عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10-01-2020, 01:10 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة السابعة

🔅 * {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ}*
[التوبة:91]

📌هذه قاعدة من قواعد التعامل الإنساني، والتي جاءت في سياق الحديث عن موقفٍ سجَّله القرآن لبيان أصناف المعتذرين عن غزوة تبوك، ومن هم الذين يُعذَرون والذين لا يُعذَرون.

🔅يقول -سبحانه وتعالى-: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:91].

💡ومعنى القاعدة باختصار: ليس على أهل الأعذار الصحيحة -من ضعف أبدان، أو مرض، أو عدم نفقةٍ- إثمٌ، بشرط لا بّد منه، وهو: {إِذَا نَصَحُوا} أي: بِنِيَّاتهم وأقوالهم، سرًا وجهرًا، بحيث لم يُرجِفوا بالناس، ولم يثبطوهم، وهم مُحسنون في حالهم هذا، ثم أكّد الرجاء بقوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

📍وبما أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب -كما هو مقرر في علم أصول التفسير-؛ فهذا يعني توسيع دلالة هذه القاعدة القرآنية التي دل عليها قوله سبحانه: *{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}

⇦وهذا يدلُّ على أن الأصل هو سلامة المسلم من أن يُلزَم بأي تكليف سوى تكليف الشرع كما أن الآية تدل بعمومها أن الأصل براءة الذمة من إلزام الإنسان بأي شيء فيما بينه وبين الناس حتى يثبت ذلك بأي وسيلة من وسائل الإثبات المعتبرة شرعًا.

💡أيها المتأمِّل كلام ربه:
لقد كانت هذه الآية -وما زالت- دليلًا يفزع إليه العلماء في الاستدلال بها في أبواب كثيرة في الفقه، خلاصته يعود إلى أنه:
■ مَن أحسن على غيره، في نفسه أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتَّب على إحسانه نقصٌ أو تلَف، أنه غير ضامن؛ لأنه مُحسن، ولا سبيلَ على المحسنين،
■ كما أنه يدلُّ على أن غير المحسن -وهو المسيء- كالمفرِّط، أن عليه الضمان .

🎯 وإذا تجاوزنا الجانب الفقهي الذي أشرتُ إليه بإجمال، فلنتلفت قليلًا إلى ميدان من الميادين التي نحتاج فيها إلى هذه القاعدة، ذلك أن حياتنا تحفلُ بمواقف كثيرة يُفْتَحُ فيها باب الإحسان، وتتاح لآخَرين أن يحسنوا إلى غيرهم فيبادروا بتقديم خدمة ما،

⚠️فمن المؤسف أن يتجانف البعض هذه القاعدة القرآنية، فيُلحقوا غيرهم اللوم والعتاب الشديد، مع أنهم مُحسنون متبرّعون، فيساهمون بذلك في إغلاق باب الإحسان، أو تضييق دائرته بين العباد.

📍ومن المهم أيضًا -ونحن نتحدث عن هذه القاعدة القرآنية- أن لا نخلط بين ما تقدَّم وبين التزام الإنسان بشيءٍ ما، ثم يتخلى عنه بحجة أنه محسن! فإن هذا من الفهم المغلوط لهذه القاعدة،

💡ذلك أن الإنسان قبل أن يلتزم بوعد لطرف آخر؛ فهو في دائرة الفضل والإحسان،
⚠️لكن إن التزم بتنفيذ شيءٍ، والقيام به، فقد انتقل إلى دائرة الوجوب الذي يستحق صاحبه الحساب والعتاب،

⇦ولعل مما يُقرِّب تصور هذا المعنى: النذر؛ فإن النذر: إلزام المكلف نفسه بشيءٍ لم يكن واجبًا عليه بأصل الشرع، كمن ينذر أن يتصدق بألف ريال، فهذا قبل نذره لا يلزمه أن يتصدق ولو بريال واحد، لكنه لما نذر فقد التزم؛ فوجب عليه الوفاء.

◁◁وهكذا ما نحن بصدده، وإنما نبهت على هذا لأن من الناس من أساء فهم هذه القاعدة، وطردها في غير موضعها، فصار ذلك سببًا في وجود النفرة بين بعض الناس؛ لأن أحد الطرفين اعتقد التزام الطرف الآخر، فاعتمد عليه -بعد الله- ثم تخلّى ذلك الطرف عما التزم؛ بحجة أنه محسن! فوقع خلاف المقصود من باب الإحسان!

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس