📩 قواعد قرآنية
القاعدة الثامنة عشرة
🔅 {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر:43]
📌تأتي هذه القاعدة القرآنية المحكمة لتبين سنة من سنن الله -تعالى- في تعامل الخلق مع بعضهم؛ وهذا المعنى الذي قررته هذه القاعدة، جاء معناه في آيات أخر من كتاب الله؛
🔅كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس:23] ، وقولِه -تعالى-: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح:10]
📍وأما الأمثلة الفردية التي تبين معاني هذه القاعدة، فكثيرة في كتاب الله -تعالى-، لكن حسبنا أن نشير إلى بعضها، فمن ذلك:
1- ما قَصَّه الله -تعالى- عن مكر إخوة يوسف بأخيهم، فماذا كانت العاقبة؟ يقول تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف:102] صحيح أن إخوته تابوا، لكن بعد أن آذوا أباهم وأخاهم بأنواعٍ من الأذى، فعاد مكرهم على غير مرادهم، وفاز بالعاقبة الحسنة، والمآل الحميد مَن صبر وعفا وحلَم.
2- قوله -تعالى- عمَّن أرادوا كيدًا بنبيّ الله عيسى -عليه الصلاة والسلام-: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54]
3- ولما تحايل المشركون بأنواع الحيل لأذية نبينا-ﷺ- قال الله عنهم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، فكانت العاقبة له -عليه الصلاة والسلام-.
📍وأما في السُنة، وفي التاريخ فكثيرٌ جدًّا، ومن قرأ التاريخ قراءة المتدبر المتأمل؛ وجد من ذلك عِبرًا، وأدرك معنى هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.
📍 وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أمثلةً تطبيقية وعملية من واقع الناس لهذه القاعدة في سياق حديثه عن المتحايلين على الأحكام الشرعية، كالمتحايلين على أكل الربا ببعض المعاملات، أو يحتالون على بعض الأنكحة، وأمثال هؤلاء، فقال:
«فالمحتال بالباطل مُعَامَلٌ بنقيض قصده شرعًا وقَدَرًا، وقد شاهد الناس عيانًا أنه مَن عاش بالمكر؛ مات بالفقر؛
▫️ولهذا عاقب الله من احتال على إسقاط نصيب المساكين (أصحاب الجنة المذكوين في سورة القلم) وقت الجَداد بحرمانهم الثمرة كلها،
▫️وعاقب من احتال على الصيد المحرَّم بأن مسخهم قردة وخنازير،
▫️وعاقب من احتال على أكل أموال الناس بالربا بأن يمحق ماله، كما قال -تعالى-: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾، [البقرة:276]
💡وأصل هذا: أن الله -سبحانه- جعل عقوبات أصحاب الجرائم بضدِّ ما قصدوا له بتلك الجرائم،…
وهذا بابٌ واسعٌ جدًا عظيمُ النفع، فمَن تدبّره يجده متضمنًا لمعاقبة الربّ -سبحانه- من خرج عن طاعته؛ بأن يعكس عليه مقصوده شرعًا وقدرًا، دنيا وأخرى،
🔻وقد اطَّردت سنته الكونية -سبحانه- في عباده بأن: مَن مكر بالباطل مُكر به، ومَن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدِعَ،
🔅قال الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، فلا تجد ماكرًا إلا وهو ممكورٌ به، ولا مخادِعًا إلا وهو مخدوع ولا محتالًا إلا وهو مُحتال عليه».
"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".
ღ قوت القلوب ღ
|