ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-05-2024, 07:36 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,665
افتراضي

القاعدة الخامسة والأربعون

🔅 {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114]

📌هذه قاعدة يحتاجها كل مؤمن، وعلى وجه الخصوص مَن عزم على الإقبال على ربه، وقرع باب التوبة.

🔅وكما أن هذه القاعدة صرَّحت بهذا المعنى، وهو إذهاب الحسنات للسيئات، فقد جاء في السنة ما يوافق هذا اللفظ تقريبًا، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وحسَّنه من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله ﷺ: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِق الناس بخُلقٍ حسن"

💡إذا تبين معنى هذه القاعدة بإجمال، فليُعلَم أنّ إذهاب السيّئات يشمل أمرين:

١- إذهاب وقوعها، وحبّها في النفس، وكرهها، بحيث يصير انسياق النّفس إلى ترك السيّئات سَهْلًا وهيّنًا.

٢- ويشمل أيضًا محو إثمها إذا وقعت فضلًا من الله على عباده الصالحين.


📍ولقد بحث العلماء ههنا معنى السيئات التي تذهبها الحسنات، والذي يتحرر في الجمع بين أقوالهم أن يقال:

▫إن كانت الحسنة هي التوبة الصادقة، سواء من الشرك، أو من المعاصي؛ ⇦فإن حسنة التوحيد، والتوبة النصوح لا تبقي سيئة إلا محتها وأذهبتها.

▫وإن كان المراد بالحسنات عموم الأعمال الصالحة كالصلاة والصيام؛ ⇦فإن القرآن والسنة دلّا صراحةً على أن تكفير الحسنات للسيئات مشروط باجتناب الكبائر

إن الأمثلة التطبيقية التي توضح وتؤكد معنى هذه القاعدة لكثيرة جدًّا، لكن لعلنا نذكر بعضها تنبيهًا على باقيها، وأول ما نبدأ به من الأمثلة هو ما ذكره ربُّنا في الآية الكريمة التي تضمنتها هذه القاعدة، وهو:

١- إقامة الصلاة طرفي النهار -وهو مبتدأه ومنتهاه-، وساعاتٍ من الليل، ولا ريب أن أول ما يدخل في هذه الصلوات الخمس، كما يدخل فيها: بقية النوافل، كالسنن الرواتب، وقيام الليل.

٢- ومن تطبيقات هذه القاعدة، ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: أن رجلا أصاب من امرأة قُبلةً، فأتى النبي ﷺ فأخبره؛ فأنزل الله ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟! قال: «بل لجميع أمتي كلِّهم».

٣- قصة توبة القاتل الذي قتل تسعةً وتسعين نفسًا -وهي في الصحيحين- وهي قصة مشهورة جدًّا، والشاهد منها، أنه لما انطلق من أرض السوء إلى أرض الخير: «أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرْضَين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة».

📣 فإلى كلِّ من أسرف على نفسه، وقنَّطه الشيطان من رحمة ربه، لا تيأسنَّ ولا تقنطنَّ، فهذا رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فلما صحّت توبته، رحمه ربه ومولاه، مع أنه لم يعمل خيرًا قط من أعمال الجوارح سوى هجرته من بلد السوء إلى بلد الخير، أفلا تحرّك فيك هذه القصة الرغبة في هجرة المعاصي، والإقبال على من لا سعادة ولا أنس إلا بالإقبال عليه؟!

اللهم ارزقنا حسناتٍ تذهب سيئاتنا، وتوبة تجلو أنوارُها ظلمةَ الإساءة والعصيان.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-06-2024, 05:09 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,665
افتراضي

القاعدة السادسة والأربعون

🔅 {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة:197]

هذه قاعدة وثيقة الصلة بقضية مهمة في باب الصلة مع الله، ومع عباده.

إن هذه القاعدة الجليلة، لتربي في المؤمن معانٍ إيمانيةٍ وتربوية كثيرة -وهو في سيره إلى الله والدار الآخرة-، ولعلنا نلخص هذه المعاني فيما يلي:

🌟 أولًا: في هذه الآية ترغيب وحض على إخلاص العمل لله جلّ وعلا، وإن لم يطلع عليه أحد، بل إن الموفق من عباد الله من يحرص كل الحرص على إخفاء العمل عن الخلق ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، وفي ذلك من الفوائد والعوائد على القلب والنفس الشيء الكثير.

🌟ثانيًا: من المعاني التي تربيها هذه القاعدة في نفوس أهلها:
راحة النفس، واطمئنان القلب؛

ذلك أن المُحسن إلى الخلق، المخلص في ذلك لا ينتظر التقدير والثناء من الخلق، بل يجد سهولةً في الصبر على نكران بعض الناس للجميل الذي أسداه، أو المعروف الذي صنعه! فإنه إذا كان يفعل الخير ويوقن بأن ربّه يعلمه علمًا يثيب عليه؛ هان عليه ما يجده من جحود ونكران، فضلًا عن التقصير في حقه،

🔅ولسان حاله -كما أخبر الله عن أهل الجنة-: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان:9]

ومع ما تقدّم ذكره، فإني أهدي لإخواني -الذين منّ الله عليهم بالإحسان إلى الخلق وابتُلوا بجفائهم- هذا النص النفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، حيث يقول في كلام طويل له حول هذا المعنى، قال:

«ولا يحملنّك هذا على جفوة الناس، وترك الإحسانِ إليهم واحتمالِ الأذى منهم، بل أحسِنْ إليهم لله، لا لرجائهم، وكما لا تخافهم؛ فلا ترجهم، وخَف اللهَ في الناس ولا تخف الناس في الله وارج الله في الناس ولا ترج الناس في الله،

🔅وكن ممن قال الله فيه: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل:١٧-٢٠]».

💬 وقال في موضع آخر -موصيًا من يتصدى لنفع الخلق-:

«وإذا أحسنَ إلى الناس فإنما يحسن إليهم: ابتغاء وجه ربه الأعلى، ويعلم أن الله قد منَّ عليه بأن جعله محسنًا، ولم يجعله مسيئًا، فيرى أن عمله لله وأنه بالله،

وهذا مذكور في فاتحة الكتاب ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ…﴾ ، فالمؤمن يرى: أن عمله لله لأنه إياه يعبد وأنه بالله؛ لأنه إياه يستعين، فلا يطلب ممن أحسن إليه جزاء ولا شكورًا؛ لأنه إنما عمل له ما عمل لله،

🔅كما قال الأبرار: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان:9]، ولا يمنّ عليه بذلك ولا يؤذيه، فإنه قد علم أن الله هو المانّ عليه إذ استعمله في الإحسان، وأن المنة لله عليه وعلى ذلك الشخص، فعليه هو: أن يشكر الله إذ يسره لليسرى، وعلى ذلك: أن يشكر الله إذ يسَّر له من يقدم له ما ينفعه من رزقٍ أو علمٍ أو نصر أو غير ذلك.

ومن الناس: من يحسن إلى غيره ليَمُنَّ عليه، أو يرد الإحسان له بطاعته إليه، وتعظيمه أو نفع آخر، وقد يمن عليه فيقول: أنا فعلت بك كذا، فهذا لم يعبد الله ولم يستعنه، ولا عمل لله ولا عمل بالله، فهو المرائي، وقد أبطل الله صدقة المنان، وصدقة المُرائي…».

والمقصود: أن من فهم ما ترشد إليه هذه القاعدة القرآنية المحكمة: ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّه﴾ أقدَمَ على فعل الخير، وسهلَ عليه الصبر على تقصير الخَلق وجفائهم؛ لأنه لا يرجو سوى الله، نسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يرزقنا فعل الخيرات، والإخلاص لله تعالى في كل ما نأتي ونذر.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-07-2024, 01:30 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,665
افتراضي

القاعدة السابعة والأربعون

🔅 {وَمَن يؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11]

📌هذه قاعدة نحن بأمَسِّ الحاجة إليها كل حين، وخاصة حين يبتلى الإنسان بمصيبة من المصائب المزعجة، وما أكثرها في هذا العصر!

🔅وهذه القاعدة القرآنية جاء ذكرها ضمن آية في سورة التغابن يقول الله فيها: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}* [التغابن:11].

