عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 10-04-2020, 12:56 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة العاشرة

🔅 {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}
[الحج:40].

هذه قاعدة جليلة من القواعد القرآنية العظيمة، تشع منها القدرة الإلهية؛ لتساند جند الإيمان في كل زمان ومكان.

تأتي هذه القاعدة لتقول لأهل القرآن: إنّ حقيقة النصر إنما هي: بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه ونصرة رسله وأتباعهم، ونصرة دينه وجهاد أعدائه، وقهرهم حتى تكون كلمته -جل وعلا- هي العليا، وكلمة أعدائه هي السفلى.

والسؤال: كيف يكون نصر الله؟ وهل الله محتاج إلى نصره وهو الغني القوي العزيز؟

والجواب على ذلك: أنّ نصره يكون بنصرة دينه، ونصرة نبيه -ﷺ- في حياته، ونصرة سنته بعد مماته، وتتمةُ الآيةِ التي بعدها تكشفُ حقيقة النصر الذي يحبه الله ويريده، بل هو النصر الكفيلُ باستمرار التمكين في الأرض،

🔅قال -تعالى-: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}
[الحج:41].

💡ولذا، ما نُصِرَ دين اللهِ بأعظم من إظهار هذه الشعائر العظيمة:

◇الصلاة: التي هي صلةٌ بين العباد وربهم، وبها يستمدون قوتهم الحسية والمعنوية، وراحتهم النفسية.

◇وإيتاءُ الزكاةِ: فأدّوا حق المال، وانتصروا على شح النفس، وتطهروا من الحرص، وغلبوا وسوسة الشيطان، وسدّوا خَلة الجماعة، وكفلوا الضعاف فيها والمحاويج، وحققوا لها صفة الجسم الحيّ.

◇والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وفيه إصلاحٌ لغيرهم،
▼فالناس ما بين جاهلٍ أو غافلٍ؛ فهؤلاء يؤمَرون بالخير ويُذكَّرون به،
▼أو عاصٍ ومعاندٍ؛ فهؤلاء يُنهَون عن المنكر.

⇦فمتى ما علم الله من أي أمة من الأمم أو دولة من الدول أنها ستقيم هذه الأصول الأربعة من أصول التمكين؛ أمدّها الله بتوفيقه، وعونه وإن تكالبت عليها الأمم، وفي سيرة النبي -ﷺ- وخلفائه الراشدين، ومن سار سيرتهم أصدق الشواهد وأنصعها.

والسؤال: أين النصر اليوم عن المسلمين؟ المسلمون في بلدان كثيرة مضطهدون مهزومون، يعيشون ضعفًا ويذوقون عجزًا!
أين النسخ المكررة من يوم الفرقان في بدر الكبرى؟ ويوم الأحزاب؟ واليرموك؟ ونهاوند؟ أو يوم كُسِرَ التتار حين غزوا بلاد الإسلام في أوائل القرن الثامن؟!

💬 وللعلامة الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- جواب عن هذا السؤال، يحسن إيراده، وهو العالم الذي عاش فترة ضعف وهوانٍ شديدين مرت بهما أمة الإسلام:

«وإن الله لا يخلف وعده ولا يُبطل سننه، وإنما ينصر المؤمن الصادق وهو من يقصد نصر الله وإعلاء كلمته، ويتحرّى الحق والعدل في حربه لا الظالم الباغي على ذي الحقّ والعدل من خلقه،

🔅يدل على ذلك أول ما نزل في شرع القتال قوله تعالى -من سورة الحج-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج:39] إلى قوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40]،
والإيمان سبب حقيقي من أسباب النصر المعنويّة...».

💬 أما العلامة عبد الرحمن السعدي فيضمّن بيانه عن الداء والدواء حديثًا مهمًا عن الفأل، فيقول:

«إيمانٌ ضعيف، وقلوب متفرّقة، وحكومات متشتتة، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين، وأعداء ظاهرون وباطنون، يعملون سرًّا وعلنًا للقضاء على الدين، وإلحاد وماديات، جرفت بتيارها الخبيث، وأمواجها المتلاطمة الشيوخَ والشبان، ودعايات إلى فساد الأخلاق، والقضاء على بقية الرمق!!

◁ ثمّ إقبال الناس على زخارف الدنيا، وبحيث كانت هي مبلغ علمهم، وأكبر همّهم، ولها يرضون ويغضبون، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة، والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا وتدمير الدين، واحتقار واستهزاء بالدين وما يُنسب إليه، وفخر وفخفخة، واستكبار بالمدنيّات المَبنيّة على الإلحاد التي آثارها وشرها وشررها قد شاهده العباد...

💡ولكن مع ذلك: فإنّ المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من رَوح الله، ولا يكون نظره مقصورًا على الأسباب الظاهرة، بل يكون ملتفتًا في قلبه كلِّ وقت إلى مُسبِّب الأسباب، الكريم الوهّاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه، بأنه سيجعل الله بعد عُسرٍ يسرًا، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدّة الكربات وحلول المفظعات».

نسأل الله -تعالى- أن يعزّ دينه وأن يجعلنا من أنصاره، وأن يُظهر أولياءه، ويُذلَّ أعداءه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس