عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 10-11-2020, 11:28 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثامنة عشرة

🔅 {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر:43]

📌تأتي هذه القاعدة القرآنية المحكمة لتبين سنة من سنن الله -تعالى- في تعامل الخلق مع بعضهم؛ وهذا المعنى الذي قررته هذه القاعدة، جاء معناه في آيات أخر من كتاب الله؛

🔅كقوله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس:23] ، وقولِه -تعالى-: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح:10]

📍وأما الأمثلة الفردية التي تبين معاني هذه القاعدة، فكثيرة في كتاب الله -تعالى-، لكن حسبنا أن نشير إلى بعضها، فمن ذلك:

1- ما قَصَّه الله -تعالى- عن مكر إخوة يوسف بأخيهم، فماذا كانت العاقبة؟ يقول تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف:102] صحيح أن إخوته تابوا، لكن بعد أن آذوا أباهم وأخاهم بأنواعٍ من الأذى، فعاد مكرهم على غير مرادهم، وفاز بالعاقبة الحسنة، والمآل الحميد مَن صبر وعفا وحلَم.

2- قوله -تعالى- عمَّن أرادوا كيدًا بنبيّ الله عيسى -عليه الصلاة والسلام-: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:54]

3- ولما تحايل المشركون بأنواع الحيل لأذية نبينا-ﷺ- قال الله عنهم: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، فكانت العاقبة له -عليه الصلاة والسلام-.

📍وأما في السُنة، وفي التاريخ فكثيرٌ جدًّا، ومن قرأ التاريخ قراءة المتدبر المتأمل؛ وجد من ذلك عِبرًا، وأدرك معنى هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾.

📍 وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أمثلةً تطبيقية وعملية من واقع الناس لهذه القاعدة في سياق حديثه عن المتحايلين على الأحكام الشرعية، كالمتحايلين على أكل الربا ببعض المعاملات، أو يحتالون على بعض الأنكحة، وأمثال هؤلاء، فقال:

«فالمحتال بالباطل مُعَامَلٌ بنقيض قصده شرعًا وقَدَرًا، وقد شاهد الناس عيانًا أنه مَن عاش بالمكر؛ مات بالفقر؛

▫️ولهذا عاقب الله من احتال على إسقاط نصيب المساكين (أصحاب الجنة المذكوين في سورة القلم) وقت الجَداد بحرمانهم الثمرة كلها،

▫️وعاقب من احتال على الصيد المحرَّم بأن مسخهم قردة وخنازير،

▫️وعاقب من احتال على أكل أموال الناس بالربا بأن يمحق ماله، كما قال -تعالى-: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾، [البقرة:276]

💡وأصل هذا: أن الله -سبحانه- جعل عقوبات أصحاب الجرائم بضدِّ ما قصدوا له بتلك الجرائم،…

وهذا بابٌ واسعٌ جدًا عظيمُ النفع، فمَن تدبّره يجده متضمنًا لمعاقبة الربّ -سبحانه- من خرج عن طاعته؛ بأن يعكس عليه مقصوده شرعًا وقدرًا، دنيا وأخرى،

🔻وقد اطَّردت سنته الكونية -سبحانه- في عباده بأن: مَن مكر بالباطل مُكر به، ومَن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدِعَ،

🔅قال الله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، فلا تجد ماكرًا إلا وهو ممكورٌ به، ولا مخادِعًا إلا وهو مخدوع ولا محتالًا إلا وهو مُحتال عليه».

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس