عرض مشاركة واحدة
  #124  
قديم 12-14-2020, 02:53 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,651
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

127
✍🏻لا يصلح فيها شيء من كلام النَّاس!

🌳كان معاوية بن الحكم السلمي حديث عهدٍ بالإسلام، فجاء إلى المسجد، وأُقيمتْ الصلاة، ووقفَ مع الناس خلف النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وبينما هم في الصلاة إذ عطس رجلٌ من القوم، فقال له مُعاوية: يرحمكَ الله!
فجعلَ الناس كأنهم يلتفِتون إليه من غريب فِعلته!
فقال: ثكلتني أمي، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟
فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم أي اُسكتْ!
قال معاوية: ففهمتُ مرادهم فسكت، فلما انتهتْ الصلاة، اقتربَ مني النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بأبي هو وأمي ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، واللهِ ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني، وإنما قال لي: "إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"!

🔸مهما كان الحق معكَ، وحجتك دامغة، الأسلوبُ أولاً، لأن الأسلوب الخشن ينفِّر الناس ولو كان مضمون الكلام صواباً! إن الأسلوب الفج القاسي يبني جداراً بينك وبين الناس بحيث أنهم لا يعودوا يتقبلون التفكير في فكرتِكَ أساساً، وهذه حقيقة أقرها القرآن الكريم، ألم يقل الله تعالى لِنبيِّه الكريم: "ولو كنتَ فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"!

🔸لقد جاء بأصح فكرة في تاريخ البشرية ألا وهي التوحيد، وأصدقِ مضمونٍ ألا وهو الإسلام، وأنبلِ مهمةٍ ألا وهي إيصال الخلق إلى الله، ورغم هذا يخبره ربه أن كل هذا لم يكن ليتحقق لولا لِينِه ورحمتِه ورقةِ قلبه.
▪️فمهما كانتْ فكرتُكَ صائبةً لن تكون أصوب من فكرة التوحيد، ومهما كان مضمونكَ صادقاً لن يكون أصدق من الإسلام، ومهما كان قصدُكَ نبيلاً فلن يكون أنبل من إيصالِ الخلقِ إلى ربِّهم، وبهذا كله كان الأسلوب قبل المضمون!

▪️النصحُ لا يستغني عن اللُّطف، فإذا استغنى عنه صار هجاءً ولم يعد نصحاً!
أيُّ نُصحٍ في أن تقولَ لتاركِ الصلاة أنت كافر وسوف تتعذَّب في قبرك وتدخل النار؟!
وأيُّ نُصحٍ في أن تقولَ للسافرة لماذا أنتِ رخيصة ينظر إليك من هبَّ ودبَّ، وماذا تفرقين عن الغانيات!
وأيُّ نُصحٍ في أن تقولَ لتاركِ الصيام أنتَ كالدابة لا همَّ لكَ إلا بطنك، لو كنتَ إنساناً لتركتَ الطعام لأجل ربك!
▪️نعم علينا أن ننكرَ المُنكرَ، وأن ندعوَ العُصاةَ، وأن نُبيِّنَ الحقَّ للناس، ولكن لا ندعو إلى الله إلا بما يُرضي الله.
أرأيتَ حتى الغضبَ لله له أدب وضوابط!

➖➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس