ملتقى قطرات العلم النسائي

ملتقى قطرات العلم النسائي (http://www.katarat1.com/forum/index.php)
-   ملتقى عام (http://www.katarat1.com/forum/forumdisplay.php?f=8)
-   -   🍃🍂 كتاب الداء والدواء للشيخ ابن القيم الجوزية🍂🍃 (http://www.katarat1.com/forum/showthread.php?t=2927)

أم حذيفة 11-27-2019 11:05 PM

🍃🍂 كتاب الداء والدواء للشيخ ابن القيم الجوزية🍂🍃
 
🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
بحول الله و قوته نبدأ
في نقل كتاب جديد

🍃🍂 كتاب الداء والدواء 🍂🍃

🍃🍂للشيخ ابن القيم الجوزية🍂🍃

الذي توفي عام ١٣٤٩ ميلادية
وهو من علماء الدين الإسلامي في القرن الثامن الهجري.
ولد في دمشق ودرس على يد ابن تيمية الدمشقي وتأثر به

🍂🍃 نسأل الله أن يرزقنا السداد و التوفيق
وان يجعله علما نافعا لنا جميعا .

🍂🍃 اللهم ارزقنا العلم النافع والعمل الصالح
و ارزقنا الإخلاص في القول والعمل
وتقبل منا يارب العالمين .


أم حذيفة 11-27-2019 11:07 PM


🍂🍃 لكل داء دواء 🍃🍂

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
ما تقول السادة العلماء، أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين - في رجل ابتلي ببلية وعلم أنها إن استمرت به أفسدت دنياه وآخرته، وقد اجتهد في دفعها عن نفسه بكل طريق، فما يزداد إلا توقدا وشدة، فما الحيلة في دفعها؟ وما الطريق إلى كشفها؟ فرحم الله من أعان مبتلى، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، أفتونا مأجورين رحمكم الله تعالى.
فأجاب الشيخ الإمام العالم، شيخ الإسلام مفتي المسلمين، شمس الدين أبو عبد الله بن أبي بكر أيوب إمام المدرسة الجوزية رحمه الله تعالى.
لكل داء دواء
🍂🍃 الحمد لله
أما بعد :
فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال:
(( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء )) .
وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله :
(( لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله ))
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أسامة بن شريك عن النبي - صل الله عليه وسلم - قال:
(( إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله )) ،
وفي لفظ :
(( إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، أو دواء، إلا داء واحدا، قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم ))
قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
دواء العي السؤال

أم حذيفة 11-27-2019 11:14 PM



🍂🍃2⃣🍃🍂

🍃 وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها، وقد جعل النبي - صل الله عليه وسلم - الجهل داء، وجعل دواءه سؤال العلماء.
فروى أبو داود في سننه من حديث جابر بن عبد الله قال: «خرَجْنا في سفَرٍ فأصابَ رجلًا منَّا حجَرٌ فشجَّهُ في رأسِهِ ثمَّ احتَلمَ فسألَ أصحابَهُ فقالَ هل تَجِدونَ لي رخصةً في التَّيمُّمِ فَقالوا ما نجِدُ لَكَ رُخصةً وأنتَ تقدرُ علَى الماءِ فاغتسَلَ فماتَ فلمَّا قدِمنا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُخْبِرَ بذلِكَ فقالَ قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ألا سألوا إذْ لَم يعلَموا فإنَّما شفاءُ العيِّ السُّؤالُ إنَّما كانَ يَكْفيهِ أن يتيمَّمَ ويعصرَ - أو يعصبَ شَكَّ موسَى - علَى جرحِهِ خرقةً ثمَّ يمسحَ عليها ويغسِلَ سائرَ جسدِهِ

الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود

الصفحة أو الرقم: 336 | خلاصة حكم المحدث : حسن دون قوله: "إنما كان يكفيه"

🍂🍃القرآن شفاء🍃🍂

وقد أخبر سبحانه عن القرآن أنه شفاء، فقال الله تعالى: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}
[سورة فصلت: ٤٤]
وقال {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}
[سورة الإسراء: ٨٢] .
و " من " هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، فإن القرآن كله شفاء، كما قال في الآية المتقدمة، فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب، فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أشجع في إزالة الداء من القرآن.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد قال: «اأنَّ رَهْطًا مِن أصْحَابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انْطَلَقُوا في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا بحَيٍّ مِن أحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لو أتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قدْ نَزَلُوا بكُمْ، لَعَلَّهُ أنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شيءٌ، فأتَوْهُمْ فَقالوا: يا أيُّها الرَّهْطُ، إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، فَسَعَيْنَا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَهلْ عِنْدَ أحَدٍ مِنكُم شيءٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، واللَّهِ إنِّي لَرَاقٍ، ولَكِنْ واللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أنَا برَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ ويَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ حتَّى لَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي ما به قَلَبَةٌ، قَالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقَالَ: وما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أصَبْتُمْ، اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكُمْ بسَهْمٍ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 5749 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

أم حذيفة 12-04-2019 07:19 AM


🍂🍃3⃣🍃🍂


🍃 فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله - صل الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهما.»
فقد أثر (هذا) الدواء في هذا الداء، وأزاله حتى كأن لم يكن، وهو أسهل دواء وأيسره، ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة، لرأى لها تأثيرا عجيبا في الشفاء.
ومكثت بمكة مدة يعتريني أدواء ولا أجد طبيبا ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيرا عجيبا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما، وكان كثير منهم يبرأ سريعا.
ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها، هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحل، وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول، فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام، وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء.

🍂🍃الدعاء يدفع المكروه 🍃🍂

وكذلك الدعاء، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه، إما لضعفه في نفسه - بأن يكون دعاء لا يحبه الله، لما فيه من العدوان - وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا، فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو، وغلبتها عليها.
كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي - صل الله عليه وسلم - «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» .

🍂🍃دعاء الغافل🍃🍂

«واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه» فهذا دواء نافع مزيل للداء، ولكن غفلة القلب عن الله تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها.
كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - «يا أيها الناس،

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 12-12-2019 01:13 AM

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃


🍂🍃4⃣🍃🍂

🍃 إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} [المؤمنون: ٥١] وقال: {ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: ١٧٢] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟» .
وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه: أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجا، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم :
إنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلي أكفا قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم؟ ولن تزدادوا مني إلا بعدا.
وقال أبو ذر: يكفي من الدعاء مع البر، ما يكفي الطعام من الملح.
🍃فصل الدعاء من أنفع الأدوية🍃

فصل
الدعاء من أنفع الأدوية
والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدفعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن.
كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض» .
للدعاء مع البلاء مقامات.
🍃 وله مع البلاء ثلاث مقامات:
أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه، وإن كان ضعيفا.
الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 12-19-2019 01:52 AM

🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

🍂🍃 5⃣ 🍃🍂


↩ «لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة» .
وفيه أيضا من حديث ابن عمر عن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء» .
وفيه أيضا من حديث ثوبان عن النبي - صل الله عليه وسلم - «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» .

🍃 فصل الإلحاح في الدعاء 🍃

الإلحاح في الدعاء
ومن أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء.
وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه» .
وفي صحيح الحاكم من حديث أنس عن النبي - صل الله عليه وسلم: «لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد» .
وذكر الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «إن الله يحب الملحين في الدعاء» .
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة، فهو يدعو: يا رب يا رب لعل الله عز وجل أن ينجيه.

🍃فصل من آفات الدعاء🍃

ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه: أن يستعجل العبد، ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صل الله عليه وسلم - قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» .
وفي صحيح مسلم عنه: «لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» .

🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂

أم حذيفة 12-26-2019 04:39 AM

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂


🍂🍃 6⃣ 🍃🍂


وفي مسند أحمد من حديث أنس قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا: يا رسول الله كيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي» .

🍃 فصل أوقات الإجابة 🍃

فصل
أوقات الإجابة
وإذا جمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة، وهي:
الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر.
وصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي الرب، وذلا له، وتضرعا، ورقة.
واستقبل الداعي القبلة.
وكان على طهارة.
ورفع يديه إلى الله.
وبدأ بحمد الله والثناء عليه.
ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده ورسوله - صل الله عليه وسلم -.
ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار.
ثم دخل على الله، وألح عليه في المسألة، وتملقه ودعاه رغبة ورهبة.
وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده.
وقدم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا، ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي - صل الله عليه وسلم - أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم.
أدعية مأثورة
فمنها ما في السنن (وفي) صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله - صل الله عليه وسلم - «سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال: لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب وفي لفظ: لقد سألت الله باسمه الأعظم.»

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂

أم حذيفة 01-09-2020 06:56 PM



🍂🍃 7⃣ 🍃🍂

وفي السنن وصحيح ابن حبان أيضا من حديث أنس بن مالك «أنه كان مع رسول الله - صل الله عليه وسلم - جالسا ورجل يصلي، ثم دعا فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. فقال النبي - صل الله عليه وسلم: لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى.»
أخرج الحديثين أحمد في مسنده.
وفي جامع الترمذي، من حديث أسماء بنت يزيد أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} [سورة البقرة: ١٦٣] .
وفاتحة آل عمران {الم - الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ،» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي مسند أحمد وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: «ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام» - يعني: تعلقوا بها والزموا وداوموا عليها.
وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صل الله عليه وسلم - كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء، وإذا اجتهد في الدعاء، قال: يا حي يا قيوم» .
وفيه أيضا من حديث أنس بن مالك، قال: «كان النبي - صل الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر قال: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث.»
وفي صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة عن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: (( اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: البقرة، وآل عمران، وطه، قال القاسم: فالتمستها فإذا هي آية {الحي القيوم } .
وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: «دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت " {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [سورة الأنبياء: ٨٧]
إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.» قال الترمذي: حديث صحيح.

🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂

أم حذيفة 01-16-2020 12:48 AM



🍂🍃8⃣🍃🍂

وفي مستدرك الحاكم أيضا من حديث سعد عن النبي - صل الله عليه وسلم -
(( ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم، فدعا به يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون )) .
وفي صحيحه أيضا عنه أنه سمع النبي - صل الله عليه وسلم - وهو يقول:
(( هل أدلكم على اسم الله الأعظم؟ دعاء يونس، فقال رجل: يا رسول الله، هل كان ليونس خاصة؟ فقال ألا تسمع قوله:
{فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين}
[سورة الأنبياء: ٨٨]
فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد، وإن برئ برئ مغفورا له )) .
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس
(( أن رسول الله - صل الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع، ورب الأرض، ورب العرش الكريم.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل بي كرب أن أقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين )) .
وفي مسنده أيضا من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: :
(( ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي؛ ))
إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحا، فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ قال:
(( بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ))
وقال ابن مسعود: ما كرب نبي من الأنبياء، إلا استغاث بالتسبيح.
وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المجابين، وفي الدعاء عن الحسن، قال: كان رجل من أصحاب النبي - صل الله عليه وسلم -
(( من الأنصار يكنى أبا معلق وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره، يضرب به في الآفاق، وكان ناسكا ورعا، فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح، فقال له: ضع ما معك فإني قاتلك، قال: فما تريده من دمي؟ شأنك بالمال، قال: أما المال فلي، ولست أريد إلا دمك، قال: أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات، قال صل ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات، فكان من دعائه في آخر سجوده أن قال: يا ودود يا ودود، يا ذا العرش ))

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 06-12-2020 01:39 AM



🍂🍃9⃣🍃
🍂

(( فكان من دعائه في آخر سجوده أن قال: يا ودود يا ودود، يا ذا العرش
المجيد، يا فعالا لما تريد، أسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني، ثلاث مرات، فإذا هو بفارس قد أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص أقبل نحوه، فطعنه فقتله، ثم أقبل إليه، فقال: قم، فقال: من أنت بأبي أنت وأمي؟ فقد أغاثني الله بك اليوم، فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة، دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني، فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت بدعائك الثالث، فقيل لي: دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله، قال الحسن: فمن توضأ وصلى أربع ركعات، ودعا بهذا الدعاء، استجيب له، مكروبا كان أو غير مكروب.

[فصل ظروف الدعاء]

فصل
ظروف الدعاء
وكثيرا ما تجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم، فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله، أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرا لحسنته، أو صادف وقت إجابة، ونحو ذلك، فأجيبت دعوته، فيظن الظان أن السر في لفظ ذلك الدعاء فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي، وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي استعماله على الوجه الذي ينبغي، فانتفع به، فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب، كان غالطا، وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس.
ومن هذا قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب، فيظن الجاهل أن السر للقبر، ولم يعلم أن السر للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله، فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله، كان أفضل وأحب إلى الله.

[فصل شروط الدعاء المستجاب]

فصل
شروط الدعاء المستجاب
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود؛ حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة، لم يحصل الأثر

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 06-16-2020 12:24 AM



🍂🍃🔟🍃🍂

وهاهنا سؤال مشهور وهو:
أن المدعو به إن كان قد قدر لم يكن بد من وقوعه، دعا به العبد أو لم يدع، وإن لم يكن قد قدر لم يقع، سواء سأله العبد أو لم يسأله.
فظنت طائفة صحة هذا السؤال، فتركت الدعاء وقالت: لا فائدة فيه، وهؤلاء مع فرط جهلهم وضلالهم، متناقضون فإن طرد مذهبهم يوجب تعطيل جميع الأسباب فيقال لأحدهم:
إن كان الشبع والري قد قدرا لك فلابد من وقوعهما، أكلت أو لم تأكل، وإن لم يقدرا لم يقعا أكلت أو لم تأكل.
وإن كان الولد قدر لك فلابد منه، وطئت الزوجة أو الأمة أو لم تطأ، وإن لم يقدر لم يكن، فلا حاجة إلى التزويج والتسري، وهلم جرا.
فهل يقول هذا عاقل أو آدمي؟ بل الحيوان البهيم مفطور على مباشرة الأسباب التي بها قوامه وحياته، فالحيوانات أعقل وأفهم من هؤلاء الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
وتكايس بعضهم وقال: الاشتغال بالدعاء من باب التعبد المحض يثيب الله عليه الداعي، من غير أن يكون له تأثير في المطلوب بوجه ما ولا فرق عند هذا المتكيس بين الدعاء والإمساك عنه بالقلب واللسان في التأثير في حصول المطلوب، وارتباط الدعاء عندهم به كارتباط السكوت ولا فرق.
وقالت طائفة أخرى أكيس من هؤلاء: بل الدعاء علامة مجردة نصبها الله سبحانه أمارة على قضاء الحاجة، فمتى وفق العبد للدعاء كان ذلك علامة له وأمارة على أن حاجته قد انقضت، وهذا كما إذا رأيت غيما أسود باردا في زمن الشتاء، فإن ذلك دليل وعلامة على أنه يمطر.
قالوا: وهكذا حكم الطاعات مع الثواب، والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لا أنها أسباب له.
وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحرق مع الإحراق، والإزهاق مع القتل ليس

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 06-16-2020 12:26 AM


🍂🍃1⃣1⃣🍃🍂

شيء من ذلك سببا البتة، ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه، إلا مجرد الاقتران العادي، لا التأثير السببي وخالفوا بذلك الحس والعقل، والشرع والفطرة، وسائر طوائف العقلاء، بل أضحكوا عليهم العقلاء.
وللصواب أن هاهنا قسما ثالثا، غير ما ذكره السائل، وهو أن هذا المقدور قدر بأسباب، ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجردا عن سببه، ولكن قدر بسببه، فمتى أتى العبد بالسبب، وقع المقدور، ومتى لم يأت بالسبب انتفى المقدور، وهذا كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب وقدر الولد بالوطء، وقدر حصول الزرع بالبذر، وقدر خروج نفس الحيوان بذبحه، وكذلك قدر دخول الجنة بالأعمال، ودخول النار بالأعمال، وهذا القسم هو الحق، وهذا الذي حرمه السائل ولم يوفق له.
الدعاء من أقوى الأسباب
وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قدر وقوع المدعو به بالدعاء لم يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب وجميع الحركات والأعمال، وليس شيء من الأسباب أنفع من الدعاء، ولا أبلغ في حصول المطلوب.
عمر يستنصر بالدعاء
ولما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله - صل الله عليه وسلم - وأفقههم في دينه، كانوا أقوم بهذا السبب وشروطه وآدابه من غيرهم.
وكان عمر - رضي الله عنه - يستنصر به على عدوه، وكان أعظم جنديه، وكان يقول لأصحابه: لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء، وكان يقول: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمتم الدعاء، فإن الإجابة معه، وأخذ الشاعر هذا المعنى فنظمه فقال:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفيك ما علمتني الطلبا
فمن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، فإن الله سبحانه يقول: {ادعوني أستجب لكم}
[سورة غافر: ٦٠]
وقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان }

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 08-20-2020 01:17 AM

[SIZE="5"]"]
🍃🍂1⃣2⃣🍃🍂

وفي سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «من لم يسأل الله يغضب عليه» .
وهذا يدل على أن رضاءه في سؤاله وطاعته، وإذا رضي الرب تبارك وتعالى فكل خير في رضاه، كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه.
وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب الزهد أثرا [ «أنا الله، لا إله إلا أنا، إذا رضيت باركت، وليس لبركتي منتهى وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد» ] .
وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم - على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها - على أن التقرب إلى رب العالمين، وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله، واستدفعت نقمته، بمثل طاعته، والتقرب إليه، والإحسان إلى خلقه.
ارتباط الخير والشر بالعمل
وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والآخرة، وحصول السرور في الدنيا والآخرة في كتابه على الأعمال، ترتب الجزاء على الشرط، والمعلول على العلة، والمسبب على السبب، وهذا في القرآن يزيد على ألف موضع.
فتارة يرتب الحكم الخبري الكوني والأمر الشرعي على الوصف المناسب له كقوله تعالى: {عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} [سورة الأعراف: ١٦٦] .
وقوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [سورة الزخرف: ٥٥] .
وقوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا} [المائدة: ٨٣] .
وقوله: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} [الأحزاب: ٣٥] .
وهذا كثير جدا

أم حذيفة 08-20-2020 01:20 AM


🍂🍃1⃣3⃣🍃🍂

وتارة يرتبه عليه بصيغة الشرط والجزاء كقوله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم} [سورة الأنفال: ٢٩] .
وقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [التوبة: ١١] .
وقوله: {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا} [سورة الجن: ١٦] .
ونظائره.
وتارة يأتي بلام التعليل كقوله: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [سورة ص: ٢٩] .
وقوله: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} [سورة البقرة: ١٤٣] .
وتارة يأتي بأداة كي التي للتعليل كقوله: {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} [سورة الحشر: ٧٧] .
وتارة يأتي بباء السببية، كقوله تعالى: {ذلك بما قدمت أيديكم} [سورة آل عمران: ١٨٢] .
وقوله: {بما كنتم تعملون} [سورة المائدة: ١٠٥] .
وقوله: {بما كنتم تكسبون} ، وقوله: {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله} [سورة آل عمران: ١١٢] .
وتارة يأتي بالمفعول لأجله ظاهرا أو محذوفا، كقوله: {فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} [سورة البقرة: ٢٨٢] .
وكقوله تعالى: {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [سورة الأعراف: ١٧٢]


أم حذيفة 08-20-2020 11:34 PM


🍂🍃1⃣4⃣🍃🍂

وقوله: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} [سورة الأنعام: ١٥٦] ، أي: كراهة أن تقولوا.
وتارة يأتي بفاء السببية كقوله: {فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها} [سورة الشمس: ١٤] .
وقوله: {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} [سورة الحاقة: ١٠] .
وقوله: {فكذبوهما فكانوا من المهلكين} المؤمنون: ٤٨] .
وتارة يأتي بأداة [لما] الدالة على الجزاء، كقوله: {فلما آسفونا انتقمنا منهم} [سورة الزخرف: ٥٥] .
ونظائره.
وتارة يأتي بإن وما عملت فيه، كقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} [سورة الأنبياء: ٩٠] .
وقوله في ضوء هؤلاء: {إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين} [الأنبياء: ٧٧] .
وتارة يأتي بأداة " لولا "، الدالة على ارتباط ما قبلها بما بعدها، كقوله: {فلولا أنه كان من المسبحين - للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [سورة الصافات: ١٤٣ - ١٤٤] .
وتارة يأتي " بلو " الدالة على الشرط كقوله: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم} [سورة النساء: ٦٦] .
وبالجملة فالقرآن من أوله إلى آخره صريح في ترتب الجزاء بالخير والشر والأحكام الكونية والأمرية على الأسباب، بل ترتيب أحكام الدنيا والآخرة ومصالحهما ومفاسدهما على الأسباب والأعمال.
ومن تفقه في هذه المسألة وتأملها حق التأمل انتفع بها غاية النفع، ولم يتكل على القدر جهلا منه، وعجزا وتفريطا وإضاعة، فيكون توكله عجزا، وعجزه توكلا،


🍂🍃1⃣5⃣🍃🍂

بل الفقيه كل الفقه الذي يرد القدر بالقدر، ويدفع القدر بالقدر، ويعارض القدر بالقدر، بل لا يمكن لإنسان أن يعيش إلا بذلك، فإن الجوع والعطش والبرد وأنواع المخاوف والمحاذير هي من القدر.
والخلق كلهم ساهون في دفع هذا القدر بالقدر، وهكذا من وفقه الله وألهمه رشده يدفع قدر العقوبة الأخروية بقدر التوبة والإيمان والأعمال الصالحة، فهذا وزان القدر المخوف في الدنيا وما يضاده سواء، فرب الدارين واحد وحكمته واحدة لا يناقض بعضها بعضا، ولا يبطل بعضها بعضا، فهذه المسألة من أشرف المسائل لمن عرف قدرها، ورعاها حق رعايتها، والله المستعان.
لكن يبقى عليه أمران بهما تتم سعادته وفلاحه.
أحدهما: أن يعرف تفاصيل أسباب الشر والخير، ويكون له بصيرة في ذلك بما يشاهده في العالم، وما جربه في نفسه وغيره، وما سمعه من أخبار الأمم قديما وحديثا.
التاريخ تفصيل لما جاء عن الله
ومن أنفع ما في ذلك تدبر القرآن فإنه كفيل بذلك على أكمل الوجوه، وفيه أسباب الخير والشر جميعا مفصلة مبينة، ثم السنة، فإنها شقيقة القرآن، وهي الوحي الثاني، ومن صرف إليهما عنايته اكتفى بهما من غيرهما، وهما يريانك الخير والشر وأسبابهما، حتى كأنك تعاين ذلك عيانا، وبعد ذلك إذا تأملت أخبار الأمم، وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته، طابق ذلك ما علمته من القرآن والسنة، ورأيته بتفاصيل ما أخبر الله به، ووعد به، وعلمت من آياته في الآفاق ما يدلك على أن القرآن حق، وأن الرسول حق، وأن الله ينجز وعده لا محالة، فالتاريخ تفصيل لجزئيات ما عرفنا الله ورسوله من الأسباب الكلية للخير والشر.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 08-21-2020 10:26 PM



🍂🍃1⃣6⃣🍃🍂

وبفعل المندوبات تارة، وبالعلم تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة، وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء تارة، وبالاقتداء بالأكابر تارة أخرى.
خطأ في فهم الاستغفار
وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله، زال أثر الذنب وراح هذا بهذا، وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل ثم أقول: سبحان الله وبحمده، مائة مرة وقد غفر ذلك أجمعه كما صح عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال في يوم سبحان الله وبحمده، مائة مرة حطت خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر» ، وقال لي آخر من أهل مكة: نحن إذا فعل أحدنا ما فعل، اغتسل وطاف بالبيت أسبوعا وقد محي عنه ذلك، وقال لي آخر: قد صح عن النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: «أذنب عبد ذنبا، فقال: أي رب أصبت ذنبا فاغفر لي، فغفر الله ذنبه، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: أي رب أصبت ذنبا، فاغفر لي، فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، فليصنع ما شاء.» وقال: أنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به، وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء، واتكل عليها وتعلق بها بكلتا يديه وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها، سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء، وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب كقول بعضهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا ... إذا كان القدوم على كريم
وقول الآخر: التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله.
وقال الآخر: ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله واستصغار.
وقال محمد بن حزم: رأيت بعض هؤلاء يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العصمة.
التعلق بالجبر
ومن هؤلاء المغرورين من يتعلق بمسألة الجبر، وأن العبد لا فعل له البتة ولا اختيار، وإنما هو مجبور على فعل المعاصي.
التعلق بالإرجاء
ومن هؤلاء من يغتر بمسألة الإرجاء، وأن الإيمان هو مجرد التصديق، والأعمال ليست من الإيمان، وأن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل.

