عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 08-07-2021, 01:08 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي


🌟القاعدة الثانية والأربعون:

"إن الدِّين يُسرٌ"

📌 وردت هذه القاعدة في البخاري تبويبًا وتخريجًا: "إن الدين يسرٌ"،وتتمة هذا الحديث: " ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"...

📍لنتأمل مثلًا في اليُسر الذي صاحب فرضية الصلوات الخمس؛ فبدءًا من تخفيفها من خمسين صلاة
إلى خمس صلوات، ثم في توزيع أوقاتها، وفي تخفيفها حال السفر، والترخيص في الجمع عند وجود المشقة، وفي كونها تسقط عن الحائض، وفي صلاة النوافل من أنواع التيسير والتسهيل ما هو ظاهر بيّن، فيجوز للمتنفل الصلاة جالسًا وإن لم يكن له عذر، وكذلك في شأن استقبال القبلة عند تعذر ذلك، وغيرها من صور التيسير.

🔆 أما رسول الله -ﷺ- فإنك لن تجد في سيرته وحياته شيئًا يشقُّ الاقتداء به، وهذا من أسرار كماله، ومن أسرار قوله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]،

💡فمن أراد أن يقتدي به سهل عليه ذلك، ورآه غيرَ شاقٍ عليه، بل يتمكن معه من أداء الحقوق كلها: حقّ الله، وحقّ النفس، وحقّ الأهل والأصحاب، وحقّ كلّ من له حقّ على الإنسان برفق وسهولة،

⚠️ وأما مَن شدّد على نفسه، فلم يكتفِ بما اكتفى به -ﷺ-، ولا بما علَّمه للأمة وأرشدهم إليه -بل غلا، وأوغل في العبادات- فإن الدِّين يغلبه، وآخِرُ أمرِه العجز والانقطاع...

🔻واعلم أنه ما أمر الله بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزعتان:
◁ إما إلى تفريطٍ وإضاعة،
◁ وإما إلى إفراطٍ وغلو،

✔️ ودينُ الله وسطٌ بين الجافي عنه والغالي فيه، كالوادي بين جبلين، والهدى بين ضلالتين، والوسط بين طرفين ذميمين، فكما أن الجافي عن الأمر مضيِّع له؛ فالغالي فيه مضيع له، هذا بتقصيره عن الحد، وهذا بتجاوزه الحد...


⛔️قبل الختام: لا بد من التعريج على مسألة مهمة جدًا كثر الخوض فيها في هذا العصر، وأصبح يرددها كلُّ من أراد التملص والتخفف من الأحكام الشرعية -من مفتين أو أتباع مفتين-؛ فصار يردد هذه القاعدة، ويورِدها في غير محلها ويقول: "إن الدين يسر"؛ ليبرر المفتي فتواه، والمقلّد تقاعسه عن الانقياد، أو الأخذ بما دلّ عليه الدليل؛ بحجة أنه يوجد من قال بهذا القول أو ذاك من العلماء! وجوابًا عن هذه الشبهة بإيجاز يقال:

*ينبغي أن يُعلم أن كلّ ما شرعه الله يسيرٌ، فعلى من تصدّر للفتيا أو طلب جوابًا أن يستحضر هذا المعنى جيدًا، فدورُ المفتي التماس الحكم بدليله، سواء وافق ما يهواه الناس أم لا، وليس من الدين في شيء تتبُّع رخص العلماء، ولا زلاتهم، وأن يعلم الباحث عن التيسير في غير موضعه أنّ هذا اتّباعٌ للهوى لا للهدى! وقد قال الله -عز وجل-: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} [القصص:50] فلا يوجد خيار ثالث: إما الشرع أو الهوى.

اللهم ألهمنا الرشد في القول والعمل، وأرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، والباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

💫من كتاب: قواعد نبوية- أ.د.عمر المقبل (باختصار وتصرف يسير)💫

ღ قوت القلوب ღaaa
رد مع اقتباس