عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 04-18-2011, 05:42 AM
هند هند غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,493
افتراضي


لباسه وفراشه - صلى الله عليه وسلم

قال الإمام البخاري فى صحيحه
حدثني عبد الله بن أبي الأسود، قال حدثنا معاذ
قال حدثني أبي ،عن قتادة ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال "كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
أن يلبسها الحبرة "(1)

قال الإمام مسلم فى صحيحه
وحدثني علي بن حجر السعدي ،أخبرنا علي بن مسهر
عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت
إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي ينام عليه أدما حشوه ليف "(2)

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال
(تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم
وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء
وتحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف
وإن عند رجليه قرظا مصبوبا، وعند رأسه أهب معلقة
فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيت
فقال: ما يبكيك ؟
فقلت: يا رسول الله
إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله
فقال : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة)(3)

عادةً ما يكون لباس المرء عنواناً لطبيعته الكامنة
فإن ما ترسخ جذوره في الباطن لا بدّ أن تبدو ثماره في الظاهر
ولذا كان أجمل لباس وأحسنه هو التقوى النابت من القلب
والممتد على الجوارح ليسبغ على العبد خلائق الستر والحياء والعفاف

كما قال تعالى
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ
ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(4)

هذا اللباس المحمود هو أحب لباس تغشاه الحبيب
صلى الله عليه وسلم
وأقربه إلى نفسه، اللباس الذي يحمل معالم التقوى وحقيقتها
بما يمتاز به من ستر العورات
والبعد عن الإسراف والخيلاء والشهرة
وعن مشابهة الكفار مما هو من خصائصهم
إلى غيره من النواهي الشرعية

وكان أحبّ الثياب إليه الحِبَرَة، وهي
برد يماني من قطن محبّر يعني مزيّن، والظاهر أنه أحبها للينها وطراوتها
وحسن انسجام نسجها، وإحكام صنعتها
وموافقتها لجسده الشريف
فإنه - صلى الله عليه وسلم
كان غاية في النعومة واللطف(5)

إلا أنه لم يرفّه نفسه بالمواظبة على الثياب المريحة
والقمص الراقية
بل كان يرتدي ما سنح له مما ملكه أو أهدي له لسماحته
وبساطة عيشه، وكثرة ورعه
فاتزر واتخذ الرداء، واشتمل الكساء، و تحلّى بالبرد
ولبس جبة صوف وخفّين حتى تخرّقا
وربما ارتدى حلّة جميلة أعجب بها أحد أصحابه
فلم تلبث على جسده إلا يسيرا، ثم أهداه له
لا يغريه رونقها وحسنها عن الجود بها
كما لم يسوؤه خشونة جبة الصوف أن تلازمه أمداً حتى تمزقت

ما أعظم هذه النفس الأبية التي لا ترضى أن تقع تحت تأثير متاع الدنيا
مهما كان رائعا وجذّاباً، أو حقيراً معاباً
طامحة إلى ما أعده المولى سبحانه وتعالى لأوليائه من نعيم دائم
وخير تامّ، لا ينقطع ولا يمتنع، ولم يخطر على قلب بشر

أما فراشه الذي ينام عليه
فبساط غليظ من الجلد المحشو من الليف الخشن
بقدر ما يقيه وعورة الأرض وحرارتها
ويمنحه حاجته من النوم
غير مسترسل في الراحة والغفلة عن قيام الليل
وذكر الله تبارك وتعالى

وربما نام على الحصير فأثّر على جلده الشريف وجنبه
فأبكى عمر- رضي الله عنه- رحمة و شفقة على حاله المؤثرة
صلى الله عليه وسلم
وتمنّى له ما لكسرى وقيصر من الفرش الوثيرة
والأسرة المريحة، والأثاث الفاخر، والدثار الناعم
فجذبه الحبيب - صلى الله عليه وسلم
بلطفه المعهود إلى المآل المنشود
والنعيم الموعود في الآخرة ...
و الآخرة خير وأبقى
هنا
سلاحه و خاتمه
صلى الله عليه وسلم
يتـــــــــبع

(1) صحيح البخاري -كتاب الباس
باب البرود والحبرة والشملة - رقم 5813
---
(2) صحيح مسلم - كتاب الباس والزينة
باب التواضع في اللباس والاقتصار على الغليظ منه واليسير في اللباس والفراش وغيرهما
رفم 2082(3)
---
(3)الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4913
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

---
(4) سورة الأعراف آية (26)
(5) المواهب المحمدية بشرح الشمائل الترمذية (1/211)
رد مع اقتباس