عرض مشاركة واحدة
  #42  
قديم 12-30-2020, 01:25 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الأربعون


🔅 {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل:90]

📌هذه قاعدة قرآنية، وكلمةٌ جامعة، وهي من أعظم قواعد الشرائع السماوية كلها، والتي لا يشذّ عنها شيء، يدخل تحتها من الفروع ما لا يحصيه إلا الله.

🔅ومَرَدُّ معرفة العدل من الجور إلى أدلة الشريعة المطهرة، ونصوصها المفصلة.

💡إن هذا المعنى الشرعي العظيم -وهو العدل- الذي نتفيَّأ ظلال الحديث عنه من وحي هذه القاعدة القرآنية المحكمة لهو معنى تعشقه النفوس الكريمة، والفطر السوية، ولله! كم كان تحقيقه سببًا في خيرات عظيمة، ومنح كثيرة! والعكس صحيح.

❗️وكم كان تحقيق هذا العدل سببًا في إسلام أناس ما حثهم على الإسلام إلا تحقيق هذا الأصل الكبير: العدل، وإليكم هذا الموقف الذي يبين شيئًا من آثار العدل في نفوس الخصوم قبل الأصدقاء:

💬 روى ابن عساكر في «تاريخ دمشق» من طريق الشعبي قال:

وجد علي بن أبي طالب درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى شريح يخاصمه..

ثم قال علي: هذا الدرع درعي، لم أبِع ولم أهَب! فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت شريح إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين! هل من بيّنة؟ قال: فضحك علي وقال: أصاب شريح! ما لي بينة، فقضى بها للنصراني!

قال: فمشى خُطًى ثم رجع، فقال النصراني: أمّا أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء! أميرُ المؤمنين قدمني إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الدرع والله درعك، يا أمير المؤمنين، اتبعتُ الجيش -وأنت منطلق إلى صفين- فخرجتْ من بعيرك الأوْرَق، فقال: أما إذا أسلمت فهي لك، وحمله على فرس، فقال الشعبي: فأخبرني من رآه: يقاتل الخوارج مع علي يوم النهروان .

📍وتمتد ظلال هذه القاعدة العظيمة (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) لتشمل جميع شؤون الحياة، فمن ذلك:

🔻العدل مع الزوجات: وهذا من الأمور المحكمات في باب العلاقة الزوجية، وهو أظهر من أن يفصل فيه، إلا أن الذي يؤكد عليه: هو تذكير الإخوة المعددين، بأن يتقوا الله في العدل بين زوجاتهم، وأن يحذروا من آثار عدمه السيئة في الحياة قبل الممات.

ومن صور تطبيقات هذه القاعدة:

🔻العدل مع الأولاد: فعلى الوالدين أن يعدلوا بينهم، وأن يتجنبوا تفضيل بعضهم على بعض، سواء في الأمور المعنوية كالحب والحنان والعطف ونحو ذلك، أو في الأمور المادية كالهدايا والهبات، ونحوها.

🔻العدل والإنصاف في إصدار الأقوال، وتقييم الآخرين: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء:١٣٥]، وقال ﷻ: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾ [الأنعام:١٥٢].

💡وهذا باب واسع جدًا، يدخل فيه الكلام على الأفراد، والجماعات، والفرق، والكتب والمقالات، وغير ذلك.

🔻العدل في العبادة: بحيث لا يتجاوز بها صاحبها العدل، ويتعدى الحد، ولا يقصّر في أدائها على الوجه الشرعي.

🔻العدل في النفقات: قال تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء:٢٩]، وقال مثنيًا على عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:٦٧].

💡وبالجملة: فمن تأمل أوامر الله تعالى وجدها وسطًا بين خلقين ذميمين: تفريط وإفراط، وهذا هو معنى هذه القاعدة القرآنية المحكمة.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ
رد مع اقتباس