المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موعظة قيمة لمن تدبرها من وصايا الرسول.


أم سليمان
11-01-2010, 09:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا

فيه مباركٌ عليه كما يحب ربنا ويرضى،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه

وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا-.

أما بعد:
فيا أيها الناس: إنه لا علاج للقلوب إلا بكتاب الله،
وبسنة رسوله-عليه الصلاة والسلام-، ولا علاج
للأوضاع ولا صلاح للمجتمعات والأسر إلا بهذا الدين،
بكتاب الله وبسنة رسوله-صلوات الله وسلامه
عليه وعلى آله-، وعلى فهم السلف الصالح.
وسنبقى في هذه الليلة، في هذا اليوم الأول
من شهر شعبان عام واحد وثلاثين وأربعمائة
وألف هجرية، في هذا المسجد المبارك-
مسجد السنة-في مفرق حبيش، مع وصية
عظيمة ومباركة من وصايا (http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/showthread.php?t=2115)رسول الله-
صلى الله عليه وآله وسلم-، هي موعظة
لمن تدبرها، ووصية جامعة لمن فقهها.
وذلك كما في حديث معاذ بن جبل-
رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله-
صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
(اعبد الله ولا تشرك به شيئًا، واعمل لله
كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى،
واذكر الله عند كل حجر وشجر، وإذا
عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة،
السر بالسر والعلانية بالعلانية)

أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب،
وحَسَنَّه الألباني-رحمة الله عليه-في
صحيح الجامع وفي السلسلة الصحيحة.

إن شاء الله تحفظون هذا الحديث،
وسأقرأ عليكم ثلاثًا ثم ندخل في تفاصيل
معناه، موعظة (http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/showthread.php?t=2115)نبوية، ونصيحة نبوية،
ووصية نبوية من عمل بها أفلح في الدنيا والآخرة.
عن معاذ بن جبل-رضي الله عنه-قال:
قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
(اعبد الله ولا تشرك به شيئًا، واعمل لله كأنك تراه،
واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند
كل حجر وشجر، وإذا عملت سيئة فاعمل
بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية)
أخرجه الطبراني في الكبير، والبيهقي
في الشعب، وحَسَّنَه الشيخ الألباني-
رحمة الله عليه-في صحيح الجامع وفي السلسلة الصحيحة.

الحديث مرة ثالثة حتى يحفظ، عن معاذ بن جبل-
رضي الله عنه-قال:
قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
(اعبد الله ولا تشرك به شيئًا، واعمل لله كأنك تراه،
واعدد نفسك في الموتى، واذكر الله عند كل
حجر وشجر، وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها
حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية)
أخرجه الإمام الطبراني في الكبير، والبيهقي
في الشعب-رحمة الله عليهما-،
وحَسَنَّه الشيخ الألباني-رحمة الله عليه-
في صحيح الجامع وفي السلسلة الصحيحة.

هذه الوصية النبوية المباركة اشتملت على
ست مسائل، وهي كما تعلمون لا تختص
بمعاذ بن جبل-رضي الله عنه-، لأن الأصل
عموم التشريع لجميع الأمة، وتعرفون أيضًا
منزلة معاذ-رضي الله عنه-وأنه أعلم هذه الأمة
بالحلال والحرام، وأنه يأتي يوم القيامة أمام
العلماء، فهذا الحديث مما حفظه لنا معاذ-
رضي الله عنه-
عن رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-.
الفقرة الأولى: قوله-عليه الصلاة والسلام-:
(اعبد الله)فيها الأمر بعبادة الله-سبحانه وتعالى-
وأنها واجبة، واجب على العباد أن يعبدوا الله-
سبحانه وتعالى-، كما قال الله:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ
مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
(22/البقرة).

الله يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)اخضعوا له،
وأطيعوه، ونفذوا أوامره، واجتنبوا نواهيه
تفلحوا في الدنيا والآخرة، وهكذا يأمر
رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
بما أمر الله به.

فرسول الله-عليه الصلاة والسلام-يتخلق بالقرآن،
ويتأدب بالقرآن، يمتثل لأوامره، ويجتنب نواهيه،
ويأمر بما أمر به، وينهى بما نهى عنه
(كان خلقه القرآن) (1) كما قالت عائشة أم المؤمنين-
رضي الله عنها-، (اعبد الله)لا تترك العبادة
فإنه لا فلاح لك إلا بها، لا فوز ولا فلاح
ولا سعادة إلا بالعبودية لله-سبحانه وتعالى-.
وانظروا إلى إبليس حين تكبر عن العبودية
لله ماذا فعل الله به؟!، طرده ولعنه وغضب
عليه وأشقاه الشقاوة الأبدية السرمدية، نسأل الله
العافية والسلامة، مع أنه أب-أب الجن-
وآدم أبو البشر، هذا أب وهذا أب، وهذا والد وهذا والد.

ولكن آدم-عليه السلام-خضع لله وعبد الله
فرفعه الله، وصار نبيًا من الأنبياء، ومن
عباد الله الصالحين المقربين عند الله، منزلته
عند الله عظيمة ورفيعة، ولَمَّا أغواه إبليس رجع
إلى الله وتاب إلى الله، وتاب الله عليه وبالتوبة كأن
شيئًا لم يكن أن تاب تابَ الله عليه.
لكن إبليس عاند وكابر واستكبر،لم يخضع
لأوامر الله فلعنه الله وطرده وغضب عليه
وسخط عليه، وما من مؤمن ولا مؤمنة ولا
مسلم ولا مسلمة من الإنس ومن الجن إلا وهو
يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
نسأل الله السلامة والعافية.
جميع المسلمين والمسلمات من ذرية آدم
ومن ذرية إبليس يقولون هذا: أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم، يستعيذون بالله من شَرِّه
ومن كيده ومن مكره نسأل الله العافية والسلامة،
مُسِخْ شر مَسْخَه بعد أن كان مع الملائكة،
هو من الجن لكن كان مع الملائكة يعبد الله فلَمَّا
تكبر لعنه الله.
فالعبودية لا بد منها لا فلاح لأحد ولا سعادة
إلا بها،قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)،
وفي هذا الحديث: (اعبد الله)اخضع له واخشع له
وتذلل بين يديه، وكما تعلمون أن العبادة لا تقبل
إلا بشرطين اثنين الإخلاص والمتابعة، ذكر
الرسول بعد هذه الجملة.
الجملة الثانية: قال: (ولا تشرك به شيئًا)، شيئًا نكرة في
سياق النهي تفيد العموم فيدخل جميع أنواع الشرك،
سواءً أكان شرك التشريع الذي هو البدع في الدين
قال تعالى:
(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ...)
(الشورى/21)،وقال: (...وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)
(الكهف/26)، البدعة داخلة في الشرك-في شرك التشريع-
، والإخلاص ضده الرياء، الرياء داخل في الشرك.
فإذًا قوله: (ولا تشرك به شيئًا)تضمن
الإخلاص والمتابعة، لا تشرك بالله شيئًا في
ربوبيته ولا في إلوهيته ولا في أسمائه وصفاته
ولا في تشريعه، لا تقبل إلا شرع الله الذي جاء به
رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
كلمات مختصرة ولكن معانيها عظيمة، شرحها
وبيانها وتوضيحها عظيم، ويمكنك أن تقوم
بخطبة لهذا الحديث أو بمحاضرة تعلم الناس
تُذكِّر الناس وتحفظهم حديث الرسول-
صلى الله عليه وعلى آله وسلم-الذي لا ينطق عن
الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى،
(اعبد الله ولا تشرك به شيئًا).
هاتان الجملتان الأوليان من حققهما أفلح في الدنيا
والآخرة، حقق العبودية لله، واجتنب الشرك
بجميع أنواعه ومظاهره، فحين عبد الله صار
عابدًا، صار من العُبَّاد من الصالحين من المتقين
من المؤمنين، وحينما اجتنب الشرك صار من
أهل التوحيد ومن أهل الإخلاص ومن أهل الإتباع.
متبع للكتاب والسنة، لم يقع في شرك الملحدين
-الشرك في الربوبية-، ولا في شرك القبوريين
-الشرك في الإلوهية-، ولا في شرك الجهمية
ومن نحا نحوهم-الشرك في الأسماء والصفات
-، ولا في شرك التشريع بل هو موحد، وكما
يقول أهل العلم: (ما أطلقه الله في كتابه أو رسوله
-عليه الصلاة والسلم-فلا تقيدوه)ما أطلقه الله فأطلقوه
لا تُقَيِّدْ.
قال: (ولا تشرك به شيئًا)لم يقل في الدعاء أو
في الذبح أو في النذر، ما قَيَّده في شرك الإلوهية
إنما أطلقه، فأنت أيضًا تطلقه، فمن حقق كما قلنا
هاتين الجملتين صار من عباد الله الصالحين
المؤمنين المتقين، عابد وموحد ومتبع ومخلص، ثم
قال: (واعمل لله كأنك تراه).
الجملة الثالثة: (واعمل لله كأنك تراه)فيها الإخلاص
وفيها الإحسان وفيها المراقبة لله، الخوف من الله، الخشية
من الله، لا تعامل الناس عامل ربك، اتق الله، واخش الله،
الله هو المطلع على سرك وعلانيتك، الله هو المحاسب
لك، الله هو الذي يعلم ظاهرك وباطنك، وهو الذي
خلقك، وهو أعلم بك من نفسك، وهو الذي
سيحاسبك،
قال تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ(25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)
(الغاشية/26).
مهما شرقوا ومهما غربوا ومهما ذهبوا هنا وهناك
المرجع إلى الله قال: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ)مرجعهم إلينا
شرقوا أو غربوا ذهبوا يمنة أو يسرة مرجعهم إلينا،
ثم قال: (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ)وحسابهم علينا الله-
سبحانه وتعالى-هو المحاسب وهو الحسيب وهو
الرقيب وهو الشهيد وهو الذي قال:
(... لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ)
(آل عمران/5).
(واعمل لله كأنك تراه)متى صار العبد كذلك
يعمل لله كأنه يراه، انتفى عنه الرياء، والسمعة،
والشرك، وأن يريد بعمله أي مقصد من مقاصد
الدنيا لأنه يعامل الله، وأيضًا صار مجتنبًا لِمَا حرم
الله لأنه يعلم أن الله يراه، فيجتنب الحرام-الخمر،
والربا، والزنا، واللواط، والاستمناء، وجميع
المحرمات-لأنه أيقن أن الله مطلع عليه
(واعمل لله كأنك تراه).
هذا الحديث إذا طبقه الناس انتهت المشاكل،
كل واحد يراقب الله، انتهت الفتن، الكذب، اللف
والدوران، الظلم، الاغتصاب، المحرمات، صار
كل واحد يراقب الله-سبحانه وتعالى-.
(واعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى)
الله أكبر! تصور يا عبد الله، تصور
الرسول-عليه الصلاة والسلام-يوصيك بهذه -
الوصية، كيف يكون لهذه الوصية العظيمة
من قيمة، تقول: رسول الله أوصاني بهذه الوصية!!
، (واعدد نفسك في الموتى)، في الموتى ليس
في أعمال الخير، أعمال الخير أنت إن شاء الله
من الأحياء، في أعمال الخير أنت من الأحياء
وأنت من اليقظين، يقظ، نبيل، نبيه، ذكي،
عملك عمل خيرية.
لكن الشر الفتن المصائب اعدد نفسك من الموتى،
متى جاء الشر تذكر الموت جاءت البدعة جاءت
المعصية جاءت الفتن جاءت المشاكل، جاء إتباع
الهوى جاء الظلم للناس وأخذ الأموال
وأخذ الممتلكات، والافتراءات عليهم والكذب
وتزوير السجلات والأيمان الفاجرة وشهادات الزور.
يقول لك: (اعدد نفسك من الموتى)هذا يردعك،
لكن في أعمال الخير لا ، في أعمال الخير كن
نشيطًا مجتهدًا فيما يقربك إلى الله-سبحانه وتعالى
-، سواءً كان في عمل تنفق على أهلك هذا عمل
خير، تشتغل لتنفق على أهلك وعلى أولادك
وعلى والديك تَعُفُّهُم عن المسألة، هذا عمل صالح،
أنت لم تعمل من أجل المباهاة والتفاخر، إنما تَعُفُّهُم
وتسد حاجتهم في المأكل في المشرب في الملبس
في العلاج. هذا إذا احتسبته أجره عند الله عظيم،
لكن بما أحل الله لك، تعمل بما أحل الله لك،
فيما يوافق الشرع، وتؤدي الواجبات التي
افترضها الله عليك، من صلاة وصيام وزكاة وحج،
وطلب علم ودعوة إلى الله وصلة رحم إلى غير ذلك.
وتبتعد عما حرم الله عليك، فما كان من أعمال الخي
ر لا تعد نفسك فيه في الموتى، أنت محتاج للعمل
الصالح أنت محتاج لِمَا يقربك من الله، تصلي
بنشاط وتصوم بنشاط، تحج وتعتمر بنشاط، وتطلب
العلم بنشاط، وتدعوا إلى الله بنشاط، وتصل أرحامك،
تبر والديك، تحسن إلى جيرانك بنشاط، أعمال
صالحة تفرح بها تنشط في أداءها.
لكن كما سمعت إذا جاء الشر، إذا جاءت الفتن
(واعدد نفسك في الموتى)، لا تشارك في الشر انتبه!،
إن شاركت رجع وبال ذلك عليك، فعند الشر تذكر
الموت ليكون معينًا لك على ترك الشر،
ترك البدع، ترك المعاصي، ترك إتباع الشيطان
وإتباع الهوى، ترك التعاون على الإثم والعدوان،
تذكر الموت أنك ستموت،
(واعدد نفسك في الموتى)نسأل الله الثبات.
(واذكر الله عند كل شجر وحجر)الله أكبر
(عند كل حجر وشجر)، كم في الدنيا من أحجار
وكم من أشجار؟، يحثك على الإكثار من ذكر الله
(عند كل شجر وحجر)، معناه استكثر وهو لك،
هذا من الأعمال الصالحة، الحجر يشهد لك والشجر
يشهد لك احمد ربك، يأتوا يوم القيامة شهود لك أنك
ذكرت الله في هذا الوادي في طوله وعرضه، في
طريقك وأنت ماشي أو راكب، وأنك ذكرت الله
في هذا الجبل صاعد أو هابط، وأنك ذكرت الله
في تلك الهضاب والتلال والشعاب.
وفي طريقك في المدن في القرى تذكر الله-
سبحانه وتعالى-،كما قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)
(42/الأحزاب)،وقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ...)(آل عمران/191).
سبحان الله، الذكر الشرعي وليس المبتدع، لأنها قاعدة
نمشي عليها: أن العبادة لا تقبل إلا بشرطين الإخلاص
والمتابعة، وأن العبادة على أصلها المنع والتوقف
إلا بنص، وأن العمل إذا كان محدثًا كان ردًا
على صاحبه كما قال-عليه الصلاة والسلام-:
(من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)مردود.(2)
الذكر يكون ذكر شرعي عمل صالح، لأن العمل لا
يكون صالحًا إلا بهذين الشرطين الإخلاص
والمتابعة، متى فقد المتابعة ما صار صالحًا، صار
فاسدًا، خبيثًا، منتنًا، وبالاً على صاحبه لأنه بدعة
في الدين، وهكذا متى كان غير خالص لله، ما كان
صالحًا، فهذه الوصايا من الرسول-عليه الصلاة
والسلام-هي لك إذا عملت بها أنت المستفيد،
(واذكر الله عند كل حجر وشجر).
وانظر أيضًا إلى بعض الناس كم يتكلمون بكلام
نسأل الله العافية والسلامة، لا يفتر ولا يَكَل ولا يَمِل
ولا يسئم الكلام الذي ما فيه فائدة، وأحيانًا يكون
كلام من الكبائر فما هو من الصغائر، من كبائر
الذنوب ومن صغائر الذنوب وكلام لا ينفع، ويثقل
عليه أن يذكر الله، نسأل الله الثبات.
هذه من الشقاوة ومن الخذلان ومن عدم
التوفيق، لسانك مثل المسجل، حتى وقت الأكل يأكل
ويتكلم، يا ليت بخير-الخير بذكر-، تعجب من
بعضهم تقول: أعوذ بالله كم عنده من تجلد للكلام،
لا يتعب حلقه ولا لسانه ولا بدنه ولا شيء.
لكن أنت جزآك الله خير-كُن مثله إنما في الخير،
كن هكذا كثير الذكر، كثير الطاعة، الخير، العلم،
الدعوة، التعليم، التحفيظ، نصائح توجيه، كلهم
بحق وفي حدود الكتاب والسنة، في حدود ما ينفع
ولا يضر، (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)
(آل عمران/190)، لأولى الألباب: لأصحاب
العقول، من هم هؤلاء أصحاب العقول؟، قال:
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ... )
(آل عمران/191).
وانظروا إلى بدعة التصوف كيف خدعهم الشيطان،
خدعهم أنه يذكر الله، يتجمعون للذكر الجماعي
ويذكرون الله قائمين وراكعين، بعض الطرق
الصوفية هكذا يصطفون مثل الصلاة صف مقابل صف
وأذكار قائم وراكع، هذه من البدع هيأة أحدثوها.
والمراد بالآية قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، أن القيام
حصل بدون تقصد، والقعود كذلك، وعلى جنوبهم
كذلك، بحسب حالهم، كان قائمًا فذكر الله، قعد
ذكر الله، أما أن يتقصد أن يقوم ويقعد هذا غير مطلوب.
والرسول-عليه الصلاة والسلام-هو أعلم بكتاب
الله مِنَّا ما فعل هذا، تطبيقه تفسير للقرآن، إنما يكون
بحسب حالك، إذا أنت قائم اذكر الله، وإذا أنت قاعد
كذلك وإذا أنت مضطجع أذكر ربك لا تغفل عن
ذكر الله، وذكر الله يكون باللسان ويكون بالقلب
ويكون بتذكر الأحكام الشرعية الوعد والوعيد
والأسماء والصفات كله هذا ذكر لله-عز وجل-.
إنسان يأتي بفوائد ونصائح هذا يذكر الله، إنسان
يعلم الناس الفقه ويعلمهم الدين هذا ذكر لله-
عز وجل-، والقرآن ذكر والدعاء ذكر والاستغفار ذكر،
ومن ذكر الله خاليًا ذكره ففاضت عيناه، قد يكون
ما تفوه بلسانه ذكر الله بقلبه ففاضت عيناه بالدموع،
ذكر الله باب واسع لا يختص باللسان، اللسان جزء
من ذلك.فالله يكون على بالك، الله على بالك،
خوفًا، ورجاءً، وتوكلًا، واعتصامًا، ومحبةً،
وولاءً، وقبولًا لأحكامه وتشريعاته، وحبًا لأوليائه
وأصفيائه من الملائكة والأنبياء والمرسلين
والصالحين هذا كله ذكر لله-سبحانه وتعالى-،
بدل من أن تذكر الدنيا والقيل والقال والباطل
أذكر الله-سبحانه وتعالى-،
(وأذكر الله عند كل حجر وشجر).
(وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة،
السر بالسر والعلانية بالعلانية)، هو لا يأمرك بفعل
السيئة، ما قال اعمل السيئة هذا ما يجوز، لكن
أنت بشر ما أنت معصوم ولا أنت ملك، فإذا حصل
منك أنك فعلت سيئة بلسانك أو بجوارحك، حصل
هذا فيقول: (اعمل بجنبها حسنة)، السيئة السرية
الحسنة مثلها، والسيئة العلنية الحسنة مثلها
(السر بالسر والعلانية بالعلانية).
ومتى كان هذا من الشخص، لو حصل منه زلة
أتبعها بحسنة قال الله:
(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)
(هود/114)، قلنا من عمل سيئة أتبعها بحسنة.
مثلًا: رفع صوته على أبيه أو قال له اسكت، أو قال لأمه
اسكتي، سيئة ثم ندم استغفر، أو توضأ وصلى ركعتين،
أو تصدق بصدقة، ما شاء الله هذا إنسان موفق،
شعر بالمعصية شعر بالزلة.
خاصم أخاه المسلم وأغلظ عليه في غير موضعه،
لأنه أحيانا يكون في موضعه إذا شد عليه في
صالحه، لكن عرف أنه تجاوز بكلمة بكلمتين
بثلاث(كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون)(3)
قال: أتبعها بحسنة (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).
هناك ناس يأتون بالسيئات تلو السيئات ولا يبالون،
هؤلاء على خطر عظيم، سيأتي يوم القيامة وإذا
بسجل أعمالهم ممتلئ بالسيئات ما في حسنات،
وإذا بالسيئات تفني الحسنات، الآية
(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)، لكن دل على ذلك
الحديث، حديث أبي هريرة عند مسلم
(حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت
عليه ثم القي في النار).
ففيه أن السيئات تفني الحسنات، والجمع
واضح بين الآية والحديث، فإذا كانت الحسنات
كثيرة أكثر من السيئات (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)
لأن الحسنات أكثر، لكن إذا كان العكس السيئات
أكثر والحسنات اقل يكون العكس،
(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ).
كما في حديث أبي هريرة عند مسلم حديث
المفلس، لما سئل الرسول الصحابة-رضي الله عنهم-
: (أتدرون من المفلس؟)، هو هذا، يأتي بحسنات
كأمثال الجبال ولكن هناك تبعات وهناك حقوق
عليه وهناك مطالبون وحقوقهم أكثر.
ولهذا قيل له مفلس، لما قيل له مفلس لماذا؟، لأنه كان
عنده حسنات كالجبال فأفلس، أما لو كان ما هو من
البداية ما عنده حسنات هذا ما يقال له مفلس، إنسان
فقير معروف بين الناس أنه فقير ما يقال أنه أفلس،
ما يقال أفلس إلا إذا كان غنيًا وكان يقال له في التجارة،
عرف بين الناس بالغنى والتجارة البيع والشراء
والاستيراد، ثم بعد فتره أفلس، تحمل ديون وانتهى
كل ما عنده هذا يقال له أفلس، أما الفقير من أصله
ما يقال مفلس، يقال هذا فقير.
فهذا أفلس لأنه كان عنده حسنات كأمثال الجبال،
لكن يأتي وقد ضرب هذا ولطم هذا وشتم هذا وسب
هذا وقذف هذا وسفك دم هذا حتى وإن كان ما قتله
ضربه وسال الدم، فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا
من حسناته ولهذا من حسناته حتى إذا فنيت
حسناته أخذ من سيئاتهم، حسناته انتهت وما يزال
عليه حقوق، قال: أخذ من سيئاتهم وطرحت عليه
ثم ألقي في النار، يرمى به في النار
نسأل الله العافية والسلامة.
فيا عبد الله: إحفظ هذا الحديث-بارك الله فيك-
، واعرف معناه وانشره بين الناس، حتى تكون من
ضمن من نشر سنة رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم
-، وأحاديث رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-،
وممن حفظها وعمل بها وعسى الله أن ينفعك به.
هذه الستة جمل إذا جعلتها نصب عينيك فعسى
الله أن ينفعك بها، تكون عابدًا، وتكون موحدًا
ومخلصًا، وتكون محسنًا، ومراقبًا لله-سبحانه وتعالى
-، وعند الشر تَعُدْ نفسك في الموتى، عند الشر
عند الفتن عند المحن عند المصائب عُدْ نفسك من
الموتى، أما في الخير عد نفسك في الأحياء في الخير،
في العباد في الصالحين في المؤمنين في المتقين في
المجتهدين في طلب العلم والدعوة إلى الله.
(واذكر بك عند كل حجر وشجر) الله أكبر، بيتك فيه
الحجارة وقد يكون عند الباب الأشجار وفي طريقك
الأشجار أذكر الله الذكر الشرعي، وابتعد عن المعاصي
لكن إذا زل لسانك أو قلمك أو يدك أو رجلك أتبعها
بحسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية تمحها
تمحى تلك، وإذا طولبت بها فعندك رصيد، يوم
القيامة الحساب يكون على الحسنات والسيئات،
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8)(الزلزلة)،
فأنت محتاج للحسنات.
ثم أيضًا أنت الآن في الدنيا عندك نعم كثيرة أنعم الله
بها عليك، وفي جسمك ثلاث مائة وستون مفصلًا،
ثلاث مائة وستون الله أكبر، مفصل عاملًا متحركًا
معينًا مساعدًا في اليدين في الرجلين في الرقبة في
الظهر في كل جسمك، ثلاث مائة وستين.
يصبح على مفصل من هذه المفاصل في كل يوم
صدقة، شكرًا لله الذي من عليك بهذا العظم وبهذا
المفصل، كل يوم ثلاث مائة وستين، بعض الناس
ما يقدر يفي بهذا المطلوب يوميًا ثلاث مائة
وستين إلا من رحم الله.
فمعناه أنت أيضًا عليك حقوق عندك نعم كثيرة
دينية ودنيوية، وأنت مطالب بالقيام بشكرها،
فإذا كنت مقصرًا معناه أنك تجمع على نفسك
حقوق، حقوق لله-سبحانه وتعالى-وحقوق لخلقه،
فحسناتك إذا كانت يسيرة لا تفي بهذه الحقوق.
قال: (فكل تسبيحه صدقة، وكل تحميد صدقة،
وكل تهليله صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر
بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة)
إلى أن قال:
(ويجزئه من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)(4)
ما كل الناس يصلون إلا من رحم الله، ركعتان في
الضحى تقومان مقام ثلاث مائة وستين صدقة، فهل
أنت محافظ على صلاة الضحى؟، إلا من رحم الله.
فالله الله يا عبد الله، هذه المجالس لعل الله ينفعك بها،
لا تبخل بها على نفسك واحتسبها عند الله، وحيث كنت
في أي قرية في أي مدينة تسمع بموعظة من كتاب
الله ومن سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،
لا تبخل على نفسك، فعسى الله أن يوفقك بكلمة تسمعها.

الدنيا كذابة، جلساء السوء كذلك، والهوى والشيطان
أعداء كثر عن يمينك وعن شمالك من أمامك
ومن خلفك، فتن كثيرة عظيمة، فمالك إلا الله ثم مثل
هذه المجالس التي تزيد في إيمانك، وتزيد في علمك
وفي عملك الصالح، أيضًا مع الابتعاد عن جلساء السوء.
انظروا إلى قوم نوح نسأل الله العافية والسلامة،
وإلى صبر نوح-عليه السلام-،مكث في قومه ألف سنة
إلا خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، وهم يستهزؤون به
ولا حول ولا قوة إلا بالله، جلساء سوء تجمعوا
يعين بعضهم بعضًا، ويشجع بعضهم بعضًا، الخير
ما قبلوه، والشر قبلوه، وهو صابر وهم يستهزؤون
به وهو صابر، ويسخرون منه وهو صابر.
وفي الأخير عرفتم ما أصابهم أو ما أصاب آخرهم،
الذين قد ماتوْا ماتوا إلى جهنم، وكان يوصي بعضهم
أن لا يتبعوه، وصية باطلة لكن هكذا جلساء السوء
عَبُّوْهُم، آخر شيء جاءهم الغرق العام الذي عَمَّ
الأرض بأكملها، وهم ينظرون وعلى أن الجبال
ينجون فيها، ما نجو أغرقهم الله أجمعين إلا من
آمن مع نوح-عليه السلام-في السفينة الله نجاهم.
جاءهم الغرق العام غضب الله عليهم سخط الله
عليهم ومن الغرق إلى الحرق، من الغرق بالماء
إلى الحرق بالنار، ليل ونهار أبد الآبدين لأن
الحجة قامت عليهم، أقامها نوح-عليه السلام-
نبي الله ورسول الله، هو أول رسول إلى أهل
الأرض، أقامها ولكنهم ما قبلوها.
ظنوا أن المسألة مهزلة كما يفعل بعض الناس،
ينصح بالصلاة ينصح بالدين يسخر ويضحك
ويستهزئ، وسيندم إذا لم يقبل النصيحة والحق
سيندم إما عاجلًا في الدنيا إن هداه الله، وإما
آجلًا بعد الموت في الوقت الذي لا ينفع فيه
الندم بعد الموت.
فنتواصى جميعًا بتقوى الله-سبحانه وتعالى-،
والتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله-عليه
الصلاة والسلام-أسأل الله التوفيق لي ولكم ولجميع
المسلمين، وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.


تم بحمد الله.....
بتصرف يسير.....
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأربعاء الموافق: 10/ شعبان/
1431 للهجرة النبوية الشريفة.
وهذا تحقيق الأحاديث
(1)
((كان خلقه القرآن ))
الراوي: عائشة المحدث: الألباني (http://www.muslma1.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الجامع (http://www.muslma1.net/book/3741&ajax=1) -
الصفحة أو الرقم: 4811
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(2)
((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ))
الراوي: عائشة المحدث: مسلم (http://www.muslma1.net/mhd/261)- المصدر:
صحيح مسلم (http://www.muslma1.net/book/3088&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1718
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(3)
( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://www.muslma1.net/mhd/1420)-
المصدر: صحيح ابن ماجه (http://www.muslma1.net/book/13560&ajax=1) - الصفحة
أو الرقم: 3447
خلاصة حكم المحدث: حسن
(4)
(يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ،
فكل تسبيحة صدقة ، و كل تحميدة صدقة ،
و كل تهليلة صدقة ، و أمر بالمعروف صدقة ،
و نهي عن المنكر صدقة ، و يجزي من ذلك
كله ركعتان تركعهما من الضحى)
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: الألباني (http://www.muslma1.net/mhd/1420)-
المصدر: صحيح الجامع (http://www.muslma1.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم:
8097خلاصة حكم المحدث: صحيح

أم أبي التراب
11-01-2010, 02:16 PM
السلام عليك ورحمة الله وبركاته

حبيبتي أم سليمان

عودًا حميدًا

جزاك الله خيرًا

نصائح غالية

أم سليمان
11-03-2010, 04:08 PM
معلمتي الحبيبة
جزاك الله خيرًا سعد بمرور
أسعد الله في الدارين
وبارك الله فيكِ على مرورك العطر

أم حذيفة
11-04-2010, 01:03 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك