عرض مشاركة واحدة
  #35  
قديم 12-05-2020, 01:55 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الثالثة والثلاثون:

🔅 {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77]

📌هذه قاعدة قرآنية، وضوابط شرعية في مسألة حدث ولا زال يحدث فيها الخلل؛ بسبب القصور أو التقصير في تلمُّس الهدي القرآني في تطبيقها، وهي ميزانٌ عظيم في التعامل مع المال، الذي هو مما استخلف الله العباد عليه، ولهذا سيسألهم يوم القيامة عنه سؤالين: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟

🌟 إنّ من أعظم مزايا هذا الدين ومحاسنه، أنه دين يدعو إلى التوازن في كل شيء، من غير إفراط ولا تفريط، ولا غلوٍّ ولا جفاء -في أمر الدين أو الدنيا- وهذا ما تقرّره هذه القاعدة بوضوح وجلاء.

💡ولو تأمّلنا هذه الآية لوجدنا ترتيب الكلام فيها كأنه عقد نُظِمَ كأحسن ما يكون النَّظم، فهي قد اشتملت على
أربعة وصايا عظيمة، أحوجُ الناس إليها -في هذا المقام- هم أرباب الأموال، فلنتأملها جميعًا:

🔹الأولى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ فإنّ الآخرة هي المستقبل الذي يجب على كلّ عاقل أن يسعى للنجاة فيها، وأن يجعل حاضره من الدنيا تمهيدًا لها، وأن يجعل سعيه في حياته غراسًا ليوم الحصاد.

🔹الثانية: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾؛ والنهي فيها على سبيل الإباحة، والمعنى: لا نلومُك على أن تأخذ نصيبك من الدنيا، وهذا احتراس في الموعظة خشيةَ نفور الموعوظ من موعظة الواعظ؛ لأنّهم لما قالوا لقارون: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ﴾ أوهموا أن يترك حظوظ الدنيا فلا يستعمل ماله إلا في القربات، قال قتادة: نصيب الدنيا هو الحلال كله.

🔹الوصية الثالثة: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾؛ وهذا يتّفق تمامًا مع العقل والشرع، قال الله -تعالى-: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:٦٠]

💡والإحسان داخل في عموم ابتغاء الدار الآخرة ولكنه ذكر هنا ليبني عليه الاحتجاج بقوله: ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، والكاف للتشبيه، أي: كإحسان الله إليك، أي: كما تحبّ أن يحسن إليك ربك، ويدوم إحسانه؛ فلا تقطع إحسانك عن خلقه، وإلا فالله غني عن العالمين.

🔹ورابع هذه الوصايا في هذه القاعدة: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾؛ ⇦للتحذير من خلط الإحسان بالفساد فإنّ الفساد ضد الإحسان،

وجملة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ علة للنهي عن الإفساد؛ لأنّ العمل الذي لا يحبه الله لا يجوز لعباده عمله.

🔅وبعد هذا التطواف السريع في ظلال هذه القاعدة القرآنية الجليلة: يتبين لنا بوضوحٍ أن هذا القرآن -كما قال منزله ﷻ-: ﴿يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء:٩]، وأنه ما من قضية يحتاجها الناس إلا وحكمها في كتاب الله، ولكن أين المتدبرون، والناهلون من هذا المعين الذي لا ينضب؟!

اللهم إنا نسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضاء بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 12-25-2020 الساعة 02:38 AM
رد مع اقتباس