عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 06-04-2012, 03:12 AM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,023
Haedphone


النسخ باعتبار " الناسخ "
وهو أربعة أنواع :
النوع الأول : نسخ القرآن بالقرآن :
وهذا مجمع عليه ولا خلاف فيه ، أن يُنْسَخ القرآنُ بالقرآن ، لأن القرآن كله متواتر .
مثاله : آية المصابرة :
وهي قوله تعالى "إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ غڑ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا " . سورة الأنفال / آية : 65 .
ثم قال سبحانه بعدها "الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ" . سورة الأنفال / آية : 66 .
شرح الأأصول من علم الأصول / ص : 425 .

النوع الثاني : نسخ القرآن بالسنة
:

فيه خلاف بين أهل العلم :
ـ ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه : يجوز نسخ القرآن بالسنة المتواترة . وهو اختيار الأمين الشنقيطي .
ـ وذهب الإمام الشافعي وأحمد إلى أنه : لا يجوز نسخ القرآن بالسنة ؛ بل لا يَنْسَخ القرآن إلا قرآن مثله .
وهذا اختيار ابن قدامة وابن تيمية .
ـ حُجة الجمهور :
أن الجميع وحيٌ من الله تعالى ، فالناسخ والمنسوخ من عند الله ، والله هو مختار ذلك حقيقة ، لكنه سبحانه أظهر النسخ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
وَمَثَّلَ الجمهور للوقوع ـ أي وقوع نسخ القرآن بالسنة ـ بأن آية التحريم بعشر رضعات نُسخت بالسنة .
وَرَدَ ذلك فيما روته عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :
"
كانَ فِيما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهُنَّ فِيما يُقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ. " . صحيح مسلم .معالم أصول الفقه ... / ص : 267 .
ومعناه : أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدًا ، حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفي ، وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ، ويجعلها قرآنًا متلوًا ، لكونه لم يبلغه النسخ*لقرب عهده ، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك ، وأجمعوا على أن هذا لا يتلى .
* لم يبلغه النسخ : أي لم يبلغه النسخ اللفظي دون الحكمي ، أي نسخ تلاوة " خمس رضعات " وبقاء حكمها ، فهذا نسخ ـ لفظي فقط ـ للقرآن بالسنة .
والنسخ ثلاثة أنواع :
أحدها : ما نُسخ حكمه وتلاوته كعشر رضعات .
والثاني : ما نُسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات ،
والثالث : ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ، مثل آيات المصابرة " الأنفال : 65 ، 66 " .


النوع الثالث : نسخ السنة بالقرآن :
ذهب جمهور الأصوليين إلى أنه يجوز نسخ السنة بالقرآن ، وهذا اختيار ابن النجار الفتوحي ، والأمين الشنقيطي .
وذهب الإمام الشافعي إلى أن السنة لا ينسخها إلا سنة مثلها .

وقد مثَّلَ الجمهور للوقوع بأمثلة كثيرة منها :
ـ التوجه إلى بيت المقدس وهو ثابت بالسنة ، وناسخه في القرآن قولُه تعالى "
فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ" . سورة البقرة / آية : 144 .
* فعن البراء بن عازب أن النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ كانَ أوَّلَ ما قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ علَى أجْدَادِهِ، أوْ قالَ أخْوَالِهِ مِنَ الأنْصَارِ، وأنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكانَ يُعْجِبُهُ أنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وأنَّهُ صَلَّى أوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ العَصْرِ، وصَلَّى معهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى معهُ، فَمَرَّ علَى أهْلِ مَسْجِدٍ وهُمْ رَاكِعُونَ، فَقالَ: أشْهَدُ باللَّهِ لقَدْ صَلَّيْتُ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كما هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وكَانَتِ اليَهُودُ قدْ أعْجَبَهُمْ إذْ كانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وأَهْلُ الكِتَابِ، فَلَمَّا ولَّى وجْهَهُ قِبَلَ البَيْتِ، أنْكَرُوا ذلكَ"صحيح البخاري.

النوع الرابع : نسخ السنة بالسنة :
وهذا كثير ، مثاله :
قال الإمام مسلم في صحيحه "حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ، قَالُوا :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ- وَهُوَ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ -،عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ ،عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ،عَنْ أَبِيهِ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ ،وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا"رواه مسلم.
وهذا صريح في ثبوت الحكم ثم نسخه .
شرح الأصول من علم الأصول / ص : 428 / بتصرف

فالسنة إذن لا غنى عنها في تفسير وتوضيح ما جاء مجملًا أو مطلقًا أو عامًّا في القرآن الكريم .
* * * * *

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 07-29-2020 الساعة 04:31 AM