عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 01-23-2016, 05:37 PM
الصورة الرمزية أم أبي التراب
أم أبي التراب أم أبي التراب غير متواجد حالياً
مدير
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 4,022
مجالس المراجعة 7
الفصلُ الرابعُ
أدَبُ الزَّمَالةِ
القارئ :
23- احْذَرْ قَرينَ السَّوءِ :
كما أنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ فإنَّ ( أَدَبَ السَّوءِ دَسَّاسٌ ) إذ الطَّبيعةُ نَقَّالَةٌ ، والطِّباعُ سَرَّاقَةٌ ، والناسُ كأسرابِ الْقَطَا مَجْبولون على تَشَبُّهِ بعضِهم ببعضٍ ، فاحْذَرْ مُعاشَرَةَ مَن كان كذلك ؛ فإنه العَطَبُ ، ( والدفْعُ أسْهَلُ من الرفْعِ ).
وعليه فتَخَّير للزَّمالةِ والصداقةِ مَن يُعينُك على مَطْلَبِكَ ، ويُقَرِّبُك إلى رَبِّكَ ، ويُوافِقُكَ على شَريفِ غَرَضِكَ ومَقْصِدِكَ ، وخُذْ تَقسيمَ الصديقِ في أَدَقِّ الْمَعايِيرِ .
الشرح
هذا مأخوذ من هذا الحديث:
-" مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ والسَّوءِ ، كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ ، فحاملُ المسكِ : إمَّا أن يُحذِيَكَ ، وإمَّا أن تبتاعَ منهُ ، وإمَّا أن تجدَ منهُ ريحًا طيِّبةً ، ونافخُ الكيرِ : إمَّا أن يحرِقَ ثيابَكَ ، وإمَّا أن تجدَ ريحًا خبيثةً"

الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5534 | خلاصة حكم المحدث : صحيح-انظر شرح الحديث- رقم 26708- الدرر السنية
نافخِ الكيرِ:جراب من الجلد ينفخ فيه الحداد النار.
شبه السوء بالكير؛ لأنه لا يصلح إلا لإضرام النار وزيادة تسعيرها.فحامل المسك إما أن يحذيك: أي يجود عليك من مسكه.

قوله: "فحامل المسك إما أن يحذيك" أي يجود عليك من مسكه.
قوله: "وإما أن تبتاع منه" أي تشتري.
قوله: "وإما أن تجد منه ريحا طيبة" لإرشاده للهدى والتقى إلى أن يشفعوا في الآخرة بمجالستهم ومحبتهم ومواساتهم.
قوله: "ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك" أي إما أن تتابعه في شيء من سوئه فيلهب دينك وحسناتك بنار المعصية.
قوله: "وإما أن تجد منه ريحا خبيثة" أي إن لم تتابعه تتضرر بكآبة جهله وفحشه وفسقه، ولو بمجرد مجالسته إذا اتخذته خليل. هنا
إذا انعزل الإنسان ولم يجد له معاونا على الخير قد تضعف نفسه ، لكن إذا وجد أخا له كلما ضعفت نفس أحدهما ، قوّته القوّة الموجودة في نفس الآخر ، وبالتالي يؤدّون ويستمرون على العمل الصالح.
ومن ذلك طلب العلم ، فإنّ النفس ملولة، فإذا وجدت طالبا يعينك على طلب العلم ، حينئذ كلما ملّت نفسك انتقلت إلى زميلك ليقوم بتنشيط نفسك على طلب العلم "
فإنّ أدب السوء دساس"الشرح: يعني أنّ صديق السوء سيؤثر على صديقه.
قال: "إذ الطبيعة نقالة"
الشرح: يعني أنّ الطبائع والأخلاق تنتقل من شخص إلى شخص.
"والطباع سراقة"
الشرح: يعني أنّ النفوس تقتدي بمن حولها ، وتفعل مثل أفعالها ، ولو من حيث لا تشعر.
"والناس مجبولون على تشبه بعضهم ببعض فاحذر معاشرة من كان كذلك"
الشرح: يعني من كان سيئا.
(فإنه العطب) يعني سبب الهلاك ، دنيا وآخرة ، والدفع بترك صحبة هؤلاء ، أسهل من الرفع ؛ الذي هو مصاحبتهم ثم قطع تلك الصحبة.
فقبل أن تصاحبهم امنع نفسك من مصاحبتهم ، فإنّ نفسك إذا تعلقت معهم ، قد تعجز
عن قطع تلك الصحبة.
"وعليه" الشرح: يعني بناء على ما سبق.
"فتخيّر للزمالة والصداقة من يُعينك على مطلبك"
الشرح: يعني على الهدف الذي تقصده.
"ويقرّبك إلى ربك"
الشرح: بحيث يكون معينا لك على طاعة الله ، ومن أعظم أنواع الطاعة كما سبق طلب العلم.
ثم قسم المؤلف الأصدقاء إلى ثلاثة أقسام :
"الأول: صديق المنفعة"
الشرح:مثال ذلك ؛ شخص بينك وبينه تجارة ، هذا صديق منفعة‍‍، فحينئذ هذه الصداقة لا حرج على الإنسان فيها ، لكنها مرتبطة بهذه المنفعة إذا انقطعت التجارة انقطعت تلك الصحبة ، وهذا ليس من المحبة الإيمانية في شيء.
النوع الثاني : صديق لذّة"
الشرح:كمن اجتمعوا على جلسة ، أو على لعب ، أو على لهو ، هؤلاء أصدقاء لذّة ، إذا كان عندهم لذّة أو ملّوا منها انقطعت صداقتهم ، وقد تكون تلك اللّذة لذّة مباحة ، وقد تكون لذّة محرمة فيعظم الإثم بها.
وقطع تلك الصداقة أولى للعبد في دنياه وآخرته ، لأنها وإن كانت لذّة مباحة ، إلا أنها تضيّع وقت العبد ، وتشغله عن الهدف الذي خلق من أجله.

"النوع الثالث: صديق الفضيلة"
الشرح : وهو الذي اجتمعت معه على اكتساب فضائل سواء كانت تلك الفضائل ؛ فضائل عملية ، كاجتماعهم على صوم أو صلاة أو اعتكاف في مسجد أو نحو ذلك ، أو كانت فضائل علمية ، كطلب علم عند شيخ أو عالم.
قال : "وأما الثالث فالتعويل عليه ، وهو الذي باعث صداقته تبادل الاعتقاد في رسوخ الفضائل لدى كل منهما"
الشرح
فالسبب في هذه الصداقة رغبة كل منهما أن يتبادلا في الخير ، وأن يعين بعضهما بعضا في رسوخ الفضائل.

"قال اللهُ تباركَ وتعالى : وجَبَتْ مَحَبَّتِي للمُتَحابِّينَ فِيَّ ، وللمتجالسين فِيَّ ، وللمتزاورين فِيَّ، وللمتباذلين فِيَّ"
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 2581 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية

قال: "وصديق الفضيلة هذا "عملة صعبة" يعني أننا لا نجدها في كل وقت، وأنها عسيرة الحصول.
(يعز الحصول عليها) يعني يندر.‍
ومن نَفيسِ كلامِ هِشامِ بنِ عبدِ الملِكِ قولُه : ( ما بَقِيَ من لَذَّاتِ الدنيا شيءٌ إلا أخٌ أَرْفَعُ مَؤُونَةَ التحَفُّظِ بَيْنِي وبَيْنَهُ ) اهـ
ومن لَطيفِ ما يُقَيَّدُ قولُ بعضِهم : "العُزْلَةُ من غيرِ عَيْنِ العِلْمِ زَلَّةٌ، ومن غيرِ زايِ الزُّهْدِ عِلَّةٌ "
الشرح
كلمة العزلة ، يعني انفراد الإنسان وحده ، إذا حُذِفت منها العين ؛عين العلم؛ أصبحت زلة ، ولذلك إذا اعتزل لابد منه أن يكون معه علم.
كذلك كلمة العزلة ؛ إذا حُذِف منها الحرف الثاني وهو الزاي ، زاي الزهد ، أصبحت علة ، فالعزلة لابد فيها من علم وزهد.

التعديل الأخير تم بواسطة أم أبي التراب ; 01-24-2016 الساعة 02:33 PM
رد مع اقتباس