عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 01-18-2021, 06:22 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,646
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الخامسة والأربعون

🔅 {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114]

📌هذه قاعدة يحتاجها كل مؤمن، وعلى وجه الخصوص مَن عزم على الإقبال على ربه، وقرع باب التوبة.

🔅وكما أن هذه القاعدة صرَّحت بهذا المعنى، وهو إذهاب الحسنات للسيئات، فقد جاء في السنة ما يوافق هذا اللفظ تقريبًا، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وحسَّنه من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِق الناس بخُلقٍ حسن"

💡إذا تبين معنى هذه القاعدة بإجمال، فليُعلَم أنّ إذهاب السيّئات يشمل أمرين:

١- إذهاب وقوعها، وحبّها في النفس، وكرهها، بحيث يصير انسياق النّفس إلى ترك السيّئات سَهْلًا وهيّنًا.

٢- ويشمل أيضًا محو إثمها إذا وقعت فضلًا من الله على عباده الصالحين.


📍ولقد بحث العلماء ههنا معنى السيئات التي تذهبها الحسنات، والذي يتحرر في الجمع بين أقوالهم أن يقال:

▫️إن كانت الحسنة هي التوبة الصادقة، سواء من الشرك، أو من المعاصي؛ ⇦فإن حسنة التوحيد، والتوبة النصوح لا تبقي سيئة إلا محتها وأذهبتها.

▫️وإن كان المراد بالحسنات عموم الأعمال الصالحة كالصلاة والصيام؛ ⇦فإن القرآن والسنة دلّا صراحةً على أن تكفير الحسنات للسيئات مشروط باجتناب الكبائر

إن الأمثلة التطبيقية التي توضح وتؤكد معنى هذه القاعدة لكثيرة جدًّا، لكن لعلنا نذكر بعضها تنبيهًا على باقيها، وأول ما نبدأ به من الأمثلة هو ما ذكره ربُّنا في الآية الكريمة التي تضمنتها هذه القاعدة، وهو:

١- إقامة الصلاة طرفي النهار -وهو مبتدأه ومنتهاه-، وساعاتٍ من الليل، ولا ريب أن أول ما يدخل في هذه الصلوات الخمس، كما يدخل فيها: بقية النوافل، كالسنن الرواتب، وقيام الليل.

٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة، ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: أن رجلا أصاب من امرأة قُبلةً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ فأنزل الله ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟! قال: «بل لجميع أمتي كلِّهم».

٣- قصة توبة القاتل الذي قتل تسعةً وتسعين نفسًا -وهي في الصحيحين- وهي قصة مشهورة جدًّا، والشاهد منها، أنه لما انطلق من أرض السوء إلى أرض الخير: «أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرْضَين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة».

📣 فإلى كلِّ من أسرف على نفسه، وقنَّطه الشيطان من رحمة ربه، لا تيأسنَّ ولا تقنطنَّ، فهذا رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فلما صحّت توبته، رحمه ربه ومولاه، مع أنه لم يعمل خيرًا قط من أعمال الجوارح سوى هجرته من بلد السوء إلى بلد الخير، أفلا تحرّك فيك هذه القصة الرغبة في هجرة المعاصي، والإقبال على من لا سعادة ولا أنس إلا بالإقبال عليه؟!

اللهم ارزقنا حسناتٍ تذهب سيئاتنا، وتوبة تجلو أنوارُها ظلمةَ الإساءة والعصيان.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 01-18-2021 الساعة 06:40 AM
رد مع اقتباس