عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 10-08-2020, 01:31 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية :

القاعدة الرابعة عشرة:

🔅 {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ}
[القصص:50]

📌هذه قاعدة من القواعد القرآنية المحكمة، التي تجلّي معنى عظيمًا ومهمًّا في باب التسليم والانقياد لأوامر الله ورسوله، والانقياد لحكم الشريعة.

💡إنّ الحاجة إلى التذكير بهذه القاعدة القرآنية العظيمة من الأهمية بمكان، خصوصًا في هذا العصر الذي كثرت فيه الأهواء، وتنوعت فيه المشارب في التعامل مع النصوص الشرعية بدعاوى كثيرة: فهذا ينصر بدعته، وهذا يروّج لمنهجه في تناول النصوص، وثالث يتتبع الرخص التي توافق مراد نفسه، لا مراد الله ورسوله!

▫️لقد أتى على الناس زمانٌ لا يحتاج الشخص ليمتثل الأمر أو يترك النهي إلا أن يُقال له: "قال الله، قال رسوله، قال الصحابة"؛ ⇦فيمتثل وينصاع، ويندر أن تجد من يناقش مناقشة المتملص من الحكم الشرعي،

▪️أما اليوم -وقد انفتحت على الناس أبواب كثيرة يتلقون منها المعلومات- وسمعوا أقوالًا متنوعة في المسائل الفقهية، وليست هذه هي المشكلة -فالخلاف قديمٌ جدًا، ولا يمكن إلغاء أمرٍ قدره الله ﷻ-

⚠️إلا أنّ المشكلة، بل المصيبة: أنّ بعض الناس وجد في بعض تلك الأقوال -التي قد تكون شاذةً في المقياس الفقهي- فرصةً للأخذ بها؛ بحجة أنه قد وجد في هذه المسألة قولًا يقول بالإباحة! ضاربًا عُرض الحائط بالقول الآخر الذي يكاد يكون إجماعًا أو شبه إجماع من السلف الصالح على تحريم هذا الفعل أو ذاك القول!

هذا فضلًا عن تلك المسائل التي تَبيَّنَ فيها خطأ قائلها من أهل العلم؛ بسبب خفاء النص عليه، أو لغير ذلك من الأسباب المعروفة التي لأجلها يختلف العلماء،

📍ولئن كان ذلك الإمام معذورًا مأجورًا -لخفاء النص عليه أو لغير ذلك من الأسباب- فما عُذْرُ من بلغه النص عن الله أو عن رسوله؟!

💬 لقد جرى لي مرةً حوار عارض مع بعض هذه الفئة، التي أخذت تخوض عمليًا في جملةٍ من المسائل المخالفة لما عليه جماهير العلماء، فقلتُ له: يا هذا! دعنا من البحث الفقهي المحض، وأخبرني عن قلبك: كيف تجده وأنت تفعل ما تفعل؟!
فأقسَمَ لي بالله: أنه غير مرتاح! وإنما يخادع نفسه بأن الشيخ الفلاني يفتي بهذا، وهو في قرارة نفسه غير مطمئن لتلك الفتوى! فقلتُ له: يا هذا، إن العالِم الذي قال بهذه المسألة معذور؛ لأنّ هذا هو مبلغ علمه، ولكن انجُ بنفسك، فإن صنيعك هذا هو الذي قال العلماء: إنه تتبّع الرخص، وذمّوا فاعله، بل جعلوا هذا الفعل نوعًا من النفاق واتباع الهوى .

📌ومن تَّأمل كلمة الهوى في القرآن الكريم، لم يجدها ذُكِرت إلا في موطن الذمّ! ولهذا حذَّر الله نبيًا من خيرة أنبيائه من هذا الداء القلبي الخطير فقال: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}
[ص:26]!
فمن يأمن على نفسه من الهوى بعد ذلك؟!

ولو أن رجلًا أخذ برخص الفقهاء من عدة مذاهب في مسائل متنوعة، لاجتمع فيه شرٌّ عظيم، ولأصبح دينه مرقعًا ورقيقًا!

وليتذكر المؤمن جيدًا -وهو يسلك مسلك تتبع الرخص- أنه إنما يفعل ما يفعل، ويترك ما يترك ديانةً لله، وقيامًا بواجب العبودية لهذا الربّ العظيم، فكيف يرضى العبد أن يتعامل مع ربه بدينٍ شعاره الهوى؟!

💡وقبل أن نختم الحديث عن هذه القاعدة العظيمة، يجب أن نتنبه لأمرين:

▫️الأول: الحذر من تنزيل هذه القاعدة على المسائل الشرعية التي الخلاف فيها معتبر ومعروف عند أهل العلم.

▫️الثاني: أنَّ المقصود بالذمّ هنا، هو من اتبع هواه في الاستفتاء، بحيث يتنقل بين المفتين، فإن وافقت الفتيا ما في نفسه طبقها، وإلا بحث عن آخر حتى يجد من يفتيه، وهذا هو اتباع الهوى بعينه، نعوذ بالله من اتباع الهوى، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يجعل اتباع الحقِّ رائدنا وغايتنا.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس