ملتقى قطرات العلم النسائي
 
 

الـــمـــصـــحـــــف الـــجـــامـــع
مـــصـــحـــــف آيـــــات
موقع الدرر السنية للبحث عن تحقيق حديث

العودة   ملتقى قطرات العلم النسائي > ::الملتقى العام:: > ملتقى عام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-26-2021, 04:02 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

131

✍🏻وترجعون برسول الله!

🌳 كان للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مالٌ كثيرٌ حصلَ عليه من فَيْءٍ أصابَه، فقسمَ المالَ بين قُريشٍ وبين قبائل العرب، ولم يُعطِ الأنصار منه شيئاً! فأزعجَهم ذلك، فجاءَ إليه سيدهم سعد بن عبادة وقال له: يا رسول الله إن الأنصار قد وجدوا عليكَ في أنفسِهم من هذا الفَيْءِ الذي قسمته في قومك وفي قبائل العرب ولم تُعطهم منه شيئاً!
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فأينَ أنتَ من ذلكَ يا سعد؟ أي ما رأيك؟
فقال: إنما أنا رجلٌ من قومي! أي أقول بقولهم.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فاجمعْ لي قومكَ.
فخرجَ سعدٌ فجمعَ الأنصار، ثم أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلّّم وقال له: قد اجتمعوا لكَ يا رسول الله.
فأتاهم، وقال لهم:
: يا معشر الأنصار : ما قالة ، بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا : بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : ألا تجيبونني يا معشرالأنصار ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال صلى الله عليه وسلم : أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا . ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار . اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار . وأبناء أبناء الأنصار .
فبكوا حتى ابتلت لِحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً!

🔸أعطى الناس وحرمَ الأنصارَ، لا لأنه يُحبُّ الناس أكثر منهم، بل ليأْتَلِف قلوب الناس، ويأتي بهم إلى الإسلام، ولأنه يعرف أنَّ الإسلام في قلوبِ الأنصار كالجبال الرواسي، فلما أخذوا على خاطرِهم بيَّن لهم سبب فعلتِه فرضوا، الناسُ هم الناس يُحبون العطاء، وأن لا يستثنيهم أحد، ولكن بيِّنْ دوماً سببَ تخصيصك لفلانٍ حين لا تفعل مثله مع من تُحبه أكثر من الذي أعطيته، فالإنسان مفطور على سوءِ الظن، وتفسيرِ الأمور على غير ما هي، فلا تتركْ ملامةً في صدرِ أحد!

🔸وإياك أن تُفسِّرَ عطايا اللهِ للناس كما فسَّر الأنصارُ أول الأمر عطاءَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للناس، إذا رأيتَ من هو أغنى منك، وأكثر صحة وأولاداً، وأوسع داراً على أنه يُحبه أكثر منك، إن الله سبحانه يُعطي الدنيا لمن يُحبُّ ويكره من عباده، ولكنه لا يُعطي الإيمان إلَّا لمن يُحبُّه!

🔸إذا كنتَ تريدُ أن تعرف الذين يُحبهم الله أكثر منك، فهم أولئك الذين أَذِنَ لهم أن يعبدوه ويُطيعوه أكثر منك!
الذين يُحبهم الله أكثر منك ليسوا أولئك الذين راتبهم أعلى من راتبك، وإنما الذين قاموا للفجر وأنتَ نائم، وتصدَّقوا وأنتَ تكنز، وبرُّوا آباءهم وأنتَ عاق، وتحجَّبنَ وأنتِ سافرة، وحجُّوا وأنتَ تقولُ غداً أحجُّ وغداً أعتمر!

🔆 كان موسى عليه السلام أحب إلى اللهِ من قارون، رغم أنه أعطى لقارون مالاً لم يُعطه لأحدٍ من خلقه، لقد أعطى عبده الذي يكره المال، ولكنه أعطى عبده الذي يُحبُّ الإيمان!
صحيحٌ أن اللهَ قادرٌ أن يُعطيَ العبد المال والإيمان معاً، ولكن هذه الدنيا دار امتحان لا دار جزاء فتأدَّب أنتَ في حضرةِ قضاءِ اللهِ وقدرِه!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-27-2021, 12:42 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

132
✍🏻الإياس ممّا في أيدي الناس!

🌳جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: يا رسول الله أوصِني وأوجِزْ
فقال له: "عليك بالإياس مما في أيدي الناس فإنه الغِنى، وإياك والطمع فإنه الفَقرُ الحاضر، وصلِّ صلاتكَ وأنتَ مُوَدِّع، وإياكَ وما يُعتذرُ منه"!

🔸جعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الغِنى في أن يرضى الإنسان عما قسمه الله له، ويكتفيَ به، ويحمدَ الله عليه، وجعلَ الفقرَ في النظر إلى ما في أيدي الناس! إن غناكَ وفقركَ في قلبكَ كيف يشعرُ، وفي عينك كيف تنظُر!

🔸الإنسانُ الذي ينظر إلى ما يملكه الآخرون لن يستشعرَ قيمة ما يملكُ أبداً، لو جرَّبَ الإنسان أن ينظرَ إلى ما في يده، ويستمتعَ به، لن يكون لديه الوقت ليحسد الناس على ما اُوتوا، وما أَوْرَدَ إبليس المهالك إلا الحسد، فحين أسجدَ اللهُ تعالى لآدم عليه السلام ملائكتَه، قال إبليسُ: "أنا خيرٌ منه"! وكثيرٌ من الناسِ يعيشون وفق مبدأ إبليس "أنا خيرٌ منه"!

🔸إذا مرَّ أحدهم بالبيتِ الجميل قال في نفسه لو أنه لي، وإذا مرَّ بالسيارة الفارهة قال في نفسه بمَ هو خيرٌ مني لتكون له، مثل هذا لن يسعدَ ولو ملكَ مالَ قارون، لأن فَقره في قلبِه!

🔸الإنسان الذي ينظُرُ إلى راتبه نظرةَ رضى، ويستشعرُ نعمةَ اللهِ فيه، كيف يسترُ حاجته، ويكفيه سؤال الناس، غنيٌّ ولو أتى آخر الشهر ولم يبقَ من راتبه شيء والذي ينظُرُ إلى فُلانٍ ماذا اشترى، وإلى علان ماذا ملكَ سيعيشُ فقيراً، ويموتُ فقيراً، فغنى الإنسان ليس في جيبه وإنما في قلبِه!

🌼 وصَلِّ صلاتكَ وأنتَ مُوَدِّع، تخيَّلْ كل صلاةٍ على أنها صلاتكَ الأخيرة، وبعدها ستُحمَلُ إلى قبرك، وعلى هذا الأساس صلِّها، استحضرْ فيها قلبكَ فأنتَ في حضرةِ الملك، ولا تستعجلْ بها خوفَ أن تفوتَك حاجة من حوائج الدنيا، أنتَ واقفٌ بين يدي قاضيَ الحاجاتِ، أتتركه لتعتمدَ على نفسك في قضاءِ حاجتك؟! استشعرْ الآيات وتدبَّرْها، تلذَّذْ بالفاتحة، بالحمدِ الذي حُرم كثير من الناس أن يُناجوه به، بالرحمةِ كيف أَذِنَ لكَ أن تقفَ لتعبده، بمالك يوم الدين الذي ترجو ثوابه وتخاف عقابه، بإياك نعبُد وإياك نستعين، باللجوءِ إلى غِناه من فَقرك، وإلى قوته من ضعفك، بإهدنا الصراطَ المُستقيم، تدبَّرْها، وأنتَ تتأمل الكون من حولك، تذكَّرْ عابدي البقرِ والشجرِ والحجرِ والمُلحدين، والذين حرَّفوا أديانهم، وقتها فقط ستعرِفُ لماذا كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لبلال: أرِحنا بها يا بلال!

🌼وإياك وما يُعتذرُ منه! اِمسِكْ عليكَ لسانكَ، لا تكن أهوجاً، تُقيم الدنيا ولا تُقعِدها لأجل موقفٍ عابرٍ، ولردةِ فعلٍ قاسيةٍ، ولكلمةٍ جارحةٍ ثم تأتي بعدها تعتذرُ وتتأسف، الاعتذارُ خُلُقٌ نبيلٌ لا شك، ولكن الكلمة الجارحة كإدخالِ مسمارٍ في الخشب، حتى لو نزعتَ المسمار بعد ذلك فإن أثر الثقب في الخشب سوف يبقى ماثلاً للعيان، وهكذا هو أثر الكلمة الجارحة في قلوبِ الناس!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-28-2021, 10:39 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

133

✍🏻نِعمَ الرَّجل!

🌳كان عبدُ الله بن عُمر بن الخطاب شاباً أعزبَ ينامُ في المسجد، وكان الرَّجُلُ من الصحابةِ إذا رأى الرؤيا قصَّها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فتمنَّى عبد الله أن يرى رؤيا ليقُصها على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وذات ليلة وهو نائم رأى في منامه أن ملكين أخذاه وذهبا به إلى النارِ فإذا هي مطوية كطيِّ البئر، وفيها ناس قد عرفهم، فجعل يقول: أعوذ باللهِ من النار، أعوذ باللهِ من النار! ثم استيقظ من نومه!
ولما كان الصَّباح قصَّ رؤياه على أُخته حفصة، فقصَّتها حفصةُ على النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: "نِعمَ الرَّجُلُ عبد الله لو كان يقوم الليل"!
فلم يتركْ عبدُ الله بن عُمر القيامَ حتى مات!

🌳وقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه: "نِعمَ الرَّجُلُ خُريم الأسدي لولا طول جُمته/شعره وإسبال إزاره"!
فبلغَ ذلك خُزيماً، فأخذ على الفور شفرةً وقطع جُمَّتَه إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه!

🔸كان يكفي أحدهم أن يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نِعمَ الرَّجُلُ فُلان لو يفعل كذا وكذا، فكان على الفور يلتزم الأمر ولا يتركه ما دام على قيد الحياة!
يقومُ عبدُ الله بن عُمر الليلَ طوال عمره، ويقطعُ خُريمٌ جُمَّتَه ويرفعُ إزارَه

▪️ فعلنا نحن الفرائض فقط لأنه تمنى؟!
▪️هل حاسبْنا أولادنا على الصلاةِ كما نُحاسبهم على الدروس وعلاماتِ الامتحانات؟!
▪️هل أمرْنا بناتنا بالحجاب كما نأمُرهنَّ بالجدِّ والاجتهادِ والتحصيلِ في المدارس؟!
▪️هل برَرْنا آباءنا وأمهاتِنا لأن الأب أوسط أبواب الجنة، ولأن الجنة تحت أقدام الأمهات؟!
▪️هل وصلْنا أرحامنا لأن الرَّحِمَ مُعلقةٌ بالعرش فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله؟!
▪️هل أحسنَّا إلى جيراننا لأن جبريل ما زال يُوصي بالجارِ حتى ظنَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه سيُورِّثه؟!

🔸تخيَّلوا أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم جاء إلى بيت أحدكم فجأة، تُرى ما الذي سيُعجبه إذا شاهده، وما الذي سيُزعجه!
ثابروا على ما تظنون أنه سيُعجبه، وأصلِحوا ما تظنون أنه سيُزعجه، هكذا فقط يستحق أحدُنا نِعمَ الرَّجُلُ، ونِعمَ المرأة!

.......
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-31-2021, 03:25 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

134
✍🏻 يا أنجشة: رفقاً بالقوارير!

🌳حجَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بنسائه، فلمَّا كان في بعضِ الطريق، أوكلَ لغلامٍ له اسمه أنجشة قيادة القافلة، فساقَ لهنَّ، فأسرعَ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا أنجشة، رفقاً بالقوارير!
وبينما هم يسيرون إذ بركَ جملُ أُمِّنا صفية بن حُيي، فجعلتْ تبكي، فجاء النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين أُخبِرَ بذلكَ، فجعلَ يمسح دموعها بيده!

🔸ففي هذه القصة فوائد جمة وكثيرة، يستطيع كل زوجين أن يتعاملا مع هذا الموقف كدستور، ومنهج لحياتهم الزوجية، حتى تصبح سعيدة وجميلة.
فمسح الدموع بيد الزوج نفهمه نحن مواساة ودعما لعواطف ومشاعر الزوجة، علما بأن سبب البكاء قد ينظر إليه الزوج من ناحيته على أنه سبب تافه، فالدموع والبكاء من أجل بروك جمل يعد من أحسن الجمال، هذا هو السبب، ومع ذلك لم يحقر النبي (صلى الله عليه وسلم) مشاعر صفية وعواطفها، بل احترمها ودعمها وأنزل القافلة كلها من أجلها.
إن الدموع تكون غالية وثمينة إذا عرف كل طرف قدرها. وكم رأينا في المحاكم دموعا تنهمر من أزواج ومن زوجات، والطرف الآخر لا يقدر هذه الدمعة ولا يحترمها، بل ويتمني لو تنهمر من غير توقف.


▪️لو أنَّ رجلاً غيره رأى زوجته تبكي لأنَّ جملها توقَّف عن المسير لربما عنَّفها، وصرخ فيها قائلاً: أتبكين لسببٍ تافه؟!

🔸ولكنَّ الرحمة المُهداة رغم أنه كان يكفيه أن يُطيِّب خاطرها بكلمة، ولكنه لا يزهد بتمام الخُلُق، لهذا مسح دموعها بيده، وكأنه يقول لها: دموعكِ غالية يا صفية!

▪️النساءُ عاطفياتٌ، متقلباتُ المشاعرِ، يبكينَ عند أصغر الأزمات، وقد تشعرُ إحداهُنَّ بالضيق فتبكي لسبب لا تعرفه حتى هي!
هذا شيءٌ على الرجالِ فهمه، والتعامل معه بجدية تامة، والتصرُّف باهتمام بالغ وكأنَّ هناك مُشكلة حقاً، وأي تصرُّف غير ذلك هو بوابة لمُشكلة حقاً!

▪️أحياناً لا تريد المرأة أكثر من أن تريها أنك تهتم! أنتَ حينَ تعودُ من العملِ وتشكو إليك همّ الأولاد، وعملها في البيت، هي لا تطرح لكَ مشكلةً، ولا تُطالبكَ بحلٍّ، هي تعرفُ جيداً أن هؤلاء أولادها وعليها أن تَصبرَ عليهم، وأنَّ هذا بيتها وعليها أن تهتمَّ به، ولكنها تريدُ منكَ أن تصغي باهتمام، وتمسكَ يدها وتُخبِرَها أنها امرأة عظيمة، وأنكَ لو كنتَ مكانها ما استطعتَ أن تقومَ بما تقوم هي به، هذا سيجعلها مُمتلئة رضى
➖➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-02-2021, 06:29 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

136
✍🏻أفتَّانٌ أنتَ يا معاذ؟!

🌳كان مُعاذ بن جبل يُصلي مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجد، ثم يأتي قومه فيُصلي بهم إماماً، وفي إحدى صلواته بدأ يقرأ بسورة البقرة، فدخل في الصلاة خلفه الصحابي حرام بن ملحان، وهو يُريدُ أن يُصلي ثم يذهب إلى بستانه ليسقي نخله، فلما أطال معاذٌ في القراءة، تركه حرام بن ملحان وصلَّى وحده ثم انصرفَ إلى بستانه ليعمل فيه وإلى نخله فيسقيه، فلما انتهى مُعاذ من الصلاة أُخبِر بما كان من حرام بن ملحان، فقال: هو مُنافق!

🌳وعلمَ حرام بن ملحان بمقولة مُعاذ بن جبل عنه، فأتى النبيَّ صلّّى الله عليه وسلَّم يشكو إليه مُعاذاً، فإذا معاذٌ عنده! فقال: يا نبيَّ اللهِ، أردتُ أن أسقي نخلي، فدخلتُ المسجد لأُصلي أولاً، فلما أطال معاذٌ الصلاة، تجوَّزتُ في صلاتي، فلحقتُ بنخلي أسقيه، فزعمَ أني مُنافق!
فالتفتَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى مُعاذ وقال له: أفتَّانٌ أنتَ يا مُعاذ؟! أي: مُنَفِّرٌ عَن الجَماعةِ
لاتُطوِّل بهم، ولكن اقرأْ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحوها!
مُعاذ بن جبل أعلمُ الأمة بالحلال والحرام كما قال عنه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان منه هذا الموقف، هذا لنعلمَ أنه لا معصوم في هذه الأُمة إلا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنَّ لكل عالِمٍ هفوة، ولكل جواد كبوة، والإنصاف يقتضي أن لا نُذهبَ كل تاريخ العلماء والأفاضل أدراج الرياح إذا ما صدر منهم الخطأ، فالصالح ليس نبياً نهاية المطاف!

▪️نعم أخطأ مُعاذ حين اتَّهم حراماً في دينه، ولكن أكثر خطأ من مُعاذٍ هو ذاك الذي حملَ إلى حرامٍ مقولة مُعاذٍ عنه! علينا أن لا نكون رُسَلَ إبليس، وأن لا نمشي بالنميمة بين الناس، وقد كان حرامُ عاقلاً فراجعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في شأن مُعاذ، ولكن ماذا لو أنه واجهه، وتطوَّر الأمر، فأمِيتوا الباطل بعدم ذِكره، ولا تحملوا إلا الخير، ودعوا مقولات الآخرين بالسوء عن آخرين تنتهي عندكم!

▪️إذا أراد الإنسان أن يُصلي لوحده فليُطِلْ ما شاء، ولكن من أراد أن يُصلي بالناس فعليه أن يرفق بهم ويُخفف عنهم، ففيهم المريض، والضعيف، وصاحب المتجر الذي أغلقه ريثما يعود، ومن عنده عمل أو موعد أو تنتظره عائلته في السيارة!
وما يُقال عن الصلاة يُقال عن خطبة الجمعة، وقد كثُر الخُطباء الذين إذا صعدوا المنابر حبسوا الناس، فتراهم يخرجون من موضوع ليدخلوا في آخر، مع أن الكلام يُنسي بعضه بعضاً، وقصر الخطبة جزء من فقه الخطيب، فيا أيها العلماء الأفاضل ترفقوا بالناس!

➖➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-03-2021, 04:09 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

137
✍🏻اسقِ يا زُبير!

🌳 كان للزبير بن العوام أرضٌ في أطرافِ المدينةِ المنورةِ فيها نخلٌ يسقيه من ساقية ماءٍ تمرُّ في أرضه، ثم في أرضِ جارٍ له من الأنصار. فشكا الأنصاريُّ الزُبير إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الماء يتأخَّر ليصله.
فقال النبيُّ للزبير: اسقِ يا زُبير ثم أرسِلْ الماء إلى جارك.
فغضبَ الأنصاريُّ وقال: ألأنَّ الزبير ابن عمتكَ؟!
فتلوَّنَ وجهُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم قال: اسقِ يا زُبير، ثم احبسْ الماءَ حتى يرجع إلى الجَدْرِ!

قَالَ الزُّبَيْرُ: واللَّهِ ما أحْسِبُ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ إلَّا في ذلكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] الآيَةَ.

🔸 الساقيةُ تمرُّ في أرضِ الزُبير أولاً، والمنطقُ والعُرفُ الزراعيُّ يقضي أن يسقيَ الزبير نخيله أولاً حتى يرتوي، ثم يُرسل الماء إلى جاره، ولكن النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم طلبَ من الزُبير أول الأمر أن يسقيَ شيئاً يسيراً، ثم يُرسل الماء إلى جاره، فإذا سقى جاره عادَ الزُبير وأكمل، فالنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أخذَ من حق ابن عمته الزُبير بخلاف العرف ليُرضيَ الأنصاري لِعِلْمِهِ أنَّ الزُبير سيُطيعه ولو قضى له بحقه ناقصاً تأليفاً للقُلوب، ولكن المصيبة هي أن الأنصاري لم يرضَ رغم هذا، واتَّهمَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بمُحاباةِ ابن عمته، عند ذلك قضى بالحُكمِ والعرف دون مُراعاة للمشاعر، الحقُّ أن يسقيَ الزبيرُ أرضه كلها حتى إذا ارتوتْ فاضَ الماءُ إلى أرضِ الأنصاري!

🔸يُعلِّمُنا النبيُّ صلِّى الله عليه وسلَّم درساً عظيماً في فضِّ النزاعات، وهو "الحل الوسط" الذي يقوم على الأخلاق لا على القانون! فالقانونُ واضح وهو في صف الزُبير، ولكن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم راعى أدب الجيرة، وتأليف القلوب، فأعطى الزُبير بعض حقه، وأعطى الأنصاري حقاً ليس له، لأن ظنه بالزُبير أنّه مع كسبِ القلوبِ لا مع كسبِ المواقفِ، ولكن بعض الناس على قول العجائز: رضينا بالبين والبين ما رضي فينا!

🔸في المشاكل التي تدخلُ بها حَكَماً، لا بأس أن تأخذَ من حقِّ من تعرف دِينه وكرمه وحسن أصله، لتُعطي خصمه لتُصلح النزاع وتفُضَّ الخلاف، لأنَّ استمرار العلاقات والإلفة بالتنازل، أفضل من قطعها بالقانون، أما إذا وصلَ الأمرُ لطريقٍ مسدودٍ فليأخذ القانون مجراه!

💨 كان في الجاهليةِ رجلٌ يقضي في الخصوماتِ بين الناس، يقصدونه من أرجاءِ جزيرة العرب، وكان له ابن وحيد ليس له غيره، وفي يومٍ من الأيام لاحظَ الابنُ بعضَ الحزنِ بادياً على وجه أبيه، فسأله عن السبب، فأخبره أنه حزين لأنه صارَ طاعناً في السِّن وأن الناس بعد موته لن تقصدَ بيته لحل النزاعات.
فقال له الابن: أنا أقضي بينهم مكانك!
فقال له الأب: إذا جاءك كريم وبخيل في خصام ماذا تفعل؟
قال: آخذ من حصة الكريم وأُعطي البخيل وأُصلحُ بينهما.
فقال له: إذا جاءك بخيلان ماذا تفعل؟
قال: أدفعُ من جيبي وأُصلح بينهما.
فقال له: إذا جاءك كريمان ماذا تفعل؟
فقال: يا أبتِ كريمان لا يحتاجان حكماً بينهما!
فرحَ الأبُ بجواب ابنه، وقال: هذا البيتُ لن يُغلقَ بموتي!

➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-06-2021, 03:46 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
مشرفة قسم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2,667
افتراضي

🟢على منهاج النُّبُوَّة

138
✍🏻مثقال ذرَّةٍ من كِبر!

🌳كان الصحابيُّ حكيمُ بن حِزام من أشراف قُريش، وكان يطلبُ العِلم عند مُعاذ بن جبل، رغم أنه أكبر من معاذٍ بخمسين سنة!
فقيل له: أنتَ تتعلَّمُ على يد هذا الغلام
فقال: إنما أهلكَ الناس الكِبر!

🌳وعن الكِبر وخطورته، كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم جالساً يوماً بين أصحابه، فقال لهم: لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبر!
فقال رجل: يا رسول الله، إنَّ الرَّجلَ يُحبُّ أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً!
فقال له: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، الكِبَرُ بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناسِ!

🔸وبَطَرُ الحقِّ هو ردُّه وعدمُ قبولِه بعدما تبيَّنَ وصارَ واضحاً جلياً!
وما أكثر هؤلاء الذين يُجادلون على مبدأ عنزة ولو طارتْ! يجادلُكَ أحدهم في مسألةٍ فقهيةٍ عن الربا أو الميراث وهو بالكاد يعرف كيف يتوضأ، فتُحضِرُ له الآية، والحديث، وأقوال الأئمة، فيقول لكَ: لم أقتنع! وكأنه أبو حنيفة في الرأي، والشافعيُّ في القياس، ومالكٌ في الاستدلال، وأحمدُ في الترجيح! وما هو إلا الكِبر، وخالِف تُعرف!

🔸جرى بين ابن حزمٍ وبين أحد فقهاء الأندلس مُناظرة في مسألة، وانفضَّ المجلسُ على أن ابن حزمٍ هو الغالبُ فيها، فلما عادَ إلى بيته، تذكر كتاباً عنده، فقام يقرأ فيه، فتبيَّن له أن الحقَّ مع الرجل وليس معه، فوضعَ خطاً تحت المسألة، فقال له أحد تلامذته: ماذا تنوي؟
فقال له: أذهبُ إليه غداً وأُخبرُه بصواب رأيه وخطأ رأيي!
فقال له: أتفعلُ بعد أن كانتْ الغلبة لكَ
فقال ابن حزم: لو استطعتُ أن أذهبَ إليه الآن لذهبتُ!

🔸وما أكثر الكِبر في الحياة! تحصلُ الخصوماتُ بين الناس، ويدخلُ المُصلحون، ويَتبين للمُخطئ خطأه ولكنه يركب رأسه! وقد يأكل أحدهم حقَّ أخيه، فيعرف أنه الظالم، وما يمنعه أن يرجع إلا الكِبر!

🔸أما عن احتقارِ الناس فحدِّثْ ولا حرج!
يظنُّ أحدهم أن شهادته، وماله، ووظيفته المرموقة تجعله ينظر إلى الناس من برج عال
العلمُ الذي لا يجعلك متواضعاً جهلٌ آخر! وإبليس بالمناسبة من أعلم الخلق، ولكن ما أهلكه إلا الكِبر!
والمالُ الذي لا يجعلك تستشعر فقركَ أمام الله هو فقرٌ آخر، وقارون بالمناسبة كان أغنى منك ولكن ما أهلكه إلا الكِبر!
تواضعوا، فما تواضع أحد للهِ إلا رفعه!

➖➖➖➖➖➖
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:

الساعة الآن 05:04 AM بتوقيت مسقط


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By Almuhajir
Powered & Developed By Advanced Technology