عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 10-30-2020, 01:05 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة الرابعة والعشرون:

🔅 {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69]

📌هذه القاعدة جاءت في ختام سورة العنكبوت، والتي افتتحت بقوله -تعالى-: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:1-3].

💡وكأن ختام سورة العنكبوت بهذه القاعدة القرآنية هو جواب عن التساؤل الذي قد يطرحه المؤمن -وهو يقرأ صدر سورة العنكبوت- في طريق الدعوة إلى الله تعالى،

❓وذلك السؤال هو: ما المخرج من تلك الفتن التي حدثتنا عنها أول سورة العنكبوت؟!

🔅فيأتي الجواب في آخر السورة، في هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾؛ فلا بد من الجهاد -بمعناه العام- ولا بدّ من الإخلاص، ⇦عندها تأتي الهداية، ويتحقق التوفيق بإذن الله.

🔆وإذا تبينت صلة هذه القاعدة القرآنية المذكورة في آخر سورة العنكبوت بأول السورة؛ فإن دلالات هذه القاعدة في ميدان الدعوة كبيرة ومتسعة جدًا، وهي تدل بوضوح على أن من رام الهداية والتوفيق -وهو يسير في طريق الدعوة- فليحقق ذينك الأصلين الكبيرين اللذين دلّت عليهما هذه القاعدة:

١- أما الأصل الأول: فهو بذل الجهد والمجاهدة في الوصول إلى الغرض الذي ينشده الإنسان في طريقه إلى الله تعالى.

٢- والأصل الثاني هو: الإخلاص لله.

🔅لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا﴾؛ فليس جهادهم من أجل نصرة ذاتٍ، ولا جماعةٍ على حساب أخرى، وليس من أجل لعاعة من الدنيا، بل هو في ذات الله تعالي

📌وإذا تقرر أن السورة مكية؛ فإن ثمة معنًى كبيرًا تشير إليه هذه القاعدة:

⇦وهو أن من أبلغ صور الجهاد: الصبر على الفتن بنوعيها: فتن السراء وفتن الضراء، والتي أشارت أوائل سورة العنكبوت إلى شيءٍ منها.

💬 وهذه القاعدة القرآنية المحكمة دلت على شيءٍ آخر، كما يقول ابن القيم -رحمه الله-:

«وهو أنّ أكملَ الناس هدايةً أعظمُهم جهادًا، وأفرضُ الجهادِ جهادُ النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا،

💡فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد…

❗️ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنًا، فمن نُصِرَ عليها نُصِرَ على عدوه، ومن نصرتْ عليه نُصِرَ عليه عدوُه».

📍ولأهل العلم نصيب من هذه القاعدة:

💬 يقول أحمد بن أبي الحواري: حدثني عباس بن أحمد -في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ -: الذين يعملون بما يعلمون، نهديهم إلى ما لا يعلمون.

🔅وهذا الذي ذكره هذا العالم الجليل هو معنى ما روي في الأثر: "من عمل بما علم، ورّثه الله علم ما لم يعلم"، وشاهدُ هذا في كتاب الله: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد:17].

وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- يقول: «جهلنا بما علمنا لما تركنا العمل بما علمنا، ولو عملنا بما علمنا لفتح الله على قلوبنا غلق ما لا تهتدي إليه آمالنا».

🎯 وفي واقع المسلمين أحوال تحتاج إلى استشعار معنى هذه القاعدة القرآنية: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾:

▼فمن له والدان كبيران مريضان، بحاجة أن يستشعر هذه القاعدة.

▼ومن سلك طريق طلب العلم، فطال عليه بعض الشيء بحاجة أن يتأمل معاني هذه القاعدة.

▼ومن فرّغ جزءًا من وقته لتربية النشء والشباب، أو لتعليم أبناء وبنات المسلمين كتابَ الله ﷻ -وقد دبّ إليه الفتور- هو بحاجة ماسّة ليتدبر هذه القاعدة.

💡وبالجملة: فكلُّ مَن نصب نفسه لعمل صالح، سواء كان قاصرًا أم متعديًا، فعليه أن يتدبّر هذه القاعدة كثيرًا؛ فإنها بلسمٌ شافٍ في طريق السائرين إلى ربهم، ويوشك المؤمن أن ينسى كلَّ ما واجهه من تعب ونصب، إذا وضع قدمه على أول عتبة من عتبات الجنة، جعلني الله وإياكم -ووالدينا وذرياتنا- من أهلها، ومن الدعاة إلى دخولها.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس