عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 12-21-2011, 01:04 PM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
حلمه و عفوه - صلى الله عليه وسلم
عن أبي سعيد الخدري

قال: (بينما النبي - صلى الله عليه وسلم
يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة
-رجل من بني تميم-
يا رسول الله، اعدل قال: (ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟)
فقال عمر: ائذن لي فلأضرب عنقه، قال: لا......)(1)
وعن أبي سعيد -رضي الله عنه
قال: بعث علي -رضي الله عنه
إلى النبي - صلى الله عليه وسلم
بذهيبة فقسمها...فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين
ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق
فقال: اتق الله يا محمد
فقال: (من يطع الله إذا عصيت
أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني
فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه)(2)


الحلم و العفو طبعٌ عزيز، وخلقٌ آسر
تتجلّى حقيقته في تلك المواقف التي يتجرأ فيها الآخر
على إيذاء عرضك بالسبّ
أو انتقاد عملك أو التعرض لحياتك الخاصّة
بأسلوب همجي، و ألفاظ غليظة، ونبرة حادّة
فلا تواجهه إلا بخير..!


ليست الأحلام في حال الرضى
إنما الأحلام في حال الغضب(3)

والحقيقة أن توطين النفس على كظم الغيظ
والصبر عن الانتقام لها
وتربيتها على العفو والصفح مع من يجهل عليها
أمرٌ لا تخفى مشقّته، لقوّة الداعي إلى الأخذ بالثأر
والرغبة الجامحة للحميّة للذّات، واستيفاء الحقوق
و حين نتأمل حال النبي - صلى الله عليه وسلم
المثقل بهّم الدعوة ومسؤولية الرسالة، وتلقّي الوحي
وقيادة الأمة لتكون خير أمة أخرجت للناس
نرى صفاء الحلم والعفو يتدفّق في قسمات وجهه المشرق
وكلماته الرقيقة النّدية؛
ليكون علماً من معالم شخصيّته المعجزة
يعترض له (ذو الخويصرة )
بجفاء وهو يقسم للناس حظّهم من المال؛
فيناديه بفظاظة: يارسول الله، اعدل!
و يأتي آخر رافعاً صوته
متطاولاً عليه يدعوه باسمه(يا محمد)
مجرّداً من نعت الرسالة والاصطفاء!
فيقول بملء فمه (اتق الله يا محمد)
فلا تظلم في العطاء!
إنها كلمة غاية في الشناعة والصّلف
في حق خير البرية - صلى الله عليه وسلم
وأزكاهم عند الله - تبارك وتعالى
المؤتمن على وحيه، وتبليغ رسالاته، وبيان شرعه
وحلاله وحرامه
المخيّر حين نبوّته بين أن يكون ملكا أو عبدا فاختار العبودية
أتغرّه لعاعة من متاع الدنيا فينقض عهده مع ربه!
ويجرح أمانته، ويخالف رسالته
ويهدم مبادئه العليا!!!

لقد كان لتلك الكلمات الجائرة
صدى عنيفاً على سمع أصحاب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم
فأشعلت فتيل الغضب في نفوسهم، وتبادروا لقتله
فما كان من الحبيب - صلى الله عليه وسلم
إلا أن منعهم من ذلك
واكتفى بالتأنيب والعتاب المؤثر (ويحك)
وفي رواية: (ويلك، من يطع الله إذا عصيت
أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني)
وفي رواية (أو لست أحق أهل الأرض أن أطيع الله؟)
و يبلغ العفو منتهاه حينما يدخل مكة ـ حرسها الله
بعد كفاح طويل في الدعوة والجهاد في سبيل الله
فيجتمع أهلها إليه في المسجد
فيقول لهم: (ما ترون أني صانع بكم؟)
قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم
فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء)(4)

يا له من صفح جميل، و عفو بليغ
مأمول من ذلك الرجل الكريم الذي هو أهله
حيث يكون سائغا.
و حين تنتهك حرمات الله تعالى
فإنه يشتدّ غضبه لله حتى يرى أثره على وجهه
فلا يعف عن منكر لا يرضاه الله – سبحانه
أو يحلم عن إقامة حدّ من حدوده

تعفو بعدل و تسطو
إن سطوت به فلا عدمتك من عافٍ و منتقم(5)


و هذا هو التوجيه الشرعي الصحيح
الذي نتعلمه من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم
للعواطف والمشاعر الثائرة
فلا يكون فيها انتكاسة بحيث نغضب ونشتدّ غيضاً
حميّة لأنفسنا، وأنسابنا، وأموالنا، وديارنا
ونكتفي بغضّ الطرف، وزمّ الشفاه
والحوقلة إذا انتهكت محارم الله – سبحانه
واستبيح حماه


هنا
تواضعه و لين جناحه - صلى الله عليه وسلم

يتــ إن شاء الله ـبع
----
(1) الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6163
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
-----
(2) الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3344
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
----
(3) أدب الدنيا و الدين (ص219)
---
(4) سنن البيهقي الكبرى (18055)

(معشر قريشٍ ، ما ترون أني فاعلٌ بكم ؟
قالوا : خيرًا ، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ ! !
قال : فإني أقولُ لكم ما قال يوسفُ لإخوتِه
لا تثريبَ عليكم اليوم ، اذهبوا فأنتم الطلقاءُ )
الراوي: - المحدث:الألباني - المصدر: فقه السيرة
الصفحة أو الرقم: 382- خلاصة حكم المحدث: ضعيف
---
(5) أدب الدنيا و الدين (ص 223)

التعديل الأخير تم بواسطة هند ; 03-04-2015 الساعة 02:31 AM
رد مع اقتباس