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 08-23-2020 12:15 AM



🍂🍃1⃣7⃣🍃🍂

الخطأ في الحب ومن هؤلاء من يغتر بمحبة الفقراء والمشايخ والصالحين، وكثرة التردد إلى قبورهم، والتضرع إليهم، والاستشفاع بهم، والتوسل إلى الله بهم، وسؤاله بحقهم عليه، وحرمتهم عنده.
ومنهم من يغتر بآبائه وأسلافه، وأن لهم عند الله مكانة وصلاحا، فلا يدعوه أن يخلصوه كما يشاهد في حضرة الملوك، فإن الملوك تهب لخواصهم ذنوب أبنائهم وأقاربهم، وإذا وقع أحد منهم في أمر مفظع خلصه أبوه وجده بجاهه ومنزلته.
الاغترار بالله
ومنهم من يغتر بأن الله عز وجل غني عن عذابه، وعذابه لا يزيد في ملكه شيئا، ورحمته له لا تنقص من ملكه شيئا، فيقول: أنا مضطر إلى رحمته، وهو أغنى الأغنياء، ولو أن فقيرا مسكينا مضطرا إلى شربة ماء عند من في داره شط يجري لما منعه منها فالله أكرم وأوسع فالمغفرة لا تنقصه شيئا والعقوبة لا تزيد في ملكه شيئا.
الاغترار بالفهم الفاسد والقرآن والسنة
ومنهم من يغتر بفهم فاسد فهمه هو وأضرابه من نصوص القرآن والسنة، فاتكلوا عليه كاتكال بعضهم على قوله تعالى:
{ولسوف يعطيك ربك فترضى}
[سورة الضحى: ٥٥] .
قال وهو لا يرضى أن يكون في النار أحد من أمته، وهذا من أقبح الجهل، وأبين الكذب عليه، فإنه يرضى بما يرضى به ربه عز وجل، والله تعالى يرضيه تعذيب الظلمة والفسقة والخونة والمصرين على الكبائر، فحاشا رسوله أن يرضى بما لا يرضى به ربه تبارك وتعالى.
وك اتكال بعضهم على قوله تعالى: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} [سورة الزمر: ٥٣]
وهذا أيضا من أقبح الجهل، فإن الشرك داخل في هذه الآية، فإنه رأس الذنوب وأساسها، ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين، فإنه يغفر ذنب كل تائب من أي ذنب كان، ولو كانت الآية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها.
وأحاديث إخراج قوم من الموحدين من النار بالشفاعة.
وهذا إنما أتى صاحبه من قلة علمه وفهمه، فإنه سبحانه هاهنا عمم وأطلق، فعلم أنه أراد التائبين، وفي سورة النساء خصص وقيد فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}
[سورة النساء: ٤٨]


🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 08-24-2020 01:01 AM



🍂🍃1⃣8⃣🍃🍂

فأخبر الله سبحانه أنه لا يغفر الشرك، وأخبر أنه يغفر ما دونه، ولو كان هذا في حق التائب لم يفرق بين الشرك وغيره، وكاغترار بعض الجهال بقوله تعالى: {ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم} [سورة الانفطار: ٦٦] فيقول: كرمه، وقد يقول بعضهم: إنه لقن المغتر حجته، وهذا جهل قبيح، وإنما غره بربه الغرور، وهو الشيطان، ونفسه الأمارة بالسوء وجهله وهواه، وأتى سبحانه بلفظ الكريم وهو السيد العظيم المطاع، الذي لا ينبغي الاغترار به، ولا إهمال حقه، فوضع هذا المغتر الغرور في غير موضعه، واغتر بمن لا ينبغي الاغترار به.
وكاغترار بعضهم بقوله تعالى في النار: {لا يصلاها إلا الأشقى - الذي كذب وتولى} [سورة الليل: ١٥ - ١٦] ، وقوله: {أعدت للكافرين} [سورة البقرة: ٢٤] .
ولم يدر هذا المغتر أن قوله: {فأنذرتكم نارا تلظى} هي نار مخصوصة من جملة دركات جهنم، ولو كانت جميع جهنم فهو سبحانه لم يقل لا يدخلها بل قال {لا يصلاها إلا الأشقى} ولا يلزم من عدم صليها، عدم دخولها، فإن الصلي أخص من الدخول، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم.
ثم هذا المغتر لو تأمل الآية التي بعدها؛ لعلم أنه غير داخل فيها، فلا يكون مضمونا له أن يجنبها.
وأما قوله في النار {أعدت للكافرين} ، فقد قال في الجنة: {أعدت للمتقين} [سورة آل عمران: ١٣٣] ولا ينافي إعداد النار للكافرين أن يدخلها الفساق والظلمة، ولا ينافي إعداد الجنة للمتقين أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من الإيمان، ولم يعمل

أم حذيفة 08-24-2020 01:02 AM


🍂🍃1⃣9⃣🍃🍂

وكاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء، أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر، أن صوم رمضان، والصلوات الخمس، أعظم وأجل من صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر.
فرمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، لا يقويا على تكفير الصغائر، إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها، فيقوى مجموع الأمرين على تكفير الصغائر.
فكيف يكفر صوم يوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها، غير تائب منها؟ هذا محال على أنه لا يمتنع أن يكون صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء مكفرا لجميع ذنوب العام على عمومه، ويكون من نصوص الوعد التي لها شروط وموانع، ويكون إصراره على الكبائر مانعا من التكفير، فإذا لم يصر على الكبائر لتساعد الصوم وعدم الإصرار، وتعاونهما على عموم التكفير، كما كان رمضان والصلوات الخمس مع اجتناب الكبائر متساعدين متعاونين على تكفير الصغائر مع أنه سبحانه قد قال: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [سورة النساء: ٣١]
فعلم أن جعل الشيء سببا للتكفير لا يمنع أن يتساعد هو وسبب آخر على التكفير، ويكون التكفير مع اجتماع السببين أقوى وأتم منه مع انفراد أحدهما، وكلما قويت أسباب التكفير كان أقوى وأتم وأشمل.
حسن الظن بالله
وكاتكال بعضهم على قوله - صلى الله عليه وسلم - حاكيا عن ربه " «أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به، ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته، وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له.
كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل.
وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه،

أم حذيفة 08-24-2020 10:34 PM



🍂🍃2⃣0⃣🍃🍂

متعرض للفنته قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه وأصر عليه؟ وكيف يحسن الظن بربه من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات كماله، وأساء الظن بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله - صل الله عليه وسلم - وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر؟ وكيف يحسن الظن بربه من يظن أنه لا يتكلم ولا يأمر ولا ينهى ولا يرضى ولا يغضب؟ .
وقد قال الله في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}
[سورة فصلت: ٢٣] .
فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون، كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن، وهذا شأن كل من جحد صفات كماله، ونعوت جلاله، ووصفه بما لا يليق به، فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه، وتسويلا من الشيطان، لا إحسان ظن بربه.
فتأمل هذا الموضع، وتأمل شدة الحاجة إليه، وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاق الله، وأن الله يسمع ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه، ومسئول عن كل ما عمل، وهو مقيم على مساخطه مضيع لأوامره، معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به، وهل هذا إلا من خدع النفوس، وغرور الأماني؟
وقد قال أبو أمامة بن سهل بن حنيف: دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة - رضي الله عنها - فقالت «لو رأيتما رسول الله - صل الله عليه وسلم - في مرض له، وكانت عندي ستة دنانير، أو سبعة، فأمرني رسول الله - صل الله عليه وسلم - أن أفرقها، قالت: فشغلني وجع رسول الله - صل الله عليه وسلم - حتى عافاه الله، ثم سألني عنها فقال: ما فعلت؟ أكنت فرقت الستة الدنانير؟ فقلت: لا والله لقد شغلني وجعك، قالت فدعا بها، فوضعها في كفه، فقال: ما ظن نبي الله لو لقي الله وهذه عنده؟ وفي لفظ: ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده.»
فيا لله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم؟ فإن كان ينفعهم قولهم: حسنا ظنوننا بك، إنك لن تعذب ظالما ولا فاسقا، فليصنع العبد ما شاء، وليرتكب كل ما نهاه الله عنه، وليحسن ظنه بالله، فإن النار لا تمسه، فسبحان الله! ما يبلغ الغرور بالعبد، وقد قال إبراهيم لقومه: {أئفكا آلهة دون الله تريدون - فما ظنكم برب العالمين}
[سورة الصافات: ٨٦ - ٨٧] .

أم حذيفة 08-25-2020 11:24 PM


🍂🍃2⃣1⃣🍃🍂

أي ما ظنكم أن يفعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره.
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه حسن عمله، وإلا فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز، كما في حديث الترمذي والمسند من حديث شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله» .
وبالجملة فحسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتى إحسان الظن.
الفرق بين حسن الظن والغرور
فإن قيل: بل يتأتى ذلك، ويكون مستند حسن الظن سعة مغفرة الله، ورحمته وعفوه وجوده، وأن رحمته سبقت غضبه، وأنه لا تنفعه العقوبة، ولا يضره العفو.
قيل: الأمر هكذا، والله فوق ذلك وأجل وأكرم وأجود وأرحم، ولكن إنما يضع ذلك في محله اللائق به، فإنه سبحانه موصوف بالحكمة، والعزة والانتقام، وشدة البطش، وعقوبة من يستحق العقوبة، فلو كان معول حسن الظن على مجرد صفاته وأسمائه لاشترك في ذلك البر والفاجر، والمؤمن والكافر، ووليه وعدوه، فما ينفع المجرم أسماؤه وصفاته وقد باء بسخطه وغضبه، وتعرض للعنته، ووقع في محارمه، وانتهك حرماته، بل حسن الظن ينفع من تاب وندم وأقلع، وبدل السيئة بالحسنة، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة، ثم أحسن الظن، فهذا هو حسن ظن، والأول غرور، والله المستعان.
ولا تستطل هذا الفصل، فإن الحاجة إليه شديدة لكل أحد يفرق بين حسن الظن بالله وبين الغرور به، قال الله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} [البقرة: ٢١٨]
فجعل هؤلاء أهل الرجاء، لا البطالين والفاسقين.


🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃

أم حذيفة 08-27-2020 02:15 AM


🍂🍃2⃣2⃣🍃🍂

قال تعالى: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} [سورة النحل: ١١٠] فأخبر سبحانه أنه بعد هذه الأشياء غفور رحيم لمن فعلها، فالعالم يضع الرجاء مواضعه والجاهل المغتر يضعه في غير مواضعه.

🍃[فصل الذين اعتمدوا على عفو الله فضيعوا أمره ونهيه]

فصل
الذين اعتمدوا على عفو الله فضيعوا أمره ونهيه
وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه، وضيعوا أمره ونهيه، ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.
قال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق.
وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا.
وقيل للحسن: نراك طويل البكاء، فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي.
وكان يقول: إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: لأني أحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.
وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك حتى تلحقك المخاوف.
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال سمعت رسول الله - صل الله عليه وسلم - يقول: «يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه فيدور في النار كما يدور الحمار برحاه، فيطوف به أهل النار، فيقولون: يا فلان: ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه» .
وذكر الإمام أحمد من حديث أبي رافع قال: «مر رسول الله - صل الله عليه وسلم - بالبقيع فقال: أف لك فظننت أنه يريدني، قال: لا، ولكن هذا قبر فلان، بعثته ساعيا إلى آل فلان، فغل نمرة فدرع الآن مثلها من نار» .


🍂

أم حذيفة 08-27-2020 02:16 AM



🍂🍃2⃣3⃣🍃🍂

وفي مسنده أيضا من حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء، قالوا: خطباء من أمتك من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم» .
وفيه أيضا من حديثه، قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم» .
وفيه أيضا عنه، قال: كان النبي - صل الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلبي على دينك، فقلنا: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف شاء» .
وفيه أيضا عنه أن رسول الله - صل الله عليه وسلم - قال لجبريل: «ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا قط؟ قال: ما ضحك منذ خلقت النار» .
وفي صحيح مسلم عنه قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط» .
وفي المسند من حديث البراء بن عازب قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثا - ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان أهل الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: اخرجي أيتها النفس المطمئنة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: روح فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂

أم حذيفة 08-29-2020 09:45 PM

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃


🍂🍃2⃣5⃣🍃🍂


ويضيق عليه قبره، حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة.»
وفي لفظ لأحمد أيضا «ثم يقيض له أعمى أصم أبكم، في يده مرزبة، لو ضرب بها جبلا كان ترابا، ثم يعيده الله عز وجل كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين، قال البراء: ثم يفتح له باب إلى النار ويمد له من فراش النار» .
وفي المسند أيضا عنه، قال: بينما نحن مع رسول الله - صل الله عليه وسلم - إذ بصر بجماعة، فقال: «علام اجتمع هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه، ففزع رسول الله - صل الله عليه وسلم -، فبدر بين يدي أصحابه مسرعا، حتى انتهى إلى القبر، فجثا على ركبتيه، فاستقبلته بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى من دموعه، ثم أقبل علينا، فقال: أي إخواني، لمثل هذا اليوم فأعدوا» .
وفي المسند من حديث بريدة قال: «خرج إلينا رسول الله - صل الله عليه وسلم - يوما فنادى ثلاث مرات: يا أيها الناس، أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال إنما مثلي ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتراءى لهم، فأبصر العدو، فأقبل لينذرهم، وخشي أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه، فأهوى بثوبه: أيها الناس أتيتم، أيها الناس أتيتم، ثلاث مرات» .
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام، وإن على الله عز وجل عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: وما طينة الخبال؟ قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار» .
وفي المسند أيضا من حديث أبي ذر قال: قال رسول الله - صل الله عليه وسلم: «أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد، لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل» قال أبو ذر: والله لوددت أني شجرة تعضد.
وفي المسند أيضا من حديث حذيفة قال: «كنا مع رسول الله - صل الله عليه وسلم - في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على ساقيه، فجعل يردد بصره فيه، ثم قال: يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا، والحمائل عروق الأنثيين.»

🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃


الساعة الآن 08:26 PM بتوقيت مسقط

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir

a.d - i.s.s.w