عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 10-12-2020, 10:38 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة التاسعة عشر:

🔅 {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:179]

📌هذه قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب التعامل بين الخلق، الذين لا تخلو حياة كثير منهم من بغي وعدوان، سواء على النفس أو على ما دونها. ولنا مع هذه القاعدة القرآنية المحكمة وقفات:

📍الوقفة الأولى:

إن من تأمَّل في واقع بلاد الدنيا عمومًا -مسلمها وكافرها- فسيجد قلة القتل في البلاد التي يُقتلُ فيها القاتل -كما أشار إلى ذلك العلامة الشنقيطي، وعلل ذلك بقوله-:

«لأن القصاص رادع عن جريمة القتل؛ كما ذكره الله في الآية المذكورة آنفًا، وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص غير مطابقٍ للحكمة؛ لأن فيه إقلال عدد المجتمع بقتل إنسان ثانٍ بعد أن مات الأول، وأنه ينبغي أن يعاقب بغير القتل فيُحبَس، وقد يولد له في الحبس فيزيد المجتمع كله كلامٌ ساقط، عارٍ من الحكمة؛ لأن الحبس لا يردع الناس عن القتل، فإذا لم تكن العقوبة رادعةً فإن السُّفهاء يكثر منهم القتل، فيتضاعف نقص المجتمع بكثرة القتل».

📍الوقفة الثانية:

🔅مع قوله ﷻ -في هذه القاعدة القرآنية المحكمة- ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾: ذلك أنّ الحياة أعزُّ شيء على الإنسان في الجبلة، فلا تعادل عقوبة القتل في الردع والانزجار،

💡ومن حكمة ذلك: تطمين أولياء القتلى بأن القضاء ينتقم لهم ممن اعتدى على قتيلهم، لئلا يتصدّى أولياء القتيل للانتقام من قاتل مولاهم بأنفسهم؛ لأن ذلك يُفضي إلى صورة الحرب بين رهطين فيكثر فيه إتلاف الأنفس.

📍الوقفة الثالثة:

مع تنكير كلمة "حياة" في هذه القاعدة القرآنية: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾

💡فهذا التنكير للتعظيم، أي: في القصاص حياة لنفوسكم؛ فإن فيه ارتداعُ الناس عن قتل النفوس،

▪️فلو أُهمِل حُكم القصاص لما ارتدع الناس؛ لأن أشدّ ما تتوقّاه نفوس البشر من الحوادث هو الموت، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مُستخفًّا بالعقوبات،

▪️ولو تُرك الأمر للأخذ بالثأر -كما كان عليه في الجاهلية- لأفرطوا في القتل وتَسلسلَ الأمر كما تقدَّم،

◁◁فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة من الجانبين.

📍الوقفة الرابعة:

هي مع ختم هذه القاعدة بقوله تعالى: ﴿يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ ففي ذلك تنبيه على التأمُّل في حكمة القصاص؛ ففي توجيه النداء إلى أصحاب العقول إشارة إلى أن حكمة القصاص لا يدركها إلا أهل النظر الصحيح؛ إذ هو في بادئ الرأي كأنه عقوبة بمثل الجناية؛ لكنه عند التأمل هو حياة.

🔅ثم قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ إكمالًا للعلة، أي: لأجل أن تتقوا، فلا تتجاوزوا في أخذ الثأر حدَّ العدل والإنصاف.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس