المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدخل لدراسة المعتقد الصحيح-الجزء الأول


أم أبي التراب
05-27-2021, 01:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

مدخــــل لدراســـة

" المعتقــــد الصحيـــح "

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.



خلق الله تعالى الإنسان ، وسخر له كل ما في الكونِ ليقومَ الإنسانُ بالمهمةِ التي خلقَهُ اللهُ تعالى من أجلِها .

قال تعالى " وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأََرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... " .سورة الجاثية / آية : 13 .
تلك المهمة هي : عبادة الله تعالى وحده دون سواه .قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ".سورة الذاريات / آية : 56 ، 57 .

ومن أجل ذلك خلق الله تعالى الإنسان مفطورًا على معرفته وتوحيده وإن كان يجهل كيفية عبادته سبحانه وما الذي يرضيه أو يسخطه ، فأرسل الله الرسل وأنزل الكتب ليبينوا للناس كيف يعبدون ربهم ويرضونه ويتجنبون سخطَهُ سبحانه وتعالى .
وهذا هو الدين ، فالدين هو هذا المنهج الذي أنزله الله تعالى على رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ليبين للخلق كيف يعبدون ربهم .

فالحكمة من خلق الجن والإنس ، هي عبادة الله ، لا أن يتمتعوا بالمآكل والمشارب والمناكح ..... .

وورد في القول المفيد على كتاب التوحيد ج : 1 / ص : 56 :
والعبادة الخالصة الحقـة ، مبنية على التوحيد ، فكل عبادة لا توحيد فيها فهي باطلة .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملًا أشرك فيه مَعِيَ غَيري ، تركته وشركه " .ا . هـ .
صحيح مسلم / كتاب : الزهد / باب : من أشرك في عمله غير الله / حديث رقم : 2289 .


وقد بقي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في مكة بعد البعثة ثلاثة عشرَ عامًا يدعو الناس إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، لأنها الأساس الذي يقوم عليه بناء الدين .
وقد احتذى الدعاة والمصلحون في كل زمان حذو الأنبياء والمرسلين ، فكانوا يبدءون بالدعوة إلى التوحيد ، وإصلاح العقيدة ، ثم يتجهون بعد ذلك إلى الأمر ببقية أوامر الدين .
والعبادة حتى تكون مقبولة لها شرطان :
1 ـ الإخلاص : وذلك بألا يراد بها إلا وجه الله تعالى وهذا لا يتأتى إلا بدراسة التوحيد .

2 ـ صوابًا أي : المتابعة : وذلك بأن تكون العبادة على الكتاب والسنة الصحيحة .

وهذا يتأتى بتعلم العلم الشرعي بمقاصده الشرعية الصحيحة ، بأن يُراد من تعلم العلم أن يكون وقودًا للإيمان فيزيده ، وأن يكون على المنهج الصحيح وذلك باتباع الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

· والسلف الصالح خير من حقق الاتباع .
ـ فحين خَلُصَت نفوس المؤمنين بـ " لا إله إلا الله " من ألـوان الشرك المختلفة ، فقد حدث في نفوسهم تحول هائل . كأنه ميلاد جديد .
لم يكن مجرد التصديق ، ولا مجرد الإقرار . لقد كان كأنه إعادة ترتيب ذرات نفوسهم على وضع جديد ، كما يُعاد ترتيب الذرات في قطعة الحديد ، فتتحول إلى طاقة مغناطيسية كهربائية ... كان الاهتداء إلى " الحق " هائل الأثر في كل جوانب حياتهم .
لقد صارت " لا إله إلا الله " هي مفتاح التجمع والافتراق ، هي الرباط الذي يربط القلوب التي آمنت بها ، ويفصل بينها وبين غيرها من القلوب .
ـ ولم ينحصر مفهوم " لا إله إلا الله " في حسهم في نطاق الشعائر التعبدية وحدها ، كما انحصر في حس الأجيال المتأخرة التي جاءت بفهم للإسلام غريب عن الإسلام .

إن شعائر التعبد لا يمكن بداهةً أن تكون هي كل " العبادة " المطلوبة من الإنسان .
فما دامت غاية الوجود الإنساني كما تنص الآية الكريمة ، محصورة في عبادة الله .
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ" . سورة الذاريات / آية : 56 .
فأنى يستطيع الإنسانُ أن يوفي العبادة المطلوبة بالشعائر التعبدية فحسب ؟
كم تستغرق الشعائر من اليوم والليلة ؟ وكم تستغرق من عمرالإنسان ؟
وبقية العمر؟ وبقية الطاقة ؟ وبقية الوقت ؟ أين تُنفَق ، وأين تذهب ؟
ـ كان في حسهم أن حياتهم كلها عبادة ، وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة ، يتزود الإنسان فيها بالطاقة الروحية التي تعينه على أداء بقية العبادة المطلوبة منه .

كانوا يقومون بالعبادة وهم يمارسون الحياة في شتَّى مجالاتها ، كانوا يذكرون الله فيسألون أنفسهم : هل هم في الموضع الذي يُرضي الله ، أم فيما يُسخط الله ؟ !
فإن كانوا في موضع الرضى حمدوا الله ، وإن كانوا على غير ذلك استغفروا الله وتابوا إليه .
ـ وكانوا يذكرون الله ، فيسألون أنفسهم : ماذا يريد الله منا في هذه اللحظة ؟ !

أي : ما التكليف المفروض علينا في هذه اللحظة ؟ !

إذا كان التكليف " .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" .سورة النساء / آية : 19 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بهذا الواجب الذي أمر بـه الله تجاه الزوجات .
وإذا كان التكليف " ... قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ... " .سورة التحريم / آية : 6 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بتربية الأهل والأولاد على النهج الرباني الذي يضبط سلوكهم بالضوابط الشرعية .

وإذا كان التكليف " ... فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " .سورة الملك / آية : 15 .
كان مقتضى ذكر الله ، هو المشي في مناكب الأرض وابتغاء رزق الله في حدود الحلال الذي أحلَّهُ الله ، لأنه إليه النشور فيحاسب الناس على ما اجترحوا في الحياة الدنيا .
وهكذا ... فقد فهموا أن الصلاةَ والنُّسُك- أى : الشعائر-إنما هي المنطلق الذي ينطلق منه الإنسان ليقوم ببقية العبادة التي تشمل الحياة كلها ، بل الموت كذلك .
فالشعائر مجرد محطات شحن للانطلاق إلى بقية العبادة ، ويشمل ذلك الموت .
الموت في حد ذاته لا يمكن أن يكون عبادة بطبيعة الحال ، لأنه لا خيار للإنسان فيه ... ولكن المقصود في قوله تعالى
".. وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ .." .

سورة الأنعام / آية : 162 ، 163 .


هو أن يموت الإنسان غير مشرك بالله ، وذلك هو الحد الأدنى الذي يكون به الإنسان ( في موته ) عابدًا لله ، أما الحد الأعلى فهو أن يكون موتُه في سبيل الله ، أما اليوم فقد حدثت انحرافات كثيرة في حياة المسلمين ، وانحراف المسلمين في سلوكهم أمر واضح ، تفشَّى في حياتهم الكذب والغش والنفاق ، والضعف والجبن والبدعوالمعاصي والتبلُّد والفجور والمنكر...
ـ فهذا واقع المسلمين ومع ذلك فليس الانحرافالسلوكي هو الانحراف الوحيد في حياة المسلمين ، ولكن الأمر تجاوز ذلك إلى الانحراف في " المفاهيم " كل مفاهيم الإسلام الرئيسية ابتداءً مـن مفهوم لا إله إلا الله .
وحين تجد إنسانًا منحرفًا في سلوكه ، ولكن تصوره لحقيقة الدين صحيح ، فستبذل جهدًا ما لرده عن انحرافهالسلوكي ، ولكنك لا تحتاج أن تبذل جهدًا في تصحيح مفاهيمه ، لأنها صحيحة عنده وإن كان سلوكه منحرفًا عنها .
أي : أنه حين يقع الانحراف في المفاهيم ذاتها ، فكم تحتاج من الجهد لتصحيح المفاهيم أولاً ثم تصحيح السلوك بعد ذلك .
ـ من أجل هذا الانحراف في المفاهيم ، فإن الإسلام اليوم يعاني تلك الغربة التي تَحدَّث عنها رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :

" بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ ، فطوبى للغرباء " . صحيح مسلم / ج : 2 / ص : 354 / حديث رقم : 370 .
ولقد عاد غريبًا بالفعل ..... غريبًا بين أهله أنفسهم ، يتصورونه على غير حقيقته ، فضلاً عن سلوكهم المنحرف عنه ، ويستغربونه حين يعرض لهم في صورته الحقيقية كما جاءت في كتاب الله ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الصحيحة ، وعلينا أن نواجه الأمر على حقيقته ، فإن أي جهد يُبذل في تصحيح السلوك وحده مع بقاء المفاهيم منحرفة ، لن يؤتي ثماره كاملة ، ولن يُخرج الأمة الإسلامية من وهدتها التي انتكست إليها في العصر الحاضر .
إنا نحتاج أن نبذل جهدًا مضاعفًا لإزالة الغربة الثانية ، كالجهد الذي بذله الجيل الأول من المسلمين لإزالة الغربة الأولى للإسلام .

وأول ما نبدأ به من هذا الجهد ، هو تصحيح منهج التلقي
من أين نتلقي فهمنا لهذا الدين ؟ !

من كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الصحيحة بفهم السلف الصالح ، وذلك عن طريق علماء أهل السنة والجماعة ، الذين يعتبرون مجرد قنوات توصيل للمنهج الصحيح .
قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ..... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعَضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ..... " .أخرجه أبوداود . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مجلد رقم : 5 / ص : 24 .

فلنقتف أثر الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ تأسيًا بالسلف الصالح .
ـ فعن عمر بن سلمة الهَمْدَاني ـ رحمه الله ـ قال :
" كنا نجلس على باب " عبد الله بن مسعود " قبل صلاة الغداةِ ، فإذا خرج مَشَيْنا معه إلى المسجد .
فجاءنا " أبو موسى الأشعري " ، فقال : أَخَرَجَ إليكم " أبو عبد الرحمن " بعد ؟ . قلنا : لا .
فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا .
فقال له أبو موسى : يا " أبا عبد الرحمن " إني رأيتُ في المسجد آنفًا أمْرًا أنكرته ! ولم أرَ والحمد لله إلا خيرًا .
قال : فما هو ؟
فقال - أي أ بي موسى - : إن عشت فستراه .
قال أبو موسى : رأيت في المسجد قوْمًا حِلَقًا ، جلوسًا ، ينتظرون الصلاة ، في كل حلْقة رجل ، وفي أيديهم حصى فيقول : سبَّحوا مائة ، فيسبحون مائةً .
قال ـ أي : عبد الله بن مسعود - أبو عبد الرحمن ـ : فماذا قلتَ لهم ؟
قال - أي : أبى موسى الأشعري - : ما قلتُ لهم شيئًا انتظارَ رأيك .
قال - ابن مسعود - : أفلا أمرتَهم أن يَعدوا سيئاتهم وضَمِنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ! ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حَلْقةً من تلك الحِلَق ، فوقف عليهم فقال : ما هذا الذى أراكم تصنعون ؟
قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فَعُدوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء ، ويْحَكُم يا أمة محمد ! ما أ َسْرعَ هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ متوافرون وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو مفتتحوا باب ضلالة ؟ ! ! !
قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير .
قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه ، إن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ حدثنا :
" إن قومًا يقرؤون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرقُ السهم من الرمية " .
" وايم الله " (1) ما أدري لعلَّ أكثرهم منكم! ثم تولى عنهم
فقال عمرو بن سلمة : فرأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج .
أخرجه الدارمي . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة / مجلد رقم :5 /حديث رقم : 5002 .


( 1 ) " وايم الله " : كلمة قسم . همزتها همزة وصل . المعجم الوجيز / ص :31 .

قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ :
وإنا عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات ، فـإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة ، فإن هؤلاء إذا أنكرعليهم منكر ما هم فيه ، اتهموه بإنكار الذكر من أصله ! وهذا كفر لا يقع فيه مسلم ، وإنما المنكَر ما أُلصِق به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، وإلا فما الذي أنكره ابنُ مسعود ـ رضي الله عنه ـ على أصحاب تلك الحلقات ؟ !
ليس هو إلا التجمع في يوم معين ، والذكر بعدد لم يرد ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحَلْقة ، ويأمرهم به من عند نفسه ، وكأنه مُشرِّع عن الله تعالى .

قال تعالى" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِـهِ اللهُ ... ".سورة الشورى / آية : 21 .
ـ زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعلاً وقولاً إنما هي التسبيح بالأنامل .

* ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث ، أن العبرة ليست بكثرة العبادة ، وإنما بكونها على السنة ، بعيدة عن البدعة

وقد أشار إلى هذا - ابن مسعود - بقوله :
" اقتصاد في سنة ، خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة " .

* ومن الفوائد أن البدعة الصغيرة بريدٌ إلى البدعة الكبيرة ، ألا ترى أن أصحاب الحلقات صاروا بعدُ مِنَ الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد " علي بن أبى طالب " ؟

فهل من مُعْتَبِر ؟ نظم الفرائد / ج : 1 / ص : 211 .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:08 AM
مفاهيــــم خاطئــــة

*ولنحذر " المفاهيم الخاطئة" التي قد تقدح في الإيمان فمنها
1 ـ اعتقاد واغترار البعض بأن الأمر بما وقر في قلبه ، ولا يهتم بالظاهر:
والصواب: أن هناك علاقة بين الظاهروالباطن .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : لقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال " كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم فنزلنا منزلا تفرقنا في الوديان و الشعاب فسافرنا مرة مع النبي صلى الله عليه و سلم و نزلنا منزلا و تفرقنا فيه كما كنا نتفرق دائما " فقال لهم عليه الصلاة والسلام " إنما تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان " قال أبو ثعلبة " فكنا بعد ذلك إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم سفرا اجتمعنا و انضم بعضنا إلى بعض حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " ففي هذا الحديث اهتمام النبي صلى الله عليه و سلم بتجميع المسلمين بأبدانهم وأشخاصهم و تحذيره إياهم من أن يتفرقوا في ذلك حتى في السفر في الوديان و الشعاب و استجاب أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لتوجيهه هذا فكانوا بعد ذلك لا يتفرقون تفرقهم السابق و كانوا يتضامون بعضهم إلى بعض حتى أنهم مع كثرتهم لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم فهذا التفرق الذي لم يكن إلا في السفر لم يرتضه الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما نهاهم عنه فماذا يكون الشأن فيما إذا تفرق أهل العلم و طلاب العلم في مجالسهم العلمية لا شك أن هذا التفرق يكون من عمل الشيطان من باب أولى و لذلك فنحن نذكركم على اعتبار أن قسما طيبا منكم يرجى أن يكونوا من المسؤولين في توجيه الأمة و تعليمهم الكتاب و السنة فهذا من السنة التي ينبغي أن يبدؤوا بتذكير الناس بها ألا و هي تجميعهم في المجلس الواحد و أن لا يظلوا هكذا متفرقين بعضهم عن بعض .
* كانَ النَّاسُ إذا نزلوا منزلًا تفرَّقوا في الشِّعابِ والأوديةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ "إنَّ تفرُّقَكم في هذِهِ الشِّعابِ والأوديةِ إنَّما ذلِكم منَ الشَّيطان" فلم ينزل بعدَ ذلِكَ منزلًا إلَّا انضمَّ بعضُهم إلى بعضٍ حتَّى يقالَ لو بُسِطَ عليْهم ثوبٌ لعمَّهم"الراوي : أبو ثعلبة الخشني - المحدث : الألباني -المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 2628 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
الدرر السنية . (http://www.dorar.net/hadith?skeys=%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85+%D8%A8%D8%B9 %D8%B6%D9%87%D9%85+%D8%A5%D9%84%D9%89+%D8%A8%D8%B9 %D8%B6&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1&m%5B%5D=0&s%5B%5D=0)موقع الشيخ الألبان (http://alalbany.me/play.php?catsmktba=19578)
جمع غفير ويمشون في الصحراء فإذا نزلوا منزلا حضهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أن لا يتفرقوا فيه وعلى أن يجتمعوا وأن يتضاموا لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير في تجميع القلوب وفي إصلاحها وذلك مما جاء التصريح به عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -" إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثيرًا من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى ... يوشك أن يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "، والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "؛ ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن صلاحًا وطلاحًا، إذا صلح القلب صلح الجسد وإذا فسد القلب فسد الجسد ومن هنا نأخذ مبدأ هاما جداً يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم الذين لم يتلقوا شيئا من العلم الشرعي وإنما شرعهم عقولهم وأهواؤهم فإذا ما قلت لأحدهم لماذا لا تصلي مثلا يقول العبرة ليست بالصلاة وإنما العبرة بصلاح الباطن ويتجاهل هذه الحقيقة أنه لو كان باطنه أي قلبه صالحا لنضح صالحا والعكس بالعكس. ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتم بإصلاح ظاهره وأن لا يغتر في أن الأمر بما وقر في قلبه لأن الظاهر عنوان الباطن هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط بل ذلك ما يدل هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولاً ثم الحديث الأول حديث أبي ثعلبه الخشني لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أمرهم بأن يجتمعوا وأن لا يتفرقوا في المنزل ولو في الصحراء الواسعة الأطراف، أمرهم أن يجتمعوا لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرب القلوب بعضها إلى بعض. ولعلكم ما نسيتم ما ذكرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم مما ذكرته ساعتئذ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -" لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين الوجوه"؛ فتسوية الصفوف أمر ظاهر ربط به عليه السلام فيما إذا أخل به القائمون في الصف أن يضرب الله قلوب بعضهم ببعض. فإذن لا يجوز للمسلم أن يستهين بإصلاح ظاهره بدعوى أن باطنه صالح لأنه يكون أولاً يكذب على نفسه فضلاً على أنه يكذب على غيره. لهذا فليس من الأدب في الإسلام في شيء إذا ما اجتمع طلاب العلم أن يجلسوا هكذا كما يشاءون متفرقين بعضهم عن بعض؛ بل عليهم أن ينضموا وأخيراً جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:" دخل ذات يوما المسجد فوجد الناس متفرقين فيه فقال لهم" مالي أراكم عزين، مالي أراكم عزين "؛ أي: متفرقين. فإذًا علينا أن نتذكر هذا الأدب في تلقي العلم سواء كان التلقي بطريق جرى عليه العلماء اليوم وهو تلقي الأسئلة والإجابة عليها، أو بالطريقة القديمة التي كانت ولا تزال طريقة مطروقة لتعليم الناس ألا وهو أن يجلس الشيخ مع طلابه ويقرأ عليهم من الكتاب سواء كان من التفسير أو من الحديث أو الفقه المستقى من الكتاب والسنة، أو يقرأ عليه أحدهم ثم هو يعلق على ما قرأ ويشرح لهم ما قد يكون غامضا عليهم. على هذا أردت التذكير بهذا الأدب لنتوجه أخيرًا إلى الاستماع إلى ما قد تجمع من بعض الأسئلة لننظر فيها ونجيب عليها بقدر ما يوفقنا الله تبارك وتعالى، وييسر لنا من العلم فيها.موقع الشيخ الألباني هنا (http://www.alalbany.net/play.php?catsmktba=13084).

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:08 AM
فائدة مستخلصة مما سبق : الإيمان له ظاهر وباطن ، ظاهره : قول اللسان وعمل الجوارح .وباطنه : تصديق القلب وانقياده ومحبته . فلا ينفع ظاهرٌ لا باطن له وإن حُقِن به الدماء وعصم به المال والذرية .ولا يجزئ باطنٌ عن ظاهر إلا إذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك . فتخلف العمل ظاهرًا مع عدم المانع ، دليل على فساد الباطن وضعف الإيمان ، ونقصه دليل نقصه ، وقوته دليل قوته .
الفوائد لابن القيم / حاشية كتاب إرشاد الأنام / ص : 19 .
2 ـ تقسيم الدين إلى قشر ولُبَاب :

ويترتب على هذا التقسيم : المناداة بنبذ ما أسموه قشرًا بدعوى الاهتمام باللُّبِ .

وهذا التقسيم أو هذه المقولة حادثة مبتدعة ، لم يعرفها سلف الأمة ومن تبعهم بإحسان .
قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً " .
سورة البقرة / آية : 208 .

قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ :
" يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أن يأخذوا
بجميع عُرى الإسلام وشرائعه ، والعمل بجميع أوامره ، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك " . ا . هـ .
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" دعوني ما تركتكم ، فإنما أهْلك من كان قبلكم سؤالُهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " .
فتح الباري / ج : 13 / كتاب : الاعتصام / باب : الاقتداء بسنن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .مسلم ـ واللفظ للبخاري .

ولو فُرض جدلاً أن مظاهر الدين تسمى قشر ، فإن من يتخلى عن " القشرة الإسلامية " سيتغطى ـ ولابد ـ بقشرة دخيلة مغايرة لها .
فلابد لكل " لُب " من " قشر " يصونه ويحميه .
والسؤال الآن : لماذا يرفضون " قشرة " الإسلام ، ويرحبون بقشرة غيره ، فيأكلون بالشمال ، ويحلقون اللحى ، ويُلبِسونَ النساءَ أزياء مَن لا خلاق لهن ، ويلبسون القبعة ، ويُدَخِّنون " البايب " والسيجار ؟ .....
دعوا السنة تمضي .
· تأمل هذا الموقف من أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ وهو في سياق مصيبة الموت الذي هو أعظم حادث مما يمر على الجبلة .
* عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال :
دخل شاب على " عمر " ـ يعني بعد ما طُعن ـ فجعل الشاب يُثني عليه ، قال : فرآه عمر يجر إزاره ، قال : فقال له : " يا ابن أخي ! ارفع إزارك فإنه أتقى لربك ، وأنقى لثوبك " ؛ قال : فكان عبد الله يقول " يا عجبًا لعمر ! إن رأى حق الله عليه ، فلم يمنعه ما هو فيه أن تكلم به " .
رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " 8 / 201 ، 202 .

* عن يزيد بن عميرة قال : لما حضر " معاذ بن جبل " الموتُ ، قيل له :
يا أبا عبد الرحمن أوصنا . قال : أجلسوني .
فقال " إن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما .
ـ يقول ثلاث مرات ـ ..... " . أخرجه الإمام أحمد . وصححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمهُ الله ـ في الجامع الصحيح / مجلد رقم : 1 / ص : 236 .
· وهذا " عمرو بن العاص " وهو في سياقة الموت ، بكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار وقال " ..... فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني فشنوا عليّ التراب شنًا ..... " .
صحيح مسلم / ج : 1 / ص : 318 / حديث رقم : 317 .

ربنا جل وعلا قد أمر المؤمنين بالقيام بما شرعه من دينه ـ ولو كان من القضايا العملية التي يسمونها فروعًا ـ في أشد أوقات الكفاح ، وهو وقت الالتحام المسلح مع الأعداء في قوله تعالى "وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ " .سورة النساء / آية : 102 .
فقدِّر يا أخي حفظك الله أنك بحضرة رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنه أمرك بشيء مما يسميه القوم " قشورًا " ، أكنتَ تتجاسر أن تقدم بين يديه ، أو ترفع صوتك معترضًا عليه ؟
إنك حتمًا وبمقتضى إيمانك ورضاك بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسولاً ستقول له " نعم ، سمعًا وطاعة ، يا من أفديه بأبي وأمي " . فكذلك فافعل مع سنته الشريفة بعد وفاته ، فهذا واجبك مع سنته إذ لم تدرك صحبته صلى الله عليـه وسـلم .
~ نرد على أصحاب بدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب ، والمناداة بنبذ ما أسموه قشرًا بدعوى الاهتمام باللب .
نقول لهم : لماذا إذن تحيون حياة رتيبة هنيئة تتمتعون فيها بالحاجيات بل الكماليات والتحسينيات ، تطعمون الفواكه ، وتتنعمون في الفُرُش ، وتتنزهون في المتنزهات ، وكل هذا لا ينكرعليكـ ، ولا تستنكرونه من غيركم ، هذا ! !
فلماذا إذًا تضعون العوائق في طريق السنة ؟
فالسكوت على المنكرات سواء في فروع أو أصول ، ظاهر أو باطن سبب من أسباب نزول العقوبات العامة وعموم الفتنة والعذاب .
من كتاب : تبصير أولي الألباب ببدعة تقسيم الدين إلى قشر ولباب " محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم" .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:09 AM
3 ـ إحداث عبادات ، ويُقَال : ما نريد إلا الخير:
ــــ
وذلك كما حدث من أصحاب الحلقات عندما خالفوا السنة ، وأحدثوا هيئات للذِّكرِ لم ترد بالشرع ، وأنكر عليهم " عبد الله بن مسعود " ذلـك .
وذلك لأن هناك قاعدة هامة وهي :
الأصل في عاداتنا الإباحة حتى يجيء صارفُ الإباحة . وليس مشروعًا من الأمور غيرُ الذي في شرعنا مذكور .

هذه قاعدة عظيمة نافعة ، تضمنت " أصلين عظيمين " دل عليهما الكتاب والسنة في مواضع .
* مثل قولِه تعالى في " الأصل الأول " :
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا" . سورة البقرة / آية : 29 .
أي : تنتفعون بها بجميع الانتفاعات إلا ما نُص على المنع فيه
* وقولِهِ تعالى " قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ " .سورة الأعراف / آية : 32 .
فأنكر تعالى على من حرم ما خلق الله لعباده من المآكل والمشارب والملابس ونحوها ".
* ومثل قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قصة تأبير النخل .
وفيه قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أنتم أعلم بأمر دنياكم " . مسلم .
ووجه الدلالة :
أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رد الأمر في التعامل في الزراعة إلى الخلق ، وجعله ليس من جنس الشرع الذي يتوقف فيه حتى يأتي الأمر من الرب سبحانه .
* ومثل قوله تعالى في " الأصل الثاني " :
"أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ " .
سورة الشورى / آية : 21 .

* وقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأصل الثاني
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " . متفق عليه

البخاري : 2697 . مسلم : 1718 .

· العادات :
هي المعاملات والعلاقات التي تربط بين الإنسان وأخيه الإنسان ، لذا كان الأصل فيها الجواز ،إلا ما حرمه الله عز وجل على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلا وقع الناس في ضيق كبير وحرج عسير .
فالمعاملات والعادات باقيةٌ على الأصل ما لم تخالف أصلاً شرعيًا ، أو يأتي الصارف الشرعي لذلك .
ومن ذلك : شرب الخمر ، فهو من جنس العادات التي حرمها الرب سبحانه .
· وأما العبادات :

فهي التي تربط بين الإنسان وربِّه عز وجل لهذا كان الأصل فيها الحظر إلا ما أمر به الله عز وجل على لسان رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعنى ذلك : هو أن لا يعتقد الناس في شيءٍ أو في فعلٍ أو قولٍ أنه عبادة ، حتى يأتيَ خطابُ الشارعِ بذلك .
يقول شيخُ الإسلامِ ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى 29 / 16 ـ 18 :
" إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان :
عبادات يصلح بها دينهم ، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم ، فباستقراء أصول الشريعة تعلم أن العبادات التي أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع .
وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه ، والأصل فيه عدم الحظر ، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى " .ا . هـ .
فالأصل في العبادات المنع حتى نجد دليل .
فعليك أن تثبت أن العبادة التي تقوم بها من شرع الله .
فيجب أن نتقرب إلى الله بما يحبه الله ، وليس بما تحبه أنت .
والله سبحانه لا يحب إلا ما شرع .
فإذا قلتَ لشخصٍ ما تفعله هذا بدعة . فيقول لك : هات لي دليل على بدعيتها ! ! أقول : لا . هات أنتَ دليلًا أو إثباتًا أنه قُربى ومن شرع الله .
· وتطبيق هذه القاعدة :
ـ إذا ذهب شخصٌ إلى أي بلد لتغيير الجو ، ومن باب الضرب في الأرض ، فهذه عادة ولا شيء فيها .
وكذلك إذا ذهب إلى جبل الطور بنفس النية ، فلا شيء .
ولكن : إذا شد الرحال ، وذهب إلى جبل الطور تعبدًا وزيارة للمكان الذي كلم اللهُ موسى عنده ، فذلك حرام لأنه عبادة ، ولا تشد الرحال تعبدًا إلا إلى ثلاث .
- "لاَ تُشدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثلاثةِ مساجدَ مسجدِ الحرامِ ومسجدى هذا والمسجدِ الأقصى"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 2033 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر (https://dorar.net/hadith/search?q=%D9%84%D8%A7+%D8%AA%D8%B4%D8%AF+%D8%A7%D9 %84%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D9%84+%D8%A5%D9%84%D8%A7+%D8 %A5%D9%84%D9%89&st=p&xclude=&fillopts=on&t=*&d%5B%5D=1)-
ـ إذا سافرت إلى طنطا لزيارة الأهل عادة ، لا شيء فيها
ولكن إذا سافرت من أجل زيارة مسجد معين أو قبر معين للتبرك ، فذلك يحرم فعله لأنه فعله تعبدًا .
ـ إذا صام شخص طوال العام يومي الإثنين والخميس ، واستمر في هذا الصيام حتى في شهر رجب . فهذا لا شيء فيه ومأجور عليه إن شاء الله .
ولكن إذا خص شهر رجب دون أشهر العام بصيام ، فهذه عبادة تحتاج إلى دليل ، ولا يوجد دليل على تخصيص هذا الشهر بصيام .
أما تخصيص شهر شعبان أو المحرم بصيام دون أشهر العام ، فهذا لا شيء فيه لأنه عبادة مخصصة بدليل .
فقد ورد نص شرعي في تخصيص شهر شعبان بالصيام :
" عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ما رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان " متفق عليه .البخاري : 1969 / 213 / 4 و مسلم : 1156 ـ 175 / 810 / 2 .
وورد في تخصيص شهر المحرم بصيام :
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " . صحيح سنن أبى داود : 2122 . مسلم
4 ـ الخلط بين " التصديق " ومجرد المعرفة ، فليس كلَّ عالم معتقدًا .

ــــ
نموذج للمعرفـة التي لا تعتبر تصديقًا

عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش ـ وكان من أصحاب بدر ـ وقال :كانَ لَنا جارٌ من يَهودَ في بَني عبدِ الأشهلِ قالَ : فخرجَ علَينا يومًا من بيتِهِ قبلَ مبعثِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ بيسيرٍ فوقفَ علَى مجلسِ عبدِ الأشهلِ . قالَ سلمةُ : وأَنا يومئذٍ أحدثُ مَن فيهِ سنًّا عليَّ بردةٌ مضطجعًا فيها بفناءِ أَهْلي فذَكَرَ البعثَ والقيامةَ والحسابَ والميزانَ والجنَّةَ والنَّارَ فقالَ ذلِكَ لقومٍ أَهْلِ شركٍ أصحابِ أوثانٍ لا يرَونَ أنَّ بعثًا كائنٌ بعدَ الموتِ . فقالوا لَهُ : ويحَكَ يا فلانُ ! ترَى هذا كائنًا أنَّ النَّاسَ يُبعَثونَ بعدَ موتِهِم إلى دارٍ فيها جنَّةٌ وَنارٌ يُجزَونَ فيها بأعمالِهِم ؟ قالَ : نعم والَّذي يُحلَفُ بِهِ .لودَّ1 أنَّ لَهُ بحظِّهِ2 من تلكَ النَّارِ أعظمَ تنُّورٍ في الدُّنيا يحمُّونَهُ ثمَّ يدخِلونَهُ إيَّاهُ فيطبقُ بِهِ عليهِ وأن ينجوَ من تلكَ النَّارِ غدًا قالوا لَهُ ويحَكَ وما آيةُ ذلِكَ قالَ نبيٌّ يُبعَثُ من نحوِ هذِهِ البلادِ وأشارَ بيدِهِ نحوَ مَكَّةَ واليمنِ قالوا ومتَى تراهُ قالَ فنظرَ إليَّ وأَنا أحدثِهِم سنًّا فقالَ إن يستنفدَ هذا الغلامُ عمرَهُ يدرِكْهُ قالَ سلمةُ فواللَّهِ ما ذَهَبَ اللَّيلُ والنَّهارُ حتَّى بعثَ اللَّهُ تعالى رسولَهُ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ وَهوَ حيٌّ بينَ أظهرِنا فآمنَّا بِهِ وَكَفرَ بِهِ بغيًا وحسدًا فقُلنا ويلَكَ يا فلانُ ألستَ بالَّذي قلتَ لَنا فيهِ ما قلتَ قالَ بلَى وليسَ بِهِ"
الراوي : سلمة بن سلامة بن وقش - المحدث : الوادعي- المصدر : صحيح دلائل النبوة
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 .
1 يَوَدّ : أي : يَوَدُّ الذي رأى هذه النار . 2 بحظه : أي : بنصيبه . **************
نموذج للتصديق

قال تعالى "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " . سورة التحريم / آية : 12 .
مـن تفسير : تيسير الكريم الرحمن للشيخ / عبد الرحمن السعدي :
قـال : وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإن التصديق بكلمات الله يشمل كلماته الدينية والقدرية .
والتصديق بكتبه يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل .
ولهذا قال تعالى " وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " أي : المطيعين لله ، المداومين على طاعته بخشية وخشوع ، وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها ـ رضي الله عنها ـ صِدِّيقه ، والصديقية هي كمال العلم والعمل .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:11 AM
مـا الفـرق بيـن التوحيـد ، والعقيـدة ، والإيمـان ؟

· التوحيــد :
========
تعريـف التوحيـد شرعـًا :
هـو إفـراد الله سبحانـه بمـا يختـص بـه مـن الربوبيـة والألوهيـة والأسـماء والصفـات .
قسـم بعـض أهـل العلـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2 ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .
وقـد اجتمعـت فـي قولـه تعالـى :
" رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " .
سورة مريم / آية : 65 .

وهنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـموا التوحيـد إلـى قسـمين :
1 ـ توحيـد المعرفـة والإثبـات .
2 ـ توحيـد القصـد والطلـب .
فتوحيـد المعرفـة والإثبـات هـو توحيـد الربوبيـة والأسـماء والصفـات .
وتوحيـد القصـد والطلـب هـو توحيـد الإلهيـة .
هـذا مـا يخـص التوحيـد إجمـالاً . وسـيأتي التفصيـل إن شـاء الله .

· العقيـــدة :
========
تعريـف العقيـدة :
أولاً : لغـة : مـن العَقـد ، وهـو ضـد الحـل ، ومنـه : العُقـدة ، لأنهـا غيـر محلولـة .
ومنـه : العَقْـدُ وهـو الجمـع بيـن المتفرقـات .
عقـد النكـاح :جمـع بيـن رجـل وامـرأة .
عقـد البيـع :وهـو جمـع بيـن ثمـن ومثمـون وبائـع ومشـتري .

ثانيـًا : اصطلاحـًا : هـي المعنـى الذهنـي الجـازم .

ثالثًـا : شرعـًا : هـي تلـك المعانـي التـى تنجـزم فـي الذهـن والقلـب والوجـدان فـي حـق الله عـز وجـل ، والملائكـة ، والكتـب ، والرسـل ، واليـوم الآخـر ، والقـدر خيـره وشـره ، والإنـس ، والجـن .....
وقـد تكـون عقيـدة فاسـدة . مثـل عقيـدة النصـارى التثليـث ، وعقائـد الفـرق الضالـة .
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم : " التوحيـد " .

· الإيمـــان :
========
تعريـف الإيمـان :
أولاً : لغـة : هـو التصديـق .
لقولـه تعالـى " وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ".سورة يوسف / آية : 17 .
أي : ومـا أنـت بمصـدقٍ لنـا ولو كنـا صادقيـن .

ثانيـًا : اصطـلاحًا : هـو جملـة الاعتقـادات والأقـوال والأفعـال التـي يسـتقيم بهـا ديـن العبـد .

ثالثـًا : شـرعًا : هـو تصديـق الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فيمـا جـاء بـه عـن ربـه عـز وجـل .
وعقيـدة التوحيـد هـي ثمـرة الإيمـان :
والفـوز بالتوحيـد الخالـص يسـتوجب معالجـة القلـوب " بالعلـم " و " المحبـة " .
فـإذا عالجنـا قلوبنـا " بالعلـم الصحيـح " المبنـي علـى الاتبـاع و " المحبـة الخالصـة " ، قامـت القلـوب بعملهـا دون نقـص .
فالقلـب لا يعمـل كمـا ينبغـي وهـو مريـض .

وصحـة القلـب تركـز علـى أمريـن :
1 ـ العلـم الصحيـح المبنـي علـى الاتبـاع .
وسـبب مـرض القلـب فـي هـذه الجزئيـة " الجهـل " .
والشفـاء مـن الجهـل علاجـه السـؤال .
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قتلـوه قتلهـم الله ، ألا سـألوا إذ لـم يعلمـوا ، فإنمـا شفـاء العـيِّ السـؤال " .

صحيح سنن أبى داود / مجلد : 1/ حديث رقم : 325/ص :69. العـي : الجهـل .
هـل النـاس سـألوا عـن دينهـم ، هـل حاولـوا التخلـص مـن هـذا الجهـل ، أم هنـاك
" إعـراض " ؟ ! !
هنـاك إعـراض ، للغفلـة عـن الآخـرة .

2 ـ المحبـة :
الله جـل وعـلا هـو المحبـوب بالقصـد الأول ، فالحـب المطلـق يكـون لله ، فهو سـبحانه المحبـوب لذاتـه ،وباقـي أعـراض الدنيـا متـاع الغـرور .
وهـذه المحبـة لله تجعلـك تتخـذ مـن كـل أعـراض الدنيـا وسـيلة لإرضـاء هـذا المحبـوب ، لا وسـيلة لإغضابـه ..... وينتـج عـن هـذه المحبـة ، اتحـاد كـل المحبـات فـي اتجـاه الله .

فمثـلاً : أنـت تحـب " المـال " ، حبـك للمـال الحـب الشـرعي ، بـأن لا تحـب المـال لذاتـه ولكـن تحبـه لأنـه وسـيلة تمكنـك مـن طاعـة الله ، وذلـك بإنفاقـه فـي طاعـة ونصـرة ديـن الله ..... .
حـب الأولاد لله ، حـب الزوجـات لله ، كـل سعـي يكـون فـي سـبيل الله .
ومحبـة الله تتبعهـا محبـة كلامـه ، وهـو " القـرآن الكريـم " ، فتقـرؤه قـراءة الملهـوف علـى كـل مـا فيـه ، مـع الحـرص علـى تدبـره وفهمـه وتنفيـذه .

· معنـى الشـهادتين :
" أشـهد أن لا إله إلا الله " ( كلمـة التوحيـد ) .
أي : لا معبـود حـق إلا الله .
" أشهـد أن محمـدًا رسـول الله " .
أي : تجريـد المتابعـة لـه صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:12 AM
مـن لـــوازم التوحيـــد

" الـــولاء والبـــراء "

مـن لـوازم التوحيـد أن توالـي أهلـه الموحديـن وتتبـرأ مـن أعدائـه المشـركين ، قـال تعالـى :
"إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"سورة المائدة / آية : 55 ، 56 .

· الـــولاء :
المعنـى اصطلاحـًا :
القـرب مـن المسلميـن بمودتهـم وإعانتهـم ومناصرتهـم علـى أعدائهـم ، والسـكنى معهـم .
والمـوالاة ضـد المعـاداة .
· البـــراء :
المعنـى اصطلاحـًا :
البعـد والخـلاص والعـداوة بعـد الإعـذار والإنـذار ، والمـراد هنـا قطـع الصلـة القلبيـة مع الكفـار ، فـلا يحبهـم ولا يناصرهـم ولا يقيـم فـي ديارهـم .
* الـولاء والبـراء تابعـان للحـب والبغـض ، فـإن أوثـق عُـرَى الإيمـان الحـب فـي الله والبغـض فـي الله ، وبهمـا تنـال ولايـة الله ، وهمـا مـن أهـم لـوازم التوحيـد .
ولـن تقـوم للأمـة الإسـلامية قائمـة ، إلا بالرجـوع إلـى الله والحـب فيه والبغـض فيـه ، والـولاء لـه ولأوليائـه ، والبـراء ممـن أمرنـا بالبـراء منه ، وعندئـذ يفـرح المؤمنـون بنصـر الله .
* ولمـا كـان الـولاء والبـراء مبنييـن علـى قاعـدة الحـب والبغـض ، فـإن النـاس عنـد أهـل السـنة والجماعـة ـ بحسـب الحـب والبغـض فـي الله والـولاء والبـراء ـ ثلاثـة أصنـاف :
الصنــف الأول : مَـنْ يُحَــبُّ جُمْلَــة :
وهـو مـن آمـن بالله ورسـولهِ ، وقـام بوظائـف الإسـلام ومبانيـه العظـام علمـًا وعمـلاً واعتقـادًا ، وأخلـص أعمالـه وأفعالـه وأقوالـه لله ، وانقـاد لأوامـره ، وانتهـى عمـا نهـى الله عنـه ورسـوله ، وأحـب فـي الله ، ووالـى فـي الله ، وأبغـض فـي الله ، وعـادى فـي الله ، وقـدم قـول رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى قـول كـل أحـد كائنـًا مـن كـان .
الصنــف الثانـي : مـن يُحَـب مـن وجـه ويُبغـض مـن وجـه :
وهـو المسـلم الـذي خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ، فيُحَـبُّ ويوالَـى علـى قـدر مـا معـه مـن الخيـر ، و يُبغَـض و يعـادَى علـى قـدر مـا معـه مـن الشـر .
فهـذا عبـد الله بـن حِمـار ، وهـو رجـل مـن أصحـاب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يشـرب الخمـر ، فأُتِـيَ بـه إلـى رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فأمـر الرســول ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ بضربـه بالنعـال والجريـد ، فلعنـه رجـل وقـال : مـا أكثـر مـا يؤتـى بـه ..... .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لا تلعنـه فإنـه يحـب الله ورسـوله " .
صحيح البخاري / كتاب : الحدود / باب : ما يكره من لعن شارب الخمر وإنه ليس بخارج من الملة .

فالرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ رغـم أنه لعـن شـارب الخمـر وبائعهـا وعاصرهـا ومعتصرهـا وحاملهـا ، إلا أنـه نهـى عـن لعـن هـذا الرجـل لأنـه يحـب مـن وجـه ويبغـض مـن وجـه .
يحـب مـن وجـه : إنـه يحـب الله ورسـوله .
ويبغـض مـن وجـه : كونـه شـارب خمـر .
الصنــف الثالـث : مـن يُبغـض جملــة :
وهـو مـن كفـر بالله وملائكتـه وكتبـه ورسـله واليـوم الآخـر ، ولـم يؤمـن بالقـدر خيـره وشـره ، أو تـرك أحـد أركـان الإسـلام عمـدًا .
فأهـل السـنة والجماعـة يوالـون المؤمـن المسـتقيم علـى دينـه ولاءً كامـلاً ، ويحبونـه وينصرونـه نصـرة كاملـة ، ويتبـرءون مـن الكفـرة والملحديـن ، ويعادونهـم عـداوةً وبغضًـا كامليـن .
أمـا مـن خلـط عمـلاً صالحـًا وآخـر سـيئًا ( وهـم العصـاة أصحـاب الكبائـر ) فيوالونـه بحسـب مـا
عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا عنـده مـن الإيمـان ، ويعادونـه بحسـب مـا هـو عليـه مـن الشـر .
الـولاء والبـراء القلبـي :الولاء والبراء ص : 139.
مـن عقيـدة أهـل السـنة والجماعـة ، أن الـولاء القلبـي وكذلـك العـداوة ـ القلبيـة ـ يجـب أن تكـون كاملـة .
يقـول شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة :
فأمـا حـب القلـب وبغضـه ، وإرادتـه وكراهتـه ، فينبغـي أن تكـون كاملـة جازمـة ، لا توجـب نقـص ذلـك إلا بنقـص الإيمـان ، وأمـا فعـل البـدن فهـو بحسـب قدرتـه ، ومتـى كانـت إرادة القلـب وكراهتـه كاملـة تامـة وفعـل العبـد معهـا بحسـب قدرتـه فإنـه يعطـى ثـواب الفاعـل الكامـل .
ذلـك أن مـن النـاس مـن يكـون حبـه وبغضـه وإرادتـه وكراهتـه بحسـب محبـة نفسـه وبغضهـا ، لا بحسـب محبـة الله ورسـوله ، وبغـض الله ورسـوله .
وهـذا نـوع مـن أنـواع الهـوى ، فـإن اتبعـه الإنسـان فقـد اتبـع هـواه ... قـال تعالـى :
"وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ".سورة القصص / آية : 50 .
المداهنــة وعلاقتهـا بالـولاء والبــراء :في بيان العقيدة ص : 111 .
المداهنـة : هـي المصانعـة والمسـالمة وتـرك مـا يجـب مـن الغيـرة والأمـر بالمعـروف والنهـي عـن المنكـر ، والتغافـل عـن ذلـك لغـرض دنيـوي وهـوى نفسـاني ، فالاسـتئناس بأهـل المعاصـي ومعاشـرتهم وهـم علـى معاصيهـم ، وتـرك الإنكـار عليهـم مـع القـدرة عليـه هـو المداهنـة .
وعلاقـة المداهنـة بالـولاء والبـراء تظهـر مـن معناهـا وتعريفهـا الـذي ذكرنـاه وهـو تـرك الإنكـار علـى العصـاة مـع القـدرة عليـه ، ومسـالمتهم ومصانعتهـم ، وهـذا فيـه تـرك للمـوالاة فـي الله ، والمعـاداة فيـه وتشـجيع للعصـاة والمفسـدين .
ويصبـح المداهـن داخـلاً فـي قولـه تعالـى "
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَىٰ كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ".سورة المائدة / آية : 78ـ 80 .
المـداراة وأثرهـا علـى الـولاء والبــراء :
المـداراة : هـي درء المفسـدة والشـر بالقـول الليـن وتـرك الغلظـة ، أو الإعراض عـن صاحـب الشـر إذا خيـف شـره أو حصـل منـه أكبـر ممـا هـو ملابـس لـه .
وفـي الحديـث : عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت :
اسـتأذن رجـل علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وأنـا عنـده ، فقـال : " بئـس أخـو العشـيرة " .

ثـم أََذِِِن لـه ، فلمـا دخـل ألان لـه القـول (1) ، فلمـا خـرج قلـت : يـا رسـول الله ! قلـتَ مـا قلـتَ ثـم ألنـتَ لـه القـولَ .
فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " يـا عائشـة إن مـن شـر النـاس مـن تركـه النـاسُ أو وَدَعَـه النـاسُ اتقـاء فُحشـه " .
الشمائل للترمذي / تحقيق الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ / ص : 184 / حديث رقم : 301 .

الحديث صحيح / أخرجه البخاري .

( 1 )ألان لـه القـول : " وذلـك لتألفـه لِيُسـلِمَ قومُـهُ لأنـه كـان رئيسـهم ومطاعًـا فيهـم ، كمـا هـو شـأن الجفـاة ، لأنـه لـو لـم يُلِـنْ لـه القـول لأفسـد حـال عشـيرته ، وزيـن لهـم العصيـان لأنهـم لا يعصـون لـه أمـرًا " . حاشية الشمائل / ص : 184 .
ومـن رسـالة بيـان العقيـدة ، تعليقًـا علـى هـذا الحديـث :
فالنبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ دارى هـذا الرجــل لمَّـا دخـل عليـه مـع مـا فيـه مـن الشـر لأجـل
المصلحـة الدينيـة ، فــدل علـى أن المــداراة لا تتنافــى مـع الـولاء والبـراء إذا كـان فيهـا
مصلحـة راجحـة مـن كـف الشـر والتأليـف ، أو تقليـل الشـر .
ومـن ذلـك مـداراة النبـي للمنافقيـن خشـية شـرهم وتأليفـًا لهـم ولغيرهـم .
*نمـوذج للـولاء والبـــراء :
موقـف عبـد الله بـن عبـد الله بـن أُبـي بـن سـلول مـن أبيـه المنافـق :
عـن جابـر بـن عبـد الله قـال : كنـا فـي غـزاة قـال سـفيان :
ـ يـرون أنهـا غـزوة بنـي المصطلـق ـ فكسـع رجـلٌ مـن المهاجريـن رجـلاً مـن الأنصـار ، فقـال المهاجـري : يـا للمهاجريـن . وقـال الأنصـاري : يـا للأنصـار .
فسمـع ذلـك النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقـال : مـا بـالُ دعـوى الجاهليـة ؟
قالـوا : رجـل مـن المهاجريـن كسـع رجـلاً مـن الأنصـار .
فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " دعوهـا فإنهـا منتنـة " .
فسـمع ذلـك عبـد الله بـن أُبـيّ بـن أبـي سـلول ، فقـال : أوَقَـد فعلوهـا ؟ والله لئِـن رجعنـا إلـى المدينـة ليخرجـن الأعـز منهـا الأذل .
فقـال عمـر : يـا رسـول اللـه دعنـي أضـرب عنـق هـذا المنافـق .
فقـال النبـي صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :

" دعـه لا يحـدث النـاس أن محمـدًا يقتـلُ أصحابَـهُ " .
وقـال غيـر عمـر ، فقـال لـه ابنُـه عبـدُ الله بـن عبـد الله :
والله لا تنقلـب حتـى تُقِــرَّ أنـك الذليــل ، ورســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ العزيـز ، ففعـل .

صحيح سنن الترمذي / ج : 3 / حديث رقم : 2641.

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:12 AM
أنـــواع التوحيـــد

==============

سـبق أن تعرضنـا لأنـواع التوحيـد إجمـالاً ، وسـنتعرض لهـا هنـا بشـيء مـن التفصيـل .
أنـواع التوحيـد تدخـل كلهـا فـي تعريـف عـام وهـو :
إفـراد الله سـبحانه وتعالـى بمـا يختـص بـه .
هنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام وهـي :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .

ومـن كتـاب : فتـاوى العقيـدة للشـيخ العثيميـن : ص : 6.
قـال : والعلمـاء ـ علمـوا ذلـك التقسـيم ـ بالتتبـع والاسـتقراء والنظـر فـي الآيـات والأحاديـث فوجـدوا أن التوحيـد لا يخـرج عـن هـذه الأنـواع الثلاثـة . ا . هـ .
وهـذا التقسـيم إنمـا هـو للتفهيـم والبيـان ، وإلا فاللـه لايقبـل التوحيـد مـن إنسـان أخـل بأحـد أنواعـه .

أولاً : توحيــد الربوبيــة

هـو الإيمـان بأن الـرب هـو الخالـق ، الـرازق ، المحيـي ، المميـت ، مُنَـزِّل الكتـب ، مرسـل الرسـل ، المجـازي فـي الدنيـا والآخـرة ، وإفـراده سـبحانه بكـل هـذا .
ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :

1 ـ قــدر كونــي :

قـال تعالـى "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ " . سورة القمر / آية : 49 .

وقـال تعالـى" إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "سورة النحل / آية : 40 .
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .

2ـ قـدر تشـريعي :

وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ العلـم : قـال تعالـى " ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي" .سورة يوسف / آية : 37 .
وقـال تعالـى "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا " .سورة طه / آية : 114 .
ـ الرسـالات : قـال تعالـى "لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ" . سورة الجن / آية : 28 .
ـ الكتـب : قـال تعالـى" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ " سورة الرعد / آية : 1 .
ـ الوحـي : قـال تعالـى "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ " .سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ التحليـل والتحريـم :
قـال تعالـى "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ " .سورة الأنعام / آية : 151 .

باختصـار القـدر التشـريعي يشـمل : افعـل ولا تفعـل .

3 ـ القــدر الجزائــي :
==============
فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب .
مـن أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ " .سورة الفيل / آية : 1 .
وقولـه تعالـى "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ" .سورة الفجر / آية : 6 .

ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى "إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى " .سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه " إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا " .
سورة الكهف / آية : 29 .

وقولـه "إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ " .سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
فتوحيـد الربوبيـة : كـل مـا نـزل مـن الـرب إلـى العبـاد مـن رزق ، وإحيـاء ( كوني ) ، رسـالات ( تشـريعي ) .
ونتيجـة تعاملـك مـع قـدر الله الكونـي والتشـريعي ، يكـون قـدر الله الجزائـي .
فالمعاصـي جزاؤهـا الابتـلاءات والمصائـب فـي الدنيـا ، وشـدة سـكرات المـوت ، وعـذاب القبـر ، وشـدة المـرور علـى الصـراط ، وعـذاب النـار ... .
وفـي المقابـل مـن عمـل صالحـًا لا يضيـع أجـره ، ولـه جـزاء ذلـك .
مـع ملاحظـة أن الابتـلاءات فـي الدنيـا قـد تكـون لتكفيـر الذنـوب ، أو لرفـع الدرجـات والتمحيـص ، وليسـت دائمـًا عقابـًا .
فقـد لا ينـال المؤمـن منزلـة عاليـة فـي الآخـرة بعملـه ، فتكـون هـذه الابتـلاءات والصبـر عليهـا سـبب لرفـع درجاتـه .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:12 AM
ثانيًــا : توحيــد الألوهيــة

==================

وهـو إفـراد الله تعالـى بالعبـادة ، فكـل مـا هـو مـن العبـاد إلـى الله هـو ألوهيـة .
وهـذا النـوع مـن التوحيـد هـو موضـوع دعـوة الرسـل مـن أولهـم إلـى آخرهـم .
قـال تعالـى"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " .سورة النحل / آية : 36.
وكـل رسـول يبـدأ دعوتـه بتوحيـد الألوهيـة ، كمـا قـال نـوح وهـود وصالـح وشـعيب عليهـم السـلام " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ " .
سورة الأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 .
وهـذا النـوع مـن التوحيـد يسـمى توحيـد ألوهيـة باعتبـار إضافتـه إلـى الله .
ويسـمى توحيـد عبـادة باعتبـار إضافتـه إلـى العابـد .

ومـن كتـاب عقيـدة المؤمـن : ص : 78.
قـال : إن توحيـد الألوهيـة جـزء هـام مـن عقيـدة المؤمـن ، إذ هـو ثمـرة توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات ، وجَنـاه الطيـب .
وبدونـه يفقـد توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات معنـاه ، وتنعـدم فائدتـه .


* * * * *

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:13 AM
ثالثًــا : توحيــد الأســماء والصفـات

وهـو الإيمـان بمـا وصـف الله تعالـى بـه نفسـه فـي كتابـه ووصفـه بـه رسـوله ـ صلى الله عليه وعلىآله وسلم ـ مـن الأسـماء الحسنـى والصفـات العلـى ، لفظـًا ومعنـىً .
واعتقـاد أن هـذه الأسـماء والصفـات علـى الحقيقـة لا علـى المجـاز ، وأن لهـا معـانٍ حقيقيـة تليـق بجـلال الله وعظمتـه .
أي : نثبـت لله مـا أثبتـه لنفسـه مـن أسـماء وصفـات ، ونؤمـن بمعناهـا ، وأن لهـا كيـف .لكـنْ نفـوض هـذا الكيـف لله لعجزنـا وجهلنـا بهـذا الكيـف .
لقولـه تعالـى : { ... لَيْـسَ كَمِثْلِـهِ شَـيْءٌ وَهُـوَ السَّـمِيعُ البَصِيـرُ } .
سورة الشورى / آية : 11.
فقـد أثبـت سـبحانه صفتـي السـمع والبصـر ، ونفـى المِثليـة .

=================

·أركــان الإيمــان بالاســم :
=====================
1 ـ الإيمـان بالاسـم .
2ـ الإيمـان بمـا دل عليـه الاسـم مـن معنـى ( أي : الصفـة المشـتقة منـه ) .
3ـ الإيمـان بالحكـم والأثـر المرَتـب علـى الاسـم إن دل علـى وصـفٍ متعـدٍّ .
مثـال :
" الرحيـم " : اسـم يـدل علـى وصـف متعـد للغيـر . ( يرحـم الله عبـاده ) .
أركـان الإيمـان باسـم الرحيـم :
1 ـ الإيمـان بـأن ( الرحيـم ) اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى .
2 ـ الإيمـان بالمعنـى الـذي دل عليـه الاسـم .
أي : الصفـة المشـتقة منـه ، وهـي صفـة " الرحمـة " . ( ذو رحمـة ) .
3 ـ الإيمـان بمـا يتعلـق بهـذا الاسـم مـن أثـر وحكـم . ( وهـو أنـه يرحـم مـن يشـاء ) .

" الحـــي " : اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى يـدل علـى وصـف غيـر متعـد .
أركـان الإيمـان باسـم الحـي :
1ـ الإيمـان بأن " الحـي " اسـم مـن أسـماء الله الحسـنى .
2ـ الإيمـان بأن اللـه يتصـف بالصفـة المشـتقة منـه وهـي " الحيــاة " .
================

· أســماء الله غيـر محصــورة بعـدد معيــن :
==============================
والدليـل علـى ذلـك : قولـه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" اللهـم إنـي عبـدُك وابـن أمتـك " ... إلـى أن قـال : " أسـألك بكـل اسـم هـو لـك سـميتَ بـه نفسـك ، أو أنزلتَـهُ فـي كتابـك ، أو علمتـه أحـدًا مـن خلقـك أو اسـتأثرت بـه فـي علـم الغيـب عنـدك ..... " .
صحيح . جزء من حديث ابن مسعود . رواه أحمد . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة / رقم : 199 .

والشـاهد : قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ومـا اسـتأثرت بـه فـي علـم الغيـب عنـدك " .
ومـا اسـتأثر الله بـه فـي علـم الغيـب لا يمكـن أن يعلـم بـه ، ومـا ليـس معلـومـًا ليـس محصـورًا .
وأمـا قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " إن لله تسـعةً وتسـعين اسـمًا ، مـن أحصاهـا دخـل الجنـة " .رواه البخاري / كتاب : الدعوات .
فليـس معنـاه أنـه ليـس لـه إلا هـذه الأسـماء ، لكـن معنـاه أن مـن أحصـى مـن أسـمائه تسـعة وتسـعين اسـمًا فإنـه يدخـل الجنـة .
" وقـد نقـل شـيخ الإسـلام ابـن تيميـة ـ رحمـه الله ـ : اتفـاق أهـل المعرفـة فـي الحديـث على أن عدَّهـا وسَـرْدَهـا لا يصـح عـن النبـيصلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم " .ا . هـ .
فحديـث الترمـذي " ضعيـف " ، ولا يحـوي جميـع أسـماء الله الحسـنى ، فليـس فيـه اسـم
" الــرب " ، " الوتــر " ، " الجميــل " ، " الطيــب " ، " الســبوح " ، ..... .

==================

· المــراد مـن إحصــاء الأســماء الحسـنى :
=================
هنـاك مراتـب للإحصـاء :
المرتبـة الأولـى : إحصـاء ألفاظهـا وعددهـا المحـدد فـي الحديـث ( 99 اسـمًا ) .
المرتبـة الثانيـة : فهـم معانيهـا ومدلولهـا .
المرتبـة الثالثـة : دعـاء الله بهـا .
كمـا قـال تعالـى : { وَلِلّهِ الأَسْـمَاء الْحُسْـنَى فَادْعُـوهُ بِهَـا … } . سورة الأعراف / آية : 180.

=============

· أنــواع الدعــاء بأســماء الله :
========================
1 ـ دعـاء ثنـاء .
2 ـ دعـاء عبـادة .
3 ـ دعـاء طلـب ومسـألة .

* دعــاء ثنــاء :
وهـو أن يثنـي علـى الله بأسـمائه الحسـنى وصفـاته العُلـى .
مثـال : يـا حـي يـا قيـوم ( دعـاء ثنـاء ) ، برحمتـك استغيـث .

* دعــاء العبــادة :
وهـو أن تتعـرض فـي عبادتـك لمـا تقتضيـه هـذه الأسـماء ، فمقتضـى " الرحيـم " : الرحمـة ، فترحـم عبـاد الله ، وتتصـف بصـفة الرحمـة ، دعـاء عبـادة باسـمه الرحيـم .
وتقـوم بالتوبـة لأنـه هـو " التـواب " ، وتخشـاه فـي السـر والعلـن لأنـه هـو " اللطيـف الخبيـر " .
مـع ملاحظـة أن من أسـماء الله أسـماء تقتضـي مـن العبـد مجـرد الإقـرار بهـا والخضـوع لهـا ، وهـي الأسـماء التـي يختـص بهـا سـبحانـه لنفسـه " كالجبـار " ، و" العظيــم " ، و
" المتكبــر " .
* دعـاء الطلـب والمسـألة :
وفيـه يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم ـ مـن أسـماء الله الحسـنى ـ يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب .
فيقـول فـي مقـام الحاجـة مثـلاً : يا " معطـي يـا مانـع " ، اعطنـي كيـت وكيـت .
ويقـول فـي مقـام الرحمـة : " يا رحمـن " ارحمنـي .
وفـي مقـام التوبـة : " يا تـواب " تـب علـي .
إذًا لابـد أن يسـأل فـي كـل مطلـوب باسـم يكـون مقتضيـًا لذلـك المطلـوب ، ولكـن يسـتثنى مـن ذلـك لفظـا " الله " و " رب " فيصـح قـول : يـا رب ارحمنـي ، يـا ألله اغفـر لـي ...

================

· الإخبـــار عـن الله تعالــى :
====================
إن مـا يدخـل فـي بـاب الإخبـار عنـه تعالـى أوسـع ممـا يدخـل فـي بـاب أسـمائه وصفاتـه .
ـ فالأسـماء الحسـنى والصفـات العلـى : توقيفيـة ، لا مجـال للعقـل فيهـا ، فيجـب الوقـوف فيهـا علـى مـا جـاء بـه الكتـاب والسـنة .
ـ وكـل اسـم يشـتق منـه صفـة ، وليسـت كـل صفـة يشـتق منهـا اسـم .
فبـاب الصفـات أوسـع مـن بـاب الأسـماء .
مثـال للصفـات التـي لا تشـتق مـن الأسـماء : الضحـك ، النـزول ، الاسـتواء ، .....

الإخبــــار " :
يـراد بـه مـا يجـوز إطلاقـه علـى الله عـن طريـق الخبـر ، وذلـك بمعنـى مـن المعانـي لـم يـرد بلفظـه فـي الكتـاب والسـنة ، وإن كـان معنـاه مطلوبـًا إثباتـه شـرعًا لدلالتـه علـى معنـى حسـن ، أو معنـى ليـس فيـه شـائبة ذم ، قـد نفـاه عنـه بعـض المبتدعـة فيخبـر عنـه بـه للـرد عليهـم .
كـأن ينازعـك في قِدَمِـهِ ، أو وجـوب وجـوده ، فتقـول مخبـرًا عنـه بمـا يسـتحقه : إنـه قديـم ، وواجـب الوجـود .

معنــى واجــب الوجــود :
أي : لـم يسـبقـه عـدم ولا يلحقـه زوال .
أي : أزلـي أبـدي ... وهـذا فـي حـق الله .

معنـى ممكـن الوجـود :
أي : كـان بعـد أن لـم يكـن ..... وهـذا فـي حـق كـل مخلـوق .
مـن الأسـماء مـا لا يطلـق علـى الله عـز وجـل إلا مقترنـًا بمـا يقابلـه :
مثـل : " الظاهــر " ، " الباطـن " / " القابـض " ، " الباسـط " / " المقــدِّم " ، " المؤخِّــر " /
" الأول " ، " الآخـر " / ... ... .
فـلا يجـوز لأي اسـم مـن هـذه الأسـماء أن يُفـرد عـن مقابلـه ، لأن الكمـال فـي اقتـران كـل اسـم مـن هـذه الأسـماء بمـا يقابلـه .
فلـو قلـت : يـا " ظاهـر " ، يـا " قابـض " ، يـا " مقـدم " ، يـا " أول " ، ..... ، واقتصـرت علـى ذلـك ، لـم تكـن مثنيـًا عليـه سـبحانه ، ولا حامـدًا لـه حتـى تذكـر مقابلهـا .

=============

o فـائـــدة :
==========
ليـس معنـى تقسـيم التوحيـد إلـى أنـواع ثلاثـة ، ليـس معنـاه عـدم وجـود علاقـة بيـن هـذه الأنـواع وتـلازم ، ولكـن جميـع أنـواع التوحيـد متلازمـة ، فينافيهـا كلهـا مـا ينافـي نوعـًا منهـا :
فمـن أشـرك فـي نـوع منهـا فهـو مشـرك فـي بقيـة الأنـواع .

مثـال ذلـك : دعـاء غيـر الله وسـؤاله مـا لا يقـدر عليـه إلا الله :
ـ فدعـاؤه إيـاه ، عبـادة صرفهـا لغيـر الله من دون الله ، فهـذا شـرك فـي " الألوهيـة " .

ـ وسـؤاله إيـاه تلـك الحاجـة مـن جلـب خيـر أو دفـع شـر معتقـدًا أنـه قـادر علـى قضـاء ذلـك ؛
هـذا شـرك فـي " الربوبيـة " ، حيـث اعتقـد أنـه متصـرف مـع الله فـي ملكوتـه .

ـ ثـم إنـه لـم يدعـه هـذا الدعـاء مـن دون الله إلا مـع اعتقـاده أنـه يسـمعه علـى البعـد والقـرب فـي أي وقـت كـان ، وفـي أي مكـان ، وهـذا شـرك فـي " الأسـماء والصفـات " حيـث أثبـت لـه سـمعًا محيطـًا بجميـع المسـموعات لا يحجبـه قُـرب ولا بُعْـد فاسـتلزم هـذا الشـرك فـي " الألوهيـة " ، الشـرك فـي " الربوبيـة " و " الأسـماء والصفـات " .



* * * * *

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:14 AM
" الإيمـــان وأركانــــه "

===============

سـبق أن بينـا أن عقيـدة التوحيـد هـي ثمـرة الإيمـان .
وبينـا أنـواع التوحيـد التـي تمثـل " الإيمـان بالله " الـذي هـو الركـن الأول مـن أركـان الإيمـان السـتـة .
أركــان الإيمــان :
1ـ الإيمـان بالله .
2 ـ الإيمـان بالملائكـة .
3ـ الإيمـان بالكتـب .
4 ـ الإيمـان بالرسـل .
5ـ الإيمـان باليـوم الآخـر .
6 ـ الإيمـان بالقـدر خيـره وشـره .
وهـذه الأركـان السـت مجموعـة فـي حديـث جبريـل عليـه السـلام ، حيـن جـاء إلـى النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي صـورة أعرابـي يسـأله عـن الإسـلام ، والإيمـان ، والإحسـان قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم عـن الإيمـان :
" أن تؤمـنَ بالله ، وملائكتـه ، وكتبـه ، ورسـله ، واليـوم الآخـر ، وتؤمـن بالقـدر خيـره وشـره " .
رواه مسلم عن عمر بن الخطاب / ج : 1 . ورواه البخاري نحوه عن أبي هريرة / الفتح / ج : 1.




* * * * *
شـــرح أركـــان الإيمـــان

====================

أولاً : الإيمـــان بالله

===========

الإيمـان بالله عـز وجـل معنـاه :
===================
الاعتقـاد الجـازم بأن الله رب كـل شـيء ومليكـه وخالقـه ، وأنـه الـذي يسـتحق وحـده أن يفـرد بالعبـادة ، وأنـه المتصـف بصفـات الكمـال كلهـا ، المنـزه عـن كـل نقـص .
فالإيمـان بالله سـبحانه يتضمـن توحيـده فـي ثلاثـة : فـي ربوبيتـه ، وفـي ألوهيتـه ، وفـي أسـمائه وصفاتـه .
فهـذه ثلاثـة أنـواع مـن التوحيـد تدخـل فـي معنـى الإيمـان بالله عـز وجـل وسبـق تفصيـل الكـلام فـي كـل نـوع .



* * * * *
ثانيًــا : الإيمـــان بالملائكــة

====================

إن الإيمـان بالغيـب أصـل عظيـم مـن أصـول الإيمـان ، وأهـم صفـات عبـاد الرحمـن .
قـال تعالـى :

{ ذَلِـكَ الْكِتَـابُ لاَ رَيْـبَ فِيـهِ هُـدًى لِّلْمُتَّقِيـنَ * الَّذِيـنَ يُؤْمِنُـونَ بِالْغَيْـبِ ... }.سورة البقرة / آية : 2، 3.
والغيـب لا يعلمـه إلا الله . قـال تعالـى :

" وَلِلّهِ غَيْـبُ السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... ".سورة هود / آية : 123.
والغيـب مـا غـاب عنـا ولا نعلـم عنـه شـيئًا إلا مـا أطلـع الله عليـه بعـض خلقـه .

قـال تعالـى "عَالِـمُ الْغَيْـبِ فَـلاَ يُظْهِـرُ عَلَـى غَيْبِـهِ أَحَـدًا * إِلاَّ مَـنِ ارْتَضَـى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْـلُكُ مِـن بَيْـنِ يَدَيْـهِ وَمِـنْ خَلْفِـهِ رَصَـدًا " .

سورة الجن / آية : 26 ، 27 .
ومـن هـذا الغيـب الـذي أمرنـا الله بالإيمـان بـه ، الإيمـان بالملائكـة . قـال الله تعالـى :

{ ... وَلَكِـنَّ الْبِـرَّ مَـنْ آمَـنَ بِاللهِ وَالْيَـوْمِ الآخِـرِ وَالْمَلآئِكَـةِ ... } .سورة البقرة / آية : 177 .

وهـو أحـد أركـان الإيمـان المذكـورة فـي حديـث جبـريـل ـ عليه السلام ـ .

· وهـم خلـق خلقهـم الله عـز وجـل قبـل خلـق الإنسـان بزمـن لا يعلـم مقـداره إلا الله .
قـال تعالـى :
{ وَإِذْ قَـالَ رَبُّـكَ لِلْمَلاَئِكَـةِ إِنِّـي جَاعِـلٌ فِـي الأَرْضِ خَلِيفَـةً ... } . سورة البقرة / آية : 30.
فخاطبهـم قبـل خلـق الإنسـان فـدل هـذا علـى وجودهـم قبلـه .

· وهـم خلـق لطيـف خلقهـم الله مـن نـور .
( كما صح ذلك عند مسلم / كتاب الزهد / باب أحاديث متفرقة / حديث : 2996 ) .

* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ قالـت : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" خلقـت الملائكـة من نـوروخُلـق الجـان من مـارج من نـار وخلـق آدم مما وصـف لكـم " .
· وهـم خلـق جميـل الخلقـة .

قـال تعالـى : { ... فَلَمَّـا رَأَيْنَـهُ أَكْبَرْنَـهُ وَقَطَّعْـنَ أَيْدِيَهُـنَّ وَقُلْـنَ حَـاشَ للهِ مَـا هَـذَا بَشَـراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَـكٌ كَرِيـمٌ } .سورة يوسف / آية : 31 .

وروى أحمد ـ رحمه الله ـ بسند صحيح -صححه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ :
* عـن جريـر بـن عبـد الله البجلـي ـ رضي الله عنه ـ قـال :

" لمـا دنـوت مـن المدينـة أنخـتُ راحلتـي ثـم حللـتُ عيبتـي ثـم لبسـتُ حلتـي ثـم دخلـتُ ، فـإذا رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يخطـب ، فرمانـي النـاس بالحـدق .

فقلـت لجليـس : يـا عبـد الله ذَكَرَنِـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال : نعـم ذكـرك آنفـًا بأحسـن ذكـر .

فبينمـا هـو يخطـب إذ عـرض لـه فـي خطبتـه وقـال : " يدخـل عليكـم مـن هــذا البـاب أو مـن هـذا الفـج مـن خيـر ذي يمـن إلا إن علـى وجهـه مسـحة ملـك " .

قـال جريـر : فحمـدت الله عـز وجـل علـى مـا أبلانـي " .

هـذا وقـد قـال ربنـا عـز وجـل عـن جبريـل ـ عليه السلام ـ { ذُو مِـرَّةٍ فَاسْـتَوَى } .
سورة النجم / آية : 6.


نقـل ابـن كثيـر عـن ابـن عبـاس قـال : ذو منظـر حسـن .

· وأعـداد الملائكـة كثيـرة لا يعلمهـا إلا الله .
* عـن مالـك بـن صعصعـة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعـًا ـ فـي حديـث المعـراج ـ :
" فرفـع لـي البيـت المعمـور ، فسـألت جبريـل فقـال : هـذا البيـت المعمـور ، يصلـي فيـه كـل يـوم سـبعون ألـف ملـك إذا خرجـوا لـم يعـودوا إليـه آخـر مـا عليهـم " .
وهو في الصحيحين .


وثبـت فـي " صحيـح مسـلم " مـن حديـث ابـن مسـعود مرفوعـًا :
" يؤتـى بجهنـم يومئـذ لهـا سـبعون ألـف زمـام مـع كـل زمـام سـبعون ألـف ملـك يجرونهـا " .

وغيـر ذلـك مـن الأدلـة التـي تـدل علـى كثـرة الملائكـة .


· الملائكـة يسـكنون السـماء ولا ينزلـون إلا بـإذن الله .
قـال تعالـي : { وَمَـا نَتَنَـزَّلُ إِلاَّ بِأَمْـرِ رَبِّـكَ ... } .سورة مريم / آية : 64.

وقـال تعالـى : { إِنَّ الَّذِيـنَ قَالُـوا رَبُّنَـا اللهُ ثُـمَّ اسْـتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِـمُ الْمَلاَئِكَـةُ أَلاَّ تَخَافُـوا وَلاَ تَحْزَنُـوا ...} .سورة فصلت / آية : 30.

· الملائكـة تتجلـى ويراهـا بعـض البشـر :
مـع كـون الملائكـة خلقـًا مغيَّبـًا ، فقـد ثبـت فـي غيـر مـا حديـث أن بعـض الصحابـة ـ رضي الله عنهم ـ رأوا بعـض الملائكـة حـال تمثلهـم فـي صـورة بشـرية .


ـ مـن هـذه الأحاديـث ، حديـث عمـر بـن الخطـاب ـ رضي الله عنه ـ قـال :

بينمـا نحـن عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ذات يـوم إذ طلـع علينـا رجـل شـديد بيـاض الثيـاب ، شـديد سـواد الشـعر ، لا يُـرى عليـه أثـر السـفر ، ولا يعرفـهمنـا أحـد ..... الحديـث ..... وفـي آخـره قـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" فإنـه جبريـل أتاكـم يعلمكـم دينكـم " . رواه مسلم .

ـ وحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنـت مـع أبـي عنـد رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده رجـل يناجيـه ، فكـان كالمُعْـرِض عـن أبـي ، فخرجنـا مـن عنـده ، فقـال لـي أبـي : أي بنـي ألـم تـر إلـى ابـن عمـك ـ ( أي الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ) ـ كالمعـرض عنـي ؟ !
فقلـت : يـا أبـت إنـه كـان عنـده رجـل يناجيـه .

فرجعنـا إلـى النبـي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،

فقـال أبـي : يـا رسـول الله ، قلـتُ لعبـد الله كـذا وكـذا ، فأخبرنـي أنـه كـان عنـدك رجـل يناجيـك فهـل عنـدك أحـد ؟ !
فقـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " وهـل رأيته يـا عبـد الله " ؟ قـال : قلـت : نعـم

قـال : " فـإن ذلـك جبريـل وهـو الـذي شـغلني عنـك " .
رواه أحمد ـ رحمه الله ـ وهو صحيح .


صححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين / ج : 1 / ص : 341.

ـ وحديـث أسـامة بـن زيـد ـ رضي الله عنهما ـ عنـد البخـاري ومسـلم :

" أتـى جبريـل النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وعنـده أم سـلمة ، فجعـل يتحـدث .

فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لأم سـلمة : " مـن هـذا " ؟ قالـت : هـذا دحيـة . فلمـا قـام قالـت : والله مـا حسـبته إلا إيـاه حتـى سـمعتُ خطبـة النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آلهوسلم ـ يخبـر خبـر جبريـل . أو كمـا قـال " .


تعليـق : دحيـة الكلبـي : هـو دحيـة بـن خليفـة الكلبـي .
كـان صحابيـًا مشـهورًا بالجمـال ، وكـان جبريـل ينـزل علـى صورتـه .

* * * *



فلابـد لصحـة إيمـان العبـد ، الإيمـان بالملائكـة :
والمقصـود بـه الاعتقـاد الجـازم بـأن لله ملائكــة موجوديـن مخلوقيـن مـن نــور وأنهـم لا يعصـون الله مـا أمرهـم ، وأنهـم قائمـون بوظائفهـم التـي أمرهـم الله بالقيـام بهـا . والـذي يسـتقصي الآيـات القرآنيـة الكريمـة ، والأحاديـث النبويـة الشـريفة ، التي تكلمـت عـن الملائكـة ، وأوصافهـم وأعمالهـم ، وأحوالهـم ، يلاحـظ أنهـا تناولـت فـي الغالـب ما يبيـن علاقتهـم بالخالـق سـبحانـه ، وبالكـون ، وبالإنسـان .
فعرَّفنـا سـبحانه مـن ذلـك علـى مـا ينفعنـا فـي تطهيـر عقيدتنـا .

وأمـا حقيقـة الملائكـة ، وكيـف خلقهـم ، وتفصيـلات أحوالهـم ، فقـد اسـتأثر سـبحانه بهـا .

وهـذه خصيصـة عامـة مـن خصائـص العقائـد الإسـلامية ، تناولـت الحقائـق الكونيـة ، والتعريـف بهـا فـي حـدود مـا يحتـاج إليـه البشـر ، ويصلـح أحوالهـم فـي المعـاش والمعـاد ومـا تطيقـه عقولهـم .

والمؤمـن الصـادق يقـر بكـل مـا أخبـر بـه الخالـق ، مجمـلاً أو مفصـلاً ، ولا يزيـد علـى ذلـك ، ولا ينقـص منـه ، ولا يتكلـف البحـث عمـا لـم يطلـع عليـه ، ولا يخـوض فيـه .


علاقـة الملائكـة بالخالـق :
علاقـة الملائكـة بالخالـق ، علاقـة العبوديـة الخالصـة ، والطاعـة والامتثـال ، والخضـوع المطلـق لأوامـره عـز وجـل .
قـال تعالـى " يَخَافُـونَ رَبَّهُـم مِّـن فَوْقِهِـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " . سورة النحل / آية : 50 .
وقـال تعالـى " لاَ يَعْصُـونَ اللهَ مَـا أَمَرَهُـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ " .سورة التحريم / آية : 6 .
علاقـة الملائكـة بالكـون والإنسـان :

وإذا كانـت تلـك هـي صلتهـم بربهـم : عبوديـة كاملـة لـه سـبحانه ، وطاعـة تامـة لأوامـره عــز وجـل ، فـإن صلتهـم بالكـون والإنسـان هـي فـرع تلـك العبوديـة ، وتلـك الطاعـة

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:14 AM
أولاً : علاقــة الملائكــة بالكــون

====================

وقـد دل الكتـاب والسـنة علـى أصنـاف الملائكـة ، وأنهـا موكلـة بأصنـاف المخلوقـات .
وأمثلـة ذلـك :
* خزنـة السـموات :
============
ـ جـاء فـي حديـث البـراء بـن عـازب عنـد الإمـام أحمـد وأبـي داود قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي شـأن روح العبـد المؤمـن:
" ..... فيصعـدون بهـا فـلا يمـرون بهـا علـى مـلأ مـن الملائكـة إلا قالـوا : مـا هـذه الـروح الطيـب ؟ فيقولـون : فـلان بـن فـلان بأحسـن أسـمائه التـي كانـوا يسـمونه بهـا فـي الدنيـا حتـى ينتهـوا بهـا إلـى السـماء الدنيـا فيسـتفتحون لـه فيفتـح لهـم فيشـيعه مـن كـل سـماء مقربوهـا إلـى السـماء التـي تليهـا حتـى ينتهـي بـه إلـى السـماء السـابعة ..... " .
( وقـال عـن روح الكافـر ) " ..... فيصعـدون بهـا فـلا يمـرون بهـا علـى مـلأ مـن الملائكـة إلا قالـوا : مـا هـذا الـروح الخبيـث ؟ فيقولـون : فـلان بـن فـلان بأقبـح أسـمائه التـي كـان يسـمى بهـا فـي الدنيـا حتـى ينتهـي بـه إلـى السـماء الدنيـا فيسـتفتح لـه فـلا يفتـح لـه " . ثـم قـرأ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لا تُفَتَّـحُ لهـم أبـوابُ السـماءِ ولا يدخلـون الجنـة حتـى يلـجَ الجمـلُ فـي سَـمِّ الخِيـاطِ " .
وهو حديث حسن . وذكره الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في الجنائز .


ـ ومـن أدلـة ذلـك أيضـًا حديـث المعـراج الطويـل وفيـه :
" ..... فانطلـق بـي جبريـل حتـى أتـى السـماء الدنيـا فاسـتفتح ، فقيـل مـن هـذا ؟
قـال : جبريـل .
قيـل : ومـن معـك ؟ . قـال : محمـد . قيـل : وقـد أرسـل إليـه ؟ . قـال : نعـم .
قيـل : مرحبـًا بـه ، فنعـم المجـيء جـاء ، ففتـح ..... " . وهـذا فـي كـل سـماء .
رواه البخارى ومسلم / الفتح الرباني / ص : 120 .

* حملــة العــرش :
=============
قـال تعالـى : { الَّذِيـنَ يَحْمِلُـونَ الْعَـرْشَ وَمَـنْ حَوْلَـهُ يُسَـبِّحُونَ بِحَمْـدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِـهِ ... } . سورة غافر / آية : 7 .
* عـن جابـر بـن عبـد الله الأنصـاري ـ رضي الله عنهما ـ عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" أذن لـي أن أحـدث عن ملـك مـن ملائكـة الله تعالـى مـن حملـة العـرش ، إن مـا بيـن شـحمة أذنـه إلـى عاتقـه مسـيرة سـبعمائة عـام " .
رواه أبو داود / كتاب السنة / حديث رقم : 4712 .

وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع / حديث رقم : 854 .

* ملــك الجبــال :
============
* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أنهـا قالـت لرسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
يـا رسـول الله هـل أتـى عليـك يـوم كـان أشـد مـن يـوم أحـد ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لقـد لقيـت مـن قومـك ، وكـان أشـد مـا لقيـت منهـم يـوم العقبـة إذ عرضـت نفسـي علـى ابـن عَبْـدِ يَالِيـل بـن عبـد كُـلال فلـم يجبنـي إلـى ما أردتُ ، فانطلقـتُ ـ وأنـا مهمـوم ـ علـى وجهـي ـ ( أي علـى الجهــة المواجهــة لـي ) ـ فلـم أسـتفق إلا وأنـا بقـرن (1) الثعالـب ، فرفعـتُ رأسـي ، فـإذا أنـا بسـحابة قـد أظلتنـي فنظـرتُ فـإذا فيهـا جبريـل ، فنادانـي فقـال : إن الله قـد سـمع قـول قومـك لـك ومـا ردوا عليـك ، وقـد بعـث الله إليـك ملـك الجبـال لتأمـره بمـا شـئت فيهـم .
فنادانـي ملـك الجبـال وسـلم علـيَّ ثـم قـال :
يـا محمـد إن الله قـد سـمع قـول قومـك لـك وأنـا ملـك الجبـال وقـد بعثنـي ربـك إليـك لتأمرنـي بأمـرك فيمـا شـئت ؟ إن شـئتَ أن أطبـق عليهـم الأخشـبين (2) .
فقـال لـه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" بـل أرجـو أن يُخـرِجَ الله مـن أصلابهـم مـن يعبد الله وحـده لا يشـرك بـه شـيئًا " .
رواه البخاري / كتاب : بدء الخلق / باب : إذا قال أحدكم آمين / حديث رقم : 3231 0 ورواه مسلم / كتاب :

الجهاد / باب : ما لقي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ من أذى المشركين / حديث رقم : 1795 .

( 1 ) قــرن الثعالــب : ويقـال لهـا قـرن المنـازل ، وهـي مكـان علـى مسـيرة يــوم وليلـة مـن
مكـة .
( 2 ) الأخشـبين : جبـلان عظيمـان . والمقصـود أن ملـك الجبـال باسـتطاعته أن يجعـل الجبليـن يلتقيـان علـى أهـل مكـة فيموتـوا جميعـًا .
* الملــك الموكــل بالسـحاب :
====================
* عـن عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال : أقبلـت يهـود إلـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلىآله وسلم ـ فقـال : يـا أبـا القاسـم إنـا نسـألك عـن خمسـة أشـياء فـإن أنبأتنـا بهـن عرفنـا أنـك نبـي واتبعنـاك . فأخـذ عليهـم مـا أخـذ إسـرائيل (1) علـى بنيـه إذ قالـوا : " الله علـى مـا نقـول وكيـل " . قـال : " هاتـوا " .
قالـوا : أخبرنـا عـن علامـة النبـي ؟ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " تنـام عينـاه ولا ينـام قلبـه " .
قالـوا : أخبرنـا مـا حـرم إسـرائيل علـى نفسـه ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " كـان يشـتكي عـرق النسـا (2) فلـم يجـد شـيئًا يلائمـه إلا ألبـان كـذا و كـذا " . ـ يعنـي الإ بـل ـ فحـرم لحومهـا .
قالـوا : صدقـت ، أخبرنـا مـا هـذا الرعـد ؟ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ملـك مـن ملائكـة الله عـز وجـل مُوَكَّـل بالسـحاب ، بيـده أو فـي يـده مخـراق مـن نـار (3) يزجـر بـه السـحاب يسـوقه حيـث أمـر الله " .
قالـوا : فمـا هـذا الصـوت الـذي يسـمع ؟ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " صوتـه " (4) .
قالـوا : صدقـت ، إنـا بقيـت واحـدة وهـي التـي نبايعـك إن أخبرتنـا بهـا ، فإنـه ليـس مـن نبـي إلا لـه ملـك يأتيـه بالخبـر ، فأخبرنـا مَـنْ صاحبـك ؟
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " جبريـل ـ عليه السلام ـ " .
قالـوا : جبريـل ، ذاك الـذي ينـزل بالحـرب والقتـال والعـذاب ، عدونـا ! ! لـو قلـت ميكائيـل الـذي ينـزل بالرحمـة والنبـات والقطـر لكـان .
فأنـزل الله عـز وجـل : { ... مَـن كَـانَ عَـدُوًّا لِّجِبْرِيـلَ ... } إلـى آخـر الآيـة .سورة البقرة / آية : 97 .
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في " دلائل النبوة " .

( 1 )إسـرائيل : هـو يعقـوب بـن إسـحاق بـن إبراهيـم عليهـم السـلام .
( 2 )عـرق النسـا : هـو وجـع فـي عـرق يمتـد مـن الـورك إلـى الكعـب .
( 3 )مخـراق مـن نـار : المخـراق فـي الأصـل ثـوب يلـف ويضـرب بـه الصبيـان بعضهـم بعضـًا ، وأراد هنـا آلـة تزجـر بهـا الملائكـة السـحاب .
( 4 )صوتـه : يعنـي صـوت المخـراق .
* وعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" بينـا رجـل بفـلاة (1) مـن الأرض فسـمع صوتـًا فـي سـحابة : اسـق حديقـة فـلان ، فتنحـى ذلـك السـحاب (2) ، فأفـرغ مـاءه فـي حَـرَّة(3) ، فـإذا شَـرْجة (4) مـن تلـك الشِّـراج قـد اسـتوعبت ذلـك المـاء كلـه (5) ، فتتبـع المـاء فـإذا رجـل قائـم في حديقتـه يحـوِّل المـاء بِمسـحاته (6) ، فقـال لـه : يـا عبـد الله ، مـا اسـمك ؟ .
قـال : فـلان ، للاسـم الـذي سـمع فـي السـحابة .
فقـال لـه : يـا عبـد اللـه ، لـم تسـألنـي عـن اسـمي ؟ .
فقـال : إنـي سـمعتُ صوتـًا فـي السـحاب الـذي هـذا مـاؤه يقـول :
اسـق حديقـة فـلان ، لاسـمك ، فمـا تصنـع فيهـا ؟ .
قـال : أمَّـا إذ قُلـتَ هـذا فإنـي أنظـر إلـى مـا يخـرج منهـا ، فأتصـدق بثلثـه ، وآكـل أنـا وعيالـي ثلثـًا ، وأرد فيهـا ثلثـه " .
رواه مسلم / كتاب : الزهد والرقائق / باب : الصدقة في المساكين / حديث رقم : 2984 .

( 1 )بفـلاة : هـي المفـازة وهـي الأرض التـى لا مـاء فيهـا ، وسـميت مفـازة تفـاؤلاً واسـتبشارًا لأن
الـذي يمشـي فـي مثـل هـذه الأرض يظـن بـه الهلكـة .
( 2 ) فتنحـى ذلـك السـحاب : يعنـي اتجـه السـحاب ناحيـة معينـة .
( 3 )حـرة : الحـرة : الأرض ذات الحجـارة السـود .
( 4 )شـرجة : القنـاة التـي تحمـل المـاء .
( 5 )اسـتوعبت ذلـك المـاء كلـه : أي جمعتـه .
( 6 )بمسـاحته : المسـحاة : أداة مـن أدوات الزراعـة يحـول بهـا المـاء كالفـأس ونحوهـا .

* حراسـة الملائكــة لمكــة والمدينـة :
========================
* عـن أنـس بـن مالـك ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" ليـس مـن بلـد إلا سـيطؤه الدجـال إلا مكـة والمدينـة ، ليـس لـه مـن نقابهـا (1) نقـب إلا عليـه الملائكـة صافيـن (2) يحرسـونها ، ثـم ترجـف (3) المدينـة بأهلهـا ثـلاث رجفـات ، فيخـرج الله كـل كافـر ومنافـق " .
البخاري / كتاب : فضائل المدينة / باب : لا يدخل الدجال المدينة / حديث رقم : 1881 .

مسلم / كتاب : الفتن / باب : قصة الجساسة / حديث رقم : 2943 .

( 1 ) نقابهـا : مداخلهـا ، والمـراد بهـا الأبـواب .
وقـد ورد فـي " الصحيـح " أن المدينـة يومئـذ لهـا سـبعة أبـواب علـى كـل بـاب ملكـان .
( 2 )صافيـن : أي يقفـون فـي صفـوف .
( 3 )ترجـف المدينـة : يحصـل لهـا زلزلـة وهـي ثـلاث رجفـات ، يعنـي : زلازل .

* وعـن أبـي بكـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" لا يدخـل المدينـة رعـب المسـيح الدجـال ، لهـا يومئـذ سبعـة أبـواب علـى كـل بـاب ملكـان "
البخاري / كتاب : فضائل المدينة / حديث رقم : 1879 .


* الملـك الموكــل بالنفــخ فـي الصــور :
===========================
* عـن أبـي هريـرة مرفوعـًا : " مـا طـرف صاحـب الصـور مـذ وكـل بـه مسـتعد ينظـر نحـو العـرش مخافـة أن يؤمـر قبـل أن يرتـد إليـه طرفـه كـأن عينيـه كوكبـان دريـان " .
رواه الحاكم . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع / رقم : 1078 .

* خزنــة جهنــم :
============
قـال تعالـى { وَسِـيقَ الَّذِيـنَ كَفَـرُوا إِلَـى جَهَنَّـمَ زُمَـراً حَتَّـى إِذَا جَاؤُوهَـا فُتِحَـتْ أَبْوَابُهَا وَقَـالَ لَهُـمْ خَزَنَتُهَـا أَلَـمْ يَأْتِكُـمْ رُسُـلٌ مِّنكُـمْ يَتْلُـونَ عَلَيْكُـمْ آيَـاتِ رَبِّكُـمْ وَيُنذِرُونَكُـمْ لِقَـاء يَوْمِكُـمْ هَـذَا قَالُـوا بَلَـى وَلَكِـنْ حَقَّـتْ كَلِمَـةُ الْعَـذَابِ عَلَـى الْكَافِرِيـنَ * قِيـلَ ادْخُلُـوا أَبْـوَابَ جَهَنَّـمَ خَالِدِيـنَ فِيهَـا فَبِئْـسَ مَثْـوَى الْمُتَكَبِّرِيـنَ } .سورة الزمر / آية : 71 ، 72 .

وقـال تعالـى { ... عَلَيْهَـا مَلاَئِكَـةٌ غِـلاَظٌ شِـدَادٌ لاَ يَعْصُـونَ اللهَ مَـا أَمَرَهُـمْ وَيَفْعَلُـونَ مَـا يُؤْمَـرُونَ } . سورة التحريم / آية : 6 .

* عـن سمرة بـن جندب ـ رضي الله عنه ـ قال :
قـال النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :" رأيت الليلة رجلين أتيانـي فقالا : الذي يوقد النار " مالـك " خـازن النار ، وأنا جبريل وهذا ميكائيل " .
رواه البخاري / كتاب : بدء الخلق / باب : ذكر الملائكة / حديث رقم : 3236 .

*عـدد الملائكـة الذيـن يجـرون جهنـم :
* عـن عبـد الله بـن مسـعود ـ رضي اللهعنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " يؤتـى بجهنـم يومئـذ (1) لهـا سـبعون ألـف زمـام (2) مـع كـل زمـام سـبعون ألـف ملـك يجرونهـا " .
رواه مسلم / كتاب : صفة الجنة / باب : شدة حر نار جهنم / حديث رقم : 2842 .

( 1 ) يومئـذ : يعنـي يـوم القيامـة .
كمـا قـال تعالـى فـي " سـورة الفجـر " { وَجِـيءَ يَوْمَئِـذٍ بِجَهَنَّـمَ ... } .
( 2 ) زمـام : هـو مـا يجعـل فـي أنـف البعيـر يشـد عليـه المقـود .
والمقـود : هـو الحبـل الـذي يشـد فـي هـذا الزمـام .

* خزنــة الجنــة :
============
قـال تعالـى { وَسِـيقَ الَّذِيـنَ اتَّقَـوْا رَبَّهُـمْ إِلَـى الْجَنّـَةِ زُمَـراً حَتَّـى إِذَا جَاؤُوهَـا وَفُتِحَـتْ أَبْوَابُهَـا وَقَـالَ لَهُـمْ خَزَنَتُهَـا سَـلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُـمْ فَادْخُلُوهَـا خَالِدِيـنَ } . سورة الزمر / آية : 73 .

وقـال تعالـى : { ... وَالمَلاَئِكَـةُ يَدْخُلُـونَ عَلَيْهِـم مِّـن كُـلِّ بَـابٍ * سَـلاَمٌ عَلَيْكُـم بِمَـا صَبَرْتُـمْ فَنِعْـمَ عُقْبَـى الـدَّارِ } .سورة الرعد / آية : 23 ، 24 .

*الملائكـة الموكلـون بأبـواب الجنـة :
* عـن أنـس بـن مالـك ـ رضي الله عنه ـ قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " آتِـي بـاب الجنـة يـوم القيامـة فأسـتفتح فيقـول الخـازن : مـن أنـت ؟ . فأقـول : محمـد ، فيقـول : بـك أمـرت لا أفتـح لأحـد قبلـك " .
صحيح مسلم / كتاب : الإيمان / حديث رقم : 197 .

باب : قول النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " أنا أول الناس يشفع في الجنة " .

* * * * *

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:15 AM
ثانيـًا : علاقــة الملائكــة بالإنسـان

======================

الإنسـان هـو المخلـوق الـذي سـخر الله لـه مـا فـي الكـون كلـه ، قـال تعالـى :
{ أَلَـمْ تَـرَوْا أَنَّ اللهَ سَـخَّرَ لَكُـم مَّـا فِـي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ..} .سورة لقمان / آية : 20 .
فحفـظ الملائكـة ورعايتهـا للسـموات والأرض ومـا فيهـن رعايـة لـه ، وعـون لـه علـى القيـام بحـق الخلافـة فـإن للملائكـة أعمـالاً كثيـرة فـي حيـاة الإنسـان .
أمثلـة ذلـك وليـس علـى سـبيل الحصـر :
· نـزول الملائكـة بالرسـالات علـى الرسـل :
فالملائكـة هـم الذيـن اختارهـم رب العالميـن لإيصـال هـداه إلى أهـل الأرض عـن طريق رسـله الكـرام ، والملـك المختـار لهـذه المهمـة هـو " جبريـل " ـ عليه السلام ـ .
قـال تعالـى : { وَإِنَّـهُ لَتَنزِيـلُ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ * نَـزَلَ بِـهِ الـرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَـى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِـنَ الْمُنذِرِيـنَ * بِلِسَـانٍ عَرَبِـيٍّ مُّبِيـنٍ } .
سورة الشعراء / آية : 192 ـ 195 .

· هنـاك الملائكـة الموكلـون بحفـظ الإنسـان وكتابـة أعمالـه :
قـال تعالـى { وَإِنَّ عَلَيْكُـمْ لَحَافِظِيـنَ * كِرَامًا كَاتِبِيـنَ * يَعْلَمُـونَ مَـا تَفْعَلُونَ } .سورة الانفطار / آية : 10 ـ 12 .
وقـال تعالـى { مَـا يَلْفِـظُ مِـن قَـوْلٍ إِلاَّ لَدَيْـهِ رَقِيـبٌ عَتِيـدٌ } .سورة ق / آية : 18 .
· هنـاك ملائكـة يكتبـون أعمـال المريـض :
* عـن عبـد الله بـن عمـرو بـن العـاص ـ رضي الله عنهما ـ قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :" إن العبـد إذا كـان علـى طريقـة حسـنة مـن العبـادة ثـم مـرض ، قيـل للملَـكِ الموكـل بـه : اكتـب لـه مثـل عملـه إذا كـان طليقـًا حتـى أطلقـه أو أكفتـه إلـيَّ " .
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين "م : 1 / ص : 548 .الفتح الرباني / ص : 116.

· وكذلك هناك ملك يقف عـن يمين المصلي :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إذا قـام أحدكـم إلـى الصـلاة فـلا يبصـق أمامـه فإنمـا يناجـي الله مـا دام فـي مصـلاه ، ولا عـن يمينـه فإن عـن يمينـه ملكـًا ، وليبصـق عـن يسـاره أو تحـت قدمـه فيدفنهـا " .

فتح الباري / كتاب : الصلاة / باب : دفن النخامة في المسجد / حديث رقم : 416 .

· رايــة للملـك :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" مـا مـن خـارج يخـرج ـ يعنـي مـن بيتـه ـ إلا بيـده رايتـان :
رايـة بيـد ملـك ، ورايـة بيـد شـيطان ، فـإن خـرج لمـا يحـب الله عـز وجـل ، أتبعـه الملـك برايتـه ، فلـم يـزل تحـت رايـة الملـك حتـى يرجـع إـى بيته ، وإن خـرج لمـا يسـخط الله أتبعـه الشـيطان برايتـه فلـم يـزل تحـت رايـة الشـيطان حتـى يرجـع إلـى بيتـه " .
رواه أحمد : 8269 . وصححه الشيخ مقبل الوادعي في " الصحيح المسند مما

ليس في الصحيحين " ج : 2 / ص : 326 .

· وهنـاك الملـك الموكـل بالرحـم :

* عـن أنـس بـن مالـك ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إن الله عـز وجـل وكـل بالرحـم ملكـًا يقـول : يـارب علقـة ، يـارب مضغـة ، فـإذا أراد أن يقضـي خلقـه قـال : أذكـر أم أنثـى ؟ شـقي أم سـعيد ؟ فمـا الـرزق والأجـل ؟ فيكتـب فـي بطـن أمـه " .
رواه البخاري / كتاب : الحيض / باب : مخلقة وغير مخلقة / حديث رقم : 318 .

مسلم / كتاب : القدر / باب : كيفية خلق الآدمي / حديث رقم : 2646 .

· دعاؤهـم لمـن يعـود أخـاه المسـلم :
* عـن علـي بـن أبـي طالـب ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " مـا مـن امـرئ مسـلم يعـود مسـلمًا إلا ابتعـث الله سبعيـن ألـف ملـك يصلـون عليـه فـي أي سـاعات النهـار حتـى يمسـي ، وأي سـاعات الليـل كـان حتـى يصبـح " .
رواه أبو داود وابن ماجه . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في " صحيح الجامع " .

· تأميـن الملـك علـى دعـاء المسـلم لأخيـه بظهـر الغيـب :
* عـن صفـوان بـن عبـد الله بـن صفـوان ـ وكـان تحتـه الدرداء (1) ـ قـال :
قدمـت الشـام ، فأتيـت أبـا الـدرداء فـي منزلـه فلـم أجـده ووجـدت أم الـدرداء (2) فقالـت : أتريـد الحـج العـام ؟ . فقلـت : نعـم . قالـت : فـادع الله لنـا بخيـر فـإن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كـان يقـول :" دعـوة المـرء المسـلم لأخيـه بظهـر الغيـب (3) مسـتجابة عنـد رأسـه ملـك موكـل ، كلمـا دعـا لأخيـه بخيـر قـال الملـك الموكـل بـه : آميـن ولـك بمثـل " .
قـال صفـوان : فخرجـت إلـى السـوق فلقيـت أبـا الـدرداء فقـال لـي مثـل ذلـك ، يرويـه عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
رواه مسلم / كتاب : الذكر والدعاء / باب : فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب / حديث رقم : 2733 .

( 1 )وكـان تحتـه " الـدرداء " : أي كـان متزوجـًـا " بالـدرداء " ، وهـي بنـت " أبـي الـدرداء " هــو
" عويمـر بـن زيـد " الأنصـاري صحابـي جليـل .
( 2 )" أم الدرداء " : هي زوج " أبي الدرداء " واسمها " هجيمة " وقيل " جهيمة " ، وهذه هـي " أم الـدرداء " الصغـرى الفقيهـة .
وهنـاك " أم الـدرداء " الكبـرى ، وهـي صحابيـة ، وهـي زوج " أبـي الـدرداء " أيضـًا ، واسـم أم الـدرداء الكبـرى : " خيـرة " .
( 3 ) بظهـر الغيـب : يعنـي : في غيبـة المدعـو له ، ويكـون الدعـاء سـرًّا لأنـه أبلـغ فـي الإخـلاص .

· دعاؤهـم لمعلمـي النـاس الخيـر :

* عـن أبـي أمامـة صـدي بـن عجـلان ـ رضي الله عنه ـ قـال :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إن الله وملائكتـه حتـى النملـة فـي جحرهـا وحتـى الحـوت فـي البحـر ليصلـون علـى معلـم النـاس الخيـر " .
رواه الطبراني والترمذي . وصححه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ .

ذكرنـا بعـض أدوار الملائكـة علـى سـبيل المثـال ، ولكـن للمزيـد فـي هـذا الأمـر يُرْجَـع إلـى كتـاب : الفتـح الربانـي فـي الخلـق النورانـي .
تأليـف : أبـو عاصـم . سيـد بـن محمـود .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:15 AM
أثـر الإيمـان بالملائكــة فـي حيـاة الإنسـان

=============================

الإيمـان بالملائكـة لـه آثـار عظيمـة فـي حيـاة المؤمـن منهـا :

1 ـ أن الله سـبحانه جنبنـا ـ بمـا أطلعنـا مـن أمـر هـذه الأرواح المؤمنـة وأفعالهـا ـ الوقـوع فـي الخرافـات والأوهـام التـي وقـع فيهـا مـن لا يؤمنـون بالغيـب ، ولا يتلقـون معارفهـم عـن الوحـي الإلهـي .

2 ـ الاستقامة علـى أمـر الله عـز وجـل ، فـإن مـن يسـتشعر بقلبـه وجـود الملائكـة جنـود الرحمـن ، ويؤمـن برقابتهـم لأعمالـه وأقوالـه ، وشـهادتهـم كـل مـا يصـدر عنـه ؛ ليسـتحيي مـن الله ومـن جنـوده ، فيخافـه ولا يعصيـه ، لا فـي العلانيـة ، ولا فـي السـر .
إذ كيـف لـه ذلـك وهـو يعلـم أن كـل شـيء محسـوب ومكتـوب ، ومشـهود عليـه ! .

3 ـ الصبـر ومواصلـة جهـاد النفـس علـى العبـادة وعـدم اليـأس والشـعور بالطمأنينـة .
فهـذه المعانـي مـن لـوازم الإيمـان بالملائكـة ، ومـا أخبـر اللـه مـن أفعالهـا وأحوالهـا .

فعندمـا تسـود الغربـة ، ويصبـح المؤمـن غريبـًا بيـن أهلـه وقومـه ، ويجـد منهـم الصـدود والاسـتهزاء ، والتخذيـل والتثبيـط عـن طاعـة الله والاسـتقامة علـى أمـره .
فـي هـذه الغربـة يجـد المؤمـن أنيسـًا ورفيقـًا يصحبـه ، فهـذه جنـود الله معـه تعبـد الله كمـا يعبـد ، وتتجـه إلـى خالـق السـموات والأرض كمـا يتجـه .

فهـو إذًا ليـس وحـده فـي الطريـق إلـى الله ، ولكنـه يسـير مـع الركـب العظيـم ، ومـع الأكثريـة مـن مخلوقـات الله عـز وجـل ، مـع الملائكـة الكـرام وعددهـم الهائـل (1) ، ومـع الأنبيـاء عليهـم السـلام .
قـال تعالـى : { وَمَـن يُطِـعِ اللهَ وَالرَّسُـولَ فَأُوْلَـئِكَ مَـعَ الَّذِينَ أَنْعَـمَ اللهُ عَلَيْهِـم مِّـنَ النَّبِيِّيـنَ وَالصِّدِّيقِيـنَ وَالشُّـهَدَاء وَالصَّالِحِيـنَ وَحَسُـنَ أُولَئِـكَ رَفِيقـاً } .
سورة النساء / آية : 69 .
( 1 )فعـدد الملائكـة هائـل :
* فعـن أبـي ذر ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إنـي أرى مـا لا تـرون ، وأسمـع مـا لا تسـمعون . إن السـماء أطـت (1) وَحَـقَّ لهـا أن تَئَـطَّ . مـافيهـا موضـعُ أربـعِ أصابـع إلا وملـكٌ واضـعٌ جبهتَـهُ سـاجدًا لله . واللهِ ! لـو تعلمـون مـا أعلـمُ لضحكتـم قليـلاً ولبكيتـم كثيـرًا . ومـا تلذذتـم بالنسـاء علـى الفُرُشـات . ولخرجتـم إلـى الصُّعُـدَاتِ (2) تجـأرون إلـى الله " .
رواه ابن ماجه . وحسنه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح سنن ابن ماجه / ج : 2 /



باب : الحزن والبكاء : 19 / حديث رقم : 3378 . وفي السلسلة تحت رقم : 1722 .


( 1 )" أطـت " : في النهايـة لابـن الأثيـر : الأطيـط صـوت الأقتـاب ، وأطيـط الإبـل أصواتهـا وحنينهـا .
أي : إن كثـرة مـا فيهـا مـن الملائكـة قـد أثقلهـا حتـى أطـت .
( 2 ) الصعـدات : هـي الطـرق .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:16 AM
الإيمــــان بالجـــن

==============

بمناسـبة بحـث الركـن الثانـي مـن أركـان الإيمـان وهـو الإيمـان بوجـود " الملائكـة " عليهـم السـلام ، نعـرض لقضيـة الإيمـان بوجـود الجـن والشـياطين .
لأنهمـا مـن الغيـب الـذي أُمـر المؤمـن بالإيمـان بـه .
قـال تعالـى { خَلَـقَ الإِنسَـانَ مِـن صَلْصَـالٍ كَالْفَخَّـارِ * وَخَلَـقَ الْجَـانَّ مِـن مَّـارِجٍ مِّـن نَّـارٍ } . سورة الرحمن / آية : 14 ، 15 .
وآيـات أخـرى : ( الذاريات : 56 ـ 58 ) ، ( الكهف : 55 ) ، ( الأعراف : 11 ـ 18 ) .
وقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لا يأكـل أحدكـم بشـماله ولا يشـربن بهـا فإن الشـيطان يأكـل بشـماله ويشـرب بهـا " .
رواه مسلم ومالك وأبو داود .

والأدلـة علـى وجـود الجـن والشـياطين كثيـرة .
هـل بيـن الجـن والشـيطان فـرق ؟
نعـم . إن بيـن الجـن والشـياطين فرقـًا كبيـرًا .
فالخـلق الراقـي أربعـة أنـواع وهـي : الملائكـة ، والإنـس ، والجـن ، والشـياطين .
فالملائكـة : عالـم روحانـي مسـتقـل لـه خصائصـه وصفاتـه وأحوالـه ، وقـد تقـدم البحـث مسـتفيضًا فـي بيـان حقيقـة هـذا العالـم العلـوي الكريـم .
الإنــس : معلـوم وهـو جنـس البشـر ومنهـم الكافـر والمؤمـن .
الجــن : نوعـان :
شـياطين لا خيـر فيهـم ألبتـه .
وجـن منهـم الصالـح ومنهـم الفاسـد ، فحالهـم كحـال النـاس .
بيـد أن الشـياطين أصلهـم مـن الجـن . وذلـك لأن إبليـس ـ لعنه الله ـ كـان مـن الجـن ففسـق عـن أمـر ربـه .
قـال تعالـى { ... إلاَّ إِبْلِيـسَ كَـانَ مِـنَ الْجِـنِّ فَفَسَـقَ عَـنْ أَمْـرِ رَبِّـهِ ... } .
سورة الكهف / آية : 50 .

إن كـل مـن يخبـت ويتمـرد ، وينقطـع عـن الخيـر مـن أفـراد الجـان والإنسـان يصبـح " شـيطانًا " ، فـإن عتـا قيـل فيـه " مـارد " .
قـال تعالـى { ... شَيَاطِينَ الإِنـسِ وَالْجِـنِّ يُوحِـي بَعْضُهُـمْ إِلَـى بَعْـضٍ زُخْـرُفَ الْقَـوْلِ غُـرُوراً ... } . سورة الأنعام / آية : 112 .
قـال تعالـى {وَمِـنَ النَّـاسِ مَـن يُجَـادِلُ فِـي اللَّهِ بِغَيْـرِ عِلْـمٍ وَيَتَّبِـعُ كُـلَّ شَـيْطَانٍ مَّرِيـدٍ * كُتِـبَ عَلَيْـهِ أَنَّـهُ مَـن تَـوَلاَّهُ فَأَنَّـهُ يُضِلُّـهُ وَيَهْدِيـهِ إِلَـى عَـذَابِ السَّـعِيرِ } .
سورة الحج / آية : 3 ، 4 .

وقـال تعالـى { قُـلْ أُوحِـيَ إِلَـيَّ أَنَّـهُ اسْـتَمَعَ نَفَـرٌ مِّـنَ الْجِـنِّ فَقَالُـوا إِنَّـا سَـمِعْنَا قُرْآنـًا عَجَبـًا * يَهْـدِي إِلَـى الرُّشْـدِ فَآمَنَّـا بِـهِ ... } .
سورة الجن / آية : 1 ، 2 .

إلـى قولـه تعالـى :{ وَأَنَّـا مِنَّـا الصَّالِحُـونَ وَمِنَّـا دُونَ ذَلِـكَ ... } . سورة الجن / آية : 11 .
أي : مـن الجـن الصالـح ودون ذلـك .
وصالحـوا الجـن يدخلـون الجنـة إذا ماتـوا علـى الإيمـان .
هـل الجـن يـؤذون النـاس ؟
نعـم . إن أذى الجـن للإنسـان ثابـت لا ينكـر . ولـولا العقبـات مـن الملائكـة التي أنـاط الله تعالـى بهـا حفـظ الإنسـان ، لكـان الأذى شـديد .
ولذلـك علـى الإنسـان أن يتحصـن مـن الشـياطين ، ويحتـرز منهـم .

وسـائل الاحتـراز مـن الشـياطين وأذاهــم

===========================

إن كيـد الشـيطان ضعيـف .
قـال تعالـى { ... إِنَّ كَيْـدَ الشَّـيْطَانِ كَـانَ ضَعِيفـًا } . سورة النساء / آية : 76 .
وقـال سـبحانه { إِنَّـهُ لَيْـسَ لَـهُ سُـلْطَانٌ عَلَـى الَّذِيـنَ آمَنُـواْ وَعَلَـى رَبِّهِـمْ يَتَوَكَّلُـونَ * إِنَّمَـا سُـلْطَانُهُ عَلَـى الَّذِيـنَ يَتَوَلَّوْنَـهُ وَالَّذِيـنَ هُـم بِـهِ مُشْـرِكُونَ } .
سورة النحل / آية : 99 ، 100 .

· ذكــر الله عــز وجــل :
==================
* عـن الحـارث الأشـعري ـ رضي الله عنه ـ : " أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
إن الله أمـر يحيَـى بـن زكريـا بخمـس كلمـات أن يعمـل بهـا ويأمـر بنـي إسـرائيل أن يعملـوا بهـا ... وآمركـم أن تذكـروا الله ، فـإن مَثَـلَ ذلـك كمثـلِ رَجُـلٍ خـرج العـدوُّ فـي أثـره سـراعًا حتـى إذا أتـى علـى حصـن فأحـرز نفسَـه منهـم ، كذلـك العبـدُ لايُحْـرِزُ نفسَـهُ مـنالشـيطان إلا بذكـر الله ... " .
رواه أحمد ، والترمذي . وصححه الشيخ مصطفى العدوي ـ حفظه الله ـ في العواصم من الشيطان / ص : 26 .

·الاسـتنثار عنـد الاسـتيقاظ :
====================
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" إذا اسـتيقظ أحدُكُـمْ مـن منامـه فليسـتنثر ثـلاث مـرات ، فـإن الشـيطان يبيـت علـى خياشـيمه " . رواه البخاري ومسلم .
خياشـيمه : هـو أعلـى الأنـف .

· حـرز عنـد دخـول الخــلاء :
====================
* عـن أنـس بـن مالـك ـ رضي الله عنه ـ قـال : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسـلم ـ :إذا دخـل الخـلاء (1) قـال : " اللهـم إنـي أعـوذ بـك مـن الخُبْـث والخبائـث " .
صحيح . رواه البخاري ومسلم .

( 1 )الخـلاء : الخـلاء والكنيـف والمرحـاض ، كلهـا موضـع قضـاء الحاجـة .

· الاستعاذة مـن همزاتِ الشياطيـن وأن يحضرون :
======================
قـال تعالـى : { وَقُـل رَّبِّ أَعُـوذُ بِـكَ مِنْ هَمَـزَاتِ الشَّـيَاطِينِ * وَأَعُـوذُ بِـكَ رَبِّ أَن يَحْضُـرُونِ } .
سورة المؤمنون / آية : 97 ، 98 .

وعـن الوليـد بـن الوليـد ـ رضي الله عنه ـ أنـه قـال : يـا رسـول الله ! إنِّـي أجـدُ وحشـة ، قـال : "فـإذا أخـذت مضجعَـك فقـل : أعـوذ بكلمـات اللهِ التامـة من غضبـه وعقابـه وشـرِّ عبـاده ، ومـن همـزات الشـياطين ، وأن يحضـرون فإنـه لا يَضُـرَّك ، وبالحـريِّ أن لا يقربُـك " .
مسند أحمد . وقال الشيخ مصطفي العدوي في رسالته : العواصم من الشيطان / ص : 39 / صحيح لغيره .


·حـروز فـي الصبـاح والمسـاء :
====================
* عـن أبَـانَ بـنِ عثمـانَ : قـال : سـمعتُ عثمـانَ بـنَ عفـانَ ـ رضي الله عنه ـ يقـول :
قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " مـا مـن عبـدٍ يقـولُ فـي صبـاحِ كـلِّ يـومٍ ومسـاء كـلِّ ليلـةٍ : بسـم اللهِ الـذي لا يضـرُّ مـع اسـمِهِ شـيءٌ فـي الأرض ولا فـي السـماء وهـو السـميع العليـم ثـلاث مـرات لـم يضٌـرَّهُ شـيءٌ ، فكـان أبـانُ قـد أصابَـهُ طَـرَفُ فالـجٍ فجعـلَ الرجـلُ ينظـرُ إليـه ، فقـال لـه أبـانُ : مـا تنظـرُ ؟ أمَـا إنَّ الحديـثَ كمـا حدثتُـكَ ولكنـي لـم أقلْـه يومئـذٍ ليمضِـي اللهُ علـيَّ قـدره " .
رواه الترمذي وغيره . وحسنه الشيخ مصطفى العدوي في رسالته العواصم من الشيطان / ص : 52 .


* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" مـن قــال : لا إله إلا الله وحـده لا شـريك لـه ، لـه الملـك ولـه الحمـد ، وهـو علـى كـل
شـيءٍ قديـر ، فـي يـومٍ مائـةَ مـرة . كانـت لـه عـدْلَ عشـر رقـاب . وكتبـت لـه مائـة حسـنة ومحيـت عنـه مائـةُ سـيئة . وكانـت لـه حـرزًا مـن الشـيطان يَوْمَـهُ ذلـك حتـى يمسـي ، ولـم يـأت أحـدٌ أفضـلَ ممـا جـاء بـه إلا أحـدٌ عمِـلَ أكثـرَ مـن ذلـك .
ومـن قـال : سـبحان الله وبحمـده فـي يـومٍ مائـةَ مـرة ، حُطَّـتْ خطايـاهُ ولـو كانـت مثـلَ زبـدِ البحـرِ " .
البخاري ومسلم .

* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال أبـو بكـر : يـا رسـول الله مُرنـي بشـيء أقولُـهُ إذا أصبحـتُ وإذا أمسـيتُ ، قـال : " قُـل اللهـم عالـمَ الغيـبِ والشـهادةِ فاطـر السـمواتِ والأرض ربَّ كـلِّ شـيءٍ وَمَليكـهُ ، أشـهد أن لا إله إلا أنـت ، أعـوذ بـك مـن شـرِّ نفسـي ، ومـن شـرِّ الشـيطانِ وشِـرْكِـهِ (1) قـال : قُلْـهُ إذا أصبحـتَ ، وإذا أمسـيت ، وإذا أخـذت مضجعـك " .
رواه أبو داود والترمذي . وصححه الشيخ مصطفى العدوي .

( 1 )قـال المباركفـوري ـ رحمه الله ـ :
الشـرك : بكسـر الشـين وسـكون الـراء أي : مـا يدعـو إليـه مـن الإشـراك بالله .
ويُـروى بفتحتيـن أي : مصائـده وحبائلـه التـي يفتتـن بهـا النـاس .

* عـن عبـد الله بـن خُبيـب ـ رضي الله عنه ـ قـال : خرجـنا فـي ليلـةٍ مطيـرة وظلمـةٍ شـديدةٍ نطلـب رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يصلـي لنـا فأدركتـه فقـال : " قُـل " . فلـم أقـل شـيئًا . ثـم قـال : " قـل " . فلـم أقـل شـيئًا .
قـال : " قـل " . فقلـت : مـا أقـول ؟ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " قـل هـو الله أحـد والمعوذتيـن حيـن تمسـي وتصبـح ثـلاث مـرات تكفيـك مـن كـل شـيء " .
رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي . وقال الشيخ مصطفى العدوي : إسناده حسن .

· التعـوذ عنـد سـماع نبـاح الكــلاب :
==========================
* عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" إذا سـمعتم نُبَـاحَ الكـلاب ، ونهيـقَ الحميـر مـن الليـل ، فتعـوذوا بالله ، فإنهـا تـرى مـا
لا تـرون " .
رواه أحمد . وحسنه الشيخ العدوي .


· حـرز لحفـظ البيـت والطعـام مـن الشـيطان :
===========================
* عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنهما ـ أنـه سـمعَ النبـيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " إذا دخـل الرجـلُ بيتَـه ، فذكـر الله عنـد دخولـه وعنـد طعامـه ، قـال الشـيطان : لا مبيـت لكـم ولا عَشَـاءَ ، وإذا دخـل فلـم يَذْكُـرِ الله عنـد دخولـه ، قـال الشـيطان : أدركتـم المبيـتَ ، وإذا لـم يَذْكُـرِ الله عنـد طعامـه ، قـال : أدركتـم المبيـتَ والعَشَـاءَ " .
صحيح مسلم .

· حـرز يقولـه مـن نـزل منــزلاً :
======================
* عـن خَوْلَـةَ بنـت حكيـم السُّـلَمِيَّةِ أنهـا سـمعتْ رسـولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : إذا نـزل أحدُكُـم منـزلاً فليقـل : " أعـوذ بكلمـات الله التامـات مـن شـر مـا خلـق ، فإنـه لا يضـره شـيءٌ حتـى يرتحِـلَ منـه " . مسلم .
قولـه صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " لا يضـره شـيء " : عـام ، فيدخـل فيـه شـرور الجـن والإنـس ، والهـوام ، والسـباع ، وغيـر ذلـك .
· حـرز يقولـه مـن سـقط عـن الدابــة :
===========================
عـن رجـل (1) قـال َ : كنـت رديـف النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
فعثـرت دابتـه فقلـت : تعـس الشـيطان . فقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم: " لا تقـل تعـس (2) الشـيطان فإنـك إذا قلـت ذلـك تعاظـم ، حتى يكـون مثـل البيـت ؛ ويقـول : بقوتـي ، ولكـن قـل : " بسـم الله " ؛ فإنـك إذا قلـت ذلـك تصاغـر حتـى يكـون مثـل الذبـاب " .
أخرجه أحمد وأبو داود . وصححه الشيخ مصطفى العدوي في رسالته العواصم من الشيطان / ص : 90 .

( 1 )هـذا الرجـل صحابـيٌّ ، لقولـه : " كنـت رديـف النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " فـلا يضـر عـدم ذكـر اسـمه .
( 2 ) تعـس : أي هلـك ، ومثـل هـذا الكـلام يوهـم أن للشـيطان تدخـلاً فـي مثـل ذلـك .
نقـلاً عـن عـون المعبـود . حاشية نفس الرسالة / ص : 89 .

· حـرز يقـال عنـد الجمــاع :
===================
عـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" لـو أن أحدَهـم ، إذا أراد أن يأتـي أهلـه قـال : باسـم الله ، اللهـم جنبنـا الشـيطان ، وجنـب الشـيطانَ مـا رزقتنـا ، فإنـه إن يُقَـدَّرْ بينهمـا ولـدٌ فـي ذلـك ، لـم يضـره شـيطانٌ أبـدًا " .
البخاري ومسلم .

· الآيتـان الأخيرتـان مـن سـورة البقــرة حـرز مـن الشـيطان :
==========================
* عـن النعمـان بـن بشـير ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال :
" إن الله تبـارك وتعالـى كتـب كتابـًا قبـل أن يخلـق السـموات والأرض بألفـي عـام ، وأنـزل منـه آيتيـن ختـم بهما سـورة البقـرة ، ولا تقـرآن فـي دار فيقربهـا شـيطان ثـلاث ليـال " .
أخرجه الحاكم في المستدرك . وصححه الشيخ العدوي في العواصم من الشيطان / ص : 96 .


·حــرز عنـد النــوم :
===============
* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" كـان إذا أخـذ مضجعـه نفـث فـي يديـه وقـرأ بالمعـوذات ومسـح بهـا جسـده " . البخاري .

* وعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : وكَّلنـي رسـول الله بحفـظ زكـاة رمضـان ، فآتانـي آتٍ فجعـل يحثـو مـن الطعـام ، فأخذتـه وقلـتُ : والله لأرفعنـك إلـى ..... فأخذتـه ، فقلـتُ : لأرفعنَّـك إلـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـذا آخـر ثـلاث مـرات ، إنـك تزعُـمُ لا تعـود ، ثـم تعـود .
قـال : دَعْنـي أعلمـك كلمـات ينفعـك الله بهـا ، قلـت : مـا هُـنَّ ؟
قـال : إذا أويـت إلى فراشِـكَ فاقـرأ آيـة الكرسـي { ... اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُـوَ الْحَـيُّ الْقَيُّـومُ ... } .
حتـى تختـم الآيـة ، فإنـك لايـزال عليـك مـن الله حافـظ ، ولا يقربنـك شـيطانٌ حتـى تصبـح ..... .
فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " أمـا إنـه قـد صَدَقَـكَ وهـو كـذوبٌ ، تَعلَـمُ مـن تخاطـب مُـذ ثـلاث ليـالٍ يـا أبـا هريـرة ؟ " . قـال : لا .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " ذاك شـيطان " . البخاري والترمذي .

· الاسـتعاذة مـن تخبـط الشـيطان عنـد المـوت :
============================
* عـن أبـي اليسـر ـ رضي الله عنه ـ قـال : كـان رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول : " اللهـم إنـي أعـوذ بـك مـن التـردي ، والهـدم ، والغرق ، والحريـق ، وأعـوذ بـك أن يتخبطنـي الشـيطانعنـد المـوت ، وأعـوذ بـك أن أمـوتَ فـي سـبيلِكَ مدبـرًا ، وأعـوذ بـك أن أمـوت لديغـًا " .
رواه النسائي وأبو داود . وصححه الشيخ العدوي .


·الأذان يطــرد الشـيطان :
==================
* عـن جابـر ـ رضي الله عنه ـ قـال : سـمعتُ النبـيَّ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" إن الشـيطانَ إذا سـمعَ النـداءَ بالصـلاةِ ، ذهـبَ حتـى يكـونَ مكـان الروحـاء (1) " .
رواه مسلم .
( 1 ) الروحـاء : مكـان علـى بعـد سـتة وثلاثيـن ميـلاً مـن المدينـة .
فائـــدة :
قـال بعـض أهـل العلـم : وإذا لم يكـن الوقـت وقـت أذان ، وأذن الشـخصُ ينصـرف الشـيطان كذلـك .
ففـي صحيـح مسـلم ، عـن سـهيل بـن أبـى صالـح قـال : أرسـلني أبـي إلـى بنـي حارثـة .
قـال : ومعـي غـلامٌ لنـا ( أو صاحـبٌ لنـا ) فنـاداهُ منـادٍ مـن حائـطٍ باسـمه .
قـال : وأشـرفَ الـذى معـي علـى الحائـط فلـم يـر شـيئًا .
فذكـرتُ ذلـك لأبـي فقـال : لـو شَـعَرْتُ أنـك تلقـى هـذا لـم أرسـلك ، ولكـن إذا سمعتَ صوتـًا فنـاد بالصـلاة ، فإنـي سـمعتُ أبـا هريــرة ـ رضي الله عنه ـ يُحَـدِّثُ عـن رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال :" إن الشـيطانَ ، إذا نـودِيَ بالصـلاةِ ولَّـى ولـه حُصَـاصٌ (1) .
رواه مسلم .

( 1 )الحصـاص : هـو الضـراط ، وقيـل شـدة العَـدْو .

· تعويــذ الصبيــان :
==============
قالـت امـرأة عمـران لمـا وضعـت مريـم ـ عليهما السـلام ـ :{ ... وِإِنِّـي أُعِيذُهَـا بِـكَ وَذُرِّيَّتَهَـا مِـنَ الشَّـيْطَانِ الرَّجِيـمِ } .سورة آل عمران / آية : 36.
* وعـن ابـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ قـال :كـان النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يُعَــوِّذُ الحسـنَ والحسـينَ ، ويقـول :
" إن أباكمـا كـان يعـوذ بهـا إسـماعيل وإسـحاق : أعـوذ بكلمـات الله التامـة ، مـن كـل شـيطان وهامـة ، ومـن كـل عيـن لامَّـة " .
رواه البخاري .

· كـف الصبيــان عنـد المســاء :
======================
* عـن جابـر بـن عبـد الله ـ رضي الله عنهما ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إذا كـان جُِنْـحُ (1) الليـل ـ أو أمسـيتم ـ فكُفُّـوا (2) صبيانكـم ، فـإن الشـيطانَ ينتشـرُ حينئـذ . فـإذا ذهـب سـاعةٌ مـن الليـلِ فَخَلُّوهـم ، وأغلقـوا الأبـواب . واذكـروااسـم الله . فـإنالشـيطانَ لا يفتـحُ بابـًا مغلقـًا . وأوكـوا (3) قِرِبَكُـم ، واذكـروا اسـم الله ، وخمـروا آنيتكـم ، واذكـروا اسـم الله ، ولـو أن تَعْرُضُـوا عليهـا شـيئًا . وأطفِئـوا مصابيحَكـم " .
رواه البخاري ومسلم .

وورد فـي حاشـية رسـالة العواصـم مـن الشـيطان ص : 62 :
هـذا الحديـث فيـه جمـل مـن أنـواع الخبـر والآداب الجامعـة لمصالـح الآخـرة والدنيـا ، فأمـر صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم بهـذه الآداب التـي هـي سـبب للسـلامة مـن إيـذاء الشـيطان ، وجعـل الله عـز
وجـل هـذه الأسـباب للسـلامة مـن إيذائـه ، فـلا يقـدرعـلى كشـف إنــاء ولا حـل سـقاء ، ولا فتـح
بـاب ، ولا إيـذاء صبـي وغيـره ، إذا وجـدت هـذه الأسـباب .
( 1 )جُِنْـحُ الليـل : بضـم الجيـم وكسـرها ، لغتـان مشـهورتان ، وهـو ظلامـه .
ويقـال : أجنـح الليـل ، أي : أقبـل ظلامـه ، وأصـل الجنـوح الميـل .
( 2 )فكفـوا صبيانكـم : أي : امنعوهـم مـن الخـروج ذلـك الوقـت .
( 3 )وأوكـوا : مـن الوكـاء : والوكـاء هـو الخيـط الـذي تشـد به الصـرة أو الكيـس أو غيرهما .
( 4 )خمـروا : غطـوا .
وهـذا الحديـث مـن الأحاديـث التـي غفـل عنهـا وعـن العمـل بهـا كثيـر مـن صالحـي المسـلمين فضـلاً عـن عوامهـم . ولـو أمعنـوا النظـر فيـه وأقبلـوا علـى العمـل بـه لنجـوا مـن أخطـار كثيـرة هـم وذرياتهـم وأموالهـم ، ولعافاهـم الله فـي أبدانهـم وأسـماعهم وأبصارهـم فـلا يجعلـوا للشـيطان عليهـم سـبيلاً ولا علـى أولادهـم .
وفـي بعـض طـرق الحديـث : " لا ترسـلوا مواشـيكم و صبيانكـم إذا غابـت الشـمس " .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:17 AM
الرقيــة وطـرد الشــيطان

ببعـض ســـور القـــرآن

==================

ابتـداءً : فالقـرآن كلـه شـفاء .
قـال تعالـى { يَـا أَيُّهَـا النَّـاسُ قَـدْ جَاءتْكُـم مَّوْعِظَـةٌ مِّـن رَّبِّكُـمْ وَشِـفَاء لِّمَـا فِـي الصُّـدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } . سورة يونس / آية : 57 .
وقـال تعالـى { وَنُنَـزِّلُ مِـنَ الْقُـرْآنِ مَـا هُـوَ شِـفَاء وَرَحْمَـةٌ لِّلْمُؤْمِنِيـنَ ... } .
سورة الإسراء / آية : 82 .

إلا أن هنـاك بعـض السـور أبلـغ مـن بعـض فـي هـذا البـاب فمـن ذلـك مـا يلـي :
* سـورة البقـرة :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" لا تجعلـوا بيوتكـم مقابـر . إن الشـيطان ينفـرُ مـن البيـت الـذي تُقــرأ فيـه سـورة
البقـرة " . رواه مسلم .
* وعـن أبـي أمامـة الباهلـي ـ رضى الله عنه ـ قـال : سمعـتُ رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقـول :
" اقـرأوا القـرآن ..... " إلـي أن قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :
" اقـرأوا سـورة البقـرة ، فـإن أخذهـا بركـةٌ ، وتركهـا حسـرةٌ ، ولا يسـتطيعُهَا البطلـة " .

رواه مسلم .

البطلـة : السـحرة .
* آيــة الكرسـي :
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : " وكلنـي رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بحفـظ زكـاة رمضـان ..... " إلـى أن قـال ـ رضي الله عنه ـ : " ..... إنـك تزعـم لا تعــود ، ثـم تعـود ، قـال : دعنـي أعلمـك كلمـات ينفعُـكَ الله بهـا ، قلـتُ : مـا هُـنَّ ؟
قـال : إذا أويـت إلى فراشِـكَ فاقـرأ آيـة الكرسـي { ... اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُـوَ الْحَـيُّ الْقَيُّـومُ ... } .

حتـى تختـم الآيـة ، فإنـك لـن يـزال عليـك مـن الله حافـظ ، ولا يقربـك شـيطان حتـى تصبـح ..... .
فقـال النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" أمـا إنـه صدَقَـكَ وهـو كـذوب ، تعلـم مـن تخاطـبُ مُـذ ثـلاث ليـالٍ يـا أبـا هريـرة ؟ "
قـال : لا . قـال : " ذاك شـيطان " . رواه البخاري . والترمذي .
* الآيتـان الأخيرتـان مـن سـورة البقـرة حـرز مـن الشـيطان :
* عـن أبـي مسـعود الأنصـاري قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مـن قـرأ هاتيـن الآيتيـن مـن آخـر سـورة البقـرة ، فـي ليلـة كفتـاه " .صحيح . البخاري ومسلم .

* وعـن النعمـان بـن بشـير ـ رضي الله عنه ـ عـن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنـه قـال : " إن الله تبـارك وتعالـى كتـب كتابـًا قبـل أن يخلـق السـموات والأرض بألفـي عـام ، وأنـزل منـه آيتيـن ختـم بهمـا سـورة البقـرة ، ولا تقـرآن فـي دار فيقربهـا شـيطان ثـلاث ليـال " .
رواه الحاكم في المستدرك . وصححه الشيخ مصطفى في رسالة العواصم من الشيطان / ص : 96 .

* المعــوذات :
أمـا المعـوذات فشـأنها عظيـم ، فـلا ينبغـي العـدول عنهـا ، بـل يلـزم الإكثـار منهـا .
* عـن عائشـة ـ رضي الله عنها ـ أن رسـول الله كـان إذا اشـتكى يقـرأ علـى نفسـه بالمعـوذات ، وينفـثُ ، فلمـا اشـتد وجَعُـهُ كنـت أقـرأُ عليـه ، وأمسـح عنـه ، بيـده رجـاء بركتهـا " .
رواه البخاري ومسلم .

* وعـن عقبـة بـن عامـر ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " ألـم تـرَ آيـات أُنزلـت الليلـة لـم يُـرَ مثلهـنَّ قـطٌّ ؟

{ قُـلْ أَعُـوذُ بِـرَبِّ الْفَلَـقِ } ، و { قُـلْ أَعُـوذُ بِـرَبِّ النَّـاسِ } .
* عـن عبـد الله بـن خُبيـب ـ رضي الله عنه ـ قـال :خرجنــا فـي ليلـةٍ مطيــرة وظلمــةٍ شـديدةٍ نطلـب رســول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسـلم ـ يصلـي لنـا فأدركتـه فقـال : " قُـل " . فلـم أقـل شـيئًا . ثـم قـال : " قـل " . فلـم أقـل شـيئًا . قـال : " قـل " .
فقلـت : مـا أقـول ؟ .
قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم :" قـل هـو الله أحـد والمعوذتيـن حيـن تمسـي وتصبـح ثـلاث مـرات تكفيـك مـن كـل شـيء " .
رواه أبو داود ، الترمذي ، والنسائي . وقال الشيخ مصطفى العدوي : إسناده حسن .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:17 AM
ثالثًــا : الإيمـــان بالكتـــب

===================

مـن أركـان الإيمـان السـتة ، أن نؤمـن بالكتـب التـي أنزلهـا الله علـى أنبيائـه ورسـله .
·تعريــف :
الكتـب جمـع كتـاب . والكتـاب هـو مـا حـوى كلامـًا مفيـدًا ، ذا أغـراض متعـددة .
والكتـب التـي يجـب الإيمـان بهـا : هـي الصحـف التـي حـوت كـلام الله عـز وجـل ، الـذي أوحـاه إلـى رسـله عليهـم السـلام فكونـت كتبـًا ، أو بقيـت صحفـًا لـم تجمـع ، ولـم يتكـون منهـا كتـاب خـاص .
فالصحـف : كصحـف " إبراهيـم " ، " وموسـى " عليهمـا السـلام .
والكتـب : كالتـوراة ، والزبـور ، والإنجيـل ، والقـرآن العظيـم .

حقيقـة الإيمــان بالكتــب :
====================
إن معنـى الإيمـان بالكتـب الإلهيـة الـذي هـو جـزء مـن معتقـد المؤمـن :
التصديـق الجـازم بمـا أوحـى الله تعالـى مـن كلامـه " إلـى مـن اصطفـى مـن رسـله عليهـم السـلام " ، فجُمـع ودُوِّنَ ، فكـان " صحفـًا مطهـرة " و " كتبـًا قيمـة " فمـا عُـرف منهـا آمـن بـه المؤمـن تفصيـلاً ، ومـا لـم يعـرف آمـن بـه إجمـالاً .

مـا هـي الكتـب ومـا أسـمائها ؟
مـن هـذه الكتـب مـا سـماه الله فـي القـرآن الكريـم ، ومنهـا مـا لـم يسـم ، ولا مصـدر لمعرفـة الكتـب سـوى القـرآن الكريـم ، والـذي أخبرنـا بـه عـز وجـل منهـا :

1ـ التـوراة :
التـي نزلـت علـى " مـوسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ يَحْكُـمُ بِهَـا النَّبِيُّـونَ الَّذِيـنَ أَسْـلَمُواْ لِلَّذِيـنَ هَـادُواْ
وَالرَّبَّانِيُّـونَ وَالأَحْبَـارُ بِمَـا اسْـتُحْفِظُواْ مِـن كِتَـابِ اللّهِ وَكَانُـواْ عَلَيْـهِ شُـهَدَاء ... } . سورةالمائدة / آية : 44 .
2 ـ الإنجيـــل :
الـذي نـزل علـى " عيـسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } .سورة المائدة / آية : 46 .

3ـ الزبــور :
الـذي أنـزل علـى " داود " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ ... وَآتَيْنَـا دَاوُودَ زَبُـوراً } .سورة الإسراء / آية : 55 .

4 ـ الصحــف :
التـى أنزلهـا الله علـى " إبراهيـم " و " موسـى " . حيـث قـال تعالـى :
{ أَمْ لَـمْ يُنَبَّـأْ بِمَـا فِـي صُحُـفِ مُوسَـى * وَإِبْرَاهِيـمَ الّـَذِي وَفَّـى } .
سورة النجم / آية : 36 ، 37 .

وقـال تعالـى : { إِنَّ هَـذَا لَفِـي الصُّحُـفِ الأُولَـى * صُحُـفِ إِبْرَاهِيـمَ وَمُوسَـى } . سورة الأعلى / آية : 18 ، 19 .


وأمـا الكتـب الأخـرى التـي نزلـت علـى سـائر الرسـل ، فلـم يخبرنـا الله سـبحانه عـن أسـمائها ، وإنمـا أخبرنـا سـبحانه أن لكـل نبـي أرسـله الله ، رسـالة بلغهـا قومـه .
فقـال تعالـى : { كَـانَ النَّـاسُ أُمَّـةً وَاحِـدَةً فَبَعَـثَ اللّهُ النَّبِيِّيـنَ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِيـنَ وَأَنـزَلَ مَعَهُـمُ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ لِيَحْكُـمَ بَيْـنَ النَّـاسِ فِيمَـا اخْتَلَفُـواْ فِيـهِ ... } .
سورة البقرة / آية : 213 .

ـ فيجـب علينـا أن نؤمـن بهـذه الكتـب التـى لـم تسـم إجمـالاً ، ولا يجـوز لنـا أن ننسـب كتابـًا إلـى الله تعالـى سـوى ما نسـبه إلـى نفسـه مما أخبرنـا عنـه فـي القـرآن الكريـم .
ـ كمـا يجــب أن نؤمـن بـأن هـذه الكتـب نزلـت بالحـق والنـور والهـدى ، وتوحيـد الله
سـبحانه فـي ربوبيتـه وألوهيتـه وأسـمائه وصفاتـه ، وأن مـا نسـب إليهـا ممـا يخالـف ذلـك ، إنمـا هـو تحريـف البشـر وصنعهـم .
قـال تعالـى :{ إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ ... } .سورة المائدة / آية : 44 .
وقـال تعالـى عـن الإنجيـل : { وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } .
سورة المائدة / آية : 46 .


ـ ويجـب علينـا أن نؤمـن بـأن القـرآن العظيـم هـو آخـر كتـاب نـزل مـن عنـد الله تعالـى ، وأن الله عـز وجـل قـد خصـه بمزايـا تميـز بهـا عـن جميـع مـا تقدمـه مـن الكتـب المنزلـة مـن أهمهـا :
1ـ أنـه تضمـن خلاصـة التعاليـم الإلهيـة ، وجـاء مؤيـدًا ومصدقـًا لمـا جـاء فـي الكتـب السـابقة مـن توحيـد اللـه وعبادتـه ووجـوب طاعتـه .
وجمـع كـل مـا كـان متفرقـًا فـي تلـك الكتـب مـن الحسـنات والفضائـل . وجـاء مهيمنـًا ورقيبـًا ، يقـر مـا فيهـا مـن حـق ، ويبيـن مـا دخـل عليهـا مـن تحريـف وتغييـر .
قـال تعالـى :{ وَأَنزَلْنَـا إِلَيْـكَ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ الْكِتَـابِ وَمُهَيْمِنـاً عَلَيْـهِ ... } سورة المائدة / آية : 48 .
وإنـه جـاء بشـريعة عامـة للبشـر فيهـا كـل مـا يلزمهـم لسـعادتهم فـي الداريـن ، نسـخ بهـا جميـع الشـرائع العمليـة الخاصـة بالأقـوام السـابقة ، وأثبـت فيهـا الأحكـام النهائيـة الخالـدة لكـل زمـان ومكـان .

2ـ إن القـرآن هـو الكتـاب الربانـي الوحيـد الـذي تعهـد الله حفظـه .
قـال تعالـى : { إِنَّـا نَحْـنُ نَزَّلْنَـا الذِّكْـرَ وَإِنَّـا لَـهُ لَحَافِظُـونَ } .سورة الحجر / آية : 9 .

3 ـ القـرآن أنزلـه الله على رسـوله محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ للنـاس كافـة ، وليـس خاصًـا بقـوم معينيـن كمـا كانـت تنـزل الكتـب السـابقة .
فكـان حفظـه مـن التحريـف وصيانتـة مـن عبـث النـاس ، ليبقـى مـا فيـه حجـة الله علـى النـاس قائمـة حتـى يـرث الله الأرض ومـن عليهـا .
وأمـا الكتـب الأخـرى فقـد وجـه الكـلام فـي كـل واحـد منهـا إلـى أمـة خاصـة دون سـائر الأمـم .
وهـي وإن اتفقـت فـي أصـل الديـن ، إلا أن مـا نـزل فيهـا مـن الشـرائع والأحكـام كـان خاصـًا بأزمنـة معينـة وأقـوام معينيـن .
قـال تعالـى :{ ... لِكُـلٍّ جَعَلْنَـا مِنكُـمْ شِـرْعَةً وَمِنْهَاجـاً ... } .سورة المائدة / آية : 48 .
لذلـك لـم يتعهـد الله سـبحانه بحفـظ أي منهـا علـى مـدى الأزمـان كمـا هـو الحـال بالنسـبة للقـرآن .
بـل أخبـر عـز وجـل فـي آخـر كتبـه ( القـرآن ) عـن التحريـف الـذي وقـع علـى تلـك الكتـب .

* فعـن التحريـف والتغييـر الـذي أدخلـه اليهـود علـى التـوراة ، قـال تعالـى :
{ أَفَتَطْمَعُـونَ أَن يُؤْمِنُـواْ لَكُـمْ وَقَـدْ كَـانَ فَرِيـقٌ مِّنْهُـمْ يَسْـمَعُونَ كَـلاَمَ اللّهِ ثُـمَّ يُحَرِّفُونَـهُ مِـن بَعْـدِ مَـا عَقَلُـوهُ وَهُـمْ يَعْلَمُـونَ } .سورة البقرة / آية : 75 .
وقـال أيضـًا : { مِّـنَ الَّذِيـنَ هَـادُواْ يُحَرِّفُـونَ الْكَلِـمَ عَـن مَّوَاضِعِـهِ ... }
سورة النساء / آية : 46 .
* وأمـا عـن التحريـف الـذي أدخلـه النصـارى علـى الإنجيـل ، قـال تعالـى :
{ وَمِـنَ الَّذِيـنَ قَالُـواْ إِنَّـا نَصَـارَى أَخَذْنَـا مِيثَاقَهُـمْ فَنَسُـواْ حَظّـاً مِّمَّـا ذُكِّـرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُـمُ الْعَـدَاوَةَ وَالْبَغْضَـاء إِلَـى يَـوْمِ الْقِيَامَـةِ وَسَـوْفَ يُنَبِّئُهُـمُ اللّهُ بِمَـا كَانُـواْ يَصْنَعُـونَ * يَـا أَهْـلَ الْكِتَـابِ قَـدْ جَاءكُـمْ رَسُـولُنَا يُبَيِّـنُ لَكُـمْ كَثِيـراً مِّمَّـا كُنتُـمْ تُخْفُـونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُـو عَـن كَثِيـرٍ قَـدْ جَاءكُـم مِّـنَ اللّهِ نُـورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِيـنٌ } . سورة المائدة / آية : 14 ، 15 .

* والحـق الـذي لا يمـاري فيـه منصـف أنـه لا يوجـد اليـوم علـى ظهـر الأرض كتـاب تصلـح نسـبته إلـى الخالـق تبـارك وتعالـى سـوى " القـرآن الكريـم " .

ـ فالكتـب التـى نزلـت قبـل القـرآن ، قـد ضاعـت نسـخها الأصليـة ، ولـم يبـق فـي أيـدي النـاس إلا تراجمهـا .
أمـا القـرآن فإنـه لا يـزال محفوظـًا بسـوره وآياتـه وكلماتـه وحركاتـه ، كما تـلاه جبريـل
ـ عليه السلام ـ علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وكمـا تـلاه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى صحابتـه ـ رضوان الله عليهم ـ .

ـ والكتـب قـد اختلـط فيهـا كـلام الله بكـلام النـاس مـن تفسـير وتاريـخ وسـير الأنبيـاء وتلاميذهـم ، واسـتنباطات الفقهـاء ، فـلا يعـرف فيهـا كـلام الله مـن كـلام البشـر .
أمـا " القـرآن " فهـو جميعـه كـلام الله تعالـى ، ولـم يختلـط بـه غيـره مـن حديـث الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو أقـوال الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ ، أو غيرهـم .

ـ والكتـب ليـس منهـا كتـاب تصـح نسـبته إلـى الرسـول الـذي ينسـب إليـه ، فليـس لأي منهـا سـند تاريخـي موثـوق .
فالأسـفار الموجـودة ضمـن مـا يسـمى بالعهـد القديـم ، ويطلـق عليـه التـوراة ، إنمـا دُونـت بعـد موسـى ـ عليه السلام ـ بقـرون عديـدة .
وأمـا القـرآن العظيـم فهـو الكتـاب الوحيـد الـذي ثبتـت نسـبته بصـورة قطعيـة إلـى الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
ومـن الأدلـة علـى وقـوع التحريـف فـي تلـك الكتـب تعـدد نسـخها واختلافهـا فيمـا نقلتـه مـن الأقـوال والآراء .

وورد فـي العقائـد الإسـلامية / سـيد سـابق / ص : 16 :
ويكفـي لصحـة التدليـل علـى التحريـف فـي الأناجيـل المتداولـة بأيـدي النصـارى الآن أنهـا أربعـة اختيـرت مـن نحـو سـبعين إنجيـلاً .
ومـن القرائـن القاطعـة علـى وقـوع التحريـف فـي هـذه الكتـب مـا تضمنتـه مـن العقائـد الفاسـدة والتصـورات الباطلـة عـن الخالـق سـبحانه ، وعـن رسـله الكـرام عليهـم السـلام .

* فنجـد فيهـا تشـبيه الخالـق بالإنسـان ، وأنـه ينجـب .
قـال تعالـى : { وَقَالَـتِ الْيَهُـودُ عُزَيْـرٌ ابْـنُ اللّهِ وَقَالَـتْ النَّصَـارَى الْمَسِـيحُ ابْـنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُـم بِأَفْوَاهِهِـمْ يُضَاهِـؤُونَ قَـوْلَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ مِـن قَبْـلُ قَاتَلَهُـمُ اللّهُ أَنَّـى يُؤْفَكُـونَ } .
سورة التوبة / آية : 30 .

* ونجـد فيهـم القـدح بالأنبيـاء .
فقـد ادعـوا فـي كتبهـم أن " إبراهيـم " ـ عليه السلام ـ كـذاب ، وأن " لوطـًا " زنـا بابنتـه ، وأن " هـارون " دعـا الإسـرائيليين إلـى عبـادة العجـل ، وأن " داود " زنـا ، وأن " سـليمان " عبـد الأصنـام إرضـاءً لزوجتـه .

فهـل ثـم دليـل علـى التحريـف أقـوى مـن هـذا ؟ ! .

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:18 AM
رابعًــا : الإيمـــان بالرســـل

=====================

الإيمـان بالأنبيـاء والرسـل هـو الركـن الرابـع مـن أركـان الإيمـان .

ومعنـاه : الإيمـان بمـن سـمى الله تعالـى فـي كتابـه مـن رسـله وأنبيـائه ، والإيمـان بـأن الله عـز وجـل أرسـل رسـلاً سـواهـم ، وأنبيـاء لا يعلـم عددهـم وأسـماءهم إلا الله تعالـى الـذي أرسـلهم .

قـال جـل وعـلا :
{ وَلَقَـدْ أَرْسَـلْنَا رُسُـلاً مِّـن قَبْلِـكَ مِنْهُـم مَّـن قَصَصْنَـا عَلَيْـكَ وَمِنْهُـم مَّـن لَّـمْ نَقْصُـصْ عَلَيْـكَ ... } .سورة غافر / آية : 78 .
وقـال تعالـى :{ ... وَإِن مِّـنْ أُمَّـةٍ إِلاَّ خـلاَ فِيهَـا نَذِيـرٌ } .سورة فاطر / آية : 24 .
كتاب : الإيمان / ص : 46 .

الفـرق بيـن النبــي والرســول :
النبـي : ذَكَـر مـن بنـي آدم أوحـى الله تعالـى إليـه بأمـر .
فـإن أُمـر بتبليغـه إلـى النـاس فهـو نبـي ورسـول.
وإن لـم يؤمـر بتبليغـه فهـو نبـي غيـر رسـول .

وعليـه فكـل رسـول نبـي ، وليـس كـل نبـي رسـولاً .

*ومثـال النبـي فقـط : يوشـع بـن نـون صاحـب موسـى وفتـاه ـ عليهما السلام ـ ، فقـد نبـأه الله تعالـى ، وخلـف مـوسى وهـارون فـي بنـي إسـرائيل ، وهـو الـذي غـزا بيـت المقـدس وفتحهـا الله عليـه .
* ومثـال النبـي الرسـول : محمـد بـن عبـد الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
عقيدة المؤمن / ص : 209 .

الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن : ====================
المذكـورون فـي القـرآن الكريـم مـن الأنبيـاء والرسـل خمسـة وعشـرون ، وهـم :
آدم ، ونـوح ، وإدريـس ، وصالـح ، وإبراهيـم ، وهـود ، ولـوط ، ويونـس ، وإسـماعيل ، وإسـحاق ، ويعقوب ، ويوسـف ، وأيـوب ، وشـعيب ، وموسى ، وهـارون ، واليسـع ، وذا الكفـل ، وداود ، وزكريـا ، وسـليمان ، وإليـاس ، ويحيـى ، وعيسـى ، ومحمـد صلوات الله وسلامه عليهـم أجمعيـن .

وقـد ورد ذكـر ثمانيـة عشـر منهـم فـي قولـه تعالـى :
{ وَتِلْـكَ حُجَّتُنَـا آتَيْنَاهَـا إِبْرَاهِيـمَ عَلَـى قَوْمِـهِ نَرْفَـعُ دَرَجَـاتٍ مَّـن نَّشَـاء إِنَّ رَبَّـكَ حَكِيـمٌ عَلِيـمٌ * وَوَهَبْنَـا لَـهُ إِسْـحَاقَ وَيَعْقُـوبَ كُـلاًّ هَدَيْنَـا وَنُوحـًا هَدَيْنَـا مِـن قَبْـلُ وَمِـن ذُرِّيَّتِـهِ دَاوُودَ وَسُـلَيْمَانَ وَأَيُّـوبَ وَيُوسُـفَ وَمُوسَـى وَهَـارُونَ وَكَذَلِـكَ نَجْـزِي الْمُحْسِـنِينَ * وَزَكَرِيَّـا وَيَحْيَـى وَعِيسَـى وَإِلْيَـاسَ كُـلٌّ مِّـنَ الصَّالِحِيـنَ * وَإِسْـمَاعِيلَ وَالْيَسَـعَ وَيُونُـسَ وَلُوطـًا وَكُـلاًّ فضَّلْنَـا عَلَـى الْعَالَمِيـنَ } .سورة الأنعام / آية : 83 ـ 86 .

وورد ذكـر الآخريـن فـي مواضـع مـن القـرآن .
قـال تعالـى :{ وَإِلَـى عَـادٍ أَخَاهُـمْ هُـودًا ... } .سورة هود / آية : 50 ، سورة الأعراف / آية : 65 .
وقـال تعالـى : { وَإِلَـى ثَمُـودَ أَخَاهُـمْ صَالِحـاً ... } .سورة هود / آية : 61 ، سورة الأعراف / آية : 73 .
وقـال تعالـى : { وَإِلَـى مَدْيَـنَ أَخَاهُـمْ شُـعَيْبًا ... } .سورة الأعراف / آية : 85 ، سورة هود / آية : 84 .
وقـال تعالـى : { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَـى آدَمَ وَنُوحـًا ... } .سورة آل عمران / آية : 33 .
وقـال تعالـى : { وَإِسْـمَاعِيلَ وَإِدْرِيـسَ وَذَا الْكِفْـلِ كُـلٌّ مِّـنَ الصَّابِرِيـنَ } .سورة الأنبياء / آية : 85 .
وقـال تعالـى : { مُّحَمَّـدٌ رَّسُـولُ اللَّهِ وَالَّذِيـنَ مَعَـهُ أَشِـدَّاء عَلَـى الْكُفَّـارِ رُحَمَـاء بَيْنَهُـمْ ... } .سورة الفتح / آية : 29 .

فهـؤلاء الرسـل والأنبيـاء يجـب الإيمـان برسـالتهم ونبوتهـم تفصيـلاً ، بمعنـى أن الإنسـان لـو عـرض عليـه واحـد منهـم لـم ينكـر نبوتـه ، ولا رسـالته إن كـان رسـولاً ، فمـن أنكـر نبـوة واحـد منهـم ، أو أنكـر رسـالة مـن بُعـث منهـم برسـالة كَفَـرَ .
وأمـا الأنبيـاء والرسـل الذيـن لـم يقصصهـم القـرآن علينـا ، فقـد أمرنـا أن نؤمـن بهـم إجمـالاً .
وليـس لنـا أن نقـول برسـالة أحـد مـن البشـر أو نبوتـه مـا دام القـرآن لـم يذكـره فـي عـداد الأنبيـاء والرسـل ، ولـم يخبرنـا بـه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . الإيمان / ص : 47 .

* أولـو العــزم مـن الرســل :
====================
أولـو العـزم مـن الرسـل ، كمـا ذكـر كثيـر مـن العلمـاء ، خمسـة هـم :
محمـد صلـى الله عليه وعلـى آله وسـلم ، وإبراهيـم ، وموسـى ، ونـوح ، وعيسـى عليهـم الصـلاة والسـلام .

معنـى أولـو العـزم : أصـل العـزم فـي الأمـر : الجـد والاجتهـاد فيـه .
قـال تعالـى : { فَاصْبِـرْ كَمَـا صَبَـرَ أُوْلُـوا الْعَـزْمِ مِـنَ الرُّسُـلِ ... }
سورة الأحقاف / آية : 35 .
وجـاء فـي القـرآن بيـان عددهـم وأسـمائهم معـًا
قـال تعالـى : { وَإِذْ أَخَذْنَـا مِـنَ النَّبِيِّيـنَ مِيثَاقَهُـمْ وَمِنـكَ وَمِـن نُّـوحٍ وَإِبْرَاهِيـمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ... } .سورة الأحزاب / آية : 7 .


* يجـب علينـا أن نؤمـن بـأن الله بعـث رسـله إلـى الخلـق لتبشـيرهم وإنذارهـم .
تبشـيرهم برضـوان الله وثوابـه وجنتـه ، إنْ آمنـوا بـه سـبحانه وبرسـله وأطاعـوه .
وإنذارهـم مـن غضـب الله إن كفـروا وعصـوا .
قـال عـز وجـل :{ وَمَـا نُرْسِـلُ الْمُرْسَـلِينَ إِلاَّ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِيـنَ فَمَـنْ آمَـنَ وَأَصْلَـحَ فَلاَ خَـوْفٌ عَلَيْهِـمْ وَلاَ هُـمْ يَحْزَنُـونَ * وَالَّذِيـنَ كَذَّبـُواْ بِآيَاتِنَـا يَمَسُّـهُمُ الْعَـذَابُ بِمَا كَانُـواْ يَفْسُـقُونَ } سورة الأنعام / آية : 48 ، 49 .

* ويجـب علينـا أن نؤمـن بأن جميـع هـؤلاء الرسـل بعثهـم الله لتحقيـق غـرض أساسـي وهـو " عبـادة الله " عـز وجـل ، وتوحيـده .
قـال تعالــى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَا مِـن قَبْلِــكَ مِـن رَّسُــولٍ إِلاَّ نُوحِــي إِلَيْـهِ أَنَّـهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنَـافَاعْبُـدُونِ } .سورة الأنبياء / آية : 25 .

* كمـا يجـب أن نؤمـن بـأن رسـل الله جميعـًا كانـوا رجـالاً مـن البشـر .
قـال تعالـى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَا قَبْلَـكَ إِلاَّ رِجَـالاً نُّوحِـي إِلَيْهِـمْ ... } .سورة الأنبياء / آية : 7 .

* ويجـب أن نؤمـن أن الله سـبحانه لـم يخصهـم بطبائـع أخـرى غيـر الطبائـع البشـرية ، وإنمـا اختارهـم الله سـبحانـه مـن الرجـال الذيـن يأكلـون ويشـربون ، ويمشـون فـي الأسـواق ، وينامـون ، ويجلسـون ويضحكـون ، ولهـم أزواج وذريـة ، ويتعرضـون للأذى ، وتمتـد إليهـم أيـدي الظلمـة ، وينالهـم الاضطهـاد ، وأنهـم يموتـون ، وقـد يقتلـون بغيـر حـق ، وأنهـم يتألمـون ويصيبهـم المـرض وسـائر الأعـراض البشـرية التـي لا تـؤدي إلـى نقـص فـي مراتبهـم العليـة بيـن الخلـق .

وقـد دل علـى ذلـك كثيـر مـن النصـوص منهـا :
قولـه تعالـى : { وَمَـا مُحَمَّـدٌ إِلاَّ رَسُـولٌ قَـدْ خَلَـتْ مِـن قَبْلِـهِ الرُّسُـلُ أَفَـإِن مَّـاتَ أَوْ قُتِـلَ انقَلَبْتُـمْ عَلَـى أَعْقَابِكُـمْ وَمَـن يَنقَلِـبْ عَلَـىَ عَقِبَيْـهِ فَلَـن يَضُـرَّ اللّهَ شَـيْئاً وَسَـيَجْزِي اللّهُ الشَّـاكِرِينَ } . سورة آل عمران / آية :144

وقولـه تعالـى :{ وَمـا أَرْسَـلْنَا قَبْلَـكَ مِـنَ الْمُرْسَـلِينَ إِلاَّ إِنَّهُـمْ لَيَأْكُلُـونَ الطَّعَـامَ وَيَمْشُـونَ فِـي الأَسْـوَاقِ ... } . سورة الفرقان / آية : 20 .

وقولـه تعالـى : { وَلَقَـدْ أَرْسَـلْنَا رُسُـلاً مِّـن قَبْلِـكَ وَجَعَلْنَـا لَهُـمْ أَزْوَاجـاً وَذُرِّيَّـةً ... } .
سورة الرعد / آية : 38 .


وكـان صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم يمـرض ويتألـم ، وكـان يصيبـه الحـر والبـرد والجـوع والعطـش والغضـب والتعـب ..... .
* يجـب أن نؤمـن بأن الله أيدهـم بالمعجـزات الباهـرات ، والآيـات الظاهـرات ، الدالـة علـى صدقهـم فيمـا
علـى صدقهـم فيمـا جـاءوا بـه مـن عنـد ربهـم تبـارك وتعالـى .

والمعجـزات هـي : مـا يجريـه الله علـى أيـدي رسـله وأنبيائـه مـن خـوارق العـادات التـى
يتحـدُّون بهـا العبـاد .
فنؤمـن بكـل مـا ذكـر فـي القـرآن الكريـم منهـا ، وبمـا وردت فيـه الأحاديـث الصحيحـة عـن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .

يجـب أن نؤمـن بـأن الله فضـل بعـض الرسـل علـى بعـض .
لقولـه تعالـى : { تِلْـكَ الرُّسُـلُ فَضَّلْنَـا بَعْضَهُـمْ عَلَـى بَعْـضٍ مِّنْهُـم مَّـن كَلَّـمَ اللّهُ وَرَفَـعَ بَعْضَهُـمْ دَرَجَـاتٍ ... } . سورة البقرة / آية : 253 .

نؤمـن بـأن أفضلهـم وأفضـل البشــر علـى الإطـلاق نبينـا محمـد بـن عبـد الله ـ صلى اللهعليه وعلى آله وسلم ـ .
* فعـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قـال :
" أنـا سـيد ولـد آدم يــوم القيامــة ، وأول مـن ينشــق عنـه القبــر ، وأول شـافع وأول مشـفع " .

رواه مسلم / ج : 4 . ذكره الشيخ مقبل رحمه الله في كتابه : الشفاعة / ص : 34 .


ويجـب أن نؤمـن أن رسـولنا ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ هـو خاتـم الأنبيـاء .
لقولـه تعالـى : { ... وَلَكِـن رَّسُـولَ اللَّهِ وَخَاتَـمَ النَّبِيِّيـنَ ... } .
سورة الأحزاب / آية : 40 .وقـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : " مثلـي ومثـل الأنبيـاء كمثـل رجـل بنـى بنيانـًا فأحسـنه وأجملـه إلا موضـع لبنـة مـن زاويـة من زوايـاه ، فجعـل النـاسيطوفـون بـه ، ويعجبـون لـه ، ويقولـون : هـلا وضعـت هـذه اللبِنَـة ، قـال صلـى الله عليـه وعلـى آله وسـلم : فأنـا اللبنـة وأنـا خاتـم النبييـن " . متفق عليه .
واللفظ لمسلم .
ويجـب أن نؤمـن بتجريـد متابعـة الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
قـال تعالـى : { قُـلْ إِن كُنتُـمْ تُحِبُّـونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِـي يُحْبِبْكُـمُ اللّهُ ... } .
سورة آل عمران / آية : 31 .

وقـال تعالـى : { فَـلاَ وَرَبِّـكَ لاَ يُؤْمِنُـونَ حَتَّـىَ يُحَكِّمُـوكَ فِيمَـا شَـجَرَ بَيْنَهُـمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِـهِمْ حَرَجـًا مِّمَّـا قَضَيْـتَ وَيُسَـلِّمُواْ تَسْـلِيمًا } .
سورة النساء / آية : 65 .


يجـب أن نؤمـن بأنـه صلـوات الله وسـلامه عليـه مبعـوث للنـاس جميعـًا .
قـال تعالـى : { وَمَـا أَرْسَـلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّـةً لِّلنَّـاسِ بَشِـيرًا وَنَذِيـرًا ... } .
سورة سبأ / آية : 28

أم أبي التراب
05-27-2021, 01:18 AM
تم بحمد الله الجزء الأول

الجزء الثاني

خامسًـا : الإيمــان " باليــوم الآخــر "