عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-30-2020, 06:46 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :

القاعدة السادسة:

🔅 {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128].

📌هذه قاعدة من قواعد بناء المجتمع، وإصلاحه، وتدارُك أي سبب لتفككه، وقد وردت هذه القاعدة في سياق الحديث عما قد يقع بين الأزواج من أحوال قد تؤدي إلى الاختلاف والتفرُّق، وأنّ الصلح بينهما على أي شيء يرضيانه خير من تفرقهما،

⇦ويمكننا القول: إن جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الإصلاح بين الناس هي من التفسير العملي لهذه القاعدة القرآنية المتينة.

📍ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى: أن الصلح بين مَن بينهما حقٌ أو منازعة -في جميع الأشياء- أنه خيرٌ من استقصاء كل منهما على كلِّ حقّه؛ لما فيه من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح.

⇦وهو -أي الصلح- جائزٌ في جميع الأشياء إلا إذا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، فإنه لا يكون صلحًا، وإنما يكون جورًا.

💡واعلم أنَّ كلَّ حُكم من الأحكام لا يتّم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر -تعالى- المُقتضي لذلك ونبه على أنه خير، والخيرُ كلُّ عاقلٍ يطلبه ويرغب فيه، فإن كان -مع ذلك- قد أمر الله به وحث عليه ازداد المؤمن طلبًا له ورغبةً فيه.

⚠️وذكر المانع بقوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}
[النساء:128]
أي: جُبلت النفوس على الشح: وهو عدم الرغبة في بَذْلِ ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له؛ فالنفوس مجبولة على ذلك طبعًا،

⇦أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضدَّه وهو السماحة: بذلُ الحقّ الذي عليك، والاقتناع ببعض الحقّ الذي لك.

💡فمتى وُفِّق الإنسان لهذا الخلق الحسن، سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومُعامله، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب،

⚠️بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه؛ فإنه يعسر عليه الصلح والموافقة؛ لأنه لا يرضيه إلا جميع ما لَهُ، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتدَّ الأمر!

💡ومن تأمَّل القرآن، وجد سعة هذه القاعدة من جهة التطبيق، فبالإضافة إلى ما سبق ذِكره -من الإصلاح بين الأزواج- فإننا نجد في القرآن حثًا على الإصلاح بين الفئتين المقتتلتين، ونجده يُثني ثناء ظاهرًا على الساعِين في الإصلاح بين الناس.

📍ولأهمية هذا الموضوع -أعني الإصلاح-: أجازت الشريعة أخذ الزكاة لمن غَرِمَ بسبب الإصلاح بين الناس.

🎯 إذا تقرر هذا المعنى المتين والشامل لهذه الآية الكريمة: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ؛ فمن المهم -لنستفيد من هذه القاعدة القرآنية- أن نسعى لتوسيع مفهومها في حياتنا العملية،

🔅وأصدق شاهد على ذلك سيرة نبينا -ﷺ-، الذي طبق هذه القاعدة في حياته، وهل كانت حياته إلا صلاحًا وإصلاحًا؟!

▽خرج مرة -ﷺ- إلى أهل قباء، لما أُخْبِرَ أنهم اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فقال: "اذهبوا بنا نصلح بينهم" [أخرجه البخاري].

🔅وعلى هذه الجادة النبوية سار تلاميذه النجباء، من أصحابه الكرام وغيرهم ممن سار على نهجهم، ومن ذلك:

▽خروج ابن عباس -رضي الله عنهما- لمناظرة الخوارج -الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليّ -رضي الله عنه- فرجع منهم عدد كبير.

📌ومن قلّب كتب السِّيَر؛ وجد نماذج مشرقة لجهود فردية في الإصلاح بين الناس على مستويات شتى، ولعل مما يبشر بخيرٍ: ما نراه من لجان إصلاح ذات البين، والتي هي في الحقيقة ترجمة عملية لهذه القاعدة القرآنية العظيمة: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}

🍃فهنيئًا لمن جعله الله من خيار الناس، الساعين في الإصلاح بينهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس