عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 02-12-2013, 04:14 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,030
افتراضي

المجلس العشرون
2 ربيع الآخر 1434هـ



القَدَر: تقدير الله تعالى لكل ما يقع في الكون ، حسبما سبق به علمه ، واقتضته حكمته.
قال الشيخ العثيمين :
هاتان الكلمتان مترادفتان إن تفرقتا ؟ومتباينتان إن اجتمعتا فإذا قيل القضاء بدون أن يقترن به القدر، كان شاملا للقضاء والقدر ،وإذا قيل القدر دون أن يقترن به القضاء، كان شاملا للقضاء والقدر أيضا ،وهذا كثير في اللغة العربية أن تكون الكلمة لها معني عام عند الانفراد، ومعنى خاص عند الاقتران ، فإذا قيل القضاء والقدر جميعًا ،صار القضاء ما يقضي به الله عز وجل من أفعاله أو أفعال الخلق ،والقدر ما قدر الله تعالي في الأزل وكتبه في اللوح المحفوظ ، وذلك لأن المقدور سبقه تقدير في الأزل، أي كتابة بأنه سيقع وقضى الله تعالي بوقوعه فعلا، وإن شئت فقل الكتابة قدر والمشيئة قضاء، والله تعالى يكتب الشيئ ،بل كتب الشيئ في اللوح محفوظ ثم يشاءه سبحانه وتعالي في الوقت الذي يقتضي فيه حكمته وجوده فيه الثاني قضاء، والأول قدر ،فصارت هاتان الكلمتان إن انفردت إحداهما عن الأخرى شملت معنى الأخرى وان اجتمعتا صار لكل واحدة منهما أي للكلمتين معنا.
فتاوى نور على الدرب هنا

___________

الإيمان بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستة التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لجبريل حين سأله عن الإيمان.
والإيمان بالقدر أمر هام جداً، وقد تنازع الناس في القدر من زمن بعيد حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان الناس يتنازعون فيه ويتمارون فيه، وإلى يومنا هذا والناس يتنازعون فيه، ولكن الحق فيه ولله الحمد واضحٌ بيّن لا يحتاج إلى نزاع ومراء، فالإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى قد قدر كل شيء، كما قال تعالى: {
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا }الفرقان : 2 هنا، وهذا التقدير الذي قدره الله عز وجل تابعٌ لحكمته وما تقتضيه تلك الحكمة من غايات حميدة، وعواقب نافعة للعباد في معاشهم ومعادهم.

*ويدور الإيمان بالقدر علي الإيمان بأربع مراتب:

المرتبة الأولى: العلم، وذلك أن تؤمن إيماناً كاملاً بأن الله سبحانه وتعالى قد أحاط بكل شيء علماً، أحاط بكل شيء مما مضى، ومما هو حاضر، ومما هو مستقبل، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله عز وجل أو بأفعال عباده، فهو محيط بها جملة وتفصيلاً بعلمه الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً، وأدلة هذه المرتبة كثيرة في القرآن والسنة، قال الله تعالى: {
إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ }آل عمران: 5 هنا، وقال تعالى: { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} الأنعام : 59 هنا، وقال عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}ق: 16 هنا، وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}.البقرة : 283 هنا
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على علم الله سبحانه وتعالى بكل شيء جملة وتفصيلاً، وهذه المرتبة من الإيمان بالقدر من أنكرها فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين، وطاعن في كمال الله عز وجل لأن ضد العلم إما الجهل، وإما النسيان، وكلاهما عيب، وقد قال الله تعالى عن موسى عليه السلام، حينما سأله فرعون: {
قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى *قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى (52)}طه 51-52 فهو: {
لا يَضِلُّ} أي لا يجهل شيئاً مستقبلاً، {وَلا يَنسَى} شيئاً ماضياً سبحانه وتعالى.

المرتبة الثانية: الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى كتب مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة، فإنه عز وجل حينما خلق القلم قال له:
"إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ : اكتبْ، قال : ربِّ وماذا أكتبُ ؟ قال : اكتُبْ مقاديرَ كلِّ شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ . يا بنيَّ إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول : من مات على غيرِ هذا فليسَ مِني"

الراوي: عبادة بن الصامت المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4700-خلاصة حكم المحدث: صحيح هنا

، فكتب الله عز وجل في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء، وقد دل على هذه المرتبة قوله تعالى: {
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } الحج : 70 هنا، قال: { إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ} أي مكتوب في كتاب، وهو اللوح المحفوظ: { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } ثم هذه الكتابة تكون مفصلة أحياناً، فإن الجنين في بطن أمه إذا مضى عليه أربعة أشهر يبعث إليه ملك فيأمره بأربع كلمات بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد، كما ثبت ذلك في الصحيح من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم،
قال البخاري في صحيحه


حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ : " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ "
» صحيح البخاري » كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ » بَاب خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ » رقم الحديث: 3106 هنا

ويكتب أيضاً في ليلة القدر ما يكون في تلك السنة كما قال الله تعالى: {
إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ .أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}.الدخان :

المرتبة الثالثة: الإيمان بأن كل ما في الكون فإنه بمشيئة الله، فكل ما في الكون فهو حادث بمشيئة الله عز وجل، سواء كان ذلك مما يفعله هو عز وجل أو فيما يفعله المخلوق، قال الله تعالى: {
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}إبراهيم : 27 هنا، وقال تعالى: {
وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}النحل :9 هنا، وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }هود : 118 هنا، وقال عز وجل: { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } فاطر :16 هنا إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الدالة على أن فعله واقع بمشيئته، وكذلك أفعال الخلق واقعة بمشيئته، كما قال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} البقرة: 253 هنا،
وهذا نص صريح في أن أفعال العبيد قد شاءها الله عز وجل، ولو شاء الله أن لا يفعلوا لم يفعلوا.


المرتبة الرابعة: الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، فالله عز وجل هو الخالق، وما سواه مخلوق، فكل شيء فالله خالقه، فالمخلوقات مخلوقة لله عز وجل، وما يصدر منها من أفعال وأقوال مخلوقة لله عز وجل أيضاً، لأن أفعال الإنسان وأقواله من صفاته، فإذا كان الإنسان مخلوقاً كانت صفاته أيضاً مخلوقة لله عز وجل، ويدل لذلك قوله تعالى: {
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}الصافات : 96 هنا، وقد اختلف الناس في: {ما} هنا هل هي مصدرية أو موصولة؟وعلى كل تقدير فإنها تدل على أن عمل الإنسان مخلوق لله عز وجل ،وهذه أربع مراتب لا يتم الإيمان بالقدر إلا بالإيمان بها.
*ثم اعلم أن الإيمان بالقدر لا ينافي فعل الأسباب، بل إن فعل الأسباب مما أمر به الشرع، وهو حاصل بالقدر؛ لأن الأسباب تنتج عنها مسبباتها، ولهذا لما توجه أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام علم في أثناء الطريق أنه قد وقع فيها الطاعون، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم: هل يستمر ويمضي في سيره أو يرجع إلى المدينة؟ فاختلف الناس عليه، ثم استقر رأيهم على أن يرجع إلى المدينة، ولما عزم على ذلك جاءه أبو عبيدة عامر بن الجراح وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُجله ويُقدره، فقال: يا أمير المؤمنين: كيف ترجع إلى المدينة؟ أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه -وكان غائباً في حاجة له- فحدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عن الطاعون: "إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها".

*قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ،قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ : عُمَرُ ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فَقَالَ :ارْتَفِعُوا عَنِّي ثُمَّ قَالَ ادْعُوا لِي الْأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّي ثُمَّ قَالَ ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلَانِ ،فَقَالُوا :نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ ،قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟! فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ
قَالَ :فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ " قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ
فتح الباري شرح صحيح البخاري - كِتَاب الطِّبِّ - إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه - حديث رقم:5397
هنا

والحاصل أن في قول عمر رضي الله عنه: "نفر من قدر الله إلى قدر اللهدليلاً على أن اتخاذ الأسباب من قدر الله عز وجل، ونحن نعلم أن الرجل لو قال: أنا مؤمن بقدر الله وسيرزقني الله ولداً بدون زوجة لو قال هذا لعد من المجانين، كما أنه لو قال: أنا أومن بقدر الله ولن أسعى في طلب الرزق ولم يتخذ أي سبب للرزق لعد ذلك من السفه، فالإيمان بالقدر إذاً لا ينافي الأسباب الشرعية أو الحسية الصحيحة، أما الأسباب الوهمية التي يدعي أصحابها أنها أسباب وليست كذلك فهذه لا عبرة بها ولا يلتفت إليها.
تعقيب على الحديث :

الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أكمل الناس
إيمانا و تعلقًا بربهم عز و جل، و أنهم كانوا أحرصَ ما يكونوا على تحقيق التوحيدالكامل، و كانوا يخشون الوقوع فيما من شأنه القدح في توحيدهم و لو صغر!,,
حتى أنّالواحد منهم كان يسأل اللهَ في شسع نعاله! و لا يسأل الناسَ عملاً، بوصية نبيهم صلى اللهعليهم: "لا تسألِ الناس شيئا"،
3 - " من يتقبَّلُ لي بواحدةٍ وأتقبَّلُ لَهُ بالجنَّةِ قلتُ أنا قالَ لا تسألِ النَّاسَ شيئًا قالَ فَكانَ ثَوبانُ يقعُ سوطُهُ وَهوَ راكبٌ فلا يقولُ لأحدٍ ناوِلنيهِ حتَّى ينزلَ فيأخذَهُ"

الراوي: ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث:الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1499
خلاصة حكم المحدث:
صحيح هنا

و كيف أنّ قلوبهم أُشرِبت المعرفة بالله
فتعلّقت نفوسهم به وحده عز و جل.. إلى جاء في الحوار حادثة "امتناع عمر رضي الله عنه عن دخول
الشام بسبب الطاعون الذي حلّ بها" والتي يرويها البخاري في صحيحه..


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-18-2013 الساعة 02:00 AM