عرض مشاركة واحدة
  #50  
قديم 02-09-2021, 02:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,646
افتراضي


القاعدة الثامنة والأربعون:

*🔅 {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ} [البقرة:60]

📌هذه قاعدة قرآنية محكمة، سارت مسار الأمثال، وهي أثر من آثار حكمة الله تعالى في خلقه، تعين من تدبرها على رؤية الأمور بتوازن واعتدال...

💡وهذا المعنى جاءت الشريعة بتقريره بعبارات متنوعة، وجُمَلٍ مختصرة وألفاظ مختلفة، ولعلنا في هذه القاعدة نشير إلى أهم هذه التطبيقات التي حصل بسبب الإخلال بها بعضُ الآثار السيئة، وفات بسبب ذلك بعضُ المكاسب الطيبة، ذلكم هو:

⇚ أهمية معرفة الإنسان للمواهب والقدرات التي وهبه الله إياها، ليفيد في المجال الذي يناسبه ويتفق مع قدراته ومواهبه؛ إذ من المتقرر أن الناس ليسوا على درجة واحدة في المواهب والقدرات والطاقات، ولم يجتمع الكمال البشري إلا في الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.

📍فمعرفة الإنسان لما يحسنه ويتميز به مهم جدًا في تحديد المجال الذي ينطلق فيه؛ ليبدع ولينفع أمته؛ إذ ليس القصد هو العمل فحسب، بل الإبداع والإتقان.

🔅ومن نظر في سير الصحابة رضوان الله عليهم أدرك شيئًا من دقة تطبيقهم لمعاني هذه القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ)؛ ◁فمنهم العالم المتخصص، ومنهم المعروف بالسِّنان ومقارعة الفرسان، وثالث يبدع في ميادين الشعر و البيان .

⚠️ وفي عصرنا هذا برز سِجالٌ نبَّه الإمام مالك على خطأ قصورِ النظر فيه؛

🔻فإنك واجدٌ في مقالات بعض الناس الذين نفروا للجهاد في سبيل الله عتابًا ولومًا لبعض العلماء المتفرغين للتعليم ونشر العلم، طالبين منهم النفير والخروج إلى الجهاد؛ لأن الجهاد أفضل الأعمال، وأنه فرض الوقت و..و… (في سلسلة من التعليلات التي يُصَدّرون بها هذا اللون من العتاب)،

🔺ويقابل ذلك -أحيانًا- عتابٌ آخر من قِبَل بعض المشتغلين بالعلم والدعوة، بلوم هؤلاء المتفرغين للجهاد، ورميهم لهم بأن كثيرًا منهم ليس بعالم، ولا يفقه كثيرًا من مسائل الشرع و..و.. (في سلسلة من المآخذ التي كان يمكن تهذيبها وتخفيف حدتها لو تأمل الجميع هذه القاعدة وما جاء في معناها).

❗️وفي الساحة نماذج كثيرة خسرت الأمة طاقاتهم؛ بسبب الإخلال بما دلّت عليه هذه القاعدة:

■ فهذا شاب مبدع في العلم، وآتاه الله فهمًا وقدرةً على الحفظ، وسلك طريقه في العلم، فيأتيه من يأتيه ليقنعه بالانخراط في العمل الخيري، وكأنه -وهو في طريق الطلب- في طريق مفضول، أو عمل مرجوح!

■ والعكس صحيح، فمن الشباب من يجتهد في طلب العلم، لكنه لا ينجح ولا يتقدم، ويعلم مَنْ حوله أنه ليس من أهل هذا الشأن، فليس من الحكمة في شيء أن يُطالَب هذا الرجل وأمثاله بأكثر مما بذل، فقد دلّت التجربة على أنه ليس من أحلاس العلم، فينبغي توجيهه إلى ما يحسنه من الأعمال؛ فالأمة بحاجة إلى طاقات في العمل الخيري، والإغاثي، والاجتماعي والدعوي.

💡وفيما أشرنا إليه في تنوع اهتمامات الصحابة رضوان الله عليهم ما يؤكد أهمية فهم هذه القاعدة على الوجه الصحيح؛ حتى لا نخسر طاقات نحن بأمسِّ الحاجة إليها، خصوصًا في هذا الزمن الذي تنوعت فيه الاهتمامات، وتعددت فيه طرائق خدمة الإسلام، ونفع الناس، والموفَّق من عرف ما يُحسِنه، فوظَّفه لخدمة دينه وأمته،

🔅وفي الأثر: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" [أخرجه أبو يعلى وفي سنده ضعف لكن معناه صحيح]،

وكيف يتأتى الإتقان من شخص لا يحسن ما يعانيه ويعالجه؟!

🍃 هذه بعض هدايات الوحي فهل نتدبرها ونستفيد منها؛ من أجل فاعلية أكثر لطاقاتنا!

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس