عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 10-11-2022, 11:10 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,016
y

من آية 145إلى 150
"وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ "145.
والمعنى:لو أتيت - يا محمد- أهل الكتاب بكل برهان وحُجة ما آمنوا بدينك ولا اتبعوا قبلتك. لماذا؟ لأنهم لا يبحثون عن دليل ولا يريدون الاقتناع بصحة الدين الجديد.. ولو كانوا يريدون دليلا أو اقتناعا لوجدوه في كتبهم التي أنبأتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه النبي الخاتم وأعطتهم أوصافه..
ولئن جئت- يا محمد- اليهود ومن على طريقتهم في الكفر بكل برهان وحُجة ما آمنوا بدينك ولا اتبعوا قبلتك ، لأن تركهم اتباعك ليس عن شبهة يزيلها الحجة والبرهان، وإنما هو عن مكابرة وعناد مع علمهم بما في كتبهم من أنك على الحق المبين.

وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ : إخبار عن شدة متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لما أمره الله تعالى به ، وأنه كما هم مستمسكون بآرائهم وأهوائهم ، فهو أيضًا مستمسك بأمر الله وطاعته واتباع مرضاته ، وأنه لا يتبع أهواءهم في جميع أحواله ، وما كان متوجها إلى بيت المقدس ; لأنها قبلة اليهود ، وإنما ذلك عن أمر الله تعالى .
وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ : اليهود تستقبل بيت المقدس وهو المغرب ، والنصارى تستقبل المشرق، وقبلة المسلمين الكعبة.أي إن اليهود لا تترك قبلتها وتتجه إلى المشرق، والنصارى لا تغيّر قبلتها وتتجه إلى المغرب، لأن كلا منهما متمسك بما هو فيه، محقّا كان أو مبطلًا، ولا ينظر إلى حجة وبرهان.
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ:
ثم ساق القرآن الكريم بعد ذلك تحذيرًا للأمة كلها من اتباع أهل الكتاب، وجاء هذا التحذير في شخص النبي صلّى الله عليه وسلّم
أي ولئن وافقتهم فيما يريدون، فصليت إلى قبلتهم مداراة لهم وحرصًا على اتباعك والإيمان بك، بعد ما جاءك الحق اليقين، والعلم الذي لا شكّ فيه - لتكونن من جملة الظالمين - وحاشاك أن تفعل ذلك.تفسير المراغي.
وأي ظلم أعظم, من ظلم, من علم الحق والباطل, فآثر الباطل على الحق، وهذا, وإن كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم, فإن أمته داخلة في ذلك، وأيضًا, فإذا كان هو صلى الله عليه وسلم لو فعل ذلك -وحاشاه- صار ظالمًا مع علو مرتبته, وكثرة حسناته فغيره من باب أولى وأحرى.تفسير السعدي.
"الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "146.
هذا كالدليل لما ذُكر في قوله تعالى" وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ" البقرة 144. فكأنه قال: إن سبب العلم بأنه الحق، أنهم يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم بما في كتبهم من البشارة به ومن نعوته وصفاته التي لا تنطبق على غيره، كما يعرفون أبناءهم الذين يربّونهم ويحوطونهم بعنايتهم، فلا يفوتهم شيء من أمرهم.تفسير المراغي.
فمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم, وصلت إلى حد لا يشُكُّون فيه ولا يمترون، ولكن فريقًا منهم - وهم أكثرهم - الذين كفروا به, كتموا هذه الشهادة مع تيقنها, وهم يعلمون " ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ"البقرة :140.
وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ :
أي وإن فريقًا منهم عاندوا وكتموا الحق الذي يعرفونه، من أن محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي، وأن الكعبة قِبْلَة، وأضاف الكتمان إلى فريق منهم، لأنهم لم يكونوا كلهم كذلك، إذ منهم من اعترف بالحق وآمن به واهتدى، ومنهم من كان يجحده عن جهل، لأنهم كفروا به تقليدًا، ولو علموا به حق العلم لجاز أن يقبلوه.
قال عبد الله بن سلام لليهود في حديث طويل " ............. يا مَعْشَرَ اليَهُودِ، اتَّقُوا اللَّهَ؛ فَواللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أنَّه رَسولُ اللَّهِ، وأنَّهُ جاءَ بحَقٍّ، ....."الراوي : أنس بن مالك - صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم : 3911 .
"أنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم برَجُلٍ منهمْ وامْرَأَةٍ قدْ زَنَيَا، فَقَالَ لهمْ: كيفَ تَفْعَلُونَ بمَن زَنَى مِنكُمْ؟ قالوا: نُحَمِّمُهُما ونَضْرِبُهُمَا، فَقَالَ: لا تَجِدُونَ في التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟ فَقالوا: لا نَجِدُ فِيهَا شيئًا، فَقَالَ لهمْ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، فَأْتُوا بالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الذي يُدَرِّسُهَا منهمْ كَفَّهُ علَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ ما دُونَ يَدِهِ وما ورَاءَهَا، ولَا يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عن آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَالَ: ما هذِه؟! فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قالوا: هي آيَةُ الرَّجْمِ، فأمَرَ بهِما فَرُجِما قَرِيبًا مِن حَيْثُ مَوْضِعُ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الحِجَارَةَ.."الراوي :عبدالله بن عمر- صحيح البخاري .الدرر السنية.

نُحَمِّمُهما ونَضْرِبُهما، أي: نُسوِّدُ وُجوهَهما بالحُممِ -وهو الفَحْمُ- ونَضرِبُهما.

حرَّفَ أهلُ الكتابِ مِنَ اليهودِ والنَّصارى كُتبَهمُ المُنْزَلةَ عليهم، فحَذَفوا وغيَّروا وأدْخَلوا فيها ما ليس منْها، وما بَقِيَ منه لم يَعمَلُوا به، وأخفَوْه وكتَمُوه وهمْ يَعلَمونَ.

وفي هذا الحديثِ صُورةٌ مِن صُوَرِ جُحودِ اليهودِ وكِتمانِهم ما أنْزَلَ اللهُ تعالى عليهم مِنَ التَّوراةِ.

فسألهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الرَّجمِ :لا تَجِدُونَ في التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟:وإنما سألهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ليُلزِمَهم بما يعتَقِدونَه في كتابِهم الموافِقِ لحُكمِ الإسلامِ إقامةً للحُجَّةِ عليهم، لا لتقليدِهم ومَعرفةِ الحُكمِ منهم.فأنكروا وجود حكم الرجم في كتابهم وأخفوه.وكان عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ رضِي اللهُ عنه مِن عُلمائِهم قبْلَ إسلامِه، فرَدَّ عليهم، وقال لهمْ: كذبْتُم، فَأْتوا بِالتَّوراةِ فَاتْلُوها إنْ كُنتُم صادقِينَ؛ فإنَّ ذلك موجودٌ فيها لم يُغَيَّرْ.الدرر.
"الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ "147.
أي: اعلمْ يا محمَّد، أنَّ الحقَّ وحده هو الذي جاءك من ربِّك، لا ما يقوله اليهود أو النَّصارى، أو غيرهم؛ فلا يحصُل لك أدنى تردُّدٍ وريبةٍ فيه.موسوعة التفسير .الدرر السنية.
فالقبلة التي وجهك نحوها هي القبلة الحق التي كان عليها إبراهيم ومن بعده من الأنبياء، فاعمل بما أمرك ربك ولا تلتفت إلى أوهام الجاحدين، فلا يحصل لك أدنى شك وريبة فيه،فتمتري وتشك في الحق بعد ما تبين.
والنهى في هذه الآية كالوعيد في "وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم ....."، موجه فيه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد من كانوا غير راسخي الإيمان من أمته، ممن يخشى عليهم أن يغترّوا بزخرف القول من أولئك المخادعين الذين جعلوا همهم إشعال نار الفتنة بين المؤمنين.تفسير المراغي.
"وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" 148.
" وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا "أي ولكل أمة جهة توليها في صلاتها، فإبراهيم وإسماعيل كانا يوليان نحو الكعبة، وبنو إسرائيل كانوا يستقبلون صخرة بيت المقدس، والنصارى كانوا يستقبلون المشرق، فأي شبهة تتجه من المشاغبين في أمر تحويل القبلة وكيف يكون ذلك مسوّغا للطعن في النبي وشرعه، فالقبلة إذًا من المسائل التي اختلفت باختلاف الأمم، فليست الجهة أساس من أسس الدين كتوحيد الله والإيمان بالبعث والجزاء، فالواجب فيها التسليم لأمر الوحي كما هو الشأن في أمثالها كعدد الركعات، ومقدار النصيب الواجب في الزكاة.تفسير المراغي.
فالقبلة, فإنه من الشرائع التي تتغير بها الأزمنة والأحوال, ويدخلها النسخ والنقل, من جهة إلى جهة، ولكن الشأن كل الشأن, في امتثال طاعة الله, والتقرب إليه, وطلب الزلفى عنده، وهو الذي خلق الله له الخلق, وأمرهم به."وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"الذاريات 56.أي خلقَهم لعبادتِه وطاعته ، خلقَهم ليعبدوه وحدَه لا شريكَ له.
فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ : والأمر بالاستباق إلى الخيرات قدر زائد على الأمر بفعل الخيرات، فإن الاستباق إليها, يتضمن فعلها, وتكميلها, وإيقاعها على أكمل الأحوال, والمبادرة إليها، ومن سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى الخلق درجة، والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل, من صلاة, وصيام, وزكوات وحج, عمرة, وجهاد, ونفع متعد وقاصر. ولما كان أقوى ما يحث النفوس على المسارعة إلى الخير, وينشطها, ما رتب الله عليها من الثواب قال: أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا:أي: في أي بقعة يدرككم الأجل، وتموتون فيها، يجمعكم الله- تعالى- يوم القيامةبقدرته,فهو لا يعجزه أن يحشر الناس يوم الجزاء مهما بعدت بينهم المسافات. وتناءت بهم الديار والجهات. فيجازي كل عامل بعمله. وفي هذا وعد لأهل الطاعة، ووعيد لأهل المعصية.
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: ثم وصف نفسه تعالى بالقدرة على كل شيء لتناسب الصفة مع ما ذُكِرَ من الإعادة بعد الموت والبلى .قادر على جمعكم بعد مماتكم من قبوركم حيث كنتم، وإن تفرقت أجسادُكم وأبدانُكم، كما أنه- سبحانه- قدير على كل شيء.
"وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ"149.
هذا تأكيد لأنه أول ناسخ وقع في الإسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره .أي: ومن أي موضع خرجت وإلى أي مكان آخر سرت، فول- يا محمد- وجهك عند صلاتك إلى المسجد الحرام، وإن هذا التوجه شطره لهو الحق الذي لا شك فيه عند ربك .
والخطاب موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد أيضًا أمته،لذا قال سبحانه: وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ: أي فالله ليس بساه عن أعمالكم وإخلاصكم في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما يجىء به من أمر الدين، بل هو مطلع عليكم في جميع أحوالكم غير مغفول عنها, بل مجازون عليها أتم الجزاء, إن خيرًا فخير, وإن شرًا فشر.
" وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" 150.
أى: ومن أي مكان خرجت- يا محمد- فول وجهك تلقاء المسجد الحرام، وأينما كنتم أيها المؤمنون من أرض الله، فولوا وجوهكم في صلاتكم تجاهه ونحوه.
وتلك هي المرة الثالثة التي تكرر فيها الأمر للمؤمنين بالتوجه إلى المسجد الحرام في صلاتهم، وهذا التكرير لتأكيد أمر القبلة وتشديده لأن تحول القبلة كان أول نسخ في الإسلام- كما قال كثير من العلماء- فاقتضى الأمر تأكيده في نفوس المؤمنين حتى يستقر في مشاعرهم، ويُذهب ما يثار حولها من شبهات أدراج الرياح، ولأن الله- تعالى- أناط بكل واحد من هذه الأوامر الثلاثة بالتحول ما لم ينط بالآخر من أحكام فاختلفت فوائدها، فكأنه- سبحانه- يقول لنبيه- صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين،الزموا هذه القبلة لأنها هي القبلة التي ترضونها وترغبون فيها وطالما تمنيتموها، والزموها- أيضا- لأنها هي القبلة التي لن تنسخ بعد ذلك.
والزموها- كذلك- لأن لزومكم إياها يقطع حجة اليهود الجاحدين، وغيرهم من المعاندين والخاسرين.
وقد اقترن هذا الأمر الثالث بالتوجه إلى المسجد الحرام في هذه الآية الكريمة بحكم ثلاث.
أولها: قوله تعالى: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ :أي: حوَّلنا قِبلتَكم إلى الكَعبة؛ كي لا يحتجَّ اليهودُ عليكم قائلين: إنكم ما دُمتم قد وافقتمونا في قِبلتنا نحو بيت المقدس، فلِمَ تَعيبون دِينَنا، ولِمَ لا تتبعون ملَّتَنا؟ لكن ستبقى حُجَّة الظالمين- وهم مشركو قريش- الذين يحتجُّون عليكم بالباطل قائلين: إنكم ما دُمتم قد عُدتم إلى قِبلتنا، فلا بدَّ أن تتَّبعوا دِيننا
فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي :أي: لا تخشَوا هؤلاء الظلمةَ المتعنتين، ولا حُجَجهم الباطلة، وأفرِدوا الخشية لي؛ فإنِّي وحْدي المستحقُّ لذلك .
وثانيها: قوله تعالى: وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ:أي: شرَعت لكم استقبال الكعبة؛ لأُكمل لكم شرائعَ ملَّتكم الحَنيفيَّة بإعطائكم قبلة مستقلة في بيت ربكم الذي وضع قواعده جدكم إبراهيم عليه السلام، وجعل الأمم الأخرى تبعًا لكم فيه، وطَهَرَهُ من عِبَادَةِ الأوثان والأصنام.
وثالثها: قوله- تعالى: وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ : أي: ومن أسباب تحويل القبلة إلى الكعبة أنْ ترجُوا بامتثال أوامر الله تعالى نيلَ هُداه، فتنتبهون وتعلمون الحق وتعملون به؛ ابتغاءَ رِضاه ،والهداية هي الطريق المستقيم الموصل إلى الغاية ،وغاية هذه الحياة هي أن تصل إلى نعيم الآخرة بامتثال أوامر الله عز وجل.الوسيط ومصادر أخرى.

رد مع اقتباس