عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 05-27-2021, 01:17 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
افتراضي

ثالثًــا : الإيمـــان بالكتـــب

===================
مـن أركـان الإيمـان السـتة ، أن نؤمـن بالكتـب التـي أنزلهـا الله علـى أنبيائـه ورسـله .
·تعريــف :
الكتـب جمـع كتـاب . والكتـاب هـو مـا حـوى كلامـًا مفيـدًا ، ذا أغـراض متعـددة .
والكتـب التـي يجـب الإيمـان بهـا : هـي الصحـف التـي حـوت كـلام الله عـز وجـل ، الـذي أوحـاه إلـى رسـله عليهـم السـلام فكونـت كتبـًا ، أو بقيـت صحفـًا لـم تجمـع ، ولـم يتكـون منهـا كتـاب خـاص .
فالصحـف : كصحـف " إبراهيـم " ، " وموسـى " عليهمـا السـلام .
والكتـب : كالتـوراة ، والزبـور ، والإنجيـل ، والقـرآن العظيـم .

حقيقـة الإيمــان بالكتــب :
====================
إن معنـى الإيمـان بالكتـب الإلهيـة الـذي هـو جـزء مـن معتقـد المؤمـن :
التصديـق الجـازم بمـا أوحـى الله تعالـى مـن كلامـه " إلـى مـن اصطفـى مـن رسـله عليهـم السـلام " ، فجُمـع ودُوِّنَ ، فكـان " صحفـًا مطهـرة " و " كتبـًا قيمـة " فمـا عُـرف منهـا آمـن بـه المؤمـن تفصيـلاً ، ومـا لـم يعـرف آمـن بـه إجمـالاً .

مـا هـي الكتـب ومـا أسـمائها ؟
مـن هـذه الكتـب مـا سـماه الله فـي القـرآن الكريـم ، ومنهـا مـا لـم يسـم ، ولا مصـدر لمعرفـة الكتـب سـوى القـرآن الكريـم ، والـذي أخبرنـا بـه عـز وجـل منهـا :

1ـ التـوراة :
التـي نزلـت علـى " مـوسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ يَحْكُـمُ بِهَـا النَّبِيُّـونَ الَّذِيـنَ أَسْـلَمُواْ لِلَّذِيـنَ هَـادُواْ
وَالرَّبَّانِيُّـونَ وَالأَحْبَـارُ بِمَـا اسْـتُحْفِظُواْ مِـن كِتَـابِ اللّهِ وَكَانُـواْ عَلَيْـهِ شُـهَدَاء ... } . سورةالمائدة / آية : 44 .
2 ـ الإنجيـــل :
الـذي نـزل علـى " عيـسى " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } .سورة المائدة / آية : 46 .

3ـ الزبــور :
الـذي أنـزل علـى " داود " ـ عليه السلام ـ . حيـث قـال تعالـى :
{ ... وَآتَيْنَـا دَاوُودَ زَبُـوراً } .سورة الإسراء / آية : 55 .

4 ـ الصحــف :
التـى أنزلهـا الله علـى " إبراهيـم " و " موسـى " . حيـث قـال تعالـى :
{ أَمْ لَـمْ يُنَبَّـأْ بِمَـا فِـي صُحُـفِ مُوسَـى * وَإِبْرَاهِيـمَ الّـَذِي وَفَّـى } .
سورة النجم / آية : 36 ، 37 .

وقـال تعالـى : { إِنَّ هَـذَا لَفِـي الصُّحُـفِ الأُولَـى * صُحُـفِ إِبْرَاهِيـمَ وَمُوسَـى } . سورة الأعلى / آية : 18 ، 19 .

وأمـا الكتـب الأخـرى التـي نزلـت علـى سـائر الرسـل ، فلـم يخبرنـا الله سـبحانه عـن أسـمائها ، وإنمـا أخبرنـا سـبحانه أن لكـل نبـي أرسـله الله ، رسـالة بلغهـا قومـه .
فقـال تعالـى : { كَـانَ النَّـاسُ أُمَّـةً وَاحِـدَةً فَبَعَـثَ اللّهُ النَّبِيِّيـنَ مُبَشِّـرِينَ وَمُنذِرِيـنَ وَأَنـزَلَ مَعَهُـمُ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ لِيَحْكُـمَ بَيْـنَ النَّـاسِ فِيمَـا اخْتَلَفُـواْ فِيـهِ ... } .
سورة البقرة / آية : 213 .
ـ فيجـب علينـا أن نؤمـن بهـذه الكتـب التـى لـم تسـم إجمـالاً ، ولا يجـوز لنـا أن ننسـب كتابـًا إلـى الله تعالـى سـوى ما نسـبه إلـى نفسـه مما أخبرنـا عنـه فـي القـرآن الكريـم .
ـ كمـا يجــب أن نؤمـن بـأن هـذه الكتـب نزلـت بالحـق والنـور والهـدى ، وتوحيـد الله
سـبحانه فـي ربوبيتـه وألوهيتـه وأسـمائه وصفاتـه ، وأن مـا نسـب إليهـا ممـا يخالـف ذلـك ، إنمـا هـو تحريـف البشـر وصنعهـم .
قـال تعالـى :{ إِنَّـا أَنزَلْنَـا التَّـوْرَاةَ فِيهَـا هُـدًى وَنُـورٌ ... } .سورة المائدة / آية : 44 .
وقـال تعالـى عـن الإنجيـل : { وَقَفَّيْنَـا عَلَـى آثَارِهِـم بِعَيسَـى ابْـنِ مَرْيَـمَ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَآتَيْنَـاهُ الإِنجِيـلَ فِيـهِ هُـدًى وَنُـورٌ وَمُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ التَّـوْرَاةِ وَهُـدًى وَمَوْعِظَـةً لِّلْمُتَّقِيـنَ } .
سورة المائدة / آية : 46 .

ـ ويجـب علينـا أن نؤمـن بـأن القـرآن العظيـم هـو آخـر كتـاب نـزل مـن عنـد الله تعالـى ، وأن الله عـز وجـل قـد خصـه بمزايـا تميـز بهـا عـن جميـع مـا تقدمـه مـن الكتـب المنزلـة مـن أهمهـا :
1ـ أنـه تضمـن خلاصـة التعاليـم الإلهيـة ، وجـاء مؤيـدًا ومصدقـًا لمـا جـاء فـي الكتـب السـابقة مـن توحيـد اللـه وعبادتـه ووجـوب طاعتـه .
وجمـع كـل مـا كـان متفرقـًا فـي تلـك الكتـب مـن الحسـنات والفضائـل . وجـاء مهيمنـًا ورقيبـًا ، يقـر مـا فيهـا مـن حـق ، ويبيـن مـا دخـل عليهـا مـن تحريـف وتغييـر .
قـال تعالـى :{ وَأَنزَلْنَـا إِلَيْـكَ الْكِتَـابَ بِالْحَـقِّ مُصَدِّقـاً لِّمَـا بَيْـنَ يَدَيْـهِ مِـنَ الْكِتَـابِ وَمُهَيْمِنـاً عَلَيْـهِ ... } سورة المائدة / آية : 48 .
وإنـه جـاء بشـريعة عامـة للبشـر فيهـا كـل مـا يلزمهـم لسـعادتهم فـي الداريـن ، نسـخ بهـا جميـع الشـرائع العمليـة الخاصـة بالأقـوام السـابقة ، وأثبـت فيهـا الأحكـام النهائيـة الخالـدة لكـل زمـان ومكـان .

2ـ إن القـرآن هـو الكتـاب الربانـي الوحيـد الـذي تعهـد الله حفظـه .
قـال تعالـى : { إِنَّـا نَحْـنُ نَزَّلْنَـا الذِّكْـرَ وَإِنَّـا لَـهُ لَحَافِظُـونَ } .سورة الحجر / آية : 9 .

3 ـ القـرآن أنزلـه الله على رسـوله محمـد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ للنـاس كافـة ، وليـس خاصًـا بقـوم معينيـن كمـا كانـت تنـزل الكتـب السـابقة .
فكـان حفظـه مـن التحريـف وصيانتـة مـن عبـث النـاس ، ليبقـى مـا فيـه حجـة الله علـى النـاس قائمـة حتـى يـرث الله الأرض ومـن عليهـا .
وأمـا الكتـب الأخـرى فقـد وجـه الكـلام فـي كـل واحـد منهـا إلـى أمـة خاصـة دون سـائر الأمـم .
وهـي وإن اتفقـت فـي أصـل الديـن ، إلا أن مـا نـزل فيهـا مـن الشـرائع والأحكـام كـان خاصـًا بأزمنـة معينـة وأقـوام معينيـن .
قـال تعالـى :{ ... لِكُـلٍّ جَعَلْنَـا مِنكُـمْ شِـرْعَةً وَمِنْهَاجـاً ... } .سورة المائدة / آية : 48 .
لذلـك لـم يتعهـد الله سـبحانه بحفـظ أي منهـا علـى مـدى الأزمـان كمـا هـو الحـال بالنسـبة للقـرآن .
بـل أخبـر عـز وجـل فـي آخـر كتبـه ( القـرآن ) عـن التحريـف الـذي وقـع علـى تلـك الكتـب .

* فعـن التحريـف والتغييـر الـذي أدخلـه اليهـود علـى التـوراة ، قـال تعالـى :
{ أَفَتَطْمَعُـونَ أَن يُؤْمِنُـواْ لَكُـمْ وَقَـدْ كَـانَ فَرِيـقٌ مِّنْهُـمْ يَسْـمَعُونَ كَـلاَمَ اللّهِ ثُـمَّ يُحَرِّفُونَـهُ مِـن بَعْـدِ مَـا عَقَلُـوهُ وَهُـمْ يَعْلَمُـونَ } .سورة البقرة / آية : 75 .
وقـال أيضـًا : { مِّـنَ الَّذِيـنَ هَـادُواْ يُحَرِّفُـونَ الْكَلِـمَ عَـن مَّوَاضِعِـهِ ... }
سورة النساء / آية : 46 .
* وأمـا عـن التحريـف الـذي أدخلـه النصـارى علـى الإنجيـل ، قـال تعالـى :
{ وَمِـنَ الَّذِيـنَ قَالُـواْ إِنَّـا نَصَـارَى أَخَذْنَـا مِيثَاقَهُـمْ فَنَسُـواْ حَظّـاً مِّمَّـا ذُكِّـرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُـمُ الْعَـدَاوَةَ وَالْبَغْضَـاء إِلَـى يَـوْمِ الْقِيَامَـةِ وَسَـوْفَ يُنَبِّئُهُـمُ اللّهُ بِمَـا كَانُـواْ يَصْنَعُـونَ * يَـا أَهْـلَ الْكِتَـابِ قَـدْ جَاءكُـمْ رَسُـولُنَا يُبَيِّـنُ لَكُـمْ كَثِيـراً مِّمَّـا كُنتُـمْ تُخْفُـونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُـو عَـن كَثِيـرٍ قَـدْ جَاءكُـم مِّـنَ اللّهِ نُـورٌ وَكِتَـابٌ مُّبِيـنٌ } . سورة المائدة / آية : 14 ، 15 .

* والحـق الـذي لا يمـاري فيـه منصـف أنـه لا يوجـد اليـوم علـى ظهـر الأرض كتـاب تصلـح نسـبته إلـى الخالـق تبـارك وتعالـى سـوى " القـرآن الكريـم " .

ـ فالكتـب التـى نزلـت قبـل القـرآن ، قـد ضاعـت نسـخها الأصليـة ، ولـم يبـق فـي أيـدي النـاس إلا تراجمهـا .
أمـا القـرآن فإنـه لا يـزال محفوظـًا بسـوره وآياتـه وكلماتـه وحركاتـه ، كما تـلاه جبريـل
ـ عليه السلام ـ علـى رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وكمـا تـلاه رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ علـى صحابتـه ـ رضوان الله عليهم ـ .

ـ والكتـب قـد اختلـط فيهـا كـلام الله بكـلام النـاس مـن تفسـير وتاريـخ وسـير الأنبيـاء وتلاميذهـم ، واسـتنباطات الفقهـاء ، فـلا يعـرف فيهـا كـلام الله مـن كـلام البشـر .
أمـا " القـرآن " فهـو جميعـه كـلام الله تعالـى ، ولـم يختلـط بـه غيـره مـن حديـث الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو أقـوال الصحابـة ـ رضوان الله عليهم ـ ، أو غيرهـم .

ـ والكتـب ليـس منهـا كتـاب تصـح نسـبته إلـى الرسـول الـذي ينسـب إليـه ، فليـس لأي منهـا سـند تاريخـي موثـوق .
فالأسـفار الموجـودة ضمـن مـا يسـمى بالعهـد القديـم ، ويطلـق عليـه التـوراة ، إنمـا دُونـت بعـد موسـى ـ عليه السلام ـ بقـرون عديـدة .
وأمـا القـرآن العظيـم فهـو الكتـاب الوحيـد الـذي ثبتـت نسـبته بصـورة قطعيـة إلـى الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
ومـن الأدلـة علـى وقـوع التحريـف فـي تلـك الكتـب تعـدد نسـخها واختلافهـا فيمـا نقلتـه مـن الأقـوال والآراء .

وورد فـي العقائـد الإسـلامية / سـيد سـابق / ص : 16 :
ويكفـي لصحـة التدليـل علـى التحريـف فـي الأناجيـل المتداولـة بأيـدي النصـارى الآن أنهـا أربعـة اختيـرت مـن نحـو سـبعين إنجيـلاً .
ومـن القرائـن القاطعـة علـى وقـوع التحريـف فـي هـذه الكتـب مـا تضمنتـه مـن العقائـد الفاسـدة والتصـورات الباطلـة عـن الخالـق سـبحانه ، وعـن رسـله الكـرام عليهـم السـلام .

* فنجـد فيهـا تشـبيه الخالـق بالإنسـان ، وأنـه ينجـب .
قـال تعالـى : { وَقَالَـتِ الْيَهُـودُ عُزَيْـرٌ ابْـنُ اللّهِ وَقَالَـتْ النَّصَـارَى الْمَسِـيحُ ابْـنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُـم بِأَفْوَاهِهِـمْ يُضَاهِـؤُونَ قَـوْلَ الَّذِيـنَ كَفَـرُواْ مِـن قَبْـلُ قَاتَلَهُـمُ اللّهُ أَنَّـى يُؤْفَكُـونَ } .
سورة التوبة / آية : 30 .
* ونجـد فيهـم القـدح بالأنبيـاء .
فقـد ادعـوا فـي كتبهـم أن " إبراهيـم " ـ عليه السلام ـ كـذاب ، وأن " لوطـًا " زنـا بابنتـه ، وأن " هـارون " دعـا الإسـرائيليين إلـى عبـادة العجـل ، وأن " داود " زنـا ، وأن " سـليمان " عبـد الأصنـام إرضـاءً لزوجتـه .

فهـل ثـم دليـل علـى التحريـف أقـوى مـن هـذا ؟ ! .
رد مع اقتباس