المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قلـــوب الصائمين


أم سليمان
05-15-2011, 01:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فقد ورد في الآثار عن السلف -رحمهم الله- أنهم كانوا يدعون
الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ذاك الشهر العظيم الذي تتوق
للقياه قلوب العابدين للاستزادة من القرب من رب العالمين.


قلوب الصائمين


( الإنابـــــة )


فإن من عبادات القلوب ، الإنابة إلى علاّم الغيوب،
و الإنابة إقبال القلب على الله عزّ وجلّ وحده ، وانجذاب
دواعي القلب لمراضي الله .
قال قتادة :( المنيب هو التائب المقبل على الله) ،
وقال ابن زيد:( الإنابة هي الرجوع إلى الطاعة والنزوع
عمّا يُضادّها من معاصي الله).
ومن أنواع العبادة .. الإنابة، وهي التوجه إلى الله ،وهي
التوبة النصوح ، وهي الرجوع إلى الله تعالى ،
إنابة أولياء الله .. هي إنابة لإلهيته ، إنابة عبودية ومحبة ،
وتتضمن أربعة أمور :
· محبة الله .
· والخضوع له .
· والإقبال عليه .
· والإعراض عمّا سواه .
فلا يستحق اسم المنيب الا من اجتمعت فيه هذه الأربع الخلال .

الإنابة

.. هي عكوف القلب على الله عزّ وجل ، كاعتكاف البدن

في المسجد لا يفارقه ، وحقيقة ذلك .. عكوف القلب على محبة

الله ، وعلى ذكره بالإجلال والتعظيم له ، مع عكوف الجوارح
على طاعته بالإخلاص له والمتابعة .
كثيرا ً ما يتكرر في القرآن ذكر الإنابة والأمر بها ، والإنابة
هي الرجوع إلى الله ، وانصراف دواعي القلب ودواعيه إليه ،
وهي تتضمن المحبة والخشية ، فإن المنيب محباً لمن أناب إليه
خاضع إليه ، خاضع له ، خاشع ذليل.
وقد أمر الله عزّ وجل بالإنابة ..وحثّ عليها ، كما قال سبحانه:
{وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=39&nAya=54'))}.
الإنابة إلى الله: صفة أولياء الله وأنبياءه وأصفياءه ..قال تعالى:
{إنَّ إبرَاهِيمَ لَحَلِيم ٌأوّاهٌ مُنِيب}وَقَالَ تعالى : { إِنْ أُرِيدُ إِلا (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=11&nAya=88'))
الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ]

الإنابة إلى الله: سبب من أسباب صفاء الذهن , وقدرته على
الاعتبار والتفكّر ، فإن الله تعالى لما ذكر الآيات الكونية في
سورة ق ، ذكر منها {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=6'))
وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ } إلى قوله سبحانه {تَبْصِرَةً وَذِكْرَى (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=8'))
لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } ، فالعبد المنيب ينفعه الله جلّ وعلا ـ بالذكرى ،

وقال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَـزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=40&nAya=13'))
رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلا مَنْ يُنِيبُ }،غافر (13)

وقال:




{أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=34&nAya=9'))

وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا

مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ }.سبأ
الإنابة إلى الله : من أسباب دخول الجنّة ، قال تعالى:
{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=31'))* هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=32'))
أَوَّابٍ حَفِيظٍ *مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=33'))
*ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=50&nAya=34'))}.
الإنابة إلى الله .. سبب للهداية ..وطريق من طرق الاستقامة
..قال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ }
، وقال سبحانه: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ }.
صلاح القلب وفلاحه وسعادته معلّق بالإنابة إلى الله ..الإنابة إلى
الله ، سبب لخيري الدنيا والآخرة ، وقد بشّر الله تعالى أصحاب
الإنابة فقال سبحانه : {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا (http://javascript<b></b>:AyatServices('/Quran/ayat_services.asp?l=arb&nSora=39&nAya=17'))
إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ }.الزمر
وقد ذكر الله في كتابه العظيم في غير موضع ، أن من تمام نعمة الله
على عباده المؤمنين .. أن ينزل بهم الشدّة والضر مما يلجأهم إلى
توحيده ، فيدعون الله مخلصين له الدين ، ويرجون الله ـ جلَّ وعلا ـ
لا يرجون أحداً سواه ، وتتعلق قلوبهم بالله وحده لا بغيره ، وحينئذٍ،
يحصل لهم من التوكل عليه ، ومن الإنابة إليه ، ومن حلاوة الإيمان
وذوق طعمه ، والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال
المرض أو الخوف أو الجذب ، أو حصول اليسر وزوال العسر في
المعيشة ، فإن تلك الأمور لذّات بدنية ، ونعم دنيوية قد يحصل
للكافر منها ، أعظم مما يحصل للمؤمن .
وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين في دينهم ، فأعظم من أن يتمكن
مرء من الحديث عن وصفه ، أو أن يعبّر عن كنهه مقال ، أو يستحضر
تفصيله بال ، وكل مؤمن له من ذلك نصيب بقدر إيمانه .
وأصل الإنابة .. محبة القلب وخضوعه وذله للمحبوب المراد ..
وكمال الإنابة يكون بالفرح والسرور بالقرب منه جلّ وعلا .
الإنابة إلى الله من أحب أنواع العبودية لله .. وإنما تتحقق الإنابة
إلى الله ببذل النفس لله.. وتقديم محبة الله على كل ما سواه .
والعلم يورث الخشية ..والزهد يورث الراحة ..والمعرفة تورث الإنابة ..
ومن أعظم أسباب انشراح الصدر..أن ينيب العبد إلى ربه سبحانه وتعالى ،
وأن يقبل عليه ، فحينئذٍ لا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك .
والناس في إنابتهم إلى الله على درجات متفاوتة ...
* فمنهم المنيب إلى الله بالرجوع إليه من المخالفات والمعاصي ،
وهذه الإنابة مصدرها مطالعات الوعيد .. والحامل عليها العلم والخشية والحذر.
*ومن الناس من يكون منيبا إلى الله بالدخول في أنواع العبادات
والقربات.. فهو ساع ٍ فيها بجهده ، قد حبب إليه فعل الطاعات
وأنواع القربات ، وهذه الإنابة مصدرها الرجاء ومطالعة الوعد ..
ومصدرها استحضار الإنسان للثواب ، ومحبة الكرامة من الله ،
وهذا القسم ابسط نفوساً من أهل القسم الأول ، وأشرح صدورا ..
وجانب الرجاء ومطالعة الرحمة والمنّة أغلب عليهم ،
و الا فكلّ واحد من الفريقين منيب بالأمرين جميعا .
*ومن العباد من يكون منيب إلى الله بالتضرع والدعاء والافتقار إلى
الله ، والرغبة إليه سبحانه ، وسؤال الحاجات كلها منه .. ومصدر هذه
الإنابة هو شهود الفضل والمنّة والغنى التام والكرم والقدرة الكاملة .
فمن كان عارفاً بأن الله ـ جلَّ وعلا ـ متصف بذلك ، فإنه سينزل بالله حوائجه
، ويعلّق به آماله ، فإنابة هذا القسم من هذه الجهة مع قيامهم بالأمر .
ولكن إنابتهم من هذه الجهة قاصرة ،لأن الإنابة ينبغي أن تكون من جهة
الخوف ، و من جهة الرجاء ، ومن جهة التضرع ، ومن جهة المحبة .
ولذلك فإن من ينيب إلى الله في وقت الشدائد .. فإنه لم يرزق الإنابة
الخاصة ..وحينئذٍ تكون إنابة هذا القسم إنابة اضطرار لا اختيار .
وأما أعلى أنواع الإنابة ..فإنابة الروح بجملتها إلى الله في جميع الأوقات ،
بحيث يكون العبد دائم الاتصال بالله ، دائم الرجوع إليه سبحانه ..
اعترافاً بنعمه ، وأملاً في فضله ،وخوفاً من عقابه ، ورجاءاً لكرمه ،
مع تضرعه بإزالة ما يحصل لديه من المصائب ، ومن أنواع المكروهات ..
أسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلنا و إياكم منيبين إليه سبحانه .. ممن
يستحضر نعمة الله عليه ..ويستحضر قدرة الله عليه في جميع أوقاته .
هذا والله أعلم .. وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
من إعداد فضيلة الشييخ ناصر الشثري -حفظه الله

منقول

هند
05-15-2011, 10:23 AM
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

غاليتس أم سليمان
جزاكِ الله خيراً
http://www.ahl-alsonah.com/up/upfiles/DTh84545.gif