عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 11-14-2020, 01:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثامنة والعشرون

🔅 {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ}
[الأعراف:85]

📌هذه قاعدة قرآنية تتصل بواقع الناس، سواء في أبواب المعاملات -وهذا الأصل في سياقها الذي وردت فيه- أم في أبواب تقييم الناس أو الأعمال، كما سيأتي بيانه قريبًا.

💡وأنت إذا تأملت هذه القاعدة القرآنية؛ وجدتها جاءت بعد عموم النهي عن نقص المكيال والميزان، لتشمل جميع ما يمكن بخسه من القليل والكثير، والجليل والحقير.

وإذا تبين سعة مدلول هذه القاعدة، وأن من أخصّ ما يدخل فيها بخس الحقوق المالية؛ فإن دلالتها تتسع لتشمل كلّ حق حسي أو معنوي ثبت لأحدٍ من الناس.

🔻أما الحقوق الحسية فكثيرة، منها: ما سبقت الإشارة إليه -كالحق الثابت للإنسان كالبيت والأرض والكتاب والشهادة الدراسية- ونحو ذلك.

🔻وأما الحقوق المعنوية، فأكثر من أن تُحصر، ولكن يمكن القول: إن هذه القاعدة القرآنية كما هي قاعدة في أبواب المعاملات، فهي بعمومها قاعدة من قواعد الإنصاف مع الغير.

🔆 والقرآن مليء بتقرير قاعدة الإنصاف، وعدم بخس الناس حقوقهم، تأمل -مثلًا- قول الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8]

فتصور! ربك يأمرك أن تُنصف عدوك، وألا يحملك بغضه على غمط حقه، أفتظن أن دينًا يأمرك بالإنصاف مع عدوك، لا يأمرك بالإنصاف مع أخيك المسلم؟!

❗️وفي واقع المسلمين ما يندى له الجبين من بخس للحقوق، وإجحاف وقلة الإنصاف، حتى أدى ذلك إلى قطيعةٍ وتدابر...

📍وقلّب صفحات التعامل في واقعنا:

▪️يختلف أحدنا مع شخص آخر من أصدقائه، أو مع أحد من أهل الفضل والخير، فإذا غضب عليه أطاحَ به، ونسي جميع حسناته، وجميع فضائله، وإذا تكلَّم عنه تكلم عليه بما لا يتكلم به أشد الناس عداوة، والعياذ بالله!

▪️وقُلْ مثل ذلك: في تعاملنا مع زلّة العالم، أو خطأ الداعية، الذين عرف عنهم جميعًا تلمُّس الخير، والرغبة في الوصول إلى الحق، ولكن لم يُوفَّق في هذه المرة أو تلك، فتجد بعض الناس ينسى أو ينسف تاريخه وجهاده ونفعه للإسلام وأهله، بسبب خطأ لم يحتمله ذلك المتكلم أو الناقد، مع أنه قد يكون معذورًا فيه!

ولنفترض أنه غير معذور، فما هكذا يربينا القرآن! بل إن هذه القاعدة القرآنية التي نحن بصدد الحديث عنها تؤكد ضرورة الإنصاف، وعدم بخس الناس حقوقهم.

▪️وتلوح ههنا صورة مؤلمة في مجتمعنا، تقع من بعض الكفلاء الذين يبخسون حقوق خدمهم أو عمالهم، فيؤخرون رواتبهم، وربما حرموهم من إجازتهم المستحقة لهم، أو ضربوهم بغير حق، في سلسلة مؤلمة من أنواع الظلم والبخس! أفلا يتقي الله هؤلاء؟! ألا يخشون أن يُسَلَّطَ عليهم من يظلمهم ويبخسهم حقوقهم؟! ألا يخشون من عقوبات دنيوية -قبل الأخروية- تصيبهم بما صنعوا؟!

▪️ويقع البخس -أحيانًا- في تقييم الكتب أو المقالات على النحو الذي أشرنا إليه آنفًا، ولعلّ من أسباب غلبة البخس على بعض النقاد في هذه المقامات، أن الناقد يقرأ بنية تصيُّد الأخطاء والعيوب، لا بقصد التقييم المنصف، وإبراز الصواب من الخطأ، عندها يتضخم الخطأ، ويغيب الصواب، والله المستعان.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإنصاف من أنفسنا، والإنصاف لغيرنا، وأن يجعلنا من المتأدبين بأدب القرآن العاملين به.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس