عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 10-10-2020, 01:59 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :

القاعدة السابعة عشرة:

🔅 {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26]

📌هذه القاعدة القرآنية جاءت في سياق قصة موسى مع صاحب مدين، والذي كان عاجزًا عن طلب الماء فخرجت ابنتاه للسقيا، بيدَ أنهما تأخرتا انتظارًا لصدور الناس عن البئر، إلا أنّ مروءة موسى وشهامته حملته على أن يبادر -من غير أن ينتظر سؤالهما- بقضاء حاجتهما، والسقيِ لهما، فأعجَبَ هذا الفعلُ الفتاتين، فذكرتاه لوالدهما المقعد عن العمل، فأرسل في طلبه، فلما جاء وحدثه بخبره، قالت له إحداهما -وهي العالمة بعجز والدها عن القيام بمهام الرجال-: ﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾
[القصص:26]

💡 وهذا التنصيص على هذين الوصفين هو من وُفُور عقل هذه المرأة التي رأت اكتمال هاتين الصفتين في موسى، فإنهما من المطالب التي يتّفق عليها عقلاء البشر في جميع الأمم والشرائع.


💬 قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

«وينبغي أن يُعرف الأصلح في كل منصب؛ فإنّ الولايةَ لها ركنان: القوة والأمانة؛ كما قال تعالى:
﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ …

📍والقوّة في كل ولايةٍ بحسبها:

◆فالقوّة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب، وإلى الخبرة بالحروب والمخادعة فيها، وإلى القدرة على أنواع القتال: من رمي وطعنٍ وضربٍ وركوبٍ وكرٍّ وفرّ...

◆ والقوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام.

📍والأمانة ترجع إلى خشية الله، وألا يشتري بآياته ثمنًا قليلًا، وتركِ خشية الناس، وهذه الخصال الثلاث التي اتخذها الله على كل من حَكم على الناس في قوله -تعالى-:
{فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:٤٤]»

💬 وكان ابن تيمية -رحمه الله- قد قال كلمة تكتب بماء الذهب، وهي:

«أنّ المؤدّي للأمانة -مع مخالفة هواه- يثبّته الله، فيحفظه في أهله وماله بعده، والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده...

▪️وفي ذلك الحكاية المشهورة، أن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدثه عما أدرك؟

فقال: أدركت عمر بن عبد العزيز، فقيل له: يا أمير المؤمنين أقفرت أفواه بنيك من هذا المال، وتركتهم فقراء لا شيء لهم -وكان في مرض موته- فقال: أدخِلوهم عليَّ، فأدخَلوهم، وهم بضعةَ عشر ذكرًا، ليس فيهم بالغ،

⇚فلما رآهم ذرفت عيناه، ثم قال: يا بَنِيّ! والله ما منعتكم حقًا هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح، فالله يتولى الصالحين، وإما غير صالح، فلا أترك له ما يستعين به على معصية الله، قوموا عني!

قال هذا العالم -الذي يحكي هذه القصة-: فلقد رأيتُ بعض بنيه حمل على مائة فرس في سبيل الله، يعني أعطاها لمن يغزو عليها!».

💬 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وفي هذا الباب من الحكايات والوقائع المشاهدة في الزمان والمسموعة عما قبله، ما فيه عبرة لكل ذي لب!».

اللهم ارزقنا فهمَ كتابك والعمل به، واجعلنا ممن يقوم بحق ما ولاه الله عليه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس