عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 02-06-2011, 07:54 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
صور حية
لقاؤنا اليوم مع صور حية من حرص السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم على حديث رسول الله الله صلى الله عليه و سلم و اجتهادهم في ألا يفوتهم شيء منه،
فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال:
كنت أنا وجار لي من الأنصار ، في بني أمية بن زيد ، وهي من عوالي المدينة ،وكنا نتناوب النزول على رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، ينزل يومًا وأنزل يومًا ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك ،فنزل صاحبي الأنصاري يوم نوبته ، فضرب بابي ضربًا شديدًا ، فقال : أثم هو ؟ ففزعت فخرجت إليه ، فقال :قد حدث أمر عظيم . قال : فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي ، فقلت : طلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت :لا أدري ،ثم دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت وأنا قائم : أطلقت نساءك ؟ قال : "لا ". فقلت :الله أكبر ". صحيح البخاري / 3- كتاب العلم / 27- باب التناوبفي العلم/حديث رقم : 89 / ص: 22 ./ طبعة دار ابن الهيثم . متون فقط .
ولم يكن اهتمام النساء وحرصهن على حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم بأقلَّ من اهتمام الرجال،فقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قالت النساء للنبي صلى الله عليه و سلم "غَلَبَنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهنيومًا لقيهنَّ فيه، فوعظهن وأمرهن"
صحيح البخاري / 3- كتاب العلم / 35- باب هل يجعل للنساء
يوم على حِدة في العلم /حديث رقم : 101 / ص: 23./ طبعة دار ابن الهيثم . متون فقط .
ولم يقتصر هذا الاهتمام والحرص ،على زمن الرسول فحسب، بل استمرالحال بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى.

لم يقتصر هذا الاهتمام والحرص
على حديث رسول الله الله صلى الله عليه و سلم و اجتهادهم في ألا يفوتهم شيء منه على زمن الرسول فحسب بل استمرالحال بعد انتقاله صلى الله عليه و سلم إلى الرفيق الأعلى هذا الحرص نابع من تربية إيمانية صحيحة مبنية على
إخلاص العمل وصوابه :أي إخلاصه لله ؛على نهج رسول الله
فحين خَلُصَت نفوس المؤمنين بـ " لا إله إلا الله "من ألوان الشرك المختلفة ، فقد حدث في نفوسهم تحول هائل كأنه ميلاد جديد .
لم يكن مجرد التصديق ، ولا مجرد الإقرار
لقد كان كأنه إعادة ترتيب ذرات نفوسهم
على وضع جديد ،كما يُعاد ترتيب الذرات في قطعة الحديد ،فتتحول إلى طاقة مغناطيسية كهربائية كان الاهتداء إلى " الحق " هائل الأثر في كل جوانب حياتهم كان في حسهم أن حياتهم كلها عبادة ،وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة ، يتزود الإنسان فيها بالطاقة الروحية التي تعينه على أداء بقية العبادة المطلوبة منه كانوا يقومون بالعبادة وهم يمارسون الحياة في شتَّى مجالاتها ،كانوا يذكرون الله فيسألون أنفسهم :هل هم في الموضع الذي يُرضي الله ،أم فيما يُسخط الله ؟
فإن كانوا في موضع الرضى حمدوا الله ،وإن كانوا على غير ذلك
استغفروا الله وتابوا إليه .وكانوا يذكرون الله ، فيسألون أنفسهم :ماذا يريد الله منا في هذه اللحظة ؟ !أي : ما التكليف المفروض علينا في هذه اللحظة ؟ !إذا كان التكليف "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ".سورة النساء / آية : 19 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بهذا الواجب الذي أمر به الله تجاه الزوجات .
وإذا كان التكليف"قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ." .سورة التحريم / آية : 6 .
كان ذكر الله مؤديًا إلى القيام بتربية الأهل
والأولاد على النهج الرباني الذي يضبط سلوكهم بالضوابط الشرعية .
وإذا كان التكليف
"فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " .سورة الملك / آية : 15 .
كان مقتضى ذكر الله ، هو المشي في مناكب
الأرض وابتغاء رزق الله في حدود الحلال الذي أحلَّهُ الله ، لأنه إليه النشورفيحاسب الناس على ما اجترحوا في الحياة الدنيا .
وهكذا ... فقد فهموا أن الصلاةَ والنُّسُك
أى : الشعائر : إنما هي المنطلق الذي ينطلق منه الإنسان ليقوم ببقية العبادة التي تشمل الحياة كلها ، بل الموت كذلك .
فالشعائر مجرد محطات شحن للانطلاق إلى بقية العبادة ،ويشمل ذلك الموت .الموت في حد ذاته لا يمكن أن يكون
عبادة بطبيعة الحال ، لأنه لا خيار للإنسان فيه ، ولكن المقصود في قوله تعالى"وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ " . سورة الأنعام / آية : 162 ، 163
هو أن يموت الإنسان غير مشرك بالله ،
وذلك هو الحد الأدنى الذي يكون به الإنسان في موته عابدًا لله ،أما الحد الأعلى فهو أن يكون موتُه في سبيل الله.


التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 05-21-2017 الساعة 03:35 AM