عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-07-2020, 12:30 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :
القاعدة الثانية:

🔅 *{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمون}
* [البقرة:216].

📌هذه قاعدة عظيمة لها أثرٌ بالغ في حياة الذين وعوها، واهتدوا بهداها، ولها صلة بأحد أصول الإيمان العظيمة: ألا وهو (الإيمان بالقضاء والقدر).

💡ومعنى القاعدة باختصار:
أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية على آماله وحياته، فإذا بذلك المقدور يصبح خيرًا على الإنسان من حيث لا يدري.

⚠️والعكس صحيح: كم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على عكس ما يريد،

⇦فنحن أمام قاعدة تناولت أحوالًا شتى: دينية ودنيوية، وبدنية ونفسية، وهي أحوالٌ لا يكاد ينفك عنها أحد في هذه الحياة التي:

جُبِلَت على كدرٍ وأنت تريدها
صفوًا من الأقذاء والأقذار

🔅وقول الله أبلغ:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}
[البلد:4].

إذا تبين هذا فاعلم أن إعمال هذه القاعدة القرآنية في الحياة من أعظم ما يملأ القلب طمأنينة وراحةً، ومن أهم أسباب دفع القلق الذي عصف بحياة كثير من الناس؛ بسبب موقف من المواقف، أو بسبب قدر من الأقدار المؤلمة جرى عليه في يوم من الأيام!

ولو قلبنا قصص القرآن، وصفحات التاريخ، أو نظرنا في الواقع؛ لوجدنا من ذلك عبرًا وشواهدَ كثيرة، لعلنا نُذَكِّر ببعض منها، عسى أن يكون في ذلك سلوةً لكل محزون، وعبرةً لكل مهموم:

🔻قصة إلقاء أم موسى لولدها في البحر!
فأنت إذا تأملتَ وجدتَ أنه لا أَكْرَه لأمِّ موسى من وقوع ابنها بيد آل فرعون، ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة، وآثاره الطيبة في مستقبل الأيام، وهذا ما تعبر عنه خاتمة هذه القاعدة: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .

🔻وتأمل في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام تجد أن هذه الآية منطبقة تمام الانطباق على ما جرى له ولأبيه يعقوب عليهما الصلاة والسلام.

🔻 وتأمل في قصة الغلام الذي قتله الخضر بأمر الله تعالى؛ فإنه علل قتله بقوله: *{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}
* [الكهف:80-81].

وفي السُنة النبوية أمثلة كثيرة، منها: لما مات زوجُ أمِّ سلمة: أبو سلمة -رضي الله عنه- تقول أم سلمة -رضي الله عنها-: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها».
قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله ﷺ؟ ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله ﷺ!

وفي الواقع قصص كثيرة جدًّا، أذكر منها: أن رجلًا قدم إلى المطار، وكان مجهدًا بعض الشيء، فأخذته نومةٌ ترتب عليها أن أقلعت الطائرة، وفيها ركاب كثيرون يزيدون على ثلاثمائة راكب، فلما أفاق، وإذا بالطائرة قد أقلعت قبل قليل، وفاتته الرحلة، فضاق صدره، وندم ندمًا شديدًا، ولم تمض دقائق على هذه الحال التي هو عليها حتى أُعلن عن سقوط تلك الطائرة، واحتراق من فيها بالكامل!

والخلاصة:

على المرء أن يسعى إلى الخير جهدهُ.. وليس عليه أن تتم المقاصدُ
وأن يتوكل على الله، ويبذل ما يستطيع من الأسباب المشروعة، فإذا وقع شيءٌ على خلاف ما يحب، فليتذكر هذه القاعدة القرآنية العظيمة.

🍃وليتذكر أن من لطف الله بعباده أنه يُقدِّر عليهم أنواع المصائب، وضروب المحن والابتلاء بالأمر والنهي الشاق رحمةً بهم ولطفًا، وسوقًا إلى كمالهم، وكمال نعيمهم.

🍃ومن ألطاف الله العظيمة: أنه لم يجعل حياة الناس وسعادتهم مرتبطة ارتباطًا تامًا إلا به سبحانه وتعالى، وبقية الأشياء يمكن تعويضها، أو تعويض بعضها.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس