عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 02-08-2021, 04:11 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :

القاعدة السابعة والأربعون

🔅 {وَمَن يؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11]

📌هذه قاعدة نحن بأمَسِّ الحاجة إليها كل حين، وخاصة حين يبتلى الإنسان بمصيبة من المصائب المزعجة، وما أكثرها في هذا العصر!

🔅وهذه القاعدة القرآنية جاء ذكرها ضمن آية في سورة التغابن يقول الله فيها: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}* [التغابن:11].

💡وتأمل كيف علق الله تعالى هداية القلب على الإيمان؛ ذلك أنّ الأصل في المؤمن أن يروّضه الإيمان على تلقي المصائب، واتباع ما يأمره الشرع به من البعد عن الجزع والهلع، متفكرًا في أن هذه الحياة لا تخلوا من منغصات ومكدرات؛

📍ومجيء هذه القاعدة في هذا السياق له دلالات مهمة، من أبرزها:

١- تربية القلب على التسليم على أقدار الله المؤلمة كما سبق.

٢- أن من أعظم ما يعين على تلقي هذه المصائب بهدوء وطمأنينة: الإيمان القوي برب العالمين، والرضا عن الله تعالى، بحيث لا يتردد المؤمن -وهو يعيش المصيبة- بأن اختيار الله خير من اختياره لنفسه، وأن العاقبة الطيبة ستكون له -ما دام مؤمنًا حقًا- فإن الله تعالى ليس له حاجة لا في طاعة العباد، ولا في ابتلائهم! بل من وراء الابتلاء حكمة بل حِكَمٌ وأسرار بالغة لا يحيط بها الإنسان، وإلا فما الذي يفهمه المؤمن حين يسمع قول النبي ﷺ: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل"؟! ، وما الذي يوحيه للإنسان ما يقرأه في كتب السير والتواريخ من أنواع الابتلاء التي تعرض لها أئمة الدين؟!

💡إن الجواب باختصار شديد: «أن أثقال الحياة لا يطيقها المهازيل، والمرء إذا كان لديه متاع ثقيل يريد نقله، لم يستأجر له أطفالًا أو مرضى أو خوارين؛ إنما ينتقي له ذوي الكواهل الصلبة، والمناكب الشداد!! كذلك الحياة، لا ينهض برسالتها الكبرى، ولا ينقلها من طور إلى طور إلا رجال عمالقة وأبطال صابرون!».

🛑 ليس بوسع الإنسان أن يسرد قائمة بأنواع المصائب التي تصيب الناس وتكدّر حياتهم؛ لكن بوسعه أن ينظر في هدي القرآن في هذا الباب،

🔆 ذلك أن منهج القرآن الكريم في الحديث عن أنواع المصائب حديث مجمل، وتمثيل بأشهر أنواع المصائب، لكننا نجد تركيزًا ظاهرًا على طرق علاج هذه المصائب، ومن ذلك:

١- هذه القاعدة تنبه إلى أهمية الصبر والتسليم، وتعزيز الإيمان الذي يصمد لهذه المصائب.

٢- ومن طرق معالجة القرآن لشأن المصائب: الإرشاد إلى ذلك الدّعاء العظيم الذي جاء ذكره في سورة البقرة، يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:١٥٥-١٥٦].

٣- كثرة القصص عن الأنبياء وأتباعهم، الذين لقوا أنواعًا من المصائب والابتلاءات التي تجعل المؤمن يأخذ العبرة، ويتأسّى بهم، ويهون عليه ما يصيبه إذا تذكر ما أصابهم، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد ﷺ.

📍ويتبع هذا العلاجَ القرآني: النظر في سير الصالحين من هذه الأمة وغيرهم، ممن ابتلوا فصبروا، ثم ظفروا، ووجدوا -حقًّا- أثر الرضا والتسليم بهداية يقذفها الله في قلوبهم، وهم يتلقون أقدار الله المؤلمة، والمُوفَّق من تعامل مع البلاء بما أرشد الله إليه ورسولُه ﷺ، وبما أرشد إليه العقلاء والحكماء.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس