُنافي علوَّه فوقَ عرْشه، ورؤية المؤمنين لربِّهم يومَ القيامة.
ومِن الإيمان بالله تعالى: الإيمانُ بكلِّ الأسماء والصفات الواردة في الكتاب وصحيح السنة، ثم الإيمان بالقُرآن الكريم، وأنَّه كلام الله، منزَّل، غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنَّ الله تكلَّم به حقيقة، وأنَّ هذا القرآن الذي أنزله على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو كلام الله حقيقة، لا كلام غيره.
ثم الإيمان باليوم الآخِر، وما يكون فيه من أمورٍ بعد هذه الفِتنة، إمَّا نعيم وإمَّا عذاب، إلى أن تقومَ القيامة الكبرى، فتُعاد الأرواح إلى الأجساد، ثم تقوم القيامة، فيقوم الناس مِن قبورهم لربِّ العالمين حفاةً عراةً غرلاً، وتدنو منهم الشمس، ويُلجمهم العرق، وتُنصب الموازين، فتوزَن بها أعمالُ العباد، وتنشَر الدواوين، ثم الإيمان بالحِساب.
والإيمان بحوْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي من شرِب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا، والإيمان بالصِّراط، وهو منصوبٌ على متْن جهنم: وهو الجِسر الذي بين الجَنَّة والنار، يمرُّ الناس على قدْر أعمالهم، فمَن مرَّ على الصِّراط، دخَل الجنة، فإذا عبَرُوا عليه وقفوا على قنطرة بيْن الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم مِن بعض، فإذا هُذِّبوا ونُقُّوا، أُذِن لهم في دخول الجَنَّة، وأوَّل مَن يَستفتح بابَ الجنة محمَّدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأوَّل مَن يدخل الجنة مِن الأمم أمَّتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في القيامة ثلاثُ شفاعات:
الأولى: يشفع في أهْل الموقف حتى يُقضى بينهم، بعد أن يتراجع الأنبياءُ عنها؛ آدم فمَن بعده، حتى تنتهي إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم.
الثانية: يشفع في أهل الجَنَّة أن يدخلوها.
الثالثة: يشفع فيمَن استحقَّ النار، وهذه الشفاعة لـه ولسائرِ النبيِّين والصِّدِّيقين وغيرهم، فيشفع فيمَن استحق النار ألاَّ يدخلها، ويشفع فيمَن دخلها أن يخرج منها.
كما يعتقد أنَّ الإيمان قولٌ وعمل، يَزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو متَّبع لمعتقد أهل السُّنة والجماعة؛ الفرْقة الناجية، في عدم تكفير أهْل القِبلة بمُطلق المعاصي والكبائر؛ بل الأُخوَّة الإيمانية ثابتةٌ مع المعاصي.

ومما يعتقده: وجوب سلامة القلْب واللِّسان لأصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويتولَّى آل بيت رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويحبُّهم، كما يتولَّى أزواج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمهات المؤمنين، وأنهنَّ أزواجه في الدنيا وفي الآخرة، كما أنَّه يُمسك عما شجَر بين الصحابة - رضي الله عنهم - لأنَّ الآثار المروية في مساويهم: منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيدَ فيه ونقص وغُيِّر عن وجهه.
والصحيح منه هم فيه معذورون: إما مجتهدون مُصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، مع الاعتقاد بأنَّ كل واحد من الصحابة ليس بمعصومٍ عن كبائر الإثم وصغائره، لكن لهم من السوابق والفضائل ما يُوجِب مغفرةَ ما يصدر منهم إنْ صدر، حتى إنهم يُغفر لهم من السيئات ما ليس لمَنْ بعدَهم، أو بتوبة أو شفاعة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي هم أحقُّ الناس بشفاعته، أو ابتُلي ببلاء في الدنيا كفِّر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحقَّقة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين؟!
وأنَّهم خيرُ البشر بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمَّة التي هي خيرُ الأمم، وأكرمُها على الله.
وهو تابع لأهل السُّنة بأنهم يَدينون بالنصيحة للأمَّة، والصبر عند البلاء، والشُّكر عند الرخاء، والرضا بمرِّ القضاء، ويدْعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والعفو عمَّن ظلم، ويدْعون إلى برِّ الوالدين، وصِلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين، والبُعد عن الأخلاق السيِّئة؛ كل ذلك اتباعًا للكتاب والسنة، وتطبيقًا للشريعة التي بُعِث بها محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وله عبارات رقراقة ومن هذه العبارات:

أم أبي التراب
03-14-2017, 05:40 PM
المجلس الثاني والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

شيخ الإسلام ابن تيمية

تابع عقيدة شيخ الإسلام ابن تيميَّة
الإيمانُ بالله وملائكته وكُتبه ورسله، والبعْث بعد الموت، والإيمان بالقَدر خيره وشرِّه، وإثبات معيَّة الله لخلْقه، وأنها لا تُنافي علوَّه فوقَ عرْشه، ورؤية المؤمنين لربِّهم يومَ القيامة.

*والإيمان بحوْض النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الذي من شرِب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبدًا، والإيمان بالصِّراط،والشفاعة ...
*وجوب سلامة القلْب واللِّسان لأصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -
وهو تابع لأهل السُّنة بأنهم يَدينون بالنصيحة للأمَّة، والصبر عند البلاء، والشُّكر عند الرخاء، والرضا بمرِّ القضاء، ويدْعون إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، والعفو عمَّن ظلم، ويدْعون إلى برِّ الوالدين، وصِلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين، والبُعد عن الأخلاق السيِّئة؛ كل ذلك اتباعًا للكتاب والسنة، وتطبيقًا للشريعة التي بُعِث بها محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وله عبارات رقراقة ومن هذه العبارات:
1- "المـؤمن مأمورٌ بأن يفعـل المأمور، ويترك المحظور، ويصبر على المقدور".
2- " الذِّكْر للقلْب مثل الماء للسمك".
3- " إنَّ في الدنيا جَنَّةً مَن لم يدخلها لا يدخُل جَنَّةَ الآخرة".
4- "المحبوس مَن حُبِس قلْبه عن ربه - تعالى - والمأسور مَن أَسَره هواه".
5- "ما يَصنع أعدائي بي؟! أنا جَنَّتي وبُسْتاني في صدري، أين رحتُ فهي معي لا تُفارقني؛ إنَّ حبسي خلوة، وقتْلي شهادة، وإخراجي مِن بلدي سياحة".
6- "العبادة: اسمٌ جامِع لكلِّ ما يحبه الله ويرْضاه، مِن الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة".
7- "النَّفْس لا تزكو وتصلح حتى تُمحَّصَ بالبلاء، كالذهب الذي لا يخلص جيِّده من رديئه، حتى يفتنَ في كِير الامتحان".
8- "الطاعة والعبادة هي مصلحةُ العبد التي فيها سعادتُه ونجاته".
9- "ما يقوم بالقلْب من الشعور والحال يُوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر مِن سائر الأعمال يُوجِب للقلب شعورًا وأحوالاً".
10- "المشارَكة في الهديِ الظاهر تُورِث تناسبًا وتشاكلاً بيْن المتشابهين، يقود إلى موافقةٍ ما في الأخْلاق والأعمال.
11- "كلُّ قائل إنَّما يُحتَجُّ لقوله لا به، إلا الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم".
12- "ما ينبغي أن يُمنَع العِلمُ ممَّن يطلبه".
13- "لن يخاف الرجلُ غيرَ الله إلا لمرَض في قلبه".

أم أبي التراب
04-05-2017, 02:17 AM
المجلس الثالث والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع من علماء الآخرة
شيخ الإسلام ابن تيمية
14- "الإمامة في الدِّين موروثةٌ عن الصبر واليقين".
إِذَا كَانَ المُسلِمُ في حَيَاتِهِ مُحتَاجًا إِلى التَّحَلِّي بِمَحَامِدِ الأَخلاقِ وَكَرِيمِ الصِّفَاتِ؛ لِيَعِيشَ في دُنيَاهُ عِيشَةً نَقِيَّةً، وَيَمُوتَ إِذَا انتَهَى أَجَلُهُ مِيتَةً سَوِيَّةً، فَإِنَّ الصَّبرَ مِن أَهَمِّ مَا يَحتَاجُ إِلَيهِ في جَوَانِبِ حَيَاتِهِ وَمَجَالاتِهَا المُختَلِفَةِ، ذَلِكُم أَنَّهُ لا استِقَامَةَ وَلا كَرَامَةَ، وَلا إِمَامَةَ وَلا زَعَامَةَ، وَلا فَوزَ وَلا فَلاحَ إِلاَّ بِالتَّحَلِّي بِالصَّبرِ، إِذْ هُوَ وَقُودٌ وَزَادٌ، وَقُوَّةٌ في الشَّدَائِدِ وَعَتَادٌ، يَحتَاجُهُ المَرِيضُ في شَكوَاهُ، وَلا يَستَغني عَنهُ المُبتَلى في بَلوَاهُ، وَلَولا الصَّبرُ لَغَرِقَ المَهمُومُ في بُحُورِ هُمُومِهِ، وَلَغَشَتِ المَحزُونَ سَحَائِبُ غُمُومِهِ. طَالِبُ العِلمِ بِحَاجَةٍ إِلى الصَّبرِ عَلَى كُتُبِهِ وَدُرُوسِهِ، وَالدَّاعِيَةُ مَعَ مَدعُوِّيهِ لا يَشُدُّ عَزمَهُ مِثلُ الصَّبرِ، وَلَن تَرَى أَبًا في بَيتِهِ وَلا مُعَلِّمًا في مَدرَسَتِهِ ولا موظفًا في مُؤَسَّسَتِهِ، وَلا أُمًّا وَلا زَوجَةً وَلا رَبَّةَ بَيتٍ وَلا خَادِمًا، إِلاَّ وَهُم في حَاجَةٍ إِلى الصَّبرِ مَاسَّةٍ. وَعَلَى كَثرَةِ النِّعَمِ الَّتي يُولِيهَا الرَّبُّ ـ جل وعلا ـ لِعِبَادِهِ، فَإِنَّ الصَّبرَ يَأتي مِنهَا في المُقَدِّمَةِ، قَالَ - صلى الله عليه وسلم ـ"....وَمَا أُعطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيرًا وَأَوسَعَ مِنَ الصَّبرِ"
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 1469 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.
قَالَ الشَّيخُ ابنُ سِعدِيٍّ - رحمه الله -: وَإِنَّمَا
كَانَ الصَّبرُ أَعظَمَ العَطَايَا؛ لأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أُمُورِ العَبدِ وَكَمَالاتِهِ، وَكُلُّ حَالَةٍ مِن أَحوَالِهِ تَحتَاجُ إِلى صَبرٍ، فَإِنَّهُ يَحتَاجُ إِلى الصَّبرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ حَتى يَقُومَ بها وَيُؤَدِّيَهَا، وَإِلى صَبرٍ عَن مَعصِيَةِ اللهِ حَتى يَترُكَهَا للهِ، وَإِلى صَبرٍ عَلَى أَقدَارِ اللهِ المُؤلِمَةِ فَلا يَتَسَخَّطَهَا، بَل إِلى صَبرٍ عَلَى نِعَمِ اللهِ وَمَحبُوبَاتِ النَّفسِ، فَلا يَدَعَ النَّفسَ تَمرَحُ وَتَفرَحُ الفَرَحَ المَذمُومَ، بَل يَشتَغِلُ بِشُكرِ اللهِ، فَهُوَ في كُلِّ أَحوَالِهِ يَحتَاجُ إِلى الصَّبرِ وَبِالصَّبرِ يَنَالُ الفَلاحَ أ. هـ.
وَلأَهَمِّيَّةِ الصَّبرِ وَعُلُوِّ مَنزِلَتِهِ وَرِفعَةِ شَأنِهِ، فَقَد ذَكَرَهُ - جل وعلا ـ في كِتَابِهِ في أَكثَرَ مِن تِسعِينَ مَوضِعًا، فَأَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَن ضِدِّهِ فَقَالَ"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوَا وَصَابِرُوا"، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم ـ"فَاصبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَستَعجِلْ لَهُم"، وَقَرَنَهُ بِالصَّلاةِ في قَولِهِ: (وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ)، وَجَعَل الإِمَامَةَ في الدِّينِ مَورُوثَةً عَنِ الصَّبرِ وَاليَقِينِ بِقَولِهِ:"وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوَا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"، وَحَتَّى في الأَحوَالِ الَّتي أُبِيحَ فِيهَا لِلمُؤمِنِ أَن يَتَجَاوَزَ مَا يَقتَضِيهِ الصَّبرُ فَيَنتَقِمَ لِنَفسِهِ، فَقَد نُدِبَ إِلى الصَّبرِ وَحُبِّبَ إِلَيهِ إِتيَانُهُ وَجُعِلَ خَيرًا لَهُ، قَالَ - تعالى ـ"وَإِنْ عَاقَبتُم فَعَاقِبُوا بِمِثلِ مَا عُوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصَّابِرِينَ"، وَإِنَّ مِن أَعظَمِ الخَيرِ في الصَّبرِ أَنَّ أَجرَهُ لا يُقَدَّرُ وَلا يُحَدَّدُ، قَالَ - سبحانه ـ"إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ"، وَإِذَا وَجَدَ الصَّابِرُونَ في الصَّبرِ مَرَارَةً في الحُلُوقِ وَثِقَلاً عَلَى النُّفُوسِ، أَتَت مَحَبَّةُ اللهِ - جل وعلا ـ لِلصَّابِرِينَ وَمَعِيَّتُهُ لَهُم، لِتُخَفِّفَ عَنهُم وَطأَتَهُ وَتُهَوِّنَ عَلَيهِم صُعُوبَتَهُ، قَالَ - تعالى ـ"وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ"، وَقَالَ - تعالى ـ"وَاصبِرُوَا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" وَحِينَ يَفرَحُ المُستَعجِلُونَ بمَا يَنَالُونَهُ مِن مَتَاعٍ دُنيَوِيٍّ زَائِلٍ، أَو يَتَمَتَّعُونَ بِتَحقِيقِ مَا يَتَمَنَّونَهُ مِن أَمَانِيَّ قَرِيبَةٍ، يَأتي فَلاحُ الصَّابِرِينَ وَفَوزُهُم بِالجَنَّةِ مُطَمئِنًا لَهُم بِأَنَّ لَهُمُ العَاقِبَةَ الحَسَنَةَ وَالمَتَاعَ الجَمِيلَ في الآخِرَةِ؛ لِئَلاَّ يَيأَسُوا مِن رَوحِ اللهِ أَو يَقنَطُوا مِن رَحمَتِهِ، قَالَ - تعالى ـ"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ"، وقَالَ - تعالى ـ في أَهلِ الجَنَّةِ"إِنِّي جَزَيتُهُمُ اليَومَ بما صَبَرُوا أَنَّهُم هُمُ الفَائِزُونَ" وَقَالَ - سبحانه ـ: "وَالمَلائِكَةُ يَدخُلُونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بَابٍ. سَلامٌ عَلَيكُم بما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبى الدَّارِ"، وَقَالَ ـ تعالى ـ"أُولَئِكَ يُجزَونَ الغُرفَةَ بما صَبَرُوا" . هنا . (https://islamselect.net/mat/85966)

15- "حصول العِلم في القلْب كحصول الطعام في الجِسم".
العلم أعظم هبة من الله لعبده . به يعُرف به جل وعلا وتُعرف حدوده ونواهيه , ومن أعمر وقته بطلب العلم , كان في لذة وأنس لا تعدلها لذائد الدنيا كلها
وإنك إن وقفت على سير من وجدوا هذه اللذة تملكك العجب من حالهم , وغبطتهم على ذلك السرور
إنه نموذج للحياة الطيبة التي كلن يعيشها العلماء , والأنس والسرور الذي كانوا عليه في حياتهم الدنيا , ولما كثر انشغالنا بالتوافه من الأمور صارت حياتنا ضنك وهم
قال: شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - قال العلامة ابن القيِّم - رحمه الله -: "وسَمِعت شيخنا أبا العبَّاس ابن تيميَّة - رحمه الله - يقول - وقد عرضَ له بعضُ الألم - فقال له الطَّبيب: أضَرُّ ما عليك الكلام في العلم والفِكْر فيه، والتوجُّه والذِّكْر، فقال: ألَسْتُم تزعمون أن النَّفْس إذا قوِيَتْ وفَرِحت أوجب فرَحُها لها قوَّةً تُعين بها الطَّبيعة على دَفْع العارض؛ فإنه عدوُّها، فإذا قويَتْ عليه قهرَتْه؟ فقال الطبيب: بلى، فقال: إذا اشتغلَتْ نفسي بالتَّوجيه والذِّكْر والكلام في العلم، وظفرَتْ بِما يُشْكِل عليها منه، فرحَتْ به وقويت، فأوجب ذلك دفْعَ العارض، هذا أو نحوه من الكلام!"مفتاح دار السعادة . هنا (http://www.alukah.net/culture/0/39271/) .
فدعوة إلى العلم وطلبه , وإن لم تستطع فلا أقل من تغذية الروح بالمطالعة في كتب أهل العلم, أنظر في تفسير آية , أو شرح حديث , أو سيرة عطرة ,

16- "لا يُنال الهُدى إلا بالعلم، ولا يُنال الرَّشاد إلا بالصَّبْر".
الرَّشاد:الصواب
17- "العبادة مبناها على الشَّرْع والاتباع، لا على الهوى والابتداع".
18- "كلُّ نقمة منه عدل، وكلُّ نِعمة منه فضل"
".....ماضٍ فيَّ حكمُك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ..." الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة-الصفحة أو الرقم: 199 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.

19- "مَن أراد السعادة الأبدية، فلْيلزم عتبة العبودية"

أم أبي التراب
04-11-2017, 05:54 PM
المجلس الرابع والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه

تابع من علماء الآخرة
شيخ الإسلام ابن تيمية

20- "لا تجعل قلْبك للإيرادات والشُّبهات مِثل السفنجة فيتشربها، فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعلْه كالزُّجاجة المصمَتة، تمرُّ الشبهات بظاهرها، ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته".
-أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ قال سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين : بأيِّ شيءٍ كان نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يفتتحُ صلاتَه إذا قام من الليلِ ؟ قالت : كان إذا قام من الليلِ افتتح صلاتَه : " اللهمَّ ! ربَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ . فاطرَ السماواتِ والأرضِ . عالمَ الغيبِ والشهادةِ . أنت تحكم بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون . اهدِني لما اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ " .الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 770 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%87%D8%AF%D9%86%D9%8A+%D9%84 %D9%85%D8%A7+%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81+%D9%81 %D9%8A%D9%87+%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82 +%D8%A8%D8%A5%D8%B0%D9%86%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .

*عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فيما روى عن اللهِ تبارك وتعالى أنَّهُ قال " يا عبادي ! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرَّمًا . فلا تظَّالموا . يا عبادي ! كلكم ضالٌّ إلا من هديتُه . فاستهدوني أَهْدِكم ......."
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 2577 | خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D9%85%D9%86+%D9%8 7%D8%AF%D9%8A%D8%AA%D9%87+%D9%81%D8%A7%D8%B3%D8%AA %D9%87%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A+%D8%A3%D9%87%D8%AF% D9%83%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&d%5B%5D=2&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

كلُّكم ضَالٌّ إلَّا مَن هديْتُه، يعني: إنَّ الهدايةَ لِمَنْ حصَلتْ إنَّما هي مِن عندِ اللهِ لا مِن عندِ نفْسِه, الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D9%85%D9%86+%D9%8 7%D8%AF%D9%8A%D8%AA%D9%87+%D9%81%D8%A7%D8%B3%D8%AA %D9%87%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A+%D8%A3%D9%87%D8%AF% D9%83%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&d%5B%5D=2&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

* قال الإمام مسلم في صحيحه : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قال:حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ، بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ، سَدَادَ السَّهْمِ».صحيح مسلم . (http://www.hadithportal.com/hadith-sharh-2725-1711&book=2) صحيح مسلم (http://www.hadithportal.com/book-2) / 48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (http://www.hadithportal.com/chapter-48&book=2) / 18 - باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل (http://www.hadithportal.com/chap48_bab1222&book=2) / حديث رقم 2725
الشرح (سددني) أي وفقني واجعلني مصيبًا في جميع أموري مستقيمًا ،وأصل السداد الاستقامة والقصد في الأمور وسداد السهم تقويمه (بالهدى) الهدى هنا هو الرشاد ويذكر ويؤنث ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم أي تذكر ذلك في حال دعائك بهذين اللفظين لأن هادي الطريق لا يزيغ عنه ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد عمله وتقويمه ولزومه السنة وقيل ليتذكر بهذا لفظ السداد والهدى لئلا ينساه. شرح النووي لـ صحيح مسلم . (http://www.hadithportal.com/hadith-sharh-2725-1711&book=2)

*دعاء مأثور وليس حديثًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
اللهم أرنى الحق حقًا و ارزقنى اتباعه و أرني الباطل باطلا ووفقنى لاجتنابه ..هو دعاء عام . هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136717) .
هذا دعاء مأثور عن عمر -رضي الله عنه-، ذكره البهوتي في كتابه شرح منتهى الإرادات 3/497 ، وعزاه إلى عمر - رضي الله عنه -، و ذكره ابن كثير في تفسيره. ابن كثير 1/ 444 .هنا (https://islamselect.net/mat/98053).

*فهذه نصيحة - لا تجعل قلْبك للإيرادات والشُّبهات...- قدمها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – لأشهر تلاميذه، وهو ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى – فنعم الناصح ونعم المنصوح.يقول ابن القيم عن هذه النصيحة: ما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.مفتاح دار السعادة:1/ 443.

وهذا موجّه لابن القيم المعروف بسعة علمه، وبقوة تألُّهه وعبادته، وخبرته بأحوال القلوب وأمراضها وأدوائها وطرائق علاجها: فكيف بنا وبأحوالنا والله المستعان؟

الإسفنجي الذي حذّر منه شيخ الإسلام تلميذه ابن القيم، فهو ذلك الذي يتشرّب شبهات أهل الأهواء فتعلق في قلبه فيكررها وينشرها وينضح قلبه بها.
هنا (http://dorar.net/art/416) .

21- "مَن فارق الدليل ضلَّ السبيل، ولا دليل إلا بما جاء به الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم"
. الألوكة (http://www.alukah.net/literature_language/0/23518/) .
¤قال الامام أحمد بن حنبل:
لا تقلدني ولا تقلد مالكًا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا .الإعلام لابن القيم
¤«ومَن أحالك على غيرِ «أخبرنا» و«حدَّثنا» فقد أحالك: إمَّا على خيالٍ صوفيٍّ، أو قياسٍ فلسفيٍّ، أو رأيٍ نفسيٍّ. فليس بعد القرآن و«أخبرنا» و«حدَّثنا» إلَّا شبهاتُ المتكلِّمين، وآراءُ المنحرفين، وخيالاتُ المتصوِّفين، وقياسُ المتفلسفين. ومَن فارق الدليلَ ضلَّ عن سواء السبيل، ولا دليل إلى الله والجنَّة سوى الكتاب والسنَّة. وكلُّ طريقٍ لم يصحبها دليلُ القرآن والسنَّة فهي مِن طرق الجحيم والشيطان الرجيم».
«مدارج السالكين» ابن القيِّم ¤.

¤إنَّ من أهمِّ ما ينبغي أن يعتني به المسلم ـ عمومًا ـ، وطالب العلم ـ خصوصًا ـ في أمور الإيمان والاعتقاد: تصحيح المصدر الَّذي يقيم عليه دينه واعتقاده، ذلك بأنَّه إذا سلم للإنسان مصدرُه؛ سلم له ـ تبعًا لذلك ـ إيمانُه ومعتقدُه.

هنا (http://www.rayatalislah.com/index.php/qadaya-minhajia/item/1175-2014-07-01-17-09-40) .
¤¤¤¤¤
¤إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من النفر القليل الذين كانت حياتُهم كلُّها للهِ، والذين دعوا إلى الله على بصيرة، شاهدًا لله سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو، قائمًا بالقسط، فقد كتب وألف عشرات المجلدات بل مئات المجلدات في هذين المعنيين: إثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى وتحذير الأمة من الشرك الذي تفشى فيها بعد صدر الإسلام، ثم إثبات عدلِ اللهِ في تشريعاتِهِ وقضائهِ وقَدَرِهِ، ولقد تعرض شيخ الإسلام في سبيل ذلك إلى تفنيد مزاعم قوى الشرِّ كلِّها التي انتشرت وسادت المسلمينَ في عصرِهِ في القرن السابع الهجري وأوائل الثامن. فتصدى بالرد على الفلاسفةِ وأذنابِهم والرافضةِ وأكاذيبِهم، والباطنيةِ وخبثِهم ونفاقِهم، والصوفيةِ وعقائدِهم الفاسدةِ و تُرَّهَاتِهِم، وللمتكلمينَ وخلفائِهم وتأويلاتِهم الباطلةِ، وللمقلدينَ وعبادتِهم لشيوخِهم وتعصبِهم لآرائِهم المخالفةِ للكتابِ والسنةِ، وألف في كل ذلك وكتب ودرس وسافر وارتحل وناقش ولم يكتف بهذا أيضًا بل جرد سيفَهُ لقتالِ التتارِ فجمعَ الجموعَ لملاقاتِهم، ووحدَ صفوفَ المسلمينَ لحربِهم، وخاضَ المعاركَ ونصرَهُ اللهُ عليهم..
وهو في كل هذا عازفٌ عنِ الدنيا، لم يتزوج ولم يكتنز مالاً أو يبني دارًا ويتخذ عقارًا إلا ما أراده من دار الآخرة.
وعدم زواجه ليس زهدًا وتبتلًا ."
قال الشيخ الفوزان حفظه الله : شيخ الإسلام ،إنما ترك الزواج : لأنه مجاهد في سبيل الله ..وأيضا مُطارد ويُسجن ويُعذب ..وهو لم يتفرغ للزواج .الألوكة (http://majles.alukah.net/t63156/) .
ومما يدل على ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية "الامتناع من فعل المباحات مطلقًا كالذي يمتنع من أكل اللحم ... ويمتنع من نكاح النساء ويظن أن هذا من الزهدِ فهذا جاهلٌ ضالٌ ".الألوكة (http://majles.alukah.net/t63156/) .
وعالِم هذا شأنُهُ لا شك أن يكثرَ أعداؤُهُ وحسادُهُ.. فقد عادى الدنيا كلَّها في اللهِ وخاصم كلَّ منحرفٍ في ذاتِ اللهِ، ولم يُداهن أميرًا ولا وزيرًا في الحق، بل صدعَ به حيثُ كانَ، ولذلك كثُرَتِ ابتلاءاتُهُ ومحنهُ فلا يخلصُ من محنةٍ إلا ودخلَ في أخرى، وكل ذلك وهو صابر محتسب، بل فرح مستبشر أن أكرمه الله بكل هذه الكرامات وهيأ له كل هذه الأسباب لينشر علمَهُ وتَعْظُم محبةُ أهلِ الخيرِ له، فكان قدوةً للعالمينَ من أهلِ الخيرِ في زمانِهِ، ونموذجًا للعلماء العاملين في وقته، بل كان من تلاميذِهِ جهابذة الأمة في كل فرع من فروع المعرفة الدينية فمن تلاميذِهِ ابن كثير إمام المؤرخينَ والمفسرينَ، والذهبي علَم المحققينَ والحافظ المِزي، إمام من أئمة النقل والرجال والحديث وابن عبد الهادي عَلَم التحقيقِ، وابن القيم إمام الأمة وفارسها، وروحاني الإسلام.. وخَلْق كثيرونَ.. ثم أصبحت كتبُهُ من بعدِهِ هي الهادي والمرشد لعقيدة أهل السنة والجماعة، بعد أن لبَّسَ المُلَبِّسونَ من أهلِ الكلامِ والزندقةِ على الناسِ
* أعود فأقول عالم هذا شأنه وكثر حسادُهُ وأعداؤه في حياته وبعد مماته ينقبون كتبَهُ ويفتشون لعلهم يظفرون له بخطيئةٍ أو بزَلَّةٍ وليس هو بمعصوم فيضخمون ما ظنوه خطأ. فيجعلون خطأَهُ كفرًا، ورِدَّةً، ثم يفترون عليه ويكذبون، وكل ذلك يسعون جاهدينَ أن ينفروا الأمةَ عن طريقِهِ ويصرفوا العَالَمَ عن مطالعةِ كتبِهِ، ولكن هذا منهم كان ينقلب في كل مرة عليهم حيث يقف الناس على كذب شانئيه ومبغضيه .، هنا (http://www.moslim.se/maktaba/kotob/seerah-taymiyah-khaliq.htm)
*المعارضة الأولى لأفكارِه كانت سنة 698هـ عندما وجَّه إليه أهلُ حَماة يسألونه عن تحقيق العلماء في الصفات التي وصف الله بها نفسه، فدافع ابن تيمية عن عقيدة السلف واعتقاد أهل السنة هنا (http://www.alukah.net/culture/0/64066/) ..
جهاده كما ذكرنا بأن عائلة ابن تيمية اضطرت لمغادرة حُرَّان في الفترة التي بدأ فيها اقتراب المغول إلى حُران، ولجأوا إلى مدينة دمشق في بلاد الشام، ولكن مع بدء اقتراب الزحف المغولي إلى دمشق، قام ابن تيمية بتحريض الناس إلى ضرورة الوقوف أمام الزحف المغولي، وكان ذلك في فترة حكم المماليك، وتم انتدابه من قِبل الناس من أجل السفر إلى مصر من أجل لقاء السلطان محمد بن قلاوون، وذلك من أجل الحديث معه في أمر الجهاد، والتصدي إلى الزحف المغولي، وقام بالحديث معه عن أهمية الجهاد، وبدأ بنشر الفتاوى التي تخص الجهاد بين الناس في تلك المناطق .
حدثت موقعة شقحب المشهورة، التي كان فيها أول انتصار للمسلمين على التتر، وكان المحرك والسبب الذي قيضه الله لهذا الانتصار هو شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، فإنه قد اشترك بنفسه، ودعائه، وعلمه، وتعليمه للناس، فكان يمر عليهم، ويَعِدُهُم بالنصرِ، ويقرأ عليهم آيات الجهاد، وكانت الموقعة في رمضان، فجعل يأكل، ويفطر أمامهم، ويأمرهم بالفطر، ويتأول حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ""..... إنكم قد دنَوتُم من عدوِّكم والفطرُ أقْوى لكم ...." الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 1120 | خلاصة حكم المحدث : صحيح الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%82%D9%88%D9%89+%D9%84%D9%83 %D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).

وجعل يفطر أمامهم مُعَلِّمًا إياهم، ثم أنه جعل يحلف بالله الذي لا إله إلا هو إن المسلمين لمنصورون، فكان بعض الناس يقولون له: قل إن شاء الله، فيقول: أقولها تحقيقًا لا تعليقًا، وكان يتأول آيات القرآن،" ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّه "الحج60. فصار انتصار المسلمين على يديه، بفضل الله تعالى.

-عفوه : موقفه لما عرض عليه السلطان قتل بعض القضاة الذين أفتوا بقتل ابن تيمية، لكلامه في الصفات ولرده على ابن العربي وأمثاله:
قال بعض أصحاب شيخ الإسلام:
"وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا-يعني السلطان وشيخ الإسلام- بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم
قال ففهمتُ مقصودَهُ وأن عندَهُ حنقًا شديدًا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملكَ المظفرَ ركنَ الدين بيبرس الجاشنكير
فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك أما أنا فهم في حِلٍ من حقي ومن جهتي وسكَّنْتُ ما عنده عليهم
قال فكان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نُبْقِ ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدَرَ علينا عفا عنا"
(العقود الدرية ص 298)
هنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=179023) .
وكان من جملة معارضيه ابن مخلوف .. وقد كتب إلى السلطان قائلا عن ابن تيمية :
"يجب التضييق عليه إن لم يقتل , وإلا فقد ثبت كفره " العقود الدرية
و كان كلام شيخ الإسلام في ابن مخلوف " وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط ولا حول ولا قوة إلا بالله
هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونًا للشيطانِ على إخواني المسلمين " مجموع الفتاوى - ج 3 / ص 271.هنا (http://majles.alukah.net/t150235/) .
- موقفه لما قام عليه بعض مُقَلدة أهل البدع وضربوه وآذوه:
"... رجل فيما بلغني إلى أخيه الشيخ شرف الدين وهو في مسكنه بالقاهرة فقال له إن جماعة بجامع مصر قد تعصبوا على الشيخ وتفردوا به وضربوه
فقال حسبنا الله ونعم الوكيل وكان بعض أصحاب الشيخ جالسًا عند شرف الدين قال فقمت من عنده وجئت إلى مصر فوجدت خلقًا كثيرًا من الحسينية وغيرها رجالا وفرسانا يسألون عن الشيخ فجئت فوجدته بمسجد الفخر كاتب المماليك على البحر واجتمع عنده جماعة وتتابع الناس وقال له بعضهم يا سيدي قد جاء خلق من الحسينية ولو أمرتهم أن يهدموا مصر كلها لفعلوا .
فقال لهم الشيخ لأي شيء قال لأجلك
فقال لهم هذا ما يحق ، فقالوا نحن نذهب إلى بيوت هؤلاء الذين آذوك فنقتلهم ونخرب دورهم فإنهم شوشوا على الخلق وأثاروا هذه الفتنة على الناس، فقال لهم هذا ما يحل قالوا فهذا الذي قد فعلوه معك يحل هذا شيء لا نصبر عليه ولا بد أن نقاتلهم على ما فعلوا
والشيخ ينهاهم ويزجرهم فلما أكثروا في القول قال لهم إما أن يكون الحق لي أو لكم أو لله فإن كان الحق لي فهم في حِلٍّ منه وإن كان لكم فإنْ لم تسمعُوا مني ولا تستفتوني فافعلوا ما شئتم ،وإن كان الحقُّ لله فالله يأخذ حقه إن شاء كما يشاء
قالوا فهذا الذي فعلوه معك هو حلال لهم
قال هذا الذي فعلوه قد يكونون مثابين عليه مأجورين فيه
قالوا فتكون أنت على الباطل وهم على الحق فإذا كنت تقول إنهم مأجورين فاسمع منهم ووافقهم على قولِهم،
فقال لهم ما الأمر كما تزعمونَ فإنهم قد يكونونَ مجتهدينَ مخطئينَ، ففعلوا ذلك باجتهادِهم ،والمجتهد المخطىء له أجر" العقود الدرية ص 302. هنا (http://majles.alukah.net/t150235/) .
"إذا حكم الحاكمُ فاجتهد ثم أصاب فله أجرانِ ، وإذا حكم فاجتهدَ ثم أخطأَ فله أجرٌ".الراوي : عمرو بن العاص | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7352 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]- الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A5%D8%B0%D8%A7+%D8%AD%D9%83%D9%85 +%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85+%D9%81%D8%A7 %D8%AC%D8%AA%D9%87%D8%AF+%D8%AB%D9%85+%D8%A3%D8%B5 %D8%A7%D8%A8+%D9%81%D9%84%D9%87+%D8%A3%D8%AC%D8%B1 %D8%A7%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1).


الله أكبر!! هكذا علماء الآخرة لا ينتصرون لأنفسهم!

أم أبي التراب
04-24-2017, 04:00 AM
المجلس الخامس والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
¤موت الفجأة يزهدنا في الدنيا ويرغبنا في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه




¤نسيان الموت سبب للهو والغفلة والانغماس في الدنيا كما أن تذكر الموت سبب للزهد في الدنيا والإقبال على العمل الصالح؛ولذا حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على تذاكر الموت وعدم نسيانه لئلا نغفل فقال صلى الله عليه وسلم :
- "أَكثروا ذِكرَ هاذمِ اللَّذَّات" يعني الموتَ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي. الصفحة أو الرقم: 2307 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح.الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D9%8E%D9%83%D9%92%D8%AB%D9%90 %D8%B1%D9%8F%D9%88%D8%A7+%D8%B0%D9%90%D9%83%D9%92% D8%B1%D9%8E+%D9%87%D9%8E%D8%A7%D8%B0%D9%90%D9%85%D 9%90+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%91%D9%8E%D8%B0%D9%91%D9 %8E%D8%A7%D8%AA%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .
الشرح :تَذكُّرُ الموتِ والآخرةِ مِن البواعثِ الحقيقيَّةِ على تَحسينِ الصِّلةِ بين العبدِ وربِّه، وإزالةِ شواغلِ الدُّنيا مِن الفِكرِ والعقلِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أكثِروا ذِكْرَ هاذِمِ"، أي: قاطِعِ "اللَّذَّاتِ"، أي: الشَّهواتِ العاجلةِ، "يَعني الموتَ"، أي: إنَّ الموتَ هو سَببٌ يمنَعُ المتوغِّلَ في الشَّهواتِ والمعاصي الاستمرارَ في ذلك، وذِكرُه والوقوفُ على حقيقتِه يُعدِّلُ مسارَ هذا العاصي إلى الزِّيادةِ في أفعالِ الجنَّة، والابتعادِ عن كلِّ ما يُقرِّبُ مِن النَّارِ، كما يُنبِّهُ على عدمِ تركِ النَّفسِ لمشاغِلِ الدُّنيا. .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=+%D8%A3%D9%8E%D9%83%D9%92%D8%AB%D9%90 %D8%B1%D9%8F%D9%88%D8%A7+%D8%B0%D9%90%D9%83%D9%92% D8%B1%D9%8E+%D9%87%D9%8E%D8%A7%D8%B0%D9%90%D9%85%D 9%90+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%91%D9%8E%D8%B0%D9%91%D9 %8E%D8%A7%D8%AA%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .
وأكثر ما يخافه المؤمن في الموت أن يباغته وهو لم يتهيأ له، هنا (https://saaid.net/Doat/shiddy/30.htm).
لقد كتب الله الموت على كل واحد منا، وهو ملاقيه لا محالة؛ فـ"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ"آل عمران:185. كل واحد منا ذائقٌ للموتِ في الوقت الذي قضاه الله وقدره، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، ولن يتجاوز أحد ما قدره سبحانه ، وأجرى به القلم، فهي مكتوبة عنده في اللوح المحفوظ، فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ -رضي الله عنه- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ: رَبِّ: وَمَاذَا أَكْتُبُ؟! قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ".
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4700 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%88%D9%84+%D9%85%D8%A7+%D8%A E%D9%84%D9%82+%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87+%D8%A7%D9%8 4%D9%82%D9%84%D9%85&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .

ويكتبُ الملك الكريم -عليه السلام- "رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؛ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ". رواه البخاري وغيره- إنَّ خَلْقَ أحدِكم يُجمعُ في بطنِ أُمِّهِ أربعين يومًا أو أربعين ليلةً ، ثم يكونُ علقةً مثلَه ، ثم يكونُ مضغةً مثلَه ، ثم يُبعثُ إليه المَلَكُ ، فيُؤذنُ بأربعِ كلماتٍ ، فيكتبُ : رزقَه ، وأجَلَه ، وعملَه ، وشقيٌّ أم سعيدٌ ، ثم يُنفخُ فيه الروحُ ، فإنَّ أحدَكم ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ حتى لا يكونُ بينها وبينَه إلا ذراعٌ ، فيسبقُ عليه الكتابُ ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ فيدخلُ النارَ . وإنَّ أحدَكم ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ ، حتى ما يكونُ بينها وبينَه إلا ذراعٌ ، فيسبقُ عليه الكتابُ ، فيعملُ عملَ أهلِ الجنةِ فيدخُلها"

الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 7454 | خلاصة حكم المحدث : صحيح. الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%B1%D9%90%D8%B2%D9%92%D9%82%D9%8E% D9%87%D9%8F%D8%8C+%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D8%AC%D 9%8E%D9%84%D9%8E%D9%87%D9%8F&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .
يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خَلْقَ الإنسانِ؛ بأنَّ الجنينَ في بَطْنِ أمِّه يَمرُّ في تكوينِه بأربعةِ أدوارٍ، فيَكونُ في الدَّورِ الأوَّلِ لِمُدَّة أربَعين يومًا نُطْفَة، أيْ: حَيوانًا مَنويًّا يَجتمِع ببُوَيْضةِ الأُنثى فيُلقِّحها، وتَحمَل الْمَرأةُ بإِذنِ الله تعالى، ثمَّ يتَحوَّل في الدَّورِ الثاني لمدَّة أربعين يومًا إلى عَلَقة، أي: نُقطةٍ دموِيَّة جامِدة تَعْلَق بالرَّحِم، ثمَّ يتحوَّلُ في الدَّور الثَّالث لمدَّة أربَعين يومًا مُضْغَةً، أي: قطعةَ لَحْمٍ صَغيرة بِقَدْر ما يَمْضَغ الإنسانُ في الفَمِ، ثمَّ في الدَّور الرَّابع يَبدَأ تَشْكِيلُه وتَصْوِيره، ويكونُ قد أكملَ أربعةَ أشهُر، فيُرسِلُ اللهُ إليه الْمَلَك الموكَّلَ بالأرحامِ وكِتابةِ الأَقْدَارِ؛ فيَكتُب أعمالَه التي يَفعَلها طِيلَةَ حياتِه خيرًا أو شرًّا، ورِزْقَه وأجَلَه ويَكتُب خاتِمَته ومَصيرَه الذي يَنتهي إليه إن كان مِن أهلِ الشَّقاوةِ أو مِن أهل السَّعادة، مِن أهل الجنَّةِ أو النَّار؛"فإنَّ الرَّجلَ ليَعمَل بعمَلِ أهلِ الجنَّةِ حتَّى ما يَكونُ بينَه وبينَ الجنَّةِ إلَّا ذِرَاع"؛ وهو غَايةُ القُرْب، "فيَسْبِق عليه كِتَابُه"، أي: فيَكون قد كُتِب عليه سابقًا في بَطْنِ أمِّه أنَّه شَقِي، فيُختَم له بالشَّقاوة؛ ((فيَعْمَل بعمَلِ أهلِ النَّار فيَدخُلها)) كما سبَق به القَدَرُ، ((ويَعمَل حتَّى ما يَكونُ بينَه وبينَ النَّارِ إلَّا ذِرَاع، فيَسبِق عليه كتابُه فيَعمَل بعمَلِ أهلِ الجنَّة فيَدخُلها)).
في الحديث: كِتابة أَقْدار كلِّ إنسان وهو ما زال جَنينًا في بَطْن أمِّه بعدَ استِكمالِ تَشْكِيلِه وتَصوِيره، وتَكامُلِ أَعْضائه وحَواسِّه.
وفيه: الإيمانُ بالقدَرِ، سواءٌ تعلَّقَ بالأعمالِ أو بالأرزاقِ والآجَال.
وفيه: نَفْخُ الرُّوح في الجَنِين بعدَ استِكْمال تكوينِه.
وفيه: عدمُ الاغتِرار بصُوَر الأعمال؛ لأنَّ الأعمالَ بالخَوَاتيم.
وفيه: أنَّ الأعمال مِن الحسَنات والسيِّئات أَمَارَاتٌ لا مُوجِبات، وأنَّ مصيرَ الأَمْر في العاقبة إلى ما سَبَق به القَضاءُ وجرَى به التَّقديرُ.. الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%B1%D9%90%D8%B2%D9%92%D9%82%D9%8E% D9%87%D9%8F%D8%8C+%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D8%AC%D 9%8E%D9%84%D9%8E%D9%87%D9%8F&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .

*والجواب عن ذلك أن هذا في حق من لا يعمل إخلاصًا وإيمانا ، بل يعمل بعمل أهل الجنة
" فيما يبدو للناس " فقط ، كما جاء موضحا في الحديث الآخر الذي رواه البخاري (4207) ومسلم (112) عَنْ سَهْلٍ قَالَ" الْتَقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَاقْتَتَلُوا فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجْزَأَ أَحَدٌ مَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالُوا أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَأَتَّبِعَنَّهُ فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ". الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A3%D9%8E%D9%87%D9%92%D9%84%D9%90+ %D8%A7%D9%84%D9%92%D8%AC%D9%8E%D9%86%D9%91%D9%8E%D 8%A9%D9%90+%D9%81%D9%90%D9%8A%D9%85%D9%8E%D8%A7+%D 9%8A%D9%8E%D8%A8%D9%92%D8%AF%D9%8F%D9%88+%D9%84%D9 %90%D9%84%D9%86%D9%91%D9%8E%D8%A7%D8%B3%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1).
وأما من يعمل بعمل أهل الجنة حقيقة ، إخلاصًا وإيمانًا ، فالله تعالى أعدل وأكرم وأرحم من أن يخذله في نهاية عمره .
بل هذا أهل للتوفيق والتسديد والتثبيت ، كما قال تعالى " يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " إبراهيم/27 ، وقال " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " العنكبوت/69 ، وقال " إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " يوسيف/90 ، وقال " يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ " آل عمران/171
قال ابن القيم رحمه الله في "الفوائد" ص 163 : " وأما كون الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فإن هذا عمل أهل الجنة فيما يظهر للناس ، ولو كان عملا صالحا مقبولا للجنة قد أحبه الله ورضيه لم يبطله عليه . وقوله " لم يبق بينه وبينها إلا ذراع " يشكل على هذا التأويل ، فيقال : لما كان العمل بآخره وخاتمته ، لم يصبر هذا العامل على عمله حتى يتم له ، بل كان فيه آفة كامنة ونكتة خُذل بها في آخر عمره ، فخانته تلك الآفة والداهية الباطنة في وقت الحاجة ، فرجع إلى موجبها ، وعملت عملها ، ولو لم يكن هناك غش وآفة لم يقلب الله إيمانه ... والله يعلم من سائر العباد ما لا يعلمه بعضهم من بعض " انتهى .
وقال ابن رجب رحمه الله :
" وقوله " فيما يبدو للناس " إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك ، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ؛ إما من جهة عمل سيء ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت .
وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار ، وفي باطنه خصلة خفيه من خصال الخير ، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره ، فتوجب له حسن الخاتمة .
قال عبد العزيز بن أبي رواد : حضرت رجلا عند الموت يلقن الشهادة : لا إله إلا الله ، فقال في آخر ما قال : هو كافر بما تقول ، ومات على ذلك !!
قال : فسألت عنه ، فإذا هو مدمن خمر !!
وكان عبد العزيز يقول اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته .
وفي الجملة : فالخواتيم ميراث السوابق ؛ وكل ذلك سبق في الكتاب السابق ، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم ، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق .
وقد قيل : إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم ، يقولون : بماذا يختم لنا ؟!!
وقلوب المقربين معلقة بالسوابق ، يقولون : ماذا سبق لنا ؟!! ...
وقال سهل التستري : المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي ، والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر !!
ومن هنا كان الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق ، ويشتد قلقهم وجزعهم منه ؛ فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر ، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر ؛ كما تقدم أن دسائس السوء الخلفية توجب سوء الخاتمة " انتهى .
جامع العلوم والحكم (1/57-58) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إن حديث ابن مسعود "حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع" أي: بين الجنة ، ليس المراد أن عمله أوصله إلى هذا المكان حتى لم يبق إلا ذراع ، لأنه لو كان عمله عمل أهل الجنة حقيقة من أول الأمر ما خذله الله عز وجل ؛ لأن الله أكرم من عبده، عبد مقبل على الله ، ما بقي عليه والجنة إلا ذراع ، يصده الله؟! هذا مستحيل ، لكن المعنى: يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ، حتى إذا لم يبق على أجله إلا القليل زاغ قلبه والعياذ بالله -نسأل الله العافية- هذا معنى حديث ابن مسعود . إذًا: لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع بالنسبة لأجله ، وإلا فهو من الأصل ما عمل عمل أهل الجنة -نعوذ بالله من ذلك ، نسأل الله ألا يزيغ قلوبنا- عامل وفي قلبه سريرة خبيثة أودت به إلى أنه لم يبق إلا ذراع ويموت " انتهى من "اللقاء الشهري" (13/14).
وأشار بعض أهل العلم إلى أن المذكور في الحديث قد يعمل بعمل أهل الجنة حقيقة ، حتى إذا اقترب أجله ساءت خاتمته ، فمات على كفر أو معصية ، لكن هذا نادر ، وهو راجع أيضًا إلى خبيئة وبلية يقيم عليها هذا الشخص ، من اعتقاد فاسد أو كبيرة موبقة ، أوجبت سوء خاتمته ، نسأل الله العافية . فيكون الحديث فيه تحذير من الاغترار بالأعمال ، وتوجيه إلى سؤال الله الثبات حتى الممات، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " الْمُرَاد بِالذِّرَاعِ التَّمْثِيل لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْته وَدُخُوله عَقِبه , وَأَنَّ تِلْكَ الدَّار مَا بَقِيَ بَيْنه وَبَيْن أَنْ يَصِلهَا إِلَّا كَمَنْ بَقِيَ بَيْنه وَبَيْن مَوْضِع مِنْ الْأَرْض ذِرَاع , وَالْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَع فِي نَادِر مِنْ النَّاس , لَا أَنَّهُ غَالِب فِيهِمْ , ثُمَّ أَنَّهُ مِنْ لُطْف اللَّه تَعَالَى وَسَعَة رَحْمَته اِنْقِلَاب النَّاس مِنْ الشَّرّ إِلَى الْخَيْر فِي كَثْرَة , وَأَمَّا اِنْقِلَابهمْ مِنْ الْخَيْر إِلَى الشَّرّ فَفِي غَايَة النُّدُور , وَنِهَايَة الْقِلَّة , وَهُوَ نَحْو قَوْله تَعَالَى" إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وفي رواية غَلَبَتْ غَضَبِي " مرقاة المفاتيح (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=79&ID=4714) . وَيَدْخُل فِي هَذَا مَنْ اِنْقَلَبَ إِلَى عَمَل النَّار بِكُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَة , لَكِنْ يَخْتَلِفَانِ فِي التَّخْلِيد وَعَدَمه ; فَالْكَافِر يُخَلَّد فِي النَّار , وَالْعَاصِي الَّذِي مَاتَ مُوَحِّدًا لَا يُخَلَّد فِيهَا كَمَا سَبَقَ تَقْرِيره . وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَصْرِيح بِإِثْبَاتِ الْقَدَر , وَأَنَّ التَّوْبَة تَهْدِم الذُّنُوب قَبْلهَا , وَأَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى شَيْء حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , إِلَّا أَنَّ أَصْحَاب الْمَعَاصِي غَيْر الْكُفْر فِي الْمَشِيئَة . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَهَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ فِيهِ فَصْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْقَدَرُ السَّابِقُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلِمَ أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْمَلُوا الْأَعْمَالَ وَهَذَا حَقٌّ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ ; بَلْ قَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ : كَمَالِكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَنَّ مَنْ جَحَدَ هَذَا فَقَدَ كَفَرَ ; بَلْ يَجِبُ الْإِيمَانُ أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ مَا سَيَكُونُ كُلَّهُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ كَتَبَ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ...
والفصل الثاني : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ الْأُمُورَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَدْ جَعَلَ لِلْأَشْيَاءِ أَسْبَابًا تَكُونُ بِهَا ؛ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا تَكُونُ بِتِلْكَ الْأَسْبَابِ ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يُولَدُ لَهُ بِأَنْ يَطَأَ امْرَأَةً فَيُحْبِلَهَا ؛ فَلَوْ قَالَ هَذَا : إذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ يُولَدُ لِي فَلَا حَاجَةَ إلَى الْوَطْءِ كَانَ أَحْمَقَ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ بِمَا يُقَدِّرُهُ مِنْ الْوَطْءِ ، وَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا يُنْبِتُ لَهُ الزَّرْعَ بِمَا يَسْقِيهِ مِنْ الْمَاءِ وَيَبْذُرُهُ مِنْ الْحَبِّ ؛ فَلَوْ قَالَ : إذَا عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَذْرِ كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا ; لِأَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ بِذَلِكَ ...
وَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ سَعِيدًا فِي الْآخِرَةِ وَهَذَا شَقِيًّا فِي الْآخِرَةِ ، قُلْنَا : ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِعَمَلِ الْأَشْقِيَاءِ ؛ فَاَللَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْقَى بِهَذَا الْعَمَلِ ، فَلَوْ قِيلَ : هُوَ شَقِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ كَانَ بَاطِلًا ; لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُدْخِلُ النَّارَ أَحَدًا إلَّا بِذَنْبِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ " ؛ فَأَقْسَمَ أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا مِنْ إبْلِيسَ وَأَتْبَاعِهِ ، وَمَنْ اتَّبَعَ إبْلِيسَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى ، وَلَا يُعَاقِبُ اللَّهُ الْعَبْدَ عَلَى مَا عَلِمَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ حَتَّى يَعْمَلَهُ ...
وَكَذَلِكَ الْجَنَّةُ خَلَقَهَا اللَّهُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ فَمَنْ قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ يَسَّرَهُ لِلْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ ؛ فَمَنْ قَالَ : أَنَا أَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَوَاءٌ كُنْت مُؤْمِنًا أَوْ كَافِرًا ، إذَا عَلِمَ أَنِّي مِنْ أَهْلِهَا كَانَ مُفْتَرِيًا عَلَى اللَّهِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُهَا بِالْإِيمَانِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إيمَانٌ لَمْ يَكُنْ هَذَا هُوَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، بَلْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا ، بَلْ كَافِرًا ، فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
وَلِهَذَا أَمَرَ النَّاسَ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ . وَمَنْ قَالَ : أَنَا لَا أَدْعُو وَلَا أَسْأَلُ اتِّكَالًا عَلَى الْقَدَرِ كَانَ مُخْطِئًا أَيْضًا ; لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ الدُّعَاءَ وَالسُّؤَالَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَنَالُ بِهَا مَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَهُدَاهُ وَنَصْرَهُ وَرِزْقَهُ . وَإِذَا قَدَّرَ لِلْعَبْدِ خَيْرًا يَنَالُهُ بِالدُّعَاءِ لَمْ يَحْصُلْ بِدُونِ الدُّعَاءِ ، وَمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَعَلِمَهُ مِنْ أَحْوَالِ الْعِبَادِ وَعَوَاقِبِهِمْ فَإِنَّمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ بِأَسْبَابِ يَسُوقُ الْمَقَادِيرَ إلَى الْمَوَاقِيتِ ؛ فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ شَيْءٌ إلَّا بِسَبَبِ ، وَاَللَّهُ خَالِقُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ ...
وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَلَّ طَائِفَتَانِ مِنْ النَّاسِ : " فَرِيقٌ " آمَنُوا بِالْقَدَرِ وَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ ، فَأَعْرَضُوا عَنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَهَؤُلَاءِ يَئُولُ بِهِمْ الْأَمْرُ إلَى أَنْ يَكْفُرُوا بِكُتُبِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَدِينِهِ !!
وَفَرِيقٌ أَخَذُوا يَطْلُبُونَ الْجَزَاءَ مِنْ اللَّهِ كَمَا يَطْلُبُهُ الْأَجِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُتَّكِلِينَ عَلَى حَوْلِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَعَمَلِهِمْ ، وَكَمَا يَطْلُبُهُ الْمَمَالِيكُ ، وَهَؤُلَاءِ جُهَّالٌ ضُلَّالٌ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ الْعِبَادَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ حَاجَةً إلَيْهِ ، وَلَا نَهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ بُخْلًا بِهِ ؛ وَلَكِنْ أَمَرَهُمْ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ ، وَنَهَاهُمْ عَمَّا فِيهِ فَسَادُهُمْ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ : " يَا عِبَادِي إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي " ...
فَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ نَاظِرًا إلَى الْقَدَرِ فَقَدْ ضَلَّ ، وَمَنْ طَلَبَ الْقِيَامَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُعْرِضًا عَنْ الْقَدَرِ فَقَدْ ضَلَّ ; بَلْ الْمُؤْمِنُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " ؛ فَنَعْبُدُهُ اتِّبَاعًا لِلْأَمْرِ وَنَسْتَعِينُهُ إيمَانًا بِالْقَدَرِ ..." انتهى .
مقتطفات من مجموع الفتاوى (8/66) وما بعدها . . هنا (https://islamqa.info/ar/96989).

أم أبي التراب
04-25-2017, 10:12 PM
المجلس السادس والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
¤تابع موت الفجأة يزهدنا في الدنيا ويرغبنا في الآخرة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه




¤وأكثر ما ينبغي للمؤمنِ أن يخافَهُ في الموتِ أن يباغتَهُ وهو لم يتهيأ له، وهو ما يُسمَى بموتِ الفُجْأَةِ؛ ذلك أن من عادة الإنسانِ التسويفَ في التوبة والعملِ الصالحِ، وطولَ الأملِ والرغبةَ في الدنيا، وإلا فإن المُقْدِمَ على الموتِ لمرضٍ عُضالٍ أصابه أو نحوه تتغيرُ حياةُ أكثرِهم في آخرِ أيامِهِ، فتَرْخُصُ عنده الدنيا وتَعْظُمُ الآخرة، فيكونُ ما ألَمَّ به من علامات الموت ومقدماته خيرًا له؛ فيجدد التوبة ويَخْرُجُ من المظالمِ ويُكَفِّرُ اللهُ مِنْ خَطَايَاهُ بما أصابه من مصيبةِ المرضِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ –تعب- وَلاَ وَصَبٍ –مرض-، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ". رواه البخاري.الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5641 | خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8E%D9%84%D8%A7%D9%8E+%D9%87 %D9%8E%D9%85%D9%8D%D9%91+%D9%88%D9%8E%D9%84%D8%A7% D9%8E+%D8%AD%D9%8F%D8%B2%D9%92%D9%86%D9%8D&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .
أيها الأحبة: في الحديث: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ مِنْ اقْتِرَاب السَّاعَة أَنْ يُرَى الْهِلاَل لِلَيْلَة فَيُقَالُ: لِلَيلَتَينِ، وَأَنْ يَظْهَر مَوتُ الْفَجْأة، وَأَنْ تُتَّخَذ الْمَسَاجِد طُرُقًا". رواه الطبراني عَنْ أَنَس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وحسنه الألباني.الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D9%86%D9%92+ %D9%8A%D9%8E%D8%B8%D9%92%D9%87%D9%8E%D8%B1+%D9%85% D9%8E%D9%88%D8%AA%D9%8F+%D8%A7%D9%84%D9%92%D9%81%D 9%8E%D8%AC%D9%92%D8%A3%D8%A9&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1http://) .
وموت الفجأة موجود من قديم الزمان، ولكن كثر ظهوره وانتشاره في هذه الأزمان، والمتابع للأخبار اليوم يجد عجبًا من كثرته سواء على المستوى الفردي أم الجماعي.
خلاصة أقوال أهل العلم في موت الفجأة: أنه تخفيف عن العبد المؤمن ومحبوب للمراقبين المستعدين للموت، وقد مات به جماعة من الأنبياء؛ فقد قيل:......، وكذلك بعض الصالحين.
أما من ليس مستعدًا للموت بكونه مثقل الظهر بالمظالم فليس بمحبوب، وبذلك يجتمع القولان.
ومفاجأة الموت ربما تفوّت على الإنسان أشياءً كثيرة؛ فقد يكون في حاجة إلى أن يوصي، فتفوته الوصية، وقد يكون يعمل في عمل دنيا بعيد عن ذكر الآخرة أو الموت، فيفوّت عليه أن يكون آخر كلامه لا إله إلا الله.
ومع كثرة موت الفجأة إلا أن جملة منا في غفلة، وكأن الأمر لا يعنيه ولن يأتيه أو يقرب من داره.
عجبًا لنا!! كيف نجرؤ على أن نعصي الله وأرواحنا بيده!! وكيف نغفُل عن رقابته والموت بأمره يأتي فجأة، أما سأل أحدنا نفسه: لماذا لا يستطيع أحد أن يعلم متى سيموت؟! إنها حكمة بالغة، ليبقى المؤمن طوال حياته مترقبًا وَدَاعَ الدنيا، مستعدًا للقاء ربه، فهل لنا أن نتنبه لذلك؟!
يا لها من غفلة أن نسير في هذه الدنيا ولسان فِعَلنا كأن أحدنا سيُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُنجيه مِنَ الْموتِ أَنْ يُعَمَّرَ! ونغفل كأن بيننا وبين الموت ميعادًا مؤجلاً! كم قريبًا دَفَنَّا، وكم حبيبًا ودَّعنا، نفضنا أيدينا من غبار قبره، وعدنا من دُوْرِ اللحود، وعادت معنا الدنيا لنغرق في همومها وملذاتها، وكأن الأمر لا يعنينا، بل نجد منا من لا يفتر عن حديث الدنيا وهو قائم على تلك الأجداث، وكأن معه صكًّا إِلهَيًّا بالخلود في الدنيا.
أين العيون الباكية من خشية الله؟! أين القلوب الوجلة من لقاء الله؟! لم لا نعود أنفسنا على توديع هذه الدنيا كل يوم، فنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبها الله؟! ونؤدي للعباد كل ما علينا قبل أن يؤديه الله من أعمالنا الصالحة؟! لمَ لا نعزم على مضاعفة الأعمال الصالحة من صلاة واستغفار وذكر وبر وصلة؟! لم لا نفكر بجدية مقرونة بعمل أن نقلع من معاصينا، ونتوب من تقصيرنا في حق الله تعالى؟! لم لا نجعل ساعة الموت هذه واعظًا لنا في هذه الدنيا الفانية من الغفلة عن الله تعالى؟! .
"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ".
قال ابن الجوزيّ: "الواجب على العاقل أخذ العدّة لرحيله؛ فإنّه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربّه، ولا يدري متى يستدعى، وإنّي رأيت خلقًا كثيرًا غرّهم الشّباب ونسوا فقدان الأقران، وألهاهم طول الأمل".
قال بعضهم: أعجب حالات الإنسان أنه يحسب لكل شيء حسابًا ويستعدُ له، يخشى الفقر فيدخر له المال، ويخشى البردَ فيستعدُ له، والحر كذلك.
ويخشى الشيخوخةَ والكبر فيسعى في تحصيل الأولاد، لعلهم يخدمونه عند العجز، ويخلفونه في شؤونه الدنيوية والأخروية... وهكذا.
لكنه لا يدخل الموت الذي ربما فاجأه في حسابه فلا يستعد له مع أنه يشاهد الموتى يذهبون ولا يعودون.
وهو مهدد بالموت في كل ساعة، خصوصًا في زمننا الذي كثرت فيه أسباب موت الفجأة. نسأل الله أن يوقظ قلوبنا للاستعداد له.
موت الفجأة، ويكون عامًا وخاصًا:
أما العام فيشمل أهل بلاد بوقوع وباء مهلك يحصد الأرواح، ويملأ المقابر، ويتساقط الناس فيه سراعًا، حتى تفنى أُسر وعشائر بأكملها، وتغلق دور وتخلو مدن من ساكنيها، وحفار القبور لا يرفع ظهره من كثرة من يدفنون فما يلبث أن يدفن هو فيما حفر من قبور، وكم من مغسل للموتى غسل على ذات السرير الذي يغسل الناس عليه، وقد وقع ذلك كثيرًا في التاريخ في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب.
وفي وقت الصحابة رضي الله عنهم هلك كثير منهم ومن التابعين في طاعون عَمَوَاس الذي ضرب بلاد الشام في خلافة عمر رضي الله عنه فمات فيه خلق كثير، ومن مشاهير من مات فيه من الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وزوجتاه وأولاده كلهم وأبو جندل رضي الله عنهم.
وكانت هذه الأوبئة العامة تنتقل من بلاد إلى بلاد، وتعاود الظهور زمانًا بعد زمان، وتشمل أحيانا الإنسان والحيوان كما وقع في أخريات القرن الخامس إذ كثرت الأمراض بالحمى والطاعون في العراق والحجاز والشام وأعقب ذلك موت الفجأة ثم ماتت الوحوش في البراري ثم تلاها موت البهائم حتى عزت الألبان واللحوم، فيما ذكره المؤرخون.
ولما منَّ الله تعالى على البشرية باكتشاف أمصال وتلقيحات ضد الأمراض المعدية، والأوبئة الفتاكة كانت الأعاصير والزلازل والفيضانات ميادين رحبة لموت الفجأة..تضرب بلادا في لحظة فتهلك أهلها وتتركها خرابا يبابا، ولا قدرة للبشر على مواجهتها أو دفعها أو تخفيفها.
وعقب اختراع الطائرات والسفن العملاقة أضحت مجالا جديدا من مجالات موت الفجأة بسقوط الطائرات وغرق السفن، فتهلك فيها أنفس كثيرة ما كانت تظن أن ركوبها فيها هو آخر العهد بالحياة.
وأما الموت المفاجئ الخاص فيقع لفرد أو أسرة على إثر هدم أو حريق أو غرق أو نحوه، ثم كانت حوادث السيارات في العصر الحاضر من أوسع المجالات الفردية لموت الفجأة، يخرج الرجل أو الأسرة من منزلهم بسيارتهم فيؤتى بهم إلى ثلاجة الموتى.
وقد يموت العبد بشيء لا يظن أنه يموت به أبدا، وفي حجة الوداع وقع رجل في عرفة من راحلته فوقصته فمات، وكم من سقوط لا يميت في العادة هلك به صاحبه، وكم من ضربة لا تؤلم مات المضروب بها، وليست إلا مقادير قُدِّرت على بني آدم، كانت هذه أسبابها، كبرت الأسباب أم صغرت.
وموت الفجأة لا يُذم ولا يمدح، فقد يكون رحمة للمؤمن الطائع كما يكون عقوبة على الكافر والفاجر، فمن كان مستعدًا للموت كل حين بالإيمان والعمل الصالح فإن موت الفجأة رحمة في حقه، وتخفيف عليه. ومن كان متثاقلا عن الطاعات، مسارعا إلى المحرمات فإن موت الفجأة نقمة عليه وعذاب في حقه؛ لأن الميت يبعث يوم القيامة على ما مات عليه؛ ولأنه لا يتمكن من التوبة، ومن أداء ما عليه من الحقوق؛ ولذا كان موت الفجأة كأخذة الغضب، وجاء في حديث عند أبي داود عن عُبَيْدِ بن خَالِدٍ السُّلَمِيِّ "مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسِفٍ" أي غضبان وصححه الألباني. قال النخعي رحمه الله تعالى: إنْ كانوا ليكرهون أخذةً كأخذةِ الأَسِف.
أسأل الله تعالى أن يحسن خواتمنا، وأن يرزقنا الاعتبار بغيرنا، والاستعداد لما أمامنا، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، "رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"البقرة:201.
هنا (http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.khdetails&khid=7438)
قد يكون ملك الموت بانتظارنا ولم يبق من أعمارنا إلا دقائق معدودة، فما نحن فاعلون؟! وهل نحن مستعدون؟! هذه ـ والله ـ هي الحقيقة لا محيد لنا ولا مهرب ولا ملجأ. إن موت الفجأة هو جرس إنذار لنا لنستيقظ من غفلتنا، ولننتبه من رقادنا في وقت انشغل الناس بالدنيا ونسوا الآخرة، ونسوا أنهم قادمون على الله شاؤوا أم أبوا.
هنا. (http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=9044)
وأقبل شهر شعبان


حال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شعبان ؟
ـ عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال : قلتُ يا رسول الله ! لَمْ أَرَكَ تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" ذاك شـهر تغفـل النـاس فيـه عنـه ، بيـن رجـب ورمضـان ، وهـو شـهر ترفـع فيـه الأعمـال إلـى رب العالميـن ، وأحـب أن يُرفـع عملـي وأنـا صائـم"
رواه النسائي . وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1022 / ص : 595 .
وقـد بيِّـنَ صلـى الله عليـه وسـلم فـي هـذا الحديـث ؛ الحكمـة مـن إكثـار الصـوم في هذا الشهر ، وهـي :
أ ـ غفلة الناس عن هذا الشهر .
ب ـ رفع الأعمال فيه إلى الله .
ـ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :
" كـان رسـولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يصومُ حتـى نقولَ لا يفطرُ ، ويفطر حتى نقولَ لا يصوم ، وما رأيتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ استكمل صيامَ شهرٍ قطّ إلا شهرَ رمضانَ ، وما رأيتُهُ في شهرٍ أكثرَ صيامًا منه في شعبان ".
صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / 9 ـ كتاب : الصوم8 / ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1024

قالـت ـ أي : عائشـة ـ " مـا رأيـتُ النبـيَّ فـي شـهر أكثـر صيامـًا منـه فـي شـعبان،كـان يصومـه إلا قليـلاً ، بـل كـان يصومُـه كُلَّـه(1)"
صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب :الصوم /( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان /حديث رقم : 1024
( 1 )كُلّه: أي أكثره .حاشية صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1

ـ عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت :
"ما رأيتُ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان"
رواه الترمذي . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 1025
هذا هو حال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهديه في شعبان ، كان يحب أن يرفع عملُه وهو صائم ،
الله الله على الصوم
فالصوم له تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة ، والقوى الباطنة .فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات ووساوس الشياطين.
*فالصوم من أكبرِ العونِ على التقوى.
قال تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" سورة البقرة / آية : 183

*الصيام من مظاهر حسن الخاتمة ، وسبب لدخول الجنة
ـ فعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ قال : أسندتُّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى صدري فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " من قال ( لا إله إلا الله ) ؛ خُتمَ له بها ؛ دخل الجنة ، ومن صـام يومًا ابتغاء وجه الله ؛ خُتم له به ؛ دخل الجنة ، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ؛ خُتم له بها ؛ دخل الجنة"
رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب والترهيب / ج : 1 / ( 9 ) ـ كتاب : الصوم / ( 8 ) ـ باب ـ : الترغيب في صوم شعبان / حديث رقم : 985 / ص : 579 .

ألا مـن مُشَـمِّر للجنـة
هيا نعيش شهر شعبان كما كان يعيشه الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ونطهر أنفسنا من دنس الذنوب والمعاصي تمهيدًا لاستقبال شهر رمضان والفوز به ، عسى أن تكون حسن خاتمة .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله " قيل : كيف يستعمله ؟ .قال صـى الله عليه وعلى آله وسلم"يوفقه لعملٍ صالحٍ قبل الموتِ ثم يقبضه عليه "
رواه أحمد والترمذي عن أنس . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع الصغير وزيادته / الهجائي / ج : 1 / حديث رقم : 305 / ص : 117 .

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا واختم لنا بالصالحات

أم أبي التراب
05-02-2017, 02:35 AM
المجلس السابع والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
¤ اليقين¤

*"عليكم بالصِّدْقِ ؛ فإنَّهُ مع البِرِّ ، وهُما في الجنةِ ، وإيَّاكمْ والكذِبَ ، فإنَّهُ مع الفُجورِ ، وهُما في النارِ ، وسَلُوا اللهَ اليقينَ والمُعافاةَ ؛ فإنَّهُ لمْ يُؤْتَ أحدٌ بعدَ اليقينِ خيْرًا من المُعافاةِ ، ولا تَحاسَدُوا ، ولا تَباغَضُوا ، ولا تَقاطَعُوا ، ولا تَدابَرُوا ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا ، كَمَا أمرَكُمُ اللهُ"
الراوي : أبو بكر الصديق| المحدث : الألباني| المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 4072 | خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%82%D9%8A%D9%86&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0).


*"صلاحُ أوَّلِ هذهِ الأُمَّةِ بالزُّهدِ واليَقينِ ، وهلاكُ آخِرِها بالبُخلِ والأمَلِ"
الراوي : عبدالله بن عمرو| المحدث : الألباني| المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 3215 | خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%91%D9%8F% D9%87%D8%AF%D9%90+%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%8E%D 9%82%D9%8A%D9%86%D9%90&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0) .
* اليقين الذي يقول عنه العالمُ الرباني طبيب القلوب ابن القيم رحمه الله :
اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد ، وفيه تفاضل العارفون ، وفيه تنافس المتنافسون ، وإليه شمَّر العاملون.ا.هـ.
فاليقين سببٌ رئيسٌ في (تهوين ) المصائب و(تخفيف) البلايا
"....ومن اليقينِ ما تُهَوِّنُبه علينا مُصِيباتِ الدنيا . ".
الراوي : عبدالله بن عمر|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 3502 |خلاصة حكم المحدث : حسن.
*اليقين من مثبتات السعادة في الروح ،ومقويات الطمأنينة في القلب
ودعني أضربُ لك مثالاً يوضح لك المعنى:
لو أنّ رجلاً فقيرًا معدمًا كثيرَ العيال هدّتْ كاهله الديون، وسال لبؤسه ماءُ العيون،ثم أخبروه أن (عمه المغترب) في بلادٍ أوربية قد ماتَ وخلّف ثروةً طائلةً تقدر بـ(100) مليون دولار وليس له وريثٌ إلا هو!!
لكنّ إجراءات حصر الإرث والورثة ونقل الثروة ستتأخر قليلاً ولن يستلم الثروة إلا بعد سنة كاملة.
أخبرني الآن:كيف سيعيشُ هذه السنة ؟ ويحيا أيامَ هذا العام؟
لا شك أنه سيكونُ مسرورًا جدًا، مطمئنًا جدًا، فرحًا جدًّا رغم أنه مازال بعدُ فقيرًا معدمًا لكنّ (يقينه) بأنه بعد سنة سيصبحُ غنيًّا جعل قلبه مستقرًا بالسعادة ومشعـًّا بالطمأنينة
وكذلك "يقين"المؤمن بما أعدّه الله له في الجنة سيجعله سعيدًا مطمئنًا مهما كان فقره وبلاؤه.
سر عظيم سيغير حياتك . عبد الله بن أحمد الحويل (http://www.saaid.net/Doat/alhaweel/48.htm)
قال ابن القيم -رحمه الله :
الفرق بين علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين:قد مثلت المراتب الثلاثة بمن أخبرك : أن عنده عسلاً وأنت لا تشك في صدقه ، ثم أراك إياه فازددت يقينًا ،ثم ذقت منه ، فالأول : علم اليقين ،
والثاني : عين اليقين ،
والثالث : حق اليقين .
فعلمنا الآن بالجنة والنار : علم يقين .
فإذا أزلفت الجنة في الموقف للمتقين وشاهدها الخلائق وبرزت الجحيم للغاوين وعاينها الخلائق فذلك:عين اليقين
فإذا أدخل أهل الجنة الجنة وأدخل أهل النار النار: فذلك حينئذ حق اليقين. "مدارج السالكين 2/129.".
والواجب في الإيمان هو علم اليقين،وقد يزداد إيمان المسلم حتى كأنه يرى الله ويرى الجنة والنار كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم- في حديث جبريل الصحيح: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" البخاري (50) ومسلم (8)، والإحسان درجة كمال الإخلاص ودوام المراقبة، وإبراهيم عليه السلام خليل الرحمن وإمام الحنفاء طلب من ربه أن يوصله درجة عين اليقين وهي الرؤية، لا شكًا حاشاه عليه السلام- وإنما ليزداد إيمانه طمأنينة وكمالاً "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي....." [البقرة: 260] والله أعلم.هنا (https://www.islamtoday.net/fatawa/quesshow-60-36064.htm) .
د. محمد بن عبدالله الخضيري (https://www.islamtoday.net/fatawa/scholarCV-193.htm)
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
¤ علامات أهل اليقين ¤

كيف تعرف أن عندك يقينًا ، وأنك متحل بهذه الصفة العظيمة ؟
لأهل اليقين علامات يُعرفونَ بها ،وتنعكس على حياتهم اليومية، ، ومن تلك العلامات على سبيل الإجمال ما يلي :
1-أيقن بالله حقًا فآمن به: واستشعر مراقبة الله له
"....فإنْ لم تكنْ تراهُ فإنَّهُ يراكَ....." .
الراوي : أبو هريرة |المحدث : البخاري |المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 4777 |خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%81%D8%A5%D9%86%D9%87+%D9%8A%D8%B1 %D8%A7%D9%83&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0http://).
فإذا استشعر ذلك لم يعصه.
2-أيقن بأن الموت حق فحذره"كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ "العنكبوت57.
وأهل اليقين هم أولى بالاتعاظ به.
3-وأيقنبأن البعث حق فخاف :"وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ"البقرة 281
4-وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها ، وعمل لها .
"وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "البقرة25.
5-وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه للنجاة منها
"أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"آل عمران162.
6-وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه
"وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"آل عمران135.
¤ثمرات اليقين وآثاره¤

أم أبي التراب
05-23-2017, 11:07 AM
المجلس الثامن والعشرون
الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة
¤ تابع اليقين ¤

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه .
*"صلاحُ أوَّلِ هذهِ الأُمَّةِ بالزُّهدِ واليَقينِ ، وهلاكُ آخِرِها بالبُخلِ والأمَلِ"الراوي : عبدالله بن عمرو- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترغيب-الصفحة أو الرقم: 3215 - خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره .الدرر .
وفوَّضْتُ أمري إليك، أي: توكَّلتُ في جميع أموري عليك، راجيًا أن تَكفيَني كلَّ شيء، وتَحميَني من كلِّ سوء،فلا يظن الإنسان أن أحدًا ينجيه من الله عز وجل، ولذلك أول ما يفكر فيه الإنسان إذا نزلت به المصيبة أو حلّت به بلية أن يتجه إلى الله وحده لا شريك له.
وقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع تلك المرأة الضعيفة، مع صبي ضعيف في وادٍ، -أمره الله بالهجرة إليه- غير ذي زرع، لا أنيس به ولا جليس، فكان صلوات الله وسلامه عليه مستجيبًا لأمر ربه مسلَّمًا لخالقه كما وصفه الله في كتابه، فجاءته تلك المرأة الضعيفة وتعلّقت به بعد أن حطَّ رحالها وتركها وصبيها، فقالت: إلى من تدعنا يا إبراهيم؟ فأعرض عنها عليه الصلاة والسلام كأنه يقول لها: أنت تعلمين لمن أدعك .. فمضى إلى الوادي، فجرت وراءه وقالت: إلى من تدعنا يا إبراهيم؟ فنظر إليها ثم أعرض عنها، ثم في المرة الثالثة، تعلقت به وقالت: إلى من تدعنا يا إبراهيم؟ فقال: لله، قالت: إذاً لا يخيبنا الله، فوقع ما وقع لها ولصبيها فاستغاثت بالله عز وجل واستجارت في شربة ماء لها ولطفلها، ففجّر الله عز وجل الماء من تحت قدم صبيها. فمن أيقن بالله عز وجل في أي شدة أو أي خطب فإن الله لا يضيعه.
"رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ "إبراهيم37
*"أولُ ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ من قِبَلِ أم إسماعيلَ ، اتخذتْ مِنْطَقًا لتُعفي أَثَرها على سارةَ ، ثم جاء بها إبراهيمُ وبابنها إسماعيلَ وهي تُرْضِعُهُ ، حتى وضعها عند البيتِ ، عند دَوْحَةٍ فوق زمزمَ في أعلى المسجدِ ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ ، وليس بها ماءٌ ، فوضعهما هنالك ، ووضع عندهما جِرَابًا فيهِ تمرٌ ، وسقاءً فيهِ ماءٌ ، ثم قَفَّى إبراهيمُ منطلقًا ، فتبعتْهُ أمُّ إسماعيلَ ، فقالت : يا إبراهيمُ ، أين تذهبُ وتتركنا بهذا الوادي ، الذي ليس فيهِ إنسٌ ولا شيٌء ؟ فقالت لهُ ذلك مرارًا ، وجعل لا يتلفتُ إليها ، فقالت لهُ : آللهُ الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يُضَيِّعُنَا ، ثم رجعت ، فانطلقَ إبراهيمُ حتى إذا كان عند الثَّنِيَّةِ حيثُ لا يرونَهُ ، استقبلَ بوجهِهِ البيتَ ، ثم دعا بهؤلاءِ الكلماتِ ، ورفع يديهِ فقال : رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ - حتى بلغ - يَشْكُرُونَ . وجعلت أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ وتشربُ من ذلك الماءِ ، حتى إذا نفد ما في السِّقَاءِ عطشتْ وعطشَ ابنها ، وجعلت تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى ، أو قال يتلبَّطُ ، فانطلقت كراهيةَ أنتنظرَ إليهِ ، فوجدتِ الصفا أقربُ جبلٍ في الأرضِ يليها ، فقامت عليهِ ، ثم استقبلتِ الوادي تنظرُ هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا ، فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغتِ الوادي رفعتْ طرفَ درعها ، ثم سعت سعيَ الإنسانِ المجهودِ حتى إذا جاوزتِ الوادي ، ثم أتتِ المروةَ فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا فلم تَرَ أحدًا ، ففعلت ذلك سبعَ مراتٍ . قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( فذلك سعيُ الناسِ بينهما ) . فلما أشرفت على المروةِ سمعت صوتًا ، فقالت صَهْ - تريدُ نفسها - ثم تَسَمَّعَتْ ، فسمعت أيضًا ، فقالت : قد أُسْمِعْتُ إن كان عندكَ غَوَاثٌ ، فإذا هي بالمَلَكِ عند موضعِ زمزمَ ، فبحث بعقبِهِ ، أو قال : بجناحِهِ ، حتى ظهرِ الماءِ ، فجعلت تَحُوضُهُ وتقولُ بيدها هكذا ، وجعلت تغرُفُ من الماءِ في سقائها وهو يفورُ بعد ما تغرفُ . قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ ، لو كانت تركت زمزمَ - أو قال : لو لم تغرف من الماءِ - لكانت زمزمُ عينًا معينًا ) . قال : فشربت وأرضعتْ ولدها ، قال لها الملَكُ : لا تخافوا الضَّيْعَةَ ، فإنَّ ها هنا بيتُ اللهِ ، يبني هذا الغلامُ وأبوهُ ، وإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ . وكان البيتُ مرتفعًا من الأرضِ كالرابيةِ ، تأتيهِ السيولُ ، فتأخذُ عن يمينِهِ وشمالِهِ ، فكانت كذلك حتى مَرَّتْ بهم رفقةٌ من جُرْهُمَ ، أو أهلُ بيتٍ من جُرْهُمَ ، مقبلينَ من طريقِ كَدَاءٍ ، فنزلوا في أسفلِ مكةَ ، فرأوا طائرًا عائفًا ، فقالوا : إنَّ هذا الطائرَ ليدورُ على ماءٍ ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيهِ ماءٌ ، فأرسلوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فإذا هم بالماءِ ، فرجعوا فأخبروهم بالماءِ فأقبلوا ، قال : وأمُّ إسماعيلَ عند الماءِ ، فقالوا : أتأذنينَ لنا أن ننزلَ عندكِ ؟ فقالت : نعم ، ولكن لا حقَّ لكم في الماءِ ، قالوا : نعم . قال ابنُ عباسٍ : قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "فألفى ذلك أمُّ إسماعيلَ وهي تُحِبُّ الأُنْسَ " . فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم ، حتى إذا كان بها أهلُ أبياتٍ منهم ، وشبَّ الغلامُ وتعلَّمَ العربيةَ منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شبَّ ، فلما أدركَ زوَّجوهُ امرأةً منهم ، وماتت أمُّ إسماعيلَ ، فجاء إبراهيمُ بعد ما تزوجَ إسماعيلُ يُطالعُ تَرِكَتَهُ ، فلم يجد إسماعيلَ ، فسأل امرأتَهُ عنهُ فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحنُ بشرٌ ، نحنُ في ضيقٍ وشدةٍ ، فشكت إليهِ ، قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ ، وقولي لهُ يُغَيِّرْ عتبةَ بابِهِ ، فلما جاء إسماعيلُ كأنَّهُ آنسَ شيئًا ، فقال : هل جاءكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم ، جاءنا شيخٌ كذا وكذا ، فسأَلَنَا عنكَ فأخبرتُهُ ، وسألني كيف عيشنا ، فأخبرتُهُ أنَّا في جهدٍ وشدةٍ ، قال : فهل أوصاكِ بشيٍء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأَ عليك السلامَ ، ويقولُ : غَيِّرْ عتبةَ بابكَ ، قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أُفَارِقَكِ ، الحقي بأهلِكِ ، فطلَّقها ، وتزوَّجَ منهم أخرى ، فلبثَ عنهم إبراهيمُ ما شاء اللهُ ، ثم أتاهم بعدُ فلم يجدْهُ ، فدخل على امرأتِهِ فسألها عنهُ ، قالت : خرج يبتغي لنا ، قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ، قالت : نحنُ بخيرٍ وسِعَةٍ ، وأثنتْ على اللهِ . فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحمُ . قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماءُ . قال : اللهمَّ بارِكْ في اللحمِ والماءِ . قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "ولم يكن لهم يومئذٍ حَبٌّ ، ولو كان لهم دعا لهم فيهِ " . قال : فهما لا يَخلو عليهما أحدٌ بغيرِ مكةَ إلا لم يُوافقاهُ . قال : فإذا جاء زوجكِ فاقرئي عليهِ السلامَ ، ومُرِيهِ يُثَبِّتْ عتبةَ بابِهِ ، فلما جاء إسماعيلُ قال : هل أتاكم من أحدٍ ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخٌ حسنُ الهيئةِ ، وأثنتْ عليهِ ، فسألني عنك فأخبرتُهُ، فسألني كيف عيشنا فأخبرتُهُ أنَّا بخيرٍ ، قال : فأوصاكِ بشيٍء ، قالت : نعم ، هو يقرأُ عليك السلامَ ، ويأمرك أن تُثَبِّتْ عتبةَ بابكَ ، قال : ذاك أبي وأنتِ العتبةُ ، أمرني أن أُمْسِكَكِ ، ثم لبث عنهم ما شاء اللهُ ، ثم جاء بعد ذلك ، وإسماعيلُ يَبْرِي نَبْلًا لهُ تحت دَوْحَةٍ قريبًا من زمزمَ ، فلما رآهُ قام إليهِ ، فصنعا كما يصنعُ الوالدُ بالولدِ والولدُ بالوالدِ ، ثم قال : إنَّ اللهَ أمرني بأمرٍ ، قال : فاصنع ما أمر ربكَ ، قال : وتُعينني ؟ قال : وأُعينكَ ، قال : فإنَّ اللهَ أمرني أن أبني ها هنا بيتا ، وأشار إلى أَكْمَةٍ مرتفعةٍ على ما حولها ، قال : فعند ذلك رفعا القواعدَ من البيتِ ، فجعل إسماعيلُ يأتي بالحجارةِ وإبراهيمُ يبني ، حتى إذا ارتفعَ البناءُ ، جاء بهذا الحجرِ ، فوضعَهُ لهُ فقام عليهِ ، وهو يبني وإسماعيلُ يُنَاوِلُهُ الحجارةَ ، وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . قال : فجعلا يبنيانِ حتى يدورا حول البيتِ وهما يقولانِ : رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
الراوي : عبدالله بن عباس-المحدث : البخاري -المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3364 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
شرح الحديث :
يَحكي ابنُ عَبَّاس رضي الله عنهما أنَّ أوَّلَ ما اتَّخَذَ النِّساءُ "المِنْطَقَ"، وهو: قِطْعةٌ مِن قُماشٍ تَشُدُّ بِها المَرأةُ وسطَها، وتَجُرُّ أسفَلَه عَلى الأرضِ، كانَ مِن جِهةِ هاجَرَ أُمِّ إِسْماعيلَ، وسَبَبُه أنَّ سارةَ كانت قَدْ وهَبَتْ هاجَرَ لِإِبْراهيمَ عليه السَّلام، فَلمَّا وَلَدَتْ إِسْماعيلَ غارَتْ منها، فَشَدَّت المِنْطَقَ، وصارَتْ تَجُرُّ أسفَلَه عَلى الأرضِ؛ لِتُخفي آثارَ أقدامِها، ثمَّ أمَرَه اللهُ تَعالى أن يَذهَبَ بِها إلى مَكَّةَ فَفَعَلَ، ولَم يَكُن هُناكَ بَيْتٌ ولا بِناءٌ ولا زَرْعٌ ولا ماءٌ، فَوَضَعَها تَحْتَ شَجرةٍ هُناكَ فَوْقَ مَكان زَمْزَمَ، وكانَ إِسْماعيلُ رَضيعًا، ومَكَّةُ صَحْراءَ قاحِلةً، وتَرَكَ لها جِرابَ تَمرٍ وسِقاءَ ماءٍ، وعاد راجِعًا إلى الشَّامِ، فَقالت له: أينَ تَذهَب وتَترُكنا بِهذا الوادي الَّذي لا إِنْسَ فيه ولا شَيءَ؟ وأعادَت السُّؤالَ مِرارًا، فَلَمَّا لَم يُجِبْها، سَألَتْه: هَلْ أمَرَك اللهُ بِذَلِكَ؟ فَأجابَها: نَعَم، قالت: ما دامَ قَد أمَرَك بِذَلِكَ، فَلَن يُضَيِّعَنا، وسارَ إِبْراهيمُ عليه السَّلام مُتَضَرِّعًا إلى اللهِ مُتَوجِّهًا إلى بَيتِه الحَرامِ داعيًا: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}، أي: لا نَباتَ فيه عِندَ بَيتِك المُحَرَّمِ، {رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}، أي: إِنَّما جَعَلته مُحَرَّمًا؛ ليَتَمَكَّن أهْلُه مِن إِقامةِ الصَّلاةِ عِندَه، "فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ"، أي: فاجْعَلْ جَماعاتٍ مِن النَّاسِ تَأتيهم "وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"، أي: ليَكونَ ذلك عَونًا لهم عَلى طاعتِك. وجَعَلَتْ هاجَرُ تُرضِع إِسْماعيلَ عليه السَّلام، وتَشْرَب مِن ذلك الماءِ، حَتَّى إِذا نَفِدَ ما في السِّقاءِ عَطِشَتْ وعَطِشَ ابنُها، وجَعَلَتْ تَنظُر إليه "يَتَلَوَّى"، أي: يَتَلَفَّت، أو قالَ "يَتَلَبَّط"، أي: يُحرِّك لِسانَه، ويَكاد يَموتُ مِن شِدَّةِ العَطشِ، فَلَم تُطاوِعْها نَفْسُها أن تَراه عَلى تِلْكَ الحالةِ، فانْطَلَقَتْ كَراهيةَ أن تَنظُرَ إليه وهو عَلى وشْكِ أن يَموتَ مِن العَطشِ، ثمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسانِ المَجْهودِ تَبحَث عَن الماءِ بَينَ الصَّفا والمَرْوةِ سَبْعَ مَرَّات، فَشَرَع اللهُ لِلنَّاسِ السَّعْيَ في الحَجِّ مِن أجْلِ ذَلِكَ. فَلَمَّا أشْرَفتْ عَلى المَرْوةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقالت: "صَهٍ" تُريدُ نَفْسَها، أي: طَلَبَتْ مِن نَفْسِها السُّكوتَ؛ لِكَي تَتعَرَّفَ عَن مَصدَرِ الصَّوتِ، ومِن أيْنَ أتى. ثمَّ تَسَمَّعتْ فَسَمِعَتْ أيْضًا الصَّوْتَ مَرَّة أُخرى، فَقالت: قَدْ أسْمَعتَ إِن كانَ عِنْدَك "غِواثٌ"، يَعْني: قَدْ سَمِعت صَوْتك، فَإِنْ كانَ عِنْدَك ما يُغيثني فَأغِثْني. فَإِذا هيَ بالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِع زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِه، أو قالَ بِجَناحِه حَتَّى ظَهَرَ الماءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضه، وتَقولُ بيَدِها هَكَذا، أي: فَصارَتْ تُحيطه بالتُّرابِ وتَجْعَله حَوْضًا، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ ولَم تُحَوِّضها لَصارَتْ عَيْنًا مَعينًا، أي: عَيْنًا جاريةً عَلى وجْهِ الأرضِ. فَقالَ لها المَلَكُ: لا تَخافوا "الضَّيْعةَ"، أي: لا تَخافوا الضَّياعَ والهَلاكَ؛ لِأنَّكم تَحْتَ رِعايةِ اللهِ تَعالى. وكانَ البَيْتُ مُرتفِعًا مِن الأرْضِ كالرَّابيةِ، أي: مُرتفِعًا قَليلًا. ثمَّ مَرَّ بِذَلِكَ المَكانِ، أو بالقُربِ مِنه جَماعةٌ مُسافِرونَ مِن جُرْهُمٍ مَرُّوا بِأعْلى مَكَّةَ، فَرَأوْا طَيْرًا حائِمًا عَلى الماءِ، فَعَرَفوا أنَّ بِهذا الوادي ماءً، وكانَ عَهدهم بِه أنَّه وادٍ مُقْفِرٌ، فَأرْسَلوا رَسولًا مِن قِبَلهم، أو رَسولَيْنِ؛ ليَكشِفَ لهم عَن الحَقيقةِ، فَرَجَعَ إليهم رُسُلُهم يُخبِرونهم عَن وُجودِ ماءٍ في تِلْكَ البُقْعةِ، فَأقْبَلوا عَلى أُمِّ إِسْماعيلَ، واستَأذَنوا منها بالنُّزولِ في جِوارِها، فَأذِنَتْ لهم بِذَلِكَ، عَلى أن لا يَكونَ لهم حَقُّ التَّمَلُّكِ في ذلك الماءِ، وإنَّما لهم أن يَشرَبوا مِنه فَقَطْ، وسَكَنَتْ جُرْهُمٌ مَكَّةَ مُنْذُ ذلك العَهْدِ، واسْتَأْنَسَتْ بِسُكْناهم مَعَها، وشَبَّ الغُلامُ في هذه القَبيلةِ، وتَعَلَّمَ منهم اللُّغةَ العَرَبيَّةَ، ثمَّ لَمَّا بَلَغَ الرُّشدَ زَوَّجوه امْرَأةً منهم اسْمها عِمارةُ بِنْتُ سَعْدٍ، ثمَّ ماتَتْ أُمُّ إِسْماعيلَ، فَجاءَ إِبْراهيمُ عليه السَّلامُ بَعدَما تَزَوَّجَ إِسْماعيلُ عليه السَّلامُ، يُطالِع تَرِكتَه، أي: يَتَفَقَّد حالَ أهْلِه ووَلَدِه، فَلَم يَجِد إِسْماعيلَ عليه السَّلام، فَسَألَ امْرَأتَه عَنْه، فَقالت: خَرَجَ يَبْتَغي لَنا، أي: يَطلُب لَنا الرِّزْقَ، ثمَّ سَألَها عَن عَيْشِهم وهَيْئتِهم، أي: حالتِهم، فَقالت: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ في ضيقٍ وشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إليه، قالَ: فَإِذا جاءَ زَوْجُك فاقْرَئي عليه السَّلامَ، وقولي له: يُغَيِّر عَتبةَ بابِه، فَلَمَّا جاءَ إِسْماعيلُ عليه السَّلام، كَأنَّه آنَسَ شَيْئًا، فَقالَ: هَلْ جاءَكم مِن أحَد؟ أيْ: فَلَمَّا جاءَ إِسْماعيلُ عليه السَّلامُ، وكانَ قَدْ أحَسَّ في نَفْسِه أنَّه جاءَها أحَد، فَسَألَها قائِلًا: هَلْ جاءَكم مِن أحَد؟ قالت: نَعَم جاءَنا شَيْخ كَذا وكَذا، أي: صِفتُه كَذا، وأخْبَرَتْه بِكُلِّ ما دارَ. فَقالَ: ذاكَ أبي، وقَدْ أمَرَني أن أُفارِقَك، أي: أن أُطَلِّقَك، الْحَقي بِأهلِك، أي: أنْتِ طالِقٌ فاذْهَبي إلى أهْلِك. وتَزَوَّجَ منهم امْرَأةً أُخرى وهيَ رَعْلةُ بِنْتُ مُضامِن، فَلَبِثَ عَنْهُم إِبْراهيمُ عليه السَّلامُ مُدَّةً مِن الزَّمَنِ ثمَّ أتاهم بَعْدَ فلَم يَجِده، فَدَخَلَ عَلى امْرَأتِه، فَسَألَها عَنْه، قالت: خَرَجَ يَبْتَغي لَنا، أي: يَسْعى في طَلَبِ الرِّزقِ. قالَ: كَيْفَ أنْتُم، وسَألَها عَن عَيْشِهم وهَيْئتِهم؟ فَقالت: نَحْنُ بِخَيْرٍ وسَعةٍ، أي: نَحْنُ في نِعمةٍ مِن الله وسَعةٍ في الرِّزقِ وأثْنَت عَلى الله، أي: حَمِدَت رَبَّها وشَكَرَتْه؛ لِأنَّها كانت راضيةً بِما قَسَمَ لها، شَأْن المَرْأةِ الصَّالِحةِ، فَقالَ: ما طَعامُكم؟ قالت: اللَّحْمُ، قالَ: فَما شَرابُكم؟ قالت: الماءُ، أي: فَسَألَها عَن طَعامِهم وشَرابِهم الَّذي يَعيشونَ عليه، فَذَكَرَتْ أنَّ طَعامَهم اللَّحْم، وشَرابَهم الماء. فَدَعا لهم بالبَرَكةِ في اللَّحْمِ والماءِ، فَكانوا يَقْتَصِرونَ عليهما دونَ أن يَتَضَرَّروا منهما، وأصْبَحَ ذلك خاصًّا بِمَكَّةَ دونَ غَيرِها مِن البِلادِ، فَإِنَّه لا يَقتَصِر أهْل بَلَدٍ عليهما إلَّا تَضَرَّروا منهما، كَما قالَ: فَهُما لا يَخْلو عليهما أحَدٌ بِغَيرِ مَكَّةَ إلَّا لَم يوافِقاه، لَيْسَ أحَد يَخْلو عَلى اللَّحْمِ والماءِ بِغَيْرِ مَكَّةَ إلَّا اشْتَكى بَطنَه، قالَ: فَإِذا جاءَ زَوجُك فاقْرَئي عليه السَّلامَ، ومُريه يُثبِت عَتَبةَ بابِه، فَلَمَّا جاءَ إِسْماعيلُ عليه السَّلامُ قالَ: هَلْ أتاكم أحَد؟ فَأخْبَرتْه عَن الشَّيْخِ الَّذي جاءَها في غيابِه، وبِأوصافِه وما دارَ بَينَه وبَينَها. فَقالَ: ذاكَ أبي وأنْتِ العَتَبةُ، أمَرَني أن أُمسِكَك، أي: أن أُبقيَك في عِصمَتي. ثمَّ جاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وإسْماعيلُ عليه السَّلام يَبْري نَبْلًا، أي: يَنْحِت سَهْمًا ويُصلِحه. فَلَمَّا رَآه قامَ إليه فَصَنَعا كَما يَصنَع الوالِدُ بالوَلَدِ والوَلَدُ بالوالِدِ، أي: فَعانَقَه مُعانَقةَ الوالِدِ لِوَلَدِه. ثمَّ قالَ: يا إِسْماعيلُ، إِنَّ اللهَ أمَرَني بِأمرٍ، أي: أمَرَني أن أقومَ بِعَملٍ في هذا المَكانِ، ثمَّ طَلَبَ مِن ولَدِه إِسْماعيلَ عليه السَّلام أن يُعينَه عليه، ثمَّ قالَ: إِنَّ الله أمَرَني أن أبْنيَ هاهُنا بَيْتًا، وأشارَ إلى "أكَمةٍ مُرتَفِعةٍ"، أي: إلى رَبْوةٍ مُرتفعةٍ قَليلًا عَن سَطحِ الأرْضِ؛ ليُبَيِّن له المَكانَ الَّذي أُمِرَ بِبَناء الكَعْبةِ فيه، قالَ: فَعِنْدَ ذلك "رَفَعا القَواعِدَ"، أي: شَرَعا في البِناءِ حَتَّى رَفَعا الأُسُسَ الَّتي يَقومُ عليها البَيْتُ. فَجَعَلَ إِسْماعيلُ عليه السَّلامُ يَأْتي بالحِجارةِ، وإبْراهيمُ عليه السَّلامُ يَبْني، حَتَّى إِذا ارْتَفعَ البِناءُ وعَلا وأصْبَحَ لا تَطولُه يَدُه. جاءَ بِهذا الحَجَرِ المَوْجودِ حاليًّا في المَقامِ، فَقامَ عليه، وإسْماعيلُ عليه السَّلامُ يُناوِله الحِجارةَ، وهُما يَقولانِ: "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" فَيَدْعوانِ اللهَ بِقَبولِ بِنائِهما هذا، والرِّضا عَنْهما فيه؛ لِأنَّه السَّميعُ لِدُعائِهما، العَليمُ بِبِنائِهما.الدرر..
"لم يَكْذِبْ إبراهيمُ إلا ثلاثَ كَذِبَاتٍ ، ثِنْتَيْنِ منهنَّ في ذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ . قولُهُ"إِنِّي سَقِيمٌ " . وقولُهُ " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا " . وقال : بينا هو ذاتَ يومٍ وسارةُ ، إذ أتى على جبارٍ من الجبابرةِ ، فقيل لهُ : إنَّ هاهنا رجلًا معهُ امرأةٌ من أحسنِ الناسِ ، فأرسلَ إليهِ فسألَهُ عنها ، فقال : من هذهِ ؟ قال : أختي ، فأتى سارةَ فقال : يا سارةُ ليس على وجهِ الأرضِ مؤمنٌ غيري وغيركِ ، وإنَّ هذا سألني فأخبرتُهُ أنكِ أختي ، فلا تُكَذِّبِينِي ، فأرسلَ إليها ، فلمَّا دخلت عليهِ ذهب يَتناولها بيدِهِ فأُخِذَ ، فقال : ادعي اللهَ ولاأضرُّكِ ، فدعتِ اللهَ فأُطْلِقَ . ثم تَناولها الثانيةَ فأُخِذَ مثلها أو أشدَّ ، فقال : ادعي اللهَ لي ولا أضرُّكِ ، فدعتْ فأُطْلِقَ ، فدعا بعضَ حجبتِهِ ، فقال : إنكم لم تأتوني بإنسانٍ ، إنما أتيتموني بشيطانٍ ، فأخدمها هاجرَ ، فأتتْهُ وهو يُصلِّي ، فأومأَ بيدِهِ : مَهْيَا ، قالت : رَدَّ اللهُ كيدَ الكافرِ ، أو الفاجرِ ، في نحرِهِ ، وأخدمَ هاجرَ- . قال أبو هريرةَ : تلكَ أُمُّكُمْ ، يا بني ماءِ السماءِ .
الراوي : أبو هريرة-المحدث : البخاري- المصدر:صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3358 خلاصة حكم المحدث:صحيح-
شرح الحديث:
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ إِبراهيمَ عليْهِ السَّلامُ لم يَكذِبْ إلَّا ثلاثَ كذِباتٍ، ثم يخبر بتَفاصيلِ تلك الكذبات فيقولُ: "ثِنْتَينِ مِنهنَّ في ذاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ"، وإنَّما قال عن ثِنتَينِ فقط إنَّها في ذاتِ الله؛ لأنَّ الثالِثةَ فإنَّها وإنْ كانتْ في ذاتِ اللهِ لكنَّ فيها حَظًّا لنَفسِهِ، وإنَّما أُطلِقَ الكذِبُ على هذِه الأمورِ لكونِهِ قالَ كلامًا يظُنُّهُ السامِعُ كذبًا لكنَّ حقيقةَ الأمرِ أنَّهُ لم يكنْ كذلِكَ لأنَّهُ مِن المَعاريضِ فليسَ بكذِبٍ مَحضٍ، أمَّا الأُولى: عِندما طلَبَ منهُ قَومُهُ أنْ يخرُجَ معَهمْ إلى عِيدِهِمْ وأرادَ أنْ يَكسِرَ آلِهتَهُم قالَ لهمْ"إِنِّي سَقِيمٌ"، أي: ليظُنُّوا أنَّه مَريضٌ مُصابٌ، فيترُكوه، وأَرادَ أنَّ قَلْبَهُ مريضٌ ممَّا يَصنعونَ مِن الكُفرِ أو غيرِ ذلكَ.
وأمَّا الثانيةُ: فعِندما حطَّمَ الأَصنامَ ورَجعوا واتَّهموهُ بِهذا الفعلِ فقالَ"بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا" أرادَ أنَّهُ سببٌ في الفِعلِ لا هُو الفاعلُ نفسُه؛ لأنَّهُ لَمَّا وَجدَها مُتراصَّةً حوْلَهُ تَعظيمًا لهُ حطَّمها كلَّها إِمْعانًا في إذْلالِهِ؛ وقد قال ذلك ليُعمِلوا عقولَهم فيَعرِفوا أنَّها أحجارٌ لا تستطيعُ فِعلَ شيءٍ.
وأمَّا الثالِثةُ: فعِندما قدِمَ هُوَ وزَوجَتُه سارَّةُ أرضًا كانَ يحكُمُها جبَّارٌ مِن الجَبابِرةِ، فقيلَ لهذا الجَبَّارِ: إنَّ في أَرضِكَ رجُلًا معَ امرأةٍ مِن أحسنِ النَّاسِ، أي: مِن أَجمَلِهمْ؛ فأَرسلَ إلى إِبراهيمَ فَسألَه عنْها؛ فَقالَ: إنَّها أُخْتي، أرادَ أنَّها أُختُه في اللهِ وفي الدِّينِ والإِسلامِ؛ إذْ لوْ قَالَ زَوجتي، لَقَتلَهُ الفاجِرُ ليَتخَلَّصَ مِنه، وقيلَ: لأَلزَمَه بِطلاقِها، ثمَّ رجَعَ إِبراهيمُ إلى زَوْجتِهِ، فَقالَ لها: إنَّهُ ليسَ على وَجهِ الأَرضِ مُؤمنٌ غَيري وغَيرُكِ، أي: الأرضُ التي هُمْ بِها، ثم قالَ لَها وقدْ سأَلني هَذا الجبَّارُ فأَخبَرْتُه أنَّكِ أُختي، فلا تُكَذِّبيني فتقُولي هُو زَوجي، فأَرسلَ إِليها هذا الجبَّارُ فلمَّا دَخلتْ عَليهِ ورأَى حُسْنَها غلبَه الميلُ إليها فذَهَبَ يُمسِكُها بيدِهِ، (فأُخِذَ) أي: اختَنقَ حتَّى ركَضَ بِرِجلِه كأنَّهُ مَصروعٌ، فقالَ لها: ادْعي اللهَ لي وَلا أضُرُّكِ، فدَعتِ اللهَ فقَالَ: اللهُمَّ إنْ يَمُتْ يَقولوا: هيَ التي قَتلَتْه، فاستجابَ اللهُ لها فعادَ سليمًا، غيرَ أنَّه غَلَبتْه شَهوتُه، فَحاوَلَ أنْ يَتَناوَلها ثانِيةً، فأُخِذَ أشدَّ مِن المرَّةِ الأُولى، فقالَ: ادْعي اللهَ لي وَلا أضُرُّكِ، فدَعتْ فأُطلِقَ، فلمَّا يَئِسَ منها دَعا بعضَ حجَبتِهِ وخدَمِهِ فقالَ: (إنَّكمْ لَمْ تَأْتوني بإِنسانٍ، إنَّما أَتَيْتمُوني بِشَيطانٍ)! حيثُ لم أَقدِرْ عَليها بلْ تَصرعُني كلَّما اقْتربتُ مِنها، ثمَّ لَمَّا رَأى مِنها ذلكَ أَعْطاها هاجَرَ خادِمةً لها، فَرَجعت سارَّةُ إلى إِبراهيمَ فوَجدَتْهُ يُصلِّي، "فأَوْمأَ بِيدِهِ"، أيْ: أَشارَ إِليها "مَهْيا"؛ أي ما شَأنُكِ وحالُكِ معَه؟ فقالتْ: ردَّ اللهُ كيدَ الكافرِ، أو الفاجِرِ، في نَحرِهِ، فلمْ يَصِلْ إليَّ بِشيءٍ، وأَخدَمَ هاجَرَ.
وقولُه"تِلكَ أمُّكُمْ يا بَني ماءِ السَّماءِ"، "ماءُ السَّماءِ": أرادَ بِهمُ العَربَ؛ لأنَّهم يَعيشونَ بالمَطرِ ويتَّبِعونَ مواقعَ القَطرِ في البَوادي -وَمَوَاقِع الْقَطْر:أي : بطون الأودية, وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى -لأَجلِ المواشي، والمرادُ: فتِلكَ المرأةُ التي هيَ هاجرُ هيَ أمُّكمْ أيُّها العربُ.
وفي هذا الحديثِ: إجابةُ الدُّعاءِ بإِخلاصِ النيَّةِ، وبيانُ حِفظِ اللهِ لِعبادِهِ الصَّالحينَ.
وفيه: أنَّ في المعاريضِ نَجاةً مِن الوُقوعِ في الكَذبِ.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه وصفاته أن يرزقنا وإياكم حلاوة اليقين، وأن يرزقنا وإياكم كمال الإيمان بالله رب العالمين. اللهم إنا نسألك يقينًا لا يخالطه شك، ونسألك إيمانًا لا يخالطه شرك، ونسألك الصدق في حبك والشوق إلى لقائك، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.

كَيْفَ نَغْنَم رَمَضَان (http://al-badr.net/detail/ga3h9VzkjRSc)

عباد الله : اتقوا الله ربكم وراقبوه في جميع أعمالكم مراقبة من يعلمُ أنَّ ربَّه يسمعُه ويراه ؛ وتقوى الله جل وعلا : عملٌ بطاعة الله على نورٍ من الله رجاء ثواب الله ، وتركٌ لمعصية الله على نورٍ من الله خيفة عذاب الله.
أيها المؤمنون: أوشكأن يظلَّكم شهرٌ مبارك وموسمٌ عظيم وموطنٌ جليل تكثُر فيه الخيرات وتعظُم فيه البركات وتتزايد فيه النعم والمنن ؛ إنه -أيها العباد- شهر رمضان المبارك ، شهر الخيرات والبركات ، فاحمدوا الله عز وجل على نعمائه ، واشكروه على فضله وعطائه ، وسلوه أن يبلِّغكم رمضان وأن يجعلكم من أهله حقًا وصدقًا.

*قال ابن ماجه في سننهحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ , أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ ابْنِ الْهَادِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا , فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ , فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ , ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ , قَالَ طَلْحَةُ : فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ , إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ , فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا , ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ , ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ , فَقَالَ : ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ , فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ , فَقَالَ : " مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ , وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً " , قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ , فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ " , قَالُوا : بَلَى , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" .
الراوي : طلحة بن عبيدالله-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 3185 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-شرح الحديث .الدرر (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D9%88%D9%8E%D8%A3%D9%8E%D8%AF%D9%92% D8%B1%D9%8E%D9%83%D9%8E+%D8%B1%D9%8E%D9%85%D9%8E%D 8%B6%D9%8E%D8%A7%D9%86%D9%8E+%2C+%D9%81%D9%8E%D8%B 5%D9%8E%D8%A7%D9%85%D9%8E+%D9%88%D9%8E%D8%B5%D9%8E %D9%84%D9%91%D9%8E%D9%89+%D9%83%D9%8E%D8%B0%D9%8E% D8%A7+%D9%88%D9%8E%D9%83%D9%8E%D8%B0%D9%8E%D8%A7+&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1) .شرح الحديث
طولُ العُمرِ مع حُسْنِ العَملِ مِن أسبابِ الفلاحِ والتَّفاضُلِ بين النَّاسِ، والله سُبحانَه وتعالى يُعْطي المُجتهِدَ على قَدْرِ اجتهادِه.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ طَلحةُ بنُ عُبيدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رجُلينِ مِن بَلِيٍّ" وهم فَرعٌ مِن بني عُذْرةَ، وبنو عُذرةَ هم قَبيلةٌ كانتْ تَسكُنُ في وادي القُرى قُربَ المدينةِ، وكانُوا يَدينُونَ باليَهودِيَّةِ قَبلَ الإسلامِ، "قدِمَا على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكان إسلامُهما جميعًا"، أي: وَفَدا على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُشهِرَينِ لإسلامِهما في وقتٍ واحدٍ، "فكان أحدُهما أشدَّ اجتهادًا مِن الآخرِ"، أي: في العِبادةِ وأعمالِ البِرِّ، "فغَزا المُجتهِدُ منهما"، أي: خرَجَ في الغَزوِ والجهادِ، "فاسْتُشْهِدَ، ثمَّ مكَثَ الآخَرُ بَعدَه سَنةً، ثمَّ تُوُفِّيَ"، أي: مات المُجتهِدُ شهيدًا، ومات صاحبُه بعده بسَنةٍ، قال طَلحةُ رضِيَ اللهُ عنه: "فرأيْتُ في المنامِ بينا أنا عِندَ بابِ الجنَّةِ"، أي: بجوارِ بابِها من الخارجِ، "إذا أنا بهما"، أي: بالرَّجُلينِ واقفَينِ عند بابِ الجنَّةِ، "فخرَجَ خارِجٌ من الجنَّةِ"، أي: ملَكٌ مِن الملائكةِ، "فأذِنَ للَّذي تُوُفِّيَ الآخِرَ منهما"، أي: سمَحَ بالدُّخولِ للَّذي مات أخيرًا قبلَ الَّذي مات شَهيدًا، "ثمَّ خرَجَ فأذِنَ للَّذي اسْتُشْهِدَ"، أي: أدخَلَه بعد صاحِبِه، "ثمَّ رجَعَ إليَّ"، أي: رجَعَ المَلَكُ إلى طَلحةَ مُخاطِبًا إيَّاه، "فقال: ارجِعْ؛ فإنَّك لم يَأْنِ لك بعدُ"، أي: وأنت فلم يحضُرْك أجَلُك لتدخُلَها، "فأصبَحَ طَلحةُ"، أي: مِن لَيلتِه الَّتي رأى بها تلك الرُّؤيا، "يُحَدِّثُ به النَّاسَ"، أي: يُخبِرُهم بها، "فعَجِبوا لذلك"، أي: تعجَّبُوا لدُخولِ الآخِرِ قبلَ الأوَّلِ وقد مات شهيدًا، "فبلَغَ ذلك رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحَدَّثوه الحديثَ"، أي: علِمَ بها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وتعجَّبَ النَّاسُ لحالِهما، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مِن أيِّ ذلك تعجَبونَ؟"، أي: ما سبَبَ تعجُّبِكم لحالِ الرَّجُلينِ، فقالوا: "يا رسولَ اللهِ، هذا كان أشدَّ الرَّجُلينِ اجتهادًا، ثمَّ اسْتُشْهِدَ، ودخَلَ هذا الآخِرُ الجنَّةَ قبلَه!" فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أليس قد مكَثَ"، أي: عاشَ وقضَى في الحياةِ، "هذا بَعدَه سَنةً"؟ فعُمِّرَ وعاش بعدَ صاحبِه عامًا، قالوا: "بلى"، فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وأدرَكَ رمضانَ فصامَ؟"، أي: حصَلَ له أجْرُ الصِّيامِ والقيامِ فيه وليلةِ القدْرِ، "وصَلَّى كذا وكذا من سَجدةٍ في السَّنةِ؟"، أي: صَلَّى ألفًا وثَمانَ مِئةِ صَلاةٍ من ذلك العامِ الصَّلاةَ المفروضةَ، وما شمِلَها مِن تَطوُّعٍ ونَافلةٍ، قالوا: "بلى"، قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فما بينهما أبعدُ ممَّا بين السَّماءِ والأرضِ"، وفي روايةِ أحمدَ: قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لطَلحةَ: "وما أنكَرْتَ مِن ذلك؟! ليس أحدٌ أفضلَ عند اللهِ مِن مُؤمنٍ يُعَمَّرُ في الإسلامِ؛ لتَسبيحِه وتَكبيرِه وتَهليلِه"، أي: إنَّ ذلك فضْلُ طولِ العُمرِ وزِيادةِ العَملِ مع إحسانِه؛ لأنَّه لا يَزالُ يأتي بالحَسَنِ من الأعمالِ، وتُدَّخَرُ له، وهذا مُوافِقٌ لِمَا أخرَجَه الترمذيُّ أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "خيرُ النَّاسِ مَن طال عُمرُه وحسُنَ عمَلُه"
وفي الحديثِ: بَيانُ فَضْلِ العمَلِ الصَّالحِ المصحوبِ بالنِّيَّة الصَّالحةِ، وأنَّه يَرفَعُ صَاحِبَه في الدَّرجاتِ.
وفيه: بَيانُ فَضْلِ طُولِ العُمُرِ مَع حُسْنِ العَملِ. الدرر السنية..