ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-15-2024, 07:47 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي قواعد_قرآنية

📩 قواعد_قرآنية
: القاعدة الأولى:

🔅 {وَقُولُوا للنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83]

«الإنسان مدنيٌّ بطبعه، وكثرة تعاملاته اليومية تحتّم عليه الاحتكاك بطوائف من الناس، مُختلفي الأفهام والأخلاق، يَسْمَعُ الحسَن وغيره، ويرى ما يستثيره؛

💡فتأتي هذه القاعدة ⇦لتضبط علاقته اللفظية.

📌إننا نحتاج إلى هذه القاعدة بكثرة، خاصةً وأننا في حياتنا نتعامل مع أصناف مختلفة من البشر، فيهم المسلم وفيهم الكافر، وفيهم الصالح والطالح، وفيهم الصغير والكبير، بل ونحتاجها للتعامل مع أخصّ الناس بنا: الوالدَين، والزوج، والزوجة، والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع مَن تحت أيدينا من الخدم ومن في حكمهم.

✅ من صور تطبيقات هذه القاعدة:

1- قول الله تعالى -عن الوالدين-: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23] إنه أمرٌ بعدم النهر، وهو متضمن للأمر بضده: وهو الأمر بالقول الكريم، الذي لا تعنيف فيه.

2- وكذلك أيضًا فيما يخصّ مخاطبة السائل المحتاج: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى:10] بل بعض العلماء يرى عمومها في كلِّ سائل؛ سواء كان سائلًا للمال أو للعلم...

3- ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية، ما أثنى الله به على عباد الرحمٰن، بقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان:63].

💬 يقول ابن جرير -رحمه الله- في بيان معنى هذه الآية: «وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول، أجابوهم بالمعروف من القول، والسداد من الخطاب»
«إنّ مما يُؤسَف عليه أن يرى الإنسان كثرة الخَرق لهذه القاعدة في واقع أمّة القرآن! وذلك في أحوال كثيرة منها:

1- أنك ترى من يبشّرون بالنصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة؛ من أجل كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام، أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخَلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده؟!

2- في التعامل مع الوالدين.

3- في التعامل مع أحد طرفي الحياة الزوجية.

4- مع الأولاد.

5- مع العمالة والخدم.

⚠وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة، فقال سبحانه:

{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء:53]،

وعلى من ابتُلي بسماع ما يكره:

⇦أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع منه،

⇦وأن يقول خيرًا،

⇦وأن يقابل السَّفَه بالحلم، والقولَ البذيء بالحسن...».

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل"

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-15-2024, 07:52 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :
القاعدة الثانية:

🔅 *{وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمون}
* [البقرة:216].

📌هذه قاعدة عظيمة لها أثرٌ بالغ في حياة الذين وعوها، واهتدوا بهداها، ولها صلة بأحد أصول الإيمان العظيمة: ألا وهو (الإيمان بالقضاء والقدر).

💡ومعنى القاعدة باختصار:
أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية على آماله وحياته، فإذا بذلك المقدور يصبح خيرًا على الإنسان من حيث لا يدري.

⚠والعكس صحيح: كم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على عكس ما يريد،

⇦فنحن أمام قاعدة تناولت أحوالًا شتى: دينية ودنيوية، وبدنية ونفسية، وهي أحوالٌ لا يكاد ينفك عنها أحد في هذه الحياة التي:

جُبِلَت على كدرٍ وأنت تريدها
صفوًا من الأقذاء والأقذار

🔅وقول الله أبلغ:
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ}
[البلد:4].

إذا تبين هذا فاعلم أن إعمال هذه القاعدة القرآنية في الحياة من أعظم ما يملأ القلب طمأنينة وراحةً، ومن أهم أسباب دفع القلق الذي عصف بحياة كثير من الناس؛ بسبب موقف من المواقف، أو بسبب قدر من الأقدار المؤلمة جرى عليه في يوم من الأيام!

ولو قلبنا قصص القرآن، وصفحات التاريخ، أو نظرنا في الواقع؛ لوجدنا من ذلك عبرًا وشواهدَ كثيرة، لعلنا نُذَكِّر ببعض منها، عسى أن يكون في ذلك سلوةً لكل محزون، وعبرةً لكل مهموم:

🔻قصة إلقاء أم موسى لولدها في البحر!
فأنت إذا تأملتَ وجدتَ أنه لا أَكْرَه لأمِّ موسى من وقوع ابنها بيد آل فرعون، ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة، وآثاره الطيبة في مستقبل الأيام، وهذا ما تعبر عنه خاتمة هذه القاعدة: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .

🔻وتأمل في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام تجد أن هذه الآية منطبقة تمام الانطباق على ما جرى له ولأبيه يعقوب عليهما الصلاة والسلام.

🔻 وتأمل في قصة الغلام الذي قتله الخضر بأمر الله تعالى؛ فإنه علل قتله بقوله: *{وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}
* [الكهف:80-81].

وفي السُنة النبوية أمثلة كثيرة، منها: لما مات زوجُ أمِّ سلمة: أبو سلمة -رضي الله عنه- تقول أم سلمة -رضي الله عنها-: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها».
قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله ﷺ؟ ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله ﷺ!

وفي الواقع قصص كثيرة جدًّا، أذكر منها: أن رجلًا قدم إلى المطار، وكان مجهدًا بعض الشيء، فأخذته نومةٌ ترتب عليها أن أقلعت الطائرة، وفيها ركاب كثيرون يزيدون على ثلاثمائة راكب، فلما أفاق، وإذا بالطائرة قد أقلعت قبل قليل، وفاتته الرحلة، فضاق صدره، وندم ندمًا شديدًا، ولم تمض دقائق على هذه الحال التي هو عليها حتى أُعلن عن سقوط تلك الطائرة، واحتراق من فيها بالكامل!

والخلاصة:

على المرء أن يسعى إلى الخير جهدهُ.. وليس عليه أن تتم المقاصدُ
وأن يتوكل على الله، ويبذل ما يستطيع من الأسباب المشروعة، فإذا وقع شيءٌ على خلاف ما يحب، فليتذكر هذه القاعدة القرآنية العظيمة.

🍃وليتذكر أن من لطف الله بعباده أنه يُقدِّر عليهم أنواع المصائب، وضروب المحن والابتلاء بالأمر والنهي الشاق رحمةً بهم ولطفًا، وسوقًا إلى كمالهم، وكمال نعيمهم.

🍃ومن ألطاف الله العظيمة: أنه لم يجعل حياة الناس وسعادتهم مرتبطة ارتباطًا تامًا إلا به سبحانه وتعالى، وبقية الأشياء يمكن تعويضها، أو تعويض بعضها.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-17-2024, 03:53 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية : القاعدة الثالثة:

{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}
[البقرة:237].

💡تعتبر هذه الآية قاعدة من القواعد السلوكية التي تدلُّ على عظمة هذا الدين وشموله وعظمة مبادئه،

📌ومع أن النسيان أمرٌ جِبِلّي، ليس بوسع الإنسان دفعه؛ إلا أن الآية الكريمة جاءت بالتأكيد على عدم النسيان، والمراد به هنا: الإهمال وقلة الاعتناء.

📍إذا تعارف الناس الفضل بينهم؛
⇦سهُلَ على المُذنِب الاعتراف بالذنب،
⇦وسهلَ على من له الحقّ أن يعفو،
≠بخلاف ما إذا أصبحوا لا يتنازلون عن حقوق ذواتهم.

✨وللهِ ما أعظم هذه القاعدة لو تم تطبيقها بين الأزواج! وبين كل من تجمعنا بهم رابطة أو علاقة من العلاقات!

🎯 من صور تطبيقات هذه القاعدة*:

• في حياتنا مجموعة من العلاقات -سوى علاقة الزواج-؛ إمّا علاقة قرابة، أو مصاهرة، أو علاقة عمل، فما أحرانا أن نطبق هذه القاعدة في حياتنا؛ ليبقى الود، ولتحفظ الحقوق، وتتصافى القلوب؛ وإلا فإن مجانبة تطبيق هذه القاعدة الأخلاقية العظيمة، يعني مزيدًا من التفكك، ووأدًا لبعض الأخلاق الشريفة.

• ومن العلاقات التي لا يكاد ينفك عنها أحدنا: علاقة العمل -سواء كان حكوميًّا أو خاصًّا، أو تجاريًّا-، فقد تجمعنا بأحد من الناس علاقة عمل، وقد تقتضي الظروف أن يحصل الاستغناء عن أحد الموظفين، أو انتقال أحد الأطراف إلى مكان عمل آخر برغبته واختياره، وهذا موضع من مواضع هذه القاعدة؛

⇦فلا ينبغي أن يُنسى الفضل بين الطرفين، فكم هو جميل أن يبادر أحد الطرفين إلى إشعار الطرف الآخر: أنه وإن تفرقنا -بعد مدة من التعاون- فإن ظرف الانتقال لا يمكن أن ينسينا ما كان بيننا من وُدٍ واحترام، وتعاونٍ على مصالح مشتركة؛ ولذا فإنك تُكْبر أولئك الأفراد، وتلك المؤسسات التي تُعبِّر عن هذه القاعدة عمليًا بحفل تكريمي أو توديعي لذلك الطرف؛ فإن هذا من الذكريات الجميلة التي لا ينساها المحتَفَى به،

📍وإذا أردتَ أن تعرف موقع وأثر مثل هذه المواقف الجميلة؛ فانظر إلى الأثر النفسي السلبي الذي يتركه عدم المبالاة بمن بذلوا وخدموا في مؤسساتهم الحكومية أو الخاصة لعدة سنوات، فلا يصلهم ولا خطاب شكر!

📌ومن ميادين تطبيق هذه القاعدة: الوفاء للمعلمين، وحفظ أثرهم الحسن في نفس المتعلم.

📌وفي واقعنا مواضع كثيرة لتفعيل هذه القاعدة القرآنية الكريمة:

◁ف للجيران الذين افترقوا منها نصيب،
◁ولجماعة المسجد منها حظّ،
◁بل حتى العامل والخادم الذي أحسن الخدمة،

💡ولهذه القاعدة حضورها القوي في المعاملة، حتى قال بعض أهل العلم: «من بركة الرزق: أن لا ينسى العبد الفضل في المعاملة، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ بالتيسير على الموسرين، وإنظار المعسرين، والمحاباة عند البيع والشراء، بما تيسر من قليل أو كثير، فبذلك ينال العبد خيرًا كثيرًا».

نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال؛ لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يعيذنا من سيئها؛ لا يعيذ منها إلا هو سبحانه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-17-2024, 03:57 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة الرابعة:

🔅 {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}* [القيامة:14-15]


📌هذه قاعدة من قواعد التعامل مع النفس، ووسيلة من وسائل علاجها من أدوائها، وهي في الوقت نفسه سلّمٌ لتترقى في مراقي التزكية، فإن الله تعالى قد أقسم أحد عشر قسمًا في سورة الشمس على هذا المعنى العظيم، ثم قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:9].

💡ومعنى القاعدة باختصار: أن الإنسان وإن حاولَ أن يجادل عن أفعاله أو أقواله التي يعلم من نفسه بطلانها أو خطأها، واعتذرَ عن نفسه باعتذارات،
⇦فهو يعرف تمامًا ما قاله وفعله، ولو حاول أن يستر نفسه أمام الناس، أو يلقي الاعتذارات، فلا أحدَ أبصَر ولا أعرف بما في نفسه من نفسه.

💡وتأمَّل كيف جاء التعبير بقوله: {بصيرة} دون غيرها من الألفاظ؛ لأن البصيرة متضمّنة معنى الوضوح والحجة، كما يقال للإنسان: أنتَ حجّة على نفسك!

🎯 من صور تطبيقات هذه القاعدة:

- في طريقة تعامل بعض الناس مع النصوص الشرعية؛ فلربما بلغ البعضَ نصٌ واضح محكمٌ، لم يختلف العلماء في دلالته على إيجاب أو تحريم، أو تكون نفسه اطمأنت إلى حكمٍ ما، ومع هذا تجد البعض يقع في نفسه حرجٌ! ويحاول أن يجد مدفعًا لهذا النص أو ذاك؛ لأنه لم يوافق هواه!

⚠ولا ينفع الإنسان أن يحاول دفع النصوص بالصدر؛ فالإنسان على نفسه بصيرة، وشأن المؤمن أن يكون كما قال ربنا -تعالى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].

- ومن مجالات تفعيل هذه القاعدة: أنّ من الناس من شُغف -عياذًا بالله- بتتبع أخطاء الناس وعيوبهم، مع غفلةٍ عن عيوب نفسه، وهذا -بلا ريب- من علامات الخذلان،

💬 كما قال بكر بن عبد الله المزني: إذا رأيتم الرجل موكلًا بعيوب الناس، ناسيًا لعيبه؛ فاعلموا أنه قد مُكِرَ بِهِ.

- ومن مواضع تطبيق هذه القاعدة: أن ترى بعض الناس يجادل عن نفسه في بعض المواضع -التي تَبيَّن فيها خطؤه- بما يعلم في قرارة نفسه أنه غير مصيب،

💬 كما يقول ابن تيمية -رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}*: "فإنه يعتذر عن نفسه بأعذار ويجادل عنها، وهو يبصرها بخلاف ذلك".

🌷ومن مواطن استفادة المؤمن من هذه القاعدة:

🍀 أنّ الإنسان ما دام يعلم أنه أعلم بنفسه من غيره؛ وَجَبَ عليه أن يتفطّن أنّ الناس قد يمدحونه في يومٍ من الأيام، بل قد يُفرطون في ذلك، وفي المقابل قد يسمع يومًا من الأيام من يضع من قدره، أو يخفض من شأنه بنوع من الظلم والبغي،

⇦فمن عرف نفسه لم يغتر بمدحه بما ليس فيه، ولم يتضرّر بذمّه بما ليس فيه، بل يستفيد من ذلك بتصحيح ما فيه من أخطاء، ويسعى لتكميل نفسه بأنواع الكمالات البشرية قدر المستطاع.

🍀 ومن أشرف مجالات تطبيق هذه القاعدة أن من أكبر ثمرات البصيرة بالنفس: أن يُوفَّق الإنسان إلى الاعتراف بالذنب والخطأ، وهذا مقام الأنبياء والصديقين والصالحين:

🔅فتأمل في قول أبوينا -حين أكلا من الشجرة-: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].

🔅وقولِ نوح عليه السلام -عندما نهاه الله أن يسأله ما ليس له به علم-: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود:47].

🔅وقولِ موسى عليه السلام -ندمًا على قتله القبطي-: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص:16]،

أسأل الله تعالى أن يبصرنا بعيوبنا، وأن يقينا شرها.


"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-17-2024, 11:46 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :

القاعدة الخامسة:

🔅 {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ} [طه:61].

📌والافتراء يُطلق على معانٍ منها: الكذب، والشرك، والظلم،

وقد جاء القرآن بهذه المعاني الثلاث، وكلها تدور على الفساد والإفساد.

💬قال ابن القيم -رحمه الله- مؤكدًا اطراد هذه القاعدة:

«وقد ضمن -سبحانه- أنه لا بد أن يُخيِّب أهل الافتراء ولا يهديهم، وأنه يُسحتهم بعذابه، أي يستأصلهم».


🎯 ومن صور تطبيقات هذه القاعدة:

إذا تأملتَ هذه القاعدة وجدتَ في الواقع -وللأسف- مَن له منها نصيب وافر، ومن ذلك:

◆ الكذب والافتراء على الله، بالقول عليه بغير علم بأيّ صورة من الصور،

🔅وقد دلّ القرآن على أنّ القول على الله بغير علم أعظم المحرمات على الإطلاق! قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33]،

⇦ويدخل فيها الذين يفتون بغير علم، فهم من جملة المفترين على الله -سبحانه وتعالى-،

🔅كما قال ﷻ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل:116].

⚠وكلُّ من تكلم في الشرع بغير علم فهو من المفترين على الله؛ سواء في باب الأسماء والصفات، أو في أبواب الحلال والحرام، أو في غيرها من أبواب الدين.

◆ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة؛ ما يفعله بعض الوضاعين للحديث -في قديم الزمان وحديثه- الذين يكذبون على النبي ﷺ ويفترون عليه: إما لغرض -هو بزعمهم- حسنٌ كالترغيب والترهيب،
أو لأغراض سياسية، أو مذهبية، أو تجارية، كما وقع ذلك وللأسف منذ أزمنة متطاولة!

⚠ولو استشعر كل من يضع الحديث على النبي ﷺ أنه من جملة المفترين -وأنه لن يفلح سعيه، بل هو خائب، كما قال ربنا: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} لارْعَوَى -أي: كفَّ وارتدع- كثيرٌ من هؤلاء عن غيّهم، ولا ينفعه ما يظنه قصدًا حسنًا -كما زعم بعض الوضّاعين- فإن مقام الشريعة عظيم، وجنابها مُصان ومحترم، وقد أكمل الله الدين، فلا يحتاج إلى حديث موضوع ومختلَق، وليست شريعةٌ تلك التي تبنى على الكذب، وعلى منْ؟! على رسولها ﷺ!

▪ومن المؤسف أن يُرى لسوق الأحاديث الضعيفة والمكذوبة رواجٌ في هذا العصر بواسطة الإنترنت، أو رسائل الجوال؛ فليتقِّ العبد ربه، ولا ينشرن شيئًا يُنسَب إلى النبي ﷺ حتى يتثبت من صحته عنه.

◆ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة القرآنية الكريمة المشاهدة في الواقع؛
ما يقع من بعضهم -وللأسف الشديد- مِن ظلم وبغي على إخوانهم المسلمين،

🔺وهذا له أسبابه الكثيرة، لعلَّ من أبرزها: الحسد -عياذًا بالله منه-، والطمع في شيء من لعاعة الدنيا، أو لغير ذلك من الأسباب، ويَعْظُمُ الخطب حينما يُلبِسُ بعضُ الناس صنيعه لبوسَ الدين؛ ليبرر بذلك فعلته في الوشاية بفلان، والتحذير من فلان بغيًا وعدوانًا.

ولقد وقفتُ على كثير من القصص في هذا الباب، منها القديم ومنها المعاصر اعترفَ أصحابها بها، وهي قصص تُدمي القلب، وتفتّت الكبد؛ بسبب ما ذاقوه من عاقبة افترائهم وظلمهم لغيرهم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-17-2024, 11:48 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية :

القاعدة السادسة:

🔅 {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء:128].

📌هذه قاعدة من قواعد بناء المجتمع، وإصلاحه، وتدارُك أي سبب لتفككه، وقد وردت هذه القاعدة في سياق الحديث عما قد يقع بين الأزواج من أحوال قد تؤدي إلى الاختلاف والتفرُّق، وأنّ الصلح بينهما على أي شيء يرضيانه خير من تفرقهما،

⇦ويمكننا القول: إن جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الإصلاح بين الناس هي من التفسير العملي لهذه القاعدة القرآنية المتينة.

📍ويؤخذ من عموم هذا اللفظ والمعنى: أن الصلح بين مَن بينهما حقٌ أو منازعة -في جميع الأشياء- أنه خيرٌ من استقصاء كل منهما على كلِّ حقّه؛ لما فيه من الإصلاح وبقاء الألفة والاتصاف بصفة السماح.

⇦وهو -أي الصلح- جائزٌ في جميع الأشياء إلا إذا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، فإنه لا يكون صلحًا، وإنما يكون جورًا.

💡واعلم أنَّ كلَّ حُكم من الأحكام لا يتّم ولا يكمل إلا بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فمن ذلك هذا الحكم الكبير الذي هو الصلح، فذكر -تعالى- المُقتضي لذلك ونبه على أنه خير، والخيرُ كلُّ عاقلٍ يطلبه ويرغب فيه، فإن كان -مع ذلك- قد أمر الله به وحث عليه ازداد المؤمن طلبًا له ورغبةً فيه.

⚠وذكر المانع بقوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}
[النساء:128]
أي: جُبلت النفوس على الشح: وهو عدم الرغبة في بَذْلِ ما على الإنسان، والحرص على الحق الذي له؛ فالنفوس مجبولة على ذلك طبعًا،

⇦أي: فينبغي لكم أن تحرصوا على قلع هذا الخُلق الدنيء من نفوسكم، وتستبدلوا به ضدَّه وهو السماحة: بذلُ الحقّ الذي عليك، والاقتناع ببعض الحقّ الذي لك.

💡فمتى وُفِّق الإنسان لهذا الخلق الحسن، سهل حينئذ عليه الصلح بينه وبين خصمه ومُعامله، وتسهلت الطريق للوصول إلى المطلوب،

⚠بخلاف من لم يجتهد في إزالة الشح من نفسه؛ فإنه يعسر عليه الصلح والموافقة؛ لأنه لا يرضيه إلا جميع ما لَهُ، ولا يرضى أن يؤدي ما عليه، فإن كان خصمه مثله اشتدَّ الأمر!

💡ومن تأمَّل القرآن، وجد سعة هذه القاعدة من جهة التطبيق، فبالإضافة إلى ما سبق ذِكره -من الإصلاح بين الأزواج- فإننا نجد في القرآن حثًا على الإصلاح بين الفئتين المقتتلتين، ونجده يُثني ثناء ظاهرًا على الساعِين في الإصلاح بين الناس.

📍ولأهمية هذا الموضوع -أعني الإصلاح-: أجازت الشريعة أخذ الزكاة لمن غَرِمَ بسبب الإصلاح بين الناس.

🎯 إذا تقرر هذا المعنى المتين والشامل لهذه الآية الكريمة: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ؛ فمن المهم -لنستفيد من هذه القاعدة القرآنية- أن نسعى لتوسيع مفهومها في حياتنا العملية،

🔅وأصدق شاهد على ذلك سيرة نبينا -ﷺ-، الذي طبق هذه القاعدة في حياته، وهل كانت حياته إلا صلاحًا وإصلاحًا؟!

▽خرج مرة -ﷺ- إلى أهل قباء، لما أُخْبِرَ أنهم اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فقال: "اذهبوا بنا نصلح بينهم" [أخرجه البخاري].

🔅وعلى هذه الجادة النبوية سار تلاميذه النجباء، من أصحابه الكرام وغيرهم ممن سار على نهجهم، ومن ذلك:

▽خروج ابن عباس -رضي الله عنهما- لمناظرة الخوارج -الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليّ -رضي الله عنه- فرجع منهم عدد كبير.

📌ومن قلّب كتب السِّيَر؛ وجد نماذج مشرقة لجهود فردية في الإصلاح بين الناس على مستويات شتى، ولعل مما يبشر بخيرٍ: ما نراه من لجان إصلاح ذات البين، والتي هي في الحقيقة ترجمة عملية لهذه القاعدة القرآنية العظيمة: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}

🍃فهنيئًا لمن جعله الله من خيار الناس، الساعين في الإصلاح بينهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-18-2024, 12:07 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

📩 قواعد قرآنية

القاعدة السابعة

🔅 * {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ}*
[التوبة:91]

📌هذه قاعدة من قواعد التعامل الإنساني، والتي جاءت في سياق الحديث عن موقفٍ سجَّله القرآن لبيان أصناف المعتذرين عن غزوة تبوك، ومن هم الذين يُعذَرون والذين لا يُعذَرون.

🔅يقول -سبحانه وتعالى-: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:91].

💡ومعنى القاعدة باختصار: ليس على أهل الأعذار الصحيحة -من ضعف أبدان، أو مرض، أو عدم نفقةٍ- إثمٌ، بشرط لا بّد منه، وهو: {إِذَا نَصَحُوا} أي: بِنِيَّاتهم وأقوالهم، سرًا وجهرًا، بحيث لم يُرجِفوا بالناس، ولم يثبطوهم، وهم مُحسنون في حالهم هذا، ثم أكّد الرجاء بقوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

📍وبما أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب -كما هو مقرر في علم أصول التفسير-؛ فهذا يعني توسيع دلالة هذه القاعدة القرآنية التي دل عليها قوله سبحانه: *{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}

⇦وهذا يدلُّ على أن الأصل هو سلامة المسلم من أن يُلزَم بأي تكليف سوى تكليف الشرع كما أن الآية تدل بعمومها أن الأصل براءة الذمة من إلزام الإنسان بأي شيء فيما بينه وبين الناس حتى يثبت ذلك بأي وسيلة من وسائل الإثبات المعتبرة شرعًا.

💡أيها المتأمِّل كلام ربه:
لقد كانت هذه الآية -وما زالت- دليلًا يفزع إليه العلماء في الاستدلال بها في أبواب كثيرة في الفقه، خلاصته يعود إلى أنه:
■ مَن أحسن على غيره، في نفسه أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتَّب على إحسانه نقصٌ أو تلَف، أنه غير ضامن؛ لأنه مُحسن، ولا سبيلَ على المحسنين،
■ كما أنه يدلُّ على أن غير المحسن -وهو المسيء- كالمفرِّط، أن عليه الضمان .

🎯 وإذا تجاوزنا الجانب الفقهي الذي أشرتُ إليه بإجمال، فلنتلفت قليلًا إلى ميدان من الميادين التي نحتاج فيها إلى هذه القاعدة، ذلك أن حياتنا تحفلُ بمواقف كثيرة يُفْتَحُ فيها باب الإحسان، وتتاح لآخَرين أن يحسنوا إلى غيرهم فيبادروا بتقديم خدمة ما،

⚠فمن المؤسف أن يتجانف البعض هذه القاعدة القرآنية، فيُلحقوا غيرهم اللوم والعتاب الشديد، مع أنهم مُحسنون متبرّعون، فيساهمون بذلك في إغلاق باب الإحسان، أو تضييق دائرته بين العباد.

📍ومن المهم أيضًا -ونحن نتحدث عن هذه القاعدة القرآنية- أن لا نخلط بين ما تقدَّم وبين التزام الإنسان بشيءٍ ما، ثم يتخلى عنه بحجة أنه محسن! فإن هذا من الفهم المغلوط لهذه القاعدة،

💡ذلك أن الإنسان قبل أن يلتزم بوعد لطرف آخر؛ فهو في دائرة الفضل والإحسان،
⚠لكن إن التزم بتنفيذ شيءٍ، والقيام به، فقد انتقل إلى دائرة الوجوب الذي يستحق صاحبه الحساب والعتاب،

⇦ولعل مما يُقرِّب تصور هذا المعنى: النذر؛ فإن النذر: إلزام المكلف نفسه بشيءٍ لم يكن واجبًا عليه بأصل الشرع، كمن ينذر أن يتصدق بألف ريال، فهذا قبل نذره لا يلزمه أن يتصدق ولو بريال واحد، لكنه لما نذر فقد التزم؛ فوجب عليه الوفاء.

◁◁وهكذا ما نحن بصدده، وإنما نبهت على هذا لأن من الناس من أساء فهم هذه القاعدة، وطردها في غير موضعها، فصار ذلك سببًا في وجود النفرة بين بعض الناس؛ لأن أحد الطرفين اعتقد التزام الطرف الآخر، فاعتمد عليه -بعد الله- ثم تخلّى ذلك الطرف عما التزم؛ بحجة أنه محسن! فوقع خلاف المقصود من باب الإحسان!

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-19-2024, 01:57 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي



القاعدة الثامنة:

🔅 * {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}* [الزمر:7].

هذه قاعدة قرآنية عظيمة، تؤسس لمبدأ من أشرف المبادئ، وهو مبدأ العدل، وهي قاعدة طالما استشهد بها العلماء والحكماء؛ لعظيم أثرها في باب العدل والإنصاف،

💡ومعنى هذه القاعدة باختصار: أن المكلّفين إنما يجازَون بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، وأنه لا يحمل أحدٌ خطيئة أحد، ما لم يكن سببًا فيها، وهذا من كمال عدل الله -تبارك وتعالى- وحكمته.

🔅وهذا المعنى الذي قررتْه القاعدة لا يُعارِض ما دلّ عليه قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت:13]،
🔅وقولُه: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل:25]؛

⇦لأنّ هذه النصوص تدلُّ على أن الإنسان يتحمل إثم ما ارتكب من ذنوب، وإثم الذين أضلَّهُم بقوله وفعله، كما أنّ الدُّعاة إلى الهدى يُثيبهم الله على عملهم وعمل من اهتدى بهديهم، واستفاد من علمهم.

🎯 وإليك هذه الصورة التي قد تتكرر كثيرًا في واقع بيوتنا:

يعود الرجل من عمله متعبًا، فيدخل البيت فيجد ما لا يعجبه من بعض أطفاله -إما من إتلاف تحفة، أو تحطيم زجاجة- أو يرى ما لا يعجبه من قِبَلِ زوجته -كتأخرها في إعداد الطعام، أو غير ذلك من الأمور التي قد تستثير بعض الناس-

⚠ فإذا افترضنا أن هذه المواقف مما تستثير الغضب، أو أن هناك خطأ يستحقّ التنبيه، أو التوبيخ، فما ذنب بقية الأولاد الذين لم يشاركوا في كسر تلك التحفة -مثلًا-؟! وما ذنب الزوجة -مثلًا- حينما يكون المخطئ هم الأولاد؟!

◁◁ومثله يقال في علاقة المعلم والمعلمة مع طلابهم، أو المسؤول في عمله، بحيث لا ينقلوا مشاكلهم إلى أماكن عملهم، فيكون مَن تحت أيديهم من الطلاب والطالبات أو الموظفين ضحية لمشاكل ليس لهم علاقة بها!!

💡هنا يستحضر المؤمن أمورًا، من أهمها: أن يتذكر هذه القاعدة القرآنية العظيمة: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ؛ فإن هذا خيرٌ وأحسن تأويلًا، وأقرب إلى العدل و القسط

⚠ وثمّة فهمٌ خاطئ لهذه القاعدة القرآنية:

وهو أنّ البعض يظن أن هذه القاعدة مخالفة لما يراه من بعض العقوبات الإلهية التي تعمّ مجتمعًا من المجتمعات، أو بلدًا من البلدان، حينما تفشو المنكرات والفواحش والمعاصي،

وسبب خطأ هذا الفهم، أن المنكر إذا استعلن به الناس، ولم يوجد من ينكره، فإن هذا ذنب عظيمٌ اشترك فيه كلُّ من كان قادرًا على الإنكار ولم ينكر، سواء كان الإنكار باليد أو باللسان أو بالقلب وذلك أضعف الإيمان، ولا عُذر لأحد بترك إنكار القلب،

⇦فإذا خلا المجتمع من هذه الأصناف الثلاثة -عياذًا بالله- مع قدرة أهلها عليها استحقوا العقوبة، وإن وجد فيهم بعض الصالحين.

🔅تأمل معي قول الله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25].



يكونُ في آخرِ هذه الأمة خسفٌ ، و مسخٌ ، و قذفٌ ، قيل : يا رسولَ اللهِ ‍ أنهلِكُ و فينا الصالحون ؟ قال : نعم ، إذا ظهَر الخَبَثُ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 8156 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (2185)، وأبو يعلى (4693) باختلاف يسير

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، يضيق المقام بذكرها، والمقصود إزالة هذا الإشكال الذي قد يعرض للبعض في فهم هذه القاعدة القرآنية، والله أعلم.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب

التعديل الأخير تم بواسطة أم حذيفة ; 01-19-2024 الساعة 02:33 AM
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-19-2024, 01:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

القاعدة التاسعة:

🔅 {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ}
[آل عمران:36]

📌هذه قاعدة من القواعد القرآنية العظيمة، التي هي أثر من آثار كمال علم الله وحكمته وقدرته في خلقه -ﷻ-.

🔅ولقد بيَّن القرآن هذا التفاوت بين الجنسين في مواضع كثيرة، منها: قوله -تعالى-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ}:
⇦وهم الرجال، {عَلَى بَعْضٍ}:
⇦وهنّ النساء،

🔅ومنها: قوله -تعالى-: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228]،

💡وذلك لأنّ الذكورة كمال خلقي، وقوة طبيعية، والأنوثة نقص خَلْقي، وضعف طبيعي، كما هو محسوسٌ مشاهَد لجميع العقلاء، لا يكاد ينكره إلا مُكابر في المحسوس.

⇦وهذا راجع إلى مراعاة طبيعة المرأة من حيث خلقتها، وتركيبها العقلي، والنفسي، وغير ذلك من صور الاختلاف التي لا ينكرها العقلاء والمُنصِفون، وشأنُ المؤمن الحقّ أن لا يُعارض الشرع بعقله القاصر، بل شأنه أن يتلمس الحِكَم من وراء ذلك التفريق، أو هذا الجمع.

⚠ إذا تبين هذا؛ فعلى المؤمن أن يحذر من كلمةٍ راجَتْ على كثيرٍ من الكتّاب والمثقّفين، وهي كلمة «المساواة» في مقام الحديث عن موضوع المرأة،

🔅والصوابُ أن يُعبَّر عن ذلك بالعدل؛ لأن الله -تعالى- يقول:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل:90]،
ولم يقل: يأمر بالمساواة!

💡إن دلالة العدل تقتضي أن يتولى الرجل ما يناسبه من أعمال، وأن تتولى المرأة ما يناسبها من أعمال، بينما كلمة مساواة تعني أن يعمل كلٌّ من الجنسين في أعمال الآخر!

📍وهذا كلّه عين المضادة للفطرة التي فطر الله عليها كلًا من الرجل والمرأة، ولهذا لما أصرَّت بعضُ المجتمعاتِ الغربية على هذه المصادمة للفطرة، وبدأت تساوي المرأة بالرجل في كل شيء ذاقت ويلاتها ونتائجها المرّة، حتى صرخ العقلاء منهم -رجالًا ونساء- وكتبوا الكتب والرسائل التي تحذّر مجتمعاتهم من الاستمرار وراء هذه المصادمة،

💬ومن ذلك ما قالته هيلين أندلين -وهي خبيرة في شؤون الأسرة الأمريكية-: "إن فكرة المساواة (التماثُل) بين الرجل والمرأة غير عملية أو منطقية، وإنها ألحقت أضرارًا جسيمة بالمرأة والأسرة والمجتمع".

▪إنك لا تتعجب أن يقع الرد لهذا الحكم القدري من كفار أو ملاحدة، وإنما تستغرب أن يقع هذا من بعض المنتسبين لهذا الدين، والذين يصرّحون في مقالاتهم وكتاباتهم بأن هذا الحكم كان في فترة نزول الوحي يوم كانت المرأة جاهلة لم تتعلم! أما اليوم فقد تعلمت المرأة، وحصلت على أعلى الشهادات!

⚠وهذا الكلام خطير جدًا، وقد يكون رِدّةً عن الدين؛ لأنه ردٌّ على الله -تعالى-، فإنه هو الذي قدَّر هذا الحكم، وهو الذي يعلم ما ستؤول إليه المرأة إلى يوم القيامة، وصدق الله العليم الخبير:
{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} ،

فهل من مُدَّكِر؟!

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-20-2024, 09:55 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,643
افتراضي

قواعد قرآنية

القاعدة العاشرة

🔅 {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ}
[الحج:40].

هذه قاعدة جليلة من القواعد القرآنية العظيمة، تشع منها القدرة الإلهية؛ لتساند جند الإيمان في كل زمان ومكان.

تأتي هذه القاعدة لتقول لأهل القرآن: إنّ حقيقة النصر إنما هي: بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه ونصرة رسله وأتباعهم، ونصرة دينه وجهاد أعدائه، وقهرهم حتى تكون كلمته -جل وعلا- هي العليا، وكلمة أعدائه هي السفلى.

والسؤال: كيف يكون نصر الله؟ وهل الله محتاج إلى نصره وهو الغني القوي العزيز؟

والجواب على ذلك: أنّ نصره يكون بنصرة دينه، ونصرة نبيه -ﷺ- في حياته، ونصرة سنته بعد مماته، وتتمةُ الآيةِ التي بعدها تكشفُ حقيقة النصر الذي يحبه الله ويريده، بل هو النصر الكفيلُ باستمرار التمكين في الأرض،

🔅قال -تعالى-: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}
[الحج:41].

💡ولذا، ما نُصِرَ دين اللهِ بأعظم من إظهار هذه الشعائر العظيمة:

◇الصلاة: التي هي صلةٌ بين العباد وربهم، وبها يستمدون قوتهم الحسية والمعنوية، وراحتهم النفسية.

◇وإيتاءُ الزكاةِ: فأدّوا حق المال، وانتصروا على شح النفس، وتطهروا من الحرص، وغلبوا وسوسة الشيطان، وسدّوا خَلة الجماعة، وكفلوا الضعاف فيها والمحاويج، وحققوا لها صفة الجسم الحيّ.

◇والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وفيه إصلاحٌ لغيرهم،
▼فالناس ما بين جاهلٍ أو غافلٍ؛ فهؤلاء يؤمَرون بالخير ويُذكَّرون به،
▼أو عاصٍ ومعاندٍ؛ فهؤلاء يُنهَون عن المنكر.

⇦فمتى ما علم الله من أي أمة من الأمم أو دولة من الدول أنها ستقيم هذه الأصول الأربعة من أصول التمكين؛ أمدّها الله بتوفيقه، وعونه وإن تكالبت عليها الأمم، وفي سيرة النبي -ﷺ- وخلفائه الراشدين، ومن سار سيرتهم أصدق الشواهد وأنصعها.

والسؤال: أين النصر اليوم عن المسلمين؟ المسلمون في بلدان كثيرة مضطهدون مهزومون، يعيشون ضعفًا ويذوقون عجزًا!
أين النسخ المكررة من يوم الفرقان في بدر الكبرى؟ ويوم الأحزاب؟ واليرموك؟ ونهاوند؟ أو يوم كُسِرَ التتار حين غزوا بلاد الإسلام في أوائل القرن الثامن؟!

💬 وللعلامة الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- جواب عن هذا السؤال، يحسن إيراده، وهو العالم الذي عاش فترة ضعف وهوانٍ شديدين مرت بهما أمة الإسلام:

«وإن الله لا يخلف وعده ولا يُبطل سننه، وإنما ينصر المؤمن الصادق وهو من يقصد نصر الله وإعلاء كلمته، ويتحرّى الحق والعدل في حربه لا الظالم الباغي على ذي الحقّ والعدل من خلقه،

🔅يدل على ذلك أول ما نزل في شرع القتال قوله تعالى -من سورة الحج-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج:39] إلى قوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40]،
والإيمان سبب حقيقي من أسباب النصر المعنويّة...».

💬 أما العلامة عبد الرحمن السعدي فيضمّن بيانه عن الداء والدواء حديثًا مهمًا عن الفأل، فيقول:

«إيمانٌ ضعيف، وقلوب متفرّقة، وحكومات متشتتة، وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين، وأعداء ظاهرون وباطنون، يعملون سرًّا وعلنًا للقضاء على الدين، وإلحاد وماديات، جرفت بتيارها الخبيث، وأمواجها المتلاطمة الشيوخَ والشبان، ودعايات إلى فساد الأخلاق، والقضاء على بقية الرمق!!

◁ ثمّ إقبال الناس على زخارف الدنيا، وبحيث كانت هي مبلغ علمهم، وأكبر همّهم، ولها يرضون ويغضبون، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة، والإقبال بالكلية على تعمير الدنيا وتدمير الدين، واحتقار واستهزاء بالدين وما يُنسب إليه، وفخر وفخفخة، واستكبار بالمدنيّات المَبنيّة على الإلحاد التي آثارها وشرها وشررها قد شاهده العباد...

💡ولكن مع ذلك: فإنّ المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من رَوح الله، ولا يكون نظره مقصورًا على الأسباب الظاهرة، بل يكون ملتفتًا في قلبه كلِّ وقت إلى مُسبِّب الأسباب، الكريم الوهّاب، ويكون الفرج بين عينيه، ووعده الذي لا يخلفه، بأنه سيجعل الله بعد عُسرٍ يسرًا، وأن الفرج مع الكرب، وأن تفريج الكربات مع شدّة الكربات وحلول المفظعات».

نسأل الله -تعالى- أن يعزّ دينه وأن يجعلنا من أنصاره، وأن يُظهر أولياءه، ويُذلَّ أعداءه.

"من كتاب "قواعد قرآنية" - د.عمر المقبل (باختصار)".

ღ قوت القلوب
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 07:42 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology