عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-16-2019, 11:42 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
y

"أربعٌ من كن فيه كان منافقًا خالصًا ، ومن كانت فيه خَصْلةٌ منهن كانت فيه خَصْلَةٌ من النفاقِ حتى يدعَها: إذا اؤتُمِنَ خانَ ، وإذا حدَّثَ كذبَ ، وإذا عاهدَ غَدرَ ، وإذا خاصمَ فجرَ."الراوي : عبدالله بن عمرو - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 34 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر السنية =

الشرح: النِّفاقُ هو إظهارُ المرءِ خِلافَ ما يُبطنُ، ويَنقسِم إلى نِفاقِ عَملٍ ونفاقِ اعتقادٍ؛ أمَّا نفاقُ الاعتقادِ فهو أنْ يُبطنَ الرَّجلُ الكفرَ ويُظهرَ الإسلامَ، وهذا مُخلَّدٌ في الدَّرْكِ الأسفلِ مِنَ النَّارِ ليس في عِداد الموحِّدِينَ، وأمَّا نِفاقُ العملِ فصاحبُه مُوحِّدٌ غيرُ مُخلَّدٍ في النَّارِ، وفي هذا الحديثِ بَيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النِّفاقَ العمَليَّ، وذكَر فيه الخِصالَ المميِّزةَ له، فقال: أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافِقًا خالصًا، أي: شديدَ الشَّبَهِ بالمُنافقين بسبَبِ هذه الخِصالِ، ومَن وُجِد فيه بعضُها، كان لدَيه مِن النِّفاقِ بقدرِ ما وُجِدَ فيه منها، حتَّى يترُكَ هذه الخِصالَ؛ فالخَصلةُ الأولى مِن هذه الخِصالِ: أن يشتهِرَ بالخيانةِ بين النَّاس، والخَصلةُ الثَّانيةُ: أن يشتهِرَ ذلك الإنسانُ بالكذبِ في الحديث، والخَصلةُ الثَّالثة: إذا عاهَد أحدًا غدَر به، ولم يَفِ بالعهدِ الَّذي عاهَده عليه، والخَصلةُ الرَّابعة: الفجورُ في الخصومةِ، ويعني بالفجورِ أن يخرُجَ عنِ الحقِّ عمدًا، حتَّى يصيرَ الحقُّ باطلًا، والباطلُ حقًّا.
والمقصودُ مِن الحديثِ: أنَّ هذه الخِصالَ خِصالُ نِفاقٍ، وصاحبُها شبيهٌ بالمُنافقين في هذه الخِصالِ، ومتخلِّقٌ بأخلاقِهم، لا أنَّه مُنافقٌ يُظهِرُ الإسلامَ وهو يُبطِنُ الكفرَ، فلم يُرِدِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنِّفاقِ المذكورِ في الحديثِ النِّفاقَ الَّذي صاحبُه في الدَّركِ الأسفلِ مِن النَّارِ، الَّذي هو أشدُّ الكفرِ، وإنَّما أراد أنَّها خِصالٌ تُشبِهُ معنى النِّفاقِ؛ لأنَّ النِّفاقَ في اللُّغةِ أن يُظهِرَ المرءُ خلافَ ما يُبطِنُ، وهذا المعنى موجودٌ في الكذِبِ، وخُلْفِ الوعدِ، والخيانةِ، ومعنى قولِه: (كان منافِقًا خالصًا)، أي: خالصًا في هذه الخِلالِ المذكورةِ في الحديثِ فقط، لا في غيرِها؛ فالنِّفاقُ نوعانِ: نفاقٌ اعتقاديٌّ يُخرِجُ صاحبَه عن الإيمانِ، وهو إظهارُ الإسلامِ وإخفاءُ الكفرِ، ونفاقٌ عمَليٌّ، وهو التَّشبُّهُ بالمنافقين في أخلاقِهم، وهذا لا يُخرِجُ صاحبَه عن الإيمانِ، إلَّا أنَّه كبيرةٌ.

= الدرر السنية =
رد مع اقتباس