عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 12-23-2020, 03:04 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,648
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثامنة والثلاثون

🔅 ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة:7،8]

📌هذه قاعدة قرآنية، وكلمات جامعة تُمثِّلُ أصلًا من أصول العدل، والجزاء والحساب.

وفي السنة الصحيحة من الأمثال والقصص ما يبين بجلاء معنى هذه القاعدة العظيمة، ولعلّي أكتفي في هذا المقام بهذين الحديثين اللذين لن تتضح الصورة إلا بهما جميعًا:

🔅أما الحديث الأول فهو قوله ﷺ: "بينما كلب يطيف بركية -بئر- قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت مُوقَها -خُفَّها- فاستقت له به، فسقته إياه فغُفر لها به" [رواه مسلم]

🔅وأما الحديث الآخر فهو الحديث المتفق عليه، الذي يخبر فيه النبي ﷺ عن امرأة دخلت النار في هرة، ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت هزلًا.

💬 وقد عقّب الإمام الكبير محمد بن شهاب الزهري -بعد ما روى حديث الهرة-: «ذلك لئلا يتّكل رجل، ولا ييأس رجل»، وهذا هو الشاهد الذي ينبغي أن نتأمله ههنا؛

💡فتأمل - أيها المؤمن - كيف جاء هذان الحديثان ليفسرا لنا عمليًا هذه القاعدة، فتلك المرأة التي لم يذكرها النبي ﷺ بأنها عابدة! أو صائمة! بل لم يذكرها إلا بالبغاء! ومع هذا فقد نفعها هذا العمل! وأي عملٍ هو؟ إنه سقي حيوان من أنجس الحيوانات (الكلب)! ولكن الرب الرحيم الكريم لا تضيع عنده حسنة، بل كما قال ﷻ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:٤٠].

وفي الحديث الثاني: لم يذكر النبي ﷺ سببًا أدخلها النار غير حبسها لحيوان صغير لا يؤبَه له!

💡كل هذا ليتحقق المؤمن معنى هذه القاعدة المحكمة، وبه يتبين دقة كلام الإمام الزهري: حين علق على هذا الحديث بقوله الآنف الذكر: «ذلك لئلا يتكل رجل، ولا ييأس رجل».

📍إن من أعظم توفيق الله تعالى لعبده أن يعظّم الله، ومن أظهر صور تعظيم الرب جل وعلا: تعظيم أمره ونهيه، وإجلال الله ﷻ وتوقيره، فلا يحقرن صغيرةً من الذنوب مهما صغر الذنب في عينه؛ لأن الذي عُصِي هو الله ﷻ،

💬 كما قال بلال بن سعد -رحمه الله-: «لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر مَنْ عصيت».

🔅ولهذا لما قالت عائشة للنبي ﷺ: حسبك من صفية كذا وكذا! -تعني قصيرة-؛ فقال: "لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". [رواه أبو داود والترمذي وصححه].

▫️وأما عدم زهد المؤمن في أي عمل صالح -وإن ظنّه صغيرًا- فلأنه لا يدري ما العمل الذي يدخله الجنة؟!

🔅قال ﷺ: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» [رواه مسلم]

🔅ولما سأل أبو برزة نبينا ﷺ فقال: يا نبي الله! علمني شيئا أنتفع به! قال: «اعزل الأذى عن طريق المسلمين» [رواه مسلم].

💡فتأمل -يا عبد الله- كم يحتقر كثير من الناس أمثال هذه الأعمال اليسيرة!

▫️ولو أردتَ أن تفتش في حياتنا اليومية لوجدت فيها عشرات الأمثلة من الأعمال اليسيرة، التي لو جمعت لشكلت سيلًا من الحسنات، دمعة يتيم تمسحها، أو جوعة فقير تسدها، أو مساعدة عاجز، أو ابتسامة في وجه مسلم، في عدد من الأعمال لا يمكن حصرها، فما أحرانا أن نكون سباقين إلى كل خير، وإن دق في أعيننا، متذكرين هذه القاعدة العظيمة.

نسأل الله تعالى أن يضاعف لنا الحسنات، وأن يتجاوز عن السيئات، وأن ييسر لنا الخير، ويعيذنا من موارد الشر.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس