المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمتثال السلف


أم حذيفة
01-18-2011, 01:48 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


لقد ضرب سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين أروع الأمثلة
في الامتثال لأمره صلى الله عليه وسلم ،
وكان أمره صلى الله عليه وسلم يتنزل عليهم
بردًا وسلامًا أينما وجدوا وعلى أي حال كانوا،
فيجدون في قلوبهم همة على تنفيذه والقيام به،
فمن ذلك أنهم نفذوا ما أمر به أو جاء عنه حتى
وهم ركوع فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
«كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ
وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ
يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ
صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ
صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ
أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ»([1]).

وكان صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته الكرام
أن طاعته من طاعة الله عز وجل، وكان موقفه
صلى الله عليه وسلم في هذا يصدر عن حبه
إياهم وخوفه عليهم من أن يكون عدم طاعتهم
إياه سببًا في أن يحول الله بينهم وبين قلوبهم،
وتحول نعمته عنهم فيكونوا من الخاسرين في
الدنيا والآخرة، فعَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَدَعَاهُ
قَالَ فَصَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي
قَالَ كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ»([2])
فكان هذا الامتثال، وكانت هذه الطاعة لأمره
صلى الله عليه وسلم ديدنهم في الحياة،
فطاعته هي الخير كله، ولم يزل الصحابة الكرام
بعد موته صلى الله عليه وسلم على النهج سائرين،
فحفظوا العهد الذي فارقهم عليه صلى الله عليه وسلم وهو السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وفي
الشدة والرخاء، فمن ذلك ما رواه عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
جَاءَ أَبُو سَعِيدٍ وَمَرْوَانُ يَخْطُبُ فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ
فَأَتَاهُ الْحَرَسُ يَمْنَعُونَهُ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَتْرُكُهُمَا وَقَدْ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِهِمَا»([3])
فقد كان مروان بن الحكم أميرًا على المدينة،
وكان يقدم خطبة العيد على الصلاة بدعوى أن الناس
لا يجلسون له إن صلى قبل الخطبة فقدم الخطبة
على الصلاة وهذا مخالفٌ لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ،
وكان أبو سعيد يأتمر بأمره
صلى الله عليه وسلم حيًّا وميتًا، وإن أزعج هذا الأمراء.
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ
إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
صَاعًا مِنْ طَعَامٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ صَاعًا
مِنْ أَقِطٍ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ
عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ
لَا أُرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ إِلَّا تَعْدِلُ صَاعًا
مِنْ هَذَا فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ لَا أَزَالُ
أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَدًا مَا عِشْتُ»([4])
ولم يكن معاوية رضي الله عنه مخالفًا للسنة
ولكنه اجتهاد رآه، ولكنَّ هذا الاجتهاد لم يعجب أبا سعيد
وفضل التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
ومعاوية كان من الوقافين عند سُنَّة
المصطفى صلى الله عليه وسلم ممتثلا لأمره
فعن جبير بن نفير أنه سمع معاوية يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له:
إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم.
قال معاوية: فإني لا أتبع الريبة فيهم فأفسدهم»([5])

تابع .. امِتْثَالُ السّلَفِ الأَبْرَارِ لأَمْرِ النّبِيِّ المُخْتَارِ

---------------------------
([1]) رواه البخاري 41، مسلم 252، الترمذي 340، النسائي 488، ابن ماجة 1010.
([2]) رواه مسلم 806، النسائي 912.
([3]) رواه الترمذي 511، النسائي 1408، ابن ماجة 1113، صحيح الترمذي 2/385.
([4]) رواه البخاري 1505، مسلم 985، أبو داود 1616، الترمذي 673، النسائي/ 2511.
([5]) صحيح الأدب المفرد 1/96.

منقول من صيد الفوائد