ملتقى قطرات العلم النسائي

ملتقى قطرات العلم النسائي (http://www.katarat1.com/forum/index.php)
-   ملتقى عام (http://www.katarat1.com/forum/forumdisplay.php?f=8)
-   -   تعظيم الأجر في أيام العشر (http://www.katarat1.com/forum/showthread.php?t=2159)

توبة 09-15-2015 09:58 PM

تعظيم الأجر في أيام العشر
 





تعظيم الأجر في أيام العشر

الحمد لله الذي جعل لعباده الصالحين مواسمَ يستكثرون فيها مِن العملِ الصالح، وأمدَّ في آجالِهم فهُم بين غادٍ في الخير ورائِح. وأشهد أن لا إله إلا الله، يهدي مَنْ يشاء ويُعافي فضلًا، ويُضِلُّ مَنْ يشاء ويخذلُ عدْلًا. فهذا خاسرٌ وذاك رابِح، ولا يهلِكُ على الله إلا هالِك.

وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، أعظم داعٍ إلى الله وناصح، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وأصحابه، الطيبين الطاهرين، ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا. أما بعد:
عباد الله: ما زال ربُّكم الرؤوفُ الرحيمُ يُوالي عليكم مواسمَ الخيرِ والبركات، ويتيحُ لكم الأوقاتِ لِفعْلِ الخيرات، فما أنْ خرجَ رمضانُ حتى دخلت أشهرُ الحجِّ إلى بيتِ الله الحرام، شهران منها حُرُم: ذو القَعْدة، وذو الحجة.

وخيرُ الأشهرِ الحُرم شهرُ ذي الحجة، لوقوعِ أعمال الحج فيه، ولكوْن خيرِ الأيام فيه، ففيه: يومُ عرفة، ويومُ النحر: يومُ الحج الأكبر.

( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [القصص: 68].

ألَا، وإنَّكم في استقبال عشرٍ أقسَم اللهُ تعالى بلياليها في الكتاب، وأيامٍ عظَّم اللهُ شأنَها في محكم الخطاب، والقَسَمُ بالشيء دليلٌ على أهميتِه وعظيمِ نفْعِه، قال تعالى:( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [الفجر: 1، 2]. قال الحافظُ ابنُ كثير رحمه الله: «المراد بها عشرُ ذي الحجة»[1]، وهو قولُ ابنِ عباس وغيرِه.

وهي الأيام المعلومات التي أمر اللهُ بذكره فيها، قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) [الحج: 28]، «قال ابنُ عباس: واذكرُوا اللهَ في أيَّامٍ معلُوماتٍ أيَّامُ العشْرِ، والأيامُ المعدُودَاتُ: أيَّامُ التَّشريقِ»[2].

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللهِ عز وجل مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ، يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ». قالوا: يا رسولَ الله، ولَا الجِهادُ في سبيلِ الله؟ قال: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»، رواه البخاري، وأبو داود، واللفظ له[3].

وعن ابنِ عمر رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ»، رواه أحمد[4].

واسمع - رعاك الله - ما قاله أئمةُ الإسلام في قدْرِ هذه الأيام. قال الحافظُ ابن كثير رحمه الله: «فضَّلَه كثيرٌ على عشْرِ رمضانَ الأخير، لأنَّ هذا يُشرَعُ فيه ما يُشرَعُ في ذلك، مِن صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وغيره، ويمتاز هذا باختصاصِ أداءِ فرْض الحجِّ فيه»[5].

وقال الإمامُ ابن رجب رحمه الله: «والتحقيقُ أنْ يُقال: مجموعُ هذا العشْرِ أفضلُ مِن مجموعِ عشْرِ رمضان، وإنْ كان في عشْرِ رمضان ليلةٌ لا يفْضُلُ عليها غيرها. والله أعلم»[6].

وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «أيامُ عشْرِ ذي الحجةِ أفضلُ مِن أيامِ العشْرِ مِن رمضان، وليالي العشرُ الأواخر من رمضان أفضلُ من عشر ذي الحجة»[7].

فالعجبُ، والله المستعان، مِنْ غفلةِ الأنامِ عن هذه الأيام، مع أنها غُرّةٌ في جبينِ الزمانِ، ولا حول ولا قوة إلا بالله الكريمِ المنَّان.

فاحرص رحمك الله على مواسمِ الخير، فإنَّ الثواءَ قليلٌ، والرحيلَ قريبٌ، والطريقَ مَخُوفٌ، والاغترارَ غالبٌ، والخطرَ عظيمٌ، والناقدَ بصيرٌ، والله تعالى بالمرصاد، وإليه الرجوع والمآب.

( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) [النجم: 39 - 41]،( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة: 7، 8].

فاقدروها رحمكم الله حقَّ قدْرِها، وعظِّموا شعائرَ الله فيها، إن بقِيتُم حتى أدركتموها( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32]

استقبلوها بالتوبةِ النّصوح، فإنَّ الذنوبَ تَحرِمُ الإنسانَ فضْلَ ربِّه، وتحجبُ قلبَه عن مولاه، فما حُرِم أحدٌ خيرًا في الدنيا والآخرة إلا بسببِ ذنوبِه، فإنها تمحقُ بركةَ العمر، وبركةَ العلم، وبركةَ العمل، وبركةَ الرزق، وبركةَ الطاعة. فلا تجد أقلَّ بركةً ممَّن عصى اللهَ ورسولَه، ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

فالذنوبُ أوزارٌ وأثقال، تمنعُ السَّيرَ إلى اللهِ أو تُضعِفه، (حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) [الأنعام: 31].

أما آنَ أنْ تُقيَّد الأقدامُ عن الآثام، أما آنْ؟ وتُكفَّ الأكفُ عما لا يحِلُّ مِن الحرام، والألسنُ عن القيلِ والقالِ والهذيان، والغيبةِ والبهتان؟( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) [الجاثية: 21].

احذروا المعاصيَ في هذه الأيام؛ فإنَّ إثمَها عند اللهِ أعظم، ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) [التوبة: 36].



http://dc618.4shared.com/img/jMzDR_h...36331838619002
[1] «تفسير القرآن العظيم»، (8/ 390).
[2] ذكره البخاري تعليقا في «صحيحه» في العيدين، باب فضل العمل في أيَّام التَّشْريق.
[3] حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه: رواه البخاري في العيدين، باب فضل العمل في
أيام التشريق، رقم (969)، ورواه أبو داود، واللفظ له، في الصيام، باب في صوم العشر، رقم (2438).

[4] رواه أحمد، رقم (5446) الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : ضعيف الترغيب
الصفحة أو الرقم: 735 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف .
[5] «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير، (5/ 416).
[6] «لطائف المعارف»، (ص: 593).
[7] «مجموع الفتاوى»، (25/ 287).
[8] ذكره محمد بن نصر المروزي في «مختصر قيام الليل وقيام رمضان»، (ص: 247)، وينظر: «الدر المنثور»، (15/ 402-403).











هند 09-17-2015 10:04 AM

حبيبتى توبة
http://im84.gulfup.com/oyQynq.gif


الساعة الآن 02:04 AM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir

a.d - i.s.s.w