عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 02-04-2013, 04:03 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,030
المجلس التاسع عشر
24 ربيع أول 1434 هـ
رابعًا: الإيمان بالرسل

الإيمان بالرسل أحد أركان الإيمان، قال سبحانه: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} [البقرة: 285]
فدلًت الآية على وجوب الإيمان بجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام دون تفريق، فلا نؤمن ببعض الرسل ونكفر ببعض كحال اليهود والنصارى.

«وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره»
هنا
*قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : " الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَلِقَائِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ : " الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : " الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا : إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ رَبَّتَهَا فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا ، فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ سورة لقمان آية 34 ، ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ : رُدُّوا عَلَيَّ فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا ، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا ، فَقَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ "

صحيح البخاري » كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ » سُورَةُ لُقْمَانَ » بَاب قَوْلِهِ : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ..-رقم الحديث: 4431
هنا
*معنى الإيمان بالرسل:
هو التصديق الجازم بأن الله بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن الرسل كلهم صادقون مصدّقون، أتقياء أمناء، هداة مهتدون، وأنهم بلّغوا جميع ما أرسلهم الله به، فلم يكتموا ولم يغيّروا، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه، كما قال سبحانه: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: 35]

وإن جميع الأنبياء كلهم كانوا على الحق المبين، وأنه قد اتفقت دعوتهم إلى عقيدة التوحيد، كما قال سبحانه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُواالطَّاغُوتَ} [النحل: 36]

وقد تختلف شرائع الأنبياء في الفروع من الحلال والحرام، كما قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]
*والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حقّ من الله تعالى، فمن كفر برسالةِ واحد منهم فقد كفر بالجميع.
الثاني: الإيمان بكل من سمى الله من الأنبياء، مثل: محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، وأما من لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالا.
الثالث: تصديق ما صح من أخبار الرسل.
الرابع: العمل بشريعة الرسول الذي أرسل إلينا وهو أفضلهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
[تعريف النبي والرسول]
*تعريف النبي والرسول:
النبي لغة: المُخبر، مشتق من النبأ وهو الخبر، فالنبي مُخبر عن الله تعالى. أو مشتق من النَّبْوَة وهي ما ارتفع من الأرض، فالنبيّ أشرف الخلق وأرفعهم منزلة.
وأما تعريف النبيّ اصطلاحا: فهو إنسان حرّ، ذكر، اختاره الله وخصّه بتبليغ الوحي إليه.
والرسول لغةً: المتابع لأخبار من أرسله.
وأما تعريف الرسول اصطلاحا: فهو إنسان حر ذكر، نبّأه الله تعالى بشرع، وأمره بتبليغه إلى قوم مخالفين.
- وأما الفرق بينهما فإن الرسول أخص من النبي، فكل رسولٍ نبي، وليس كل نبي رسولاً، فالرسول يؤمر بتبيلغ الشرع إلى من خالف دين الله، أو لا يعلم دين الله، وأما النبي فيبعث بالدعوة لشرع من قبله.
-وقيل
*وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

أهل العلم يقولون: إن النبي هو من أوحى الله إليه بشرع ولم يأمره بتبليغه بل يعمل به في نفسه دون إلزام بالتبليغ.
والرسول هو من أوحى الله إليه بشرع وأمره بتبليغه والعمل به.
فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، والأنبياء أكثر من الرسل، وقد قص الله بعض الرسل في القرآن ولم يقصص البعض الآخر.
قال تعالى: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله}.
وبناء على هذه الآية يتبين أن كل من ذكر في القرآن من الأنبياء فهو رسول.ا.هـ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الرسل.
وقيل:
هناك تعريف شائع لدى بعض العلماء : إن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه, والنبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ ، وهذا الذي ذكروه هنا فيه نظر لعدة أمور :
أ- أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قوله تعالى:﴿وَمَا أَرْ‌سَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّ‌سُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ﴿٥٢
فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ فالإرسال يقتضي من النبي البلاغ.
ب-إن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى , والله لا ينزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس , ثم يموت هذا العلم بموته.
ج- قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط , والنبي ومعه الرجل والرجلان , والنبي وليس معه أحد ) فدل هذا على أن الأنبياء مأمورون بالبلاغ وأنهم يتفاوتون في مدى استجابة الناس لتبليغهم ودعوتهم
*قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : " كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ ؟ قُلْتُ : أَنَا ، ثُمَّ قُلْتُ : أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ ، وَلَكِنِّي لُدِغْتُ ، قَالَ : فَمَاذَا صَنَعْتَ ؟ قُلْتُ : اسْتَرْقَيْتُ ، قَالَ : فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ الشَّعْبِيُّ ، فَقَالَ : وَمَا حَدَّثَكُمْ الشَّعْبِيُّ ؟ قُلْتُ : حَدَّثَنَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الأَسْلَمِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ، فَقَالَ : قَدْ أَحْسَنَ مَنِ انْتَهَى إِلَى مَا سَمِعَ ، وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي ، فَقِيلَ لِي : هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَوْمُهُ ، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ ، فَنَظَرْتُ ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَقِيلَ لِي : انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَقِيلَ لِي : هَذِهِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَلَا عَذَابٍ ، ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَلَا عَذَابٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمُ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ ؟ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : هُمُ الَّذِينَ لَا يَرْقُونَ ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : أَنْتَ مِنْهُمْ ؟ ، ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ، فَقَالَ : سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ
صحيح مسلم » كِتَاب الإِيمَانِ» بَاب الدَّلِيلِ عَلَى دُخُولِ طَوَائِفَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ...- رقم الحديث: 328
موسوعة الحديث - إسلام ويب

[صفات الرسل وآياتهم]
د- صفات الرسل وآياتهم: من صفات الرسل عليهم السلام أنهم بشر، فيحتاجون لما يحتاج إليه البشر من الطعام والشراب.
قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} [الأنبياء: 7] .
كما أن الرسل يصيبهم ما يصيب البشر من الأمراض، ويأتيهم الموت كسائر الخلق.
فليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، ولكنهم بشر بلغوا الكمال في الخِلقة الظاهرة، كما بلغوا الذروة في كمال الأخلاق، كما أنهم خير الناس نسبا ولهم من العقول الراجحة، واللسان المبين ما يجعلهم أهلًا لتحمل تبعات الرسالة والقيام بأعباء النُبوَّة.
وتظهر لنا الحكمة من إرسال الرسل بشرا، وذلك حتى تتمثلَ القدوةُ للبشر في واحدٍ من جنسهم، ومن ثم فإن اتباع الرسول والاقتداء به هو في مقدورهم وفي حدود طاقتهم.
ومن صفات الرسل أن الله خصهم بالوحي دون بقية الناس، كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] .
فقد اختارهم الله واصطفاهم من بين سائر الناس، وكما قال
تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]
ومن صفات الرسل أنهم معصومون فيما يبلِّغون عن الله، فهم لا يخطئون في التبليغ عن الله، ولا يخطئون في تنفيذ ما أوحى الله به إليهم.
ومن صفات الرسل: الصدق، فالرسل عليهم السلام صادقون في أقوالهم وأعمالهم، قال تعالى: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52]
ومن صفاتهم: الصبر، فالرسل كانوا مبشرين ومنذرين، يدعون إلى دين الله تعالى، وقد أصابتهم صنوف الأذى وأنواع المشاق، ومع ذلك فقد صبروا وتحمّلوا في سبيل إعلاء كلمة الله، قال تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]

وأما آيات الرسل فإن الله تعالى قد أيّد رسله عليهم السلام بالمعجزات البينة والبراهين القاطعة الدالة على صدقهم، وصحة نبوَّتهم ورسالتهم، فأجرى الله على أيدي رسله
المعجزات الخارقةَ التي ليست في مقدور البشر من أجل تقرير صدقهم وإثبات نبوتهم.

*وتعريف آيات الرسل ومعجزاتهم: هي أمور خارقة للعادة يظهرها الله تعالى على أيدي أنبيائه ورسله على وجه يعجز البشر عن الإتيان بمثله.
ومن أمثلة تلك المعجزات والآيات: إخبار عيسى عليه السلام قومَهُ بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم
قال تعالى

﴿وَرَ‌سُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَ‌ائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّ‌بِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ‌ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرً‌ا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِ‌ئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَ‌صَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُ‌ونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿آل عمران: ٤٩﴾
، ومثل تحويل عصا موسى عليه السلام حية،

قال تعالى
﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿١٧ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِ‌بُ أُخْرَ‌ىٰ ﴿١٨﴾ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ ﴿١٩ فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ ﴿٢٠قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَ‌تَهَا الْأُولَىٰ ﴿٢١
﴿طه﴾

ومثل انشقاق القمر لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى
﴿
اقْتَرَ‌بَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ‌
﴿١﴿القمر: ١﴾

[الحكمة من إرسال الرسل]
*الحكمة من إرسال الرسل: - أرسل الله الرسل لتعريف الناس بمعبودهم الحق، ولدعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له.
وأرسل الله الرسل لإقامة الدين، والنهي عن التفرّق فيه، يقول تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]
- وأرسل الله الرسل للتبشير والإنذار، فقال سبحانه:
{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الكهف: 56] .
وتبشير الرسل وإنذارهم دنيوي وأخروي، فهم في الدنيا يبشرون الطائعين بالحياة الطيبة: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]
ويحذرونهم العذاب والهلاك الدنيوي: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 13]

وفي الآخرة يبشرون الطائعين بالجنة ونعيمها: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: 13] (4) .
ويخوّفون المجرمين والعصاة عذاب الله في الآخرة: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14] .
- وأرسل الله الرسل لإعطاء الأسوة الحسنة للناس في السلوك القويم، والأخلاق الفاضلة والعبادة الصحيحة، كما قال تعالى في شأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21] .

*[الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولا]
و الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا: - نؤمن بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله، وأنه سيّد الأولين والآخرين، وهو خاتم الأنبياء فلا نبي بعده، وقد بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده.
- ويجب أن نصدقه فيما أخبر به، ونطيعه فيما أمر، ونبتعد عما نهى عنه وزجر، وأن نعبد الله على وفق سنته صلى الله عليه وسلم، وأن نقتدي به دون غيره، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]
- ويجب أن نقدّم محبة النبي صلى الله عليه وسلم على محبة الوالد والولد وجميع الناس كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ
إليه من والده وولده والناس أجمعين» .
*
قال الإمام البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ح وحَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " .
صحيح البخاري » كِتَاب الْإِيمَانِ » بَاب حُبُّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...رقم الحديث: 14
موسوعة الحديث-إسلام ويب

ومحبته الصادقة تكون باتباع سنته والإقتداء بهديه.
والسعادة الحقيقية والاهتداء التام لا يتحقق إلا بطاعته، كما قال سبحانه: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54] .
- يجب علينا قبول ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ننقاد لسنته، وأن نجعل هديه محل إجلال وتعظيم، كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .
- علينا أن نحذر من مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم لأن مخالفة أمره سبب للفتنة والضلال والعذاب الأليم، حيث قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]

ز- خصائص رسالةرسولنا الكريم: تختص رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عن الرسالات السابقة بجملة من الخصائص، نذكر منها:
- رسالته
صلى الله عليه وسلم خاتمة للرسالات السابقة، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].
- رسالته
صلى الله عليه وسلم ناسخة للرسالات السابقة، فلا يقبل الله من أحد دينا إلا باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يصل أحد إلى نعيم الجنة إلا من طريقه، فهو صلى الله عليه وسلم أكرم الرسل، وأمته خير الأمم، وشريعته أكمل الشرائع.
قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت
به إلا كان من أصحاب النار» .

*قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو ، أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ "
صحيح مسلم » كِتَاب الإِيمَانِ » بَاب وُجُوبِ الإِيمَانِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ...رقم الحديث: 222
موسوعة الحديث - إسلام ويب


- رسالته صلى الله عليه وسلم عامةٌ إلى الثقلين: الجن والإنس.
قال تعالى حكاية عن قول الجن. {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31] .
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28] (3) .
وقال صلى الله عليه وسلم: «فضلتُ على الأنبياء بست: أُعطيت جوامع الكلم، ونُصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي لأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون» .
قال الإمام مسلم في صحيحه
وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ ، أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ "
صحيح مسلم » كِتَاب الصَّلَاةِ » بَاب الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَصِفَةِ لِبْسِهِ
...- حديث رقم:817
موسوعة الحديث - إسلام ويب

[أثار الإيمان بالرسل]
حـ - أثار الإيمان بالرسل: للإيمان بالرسل آثار عظيمة، نذكر منها:
1 - العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل
الرسل إليهم ليهدوهم إلى الطريق الصحيح، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله؛ لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك، قال تعالى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]
2 - شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
3 - محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم والثناء عليهم بما يليق بهم؛ لأنهم قاموا بعبادة الله وتبليغ رسالته والنصح لعباده.
4 - اتباع الرسالة التي جاءت بها الرسل من عند الله، والعمل بها، فيتحقق للمؤمنين في حياتهم الخير والهداية والسعادة في الدارين.
قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى - وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 123 - 124] .
مقتبس من : التوحيد للناشئة والمبتدئين
هنا

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 02-06-2013 الساعة 05:00 AM