عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 11-03-2020, 02:49 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة الخامسة والعشرون*:

🔅 {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء:59].

هذه قاعدة من القواعد التي تتصل بفقه السنن الإلهية في الأمم والمجتمعات.

وقد تنوعت عبارات المفسرين في بيان المراد بهذه الآيات التي يرسلها ربنا تعالى، فمن قائل: هو الموت المتفشي الذي يكون بسبب وباء أو مرض، وقائلٍ: هي معجزات الرسل جعلها الله تعالى تخويفًا للمكذبين، وثالث يقول: آيات الانتقام تخويفًا من المعاصي.

📌والمهم هنا أن يتأمل المؤمن والمؤمنة كثيرًا في الحكمة من إرسال هذه الآيات ألا وهي: التخويف، أي: حتى يكون الإنسان خائفًا وجلًا من عقوبة قد تنزل به.

❗️ومع وضوح هذا المعنى الذي دلت عليه هذه القاعدة القرآنية، ومع ظهوره، إلا أن من المؤسف جدًا أن يقرأ الإنسان أو يسمع بعض كُتَّاب الصحف، أو المتحدثين على بعض المنابر الإعلامية ممن يسخرون أو يهوّنون من هذه المعاني الشرعية الظاهرة! ويريدون أن يختصروا الأسباب -في وقوع الزلازل أو الفيضانات، أو الأعاصير ونحوها- في أسباب مادية محضة، وهذا غلط عظيم!

💡ونحن لا ننكر أن لزلزلة الأرض أسبابًا جيولوجية معروفة، وللفيضانات أسبابها، وللأعاصير أسبابها المادية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: مَن الذي أمر٤٤ق الأرض أن تتحرك وتضطرب؟ ومن الذي أذن للماء أن يزيد عن قدره المعتاد في بعض المناطق؟ ومن الذي أمر الرياح أن تتحرك بتلك السرعة العظيمة؟ أليس هو الله؟! أليس الذي أرسلها يريد من عباده أن يتضرعوا إليه، ويستكينوا له لعله يصرف عنهم هذه الآيات؟!

❓ولا أدري! ألم يتأمل هؤلاء دلالة هذه القاعدة من الناحية اللغوية؟ فإنها جاءت بأسلوب الحصر: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾

❓ثم ماذا يصنع هؤلاء الذين يهوّنون من شأن هذه الآيات بمثل تلك التفسيرات المادية الباردة، ماذا يصنعون بما رواه البخاري ومسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا عصفت الريح، قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشرما فيها وشر ما أرسلت به" قالت: وإذا تخيلت السماء -وهي سحابة فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة- تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّي عنه، فعرفت ذلك في وجهه، قالت عائشة: فسألته؟ فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾".

⚠️ وأما ما يورده بعض الناس من قولهم:
هناك بلاد أشد معصية من تلك البلاد التي أصابها ذلك الزلزال، ويوجد دول أشد فجورًا من تلك التي ضربها ذاك الإعصار، فهذه الإيرادات لا ينبغي أن تورد أصلًا؛

❗️لأنها كالاعتراض على حكمة الله تعالى في أفعاله وقضائه وقدره، فإن ربنا يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، والله يقضي بالحق، وربنا لا يُسأل عما يفعل، وله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكمة البالغة، والعلم التام، ومن وراء الابتلاءات حكم وأسرار تعجز عقولنا عن الإحاطة بها، فضلًا عن إدراكها.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الاعتبار والادكار، والاتعاظ بما نوعظ به، ونعوذ بالله من قسوة القلب التي تحول دون الفهم عن الله وعن رسوله.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 11-06-2020 الساعة 01:19 AM
رد مع اقتباس