💡وتأمل كيف علق الله تعالى هداية القلب على الإيمان؛ ذلك أنّ الأصل في المؤمن أن يروّضه الإيمان على تلقي المصائب، واتباع ما يأمره الشرع به من البعد عن الجزع والهلع، متفكرًا في أن هذه الحياة لا تخلوا من منغصات ومكدرات؛

📍ومجيء هذه القاعدة في هذا السياق له دلالات مهمة، من أبرزها:

١- تربية القلب على التسليم على أقدار الله المؤلمة كما سبق.

٢- أن من أعظم ما يعين على تلقي هذه المصائب بهدوء وطمأنينة: الإيمان القوي برب العالمين، والرضا عن الله تعالى، بحيث لا يتردد المؤمن -وهو يعيش المصيبة- بأن اختيار الله خير من اختياره لنفسه، وأن العاقبة الطيبة ستكون له -ما دام مؤمنًا حقًا- فإن الله تعالى ليس له حاجة لا في طاعة العباد، ولا في ابتلائهم! بل من وراء الابتلاء حكمة بل حِكَمٌ وأسرار بالغة لا يحيط بها الإنسان، وإلا فما الذي يفهمه المؤمن حين يسمع قول النبي ﷺ: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل"؟! ، وما الذي يوحيه للإنسان ما يقرأه في كتب السير والتواريخ من أنواع الابتلاء التي تعرض لها أئمة الدين؟!

💡إن الجواب باختصار شديد: «أن أثقال الحياة لا يطيقها المهازيل، والمرء إذا كان لديه متاع ثقيل يريد نقله، لم يستأجر له أطفالًا أو مرضى أو خوارين؛ إنما ينتقي له ذوي الكواهل الصلبة، والمناكب الشداد!! كذلك الحياة، لا ينهض برسالتها الكبرى، ولا ينقلها من طور إلى طور إلا رجال عمالقة وأبطال صابرون!».

🛑 ليس بوسع الإنسان أن يسرد قائمة بأنواع المصائب التي تصيب الناس وتكدّر حياتهم؛ لكن بوسعه أن ينظر في هدي القرآن في هذا الباب،

🔆 ذلك أن منهج القرآن الكريم في الحديث عن أنواع المصائب حديث مجمل، وتمثيل بأشهر أنواع المصائب، لكننا نجد تركيزًا ظاهرًا على طرق علاج هذه المصائب، ومن ذلك:

١- هذه القاعدة تنبه إلى أهمية الصبر والتسليم، وتعزيز الإيمان الذي يصمد لهذه المصائب.

٢- ومن طرق معالجة القرآن لشأن المصائب: الإرشاد إلى ذلك الدّعاء العظيم الذي جاء ذكره في سورة البقرة، يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة:١٥٥-١٥٦].

٣- كثرة القصص عن الأنبياء وأتباعهم، الذين لقوا أنواعًا من المصائب والابتلاءات التي تجعل المؤمن يأخذ العبرة، ويتأسّى بهم، ويهون عليه ما يصيبه إذا تذكر ما أصابهم، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد ﷺ.

📍ويتبع هذا العلاجَ القرآني: النظر في سير الصالحين من هذه الأمة وغيرهم، ممن ابتلوا فصبروا، ثم ظفروا، ووجدوا -حقًّا- أثر الرضا والتسليم بهداية يقذفها الله في قلوبهم، وهم يتلقون أقدار الله المؤلمة، والمُوفَّق من تعامل مع البلاء بما أرشد الله إليه ورسولُه ﷺ، وبما أرشد إليه العقلاء والحكماء.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-10-2024, 05:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,665
افتراضي


القاعدة التاسعة والأربعون

🔅 {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون}
[النحل:43]

📌هذه قاعدة قرآنية محكمة، لها أثرها البالغ في تصحيح سَير الإنسان إلى ربه، وضبط عباداته ومعاملاته وسلوكياته، ومعرفة ما يخفى عليه أو يُشكل من أمر دينه.

💡وإذا تأملت في هذه القاعدة مع سياقها في الموضعين من سورة النحل والأنبياء، خرجت منها بأمور:

١- عموم هذه القاعدة فيها مدح لأهل العلم.

٢- أن أعلى أنواع هذا العلم: العلمُ بكتاب الله المنزل؛ فإن الله أمرَ من لا يعلم معاني الوحي بالرجوع إليهم في جميع الحوادث.

٣- أنها تضمَّنت تعديل أهل العلم وتزكيتهم، حيث أمر بسؤالهم.

٤- أن السائل والجاهل يخرج من التبعة بمجرد السؤال، وفي ضمن هذا: أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.

٥- كما أشارت هذه القاعدة إلى أن أفضل أهل الذكر: أهلُ هذا القرآن العظيم؛ فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم.

٦- الأمرُ بالتعلم؛ ولم يؤمر بسؤال أهل العلم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه.

٧- في تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهيٌ عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهيٌ له أن يتصدى لذلك.

٨- وفي هذه القاعدة دليل واضح على أن الاجتهاد لا يجب على جميع الناس؛ لأن الأمر بسؤال العلماء دليل على أن هناك أقوامًا فرضهم السؤال لاك الاجتهاد، وهذا كما هو دلالة الشرع، فهو منطق العقل -أيضًا- إذ لا يتصور أحدٌ أن يكون جميع الناس مجتهدين.

⚠ والذي يحتاج إلى تنبيه وتوضيح هو ما يقع من مخالفة هذه القاعدة في واقع الناس، وخرقٍ للآداب التي تتعلق بهذا الموضوع المهم، ومن صور ذلك:

١- أنك ترى بعض الناس حينما تعرض له مشكلة أو نازلة، واحتاج إلى السؤال عنها سأل عنها أقرب شخص يمر به، ولو لم يعلم حاله، هل هو من أهل العلم أم لا!

❕وبعض الناس يعتمد على المظاهر، فإذا رأى من سيماه الخير ظنّ أنه من طلاب العلم أو العلماء الذين يستفتى مثلهم!

وكلُّ ذلك غلط بَيِّن!

❗ولا أدري، ماذا يصنع هؤلاء إذا مرض أحدهم؟ أيستوقفون أول مارٍّ عليهم في الشارع فيسألونه! أم يذهبون إلى أمهر الأطباء وأكثرهم حذقًا؟

◁إذا كان هذا في إصلاح دنياه، فإن تَوَقِّيه في إصلاح دينه أعظم وأخطر!

٢- عدم التثبُّت في الأخذ عن أهل الذكر حقًا؛ ذلك أن المنتسبين للعلم كثرٌ، والمتشبهين بهم أضعاف ذلك،

⛔ فإن الناس -بسبب ضعف إدراكهم، وقلة تمييزهم- يظنون أن كلّ من يتحدث عن الإسلام فهو عالمٌ، ويمكن استفتاؤه في مسائل الشرع! ولا يفرقون بين الداعية أو الخطيب، وبين العالم الذي يعرف مآخذ الأدلة، ومدارك النصوص، فظهر -تبعًا لذلك- ألوان من الفتاوى الشاذة، بل والغلط الذي لا يُحتمل ولا يُقْبَل، وكثُر اتباع الهوى، وتتبع الرخص من عامة الناس...

📌 وختامًا: فإن الحديث السابق لا يُفهم منه -أبدًا- أن جميع من يظهرون على الفضائيات كمن ذُكِروا آنفًا، بل فيمن يظهر عدد طيب من العلماء الراسخين، والشيوخ المتقنين، لكن الحديث كان منصبًا على طوائف من المفتين، ليسوا على جادة أهل العلم في الفتوى، وليسوا أهلًا لها، والله المستعان، وعليه التكلان، ونعوذ به تعالى أن نقول عليه، أو على رسوله ﷺ ما لا نعلم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-13-2024, 02:38 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,665
افتراضي

*القاعدة الخمسون*

*🔅 *{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}* [الإسراء:9]

🌟 لعل خَتْم هذا الكتاب بهذه القاعدة من المناسبة بوضوح، والتي تجعل المؤمن يزداد يقينًا بعظمة هذا القرآن، وأنه الكتاب الوحيد الذي يصلح لكل زمان ومكان..

💬قال قتادة -موضحًا بكلمات موجزة معنى هذه القاعدة-: «إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم: فأما داؤكم فالذنوب والخطايا، وأما دواؤكم فالاستغفار».

💡 وهذا التفسير من هذا الإمام الجليل إشارةٌ واضحة إلى شموله إلى علاج جميع الأدواء، وأن فيه جميع الأدوية، لكن يبقى الشأن في الباحثين عن تلك الأدوية في هذا القرآن العظيم.

📖 ومن أراد أن يقف على شيء من محاولات العلماء -رحمهم الله- في استلهام شيء من ذلك، فليقرأ ما كتبه العلامة الشنقيطي -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية الكريمة؛ فإنه قد كتب نحوًا من ستين صفحة؛ وهو يتحدث عن نماذج عالجها القرآن، وهَدَى لأقوم الطرق في حلِّها..

🔖 ودعنا نستعرض -بإجمالٍ شديد- شيئًا من أنواع هذه الهدايات التي دلَّ هدى القرآن للطريق الأقوم فيها:

🔺 «إنه يهدي للتي هي أقوم في ضبط التوازن بين ظاهر الإنسان وباطنه، وبين مشاعره وسلوكه، وبين عقيدته وعمله…

🔺 ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة: بالموازنة بين التكاليف والطاقة، فلا تشقّ التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء، ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار، ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال.

🔺 ويهدي للتي هي أقوم في علاقات الناس بعضهم ببعض: أفرادًا وأزواجًا، وحكومات وشعوبًا، ودولًا وأجناسًا، ويقيم هذه العلاقات على الأسس الوطيدة الثابتة التي لا تتأثر بالرأي والهوى، ولا تميل مع المودة والشنآن، ولا تصرفها المصالح والأغراض…».

💡 إذا تأمَّلنا هذا الإطلاق في هذه القاعدة: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ أدركت أنها آية تتجاوز في هدايتها حدود الزمان والمكان، وتتجاوز كل الأنظمة والقوانين التي كانت قائمة أو التي ستقوم بعد ذلك!

📍إنها قاعدة تقطع الطريق على جميع المنهزمين والمتخاذلين من أهل الإسلام أو المنتسبين له، أو من الزنادقة، الذين يظنون -لجهلهم- أن هذا القرآن إنما هو كتاب رقائق ومواعظ، ويعالج قضايا محدودة من الأحكام! أما القضايا الكبرى، كقضايا السياسة، والعلاقات الدولية، ونحوها، فإن القرآن ليس فيه ما يشفي في علاج هذه القضايا!!

⚠️ وهذا الكلام -فضلًا عن كونه خطيرًا وقد يؤدي إلى الكفر- فإنه سوء أدب مع الله! ذلك أن ربنا -وهو العليم الخبير- يعلم حين أنزل القرآن أن العباد سيُقبلون على متغيرات كثيرة، وانفتاح، وعلاقات، ومستجدات، فلم يتركهم هملًا، بل حفظ لهم هذا القرآن ليرجعوا إلى هداياته، وحفظ لهم سنة نبيه ﷺ لتكون شارحةً لما أجمل من قواعد القرآن، بل وجعل في السنة أحكامًا مستقلة، فمن أراد الهداية وجدها فيهما، ومن كان في عينيه عشى، أو في قلبه عمى، فلْيَتَّهم نفسه، ولا يرميَنَّ نصوص الوحي بالنقص والقصور!

🚩 وبعد: -أيها القارئ- فهذه هي القاعدة المتممة للخمسين، وبها ينتهي كلامنا على جملة من القواعد التي تضمنها كتاب الله العظيم، وتسليط الضوء على تلك القواعد، وإبراز بعض ما تضمنته من هدايات وتوجيهات ربانية، ومحاولة تنزيلها على واقع الناس؛

💡 لأن من أجلى صور عظمة القرآن: هو تجدد معانيه بتجدد أحوال الناس؛ ليبقى هاديًا ومقيمًا لمن أراد الله هدايته واستقامته، ولهذا السبب -أيضًا- ختمت بذكر هذه القاعدة ليزداد يقين الإنسان -في ضوء ما تقدم ذكره من قواعد قرآنية- من أن هذا القرآن حقًّا ويقينًا يهدي للتي هي أقوم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - أ.د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب ღ

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 03-13-2024 الساعة 02:41 AM
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 09:09 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology