عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 07-11-2011, 07:38 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,034
افتراضي



فإن قال قائل: اضربوا لنا مثلاً نقتنع به ، أن الشيء يكون على صورة الشيء وليس مماثلاً له ؟

والجواب نقول: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُوْرَةِ القَمَرِ لَيْلَةِ البَدْرِ ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلوُنَهُمْ عَلَى أَضْوَءِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ[26] فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه أو تعتقد أنهم على صورة البشر لكن في الوضاءة والحسن والجمال واستدارة الوجه وما أشبه ذلك على صورة القمر، لامن كل وجه ، فإن قلت بالأول فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم أفواه، وإن قلت بالثاني؛ زال الإشكال وثبت أنه لايلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلاً له من كل وجه.

فالمهم أن باب الصفات بابٌ عظيمٌ، خطره جسيم، ولايمكن أن ينفك الإنسان من الورطات والهلكات التي يقع فيها إلا باتباع السلف الصالح، أثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه، وانْفِ مانفى الله عن نفسه، فتستريح.

هل تبحث في أمر يكون البحث فيه تعمّقاً وتنطّعاً ؟

الجواب: لا تبحث.

وقد سُئِل الإمام مالك - رحمه الله - عن قول الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه:5] كيف استوى؟

فأطرق - رحمه الله - برأسه وجعل يتصبب عرقاً من ثقل ما ألقي عليه وتعظيمه الرب جل وعلا، ثم رفع رأسه وقال: (الاستواء غير مجهول) أي أنه معلوم في اللغة العربية، استوى على كذا: أي علا عليه واستقرّ، وكل ما ورد في القرآن والسنةوكلام العرب أن (استوى) إذا تعدّت بـ (على) فمعناه العلو وقوله: (والكيف غير معقول) أي معناه: أنّا لاندرك كيفية استواء الله على عرشه بعقولنا: وإنما طريق ذلك السمع. وقوله: (الإيمان به واجب) معناه : أن الإيمان باستواء الله على عرشه على الوجه اللائق واجب. (والسؤال عنه بدعة) معناه : أن السؤال عن كيفية الاستواء بدعة، لأن مثل هذا السؤال لم يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أشد منا حرصاً على معرفة الله عزّ وجل ، والمجيب لو سألوه فهو أعلم منا بالله تعالى، ومع ذلك لم يقع السؤال، أفلا يسعنا ما وسعهم ؟

الجواب: بلى، فيجب على المسلم أن يسعه ما وسع السلف الصالح، فلا يسأل.

ثم قال الإمام مالك - رحمه الله- : (ما أراك) أي ما أظنك (إلامبتدعاً) تريد أن تفسد على الناس دينهم، ثم أمر به فأُخرج من المسجد، أي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل: والله لاأستطيع إخراجه، أخشى أن أدخل في قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ )(البقرة: الآية114) لأني أمنع هذا من دخول المسجد، لأنه لم يدخل ليذكر فيه اسم الله، بل دخل ليفسد عباد الله، ومثل هذا يمنع.

فإذا كان الذي يأكل الثوم والبصل يمنع من دخول المسجد، فكيف بمن يفسد على الناس أديانهم،أفلا يكون أحقّ بالمنع؟ بلى والله، ولكن كثيراً من الناس غافلون.

على كلّ حال هذا المقام مقام عظيم، لكني أحذركم أن تتعمّقوا في باب الأسماء والصفات، وأن تسألوا عما لاحاجة لكم به.

يقول بعض الناس: الله تعالى له أصابع، ويقول المحرفون: ليس له أصابع، والمراد بقوله: إنَّ قُلُوْبَ بَنِيْ آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ[27] كمال السيطرة والتدبير، سبحانَ الله، أأنتم أعلم أم رسول الله؟ نفوا الأصابع لظنهم أن إثباتها يستلزم التمثيل، فمثلوا أولاً وعطّلوا ثانياً، فجمعوا بين التمثيل والتعطيل.

وجاء آخرون فقالوا: قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، وأمسك المسواك بين أصابعه وقال: بين أصبعين من أصابع الرحمن. قطع الله هاتين الأصبعين. فهل يحلّ هذا ؟

الجواب: لا يحل، أولاً: هل تعلم أن أصابع الله تعالى خمسة: إبهام وسبابة ووسطى وبنصر وخنصر؟ لا تعلم .

ثانياً: هل تعلم أن كون القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن: بين الإبهام والسبابة، أو بين الإبهام والوسطى، أو بين الإبهام والبنصر، أو بين الإبهام والخنصر؟ كيف تقول على الله ما لاتعلم، أم على الله يفترون، فمثل هذا يستحق أن يؤدّب لأنه قال على الله ما لا يعلم.

فقالوا: أليس النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: وَكَانَ اللهُ سَمِيعَاً بَصِيرَا وضع إبهامه وسبابته على العين والأذن[28]

نقول: بلى، لكن أنت لست رسولاً حتى تفعل هذا، ثم المقصود من وضع الرسول صلى الله عليه وسلم أصبعيه تحقيق السمع والبصر فقط.

وأكرر أن باب الصفات باب عظيم، احذر أن تزل، فتحت رجلك هوّة، فالأمر صعب جداً.

يقول آخرون في قول الله تعالى: (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )(الزمر: الآية67) فيشير بيده قابضاً لها على شيء - أعوذ بالله - والآخرون يقولون: قبضته أي تحت تصرفه، والفرق بينهما عظيم.

فعلى كل حال، أكرر:احذروا باب الصفات أن تخوضوا في شيءٍ لم يتكلم فيه السلف الصالح.

يقول بعض العلماء: من لم يسعه ما وسع الصحابة والتابعين فلا وسّع الله عليه.

قوله: وَمَلائِكَتِهِ بدأ بالملائكة قبل الرسل والكتب لأنهم عالم غيبي، أما الرسل والكتب فعالم محسوس، فالملائكة لا يظهرون بالحس إلا بإذن الله عزّ وجل ، وقد خلق الله الملائكة من نورٍ،كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايحتاجون إلى أكل وشرب، ولهذا قيل إنهم صمدٌ أي ليس لهم أجواف، فلا يحتاجون إلى أكل ولا شرب، فنؤمن أن هناك عالماً غيبياً هم الملائكة.

وهم أصناف، ووظائفهم أيضاً أصناف حسب حكمة الله عزّ وجل كالبشر أصناف ووظائفهم أصناف.

والإيمان بالملائكة يتضمّن:

رد مع اقتباس